آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
بیانات و توجیهات
جلد
1
بیانات و توجیهات
جلد
1
عنوان کتاب : بیانات و توجیهات
نام ناشر : دفتر معظم له
جلد : 1
تعداد صفحات: 204
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى على كل مطالعٍ ما للمرجعية الدينية فى النجف الأشرف من دور مهم وحضور فاعل فى معظم القضايا المصيرية والتحديات التى تواجه مسيرة المسلمين وعلى طول الخط منذ أن تأسست قبل أكثر من ألف سنة ولحد الآن، مما جعل المجتمعات الإسلامية تهرع مسرعة كلما واجهتها مشكلة خطيرة أو داهمتها الأخطار والفتن لتلوذ بها لتسترشد من توجيهاتها التى تنير الدرب أمامهم وتذلل ما يواجههم من عراقيل وتحديات.
ولقد تبلور هذا الدور وبرز بشكل واضح فى فترة ما بعد سقوط النظام البائد، حيث كان للمرجعية الدور الرئيسى فى العملية السياسية التى يخوضها العراقيون، فأسست للعديد من مبادئها ورسمت بشكل واضح أغلب ملامحها التى كان فى مقدمتها حفظ الوحدة الوطنية وتوحيد الصف والكلمة للتخلص من الاحتلال ونيل الاستقلال والعمل الجاد لإعادة البلد وتوفير مستلزمات العيش الكريم، وكتابة دستور يكفل حقوق الجميع بلا استثناء والسعى بشكل حازم وصارم لبسط سلطة القانون وتحقيق الأمن والاستقرار.
وفى هذا الكتاب جملة من النصوص المباركة التى صدرت عن سماحة المرجع الدينى آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض (دام ظله) أو من مكتبه حول الشأن العراقى فى هذه المرحلة الحرجة، وقد رتبت بحسب التسلسل الزمنى لصدورها، فنرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا العمل نافعاً فى تذكير المؤمنين وتثبيتهم على مواقفهم الوطنية النبيلة وان يكون مفيداً فى رد بعض ما صدر من هنا وهناك من تقولات وافتراءات تنسب إلى المرجعية كذباً وبهتاناً لتشوه سمعتها وتهز صورتها فى أوساط الناس.
5 ذى القعدة 1428 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وعترته الطاهرين وبعد:
على الشعب العراقى كافة وعلى العلماء والخطباء والمثقفين خاصة العمل الجاد فى هذه الظروف الحساسة والفرصة الثمينة، وفق النقاط التالية:
الأولى: دعوة الناس إلى تقوى الله الذى هو معيار كرامة الإنسان عنده تعالى بمقتضى قوله عز وجل ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ)) والمحافظة على الأمن والاستقرار والهدوء فى البلد لا سيما فى هذه الظروف، وعدم التجاوز والتعدى على الآخرين وعلى أعراضهم وأموالهم وحقوقهم وضرورة الحفاظ عليها، والدعوة إلى وحدة الصف ووحدة الكلمة وعدم الدخول فى المسائل الطائفية والعنصرية المثيرة للفتنة والشقاق والتفرقة بين المسلمين والمسائل التى تثير مشاعر الآخرين، والاجتناب عما يوجب البلبلة فى المجتمع وعدم الاستقرار والأمن فيه.
الثانية: إن وظيفة المؤمنين لا سيما المثقفين منهم لزوم نشر الوعى الإسلامى بين الناس بمختلف أصنافهم من الرجال والنساء
والفتيان والفتيات، وبث القيم الإنسانية والفكرية والأخلاقية ضد كل ألوان الفساد واللااخلاقية ومختلف ألوان الغزو الفكرى والتيار الأجنبى، وضرورة المحافظة على التقاليد الإسلامية الدينية فإنها تزود الإنسان بطاقات نفسية كبيرة أمام التيار الأجنبى والغزو الفكرى وتجعله كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف.
الثالثة: أن الحرية للشعب العراقى المسلم لها جوانب إيجابية وجوانب سلبية، أما الجوانب الإيجابية فلأن الحرية أتاحت الفرصة لهم لإقامة شعائر المذهب ونشر الأفكار الإسلامية والثقافة الدينية بين الناس بمختلف الوسائل والطرق والمطالبة بحقوقهم، أما الجوانب السلبية فلأنها هيأت العوامل والأسباب للفساد الأخلاقى وأعطت مجالاً واسعاً للغزو الفكرى والثقافى والتيار الأجنبى، فلهذا يجب على المؤمنين لا سيما الشباب من ذوى الكفاءة واللياقة العلمية والثقافية والدينية أن يقوموا بتزويد الناس بالقيم الإسلامية والأفكار الدينية والأخلاق الحميدة فإن تلك القيم تجهز الإنسان بالطاقات النفسية الكبيرة والملكات الفاضلة وتخلق الإنسان الكامل والمجتمع الآمن، بينما الثقافة الغربية والتيارات الأجنبية تعزز الغرائز الحيوانية والشهوات النفسانية ومن هنا تكون مسؤولية الإنسان المؤمن المثقف فى المجتمع أكبر وأثقل فى هذه الظروف الحساسة والحرية المتاحة لأن هذه فرصة ثمينة لا بد من استغلالها والقيام فيها بجد بتثقيف الناس وتجهيزهم بالأفكار الإسلامية والوعى الدينى الأخلاقى، و لا سيما على الأساتذة فى المعاهد والجامعات والكليات فإن مسؤوليتهم أمام الله وحده لا شريك له وأمام الشعب تفرض عليهم الاهتمام الجاد بأمور الطلاب
والطالبات وتزويدهم بالثقافة الدينية والقيم الإنسانية والملكات الفاضلة السامية فى ضمن دروسهم وإلقاء المحاضرات عليهم.
الرابعة: إن على المؤمنين والمثقفين من أبناء الطائفة تشكيل لجان من وجهاء البلد والمثقفين الخيرين فى كل محافظة، والتنسيق بين اللجان فى جميع المحافظات للمطالبة بحقوق الطائفة التى كانت مهملة ولا سيما فى العصر البائد المقبور، هذا بدون المعارضة مع حقوق الآخرين فإن المطالبة بها إنما هى فى صلب دولة ديمقراطية حرة تكون جميع حقوق الطوائف والمذاهب محفوظة فيها بما فيها الأقليات.
وحقوقنا متمثلة بالبنود التالية:
الأول: أن يدّرس فى جميع المدارس والمعاهد والكليات فى محافظات الشيعة كافة عقائد الشيعة وأحكامها وتاريخها فمن الغريب جداً أن الشيعة تشكل أكثرية شعب العراق المسلم بنسبة لا تقل عن خمسة وستين بالمائة ومع ذلك حقوقهم الأساسية مهدورة ويدّرس أبناؤهم فى محافظاتهم عقائد طائفة أخرى وأحكامهم وتاريخهم وهذا مخالف لما هو معترف به دولياً من حرية المذاهب ولا يحق لأى مذهب أو دولة فرض مذهب على أبناء مذهب آخر.
الثانى: أن موقوفات الشيعة بتمام أصنافها لا بد أن تدار بيد أبنائها على طبق الشروط والمقررات التى وضعها الواقف لها وصرف مواردها فى الجهات الموقوفة عليها. كما إن موقوفات إخواننا السنة لا بد أن تدار بيد أبنائها.
الثالث: إن المشاهد المشرفة والمدارس الدينية والمساجد والحسينيات وموقوفاتها لا بد أن تدار فى جميع أنحاء العراق تحت إشراف المراجع العظام المعترف بهم فى أوساط الشيعة ككل أو بإشراف المرجع الأعلى للشيعة بيد لجان من العلماء والمؤمنين الخيرين على أساس أنها مؤسسات دينية محضة لا ترتبط بالدولة ولا يحق للدولة أن تضع يدها عليها وكذلك الحال فى مقدسات سائر المذاهب والأديان.
هذه بعض حقوق الطائفة، وعلى أبنائنا من المؤمنين والمثقفين كافة رفع أصواتهم بصورة سلمية وإيصالها إلى مسامع الحاكم الحالى والمطالبة بتشكيل دولة ديمقراطية حرة من أبناء العراق الحبيب لإدارة بلدهم بأنفسهم وإزالة الاحتلال الذى هو من مخلفات العصر البائد المقبور ووضع دستور دائم يكفل حقوق الجميع من قبل المنتخبين من الشعب لا من الدخلاء من الخارج فإنه غير مقبول عند جميع طبقات الشعب العراقى فإن وضع الدستور لا بد أن يكون بيد الممثلين من جميع الطوائف والفئات الإسلامية، ثم إذا عرضت بنود الدستور بعد ذلك على الشعب المسلم فعندئذ يجب عليهم رفض كل بند من بنوده يكون مخالفاً للإسلام لأن العراق دولة إسلامية، وأى بند من بنود دستوره يكون خارجاً عن دائرة الإسلام مرفوض عند جميع الطبقات والفئات من الشعب العراقى المسلم، وأيضاً المطالبة بوضع هذه الحقوق الأساسية للطائفة فى دستور الدولة الدائم ولا بد أن تكون هذه المطالبة صارمة وصريحة وأنه لا يمكن التجاوز ورفع اليد عنها والمراجع العظام يؤيدون مطالباتهم بحقوقهم بقوة وصرامة ولا
يمكن الغض عنها كما أنهم يرفضون بجد كل بند من الدستور يكون خارجاً عن دائرة الإسلام.
وفى الختام نسأل البارى عز وجل التوفيق والإخلاص والعمل الجاد لخدمة الشعب العراقى المسلم ووحدة صفوفهم وإيجاد الأمن والأمان بينهم وزوال الاحتلال والسلام على إخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
21 ربيع الثانى 1424 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه وأفضل بريته محمد وعترته الطيبين الطاهرين…
إخواننا وأعزائنا أعضاء لجنة وضع آلية كتابة الدستور المحترمين… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن إذ نبارك لكم جهودكم وتكاتفكم وتوافقكم على وضع آلية الدستور على وفق ما هو المطالب به من قبل المراجع الدينية وعلى رأسهم سماحة السيد السيستانى (دام ظله) ندعو من البارى عز وجل مزيد التوفيق لكم فى الخطوات القادمة الشاقة وبذل الجهد المكثف فى سبيل إنجازها خطوة بعد خطوة حتى تنجز الخطوات بكاملها بوضع الدستور المثالى، وندعو الشعب العراقى العزيز بكافة شرائحه وطوائفه الإسراع فى إنهاء الاحتلال بقوة المنطق وبسلاح التكاتف والتلاحم والتوافق بينهم ووحدة الصف والكلمة، وبذل الجهد المتواصل فى وضع الدستور وتكميله والمصادقة عليه فى انتخابات عامة حرة وتشكيل دولة مستقلة. وهذا معنى إنهاء الاحتلال وإدارة العراق بأيدى العراقيين فقط.
رأينا من المناسب أن نذكّركم بالنقاط الثلاث التالية:
1: إن وضع الدستور للشعب العراقى لابد أن يكون بأيدى الممثلين من قبل الشعب، لأن حاضر هذا البلد وشعبه العريق ومستقبله بكافة اتجاهاته السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية والفردية والأمنية وغيرها مربوطة بالدستور ولو لم يكن وضع الدستور بأيدى الممثلين من قبل الشعب لكان موردا للنقد والإشكال من الداخل والخارج وفى المستقبل إذ يفسح المجال أمام السلطة الحاكمة فى المستقبل القيام بتغيير الدستور أو إلغائه بذريعة انه لم يكتب من قبل ممثلى الشعب وهو لا يمثل آراء الشعب.
وحيث أن الدستور دستور للشعب العراقى بكافة شرائحه وطوائفه من الشيعة والسنة والأكراد والتركمان والمسيح والآشوريين والصابئة وغيرهم فلا بد أن يكون وضعه بنحو تكون حقوق جميع الطوائف فيه محفوظة بما فيهم الأقليات.
2: تشكيل لجنة من أصحاب الخبرة والإطلاع وأهل الخير والأمانة والديانة باسم (لجنة التمييز والتحقيق) وواجب هذه اللجنة القيام بالتحقيق عن حال كل مرشح لكتابة الدستور لمعرفة المؤهل لذلك من حيث مكانته العلمية والثقافية والدينية، وخبرويته فى الموضوع، وبعد التحقيق يوضع أسم المؤهل فى قائمة المرشحين ويحذف أسم غير المؤهل، باعتبار أن غالب الناس لا يعرف من هو المؤهل لذلك.
3: إن العراق بلد إسلامى عريق بذخائره وعظمائه وفيه المراقد المشرفة الدينية لعدد من الأئمة الأطهار عليهم السلام، ومزارات
عدد من الصحابة وعلماء المسلمين، نخص بالذكر النجف الأشرف فإنه عظيم بعظمة مشرفه أمير المؤمنين عليه السلام وبوجود الحوزة العلمية الإسلامية العريقة للدراسات العليا منذ أكثر من ألف سنة، وقد تخرج منها الآلاف من العلماء والفقهاء والمراجع العظام والأساتذة والخطباء والشعراء من الأقطار الإسلامية، ولذلك يكون العراق بلدا عظيما بعظم ذخائره ومراكزه الدينية العريقة، وكبيرا بكبر علماء الدين والمراجع العظام للعالم الإسلامى ومحط أنظار العالم دينيا وثقافيا. والحوزة العلمية فيه وإن كانت قد هتكت حرمتها من قبل الزمر الفاسدة ولكنها بعد زوال تلك الزمرة قد أخذت تستعيد نشاطها وعافيتها وقوتها وشوكتها خطوة أثر خطوة بجهود العلماء العظام وأهل الخير من المؤمنين، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الغالبية العظمى من الشعب العراقى مسلمة معتقدة بالإسلام اعتقادا راسخا ولا تقبل بديلا عن الإسلام وتقاليده وأفكاره، وعلى ضوء هذين الجانبين يجب أن يكون الدستور العراقى دستورا إسلاميا بجميع بنوده وشروطه وغير خارج عن دائرة الإسلام وكل بند من بنوده إذا كان خارجا عنها ومخالفا لها فهو مرفوض من قبل العلماء والمراجع والشعب جميعا.
وفى الختام نوصيكم فى هذه الظروف الحساسة والحرجة بدعوة الناس إلى التكاتف والتلاحم والتوافق ووحدة الصف والكلمة والهدوء والاستقرار وإيجاد الأمن والمحافظة على مصالح الناس وأعراضهم وأموالهم وحقوقهم وعدم إيجاد البلبلة فى البلد وعدم الدخول فى المسائل الطائفية المثيرة للفتنة والفساد. وأيضا
عليكم وعلى المسؤولين جميعا بمراقبة المجرمين وأعداء الأمة الإنسانية من ذوى النفوس الخبيثة والمشبوهين والتصدى لهم بكافة الوسائل المتاحة.
وعليكم إبلاغ هذه الوصية إلى أقرانكم وزملائكم واحدا بعد واحد وإلى جميع الناس فهذا جانب من وظيفتنا ووظيفتكم فى هذا الوقت الحرج.
نكرر شكرنا وتقديرنا على تلك الجهود والمساعى المتواصلة فى وضع آلية لكتابة الدستور ونطلب من الله عز وجل مزيد التوفيق لكم فى الخطوات المقبلة الجبارة والعمل الدؤوب فى إنجازها حتى يستبشر الشعب العراقى المظلوم بدستور متكامل يحمى جميع مصالحه الدينية والاجتماعية وغيرها، هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
النجف الأشرف
14 رجب المرجب 1424 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريته محمد وعترته الطاهرين وبعد:
فإن النظام الاقتصادى الحاكم فى العالم اليوم، ممثل فى النظام الاقتصادى الرأسمالى الحاكم فى أكثر من نصف الكرة الأرضية، وفى النظام الاقتصادى الاشتراكى الحاكم بمجموعة من الدول فى العالم.
أما الأول: فإن المجتمع الرأسمالى يؤمن بنظام الخصخصة، كقاعدة عامة فى البلاد، ويسمح للأفراد والشركات الخاصة الأهلية بكافة صنوفها بالملكية الخاصة (أى الخصخصة) بحرية مطلقة فى كافة النشاطات الاقتصادية والثروات الطبيعية حسب ما تتطلب ظروفهم وإمكانياتهم. ولا يعترف بالملكية العامة، وهى ملكية الدولة كنظام عام، نعم يعترف بها فى بعض الحالات والظروف الاستثناية.
وأما الثانى: فلأن المجتمع الاشتراكى يؤمن بالملكية العامة، وهى ملكية الدولة كنظام اقتصادى عام فى البلاد، ولا يعترف بالملكية الخاصة (الخصخصة) وهى ملكية الأفراد كمبدأ عام.
وهناك نظام اقتصادى ثالث، وهو النظام الاقتصادى الإسلامى الذى سبق النظامين الأولين، ونجح فى تجربته الأولى فى عصر الرسالة، وهو مخالف لكلا النظامين ولا ينطبق على أى واحد منهما، فإن الاقتصاد الإسلامى يقوم على أساس مبدأ الملكية العامة والخاصة معاً جنباً إلى جنب، وبينما النظام الرأسمالى يقوم على أساس مبدأ الملكية الخاصة فقط، ولا يعترف بالملكية العامة كمبدأ عام. والنظام الاشتراكى على عكس ذلك تماماً.
ثم إن الملكية العامة فى النظام الاقتصادى الإسلامى تقوم على أساس أن تكون السلطة الحاكمة فى الدولة منصوبة من قبل الله تعالى وحده لا شريك له. إما بالتنصيب بالاسم والشخص، كما فى زمن حضور المعصوم، أو بالصفات العامة كما فى زمن الغيبة، والأول تمثل فى حاكمية الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام). والثانى فى ولاية الفقيه الجامع للشرائط منها الأعلمية، فإذا كانت للسلطة الحاكمة ولاية على الناس من قبل الله تعالى، فلها أن تملك من رؤوس الأموال ووسائل الإنتاج وثروات البلاد للدولة بغرض حماية مصالح الأمة وتحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية، هذا كله على مذهب الطائفة الإماميه.
وإما على مذهب سائر الطوائف الإسلامية فثبوت الخلافة والولاية عندهم إنما هو بإجماع الأمة وآرائهم، ولا يتوقف على وجود النص ما عدا ثبوت سلطة الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله) فإنه بنص من الله عز وجل بالاسم والشخص. وعلى هذا فأى رئيس للدولة فى الدول الإسلامية إذا كان منتخبا بآراء الشعب وإجماعهم
بالانتخاب الحر، فهو الخليفة والوالى على الأمة عندهم، وإطاعته واجبة عليهم، وله حق الإشراف والتدخل فى كافة مؤسسات الدولة من المؤسسات الخصوصية والعمومية وأى رئيس دولة فيها إذا لم يكن كذلك فولايته غير مشروعة.
وعلى هذا الأساس فالدولة الإسلامية المشروعة لدى الطائفة الإمامية هى التى تكون السلطة الحاكمة فيها متعينة ومنصوبة من قبل الله عز وجل حتى فى عصر الغيبة وهى متمثلة فى هذا العصر بولى الفقيه الجامع للشرائط منها الاعلمية هذا إذا كان على رأس الدولة ولى الفقيه وأما إذا لم يكن على رأس الدولة ولى الفقيه ولكن الدولة كانت تأخذ بعين الاعتبار فى دستور البلد ثوابت الإسلام وقوانينه ونظامه فى كافة أجهزة الدولة و فى منطقة الفراغ تجعل القوانين والدساتير حسب متطلبات الوقت والظروف بأشراف وإرشاد الفقيه الجامع للشرائط ففى مثل ذلك للفقيه إمضاء هذه الحكومة فإذا أمضاها فتصبح حكومة إسلامية شرعية فإذن لا يعتبر فى شرعية الحكومة أن تكون السلطة الحاكمة المنصوبة من قبل الله تعالى على رأس الحكومة. وأما لدى الطوائف الأخرى من المسلمين فهى التى تكون متعينة ومنصوبة بآراء الأمة وإجماعها من طريق الانتخاب الحر، ما عدا حاكمية النبى الأكرم (صلى الله عليه و آله) فإنها ثابتة عندهم بنص من الله تعالى كما مر.
وأما إذا لم تكن السلطة الحاكمة فيها متعينة ومنصوبة من قبل الله تعالى، ولا بآراء الأمة فلا تكون لها مشروعية عند جميع طوائف المسلمين ولا تكون تصرفاتها التى تتوقف صحتها
ونفوذها على الولاية نافذة عند كل المذاهب الإسلامية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ينبغى أن نعرف ما هو دور الفقيه الجامع للشرائط فى هذه الحكومات الإسلامية التى هى غير قائمة على أساس الحاكمية لله وحده لا شريك له؟
والجواب إن للفقيه دوراً بارزا وكبيراً ومحوريا فيها على أساس إن نفوذه بين شعوبها ومكانته الدينية الإسلامية تفرض عليه أن يقوم بإرشادهم إلى الطريق الصحيح والاعتدال وعدم التجاوز على حقوق الآخرين والحفاظ عليها، ونشر الأحكام الشرعية والثقافية الإسلامية والأخلاق الحميدة والآداب الفاضلة بينهم، والنهى عن كافة الأعمال المنكرة والرذيلة كالكذب والغيبة والبهتان والافتراء والنميمة والظلم والتعدى على الناس وعلى عرضهم ومالهم وغيرها من الأعمال القبيحة كل ذلك بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية التى قد اهتم الإسلام بها وإيجاد التوازن بين طبقات الأمة والاستقرار والأمن فى المجتمع كما يفترض عليه أن يدعو المسؤلين فى الحكومة بالسعى الحثيث والجاد فى استقرار الوضع واستتباب الأمن فى البلد بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، والتخلى عن جميع المصالح الذاتية والأغراض الشخصية والأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب والبلد ككل وان يعملوا بشكل جاد وبأقصى الطاقات على تطوير البلد وازدهاره اقتصاديا وتقنيا لتحقيق مبدأ العدالة والتساوى بين طبقات الأمة والمحافظة على حرية المواطنين فى كافة نشاطاتهم الاقتصادية والتعليمية والدينية وعليهم توفير الخدمات العامة الحياتية بكافة أنواعها للمواطنين وإيجاد فرص العمل لهم وتشويق المثقفين والمفكرين والمبدعين
بكل الوسائل الممكنة والأسباب المتاحة وتأسيس الجامعات والمعاهد والكليات فى داخل البلد وإرسال مجموعة من نخبهم إلى الخارج وتوفير كافة الوسائل لهم بغرض تدريبهم والوصول بهم إلى التقنيات العالية المتطورة ثم إرجاعهم إلى بلدهم بغاية تطويره تقنيا واقتصاديا ومن الواضح إن لكل ذلك دورا بارزا فى توطيد العلاقة بين الشعب والقادة وتعاون الشعب مع الحكومة وانحسار الظلم والاستبداد والتعدى على حقوق الشعب لأنه لا يدوم.
وأما الملكية الخاصة (الخصخصة) وهى ملكية الأفراد فى المجتمع الإسلامى فهى قائمة على أساس مبدأ الحرية الاقتصادية فى الإسلام، حيث إن لهم أن يمارسوا حرياتهم فى كافة الأنشطة الاقتصادية فى الحدود المسموح بها فى الشريعة المقدسة بأن لا تكون تلك الأنشطة من الأنشطة المحذورة المعيقة عن القيم والمثل الدينية والأخلاقية، كالتعامل بالربا والاتجار بالخمور ولحوم الميتة والخنزير والاحتكار والغش وغير ذلك من الأمور الغير جائزة شرعاً.
ومن هنا يظهر أن المذهب الاقتصادى فى المجتمع الإسلامى يفترق عن المذهب الاقتصادى فى المجتمع الرأسمالى والاشتراكى معا.
أما عن الأول، فلأن المذهب الاقتصادى فى المجتمع الرأسمالى يقوم على أساس النظام الوحيد، وهو نظام الملكية الخاصة (أى الخصخصة) ولا يعترف بالملكية العامة وهى ملكية الدولة كمبدأ
عام. وأما ما قد يقع فى هذا المجتمع من تأميم بعض الشركات أو المرافق العامة من قبل الدولة فهو حالة نادرة استثنائية، وليس من مقتضيات المذهب الاقتصادى فيه.
وأما عن الثانى، فلأن المذهب الاقتصادى فى المجتمع الاشتراكى يقوم أيضا على أساس المبدأ الوحيد، وهو مبدأ الملكية العامة، وهى ملكية الدولة، ولا يعترف بالملكية الخاصة وهى ملكية الأفراد كمبدأ عام، لأن حرية الأفراد فى هذا المجتمع مصادرة من قبل الدولة، ولا تسمح لهم بالملكية، بينما المذهب الاقتصادى فى المجتمع الإسلامى يقوم على أساس مبدأ الملكية المزدوجة، وهى ملكية الدولة بالملكية العامة، وملكية الأفراد بالملكية الخاصة جنبا إلى جنب، لا على مبدأ واحد.
وبذلك يتضح أن الملكية الخاصة (أى الخصخصة) فى النظام الاقتصادى الإسلامى تختلف عن الخصخصة فى النظام الاقتصادى الرأسمالى فى نقطتين:
الأولى: إن الخصخصة فى النظام الاقتصادى الإسلامى ليست هى المبدأ الوحيد فيه، فإن الإسلام كما يعترف بمبدأ الخصخصة (أى الملكية الخاصة) يعترف فى نفس الوقت بمبدأ الملكية العامة، وهى ملكية الدولة، بينما النظام الاقتصادى الرأسمالى يقوم على أساس المبدأ الوحيد، وهو مبدأ الخصخصة، ولا يعترف بمبدأ الملكية العامة كنظام عام.
الثانية: إن الخصخصة فى النظام الاقتصادى الإسلامى تقوم على أساس مبدأ الحرية الاقتصادية فى كافة أنشطتها فى الأسواق المالية
العالمية والإقليمية شريطة أن لا تكون من الأنشطة المحذورة فى الإسلام كالمعاملات الربوية ونحوها وقد كتبنا فى كتابنا البنوك حول الأسواق المالية (البورصات) وقلنا فيه إن جميع المعاملات والتبادلات التجارية فيها محكومة بالصحة بكافة أنشطتها غير المعاملات المحذورة فى الإسلام على ضوء الطريقة التى اتخذتها لتصحيحها من وجهة النظر الإسلامى فلاحظ هناك، بينما الخصخصة فى النظام الاقتصادى الرأسمالى تقوم على أساس الحرية الاقتصادية المطلقة وبلا حدود. وبعد هذه المقدمة الوجيزة نقول:
إن الخصخصة فى الاقتصاد العراقى إن أريد بها نفس الخصخصة فى النظام الرأسمالى، فلا يسوغ وضعها فيه كبلد إسلامى عريق بحضارته الإسلامية لسببين:
الأول: إن الخصخصة فى النظام الرأسمالى حيث أنها مخالفة للقيم والمثل الدينية والأخلاقية فى الكتاب والسنة، فلا يمكن وضعها فى الدستور العراقى، على أساس أن العراق بلد مسلم عريق بحضارته الإسلامية وعلمائه العظام ومراجعه الكرام وفيه المشاهد المشرفة الدينية لعدد من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ومزارات لبعض علماء أهل السنة، ونخص بالذكر النجف الأشرف الذى فيه مرقد أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام، وهو أفضل الصحابة عند جميع علماء المسلمين من الشيعة والسنة، وأنه ما عبد الصنم قط، وقد ورد فى واقعة الأحزاب عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأنه كل الإيمان. ولهذا فالنجف الأشرف بلدة عظيمة بعظمة
مشرفها أمير المؤمنين عليه السلام ولها شرف آخر وهو وجود الحوزة العلمية العريقة للدراسات العليا الإسلامية للحركات الفكرية الاجتهادية منذ أكثر من ألف سنة، وقد تخرج منها الآلاف من العلماء والفقهاء والمراجع العظام والأساتذة والخطباء والشعراء من كافة أقطار العالم الإسلامى وان هذه الدراسات لا تزال تحتفظ على توازنها واعتدالها وسلامتها على أساس إنها ترتكز على مبدأ الكتاب والسنة ولذلك لا توجد فيها أفكار متطرفة منحرفة طول التاريخ. ولهذا وذاك لا يكون العراق بلدا عاديا، بل هو بلد كبير بكبر ذخائره الإسلامية، ومحط أنظار العالم الإسلامى دينيا وثقافيا، وعلى هذا فلا بد أن يكون دستور العراق بتمام بنوده فى ضمن دائرة الشريعة الإسلامية المقدسة، ولا يكون خارجا عن هذه الدائرة.
الثانى: إن الخصخصة فى النظام الرأسمالى يتيح الفرصة الواسعة وبلا حدود لأصحاب الشركات ورؤوس الأموال القيام باستغلال الاقتصاد العراقى على طبق ميولهم الذاتية ومصالحهم الشخصية، بدون أخذ مصالح الشعب العامة بعين الاعتبار، وهذا يؤدى فى نهاية المطاف إلى إيجاد ثغرات بين طبقات الشعب وانهدام التوازن الاجتماعى وفيه مفاسد ومشاكل لا تحمد عقباها. نعم لا مانع من وضع الخصخصة كنظام فى الاقتصاد العراقى شريطة أن تكون تحت وصاية الدولة النزيهة وإشرافها، ولها حق التدخل فيها، والمنع عن النشاطات الاقتصادية المحذورة، وعن التلاعب بالأسعار واستغلال السوق وغير ذلك لحماية مصالح الشعب.
وإن أريد بها الخصخصة فى المذهب الاقتصاد الإسلامى، فتطبيقها على الاقتصاد العراقى مثلاً حرفياً كنظام منوط بتوفر عاملين:
الأول: العامل النفسى، وهو العقيدة الإسلامية وقيمها العليا المتمثلة فى الإيمان بالله وحده لا شريك له، فإن هذه العقيدة تتحكم بالإنسان فى كافة مرافق حياته الاجتماعية الفردية والاقتصادية والسياسية والثقافية وهكذا، لأنها تهذب سلوكه فى جميع تلك المرافق وتجعله معتدلا ومتسالماً ومتحرراً فى نطاق هذه العقيدة، وتمنع من السلوكيات المنحرفة المعيقة للقيم الإسلامية والإنسانية، لأنه يشعر بالرقابة من داخل نفسه وهى أقوى بكثير من الرقابة من الخارج بل لا تقاس، وعلى هذا فإن كان الحاكم فى سلوك المجتمع الإسلامى فى كافة اتجاهاته، العقيدة والإيمان والقيم الإسلامية، فالعامل النفسى متوفر، وهو يصلح أن يكون رادعاً عن انحراف الشخص فى تمام أنواع سلوكه الاجتماعى والفردى والاقتصادى.
الثانى: العامل الخارجى، فإن الدولة إذا كانت إسلامية كان للسلطة الحاكمة حق الإشراف على جميع مؤسسات الدولة من القطاعات الخاصة والعامة، والتدخل فيها لحماية المصالح العامة للمجتمع، وتحديد حريات الأفراد فيما يمارسون من النشاطات الاقتصادية والاجتماعية إذا كانت فيه مصلحة عامة للشعب.
والخلاصة: إن لولى الأمر سلطة واسعة فى الإشراف على جميع شرائح الدولة وحراستها ومراقبتها والتدخل فيها فى كل مورد رأى
مصلحة فيه، كل ذلك بغاية تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية التى أهتم الإسلام بها، وكذلك الحال إذا لم تكن الدولة إسلامية على النمط المذكور فأيضاً لها حق التدخل فى ذلك بإشراف الفقيه الجامع للشرائط، فإذن تطبيق الخصخصة فى النظام الإسلامى على اقتصاد كل دولة منوط بتوفر هذين العاملين فيها، وحيث أن العراق بلد إسلامى عريق بإسلاميته فعلى المسؤولين فيه تطبيق الخصخصة فى النظام الاقتصادى الإسلامى على الاقتصاد العراقى وإن شئت قلت إن على المسؤلين فى الدولة أن يجعلوا الخصخصة كنظام عام فى الاقتصاد العراقى شريطة توفر أمرين:
الأول: أن يكون نظام الخصخصة فى الدستور العراقى محدودا بالحدود المسموح بها فى الشريعة الإسلامية.
الثانى: أن تكون للدولة حق النظارة والتدخل والحراسة والمراقبة لكافة مرافقها من الخاصة والعامة بأشراف من العلماء والمراجع.
وفى الختام نقول: إن النظام الاقتصادى الإسلامى حيث أنه يقوم على أساس مبدأ الملكية المزدوجة، أى الملكية العامة، وهى ملكية الدولة، والملكية الخاصة، وهى ملكية الأفراد، فيكون الهدف الأساسى من وراء ذلك والغرض الداعى إلى تشريع هذا النظام هو تحقيق التوازن والعدالة فى المجتمع الإسلامى التى أهتم الإسلام بها، وتضييق الفجوات والثغرات بين طبقات الأمة، على أساس أن كلاً من الملكية الخاصة والعامة بمنزلة الرقابة والحراسة على الأخرى المعيقة عن تجاوزاتها، بينما النظام الاقتصادى الرأسمالى
يؤدى مزيد من الفجوات والثغرات بين طبقات المجتمع، وهدم أسس التوازن والعدالة الاجتماعية فيه. والنظام الاقتصادى الاشتراكى يصادر حريات الأفراد فى الأنشطة الاقتصادية كافة.
والغرض من ذلك الإشارة فقط إلى أن نظام الخصخصة موجود فى النظام الاقتصادى الإسلامى، ولكن تطبيقه على اقتصاد البلد منوط بتوفر أمور كما تقدم.
النجف الأشرف 25 رمضان 1424 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
نشير إلى عدة نقاط تنبيهية:
النقطة الأولى:
الحكومة التى تسمى بالحكومة الإسلامية على نوعين مختلفين موضوعاً.
النوع الأول: الحكومة الإسلامية المتمثلة فى الحكومة التى يكون على رأسها الولى الفقيه الجامع للشرائط منها الأعلمية وهو أعلى سلطة فيها والجمهورية الإسلامية فى إيران التى أسسها السيد الخمينى (قده) تكون من هذا النوع من الحكومة الإسلامية حيث أنه (قده) كان على رأسها وله سلطة واسعة فيها.
النوع الثانى: الحكومة الإسلامية المتمثلة فى الحكومة التى يكون الإسلام فيها هو دين الدولة وأى قانون وتشريع يكون مخالفا للإسلام فلا شرعية له ومرفوض رفضا قاطعا وهذا معنى إن الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع بمعنى أى تشريع يكون مخالفا له فهو مرفوض بينما إذا كان الإسلام أحد مصادر التشريع أو المصدر الأساسى جاز تشريع قانون من مصدر آخر وإن كان ضد الإسلام وهذا غير مقبول لدى الشعب العراقى المسلم
والعلماء والمراجع كافة نعم يجوز تشريع قانون لا يكون مخالفا للإسلام.
وهذه حكومة إسلامية ليس على رأسها الولى الفقيه وبذلك تمتاز عن النوع الأول من الحكومة الإسلامية.
إذا تبين الفرق بين النوعين من الحكومة الإسلامية فنقول إن المطالب فى العراق من قبل معظم الشعب العراقى المسلم من الشيعة والسنة والمراجع العظام والعلماء الكرام إنما هو الحكومة الإسلامية من النوع الثانى لا الحكومة الإسلامية من النوع الأول التى هى موجودة فى إيران فإن الحكومة على الطراز الموجود فى إيران غير قابلة للتطبيق فى العراق إذ كما هو معلوم إن شعب العراق مركب من قوميات مختلفة وطوائف متعددة، هذا مضافاً إلى أنه ليس هنا ولى الفقيه يترأس الحكومة ويقيمها على أساس ولاية الفقيه وإما المراجع الموجودون فى النجف الاشرف وعلى رأسهم السيد السيستانى (حفظه الله) لا يريدون التدخل فى الحكومة والترأس فيها مباشرة بأى شكل من الأشكال بل وإن طولب منهم ذلك لأنهم يرون أن وظيفتهم فى الوقت الحاضر أرشاد الناس إلى ما هو صلاح الأمة ودعوتهم إلى رص الصفوف وتوحيد الكلمة لكل أطياف الشعب وشرائحه من أجل استقرار الوضع وإيجاد الأمن.
هذا نظير الحكومة المتشكلة فى أفغانستان فإنها حكومة إسلامية من النوع الثانى على أساس أن الإسلام هو دين الدولة
وأن أى قانون وتشريع مخالف للإسلام لا شرعية له ومرفوض رفضا قاطعا.
ومن هنا نأمل من المحللين السياسيين وأصحاب الصحف والجرائد والقنوات الفضائية أن يميزوا بين نوعى الحكومة الإسلامية ولا يقوموا بخلط الأوراق وتعكير المياه واتهام من يريد الحكومة الإسلامية فى العراق بأنه يريد الحكومة الإسلامية على النمط الموجود فى إيران مع أنه لا يريد الحكومة الإسلامية من هذا النمط وإنما يريد الحكومة الإسلامية من النمط الثانى.
ومن هنا ينبغى لهم عدم التسرع فى الأخبار والاتهام بدون التحقيق والتمييز وبمجرد الظن والحدس فإنه نوع خيانة فى مقام النقل واتهام بلا مبرر ومجرد الاشتراك فى الاسم لا يكون مبررا.
النقطة الثانية:
إن حقوق الأقليات الموجودة فى العراق من سائر الأديان محفوظة فى ضمن النظام الإسلامى حيث أنهم أحرار فى العمل بطقوس دينهم فى الكنائس وغيرها وإقامة شعائرهم كما هو الحال فى جميع الأقليات من سائر الأديان فى البلاد الإسلامية أو غير الإسلامية الحرة الديمقراطية كالأقليات المسلمة فى أمريكا وأوربا فأنهم أحرار فى العمل بوظائفهم الدينية وإقامة شعائرهم فى المساجد والحسينيات وغيرهما ولا عائق أمام حريتهم إلا القانون والنظام العام الدائم للدولة وهذا النظام العام نسبته إلى الكل على حد سواء فكل طائفة حرة فى العمل بوظائفها وأحوالها الشخصية
سواء أكانت مدنية أم دينية طالما لا يكون مخالفا للنظام العام للدولة.
والخلاصة: أنه لا منافاة بين قانون الدولة الدائم العام وقانون الأحوال الشخصية مدنية كانت أم دينية لكل طائفة من طوائف الشعب شريطة عدم تدخل الدولة بالتلاعب فيه والتغيير كجعل قانون التساوى بين الرجل والمرأة فى الإرث أو كون الطلاق بيد كليهما معا وغير ذلك.
النقطة الثالثة:
إن فى الشريعة الإسلامية المقدسة منطقة فراغ ونقصد بها عدم وجود نص ملزم من الكتاب والسنة فيها وهى باقية على أباحتها الأولية ولا مانع من وضع قانون ودستور ملزم فى هذه المنطقة فى مجال الاقتصاد والتعليم وإدارة الوزارات والمحافظات والمخابرات والأمن والجيش والشرطة وغيرها حسب الظروف وحاجة المرحلة ومصالح البلد عامة ولا يكون هذا القانون مخالفا للإسلام حتى يكون مرفوضا.
النقطة الرابعة:
من المؤسف جداً أن يخاف المسلمون من النظام الإسلامى فى بلد إسلامى مثل العراق وهذا ليس إلا من جهة أن للأعلام المضلل والادعاءات المغرضة من الغرب والشرق على الإسلام والمسلمين دورا بارزا وهاما فى هذا التخويف وتأثيرا كبيرا فى النفوس غير المزودة والمجهزة بالقيم والمثل الدينية الإسلامية وهذا مورد للأسف الشديد.
وأما تخوف الغرب من الإسلام فله مبرر لأنهم يخافون من نظام الإسلام وقيمه الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والفردية والعائلية وقوة نفوذه وانتشاره فى العالم ولا سيما بين الشباب والشابات فى الدول الإسلامية وغير الإسلامية ولهذا ينقل ويسمع أن الشباب والشابات فى الدول الغربية وغيرها يدخل فى الإسلام مع قلة معرفتهم بالإسلام ولا يعرفون منه إلا بعض القيم والمثل الإنسانية كالنظام العائلى مثلا الموجود بين المسلمين فإنه متفكك ومنهار فى المجتمع الغربى وغيره وهم متأثرون من هذا التفكك والانهيار ومحرومون من حلاوة هذا النظام العائلى وهو الاجتماع بين الآباء والأمهات والأبناء والبنات على سفرة واحدة وغيره من النظام الإنسانى.
ومن هنا شعروا بأن الإسلام خطر عليهم ولذلك قاموا بالإعلام المضلل والدعايات الفارغة على الإسلام والمسلمين بذرايع مختلفة تارة أن الدين الإسلامى يروج للتطرف والإرهاب وأخرى أن الدين الإسلامى ضد الحرية والديمقراطية وثالثه إن الدين الإسلامى ضد حقوق الإنسان وهذه الدعايات بأجمعها دعايات فارغة ولا واقع موضوعى لها.
أما الأولى فلأن الدين الإسلامى المتمثل فى الكتاب والسنة دين عدل وسلم وإنسانية ورأفة ورحمة وضد التطرف والإرهاب بكل أشكاله وألوانه وأنه دين يستنكر قتل الأبرياء بأشد الاستنكار وجعله أكبر جريمة فى تاريخ البشرية.
وأما الثانية فلأن الدين الإسلامى ليس ضد الحرية نعم إن الحرية فى الإسلام تختلف عن الحرية عندهم لأن الإسلام جعل حدا وقيدا لحرية الإنسان وإطلاق عنانه باعتبار أنه لا يمكن أن يبقى الإنسان على حريته المطلقة ومطلق العنان بأن يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء و إلا لكان المجتمع الإنسانى مجتمع الغاب وهو كما ترى فالإنسان المسلم حر فى الحدود المسموح بها شرعا لا مطلقا حر فى سلوكه الخارجى الاجتماعى والفردى والعائلى شريطة أن لا يكون محرما ومعيقا عن القيم الدينية والإسلامية فالحرية فى الإسلام إنما هى فى الحدود العقلائية التى تتناسب مع مكانة الإنسان وكرامته وقيمه، فالمرأة حرة فى الحدود المسموح بها شرعا ولها أن تلعب دورا هاما فى المجتمع كالرجال شريطة أن تحافظ على كرامتها وعفتها وسترها الإسلامى وقيمها الإنسانية ولا تكون مبتذلة إذ لا قيمة للنساء المبتذلات لا عند الله ولا عند المجتمع وإما الحرية عند الغرب فحيث أنها ليست مبنية على قيم وأسس دينية فلهذا وصلت إلى درجة الابتذال وحضيض الحيوانية وخرجت عن الحدود العقلائية والإنسانية ومع ذلك فهم مصرون فى تطبيق هذه الحرية ونشرها فى الدول الإسلامية وهدفهم من وراء ذلك تهديم الإسلام وتقاليده الإنسانية وثقافته القيمة ولذلك عوامل متعددة وهى تساعدهم فى ذلك:
الأول: ضعف المسلمين بشكل عام ماديا وتقنيا ولهذا فهم فى أمس الحاجة إلى الغرب أو الشرق وهذه الحاجة تدعوهم إلى الاستسلام وعدم الاستقلال.
الثانى: إن قلة معرفتهم، لا سيما المسؤولين منهم بالنظام الإسلامى كنظام الهى عام لكافة البشر إلى يوم القيامة واعتقادهم غالبا بأنه نظام غير قابل للتطبيق فى العصر الحالى أو لا يمكن تطبيقه، تؤثر فى إتاحة الفرصة لهم للدخول فى البلاد الإسلامية.
الثالث: إن للتبليغات المضللة من الغرب والشرق والدعايات الفارغة دورا هاما وتأثيرا كبيرا فى نفوسهم لأنها تزودهم بالتقاليد الغربية أو الشرقية وثقافتها.
الرابع: إن الفرقة الموجودة بين المسؤلين فى الدول الإسلامية وعدم وحدة الموقف لهم أمام الشرق والغرب تؤثر فى عدم استقلالهم وهذا خسارة وذلة لهم ولشعوبهم وأما إذا كان لهم موقف موحد أمام العالم الغربى والشرقى فهذا يكون عزة وكرامة لهم ولشعوبهم واستقلالا لبلدهم و يحسبون لهم حينئذ ألف حساب.
الخامس: إن المسؤلين والقادة فى البلاد الإسلامية لعلهم كانوا معتقدين بأن بقاءهم فى الكرسى مرتبط بعلاقتهم الوطيدة بالغرب أو الشرق وهذا خطأ منهم لأن بقاءهم فيه منوط بإخلاصهم للوطن وخدمة الشعب بأمان وصدق وعدم التلاعب بمقدراته ومعتقداته الإسلامية.
وهذه العوامل كلا أو بعضا تتيح الفرصة أمام دخول الأجانب فى البلاد الإسلامية ونشر أفكارهم المضللة وثقافتهم المتدنية المبتذلة وهدم الأفكار الإسلامية وتقاليدها الإنسانية وثقافتها القيمة.
وأما الثالثة فلأن الدين الإسلامى ليس ضد حقوق الإنسان فإن الإسلام قد أهتم بالحفاظ عليها وعدم جواز تفويتها وجعل الغرامة عليها لأن نظرة الإسلام إلى حقوق الإنسان هى المعادلة بالمثل وفى الجراحات النفس بالنفس والعين بالعين والأذن بالأذن وأشار تعالى إلى حكمة ذلك بقوله عز وجل ((وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِى الأَلْبَابِ)) وفى الأموال المعادلة بالمثل أو القيمة ومن هنا إذا قام شخص مثلا بقلع عين شخص آخر عدوانا وظلما وسَلَب عنه هذا الحق فقد جعل الله تعالى للمظلوم حق الاقتصاص منه بان يقوم بقلع عين الظالم وسلبه عن هذا الحق وذلك لأمرين:
الأول: إن حق الظالم ليس أولى من حق المظلوم فإذا لم ير الظالم هذا الحق للمظلوم فقد جعل الله تعالى للمظلوم سلطانا بأن يقوم بالاقتصاص منه بالمقدار الذى ظلمه فيه لا أكثر وهو مقتضى العدل والإنصاف والمعادلة بالمثل.
الثانى: إن ذلك عبرة للآخرين ولهذا يكون له دور كبير وهام فى التوازن وتحقيق العدالة الاجتماعية ولا يمكن تطبيق حقوق الإنسان على الظالم بدعوى أنه لا يجوز الاقتصاص منه لأنه ينافى حقه فى بقاء عينه سالمة وذلك أما أولا فلأن ذلك معناه أن حق المظلوم يذهب هدرا وهو لا يمكن لا شرعا ولا عقلاً.
وثانيا إن تطبيق حقوق الإنسان على الظالم مكافئة له فى مقابل ظلمه وهذا نوع ترويج للظلم والفساد وتشويق له ولغيره وهو مؤثر فى عدم الاستقرار والأمن فى البلد وهذا معنى قوله تعالى ((وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِى الأَلْبَابِ))، مثلا للإنسان حق البقاء
فى الحياة وليس لأحد أن يسلب عنه هذا الحق ظلما وعدوانا فإذا سلبه منه فقد جعل الله لوليه سلطانا أن يقتص منه لأن هذا هو مقتضى العدل والإنصاف والمعادلة بالمثل فمن قتل أحداً ظلما و جورا فقد باع حقه فى البقاء على قيد الحياة إذ من لم ير هذا الحق للآخر لم يكن هذا الحق ثابتا له أيضا.
ولا يمكن تطبيق حقوق الإنسان عليه لأن فيه مكافئة له فى مقابل ظلمه العدوانى وتشويقاً له وللآخرين على ذلك رغم أن فى الاقتصاص عبرة للناس وتحقيقاً للعدالة الاجتماعية والأمن فى البلد لأن دم الإنسان لا يذهب هدراً، وقد أعترف بذلك كقانون فى أكثر دول العالم.
9 محرم الحرام 1425 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
رأينا من المناسب فى هذه الأوقات الحرجة إلقاء كلمة توجيهية فى ضمن النقاط التالية:
النقطة الأولى: إن وظيفة العلماء ورجال الحوزة والطلاب وعلماء جميع المحافظات فى كل أنحاء العراق من أئمة الجماعة والجمعة والخطباء وكذلك شيوخ العشائر وزعمائهم والمثقفين بجميع أصنافهم فى هذه الظروف الصعبة القيام بدعوة شعب العراق بكل شرائحه إلى الهدوء والاستقرار واستتباب الأمن والاجتناب عن كل ما يثير البلبلة والفتنة والفساد فى البلد ومراقبة المجرمين والحركات المشبوهة بكثب وإطلاع المسؤولين عليها بسرعة وعدم الدخول فى المسائل الطائفية المثيرة للفتنة والتفرقة وإشعال نار الحرب.
النقطة الثانية: إن وظيفة هؤلاء كافة فى هذا الوقت دعوة الشعب بكل أطيافه إلى الاشتراك فى الانتخابات العامة بشكل مكثف و فعال وجاد لأسباب محددة:
الأول: إن وصول كل طائفة من طوائف العراق بما فيهم الأقليات إلى حقوقهم المشروعة مرتبط بالانتخابات الحرة النزيهة لأن لكل طائفة تعيش فى العراق حقوقا ومن الطبيعى إن لوصول كل طائفة إلى حقوقها دوراً كبيراً فى تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على الثوابت الدينية والوطنية والتوازن فى الحقوق السياسية و التعليمية والاجتماعية والإدارية والاقتصادية والأمنية وغيرها وهو مؤثر هام فى استقرار الوضع واستتباب الأمن فى البلد.
الثانى: إن الانتخابات خطوة مهمة فى سبيل استقرار الوضع فى البلد وإيجاد الأمن فان لها تأثيراً كبيراً فى نفوس الشعب حيث إن الشعب يرى استقلال بلده بها ويرى إن المجلس الوطنى منتخب بآرائه وباختياره مباشرة وان الدولة المنتخبة من قبل المجلس الوطنى دولة شرعية مستقلة عراقية حرة.
الثالث: إن للانتخابات دورا هاما و أساسيا فى إنهاء الاحتلال روحا وشكلا لأن الدولة إذا كانت منتخبة من قبل الشعب وبآرائه فهى دولة مشروعة مستقلة معترف بها دوليا ومعنى هذا إنهاء الاحتلال لأن معنى الاحتلال عدم الاستقلال هذا من جانب ومن جانب آخر ليعلم الشعب العراقى العظيم إن إنهاء الاحتلال إنما هو برص الصفوف وتوحيد الكلمة والتوافق والتلاحم والتكاتف لا بإيجاد البلبلة والتفرقة وقتل الأبرياء بأى شكل وتحت أى اسم فانه ذريعة لبقاء الاحتلال ومن يقوم بهذه الأعمال الإجرامية يقدم خدمة جليلة للمحتل.
الرابع: أن للانتخابات دوراً هاما وكبيرا فى قطع ذرايع أعداء الشعب العراقى من الداخل والخارج لأنهم يقومون بالأعمال الإجرامية بذريعة إن الحكومة العراقية معينة من قبل المحتل وليس لها أى شرعية وقانونية لأن الدولة الشرعية القانونية هى الدولة المنتخبة من قبل الشعب فإذا كانت الدولة منتخبة من قبل الشعب فهى دولة مشروعة وقانونية مستقلة عراقية معترف بها دوليا فلا تبقى لهم حينئذ ذريعة للأعمال الإجرامية.
الخامس: إن تأخير الانتخابات عن موعدها المقرر مكافئة سخية للإرهابيين والمتطرفين من الداخل والخارج المعارضين بشدة لإجرائها فى موعدها وتنازل فى مقابلهم ودعم وقوة وتشويق لهم فى مزيد من الإجرام وتخريب البلد وتخويف الناس فلو انتصر هؤلاء فى هذه المعركة لم يبق للدولة ووعودها وقراراتها أى مصداقية لدى الشعب ولا لقرارات الأمم المتحدة وهذا عامل مؤثر وهام فى جر البلد إلى كارثة لا تحمد عقباها.
والخلاصة: إن الانتخابات الحرة النزيهة تلعب دورا هاما وأساسيا وكبيرا فى وصول كافة الطوائف بما فيهم الأقليات إلى حقوقهم المشروعة والقانونية بدون تفريط، وفى إنهاء الاحتلال روحا وشكلا واستقرار الوضع والأمن فى البلد وقطع ذرايع الأعداء والمجرمين.
النقطة الثالثة: إن الشعب العراقى العزيز لابد أن يفهم إن هؤلاء المخربين والمتطرفين من الداخل والخارج أعداء للشعب بكافة شرائحه وطوائفه لا طائفة دون أخرى لأنهم أرادوا تخريب البلد
وعدم استقرار الوضع وإشعال نار الفتنة ومن الطبيعى أن ضرر ذلك يعود إلى الجميع بلا تمييز وان نار الفتنة تحرق الكل لا طائفة دون أخرى، ومن العجيب أنهم يقومون بالأعمال الإرهابية واللانسانية باسم الإسلام والدين والإسلام برئ منهم و من هذه الأعمال الإجرامية وضدها تماما لأن هذه الأعمال الإجرامية تخدم الأعداء وتشوه سمعة الإسلام والمسلمين وتكون ذريعة لاتهام الدين الإسلامى بأنه دين يروج التطرف والإرهاب مع إن الإسلام دين سلم وعدل وإنصاف وإنسانية ورأفة ورحمة ولهذا قد شجب الإسلام قتل الأبرياء واستنكره اشد الاستنكار وجعل قتل نفس واحدة بريئة أكبر جريمة فى عالم الإنسانية كما أنه جعل إحياء نفس واحدة اكبر خدمة فى عالم البشرية.
انظر إلى قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم قال عز وجل فى كتابه الكريم ((مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسٰادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمٰا قَتَلَ النّٰاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً)) فإن الله تعالى جعل قتل نفس واحدة بريئة بمثابة قتل كافة الناس كما أنه تعالى جعل إحياء نفس واحدة بمثابة أحياء الناس كافة.
ومن جانب آخر إن الدين الإسلامى قد حرم التمثيل وتشويه بدن الإنسان وهندامه وصورته وان كان عدوا للإسلام حتى فى ساحة المعركة فإذا قتل شخص مسلم عدوه فيها فلا يجوز له التمثيل به وتشويه صورته و هندامه لأن البارى عز وجل كرم بنى آدم فى الإسلام مهما كان لونه وجنسه وجعله من أحسن مخلوقاته وأفضلها وأنعم عليه بأحسن نعمه وهى نعمة العقل والإدراك
والتمييز وسخر العالم له وجعله خليفة فى الأرض ولهذا حرم الإسلام هتكه وتنقيصه وتشويه صورته وهندامه حيا كان أم ميتا هذا هو الدين الإسلامى الذى يدعو الناس إلى السلم والعدالة والاحترام وشجب الظلم والاستهتار بكافة أشكاله وأنواعه.
النقطة الرابعة: إن الحوزة العلمية المباركة للدراسات العليا الإسلامية فى النجف الأشرف بلد أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) قد أسست منذ أكثر من ألف سنة وتخرج منها آلاف المجتهدين والفقهاء العظام والأساتذة والخطباء فى كافة أقطار العالم الإسلامى ولها دور أساسى وكبير فى نشر الثقافة الإسلامية فى جميع أنحاء العالم رغم مواجهتها للظروف القاسية والمضايقات المتتالية من قبل الحكومات والأنظمة الجائرة والانتهاكات بين حين وآخر، ورغم كل ذلك إنها مستمرة فى عطائها و لا تتوقف ولن تتوقف هذا بفضل وجهود حثيثة من العلماء و الفضلاء والأساتذة والطلاب وصبرهم وتحملهم المصائب والمتاعب مهما كانت فى سبيل المحافظة على مكانة الحوزة العلمية ونشر الثقافة الإسلامية وإما فى العصر البائد فقد انتهكت الحوزة العلمية المباركة ولم يبق منها إلا أصولها ورموزها.
وبعد سقوط النظام قد أخذت عافيتها ونشاطها يوما بعد يوم إلى أن واجهت ظروفا غير مرتقبة، وأملى بالله تعالى كبير أن تمر هذه الظروف بسلام وتستعيد الحوزة نشاطها تدريجيا، ومن هنا إن الوظيفة الشرعية تملى على العلماء ورجال الحوزة وأساتذتها وطلابها الاهتمام الجاد بالدراسة والتحقيق وبذل أقصى الجهد فيها
لكى يحافظوا على مكانة الحوزة العلمية المباركة وعطائها المستمر بشكل أفضل يوما بعد يوم حتى تستعيد عافيتها بالكامل بل بشكل أكثر ازدهارا وتوسعة بما يليق بها وبمكانتها العلمية وثوابتها الدينية والإسلامية لأنها مرآة للدين الإسلامى وأنه دين سلم وعدل وإنصاف وإنسانية وضد التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وألوانه.
1 ذى الحجة 1425 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أبناء الشعب العراقى العزيز لا يخفى عليكم أن التأكيد على قضية الانتخابات والحرص على إجرائها فى موعدها المقرر من أهم القضايا التى يجب التركيز عليها لأنها الخطوة الأولى فى الاتجاه الصحيح لبناء عراق حر ولما لها من الأثر الكبير فى تحقيق العدالة والاستقرار للعراقيين ولأجل ذلك نود التنبيه على الأمور التالية:
على الشعب العراقى بكافة طوائفه وشرائحه أن يرص صفوفه ويوحد كلمته أمام مخططات الأعداء وأن يسعى جادا وبكافة الوسائل الممكنة للعمل على استقرار البلد واستتباب الأمن والاجتناب عن كل ما يثير الفتنة والشقاق وعدم الدخول فى المسائل الطائفية وبذلك ينتهى الاحتلال لا بإيجاد البلبلة بأى عنوان فإنه ذريعة لبقاء الاحتلال وخدمة له.
نؤكد على ضرورة المطالبة بالانتخابات فى موعدها المقرر وعدم جواز تأخيرها بأى ذريعة من الذرائع ولو كانت ذريعة عدم استقرار الوضع الأمنى لأن الاستقرار مرتبط بإجراء الانتخابات
لاختيار أعضاء المجلس الوطنى لوضع الدستور الدائم للبلاد وتشكيل حكومة إسلامية حرة ديمقراطية فإن لذلك تأثيرا كبيرا فى استقرار الوضع واستتباب الأمن وإنهاء الاحتلال وقطع الذرايع من هنا وهناك.
على الشعب العراقى العظيم بكافة أطيافه وشرائحه الاشتراك فى هذه الانتخابات لتقرير مصيرهم السياسى والاجتماعى والاقتصادى والوصول إلى حقوقهم المشروعة ولذا لا بد لهم من تشخيص ذوى الخبرة والصلاح والكفاءة من الشخصيات الوطنية المؤمنة التى تحرص على حقوق الناس، فإنه لابد من فسح المجال أمام هذه الشخصيات لكى تكون ممثلة عن الشعب وراعية لمصالحه وحقوقه ومحققة لطموحاته وهذا هو السبيل الوحيد لوصول كافة شرائح المجتمع بما فيها الأقليات إلى حقوقهم.
ومن هنا على أئمة الجمعة والجماعة والخطباء والمثقفين أرشاد الناس إلى الاشتراك فى الانتخابات بقوة والدقة فيها، وبيان وتوضيح أن لكل فرد من أفراد الشعب العراقى المؤهل للاشتراك فى الانتخابات حق التصويت وهو حر فى ذلك ولكن عليه مسؤولية أمام الله تعالى وأمام شعبه وهى تطلب منه أن يعطى صوته لذوى الكفاءة واللياقة والعقيدة والصلاح لخدمة هذا البلد العظيم بصدق وأمانه.
نوصيكم أن تكونوا حذرين وان تتنبهوا بأن لا تفرطوا فى حقوقكم وان لا تدعوا مجالا للنيل من هويتكم الإسلامية.
إن قانون المفوضية الذى أصدره الحاكم المدنى السابق بول بريمر بما أنه صدر فى ظروف غامضة وفى ضل فراغ سياسى وطنى وبدون استشارة القوى الوطنية السياسية فهو لا يتمتع بصفة المشروعية.
نسأل الله سبحانه أن يأخذ بأيدى الجميع لما فيه خير وصلاح هذا البلد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
نبارك شعب العراق العظيم بكافة أطيافه وشرائحه بهذا الحدث التاريخى فى هذه الظروف التاريخية الحرجة وهو الاشتراك فى الانتخابات العامة الحرة النزيهة بشكل مكثف وفعال وجاد لم يكن فى الحسبان رغم كل التحذيرات والتهديدات بالقتل والإبادة لكل من يشترك فى الانتخابات ولهذا أبهر العالم ككل وكان فوق كل التوقعات فى الداخل والخارج، ومن هنا أيدتها دول العالم من الشرق والغرب والدول الإسلامية والعربية ووصفتها بالتاريخية وبذلك أثبت الشعب العراقى كفاءته وشجاعته ومكانته للعالم فى أصعب ظروف تواجهه ورفع رأسه عاليا وبنى تاريخه و مستقبله، ولهذا وذاك ندعو من هذا المكان المقدس وهو النجف الأشرف جميع الشعب العراقى بكل طوائفه من الشيعة والسنة والأكراد والتركمان والمسيحى والآشورى والصابئين وغيرهم برص الصفوف وتوحيد الكلمة والتكاتف والتوافق والتخلى عن كافة المصالح الشخصية والإقليمية للمحافظة على وحدة العراق ومكانته وحضارته فى العالم.
ونذكرّ المسؤولين ورجال البلد أن مسؤوليتهم أمام الله تعالى وأمام شعوبهم تفرض عليهم التخلى عن جميع الأغراض والمصالح الشخصية والميول والنعرات الحزبية والدعوات الطائفية المثيرة للفتن والفساد حفاظا على سلامة العراق ووحدة الشعب ومصالح البلد العامة ككل ومكانته الإسلامية والحضارية فى كافة الاتجاهات.
ونرجو من البارى عز وجل التوفيق والسعادة لكل من قام بالسعى وبذل الجهد فى سبيل توفير الظروف الملائمة لهذا الحدث التاريخى وهذه هى الخطوة الأولى المهمة فى سبيل استقلال البلد والخروج من ظل الاحتلال وتشكيل المجلس الوطنى بإرادة الشعب مباشرة، ولكن الأهم منها الخطوة الثانية لتقرير مصير الشعب ومستقبله التاريخى الحياتى وهى وضع الدستور الدائم للعراق وعلى جميع العلماء وفضلاء الحوزة ورجالها والخطباء وأئمة الجماعة والجمعة فى كافة أنحاء العراق الاهتمام الجاد بهذه الخطوة وعليهم أرشاد الناس جميعا ولا سيما فى الشهرين المقبلين وكافة المناسبات بأن يطالبوا من المجلس الوطنى بقوة أن يكون المصدر الأصلى الوحيد فى الدستور الدائم للعراق هو الإسلام ورفض أى بند يكون مخالفا للإسلام لأن العراق بلد عريق بإسلامه وعظيم بتاريخه وله مميزات من النواحى المتعددة:
الأولى: أنه عظيم بوجود ذخائره من المياه والأراضى الزراعية والموارد الطبيعية كالنفط والغاز والكبريت وغيرها.
الثانية: أنه عظيم بوجود المراقد المشرفة للأئمة الأطهار والأنبياء (صلى الله عليه و آله) فان هذه المراقد المباركة ثروة عظيمة للبلد روحيا واقتصاديا وبإمكان شعب العراق أن يستفيد منها فى تطوير مكانة البلد ماديا ومعنويا كجارتنا (السعودية).
الثالثة: أنه عظيم بوجود الحوزة العلمية المباركة للدراسات العليا الإسلامية فى النجف الأشرف وهو بلد يتضمن فيه أقدس وأطهر جسد لأكبر شخصية إسلامية بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) فى العقيدة والإيمان بالله وحده لا شريك له والأفكار الإسلامية والثقافة الإنسانية وهو الرجل الثانى فى الإسلام المتمثل فى على بن أبى طالب عليه الصلاة والسلام.
وليعلم أن لقدسية هذه البلدة الشريفة دورا هاما وكبيرا فى مكانة الحوزة العلمية فى العالم الإسلامى وصداها وفى الدراسات العليا الإسلامية والثقافة الدينية السليمة الرافضة لأية أفكار متطرفة ومنحرفة.
ثم إن هذه الحوزة العلمية المباركة أقدم حوزة علمية إسلامية فى العالم الإسلامى وأكبرها سعة و عمقا وسلامة من أى أفكار متطرفة على أساس إن الدراسة فى هذه الحوزة المباركة المتمثلة فى الدراسات الأصولية والفقهية التى تطورت عصراً بعد عصر وقد وصلت ذروتها فى الدقة والعمق دراسة مستقلة فى كيانها ومستمدة من الكتاب والسنة فى كل تشريعاتها الإسلامية المستقلة وتحل مشاكل الإنسان فى كافة نواحى حياته العامة من الاجتماعية والفردية والعائلية والتعليمية والاقتصادية وغيرها فى طول القرون
ولا يمكن افتراض أى مشكلة فى أى عصر فى حياة الإنسان حتى فى عصر اكتشاف الفضاء الذى وصلت الحياة فيه بالتطور قمتها بدون حل ملائم من وجهة النظر الإسلامية ومن هنا لا يوجد فى هذه الدراسات الإسلامية من الأصولية والفقهية أى فكرة من الأفكار المتطرفة المنحرفة طول التاريخ باعتبار إن تلك الدراسات قائمة على أساس مبدأ الكتاب و السنة ولا يمكن أن تتجاوز عن حدود هذا المبدأ وأى فكر أو تشريع خارج عن حدوده فانه غير مقبول لأن مبدأ الكتاب والسنة ضد التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وألوانه طول التاريخ.
الرابعة: إن العراق بلد إسلامى عريق فى إسلامه وتاريخه وهو بلد الأنبياء والأوصياء لذلك يكون العراق محط أنظار العالم الإسلامى بل العالم كافة ومن هنا نوجه كلامنا إلى كافة المسؤولين فى الدولة ورجال العراق فإن مسؤوليتهم أمام الله تعالى وأمام شعوبهم المسلمة تفرض عليهم الحفاظ على مكانة العراق الإسلامية وثوابته الدينية ونحذرهم من تغيير وجه العراق وفصل الدين عن الدولة فإن فى ذلك مخاطر لا تحمد عقباها وإن ذلك مرفوض لدى العلماء والمراجع كافة و معظم الشعب العراقى المسلم ولا يمكن المساومة على ذلك، فإنهم إذا أرادوا استقرار البلد والأمن فيه فعليهم أن لا يلعبوا بمقدرات الشعب وتقاليده الإسلامية ولا يقوموا بجرحه فوق جرحه الذى لم يندمل فإن فى الماضى كفاية وهو عبرة للمستقبل كما إن العلماء والمراجع كافة ومعظم الشعب العراقى المسلم يطالبون الدولة والمجلس الوطنى فى المستقبل بقوة أن يكون الإسلام فى الدستور الدائم للعراق
المصدر الوحيد للتشريع فى البلد ورفض أى بند وتشريع من بنود الدستور الدائم إذا كان مخالفا للإسلام وهذا غير قابل للمساومة فإذن معنى المصدر الوحيد للتشريع أنه لا يجوز سن وتشريع أى قانون ودستور يكون مخالفا للإسلام وضده ولا سيما فى هذا البلد العريق فى إسلامه وأيضا ننصح الحكومة المؤقتة والحكومة القادمة من مخاطر الإقدام على الأعمال الاستفزازية التى تؤثر على مشاعر الشعب المسلم سلبا.
منها تجنيد البنات المسلمات وإعطاء تدريبهن بيد الأجنبى المحتل ونشر صورهن مع المدرب الأجنبى فى المجلات والجرائد اليومية فان لذلك تأثيرا سلبيا على الحكومة رغم إنها فى أمس الحاجة ولا سيما فى الوقت الحاضر إلى دعم الشعب لها و مساعدته وعونه.
و غير ذلك من الأعمال الاستفزازية غير اللائقة بمكانة العراق وحضارته الإسلامية الدينية طول القرون وهذا ليس معناه أن الوظيفة محرمة على المرأة فإن كل وظيفة حلال للرجل حلال للمرأة أيضاً شريطة أن تحافظ المرأة على عفتها ونجابتها وسترها الإسلامى وكرامتها وشرفها ولهذا لا مانع من توظيفها فى وزارة التعليم والتربية ووزارة الكهرباء ووزارة التخطيط وغيرها، وأما وظيفة التجنيد فهى غير لائقة بمكانة المرأة المسلمة ولا سيما على الشكل المذكور فإن حرمتها وكرامتها تنتهك بها ولا تتمكن من الحفاظ عليها، ومن هنا نطلب من الحكومة أن تسعى سعيا جاداً فى كسب مشاعر الشعب ورضاه ودعمه لها فإن لذلك دوراً هاما
وأساسيا فى استقرار الوضع واستتباب الأمن والنجاح فى تطوير البلد ومن الطبيعى أن الحكومة إنما تنجح فى ذلك إذا كان هدفها خدمة البلد والشعب بشكل فعال وجاد ويكون الكرسى عندها وسيلة لا هدفا فإن مثل هذه الحكومة تنجح فى تطوير البلد وخدمة الناس وكسب مشاعرهم ودعمهم لها وفى استقرار الوضع والأمن فى البلد حيث أن ما يبقى ويدوم ويؤثر فى استقرار البلد هو خدمة الناس والشعب أما الكرسى فهو لا يدوم مهما طال أمده.
وفى الختام نرجو من البارى عز وجل التوفيق لكل من يقوم ويسعى فى خدمة الإسلام والمسلمين و هذا البلد بصدق وإخلاص وإيمان.
25 ذى الحجة 1425 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب العراقى الكريم يا أبناءنا وإخواننا الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن الانتخابات قد مضت بالشكل المطلوب و بأكثر مما كان متوقعاً عالميا وإقليميا وفى أصعب الظروف وتحت خطر التهديدات الإرهابية وقد مهدت أرضية التوافق والوحدة بين الشعب بكل أطيافه وشرائحه ومكوناته وكانت الخطوة الأولى فى الاتجاه الصحيح.
والخطوة الثانية الأهم منها هى أن مسؤولية الشعب العراقى بكافة طوائفه وأديانه ومذاهبه أمام الله وحده لا شريك له وأمام بلدهم تفرض عليهم التعاون التام مع الحكومة العراقية المستقلة وكافة الأجهزة الأمنية المسؤولة وبشكل فعال وجاد فى مراقبة المجرمين فى كافة أنحاء العراق وفى كل مكان وإطلاع المسؤولين وقوى الأمن بكل التحركات المشبوهة والمريبة.
فعلى جميع القوى المؤمنة المخلصة، بل كافة شرائح ومكونات المجتمع التعاضد والتكاتف والتوافق والعمل يدا واحداً لتفادى وقوع أى كارثة فى المستقبل ومراعاة أقصى درجات الحيطة
والحذر والعمل الدءوب الجاد على مساعدة الحكومة والمسئولين فى كشف أوكار الإرهابيين ورموزهم وهذه خدمة لأنفسهم وبلدهم وشعبهم
كما أن عليهم أن يأخذوا بنظر الاعتبار الوضع الراهن فى البلد والأعمال الإجرامية المروعة واللاإنسانية الواقعة من هنا وهناك كل يوم من قبل زمرة فاسدة خارجة عن الدين والإنسانية، وهذا الوضع يتطلب منهم شرعا وعقلا وبحكم قيمهم الإنسانية التحرك التام والجاد وبذل أقصى الجهود بكل الوسائل والأساليب الممكنة والمتاحة بالتنسيق والتعاون مع الحكومة والجهات المسؤولة للسيطرة على الوضع فى البلد وتشخيص هذه الزمرة الفاسدة والقبض عليها وتطهير البلد منها وتسليمها إلى العدالة وإنزال أقصى العقوبة بها لتكون عبرة ودرسا للآخرين لأن التعامل معها بالرأفة والرحمة مكافأة لها وتشويق لها على الإجرام أكثر فأكثر.
وعلى الحكومة العراقية وكافة الأجهزة المسؤولة عن أمن وسلامة المواطنين من الجيش والشرطة والأمن والمخابرات وغيرهم التصدى بكل حزم للإرهابيين المجرمين والمفسدين فى الأرض وبكافة الوسائل الممكنة والمتاحة.
ومن الطبيعى إن للتوافق والتعاون والتكاتف بين الشعب والحكومة دورا بارزا وهاما وكبيرا وأساسيا فى تحجيم الإرهابيين وقطع جذورهم وتحطيم أوكارهم وغسل البلد من أرجاسهم وعلى الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار هذا التعاون من الشعب
والتفاعل معه وان تسعى جادة فى سبيل ذلك وبكافة الوسائل المتاحة لاستقرار الوضع واستتباب الأمن.
وفى الختام نرجو من البارى عز وجل أن يدفع البلاء وشر الأشرار عن هذا البلد العظيم وأن يوفق شعبه الكريم فى توحيد الصفوف ووحدة الكلمة.
22 صفر 1426 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الدولة الإسلامية هى الدولة القائمة على أساس مبدأ الحاكمية لله وحده لا شريك له وقد أسست فى عصر النبى الأكرم بيده (صلى الله عليه و آله) وظهرت فى الساحة وطبقت بكافة أجهزتها خارجا وقد نجحت فى هذا التطبيق نجاحا باهرا رغم قصر الفترة.
وحيث أن الدولة الإسلامية فى عصر النبى الأكرم صلى الله عليه و آله كانت بسيطة بكل مقوماتها وأجهزتها فلا يمكن تطبيقها فى العصر الحالى لان الدولة فى هذا العصر قد تطورت بكافة مقوماتها المتنوعة وأجهزتها المستحدثة بتقنيات عالية سعة وعمقا وبتطور الحياة العامة كذلك.
ولملأ هذا الفراغ قد تركت الشريعة الإسلامية منطقة فراغ واسعة وهى المنطقة الخالية عن التشريعات اللزومية الإسلامية لمصالح عامة وتسمى بمنطقة المباحات الأصلية.
وقد سمحت الشريعة للدولة الحاكمة أن تملأ الفراغ على ضوء متطلبات الوقت واحتياجاته والظروف المناسبة بالقيام بسن تشريعات وقوانين فى هذه المنطقة فى كافة مجالات الدولة من المجال الاقتصادى والتعليمى والإدارى بكل أشكاله وأنواعه
والمخابراتى والأمنى والجيش والشرطة وغير ذلك على أساس المصالح العامة للبلد.
وصلاحيات التشريع للدولة فى حدود منطقة الفراغ من قبل الشريعة الإسلامية قد سد الطريق أمام استخدام مصدر أجنبى للتشريع فى المنطقة المذكورة.
لا يقال: هذا صحيح ولكن هذه الصلاحية إنما أعطيت من قبل الشريعة لولى الأمر فى الدولة الإسلامية لا مطلقا ولكل دولة.
والجواب إن حكم الأولى فى الإسلام وإن كان كذلك لأن هذه الصلاحيات قد أعطيت من قبل الشريعة فى عصر الغيبة للحكومة الإسلامية التى يكون على رأسها ولى الفقيه الجامع للشرائط منها الأعلمية وأما الحكومة الإسلامية التى ليس على رأسها ولى الفقيه كما فى العراق فلا تكون لها هذه الصلاحية من قبل الشرع بعنوان أولى.
ولكن للفقيه الجامع للشرائط أن يعطى لها هذه الصلاحية فإذا أعطاها فلها أن تقوم بسن التشريعات والقوانين فى منطقة الفراغ بما يتلاءم مع تطور البلد ومتطلبات الوقت وحاجياته فى كافة ميادين الدولة على ضوء المصالح العامة للبلد، والجمعية الوطنية الموقرة مسموح لها ذلك شريطة أن لا تعتمد فى سن التشريعات والقوانين فى هذه المنطقة على القوانين الوضعية الفرنسية أو الألمانية أو غيرها، وأن يكون ذلك بإشراف الفقيه الجامع للشرائط.
ثم إن منطقة الفراغ ليست نقصا فى الشريعة الإسلامية بل هى تمثل قوة الشريعة وقدرتها على مواكبة العصور المتطورة المختلفة
طول التاريخ كما وكيفا سعة وعمقا وحل كافة مشاكل الإنسان من البداية إلى النهاية ولا يمكن افتراض أى مشكلة فى أى عصر بدون وجدان حلول لها فى الشريعة المقدسة.
إذ أنها ليست شريعة مؤقتة محدودة بالظروف التى عاشتها فى مستهل تأريخها بل أنها شريعة خالدة أبدية تنسجم مع تطورات الحياة العامة فى العصور والميادين كافة وتحل مشاكل الإنسان الاجتماعية والفردية والعائلية والأمنية والاقتصادية والإدارية وغيرها فى كل عصر. ولتوضيح ذلك نشير إلى نقطتين:
النقطة الأولى: إن انسجام الشريعة الإسلامية فى منطقة التشريعات والجعول مع كل عصر إنما هو من جهة إنها متمثلة فى علاقة روحية معنوية بين الإنسان وخالقه وهذه العلاقة لا يعقل أن تتأثر بتأثر الحياة العامة وعواملها ولا تتغير بتطورها عصراً بعد عصر لأن الأحكام الشرعية من الواجبات والمحرمات بصيغها الخاصة المحددة من قبل الشرع ثابتة بنفس هذه الصيغ المحددة طوال التاريخ وفى كل عصر مهما تطور مثلا صيغة الصلاة فى عصر النبى الأكرم (صلى الله عليه و آله) نفس صيغتها فى هذا العصر وكذلك الصيام والحج ونحوهما لأن تلك العبادات كما فرضت على الإنسان الذى يزاول عملية تحريك الآلة بقوة اليد كذلك فرضت بنفس الصيغة على الإنسان الذى يزاول عملية تحريك الآلة بقوة الذرة فلا فرق بين صلاة من يحرث الأرض بمحراثه ومن يحرث الأرض بقوة الكهرباء.
فما قيل من أن الدين الإسلامى غير قابل للتطبيق فى العصر الحالى ناشئ من الجهل به وعدم المعرفة.
فالنتيجة إن علاقة الإنسان بالدين علاقة معنوية روحية لا تتأثر ولا تتغير بالعوامل المادية بينما علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة مادية تتأثر بتأثر الحياة العامة وعواملها وتتطور بتطورها عصرا بعد عصر وقرناً بعد آخر.
النقطة الثانية: إن انسجام الشريعة فى منطقة الفراغ مع كل عصر إنما هو من جهة إن الشرع قد أعطى الصلاحية للدولة الإسلامية بسن الدستور فى هذه المنطقة حسب الحاجة والظروف الملائمة لملء الفراغ على أساس المصالح العامة وهذا معنى قدرة الشريعة على مواكبة العصور المتأخرة المتطورة وإيجاد الحلول لمشاكلها.
فالنتيجة على ضوء هاتين النقطتين هى أن الشريعة الإسلامية تكفى لحل مشاكل المجتمع الإنسانى فى الميادين الدينية والدنيوية كافة.
وبعد ذلك نقول إن العراق ليس بلدا عاديا بل هو بلد عريق بحضارته الإسلامية وبلد الأنبياء والأوصياء وفيه مراقد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ومراقد أئمة السنة وفيه حوزة علمية إسلامية كبيرة منذ أكثر من ألف سنة وتخرج منها الآلاف من المجتهدين والمراجع والفقهاء العظام والأساتذة والخطباء فى كافة البلاد الإسلامية ولهذا يكون العراق محط أنظار العالم الإسلامى.
وعلى أساس ذلك فعلى المسؤولين فى الدولة وأعضاء الجمعية الوطنية أن يأخذوا هذه الخصوصيات المميزة بعين الاعتبار فى
كتابة الدستور الدائم لأنهم المسؤولون بالدرجة الأولى عن ذلك ومسؤوليتهم أمام الله وحده لا شريك له وأمام شعبهم المسلم تفرض عليهم أن لا يقوموا بالتشريع فى منطقة الفراغ على أساس مصدر أجنبى فانه استخفاف بالإسلام وتهميش لدوره كما انه استخفاف بالهوية الإسلامية للشعب العراقى باعتبار أن الشريعة الإسلامية سمحت لهم بسن تشريعات وقوانين حسب متطلبات الوقت وحاجياته والمصالح العامة فى هذه المنطقة فلا مبرر لابتناء التشريع فيها على مصدر أجنبى بل هو عار على الأمة الإسلامية.
ومن هنا يظهر أن معنى كون الإسلام مصدرا وحيدا للتشريع أنه يغنى عن سائر المصادر.
وعلى ضوء هذه المقدمة يجب على الجمعية الوطنية بحكم المسؤولية الواقعة على عاتقهم من قبل الله عز وجل والشعب أن تأخذ بعين الاعتبار النقاط التالية الأساسية فى الدستور:
الأولى / الإسلام هو الدين الرسمى لجمهورية العراق.
الثانية / الدين الإسلامى هو المصدر للتشريع ولا يسمح سن أى قانون وتشريع مخالف لمعتقدات الإسلام وأحكامه الشرعية المتفق عليها بين المذاهب الإسلامية الخمسة.
الثالثة / أتباع كل مذهب فى هذا البلد أحرار فى العمل بمذهبهم ومعتقداتهم الدينية المذهبية وإقامة شعائرهم فى المساجد والحسينيات وفى أحوالهم الشخصية المدنية كل ذلك فى حدود القانون أى فى الحدود المسموح بها شرعا وقانونا ولا يسمح أن
يجعل العمل بالمذهب ذريعة لإيجاد البلبلة فى البلد وإخافة الناس.
الرابعة / الأقليات غير المسلمة التى تعيش فى هذا البلد لها كامل الحرية فى ممارسة طقوسها الدينية وإقامة شعائرها فى الكنائس وغيرها وفى أحوالهم المدنية كل ذلك فى حدود القانون.
نظير الأقليات المسلمة التى تعيش فى البلاد الأجنبية كأمريكا وغيره فإنهم أحرار فى العمل بمعتقداتهم الدينية وتقاليدهم الإسلامية وإقامة شعائرهم وفى أحوالهم المدنية فى حدود القانون.
تذكير
إن فى قانون إدارة الدولة المؤقت ثغرات منها ما يتعلق بالبند (ج) من المادة الواحدة والستين ومنها ما يتعلق بالفقرة (1) من المادة الثالثة فإن فى هذه الفقرة إعطاء الحق لمجلس الحكم الذى هو غير منتخب من قبل الشعب أن يلزم الجمعية الوطنية التى هى منتخبة من قبل الشعب مباشرة ببعض القرارات دون أن يحق لها الاعتراض وغيرها من الثغرات الأخرى.
فالمأمول من الجمعية الوطنية المنتخبة بآراء الشعب مباشرة أن تؤدى الأمانات الملقاة على عاتقها بإيمان وإخلاص وإرادة قوية وجادة لان لها صلاحية واسعة مأخوذة من قوة الشعب ككل وعليها أن تستفيد من هذه الصلاحية الواسعة فى كتابة الدستور وعلاج الثغرات الموجودة فى قانون إدارة الدولة المؤقت إذ لا قيمة لهذا القانون الموضوع من قبل المحتل كما انه لا قيمة لاتفاق مجلس الحكم عليه فانه غير منتخب من قبل الشعب فاتفاقه ليس
اتفاق الشعب بينما اتفاق الجمعية الوطنية اتفاق الشعب وآراؤها آراؤهم.
والخلاصة: أن على الجمعية الوطنية أن تتصرف على طبق صلاحيتها الواسعة وتمارس مسؤولياتها بدون ملاحظة أى جهة لأنها قد تؤدى إلى التقصير فى أداء الوظيفة.
وأما الاتفاقات التى اتخذت فى مجلس الحكم وقبله فهى اتفاقات غير شرعية ولا قيمة لها.
وفى الختام نسأل البارى عز وجل أن يوفق الجميع لخدمة هذا البلد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
30 صفر 1426 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
((وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ))
صدق الله العلى العظيم
مرة أخرى قام الإرهابيون القتلة من التكفيريين وأزلام الطاغية يدعمهم بعض بائعى الضمير بجريمة شنعاء يندى لها جبين الإنسانية حيث تعرضوا لمواكب العزاء فى يوم استشهاد الإمام المظلوم موسى بن جعفر عليه السلام بصواريخ حقدهم وكراهيتهم لموالى أهل البيت (عليهم السلام) حيث أدى إلى استشهاد المئات من المعزين الأبرياء على جسر الأئمة فى الكاظمية المقدسة…
ونحن إذ نشجب وبشدة هذه الممارسات الوحشية التى لا تمت للإنسانية فضلا عن الإسلام بصلة، نطالب الحكومة والمسؤولين بالأمور التالية:
إن مسؤولية الحكومة الأولى توفير الأمن والاستقرار للبلد، وعدم المساومة عليه بشيء، وعدم الاستماع والاعتداد بالمزاعم الفارغة والادعاءات المغرضة فى التهاون مع التكفيريين أو المصالحة معهم. فإن مصلحة البلد وأمنه فوق كل المصالح،
فعليهم العمل بجد وموضوعية للسيطرة على أمن البلد ولو بإعلان حالة الطوارئ قبل أن يفلت زمام الأمور من أيديهم.
نطالب الحكومة وبقوة وضع حد لهذه الأعمال الإجرامية البشعة، وأن تعمل بكل طاقاتها وإمكانياتها، وبكافة الوسائل الممكنة والمتاحة لقطع دابرهم، وإنزال أقصى العقوبات بهم أمام الملا حتى تكون عبرة للآخرين ولا تأخذكم فى هؤلاء القتلة التكفيريين المفسدين فى الأرض رأفة ولا رحمة، فإنهم قد اعترفوا بقتل الأبرياء بالعشرات، وقطع الرؤوس وخطف النساء، وزرع العبوات الناسفة وتفخيخ السيارات وتفجيرها، وقصف الأبرياء والبيوت الآمنة بالصواريخ وإشاعة الخوف والإرهاب بينهم – كما حدث فى فاجعة جسر الأئمة، فإنه إرهاب بثوب آخر – فهل تحتاج الحكومة بعد هذه الاعترافات إلى أدلة أخرى – ألا تكفى تلك الاعترافات لإدانتهم.
على الحكومة الإسراع فى محاكمة رأس النظام البائد وأزلامه وأتباعه وإنزال أقصى العقوبات بحقهم، حتى تكون عبرة لغيرهم، فإن التأخير فى ذلك مهما كان سببه يزيد فى الأعمال الإجرامية، فإنه يوجد لدى أيتام الطاغية أمل بالعودة إلى سدة الحكم.
إذا كانت الحكومة متقيدة بالالتزامات الدولية والقوانين الوضعية الغربية وليس بوسعها إعدام الإرهابيين باعترافاتهم بدون تحويلهم إلى العدالة والتسريع فى محاكمة رأس النظام وأزلامه وإنزال أقصى العقوبات عليهم فلها أن تستفيد من هذه الظروف الاستثنائية
الطارئة التى تواجه شعب العراق وتهدده بالإبادة والموت وأراقه الدماء فى كل يوم:
بإصدار قانون استثنائى من الجمعية الوطنية لمكافحة الإرهاب وإعدام هؤلاء المجرمين الذين اعترفوا بجرائمهم البشعة من ذبح العشرات من الأبرياء، واختطاف النساء واغتصابهن ثم ذبحهن فيجب إعدام هؤلاء المجرمين بدون تحويلهم إلى المحكمة، ليكونوا عبرة لغيرهم، وذلك حفاظاً على دماء العراقيين التى تراق كل يوم بيد هؤلاء التكفيريين وأتباعهم وكرامتهم وحرمتهم وعيشهم بسلام وأمان وكذلك تحويل من لم تثبت جريمته بالاعتراف أو بغيره إلى العدالة لمحاكمته أمام الملا.
إصدار قانون لمعاقبة كل من قام بالتحريض على الإرهاب والعنف، أو إيواء الإرهابيين أو مساعدتهم مهما كان شكل المساعدة، حفاظاً على سلامة الناس وأمن البلد الذى هو فوق كل المصالح. ألا ترون أن بريطانيا قد أصدرت قانوناً بعد تفجيرات المترو بتوقيف أو ترحيل كل من يحرضَ على الأعمال الإرهابية، حيث أن للدولة هذه الصلاحية فى الظروف الطارئة وليس بامكان الحكومة أن تسيطر على الوضع الأمنى إلا بذلك وبالصرامة والحزم فى تطبيق هذا القانون، والتجربة فى ذلك اكبر برهان.
عدم الاستماع إلى مزاعم مدعى تطبيق حقوق الإنسان على هؤلاء المجرمين القتلة لان ذلك كارثة بحق الشعب العراقى، وانتهاك لحرمته وحقوقه، واستخفاف بكرامته، وكأن المظلومين أو
المقتولين بالطريقة البشعة لا حقوق لهم – فلا تجعلوا الشعب المظلوم ضحية لمزاعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
على الحكومة أن تسعى بجدٍ لبذل أقصى جهدها وبكل إمكانياتها فى مجال توفير الخدمات الضرورية للشعب، من الماء والكهرباء والدواء والغذاء فى جميع أنحاء العراق ولا سيما فى النجف الاشرف بلد الإمام على بن أبى طالب (عليه السلام) مدينة العلم، ومحط أنظار العالم الإسلامى – فقد أصابها الحيف حيث صارت أسوأ بكثير من سائر المحافظات فى الخدمات الضرورية.. وأن تهتم بأمر المدينة بإنشاء المشاريع الخدمية، وتوسعة الروضة العلوية وتنظيف الشوارع المحيطة بها والعمل على حفظ الأمن وتوفير الحماية للزائرين.
على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون فرار العقول العلمية من البلد بما فيهم المثقفين والمفكرين والفنيين والأطباء والمهندسين وغيرهم، ومن تلك الإجراءات توفير المناخ الآمن للاستمرار فى عملهم وتوفير العمل ومستلزماته حتى لا تحل كارثة على البلد بخروجهم.
وأخيرا ندعو الشعب العراقى الكريم بمساعدة المسؤولين على كشف الإرهابيين وأوكارهم لتسليمهم للعدالة، كما ندعوهم إلى عدم اتهام أى جهة عشوائيا حفاظا على وحدة العراق لان من يقوم بهذه الأعمال الإجرامية اللاإنسانية هو عدو الشعب العراقى بكل طوائفه ومذاهبه وأديانه وهو يريد إشعال نار حرب طائفية تحرق الأخضر واليابس فعلى الشعب العراقى رص صفوفه وتوحيد
كلمته بكل أطيافه وشرائحه بالتوافق والتلاحم للوقوف بوجه هؤلاء المجرمين. ومن المؤسف جداً سكوت العالم ولا سيما الدول الإسلامية والعربية عن شجب هذه الأعمال الإجرامية المأساوية التى تحدث كل يوم فى العراق بيد هذه الفئة الضالة الخارجة عن الدين والإنسانية بل هناك من يحرض عليها ويبررها وكأن العراق وشعبه خارج عن خارطة العالم.
وفى الختام نسأل المولى العلى القدير أن يجنب شعبنا العراقى المظلوم المكاره، وأن يتغمد شهداء فاجعة الكاظمية وغيرهم بوافر رحمته. ويلهم ذويهم الصبر وأن يمن على الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
26 رجب 1426 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
جناب رئيس الوزراء الدكتور إبراهيم الجعفرى دام توفيقه.
بعد السلام نطلب من الله عز وجل مزيد التوفيق لحكومتكم الموقرة فى خدمة هذا البلد واستقرار الوضع واستتباب الأمن وتطهيره من أرجاس الإرهابيين الخارجين عن الإنسانية و المفسدين فى الأرض و إنقاذ البلد من الخطر الحقيقى المحدق به من عدة أطراف، ولعل أول ما يهم العراقيين فى هذه المرحلة هو مسألة الإرهاب وكيفية مكافحته والحفاظ على دماء العراقيين وكرامتهم ولهذا نطلب منكم أن تفكروا بالنقاط التالية:
(1) إن هذه الظروف الخطرة التى تواجه شعب العراق وتهدده بالإبادة تفرض على الحكومة أن تعلن حالة الطوارئ فى البلد على أساس أن البلد فى معرض خطر حقيقى وإصدار قانون استثنائى من الجمعية الوطنية لمعالجة الوضع ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومنها تطبيق أحكام القصاص على الإرهابيين الذين
يعترفون بجرائمهم البشعة على الملأ فورا وبسرعة لأن بقائهم فى السجون مكافئة لهم وتشويق للآخرين.
(2) فى هذه الظروف الحرجة الخطرة لا مجال للشعارات البراقة كالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والقيم الحضارية ودولة المؤسسات فإن مكانة هذه الشعارات إنما هى بعد استقرار الوضع فى البلد والأمن فيه، وأما فى الوقت الحاضر فالمستفيد الأول من هذه الشعارات هو الإرهابيون والمفسدون فيه وأما شعب العراق فهو ضحية لها.
(3) بدأ الناس من المثقفين والمفكرين حتى من داخل الحكومة ومن الجمعية الوطنية الانتقاد اللاذع على حكومتكم بأنها حكومة ضعيفة لا تقابل الأحداث المروعة والمتلاحقة من الانفجارات وغيرها بالقوة والصرامة حتى تكون عبرة للآخرين.
(4) بدأت النقمة عند الناس على الحكومة وازدادت هذه النقمة يوما بعد يوم لشعورهم إن دماء العراقيين رخيصة لدى الحكومة وكرامتهم مهدورة حيث أنهم فى كل يوم يقتلون ويذبحون ويغتصبون على الملأ بيد هؤلاء الإرهابيين بدون أن يقتل أو يذبح أو يشنق منهم أحد.
(5) صدر من المحكمة الحكم بالحبس على الإرهابيين والقتلة قبل أيام فى مدة تتراوح بين خمسة سنوات أو أكثر أو اقل وفى طى هذا الحكم معان تدل على عدم نزاهة المحكمة وان مثل هذا الحكم يجر البلد إلى كارثة لا تحمد عقباها وكيف يمكن أن
تحكم المحكمة بمثل هذا الحكم وهل هى حرة كيفما شاءت وأرادت فى الحكم أو أن عليها أن تحكم على طبق دستور الدولة.
(6) أكثرية شعب العراق حسب إطلاعى المسموع والمرئى والمقروء يريدون فى الوقت الحاضر حكومة قوية صارمة لا حكومة ضعيفة تدعو فقط إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان لان الشعب يريد فى الدرجة الأولى الأمن فى البلد وهو فوق كل شيء ولا يساوم بشيء.
(7) قرأت فى الجريدة وسمعت من الراديو بإصدار حكم الإعدام بحق المجرم احمد الشقيرى الذى قتل (113) نفراً من الشعب العراقى باعترافه وهذا الحكم عليه بعد فترة طويلة من اعتقاله واعترافاته شبيه بالمسرحية ومعنى ذلك الاستهانة بدماء العراقيين إذ جزاء مثل هذا الشخص فى أى دولة هو الإعدام على الملأ فورا بلا أى تأخير.
(8) إن ضعف الحكومة يؤثر على مكانة الطائفة والمراجع وعلى شخصك الكريم.
(9) على الحكومة أن تتشاور مع المؤمنين والمفكرين والمخلصين للوطن فى داخل الحكومة أو الجمعية الوطنية أو خارجها لاتخاذ القرارات الصارمة القوية لإنقاذ البلد من دوامة الإرهاب والفساد الإدارى وعدم إغلاق باب الحوار والمشاورة مع الناس وليُعلم أن الوضع لن يستقر إلا بالصرامة وإنزال أقصى العقوبات بالمفسدين.
(10) إن للتأخير فى محاكمة رأس النظام البائد ورفاقه تأثيراً كبيراً فى عدم استقرار الوضع وهو عامل أساسى فى انتشار الأعمال
الإرهابية فإن هذا التأخير أوجد عند أزلامه أمل العودة مرة أخرى إلى الساحة ولهذا فهم يقومون بالأعمال الإجرامية ويتحركون فى الساحة أكثر فأكثر ولا أدرى لماذا هذا التأخير؟ ومن هو المستفيد منه؟ ولماذا قام بعض شخصيات العالم ك – (مانديلا) وأمثاله والمحامون العرب بالدفاع عنه هل هم يدافعون عن قتله الملايين من شعب العراق وتشريده الملايين، أو عن قطعه لأذان الناس أو استعماله السلاح الكيمياوى لإبادة شعبه، أو عن القبور الجماعية، أو عن تخريبه العراق بكامل ثرواته، أو عن هتكه للشعب العراقى بكافة أطيافه واستخفافه بعقولهم رغم أن هذه الشخصيات يرون أنفسهم من عقلاء العالم؟ فإذن هم عن أى جرائمه يدافعون؟ وهل يوجد فى العالم رجل مجرم مثله؟ وهل هم يدركون أن الدفاع عن صدام ظلم وتعد على الإنسان العراقى وتفويت لحقوقه المشروعة وهدر لدمه وكرامته وهتك لحرمته وشرفه؟ وهل الكرامة والحرمة والشرف لصدام ورفاقه فقط!؟
أوصيك أن لا تتأخر فى محاكمة صدام عن وقتها المقرر وان لا تطول المحاكمة و أن لا يصدر القضاء حكما بالحبس بدل الإعدام و إلا لأدى ذلك إلى وقوع البلد فى كارثة وفوضى لا مثيل لها وتذهب كل الجهود المخلصة أدراج الرياح.
وفى الختام نطلب من الله عز وجل مزيد التوفيق لكم فى خدمة هذا البلد وشعبه وأعلم إن وظيفتى تدعونى أن أكتب لجنابكم الكريم هذه النقاط ونحن بانتظار جوابكم والسلام عليكم ودمتم بعين الله ورعايته.
22 شعبان 1426 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة موجهة من مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض (دام ظله) إلى المسؤولين فى الحكومة العراقية آملين أن يتلقوها بعين الاعتبار حفظا لوحدة العراق وحفاظا على أرواح الأبرياء وإرساءاً للعدالة الاجتماعية فى المجتمع وتثبيتا للدستور:
على الحكومة العراقية والجمعية الوطنية أن تتحرك بسرعة وجدية وموضوعية وبكافة الوسائل والأساليب الممكنة والمتاحة لمعاقبة المجرمين القتلة الذين اعترفوا أمام شاشة التلفاز بجرائمهم المنكرة من التفجيرات والذبح والاختطاف والاغتصاب والقتل بالطرق البشعة وإعدام هؤلاء المجرمين فورا أمام الملأ وبلا أى تأخير وذلك بموجب اعترافاتهم التى هى سيدة الأدلة عند كافة العقلاء فى العالم وفى جميع الشرائع السماوية ولا تكتفى بعملية البرق وغيرها فإن هذه العمليات وإن كانت إيجابية وناجحة فى الجملة إلا أنه لا يمكن استقرار البلد بها وحدها لأن للإرهابيين أساليب متنوعة وطرق مختلفة وأثواب متعددة فى القيام بالأعمال الإرهابية فى كل مكان وزمان، لأنهم غيروا أسلوبهم للدخول فى الأعمال الإرهابية من مكان
إلى آخر ومن وقت إلى وقت آخر وفى الفترة الأخيرة اقتادوا الناس من بيوتهم بزى الشرطة والحرس ومن الطرقات والشوارع والمحلات والمدارس والمساجد وغيرها ثم قاموا بقتلهم بالطريقة المفجعة وهذه الطريقة والأسلوب أبشع وأخطر وأخوف من السيارات المفخخة لدى الناس ولهذا وذاك لا يمكن للحكومة أن تسيطر عليهم وعلى أمن البلد إلا بتطبيق أحكام القصاص وعملية الإعدام على الملأ وبشكل سريع وحاسم حتى تكون عبرة للآخرين، و يجب أن تكون الحكومة جادة وصارمة فى ذلك ولا تعتنى بالصيحات التى تصدر من الداخل أو الخارج بأن ذلك مخالف للقيم الحضارية ومبادئ الديمقراطية و مفاهيم الحرية وحقوق الإنسان إذ لا موضوع لهذه الشعارات البراقة فى هذه الظروف والحالة الخطرة الاستثنائية التى تواجه شعب العراق وتهدده بالإبادة حيث يقتل فى ظلها ويذبح ويخطف وتسيل دمائه وتهدر كرامته وتهتك حرمته وشرفه فى كل يوم بالعشرات بل قد يصل إلى المئات، فينبغى أن تدرك الحكومة بأن الاستجابة لهذه بالشعارات المذكورة معناه إنها تضحى بشعب العراق فى سبيل هذه الشعارات وتتيح الفرصة والمجال للإرهابيين بالقيام بالمزيد من الأعمال الإرهابية.
ولتعلم الحكومة إن هذا التلكؤ والتسامح والتأخير فى اتخاذ الإجراءات السريعة الحاسمة قد أوقع البلد فى مستنقع الإرهاب ودَََوامته لأن الحكومة منذ أكثر من سنتين كانت تلقى القبض على الإرهابيين فى كل يوم بالعشرات أو المئات لحد الآن، ولكن لا يدرى الشعب العراقى أين هؤلاء الآن؟! ومعلوم أن منهم من يرغد فى السجون ويأكل ويشرب ويهنأ ويضحك على الحكومة
ويستفيد من شعار حقوق الإنسان، والحكومة تصرف عليهم مبالغ طائلة من المال العام فى كل يوم وعلى حراسهم بدل أن تصرف هذه المبالغ على عوائل الشهداء والمفقودين وفقراء هذا البلد، ومنهم من يطلق سراحه بالمال أو بأسباب أخرى.
وهنا نقطتان لا بد من الإشارة إليهما:
الأولى: إن على الحكومة أن تراقب بجدية تامة وبكل الوسائل الممكنة دوائر التطوع فى صنف الشرطة والجيش والحرس والأمن لأن الاختراقات فى هذه الدوائر بلغت ذروتها باعتبار إن الدخول فى أى صنف من هذه الأصناف إنما هو بالرشوة غالبا وبدون التحقيق عن سوابقه، ولهذا بامكان كل فرد سواء أكان بعثيا أم إرهابيا الدخول فى أى صنف منها إذا أراد.
ومن هنا يسرى فساد هذه الدوائر إلى البلد ككل ويجره إلى كارثة لا تحمد عقباها.
الثانية: إذا فرضنا إن الحكومة حسب التزاماتها الدولية بحقوق الإنسان لا تمتلك اتخاذ القرارات السريعة الحاسمة القوية فى حق هؤلاء المجرمين القتلة بدون تحويلهم إلى المحكمة وإن كانوا معترفين بجرائمهم البشعة، ولكن لها أن تستفيد من الصلاحيات الممنوحة لها فى الحالات الطارئة على البلد، وحيث أن فى الوقت الحاضر يواجه هذا البلد الظروف الصعبة الخطرة الاستثنائية فلها أن تقوم بإعمال هذه الصلاحيات بالشكل التالى:
1) إصدار قانون استثنائى ومؤقت من الجمعية الوطنية لمكافحة الإرهاب بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، وإعدام هؤلاء الإرهابيين
القتلة المعترفين بجرائمهم اللاإنسانية بشكل سريع وحاسم على الملأ بدون تحويلهم إلى العدالة حفاظا على كرامة العراقيين ودمائهم التى تسيل كل يوم بالتفجيرات المروعة والذبح والاختطاف والاغتصاب والقتل بشكل فجيع.
2) إصدار قانون كذلك من الجمعية الوطنية لمعاقبة كل من يقوم بالتحريض على العمل الإرهابى والعنف فى البلد أو إيواء الإرهابيين أو مساعدتهم مهما كان شكل المساعدة، للحفاظ على سلامة المواطن وأمن البلد لأنها فوق كل المصالح ولا تساوم بشيء والحكومة هى المسؤلة أولاً وأخيراً عن أمن البلد فى كل ظرف، ألا ترى أن فى بريطانيا مثلاً حينما وقع تفجير (مترو لندن) كيف أن الحكومة سرعان ما اتخذت القرارات الصارمة القوية وأصدرت قانونا استثنائيا بتوقيف أو ترحيل كل من يحرض على الإرهاب أو يساعده مهما كان شكل المساعدة أو التحريض.
وأما فى العراق فالإرهابيون منذ أكثر من سنتين يقومون بالأعمال الإرهابية البشعة من قتل الأبرياء والإخلال بالشرف وتخريب البلد، وتشريد العوائل وغيرها من الجرائم التى يندى لها جبين الإنسانية يومياً ولكن الحكومة لحد الآن لم تتخذ القرارات الحاسمة السريعة القوية للسيطرة عليهم وتطهير البلد من أرجاسهم ولا بد أن يعلموا بأنه لا يمكن القضاء عليهم إلا بتطبيق عملية القصاص على الملأ لأن دماء العراقيين ليست برخيصة قال تعالى: ((وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِى الأَلْبَابِ)) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
4 شوال 1426 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
((وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمْ لاٰ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قٰالُوا إِنَّمٰا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلاٰ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لٰكِنْ لاٰ يَشْعُرُونَ))
صدق الله العلى العظيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
مرة أخرى امتدت الأيادى الأثيمة إلى مراقد أئمة الهدى صلوات الله عليهم أجمعين حيث قامت مجموعة من الإرهابيين التكفيريين بتجاوز حدود الله تعالى وتفجير القبة الشريفة للإمامين الهادى والعسكرى عليهما السلام، ونحن إذ نستنكر هذا العمل الشنيع الذى هتكت به مقدسات الإسلام نوصى بما يلى:
1. إعلان الحداد لمدة سبعة أيام وتعطيل الأسواق والأعمال ثلاثة أيام مواساة لأهل بيت العصمة وتعبيراً عن حزننا وولائنا لهم.
2. نوصى المؤمنين جميعاً القيام بالمسيرات السلمية احتجاجاً على هذه الجريمة التى تكشف عن خبث نفوس مرتكبيها ودناءتهم، وندعوهم بالمطالبة بشدة من الحكومة بإنزال أقصى
العقوبات بالتكفيريين والإرهابيين وأيضاً ندعوهم بعدم التعرض إلى مقدسات الطوائف الأخرى ونفوسهم وأعراضهم وأموالهم.
3. نطالب الحكومة بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب العراقى وكافة المراقد المقدسة من جهة تأمين الحماية اللازمة لها، كما نطالبهم بعدم التساهل والتسامح مع مرتكبى هذه الجريمة البشعة وغيرها من الجرائم اللاإنسانية التى ترتكب فى كل يوم وإنزال أقصى العقوبات بهم كما نطالب بعدم التسامح مع المحرضين للإرهاب.
(ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم)
23 محرم الحرام 1427 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد قال تبارك وتعالى:
((ادْعُ إِلىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جٰادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))
صدق الله العلى العظيم
نود الاشارة إلى عدة نقاط:
النقطة الأولى: إن عقد الندوات والمؤتمرات فى العالم الإسلامى بين المسلمين بكافة مذاهبهم وفرقهم أمر ضرورى لرص صفوفهم وتوحيد كلمتهم ضد الحملات المغرضة على الإسلام والمسلمين بذرايع مختلفة. فتارة بذريعة التطرف والإرهاب فى البلاد الإسلامية، وأخرى بذريعة انتهاك حقوق الإنسان و الحرية فيها. والهدف من وراء كل ذلك هو تهيئة الأجواء المناسبة لنشر الأفكار المضللة والثقافات المنحرفة بين المسلمين، وتشويه سمعة الإسلام وكسر شوكته، وهدم أفكاره السامية وتقاليده الراقية بينهم، ثم إن توحيد الصفوف واتحاد الكلمة بين المسلمين أمر مطلوب مع كافة فرقهم و اتجاهاتهم ولا سيما بين
القادة السياسيين والمسؤلين فى البلاد الإسلامية من جهة، وبين العلماء والقادة الدينين من جهة أخرى.
أما بين القادة: فلأن مسؤولية القادة أمام الله تعالى وأمام شعوبهم الإسلامية تفرض عليهم أن يوحدوا كلمتهم فى كافة الاتجاهات السياسية والاقتصادية والثقافية، حتى تظهر بها قوة الإسلام وهيبته وشوكته أمام العالم ويحسب لهم ألف حساب. ولكن مع الأسف الشديد لا توجد بينهم وحدة الكلمة فى كل الاتجاهات ومن الطبيعى أن لذلك دوراً هاماً وتأثيرا كبيراً فى تخلف البلاد الإسلامية اقتصادياً وتقنياً بكافة اتجاهاته رغم الثروات الطبيعية الموجودة فى العالم الإسلامى وهذا التخلف يفتح الطريق أمام دخول الأعداء والاستعمار فى البلاد الإسلامية والتصرف فيها بحرية تامة بذرائع مختلفة ونشر أفكارهم المضللة وثقافتهم المبتذلة المنحرفة والإيعاز بأن بقاء الكرسى مرتبط بالتعاون معهم والخضوع لهم.
وأما بين العلماء: فلأن على علماء المسلمين كافة وبكل مذاهبهم أن يبذلوا قصارى جهدهم فى تقريب وجهات النظر والتعرف على آراء وأفكار الآخرين ورفع الكثير من الشبهات والملابسات و أظهار الحقائق، ومن هنا يكون عقد مثل هذه الندوات والمؤتمرات ذات أهمية كبيرة وتتبلور نتائجها على الساحة وهى التقارب فى وجهات النظر بين جميع طوائف المسلمين.
وأما اختلافهم فى الفروع حسب اختلاف مذاهبهم فهو وإن كان موجوداً بينهم إلا إن مسؤوليتهم الإسلامية أمام الله وحده لا
شريك له وأمام المسلمين تفرض عليهم أن لا يجعلوا هذا الاختلاف ذريعة للفرقة والنقاش والجدال بينهم فإن ذلك يهمش دورهم فى الساحة الإسلامية بل عليهم أن يجعلوا اشتراكهم فى الثوابت الإسلامية وأصولها أساس الوحدة بينهم لأن بها تحقن الدماء والأعراض والأموال.
ولكن الأهم من كل ذلك فى الوقت الحاضر هو محاربة الإرهاب والتطرف فى البلاد الإسلامية لأن على المسلمين كافة ولا سيما على العلماء منهم والمثقفين والمفكرين أن يقوموا جادين كيد واحدة لإنهاء دور الإرهاب فى البلاد الإسلامية وقطع شرايينه وتطهير البلاد من ارجاسه وقلعه وقمعه حيث أن فى الآونة الأخيرة قد ظهرت فئات متطرفة بين طوائف المسلمين باسم الإسلام، ويقومون بالأعمال الإرهابية الإجرامية اللاإنسانية فى بلاد المسلمين كما يقومون بهذه الأعمال الإجرامية البشعة خارج بلادهم، بل يقومون بتلك الأعمال فى أقدس الأماكن وهى المساجد وفى أثناء أهم العبادات وهى الصلاة باسم الإسلام، والدين الإسلامى بريء منهم ومن أعمالهم الإجرامية لأن الإسلام ضد التطرف والإرهاب بكل أشكاله وألوانه فإن الإسلام قد شجب واستنكر قتل الأبرياء بصرامة لا مثيل لها أنظروا إلى قوله عز من قائل ((مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسٰادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمٰا قَتَلَ النّٰاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً)) لأن الله قد جعل قتل نفس واحدة بريئة من أكبر الجرائم فى عالم البشرية وهى قتل الناس جميعاً كما أنه تعالى جعل أحياء نفس واحدة أكبر خدمة فى عالم الإنسانية وهى أحياء الناس جميعاً.
ونضيف إلى ذلك إن الإسلام حرم المثلة بكل أشكالها حتى فى ساحة الحرب فإذا قتل المسلم عدوه لم يجز له التمثيل به كقطع رأسه أو قلع عيونه أو قطع يديه أو رجليه أو شق بطنه، كل ذلك محرم فى الشريعة الإسلامية وغير جائز هذا هو الدين الإسلامى الذى يحذر الناس من كل أشكال الظلم والعدوان ويدعوهم إلى العدل والإنصاف والرأفة والرحمة والإنسانية.
ولكن هذه الفئة الضالة أوجدت البلبلة والتفرقة والجدال بين المسلمين ومن هنا يجب على المسلمين بكافة أصنافهم ولا سيما العلماء والمثقفين والمفكرين ورجال الدولة والسياسيين رص صفوفهم وتوحيد كلمتهم كيد واحدة وصوت موحد فى إزالة هذه الظاهرة السرطانية عن جسم الأمة الإسلامية بكل الوسائل الممكنة والمتاحة كتكثيف الإعلام: المرئى والمسموع والمقروء على جرائم هذه الفئة الباغية الضالة الخارجة عن الإسلام، وكاستعمال القوة وإنزال أقسى العقوبات عليهم والإسراع بتنفيذها بشكل جدى وحازم، ومسؤولية الكل أمام الله تعالى وأمام شعوبهم تفرض عليهم أن يسعوا جادين وبلا توقف وتساهل فى محاربة هذه الغدة السرطانية وقطعها عن جسم الأمة حتى تسترد الأمة عافيتها وتطهر من أرجاسها وأما التساهل والتسامح فى ذلك فهو يؤدى إلى كارثة لا تحمد عقباها لأنها كغدة سرطانية تنتشر فى جسم الأمة وتأكلها من الداخل والخارج.
أما من الداخل فإنها أوجدت الفرقة والجدال والاختلاف بين المسلمين من جهة وإيجاد الرعب والخوف بينهم من جهة أخرى
فبالنتيجة إنها تسببت فى عدم استقرار الوضع فى البلدان الإسلامية وعدم الأمن فيها وقتل الأبرياء والخطف.
وأما من الخارج فلأنها وسيلة لدخول الأعداء إلى البلاد الإسلامية تارة بذريعة أن المسلمين عاجزون عن السيطرة على الإرهابيين وأخرى بذريعة إن الدين الإسلامى يخلق التطرف والإرهاب ويشجعهما والهدف من وراء كل هذه الاتهامات القاسية تهديم الأفكار الإسلامية وثقافتها الإنسانية وتظليل المسلمين وترويج ثقافتهم المنحرفة اللاإنسانية وسد الطريق أمام استمرار تقدم الإسلام فى العالم وانتشار منهجه الإنسانى رغم هذه المعارضة الشديدة والاتهامات القاسية على الإسلام والمسلمين.
ولهذا وذاك نؤكد مرة ثانية إن على العلماء والمثقفين والمفكرين كافة أن يوحدوا صفوفهم وكلمتهم فى حربهم ضد هذه الفئة الضالة الخارجة عن الإسلام والإنسانية خطوة بخطوة بتغطية إعلامية مكثفة مرئية ومسموعة ومقروءة بمختلف اللغات ضد كل ألوان التطرف والإرهاب فى البلدان الإسلامية وغيرها، والشجب والاستنكار لكل عمل إجرامى ترتكبه هذه الطائفة الضالة فى كل مكان وبكل الوسائل المتوفرة والمتاحة كما أن على الحكومات الإسلامية أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة وبكل الوسائل الممكنة والمتاحة للسيطرة على هذه الفئة الباغية وقطع شرايينها وأصولها وإزالتها عن جسم الأمة الإسلامية لأنها خطر على الأمة والإسلام معا كما أنها خطر على الحكومات نفسها فمسؤولية الحكومات الإسلامية أمام الله تعالى وأمام الشعوب
تفرض عليها التعاون والتنسيق فيما بينها فى الأجهزة الأمنية والمخابراتية والحدودية والمطالبة من الشعوب أن تتعاون معها فى كشف أوكارها ورموزها واستعمال القوة ضدها وإنزال أقسى العقوبات عليها بلا رأفة ورحمة وبكل جدية وصرامة وحزم. وبلا أى تردد وتساهل لأن التردد والتساهل معها مكافئة لها، ومن هنا يظهر أن تقسيم الإسلام إلى الإسلام المعتدل وإلى الإسلام الأصولى خاطئ جداً ولا واقع موضوعى له لأن الإسلام هو الإسلام المعتدل المتمثل فى الكتاب والسنة وأما الإسلام الأصولى المتطرف فهو خارج عن الإسلام نهائيا ولا صلة له به لوضوح إن الإسلام ضد الفكر الأصولى الإرهابى بكل أشكاله وألوانه، و منشأ هذا التقسيم الجهل بالإسلام ونظامه.
النقطة الثانية: إن العراق العزيز قد أصبح فى الظرف الحالى بؤرة للأعمال الإرهابية والإجرامية البشعة اللاإنسانية من قبل بقايا النظام البائد و التكفيريين والإرهابيين الذين دخلوا العراق من دول الجوار ويقومون يوميا بقتل العشرات بل المئات من الأبرياء والخطف ولا سيما من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) فى المساجد والمدارس والحسينيات والشوارع والطرقات والبيوت ولا تقف عند هذا الحد بل قاموا بتهديم أكبر مقدساتنا الإسلامية وهتك حرمتها وهى المراقد المطهرة للإمامين: الهادى والعسكرى (عليهما السلام) والهدف من وراء كل ذلك إشعال نار الفتنة والحرب بين أبناء شعب واحد لإبادة البلد برمته وليعلم الشعب العراقى العزيز إن هؤلاء المجرمين القتلة أعداء الأمة جميعا لأن نار الحرب تحرق الأخضر واليابس لا طائفة دون أخرى ومن هنا على جميع علماء العراق بكافة
طوائفهم وأديانهم والقادة السياسيين اتخاذ موقف موحد حازم صارم أمام هؤلاء الإرهابيين والقتلة المجرمين وإنزال أقسى العقوبات عليهم بدون أى تأخير وتردد وتلكؤ وتساهل فإن التلكؤ والتساهل مكافئة لهم وظلم وتعدى سافر على دماء العراقيين وحقوقهم.
ولهذا وذاك ندعو الشعب العراقى بكافة مكوناته وأطيافه وأديانه من الشرق والغرب والشمال والجنوب إلى التوافق والتلاحم وأن يكون على يقظة وحذر دائماً من دسائس الإرهابيين والتكفيريين وبقايا رموز النظام لأنهم أرادوا بارتكابهم الأعمال البشعة اللاإنسانية فى العراق يومياً انجرار البلد إلى حرب طائفية لا تحمد عقباها لأن الحرب تحرق البلد ككل الأخضر واليابس بدون التمييز بين طائفة وطائفة أخرى.
ولذلك يجب على الشعب بكل شرائحه التوحد والتوافق لاستقرار الوضع واستتباب الأمن والاجتناب عن كل ما يثير الفتنة والبلبلة فى البلد والانجرار إلى حرب طائفية، وليعلم إن كل من أجج نار الفتنة والحرب فى البلد بأى عنوان وذريعة فهو عدو للعراق وشعبه ككل ومسؤل أمام الله تعالى، كما أن على المسؤلين التسريع فى تشكيل حكومة وحدة وطنية بالتخلى عن كل الأغراض الشخصية والمصالح الذاتية والحزبية والأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب المظلوم والبلد وإنقاذه من دوامة العنف وإراقة دماء الأبرياء بالعشرات بل المئات يومياً.
ثم إن الاحتلال أمر مكروه ومبغوض ولا يرضى أى فرد من الشعب العراقى به إلا أنه ليس بإجازته بل هو أمر فرض عليه، أجل إن الشعب العراقى إذا أراد إنهاء الاحتلال فإنهائه إنما هو باستقرار البلد واستتباب الأمن لا بإيجاد البلبلة فيه بأى عنوان كان لأنه ذريعة لبقاء الاحتلال ومكافئة للمحتل وخدمة جليلة تقدم له و من الواضح أن استقرار البلد واستتباب الأمن لا يمكن إلا برص الصفوف وتوحيد الكلمة بين جميع مكونات الشعب وأطيافه وأديانه فى مقابل هؤلاء التكفيريين وبقايا النظام البائد والخلاصة إن مقاومة المحتل التى لها دور بارز وأساسى فى إنهاء الاحتلال إنما هى برص الصفوف وتوحيد الكلمة بين أبناء الشعب بكافة شرائحه وأديانه وطوائفه بلا استثناء، لا بالمقاومة المسلحة لأنها تهدر دماء الشعب العراقى وتهتك أعراضه وتخرب بلده وتكون ذريعة لبقاء المحتل فى البلد مدة أطول.
النقطة الثالثة: إن سكوت العالم ولا سيما العالم الإسلامى والعربى من الأعمال الإجرامية البشعة النكراء التى يرتكبها المجرمون والتكفيريون وبقايا النظام البائد فى العراق يومياً بقتل العشرات بل المئات بأبشع الطرق اللاإنسانية أمر غريب وغير متوقع بينما إذا قام الإرهابيون بالأعمال الإرهابية فى أى نقطة من نقاط العالم قامت القيامة وصدرت الصيحات من كافة أنحاء العالم من العالم الإسلامى وغيره بالشجب والاستنكار وهذا يجعل الإنسان فى حيرة، كيف يحلل الفرق بين شعب العراق وسائر شعوب العالم وهل العراق خارج عن خريطة العالم وهل دماء العراقيين رخيصة ولا قيمة لها ولا كرامة وهل حقوق الإنسان
وضعت لغير العراقيين فقط، وهل استثنى العراقيين دون غيرهم من هذه الحقوق فإذن ما هو سبب السكوت، من هنا نطلب من الشعب العراقى بكل طوائفه وأديانه أن يتخذ موقفاً موحداً أمام التكفيريين وبقايا نظام صدام من أجل خدمة هذا البلد وإنقاذه من دوامة العنف والإرهاب والقتل وكل من تخاذل أمامهم وتهاون ولم يتخذ موقفاً صارماً ضدهم فهو مسؤول أمام الله تعالى وأمام هذا الشعب لأنه يزيد فى آلام الشعب ودوامة العنف فى البلد ككل لا شريحة دون أخرى.
وأعجب من ذلك كله أنه إذا قامت حكومة العراق بإعدام نفر من هؤلاء التكفيريين قامت القيامة من هنا وهناك وتعالت الصيحات بالاستنكار وانتهاك حقوق الإنسان بينما هؤلاء الإرهابيون كل يوم يقومون بقتل العشرات بل المئات من الأبرياء بطريقة بشعة والخطف فلا نسمع صيحة بالشجب والاستنكار وانتهاك حقوق الإنسان لا من هنا ولا من هناك وكاّن حقوق الإنسان للإرهابيين والقتلة لا للعراقيين وكأن دماءهم رخيصة فلا كرامة ولا قيمة لها، هذا على الرغم من أن تلك الصيحات اللامسؤلة الخارجة من هنا وهناك تخدم الإرهاب وتشجع الإرهابيين وتزيد فى دوامة العنف والأعمال الإجرامية النكراء.
وفى الختام نسأل من الله العلى القدير أن يمن على هذا البلد العزيز بالأمن والاستقرار ويجنبه شر الأعداء حتى يعم الخير ربوع العراق.
18 صفر 1427
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه وأفضل بريته محمد وعترته الطاهرين.
قال الله تبارك وتعالى:
((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّٰهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّٰاءُ عَلَى الْكُفّٰارِ رُحَمٰاءُ بَيْنَهُمْ))
صدق الله العلى العظيم
نعزّى العالم الإسلامى وخصوصاً أتباع أهل البيت (عليهم السلام) بذكرى ارتحال سيد الكونين الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله وسلم) والإمام الحسن المجتبى (عليه السلام).
وبما إن محبى الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار يتوافدون بهذه المناسبة على مدينة النجف الأشرف ليعزّوا نفس رسول الله وأخيه وأبن عمه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمصاب الجلل. فلهذا اغتنمنا الفرصة لنذكّر المؤمنين وخصوصاً المواكب المعزّية بالنقاط التالية:
على الزوار الكرام الاهتمام بالصلاة لأنها عماد الدين ومن أهم أركانه والاجتناب عن الكذب والغيبة والبهتان والإيذاء وغيرها من
المحرمات الإلهية ومراعاة الآداب والأخلاق وأن يلتزموا بالوقار والسكينة والهدوء والطمأنينة، وان يتعاونوا مع الضعفاء وان يراعوا الضوابط الأمنية التى وضعت من قبل المسؤولين فى محافظة النجف الأشرف لأجل المحافظة على أرواحهم.
استنكار وشجب الأعمال الإجرامية التى طالت الأبرياء من زوار أبى عبد الله الحسين (عليه السلام) فى بغداد عند رجوعهم من زيارة الأربعين وإظهار ذلك ضمن شعاراتهم وقصائدهم.
استذكار فاجعة تفجير مرقد الإمام الهادى والإمام العسكرى (عليهما السلام) فى سامراء وشجب تلك العملية الجبانة وكافة العمليات الإجرامية اللاإنسانية النكراء اليومية.
التنديد بعمليات التهجير الجماعى لأتباع أهل البيت (عليهم السلام) من مناطق سكناهم التى حصلت بالتهديد والتخويف والقتل.
مطالبة الحكومة بإرجاع هؤلاء إلى بيوتهم فوراً والحفاظ على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم لأن استمرار هذه الظاهرة أمر خطير على مستقبل العراق.
مطالبة الكيانات السياسية بالاستعجال فى تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها المخلصون لخدمة هذا البلد الجريح، وحل مشاكله الأمنية والاجتماعية والخدمية والتخلى عن المصالح الذاتية والحزبية، والأخذ بعين الاعتبار مصالح البلد العامة.
وندعو الشعب العراقى بكافة أطيافه ومكوناته برص الصفوف وتوحيد الكلمة والتوافق والتلاحم لإنقاذ البلد من دوامة العنف
والإرهاب وان لا ينجر إلى إشعال نار حرب طائفية التى لا تحمد عقباها.
((والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته))
25 صفر 1427 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
فى عدوان غاشم وتجاوز سافر يقوم الكيان الصهيونى البغيض بشن واحدة من أبشع الهجمات العسكرية الوحشية على الشعب اللبنانى العزيز، ليمارس بذلك وبكل غطرسة ووقاحة أعتى أنواع الجرائم والانتهاكات المخزية التى يندى لها جبين الإنسانية من قتل الأبرياء العزل من أطفال ونساء وشيوخ ومن استهداف المناطق السكنية والمرافق الحيوية، وقد نتج عن ذلك سقوط المئات من الشهداء والجرحى وتشريد عشرات الآلاف من أبناء شعبنا اللبنانى الكريم ومما يؤسف جداً ويعتصر له القلب بشدة إن هذا الاستهتار الصهيونى والعدوان الوحشى يحصل فى ظل صمت مخجل وتغاض واضح من ساسة العالم وموقف لامسؤول من هيئة الأمم المتحدة منحدرين بذلك إلى مستوى متدن من سقوط الضمير وموت الإرادة الإنسانية الحرة ومن المهم أن ينتبه هؤلاء الساسة إلى إن مثل هذه الحرب فى مثل هكذا منطقة حساسة وفى مثل هذه المرحلة الحرجة لو استمرت وتوسعت فإنها ستجلب الويل والدمار إلى جميع دول المنطقة فعلى كل الخيرين فى العالم أن
يتحركوا وبشكل فاعل لإيقاف هذا العدوان الغاشم وان يعملوا بجدية لإنهاء هذه الحرب المأساوية النكراء كما ينبغى على المؤمنين كافة أن يجسدوا تضامنهم ووقوفهم المشرف إلى جنب هذا الشعب المنكوب من خلال تقديم كل المساعدات الممكنة والاحتياجات اللازمة للمتضررين من أبناء هذا الشعب المظلوم وفى الختام نسأل المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء برحمته الواسعة وان يمن على الجرحى بالشفاء والعافية وان يحفظ أهلنا فى لبنان ويؤيدهم بالنصر المؤزر على أعدائهم وان يخذل الأعداء الصهاينة ويرد كيدهم إلى نحورهم أنه نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
24 / جماد الثانى / 1427 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
إن مسؤولية الحكومة بتمام مكوناتها وكتلها السياسية، ومجلس النواب أمام الله وحده لا شريك له وأمام الشعب تفرض عليها رص الصفوف وتوحيد الكلمة بين أبناء هذا البلد بكافة شرائحهم وطوائفهم، والتخلى عن جميع المصالح الذاتية والأغراض الشخصية والنعرات الحزبية والطائفية والأخذ بعين الاعتبار مصالح البلد والشعب كافة، كل ذلك من أجل إنقاذ البلد من دوامة العنف والإرهاب والقتل اليومى والخطف والتهجير القسرى والقتل على الهوية والعنف الطائفى والفساد الإدارى والمالى الذى جر البلد إلى كارثة لا تحمد عقباها… ولهذا وذاك على الحكومة والجمعية الوطنية أن تتحرك بجدية وقوة بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لمعاقبة المجرمين والقتلة والمفسدين الذين يلعبون بأموال الشعب ومقدراته بدون أى تلكؤ أو تسامح، لأن التلكؤ والتسامح معهم مكافئة لهم، ولا يمكن علاج هذه المشكلة بالشجب والاستنكار والخطابات الحارة فقط بدون المقابلة بالعمل الصارم الجدى، والتجربة فى ذلك درس وعبرة والله الهادى.
6 رجب 1427 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
إن شبابنا المؤمنين هم رجالنا فى المستقبل وهم العمود الفقرى لمجتمعنا ولذلك يجب علينا الاهتمام بدورهم وبذل أقصى الجهد فى تربيتهم وتثقيفهم بالثقافة الدينية والأخلاقية وتجهيزهم وتزويدهم بطاقات نفسيه كبيرة وأخلاق سامية إسلامية وحل مشاكلهم المعقدة وهذا الحل يتمثل فى توفر العناصر التالية:
الأول: يتمثل فى الإيمان بالله القادر المطلق الذى قدمته شريعة السماء إلى الإنسان على الأرض وترسيخ هذا الإيمان فى نفوسهم فإنه يعالج الجانب السلبى من مشكلة الإنسان الكبرى حيث أنه يرفض الضياع والإلحاد ويضع الإنسان موضع المسؤولية أمام الله تعالى فى مسيرته وحركته فى هذا الكون بالطريق المستقيم والعادل ويبعده عن التصرفات اللامسؤولة والمنحرفة والسلوك الغير مستقيم فالإنسان الضائع هو الذى يكون تحركه وسيره فى الكون عشوائيا وينفعل بالعوامل وتتجاذبه الأهواء يميناً ويساراً وإما الإنسان المؤمن فإنه يستمد حركته ومسيرته فى الكون (الفردية والأسرية والاجتماعية) من الكتاب والسنة ويطلب العون من الله
تعالى فى كل شيء لأنه القادر المطلق، فدور الإيمان بالله دور الارتباط بالمطلق ودور الاستقرار والطمأنينة فى النفوس ودور الهداية وعدم الضياع ودور اعتماد الإنسان المؤمن فى كل مرحلة من مراحل مسيرته الطويلة الشاقة على خالقه العظيم. ويتبلور هذا الدور عند يأس المؤمن عن كافة العلاقات مع الناس ومع الطبيعة وانقطاعه عنها فإنه فى هذه الحالة ميئوس عن كل شيء إلا عن رحمة المطلق المنان لأنه الوسيلة الوحيدة له فى هذه الحالات الصعبة.
الثانى: يتمثل فى العبادات لأن دور العبادات كبير فى الإسلام، فإن نظام العبادات الشرعية الإسلامية نظام أبدى ثابت لا يتأثر بطريقة الحياة العامة التى تتأثر وتتطور وقتا بعد وقت وقرنا بعد أخر فإن الإنسان كما يصلى فى عصر الحجر ويصوم ويحج كذلك يصلى فى عصر الفضاء ويصوم ويحج وهكذا الآن العبادات فى العصر المتحضر وهو عصر الذرة نفس العبادات فى القرن البدائى والعصور السابقة ولا يتأثر بتأثر الحياة الطبيعية وتطورها واختلاف أسلوبها حيث أن الإنسان الذى يقود الأشياء بقوة الذرة ويزاول عملية السير فى الفضاء ويصلى ويصوم ويحج فكذلك الإنسان الذى يقود الأشياء بقوة اليد فنظام العبادات نظام ثابت لا يتغير والسبب فيه أن العبادات علاقة بين الإنسان وربه وهى علاقة معنوية لا تتأثر بمرور الزمان وتطوره ولا يختلف باختلاف أسلوب الحياة وتطورها وقتا بعد وقت، وأما علاقة الإنسان بالطبيعة فهى علاقة مادية تتأثر بتأثر الطبيعة وتطورها قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر.
الثالث: يتمثل فى ترك المحرمات الإلهية فإن له دورا كبيرا فى المجتمع الإسلامى وفى سلوكه الأخلاقى وتوازنه الاجتماعى على أساس أن المحرمات الإلهية فى نوعيتها من الأعمال القبيحة والدنيئة عند العقلاء، لأنها إذا شاعت فى أى مجتمع أفسدته خلقيا وأخرجته من الترفع الإنسانى إلى التدنى الحيوانى ولهذا حرمها الشارع الحكيم على الناس زائدا على حرمتها عند العقلاء وجعل لمرتكبها عقابا فى يوم المعاد وعقوبة فى الدنيا قبل الآخرة. لأن الرذائل والآثام لو شاعت فى أى مجتمع لأفسدته وأسقطته عن درجة المجتمع الإنسانى وأزالت منه الأمن والأمان وراحة البال ومن هنا يجب علينا جميعاً ولا سيما على شبابنا المسلمين الابتعاد عن هذه الرذائل والاجتناب عنها وصرف أقصى جهدهم حتى يصبح ذلك ملكة فاضلة لهم، وبهذا يكونون قد خدموا أنفسهم ومستقبلهم ودينهم ومجتمعهم وأصبحوا أناسا مميزين كما ينبغى أن يكون تعاملهم فيما بينهم ومع الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة وبابتسام الوجه وبلسان طيب وحسن المعاشرة مع الناس بالخلق الكريم فإنها تورث المودة والمحبة فيما بينهم وبعد ذلك نقول أن من يجهز نفسه بالإيمان بالله المطلق معنويا وروحيا ويربط حياته ووجوده كل بإفاضته المطلقة بحيث لو انقطعت لانقطعت حياته وأنه لا حول ولا قوة إلا بحوله وقوته وأدى ما يجب عليه من العبادات وترك المحرمات عمليا فى سلوكه الشخصى والاجتماعى والأسرى فقد عالج مشكلته الكبرى وهى التناقض بين الدوافع الذاتية والميول والاتجاهات الشخصية وبين مصالح الإنسان الكبرى وهى: الدين والعدالة الاجتماعية فإن
الإيمان بهذه العناصر الثلاث يجهز الإنسان بطاقات غريزة الدين ودوافعه وبذلك تصبح المصالح العامة للمجتمع الإنسانى منسجمة مع الميول الطبيعية والدوافع الذاتية هذا هو دور الدين فى سلوك الإنسان وحل مشاكله الكبرى.
15 شعبان 1427 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)
صدق الله العلى العظيم
دولة الدكتور السيد نورى المالكى رئيس وزراء العراق دام عزه.
السلام عليكم وعلى جميع القائمين معكم بتحمل المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقكم لتثبيت دعائم حكومة حرة عادلة، والساهرين لخدمة هذا الشعب المظلوم المضطهد ورحمة الله وبركاته.
وبعد… فإننا ننتهز هذه الفرصة لنلفت نظركم إلى مسألة مهمة ومصيرية تحز فى نفوس المسلمين بشدة ولا سيما محبى أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، وهى مسألة أعمار مرقدى الإمامين على بن محمد الهادى والحسن بن على العسكرى عليهما السلام فى سامراء.
ولا يخفى عليكم إن الإرهابيين التكفيريين وأذنابهم من البعثيين الصداميين قد أظهروا بهذه الجريمة البشعة وبشكل سافر بغضهم
الشديد وعداءهم المشين لرسول الله (صلى الله عليه و آله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة الطاهرين من ولده (عليهم السلام) فهتكوا حرمة رسول الله وأولاده الطاهرين بتفجير المرقدين المقدسين.
نحن نرى أن الحكومة فى الظروف الحالية لم يكن بوسعها تأمين الطريق المؤدى إلى مدينة سامراء وتوفير الأمن وحماية زوارها، ولكن ألم يكن بوسعها تشكيل لجان أمنية من وزارتى الدفاع والداخلية لحماية عمال مؤمنين لرفع الأنقاض ومخلفات الانفجار عن المرقدين الشريفين ونقلها إلى أرض بكر ودفنها فيها وجمع الأشياء الثمينة والمذهبات المنتشرة بين الأنقاض والأتربة وكونوا على ثقة يا أبا أسراء لو كانت الظروف ملائمة والوضع مستقراً والأمن متوفراً لم نكن بحاجة فى تعميرهما وكافة متطلباته إلى الحكومة لأن المؤمنين والمخلصين من الشيعة فى أنحاء العالم على استعداد لبذل الغالى والنفيس فى سبيل مقدساتهم وإحياء شعائر مذهبهم ولكن الظروف الحالية منعتنا عن ذلك ولهذا تقع هذه المسؤولية الكبيرة على عاتق الحكومة ويتطلب منها التحرك السريع للقيام بعملية التنظيف حيث إن سقوط الأمطار فى الشتاء والربيع على هذه المخلفات يجعلها بقعة كبيرة من الوحل والطين والركام وهى تضر بالقبور المقدسة تحت الأنقاض وقد توجب انهدامها وهذا اعتداء جديد وهتك مستمر على مقدساتنا وحرماتنا.
ومن هذا المنطلق ننبهكم إلى ضرورة الاهتمام بهذا الموضوع الحساس والحيلولة دون إلصاق تهمة الضعف إلى حكومتكم المسؤولة عن مثل هذه الأمور الخطيرة. كما نطلب من المجلس النيابى
الموقر الاهتمام بهذا الشأن وتكثيف الجهود لمساعدة الحكومة فى اتخاذ القرارات المصيرية البناءة ولتعلم يا أبا أسراء إن بقاء المرقدين الشريفين بهذا المنظر المشين هتك سافر للمذهب وللمراجع ولحكومتك وللطائفة كافة ولا يقبل أى فرد عدم قدرة الحكومة على القيام بتنظيف الحرمين المقدسين من الأنقاض ومخلفات الانفجار ونطالبكم بالقيام بهذه المهمة الصعبة ونحن على ثقة بأنكم على مستوى المسؤولية الكبيرة المناطة بكم والله معكم والشعب.
ونرى أن المسألة تنحصر فى القيام بتنفيذ الخطوات التالية:
أولاً: الإسراع بإزالة مخلفات الانفجار وتنظيف المرقدين الطاهرين.
ثانياً: البدء بأعمال التعمير تدريجياً.
ثالثاً: شراء الأملاك المجاورة القريبة المحيطة بالصحن الشريف لغرض توسعة وبناء المنشآت والملحقات اللازمة لهكذا كيان مقدس فى المستقبل.
رابعاً: الإسراع بمحاكمة المجرمين الذى اقترفوا الجريمة الشنيعة وإنزال أقصى العقوبات بهم وبكل من ساهم معهم فى هذا العمل المشين أمام الملأ.
وفى الختام نرجو من الله العلى القدير أن يحفظكم والمخلصين المضحين بالغالى والنفيس لرفع مكانة العراق إلى استعادة السيادة والاستقلال والاستقرار والحرية والعدالة الاجتماعية
والله الموفق والمعين
8 شعبان 1427 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى دولة رئيس الوزراء السيد نورى المالكى المحترم.
بعد السلام والتحية الوافرة والدعاء لكم بالسلامة والموفقية والسداد، أريد أن أذكركم بما يلى:
إن المصالحة الوطنية فى غاية الأهمية إذا نجحت، ومن الواضح أن نجاحها مرهون بتوفر النيات الخالصة من كافة الأطراف المشاركة، بأن يكون هدف الكل إنقاذ البلد من الأوضاع المأساوية التى تمر عليه، من القتل والخطف والتهجير القسرى والفساد الإدارى والمالى، وفقدان الخدمات الأولية الحياتية رغم مضى أربع سنوات تقريباً على سقوط النظام.
ومن هنا نلفت أنظاركم إلى النقاط التالية:
النقطة الأولى / الإرهاب: إن الحكومات السابقة قد فشلت فشلاً ذريعاً فى الطريقة التى اتخذت للتعامل مع الإرهابيين والقتلة والمفسدين فى البلد طوال أكثر من ثلاث سنوات بل إن هذه الطريقة قد ساعدتهم فى الأعمال الإرهابية والإجرامية أكثر فأكثر بأساليب متعددة ولا يجدى مجرد الشجب والاستنكار والفتوى
بتحريم دماء العراقيين والخطابات الحادة بدون إنزال أقصى العقوبات عليهم أمام الملأ.
ومن هنا على حكومتكم الموقرة أن تغير الطريقة وتتخذ أسلوباً آخر أكثر قوة وقسوة لأن علاج مشكلة الإرهاب والفساد الإدارى والمالى لا يمكن إلا أن تتعامل الحكومة معهم بالحزم والصرامة وبالمثل كما علمنا القرآن الكريم بقوله عز من قائل ((وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)) وقال تعالى فى آية أخرى ((وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِى الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) وحيث أن دماء العراقيين ليست برخيصة حتى تذهب هدراً بدون القصاص العادل، ولهذا تفرض عليك مسؤوليتك أمام الله تعالى وأمام الشعب أن تستفيد من صلاحيتك بصفتك رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بأقصى ما يمكن والسعى الجاد فى تفعيل قانون مكافحة الإرهاب لمحاسبة هؤلاء المجرمين والمفسدين لإنقاذ البلد منهم، ولتعلم إن الشعب بكافة أطيافه وشرائحه يريد من حكومتك استعمال القوة والصرامة أمام هؤلاء والضرب بيد من حديد.
النقطة الثانية / وأد الفتن ومواجهة الفساد: إن على حكومتك أن تقوم بإخماد نار كل فتنة وبلبلة فى البلد من حين اشتعالها فى عقر دارها بالصرامة والحزم من أى حزب أو فئة ومنظمة كانت وتحت أى أسم وذريعة وإنزال أقصى العقوبات على من يثير هذه الفتنة
والبلبلة ويخل بالنظام العام حتى يكون درساً له وللآخرين من جهة ولا تنتشر إلى سائر أرجاء البلد من جهة أخرى.
إذ الحكومة فى طوال هذه الفترة لو كانت واقفة وقفة شجاعة صارمة أمام الإرهاب والتهجير القسرى والفساد الإدارى والمالى من بداية ولادتها وظهورها باتخاذ الإجراءات القوية اللازمة حولها ودفنها فى عقر دارها فلا تنمو ولا تتسع ولا تنتشر إلى هذا الحد ولكن التساهل والتسامح والتلكؤ من الحكومة والانشغال بالعمل السياسى والعراك على الكراسى والاهتمام بالمصالح الذاتية والأغراض الحزبية والوصول إليها بدون النظر إلى مصالح البلد والشعب العامة جر البلد إلى هذه الأوضاع المأساوية الخطرة.
ولهذا نطلب منكم وبشدة، استعمال القوة أمام هذه الظاهرة الإجرامية مهما كانت الظروف والضغوطات عليكم من هنا وهناك لأنك إذا وقفت أمام هؤلاء وقفة قوية وبإرادة حديدية فالشعب بكافة أطيافه واقف خلفك بحزم وقوة ومعك إلا الإرهابيون والصداميون والمفسدون وأصحاب المصالح الذاتية.
نعم يمكن أن تخرج صيحات من الداخل والخارج باتهامك تارة بالدكتاتورية وانتهاك حقوق الإنسان وأخرى بالطائفية ولكن عليك أن لا تهتم بها أصلاً لأنها تمر مر السحاب وأنك جئت لتخدم بلدك وشعبك وفى نفس الوقت مستقبلك والشعب معك وواقف خلفك فإذن من أى شيء تخاف.
النقطة الثالثة / ضعف الخدمات العامة: إن الحكومة تعلم إن هذه الأزمة الخانقة للخدمات الأولية العامة فى البلد نابعة عن الفساد