فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

الاراضی – مجموعة دراسات و بحوث فقهیة اسلامیة

جلد

1

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه الاراضی – مجموعة دراسات و بحوث فقهیة اسلامیة

الاراضی – مجموعة دراسات و بحوث فقهیة اسلامیة

عنوان کتاب : الاراضی – مجموعه دراسات و بحوث فقهیه اسلامیه
نام ناشر : غلام رضا شريعتي و اخوانه
جلد : 1
تعداد صفحات: 432

الاراضی 1)


Page Is Empty

الاراضی 2)


Page Is Empty

الاراضی 3)


Page Is Empty

الاراضی 4)


Page Is Empty

الاراضی 5)


Page Is Empty

الاراضی 6)


Page Is Empty

الاراضی 7)


المقدّمة

الارض التي قد استولى المسلمون عليها من دون قتال،سواء أ كان من ناحية انجلاء أهلها أم كان من ناحية تسليمها للمسلمين ابتداء،أو صلحا فلا شبهة في كونها من الانفال.

و تدل على ذلك:-اضافة إلى عدم الخلاف بين الاصحاب قديما و حديثا،بل عن جماعة دعوى الاجماع في المسألة-مجموعة من النصوص

منها صحيحة حفض بن البختري عن أبي عبد اللّه(ع)قال:

(الانفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب،أو قوم صالحوا،أو قوم أعطوا بايديهم،و كل ارض خربة،و بطون الاودية فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم،و هو للإمام(ع)من بعده،يضعه حيث يشاء) 1.

و هذه الصحيحة تتضمن عدّة عناوين قد جعلت كلها من الانفال.

الاول:ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب.

الثاني:أرض الصلح،على تفصيل يأتي في محله.


 

1) <page number=”7″ />الوسائل ج 6 الباب 1 من ابواب الانفال الحديث 1.

 

الاراضی 8)


الثالث:الارض التي سلّمها أهلها للمسلمين تسليما ابتدائيا.

الرابع:الارض الخربة.

الخامس:بطون الاودية.

و سوف نتكلم في كل واحد من هذه العناوين في ضمن البحوث القادمة بشكل موسع إن شاء اللّه تعالى.

و منها موثقة محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه(ع)أنه سمعه يقول:

(أن الانفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا و أعطوا بايديهم و ما كان من أرض خربة،أو بطون أودية،فهذا كله من الفيء،و الانفال للّه و للرسول.و ما كان للّه فهو للرسول (ص)يضعه حيث يحب) 1.

و هذه الصحيحة كالأولى و لا فرق بينهما إلا في نقطة واحدة و هي أن في الصحيحة الاولى قد جعل الأنفال للرسول(ص)،و من بعده للأئمة(ع).و في هذه الصحيحة قد اقتصر على جعلها للرسول(ص)

و لكن هذا المقدار من الفرق غير فارق بعد ما كان معلوما من الخارج أن ما كان للرسول(ص)فهو للإمام(ع).

و منها:صحيحة معاوية بن وهب قال:قلت لأبي عبد اللّه(ع):

(السريّة يبعثها الامام(ع)فيصيبون غنائم كيف يقسم قال:

أن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الامام(ع)أخرج منها الخمس للّه و للرسول،و قسم بينهم أربعة أخماس،و أن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام(ع)يجعله حيث أحب) 2.


 

1) <page number=”8″ />الوسائل ج 6 الباب 1 من أبواب الانفال الحديث 10
2) الوسائل ج 6 الباب 1 من أبواب الانفال الحديث 3

 

الاراضی 9)


و هذه الصحيحة تدل بوضوح على أن كل ما غنم من الكفار من دون قتال فهو للإمام(ع)هذا.و لكن لا يبعد اختصاص هذه الصحيحة بغير الارض بقرينة التقسيم فيها.

و منها:موثقة سماعة بن مهران قال:سألته عن الأنفال فقال:

(كل راض خربة،أو شيء يكون للملوك فهو خالص للإمام، و ليس للناس فيها سهم،قال:و منها البحرين لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب) 1.

و منها:موثقة اسحاق بن عمار قال:سألت أبا عبد اللّه(ع)عن الأنفال فقال:(هي القرى التي قد خربت و انجلى أهلها فهي للّه و للرسول(ص)،و ما كان للملوك فهو للإمام(ع)،و ما كان من الارض بخربة لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب،و كل أرض لا رب لها،و المعادن منها،و من مات و ليس له مولى فما له من الأنفال 2.

و هذه الموثقة:تتضمن مجموعة من العناوين و جعلت جميعها من الأنفال و سيأتي البحث عن كل واحد منها في ضمن الابحاث الآتية.

و منها:موثقة زرارة عن أبي عبد اللّه(ع)قال:قلت له:

ما يقول اللّه: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ قُلِ الْأَنْفٰالُ لِلّٰهِ وَ الرَّسُولِ» (و هي كل أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل،و لا رجال،و لا ركاب،فهي نفل للّه و لرسوله) 3.


 

1) <page number=”9″ />الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب الانفال الحديث 8.
2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب الانفال الحديث 20.
3) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب الانفال الحديث 9.

 

الاراضی 10)


و هنا عدة روايات أخرى.تدل:على ذلك،و لكن بما انها جميعا كانت ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد عليها،الا أن يدعى تواترها اجمالا،و هو غير بعيد.

بحث عن عدة خطوط

الخط الأول:أن هذه الروايات تصنّف إلى عدة مجموعات:

الأولى:جاءت بهذا النص كل أرض خربة للإمام(ع).

الثانية:جاءت بنص آخر:القرى التي قد خربت،و انجلى أهلها فهي للّه،و للرسول(ص).

الثالثة:جاءت بنص ثالث:ما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليها بخيل،و لا ركاب

الرابعة:جاءت بنص رابع:كل أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل،و لا رجال،و لا ركاب،فهي نفل للّه،و للرسول(ص).

الخامسة:جاءت بنص خامس:كل أرض لا رب لها.

السادسة:جاءت بنص سادس:أو قوم صالحوا،أو قوم أعطوا

الاراضی 11)


بأيديهم.و بعد ذلك نقول:

لا شبهة في ان المجموعة السادسة:لا تنافي بقية المجموعات برمّتها،كما هو ظاهر.

و أما المجموعة الخامسة:فهي أيضا لا تنافي سائر المجموعات.

أما عدم تنافيها للمجموعة الرابعة بنكتة أن جلاء أهل الأرض لا يستلزم انقطاع علاقتهم عنها نهايتا لكي تصبح الأرض من الأرض التي لا رب لها.

و ذلك لأن منشأ جلاء أهلها لا يخلو من أن يكون خوفهم من سيطرة المسلمين عليها من دون أعراضهم عنها،بحيث متى زال الخوف من سيطرتهم رجعوا اليها،أو يكون منشأه تسليمهم الارض لهم تسليما ابتدائيا،أو اعراضهم عنها نهائيا.

اما الفرض الأول:فلا يوجب انقطاع علاقتهم عنها نهائيا بغير شبهة و اشكال.

و اما الفرض الثاني:فالارض،و أن خرجت عن نطاق ملكيتهم، و دخلت في الانفال،ألا ان خروجها انما كان بعنوان تسليم أهلها لها،لا بعنوان ما لا رب لها.

و اما الفرض الثالث:ففي سببيته لانقطاع علاقتهم عنها كلام و اشكال و سيأتي بيانه في ضمن الابحاث القادمة إن شاء اللّه تعالى.

نعم،إذا افترضنا ان الجلاء يوجب انقطاع علاقة المالك عن مملوكه و يوجب دخول الارض في نطاق الارض التي لا رب لها،

الاراضی 12)


فعندئذ يقع التنافي بين المجموعتين بناء على ما هو الصحيح من ظهور القيد في الاحتراز،و دلالته على ان الحكم غير ثابت للطبيعي على نحو الاطلاق،و الا لكان القيد لغوا.

و على ضوء هذا الاساس،تدل المجموعة الرابعة على ان الحكم -و هو النفل-لم يثبت لطبيعي الأرض التي لا رب لها،بل ثبت لحصة خاصة منها-و هي التي يكون عدم الرب لها من ناحية جلاء اهلها-و الا لكان هذا القيد لغوا محضا بعد ما ثبت الحكم للطبيعي الشامل لها.

نعم،بناء على ما هو المشهور بين الأصحاب من عدم ظهور القيد في امثال الموارد للاحتراز،أو عدم اخذهم به و حمله على الاهتمام به في مورده أو نحوه فلا معارضة في البين اصلا.

فالنتيجة لحد الآن قد اصبحت انه لا تنافي بين هاتين المجموعتين على اساس كلا المسلكين.

و اما عدم تنافيها مع المجموعة الثالثة:فباعتبار انها تعم ما إذا كان لها اهل و رب و ان كان باستيلاء المسلمين عليها بغير الجهاد المسلح تخرج عن نطاق ملكية اهلها و تدخل في نطاق ملكية الامام(ع).

فتكون النسبة بين المجموعتين عموما من وجه،و مورد الالتقاء بينهما الارض الخربة التي لا رب لها،و مورد الانطباق للمجموعة الخامسة خاصة:الارض المعمورة التي لا رب لها،و مورد الانطباق للمجموعة الثالثة خاصة:الارض الخربة التي لها رب.

الاراضی 13)


و اما عدم تنافيها مع المجموعة الثانية:فلأجل انها تعم صورة ما إذا كان لها اهل و رب،فان انجلاء الاهل لا يستلزم انقطاع علاقتهم عنها نهائيا،و لا يكون من اسباب ذلك،و عليه فتكون النسبة بين المجموعتين عموما من وجه لا عموما مطلقا.

و من هنا يظهر عدم تنافيها مع المجموعة الأولى أيضا،لأن تلك المجموعة تشمل ما إذا كان لها اهل فتكون النسبة بينهما عموما من وجه أيضا.

و اما المجموعة الرابعة:فلا تنافي مع المجموعة الأولى،و ذلك لأن كلا منهما يتضمن قيدا يوجب الخصوصية فيها من ناحية،مثلا الارض في المجموعة الأولى قد قيدت بصورة كونها خربة،و في المجموعة الرابعة قد قيدت بصورة جلاء اهلها،فيكون لكل من المجموعتين جهة خاصة من ناحية،وجهة مشتركة من ناحية اخرى.

و لا جل ذلك لا تنطبق المجموعة الأولى على الأرض المعمورة التي انجلى اهلها،فهي خاصة من هذه الناحية،و المجموعة الرابعة على الارض الخربة التي لم ينجل اهلها،فهي خاصة من تلك الناحية، و تنطبقان معا على الارض الخربة التي انجلى اهلها.

فالنتيجة ان النسبة بينهما عموم من وجه،لا عموم مطلق.

و كذلك لا تنافي مع المجموعة الثانية،و ذلك لأنها تشتمل على عنوان لا تنطبق المجموعة الرابعة عليه-و هو عنوان القرى التي قد خربت-و لا جل ذلك لا تكون النسبة بينهما عموما مطلقا،كما انها لا تنطبق على عنوان الارض فقط.

الاراضی 14)


و من هنا ذكر الامام(ع)في موثقة اسحاق بن عمار المتقدمة هذا العنوان،أي عنوان القرية الخربة في مقابل الارض الخربة، و هذا شاهد صدق على ما ذكرناه.

و اما مع المجموعة الثالثة:فالظاهر انه لا تنافي بينها و بين تلك المجموعة.و ذلك لأن الظاهر منها انها تعمّ صورة ما إذا لم يكن لها اهل،فان استيلاء المسلمين على الارض بغير الجهاد المسلح يعم هذه الصورة،حيث انه قد يكون من جهة تسليم الارض لهم ابتداء،و قد يكون من ناحية عدم اهل لها حتى يقاومهم على ذلك و قد يكون من جهة اخرى.فحينئذ-تكون النسبة بين المجموعتين عموما من وجه، و مورد الالتقاء بينهما:الارض الخربة التي قد انجلى اهلها،و مورد الاختصاص للمجموعة الثالثة:الارض الخربة التي لا اهل لها،و مورد الاختصاص للمجموعة الرابعة:الارض المعمورة التي انجلى اهلها.

و اما المجموعة الثالثة:فالظاهر ان النسبة بينها و بين المجموعة الأولى عموم و خصوص مطلق،فان المجموعة الأولى تعم جميع الاراضي الخربة و الميتة،سواء أ كان لها اهل أم لم يكن،و سواء استولوا عليها المسلمون،أم لا.

و أما المجموعة الثالثة فهي خاصة بالاراضي الخربة التي قد استولوا عليها المسلمون بغير عنوة،و ذلك بدلالة تقييد الارض الخربة فيها بقوله(ع)لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب،فان هذا التقييد يدل على ان الاستلاء عليها كان بغير اراقة الدماء و الجهاد المسلح.

و على ذلك فعلى ضوء ما هو المعروف و المشهور بين الاصحاب قديما و حديثا من انه لا موجب لحمل المطلق على المقيد في امثال الموارد و انه يؤخذ بالمطلق على اطلاقه و يحمل القيد على نكتة اخرى كالتأكيد

الاراضی 15)


او الاهتمام أو ما شاكل ذلك فلا تنافي بين المجموعتين.

و اما على ضوء ما هو الصحيح من انه لا موجب لرفع اليد عن ظهور القيد في الاحتراز فلا يمكن الاخذ بالمطلق على اطلاقه،لتوفر التنافي بين ظهوره فيه،و ظهور القيد في الاحتراز فلا يمكن الجمع بينهما،فعندئذ-لا بد من رفع اليد عن اطلاق المطلق و حمله على المقيد بمقتضى الارتكاز العرفي.

و من هنا بنينا في محله تبعا لسيدنا الأستاذ دام ظله،انه لا فرق في حمل المطلق على المقيد بين ان يكون الحكم الثابت في موردهما حكما واحدا و غير قابل للانحلال أو متعددا و قابلا لذلك.

و على هذا الأساس.لا بد من رفع اليد عن اطلاق المجموعة الأولى و ان الحكم-و هو النفل-لم يثبت لطبيعي الارض الخربة على نحو الاطلاق و انما ثبت لحصة خاصة منها-و هي الارض الخربة التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب-.

فالنتيجة ان الارض الخربة بمقتضى هذه المجموعة انما تكون من الأنفال إذا استولوا عليها المسلمون بغير عنوة و اراقة دم لا مطلقا فلا تدل-عندئذ-على إن الاراضي الخربة و الميتة التي لم يستولوا عليها المسلمون بغير الجهاد المسلح تكون من الانفال.

و اما مع المجموعة الثانية:فلا تنافي بينها و بين تلك المجموعة و ذلك لاختصاصها بالقرية التي قد خربت فلا تنطبق على الارض الخربة فحسب من دون ان تكون معنونة بعنوان القرية،كما ان هذه المجموعة لا تصدق على القرية الخربة فقط.

و من هنا يظهر حال المجموعة الثانية:مع المجموعة الأولى و انه لا تنافي بين المجموعتين بعين الملاك الآنف الذكر.

الاراضی 16)


الخط الثاني:هل تختص الانفال بالاراضي،أو القرى التي قد
استولوا عليها المسلمون بغير قتال؟

فيه وجهان:الظاهر هو الوجه الثاني يعني به عدم الاختصاص و ربما نسب ذلك إلى الاصحاب.

و السبب فيه ان اطلاق قوله(ع)في صحيحة حفض بن البختري المتقدمة:الانفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب يشمل الارض و غيرها،حيث ان مضمونة هو:ان كل ما اخذ من الكفار بغير قتال و اراقة دماء فهو من الانفال و ان كان منقولا،و لا موجب لتقييده بغير المنقول.

و مما يدل على ذلك قوله(ع)في صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة:و ان لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلما غنموا للإمام(ع)بل لا يبعد اختصاصه بالمنقول فحسب.

الخط الثالث:هل الارض الخربة تشمل الارض الميتة بالاصالة
أو تختص بما إذا كانت مسبوقة بالعمران

فيه وجهان:

ذكر المحقق الاصفهاني(قده)في حاشيته على مكاسب شيخنا العلامة الانصاري(قده)ما نصه:(أما الارض الخربة مطلقة كانت أو مقيدة فموردها المسبوقة بالعمارة لا الموات بالاصالة).

و لنأخذ بالمناقشة عليه:فان ما ذكره(قده)ان كان يقوم على اساس ان المنصرف من الارض الخربة هو المسبوقة بالعمارة فلا تشمل الموات بالاصالة،فيردّه:

انه لا موجب لدعوى مثل هذا الانصراف،ضرورة ان المنصرف منها عرفا ليس هذا المعنى،بل المنصرف منها عند العرف حسب ما هو المرتكز في اذهانهم هو المعنى الذي يكون في مقابل المعنى المنصرف من الارض العامرة عرفا بتقابل التضاد كالمعنى المتفاهم من

الاراضی 17)


الارض الميتة في مقابل المعنى المتفاهم من الارض المحياة،فكما ان الارض العامرة تشمل العامرة طبيعيا،و العامرة بشريا، كذلك الارض الخربة تشمل الخربة بالاصالة،و الخربة بالعرض.

فالنتيجة انه لا منشأ لهذا الاختصاص و لا موجب لتلك الدعوى، و ان الارض الخربة كالأرض الميتة،فكما انها تشمل الميتة بالاصالة و الميتة بالعرض،فكذلك الارض الخربة.

و ان كان يقوم على اساس ان مورد رواياتها خصوص ما إذا كانت مسبوقة بالعمران دون الاعم منها و من الموات بالاصالة،فيردّه:

اولا:ان الامر ليس كذلك،فان الروايات التي تتضمن الارض الخربة تصنّف إلى ثلاثة اصناف.

الاول:جاء بهذا النص:كل ارض خربة للإمام(ع).

الثاني:جاء بنص أخر:ما كأن من الارض بخربة لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.

الثالث:جاء بنص ثالث:كل ارض خربة باد اهلها.و بعد ذلك نقول:

اما الصنف الاول:فلا يكون فيه ما دل على أن مورده خصوص الارض الخربة التي كانت مسبوقة بالعمارة،

و ان شئت قلت:انه ليس هنا قرينة لا من الخارج و لا من الداخل على أن مورده الارض الخربة المسبوقة بالعمارة،و عليه فمقتضى عمومه شموله لكل ارض خربة،سواء أ كانت خربة بالاصالة أم كانت بالعرض.

و اما الصنف الثاني:فايضا لا دليل على أن مورده الارض الخربة المسبوقة بالعمران فحسب،دون الاعم منها و من الموات

الاراضی 18)


بالاصالة.و قد ذكرنا سابقا انه يعم الارض الخربة التي ليس لها اهل و من الطبيعي ان الارض الخربة التي كانت كذلك تشمل الخربة بالاصالة أيضا.

نعم الارض الخربة التي يكون لها أهل لا تشملها نظرا إلى ان فرض الاهل لها خلف،حيث انه لا يمكن الا بقيام الفرد باحيائها و عمارتها،لما سيأتي في ضمن البحوث القادمة من انه لا يمكن فرض تحقق العلاقة بين الفرد و الارض ابتداء،سواء أ كانت على مستوى الملك أم كانت على مستوى الحق الا بقيامه باستثمارها و احيائها، ثم بعد ذلك اذا عرض عليها الخراب فهل يوجب خروجها عن نطاق علاقته بها نهائيا اولا؟!ففيه كلام سوف يأتي في ضمن الابحاث الآتية بشكل موسع.

و اما الصنف الثالث:فهو و ان كان مورده خصوص الارض الخربة المسبوقة بالعمارة بقرينة فرض وجود الاهل لها الا ان هذا الصنف ضعيف من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليه على انه لا يصلح ان يكون مقيدا لإطلاق الصنفين الاولين كما هو ظاهر.

هذا اضافة الى عدم الحاجة اليه،حيث انه يكفي لإثبات ما هو المقصود في المقام الصنفان الأولان.

و ثانيا على تقدير تسليم ان مورد الروايات الارض الخربة المسبوقة بالاحياء الا ان المتفاهم العرفي منها عدم خصوصية للمورد، جزما و انه لا فرق بين المسبوقة بالاحياء و غير المسبوقة به.

الخط الرابع:قد ورد في موثقة سماعة بن مهران المتقدمة ان البحرين
مما لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب،و انها من الانفال،

هذا.

و قد حكى عن كتاب الاحياء كما عن شيخنا العلامة الانصاري(قده)

الاراضی 19)


ان البحرين من البلاد التي قد اسلم اهلها عليها طوعا،و استجابوا للدعوة،فهي لأهلها،لا للإمام(ع).

و قد صرح بذلك الشهيد الثاني(قده)في الروضة في كتاب احياء الموات عند قول الشهيد الاول:(و كل ارض اسلم عليها اهلها طوعا فهي لهم).

بقوله:كالمدينة المشرفة،و البحرين،و اطراف اليمن بينما جعل(قده)-بلاد البحرين في كتاب الخمس من الروضة-من البلاد التي سلمها أهلها للمسلمين ابتداء من دون هجوم من قبلهم، و من المعلوم انها عندئذ للإمام(ع)لا لأهلها،فالتناقض بين قوليه(قده)في الكتابين المذكورين موجود.

و كيف كان فالصحيح انها تكون من الانفال لدلالة الموثقة المزبورة على ذلك من دون قرينة على الخلاف.

و اما كونها منها اي من الانفال لأجل تسليم اهلها للمسلمين تسليما ابتدائيا أو لأجل المصالحة أو نحو ذلك فالموثقة غير متعرضة لشيء من هذه الاحتمالات.

الخط الخامس:ان ما جاء بهذا النص كل ارض لا رب لها فهي
للإمام(ع)يؤدي كبرى كلية،

و تدخل في نطاق هذه الكبرى الارض الموات،سواء أ كانت مواتا بالاصالة أم كانت بالعرض إذا لم يكن لها مالك بالفعل.

و كذلك تدخل في نطاقها الارض العامرة طبيعيا،و العامرة بشريا إذا فرض عدم اهل لها بالفعل،كما إذا باد اهلها أو ما شاكل ذلك.هذا من ناحية.

الاراضی 20)


و من ناحية أخرى:ان الارض التي استولى المسلمون عليها بغير عنوة،و هراقة دم،تشمل الارض التي ليس لها مالك بالفعل، و لا تختص بالارض التي كان لها مالك كذلك،كما اشرنا اليه آنفا،و لا فرق فيها بين كونها عامرة أو ميتة.

الاراضی 21)


1-الارض الموات:

اصالة،و عرضا

احياء الارض،اثره:

الملك،او الحق؟! شرائط الاحياء

الاراضی 22)


الاراضی 23)


الارض الموات

[في أن أرض الموات من الأنفال]

لا شبهة في ان الارض الموات من الأنفال.

و تدل على ذلك:مضافا الى عدم الخلاف في المسألة بين الأصحاب بل عن غير واحد دعوى الاجماع فيها-طوائف من النصوص:

الطائفة الأولى:النصوص المتقدمة كصحيحة حفض بن البختري و موثقة محمد بن مسلم.و موثقة سماعة بن مهران.و موثقة اسحاق ابن عمار.و معتبرة زرارة.و غيرها من الروايات التي لا يبعد بلوغ المجموع حد التواتر اجمالا كما عرفت.

ثم ان هذه الطائفة و ان لم يرد شيء منها في الموات بالاصالة خاصة.

لان بعضها تضمن كون الارض الخربة للإمام(ع).

و بعضها تضمن كون الارض الخربة التى لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب للإمام(ع).

و بعضها تضمن كون الارض التي لا رب لها للإمام(ع)،و هكذا.

الاراضی 24)


الا ان دلالتها على كون الموات بالاصالة من الانفال تقوم على اساس ما قدمناه في ضمن الابحاث المتقدمة من ان الارض الخربة تشمل الموات بالاصالة،و لا تختص بالارض الخربة المسبوقة بالعمارة هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى ان الارض التي لا رب لها كما جاءت في بعض هذه الطائفة تشمل الموات بالاصالة،بل هي من اظهر مصاديقها و افرادها،و عليه فلا حاجة الى ورود دليل في الارض الموات بعنوانها خاصة.

و بكلمة اخرى:ان الذي جاء في الروايات المعتبرة و غيرها عنوانان:

احدهما:الارض الخربة.

و الأخر:الارض التي لا رب لها.

و اما الموات بالاصالة فلم ترد في لسان شيء من روايتنا حتى في رواية ضعيفة.

نعم ورد في صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة الارض الموات و لكن مع فرض اهل لها كما هو كذلك في بعض الروايات الضعاف و هو مرسلة الصدوق عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه(ع)في حديث قال قلت:(و ما الانفال قال:بطون الاودية الى ان قال:و كل ارض ميتة قد جلا أهلها)الحديث 1.

و من الطبيعي انها لا تشمل الموات بالاصالة بقرينة فرض الاهل لها،و لا اهل للموات بالاصالة.

الا أن الذي يسهل الخطب ما ذكرناه سابقا من ان الارض الخربة تشمل الموات بالاصالة،و لا فرق فيها بين كونها خربة بالاصل


 

1) <page number=”24″ />الوسائل ج 6 الباب 1 من ابواب الانفال الحديث 32.

 

الاراضی 25)


بان لم يجر عليها ملك من مالك اصلا كالمفاوز مثلا،و بين كونها خربة بالعرض من ناحية ابادة اهلها او نحو ذلك.

هذا اضافة إلى ما عرفت من ان الارض التي لا رب لها تشمل الموات بالاصالة،و تصدق عليها.

و دعوى-ان هذه النصوص التي جاءت بهذا العنوان(الارض التي لا رب لها)مسوقة لبيان مالكية الامام(ع)للأرض بما هي لا رب لها،لا بما هي موات بالاصالة،فحينئذ لا تدل على ان الموات بالاصالة بما هي موات ملك للإمام(ع).

خاطئة جدا،و ذلك لأن هذه الدعوى ان كانت تقوم على اساس انه لا اطلاق لها بالاضافة إلى الموات بالاصالة،و انما هي ناظرة إلى ملكية الارض للإمام(ع)بما هي لا رب لها فعلا من ناحية ابادة اهلها أو انجلائه أو ما شاكل ذلك.

فيرده:انه لا شبهة في اطلاقها و عمومها لكل ارض لا رب لها سواء أ كان عدم رب لها بالذات كالموات بالاصالة أو العامرة كذلك أو بواسطة امر طارئ كالموات بالعرض أو العامرة كذلك.

و ان كانت تقوم على اساس انها تدل على ملكية الامام(ع)بهذا العنوان أي بعنوان لا رب لها،و لا تدل عليها بعنوان آخر كالموات بالاصالة،فاذن لا دليل على انها ملك للإمام(ع).

فيرده:انها و ان كانت تدل على ذلك،الا ان هذا العنوان اي عنوان ما لا رب لها ليس في مقابل عنوان الموات بالاصالة،بل هو ينطبق عليها انطباق العنوان على معنونه،و الكلى على افراده.

و من الطبيعي ان كل ما ينطبق عليه عنوان ما لا رب لها فهو داخل في نطاق ملكية الامام(ع)،و قد عرفت انه لا شبهة في

الاراضی 26)


انطباق هذا العنوان على الموات بالاصالة.

و ان شئت قلت:ان حيثية الموات بالاصالة للأرض لا تباين حيثية ما لا رب لها بحيث لا يمكن التقائهما في ارض واحدة، ليقال ان ما دل على ملكية الارض من الحيثية الأولى لا يدل على ملكيتها من الحيثية الثانية لعدم انطباقها على ما تنطبق عليه الأولى.

بل هما متداخلتان تداخل الاخص في الاعم،و منطبقتان في الخارج على ارض واحدة،فالارض الموات بالاصالة تنطبق عليها حيثية ما لا رب لها،و هي داخلة في نطاق ملكية الامام(ع).

و من الطبيعي انه لا فرق في دخولها في نطاق ملكيته(ع)بين ان يكون من جهة حيثيتها الخاصة و هي الموات بالاصالة،أو من جهة حيثيتها العامة التي تنطبق عليها و على غيرها-و هي حيثية ما لا رب لها-.

الطائفة الثانية:النصوص الدالة على ان الارض كلها للإمام(ع).

منها صحيحة أبي سيار مسمع بن عبد الملك في حديث قال:

قلت:لأبي عبد اللّه(ع)(إني كنت و ليت الغوص،فاصبت أربعمائة ألف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم،و كرهت ان احبسها عنك،و اعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالى لك في اموالنا فقال:و ما لنا من الارض،و ما اخرج اللّه منها إلا الخمس،يا أبا سيار الارض كلها لنا،فما اخرج اللّه منها من شيء فهو لنا،قال:قلت له:أنا أحمل إليك المال كله فقال:لي يا أبا سيار قد طيبناه لك،و حللناك منه،فضم إليك مالك،و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون،و محلل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا،فيجيبهم طسق ما كان في ايدي سواهم،فان

الاراضی 27)


كسبهم من الارض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا،فيأخذ الارض من ايديهم،و يخرجهم منها صفرة) 1.

و منها صحيحة أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر(ع)قال:

(وجدنا في كتاب علي(ع)ان الارض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين انا و اهل بيتي الذين اورثنا الارض و نحن المتقون،و الارض كلها لنا،فمن أحيا ارضا من المسلمين فليعمرها و ليود خراجها إلى الامام من اهل بيتي،و له ما اكل منها،فان تركها و اخربها فاخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و احياها فهو احق بها من الذي تركها،فليؤد خراجها إلى الامام من اهل بيتي،و له ما اكل منها،حتى يظهر القائم(ع)من اهل بيتي بالسيف فيحويها،و يمنعها،و يخرجهم منها،كما حواها رسول اللّه(ص) و منعها،إلا ما كان في ايدي شيعتنا،فانه يقاطعهم على ما في ايديهم و يترك الارض في ايديهم) 2.

فان دلالة هذه الطائفة على ان الارض الموات بالاصالة للإمام(ع) انما هي بالعموم.

الطائفة الثالثة:النبويان اللذان غير مرويين من طرقنا:

احدهما:ما روى عن النبي(ص)(موتان من الارض للّه و رسوله(ص)ثم هي لكم مني ايها المسلمون).

و ثانيهما:ما روى عنه(ص)(عادى الارض للّه و لرسوله(ص) ثم هي لكم مني).هذا.

و لكن ذكر المحقق الاصفهاني(قده)في المقام بان المسألة


 

1) <page number=”27″ />الوسائل ج 9 الباب 4 من ابواب الانفال الحديث 12.
2) الوسائل ج 17 الباب 3 من ابواب احياء الموات الحديث 2.

 

الاراضی 28)


-و هي كون الارض الموات بالاصالة للإمام(ع)-و ان كانت اتفاقية إلا انه لا يمكن اتمامها بالنصوص الواردة في المقام-و هي الطوائف المتقدمة-حيث قد ناقش في تلك الطوائف باجمعها.

اما الطائفة الأولى و هي التي تصنّف إلى مجموعتين:

احداهما جاءت بهذا النص:(الارض الخربة التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب للإمام(ع)).

و الاخرى:جاءت بنص آخر:(كل ارض لا رب لها).

فقد ناقش(قده)في كلتا المجموعتين.

اما المجموعة الاولى فقد قال:فيها كما عرفت بان الارض الخربة لا تشمل الموات بالاصالة،و تختص بالارض الخربة المسبوقة بالعمارة.

و قد تقدم جواب ذلك في ضمن البحوث السابقة بشكل موسع.

و اما المجموعة الثانية فقد قال:فيها بأنها مسوقة لبيان ملكية الارض للإمام(ع)بما هي لا رب لها،لا بما هي موات بالاصالة فلا تدل على ملكيتها من هذه الحيثية.

و قد تقدم الجواب عن ذلك آنفا بصورة موسعة.

و اما الطائفة الثانية فقد ذكر(قده)انها و ان كانت تعم الموات بالاصالة،إلا انه لا بد من حمله على الملك بمعنى آخر، فيكون كملكه تعالى ملكا حقيقيا،لا اعتباريا يترتب عليه الآثار، و ذلك الملك الحقيقي يعم الاملاك،و الملاك.

و اوضح ذلك بقوله:فان الممكنات كما انها مملوكة له تعالى حقيقة باحاطته الوجودية على جميع الموجودات بافضل انحاء الاحاطة الحقيقية،كذلك النبي(ص)،و الائمة(ع)بملاحظة كونهم(ع)

الاراضی 29)


من وسائط فيض الوجود،لهم الجاعلية و الاحاطة بذلك الوجه بمعنى فاعل ما به الوجود،لا ما منه الوجود،فانه مختص بواجب الوجود،و لا بأس بان تكون الاملاك،و ملاكها مملوكة لهم بهذا الوجه و ان لم تكن مملوكة لهم بالملك الاعتباري الذي هو الموضوع للأحكام الشرعية و آثارها.

و الجواب عن ذلك:انه لا موجب لحمل الملك في هذه الطائفة من النصوص على الملك الحقيقي بالمعنى المذكور،لوضوح ان هذا الحمل بحاجة الى عناية زائدة،فلا يمكن الذهاب اليه من دون قرينة تشهد على ذلك.

و بكلمة اخرى:لا شبهة في ظهور النصوص في الملك الاعتباري و لا يمكن رفع اليد عن هذا الظهور الا عند توفر قرينة على الخلاف و لا قرينة في المقام لا من الداخل،و لا من الخارج.

نعم قد يتوهم ان ملكية الامام(ع)للأرض كلها تتعارض مع تملك غير الامام بسبب من الاسباب الشرعية،كالإحياء،او نحوه، و هذا بنفسه قرينة على عدم امكان الاخذ بالظهور المزبور،و لا جل ذلك لا مناص من حمل الملك في النصوص على الملك الحقيقي.

و لكن هذا التوهم خاطئ جدا،و السبب فيه:

اما اولا:فلا مكان ان يقول:ان النصوص التي تدل على ان الارض كلها للإمام(ع)انما تنظر الى الارض بوضعها الطبيعي يعني ان ملكية الامام(ع)للأرض جميعا بملكية اعتبارية منصبة على الوضع الطبيعي للأرض بما هي.

و من الطبيعي ان ملكية الامام(ع)للأرض بهذا المعنى لا تتعارض مع ملكية غيره لها بالعنوان الثانوي،بداهة انه لا منافاة

الاراضی 30)


بين كون الارض داخلا في نطاق ملكية الامام(ع)بالعنوان الاولى الطبيعي،و كونها داخلا في نطق ملكية غيره بالعنوان الثانوي العرضي كإحياء و عمارة،او نحو ذلك.

و اما ثانيا:فعلى ضوء ما حققناه في ضمن الابحاث القادمة من ان الاحياء لا يوجب اختصاص المحيى بالارض على مستوى الملك، و انما يوجب اختصاصه بها على مستوى الحق،فلا ملزم للقول بان النصوص المذكورة انما تنظر الى ملكية الارض للإمام(ع)بوضعها الطبيعي،اذ لا منافاة بين ملكية الامام(ع)للأرض على نحو الاطلاق،و اختصاص غيره بها على مستوى الحق،اذا قام باحيائها و عمارتها.

و نتيجة ذلك ان من قام باحياء الارض و عمارتها فقد حدثت له العلاقة بها على مستوى الحق،دون الملك،و هذا لا يتعارض مع بقاء رقبة الارض في ملك الامام(ع).

ثم ان الظاهر من النصوص هو الملكية بهذا المعنى يعني الملكية المطلقة،دون الملكية في اطار خاص-و هي الملكية على الشكل الاول،فان حمل النصوص عليها بحاجة الى قرينة،و لا قرينة في البين،الا على ضوء ما هو المشهور بين الاصحاب من ان الاحياء يوجب الاختصاص على مستوى الملك،فانه حينئذ لا بد من الالتزام بملكية الامام(ع)للأرض على الشكل الاول.

الى هنا قد انتهينا الى هذه النتيجة،و هي ان رقبة الارض ملك للإمام(ع)مطلقا اي سواء أطرأ عليها عليها عنوان ثانوي كالإحياء او نحوه،أم لم يطرء،فان الاحياء على الصحيح كما سيجيء لا يكون مبررا ألا لاختصاص المحيي بها على مستوى الحق فحسب،و هذا

الاراضی 31)


لا ينافي بقاء الرقبة في ملك الامام(ع)،بل هو يؤكد ذلك.

و من هنا يظهر انه لا موجب لحمل الملكية في تلك النصوص على اعتبارها امرا معنويا،فان الضرورة لهذا الحمل أو غيره انما تكون فيما اذا لم يمكن حملها على اعتبارها حكما شرعيا،و اما اذا امكن ذلك ثبوتا،و كانت النصوص ظاهرة فيه اثباتا،فلا ضرورة لذلك ابدا،هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى:لو اغمضنا النظر عن ظهور النصوص في نفسها في ملكية الارض للإمام(ع)بالملكية الاعتبارية الشرعية، الا ان في ذيلها قرائن تشهد على ذلك،و تؤكد ان ملكية الامام(ع) للأرض كلها حكم شرعي،و من جهة تلك القرائن لا مناص من الالتزام بذلك.

منها:فرض الطسق و الاجرة له(ع)فيها تفريغا على ملكيته لها،و هذا شاهد قطعي على ان ملكيته(ع)لها حكم شرعي، لا تكويني خارجي،و لا روحي محض.

و منها تحليله(ع)الارض للشيعة،دون غيرهم تفريغا على ملكيته لها،فانه يدل على ان الملكية هنا حكم شرعي لا غيره،نظرا الى ظهور النصوص في التحليل المالكي.

و منها فرض ان القائم(ع)اذا ظهر أخذ الارض من ايدي غير الشيعة،و يخرجهم منها صفرة،فانه يدل بوضوح على ان ملكيتها للإمام(ع)حكم شرعي،لا تكويني،و لا معنوي،حيث ان شيئا منهما لا يكون مانعا عن تملك غيره و تصرفه فيها،و لا يكون محرما كما فرض فيها.

و اما الطائفة الثالثة فقد ناقش(قده)فيها بأنها غير مروية من

الاراضی 32)


طرقنا فلا يمكن الاستدلال بها،و هذا الذي افاده(قده)متين جدا،حيث لا يمكن الاستدلال بالنبويين المذكورين،لعدم ثبوتهما عندنا.

الى هنا قد استطعنا ان نخرج بهذه النتيجة:و هي ان الارض الموات بشتى اشكالها و الوانها تكون من الانفال و ملكا للإمام(ع) يعني به منصب الامامة،و بعد ذلك نقول:

ان الكلام يقع حول الاراضي الموات في عدة نقاط رئيسية:

(النقطة الاولى) [في مدلول موثقة اسحاق بن عمار]

ان في موثقة اسحاق بن عمار المتقدمة قد اعتبر-في كون القرية التي قد انجلى اهلها-من الانفال طرو الخراب عليها.و نتيجة ذلك انها اذا كانت عامرة لم تكن منها و كذا إذا كانت خربة و لم ينجل اهلها،هذا واضح.

و انما الكلام في ان القرية إذا كانت عامرة و لم يكن لها أهل، كما إذا باد أهلها،فهل تكون من الانفال؟مقتضى هذه الموثقة انها و ان لم تكن من الانفال،إلا انه لا مانع من الحكم بكونها منها باعتبار دخولها في الارض العامرة التي لا رب لها،لوضوح ان الارض العامرة تشمل ما إذا كان عمرانها باحداث قرية أو بلد.

هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى ان في ذيل هذه الموثقة قد اعتبر في كون الارض التي لم يوجف عليها بخيل،و لا ركاب من الانفال كونها

الاراضی 33)


خربة،و مقتضى ذلك عدم كون تلك الارض منها إذا كانت عامرة و قد تقدم ان هذه الموثقة لا تكون منافية لإطلاق موثقة زرارة المتقدمة أو ما شاكلها.

و من ناحية ثالثة قد عرفت ان ذيل هذه الموثقة يكون مقيدا لإطلاق صحيحة حفض بن البختري المتقدمة،أو نحوها.و نتيجة هذا التقييد هي ان الارض التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب انما تكون من الانفال و ملكا للإمام(ع)إذا كانت خربة،لا مطلقا و لو كانت عامرة.

لحد الان قد تبين انه لا يمكن الحكم بكون الارض التي لم يوجف عليها بخيل،و لا ركاب من الانفال إذا كانت عامرة بمقتضى هذه النصوص التي قد عرفت آنفا.

و لكن قد سبق ان لدينا مجموعات اخرى من النصوص،و هي تدل على ذلك.منها:ما جاءت بهذا النص:(كل ارض لا رب لها) هي للإمام(ع).

و من الطبيعي ان هذا النوع من الارض داخل في نطاق عموم هذه المجموعة،لوضوح إن كل ارض باد اهلها،يدخل فيما لا رب لها فعلا فتعمها تلك المجموعة نظرا الى ان مدلولها هو ان أي أرض لا مالك لها بالفعل فهي نفل،و داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)،من دون فرق بين كونها عامرة أو خربة،و من دون فرق بين كونها مسبوقة بملكية احد لها أو لم تكن.

و من هنا قلنا ان القرية العامرة اذا لم يكن لها مالك فعلا تدخل فيها اي في تلك المجموعة.

الى هنا قد انتهينا الى هذه النتيجة،و هي ان كون الارض نفلا

الاراضی 34)


لا ينحصر بالارض الميتة و الخربة،بل تعم الارض العامرة أيضا اذا كانت مما لا رب لها فعلا كما إذا كان عمرانها طبيعيا هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى فقد عرفت ان الارض الميتة و الخربة اذا كان موتها و خرابها بالاصالة فهي نفل للّه،و لرسوله(ص)،و من بعده للأئمة(ع).

و اما إذا كان موتها و خرابها بسبب طارئ و عارض فان لم يكن لها مالك فعلا فهي أيضا نفل،و ان كان لها مالك كذلك فهي ليست بنفل جزما،لان النصوص المتقدمة لا تدل على ملكية الارض للإمام(ع)اذا كان لها مالك بالفعل.

و اما فرض ان لها مالكا في هذا الحال يقوم على اساس امرين:

احدهما:افتراض ان الاحياء يوجب اختصاص المحيي بالارض على مستوى الملك،او يكون الموجب لذلك الاختصاص سببا آخر كشراء أو نحوه.

و الاخر:ان طر و الخراب لا يوجب انقطاع علاقة المالك عنها نهائيا.

و سيجيء البحث حول هذين الامرين في ضمن البحوث القادمة، و نبين هناك المناقشة في الأمر الأول،و نقول:ان الاحياء اذا كان بعد تاريخ تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)لا يوجب العلاقة الا على مستوى الحق دون الملك،و كذا الشراء،أو نحوه المتأخر عنه،المنتهي اليه بالتالي.

و اما الأمر الثاني فنبين هناك انه تام على القول بالملك من اي سبب كان،دون القول بالحق.

و قد تحصل من مجموع ما ذكرناه امران:

الاول:ان النسبة بين كون الارض نفلا و كونها ميتة عموم من

الاراضی 35)


وجه،فانها قد تكون نفلا،و لا تكون ميتة،كما اذا كانت عامرة طبيعيا بدون تدخّل انسان فيها،فانها نفل،مع انها ليست بميتة،و قد تكون ميتة،و لا تكون نفل،و ذلك كما اذا قام فرد باحياء الارض قبل تاريخ نزول آية الانفال،او فيما اذا اسلم اهلها عليها طوعا قبل ذلك التاريخ أو نحو ذلك،فان هذه العلاقة لا تزول بطرو الخراب عليها،و سوف نشير الى تفصيل ذلك في ضمن الموضوعات القادمة،و قد تلتقيان في مورد واحد كما في الموات بالاصالة.

الثاني:ان العنوان الرئيسي العام لكون الارض نفلا انما هو عنوان ما لا رب لها،فانه بشمل الاراضي الميتة،و العامرة التي لا مالك لها،كما اذا كان عمرانها مستندا الى طبيعتها من دون تدخّل عامل خارجي فيها.

النقطة الثانية [في أن الأرض الميتة إذا كان لها مالك بالفعل فليست من الانفال جزما]

قد عرفت ان الارض الميتة اذا كان لها مالك بالفعل فليست من الانفال جزما.

و من هنا قد قيد جماعة منهم المحقق(قده)في الشرائع كونها من الانفال،بما باد اهلها،أو لم يجر عليها ملك،كالمفاوز، و سيف البحار.

و من الواضح ان هذا التقييد انما هو للاحتراز عما اذا كان لها مالك بالفعل.

ثم ان سبب ملك الفرد للأرض قد يكون عملية الاحياء،بناء على القول بكونها سببا له،و قد يكون غيرها من الاسباب الأخر

الاراضی 36)


كالإرث و الشراء و الهبة و ما شاكل ذلك،و على كلا التقديرين، فتارة يفرض اعراض المالك عن الارض،و اخرى يفرض عدم اعراضه عنها،

فيقع الكلام في مقامين:

الاول:فيما اذا كان سبب الملك عملية الاحياء.

الثاني:فيما اذا كان سببا آخر غيرها،كالشراء أو الارث،أو نحو ذلك.

اما المقام الاول: [فيما إذا كان سبب الملك عملية الإحياء]

ففيه اقوال:

القول الاول:ان علاقة المالك عن الارض تنقطع نهائيا بعد خرابها،و تدخل في علاقة من قام باحيائها و عمارتها.

القول الثاني:ان علاقة المالك بالارض ان كانت بسبب الاحياء انقطعت عنها نهائيا بعد خرابها،و ان كانت بسبب آخر،كالشراء، أو نحوه لم تنقطع لا بالخراب،و لا بقيام غيره باحيائها،و الاستيلاء عليها.

القول الثالث:ان علاقة المالك لا تنقطع عن الارض نهائيا بطرو الخراب،و انما تنقطع عنها كذلك بعد قيام غيره باحيائها و استثمارها.

القول الرابع:ان علاقة المالك لا تنقطع عن الارض مطلقا حتى بعد قيام غيره بعملية احيائها من دون فرق بين ان يكون سبب علاقته بها عملية الاحياء أو غيرها.

القول الاول [ان علاقة المالك عن الارض تنقطع نهائيا بعد خرابها،و تدخل في علاقة من قام باحيائها و عمارتها]

ذهب اليه جماعة منهم الشهيد الثاني(قده)في الروضة و المسالك و عن العلامة في التذكرة انه مال اليه،و عن السبزواري في الكفاية انه الاقرب،و عن الفاتح انه أوفق بالجمع بين الاخبار،بل عن المحقق في جامع المقاصد انه المشهور بين الاصحاب.

الاراضی 37)


و كيف كان فقد استدل على هذا القول بوجهين:
الوجه الاول بمجموعة من النصوص التي جاءت بهذا اللسان أو
قريبا منه(من أحيا ارضا مواتا فهي له).

و تقريب الاستدلال بها انها تدل باطلاقها على ان من يقوم بعملية احياء الارض الموات و استثمارها يملك الارض.

و من الطبيعي ان قضية ذلك لا محالة خروجها عن ملك صاحبها بعد خرابها،و الا لم يجز لغيره نهائيا ان يقوم باحيائها و التصرف فيها،و لم يترتب على احيائه اثر وضعا.

و لنأخذ بالمناقشة في هذا الدليل:

اما اولا:فلان تلك المجموعة من النصوص لا تدل بوجه على خروج الارض عن ملك صاحبها بعد خرابها،لوضوح ان ما تدل عليه هذه المجموعة و تؤكده هو ان من يقوم باحيائها يملك.

و من الطبيعي ان تملكه لها بالاحياء لا ينافي عدم خروجها عن ملك صاحبها بصرف الخراب،اذ من الممكن جزما ان تظل رقبة الارض في ملكه بعد خرابها.

و على الرغم من ذلك فيمكن للشارع ان يبيح لغيره القيام باحيائها لئلا تبقى الارض معطلة،فاذا قام غيره باحيائها،و انفق جهده في سبيل بعث الحياة فيها.و اصبحت حية،فقد انقطعت بذلك علاقة صاحبها عنها نهائيا لا بصرف خرابها و تدخل بعد ذلك في ملكه.

و بكلمة اخرى:ان تلك المجموعة تدل بالمطابقة على ان عملية الاحياء توجب تملك المحيى لرقبة الارض،و لا تدل ابدا على خروج الارض عن ملك صاحبها بطرو الخراب،اذ كما يحتمل ذلك يحتمل ان يكون خروجها عن ملكه بقيام غيره باحيائها:لا بخرابها فقط.

الاراضی 38)


فلا ملازمة بين جواز قيام فرد آخر باحياء الارض و بين خروجها عن ملك صاحبها بمجرد الخراب،ليقال ان هذه المجموعة التي تدل على الأول بالمطابقة تدل على الثاني بالالتزام.

فالنتيجة:ان ما هو معلوم لنا خارجا هو خروج تلك الارض عن ملكية الفرد الأول بعد قيام الفرد الثاني باحيائها و استثمارها و انفاق الجهد في سبيل بعث الحياة فيها.

و لكن لا نعلم تاريخ خروجها الزمني و انه هل كان بطرو الخراب فحسب أي سواء أقام غيره باحيائها أم لم يقم،أو كان بعد انفاقه جهده في سبيل بعث الحياة فيها،فاللازم يكون الاعم،فالنصوص كما لا تدل على الأول،كذلك لا تدل على الثاني،و انما تدل على الجامع اجمالا من دون دلالة على أية خصوصية.

و أما ثانيا:فلان التمسك بهذه النصوص يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية،فلا يجوز.

بيان ذلك:لا شبهة في ان موضوع عملية الاحياء انما هو الارض الميتة التي ليس لها مالك بالفعل،لوضوح انه لو كان لها مالك كذلك لم يجز احيائها جزما،و لم يكن له اثر بالاضافة اليها نهائيا.

بداهة انه انما يؤثر في ايجاد الاختصاص على مستوى الملك، أو الحق على الخلاف في المسألة القادمة،اذا كان في الارض الميتة التي لم تكن لأي فرد علاقة بها و لو على مستوى الحق.

ثم ان هذا التقييد في موضوع هذه النصوص قد ثبت بدليل العقل و الشرع.

اما العقل فلاستقلاله بقبح التصرف في مال الناس عدوانا، و بدون الاذن منهم.

الاراضی 39)


و اما الشرع فلحكمه بحرمة التصرف في مال المسلم بدون اذنه و طيب نفسه.

و دعوى-أن الاثر الوضعي المترتب على عملية الاحياء لا يتوقف على جواز هذه العملية تكليفا،فيمكن ان تكون العملية محرمة شرعا،و مع ذلك يترتب عليها الاثر الوضعي-و هو الملك أو الحق- اذا قام فرد بها خارجا،فلا ملازمة بين حرمتها تكليفا و عدم ترتب الاثر عليها وضعا،و كم له من نظير في الشرع المقدس-.

و ان كانت صحيحة في الجملة،الا أنها خاطئة في خصوص مورد الكلام،و ذلك لخصوصية فيه،و هي كون الارض في ملكية غيره.

و من الطبيعي ان الاحياء انما يؤثر في ايجاد العلاقة بين الارض و الفرد فيما اذا لم تكن مسبوقة بعلاقة اخرى بينها و بين الفرد الاخر، و الا فلا أثر له أصلا.

نعم اذا افترضنا ان المحل قابل لان تؤثر فيه عملية الاحياء و الاستثمار،كما اذا كانت في الارض الموات التي لا مالك لها فعلا،كالموات بالاصالة،أو نحوها،و كان منشأ حرمتها شيئا آخر كما اذا انطبق عليها عنوان هتك مؤمن مثلا أو كانت مصداقا للضرر المحرم،أو فرض نهي الشارع عنها بجهة من الجهات،ففي مثل ذلك لا مانع من ترتب الاثر الوضعي عليها،و الحرمة التكليفية المحضة غير مانعة عن ذلك،كما هو الحال في غيرها من اسباب الملك كالبيع،أو نحوه.

و أما اذا شك في تأثير الاحياء للشك في بقاء الارض بعد خرابها في ملكية صاحبها،أو خروجها عن نطاق ملكيته،فمن الطبيعي انه لا يمكن ترتيب الاثر عليه،للأصل المقتضى عدمه.

الاراضی 40)


و على ضوء هذا الاساس فيكون موضوع العام في تلك المجموعة من النصوص متعنونا بعنوان عدمي-و هو الارض الميتة التي لا تكون ملكا لأحد-و بما ان احرازه فيما نحن فيه لا يمكن لا وجدانا،و لا تعبدا فلا يمكن التمسك به،لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

قد يناقش في ذلك:بانه لا مانع من التمسك بتلك النصوص في المقام،بدعوى انه ليس من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية باعتبار ان موضوعها-و هو الارض الميتة-لم يقيد بالقيد المشار اليه آنفا.

و السبب فيه:ان السيرة العقلائية قد جرت على جواز التصرف في الارض بعد خرابها و موتها،و ان كانت رقبتها باقية في ملكية صاحبها.

و هذه السيرة لما كانت ممتدة زمنيا الى تاريخ عصر التشريع من دون ورود أي ردع عنها،بل يظهر من بعض الروايات القادمة إمضائها،فبطبيعة الحال تكشف عن امضاء الشارع لها.

و النكتة في ذلك انه لا مصلحة في تعطيل الارض،و عدم الاستفادة منها،رغم الحاجة الى استثمارها و الاستفادة من ثرواتها.

و على هذا الضوء فاذا لم يقدم صاحبها بالقيام باحيائها و استثمارها فقد جوز الشارع لغيره ان يقوم بذلك،بل ربما ينتهي الأمر الى حكم الشارع بلزوم القيام بحقها.

فالنتيجة:انه لا مانع من التمسك بهذه النصوص باعتبار ان الدليل المزبور يخرج التمسك بها من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

و الجواب عن هذه المناقشة:انها بحاجة الى دليل،و لا نملك دليلا يدلنا على ذلك.

الاراضی 41)


اما السيرة فهي غير جارية هنا جزما،بداهة ان المرتكز القطعي لدى اذهان العقلاء قبح التصرف في مال الناس بدون الاذن و الرضا منهم،لأنه لديهم نوع ظلم،و قبح الظلم عندهم من القضايا التي قياساتها معها،و مع ذلك كيف يتعقل جريان السيرة منهم على جواز التصرف فيه.

و دعوى:ان السيرة و ان كانت غير جارية على جواز التصرف في مال الناس بما هو،الا انه لا مانع من جريانها فيما نحن فيه، و ذلك لوجود الفارق،و هو ان فيما نحن فيه لا تكون ملكية الارض محرزة لصاحبها بعد خرابها،اذ كما يحتمل بقائها في ملكه، يحتمل خروجها بذلك،فعندئذ يمكن القول بقيام السيرة منهم على جواز القيام باحيائها و التصرف فيها.

خاطئة جدا،و ذلك لأنه لا فرق في حكم العقل بقبح التصرف في مال الناس بين ان يكون معلوما،او مشكوكا،ما لم يقم دليل على العدم،و لو كان ذلك الدليل اصلا عمليا،و الفرض هنا عدم الدليل،بل مقتضى الاصل العملي في المقام بقاء الارض في ملك صاحبها،و عدم انقطاع علاقته عنها نهائيا.

هذا اضافة الى ان هذه السيرة لو تمت فلا تثبت هذا القول -و هو خروج الارض عن ملك صاحبها بالخراب-بل تثبت بقائها في ملكه.

و اما بعض الروايات الآتية فهو و ان دل على جواز احياء الارض الخربة التي يكون لها مالك معروف،حيث ان ظاهره بقاء رقبة الارض في ملك مالكها،و عدم خروجها عن ملكه نهائيا،لا بعد خرابها،و لا بقيام غيره باحيائها،فان قيامه باحيائها انما يمنح له

الاراضی 42)


الاختصاص بها على مستوى الحق.

و هذا لا ينافي بقاء الرقبة في ملك صاحبها،لأن المنافي له انما هو فيما لو كان احيائه موجبا لمنح الاختصاص له على مستوى الملك و الفرض انه لا يوجب ذلك.

الا ان هذا النص أجنبي عن القول المزبور تماما،فانه يدل على عكسه-و هو بقاء الارض في ملك مالكها حتى بعد قيام غيره باحيائها-

هذا اضافة الى ان هذا النص لا يصلح ان يكون قرينة على تعيين موضوع النصوص العامة المتقدمة حتى لا يكون التمسك بها في المقام من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية،و ذلك لما سيجيء في ضمن البحوث القادمة من ان مورد هذا النص هو ما اذا كان صاحب الارض ممتنعا و مهملا عن القيام بعملية احيائها و استثمارها،فعندئذ يجوز لغيره أن يقوم بهذه العملية،و لكن لا يحصل له الا الحق فيها دون الملك.

و اما اذا لم يكن صاحبها ممتنعا و مهملا عن القيام بذلك فلا يجوز لغيره ان يقوم بها،فأذن كيف يكون النص المذكور قرينة على جواز التصرف في الارض الخربة و القيام باحيائها مطلقا.

فالنتيجة:ان هذا النص كما لا يكون دليلا على اثبات هذا القول،كذلك لا يكون دليلا على اثبات القول الثاني أيضا.

و من هنا يظهر انه لا صلة لهذه المناقشة بهذا القول اصلا،فان المناقشة انما تقوم على اساس بقاء الارض بعد خرابها في ملك صاحبها، و هذا القول انما يقوم على اساس خروجها عن ملكه بخرابها،فهما في طرفي النقيض.

نعم انها تنسجم مع القول الثاني الآتي و تدفع عنه الاشكال بان

الاراضی 43)


التمسك فيه بالنصوص المتقدمة من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية كما سوف نشير الى ذلك بشكل موسع.

قد يقال:كما قيل:ان عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية انما هو فيما اذا كان المخصص لفظيا،و اما اذا كان لبيا فلا مانع من التمسك به.

و بما ان المخصص في محل الكلام لبى فلا مانع حينئذ من التمسك بعموم النصوص المذكورة في الشبهات المصداقية.

و اما كونه لبيا فانما هو باعتبار ان-ما دل من الادلة على حرمة التصرف في مال المسلم،بدون طيب نفسه،و رضاه-ليست نسبته الى تلك النصوص نسبة الخاص اللفظي الى العام،بل ان المستفاد من مجموع تلك الادلة هو القطع بعدم جواز التصرف فيه فالمخصص هنا انما هو القطع المذكور.

و بما انه لبى،فلا مانع من التمسك بعموم العام الا في موارده دون الاكثر،و عليه ففي كل مورد لا يكون القطع بعدم جواز التصرف موجودا لا مانع من التمسك بعموم تلك النصوص،و الفرض انه فيما نحن فيه غير موجود،للشك في بقاء الارض في ملك صاحبها و احتمال خروجها عنه نهائيا،فعندئذ لا مانع من الرجوع الى عمومها.

و هذا بخلاف ما اذا كان المخصص لفظيا،فان الملقى الى المكلف عندئذ حجتان،و قضيتهما بعد تحكيم الخاص على العام،و تقديمه عليه كأنّه لم يعمه العام من رأس،و كأنه لم يكن بعام،و عليه فلا يكون العام حجة في الافراد المشكوكة.

و لكن هذا الوجه خاطئ جدا،و السبب فيه ان المخصص مطلقا و لو كان لبيا فهو لا محالة يوجب تقييد موضوع العام بغير افراد

الاراضی 44)


المخصص،ضرورة ان الاهمال في الواقع مستحيل،و اما الاطلاق فيه فهو أيضا كذلك،لأنه خلف،فلا مناص حينئذ من الالتزام بتقييده بغيرها،و لازم ذلك عدم حجية العام في الافراد المشكوكة،هذا.

و لكن على الرغم من ذلك فقد اصر المحقق الاصفهاني(قده)بالفرق بينهما،بدعوى ان المخصص اذا كان لفظيا لم يجز التمسك بالعام في الفرد المشكوك و المردد.

و اما اذا كان لبيا فلا مانع من التمسك بالعام فيه،فان منشأه ليس الا القطع بالخلاف،و هو فيما نحن فيه القطع بان ما هو في ملك صاحبها لا يجوز تملكه الا بناقل شرعي،ففي مثله يجوز التمسك بالعام في الافراد المشكوكة،لكشف حالها،لفرض انه حجة فيها،و لا يكون له مزاحم و مانع عن شمولها.

و قد أفاد(قده)في وجه ذلك بما إليك توضيحه:ان المخصص إذا كان لبيا فبما ان منشأه القطع بالخلاف اي بخلاف عنوان العام فلا يوجب تقييد موضوع العام في الواقع و نفس الأمر،و انما يوجب تقييده بعنوان القطع بخلافه،ففى كل مورد يكون القطع بالخلاف موجودا فلا يكون مشمولا للعام.

و اما فيما لا يكون القطع به موجودا فلا مانع من شمول العام له،و ان كان مشكوكا فيه،فان الشك لا يكون مانعا عن شموله و انطباقه عليه،فالمانع عن الاخذ به انما هو القطع،دون غيره و في اي مورد كان القطع بالخلاف منتفيا فانه مشمول للعام و يكون العام حجة فيه.

و فيما نحن فيه بما ان موضوع عمومات الاحياء قد قيد بالقطع بما لا يكون ملكا لأحد فمن الطبيعي ان في اي مورد يتوفر القطع

الاراضی 45)


فيه فلا يكون مشمولا لها و اما فيما لا يتوفر القطع فيه فلا مانع من شمولها له و احراز انه من افراد العام.

و عليه فاذا شك في مورد لا يتوفر فيه القطع بالخلاف في انقطاع علاقة المالك عن الارض بعد خرابها و عدم انقطاعها فلا مانع من التمسك بتلك العمومات لإثبات انقطاعها عنها.

فالنتيجة ان المانع عن العمل بها انما هو القطع دون المقطوع به بوجوده الواقعي،فكون الارض الميتة في الواقع ملكا للغير، لا يمنع عن التمسك بعمومها،ما لم يتوفر لديه القطع بذلك.

و الى هذا يرجع ما افاده(قده)بقوله:و المخصص اللفظي،كما يكون حجة على المنافاة،كذلك يكون حجة على وجود المنافي، و المخصص اللبي ليس حجة الا على المنافاة،دون وجود المنافي.

و لذا لا يجوز التمسك بالعام على الأول،لاختلال حجيته على عدم المنافي،و يجوز التمسك به على الثاني،لعدم اختلال حجيته على عدم المنافي،و هذا يعني:ان المخصص اذا كان لفظيا فهو كما يكون حجة على المنافاة يعنى المنافاة بين حكم الخاص،و حكم العام كذلك يكون حجة على وجود المنافي-و هو وجود الخاص في الواقع فانه بوجوده الواقعي الموضوعي مناف للعام.

و اما اذا كان لبيا كالقطع فهو انما يكون حجة على المنافاة يعني منافاة حكم الخاص لحكم العام،و لا يكون حجة على وجود المنافي -و هو عنوان المقطوع به في الواقع-.

و النكتة فيه:ان المخصص على الأول انما هو عنوانه الواقعي،

و اما المخصص على الثاني انما هو عنوان القطع نفسه،لا العنوان الواقعي للمقطوع به.

الاراضی 46)


و من الطبيعي ان القطع بالخلاف انما ينافي العام بمقدار سعته دون الازيد،ففي الزائد يكون العام محكما،و عليه فلا مانع من التمسك بالعام في غير موارد توفر القطع بالخلاف.

و الجواب عن ذلك ان منشأ التخصيص في المخصص اللبي و ان كان هو القطع،الا ان من الواضح لدى الارتكاز الجزمي العرفي ان القطع بما هو قطع لا يكون فيه ملاك التخصيص،بداهة انه ليس له شأن ما عدى كونه طريقا الى الواقع،و كاشفا عنه،فما يكون فيه ملاك التخصيص و التنافي انما هو المقطوع به بعنوانه الواقعي، فكون القطع منافيا للعام انما هو باعتبار تعلقه به،لا مطلقا و بقطع النظر عنه.

و عليه فبطبيعة الحال يكون القطع به كاشفا عن انه مانع و مناف للعام،بعنوانه الواقعي،لا بعنوانه العلمي،لأن حرمة التصرف في مال المسلم وضعا و تكليفا ليست تابعة للعلم،ضرورة انها تابعة لتحقق موضوعها في الواقع كان هناك علم أم لم يكن.

و من الطبيعي ان المنافي لتملك المحيي للأرض بالاحياء انما هو كونها في ملكية غيره،و لا دخل لعنوان القطع بذلك اصلا،فانها ان كانت في الواقع ملكا لغيره لم يملكها المحيي بالاحياء،و إلا ملكها،سواء أ كان هناك قطع بذلك،أم لم يكن.

فالنتيجة من ذلك أن الارض الموات التي هي موضوع في عمومات الاحياء بطبيعة الحال قد قيدت بما لا تكون ملكا لغير من يقوم باحيائها،غاية الأمر ان الكاشف لنا عن هذا التقييد في الواقع انما هو القطع،و لا يعقل ان يكون هذا التقييد تابعا للقطع،لما عرفت من ان حرمة التصرف في مال المسلم ليست تابعة له.

الاراضی 47)


و هذا التقييد انما هو من مظاهر حرمة التصرف فيه،و آثارها فاذا كان موضوع هذه العمومات مقيدا في الواقع بما عرفت،فكيف يمكن التمسك بها في موارد الشك في تحققه بتحقق قيده،فان القطع و ان كان غير موجود فيها،إلا ان المانع عن التمسك بها في تلك الموارد ليس هو وجوده.

بل العمومات في حد نفسها لا تشمل تلك الموارد،باعتبار انها غير ناظرة الى تعيين افراد موضوعها في الخارج،و مصاديقه،و إلا فالمخصص إذا كان لفظيا فهو أيضا غير مانع عن التمسك بها في الموارد المزبورة،فلا فرق من هذه الناحية بين المخصص اللفظي و المخصص اللبي اصلا.

و على الجملة فبالتحليل العقلي لا يعقل كون القطع بنفسه في مورد الكلام مخصصا،و منافيا للعام،حيث قد عرفت ان ملاك التخصيص،و التنافي غير متوفر فيه،و انما هو متوفر في متعلقه

و عليه فلا يفرق بين كون الدليل عليه لفظيا،أو عقليا،فانه على كلا التقديرين لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية في موارد التخصيص اللفظي انما هو من ناحية انه بعد تحكيم الخاص على العام،و تقديمه عليه كأنّ العام لم يعم الخاص من الأول،و لازم ذلك انه لا عموم له في موارد الشك حتى يتمسك به.و هذا بخلاف ما اذا كان التخصيص لبيا،فانه لا يوجب هدم عموم العام،فاذا كان باقيا حتى في موارد الشك فلا مانع من التمسك به في تلك الموارد،و هذا هو الفارق بين التخصيص اللفظي،و اللبي،كما اشرنا اليه سابقا أيضا.

الاراضی 48)


-خاطئة جدا،و ذلك لأن المخصص اللفظي المنفصل،كما هو محل الكلام لا يمنع عن ظهور العام في العموم،و انما يمنع عن حجيته،فعمومه باق في موارد الشك،و غيرها،فاذن لا فرق من هذه الناحية أيضا بين اللفظي و اللبي،

الى هنا قد استطعنا ان نخرج بهذه النتيجة:و هي انه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية مطلقا اي بلا فرق بين كون المخصص له لفظيا،أو لبيا.

و بذلك يظهر ان الاستدلال بتلك المجموعة من النصوص لإثبات ان علاقة المالك تنقطع عن الارض نهائيا بعد خرابها لا يقوم على اساس صحيح،

قد يناقش فيها بوجه آخر.

بيانه:ان الاستدلال بها على هذا القول يرتكز على ان يكون مفادها سببية الاحياء لملكية الارض للمحيي في الجملة،لا الملكية المطلقة له الدائمة التي لا تزول الا بناقل شرعي.و بما أن مفادها على ما هو مقتضى اطلاق قوله(ع)(فهي له)الملكية المطلقة غير الموقتة فلا تشمل احياء الفرد الثاني،لفرض ان الارض ظلت في ملك المحيي الاول حتى بعد خرابها،و لا تنقطع صلته عنها نهائيا الا بناقل شرعي،كالبيع،أو نحوه و عليه فلا أثر لإحياء الفرد الثاني،باعتبار انه في ملك غيره،و الا لزم كون الارض الواحدة في زمن واحد مجمعا للملكين لفردين على نحو الاستقلال،و هو مستحيل.

و هذا ليس من ناحية تزاحم العام بالنسبة الى الفردين،حتى يقال بان تقدم الزماني لأحدهما على الاخر لا يكون مرجحا،و ذلك

الاراضی 49)


لأنا اذا تحفظنا على ظهور تلك النصوص في الملكية المطلقة غير الموقتة،لن يبق مجال لشمولها لإحياء الفرد الثاني،و هكذا،لأن مرد شمولها له الى رفع اليد عن ظهورها في الملكية المطلقة الدائمة و هذا خلف.

و الجواب عن هذه المناقشة:

اما اولا:فلنا ان نفرض الكلام فيما اذا لم تكن ملكية الارض للفرد بسبب قيامه باحيائها بل كانت بسبب آخر كتمليك الامام(ع)، او كانت باحيائه و لكن كان قبل تاريخ تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)، لما سيجيء في ضمن البحوث الآتية من ان الاحياء اذا كان قبل ذلك التاريخ يوجب منح المحيي ملكية الارض.

ففي مثل هذه الموارد اذا طرأ عليها الخراب،و اصبحت ميتة، فلا مانع من التمسك بعمومات تلك النصوص،بناء على عدم اطلاق ادلتها في تلك الموارد،فان دليل سببية الاحياء قبل التاريخ المذكور انما هو استقرار سيرة العقلاء،و من الطبيعي انه لا اطلاق لها.

و كذا تمليك الامام(ع)فانه لا اطلاق له بالاضافة الى هذه الحالة و الا لم تكن مشمولة لتلك العمومات،ضرورة انها لا تشمل الارض الخربة التي لم تنقطع علاقة صاحبها عنها نهائيا.

نعم اذا شك في انقطاع علاقته عنها من جهة عدم اطلاق ما دل على ملكيتها له،فلا مانع من التمسك بها،مع الاغماض عما تقدم من المناقشة.

و اما ثانيا فلان المتفاهم العرفي من هذه المجموعة من النصوص هو انها مسوقة لبيان سببية الاحياء للملك،و لا تكون في مقام بيان ان الملكية الممنوحة للمحيي بسبب احيائه ملكية مطلقة دائمية،

الاراضی 50)


لا تزول الا بناقل شرعي.

و ان شئت قلت:انها في مقام بيان ان عملية الاحياء من احد موجبات الملك،و ان اكل المال بها ليس اكلا بالباطل،رغم إنها ليست تجارة عن تراض،حيث ان الشارع جعلها سببا ابتدائيا للملك في الاراضي الموات،فلا يمكن تملكها بدون هذه العملية، فهذه النصوص في مقام بيان هذه الجهة.

و اما ان الملكية الحاصلة منها ملكية مطلقة دائمية تظل الى الأبد حتى بعد خرابها و موتها،فليست ناظرة الى هذه الناحية اصلا.

و عليه فلا مانع من هذه الناحية عن شمول هذه المجموعة لإحياء الفرد الآخر بعد طرو الخراب و الموت.

فالنتيجة:ان هذه المناقشة لا اساس لها.على انها لو تمت فانما تتم على القول بافادة عملية الاحياء الملك،كما هو المفروض فيها و اما على القول بانها لا تمنح للمحيي الا الحق فيها فلا موضوع لهذه المناقشة،لأن الحق يزول بزوال الحياة عن الارض،فلا يعقل بقائه بعد زوالها،كما ستجيء الاشارة اليه بشكل موسع.

الوجه الثاني:روايتان:

احداهما:صحيحة معاوية بن وهب قال:سمعت أبا عبد اللّه(ع) يقول:(ايما رجل اتى خربة بائرة فاستخرجها،و كرى انهارها و عمرها،فان عليه فيها الصدقة،فان كانت ارض لرجل قبله فغاب عنها،و تركها،فاخربها،ثم جاء بعد يطلبها،فان الارض للّه و لمن عمرها) 1.

بدعوى ان هذه الصحيحة تدل على ان علاقة المالك تنقطع عن


 

1) <page number=”50″ />الوسائل ج 17 الباب 3 من ابواب احياء الموات الحديث 1.

 

الاراضی 51)


ارضه بعد خرابها،و لأجل ذلك تدخل في ظل علاقة الرجل الذي قام باحيائها.

و الجواب عنه:

اما اولا:فيمكن دعوى ان الظاهر من الصحيحة عرفا هو اعراض المالك عنها،بقرينة استناد الخراب اليه و ترك الارض و غيابه عنها.و اما مجيئه بعد ذلك و طلبه الارض لا ينافي اعراضه عنها اولا،اذ ربما يتفق ذلك بجهة من الجهات،فتأمل.

و على هذا فالصحيحة اجنبية عن محل الكلام،فان محل الكلام في انقطاع علاقة المالك عنها بعد خرابها رغم عدم اعراضه عنها.

و اما في فرض الاعراض فلا اشكال في جواز قيام غيره باحيائها و منحه العلاقة له بالارض،سواء فيه القول بكون الاعراض موجبا لانقطاع علاقة المالك عن ماله نهائيا،كما هو الاظهر،اولا يوجب ذلك.

اما على الاول فلأنها بعد الاعراض قد اصبحت من المباحات،

و اما على الثاني فلان الاعراض بنفسه يتضمن الترخيص في التصرف بها و الاستيلاء عليها بعملية الاحياء و العمارة.

و اما ثانيا:فمع الاغماض عما ابديناه-من المناقشة-انها لا تدل بوجه على انقطاع علاقة المالك عن الارض نهائيا بطرو الخراب فحسب،اذ كما يحتمل ذلك،يحتمل انقطاع علاقته عنها بقيام غيره باحيائها و استثمارها فلا تدل الصحيحة لا على الاحتمال الاول و لا على الثاني.

و دعوى-ان الارض لو لم تخرج عن ملكية مالكها بالخراب لم يجز لغيره ان يقوم بعملية احيائها و عمارتها،لعدم جواز التصرف في مال المسلم-خاطئة جدا،و ذلك لأنها على الرغم من فرض بقائها

الاراضی 52)


في ملكية صاحبها يجوز لغيره ان يقوم باستثمارها و الاستفادة منها ما دام كان صاحبها مهملا،و ممتنعا عن القيام بحقها.

بكلمة واضحة:ان خراب الارض و زوال عمرانها قد يكون مستندا الى اهمال صاحبها و امتناعه عن القيام بعملية احيائها و استثمارها و قد لا يكون مستندا الى ذلك،بل هو مستند الى سبب آخر من اسباب طارئة،

اما في الفرض الاول فان كانت صلته بها على مستوى الملك لم تنقطع عنها بالخراب و الموت.و لكن بالرغم من هذا يجوز لغيره ان يقوم باحيائها ما دام هو مهمل و ممتنع عن ذلك.

و تدلنا:على ذلك صحيحة سليمان بن خالد الآتية.

و ان كانت صلته بها على مستوى الحق فلا شبهة في انقطاعها عنها نهائيا بطرو الخراب،باعتبار ان الحق الحادث للمحييء في الارض انما هو نتيجة قيامه باحيائها و عمرانها،و معلول له،فاذا زالت الحياة و العمارة عنها سقط حقه لزوال علته

و اما في الفرض الثاني:فما دام صاحبها لم يكن ممتنعا عن القيام باحيائها و عمرانها و كان تأخيره ذلك مستندا الى سبب من اسباب طارئة لم يجز لغيره ان يقوم.بعملية احيائها.

نعم لو طال امد عذره زمنيا بحيث ينتهي الامر الى تعطيل الارض عرفا،ففي مثل ذلك للإمام(ع)،او نائبه ان يأذن لغيره بالقيام باحيائها،و استثمارها،و يفرض عليه ان يؤدي حق صاحبها منها.

و اما ثالثا:فمع الاغماض عن ذلك،و تسليم ان الصحيحة ظاهرة،في انقطاع علاقة المالك عن ارضه بعد خرابها،و حدوث

الاراضی 53)


علاقة للثاني باحيائها،الا انه لا يمكن الاخذ بهذا الظهور:

و ذلك لان صحيحة سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه(ع) (عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها و يجري أنهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه قال الصدقة،قلت:فان كان يعرف صاحبها، قال:فليؤد اليه حقه) 1نص في بقاء رقبة الارض في ملكية مالكها،و عدم حدوث الملكية للثاني بالاحياء و العمارة.

و من الطبيعي ان النص يتقدم على الظاهر،و عليه فلا بد من رفع اليد عن ظهور صحيحة معاوية بن وهب في حدوث العلاقة للثاني على مستوى الملك،و حملها على حدوث العلاقة له على مستوى الحق،فاذا لا تنافي بين الصحيحتين.

نعم اذا افترضنا وجود التعارض و التنافي بينهما فكان هو بالتباين نظرا الى ان صحيحة معاوية بن وهب ظاهرة بالاطلاق في انقطاع ملكية المالك عن ارضه بخرابها،و حدوث الملكية للفرد الثاني باستثمارها و احيائها،و صحيحة سليمان بن خالد ظاهرة باطلاقها في عدم انقطاع ملكية المالك عنها بذلك،و عدم كون الاحياء موجبا لمنح الملكية للثاني،و انما يوجب منح الحق له فيها.

و على أساس ذلك فلا بد من الرجوع الى مرجحات باب التعارض، لترجيح احداهما على الأخرى.

و لا يبعد دعوى تقديم صحيحة معاوية بن وهب،على صحيحة سليمان بن خالد من ناحية ان الروايات التي تدل على ان عملية الاحياء سبب لتملك المحيي للأرض روايات كثيرة تبلغ حد الاستفاضة بل لا يبعد بلوغها حد التواتر،فاذن تكون هذه الصحيحة أي صحيحة


 

1) <page number=”53″ />الوسائل ج 17 الباب 3 من أبواب إحياء الموات الحديث 3.

 

الاراضی 54)


معاوية بن وهب موافقة للسنة،دون صحيحة سليمان بن خالد، فتتقدم عليها بملاك ان موافقة السنة من احدى مرجحات باب المعارضة،كما هو المعروف بين الاصحاب.

و لكن غير خفي:ان هذه المعارضة بين هاتين الصحيحتين ترتكز على ضوء نظرية المشهور القالة بان الاحياء سبب لعلاقة المحيي بالارض على مستوى الملك.

و اما على ما سيجيء من التحقيق من انه لا يوجب العلاقة الا على مستوى الحق فحسب،دون الملك.فعندئذ لا بد من رفع اليد عن ظهور صحيحة معاوية بن وهب في سببية الاحياء للملك،و حملها على سببيته للحق فقط،و عندئذ فلا تنافي بينهما اصلا،و سوف يأتي توضيح ذلك في ضمن الابحاث القادمة بشكل موسع.

فالنتيجة في نهاية الشوط انه لا يمكن الاستدلال بهذه الصحيحة على انقطاع ملكية المالك عن ارضه بالخراب.

و ثانيتهما:صحيحة ابي خالد الكابلي عن أبي جعفر(ع)قال وجدنا في كتاب علي(ع)(ان الارض للّه يورثها من يشاء من عباده،و العاقبة للمتقين،انا و اهل بيتي الذين اورثنا الارض، و نحن المتقون،و الارض كلها لنا،فمن أحيا ارضا من المسلمين فليعمرها،و ليودّ خراجها الى الامام من اهل بيتي،و له ما اكل منها،فان تركها و اخربها فاخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و احياها فهو احق بها من الذي تركها،فليؤدي خراجها الى الامام من اهل بيتي،و له ما اكل منها،حتى يظهر القائم(ع) من اهل بيتي بالسيف،فيحويها،و يمنعها،و يخرجهم منها،كما حواها رسول اللّه(ص)،و منعها،الا ما كان في ايدي شيعتنا،فانه

الاراضی 55)


يقاطعهم على ما في ايديهم،و يترك الارض في ايديهم الحديث) 1.

بدعوى ان هذه الصحيحة تدل على انقطاع ملكية المالك عن ارضه بخرابها و تملك غيره لها بالاحياء.

و الجواب عن هذه الصحيحة.

اما اولا:فلا يبعد دعوى ظهورها لدى العرف في اعراض المالك عن الارض،بقرينة استناد الخراب اليه فتأمل،و عليه فتخرج الصحيحة عن مورد الكلام،و لا تكون شاهدة عليه،فان مورد الكلام انما هو فيما اذا لم يكن خراب الارض مستندا الى اعراض المالك عنها كما عرفت.

و اما ثانيا:فلأنها لا تدل على انقطاع ملكية المالك عنها بالخراب اذ كما يحتمل ذلك،يحتمل ان يكون انقطاعها بقيام غيره باحيائها و عمارتها،فالصحيحة لا تدل بوجه،لا على الفرض الأول،و لا على الفرض الثاني.

و اما ثالثا:فلأنها لا تدل على ملكية المحيي الثاني للأرض بقيامه باحيائها و استثمارها،و انما تدل على انه احق بها من الفرد الأول و من الواضح ان الحق اعم من الملك،فلا تدل على زوال ملكية المحيي الأول عن رقبة الارض.

فيحتمل:ان تكون الارض باقية في ملكية المحيي الأول.

و يحتمل:دخولها في ملكية الامام(ع)بعد خرابها.

و يحتمل:تملك المحيي الثاني لها بالاحياء.

فالمحتملات ثلاثة:و تعيين أي من هذه المحتملات من الصحيحة بحاجة الى عناية و قرينة معينة،و حيث لم تكن فلا معيّن في البين،


 

1) <page number=”55″ />الوسائل ج 17 الباب 3 من ابواب احياء الموات الحديث 3.

 

الاراضی 56)


و حينئذ فتصبح الصحيحة مجملة،فلا يمكن الاستدلال بها على هذا القول.

هذا اضافة الى امكان ان يقال:ان كلمة الأحق غير كلمة الملك،و في مقابلها.و بما ان مدلول الصحيحة هو الأولى،دون الثانية فلا مانع عندئذ من الالتزام ببقاء رقبة الارض في ملكية مالكها.

و لكن بما ان المالك لم يقم بعملية احيائها و عمارتها،فلا مانع من قيام غيره بذلك،و بعد قيامه ليس له ان يزاحمه فيه،لأنه قد اصبح بقيامه بهذه العملية احق منه في التصرف بها و الاستفادة منها بمقتضى هذه الصحيحة.

فالنتيجة ان الصحيحة على هذا تدل على عكس هذا القول تماما.

و اما بناء على ما هو الصحيح من ان أثر الاحياء انما هو حدوث العلاقة للمحيي على مستوى الحق دون الملك فقد اصبحت النتيجة على ما يلي:

ان مدلول الصحيحة على هذا:ان الثابت للمحيي الأول هو الحق المتعلق بالارض بقيامه باحيائها و عمارتها اذا كان تاريخ احيائه متأخرا زمنيا عن تاريخ نزول آية الانفال،كما هو المفروض في مورد الصحيحة،فاذا ترك الارض و اخربها انتفى ذلك الحق الثابت له بانتفاء علته و هي الحياة و العمارة.

و عليه فاذا قام غيره باحيائها و عمرانها ثبت له هذا الحق.و اما رقبة الارض فهي غير داخلة في نطاق ملكية المحيي الأول،و لا في نطاق ملكية المحيي الثاني،بل هي باقية في نطاق ملكية الامام(ع)، كما هو المفروض في مورد النص.

و على هذا فليس معنى قوله(ع)في تلك الصحيحة(فهو احق

الاراضی 57)


بها من الذي تركها)بقاء حق للمحيي الأول أيضا،غاية الأمر ان المحيي الثاني احق منه،فان ذلك مبني على دلالة كلمة(احق) على التفضيل هنا،و هي لا تدل عليه بقرينة عدم امكان بقاء حقه بعد طرو الخراب على الارض فانه ينتفي بانتفاء موضوعه و علته.

و غير خفي:ان هذا المعنى هو الظاهر من الصحيحة،و سوف يأتي انها تدل بوضوح على هذه النظرية،و فيها شواهد عليها.

بقى هنا نقطة:و هي ان صاحب الجواهر(قده)قد ناقش في دلالة صحيحة معاوية بن وهب تارة،و في دلالة صحيحة الكابلي تارة اخرى،

اما في دلالة الأولى:فقد ابدى(قده)احتمال ان يكون المراد من قوله(ع)في الصحيحة(و لمن عمرها)هو العامر الأول،دون الثاني،فأذن لا تدل الصحيحة على ما هو المقصود من الاستدلال بها بل تدل على خلاف المقصود،حيث ان مفادها عندئذ بقاء الارض في ملكية العامر الأول،و عدم انقطاع ملكيته عنها بتركها و تخريبها.

و كذا لا تنقطع بقيام غيره باحيائها ثانيا،فانه رغم كل ذلك فهي باقية في ملكية مالكها الأول،و مع هذا الاحتمال لا يمكن الاستدلال بها.

و غير خفي:ما في هذه المناقشة،لوضوح انه لا شبهة في ظهور الصحيحة-و لا سيما بملاحظة القيود المذكورة فيها كفرض غيبة المالك الاول،و تركه الارض،و تخريبها-في ان الارض تكون لمن يقوم فعلا باحيائها و عمارتها،ضرورة ان مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ان ذكر هذه القيود انما هو لبيان موجب الزوال،لا لبيان موجب البقاء.

الاراضی 58)


و عليه فلا محالة يكون المراد من قوله(ع)(و لمن عمرها) هو العامر الثاني،دون الاول،و لا ريب في ظهوره فيه،و لا يمكن رفع اليد عن هذا الظهور،الا فيما إذا قامت قرينة على خلافه، و لا قرينة على الخلاف في المقام،فاذن لا مناص من الأخذ به.

و أما احتمال ان يكون المراد منه العامر الاول دون الثاني و إن كان موجودا،الا انه ضعيف،فلا يبلغ بدرجة يكون مانعا عن ظهور الصحيحة في ذلك،و بدون المنع عنه لا أثر له.

فالنتيجة ان هذه المناقشة ساقطة جدا.

و أما في دلالة الثانية فقد ذكر(قده)ان مدلولها يكون من المتشابه،حيث ان المراد منه غير معلوم،فلا بد من رد علمه الى أهله.بيان ذلك:ان في هذه الصحيحة قد أوجب على المحيى للأرض الميتة دفع الخراج الى الامام(ع)،و عندئذ.

ان أريد بذلك وجوب دفعه في زمن الغيبة فهو لا يرجع الى معنى محصل،حيث لا امام في هذا الزمن من أهل البيت(ع) الا القائم روحي له الفداء.

هذا اضافة الى ان ذلك يتعارض مع النصوص المستفيضة التي تدل بوضوح على ان الاحياء سبب لمنح ملكية الارض لمن يقوم باحيائها.و على هذا فلا وجه لوجوب الخراج عليه.

و إن اريد بذلك وجوبه في زمن الحضور،أو ظهور القائم(ع) فهو اشد اشكالا،فان الاحياء ان كان موجبا للملك فلا مقتضى لوجوب الخراج عليه،لا في زمن يمكن الوصول الى الامام(ع)، و لا في زمن الغيبة الذي لا يمكن الوصول اليه،و إن لم يكن موجبا له وجب عليه ذلك لا محالة من باب اجرة المثل،من غير فرق بين

الاراضی 59)


زماني الحضور و الغيبة.هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى يشكل الالتزام بذيل هذه الصحيحة،حيث فرض فيها انتزاع الارض من يد مالكها و هو لا يمكن.

و من ناحية ثالثة:ان المشهور قد اعرضوا عنها،و لم يعملوا بها، و اعراض المشهور عن رواية معتبرة يوجب سقوطها عن الاعتبار.

و الجواب عن ذلك:اما من الناحية الأولى،فعلى ضوء ما سنذكره في ضمن الابحاث الآتية إن شاء اللّه تعالى من ان الاحياء لا يوجب علاقة المحيى بالارض على مستوى الملك،و انما يوجب علاقته بها على مستوى الحق،فوجوب دفع الخراج على المحيى عندئذ على مقتضى القاعدة فعدم الوجوب بحاجة الى دليل.

و إن شئت قلت:إننا إذا افترضنا ان رقبة الارض تظل في ملكية الامام(ع)،و لا تخرج عن ملكيته بقيام غيره باحيائها و عمارتها، فله(ع)فرض الاجرة عليه،غاية الأمر يجب عليه دفعها في زمن الحضور الى الامام(ع)،و في زمن الغيبة الى نائبه(ع).

هذا،بقطع النظر عما سيأتي في ضمن البحوث القادمة من ان دفع الخراج غير واجب على الشيعة كلا من ناحية ان الامام(ع) قد اذن لهم بالتصرف فيها،و استثمارها و الاستفادة منها،من دون فرض الخراج عليهم.هذا من جانب.

و من جانب آخر سوف يأتي ان النصوص التي تكون ظاهرة في ان الاحياء يوجب تملك المحيى للأرض لا بد من رفع اليد عن ظهورها فيه بقرينة الصحيحة المزبورة و غيرها مما سنشير اليه،و الالتزام بأن الاحياء لا يبرر الاختصاص إلا على مستوى الحق فحسب،دون الملك.

فالنتيجة:إنه لا اشكال في الصحيحة من هذه الناحية.

الاراضی 60)


و أما من الناحية الثانية:فقد ظهر الجواب عنها مما تقدم،فان انتزاعها من يد من يقوم باحيائها و عمارتها،ليس انتزاعا من يد مالكها،كي يكون ذلك اشكالا في الرواية.

و أما من الناحية الثالثة:فقد حقق في محلّه ان اعراض المشهور عن رواية معتبرة على تقدير تسليم الصغرى لا يوجب سقوطها عن الاعتبار،إلا اذا حصل الاطمينان لذلك،و هو غير مطرد،فانه يختلف باختلاف الاشخاص،و الاحوال.

فالنتيجة:ان اعراض المشهور بما هو عن رواية لا يوجب سقوطها عن الاعتبار اذا كانت واجدة للشرائط.و اما حصول الاطمينان منه بوجود خلل فيها المانع عن العمل بها فانه شيء اتفاقي،و لا خصوصية له في ذلك،ضرورة انه من أي سبب حصل يوجب سقوطها عن الاعتبار.

نتائج هذا البحث
عدة نقاط:
الأولى:ان الاستدلال بمجموعة من النصوص [على انقطاع ملكية المالك عن ارضه بعد خرابها و تملك غيره لها بالقيام باحيائها غير صحيح]

-التي تدل على ان من يقوم بأحياء الارض فهي تصبح له-على انقطاع ملكية المالك عن ارضه بعد خرابها و تملك غيره لها بالقيام باحيائها غير صحيح و قد تقدم انها لا تدل على ذلك بوجه.

الثانية:ان التمسك بهذه المجموعة في المقام من التمسك بالعلم
في الشبهة المصداقية،

باعتبار ان موضوعها-و هو الارض الخربة- قد قيد بعدم كونها داخلة في نطاق ملكية أحد،و بما ان هذا القيد

الاراضی 61)


في المقام مشكوك فيه.لاحتمال بقاء الارض في ملكية مالكها،و عدم خروجها عنها بعد خرابها فلا يمكن احرازه بالتمسك بها.

الثالثة:ان التمسك بالعام في الشبهات المصداقية انما لا يجوز
فيما إذا كان المخصص لفظيا.

و أما إذا كان لبيا فلا مانع منه، و بما ان المخصص في المقام لبي فلا محذور فيه.

و قد تقدم الجواب عن ذلك بصورة موسعة و قلنا:إنه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية مطلقا.

الرابعة:ان النصوص المزبورة لا تدل على سببية الاحياء للملكية
المطلقة الدائمة التي لا تزول إلا بناقل شرعي،

فانها ليست في مقام البيان من هذه الناحية،و إنما كانت في مقام بيان ان الاحياء من أحد اسباب الملك أو الحق شرعا على الاختلاف في المسألة.

الخامسة:ان الاستدلال على هذا القول بصحيحة معاوية بن وهب
غير صحيح،

لما عرفت من المناقشة العديدة في دلالتها على ذلك القول، و كذلك الحال في صحيحة الكابلي.

السادسة:ان المتحصل من مجموع ما ذكرناه هو انه لا يمكن الاخذ
بهذا القول،

و انه لا يقوم على أساس صحيح.

القول الثاني
تنقطع علاقة المالك عن الارض بعد خرابها اذا كان سبب
ملكيته عملية الاحياء و العمران.

و اما اذا كان سببها الشراء،أو الهبة،أو ما شاكل ذلك فلا تنقطع.

و هذا التفصيل هو المعروف و المشهور بين الاصحاب،و عن

الاراضی 62)


العلامة(قده)في التذكرة نفي الخلاف فيه،بل حكي اجماع الفقهاء عليه،و مال اليه الشهيد الثاني(قده)في الروضة.

و إليك نص عبارته:و موضع الخلاف ما اذا كان السابق قد ملكها بالاحياء،فلو كان قد ملكها بالشراء،و نحوه لم يزل ملكه عنها اجماعا،على ما نقله العلامة في التذكرة عن جميع اهل العلم.

و كيف كان فالاجماع الكاشف عن قول المعصوم(ع)في المسألة غير متحقق جزما،بل لم ينقل الاجماع فيها الا العلامة في التذكرة عن ابن عبد البر-و هو من احد فقهاء العامة-و لذا قال صاحب الجواهر(قده)في مقام رد الاجماع انه انما حكى عمن لا نعرفه.

قد يقال:كما قيل:ان صحيحة الكابلي المتقدمة بما انها تدل على انقطاع علاقة صاحب الارض عنها بعد خرابها فتكون اخص من صحيحتي سليمان بن خالد،و معاوية بن وهب المتقدمتين.

اما بالاضافة الى صحيحة سليمان:فبملاك انها و ان كانت نصا في بقاء علاقة صاحب الارض بها حتى بعد قيام فرد أخر باحيائها و عمرانها،الا انها مطلقة من ناحية ان سبب علاقته بها كان هو عملية الاحياء،او الشراء أو ما شاكل ذلك.

و هذا بخلاف صحيحة الكابلي فانها خاص من هذه الناحية،لاختصاصها بما اذا كان سبب علاقته بالارض عملية الاحياء فحسب،فعندئذ نقيد اطلاق صحيحة سليمان بهذه الصحيحة.

فالنتيجة:ان سبب علاقته بها ان كان هو عملية الاحياء و العمران فقد انقطعت عنها نهائيا بعد خرابها و موتها،و ان كان غيرها لم تنقطع.

و اما بالاضافة الى صحيحة معاوية بن وهب فايضا كذلك:يعني ان النسبة بينها،و بين صحيحة الكابلي نسبة الخاص و العام،غاية

الاراضی 63)


الامر ان نسبة صحيحة الكابلي الى صحيحة سليمان نسبة المخالفة اي المخالفة في الحكم و المضمون،و الى صحيحة معاوية نسبة الموافقة، بمعنى ان صحيحة معاوية،و صحيحة الكابلي كلتيهما تدل على انقطاع علاقة صاحب الارض عنها بعد خرابها،و موتها،فلا اختلاف بينهما من هذه الناحية.

و الاختلاف بينهما انما هو في الاطلاق و التقييد فحسب،فان صحيحة معاوية و ان كانت تدل على المضمون المذكور-و هو انقطاع علاقة صاحبها عنها بعد خرابها-الا انها مطلقة من ناحية ان سبب هذه العلاقة كان عملية الاحياء،أو غيرها.

و اما صحيحة الكابلي:فهي خاص من هذه الناحية كما عرفت.

هذا من جانب.

و من جانب آخر:ان المشهور بين الاصحاب قديما و حديثا و ان كان هو عدم جواز حمل المطلق على المقيد في موارد كان المقيد موافقا للمطلق في الحكم من ناحية،و كان الحكم في طرف المطلق انحلاليا من ناحية أخرى.

و لكن الصحيح عدم الفرق بين موارد مخالفة المقيد للمطلق في الحكم، و موارد موافقته له،فكما ان في الأولى لا بد من حمل المطلق على المقيد، فكذلك في الثانية،كما اشرنا اليه في ضمن البحوث السالفة.

فالنتيجة على ضوء هذين الجانبين:هي ان صحيحة الكابلي تصلح ان تكون مقيدة لإطلاق صحيحة معاوية بما إذا كان سبب علاقته بالارض عملية الاحياء،لا غيرها.

فاذن لا مناص من الالتزام بهذا القول-و هو الفرق بين ما كان سبب علاقة المالك بالارض عملية الاحياء،و ما كان سببها الشراء أو

الاراضی 64)


نحوه-فعلى الأول تنقطع علاقته عنها نهائيا بعد خرابها،و على الثاني لا تنقطع.

و الجواب عن ذلك:

اما اولا:فلا ناقد ذكرنا ان صحيحة الكابلي لا تدل بوجه على انقطاع علاقة صاحب الارض عنها نهائيا بعد خرابها،و كذا صحيحة معاوية،كما عرفت سابقا.و عليه فلا موضوع للجمع المذكور، حتى تكون نتيجته اثبات ذلك القول.

و اما ثانيا:فعلى تقدير تسليم ان الصحيحة تدل على ذلك، الا انا نناقش في ان النتيجة ليست هي هذا القول بالتفصيل، و ذلك لان مدلول الصحيحة لا يخلو من ان يكون سببية الاحياء لعلاقة المحيي بالارض على مستوى الملك،أو يكون سببيته للعلاقة بها على مستوى الحق.

اما على الاول:فلا تكون للصحيحة دلالة على المفهوم لتكون مقيدة لإطلاق كل من صحيحتي سليمان،و معاوية،و ذلك لأنها كانت في مقام بيان ان الارض كلها للإمام(ع).

و من الطبيعي:ان المراد منها الاراضي التي لا رب لها بالفعل سواء أ كانت ميتة،أم كانت عامرة،كما اذا كان عمرانها مستمدا من طبيعتها لا من بذل جهد بشري فيها.

و اما اذا كان عمرانها بشريا فهي ملك لمن يقوم بعمارتها قبل تاريخ تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)و لا يعقل ان تدخل في نطاق ملكية الامام(ع)،بعد ما ذكرنا من أن المراد من ملكيته(ع) للأرض الملكية الاعتبارية بمعنى الحكم الشرعي،لا الامر التكويني و لا المعنوي،على ما حققناه في ضمن البحوث السالفة.

الاراضی 65)


ثم فرّع(ع)على ملكيته للأراضي ان من يقوم بعملية احياء منها فهي تصبح له مع فرض الخراج عليه.

و من الواضح ان العرف لا يفهم من الصحيحة ان في الملكية الحاصلة من عملية الاحياء خصوصية لا تتوفر تلك الخصوصية في الملكية الحاصلة من سبب آخر غيرها،و هذا يعني ان الارتكاز القطعي العرفي قائم على عدم الفرق بين ما كان سبب ملكية الارض عملية الاحياء،و ما كان سببها غيرها.

و على الجملة حيث ان ذكر كلمة الاحياء التي توجب الملك كان متفرعا على ذكر كلمة الارض في الصحيحة،فلا يتبادر لدى العرف منها الا كون الصحيحة في مقام بيان تشريع سببية عملية الاحياء لتملك المحيي للأرض،و انها من احد اسباب الملك،كغيرها من الاسباب له من دون خصوصية لها.

و من البديهي انه لا يفهم منها ان الملكية المسببة من هذا السبب تمتاز عن غيرها،بل يفهم منها عرفا انها من احد اسباب الملك، و الارتكاز القطعي قائم على عدم الفرق بين اصناف الملكية من هذه الناحية.

و على هذا الاساس:فلا يكون لقوله(ع)في الصحيحة(فان تركها و اخربها فاخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و احياها فهو احق بها من الذي تركها)ظهور لدى العرف في ان ذلك من آثار ملكية الارض المسببة من عملية الاحياء،بل الارتكاز المزبور القائم على عدم الفرق بين اقسام الملك و اصنافه قرينة على ان ذلك من آثار مطلق ملكية الارض،سواء أ كانت من جهة عملية الاحياء أم كانت من جهة الشراء.و نحوه،غاية الامر ان مورد الصحيحة

الاراضی 66)


هو ما كان سبب الملك عملية الاحياء،و لا خصوصية للمورد بعد الارتكاز المذكور.

و على ضوء ذلك فالصحيحة اي صحيحة الكابلي لا تصلح ان تكون مقيدة لإطلاق صحيحة سليمان بن خالد،و لا لإطلاق صحيحة معاوية بن وهب لتكون النتيجة دعم هذا القول،فاذن لا دليل عليه.

نعم على هذا الاساس:تقع المعارضة بين صحيحة سليمان بن خالد من جانب،و صحيحتي الكابلي،و معاوية بن وهب من جانب آخر، و سوف يأتي الكلام في علاج المعارضة بين الجانبين في ضمن الابحاث القادمة.

و اما على الفرض الثاني-و هو ما اذا كان الاحياء موجبا لعلاقة المحيي بالارض على مستوى الحق فحسب-فما يترتب على هذا الفرض غير ما يترتب على الفرض الاول.

بيان ذلك:قد عرفت انه على فرض كون عملية الاحياء توجب علاقة المحيي بالارض على مستوى الملك لا وجه للتفصيل المزبور -و هو التفصيل بين ما كان الموجب لملكية الارض عملية الاحياء، و ما كان الموجب لملكيتها غيرها كشراء،او ارث،أو نحو ذلك-

و أما على فرض كون عملية الاحياء شرعا لا توجب إلا صلة المحيي بالارض على مستوى الحق فحسب،فلا بد من التفصيل بين كون صلة صاحب الارض بها على مستوى الملك،و كون صلته بها على مستوى الحق،فعلى الاول لا تنقطع صلته عنها نهائيا بطرو الخراب، و الموت.

و لكن بالرغم من ذلك ليس له ان يمنع غيره من القيام باحيائها و عمرانها إذا كان ممتنعا عن ذلك،و مهملا.

الاراضی 67)


نعم لو قام هو باحيائها و استثمارها لم يجز لغيره ان يزاحمه فيه، و لا فرق في ذلك بين ان يكون سبب ملكيته للأرض عملية الاحياء، أو غيرها،ضرورة ان الشرع لا يسمح لأيّ احد احتكار الارض بعد موتها،و خرابها،و اهمالها مهما كان السبب في حصوله عليها.

و اما ما عن الشهيد الثاني(قده)في المسالك من ان الارض التي قام باحيائها و استثمارها فرد اذا كان اصلها مباحا،فاذا تركها عادت الى ما كانت عليه،و صارت مباحة،كما كانت كذلك.و إن العلة في تملك هذه الارض الاحياء و العمارة.فاذا زالت العلة زال المعلول طبعا،و لا يعقل بقاؤه.

فهو لا يتم على القول بكون الاحياء موجبا لتملك المحيى لرقبة الارض،و ذلك لأن الملك الذي يحصل عليه الفرد و ان كان هو نتيجة الاحياء،و معلولا له شرعا،الا انك عرفت ان الارتكاز القطعي لدى العرف قائم على انه لا يدور مداره حدوثا و بقاء،بل الملك ظلّ، و ان زالت علته بقاء.

نعم ما أفاده(قده)انما يتم على القول بكون الاحياء موجبا لعلاقة المحيى بالارض على مستوى الحق فحسب،كما نشير اليه الآن.

و على الثاني تنقطع صلته عن الارض نهائيا بعروض الخراب،لأن الحق الذي يحصل عليه الفرد بسبب عملية الاحياء،بما انه لدى الارتكاز العرفي متقوم بحياة الارض،فبطبيعة الحال إذا زالت الحياة عنها سقط حقه بسقوط علته،فلا يعقل بقائه مع سقوطها.

و هذا الارتكاز هو الفارق بين ما كانت عملية الاحياء موجبة لعلاقة المحيي بالارض على مستوى الملك،و ما كانت موجبة لعلاقته بها على مستوى الحق،فانه قائم على عدم سقوط الملك بسقوط الحياة

الاراضی 68)


عن الارض باعتبار ان الحياة بمقتضى هذا الارتكاز جهة تعليلية له،لا تقييدية،فالموضوع للملك انما هو رقبة الارض من دون تقييدها بشيء.

و اما في الحق فالارتكاز المزبور على العكس،فانه قائم على سقوط الحق بسقوط الحياة عنها باعتبار ان الحياة بمقتضى ذلك الارتكاز جهة تقييدية له،لا تعليلية محضة،

و على اساس ذلك فبما ان الارض في مورد صحيحة الكابلي داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)فبطبيعة الحال لا يوجب احيائها إلا صلة المحيي بها على مستوى الحق فحسب.

و عليه فاذا افترضنا ان المحيي قد ترك الارض المزبورة،و اخربها فلا محالة سقط حقه عنها نهائيا بسقوط موضوعه،و عندئذ جاز للآخر أن يقوم باحيائها و استثمارها،فاذا قام حصل له الحق فيها.

و هذا التفصيل غير التفصيل المتقدم،فانه تفصيل بين ملكية الارض بسبب عملية الاحياء،و ملكيتها بسبب آخر غيرها.

و اما هذا التفصيل فهو تفصيل بين ما كانت العلاقة على مستوى الملك،و ما كانت على مستوى الحق،و على الأول لا تنقطع عن الارض بعد خرابها،من دون فرق بين ان يكون سبب تلك العلاقة عملية الاحياء،أو اسلام اهلها عليها طوعا،أو شراء،أو نحو ذلك.

و على الثاني تنقطع عنها بعده نهائيا من دون فرق بين ان يكون سبب هذه العلاقة عملية الاحياء،أو الشراء،أو ما شابه ذلك، فان من كانت علاقته بالارض على مستوى الحق،فشراء تلك الارض منه لا يوجب الا منح المشتري نفس العلاقة التي كانت له،فان حقيقة البيع-كما سوف نشير اليه في ضمن البحوث القادمة-انما

الاراضی 69)


هي منح المشتري نفس العلاقة التي كانت للبائع بالمبيع،فان كانت على مستوى الملك فاصبح المشتري مالكا له،و ان كانت على مستوى الحق فاصبح ذا حق بالاضافة اليه،و لا يعقل ان تكون علاقة البائع بالمبيع على مستوى الحق،و لكن علاقة المشتري به بعد الشراء قد اصبحت على مستوى الملك.

هذا اضافة الى ان هذا التفصيل لا يرجع بالتحليل الى اساس صحيح.

و النكتة فيه ان السبب البدائي الوحيد لعلاقة الانسان-منذ تولده في هذه الكرة-بالارض انما هو عملية الاحياء و لا يسبقه اي سبب اخر ينتج حقا للإنسان فيها،فاختصاص الفرد بالارض اختصاصا ابتدائيا لا ينشأ الا من عملية الاحياء مباشرة،أو بالتسبيب فجميع اسباب أخر لعلاقة الانسان بالارض اسباب ثانوية،و تنتهي في نهاية المطاف الى ذلك السبب.

مثلا بيع الارض سبب لارتباط الارض بالمشتري،و لكن من المعلوم ان سببيته لذلك تتوقف على ان تكون الارض مرتبطة بالبائع بسبب آخر كشراء،أو نحوه قبل تاريخ هذا البيع زمنيا،و كذا الحال في الهبة،و الارث،و الصلح،و ما شاكل ذلك الى ان ينتهي في نهاية الشوط الى السبب الاول.

و بكلمة اخرى ان المصادر و الثروات الطبيعية بشتى انواعها، و اشكالها لم تكن بوضعها الطبيعي داخلة في نطاق علاقة خاصة لأي فرد،فالسبب الوحيد لصلة الفرد بها انما هو انفاق الانسان عملا ايجابيا في سبيل استثمارها،و استخدامها.

فمثلا استخراج المناجم و المعادن من اعماق الارض-هو العمل الذي ينتج علاقة المستخرج بالمادة التي يستخرجها خاصة-.

الاراضی 70)


و احتطاب الخشب من الغابات هو العمل الذي يوجب ربطه بمن يقوم بهذه العملية على مستوى الملك.

و صيد الحيوان النافر،أو الطائر-هو النمل الذي يبرر اختصاص الصائد به اختصاصا ملكيا-.

و الاستيلاء على اللؤلؤ و المرجان في اعماق البحار بالغوص-هو العمل الذي ينتج صلة الغاصّ بهما-.

و اغتراف الماء من النهر أو نحوه-هو العمل الذي يوجب تملك المغترف-.

و نقل الحجر من الصحراء-هو العمل الذي يوجب صلته بمن يقوم بنقله-و هكذا.

و احياء الارض-هو العمل الذي ينتج حقا للمحيي فيها-.

و لا تملك هذه المصادر و الثروات بملكية خاصة بدون انفاق عمل في سبيل استثمارها،و مجرد دخولها في حدود سيطرة الفرد، و الاستلاء عليها من دون انفاقه عملا ايجابيا في سبيل استخدامها لا يكون كافيا لتملكها،و العلاقة بها،و سوف يأتي الكلام في غير الارض من الثروات الطبيعية بشكل موسع في ضمن البحوث القادمة.

و على ضوء ذلك فلا يعقل ان تكون علاقة الفرد بالارض التي تنشأ من الاسباب الثانوية كالبيع،و الهبة،و الارث،و نحو ذلك اقوى و اشد من علاقته بها الناشئة من عملية الاحياء،رغم انها جميعا تنتهي في نهاية المطاف الى تلك العملية،و الفرض ان هذه الاسباب تتكفل منح نفس هذه العلاقة لغيره،حيث لم تكن هنا علاقة اخرى ما عداها.

و عليه فلا اساس للقول بالتفصيل أي التفصيل بين ما كانت علاقة الفرد بالارض ناشئة من عملية الاحياء،و ما كانت ناشئة من سبب

الاراضی 71)


ثانوي كشراء أو نحوه،فعلى الأول تنقطع علاقته عنها نهائيا بعد خرابها،و على الثاني لا تنقطع.

نعم يمكن في ظروف استثنائية ان يملك الفرد رقبة الارض-بدون انفاق عمل-بمنح الامام(ع)،حيث ان له(ع)ولاية هذا التصرف اذا رأى فيه مصلحة،الا انه فرض نادر،و لا طريق لنا الى احراز وقوعه في الخارج،فلا يمكن ان يكون القول بالتفصيل ناظرا الى هذا الفرض.

على انه خارج عن محل الكلام،فان محل الكلام انما هو في ان اختصاص الفرد بالارض لا يمكن بمجرد الاستيلاء،و السيطرة عليها بدون انفاق اي عمل خارجا في سبيل استثمارها.و اما تملكها بمنح من بيده الامر فلا مانع منه اصلا،و لا كلام فيه، فانه نظير تملكها بمنح من يكون مالكا لها بملكية خاصة.

و اما صحيحة معاوية بن وهب،فان الارض في موردها لا تخلو من ان تكون داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)،أو داخلة في نطاق ملكة غيره.و على كلا التقديرين لا تؤثر عملية الاحياء في عرقة؟؟؟ المحيي بالارض الا على مستوى الحق دون الملك.

ثم ان فرض تملك الفرد لرقبة الارض-على ضوء ان عملية الاحياء لا توجب ملكيتها اذ كانت رقبتها داخلة في ملك غيره-يقوم على اساس ان يكون قيامه بعملية الاحياء متقدما زمنيا على تاريخ تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)،أو فرض انتقالها اليه ممن يكون قائما باحيائها قبل هذا التاريخ،بناء على ما سنذكره في ضمن البحوث الآتية إن شاء اللّه تعالى من ان عملية الاحياء اذا كانت في ارض مباحة توجب الملك عند العقلاء،و اذا كانت في ملك غيره لا توجب

الاراضی 72)


ذلك،و بما ان الارض بعد التشريع المزبور قد أصبحت ملكا للإمام(ع)فلا توجب عملية إحيائها الملك للمحيي،و اما قبل هذا التشريع فبما انها كانت مباحة فهي توجب الملك له.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:اذا طرأ عليها الخراب و الموت،و كان مالكها ممتنعا عن القيام باحيائها،فهل يجوز لدى العقلاء أن يقوم غيره باحيائها و استثمارها؟-كما يجوز ذلك عند الشارع-الظاهر جوازه عندهم أيضا،حيث يظهر منهم أنهم لا يسمحون لأي احد احتكار الارض بعد خرابها،مع حاجة الناس الى استثمارها و الاستفادة منها،كما لا يجوز ذلك لدى الشرع،فما هو ثابت لدى العقلاء،ثابت لدى الشرع أيضا،فلا فرق بينهما من هذه الناحية،و انما الفرق في ان عملية الاحياء بنظر العقلاء من أحد أسباب-الملك.و اما عند الشارع فهي ليست من احد اسباب ذلك، و انما هي سبب لحصول الحق فحسب.

نتيجة هذا البحث عدة نقاط
الاولى:ان الاجماع الذي حكي عن العلامة في التذكرة لا يصلح
أن يكون دليلا على هذا القول،

على تقدير تسليم ان الاجماع المنقول حجة،لما عرفت من عدم ثبوته.

الثانية؛ان القول المزبور و ان كان نتيجة الجمع بين الصحاح
المتقدمة

يعني-صحيحة الكابلي،و صحيحة معاوية بن وهب،و صحيحة سليمان بن خالد-بتقييد اطلاق كل من الصحيحتين الاخيرتين بصحيحة الأولى،الا انك عرفت انه لا يمكن الاخذ بهذا الجمع،

الاراضی 73)


لا على القول بكون عملية الاحياء موجبة لعلاقة المحيي بالارض على مستوى الملك،و لا على القول بكونها موجبة لعلاقته بها على مستوى الحق فحسب.

الثالثة:ان عملية الاحياء لدى العقلاء تؤثر في الملك و من
احد اسبابه.

و من هنا قلنا ان عملية الاحياء اذا كانت متقدمة زمنيا على تاريخ نزول آية الانفال فهي تفيد الملك.و اما لدى الشارع فهي بمقتضى النصوص التشريعية لا تفيد الملك،و انما هي تفيد الحق فحسب.

الرابعة:ان ما افاده الشهيد الثاني(قده)في المسالك-من ان
علاقة المحيي بالارض تنقطع عنها بعد خرابها،و عادت الى ما كانت
عليه من الاباحة

-فقد عرفت انه لا يتم على القول بكون الاحياء منشأ للملك:و انما يتم على القول بكونه منشأ للحق.

الخامسة:ان القول المذكور لا يرجع في نفسه الى اساس صحيح

لما عرفت من ان ملكية كل ارض تنتهي في نهاية المطاف الى عملية الاحياء و العمارة،فلا يمكن تملك الارض بملكية خاصة بدون انفاق العمل في سبيلها.نعم قد يمكن تملكها بمنح الامام(ع)في ظروف خاصة،كما عرفت

القول الثالث
لا تنقطع علاقة صاحب الارض عنها بعد خرابها،و انما تنقطع
علاقته عنها بقيام غيره بعملية إحيائها،

و هذا يعني أن عملية الاحياء كما توجب تملك المحيي للأرض،كذلك توجب انقطاع علاقة

الاراضی 74)


صاحبها عنها نهائيا.

و يمكن الاستدلال على هذا القول باطلاق مجموعة من الروايات التي جاءت بهذا النص:من أحيا ارضا مواتا فهي له.و ايما قوم احيوا شيئا من الارض او عملوه فهم احق بها و هي لهم.و ايما قوم أحيوا شيئا من الارض و عمروها فهم احق بها.و غيرها 1.

بتقريب:انها ظاهرة عرفا في ان عملية الاحياء مطلقا-و ان كانت في الارض الميتة بالعرض-تؤدي علاقة المحيي بها على مستوى الملك،و من الطبيعي انها حينئذ تدل بالالتزام على أن صلة المالك عن ارضه تنقطع نهائيا بقيام غيره باحيائها،حيث انه لا موجب لانقطاعها قبل ذلك.

و الجواب عن هذا:ما تقدم منا في ضمن البحوث السالفة من ان هذه المجموعة،كما انها لا تدل على ان صلته عن ارضه تنقطع بعد خرابها،كذلك لا تدل على انها تنقطع بعد قيام غيره باحيائها فكل من الامرين محتمل،اذ كما يحتمل الاول،يحتمل الثاني أيضا، فلا تدل المجموعة الا على الجامع بينهما اجمالا.

نعم لا يرد على الاستدلال بها على هذا القول ما يرد على الاستدلال بها على القول الاول-و هو لزوم التمسك بالعام في الشبهة المصداقية-فإن هذا القول انما يقوم على اساس جواز التصرف في الارض الخربة و ان ظلّت رقبتها في ملك صاحبها بعد خرابها،و على هذا فلا يكون التمسك بها في المقام من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

فيكون نظير ما في باب الالتقاط حيث ان للملتقط هناك ان يتملك ما التقطه اذا توفرت شرائط تملكه،رغم انه لا يخرج عن


 

1) <page number=”74″ />الوسائل ج 17 الباب 1 من ابواب احياء الموات.

 

الاراضی 75)


ملك صاحبه بصرف الضياع.

و قد يستدل على هذا القول:بصحيحة معاوية بن وهب المتقدمة، بدعوى انها تدل على تملك المحيي الارض الخربة بالاحياء،و من الطبيعي ان تملكه الارض بذلك يستلزم خروجها عن ملك صاحبها،

و فيه:انها لا تدل على ذلك اي-على خروجها عن ملك صاحبها- بوجه،و انما تدل على ان المحيي يملك الارض بقيامه باحيائها و اما ان الارض قد خرجت عن ملكه بعد خرابها أو بعد قيام غيره باحيائها فالصحيحة لا تدل على شيء من الاحتمالين.

هذا اضافة:الى ما تقدم منافي ضمن البحوث السالفة من المناقشة في دلالة الصحيحة.

و من هنا يظهر انه لا يمكن الاستدلال على هذا القول بصحيحة الكابلي المتقدمة أيضا،لما مرّ بنا من المناقشة فيها.

فالنتيجة:انه لا يمكن اتمام هذا القول بدليل.

القول الرابع
ان علاقة المحيي بالارض لا تنقطع عنها نهائيا،لا بعد خرابها
و لا بقيام غيره باحيائها،

بل هي ظلّت في ملكه و لا تخرج الا بناقل شرعي.

و هذا القول:هو المعروف و المشهور بين الاصحاب،بل قيل:

انه لم يعرف الخلاف في ذلك.

و يدلنا عليه:امران:

الأول:الاستصحاب،فان مقتضاه بقاء الارض في ملكه و عدم خروجها عنه بطرو الخراب،و لا باحياء غيره،و لا مانع من التمسك

الاراضی 76)


به بعد ما سيأتي من عدم تمامية دلالة الروايات المخالفة له و الموافقة.

و لكن قد يناقش فيه بامرين:

احدهما:ان الشك في المقام انما هو في الموضوع بمعنى انا لا نعلم ان موضوع الملك ذات الارض و الحياة شرط خارج عنه او ان موضوعه الارض المقيدة بالحياة فتكون الحياة قيدا مقوما له و بما اننا لا نحرز احد الامرين فلا نحرز بقاء الموضوع في ظرف الشك،و من الطبيعي انه مع عدم احرازه لا يمكن جريانه.

و يرده:ان الظاهر بمقتضى الارتكاز القطعي لدى العرف ان موضوع الملك ذات الارض،و الحياة و ان كانت صفة طارئة عليها،الا انها شرط خارجي و غير مقوم للموضوع.

و ان شئت قلت:ان الحياة و ان كانت سببا لتملك المحيي للأرض و شكلا من اشكالها الا أن مناسبة الحكم و الموضوع هنا كانت بدرجة تقتضي انها جهة تعليلية محضة.فلا يكون لها أي دخل في موضوع الحكم اصلا

فالنتيجة:ان اتحاد القضية المتيقنة،مع القضية المشكوك فيها محرز موضوعا و محمولا،و الشك انما هو في بقاء المحمول.و عليه فلا مانع من التمسك بالاستصحاب.

و دعوى-ان موضوع الملك في القضية المتيقنة انما هو الامر الخاص -و هو الارض المحياة بما هي محياة-لا طبيعي الارض و عليه فبطبيعة الحال ما دامت الارض حية فقد ظلت في ملك صاحبها،و إذا ماتت فقد خرجت عن ملكه نهائيا بخروج موضوعه.

-خاطئة جدا:لما مر بنا الآن من ان مناسبة الحكم و الموضوع في المقام بلغت بدرجة تصبح قرينة لدى العرف على ان موضوع الملك

الاراضی 77)


طبيعي الأرض،و الحياة جهة تعليلية صرفة،لا تقييدية

و ثانيهما:ان الشك في محل الكلام لمّا كان في المقتضى لم يجر الاستصحاب فيه،كما اختاره شيخنا العلامة الانصاري(قده).

بيان ذلك:ان موضوع الملك و ان كان هو طبيعي الارض،إلا اننا لا نحرز استعداده أي-الملك-للبقاء حتى بعد انقطاع الحياة عن الارض،و بدون ذلك لا يجري الاستصحاب.

و يرده:ان الصحيح هو عدم الفرق في جريان الاستصحاب بين موارد الشك في الرافع،و موارد الشك في المقتضي،فكما أن الاستصحاب يجري في الاولى،فكذلك يجري في الثانية.و تمام الكلام في ذلك في بحث الاصول من الاستصحاب.

فالنتيجة:انه لا مانع لحد الآن من استصحاب بقاء الارض في ملك صاحبها حتى بعد قيام غيره باحيائها.

الثاني:صحيحة سليمان بن خالد قال:سألت أبا عبد اللّه(ع) عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها،و يجري انهارها،و يعمرها، و يزرعها،ما ذا عليه قال:الصدقة قلت:فان كان يعرف صاحبها قال:فليؤدي اليه حقه 1.

فان قوله(ع):فليؤدي اليه حقه يدل بوضوح على بقاء الارض في ملك صاحبها،و عدم انقطاع علاقته عنها بطرو الخراب و الموت و لا بقيام غيره باحيائها،و إلا فلا يبقى له حق فيها كي يجب عليه ادائه.

هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى:لا بد من حمل الصحيحة على امتناع صاحبها عن القيام بحقها و اهماله لها،كما لا يبعد ان يدعي ظهورها فيه،


 

1) <page number=”77″ />الوسائل ج 17 الباب 3 من أبواب احياء الموات الحديث(3).

 

الاراضی 78)


و ذلك لأنه لو لم يكن ممتنعا عن ذلك و مهملا لم يجز لغيره ان يقوم بإحيائها و استثمارها،و الاستفادة منها بدون اذنه جزما.

و أما في فرض الامتناع عن القيام بذلك و الاهمال فرقبة الارض و إن ظلت في ملكه،إلا انه بالرغم من هذا جاز لغيره لدى الشرع،و العقلاء ان يقوم باستثمارها و احيائها،فان العقلاء كالشرع لا يسمحون لأي فرد احتكار الارض،على اساس أن ذلك يضر بالعدالة الاجتماعية،و ضيق على الآخرين.

و من ناحية ثالثة:أن مقتضى اطلاق تلك الصحيحة انه لا فرق بين كون سبب ملكية مالك الأرض عملية الاحياء،و كونه غيرها، كشراء أو نحوه.و عليه فتدل على ان علاقة صاحب الارض لا تنقطع عنها أصلا،لا بعد خرابها،و لا بقيام غيره باحيائها،و لو كان سببها عملية الأحياء.

فالنتيجة:ان هذه الصحيحة،في حد نفسها تدل على هذا القول،هذا.

قد يقال:كما قيل:ان اطلاق هذه الصحيحة بما انه معارض باطلاق صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة بالتباين،بملاك أن صحيحة معاوية تدل على أن علاقة المالك بالأرض تنقطع عنها نهائيا بعد خرابها،أو بعد قيام غيره باحيائها،سواء أ كان منشأ تلك العلاقة عملية الاحياء،أم كان غيرها.و هذه الصحيحة تدل على عدم انقطاعها بذلك أصلا،فبطبيعة الحال يسقطان معا،فلا تصل النوبة إلى اعمال الترجيح لأحدهما على الآخر،فان اعمال الترجيح إنما هي فيما إذا لم يكن التعارض بين الروايتين بالاطلاق،و إلا سقط اطلاق كل منهما،باعتبار ان ثبوته يتوقف على تمامية مقدمات

الاراضی 79)


الحكمة:منها عدم ما يصلح للبيان:الأعم من المتصل،و المنفصل، و الفرض ان كلا منهما فيما نحن فيه يصلح بحد نفسه أن يكون بيانا على الآخر،و معه لا ينعقد الاطلاق لشيء منهما،فاذن لا بد من الرجوع إلى أصل آخر-و هو في المقام استصحاب بقاء علاقة المالك بالأرض،و عدم انقطاعها عنها حتى بعد قيام غيره بإحيائها-.

فالنتيجة في نهاية الشوط أن صحيحة سليمان بن خالد قد سقطت من جهة المعارضة عن الدلالة على هذا القول.

و الجواب عن ذلك:ان المعارضة بينهما و إن كانت بالاطلاق، إلا أن الصحيح عدم الفرق في الرجوع إلى مرجحات باب التعارض، بين ان تكون المعارضة بين الروايتين بالاطلاق،أو بالوضع.

فلنا دعويان:

الاولى:ان البيان المنفصل كما لا يمنع عن ظهور الكلام في مدلوله إذا كان مستندا إلى الوضع،كذلك لا يمنع عن ظهوره فيه إذا كان مستندا إلى الاطلاق و مقدمات الحكمة.

الثانية:انه لا فرق في الرجوع إلى المرجحات لحل مشكلة التعارض بين ان تكون المعارضة بين الروايتين بالاطلاق،أو بالوضع.

أما الدعوى الأولى:فلا شبهة في ان البيان المتصل مانع عن انعقاد ظهور الكلام في معناه رأسا،من دون فرق بين أن يكون ظهوره مستندا إلى الوضع،أو إلى الاطلاق و مقدمات الحكمة،كما انه لا اشكال في أن البيان المنفصل لا يمنع عن الظهور الوضعي للكلام و إنما هو يمنع عن حجيته و اعتباره.

و إنما الاشكال و الكلام في أن البيان المنفصل هل يمنع عن انعقاد

الاراضی 80)


الظهور الاطلاقي؟فيه قولان:الظاهر انه لا يمنع عن ذلك.

و النكتة فيه:ان من مقدمات الحكمة التي توجب انعقاد هذا الظهور،و إن كان هو عدم البيان،إلا ان المراد منه لا بد ان يكون خصوص البيان المتصل،لوضوح ان المتكلم متى فرغ عن كلامه انعقد ظهوره في معناه،و لا يتوقف على ان لا ينصب بيانا في المستقبل،ضرورة ان عدم البيان المنفصل ليس مما له دخل في انعقاد ظهور الكلام في الاطلاق،فان ظهوره فيه إنما يتوقف على فراغ المتكلم منه،و عدم نصبه قرينة متصلة على الخلاف،رغم انه كان في مقام البيان،فاذا كان كذلك انعقد ظهوره في الاطلاق،و البيان المنفصل لا يمنع عنه أبدا،فان الشيء لا ينقلب عما هو عليه نعم هو يمنع عن حجيته و اعتباره

هذا إضافة إلى أن عدم البيان المنفصل لو كان جزأ من مقدمات الحكمة لم يمكن إثبات الاطلاق في شيء من الموارد،و لا نسد باب التمسك بالإطلاق،لفرض ان تمامية الاطلاق تتوقف على تمامية مقدمات الحكمة،و لا يمكن تماميتها إلا باحراز جميع اجزائها:

منها عدم البيان المنفصل في الواقع،و من الطبيعي ان إحراز هذا الجزء لا يمكن نوعا،و لا سيما في مطلقات الكتاب و السنة،فان باب احتمال وجود قرينة في الواقع على التقييد فيها و لو في المستقبل مفتوح، و لا يمكن لنا سد هذا الباب.

و أصالة عدم القرينة لا تجري،لعدم الدليل عليها،إلا فيما إذا كان هناك ظهور في مقام الاثبات يقتضي افادة معنى،و احتمل ورود قرينة على خلافه،ففي مثل ذلك لا مانع من التمسك بها، و إن كان مرجعه لبا إلى التمسك بأصالة الظهور الكاشفة نوعا عن

الاراضی 81)


مراد المتكلم،فان بناء العقلاء إنما يقوم على حجيتها.لا على حجية أصالة عدم القرينة بحد نفسها.فانها لا تكون كاشفة ما لم يكن في مقام الاثبات ظهور متحقق،و من الواضح ان اجراء العقلاء هذه الاصالة إنما هو بلحاظ الطريقية و الكاشفية عن الواقع نوعا،لا من باب التعبد الصرف.

و من هنا قلنا:انها ترجع لبا إلى أصالة الظهور.

و أما في المقام فبما إنه لا ظهور للكلام في مرحلة الاثبات يقتضي افادة معنى،بقطع النظر عن مقدمات الحكمة،فلا تجري تلك الاصالة.

و أما الدعوى الثانية:فبعد ما عرفت-من ان المعارضة بين الروايتين إذا كانت بالاطلاق فهي لا توجب سقوط إطلاقيهما موضوعا، و إنما هي توجب سقوطهما حكما و اعتبارا،رغم ان اصل الظهور الاطلاقي قد ظل بحاله في كل منهما-.

فلا مانع من الرجوع إلى مرجحات باب المعارضة،فان النص الدال على اعتبار الترجيح في مقام علاج مشكلة التعارض بين الروايات إنما كان مورده المتعارضتين منها المعتبرتين في حد أنفسهما،بقطع النظر عن التعارض بينهما،فان ملاك شمول هذا النص لهما،و كونه مرجعا لعلاج المشكلة هو اعتبارهما في حدّ نفسه من ناحية،و عدم إمكان العمل عرفا بهما معا لأجل المعارضة من ناحية أخرى، و هذا الملاك موجود فيما نحن فيه،لأن اطلاق كل منهما حجة في نفسه،بقطع النظر عن الآخر.

فالنتيجة:انه لا فرق في الرجوع الى النص الوارد في مقام علاج المعارضة و حلها بالترجيح بين ما كان التعارض بينهما بالظهور الاطلاقي،

الاراضی 82)


و ما كان بالظهور الوضعي هذا.

و لكن بما ان في المقام لا ترجيح لأحد الاطلاقين بالاضافة الى الاطلاق الآخر كي يقدم عليه،فلا محالة يسقطان معا عن الاعتبار، فتكون النتيجة بالتالي تلك النتيجة المتقدمة،يعني-ان النتيجة على أساس كلا المسلكين في المسألة واحدة-و هي عدم إمكان العمل باطلاق الصحيحتين اما من ناحية سقوطهما موضوعا،أو من ناحية سقوطهما حكما و اعتبارا،فاذن لا بد من الرجوع إلى الاستصحاب المذكور.

و قد يشكل في ذلك:بأن افتراض المعارضة بينهما أي-بين صحيحة سليمان بن خالد،و صحيحة معاوية بن وهب-يقوم على أساس عدم تقييد إطلاق صحيحة سليمان،بصحيحة الكابلي المتقدمة.

و أما إذا افترضنا ان اطلاقها قد قيد بتلك الصحيحة باعتبار انها أخص منها موردا،لاختصاصها بما إذا كان الفرد قد ملك الارض بعملية الاحياء،و عموم هذه الصحيحة ذلك،و ما إذا كان قد ملكها بسبب أخر كشراء أو نحوه.

و بعد تقييد إطلاقها تنقلب النسبة بينها،و بين صحيحة معاوية ابن وهب من التباين إلى عموم و خصوص مطلق،حيث ان صحيحة سليمان بعد التقييد المزبور تصبح أخص من صحيحة معاوية موردا، لاختصاصها بما إذا كان الفرد قد ملك الارض بسبب أخر غير عملية الاحياء.

و على ضوء ذلك:فلا بد من تقييد اطلاق صحيحة معاوية بصحيحة سليمان فتصبح النتيجة على النحو التالي:اختصاص صحيحة معاوية بما إذا كان الفرد قد ملك الارض بعملية الاحياء فحسب،و خروج ما إذا كان ذلك بشراء أو ما شاكله عن تحتها.

الاراضی 83)


فاذن تنتفي المعارضة بينهما بانتفاء موضوعها،لفرض اختصاص كل منهما بموضوع خاص و مورد مخصوص،من دون صلة لإحداهما بالأخرى.

ثم ان صحيحة الكابلي و إن كانت أخص من صحيحة معاوية بن وهب أيضا،إلا انها حيث كانت موافقة لها في المضمون و المفاد فلا تصلح أن تكون مقيدة لها،فينحصر التقييد بصحيحة سليمان.

و ما قيل:-من انه لا اطلاق لها من ناحية ابتلائها بالمعارض -و هو صحيحة معاوية-و من الطبيعي ان التقييد فرع ثبوت الاطلاق- خاطئ،لما عرفت من أن هذا إنما يتم على ضوء نظرية من يقول:ان تمامية الاطلاق للمطلق تتوقف على عدم البيان على الخلاف الأعم من المتصل،و المنفصل.

و لكن قد سبق آنفا:انه لا يمكن الالتزام بهذه النظرية،فان تمامية الاطلاق لا تتوقف على عدم البيان المنفصل،و إنما تتوقف على عدم البيان المتصل فحسب،و عليه فلا يكون ابتلاء صحيحة سليمان مانعا عن تمامية إطلاقها.

و الجواب عن هذا الاشكال:

أما أولا فلانا قد ذكرنا سابقا ان صحيحة الكابلي لا تصلح ان تكون مقيدة لإطلاق صحيحة سليمان،لأن صلاحيتها لذلك انما تقوم على اساس دلالتها على ان الحكم المذكور فيها ليس حكما لطبيعي الملك، بل هو لحصة خاصة منه-و هي المسببة من عملية الاحياء-و لكن قد عرفت انها بضم الارتكاز القطعي العرفي تدل على ان هذا الحكم حكم لطبيعي الملك،لا لحصة خاصة منه،فحينئذ تكون طرفا لمعارضة صحيحة سليمان،كصحيحة معاوية،فتسقط عن الاعتبار،

الاراضی 84)


يعني-أن حالها عندئذ حال صحيحة معاوية-باعتبار أنهما معا طرف للمعارضة.فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.

فالنتيجة.ان هذه الصحاح الثلاث قد سقطت عن الاعتبار من جهة المعارضة،بعد عدم الترجيح لأحد الطرفين على الطرف الآخر و عليه فلا موضوع للتقييد المزبور،و انقلاب النسبة.هذا من ناحية

و من ناحية أخرى:قد ذكرنا ان منشأ ملكية الفرد للأرض ينتهي في نهاية المطاف إلى عملية الاحياء فلا يتصور لها منشأ آخر غيرها فجميع مناشئ الملك و اسبابه يقع في طولها.

و من ناحية ثالثة:قد ذكرنا أيضا ان البيع أو نحوه إنما يتكفل منح نفس علاقة المحيى لغيره فحسب دون غيرها.

و عليه فلو كان لصحيحة الكابلي ظهور في الاختصاص،فلا بد من رفع اليد عنه بهذه القرينة التي تحكم على هذا الظهور،فان ملكية الارض،كما ان في مورد تلك الصحيحة مستندة الى عملية الاحياء، كذلك في مورد صحيحة سليمان،غاية الأمر ان استنادها اليها تارة يكون بلا واسطة سبب آخر،و أخرى يكون بواسطته،و من الطبيعي ان الواسطة لا تؤثر في شيء.

و أما ثانيا:فمع الاغماض عن ذلك ان الاشكال المزبور إنما يقوم على أساس نظرية انقلاب النسبة،فانه على ضوء هذه النظرية لا مناص لنا من الالتزام به.

إلا أن هذه النظرية غير تامة.

و النكتة في ذلك:ان ملاك-تقديم الخاص على العام-هو كونه اظهر دلالة من العام لدى العرف،و بهذا الاعتبار يصلح ان يكون قرنية على التصرف فيه.و من الطبيعي ان هذا الملاك لا يتوفر

الاراضی 85)


في العام بعد التخصيص،لوضوح ان دلالته لم تصبح اظهر مما كانت عليه قبله،حتى يوجب ذلك تقديمه على ما يعارضه بقانون تقديم الاظهر على الظاهر.

و بكلمة أخرى:أن المرجع في باب الظهورات إنما هو الطريقة المتبعة لدى العرف و العقلاء،و من الواضح ان تلك الطريقة إنما هي تقوم على أساس الكاشفية و الطريقية،و حيث ان تركيز العرف و العقلاء في الجمع بين الظهورات،و التصرف فيها،و تقديم بعضها على بعضها الآخر إنما هو يبتنى على ضوء نكتة الاظهرية النوعية، فبطبيعة الحال ان هذه الاظهرية النوعية إنما هي تتوفر في الخاص بلحاظ أخصية ذات مدلوله،لا بلحاظ ما هو المقدار الحجة منه.

رغم ان ذات المدلول عام،ضرورة ان خروج بعض أفراد المدلول و سقوطه عن الحجية بدليل خارجي لا يغير شيئا من درجة ظهوره بالاضافة الى الأفراد الباقية.و لا يوجب كونه اظهر و اقوى بالنسبة اليها.

و السر:في ان الأظهرية النوعية تتوفر في الخاص بلحاظ أخصية ذات المدلول.و لا تتوفر في العام بلحاظ أخصية ما هو المقدار الحجة منه هو ان التركيز في الدليل الخاص لما كان من البداية متوجها الى الحكم الخاص،فلأجل ذلك يتشكل لدى العرف الاظهرية النوعية، و أما العام فبما ان التركيز فيه لم يكن من البداية متوجها إلى الحكم الخاص.بل كان متوجها الى العام الذي كان الخاص في ضمنه،فلأجل ذلك لا يتشكل الاظهرية النوعية.هذا،و تمام الكلام في محله.

و أما على ضوء النظرية القائلة بعدم انقلاب النسبة فلا يمكن تقييد اطلاق صحيحة سليمان بصحيحة الكابلي.

الاراضی 86)


و النكتة فيه:ان صحيحة سليمان و إن كانت مطلقة في حدّ نفسها،إلا إنها من ناحية ابتلائها بالمعارض قد سقط اطلاقها عن الاعتبار،و من الطبيعي ان مع سقوط اطلاقها بذلك عن الاعتبار لا أثر لتقييده أصلا،لفرض ان المعارضة لا ترتفع به على أساس هذه النظرية،بل هي ظلت بحالها،و معه لا محالة يكون التقييد لغوا محضا.

و على الجملة:فتقييد إطلاق المطلق بدليل إنما هو فيما إذا كان المطلق حجة باطلاقه في نفسه أي-بقطع النظر عن ورود دليل التقييد عليه-فان الموجب لذلك إنما هو وجود التنافي بين اطلاق المطلق،و الدليل المقيد،و بعد حمله عليه و تقييده به يرتفع التنافي بينهما،فيظل المطلق حجة في الباقي،و يخرج عن تحته أفراد لقيد.

و أما إذا افترضنا:ان المطلق لا يكون حجة،لا في تمام مدلوله الاطلاقي،و لا في بعضه من جهة المعارضة أو نحوها،فلا معنى لتقييده بدليل،و لا موضوع له حينئذ.

و ما نحن فيه من هذا القبيل،فان إطلاق صحيحة سليمان بما انه قد سقط عن الاعتبار نهائيا من جهة معارضته باطلاق صحيحة معاوية،فلا موضوع لتقييده بصحيحة الكابلي.

نعم لو قدم صحيحة سليمان على صحيحة معاوية من جهة الترجيح، فعندئذ لا مانع من تقييد إطلاقها بصحيحة الكابلي،و لكنه خلاف الفرض.

فالنتيجة:في نهاية المطاف ان هذا التقييد على ضوء نظرية انقلاب النسبة بمكان من الامكان.و أما على ضوء نظرية عدم انقلابها فلا موضوع له.و هذا هو نتيجة الاختلاف بين النظريتين.

الاراضی 87)


و هذا الاختلاف إنما هو على أساس نظرية المشهور في مسألة الاحياء القائلة بكون عمليته تمنح علاقة للمحيى بالارض على مستوى الملك.

و أما على أساس ما قويناه من انها إنما تمنحه العلاقة بها على مستوى الحق فحسب،فلا موضوع لها،فانه على ضوء ذلك لا معارضة بين صحيحة سليمان،و صحيحة معاوية،و لا بين صحيحة سليمان، و صحيحة الكابلي.بل مفاد الجميع واحد و هو ان عملية الاحياء إذا كانت في أرض كانت رقبتها داخلة في نطاق ملكية غير المحيى لا توجب إلا الاختصاص بها على مستوى الحق،دون الملك،و سوف نشير الى ذلك.

قيل:ان النسبة بين صحيحة سليمان بن خالد،و صحيحة معاوية ابن وهب عموم مطلق ابتداء أي-بقطع النظر عن القول بانقلاب النسبة بينهما-و ذلك لأن موضوع صحيحة سليمان مجرد كون الارض خربة،و قد زال عمرانها،و من الطبيعي ان هذا العنوان أعم من كون الخراب مستندا الى اهمال صاحب الارض،و امتناعه عن القيام بحقها،و موضوع صحيحة معاوية ما إذا كان الخراب مستندا إلى اهمال صاحب الارض و امتناعه عن القيام باحيائها،فتكون أخص مطلقا من صحيحة سليمان.

و بعد التخصيص تكون النتيجة:ان علاقة صاحب الارض بأرضه تنقطع بسبب الخراب،إذا كان مستندا الى اهماله و امتناعه عن القيام بحقها،و لا تنقطع إذا لم يكن مستندا اليه.

و لنأخذ بالنقد عليه:

أولا:منع اختصاص صحيحة معاوية بما إذا كان الخراب مستندا

الاراضی 88)


الى اهمال صاحب الارض و امتناعه عن القيام بحقها،فان ما يوجب توهم اختصاصها بذلك ليس إلا قوله(ع)فيها(فغاب عنها و تركها و أخربها)إلا انه لا يدل على ذلك،لأن مجرد غياب صاحبها عنها و تركها المؤدي الى خرابها لا يستلزم ان يكون ذلك من ناحية اهماله و امتناعه عن القيام بحقها،فانه كما يمكن ان يكون من ناحية الاهمال و الامتناع،يمكن ان يكون من ناحية عدم توفر فرصة كافية لديه للرجوع إليها و القيام بحقها،و لو لمانع خارجي،بحيث متى ارتفع المانع قام بحقها.

أو فقل:إنه يحتمل ان يكون غيابه عنها بقوة قاهرة،لا باختياره،بحيث متى ارتفعت تلك القوة القاهرة رجع و قام باحيائها و استثمارها.فان مجرد اسناد الغياب اليه،و كذا الخراب لا يدل على الاختيار.

فالنتيجة:ان النسبة بين الصحيحتين نسبة التباين،لا عموم و خصوص مطلق.

و ثانيا على فرض تسليم ان النسبة بينهما عموم مطلق،الا ان ما قيل:-من ان النتيجة بعد التخصيص هي:ان علاقة صاحب الارض بارضه تنقطع بسبب الخراب،اذا كان مستندا الى اهماله و امتناعه عن القيام بحقها،و لا تنقطع اذا لم يكن مستندا اليه- لا يمكن اتمامه بدليل،و ذلك لما عرفت سابقا من ان صحيحة معاوية لا تدل بوجه على انقطاع علاقة المالك عن ارضه بعد خرابها و ان كان مستندا الى اهماله و امتناعه و انما تدل على ان علاقته بها لا تبقى بعد قيام غيره باحيائها،اما انها انقطعت بسبب ذلك،او بسبب الخراب فالصحيحة لا تدل على شيء منهما.

الاراضی 89)


فاذن ما هو النتيجة المترتبة على هذا التخصيص.

اقول:النتيجة هي:ان عملية الاحياء انما توجب علاقة المحيي بالارض على مستوى الملك،اذا كان خراب الارض مستندا الى اهمال صاحبها و امتناعه عن القيام بحقها،و لا توجب ذلك اذا لم يكن خرابها مستندا الى ذلك،و تدل على الاول صحيحة معاوية، و على الثاني صحيحة سليمان

هذا اضافة:الى ان ذلك لو تم فانما يتم على ضوء نظرية المشهور في المسألة-من ان عملية الاحياء تنتج صلة المحيي بالارض على مستوى الملك-.

و اما على ضوء ما ذكرناه في تلك المسألة-من ان نتيجتها ليست الا صلة المحيي بها على مستوى الحق فحسب-فلا يتم،اذ على هذا فلا موضوع للتخصيص المزبور،حيث انه يقوم على اساس التنافي بين صحيحة معاوية،و صحيحة سليمان.

و على ضوء ذلك:فلا تنافي بينهما اصلا،فان صحيحة معاوية بعد رفع اليد عن ظهورها في ان عملية الاحياء توجب الملك للمحيي و حملها على انها توجب الحق له،دون الملك،بقرينة خارجية، لا تنافي صحيحة سليمان ابدا.لاشتراكهما في مضمون واحد-و هو ان عملية الاحياء لا تمنح الا علاقة المحيي بالأرض على مستوى الحق فحسب،دون الملك-هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى قد اشرنا-في ضمن البحوث السالفة-الى ان هذا الحق متقوم بحياة الارض و عمرانها.فاذا زالت زال بزوال موضوعه، فلا يعقل بقائه بعد زوالها.و عليه فلا يفرق بين ان يكون زوالها باهمال صاحب الحق و امتناعه عن القيام بحقها،او لا يكون بذلك،

الاراضی 90)


فصحيحة معاوية على تقدير تسليم اختصاص موردها بما اذا كان خرابها مستندا الى اهمال صاحبها و امتناعه عن القيام باحيائها،الا انه لا موضوعية لذلك الاختصاص و لا تدل الصحيحة حينئذ على ان جواز القيام باحياء الارض خاص بهذه الصورة بعد ما علمنا من الخارج انه يعم غيرها أيضا.

نتيجة هذا البحث عدة خطوط
الأول:ان علاقة المالك عن ارضه لا تنقطع نهائيا،

لا بعد خرابها حتى فيما اذا كان الخراب مستندا الى إهمال صاحبها و امتناعه عن القيام بحقها،و لا بعد قيام غيره باحيائها و عمارتها،و ذلك للاستصحاب،و عدم دليل على خلافه.

الثاني:ان المناقشة في هذا الاستصحاب،تارة بان الموضوع
غير محرز،و مع عدم احرازه لا يجري الاستصحاب،

و اخرى بان الشك في مورده شك في المقتضي،لا في الرافع.و لكن قد تقدم نقد هذه المناقشة بشكل موسع.

الثالث:ان ما قيل:-من ان صحيحة سليمان بما انها
معارضة بصحيحة معاوية بالتباين و كانت المعارضة بينهما بالاطلاق
فلا محالة تسقطان معا

و لا تصل النوبة الى اعمال قواعد باب الترجيح- فقد تقدم أن ذلك يقوم على اساس أن تمامية اطلاق المطلق تتوقف على عدم البيان:الاعم من المتصل،و المنفصل.و لكن قد عرفت خطأ ذلك،و ان تمامية الاطلاق لا تتوقف على عدم البيان المنفصل و انما تتوقف على عدم البيان المتصل،و عليه فلا مانع من الرجوع

الاراضی 91)


الى قواعد باب المعارضة اذا كان هناك ترجيح،و بما انه لا ترجيح في المقام فتسقطان معا عن الاعتبار،فيرجع الى الاستصحاب.

الرابع:قد تقدم ان صحيحة الكابلي لا تصلح ان تكون مقيدة
لإطلاق صحيحة سليمان،

و لا لصحيحة معاوية حتى على القول بكون عملية الاحياء تؤثر في ملكية الارض للمحيي.

الخامس:ان ما قيل:-من إنه لا معارضة بين صحيحة سليمان،
و صحيحة معاوية على أساس نظرية انقلاب النسبة،

فانه بعد تقييد اطلاق صحيحة سليمان بصحيحة الكابلي تنقلب النسبة بينها،و بين صحيحة معاوية من التباين الى عموم مطلق-فقد عرفت ان صحيحة الكابلي لا تصلح ان تكون مقيدة لإطلاق صحيحة سليمان من ناحية.

و على تقدير انها تصلح لذلك فلا نقول:بانقلاب النسبة من ناحية أخرى.

السادس:ان ما قيل:-من ان النسبة بين صحيحة سليمان،
و صحيحة معاوية عموم مطلق بحد نفسهما،

لا بلحاظ انقلاب النسبة- فقد سبق ان الأمر ليس كذلك،و إن النسبة بينهما التباين.

السابع:ان هذه البحوث بأجمعها تقوم على أساس نظرية المشهور

القائلة بأن عملية الاحياء توجب علاقة المحيي بالارض على مستوى الملك.و أما على ما قويناه من انها إنما توجب علاقته بها على مستوى الحق فحسب،دون الملك،فلا مجال لها،اذ على هذا لا تنافي بين هذه المجموعة من الروايات،فان التنافي و التعارض،و انقلاب النسبة،و عدم انقلابها كلها مبني على فرض دلالتها على الملك،كما عرفت بشكل موسع.

الثامن:انه بناء على ما قويناه من أن علاقة المحيي بالارض إنما هي على مستوى الحق فحسب دون الملك،

الاراضی 92)


فهي تنقطع نهائيا بعد خرابها،سواء أ كان الخراب مستندا إلى الاهمال و الامتناع عن القيام بحقها،أم لم يكن مستندا إلى ذلك.

الاعراض
هل يوجب انقطاع علاقة
المالك عن ماله؟

لا شبهة فيما إذا أعرض المالك عن ارضه و تركها في جواز قيام غيره باحيائها و استثمارها،و إنما الكلام في ان علاقته بها هل تنقطع بذلك نهائيا و تصبح كالمباحات الأصلية،أو انها ظلت بحالها،و إن كان يجوز لغيره التصرف فيها وضعا و تكليفا،نظرا الى أن الاعراض بحد نفسه يتضمن الرخصة في التصرف بها لغيره؟فيه قولان:

المعروف و المشهور بين الاصحاب على ما نسب اليهم هو القول الأول.و ذهب جماعة الى القول الثاني.

و لا يبعد قوة القول الأول.و النكتة فيه ان الارتكاز القطعي قائم لدى العرف و العقلاء على ان الارض-كما في مورد الكلام- بعد اعراض صاحبها عنها تصبح من المباحات،و يرون ان نسبة صاحبها اليها كنسبة غيره اليها في حدّ سواء يعني-ان علاقته بها تنقطع بذلك نهائيا-فيصبح كالأجنبي،و هذا هو ملاك جواز تصرف غيره فيها،لا الترخيص الضمني من صاحبها.

و هذا الارتكاز القطعي هو المنشأ لقيام السيرة من العقلاء على اباحة التصرف فيها،لا الترخيص المذكور.

الاراضی 93)


و ان شئت قلت:ان جواز التصرف فيها باحياء و استثمار فحسب لا يصلح ان يكون دليلا على انقطاع علاقة المالك عن أرضه،حيث قد عرفت انه لازم اعم بالاضافة اليه،بل الدليل عليه إنما هو ذلك الارتكاز القطعي لدى العرف و العقلاء الممتد زمنيا الى عصور الأئمة الاطهار(ع)الكاشف عن الامضاء حيث لم يرد منهم(ع) ردع عنه،و من هنا لا يترتبون العقلاء عليها آثار الملك.

و تؤكد ذلك صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه(ع) قال:من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الارض.قد كلّت و قامت، و سيّبها صاحبها مما لم يتبعه،فأخذها غيره،فأقام عليها و انفق نفقته حتى احياها من الكلال و من الموت،فهي له،و لا سبيل له عليها، و إنما هي مثل الشيء المباح 1.

فان قوله(ع)و إنما هي مثل الشيء المباح علة لنفي السبيل و هذه العلة تنسجم مع ما ذكرناه من ان علاقة المالك عن ماله تنقطع بأعراضه و يصبح كالمباح.

فالنتيجة:ان الارتكاز المزبور بضم هذه الصحيحة دليل في المسألة.

هذا تمام ما أوردناه في المقام الأول.

و أما المقام الثاني و هو ما إذا كان السبب لعلاقة المالك بالارض
غير عملية الاحياء،

كشراء أو ارث أو نحو ذلك،فقد نسب الى المشهور انها لا تنقطع عنها بعد خرابها.و أما إذا كان سببها عملية الاحياء،فهي تنقطع بذلك.

و لكن قد تقدم الكلام في ذلك في ضمن الابحاث السالفة بشكل موسع و قلنا هناك انه لا فرق بينهما في ذلك اصلا.


 

1) <page number=”93″ />الوسائل ج 17 الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث(2).

 

الاراضی 94)


النقطة الثالثة
هل ان قيام الفرد بعملية الاحياء و العمارة في الارض الخربة
يوجب انقطاع علاقة الامام(ع)عنها نهائيا،أو لا يوجب ذلك

و انما يوجب علاقة المحيي بها على مستوى الحق فحسب،مع بقاء رقبة الارض في ملكه(ع)؟فيه قولان:

المعروف و المشهور بين الاصحاب قديما و حديثا هو القول الاول.

و قد استدل على هذا القول بمجموعة من الروايات:

منها صحيحة محمد بن مسلم قال:سألته عن الشراء من ارض اليهود،و النصارى قال:(ليس به بأس،الى أن قال:أيما قوم أحيوا شيئا من الارض أو عملوه،فهم احق بها و هي لهم) 1.

و هذه الرواية و إن كانت مضمرة إلا أن الاضمار من مثل زرارة غير مضر باعتبارها.

و منها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر و ابي عبد اللّه(ع)قالا:

قال رسول اللّه(ص):(من أحيا أرضا مواتا فهي له) 2.

و منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر(ع)قال:قال رسول اللّه(ص):(من أحيا أرضا مواتا فهو له) 3.

و منها معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه(ع)قال:قال رسول اللّه(ص):(من غرس شجرا أو حفر واديا بديا لم يسبقه اليه أحد.أو أحيي أرضا ميتة فهي له،قضاء من اللّه و رسوله) 4.


 

1) <page number=”94″ />الوسائل ج 17 الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث 1.
2) الوسائل ج 17 الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث 5.
3) الوسائل ج 17 الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث 6.
4) الوسائل ج 17 الباب 2 من أبواب احياء الموات الحديث(1)

 

الاراضی 95)


و منها صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة.فانها ظاهرة في ملكية الارض لمن يقوم بعمارتها.و غيرها من الروايات الظاهرة في ذلك.

و غير خفي:لو كنا نحن و هذه المجموعة من الروايات لم يكن مناص من الالتزام بسببية الاحياء لملكية الارض للمحيي،كما هو كذلك عند العقلاء بقطع النظر عن الشرع،إلا أن في مقابلها ثلاث روايات،و قد صرح فيها بعدم خروج الارض عن ملك صاحبها بالقيام بعملية الاحياء و العمارة،و دخولها في ملك من يقوم بهذه العملية.

منها صحيحة أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر(ع)قال وجدنا في كتاب علي(ع)ان الارض للّه يورثها من يشاء من عباده الى ان قال:و الارض كلها لنا،فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها، و ليؤد خراجها الى الامام من اهل بيتي،و له ما أكل منها،فان تركها و اخربها،فأخذها رجل من المسلمين من بعده،فعمرها و أحياها،فهو احق بها من الذي تركها،فليؤد خراجها الى الامام من أهل بيتي،و له ما أكل منها،حتى يظهر القائم(ع)من أهل بيتي بالسيف،فيحويها و يمنعها و يخرجها منها،كما حواها رسول اللّه(ص)و منعها،إلا ما كان في أيدي شيعتنا،فانه يقاطعهم على ما في أيديهم،و يترك الارض في أيديهم) 1.

و هذه الصحيحة نتضمن عدة نقاط:

الأولى:ان الارض بتمامها داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)، و قد تقدم ان هذه الملكية حكم شرعي،لا امر تكويني،و لا معنوي، و ذكرنا انه لا مناص من الالتزام بذلك.


 

1) <page number=”95″ />الوسائل ج 17 الباب 3 من ابواب احياء الموات <nl />الحديث(2).

 

الاراضی 96)


الثانية:انه قد قيد المحيي فيها بكونه من المسلمين،و سيأتي الكلام من هذه الناحية في ضمن الابحاث القادمة.

الثالثة:ان الامام(ع)قد فرض الخراج في هذه الصحيحة على من يقوم بعملية الاحياء تفريعا على ملكيته(ع)و من الطبيعي ان هذه النقطة تنص على ان عملية الاحياء في ارض الامام(ع) لا توجب تملك المحيي لرقبتها.و انما هي توجب كونه احق في التصرف بها من غيره.و إلا فلا مقتضى لفرض الخراج عليه.

الرابعة:ان الحق الخاص الذي حصل للمحيي في الارض على أساس قيامه باحيائها إنما هو يرتبط بالارض ما دامت حية،فاذا انقطعت الحياة عنها بتركها انقطع حقه عنها نهائيا،فاذا قام غيره باحيائها ثانيا حصل له الحق فيها على أساس ذلك.و هذه النقطة تدل بوضوح على ان رقبة الارض قد ظلت في ملك الامام(ع).

الخامسة:ان القائم من آل محمد(ص)إذا ظهر بالسيف أخذ الارض التي في أيدي غير الشيعة،و يترك الارض التي في أيديهم.و هذه نص في بقاء علاقة الامام(ع)بالارض،و عدم انقطاع علاقته عنها بقيام غيره باحيائها.

و منها:صحيحة سليمان بن خالد المتقدمة قال:سألت أبا عبد اللّه(ع)عن الرجل يأتي الارض الخربة،فيستخرجها و يجري انهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه،قال:(الصدقة،قلت:فان كان يعرف صاحبها.قال:فليؤدي اليه حقه).

فان قوله(ع)فليؤدي اليه حقه نص في ان علاقة صاحب الارض لا تنقطع عن أرضه نهائيا بذلك.و إلا لم يبق حق له.

و منها:صحيحة عمر بن يزيد قال:سمعت رجلا من أهل

الاراضی 97)


الجبل،يسئل أبا عبد اللّه(ع)عن رجل أخذ ارضا مما تركها أهلها،فعمرها و كرى انهارها،و بني فيها بيوتا،و غرس فيها نخلا شجرا،

قال:فقال أبو عبد اللّه(ع):كان أمير المؤمنين(ع)يقول:

(من أحيا ارضا من المؤمنين فهي له.و عليه طسقها يؤديها الى الامام(ع)في حال الهدنة فاذا ظهر القائم(ع)فليوطن نفسه على ان تؤخذ منه) 1.

فان ذيلها نصّ:في بقاء الارض في نطاق ملكية الامام(ع) و لا تنقطع علاقته(ع)عنها نهائيا بقيام غيره باحيائها.

و بعد ذلك نقول ان هذه المجموعة التي هي روايات ثلاث بما انها نص في ان علاقة الامام(ع)لا تنقطع عن رقبة الارض بقيام غيره بعملية احيائها و استثمارها،فبطبيعة الحال تتقدم على المجموعة السابقة التي هي ظاهرة في ان عملية الاحياء توجب تملك المحيي لرقبة الارض،فان النص يتقدم على الظاهر،بل لو لم تكن نصا فلا شبهة في انها اظهر من تلك المجموعة،و الاظهر يتقدم لدى العرف على الظاهر،فلا معارضة بينهما.

و عليه فلا بد من رفع اليد عن ظهور تلك المجموعة،و حملها على ان العلاقة التي توجبها عملية الاحياء للمحيي بالارض انما هي على مستوى الحق فحسب،دون الملك،بقرينة هذه المجموعة.

و من هنا اشرنا-غير مرة في ضمن البحوث السالفة-الى ان هذا القول أي-القول بان عملية الاحياء توجب صلة المحيي بالارض على مستوى الحق فحسب-هو الصحيح.


 

1) <page number=”97″ />الوسائل ج 6 الباب 4 من ابواب الانفال و ما يختص <nl />بالامام،الحديث(13).

 

الاراضی 98)


و قد نسب هذا القول الى جماعة من الاصحاب:منهم شيخ الطائفة الشيخ الطوسي(قده)في كتابه المبسوط في بحث الجهاد.و منهم السيد محمد من آل بحر العلوم(قده)في بلغته.و منهم الشهيد الثاني(قده)في المسالك،بل حكى هذا القول فيه عن الاكثر.

و منهم المحقق في كتابه الشرائع في بحث الجهاد.

قد يقال:كما قيل:ان صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه(ع) قال:سئل و أنا حاضر عن رجل أحيا ارضا مواتا فكرى فيها نهرا، و بنى فيها بيوتا و غرس نخلا و شجرا،فقال:هي له،و له أجر بيوتها، و عليه فيها العشر فيما سقت السماء او سيل وادي او عين،و عليه فيما سقت الدوالي و الغرب نصف العشر 2،

انها نص في ان صلة الامام(ع)بالارض تنقطع عنها نهائيا بقيام غيره باحيائها و السيطرة عليها.و كذا نص في نفي الخراج بقرينة الاقتصار فيها على ذكر الزكاة.

فاذن بطبيعة الحال تقع المعارضة بين هذه الصحيحة،و الصحاح الثلاث المتقدمة،باعتبار ان هذه الصحيحة نص في ان عملية الاحياء توجب علاقة المحيي بالارض على مستوى الملك،و انقطاع علاقة الامام(ع)عنها نهائيا،و تلك الصحاح نص في انها لا توجب الا علاقة المحيي بها على مستوى الحق،و بما انه لا مرجح لتلك الصحاح عليها،فلا يمكن الاخذ بها،و طرح صحيحة عبد اللّه بن سنان، فاذن لا محالة تسقطان معا،و بعد سقوطهما كذلك لا مانع من الرجوع الى المجموعة المتقدمة من الروايات الظاهرة في ان عملية الاحياء توجب الملك،و ذلك لان المانع من الاخذ بظاهر تلك


 

2) <page number=”98″ />الوسائل ج 17 الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث(8).

 

الاراضی 99)


المجموعة انما هو الصحاح المزبورة،فاذا افترض سقوطها بالمعارضة لم تصلح للمانعية عن الاخذ بظاهرها.

و نظير ذلك ما اذا كان في المسألة عام و خاص،و فرضنا ان الخاص قد سقط عن الاعتبار،اما من ناحية ابتلائه بالمعارض:او من ناحية أخرى،فعندئذ لا مانع من الرجوع الى العام.

و من الطبيعي ان هذه القاعدة لا تختص بالعام أو المطلق،بل هي قاعدة سيالة في كل دليل كانت دليليته في طول دليل آخر، لا في عرضه،كالظاهر بالاضافة الى النص،او الاظهر،فانه لا يكون حجة في عرضه،و انما تكون حجيته في طول حجية ذلك،و ان كانت النسبة بينهما تباينا او عموما من وجه.

و عليه فاذا افترض ان النص أو الاظهر قد سقط عن الحجية من ناحية ابتلائه بالمعارض،او نحوه فلا مانع من الاخذ بالظاهر و العمل على طبقه.

و ما نحن فيه من هذا القبيل،فان المانع عن الاخذ بظهور تلك المجموعة انما هو الصحاح الثلاث،فاذا افترض انها سقطت عن الاعتبار من جهة المعارضة فلا مانع من الاخذ بظهورها،حيث انها لا تصلح ان تكون طرفا للمعارضة كالصحاح،باعتبار انها لا تكون حجة في عرضها،و انما هي تصلح ان تكون مرجعا بعد سقوط الصحاح كالعام الفوقي.

و لنأخذ بالمناقشة عليه:

اما الكبرى.فهي و ان كانت في غاية الصحة و المتانة،و لا إشكال عند الاصحاب فيها،لا نظريا،و لا عمليا في ابواب الفقه الا ان ما نحن فيه ليس من صغرى تلك الكبرى،و ذلك لان صحيحة

الاراضی 100)


عبد اللّه بن سنان لا تصلح ان تكون طرفا للمعارضة مع الصحاح الثلاث المتقدمة،لوضوح ان الصحيحة ليست نصا في مدلولها،بل و لا اظهر من الروايات المتقدمة،ضرورة ان قوله(ع)في الصحيحة (هي له)كقوله(ع)في تلك الروايات(فهي له)فان التعبير فيهما على مستوى واحد،و من المعلوم ان المتفاهم العرفي من مثل هذا التعبير ليس ازيد من الظهور في الاختصاص على مستوى الملك،كما ان دلالة الصحيحة على عدم وجوب الخراج لا تتعدى عن الظهور الاطلاقي الناشي من السكوت في مقام البيان.

و ان شئت قلت:ان الصحيحة بما انها كانت في مقام البيان، و مع ذلك قد اقتصرت على وجوب الزكاة،و سكتت عن وجوب الخراج،فيحصل لها ظهور عرفي في عدم وجوبه.و من الواضح أن هذا الظهور ليس بأقوى من سائر الظهورات.

فالنتيجة:في نهاية الشوط:ان ظهور هذه الصحيحة في سببية الاحياء للملك.ليس بأقوى من ظهور الروايات المتقدمة في ذلك فضلا عن كونها نصا.فلا فرق بينها،و بين تلك الروايات من هذه الناحية،فكما أن تلك الروايات لا يمكن ان تتعارض مع الصحاح الثلاث المتقدمة،فكذلك هذه الصحيحة.

و لو تنزلنا عن ذلك:و سلمنا أن الروايات المتقدمة نص في كون عملية الاحياء سبب لتملك المحيي للأرض،فحينئذ تقع المعارضة بينها و بين الصحاح المتقدمة.

و هل يمكن عندئذ ترجيح تلك الروايات على الصحاح المزبورة؟ فيه وجهان:

قيل:او يمكن ان يقال:في وجه ترجيحها عليها عدة وجوه:

Pages: 1 2 3 4 5
Pages ( 1 of 5 ): 1 2 ... 5»