فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

المسائل المستحدثة

جلد

1

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه المسائل المستحدثة

المسائل المستحدثة

عنوان کتاب : المسائل المستحدثة
نام ناشر : موسسة مرحوم محمد رفيع حسين معرفي
جلد : 1
تعداد صفحات: 389

المسائل المستحدثة 1)


Page Is Empty

المسائل المستحدثة 2)


Page Is Empty

المسائل المستحدثة 3)


 

تقديم

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

يشكل الفقه الإسلامي الركيزة المهمة في الدين، و تأتي الحاجة إليه من حاجة الانسان إلى التمسك بدينه الذي يجب عليه الرجوع إليه و الأخذ به لقصور البشر عن إدراك المصالح و المفاسد في جميع أجزاء حياتهم. و الفقه بدوره يعلمنا الأحكام الدينية التي بوسعها أن تنظم لنا حياتنا الدنيا و توصلنا إلى شاطئ الأمان في الآخرة فيعتبر نعمة من نعم الله علينا. و بما أنه يرتبط بدنيانا و آخرتنا كانت الحاجة إليه ضرورية و أساسية، و قد ورد عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة الأطهار عليهم السلام الحث على التفقه في الحلال و الحرام و طلب العلم حيث قال الرسول (ص) “من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله له طريقا من طرق الجنة”، و قال الإمام علي (ع) “لا كنز أنفع من العلم”، و قال الإمام الصادق (ع) “أطلب العلم و لو بخوض اللجج و شق المهج”. و قد و اكب الفقه الشيعي الحياة و انفتح عليها بسبب فتح باب الاجتهاد على مصراعيه متصلا بالنبي و أهل بيته المعصومين عليه و عليهم آلاف السلام، فبحث علماؤنا مسائل الفقه بأجمعها و حققوا و دققوا و دونوا ذلك بموسوعاتهم الكثيرة القوية في استدلالها المتينة في مبانيها الساطعة في حجتها و لم يقتصروا على القديم من المسائل بل واكبوا المسيرة الانسانية ليبحثوا كل ما يستجد من مسألة أو قضية من قضايا الحياة سواء كانت تتعلق بالطب أو السياسة أو الاقتصاد أو المرأة أو أمور تتعلق بالاجتماع و نحو ذلك مستندين على أن ما من واقعة إلا و لها حكم ففتحوا بابا ينسجم مع روح العصر و التطور أسموه (مستحدثات المسائل) تناولوا فيه إعطاء الحكم الشرعي لكل ما يتعلق بحياتنا المعاصرة. و بذل علماؤنا الإعلام الماضون منهم و المعاصرون جهدا كبيرا و قطعوا شوطا في هذا المجال فجزاهم الله خيرا، و من هذه الكوكبة سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اسحاق الفياض دام ظله الذي كرس حياته لخدمة الاسلام فأغنى المكتبة الاسلامية و الحوزة العلمية ببحوثه القيمة و كتاباته الجليلة التي اتسمت ببراعة فقهائنا الذين يعجز البيان عن تقدير جهودهم و جهادهم. و نحن إذ نقدم هذه الباقة العطرة من هذا العلم الشريف ندعو الله تعالى أن يديم ظل المرجع الكريم و أن يوفق المسلمين للعمل و الاستفادة من منابع آل محمد. و الحمد لله رب العالمين مؤسسة المرحوم محمد رفيع حسين معرفي الثقافية الخيرية الكويت

المسائل المستحدثة 4)


المسائل المستحدثة 5)


الفصل الأول أحكام الاجتهاد

المسائل المستحدثة 6)


المسائل المستحدثة 7)


الأحكام الشرعية الإسلامية و هي تصنف إلى صنفين

أحدهما: الأحكام الشرعية التي لا تزال تحتفظ بضرورتها بين المسلمين عامة

رغم فصل هذه الأحكام عن عصر التشريع بقرون كثيرة، و سنين متطاولة متمادية. و هذا الصنف – من الأحكام – الذي يتمتع بطابع ضروري لا تتجاوز نسبته إلى مجموع الأحكام الشرعية عن ستة في المائة بنسبة تقريبية، و لا يوجد في هذا الصنف خلاف بين الفقهاء و المجتهدين نهائياً، فإن الخلاف بينهم إنما يبدو في الأحكام الشرعية النظرية التي يتوقف إثباتها على أعمال النظر و الفكر على ضوء البحث النظري و التطبيقي في علميّ الأصول و الفقه. و يكون موقف جميع عناصر المكلفين من المجتهدين و المقلدين تجاه ذلك الصنف من الأحكام على السواء فلا يرجع غير المجتهد فيه إلى المجتهد، حيث لا موضوع فيه لعمليّة الاجتهاد و الاستنباط، لأن الاجتهاد أنما هو استخراج الحكم الشرعي من دليله و تعيين الموقف العملي تجاه الشريعة بحكم التبعية لها. و الفرض أن الموقف العملي لكل مكلف فيه تجاه الشرع معين بدون حاجة إلى أعمال النظر و التطبيق. و لما كان ذلك الصنف من الأحكام شطراً قليلاً من مجموع الأحكام الشرعية الإسلامية لم تعالج به مشاكل حياه الإنسان الكبرى في مختلف جوانبها و علاقاته مع الآخرين. المادية و المعنوية، و لا يمكن الحفاظ به على حقوق الإنسان في تمام مجالاته الفردية و الاجتماعية.

و الصنف الآخر: الأحكام التي تتمتع بطابع نظري

و هذا الصنف من الأحكام هو الذي يتوقف إثباته على عملية الاجتهاد و الاستنباط. و من الطبيعي أن الوصول إلى مرتبة الاجتهاد لا يتيسر لكل أحد، حيث أنه يتوقف على تقديم دراسات و دراسات و بذل جهد كثير في تكوين مجموعة قواعد مشتركة و نظريات عامة، و ممارساتها خلال سنين كثيرة. و السبب فيه: أن عملية الاجتهاد من النصوص التشريعية كالكتاب و السنة تتوقف على دراسة عدة نقاط على صعيد البحث النظري و التطبيقي بشكل ذات طابع إسلامي على الرغم من تقديم دراسة مجموعة علوم بصورة مسبقة كالإعداد لها.

المسائل المستحدثة 8)


ما هي النقاط؟

النقطة الأولى:

إن كل مجتهد يعتمد بطبيعة الحال في صحة كل نص من النصوص التشريعية ما عدا النصوص القرآنية و السنة القطعية على نقل أحد الرواة و أرباب الكتب في إطار خاص. و من الضروري أن المجتهد مهما حاول في تدقيق وثاقة الراوي و امانته في النقل لن يتأكد بشكل قاطع من صحة النص و مطابقته للواقع الموضوعي في نهاية المطاف و ذلك لجهات. الأولى: أنه لا يعرف مدى وثاقة الراوي و أمانته في النقل بشكل مباشر و أنما وصلت إليه في إطار نقل الآحاد تاريخياً في كتب الرجال. الثانية: أن الراوي مهما بلغت وثاقته و أمانته في النقل مداها إلا أنه لك يكن مصوناً من الخطاء و الاشتباه، و نقل ما لا واقع له، و بذلك يتغير وجه عملية الاجتهاد عن واقعها الموضوعي. الثالثة: أن وصول النصوص التشريعية إليه لم يكن بشكل مباشر بل بعد أن تطوف عدة أشواط و تصل إليه في نهاية المطاف. فالنتيجة على ضوء هذه الجهات الثلاث إن المجتهد في مقام عملية الاجتهاد و تعيين الوظائف العملية تجاه الشريعة – مهما اهتم و بالغ في تدقيق السند – لن يتمكن إن يتأكد بشكل قاطع بصحة تلك النصوص و صدورها من مصادرها، و مطابقتها للواقع الموضوعي في كل شوط، فما ظنك في تمام الأشواط.

النقطة الثانية:

إن كل مجتهد بطبيعة الحال يعتمد في كشف مدا ليل النصوص التشريعية و تعيينها في اطارها الخاص على الفهم العرفي و طريقتهم المتبعة في باب الألفاظ التي تقوم على أساس مناسبات الحكم و الموضوع الارتكازية و تكوين قواعد مشتركة منها وفقاً لشروطها العامة.

النقطة الثالثة:

إن كل مجتهد يعتمد في كشف مطابقة مدا ليل النصوص التشريعية المحددة بالفهم العرفي لواقع التشريع الإسلامي على قاعدة عقلائية منذ عهد التشريع و هي أن العقلاء يحملون كل كلام صادر من متكلم ملتفت على بيان الواقع و الجد دون التقية و نحوها.

المسائل المستحدثة 9)


فهذه هي: النقاط الثلاث التي لا بد لكل مجتهد للوصول إلى درجة الاجتهاد من دراسة هذه النقاط دراسة موضوعية، و بذل الجهد فيها، و تكوين النظريات العامة و القواعد المشتركة، مع دراسة عدة علوم أخرى بصورة مسبقة كالإعداد لها.

الفراغ بين عصر التشريع و عصر الاجتهاد

ثمّ أن الفراغ بين عصر التشريع و عصر الاجتهاد مهما زاد و كثر واجهت النصوص التشريعية الشكوك و الأوهام أكثر فأكثر من مختلف الجوانب و الجهات. و من هنا كانت عملية الاجتهاد في الزمن المعاصر عملية صعبة و معقدة، و محفوفة بالشكوك و الأوهام و المخاطر، فعلى المجتهد أن يقوم لدفع تلك الشكوك و الأوهام و المخاطر، و ملء الفراغ في مقام هذه العملية، و لا يتمكن من ذلك إلا بما يتبناه في الأصول من النظريات العامة، و القواعد المشتركة في الحدود المسموح بها وفقاً لشروطها العامة. و لما لم تكن تلك القواعد المحددة في الأصول متمتعة بطابع قطعي لم تدفع الشكوك و الأوهام – التي تواجه النصوص بشكل قطعي – و حينئذ فيواجه المجتهد أمام ذلك الموقف – الذي يتخذه في مقام عملية الاجتهاد رغم عدم تأكده بصحة تلك العملية و مطابقتها للواقع الموضوعي جزماً: السؤال التالي: و هو أن المجتهد لما لم يتمكن من التأكد بصحة النصوص التشريعية بشكل قاطع – في مقابل الشكوم و الأوهام التي تواجهها في كل شوط شتى الجهات – فكيف يسمح له أن يعتمد على هذه النصوص في مقام عملية الاجتهاد و استنباط الأحكام الشرعية منها، رغم أن الإسلام لم يسمح العمل بالظن و الاعتماد عليه في تشريعه. و الجواب عن ذلك السؤال: هو أن الدين الإسلامي قد سمح منذ بداية تشريعه للتصدي لعملية الاجتهاد، و تحديد الوظيفة العملية تجاه الشريعة من النصوص التشريعية، رغم أن هذه العملية لا تتعدى عن درجة الظن إلى درجة اليقين في تمام مراحل وجودها – من البداية إلى أن تطورت و أصبحت عملية معقدة. فإن من كان يعيش في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله) من المسلمين لم يكن يتمكن كل فرد منهم أن يسمع الحكم الشرعي من النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله) مباشرة، أو من أناس لا يشك في صدقهم، و لا سيما النساء و من يكون بعيداً عن المدينة المنورة. فأذن بطبيعة الحال كان سماع الأحكام الشرعية غالباً من النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم( بواسطة أناس ينقلون الأحاديث و الأحكام إليهم. و حينئذ يكون فهم الحكم الشرعي من الروايات

المسائل المستحدثة 10)


الواصلة إليهم. تارة يكون مستنداً إلى القطع بالصدور، و الدلالة و الجهة و لو كان ذلك من جهة غفلة الشخص عن احتمال خطأ الناقل و اشتباهه في النقل و أخرى لا يكون مستنداً إلى القطع بهذه الجهات، لالتفاته إلى أن الناقل قد يخطأ و يشتبه في النقل، أو في السماع و ان افترض القطع بعدم تعمده في الكذب، و في مثل ذلك لا محالة يكون فهم الحكم الشرعي من النصوص بحاجة إلى قاعدة عامة كحجية تلك النصوص، و حجية ظهورها العرفي، أو ما شاكل ذلك، و لا يمكن ذلك الفهم بدون تطبيق هذه القواعد العامة و أن كان ذلك التطبيق بحسب الارتكاز، و بدون الوعي و الالتفات منهم إلى طبيعة هذه القواعد و حدودها، و أهمية دورها في عملية الاستنباط و الاجتهاد. و من المعلوم: أن هذا بداية نقطة عملية الاجتهاد و الاستنباط بأبسط وجودها. ثمّ تطورت عصراً بعد عصر تدريجياً إلى أن تبلورت هذه العملية في زمان الصادقين (عليهما السلام) بين جماعة من الرواة، و وجدت بذرة التفكير الأصولي في آفاق أذهانهم. كما يظهر ذلك بوضوح من بعض الأسئلة الموجهة من قبل هؤلاء إلى الامام (عليه السلام) كقول الراوي: «أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني» و نحو ذلك، فإنه يكشف عن وجود بذرة التفكير الأصولي في مرتكزات ذهنه، و هي حجية خبر الثقة و هذا يعني – أن يونس بن عبد الرحمن إذا كان ثقة أمكن استنباط الحكم الشرعي من قوله – بتطبيق القاعدة العامة عليه – و هي حجية خبر الثقة. و إن شئت قلت: إن من راجع الروايات و نظر فيها يظهر له من مجموعة الأسئلة فيها وجود بذرة التفكير الأصولي في آفاق اذهان هؤلاء الرواة، و مرتكزاتهم. ثمّ أن هذه البذرة قد تطورت و نمت في عصر الغيبة تدريجاً على ضوء تطور العمل الفقهي، و نموه و توسعه بتوسع مختلف جوانب الحياة و نموها إلى أن انفصلت دراسة هذه البذرة عن الدراسة الفقهية، و أصبحت دراسة علمية مستقلة، و قائمة بنفسها، و تسمى هذه الدراسة التي هي على صعيد البحث النظري – بعد انفصالها عن الدراسة الفقهية التي هي على صعيد البحث التطبيقي و استقلالها – بعلم الأصول، فالتسمية متأخرة. و أما المسمى – و هو جودة البذرة – فهو ولد منذ ولادة العمل الفقهي، و لا يمكن انفكاك النظر الفقهي عن النظر الأصولي في أية مرحلة من مراحل وجوده، للترابط الوثيق بينهما في تمام المراحل، حيث أن عملية الاستنباط عملية قد نتجت من الترابط بينهما ترابط العلم النظري بالعلم التطبيقي. إلى هنا قد استطعنا إن نخرج بهذه النتيجة: و هي إن عملية الاجتهاد، و تحديد الوظائف العملية تجاه الشريعة – من النصوص التشريعية – ليست عملية مستحدثة في عصر الغيبة، بل أنها موجودة في

المسائل المستحدثة 11)


عصر التشريع على طول الخط، غاية الأمر أن وجودها في ذلك العصر كان وجوداً بدائياً بسيطا، و غير متطور و معقد. ثمّ أن عملية الاجتهاد في عصر التشريع تمتاز عن عملية الاجتهاد في عصر الغيبة بأمرين: أحدهما: أن الاجتهاد في عصر التشريع على طول الخط كان عملية سهلة، و غير معقدة، إذ الإنسان في ذلك العصر لم يكن بحاجة في الوصول إلى مرتبة الاجتهاد إلى تقديم دراسات مجموعة علوم بصورة مسبقة بالصيغ الموجودة حالياً كالإعداد لها و إلى تقديم دراسات النصوص التشريعية في مختلف مجالاتها لملء الثغرات و الفجوات التي تنجم عن ابتعاد الفقيه عن عصر التشريع. و أما الاجتهاد في هذا العصر فالوصول إليه بحاجة إلى تقديم الدراسات في مختلف الجهات، و ممارستها لملء الفراغ الناجم من ابتعاد الفقيه عن عصر التشريع، و دفع الشكوك و الأوهام التي تواجهها النصوص التشريعية مهما أمكن، و تبرير العمل بها رغم وجود تلك الشكوك و الأوهام في الواقع، و عدم إمكان إزالتها نهائياً. و الآخر: إن الاجتهاد في عصر التشريع أقرب إلى واقع التشريع الإسلامي من الاجتهاد في العصور المتأخرة، حيث إن الاجتهاد في هذه العصور كما عرفت مكتنف بالشكوك و الأوهام حول مدى صحة النصوص التشريعية الواصلة بطريق الآحاد عبر قرون متطاولة، بينما لم يكن الاجتهاد في عصر التشريع مكتنفاً بتلك الشكوك و الأوهام. نعم يشتركان في نقطة واحدة: و هي سماح الشرع في كشف واقع التشريع الإسلامي ظاهراً بالعملية المذكورة – التي هي عملية ظنية لا تتعدى عن حدود الظن-. و حينئذ علينا أن نفصل ذلك الظن عن الظن الذي لم يسمح الإسلام العمل به. و الاعتماد عليه فيه التشريع.

بيان ذلك: أن الظن الذي قد سمح الإسلام العمل به في كشف تشريعاته كان ذا طابع خاص – يشرح ذلك الطابع في ضمن حدود معينة وفقاً لشروطها العامة في علم الأصول – و هو الطن الحاصل من النصوص التشريعية بالأحكام الشرعية في ضمن شروطه المبينة المحدودة. و لا فرق في جواز العمل بذلك الظن بين عصر التشريع على طول الخط و العصور المتأخرة إلى نهاية المطاف، فإن الفصل الزمني بينهما مهما طال لا يؤثر في ذلك.

المسائل المستحدثة 12)


الأخباريون و مسألة الاجتهاد

قد عارض جماعة كثيرة من الإخباريين عملية الاجتهاد و مدرسته، و شجبوا هذه المدرسة شجباً عنيفاً، و في نهاية المطاف علم الأصول، بدون الوعي و الالتفات منهم إلى طبيعة علم الأصول، و أهمية دوره الأساسي في الفقه، و أنه العمود الفقري للعمليات الفقهية في مختلف مجالات الحياة.

و هذه المعارضة الشديدة من هؤلاء تقوم على أساس نقطتين:

النقطة الأولى: أنهم فسروا كلمة (الاجتهاد) بتفسير خاطئ:

و قالوا: إن الاجتهاد يعني التفكير الشخصي للفقيه في المسألة إذا لم يوجد فيها نص، و هذا التفكير الشخصي يقوم على أثر الاعتبارات العقلية، و المناسبات الظنية التي تؤدي إلى ترجيحه بصفة كونه حكماً اجتهادياً ذا طابع شرعي. كما كان هذا هو المتداول بين أبناء العامة، فأنهم إذا لم يجدوا نصاً في المسألة عملوا بعقولهم و أفكارهم الشخصية فيها بملاك المناسبات الظنية، و الاستحسانات العقلية، و القياسات الاعتبارية. جعلوا هذه الأفكار الشخصية، و الآراء التي تبتني على تلك الاعتبارات العقلية الظنية مصدراً من مصادر الحكم الشرعي. و لأجل هذا التفسير الباطل شنَّ هؤلاء الجماعة هجوماً شديداً على مدرسة الاجتهاد و أهلها، و أن هذه المدرسة قد اسست في مقابل مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) و على خلافها، و لذا وردت في ذم هذه المدرسة روايات كثيرة منهم (عليهم السلام).

النقطة الثانية: إن علم الأصول هو العلم الحادث في عصر الغيبة.

و مأخوذ من العامة، فأنهم الأصل فيه، و ليس موجوداً على طول تاريخ الفقه، و في عصر التشريع و زمان الأئمة (عليهم السلام) و لأجل ذلك قالوا: أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) عملوا على طبق النصوص التشريعية حرفياً و بدون حاجة إلى علم الأصول، و تطبيق القواعد العامة. فإذا كان هذا هو طريق تحديد المواقف العملية للإنسان تجاه الشريعة في زمان الأئمة (عليهم السلام) لم يجز التعدي عن هذه الطريقة إلى طريقة أخرى و هي – طريقة الاجتهاد – التي لم تكن موجودة في ذلك الزمان لكي يستكشف إمضاؤها. فإذن لا يمكن إثبات أن الشارع قد سمح بطريقة الاجتهاد و الاستنباط، و مع عدم السماح بها لا حاجة إلى علم الأصول، فإن الحاجة إليه تنبع عن واقع حاجة عملية الاجتهاد و الاستنباط إليه.

المسائل المستحدثة 13)


أما النقطة الأولى:

فلأن تفسير الاجتهاد لدى الأصوليين بالتفسير المذكور تفسير خاطئ لا واقع موضوعي له، فإنهم لم يقولوا بالاجتهاد بالتفسير المزبور في أي تاريخ من التاريخ المعاصر للاجتهاد بداهة أن الاجتهاد عندهم ليس في مقابل النصوص التشريعية مصدراً من مصادر الحكم الشرعي، كيف حيث أنهم شجبوا الاجتهاد بهذا المعنى، شجباً مريراً على طول الخط تبعاً للروايات المأثورة عن الأئمة (عليهم السلام) فإنها وردت في شجب الاجتهاد بهذا المعنى، و ذم من يقوم باستنباط الحكم الشرعي بهذه الطريقة. بل الاجتهاد عندهم بمعنى استنباط الحكم الشرعي من الدليل، و تعيين الموقف العملي به تجاه الشريعة، و معنى الاستنباط هو تطبيق القواعد العامة المشتركة المحددة – الثابتة حجيتها شرعاً في الأصول بنحو الجزم و القطع – على مواردها الخاصة. و من المعلوم أن الاجتهاد بهذا المعنى قد أصبح في عصرنا الحاضر من البديهيات، بل الأمر كذلك في تمام العصور أي منذ ولادة الفقه، و لا يسع لأي واحد إنكاره و شجبه حتى من الإخباريين، إذ من الضروري أن النصوص التشريعية ليست قطعية في مختلف جهاتها حتى عندهم. و عليه فبطبيعة الحال كانوا في فهم الحكم الشرعي من تلك النصوص في كل مسألة من المسائل الفقهية بحاجة إلى تطبيق قاعدة عامة عليها كحجية خبر الثقة، و حجية الظهور العرفي، أو نحو ذلك. و لا يمكن فهم الحكم الشرعي منها في كل مورد و واقعة بدون الاستعانة بهذه القواعد العامة، و تطبيقها، و إن كان ذلك بدون الوعي و الالتفات منهم إلى طبيعة تلك القواعد، و حدودها، و أهمية دورها. و هذه هي عملية الاجتهاد و الاستنباط، و لا نقصد بالاجتهاد إلا فهم الحكم الشرعي من دليله بتطبيق القاعدة العامة عليه، و لا يمكن للأخباريين إنكار الاجتهاد بهذا المعنى، حيث أن إنكاره مساوق لإنكار الفقه نهائياً. و من هنا لا شبهة في أن بذرة التفكير الأصولي موجودة في آفاق أذهان الأخبارين فإنكارهم للأصول يرجع إلى إنكارهم له بوصف كونه دراسة علمية مستقلة و منفصلة عن البحوث الفقهية. و قد تحصل من ذلك: أن العامة ليسوا هم الأصل في التفكير الأصولي حيث أن هذا التفكير موجود على طول التاريخ: نعم هم الأصل في تأليف الأصول بصورة دراسة علمية مستقلة.

المسائل المستحدثة 14)


و أما النقطة الثانية:

فقد عرفنا أن عملية الاجتهاد و الاستنباط لم تكن متأخرة تاريخياً عن عصر الحضور بل هي كانت موجودة في ذلك العصر غاية الأمر أن وجودها فيه كان بدائياً و غير معقد أو متطور ثمّ إننا إذا افترضنا أن عملية الاجتهاد متأخرة زماناً عن عصر الحضور و لم تكن موجودة في ذلك العصر و إنما وجدت و برزت في مظهر الوجود في عصر الغيبة. فحينئذ قد تبدو أمام هذا الافتراض المشكلة الآتية و هي أن عملية الاجتهاد و الاستنباط بما أنها حدثت في عصر الغيبة و لم تكن موجودة في عصر الحضور من ناحية، و غير كاشفة عن واقع التشريع الإسلامي إلا في حدود الظن فقط من ناحية أخرى فمع ذلك كيف يمكن الاعتماد على هذه العملية الظنية رغم أن الإسلام قد منع عن العمل بالظن و الاعتماد على القول بغير العلم.

حل هذه المشكلة بطريقتين

“الطريق الأول”

إن موقف الإنسان أمام الله تعالى – بحكم كونه عبداً له سبحانه و مسئولاً عن امتثال أحكامه و مدعواً من قبل عقله الفطري بالتوفيق بين سلوكه و أفعاله في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، و الفردية، المادية، و المعنوية، و بين الأحكام الشرعية الإلهية يدور بين ثلاث خطوات: الخطوة الأولى: أن الإنسان يقتصر في سلوكه أمام الله تعالى، و إطاعته على خصوص الأحكام الشرعية التي تتمتع بطابع ضروري أو قطعي. الخطوة الثانية: الأخذ بطريقة الاحتياط في مختلف مجالات الحياة. الخطوة الثالثة: الأخذ بطريقة الاجتهاد، و تعيين الوظائف العملية بها تجاه الشريعة. و بعد ذلك نقول: أما الخطوة الأولى: فلا يمكن للإنسان – بحكم كونه عبداً للّه تعالى، و يرى نفسه ملزماً ببناء كل تصرفاته و سلوكه في شتى جوانب الحياة على أساس القوانين الشرعية الإلهية – أن يأخذ بهذه الخطوة، لما عرفت من أنها لا تكفي إلا في شطر قليل من مجالات الحياة. و لازم ذلك: هو أن يكون الإنسان حراً في تصرفاته و سلوكه الاجتماعية، و الفردية إلا في هذا الشطر

المسائل المستحدثة 15)


القليل منها، و من البديهي أن هذا لا ينسجم مع اهتمام الشارع و حكم العقل ببناء كل تصرفاته، و سلوكه في مختلف المجالات على الشريعة من ناحية و كون هذه الشريعة شريعة خالدة متكفلة لحل تمام مشاكل الإنسان على طول الخط من ناحية أخرى. و من هنا قد أشرنا: فيما تقدم من أن تلك الفئة من الأحكام الإسلامية باعتبار قلتها لا تعالج بها مشاكل الإنسان الكبرى: الاجتماعية، و الفردية بينما كان الدين الإسلامي هو النظام الوحيد لحل المشاكل المعقدة في مختلف مجالات الحياة على أساس أنه يزود الإنسان بطاقات نفسية، و بملكات فاضلة و أخلاق سامية لمعالجة تلك المشاكل المعقدة، و هو يربط بين الدوافع الذاتية و الميول الطبيعية و الاتجاهات الشخصية للإنسان، و بين مصالح الإنسان الكبرى: و هي العدالة الاجتماعية التي قد أهتم الإسلام بها، و هو الوسيلة الوحيدة لحل التناقضات بين الدوافع الذاتية لمصالح شخصية. و بين الدوافع النوعية لمصالح نوعية، و هو يجهز الإنسان بطاقات غريزة الدين و دوافعه، و بذلك تصبح المصالح العامة للمجتمع الإنساني على وفق الميول الطبيعية، و الدوافع الذاتية، و هذا معنى حل الدين الإسلامي لمشكلة الإنسان الكبرى على وجه الأرض. و لأجل هذا المحذور لا يمكن اقتصار المكلف في مقام أداء الوظيفة على هذه الخطوة فقط. و أما الخطوة الثانية: فهي و إن كانت في نفسها خطوة جادة إلا أنه لا يمكن الأخذ بها، لأجل أحد محذورين: الأول: أن كل فرد من أفراد المكلفين لا يتمكن من الأخذ بهذه الخطوة في مختلف مجالات الحياة، و العلاقات مع الآخرين، فإن الأخذ بها يتوقف على معرفة مواردها و هي لا تتيسر لكل فرد. الثاني: أن هذه الخطوة بما أنها تتطلب انشغال المكلف بالوظائف الدينية بأكثر من اللازم فلاجل ذلك قد تؤدي إلى نتيجة مضادة لها كما فصلنا الحديث عن ذلك في علم الأصول. و أما الخطوة الثالثة: و هي عملية الاجتهاد و الاستنباط – فهي عبارة عن إقامة المجتهد الدليل في كل واقعة من الوقائع على تحديد الموقف العملي للإنسان تجاه الشريعة بحكم التبعية لها، و يسمى ذلك في المصطلح باسم عملية الاجتهاد و الاستنباط فعلم الفقه هو العلم الذي وضع لهذه العملية، و تعيين المواقف للإنسان تجاه الشرع في تمام الوقائع و الأحداث التي تمر على حياة الإنسان فكلما تجددت المشاكل للحياة بتجدد الوقائع و الأحداث فعلى الفقيه أن يقوم بتحديد الموقف العملي للإنسان أمام هذه المشاكل.

المسائل المستحدثة 16)


و لأجل ذلك: يتطور علم الفقه و يتسع و يتعمق بتطور الأحداث و الوقائع، و تجدّد المشاكل. فالنتيجة من ذلك: أن علم الفقه يتولى تحديد الموقف العملي لكل إنسان مكلف تجاه الشريعة بحكم تبعيته لها في مختلف سلوكه. هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أن طبيعة هذه العملية في كل واقعة تتطلب تطبيق القواعد العامة عليها، و لا يمكن الاستنباط و الاجتهاد بدون الاستعانة بتطبيقها عليها نهائياً فإن خبر الثقة في كل مورد و واقعة إنما يكون دليلاً على تعيين الموقف العملي و تحديده تجاه الشرع إذا ثبتت حجيته كقاعدة عامة و إلا لم يكن الخبر المزبور دليلاً على الاستنباط و تعيين الوظيفة. فعلم الأصول موضوع لطريقة تحديد القواعد العامة في الحدود المسموح بها على صعيد البحث النظري. و علم الفقه موضوع لتصدي الفقيه إقامة الدليل في كل مورد و واقعة على تعيين الموقف العملي تجاه الشرع على صعيد البحث التطبيقي. و من هنا تكون البحوث الأصولية بحوثاً نظرية لتحديد النظريات العامة المحددة، و البحوث الفقهية بحوثاً تطبيقية، و لأجل ذلك تكون عملية الاجتهاد و الاستنباط مرتبطة بعلم الأصول ارتباط الصغرى بالكبرى، و العلم التطبيقي بالعلم النظري فلا يمكن افتراض تجرد علم الفقه عن علم الأصول في تمام مراحل وجوده أي من البداية إلى النهاية. و نستخلص من ذلك كله أن الاجتهاد و الاستنباط بهذا المعنى – و هو إقامة الدليل على تحديد الموقف العملي تجاه الشرع – أمر لا يقبله الشك، و يكون من البديهيات التي هي غير قابلة للنظر و التأمل فيها إذ بعد ما عرفنا أن الأحكام الشرعية لم تبلغ في الوضوح بدرجة تغني عن إقامة الدليل عليها فلا يعقل أن تكون هذه العملية غير مشروعة، حيث أن ذلك مساوق لإهمال الشريعة و تجميدها نهائياً. و من المعلوم أن ذلك مخالف لضرورة حكم العقل، و الشرع، و لا ينسجم مع خلود هذه الشريعة، و كونها الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل و التناقضات في مختلف سلوك الإنسان على طول الخط. فالنتيجة أن هذه العملية عملية ضرورية تنبع عن ضرورة تبعية الإنسان للشريعة، و مسئوليته أمامها. ثمّ أن الإخباريين لا يمكن أن يكونوا منكرين للاجتهاد بهذا المعنى، فإن انكاره مساوق لإنكار الفقه نهائياً، حيث قد عرفت أن الفقه هو نفس هذه العملية في كل واقعة و مسألة، و الفرض أنهم لا يكونون منكرين لعلم الفقه، و قد عرفنا أن ارتباط الفقه بالقواعد العامة الأصولية كان ذاتياً على أساس أنها النظام العام في العملية، و يستحيل افتراض تجرده عن هذا النظام العام على طول التاريخ.

المسائل المستحدثة 17)


تبقى نقطتان من التساؤل:

النقطة الأولى: إن الإسلام كما يسمح للشخص باستنباط حكمه الشرعي و تحديد موقفه العملي تجاه الشريعة هل يسمح له باستنباط حكم غيره و تحديد موقفه العملي تجاها و الافتاء به؟ النقطة الثانية: إن الإسلام هل يسمح بعملية الاجتهاد و الاستنباط في كل عصر، و لكل فرد، أو لا يسمح إلا لبعض الأفراد، أو في بعض العصور؟

أما النقطة الأولى:

فلا شبهة في سماح الإسلام باستنباط حكم الغير، و تحديد وظيفته العملية تجاه الشريعة، و الافتاء به، و حجية هذا الافتاء على الغير فانه – بحكم كونه عامياً و غير مجتهد – مدعو من قبل العقل، و ملزماً ببناء كل تصرفاته و سلوكه في مختلف مجالات الحياة على فتاوى المجتهد و آرائه، و يسمى ذلك في المصطلح العلمي بعملية التقليد. و هذه العملية عملية ضرورية في الإسلام كعملية الاجتهاد تنبع من ضرورة واقع جهات ثلاث: الأولى: أن كل فرد بحكم كونه عبداً للّه تعالى ملزم من قبل العقل بامتثال أحكامه الشرعية و بتطبيق سلوكه في تمام مجالات الحياة الاجتماعية و الفردية على الشريعة. الثانية: أن كل فرد من المكلف لا يتمكن من الاجتهاد و عملية الاستنباط و تعيين موقفه العملي في كل واقعة تجاه الشريعة. الثالثة: إنه لا يتمكن من الاحتياط في كل واقعة من الوقائع التي تمر على حياة الإنسان حيث أنه يتوقف على تشخيص موارده، و دفع موانعه، و هو لا يتيسر لكل فرد، و لا سيما في الشبهات الحكمية، إلا أن يكون مجتهداً، أو كان بهداية منه. و قد تحصل من ذلك أن عملية التقليد كعملية الاجتهاد أمر لا يقبله الشك و تكون من البديهيات و هذه البداهة تنبع في النهاية من بداهة تبعية الإنسان للدين فالمنع عن هاتين العمليتين مساوق للمنع عن التبعية للدين، فاذن لا معنى للنزاع في أن الشارع قد سمح بهاتين العمليتين أو لم يسمح بهما، فإنه كالنزاع في البديهيات، و لا معنى له أصلاً. ثمّ أن التقليد – مضافاً إلى ما ذكرناه: من أنه عنصر ضروري في الإسلام لتحديد الموقف العملي تجاه الشريعة – مطابق للجبلة و الفطرة أيضا و هي رجوع الجاهل إلى العالم في تعيين مواقفه العملية

المسائل المستحدثة 18)


و قد جرت على ذلك السيرة القطعية من العقلاء، و هذه السيرة موجودة على امتداد عصر التشريع و بدون أي ردع عنها. إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة: و هي أن الاجتهاد و التقليد في الحدود المسموح بهما عنصران اساسيان في الإسلام، و كل فرد – بحكم التبعية للدين – ملزم بالعمل بأحد هذين العنصرين تحديداً لموقفه العملي من الشرع، و حفاظاً على ظاهر التشريعات الإسلامية و الآثار الإيجابية، و ضبطاً للآثار السلبية المترتبة على عدم العمل بهما.

و أما النقطة الثانية:

و هي سماح الإسلام بعملية الاجتهاد في كل عصر و لكل فرد فهي أيضاً ضرورية و هذه الضرورة تنجم عن ابدية الشريعة الإسلامية من ناحية، و انها الوسيلة الوحيدة لحل تمام مشاكل الحياة المعقدة في كل عصر من ناحية أخرى. و التبعية التي تفرض على الإنسان للدين في سلوكه بشتى اشكاله من ناحية ثالثة، و النصوص التشريعية الواصلة في هذا العصر ليست من الوضوح بدرجة تغني عن كلفة اقامة الدليل، و بذلك الجهد فيها من ناحية رابعة، و ضرورة عدم الفرق بين عصر دون و فرد دون فرد من ناحية خامسة. و مجموع هذه النواحي: يستدعي ضرورة حركة فكرية اجتهادية ذات طابع إسلامي على طول الخط لكي تفتح الآفاق الذهنية، و تحمل مشعل الكتاب و السنة في كل عصر، و لو لا هذه الحركة الفكرية الاجتهادية في الإسلام، التي تطورت و تعمقت عصراً بعد عصر بتطور الحياة و اتساعها و تعمقها في مختلف مجالاتها الاجتماعية و الفردية – لم تتبلور اصالة المسلمين في التفكير و التشريع المتميز المستمد من الكتاب و السنة على طول التاريخ في عصر الغيبة. لو لم تكن هذه الحركة الفكرية المسماة في الاصطلاح العلمي بعملية (الاجتهاد) مستمرة في هذا العصر على طول الخط لانطفى مشعل الكتاب و السنة في نهاية المطاف و ظلت المشاكل الحياتية المتجددة في كل عصر بدون حل صارم. و من هنا يتطور علم الفقه، و يتسع، و يتعمق تدريجياً تبعاً لتطور الحياة، و اتساعها، و تعمقها في تمام المجالات. و من هنا يكون تطور علم الفقه، و اتساعه في تمام المجالات الحياتية على طول الخط يؤكد في المسلمين اصالتهم الفكرية، و شخصيتهم التشريعية المستقلة المتميزة.

المسائل المستحدثة 19)


فاذن لا بد من قيام جماعة في كل عصر لبذل الجهد للوصول إلى هذه المرتبة أي مرتبة الاجتهاد و تحمل مصاعبها، و مشاقها، و إلا لظلت المشاكل المتجددة بدون حلول ملائمة لها في إطار الشرع.

“الطريق الثاني”

إن حقيقة الاجتهاد عبارة عن عملية تطبيق القواعد المشتركة و النظريات العامة – التي يبناها المجتهد في الأصول – على صغرياتها، و عناصرها الخاصة في الحدود المسموح بها وفقاً لشروطها، و نتيجة هذه العملية هي أحكام شرعية ظاهرية. و تلك الأحكام تكون وليدة أفكار المجتهدين بما لها من الطابع الإسلامي، و لذا قد تكون مطابقة للأحكام الشرعية الواقعية، و قد تكون مخالفة لها، و على كل التقديرين يلزم العمل بها. حيث ان المجتهد: قد اثبت حجية تلك القواعد و النظريات العامة التي تتمتع بطابع أصولي بشكل قطعي من قبل الشرع في علم الأصول. و لا نقصد بذلك: بطبيعة الحال مطابقة تلك القواعد و النظريات لواقع التشريع الإسلامي، بل نقصد به قطع المجتهد بحجيتها التي تؤدي إلى تنجيز الواقع لدى الإصابة، و التعذير لدى الخطأ. كما لا نقصد بالقطع بالحجية: قطع المجتهد بها مباشرة فإن المجتهد قد يقطع بها بشكل مباشر، و قد يقطع بها في نهاية المطاف، بقانون ان كلما يكون بالغير لا بد أن ينتهي إلى ما بالذات. و حيث أن غير القطع الوجداني من الإمارات و القواعد العامة لا تملك الحجية الذاتية، و إنما جاءت حجتيها من قبل الغير فلا بد أن تنتهي إلى ما يملك الحجية الذاتية – و هو القطع الوجداني – و لو في نهاية المطاف و إلا لتسلسل. إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة: و هي أن عملية الاجتهاد و إن كانت في نفسها عملية ظنية إلا أنها مؤمنة على كل تقدير جزماً، و عليه فعمل المجتهد يكون مستنداً إلى القطع بالمؤمن دائماً و كذا الحال في المقلد، حيث أنه يقطع بحجية فتاوى المجتهد عليه و بمؤمنيتها على كل تقدير فلا يكون المكلف عاملاً بالظن بها و معتمداً عليه في حال من الحالات، و لا يجوز ذلك بحكم العقل، لإلزامه بتحصيل القطع بالمؤمن، و دفع احتمال العقاب. و مدلول نصوص الكتاب و السنة الناعية عن العمل بالظن ارشاد إلى ذلك، و لا يكون تعبيراً عن حكم شرعي مولوي عام.

المسائل المستحدثة 20)


الفقه و الأصول مترابطان بترابط متبادل على طول التاريخ

ان علم الأصول: قد وضع لممارسة وضع النظريات العامة و تحديد القواعد المشتركة – في الحدود المسموح بها وفقاً لشروطها العامة – للتفكير الفقهي التطبيقي. و في مقابل ذلك علم الفقه، فإنه قد وضع لممارسة طريقة تطبيق تلك النظريات العامة و القواعد المشتركة على المسائل و العناصر الخاصة التي تختلف من مسألة إلى مسألة أخرى. و من هنا يرتبط: علم الفقه بعلم الأصول ارتباطا وثيقاً منذ ولادته إلى أن ينمو، و يتطور، و يتسع تبعاً لتطور البحث الفقهي، و اتساعه بوجود مشاكل جديدة في الحياة. بيان ذلك: أن فهم الحكم الشرعي من النصوص التشريعية في كل مسألة و مورد بحاجة إلى عناية و دقة ما، و من المعلوم أن هذا الفهم المسمى بالتفكير الفقهي لا يمكن بدون التفكير الأصولي يعني بدون استخدام القواعد العامة الأصولية و أن كان الممارس غير ملتفت إلى طبيعة تلك القواعد، و حدودها، و أهمية دورها في ذلك. و لأجل هذا الترابط الوثيق بين الفقه و الأصول فكلما اتسع البحث الفقهي، و تعمق باتساع مشاكل الحياة، و وجود عناصر جديدة فيها ادى ذلك إلى اتساع البحوث الأصولية و النظريات العامة و تطورها، و تعمقها، حيث أن اتساع الفقه كماً كيفاً يدفع البحوث الأصولية العامة خطوة إلى الامام، لحل المشاكل الجديدة في الحياة. فالنتيجة: أن توسع البحوث الفقهية التطبيقية و تطورها، تبعاً لتطور الحياة، و توسعها في مختلف مجالاتها يتطلب توسع البحوث الأصولية، و تطورها بنسبة واحدة و على هذا الضوء: فكلما كان الباحث الأصولي ادق و اعمق في التفكير الأصولي، و تكوين النظريات العامة، و القواعد المشتركة المحددة كان ادق و أعمق في طريقة عملية تطبيقاتها على المسائل الخاصة وفقاً لشروطها العامة، لوضوح أن الترابط بين العلمين و التفاعل بينهما في تمام المراحل يستدعي أنه اذا بلغ مستوى التفكير الأصولي درجة بالغة من الدقة و العمق بلغ مستوى التفكير الفقهي التطبيقي نفس الدرجة. و لا يعقل أن يكون مستوى التفكير الأصولي بالغاً درجة كبيرة من الدقة و العمق، و لكن كان مستوى التفكير الفقهي التطبيقي دون ذلك المستوى و الدرجة. و أن شئت قلت: أن النظريات العامة الأصولية كلما كانت موضوعة في صيغ أكثر عمقاً و صرامة، و أكبر دقة كانت أكثر غموضاً، و تطلبت في مجال التطبيق دقة أكبر، و التفاتاً أكثر.

المسائل المستحدثة 21)


و هذا معنى الترابط و التفاعل بين الذهنية الأصولية و الذهنية الفقهية، و هاتان الذهنيتان متبادلتان على مستوى واحد في ذهنية كل فرد في تمام مراحل وجودهما فإن دقة البحث في النظريات العامة في الأصول تنعكس في الفقه على صعيد التطبيقات. و لا نقصد بذلك أن عملية تطبيق النظريات العامة على المسائل و العناصر الخاصة لا يحتاج إلى أي تفكير، و بذل جهد علمي، و أن الجهد العلمي المبذول في دراسة النظريات العامة على صعيد البحث النظري، و تكوين القواعد المشتركة في الحدود المسموح بها – يغني عن بذل جهد جديد في تطبيق هذه النظريات العامة على مواردها الخاصة، اذ من الواضح أن المجتهد كما أنه بحاجة – في دراسة النظريات العامة في الأصول، و تكوين القواعد المشتركة المحددة – إلى التفكير، و بذلك الجهد العلمي المتعب خلال سنين متمادية، كذلك أنه بحاجة في تطبيق تلك النظريات العامة و القواعد المشتركة على عناصرها الخاصة إلى دراسة جوانب التطبيق، و ممارستها، و ما يرتبط به من القرائن و الامارات العرفية، و المناسبات الارتكازية في كل مسألة بلحاظ طبيعة تلك المسألة و أرضية موردها. بل نقصد بذلك أن الذهنية الأصولية النظرية ترتبط بالذهنية الفقهية التطبيقية في تمام المراتب فإذا بلغت الذهنية الأصولية درجة أكبر عمقاً، و أكثر دقة انعكست تماماً في الذهنية الفقهية و تطلبت في مجال التطبيق دقة أكثر، و عمقاً أكبر. و نظير ذلك عم الطب حيث يبحث فيه عن النظريات العامة، و تكوين القواعد المشتركة على صعيد البحث النظري، و في مجال تطبيق تلك النظريات العامة على المريض يدرس الطبيب حالاته و مشاكله الداخلية، و الخارجية التي يمكن أن يكون مرضه مرتبطاً بها. و في خلال التطبيق يصادف العثور على مشاكل جديدة و عوامل أخرى بصورة مستمرة و لا يتمكن معالجة المريض الناجم مرضه من المشاكل و العوامل المزبورة الا بدراستها على أساس أن ما لديه من النظريات العامة لا ينطبق على المريض المذكور بلحاظ طبيعة مرضه. و من الطبيعي أن هذه المشاكل الجديدة و العوامل الأخرى تدفع النظريات الطبية العامة خطوة إلى الامام دقة و عمقاً، و أكثر استيعاباً، لحل تلك المشاكل و العوامل الجديدة. و من هنا تتطور النظريات الطبية العامة، و تتوسع و تتعمق عصراً بعد عصر بشكل مستمر، و من البديهي أنه كلما تطورت تلك النظريات، و توسعت دراستها و تعمقت بدقة أكبر، و بالتفات أوسع، و باستيعاب أكمل تطلبت في مجال التطبيق دراسة حالات المرضى أكثر دقة، و أكبر عمقاً، و أوسع التفاتاً و أكمل

المسائل المستحدثة 22)


استيعاباً، و متى كانت النظريات الطبية نظريات بسيطة بدائية تطلبت في مجال التطبيق دراسة حال المرضى بنفس تلك البساطة و المستوى، و لذا كان الطبيب في الأزمنة السابقة و القرون المتقدمة يكتفي في مجال التطبيق برؤية لسان المريض أو إحصاء نبضه أو ما شاكل ذلك.

اختلاف المجتهدين في الفتاوي

يقع الخلاف بينهم في مرحلتين: المرحلة الأولى: في تكوين النظريات العامة، و القواعد المشتركة للتفكير الفقهي. المرحلة الثانية: في مجال تطبيق تلك القواعد، و النظريات العامة على صغرياتها، و مواردها الخاصة. أما المرحلة الأولى: فمنشأ الاختلاف في هذه المرحلة انما هو الاختلاف في نتائج الأفكار التي تستعمل في تكوين تلك القواعد، و النظريات العامة و تحديدها في الحدود المسموح بها وفقاً لشروطها العامة، فإن نتيجة التفكير حول حجية النصوص التشريعية تختلف بطبيعة الحال سعة و ضيقاً، كماً كيفاً، تبعاً لاختلاف شروطها العامة. و كذلك حول استفادة مداليل تلك النصوص على أساس المناسبات العرفية الارتكازية، و مطابقة تلك المداليل للواقع الموضوعي، و مستوى تلك القواعد و مداها دقة شمولاً. ثمّ أن ذلك الاختلاف الموجود في نتائج الأفكار بين المجتهدين في تحديد تلك القواعد، و النظريات العامة في الأصول على صعيد البحث النظري يرجع في نهاية المطاف إلى إحدى النقاط التالية: الأولى: الموقف الشخصي لكل مجتهد ازاء تحديد تلك القواعد، و النظريات العامة، و تكوينها وفقاً لشروطها، فإنه قد يؤثر في موقفه الواقعي أمام هذه القواعد و النظريات، و يغيره عن وجهه الواقعي. الثانية: المقدرة الفكرية الذاتية، فإن لاختلاف المجتهدين في تلك المقدرة الفكرية أثراً كبيراً لاختلافهم في تحديد تلك القواعد و النظريات العامة و تكوينها بصيغة أكثر دقة، و عمقاً. الثالثة: المقدرة العلمية بصورة مسبقة، فإن لاختلاف المجتهدين في تلك المقدرة العلمية أثراً بارزاً في كيفية تكوين تلك القواعد، و النظريات العامة، تبعاً لشروطها. الرابعة: غفلة المجتهد خلال دراسة تلك القواعد، و ممارستها عما يفرض دخله في تكوينها، أو عدم

المسائل المستحدثة 23)


استيعابه تمام ما يفرض دخله فيه، فإن ذلك يغير وجه تلك القواعد سعة و ضيقاً عن واقعها. الخامسة: اختلاف الظروف و البيئة التي يعيشه المجتهد فيها مدة من عمره، فإنه قد يؤثر في سلوكه العملي تجاه تكوين تلك القواعد، و تحديدها في اطار إسلامي. السادسة: خطاء المجتهد في الفهم و النظر، حيث أنه يغير وجه تكوين تلك القواعد، و النظريات العامة عن واقعها الموضوعي كماً و كيفاً. و أما المرحلة الثانية: و هي مرحلة التطبيق – فيقع الخلاف بين المجتهدين في هذه المرحلة مع افتراض اتفاقهم في المرحلة الأولى، كما إذا افترض انهم متفقون على حجية كل نص يرويه ثقة أمين كقاعدة عامة، و لكن قد يقع الخطأ في مقام التطبيق فيبدو لبعض منهم وثاقة الراوي و أمانته في النقل في رواية، و بنى عليها حجيتها، و العمل على وفقها، رغم أنه في الواقع ليس بثقة و أمين، و بذلك يتغير موقفه أمام عملية الاجتهاد و الاستنباط عن موقف من أصاب الواقع، و علم بعدم وثاقته. و قد يبدو له: دلالة الأمر الوارد في مسألة مثلاً على الوجوب غافلاً عن وجود قرينة تعبر عن الاستحباب فيها، و قد يكون الأمر بالعكس. و قد يبدو له: عدم التعارض بين نصين فيجمع بينها بتقديم أحدهما على الآخر، لوجود مرجح دلالي رغم أن بينهما تعارضاً، و لا مرجح له في الواقع. و قد يبدو له تعارض بينهما، و في الواقع لا معارضة، و هكذا، فإن هذه الخلافات التي تقع بين المجتهدين على صعيد التطبيقات مع افتراض اتفاقهم على صعيد النظريات فأيضاً تنشأ من الاختلافات بينهم في النقاط الآنفة الذكر.

الأحكام الاجتهادية فيها مجموعة من الأخطاء

قد أصبح من المعقول أن توجد لدى كل من يمارس عملية الاجتهاد و الاستنباط مجموعة من الأخطاء و المخالفات لواقع التشريع الإسلامي، فإذن علينا أن نفصل الأحكام الإسلامية في واقع التشريع الإسلامي عن الأحكام الشرعية التي هي نتيجة اجتهادات المجتهدين و نظرياتهم، فإن الخلافات بين المجتهدين إنما هي واقعة في هذه المجموعة من الأحكام الشرعية التي هي ذات طابع اجتهادي، حيث أنها قد تطابق التشريع الواقعي في الإسلام، و قد تخالفه، لا في الأحكام الإسلامية التي هي ذات طابع واقعي في تشريعها.

المسائل المستحدثة 24)


و بكلمة أخرى: أن الأحكام الشرعية الإسلامية في واقعها الموضوعي ليست وليدة أنظار الإنسان و أفكاره المتخالفة بعضها مع بعضها الآخر، فإنها أحكام إلهية قد جاء بها النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) و هي ثابتة على أسس متينة، و أصول موضوعية، و مبادئ واقعية، و لا تتغير تلك الأحكام بتغير الأفكار، و الآراء و الأزمان. و أما الأحكام التي هي وليدة اجتهادات المجتهدين فهي بطبيعة الحال تختلف باختلاف الاجتهادات و الأنظار فقد تكون مطابقة لواقع التشريع الإسلامي، و قد تكون مخالفة له، و حيث أن الأحكام الإسلامية الواقعية موزعة في مجموع اجتهادات المجتهدين هنا و هناك فبطبيعة الحال تتفاوت نسبة التوزيع إلى المجموع بتفاوت الأبواب و المسائل.

بيان ذلك أن المسائل الموجودة في الموسوعات الفقهية، و الرسائل العملية على ثلاث أنواع:

النوع الأول: المسائل المتوفرة في أبواب المعاملات و بعض أبواب العبادات،

حيث أن نسبة الخلاف الموجود بين المجتهدين في مسائل تلك الأبواب أصغر حجماً من الخلاف الموجود بينهم في أكثر مسائل أبواب العبادات. أحدهما أن مسائل هذه الأبواب غالباً مسائل عقلائية يرجع في تعيين حدودها سعة و ضيقاً، و تحديد المواقف العملية فيها إلى طريقة العقلاء و العرف العام، إلا فيما اذا قام نص خاص من قبل الشرع على الخلاف. و لأجل ذلك: لا تحتاج عملية الاجتهاد فيها إلى أعمال مقدمات نظرية بدقة أكثر، و عمق أكبر. و الآخر: أن النصوص الواردة في جملة من مسائل تلك الأبواب، و بعض أبواب العبادات كانت نصوصاً واضحة في مختلف جهاتها فلا تقبل الشكوك و الأوهام بدرجة تؤدي إلى الخلاف بين المجتهدين كنصوص مسائل الأرث، أو ما شاكلها. و من الطبيعي أن نسبة الخطاء في مجموع آراء المجتهدين لواقع التشريع الإسلامي في مجموع مسائل هذه الأبواب أقل نسبة الخطاء في مجموع آرائهم لواقع التشريع الإسلامي في مجموع أبواب العبادات على حساب نسبة عدد الفتاوي.

المسائل المستحدثة 25)


النوع الثاني: المسائل المشهورة بين المجتهدين التي قلما يوجد الخلاف بينهم في تلك المسائل، على أساس وضوح مصادرها التشريعية

و عدم تطرق الشكوك و الأوهام فيها غالباً. و بطبيعة الحال: أن نسبة توزيع الأحكام الإسلامية الواقعية بين اجتهادات المجتهدين في مجموع تلك المسائل التي هي ذات طابع اتفاقي أكبر من نسبته بين اجتهاداتهم في مجموع المسائل الخلافية التي هي ذات طابع خلافي مع الحفاظ على النسبة.

النوع الثالث: المسائل الخلافية،

أما بملاك ورود نصوص متضاربة فيها، أو بملاك أنها من المسائل النظرية الغامضة، و على كلا التقديرين تتوقف عملية الاجتهاد فيها على أعمال مقدمات نظرية أكثر حدساً، و أكبر دقة، و لأجل ذلك يقع الخلاف في تلك المسائل بين المجتهدين على طول الخط. و من الواضح أن نسبة توزيع الأحكام الواقعية بين اجتهادات المجتهدين في مجموع هذه المسائل الخلافية أصغر حجماً من النسبة بين اجتهاداتهم في المسائل الاتفاقية على حساب عدد الفتاوي و الاجتهادات.

فالنتيجة في نهاية المطاف:

أن الأحكام الواقعية موزعة في مجموع الاجتهادات و الفتاوي للمجتهدين منذ عهد وجود عملية الاجتهاد لحد الآن غاية الأمر أن نسبة التوزيع تختلف باختلاف الأبواب و المسائل. و أما نسبة توزيع الأحكام الواقعية إلى مجموع اجتهادات كل مجتهد في كل عصر فهي بطبيعة الحال مختلفة، و لا يحتمل أن تكون النسبة في الجميع نسبة واحدة. نستخلص من ذلك كله: الحجر الأساسي لزاوية الفصل بين الأحكام التي تتمتع بطابع اجتهادي و الأحكام التي تتمتع بطابع واقعي. و هذا الفصل بين الفئتين من الأحكام الإسلامية لن يدع مجالاً، و لا يدع للشكوك و الريب حول الخلاف الواقعي بين المجتهدين في الأحكام الاجتهادي. و ما قيل: من التشكيك في هذا الخلاف، و أنه كيف يمكن تبريره رغم أن الدين الإسلامي واحد بتمام تشريعاته الموجودة في الكتاب و السنة فهو ناجم عن عدم فهم معنى عملية الاجتهاد و الاستنباط

المسائل المستحدثة 26)


أصلاً و عن أن هذا ليس اختلافاً في الأحكام الواقعية الإسلامية، و إنما هو اختلاف في الأحكام الاجتهادية التي هي، وليدة أفكار المجتهدين في اطار اسلامي، و هي قد تطابق الأحكام الواقعية و قد لا تطابق. و قد تقدم أن الاجتهاد مهما بلغ مداه من الصحة لا يملك مطابقته لواقع التشريع الإسلامي، و لكن مع ذلك طابع إسلامي لما عرفت من أن الاجتهاد من النصوص التشريعية للكتاب و السنة في الحدود المسموح بها شرعاً لا محالة يتمتع بطابع إسلامي. نعم يفترق هذا الطابع الإسلامي عن الطابع الإسلامي لواقع التشريع في نقطة و هي أنه في الأول ظاهري، و في الثاني واقعي، و لأجل ذلك يقع الخلاف فيه، دون الثاني. و من هنا يظهر بوضوح أن الاجتهاد ليس وليد أفكار المجتهد فحسب، و منعزلاً عن التشريع الإسلامي تمام الانعزال، و في زاوية أخرى مقابل زاوية التشريع، بل له حظ التشريع الإسلامي الظاهري. و أن شئت قلت: بعد ما عرفنا من أن الاجتهاد عنصر أساسي في الإسلامي في كل عصر فهو بذاته يتطلب الاختلاف بين المجتهدين فلا يمكن افتراض الاجتهاد في المسائل الفقهية و أعمال النظر و الرأي فيها بدون الاختلاف، فإنه خلف. و كذلك الحال في كافة العلوم النظرية: كعلم الفلسفة و علم الطب، و الهندسة، و ما شاكل ذلك.

نتائج هذه البحوث عدة نقاط

الأولى: أن عملية الاجتهاد و الاستنباط موجودة في عصر التشريع على طول الخط،

غاية الأمر أن هذه العملية ذلك العصر كانت عملية بسيطة و غير معقدة، و الممارس لها في ذلك غير ملتفت و واع إلى طبيعة القاعدة الأصولية و حدودها، و أهمية دورها في هذه العملية.

الثانية: أن عملية الاجتهاد في عصر الغيبة قد أصبحت عملية معقدة و صعبة فتواجهها الشكوك و الأوهام

من مختلف الجهات التي تنبع من الفصل الموجود بين هذا العصر و عصر التشريع، و قد عرفت أن الوصول إلى مرتبة الاجتهاد لا يمكن إلا بعد تقديم دراسات و دراسات حول تمام جوانب النصوص التشريعية و ممارستها على طوق السنين على الرغم من تقديم دراسات عدة علوم بصورة مسبقة.

الثالثة: أن الاجتهاد و التقليد عنصران أساسيان في الإسلام،

و ضروريان لتحديد المواقف العملية للانسان تجاه الشريعة – بحكم ضرورة تبعيته لها – على طول التاريخ.

المسائل المستحدثة 27)


الرابعة: أن علم الأصول ليس علماً مستحدثاً في زمن متأخر من علم الفقه،

بل هو موجود منذ ولادته، و مرتبط به ارتباط العلم النظري بالعلم التطبيقي و لا يمكن انفكاك الفقه عن الأصول على طول التاريخ و في تمام المراحل، فإن المتاخر إنما هو دراسة بذرة التفكير الأصولي منفصلة عن دراسة البحث الفقهي التطبيقي و تسمية هذه الدراسة بعلم الأصول، و أما البذرة فهي موجودة منذ تاريخ حدوث الفقه.

الخامسة: ان اختلاف المجتهدين في الفتاوى ينبع من الاختلاف بينهم في مرحلتين:

المرحلة الأولى: في تحديد النظريات العامة، و القواعد المشتركة في الأصول، و المرحلة الثانية في تطبيق تلك النظريات العامة و القواعد المشتركة على عناصرها الخاصة في الفقه، و قد عرفت مناشئ هذا الاختلاف بشكل موسع.

السادسة: أن نسبة توزيع الأحكام الواقعية إلى مجموع اجتهادات المجتهدين تختلف باختلاف الأبواب و المسائل

كما أنها تختلف باختلاف المجتهدين و ليست على نسبة واحدة في الجميع. هذا تمام ما أوردناه في هذه الرسالة بعونه تعالى و توفيقه و هو الموفق و المعين نحمده سبحانه و نشكره على ذلك. النجف الأشرف في 10/10/1983م

المسائل المستحدثة 28)


المسائل المستحدثة 29)


الفصل الثاني [في الأحكام]

أحكام التقليد

المسائل المستحدثة 30)


المسائل المستحدثة 31)


الأحكام الموجودة في الشريعة الإسلامية المقدسة على قسمين:

الأول: ما يرجع إلى أصول الدين. و الثاني: ما يرجع إلى فروع الدين.أما ما يرجع إلى أصول الدين، فلا يكتفى فيه بالتقليد،و ذلك لأن المطلوب شرعاً في أصول الدين أن يحصل العلم و اليقين للمكلف بربه، و بنبيّه، و معاده، و دينه، و إمامه، فمورد التقليد ينحصر في فروع الدين من الحلال و الحرام، و نحوهما من الأحكام الشرعية الفرعية.

[أحكام التقليد]

(مسألة 1) في الشريعة الإسلامية أوامر و نواهٍ، يجب على المكلف أداؤها و امتثالها،

و لا وسيلة لمعرفة المكلف بأنه قد امتثل تلك الأوامر و النواهي، إلاّ إذا كان في جميع أفعاله و تروكه مجتهداً، أو مقلداً، أو محتاطاً، هذا في غير الأحكام البديهية المسلَّمة في الشرع، كوجوب الصلاة و الصوم، و حرمة قتل النفس المحترمة و الزنى، و غيرها كالمسائل القطعية التي لا يتوقف العلم بها على جهد و درس، فإن هذا النوع من الأحكام لا اجتهاد فيه و لا تقليد و لا احتياط. و المراد بالاجتهاد هو استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها. و الاحتياط هو أن يأتي المكلف بكل شيء يحتمل فيه الأمر و الوجوب و لا يحتمل تحريمه، و أن يترك كل شيء يحتمل فيه النهي و التحريم و لا يحتمل فيه الوجوب بحالٍ. و الاحتياط على قسمين: لأنه تارة: يقتضي التكرار. و أخرى: لا يقتضيه. و مثال الأول: أن يجهل المكلف في بعض الحالات أن الواجب عليه صلاة القصر، أو صلاة التمام، فإذا أراد أن يحتاط تحتّم عليه أن يعيد الصلاة مرتين، قصراً تارة، و تماماً أخرى. و مثال الثاني: أن يجهل المكلف حكم الإقامة للصلاة، فلا يعلم هل هي واجبة أو مستحبة، فإذا أراد أن يحتاط أقام و صلى، و ليس في هذا القسم تكرار. و كلا قسمي الاحتياط جائز، و ان كان المكلف متمكناً من التعرف على الحكم الشرعي عن طريق الاجتهاد أو التقليد، لكن معرفة موارد الاحتياط تحتاج إلى اطلاع فقهي واسع، و هو متعسر على العوام، بالإضافة إلى تعذر الاحتياط أحياناً. و مثال ذلك أن ينذر شخص نذراً و ينهاه والده عنه، فهو يحتمل أن الوفاء بالنذر واجب لأنه نذر، و يحتمل أنه حرام رعاية لنهي الوالد، فلا يمكنه الاحتياط في هذه الحالة، فيتعين عليه الاجتهاد أو التقليد، للتعرف على الحكم الشرعي بصورة محددة.

المسائل المستحدثة 32)


(مسألة 2) التقليد هو العمل بقول المجتهد في الأحكام الشرعية

و لا يتحقق إلا بالعمل.

(مسألة 3) يتحقق البلوغ الشرعي في الأنثى إذا أكملت تسع سنوات هلالية، و في الذكر إذا أكمل خمس عشرة سنة هلالية.

و لكن لو نبت له الشعر الخشن في منطقة العانة، أو خرج منه المني في حالة النوم، أو اليقظة، قبل أن يكمل سن الخامسة عشرة كان بالغاً شرعاً.

(مسألة 4) يشترط في مرجع التقليد البلوغ، و العقل، و الإيمان،

بأن يكون إمامياً اثنا عشرياً، و الذكورة، و الاجتهاد، و العدالة، و هي عبارة عن الإتيان بالواجبات كلّها، و ترك المحرمات كذلك، و طهارة المولد.

(مسألة 5) إذا تعدّد المجتهدون الذين تتوفر فيهم شروط مرجع التقليد،

فإن كانوا متفقين في آرائهم و فتاويهم، فبإمكان المقلّد أن يرجع إلى أي واحد منهم، و إن كانوا مختلفين في الآراء و الفتاوى، وجب الرجوع إلى الأعلم منهم، و إن كانوا على مستوى واحد مقدرة و فضلاً وجب الأخذ بمن كان قوله مطابقاً للاحتياط إن أمكن، و إن لم يمكن الاحتياط تخير في الأخذ بقول أيّ واحد منهم.

(مسألة 6) يجب على المكلف الفحص و البحث عن الأعلم،

و في فترة الفحص و البحث يجب عليه أن يحتاط في أعماله و إن استلزم التكرار.

(مسألة 7) إذا قلد المكلفُ شخصاً بتخيّل أنه المجتهد الأعلم،ثمّ تبيَّن له أنه ليس بأعلم،

وجب عليه العدول عنه إلى المجتهد الأعلم.

(مسألة 8) إذا قلّد الأعلم، ثمّ أصبح المجتهد الفلاني أعلم منه،

وجب عليه العدول من السابق إلى اللاحق، و كذلك لو مات مرجع التقليد، و وجد الأعلم من بين الأحياء، وجب عليه العدول إليه.

المسائل المستحدثة 33)


(مسألة 9) يجب على المقلّد الرجوع إلى الأعلم من الأحياء في بقائه على تقليد الميت.

(مسألة 10) إذا قلّد مجتهداً فمات،

فإن كان أعلم من الأحياء وجب البقاء على تقليده مطلقاً، أي من دون فرق بين ما تعلّمه من فتاوى المرجع و ما لم يتعلّمه، و ما عمل به و ما لم يعمل به، و إن كان الحي أعلم وجب العدول إليه.

(مسألة 11) يجوز تقليد الميت ابتداءً شريطة إحراز أنه يفوق الأحياء و الأموات جميعاً في العلم،

بأن يكون أعلم من الجميع بأحكام الشريعة.

(مسألة 12) تثبت عدالة المرجع بأمور:

الأول: العلم الحاصل بالاختبار و الممارسة. الثاني: أن يشهد بعدالته شخصان عادلان، و تسمى شهادة العادلين بالبيّنة. الثالث: أن يشهد بعدالته شخص معروف بصدق اللهجة، و التحرج عن الكذب، حتى لو لم يكن عادلاً و ملتزماً دينياً في كل سلوكه، و هو المسمّى بالثقة. الرابع: حسن الظاهر، و المراد به حسن المعاشرة و السلوك الديني بين الناس، بمعنى أن يكون معروفاً عندهم بالاستقامة، و الصلاح، و التدين.

(مسألة 13) يثبت الاجتهاد و الأعلمية بالعلم الوجداني،

كما إذا كان المقلد من أهل الخبرة و علم باجتهاد مجتهد أو أعلميته، و كذلك يثبت بالشياع المفيد للاطمئنان، و بالبينة، و بخبر الثقة، و يعتبر في البينة و في خبر الثقة هنا أن يكون المخبر من أهل الخبرة و الفضل القادرين على التقييم العلمي.

المسائل المستحدثة 34)


(مسألة 14) من ليس أهلاً للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوى،

كما أن من ليس اهلاً للقضاء يحرم عليه القضاء، و لا يجوز الترافع اليه و لا الشهادة عنده، و المال المأخوذ بحكمه حرام و ان كان الاخذ محقاً. س: إذا كان المؤمن لا يتمكن من استنقاذ حقه إلاّ بالترافع إلى الحاكم غير الشرعي فهل يجوز له ذلك ام لا ؟ ج‍: في تلك الحالة فقط يجوز، و حينئذ إن كان الحق عيناً شخصية خارجية أخذها صاحبها، و ان كان مالاً في الذمة أي غير معيّن في الخارج فلا بد من أخذ الاذن من الحاكم الشرعي في قبضه. س: من هو الشخص المؤهل للقضاء الذي يحوز الترافع اليه؟ هو المجتهد الجامع للشرائط منها شرط الأعلمية، أو المنصوب من قبلهِ.

(مسألة 15) الوكيل في عمل يعمل بمقتضى تقليد موكله

لا تقليد نفسه.

(مسألة 16) المأذون، و الوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف التي ليس لها متولٍ خاص ينعزل بمجرد موت المجتهد

و ينتهي دوره و عليه أن يرجع إلى مجتهد حي، و أما المنصوب من قبل المجتهد ولياً على الوقف أو على أموال القاصرين، بأن قال له المجتهد مثلاً: جعلتك وليّاً على هذا الوقف أو على مال هذا اليتيم، فتبقى هذه الولاية نافذة المفعول حتى بعد موت ذلك المجتهد.

(مسألة 17) إذا مارس العادل في لحظة ضعف أو هوى ذنباً زالت عنه العدالة،

فإذا ندم و تاب رجعت اليه العدالة ما دام طبع الطاعة و الانقياد للمولى عز و جل ثابتاً في نفسه.

(مسألة 18) الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة أن كان وجوبياً وجب على المكلّف أن يعمل به تبعاً لمقلّده،

و لا يجوز العدول فيه إلى مجتهد آخر، و إن كان استحبابياً فالمكلف مخيّر بين تركه و بين العمل به.

المسائل المستحدثة 35)


[كتاب الطهارة]

أحكام الطهارة

[في المياه]

الأول: الماء المطلق،

و هو ما يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كالماء الذي يكون في البحر، أو النهر، أو أنابيب الإسالة، أو غير ذلك، فانه يصح أن يقال له ماء بلا إضافة.

الثاني: الماء المضاف،

و هو ما لا يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كماء الرمان، و ماء الورد. فانه لا يصح أن يقال له ماء بلا إضافة، بل يقال له ماء الرمان، أو ماء الورد. و ينقسم الماء المطلق إلى قسمين: الأول: الماء الكثير، أو المعتصم، و نطلق هذا الاسم على كل ماء له مادة تمدّه بالماء، كماء البئر النابع، و ماء الأنهار، و الماء الموجود في أنابيب الإسالة، و ماء المطر حين نزوله من السماء، فإن كل ماءٍ من هذا القبيل يعتبر ماءً كثيراً. و كذلك يطلق هذا الاسم على الماء الراكد الذي ليس له مادة في الأرض، و لا في السماء إذا بلغ كراً أو أكثر، و مقدار الكرّ وزنا ثلاثمائة و تسعة و تسعون كيلواً تقريباً، و مقداره في المساحة ما بلغ مكسّره اثنين و أربعين و سبعة أثمان شبر اعتيادي. الثاني: الماء القليل أو غيرُ المعتصم، و هو غير الماء الكثير، و نعني به الماء الذي لا مادة له، و لا يبلغ مقداره الكر، و ليس مطراً.

حكم الماء القليل و الكثير

الماء القليل و الكثير طاهران، مطهَّران من الحدث و الخبث، غيرَ أنهما يختلفان في تأثرهما بالنجاسة، فالماء الكثير لا يتأثر، و لا يتنجس بملاقاة النجس، فضلاً عن المتنجس، فلو أصابه بول، أو دم، أو غيرهما من الأعيان النجسة، يبقى طاهراً، إلاّ إذا تغير لونه بلون النجاسة، أو طعمه، أو ريحه، فإذا تغيَّر حُكم بنجاسته. و أمّا الماء القليل فيتأثر، و ينجس بمجرد أن يلاقي العين النجسة، أما إذا لاقى الشيء المتنجس الخالي عن العين النجسة فلا ينجس، و ان كان الأحوط استحباباً الاجتناب عنه.

المسائل المستحدثة 36)


(مسألة 19) إذا تنجس الماء الكثير بالتغير بعين النجاسة،أمكن تطهيره،

بأن يفتح عليه ماء الإسالة إلى أن يزول تغيّره، و يطهر بعد ذلك بمجرد اتصاله به.

(مسألة 20) إذا تنجس الماء القليل بملاقاة النجاسة، أمكن تطهيره،

بان يفتح عليه ماء الإسالة، فيطهر بمجرد اتصاله به، و في نفس اللحظة، بدون حاجة للانتظار إلى أن ينتشر ماء الحنفية في كل جوانب الماء.

حكم الماء المضاف

الماء المضاف لا يرفع الخبث و لا الحدث، و ينجس القليل و الكثير منه بمجرد ملاقاة النجاسة، و إذا تنجس لا يطهر أبداً و إن اتصل بالماء الكثير.

المسائل المستحدثة 37)


“أحكام التخلي”

يجب حال التخلي، بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة عن كل ناظر مميّز، عدا الزوج و الزوجة، فإنه يجوز لكل منهما أن ينظر إلى عورة الآخر.

(مسألة 21) العورة في الرجل هي القبل و الدبر و البيضتان،

و في المرأة تمام بدنها حتى الوجه و الكفين على الأحوط وجوباً.

(مسألة 22) يحرم على المتخلي استقبال القبلة، و استدبارها حال التخلي

على الأحوط وجوباً.

(مسألة 23) لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي على الأحوط وجوباً،

إلا بعد اليأس عن معرفتها، و عدم امكان الانتظار.

(مسألة 24) يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرّتين على الأحوط وجوباً،

و في الغسل بغير القليل أي بالكثير يجزئ مرة واحدة. و لا يجزئ غير الماء، و أما موضع الغائط فإن تعدَّى فتحة المخرج وجب غسله بالماء، و ان لم يتعدّ المخرج تخيَّر بين غسله بالماء، و بين مسحه بالأحجار، أو الخرق، أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة، و الماء أفضل.

(مسألة 25) كيفية الاستبراء من البول: أن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً،

ثمّ من أصل القضيب إلى رأس الحشفة ثلاثا ، ثمّ ينتر الحشفة ثلاثاً، و فائدة الاستبراء هو طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنه بول.

(مسألة 26) إذا بال و لم يستبرئ، ثمّ خرج منه بلل مشتبه بالبول،

يبنى على كونه بولاً، فيجب التطهير منه، و الوضوء.

المسائل المستحدثة 38)


(مسألة 27) لا استبراء للنساء،

و البلل المشتبه الخارج منهنّ طاهر، و لا يجب له الوضوء.

[في الوضوء]

كيفية الوضوء

الوضوء عبارة عن غسل الوجه، و اليدين، و المسح على مقدّم الرأس، و على القدمين، و كيفيته هي أن تغسل وجهك بماء مطلق طاهر، ابتداءً من منابت الشعر في أعلى الجبهة إلى نهاية الذقن، ثمّ تغسل يدك اليمنى ابتداءً من المرفق إلى أطراف الأصابع، ثمّ تغسل يدك اليسرى كذلك، ثمّ تمسح برطوبة باطن كفك الأيمن على مقدم رأسك، ثمّ تمسح على ظاهر قدمك اليمنى، من أطراف الأصابع إلى نهاية القدم )الكعب(، ثمّ تمسح برطوبة باطن يدك اليسرى على ظاهر قدمك اليسرى كذلك.

(مسألة 28) بعد إكمال غسل اليد اليسرى لا يصح أخذ ماء جديد لمسح الرأس و القدمين،

بل لا بد من مسحهما بالرطوبة الناشئة من غسل اليد اليسرى باليمنى.

(مسألة 29) يشترط في المسح أن لا يكون على مقدم الرأس و ظاهر القدمين بلل ظاهر.
شرائط الوضوء

1) أن يكون الماء مطلقاً، فلا يصح الوضوء بالماء المضاف. 2) أن يكون الماء طاهراً، فلا يصح الوضوء بالماء النجس. 3) أن يكون الماء مباحاً، فلا يصح الوضوء بماء الغير بدون إذنه. 4) إباحة الفضاء بالنسبة إلى مسح الرأس و القدمين، فإنه لا بدّ أن يكون في فضاء مباح، و لا تشترط إباحة الفضاء بالنسبة إلى غسل الوجه و اليدين، فلو غسل المكلف وجهه و يديه في مكان مغصوب، و مسح رأسه و قدميه في مكان مجاور مباح صح وضوؤه. 5) طهارة أعضاء الوضوء، بمعنى أن يكون كل عضو طاهراً حين غسله، أو مسحه. 6) عدم المانع من استعمال الماء لمرض، بمعنى أن يكون المتوضئ في حالة صحية على نحو لا يضر به الوضوء ضرراً خطيراً، فإذا كان الوضوء يضر به ضرراً خطيراً وجب عليه التيمم،

المسائل المستحدثة 39)


و لو عصى و توضأ بطل وضوؤه. و إذا كان الوضوء لا يضر به ضرراً خطيراً لم يحرم عليه، فإذا توضأ و الحال هذه صحَّ وضوؤه. 7) النيّة، بأن يكون الداعي إلى الوضوء و الباعث نحوه مرضاة الله تعالى و من أجله. 8) المباشرة، بمعنى أن يزاول و يمارس المتوضئ بنفسه أفعال الوضوء بالكامل، و لا يجوز له أن يستنيب غيره في شيء من ذلك، إلاّ مع العجز و الاضطرار، فإذا أضطر المكلّف إلى أن يوضّئه غيره لمرض و نحوه، وجب أن ينوي هو، ثمّ يغسل ذلك الغير وجهه و يديه، ثمّ يمسح رأسه و قدميه بكف المريض نفسه. 9) الموالاة، و هي التتابع في الغسل و المسح. 10) الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه، ثمّ اليد اليمنى، ثمّ اليسرى، ثمّ مسح الرأس، ثمّ مسح الرجل اليمنى، ثمّ اليسرى.

وضوء الجبيرة

الجبيرة هي ما يوضع على العضو الكسير، و يطلق الفقهاء لفظ الجبيرة أيضاً على الخرقة التي تعصب بها الجروح و القروح.

(مسألة 30) العضو الكسير أو الجريح إذا كانت عليه جبيرة أو عصابة،

فعلى المكلف أن يتوضأ وضوء الجبيرة إذا توفرت الشروط التالية: أولاً: أن يكون العضو الكسير أو الجريح من أعضاء الوضوء ((الوجه و اليدان و الرأس و القدمان)). ثانياً: إن يتضرر باستعمال الماء. ثالثاً: إن لا تكون الجبيرة أو العصابة نجسة بأن تكون طاهرة و لو ظاهرها و لا تضر نجاسة ما هو داخل الجبيرة أو العصابة. رابعاً: أن لا تزيد الجبيرة أو العصابة على الحد المألوف و المعروف كما و حجماً، و العادة جارية بأن تكون العصابة أو الجبيرة أوسع من موضع الإصابة بقدر ما، فإذا تجاوزت ذلك و أشغلت حيّزا أكبر مما هو مألوف لم يكف المسح عليها بل يجب تصغيرها إن أمكن، و ان

المسائل المستحدثة 40)


لم يمكن تصغيرها فوظيفته التيمم إذا لم تكن الجبيرة في أعضاء التيمم، و أما إذا كانت في أعضائه التيمم فيجب الجمع بين التيمم و بين وضوء الجبيرة. خامساً: أن تكون مباحة، فلا يجوز المسح على الجبيرة أو العصابة المغصوبة فإذا توفرت هذه الشروط وجب على المكلف وضوء الجبيرة.

(مسألة 31) إذا كان العضو الجريح أو الكسير من غير أعضاء الوضوء،

فان كان هذا العضو يتضرر بغسل أعضاء الوضوء لكونه قريباً منها وجب على المريض التيمم بدلاً عن الوضوء، و ان لم يكن يتضرر به فوظيفته الوضوء بالطريقة الاعتيادية.

(مسألة 32) إذا كانت الإصابة الجرح أو الكسر أو القرح في أحد أعضاء الوضوء و كان الموضع طاهراً و مكشوفاً و بالامكان غسله بدون ضرر،

وجب على المريض الوضوء بالطريقة الاعتيادية.

(مسألة 33) إذا كانت الجبيرة في أحد أعضاء الوضوء و كان العضو طاهراً، و لكن لا يتيسر حلّها و لا يتسرب الماء إلى العضو بدون حلّها

ففي هذه الحالة يجب على المريض التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم و هي الجبهة و الكفان، و ان كانت في مواضع التيمم فوظيفته الجمع بين التيمم و بين وضوء الجبيرة.

(مسألة 34) إذا كانت الجبيرة في أحد أعضاء الوضوء و كان بالامكان حلُّها عن ذلك العضو

و إتمام الوضوء بدون ضرر و لكن المشكلة هي أن العضو نجس بسبب الدم و القيح مثلاً و لا يمكن تطهيره، فالحكم هنا هو التيمم سواء أ كان الموضع المتنجس من مواضع التيمم أم لا.

(مسألة 35) الدواء الذي لطخ به موضع من أعضاء الوضوء للتداوي يجري عليه حكم الجبيرة

فيمكن للمكلف أن يتوضأ و يمسح عليه، و إما الحاجب و المانع الذي يلصق بالبشرة كالقير و الصبغ و نحوهما، فان أمكن رفعه وجب و ان لم يمكن رفعه وجب التيمم بدلاً عن الوضوء إذا لم يكن الحاجب في مواضع التيمم،

المسائل المستحدثة 41)


و ان كان في مواضعه وجب الجمع بين الوضوء و التيمم.

(مسألة 36) العصابة التي يعصب بها العضو لألم أو ورم لا تشمله أحكام الجبيرة

الموضوعة على الجرح أو الكسر، فلا يجزي المسح على العصابة التي عصب بها العضو لألم أو ورم، بل يجب الوضوء الاعتيادي إذا لم يكن غسل العضو ضررياً، و إما إذا كان يتضرر بغسله فالواجب عليه هو التيمم.

(مسألة 37) في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم، فالاحوط وجوباً الجمع بينهما.
(مسألة 38) إذا كانت الجبيرة على العضو الماسح، مسح ببلَّتها.
نواقض الوضوء

النقض لغة: الإبطال و الهدم، و ناقض الوضوء عند الفقهاء ما يبطل الوضوء و يزيل الطهارة، و يسمى كل واحد من نواقض الوضوء بالحدث.

و نواقض الوضوء خمسة:

الأول: خروج البول،

أما خروج المذي أو الوذي أو الودي فإنه لا ينقض الوضوء، كما أنه لا ينجس الموضع الذي يلاقيه، فلا يجب التطهير منه. و المذي سائل شفاف لزج يخرج من الذكر بملاعبة النساء، أو التفكير بالجماع. و الوذي سائل أبيض يخرج بعد خروج المني. و الودي سائل أبيض يخرج بعد خروج البول.

الثاني: خروج الغائط.
الثالث: خروج الريح من الدبر.
الرابع: النوم المستغرق الذي لا يبقى معه سمع، و لا بصر، و لا إدراك.

و مثل النوم في نقضه للوضوء الجنون، و السكر، و الإغماء على الأحوط وجوباً.

المسائل المستحدثة 42)


الخامس: استحاضة المرأة

على تفصيل يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.

حكم المبطون و المسلوس

من استمر به الحدث كالمبطون: و هو الذي لا يستمسك معه الغائط، و المسلوس: و هو الذي لا يستمسك معه البول، له حالات ثلاث: الأولى: أن تكون له فترة تسع الوضوء و الصلاة الاختيارية، و حكمه وجوب انتظار تلك الفترة، و الوضوء و الصلاة فيها. الثانية: أن لا تكون له فترة أصلاً، أو تكون له فترة يسيرة، لا تسع الطهارة و بعض الصلاة، ففي هذه الحالة يتوضأ، و يصلي، و لا ينتقض وضوؤه بما يخرج منه قهراً. الثالثة: أن تكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة، ففي هذه الحالة يجب عليه الوضوء، و الصلاة في تلك الفترة، و لا يجب عليه إعادة الوضوء إذا فاجأه الحدث أثناء الصلاة.

حكم المحدث

لا يجوز للمحدث مسُّ كتابةِ القرآن الكريم، حتى الحرف الواحد منه، بل حتى الحركة و السكون، لا بيده، و لا بشيء من جسمه و شعره، و كذا لا يجوز له مسّ اسم الجلالة، و سائر أسمائه، و صفاته على الأحوط وجوباً، و الأولى إلحاق أسماء الأنبياء، و الأوصياء، و سيدة النساء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين به.

الغسل

الغسل على قسمين: ارتماسي و ترتيبي.

و يتحقق الغسل الارتماسي برمس جميع البدن في الماء، بحيث يستوعب تمام أجزاء البدن، و يغمرها بالكامل، و إذا كان الشعر كثيفاً يفرَّقه بالتخليل، حتى يعلم بوصول الماء إلى الكل عند ارتماسه في الماء، و يرفع قدمه عن الأرض إن كانت موضوعة عليها. و يتحقق الغسل الترتيبي بغسل الرأس و الرقبة أولاً، ثمّ بقية البدن، و الأحوط الأولى أن يغسل أولاً تمام الجانب الأيمن، ثمّ تمام الجانب الأيسر.

المسائل المستحدثة 43)


(مسألة 39) يشترط في الغسل ما يشترط في الوضوء،

من النية، و طهارة الماء، و إباحته، و إطلاقه، و طهارة أعضاء الجسد، و عدم وجود مانع من استعمال الماء، كالمرض، و أن يباشر المغتسل غسله بنفسه إن أمكنه، و لا يشترط هنا أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل، و كذا لا تشترط الموالاة، و هذا بخلاف الوضوء، فقد تقدم أنه يشترط فيه الغسل من الأعلى إلى الأسفل، و الموالاة.

(مسألة 40) النية في الغسل الارتماسي لا بد أن تبدأ بابتداء عملية الارتماس،

و لا يكفي أن تكون عند تغطية تمام البدن بالماء، فإذا أراد الغسل و هو في الماء، فلا بد أولاً أن يخرج شيئاً من بدنه، ثمّ يرتمس في الماء بقصد الغسل.

(مسألة 41) الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي.

المسائل المستحدثة 44)


(مسألة 42) يجب الغسل بعدة أسباب

هي: 1. الجنابة. 2. الحيض. 3. الاستحاضة. 4. النفاس. 5. الموت. 6. مس الميت.

1 – الجنابة:
تتحقق الجنابة بأمرين:
الأول: خروج المنيِّ،

فإنه موجب للغسل شرعاً، سواء كان خروجه بالاختيار أم بغير الاختيار، في حال اليقظة أم في حال النوم، قليلاً كان أم كثيراً، بالجماع أو بغيره.

(مسألة 43) قد يخرج من الرجل ماء يشك في أنه منّي أو غير منّي،

ففي هذا الفرض لا بد من الرجوع إلى ثلاثة أوصاف، و هي: 1 – الخروج مع اللذّة. 2 – الدفق: أي الخروج بشدة. 3 – فتور الجسم: أي حالة الاسترخاء بعد خروجه. فإذا اجتمعت هذه الأوصاف الثلاثة في السائل المشكوك كان حكمه حكم المنيّ، و إذا انتفى وصف واحد منها، مع سلامة الجسم من المرض، فلا يترتب عليه آثار المني.

(مسألة 44) إذا خرج من الرجل مني، و اغتسل من الجنابة، و بعد الغسل رأى رطوبة

لا يعلم هل هي من بقيّة المني السابق قد بقيت في المجرى، أو هي سائل طاهر ؟ ففي مثل هذا الفرض إن كان قد بال قبل أن يغتسل فلا شيء عليه، و ان لم يكن قد بال فالرطوبة بحكم المني، و يجب عليه إعادة الغسل.

المسائل المستحدثة 45)


(مسألة 45) المرأة إذا خرج الماء منها بسبب حالة شهوة و تهيّج جنسي وجب عليها ان تغتسل،

و إن كانت محدثة بالأصغر قبل الغسل وجب عليها الجمع بين الوضوء و الغسل، و إذا خرج الماء منها من دون شهوة و تهيّج، لم يجب عليها الغسل، حتى لو كان خروج الماء منها في وقت مداعبة الزوج لها. قد تسأل: هل إن مجرد خروج السائل من المرأة بشهوة بسبب مداعبة الرجل لها أو بسبب التفكير الجنسي يكون موجباً للجنابة أم لا ؟ و الجواب: إن ذلك لا يكون موجباً للجنابة و لا يجب عليها الغسل إلاّ إذا حصلت بعد خروجه حالة الاسترخاء و فتور الجسد.

الثاني: الجماع

و لو لم ينزل المني، و يتحقق بدخول الحشفة في قُبل المرأة، و أما دخولها في دبرها، أو دبر الذكر، أو البهيمة، فهو يوجب الغسل على الأحوط وجوباً، و إذا كان محدثاً بالأصغر قبل ذلك فالأحوط وجوباً ضم الوضوء إلى الغسل أيضاً.

(مسألة 46) إدخال بعض الحشفة يوجب الغسل على الأحوط وجوباً.
يحرم على الجنب أمور:

1. مسّ كتابة القرآن الكريم. 2. مسّ أسماء الله تعالى و صفاته على الأحوط وجوباً. 3. التواجد في المسجدين الحرمين: المسجد الحرام، و مسجد النبي، فإنهما محرمان على الجنب، و لا يسمح له بالمكث فيهما، و لا المرور و الاجتياز أيضاً. 4. التواجد في غير الحرمين من المساجد، فإنه حرام على الجنب، و يستثنى من ذلك حالتان: الأولى: أن يكون للمسجد بابان فيجتاز الجنب المسجد بان يدخل من باب و يخرج من الباب الآخر مباشرة بدون مكث. الثانية: أن يدخل إلى المساجد لأخذ شيء منها، كما لو كان له متاع، أو كتاب في المسجد، فيدخل، و يأخذه، و يخرج بدون مكث، و لا يجوز له وضع شيء فيها حال الاجتياز، و لا من خارجها، و الأحوط وجوباً إلحاق المشاهد المشرفة بالمساجد في الأحكام المذكورة دون الأروِقةَ.

المسائل المستحدثة 46)


5. قراءة آية السجدة من سور العزائم و هي الم السجدة آية: 15، و حم السجدة آية:27، و النجم آية: 63، و العلق آية: 19 .

2 – الحيض

دم الحيض له صفات تميزه، فهو غالباً يكون أحمر حارّاً، يخرج بدفق و حرقة، و لكي يكون الدم حيضاً شرعاً يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية: 1) أن تكون المرأة قد أكملت تسع سنين هلالية، و لم تتجاوز ستين سنة. 2) أن يكون الدم مستمراً خلال ثلاثة أيام، فلو لم يستمر الدم ثلاثة أيام لم يكن حيضاً. 3) أن لا يتجاوز الدم عشرة أيام، فإذا تجاوز عشرة أيام فلا يعتبر كله حيضاً، بل يعتبر بعضه حيضاً ((يراجع لمعرفة التفاصيل الرسالة العلمية)). 4) أن تكون المرأة قد مرّت بها قبل ذلك فترة طهر و سلامة من دم الحيض، لا تقل عن عشرة أيام على الأحوط وجوباً، بمعنى أنها لو كانت قد حاضت و نقت من حيضها، ثمّ رأت دماً بعد تسعة أيام مثلاً لم يعتبر الدم الجديد حيضاً، لأن فترة الطهر بين حيضتين لا يمكن أن تكون أقصر من عشرة أيام.

(مسألة 47) المرأة الحامل إذا رأت الدم، و كانت واثقة و متأكدة بأنه من دم الحيض، عملت ما تعمله الحائض،

و إن لم تكن واثقة بذلك، فإن كان الدم في أيام العادة، و كان بصفة الحيض، اعتبرته حيضاً، و إن لم يكن في أيام العادة، و لا بصفة الحيض، اعتبرته استحاضة.

أحكام الحيض

يحرم على الحائض كل ما يحرم على الجنب، و أيضاً يحرم عليها و على زوجها الاتصال بالجماع، و أما وطؤها دبراً فلا يجوز مطلقاً على الأحوط وجوباً، لا في حال الحيض و لا في حال الطهر، و أما الاستمتاع بالحائض بغير الوطء فلا بأس به.

المسائل المستحدثة 47)


(مسألة 48) لا يصح طلاق الحائض إذا كانت مدخولاً بها و لو دبراً،

و كان زوجها حاضراً، و أما إذا كان زوجها غائباً عنها، أو كانت حاملاً، أو غير مدخول بها، جاز طلاقها.

(مسألة 49) يجب على الحائض بعد النقاء من الدم قضاء ما فاتها من الصيام الواجب،

و لا يجب عليها قضاء الصلاة.

(مسألة 50) يستحب للحائض التحشي، و الوضوء في وقت كل صلاة واجبة،

و الجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة، ذاكرة الله تعالى، و الأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.

3 – الاستحاضة

دم الاستحاضة في الغالب أصفر، بارد، رقيق، يخرج بلا حرقة، عكس دم الحيض، و لا يشترط فيه شيء من شرائط الحيض المتقدمة، فقد تراه الأنثى قبل سن التاسعة، و بعد سن الستين، و بعد الحيض مباشرة، و لا حد لقليله و لا لكثيره، فقد يمكث يوماً أو بعض يوم، و قد يستمر شهراً أو أكثر.

(مسألة 51) يعتبر دم الاستحاضة حدثاً شرعاً،

و هو ناقض للطهارة، كما تقدمت الإشارة إليه في نواقض الوضوء، فإذا كانت المرأة على وضوء، و خرج منها دم الاستحاضة، و لو بمعونة القطنة بطل وضوؤها، و عليها أن تتطهر بالغسل، أو الوضوء على التفصيل الآتي.

(مسألة 52) الاستحاضة على ثلاثة أقسام:

قليلة، و متوسطة، و كثيرة. الاستحاضة القليلة: ما يكون الدم فيها قليلاً بحيث لا يغمس القطنة. الاستحاضة المتوسطة: ما يكون فيها الدم أكثر من ذلك بحيث يغمس القطنة و لا يسيل. الاستحاضة الكثيرة: ما يكون فيها الدم أكثر من ذلك، بحيث يغمس القطنة، و يسيل منها.

المسائل المستحدثة 48)


(مسألة 53) حكم المستحاضة بالاستحاضة القليلة تبديل القطنة،و تطهير ظاهر الفرج، و وجوب الوضوء لكل صلاة فريضة.
(مسألة 54) حكم المستحاضة بالاستحاضة المتوسطة تبديل القطنة، و تطهير ظاهر الفرج، و غسل واحد،

و الوضوء لكل صلاة، و الأقرب أن يكون الوضوء بعد الغسل، فإذا أصبحت المرأة مستحاضة بالاستحاضة المتوسطة قبل صلاة الفجر مثلاً وجب عليها أن تغسل لصلاة الصبح، ثمّ تتوضأ. فتصلي، ثمّ تبدل القطنة، و تتوضأ، و تصلي الظهرين، ثمّ تبدل القطنة، و تتوضأ، و تصلي العشاءين.

(مسألة 55) حكم المستحاضة بالاستحاضة الكثيرة تبديل القطنة، و الغسل لصلاة الصبح، و الغسل لصلاتي الظهرين

بشرط أن تجمع بينهما، و الغسل لصلاتي العشاءين كذلك.

(مسألة 56) لا يصح الصوم من المستحاضة بالاستحاضة الكثيرة

ما لم تكن مؤدية في النهار الذي تصوم فيه لغسل صلاة الصبح، و غسل الظهر و العصر، بل على الأحوط وجوباً أن تغتسل للمغرب و العشاء من الليلة التي تريد أن تصوم في نهارها، فإذا أرادت ان تصوم يوم الجمعة مثلاً ، فلا يصح صومها إلاّ إذا اغتسلت لصلاتي المغرب و العشاء من ليلة الجمعة، و اغتسلت لصلاة الصبح من نهار الجمعة، و اغتسلت لصلاتي الظهر و العصر منه.

(مسألة 57) صحة الصوم من المستحاضة بالاستحاضة القليلة و المتوسطة لا تتوقف على الوضوء أو الغسل.
(مسألة 58) إذا فعلت المستحاضة الكبرى أو الوسطى ما يجب عليها من غسل، جاز لزوجها أن يقاربها،

و لا يقاربها بدون ذلك.

المسائل المستحدثة 49)


(مسألة 59) يجوز للمرأة المستحاضة بأقسامها الثلاثة أن تدخل المساجد،

و تمكث فيها، و تقرأ سورة العزائم، و آيات السجدة منها، سواء أدت ما يجب عليها من غسل و وضوء أم لا.

(مسألة 60) لا يجوز للمستحاضة بأقسامها الثلاثة مسّ كتابة القرآن الكريم قبل الغسل و الوضوء،

و أنما يجوز بعدهما أثناء الصلاة فقط، و أما بعد الصلاة فلا يجوز أيضاً.

4 – النفاس

النفاس هو الدم الذي يقذفه الرحم بسبب الولادة، و أقصى حد النفاس عشرة أيام من حين رؤية الدم، لا من تاريخ الولادة، و الأحوط وجوباً إذا كان الدم أقلّ من ثلاثة أيام أن تجمع المرأة بين أحكام النفساء و وظائف المستحاضة.

(مسألة 61) إذا استمر الدم بالنفساء و تجاوز عشرة أيام،

فإن كانت ذات عادة محددة في الحيض، كأن تكون عادتها سبعة أيام مثلاً اعتبرت السبعة أيام نفاساً، و الباقي استحاضة، و أما إذا لم تكن ذات عادة محددة و مضبوطة في الحيض، جعلت الأيام العشرة كلها نفاساً، و ما بعدها استحاضة.

(مسألة 62) حكم النفساء و الحائض واحد،

من تحريم مسّ القرآن الكريم، و قراءة آية السجدة من العزائم، و المكوث في المسجد، و الدخول فيه بغير قصد العبور، و الوطء، و عدم صحة الطلاق، و تترك الصلاة و الصيام ما دامت في نفاسها، و تقضي بعد ذلك الصيام دون الصلاة.

(مسألة 63) كيفية الغسل من النفاس، و الحيض، و الاستحاضة، تماماً كصورة الغسل من الجنابة،

إما ترتيبي، أو ارتماسي.

المسائل المستحدثة 50)


“أحكام الأموات”

إذا مات المسلم توجهت على الأحياء واجبات كفائية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، و إذا تركوها جميعاً كانوا آثمين و محاسبين. منها: توجيه المحتضر إلى القبلة، بأن يُلقى المحتضر على ظهره حين نزع الروح، و باطن قدميه إلى القبلة بحيث لو جلس لا ستقبل القبلة بوجهه. و الأحوط لزوماً وجوب ذلك على المحتضر نفسه إن أمكنه ذلك.

5 – غسل الميت
(مسألة 64) يجب تغسيل الميت المسلم،

و كيفية تغسيله هي أن يغسل الميت ثلاث مرات، الأولى: بالماء مع قليل من السدر، و الثانية: بالماء مع قليل من الكافور، و الثالثة: بالماء الخالص دون أن يضاف إليه شيء .

(مسألة 65) يجب أن يبدأ الغاسل بالرأس مع الرقبة،

ثمّ بالجانب الأيمن، ثمّ بالجانب الأيسر، و لا بد من نية القربة في كل غسل من الاغسال الثلاثة. و لا يجوز للغاسل أن ينظر إلى عورة الميت، أو يلامسها بيده حين الغسل.

(مسألة 66) يجب تحنيط الميت بعد تغسيله،

و التحنيط هو مسح الكافور براحة الكف على الأعضاء السبعة من الميت التي يسجد عليها المصلي، و هي الجبهة، و الكفان و الركبتان، و ابهاما الرجلين.

(مسألة 67) بعد أن يغسل الميت و يحنط، يجب تكفينه بثلاث قطع:

القطعة الأولى تسمى المئزر، يلف بها الميت من السرة إلى الركبة. و الثانية تسمى القميص، يلف بها الميت من أعلى الكتفين إلى نصف الساق. و الثالثة تسمى الإزار، يغطي البدن بالكامل من أعلى الرأس حتى نهاية القدم.

المسائل المستحدثة 51)


(مسألة 68) تجب الصلاة على كل ميت مسلم بعد غسله و تحنيطه و تكفينه،

و لا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ستَّ سنين.

(مسألة 69) يشترط في الصلاة على الميت أمور:

1 – أن توجد جثته، فلا يصلى على الغائب. 2 – أن يوضع الميت مستلقياً على ظهره. 3 – أن يستقبل المصلي القبلة، و يقف خلف الجنازة غير بعيد عنها، و رأس الميت إلى جهة يمين المصلي، و أن تكون الصلاة من قيام لا من قعود.

(مسألة 70) كيفية الصلاة على الميت كما يلي:

ينوي المصلي انه يصلي على الميت قربة إلى الله تعالى، و يكبر خمس تكبيرات بهذه الصورة: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنّ مُحمداً عبده و رسوله. الله أكبر، اللهم صل على محمد و آل محمد. الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات. الله أكبر، اللهم اغفر لهذا الميت. الله أكبر. ثمّ ينصرف.

(مسألة 71) يجب دفن كل ميت مسلم،

و كيفيته: بأن يدفن في حفرة من الأرض، تمنع عنه الطيور و الوحوش، و تكف رائحته و ضرره عن الناس، و يجب وضعه على الجانب الأيمن موجّهاً وجهه إلى القبلة.

المسائل المستحدثة 52)


(مسألة 72) السقط إذا كان مستوي الخلقة غسِّل، و حنِّط، و كفِّن،

و لم يصلَّ عليه، و ان كان دون أربعة أشهر، و ان لم يكن مستوي الخلقة لف بخرقة، و دفن على الأحوط وجوباً.

6 – مسّ الميت
(مسألة 73) من مسّ ميتاً قبل أن يبرد جسمه و تذهب حرارته فلا غسل عليه،

أجل يتنجس نفس العضو و الجزء الذي لمس الميت إذا كان هو أو جسم الميت رطباً، و أيضاً من مسّ ميتاً مسلماً بعد تغسيله غسل الأموات فلا شيء عليه، حتى و إن كان المس برطوبة. و من مسّ ميتاً بعد أن يبرد جسمهُ، و قبل أن يغسل غسل الأموات وجب عليه الغسل.

التيمم

يصح التيمم بدلاً عن الغسل أو الوضوء في مواضع،

و هي: 1 – أن لا يوجد الماء في كل المساحة التي يقدر المكلف على الوصول إليها، و التحرك ضمنها، ما دام وقت الصلاة باقياً، أو كان الماء موجوداً لكن بمقدار لا يكفي للوضوء أو الغسل. 2 – أن يكون الماء موجوداً في تلك المساحة، و لكن الوصول إليه يستلزم مشقة شديدة و حرجاً، كما إذا كان الماء في موضع بعيد، أو كان الماء ملكاً لشخص، و لا يأذن بالتصرف فيه إلاّ بالالتماس و التذلل له بما يكون محرجاً. أو أن الوصول إليه محفوف بالمخاطر. 3 – أن يكون الماء موجوداً في تلك المساحة، و لكنه ملك للغير، و هو لا يأذن بالتصرف فيه إلا بثمن مجحف يضر بحاله من الناحية المالية، أو أن الوصول إليه يتوقف على ارتكاب أمور محرَّمة، كما إذا كان الطريق إلى الماء مغصوباً. 4 – أن يكون الماء موجوداً لكن الوقت لا يكفي للغسل و الصلاة معاً، أو للوضوء و الصلاة معاً، فحينئذٍ يجوز له أن يتيمم من أجل إدراك تمام الصلاة في الوقت. 5 – أن يكون التوضّؤ أو الاغتسال للصلاة ممكناً، و لكنه مضر بالإنسان من الناحية الصحية. 6 – إذا خاف العطش على نفسه، أو على شخص آخر يهُمه أمره، و لم يكن لديه من الماء ما يكفي لرفع العطش و الوضوء معاً.

المسائل المستحدثة 53)


7 – أن يكون بدنه أو ثوبه نجساً، و كان عنده ماء يكفي لإزالة النجاسة فقط، أو للوضوء فقط، ففي هذه الحالة يجوز للمكلف أن يصرف الماء في غسل بدنه أو ثوبه، و يتيمم للصلاة، كما يجوز أيضاً أن يتوضأ بهذا الماء، و يصلي في الثوب النجس، أو مع نجاسة البدن.

(مسألة 74) يصح التيمم بوجهٍ الأرض، أو ما كان مقتطعاً منها،

بشرط أن يكون طاهراً، و مباحاً، سواء كان تراباً، أو صخراً، أو رملاً، أو طيناً يابساً، و يصح التيمم أيضاً بالجص، و الإسمنت، و الطابوق، و المرمر.

(مسألة 75) كيفية التيمم

أن يضرب بيديه على الأرض، و أن يكون دفعة واحدة على الاحوط وجوباً ثمّ يمسح بباطن كفّيه تمام جبهته و جبينيه، من قصاص الشعر إلى الحاجبين، و الأحوط استحبابا مسح الحاجبين أيضاً. ثمّ يمسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى، ثمّ يمسح ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى.

(مسألة 76) يشترط تعدد الضرب في التيمم،

بأن يضرب ضربة للوجه، و ضربة للكفين.

(مسألة 77) يشترط في التيمم نيّة القربة،

لأنه عبادة، و الأحوط وجوباً أن يبدأ بالمسح من الأعلى إلى الأسفل.

(مسألة 78) يشترط عدم وجود الحائل و الحاجب على العضو الماسح، أو العضو الممسوح،

فالخاتم مثلاً حائل يجب نزعه حال التيمم.

المسائل المستحدثة 54)


الأعيان النجسة

(مسألة 79) كل الأشياء طاهرة شرعاً باستثناء الأعيان النجسة، أو الأشياء التي تتنجس بملاقاتها.

و المراد بالأعيان النجسة هي أشياء حكمت الشريعة بأنها نجسة.

(مسألة 80) الأعيان النجسة عشرة،

و هي:

الأول و الثاني: البول و الغائط من الإنسان، و من كل حيوان،

و يستثنى من ذلك فضلات ثلاثة أصناف من الحيوان: 1 – كل حيوان يجوز أكل لحمه شرعاً كالغنم، و البقر، و الإبل، و الخيل، و البغال، و الدجاج، و غير ذلك، فإن البول و الغائط منها طاهران. 2 – فضلات الطيور بأقسامها، فإنها طاهرة سواء أ كان لحم الطير مما يجوز أكله شرعاً، أم لا، كالصقر، و النسور، و غيرهما. 3 – فضلات الحيوانات التي ليس لها نفس سائلة، أي الحيوانات التي لا يجري دمها من العروق بدفع و قوة، فإنها طاهرة حتى لو لم يكنّ أكلها جائزاً شرعاً، كالحية، و العقرب، و الوزغ، و غيرها.

(مسألة 81) بول الحيوان المأكول اللحم طاهر،

إذا لم يكن جلالاً، بأن تغذى على العذرة حتى أشتد لحمه. أو لم يكن موطوء الإنسان، ففي هاتين الحالتين يحرم أكلهما، و يصبح بولهما نجساً، و أما بالنسبة لخرئهما فالأحوط استحبابا الاجتناب عنه.

الثالث: المني من الإنسان، و من كل حيوان له نفس سائلة،

و إن كان محلل الأكل، كالغنم، و البقر، و الدجاج، و غيرها.

الرابع: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة

و إن كان محلل الأكل، و نقصد بالميتة كلَّ حيوان مات من دون تذكية شرعية، سواء أمات موتاً طبيعياً، أم خنقاً، أم ذبحاً على غير الوجه الشرعي.

المسائل المستحدثة 55)


الخامس: الدم

سواء كان من الإنسان، أو من الحيوان، و سواء أ كان الحيوان مما يجوز أكل لحمه شرعاً، أم لا، و يستثنى من ذلك ما يلي: 1 – دم الحيوان الذي ليس له نفس سائلة، كدم السمك، فإنه طاهر. 2 – كل دم يبقى في لحم الذبيحة، أو كبدها، بعد ما يخرج دمها المعتاد من محل الذبح، فهو طاهر، و يسمى بالدم المتخلف في الذبيحة. 3 – قطرة الدم التي قد يتفق وجودها في البيضة فهي طاهرة، و لكن ابتلاعها غير جائز.

السادس و السابع: الكلب و الخنزير،

و هما نجسان بجميع أجزائهما، من العظم، و الشعر، و اللحم، و السن، و الظفر، سواء أ كانا حيّين أم ميّتين، من دون فرق بين الكلاب السائبة، و كلاب الزينة، و الكلاب المستخدمة في الحراسة، و غيرها، و أما ما عدا الكلب و الخنزير من الحيوانات فهي طاهرة بكل أصنافها.

الثامن: المسكر المائع المتخذ من العنب،

و هو الخمر، نجس عيناً و ذاتاً، و أما باقي المسكرات المائعة المتخذة من غير العنب فهي محرَّمة، يحرم شربها، و بيعها، و شراؤها، و لكنها طاهرة، و غير نجسة.

(مسألة 82) العصير العنبي إذا غلى بالنار، يبقى على الطهارة،

و إن صار حراماً بالغليان، فإذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالاً، و أما إذا غلى العصير العنبي بالنشيش، و من دون نار أي بصورة تدريجية طبيعية، فهو نجس، و حرام، لأنه خمر مأخوذ من العنب، فإن استخراج المسكر من العنب يتم بهذه الطريقة.

(مسألة 83) العصير الزبيبي و التمري لا ينجس،

و لا يحرم بالغليان بالنار.

(مسألة 84) الكحول بجميع أنواعه طاهر،

و عليه فالعطور المشتملة على الكحول طاهرة و يجوز استعمالها حتى في حال الصلاة.

المسائل المستحدثة 56)


(مسألة 85) الخل و الطرشي بجميع انواعهما طاهران

و ان كانا مشتملين على نسبة من الكحول.

التاسع: الفقاع

أو ما يسمى بالبيرة.

العاشر: الكافر

و هو من لم ينتحل ديناً، أو انتحل ديناً غير الإسلام، أو انتحل الإسلام و لكن أنكر ما يعلم أنه من الدين الإسلامي، كإنكار الصلاة، أو الصوم، أو الحج، أو غيرها. و يستثنى من نجاسة الكافر أهل الكتاب، و هم الكفار ينسبون أنفسهم إلى ديانات سماوية صحيحة، و لكنها نسخت كاليهود، و النصارى، فإن الأظهر طهارتهم شرعا .

(مسألة 86) ما يؤخذ من أيدي الكفار من الخبز و الزيت و العسل و نحوها من المائعات و الجامدات طاهر،

إلاّ ان يعلم بالنجاسة، و كذلك ثيابهم و أوانيهم و غيرهما من متعلقاتهم فإنها محكومة بالطهارة ما دام لم يحصل العلم بنجاستها.

(مسألة 87) ما يؤخذ من أيدي المسلمين، أو سوقهم من اللحم و الشحم و الجلد، إذا شكّ في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة

و الحيلة ظاهراً، و إما إذا أخذت المذكورات من أيدي الكافرين فهي محكومة بالطهارة أيضاً إذا احتمل أنها مأخوذة من المذكى، و لكنه لا يجوز أكلها و لا الصلاة فيها بمجرد احتمال تذكيتها، بل لا بد من العلم بأخذها من المذكى.

(مسألة 88) الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تنتقل النجاسة إليه

إلا إذا كان في احدهما رطوبة مسرية، بمعنى تنتقل من أحدهما إلى الآخر بمجرد الملاقاة، و أما مع جفافهما فلا تنتقل النجاسة إلى الملاقي. س: هل تظل النجاسة تنتقل من شيء إلى آخر فيتنجس الشيء بعين النجس، و ينجَّس هذا الشيء بدوره شيئاً ثانياً بالملاقاة و يُنجَّس الشيء الثاني شيئاً ثالثاً كذلك و هكذا ؟ ج‍: ان الشيء الطاهر يتنجس إذا لاقى العين النجسة مع الرطوبة، أو كانت بينه و بين العين النجسة واسطة واحدة فقط، و أما إذا كانت بينه و بينها واسطتان فلا يتنجس، و مثال ذلك:

المسائل المستحدثة 57)


ان تمس بيدك شعر الكلب و هو مبتل ثمّ تضع يدك و هي مرطوبة على ثوبك، فان يدك تتنجس بعين النجس و هو شعر الكلب و يتنجس الثوب ايضاً، لان بينه و بين عين النجس واسطة واحدة و هي اليد، و لكن شيئاً آخر إذا لاقى الثوب برطوبة لا يتنجس به إذ يكون بينه و بين عين النجس واسطتان و هما الثوب و اليد، و هذا معنى ان المتنجس الأول ينجس و ان المتنجس الثاني لا ينجس فاليد بما إنها متنجس أول فهي تنجس ما تلاقيه و الثوب بما انه متنجس ثاني فهو لا ينجس ما يلاقيه، و نريد بالمتنجس الأول: ما كان متنجساً بعين النجس مباشرة، و نريد بالمتنجس الثاني ما كان بينه و بين عين النجس واسطة واحدة، و لكن يجب أن يعلم أن الواسطة إذا كانت من المائعات لم تحسب كواسطة و اعتبر الشيء المتنجس بها كانه تنجس بعين النجس مباشرة، و عليه نحسب دائماً عدد الوسائط التي تفصل بين الشيء و بين عين النجس و نسقط منها كل واسطة مائعة فان بقيت واسطتان أو أكثر لم يتنجس ذلك الشيء ، و ان بقيت واسطة واحدة تنجس. و مثال ذلك: ماء قليل لاقى الميتة ثمّ وقع الماء على الثوب ثمّ لاقى الثوب بعد ذلك الفراش برطوبة، فيكون بين الفراش و بين عين النجس واسطتان و هما الماء القليل و الثوب، و حيث ان الواسطة الأولى و هي الماء القليل من المائعات فهي لا تحسب واسطة، و كأن بين الفراش و عين النجس واسطة واحدة و هي الثوب، فيحكم بانتقال النجاسة من العين النجسة إلى الفراش و لكن على الاحوط وجوباً.

“أحكام تتعلق بالنجاسة”

(مسألة 89) لو كان المصلي جاهلاً بنجاسة ثوبه أو بدنه أو محل سجوده و لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من صلاته

فلا إعادة عليه في الوقت و لا القضاء في خارجه، و كذلك إذا كان معتقداً بالطهارة و بعد الصلاة علم بالنجاسة و انه قد صلى مع النجاسة جزماً، فانه لا يجب عليه الإعادة و لا القضاء.

(مسألة 90) لو علم في اثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة

فان كان الوقت واسعاًَ يكفي لإعادة الصلاة كانت صلاته باطلة و عليه إعادتها من جديد مع الطهارة، و ان كان الوقت ضيقاً حتى عن إدراك ركعة واحدة في داخل الوقت، فان أمكن تطهير الثوب أو استبداله في اثناء الصلاة مع الحفاظ على

المسائل المستحدثة 58)


واجبات الصلاة و عدم الاتيان بالمنافي وجب عليه ذلك و اتمَّ صلاته، و ان لم يمكنه ذلك واصل صلاته في النجس و الاحوط وجوباً القضاء.

(مسألة 91) لو عرضت النجاسة في اثناء الصلاة،

فان امكن التطهير أو التبديل، على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك و واصل صلاته و لا اعادة عليه، و إذا لم يمكن التطهير أو التبديل، فان كان الوقت ضيقاً فمع عدم إمكان النزع لبرد و نحوه و لو لعدم الامن من الناظر المحترم واصل صلاته و لا شيء عليه، و لو أمكنه النزع و لكن لا ساتر له غيره فالاظهر وجوب الاتمام فيه.

(مسألة 92) إذا علم بان على ثوبه أو بدنه نجاسة ثمّ غفل عنها و نسي و صلّى

فصلاته باطلة، و حينئذ فان تذكر في الوقت أعادها فيه و أن تذكر بعد الوقت قضاها.

(مسألة 93) إذا تذكر و هو في الصلاة أن ثوبه هذا الذي يصلي فيه الآن نجس من قبل أن يبدأ بالصلاة

و لكنه قد غفل عن نجاسته و نسيها فصلاته باطلة و عليه أن يقطعها و يصلي من جديد بثوب طاهر.

(مسألة 94) إذا طهر ثوبه النجس و صلى فيه ثمّ تبيّن أن النجاسة باقية فيه،

لم تجب الاعادة و لا القضاء، لانه كان جاهلاً بالنجاسة.

(مسألة 95) يحرم أكل النجس و شربه،

و يجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة.

(مسألة 96) يحرم تنجيس المساجد و سائر آلاتها و كذلك فراشها،

و أما إذا تنجس شيء من ذلك فوجوب التطهير كفائياً مختص بالمسجد و جدرانه و مواد بنائه، و أما الاشياء المنفصلة كالفراش و المنبر و غيرهما فلا يجب تطهيرها و ان كان يحرم تنجيسها.

المسائل المستحدثة 59)


(مسألة 97) إذا دخل المسجد ليصلي فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلى إزالتها

مقدِّماً لها على الصلاة في سعة الوقت لكن لو صلى و ترك الإزالة عصى و صحّت صلاته، و أما في ضيق وقت الصلاة فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدِّماً لها على الإزالة.

(مسألة 98) إذا لم يتمكن المكلف من تطهير المسجد وجب عليه اعلام غيره

إذا احتمل حصول التطهير باعلامه.

(مسألة 99) يلحق بالمساجد المصحف الشريف و المشاهد المشرفة و الضرائح المقدسة و التربة الحسينية

بل تربة الرسول (ص) و سائر الائمة (ع) المأخوذة للتّبرك، فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب اهانتها و هدر كرامتها و تجب إزالة النجاسة عنها حينئذ.

فيما يُعفى في الصلاة من النجاسات

الأول: دم الجروح و القروح

مثل الدمل و الخراج و نحوهما فانه معفو عنه في الصلاة و إن كان نجساً ما دام لم يبرأ الجرح أو القرح، قلّ هذا الدم أو كثر في الثوب أو في البدن، سواء أ كان موضع الجرح في ظاهر البدن أم في باطنه كالبواسير الداخلية إذا ظهر دمها و سرى إلى البدن أو الملابس، و لكن هذا العفو مشروط بصعوبة التطهير أو صعوبة تبديل الثوب و المشقة في ذلك، و يكفي في تحقق الصعوبة و المشقة أن يكون ذلك شاقاً على أكثر المكلفين فيعفى عن ذلك الدم حينئذ و لا يجب على المكلف المصاب بتلك الجروح و القروح ان يحاول منع دمها من التسرب إلى ملابسه و سراية النجاسة إليها ما دامت هذه النجاسة معفواً عنها، و كما يعفى عن دم الجروح و القروح كذلك يعفى عن القيح الخارج من الجرح و القرح و عن الدواء الذي عليه و عن العرق المتصل به.

(مسألة 100) إذا شك المكلف في ان جرحه هل برأ حتى يجب التطهير منه أم لم يبرأ حتى لا يجب التطهير منه،

بنى على أن الجرح باقٍ لم يبرأ و لا يجب عليه تطهير ما رشح منه من دم حتى يحصل اليقين بالبرء.

المسائل المستحدثة 60)


الثاني: الدم الذي لا يبلغ مجموعه عقدة السبابة،

و السبابة: هي الإصبع الواقعة بين الإبهام و الوسطى، و العقدة: هي أحد المواضع الثلاث المقسم إليها الإصبع طبيعياً، فالدم الذي تقل المساحة التي يشغلها من البدن أو الثوب عن مساحة عقدة السبابة يعفى عنه في الصلاة و ان كان نجساً، و لكن هذا العفو مشروط بما يلي: 1 – أن لا يكون دماً من نجس العين كالكلب و الخنزير. 2 – ان لا يكون دماً من حيوان محرم الأكل كالأرنب و الثعلب و نحوهما. 3 – ان لا يكون من دم الميتة، و الاحوط استحباباً ان لا يكون من دماء الحيض أو الاستحاضة أو النفاس.

(مسألة 101) إذا اختلط الدم بغيره من قيح أو ماء أو غيرهما لم يعف عنه

حتى لو كان اصغر من عقدة السبابة، لان العفو يختص بالدم.

الثالث: الملبوس الذي لا تتم به الصلاة وحده

بمعنى إنه لا يستر العورتين: القبل و الدبر، كالجورب و التكة و الخاتم و السوار و ما يصنع لرءوس الرجال كالقلنسوة و نحوها، فتجوز الصلاة فيه و ان كان متنجساً، بشرط أن لا يكون فيه شيء من أجزاء الحيوان الذي لا يؤكل لحمه فانه غير معفو عنه و لا يشمل هذا العفو اللباس المتخذ من الميتة كجلدها مثلاً، و اللباس المتخذ من نجس العين كشعر الكلب و الخنزير، و اللباس المتنجس بفضلة حيوان لا يؤكل لحمه و كان شيء من تلك الفضلات لا يزال موجوداً على اللباس.

(مسألة 102) المحمول المتخذ من أجزاء الحيوان الذي لا يؤكل لحمه غير معفو عنه

و لا يجوز للمصلي أن يحمله معه و هو في أثناء الصلاة، و أما المحمول المتنجس فهو معفو عنه حتى إذا كان ساتراً للعورتين كالمنديل الكبير المتنجس يطوى و يوضع في الجيب.

المسائل المستحدثة 61)


المطهرات

و هي أمور:

الأول: الماء،

و هو مطهر لكل شيء متنجس، يغسل به على نحو يستولي على المحل النجس، من غير فرق بين الماء الكثير و الماء القليل، نعم يختلف التطهير بالماء القليل عن التطهير بالماء الكثير في موارد: 1 – الثوب المتنجس بالبول إذا غسل بالماء القليل أعتبر مرّتين، و إذا غسل بالماء الكثير كفى مرة واحدة. 2 – الإناء الذي يستعمل في الطعام و الشراب، إذا شرب الكلب منه، أو ولغ فيه، يغسل بالتراب الطاهر الممزوج بشيء من الماء أولاً، ثمّ يغسل بالماء ثانياً، فان كان بالماء القليل فمرتين، و الأحوط ضم المرة الثالثة إليهما أيضاً، و إن كان الغسل بالماء الكثير فمرَّة واحدة. 3 – الأشياء التي تنفذ فيها النجاسة كالملابس، و الفراش، و غيرهما، إذا تنجست و نفذت النجاسة في أعماقها، فإن غسلت بالماء القليل وجب فركها و دلكها، و إن غسلت بالماء الكثير كفى نفوذ الماء فيها، من غير حاجة إلى الفرك و الدلك. 4 – أواني الطعام و الشراب إذا تنجست بصورة عامة، فان غسلت بالماء القليل فثلاث مرات، و إن غسلت بالماء الكثير كفى مرّة واحدة.

(مسألة 103) إذا تنجس الإناء بسبب شرب الخنزير منه،

أو بسبب موت الجرذ فيه، غسل سبع مرات، من دون فرق في ذلك بين الغسل بالماء القليل أو الكثير. و أما الآنية التي تنجست بالخمر، فيجب غسلها ثلاث مرات، حتى إذا غسلت بالماء الكثير، و الأولى أن تغسل سبعاً. س: إذا بال الطفل على أرض الغرفة مثلاً، فكيف يمكن تطهيرها ؟ ج‍: يمسح البول من الموضع المتنجس بواسطة خرقة أولاً: ثمّ يفتح على المكان المتنجس ماء الإسالة و بمجرد أن يستولي الماء على الموضع المتنجس يطهر، و لا يكفي في التطهير صب الماء القليل على الموضع المتنجس أو مسحه بخرقة.

المسائل المستحدثة 62)


الثاني من المطهرات: الأرض،

فإنها تطهِّر المتنجس إذا توفرت الشروط التالية: 1 – أن يكون الشيء المتنجس الذي يراد تطهيره هو باطن القدم، أو ما يلبسه الإنسان في قدمه من حذاء أو نعل. 2 – أن تكون هذه الأشياء قد تنجست بالمشي على الأرض، أو بالوقوف عليها، فإذا كانت قد تنجست بطريقة أخرى، فلا تطهر بالأرض. 3 – أن تكون الأرض طاهرة و جافة. فإذا توفرت هذه الشروط طهر الشيء المتنجس إذا مسح بالأرض، أو مشى عليها إلى أن تزول النجاسة عنه.

الثالث من المطهرات: الاستحالة،

و المراد بالاستحالة تحوّل الشيء النجس عن طبيعته الأصلية إلى طبيعة ثانية تختلف عنها تماما ، كتحوّل البول إلى بخار، و الخشب إلى رماد، و الكلب الميت إلى تراب، أو ملح. و أما إذا تغير الشكل و الصورة فقط دون الطبيعة، كجعل لحم الميتة مرقاً، أو جعل جلد الميتة حقيبة، فالنجاسة باقية.

الرابع من المطهرات: الانقلاب،

و هو تحول الخمر إلى خل، أو إلى أي صورة أخرى على نحو لا يسمى خمراً.

الخامس من المطهرات: الانتقال،

فإذا امتص البرغوث، و البق، و نحوهما دما من الإنسان، فهذا الدم يطهر بالامتصاص، و يصبح جزءاً من البق أو البرغوث.

السادس من المطهرات: الإسلام،

فإذا أسلم الكافر النجس كان هذا الإسلام مطهراً له من النجاسة التي سبّبها له كفره، و لا حاجة إلى غسل و تطهير.

السابع من المطهرات: زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان،

و عن جسد الحيوان، فزوال الدم – مثلاً – عن باطن الفم، و الأنف، و الأذن يوجب طهارتها، من دون حاجة إلى تطهيرها بالماء، و هكذا يطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها، و يطهر ولد الحيوان الملوَّث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة، و هكذا.

الثامن من المطهرات: الغيبة

(بفتح الغين)، فإنها مطهرة للمسلم، و ثيابه، و فراشه، و أوانيه، فإذا كنت تعلم بنجاسة ثوب صاحبك، ثمّ غاب عنك فترة من الزمن، و بعدها رأيته يصلي فيه، فلك

المسائل المستحدثة 63)


ان تحكم بطهارة ذلك الثوب، و تصلي فيه، إذا توفرت الشروط التالية: 1 – أن يكون المسلم الغائب عالماً بالنجاسة، و ملتفتاً إليها. 2 – أن يكون عالماً بأن الصلاة مشروطة بطهارة الثوب. 3 – أن يكون من المتطهرين، لا من الذين لا يبالون بالنجاسة. فإذا توفرت هذه الشروط حُكم بطهارة الثوب و غيره.

التاسع من المطهرات: استبراء الحيوان الجلاّل،

فإنه مطهِّر له من نجاسة الجلل، و المراد من الجلاّل هو الحيوان الذي تغذّى على عذرة الإنسان، فإذا منع هذا الحيوان من أكل العذرة مدة معيّنة، يخرج بمضي هذه المدة عن كونه حيواناً جلالاً، و يحكم بطهارته، و هذه المدة في الإبل أربعون يوماً، و في البقر عشرون، و في الغنم عشرة، و في البط خمسة، و في الدجاج ثلاثة.

(مسألة 104) يحرم استعمال أواني الذهب، و الفضة في الأكل و الشرب.

المسائل المستحدثة 64)


“كتاب الصلاة”

أهم الصلوات الواجبة هي الصلوات اليومية،و هي خمس:

1 – صلاة الصبح ركعتان. 2 – صلاة الظهر أربع ركعات. 3 – صلاة العصر أربع ركعات. 4 – صلاة المغرب ثلاث ركعات. 5 – صلاة العشاء أربع ركعات.

(مسألة 105) وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس،

و يبلغ هذا الوقت ساعة و نصف تقريباً. و وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى غروبها، و وقت صلاة العشاءين من المغرب إلى نصف الليل، و المقصود بنصف الليل، هو منتصف الفترة الزمنية الواقعة بين غروب الشمس و طلوع الفجر. و يجب تقديم الظهر على العصر، و المغرب على العشاء.

(مسألة 106) يجب استقبال القبلة،

أي المكان الذي تقع فيه الكعبة الشريفة، في جميع الصلوات الواجبة، و توابعها من الأجزاء المنسيّة، و أما النوافل إذا صليت على الأرض في حال الاستقرار فالأحوط لزوماً أن يصلّيها مستقبل القبلة، و أما إذا صليت حال المشي أو الركوب فلا يجب فيها الاستقبال.

(مسألة 107) من صلى إلى غير القبلة عامداً، أو جاهلاً بالحكم، أو ناسياً له، بطلت صلاته،

و تجب عليه الإعادة في الوقت، و القضاء في خارجه، و من صلى إلى جهةٍ معتقداً أنها القبلة، ثمّ تبيَّن الخطأ، فان كان منحرفاً إلى ما بين اليمين و الشمال صحَّت صلاته، و أما إذا تجاوز انحرافه عمَّا بين اليمين و الشمال، أعاد في الوقت إذا انتبه أثناء الصلاة أو بعدها، و لا يجب القضاء إذا انتبه خارج الوقت بأنّ صلاته ليست إلى القبلة.

المسائل المستحدثة 65)


(مسألة 108) يجب على المصلي إذا كان رجلاً أن يرتدي من الملابس حال الصلاة ما يستر به عورته،

سواء صلّى في مكان مكشوف، أو مكان منفرد ليس معه أحد، و يجب على المرأة إذا صلَّت أن تستر جسمها بالكامل، عدا الوجه، و الكفين، و القدمين. و يشترط في لباس المصلي أمور: 1 – أن يكون طاهرا . 2 – أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة، كجلد الحيوان المذبوح بطريقة غير شرعية. 3 – أن لا يكون مأخوذاً من حيوان لا يجوز أكل لحمه، كوبر السباع، و جلودها. 4 – أن لا يكون من الذهب إذا كان المصلي رجلاً، حتى و لو كان خاتماً من ذهب. 5 – أن لا يكون من الحرير الطبيعي الخالص إذا كان المصلي رجلاً على الأحوط وجوباً. 6 – أن يكون مباحاً على الأحوط الأولى.

(مسألة 109) يجوز للنساء لبس الذهب و الحرير في الصلاة.

(مسألة 110) لا يجوز للرجل لبس الذهب و الحرير في غير حال الصلاة أيضاً.

(مسألة 111) لا تجوز الصلاة في مكان يكون أحد المساجد السبعة فيه مغصوبا.

(مسألة 112) إذا اعتقد المصلي غصب المكان،فصلى فيه بطلت صلاته،

حتى لو تبين بعد ذلك ان المكان لم يكن مغصوبا ، و اذا اعتقد المصلي أن المالك أجاز له التصرف في ملكه و صلى فيه، ثمّ تبين له ان المالك لا يرضى بذلك فصلاته باطلة.

المسائل المستحدثة 66)


(مسألة 113) لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الأرض أو الدار المشتركة إلاّ بأذن بقية الشركاء،

كما لا تجوز الصلاة في الأرض المجهول مالكها، إلاّ بأذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 114) تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن،

مع عدم العلم بالكراهة، كالأب، و الأم، و الأخ، و العم، و الخال، و العمة، و الخالة، و من ملك الشخص مفتاح بيته، و الصديق، و أما مع العلم بالكراهة و عدم الرضا فلا يجوز.

(مسألة 115) تصح صلاة كلٍّ من الرجل و المرأة إذا كانا متساويين في موقفهما حال الصلاة،

أو كانت المرأة متقدمة في موقفها على الرجل، بشرط أن يكون الفصل بينهما بقدر شبر إنسان اعتيادي. و لا فرق في ذلك بين المحارم و غيرهم، و الزوج و الزوجة، و غيرهما.

(مسألة 116) لا يجوز التقدم في الصلاة على قبر المعصوم

إذا كان مستلزماً للهتك، و إساءة الأدب.

(مسألة 117) يشترط في مسجد الجبهة أن يكون طاهراً،

و أن يكون من الأرض، أو نباتها، أو القرطاس (الورق)، و الأفضل أن يكون من التربة الحسينية الشريفة، على مشرفها أفضل الصلاة و التحية، فقد ورد فيها فضل عظيم.

(مسألة 118) يشترط في جواز السجود على النبات أن لا يكون مأكولاً

كالحنطة و الشعير، و نحوهما من المأكولات، و يشترط أيضاً أن لا يكون ملبوساً، كالقطن، و الكتان و نحوهما.

(مسألة 119) يجب على المصلي أن يختار مكاناً للصلاة مستقراً فيه،

فلا تجوز الصلاة على الدابة السائرة، و الأرجوحة، و السيارة، و الطائرة، و السفينة، و القطار فإذا تمكن المكلف من الصلاة في المذكورات مستقراً، و من دون اضطراب صلّى فيها، و إن لم

المسائل المستحدثة 67)


يتمكن من الصلاة فيها مستقراً، فعليه تأجيل الصلاة إلى حين وقوفها إذا كان وقت الصلاة متسعا ، و أما إذا علم بعدم وقوفها إلى حين انتهاء وقت الصلاة، فيجب عليه أن يصلي حال الركوب مع مراعاة الاستقبال إن أمكن، و إن لم يتمكن من استقبال القبلة إلاّ في تكبيرة الإحرام أقتصر عليه، و إن لم يتمكن من الاستقبال أصلاً سقط.

الأذان و الإقامة

يستحب الأذان قبل الإتيان بالصلوات اليومية، و كيفيته: الله أكبر أشهد أنْ لا إله إلاّ الله أشهد أنَّ محمّداً رسولُ الله حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح حيَّ على خير العمل الله أكبر لا إله إلاّ الله أربع مرات مرتين مرتين مرتين مرتين مرتين مرتين مرتين و تستحب الإقامة بعد الأذان، و قبل البدء بالصلاة، و كيفيتها: الله أكبر أشهد أنْ لا إله إلاّ الله أشهد أنَّ محمّداً رسولُ الله حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح حيَّ على خير العمل قد قامت الصلاة الله أكبر لا إله إلاّ الله مرتين مرتين مرتين مرتين مرتين مرتين مرتين مرتين مرة واحدة و تستحب الصلاة على محمد و آل محمد عند ذكر اسمه الشريف، و إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية و إمرة المؤمنين في الأذان و الإقامة و غيرهما.

المسائل المستحدثة 68)


أجزاء الصلاة و واجباتها

1 – النية:

و معناها الإتيان بالصلاة من أجل الله تعالى، كأن يقول مثلاً: أصلّى فرض الصبح ركعتين قربة إلى الله تعالى.

2 – تكبيرة الإحرام:

و هي قول (الله أكبر)، و يجب أن تكون في حال القيام التام مع الاستقرار.

3 – القراءة:

يجب في الركعة الأولى و الثانية من الصلوات اليومية قراءة فاتحة الكتاب، و سورةٍ بعدها على الأحوط وجوباً.

(مسألة 120) تسقط السورة في الفريضة عن المريض

الذي يجد مشقة في قراءة الفاتحة و السورة معاً، فإنه يجوز له الاقتصار على قراءة سورة الفاتحة و ترك السورة، و كذلك المستعجل في شأن من شئونه التي تهمُّه، و الخائف من شيءٍ إن قرأها، و من ضاق وقته.

(مسألة 121) يجب أن تكون القراءة صحيحة،

بمعنى أن تكون موافقة لما هو مكتوب في القرآن الكريم، فمن لا يحسن القراءة الصحيحة يجب عليه أن يتعلمها إن أمكنه التعلّم.

(مسألة 122) يجب على الرجال الجهر بقراءة الفاتحة و السورة في صلاة الصبح، و الركعة الأولى و الثانية من صلاتي المغرب و العشاء

على الأحوط وجوباً، و يجب عليهم الإخفات في الركعة الأولى و الثانية من صلاتي الظهر و العصر.

(مسألة 123) لا جهر على النساء،

بل يتخيَّرن بينه و بين الإخفات في الصلوات الجهرية، و يجب عليهنَّ الإخفات في الصلوات الإخفاتية.

المسائل المستحدثة 69)


(مسألة 124) يستثنى من وجوب الإخفات في الصلوات الإخفاتية، البسملة،

فإنه يستحب الجهر بها في كل صلاة.

(مسألة 125) إذا جهر المصلي في موضع الإخفات، أو أخفت في موضع الجهر عمداً بطلت صلاتهُ،

و إذا كان ناسيا ، أو جاهلاً بالحكم صحَّت صلاته، و إذا تذكّرَ الناسي، أو علم الجاهل في أثناء القراءة صحَّ ما مضى من قراءته، و يقرأ على الوجه المطلوب في الباقي.

(مسألة 126) يتخير المصلي في الركعة الثالثة من صلاة المغرب، و الركعتين الأخيرتين من صلاة الظهر و العصر و العشاء بين قراءة الفاتحة، و بين التسبيح،

و صورة التسبيح أن يقول: ((سُبحانَ اللهِ و الحمدُ للهِ و لا إلهَ إلاَّ اللهُ و اللهُ أكبر)) مرة واحدة، و الأحوط استحبابا ثلاث مرات، و الأفضل إضافة الاستغفار إليه و هو قول:((أستغفرُ الله ربي و أتوبُ إليه)). و يجب الإخفات في الحمد أو التسبيح في هاتين الركعتين، حتى البسملة على الأحوط وجوباً.

4 – الركوع:

و هو واجب في كل ركعة مرة واحدة بعد الفراغ من القراءة، و يشترط فيه أمور: أ – الانحناء بقصد الخضوع لله تعالى قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين. ب – أن يكون ركوعه في حالة القيام، بمعنى أن يكون صدور الركوع منه و هو قائم على قدميه لا جالس، و من كان عاجزاً عن القيام يجزئه الركوع جالساً. ج‍ – الذكر: و هو أن يقول في ركوعه: ))سُبحانَ ربّي العظيمِ و بحمدِه(( مرة واحدة، أو يقول: ))سُبحان الله(( ثلاثاً، و يشترط فيه الاستقرار و الاطمئنان. د – القيام بعد الركوع، و يشترط فيه الانتصاب و الاطمئنان.

المسائل المستحدثة 70)


5 – السجود:

يجب على المصلي بعد رفع الرأس من الركوع و الوقوف قائماً أن يسجد سجدتين في كل ركعة، و نعني بالسجود وضع الجبهة على الأرض خضوعاً لله تعالى.

و يشترط فيه أمور:
أ – السجود على ستة أعضاء:

الكفين، و الركبتين، و إبهامي الرجلين، و يجب في الكفين بسط باطنهما على الأرض. و يكفي في الجبهة وضع المسمى، كمقدار عقد أحد أصابعه مثلاً .

ب – الذكر:

و هو أن يقول في سجوده: ((سُبحان ربي الأعلى و بحمدِه)) مرة واحدة، أو يقول: ((سُبحانَ الله)) ثلاثاً، و يشترط فيه الاستقرار و الاطمئنان، كما تقدم في الركوع.

ج‍ – كون المساجد في محالها حال الذكر و مستقرة،

فإذا أراد رفع شيء منها سكت إلى أن يضعه، ثمّ يرجع إلى الذكر.

د – رفع الرأس من السجدة الأولى إلى أن ينتصب جالساً مطمئناً،

ثمّ يهوي إلى السجدة الثانية.

ه‍ – أن لا يكون موضع الجبهة أعلى من موضع القدمين أو أخفض،

إلاّ أن يكون الاختلاف بمقدار أربعة أصابع مضمومة. و – أن يكون موضع الجبهة طاهراً.

ز – أن يكون الموضع الذي يسجد عليه المصلي بدرجة من الصلابة تتيح له أن يمكِّن جبهته منه عند السجود عليه،

لا مثل الطين الذي لا يتاح فيه ذلك.

ح – أن لا تكون مواضع السجود مغصوبة.
ط – أن يكون السجود على الأرض و نباته ، مما لا يؤكل و لا يلبس.

6 – التشهّد:

إذا فرغ المصلي من السجدة الثانية في الركعة الثانية، وجب عليه أن يجلس و يتشهد، و كيفيته: ((أشهدُ أنْ لا إله إلاّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، و أشهدُ أنَّ مُحمّداً عبدُهُ و رسولهُ، اللهم صل على مُحمّدٍ و آلٍ مُحمّد)).

المسائل المستحدثة 71)


7 – التسليم:

و هو آخر واجبات الصلاة، و موضعه بعد التشهد من الركعة الأخيرة في كل صلاة، و به يخرج المصلي عن الصلاة، و للتسليم صيغتان، الأولى: ((السلامُ علينا و على عبادِ اللهِ الصّالحين)). و الثانية: ((السلامُ عليكم و رحمةُ الله و بركاتُه))، و الواجب من الصيغتين هي الأولى دون الثانية، و على هذا فالمصلي يخرج عن الصلاة بالصيغة الأولى، و إن كان الأحوط استحبابا ضم الثانية إليها أيضاً، و أما قول: ((السلام عليكَ أيّها النبيّ و رحمةُ الله و بركاته)) فهو مستحب.

8 – القنوت:

و هو مستحب في جميع الصلوات اليومية مرة واحدة، و موقعه قبل الركوع من الركعة الثانية، و لا يشترط فيه ذكر خاص، بل يكفي فيه كل دعاء.

9 – الترتيب:

يجب أن تؤدى الأجزاء السابقة بترتيبها الشرعي على نحو ما عرفت، بأن ينوي المصلي، ثمّ يكبرّ، ثمّ يقرأ، ثمّ يركع، إلى آخر أجزاء الصلاة، فلا يجوز تقديم المؤخر، أو تأخير المقدم.

10 – الموالاة:

بمعنى أن أجزاء الصلاة يجب أن تؤدى بصورة متتابعة، الواحد تلو الآخر بدون مهلة، و لا يجوز أن تؤدى بصورة متقطعة، أي يتخلل بين جزء و جزء فواصل زمنية لا تكون معها الصلاة عملاً واحداً في نظر العرف.

مبطلات الصلاة

1 – الحدث الصادر من المصلي أثناء الصلاة مبطل لها،

سواء أ كان من الأحداث الصغيرة أم كان من الأحداث الكبيرة.

2 – الالتفات بكل البدن عن القبلة،

فإن كان ذلك متعمداً بطلت الصلاة، و إن لم يكن متعمداً في ذلك بل كان ناسياً أو غافلاً، فحينئذٍ إن تذكر في الوقت أعاد الصلاة، و إن لم يتذكر إلا بعد خروج وقت الصلاة فلا قضاء عليه، هذا الحكم إذا كان الالتفات بالبدن على نحو صارت القبلة إلى يمينه أو يساره، أو خلفه. و يلحق بالالتفات بالبدن الالتفات بالوجه خاصة، مع بقاء البدن على استقباله.

المسائل المستحدثة 72)


و أما إذا كان الالتفات ما بين اليمين و اليسار، أي لم يبلغ نقطتي اليمين و اليسار، بل كان بينهما، لم تجب عليه الإعادة في الوقت، و لا القضاء في خارجه.

3 – إذا صدرت من المصلي أفعال و تصرفات لا يبقى معها للصلاة اسم و لا صورة،

فإن ذلك يبطل الصلاة، سواء أصدر منه ذلك عن عمد و اختيار، أم عن سهو أم عن اضطرار. و من أمثلة ذلك الرقص، و التصفيق، و ممارسة الخياطة، و ممارسة الطبيب لفحص المريض، و نحو ذلك. و لا تضر الحركة الخفيفة أثناء الصلاة، كالإشارة باليد إلى شيء ، و حمل الطفل، و إرضاعه بالنسبة للمرأة و نحو ذلك.

4 – التكلم عمداً،

فكل من تكلم في صلاته و هو ملتفت إلى أنه في الصلاة بطلت صلاته، و نعني بالتكلم النطق و لو بحرف واحد. و لا تبطل الصلاة بالتنحنح، و النفخ، و الأنين، و نحوها، لأن ذلك لا يعتبر تكلماً. و يستثنى من بطلان الصلاة بسبب التكلم بعض الموارد، و هي: أ – إذا كان التكلم مناجاة، أو ذكر الله سبحانه. ب – إذا كان المصلي يقرأ القرآن في كلامه، فإن الصلاة لا تبطل بقراءة القرآن. ج‍ – إذا سلَّم على المصلي أحد، فإنه يجب على المصلي أن يرد السلام، و يجب أن يكون ردّ السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم، فلو قال المسلِّم (سلام عليكم) يجب أن يكون جواب المصلي (سلام عليكم). و إذا لم يردّ المصلي السلام، و مضى في صلاته صحت صلاته، و كان آثماً بسبب عدم رد التحية.

(مسألة 127) يكره السلام على المصلي.

5 – القهقهة:

و هي شدة الضحك، و تبطل الصلاة بذلك سواء أ كان المصلي مختاراً أم مضطراً، و لا تبطل الصلاة بالتبسم، و بالقهقهة سهواً.

المسائل المستحدثة 73)


(مسألة 128) لو امتلأ جوفه ضحكاً، و احمرَّ وجهه،

و لكن سيطر المصلي على نفسه، و حبس صوته، و لم يظهره، لم تبطل صلاته، و الأحوط استحبابا الإتمام و الإعادة.

6 – البكاء

فإنه يبطل الصلاة إذا توفرت فيه الأمور التالية: أ – أن يكون مشتملاً على صوت، فلا تبطل الصلاة إذا دمعت عينا المصلي بدون صوت. ب – أن يكون الدافع إلى البكاء دافعاً شخصياً، كالبكاء على قريب له، أو لأمر من أمور الدنيا، و أما إذا كان الدافع دينياً فلا تبطل به الصلاة، كالبكاء خوفاً من الله تعالى، أو شوقاً إلى رضوانه، و نحو ذلك. ج‍ – أن يبكي المصلي و هو ملتفت إلى أنه يصلي، فإذا بكى ساهياً و غافلاً عن الصلاة صحت صلاته.

7 – الأكل و الشرب

و إن كانا قليلين، و لا بأس بابتلاع السكّر المذاب في الفم، و بقايا الطعام.

8 – التكفير،

و هو وضع أحد اليدين على الأخرى، كما يتعارف عند غيرنا، فإنه مبطل للصلاة إذا قصد المصلي أنه من الصلاة.

9 – تعمّد قول ((آمين)) بعد تمام الفاتحة،

فإنه مبطل إذا قصد المصلي أنه جزء من الصلاة.

الشك في الصلاة

(مسألة 129) من شك و لم يدر أنه صلى أم لا، فإنه كان وقت الصلاة ما زال باقياً فعليه أن يصلي،

و ان كان الشك بعد خروج الوقت يمضي و لا شيء عليه.

(مسألة 130) إذا شك المصلي في جزء، أو شرط للصلاة،

فإن كان الشك بعد الفراغ من الصلاة يمضي، و لا شيء عليه، و إن كان الشك في أثنائها فاللازم هو التدارك و الاعتناء بالشك.

المسائل المستحدثة 74)


(مسألة 131) إذا شك في جزء من أجزاء الصلاة بعد أن تجاوز مكانه المقرر له،

و دخل في الجزء الواجب الذي يليه، فلا يعتني بشكه، فإذا شك في تكبيرة الإحرام و هو يقرأ الفاتحة يمضي، و لا يعتني بشكه، و إذا شك في القراءة و هو في القنوت يعتني بشكه، و يرجع إلى القراءة، و يأتي بها، لأن القنوت الذي دخل فيه ليس جزءاً واجباً، و إذا شك في القراءة و هو راكع يمضي و لا شيء عليه، و هكذا.

(مسألة 132) من شك في صحة جزء بعد الإتيان به، بنى على صحته،

و ان لم يدخل في الجزء الذي يليه، فمن كبر للإحرام، ثمّ شك في أن التكبير هل كان بصورة صحيحة أم لا ؟ بنى على صحته، و إن لم يكن قد دخل في القراءة، و هكذا بقية الأجزاء.

(مسألة 133) كثير الشك لا يعتني بشكه،

و نقصد بكثير الشك من كان يشك في كل ثلاث صلوات متواليات مرة واحدة أو أكثر. فإذا شك هذا الإنسان في أنه هل أتى بهذا الجزء أم لا ؟ مضى و لم يعتن بشكه، و يبني على أنه قد أتى به، و هكذا لو شك في عدد الركعات. فإذا شك في أنه هل أتى بالركعة الرابعة – مثلاً – أم لا ؟ بنى على الإتيان بها، و لا يجب عليه الإتيان بصلاة الاحتياط بعد ذلك. أما إذا كان البناء على الإتيان بالأكثر مفسداً للصلاة، فيبني على عدمه، كما لو شك بين الأربع و الخمس، أو شك في أنه أتى بركوع أو ركوعين – مثلاً -، فإنّ البناء على الإتيان بالأكثر في المثالين مفسد للصلاة، فيبني على عدم الإتيان، و يمضي في صلاته، و لا شيء عليه.

(مسألة 134) لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه.

(مسألة 135) يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء على الأقل،

و البناء على الأكثر، إلا إذا كان البناء على الأكثر مفسداً، فيبني على الأقل حينئذٍ.

المسائل المستحدثة 75)


(مسألة 136) الشك في عدد الركعات إذا وقع بعد الفراغ من الصلاة لا أثر له،

و لا يعتنى به، و أما إذا كان في أثناء الصلاة فهو على أقسام: الأول: أن يرفع المصلي رأسه من السجدة الثانية، أو يكمل الذكر فيها، ثمّ يشك في أن هذه الركعة التي فرغ منها الآن: هل هي الركعة الثانية أو الثالثة ؟ ففي هذه الحالة يبني على أنها ثالثة، و يأتي بالرابعة، و يتشهد و يسلّم، و قبل أن يفعل أي مبطل و مناف للصلاة، مثل التكلم و الالتفات، يقوم ناوياً أن يصلي صلاة الاحتياط قربة إلى الله تعالى، فيكبر تكبيرة الإحرام، و يصلي ركعة واحدة من قيام. الثاني: أن يشك هل صلى ثلاث ركعات أو أربع ؟ سواء أوقع الشك حال القيام، أم الركوع، أم السجود، أم بعد رفع الرأس من السجود، ففي هذه الحالة يبني على الأربع، ثمّ يتشهد، و يسلّم، ثمّ يحتاط بركعتين من جلوس. الثالث: أن يشك بين الركعتين و الأربع، بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع، و يتم الصلاة، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام. الرابع: أن يشك بين الركعتين و الثلاث و الأربع، بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع، و يتم الصلاة، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام أولاً، ثمّ بركعتين من جلوس ثانياً. الخامس: أن يشك بين الأربع و الخمس بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع، و يتم الصلاة، و يسجد سجدتي السهو. السادس: أن يشك بين الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم قيامه و يجلس، و يتم الصلاة، ثمّ يحتاط بركعتين من جلوس. السابع: أن يشك بين الثلاث و الخمس في حال القيام، فإنه يهدم قيامهُ و يجلس، و يتم الصلاة، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام. الثامن: أن يشك بين الثلاث و الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم قيامه، و يجلس، و يتم الصلاة، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام أولاً، ثمّ بركعتين من جلوس. التاسع: أن يشك بين الخمس و الست و هو قائم، فانه يهدم قيامه، و يجلس، و يتم الصلاة ثمّ يسجد سجدتي السهو، و الأحوط وجوباً في الأقسام الأربعة الأخيرة أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضاً.

المسائل المستحدثة 76)


(مسألة 137) إذا حصل للشاك ترجيح معين لأحد الاحتمالات،

و هو ما يسمى بالظن، فيعتمد على ظنه. مثاله: إذا غلب على ظن المصلي، و ترجّح في نظره أن هذه الركعة التي هو فيها الآن هي الثالثة، أو الرابعة، أو الثانية، فإنه يعمل بظنه، و لا شيء عليه، لأن الظن بالركعات كاليقين بها.

(مسألة 138) الظن بالأفعال حكمه حكم الشك،

فإذا ظنّ بفعل الجزء في محله لزمه الإتيان به، فاذا ظن انه قرأ الفاتحة أو السورة مثلا و هو في حال القيام وجب عليه ان يأتي بهما و هكذا في بقية الأفعال.

(مسألة 139) الشك الذي تبطل معه الصلاة هو غير ما تقدم من أقسام الشك في عدد الركعات،

فكل شك في عدد الركعات غير ما تقدم يبطل الصلاة، و من ذلك أن يجهل المصلي كم صلى، و من ذلك أيضاً أن يشك في عدد ركعات صلاة الصبح، أو صلاة المغرب، أو الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، أو العصر، أو العشاء، فإن الشك في تلك الموارد مبطل للصلاة.

(مسألة 140) يؤتى بصلاة الاحتياط بعد الصلاة،

و قبل الإتيان بشيء من منافياتها، فإذا تخلّل المنافي بينها و بين الصلاة بطلت الصلاة.

(مسألة 141) كيفية صلاة الاحتياط

أن ينوي بلا تلفظ ((أصلي صلاة الاحتياط قربة إلى الله تعالى))ثمّ يكبرّ تكبيرة الإحرام، ثمّ يقرأ سورة الفاتحة إخفاتاً، ثمّ يركع، و يسجد، و يتشهد، و يسلّم.

(مسألة 142) إذا نسي السجدة الواحدة، و لم يتذكر إلاّ بعد الدخول في الركوع،

وجب قضاؤها بعد الصلاة، و كذا يقضي التشهد لو نسيه و لم يتذكره إلاّ بعد الركوع، و لا يقضي غير السجدة و التشهد من الأجزاء.

(مسألة 143) من شك أنه سجد سجدة واحدة أو سجدتين،

بنى على الواحدة، و لزمه الإتيان بالثانية.

المسائل المستحدثة 77)


(مسألة 144) يجب سجود السهو في موارد،

و هي:

الأول: أن يتكلم المصلي ساهياً. الثاني: إذا شك بين الأربع و الخمس. الثالث: إذا نسي التشهد، فإنه يقضيه، و يسجد بعد القضاء سجدتي السهو. الرابع: للقيام في موضع الجلوس، كما إذا غفل المصلي عن جلوس واجب، و تفطن بعد الصلاة أنه لم يجلس جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى، أو الركعة الثالثة من الصلاة الرباعية. الخامس: للجلوس في موضع القيام، كما إذا غفل عن قيام واجب، و تفطّن بعد الصلاة أنه هوى من الركوع إلى السجود رأساً، من دون أن يقوم منتصباً بعد الركوع. السادس: للسلام في غير محله على الأحوط وجوباً، كما لو أتى بالتسليم بعد التشهد الأول في الصلاة الرباعية، أو الثلاثية. السابع: لنسيان السجدة الواحدة على الأحوط وجوباً، بل لكل زيادة و نقيصة.

(مسألة 145) كيفية سجود السهو:أن ينوي سجود السهو متقرباً، ثمّ يسجد،

و يقول في سجوده: ((بسم اللهِ و بالله السَّلامُ عليك أيّها النبّي و رحمةُ الله و بركاته)) ثمّ يرفع رأسه، و يجلس، ثمّ يسجد ثانياً، و يقول مثل ما قاله في المرة الأولى، ثمّ يرفع رأسه، و يجلس، و يتشهد، و يسلم.

صلاة الجماعة

تستحب الجماعة استحباباً مؤكداً في جميع الفرائض اليومية، و لا سيما في الصبح، و العشاءين و لها ثواب عظيم، و قد ورد في الحث عليها، و الذمّ على تركها، أخبار كثيرة، و مضامين عالية، لم يرد مثلها في أكثر المستحبات، بل أنها من أهم شعائر الإسلام.

[مسائل]

(مسألة 146) كيفية صلاة الجماعة عبارة عن اقتداء شخص بآخر،

بأن ينوي المأموم حين يكبرّ تكبيرة الإحرام أنه يصلي مقتدياً بهذا الإمام، أو مؤتماً به.

المسائل المستحدثة 78)


(مسألة 147) يجوز اقتداء من يصلي إحدى الصلوات اليومية بمن يصلي الأخرى، فيقتدي من يصلي صلاة الصبح بمن يصلي صلاة الظهر، و بالعكس،

و من يصلي المغرب بمن يصلي العشاء، و كذا العكس، و من يصلي الظهر بمن يصلي العصر، و بالعكس، و من يصلي الحاضرة بمن يصلي الفائتة، و بالعكس، فلا يمنع من الاقتداء إختلاف تلك الصلوات في الكم، و الكيف، و الأداء، و القضاء.

(مسألة 148) يجوز للمأموم أن يقتدي بالإمام في حال كون الإمام يكبر تكبيرةَ الإحرام،

أو في حال القراءة، أو بعدَ القراءة و قبل الهوي إلى الركوع، أو في حال الركوع قبل أن يرفع رأسه، فما لم يرفع الإمام رأسه من الركوع يجوز الاقتداء به في الركعة الأولى، و تفوت الفرصة برفع رأسه من الركوع، فلا يجوز الاقتداء و الدخول في صلاة الجماعة عند رفع الإمام رأسه من الركوع، أو هويه إلى السجود، فمن أدركه وقتئذٍ فعليه أن ينتظر إلى أن يقوم الإمام لركعة جديدة.

(مسألة 149) إذا ركع المأموم معتقداً أنه يدرك الإمام راكعاً، فتبيَّن عدم إدراكه،

صحت صلاته منفرداً، لا جماعة.

(مسألة 150) إذا كان الإمام في الركعة الأخيرة قد جلس يتشهد،

فبإمكان الإنسان حينئذٍ إذا أراد أن يدرك فضل الجماعة و ثوابها أن يكبّر تكبيرة الإحرام ناوياً الائتمام، و هو قائم، ثمّ يجلس مع الإمام، و يتشهد بنية التقرب لله تعالى، باعتبار أن التشهد كلام ديني محبوب لله تعالى، فإذا سلّم الإمام قام المأموم لصلاته من غير حاجة إلى تكرار تكبيرة الإحرام، و أتم صلاته منفرداً.

(مسألة 151) إذا كان الإمام في السجدة الأخيرة من صلاته، و أراد الإنسان أن يدرك ثواب الجماعة،

فبإمكانه أن يكبر تكبيرة الإحرام ناوياً الائتمام، ثمّ يهوي إلى السجود، فيسجد و الإمام ساجد، و يتشهد مع الإمام، فإذا سلّم الإمام قام لصلاته منفرداً، و لكنّ الأحوط وجوباً أن يكبرّ من جديد، بقصد الأعم من تكبيرة الإحرام و الذكر المطلق.

المسائل المستحدثة 79)


(مسألة 152) أقلُّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان،

أحدهما الإمام و لو كان المأموم امرأة أو صبياً، و أما في الجمعة و العيدين فلا تنعقد إلاّ بخمسة أحدهما الإمام.

(مسألة 153) يشترط في إمام الجماعة أن يكون بالغاً، عاقلاً، طاهر المولد، مؤمناً،

أي اثنا عشرياً، عادلاً، فلا يجوز الصلاة خلف الفاسق، و كذا لا تجوز خلف مجهول الحال، و أن يكون صحيح القراءة، و أن لا يكون أعرابياً، و هو من تعرَّب بعد الهجرة، أي أعرض عن أرض المسلمين و بلادهم بعد الهجرة إليها، و الانتقال إلى بلاد الكفر ثانياً، و ان لا يكون ممن أقيم عليه الحد الشرعي، و أن تكون صلاة الإمام صحيحة في نظر المأموم لكي يصح له الاقتداء به، مثلاً إذا كان المأموم يعلم بنجاسة ماء معين، و رأى الإمام يتوضأ من ذلك الماء جهلاً منه بنجاسته، ثمّ بدأ يصلي، فلا يجوز له الاقتداء به.

أحكام الجماعة

(مسألة 154) إذا نوى المأموم، و كبر مع تكبيرة الإحرام، أو بعدها، و الإمام يقرأ

فليس عليه أن يقرأ، بل يتحمل الإمام هذا الواجب عنه، و له أن يسبّح، و يذكر الله تعالى. و قد تسأل: هل يجوز له القراءة مع قراءة الإمام ؟ و الجواب: إذا كان في صلاة يجب فيها الجهر بالقراءة على الإمام، كصلاتي المغرب و العشاء و صلاة الصبح، و كان المأموم يسمع صوت الإمام بصورة متميزة، أو غير متميزة، فلا يجوز له أن يقرأ. و إن لم يسمع حتى الهمهمة جازت له القراءة بشرط أن تكون إخفاتاً، حتى و لو كان في صلاة جهريّة. و إذا كان في صلاة يجب فيها الإخفات على الإمام كصلاتي الظهر و العصر، فلا يجوز للمأموم أن يقرأ بقصد أن تكون القراءة جزءاً من الصلاة، و يجوز له أن يقرأ بقصد تلاوة القرآن. و إذا ركع الإمام ركع المأموم، و واصل متابعته له، فإذا قام الإمام للركعة الثانية وقف المأموم معتمداً على قراءة الإمام، و كان الحكم هو نفس ما تقدم في الركعة الأولى.

المسائل المستحدثة 80)


و يجب على المأموم الإتيان بسائر أجزاء الصلاة، باستثناء قراءة الفاتحة و السورة في الركعتين الأولى و الثانية، فإنه يعتمد فيهما على قراءة الإمام. و إذا وصل المأموم إلى الركعة الثالثة مع إمامه وجب عليه احتياطاً أن يختار التسبيحات، و هكذا الحال في الركعة الرابعة.

(مسألة 155) إذا كان الإمام في حال القراءة، فنوى المأموم، و كبر تكبيرة الإحرام، فهوى الإمام فوراً إلى الركوع،

ركع معه، و إذا كان الإمام في حال الركوع، كبر المأموم، و ركع معه، و لا شيء عليه في الصورتين.

(مسألة 156) إذا جاء المأموم، و الإمام واقف،

أو راكع في الركعة الثانية، كبر، و دخل في الصلاة، و سقطت عنه القراءة، غير أن هذه هي الركعة الأولى له، بينما هي الركعة الثانية للإمام، فإذا قنت الإمام بعد القراءة باعتبارها ركعة ثانية له، استحب للمأموم أن يتابعه في القنوت. فإذا ركع الإمام و سجد، تابعه في ذلك، فإذا رفع الإمام رأسه من السجدة الثانية، و جلس للتشهد، استحب للمأموم أن يجلس جلسة غير مستقرة، كمن يريد النهوض، و لا يجب عليه التشهد، لأنها ركعته الأولى. نعم يستحب له أن يتشهد متابعة للإمام. فإذا قام الإمام إلى الركعة الثالثة، قام المأموم إلى الركعة الثانية، و هنا تجب على المأموم قراءة الفاتحة و السورة، و لا بد أن يخفت بهما و لو كانت الصلاة جهرية، و إذا قرأ المأموم الفاتحة في هذه الحالة، و ركع الإمام، و خشي المأموم أن تفوته متابعة الإمام في الركوع إذا قرأ السورة، تركها، و ركع. و إذا كان يقرأ الفاتحة، و ركع الإمام، و خشي المأموم أن تفوته المتابعة في الركوع إذا أكمل الفاتحة، فلا يجوز له أن يقطعها، بل يكملها برجاء أن يدرك الإمام قبل أن يرفع رأسه من الركوع، فإن أدركه فيه فهو المطلوب، و إلاّ بأن رفع الإمام رأسه قبل أن يدركه في ركوعه، انفرد المأموم بصلاته، و أتم الفاتحة، و قرأ سورة أخرى، و ركع، و لا شيء عليه. و إذا قرأ المأموم، و أدرك الإمام راكعاً، استمر في صلاته مع الإمام، حتى إذا فرغ الإمام من السجدة الثانية، كان على المأموم أن يتشهد، لأنه في الركعة الثانية، فيتخلف عن الإمام قليلاً،

المسائل المستحدثة 81)


و يتشهد، و يسرع في النهوض، ليتاح له أن يأتي بالتسبيحات، و يتابع الإمام في ركوعه، و يكون هو في الركعة الثالثة و الإمام في الرابعة، فإذا أكملا هذه الركعة، جلس الإمام يتشهد و يسلّم، و أما المأموم فبإمكانه أن يقوم للرابعة، و يترك الإمام يتشهد و يسلّم، و بإمكانه أن يجلس متابعة له، و يتشهد حتى إذا سلّم الإمام قام المأموم إلى الركعة الرابعة، و أكمل صلاته منفرداً.

(مسألة 157) إذا كان الإمام في الركعة الثالثة و أراد المأموم أن يلتحق به،

فهناك حالتان: الأولى: أن يكبرّ و الإمام لا يزال واقفاً، و عليه في هذه الحالة أن يقرأ بإخفات الفاتحة و السورة، أو الفاتحة فقط إذا ركع الإمام و خاف المأموم أن تفوته متابعة الإمام في الركوع. الثانية: أن يكبرّ و الإمام راكع، فتسقط عنه القراءة، فيهوي إلى الركوع مباشرة بمجرد أن يكبرّ للإحرام، و في كلتا الحالتين يجب عليه أن يقرأ إخفاتاً عند ما يقوم للركعة الثانية، و عند ما يجلس الإمام ليتشهد و يسلّم في الركعة الأخيرة، يجلس المأموم ليتشهد لركعته الثانية، ثمّ يواصل صلاته منفرداً.

(مسألة 158) يشترط في صلاة الجماعة أمور:

1 – أن لا ينفصل الإمام عن المأموم بحائل أو ساتر، و كذلك إذا كان بين صفوف المأمومين بعضها مع بعض على نحو يمنع عن صدق الاجتماع عرفاً. و لا فرق في الحائل بين أن يكون ستاراً، أو جداراً، أو شجرة، أو غير ذلك، هذا إذا كان المأموم رجلاً. أما إذا كان امرأة فلا باس بالحائل بينها و بين الإمام أو المأمومين إذا كان الإمام رجلاً. و قد تسأل: إذا كان الحائل لا يمنع من الرؤية، و لا يمنع من صدق الاجتماع عرفاً، كالزجاج، و الشبابيك، و الجدران المخرّمة، و نحوها، فهل هو مانع عن صحة الجماعة؟ و الجواب: إنه لا يمنع.

المسائل المستحدثة 82)


و قد تسأل أيضاً: إذا كان الحائل متحركاً و غير ثابت، كمرور إنسان، أو غير ذلك، فهل هو مانع عن صحة الجماعة؟ و الجواب: إنه غير مانع إلاّ إذا اتصلت المارّة، فحينئذٍ تبطل الجماعة. 2 – أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم بمقدار شبر أو أزيد، و لا بأس بأن يكون موقف المأموم أعلى من موقف الإمام بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفاً. 3 – أن لا تكون الفواصل و الفراغات بين الإمام و المأمومين، و بين صف وصف، و بين المأمومين في كل صف، أزيد من خطوة واسعة من خطوات الإنسان الاعتيادي. 4 – أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف.

(مسألة 159) لا تجوز الصلاة فرادى في مكان تقام فيه الجماعة إذا كان هتكاً للإمام.

صلاة المسافر

(مسألة 160) يجب على المسافر أن يقصّر الصلوات الرباعية، و هي الظهر، و العصر، و العشاء، فتصبح ثنائية كصلاة الصبح، و للتقصير شروط:

1 – قصد قطع المسافة،

و مقدارها ثمانية فراسخ شرعية، و هي تساوي ثلاثة و أربعين كيلومتراً و خمس الكيلو متر الواحد. و لا فرق بين أن تقطع هذه المسافة كلها في اتجاه واحد، أو في اتجاهين، فمن قطع نصف هذه المسافة في سفره من بلده – مثلاً -، و قطع النصف الآخر في رجوعه إلى بلده، أعتبر سفراً شرعياً، و وجب عليه التقصير، لأنه أكمل المسافة الشرعية المحددة. و مبدأ حساب المسافة من سور البلد إذا كان له سور، و منتهى البيوت فيما لا سور له.

2 – استمرار القصد،

أي قصد قطع المسافة، فإذا عاد المكلّف عن قصده قطع المسافة، أو تردد في ذلك، وجب عليه التمام، كما إذا خرج المسافر من بلده قاصداً المسافة الشرعية بكاملها و لكنه بعد أن قطع نصفها تردد و صار يقطع شيئاً فشيئاً من المسافة و هو متردد في مواصلة

المسائل المستحدثة 83)


سفره، فان مثل هذا لا يقصر حتى و لو أكمل المسافة في سيره المتردد و ذلك لان قصده للمسافة لم يستمر حتى النهاية.

3 – أن لا يكون ناوياً في أول السفر إقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة،

فإذا كان ناوياً الإقامة في الطريق، أو متردداً فيها، فمعناه أنه لم يكن قاصداً من ابتداء الأمر السفر بقدر المسافة الشرعية، فلذلك يجب عليه التمام. و كذلك يجب عليه التمام إذا تردد في الإقامة و عدمها ثلاثين يوماً. و كذلك إذا كان ناوياً المرور بوطنه، أو مقرِّه، أو متردداً فيه، فإن المرور بالوطن قاطع للسفر، كما إذا كان قاصداً قطع المسافة الشرعية و لكنه وصل في اثناء هذه المسافة و قبل اكمالها إلى بلد آخر يعتبر وطناً له كبلده الذي سافر منه، فانه لا أثر لهذا السفر لانه وقع في اثنائه الحضر أي التواجد في الوطن كما لو كانت المسافة بين النجف و الكفل تساوي (43 1/5) كيلومتراً ، و كان كل من النجف و الكوفة وطناً للمكلف يعيش في كل منهما شطراً من حياته في السنة فيسافر من النجف إلى الكفل مارّاً بالكوفة التي تعتبر وطناً آخر له، ففي هذا يكون المسافر قد طوى المسافة الشرعية (43 1/5) كيلومتراً ، و لكن مر في اثناء المسافة بوطنه فلا يعتبر حينئذ مسافراً شرعاً.

(مسألة 161) إذا كان للبلد طريقان،

و الأبعد منهما مسافة شرعية دون الأقرب، فان سلك الطريق الأبعد قصّر في صلاته، و ان سلك الطريق الأقرب أتمّ. س: إذا طويت المسافة بشكل دائري كما لو كان البلد واقعاً على محيط دائرة و يكون السفر منه إلى منتصف الدائرة و الإياب منه إلى البلد، فهل يكفي ذلك في وجوب القصر ؟ ج‍: نعم ذلك يكفي في وجوب القصر.

المسائل المستحدثة 84)


(مسألة 162) إذا لم يكن المسافر قاصداً السفر بالاستقلال،

بل كان تابعاً لغيره كالزوجة تكون تابعة لزوجها وجب عليه التقصير إذا كان عالماً بان المتبوع قد قصد السفر بمقدار المسافة الشرعية.س: امرأة من سكنة بغداد و تزوجت في البصرة مثلاً، فإذا ارادت أن تزور أهلها في بغداد في الأعياد و المناسبات مثلاً فهل يجب عليها القصر في الصلاة و الافطار في الصوم، أم يجب عليها الصلاة تماماً و الصوم ؟ ج‍: إذا كانت قد أعرضت عن سكنها السابق في بغداد بحيث عزمت أن لا تعود إلى بغداد حتى لو فارقها زوجها البصري بموت أو طلاق و نحوهما فيجب عليها القصر و الافطار حين زيارتها إلى بغداد، و ان كانت لم تعرض عن سكنها السابق بحيث قررت في نفسها انه متى ما فارقها زوجها فانها تعود إلى سكنها السابق فالواجب عليها الصلاة تماماً و الصيام، و هكذا الحال بالنسبة لباقي المكلفين كالموظف الذي تكون وظيفته في محافظة اخرى مثلاً و لسنين طويلة، فان تحقق عنده الاعراض عن سكنة السابق بان قرّر بينه و بين نفسه ان لا يعود إلى سكنه السابق و ان ترك وظيفته أو تقاعد منها، فالواجب عليه هو القصر في صلاته و الافطار متى ما رجع إلى سكنه السابق لاجل الزيارة، و ان لم يتحقق منه الاعراض بأن قرّر العود إلى سكنه السابق بمجرد ان يترك الوظيفة فالواجب عليه هو الصلاة تماماً و الصيام. س: اذا كانت البلدة كبيرة جداً على نحو يساوي السير من نقطة منها إلى أخرى المسافة المحدّدة شرعاً و لو عند ضم الرجوع إلى الذهاب كما هو الحال في مدينة بغداد فان المكلف اذا تحرك من مدينة الثورة مثلاً إلى نهاية منطقة الدورة ثمّ رجع إلى المحل الذي تحرك منه كانت تلك المسافة مساوية للمسافة الشرعية أو أكثر، فهل يكفي ذلك في وجوب القصر أم لا ؟ ج‍: ان قطع تلك المسافة و ان كان كبيراً إلاّ انه لا يكفي في وجوب القصر، لان الانسان ما دام يتحرك في بلدته فلا يعتبر ذلك سفراً منه عرفاً لان السفر يتوقف على الابتعاد عن البلدة و المفروض انه لم يبتعد عن بلدته.

المسائل المستحدثة 85)


س: قد توجد بلدان صغيرة على الطريق و يكون الفاصل بين البلدة الأولى و الأخيرة بمقدار المسافة المحددة شرعاً، فإذا سافر ابن البلدة الأولى من بلدته إلى البلدة الأخيرة فلا إشكال في وجوب القصر عليه لانه ابتعد عن بلدته بمقدار المسافة المحددة شرعاً، و لكن السؤال عن حكم هذه البلدان اذا اتصلت بعضها بالبعض الآخر نتيجة التوسع في العمران، فما ذا يجب على المكلف حينئذ ؟ ج‍: يجب على المكلف القصر ايضاً، إلاّ اذا مرّ زمن على هذا الاتصال بين تلك البلدان الصغيرة حتى اصبحت بلداً واحداً في نظر العرف فيجب عليه التمام حينئذ، و لتوضيح تلك المسألة نذكر حالتين: الحالة الأولى: بلد تبنى حولَهُ أحياء جديدة متصلة به أو تتصل به تدريجياً فتعتبر هذه الأحياء امتداداً للبلد، و ذلك من قبيل أحياء المنصور و الكرادة و البياع و الثورة و الدورة التي انشأت حول بغداد فانها تعتبر جزءاً من بغداد عرفاً، و البغدادي اذا سافر إلى محافظة اخرى و رجع إلى البياع أو الدورة انقطع بذلك سفره و ان كان منزله في الثورة مثلاً، لانه وصل إلى وطنه و بلدته، و النجفي مثلاً اذا اقام عشرة ايام في بغداد موزعة على تلك الاحياء فهو مقيم لانها بلد واحد عليه الاتمام. الحالة الثانية: بَلدَان لكل منهما استقلاله و وضعه التاريخي الخاص به فيتوسع العمران في كل منهما حتى يتصل احدهما بالآخر، كالكوفة و النجف و الكاظمية و بغداد و في مثل هذه الحالة يبقى كل منهما بلداً خاصاً و لا يكون المجموع بلداً واحداً، فالكوفي اذا سافر إلى كربلاء و رجع فوصل النجف لا ينقطع بذلك سفره و اذا اراد ان يصلي في النجف صلى قصراً لانه لم يصل إلى بلده، و المسافر من بغداد اذا قصد ان يقيم خمسة ايام في الكوفة و خمسة ايام في النجف لا يعتبر مقيماً اذ لم يقصد الاقامة في بلد واحد.

4 – أن يكون السفر مباحاً،

فإذا كان حراماً، كالسفر لقتل النفس المحترمة، أو للسرقة، أو للزنى، أو لإعانة الظالم، و نحو ذلك، وجب عليه التمام.

(مسألة 163) يلحق بسفر المعصية ما اذا كانت الغاية من السفر الفرار من اداء الواجب الشرعي

كمن يفر من اداء الدين مع القدرة على ادائه في الحضر دون السفر، فاذا سافر في هذه الحال وجب عليه التمام.

المسائل المستحدثة 86)


(مسألة 164) اذا كان السفر لغاية جائزة و لكنه ركب في سيارة مغصوبة

او مرّ في ارض مغصوبة فالواجب عليه ان يقصر، لانه و ان كان آثماً و لكن سفره ليس سفراً لمعصية و لا من أجل غاية محرّمة، و انما استخدمت فيه واسطة محرّمة أو طريق محرم، نعم اذا اغتصب الشخص سيارة و فرّ بها هرباً من صاحبها فحكمه التمام لان الباعث على سفره غاية محرّمة و هي انجاح سرقته و تمكين نفسه من أموال الآخرين.

(مسألة 165) اذا كان الهدف من السفر أمراً محللاً في نفسه كالسفر للتنزه أو للزيارة، و لكن صادف فعل الحرام في اثنائه

كالكذب و الغيبة و شرب الخمر و غيرها، فلا يسمى السفر من أجل ذلك سفر معصية فيجب فيه القصر.

5 – إذا سافر للصيد بقصد اللهو و الترف،

فعليه أن يتم في صلاته.

6 – أن لا يتخذ نفس السفر عملاً له،

كالبحّار، و الطيار، و السائق، أو يتخذ السفر مقدمة لعمله، كالراعي، و التاجر الذي يدور في تجارته، و غيرهما ممن عمله في السفر إلى المسافة فما زاد، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم.

س: ما هو المراد من العمل في قولكم ((من كان عمله و شغله السفر فحكمه التمام))؟

ج‍ : المراد منه هو الحرفة أو المهنة على نحو لو سئل ما هو عمل هذا الشخص لذكر أن مهنته كذا، فمن يشتغل كسائق سيارة باجرة تعتبر السياقة حرفة و مهنة له، و من يملك سيارة فيسوقها باستمرار و يقطع بها المسافات كل يوم بقصد التنزه و قضاء الوقت أو يسافر بها لزيارة المشاهد المشرفة باستمرار لا يعتبر السفر عملاً و مهنة له، اذ لو سئل ما هو عمل هذا الشخص لا يقال ان عمله التنزه أو الزيارة أو السياقة.

س: من هو الذي يكون عمله السفر و يجب عليه التمام ؟

ج‍: من كان عمله السفر ينطبق على موردين: الأول: من كان نفس السفر عمله المباشر كالسائق عمله سياقة السيارة و الطيار و البحار يقود الطائرة أو السفينة.

المسائل المستحدثة 87)


الثاني: من كان عمله و مهنته شيئاً آخر غير السفر و لكنه يسافر من أجل أن يمارس عمله على نحو لا يتاح له ان يمارس ذلك العمل إلاّ اذا باشر السفر بنفسه. مثال ذلك: بغدادي وظيفته التدريس أو الطبابة مثلا في محافظة اخرى فيسافر إلى تلك المحافظة كل يوم و يعود إلى بغداد بعد انتهاء عمله، فان هذا الشخص عمله ليس هو السفر بل التدريس أو الطبابة، و لكنه يسافر من أجل ان يمارس مهنة التدريس او الطبابة.

و لاجل التعرف على هذه المسألة نذكر الحالات التالية:

1 – بغدادي يشتغل في محافظة أخرى كطبيب أو مهندس أو عامل أو موظف حكومي فانه إذا سافر إلى تلك المحافظة كل يوم لممارسة عمله فيها و يرجع إلى بلدته في نفس اليوم بعد انتهاء عمله يتم في تلك المحافظة و في الطريق ذهاباً و إياباً، و كذلك إذا مكث في تلك المحافظة اسبوعاً ثمّ يعود في عطلة الاسبوع إلى بلدته و بعد انتهاء العطلة يسافر من جديد و هكذا، فان عليه ان يتم في محلّ عمله و في سفره ذهاباً و اياباً، و كذا الحال اذا كانت فترات مكثه في تلك المحافظة اكثر من اسبوع أو أقل، لكن اتمام الصلاة في الطريق ذهاباً و اياباً مشروط بان لا يتخذ تلك المحافظة مقراً و وطناً له كما اذا علم ان فترة عمله في تلك المحافظة لا تتجاوز اكثر من سنة، اما اذا علم بان فترة عمله في تلك المحافظة ثلاث سنين أو أكثر فحينئذ تعتبر تلك المحافظة وطناً اتخاذياً له و يترتب عليه تمام احكام الوطن و تكون وظيفته فيه التمام، لا من اجل انه يمارس عمله فيه بل من اجل انه متواجد في وطنه، و أما في الطريق فوظيفته القصر حتى اذا كان ذهابه و ايابه بين يوم و يوم آخر بل في كل يوم، لانه ما دام موجوداً في تلك المحافظة التي اتخذها مقراً و وطناً له فهو حاضر لا مسافر، و من هنا لو سئل ما هو عمل هذا الشخص، لا يقال ان عمله في السفر لان عمله في وطنه و بلدته الثانية. 2 – طالب من الحلة مثلاً يدرس في جامعة بغداد، فيأتي إلى بغداد كل يوم للدراسة و يعود إلى الحلة بعد انتهاء الدراسة اليومية، أو يمكث في بغداد اسبوعاً دراسياً ثمّ يعود في عطلة الاسبوع إلى أهله و بلدته، فمثل هذا الشخص بما انه يعلم بان دراسته تستمر لأربع سنين فالواجب عليه هو الصلاة تماماً في بغداد و أما في الطريق فيقصر ذهاباً و اياباً. 3 – نفس الحالة الثانية، لكن الطالب قرّر ان يبقى في بغداد سنة واحدة للدراسة و يعود إلى الحلة، فالواجب عليه حينئذ هو الصلاة تماماً في بغداد و في الطريق ذهاباً و اياباً. 4 – من كان عمله في بلاد متفرقة فيمارس في كل بلدة مدّة سنة أو أقل و ينتهي عمله، ثمّ في بلدة

المسائل المستحدثة 88)


أخرى و هكذا، فان وظيفته الصلاة تماماً في محل العمل و الطريق ذهاباً و اياباً، و لا فرق في ذلك بين الطالب الذي يسافر من أجل دراسته و بين الطبيب و المهندس و الموظف و العامل و الجندي. 5 – اذا قرّر طالب من النجف البقاء في بغداد سنتين لإكمال دراسته، فيحصل لديه الشك، أن البقاء في بغداد لمدة سنتين لأجل الدراسة هل يكفي في صيرورتها مقراً و وطناً له حتى يجب عليه القصر في صلاته في الطريق ذهاباً و إياباً، أو أن البقاء في تلك المدة المحدودة لا يكفي في صيرورة بغداد وطناً اتخاذياً فالواجب عليه هو الاتمام في الطريق ذهاباً و إياباً، فبما أنه شاك في ذلك فهو يعلم إجمالاً اما بوجوب التمام عليه في الطريق أو بوجوب القصر فيه، فيتعين عليه الاحتياط في الطريق بان يجمع بين القصر و التمام، و أما اذا أراد أن يصلي في بغداد أو النجف فوظيفته التمام فقط. 6 – الجندي أو العسكري بأيّة رتبة من الرتب العسكرية إذا كان معسكره و مقر عمله يبعد عن بلدته بمقدار المسافة الشرعية، فيسافر اليه لممارسة عمله فعليه ان يتم في صلاته، سواء كان يبقى في مقر العمل اسبوعاً أو اسبوعين أو مدة لا يعرف مداها. و خلافاً لهذه الامثلة التي تجب فيها الصلاة تماماً، نستعرض امثلة اخرى يجب فيها القصر. 1 – حداد او نجار أو كهربائي يشتغل في داخل بلدته، و لكن قد يحدث اتفاقاً و صدفة أن يسافر إلى بلدة أخرى تبعد عن بلدته بمقدار المسافة الشرعية لاصلاح جهاز أو تجهيز بيت و نحو ذلك مما يرتبط بمهنته، ففي مثل هذه الحالة يجب عليه القصر لان هذه السفرة حالة اتفاقية و ليس عمله دائماً و غالباً مبنياً عليها حتى يجب عليه التمام. 2 – موظف يمارس وظيفته في دائرة داخل بلدته، و لكنه يكلف في كل شهر يومين أو ثلاثة أو أربعة بالشغل خارج بلدته بقدر المسافة الشرعية فوظيفته القصر أيضاً. 3 – خطيب من خطباء المنبر الحسيني يمارس الخطابة في بلدته، و لكنه يتفق أحياناً أن يستدعى للخطابة في بلدة أخرى فيسافر و يطوي المسافة الشرعية اليها كل يوم أو يومين أو أيام، فهذا يقصر في سفره لان عمله ليس مبنياً على السفر، و لكن اذا كان ما يمارسه من العمل و الخطابة من خلال السفر اساسياً و مهما في مهنته على نحو لو

المسائل المستحدثة 89)


اقتصر عليه لكفى ذلك عرفاً في صدق هذه المهنة عليه، كالخطابة التي يسافر اليها في محرم و صفر، اذا كان الامر كذلك فعليه أن يصلي صلاته تامة في سفره لان عمله مبنياً على السفر. 4 – الموظف أو الكاسب الذي يستفيد من العطلة الاسبوعية فيعمل في سيارته باجرة، أو يستأجر لزيارة الحسين (عليه السلام) ليلة الجمعة، فحكمه أن يقصر في سفره، لان السفر ليس هو عمله الرئيسي و انما هو شيء ثانوي في عمله، و لهذا لو اقتصر انسان على هذا المقدار من السفر لم يصدق عليه أن مهنته هذه، و انما يقال انه يمارسه احياناً هذا العمل، و أما اذا كانت له سفرة عمل واحدة في السنة و لكن كان عمله الذي يمارس في تلك السفرة على درجة من الأهمية عرفاً فيصدق انه مهنته و عمله و ذلك كالمتعهدين بقوافل الحجاج، فان المتعهد يصدق عليه ان هذا هو عمله و ان كانت السفرة واحدة في السنة، و هكذا حال الفلاح الذي يجلب الخضر في فصل الصيف فقط فانه يتم الصلاة في سفره في فصل الصيف فقط لان عمله مبني على السفر في هذا الفصل، و أما في غيره من الفصول فيقصر في سفره اذا اتفق له السفر.

7 – أن لا يكون ممَّن بيته معه، كأهل البوادي

الذين لا مسكن لهم معيَّناً من الأرض، و لا يتخذون موطناً معيناً، و يدورون من منطقة إلى أخرى تبعاً لوجود العشب و الماء، و معهم بيوتهم.

8 – أن يصل إلى حد الترخّص،

و هو المكان الذي يتوارى فيه المسافر عن عيون أهل البيوت الكائنة في نهاية البلد، و علامة ذلك أنه لا يرى أهل بلده، كما اذا وقف شخص في آخر بيوت البلد و كان يرى المسافر يبتعد عنه إلى ان حجبت عنه رؤيته بحيث لا هو يرى المسافر و لا المسافر يراه، فحينئذ يجب على المسافر القصر اذا أراد أن يصلي في هذا المكان سواء غابت عن عينه عمارات البلد و بناياته أيضاً أم لا.

المسائل المستحدثة 90)


“قواطع السفر”

و هي أمور:

الأول: الوطن

و هو على نوعين: أحدهما: مسقط رأس الإنسان، و هو مسكن آبائه و أجداده و عائلته، و حينما يراد أن ينسب الانسان ينسب إلى هذا الوطن، فان هذا يعتبر وطناً له شرعاً و يجب عليه اذا صلى فيه أن يصلي تماماً، سواء كان ساكناً فيه فعلاً أو منتقلاً إلى بلد آخر ما دام لم يعرض عنه و يحتمل انه سيرجع اليه، و مثال ذلك نجفي يسكن بحكم وظيفته و عمله في بغداد و لكنه يحتمل انه سيقرر الرجوع إلى النجف اذا اعفي من الوظيفة، او انهى مدة الخدمة فمثل هذا الشخص تعتبر النجف وطناً له و ان لم يكن ساكناً فيها فعلاً، و أما اذا كان قد أعرض عن النجف و قرر عدم الرجوع اليها و استيطان بغداد بدلاً عنها فلا تكون النجف وطناً له حينئذ و ان كانت بلد آبائه أو كان له املاك فيها، و إذا سافر اليها يوماً أو أكثر صلى فيها قصراً كما يصلي المسافر الغريب. و الآخر: الوطن الاتخاذي بأن يقرر الشخص البقاء في بلدٍ بقية حياته، كما إذا هاجر شخص عن وطنه الأصلي إلى النجف الأشرف، و نوى البقاء فيها تمام عمره، فتعتبر النجف وطناً له باتّخاذه لها كذلك، و لا يعتبر في الوطن الاتخاذي أن يكون له فيه ملك. و هناك وطن ثالث، و هو المقرُّ، بأن يتخذ البلد مقراً فترةً مؤقتة طويلة نسبياً، فلا يكون تواجده فيه سفراً، كطالب العلم في النجف الأشرف، إذا هاجر إليها لطلب العلم، و أراد البقاء فيها مدة مؤقتة لا تقل عن ثلاث سنوات.

(مسألة 166) يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعاً،

كما في الزوجة و الاولاد و الخادم، و نقصد بالتبعية أن التابع اذا علم أن متبوعه قصد التوطن في هذه البلدة و البقاء فيها مدّة حياته فهو ايضاً قصد ذلك باختياره، كما اذا كان بامكانه الانفصال عنه أو أنه مضطر إلى ذلك، و كذا اذا علم ببقائه في تلك البلدة مدة أربع سنوات أو أكثر، كان في حكم المتوطن و ان كان بقاؤه فيها بغير اختياره.

المسائل المستحدثة 91)


(مسألة 167) اذا كان للمسافر وطن بأحد الاوجه التي ذكرناها و وصل اليه،

انقطع سفره و عليه الابتداء بحساب المسافة من جديد ان اراد الاستمرار بالسفر، و ينقطع السفر و ينتهي بدخول الوطن فعلاً، لا برؤية عماراته و منائره و نخيله، فما لم يدخل اليه يبقى حكم القصر ثابتاً.

(مسألة 168) لا فرق في الدخول إلى الوطن بين الدخول بقصد الاستقرار، و المكث و غيره

فلو دخل المسافر وطنه و هو في السيارة قاصداً اجتيازه منه لمواصلة سفره انتهى بذلك حكم القصر بالنسبة اليه، و لا يعود هذا الحكم إلاّ اذا خرج من وطنه لسفر شرعي جديد.

(مسألة 169) التلميذ الجامعي الذي اتخذ بغداد مثلاً وطناً و مقراً له لاجل الدراسة

لو رجع إلى بلده الاصلي في العطلة الصيفية ثمّ سافر إلى بغداد خلال الصيف انتهى سفره بوصوله اليها و عليه الاتمام في صلاته.

(مسألة 170) المهاجر إلى النجف الاشرف لطلب العلم ان كان عازماً على البقاء في النجف مدة لا تقل عن ثلاث سنوات،

فالنجف مقر له و حكمه حكم الوطن ينتهي سفره بوصوله اليه و يتم الصلاة فيه و اذا اراد ان يصلي في الطريق يصلي قصراً، و ان كان عازماً على البقاء فيه مدة تقل عن السنتين، لم يكن النجف مقراً له بل حكمه حكم المسافر، و عليه ان يتم الصلاة في النجف و في الطريق ذهاباً و اياباً، و أما اذا علم ان فترة بقائه سنتان، فعليه أن يتم الصلاة في النجف، و أما في الطريق فالاحوط وجوباً الجمع بين القصر و التمام.

الثاني:العزم على الإقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد،

فاذا قطع المسافر المسافة الشرعية ثمّ قرر أن يمكث في المكان الذي سافر اليه عشرة ايام سمي مقيماً، وسمي هذا القرار إقامة، و الاقامة تنهي حكم السفر، فالمسافر المقيم يتم و لا يقصر.

المسائل المستحدثة 92)


(مسألة 171) نقصد بالاقامة في الايام العشرة أن يكون مبيتهُ و مأواه و محط رحله في ذلك البلد الذي سافر اليه،

و ان لا يمارس خلال هذه المدة سفراً شرعياً، فكل من عزم ان يمكث في بلد بهذا المعنى من المكث عشرة ايام فقد اقام فيه، و هذا لا يعني عدم خروجه من البلد الذي اقام فيه إلى ضواحيه أو بلد أخر قريب منه ليس بينهما المسافة المحددة للسفر الشرعي، كالكوفة بالنسبة للنجف فيمكن لمن قصد الاقامة في النجف ان ينوي في نفس الوقت ان يذهب في كل يوم إلى الكوفة أو السهلة الساعة و الساعتين أو أكثر دون المبيت فيهما، و بعبارة، أخرى ان القاطع للاقامة و الهادم لها هو السفر الشرعي، و أما الخروج عن محل الاقامة اذا لم يكن بقدر المسافة فلا يكون قاطعاً لها إذا لم يبق ليلاً في خارج بلد الاقامة.

الثالث: البقاء في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون قصد الإقامة فيه،

فإذا قطع المسافر المسافة الشرعية و وصل إلى بلد و تردد في أمره لا يدري هل يخرج من هذا البلد الذي وصل اليه في سفره بعد عشرة ايام حتى ينوي الاقامة فيه أو انه سيخرج منه غداً أو بعد غد، ان حدث هذا لاي مسافر وجب عليه ان يبقى على القصر حتى يمضي عليه هكذا متردداً ثلاثون يوماً، فاذا كمل ثلاثون يوماً و هو لا يزال في ذلك البلد وجب عليه ان يقيم صلاته كاملة و لو كان عازماً على مغادرة البلد بعد ساعة. فالنتيجة: أن المسافر إذا مرّ بوطنه، أو نوى الإقامة في مكان واحد عشرة أيام، أو بقي في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون قصد الإقامة، انقطع سفره، و تبدّلت وظيفته من القصر إلى التمام.

(مسألة 172) تسقط النوافل النهارية في السفر،

و كذلك الوتيرة على الأظهر.

(مسألة 173) مَن كانت وظيفته التمام فقصر، بطلت صلاته في جميع الموارد،

إلاّ في المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلاً بأنّ حكمه التمام، فإن الأظهر فيه الصحة.

المسائل المستحدثة 93)


(مسألة 174) إذا فاتته الصلاة في الحضر، قضى تماماً

و لو في السفر، و إذا فاتته في السفر قضى قصراً و لو في الحضر، و إذا كان في أول الوقت حاضراً، و في آخره مسافراً، أو بالعكس، راعى في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت.

(مسألة 175) يتخير المسافر بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة الشريفة،

و هي حرم الله، و هو مكّة المكرمة، و حرم رسولِ الله (ص)، و هو المدينة المنوّرة، و حرم أمير المؤمنين ع و هو الكوفة، و حرم الحسين ع.

(مسألة 176) لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور،

فلا يجوز للمسافر الذي حكمه القصر الصوم في الأماكن الأربعة.

المسائل المستحدثة 94)


“قضاء الصلاة”

يجب قضاء الصلاة اليومية التي فاتت في وقتها عمداً، أو سهواً، أو جهلاً، أو لأجل النوم المستوعب للوقت، أو لغير ذلك، و كذا إذا أتى بها فاسدة لفقد جزء أو شرط، و لا يجب قضاء ما تركه المجنون في حال جنونه، أو الصبي في حال صباه، و كذا ما تركته الحائض أو النفساء في فترة رؤية الدم.

(مسألة 177) يجوز القضاء في كل وقت من الليل و النهار،

و في الحضر و السفر، نعم يقضي ما فاته قصراً قصراً و لو في الحضر، و ما فاته تماماً تماماً و لو في السفر.

(مسألة 178) لا يشترط الترتيب في قضاء الصلوات اليومية،

إلاّ ما كان مرتباً من أصله كالظهرين و العشاءين من يوم واحد، فلا يجوز قضاء صلاة العصر من يوم قبل قضاء صلاة الظهر من ذلك اليوم، و هكذا الحال بين المغرب و العشاء.

(مسألة 179) يجب على ولي الميت، و هو الولد الذكر الأكبر حال الموت، أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية و غيرها،كالصيام،

سواء كان الفوت عن عذر، أو عن عمد، و الأظهر إلحاق الأم بالأب في وجوب قضاء صلواتها التي فاتت عنها، و صيامها الذي فات عنها في السفر، دون الحيض و المرض.

(مسألة 180) إذا كان الوليُّ حال الموت صبياً، أو مجنوناً، وجب عليه القضاء

إذا بلغ، أو عقل.

(مسألة 181) إذا مات الولد الأكبر بعد موت أبيه،

لا يجب القضاء على غيره من إخوانه.

(مسألة 182) لا يجب على الولي مباشرة القضاء بنفسه،

بل يجوز أن يستأجر غيره لذلك، كما أنه لو تبرع شخص آخر بقضاء الصلاة سقط عن الولد الأكبر.

المسائل المستحدثة 95)


صلاة الآيات

تجب هذه الصلاة على كل مكلّف عدا الحائض و النفساء عند كسوف الشمس، و خسوف القمر، و لو بعضهما، و كذا عند زلزال الأرض على الأحوط وجوباً، و كذا عند وقوع المخاويف السماوية، و هو حوادث اتفاقية، تقع في القضاء، توجب قلق الناس و رعبهم، عادة و نوعاً كالرّيح السوداء، و الحمراء، و الصفراء، و الظلمة الشديدة، و الصاعقة، و النار التي تظهر في السماء، و غيرها.

(مسألة 183) وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف إلى تمام الانجلاء،

و أما سائر الآيات فوقت الصلاة فيها ممتد إلى مدة تواجد تلك الآيات السماوية.

(مسألة 184) إذا كان الكسوف أو الخسوف غير مستوعبين لكلِّ قرص الشمس أو القمر، و كان المكلف جاهلاً بذلك،

لم يجب عليه القضاء.

(مسألة 185) صلاة الآيات ركعتان،

في كل ركعة خمسة ركوعات، و تفصيل ذلك، أن يكبر تكبيرة الإحرام، ثمّ يقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه منتصباً، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، و هكذا حتى يتمّ خمسة ركوعات، ثمّ ينتصب بعد الركوع الخامس، و يهوي إلى السجود، فيسجد سجدتين، ثمّ يقوم، و يصنع كما صنع أولاً، ثمّ يتشهَّد، و يسلّم.

صلاة الجمعة

(مسألة 186) صلاة الجمعة ركعتان،

كصلاة الصبح، و تمتاز عنها بخطبتين قبلها، ففي الأولى منهما يقوم الإمام، و يحمد الله، و يثني عليه، و يوصي بتقوى الله، و يقرأ سورة من الكتاب العزيز، ثمّ يجلس قليلاً، و في الثانية يقوم، و يحمد الله، و يثني عليه، و يصلي على محمد و آل محمد و على أئمة المسلمين عليهم السلام، و يستغفر للمؤمنين و المؤمنات.

المسائل المستحدثة 96)


(مسألة 187) صلاة الجمعة واجبة تخييراً،

بمعنى: ان المكلف مخيّر يوم الجمعة بين إقامة صلاة الجمعة، إذا أقيمت بشروطها الشرعية، و بين الإتيان بصلاة الظهر. و من شرائط صلاة الجمعة: 1 – أن تؤدّى جماعة، و لا يقل عدد المشتركين فيها عن خمسة أحدهم الإمام. 2 – وجود الإمام الجامع لشرائط الإمامة، من العدالة، و صحّة القراءة، و طهارة المولد. 3 – أن لا تكون المسافة بينها و بين صلاة جمعة أخرى أقل من فرسخ.

المسائل المستحدثة 97)


“أحكام الصوم”

يجب صيام شهر رمضان على كل إنسان تتوفر فيه الشروط التالية:

1 – البلوغ،

فلا يجب الصيام على غير البالغ، و لكن إذا صام فهو أفضل.

2 – العقل،

فلا يجب الصيام على المجنون.

3 – أن تكون المرأة نقية من دم الحيض و النفاس طيلة النهار.

فاذا اتفق و صادف انقطاع الدم عن الحائض أو النفساء بعد الفجر بثانية فلا يجب عليها صيام ذلك اليوم، و اذا فاجأها الدم قبل غروب الشمس بثانية فليس صيام ذلك اليوم بواجب، فوجوب الصوم اذن يتوقف على النقاء من دم الحيض و النفاس طيلة النهار، و اذا صامت المرأة و هي غير نقية و لو في جزء من النهار لم يكن صيامها مطلوباً و لا يعفيها من القضاء.

4 – الأمنُ الضرر،

فإذا لم يكن المكلف آمناً من الضرر بسبب الصوم فلا يجب عليه الصوم، فمن يخشى ان يصاب بمرض من أجل الصوم، و من كان مريضاً و يخشى أن يطول به المرض أو يشتد أو يصاب بمرض آخر بسبب الصوم، و من كان مريضاً و أجهده المرض و أضعفه فاصبح يعاني صعوبة و مشقة شديدة في الصيام، كل هؤلاء يجوز لهم الافطار و لا يجب عليهم الصيام، و لكن ليس كل ضرر صحي و كل مرض ينشأ من الصوم يجوز الافطار و يعفي المكلف من وجوب الصيام، فالصيام اذا كان يسبب صداعاً بسيطاً أو حمى خفيفة أو التهاباً جزئياً في العين أو الاذن فلا يجوز الافطار بسبب شيء من هذا القبيل مما لا يراه الناس عادة مانعاً عن ممارسة مهامهم.

(مسألة 188) اذا صام المكلف معتقداً عدم الضرر الصحي، فتبين الخلاف

و ان الصوم كان مضرّاً به، فالظاهر بطلان صومه و عدم صحته.

(مسألة 189) قول الطبيب اذا كان يبعث على القلق و الخوف كان مجوزاً للافطار،

و كذلك اذا كان الطبيب ماهراً في اختصاصه و ثقة في قوله و اخبر المكلف بان الصوم يضره ضرراً لا يجب معه الصيام، فعليه أن يعمل بقول الطبيب و لو لم يبعث في نفسه الخوف و القلق، نعم إذا تأكد و اطمأن بخطإ هذا الطبيب أو كذبه، فلا يأبه لكلامه و عليه أن يصوم حينئذ، و لا يجوز الافطار في غير هاتين الصورتين.

المسائل المستحدثة 98)


(مسألة 190) اذا قال الطبيب لا ضرر في الصوم و كان المكلف خائفاً

وجب عليه الافطار.

5 – أن لا يكون الصيام محرجاً له، و موقعاً له في مشقة شديدة،

من قبيل الإنسان الذي يمنعه الصيام عن ممارسة عمله الذي يرتزق منه،اما لانه يسبب له ضعفاً لا يطيق معه العمل، و أما لانه يعرضه لعطش لا يطيق معه الامساك عن الماء أو لغير ذلك، ففي هذه الحالة اذا كان بإمكان الفرد بصورة غير محرجة أن يبدل عمله أو يؤجله مع الاعتماد في رزقه فعلاً على مال موفر أو دين أو نحو هذا وجب عليه ذلك لكي يصوم، و الا سقط عنه وجوب الصوم.

6 – أن لا يكون مسافراً،

فلا يجب الصوم على المسافر إلاّ المقيم عشرة أيام، أو من يكون شغله السفر أو العاصى بسفره. و إذا كان حاضراً فخرج إلى السفر، فان كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار، و إن كان بعد الزوال فعليه أن يواصل صومه و يتمّه، ثمّ يقضيه بعد شهر رمضان.

7 – أن لا يكون المكلّف قد أصيب بشيخوخة أضعفته عن الصيام،

فمن كان كذلك فهو مخير بين الصوم و بين الإفطار، و التعويض عن الصوم بفدية، و هي ثلاثة أرباع الكيلو من الطعام عن كل يوم، و لا يجب القضاء بعد ذلك.

8 – أن لا يكون مصاباً بداء العطش،

و هو حالة مرضية تجعله يشعر بعطش شديد، فيشرب الماء و لا يرتوي و كل من أصيب بهذه الحالة، و كان يعاني مشقة و صعوبة في الصوم، فله أن يصوم، و له أن يفطر، و يعوض عن الصوم بالفدية، و لا يجب القضاء بعد ذلك.

9 – أن لا تكون المرأة حاملاً مقرباً يضر الصوم بها أو بحملها،

فان كانت كذلك جاز لها الإفطار، و عليها القضاء بعد ذلك، كما أن عليها الفدية المذكورة آنفاً اذا كان الضرر على حملها فقط.

10 – ان لا تكون المرضعة قليلة اللبن

بحيث يكون الصوم مضراً بها أو بالولد، فاذا كان كذلك جاز لها الافطار و عليها القضاء بعد ذلك، كما أن عليها الفدية إذا كان الضرر على الولد فقط، و لا يشمل حكم المرأة المرضعة هذا من كان بامكانها ان ترضع ولدها من غير حليبها أو من الحليب المعلّب اذا لم يتضرر الولد الرضيع بذلك.

المسائل المستحدثة 99)


يجب على الصائم في شهر رمضان ما يلي:

أ- النية:

و ذلك بأن ينوي الصيام قبل طلوع الفجر قربة إلى الله تعالى. و صورتها: ((أصوم غداً – أو هذا اليوم – قربة إلى الله تعالى).

ب- إذا كان المكلّف جنباً فعليه أن يغتسل قبل طلوع الفجر.

ج‍- الاجتناب عن المفطرات

و هي:

1 – الأكل و الشرب

و إن كانا قليلين، حتى الأجزاء الصغيرة من الطعام التي تتخلف بين الأسنان، فإنه لا يجوز للصائم ابتلاعها، بل لا يجوز ابتلاع الغبار المشتمل على أجزاء ترابية ظاهرة للعيان.

2 – الجماع

فاعلاً و مفعولاً به، حيّاً و ميتاً.

3 – الكذب على الله تعالى، أو على رسوله (ص) أو على الأئمة (ع)،

بل الأحوط وجوباً إلحاق سائر الأنبياء و الأوصياء (ع) بهم، سواء أ كان الكذب في التحليل و التحريم ام في القصص و المواعظ ام في أي شيء آخر، و اذا أخبر الصائم عن الله تعالى أو عن رسوله (ص) أو عن أحد الائمة الاطهار(ع) قاصداً الصدق و كان في الواقع كذباً لم يبطل بذلك صومه، و اذا كان قاصداً الكذب و كان في الواقع صدقاً بطل به صومه من جهة أنه قصد المضطر، و لا فرق في بطلان الصوم بالكذب على الله و رسوله (ص) أو أحد الائمة (ع) بين أن يرجع الكاذب عن كذبه بلا فصل أو ندم و تاب أو لا، كما انه لا فرق في ذلك بين أن يكون الخبر الكاذب مكتوباً في كتاب أو لا، فانه مع العلم بكذبه لا يجوز الاخبار به، بان يقول قال رسول الله (ص) في كتاب الكافي كذا و كذا أو قال الصادق (ع) في الوسائل كذا، نعم اذا قال روي في الكتاب الفلاني عن رسول الله (ص) كذا و عن الصادق (ع) كذا أو هكذا ذكر في الكتاب الفلاني فلا بأس به، و لا يبطل بذلك صومه.

س: اذا حلف الصائم بالله تعالى أو برسوله (ص) أو بالائمة (ع) كاذباً، فهل يبطل بذلك صومه أم لا ؟

ج‍: لا يبطل بذلك صومه، إلا أنه يكون آثماً.

المسائل المستحدثة 100)


4 – الارتماس،

و هو رمس تمام الرأس في الماء دفعة، أو تدريجاً.

5 – إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق،

و هو المشتمل على أجزاء ترابية ظاهرة.

س: هل يجوز التدخين في شهر رمضان أم انه من المفطرات ؟

ج‍: لا يجوز التدخين في شهر رمضان و من فعله عامداً فعليه القضاء و الكفارة على الاحوط وجوباً.

6 – تعمُّد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر.
7 – الاستمناء،

و هو إنزال المنِيّ باليد، أو بآلة، أو بالمداعبة.

8 – الحقنة بالمائع في المخرج المعتاد

فانها تفسد الصيام دوم الحقنة بالجامد.

9 – تعمُّد القيء :

فإنه مفسد للصوم و ان كان لضرورة، أو من أجل العلاج.

(مسألة 191) لا يضر بالصوم الاكتحال،

أو وضع القطرة في العين، أو الأذن.

(مسألة 192) ما يصل إلى جوف الإنسان من غير طريق الحلق لا يكون مبطلاً للصوم،

و من ذلك ما يسمّى بالمغذّي الذي يزرق إلى جسم المريض من غير طريق الحلق، فإنه لا يكون مفطراً.

س: هل يجوز للصائم زرق الحقنة في عضلته أو وريده أم لا ؟

ج‍: نعم يجوز.

س: هل يجوز للصائم المصاب بمرض الربو استعمال البخاخ اثناء النهار ؟

ج‍: نعم يجوز و يبقى على صومه.

Pages: 1 2 3 4
Pages ( 1 of 4 ): 1 2 ... 4»