فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

الاراضی – مجموعة دراسات و بحوث فقهیة اسلامیة

جلد

1

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه الاراضی – مجموعة دراسات و بحوث فقهیة اسلامیة صفحه 3

الاراضی – مجموعة دراسات و بحوث فقهیة اسلامیة

الاراضی 201)


لها و تجعل المسلمين ربا لها فلا يمكن ان تقع تلك المجموعة طرفا للمعارضة لهذه النصوص،و عليه فلا معارض لها اصلا.

فالنتيجة على ضوء هذا الاساس قد اصبحت على الشكل التالي:

ان الارض الموات:اذا انتزعت من سيطرة الكفار خارجا بعنوة فهي داخلة في نطاق ملكية المسلمين،لمكان اطلاق نصوصها من ناحية،و عدم ما يصلح ان يكون معارضا لها من ناحية اخرى

و اما اذا انتزعت من سيطرتهم خارجا بغير عنوة و هراقة دم فهي داخلة في نطاق ملكية الامام(ع).

و اما العام الفوقي الدال على ان الارض كلها للإمام(ع)فهو و ان كان يشمل الارض العامرة و الميتة و المفتوحة عنوة و غيرها الا انه انما يصلح ان يكون مرجعا في المسألة إذا لم يكن فيها نص خاص او كان و لكنه ابتلى بالمعارض،و الا فلا اثر للعام المزبور،و بما ان النص في المقام موجود-و هو ما دل على مالكية المسلمين للأرض الميتة المفتوحة عنوة-و هو ما دل على مالكية المسلمين للأرض الميتة المفتوحة عنوة-و لا معارض له كما عرفت،فعندئذ لا يمكن التمسك بهذا العام و الرجوع اليه،بل لا بد من تخصيصه به.

و ما تقدم-من ان نصوص مالكية المسلمين منصرفة عما اذا كان المأخوذ من الكافر ملكا او متعلقا لحق غيره،و بما ان الارض الميتة ملك للإمام(ع)فيما اذا كان تاريخ الفتح متأخرا عن تاريخ نزول آية الانفال فلا تشملها-فهو غير تام بالاضافة الى الارض الميتة،و ذلك لان الدليل على ملكيتها للإمام(ع)انما هو النصوص التي اشرنا اليها آنفا و قد عرفت انها قاصرة عن معارضة النصوص المذكورة على أساس انها تثبت ملكيتها للإمام(ع)بعناوين عامة التي لا تصلح ان تقع طرفا لمعارضة نصوص مالكية المسلمين بتلك العناوين العامة.

الاراضی 202)


فالانصراف المزبور انما يتم في الاملاك الخاصة التي ثبتت ملكيتها للأشخاص بعناوينها الخاصة على نحو الاطلاق،كما اذا افترض ان ارضا لمسلم كانت امانة لدى الكافر او غصبا فان نصوص مالكية المسلمين للأرض المفتوحة عنوة منصرفة عنها فلا تشملها.

نعم لو دلت-نصوص مالكية الامام(ع)-على ملكية الارض الموات بعنوانها الخاص لكانت صالحة لان تعارض نصوص مالكية المسلمين،الا ان الامر ليس كذلك كما عرفت.

و اما الكلام في الفرض الثالث:-و هو ما اذا كان تاريخ الفتح مجهولا بالاضافة الى زمان نزول آية الانفال-فهو لا يخلو من ان يكون التوقيت التاريخي لكل من تشريع مالكية الامام(ع)للأنفال و تشريع مالكية المسلمين للأرض المفتوحة عنوة و تحقق الفتح خارجا مجهولا؛أو يكون تاريخ احدهما مجهولا و تاريخ الاخر معلوما و بالعكس،فالصور ثلاث

اما الصورة الاولى-و هي ما اذا كان التوقيت التاريخي لكل منهما مجهولا-فهل يمكن في هذه الصورة جريان الاستصحاب فيهما معا بحد نفسه او لا يمكن؟فيه قولان:

قد اختار المحقق صاحب الكفاية(قده):القول الثاني بدعوى ان الاستصحاب لا يجري فيهما معا بحد نفسه،لقصور ادلة الاستصحاب عن شموله على اساس ان المعتبر في جريان الاستصحاب احراز اتصال زمان الشك فيه بزمان اليقين،و بما انه غير محرز في المقام فلا يمكن جريانه فيه.

و لكن قد حقق في الاصول في بحث الاستصحاب انه لا يمكن الاخذ بهذا القول،فانه لا قصور في ادلة الاستصحاب عن شموله

الاراضی 203)


في المقام و غيره،و ما ذكره(قده)من الشرط لصحة التمسك بها لا اساس له اصلا و تمام الكلام في محله.

فالصحيح هو القول الاول:فانه لا مانع من جريان استصحاب عدم تشريع مالكية الامام(ع)للأنفال الى زمان تحقق الفتح خارجا،و قضية هذا الاستصحاب ثبوت مالكية المسلمين للأرض المزبورة،لأنها مترتبة على امرين:

احدهما:تحقق الفتح خارجا في زمان.

و الآخر:عدم مالكية الامام(ع)في ذلك الزمان،فاذا تحقق الامران معا تحقق مالكية المسلمين على اساس تحقق الاثر بتحقق موضوعه،و الفرض تحققهما فيما نحن فيه،غاية الامر ان الاول متحقق بالوجدان،و الثاني متحقق بالتعبد،و بضم الوجدان الى التعبد يتحقق الموضوع.

و كذا لا مانع من جريان استصحاب عدم تحقق الفتح خارجا الى زمان تحقق تشريع مالكية الامام(ع)للأنفال،و بذلك يتحقق موضوع مالكية الامام(ع)على اساس ان موضوعها مركب من امرين:

احدهما:تشريع مالكية الامام(ع)للأنفال.

و الأخر عدم تحقق الفتح خارجا من قبل المسلمين،و الفرض ان الاول محرز بالوجدان،و الثاني بالتعبد،و بضم الوجدان الى التعبد يلتثم الموضوع المركب و يترتب عليه اثره.

و بما انه لا يمكن ان تكون الارض الواحدة داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)و المسلمين معا،لاستحالة اجتماع ملكيتين على مملوك واحد في زمن فارد فلا محالة تقع المعارضة بين الاستصحابين

الاراضی 204)


المزبورين فيسقطان معا،فعندئذ كما انه لا دليل على كون تلك الارض داخلة في ملكية الامام(ع)كذلك لا دليل على كونها داخلة في ملكية المسلمين،فاذن لا مانع من الرجوع الى الاصل الموضوعي-و هو استصحاب عدم وجود رب لها-فانه ينقح موضوع النص القائل.(كل ارض لا رب لها فهي للإمام)(ع)حيث انها بذلك تدخل في الارض التي لا ربّ لها.

و اما الصورة الثانية:و هي ما اذا كان التوقيت التاريخي لتشريع مالكية الامام(ع)للأنفال معلوما.و اما التوقيت التاريخي للفتح كان مجهولا ففي جريان الاستصحاب فيها،و عدمه،او التفصيل بين المجهول تاريخه و المعلوم فيجري في الاول دون الثاني؟اقوال:

قد اختار المحقق صاحب الكفاية(قده)عدم جريانه مطلقا، لا في المعلوم تاريخه،و لا في المجهول

اما في الاول:فلعدم الشك فيه.

و اما في الثاني:فلعدم احراز اتصال زمان الشك فيه بزمان اليقين.

و ذهب جماعة:الى القول بالتفصيل بينهما فقالوا بجريانه في المجهول تاريخه دون المعلوم:

و في مقابل ذلك:قد اختار جماعة من المحققين:منهم سيدنا الاستاذ دام ظله جريانه فيهما معا بلا فرق بين المجهول تاريخه و المعلوم الا انهما يسقطان من ناحية المعارضة كما هو الحال في مجهول التاريخ.

و الصحيح:هو هذا القول،دون القولين السابقين،فلنا دعويان:

الاولى:عدم صحة القولين السابقين.

الثانية:صحة هذا القول.

الاراضی 205)


اما الدعوى الاولى:فلان ما ذكروه-من عدم جريان الاستصحاب في المعلوم تاريخه-فيرد عليه انه مبنى على اساس جريانه فيه بحسب عمود الزمان و امتداده،و حيث لا شك فيه من هذه الناحية فبطبيعة الحال لا يجرى الاستصحاب فيه.و لكن من الواضح ان الكلام في جريان الاستصحاب فيه ليس من تلك الناحية،و انما هو من ناحية اضافته الى حادث آخر،و بما ان زمان حدوث الحادث الاخر مجهول لنا واقعا على الفرض فلا محالة يكون حدوث هذا الحادث فيه مجهولا أيضا،فانه زمان شكه.و عليه فلا مانع من استصحاب عدم حدوثه الى زمان حدوث الآخر،و يترتب عليه اثره،لفرض ان الاثر انما هو مترتب على حدوثه الخاص-و هو حدوثه في زمان الاخر نفيا او اثباتا-لا على مطلق حدوثه.

فالنتيجة انه لا فرق بين المعلوم تاريخه و المجهول من هذه الجهة اصلا.

و اما ما ذكره صاحب الكفاية(قده):بالاضافة الى عدم جريانه في المجهول تاريخه فقد اشرنا الى ما فيه آنفا

و من ذلك يظهر حال القول بالتفصيل بين المعلوم تاريخه و المجهول بعدم جريانه في الاول و جريانه في الثاني.

و اما الدعوى الثانية:فلان تاريخ تشريع مالكية الامام(ع) للأنفال و إن كان معلوما بحسب امتداد الزمان الا انه مجهول بالاضافة الى زمان حدوث الحادث الاخر-و هو الفتح خارجا-و عليه فلا مانع من استصحاب عدم حدوثه الى زمان حدوث الاخر على اساس ان زمان شكه هو زمان حدوثه و هو مجهول على الفرض،الا انه لا يجري من ناحية معارضته باستصحاب عدم تحقق الفتح خارجا الى زمان تشريع مالكية الامام(ع)للأنفال.

الاراضی 206)


فالنتيجة:انه لا فرق بين هذه الصورة و الصورة المتقدمة اصلا و من ذلك يظهر حكم الصورة الثالثة.

ثم لا يخفى:ان ما ذكرناه-من جريان الاصول في تلك الصور الثلاث في نفسها،او عدم جريانها فيها رأسا،او التفصيل- انما هو يقوم على اساس ان يكون اثر شرعي لتحقق كل من الحادثين في زمان الآخر في نفسه،و اما فيما اذا لم يكن اثر شرعي لتحقق احدهما في زمان الآخر فلا تأتي الصور المذكورة لعدم موضوع لها في هذا الفرض.و بما ان فيما نحن فيه لا اثر لأحدهما في زمان الاخر فلا مجال للبحث المزبور.

و ذلك لما قدمناه أنفا:من ان نصوص مالكية المسلمين تحكم بان الارض الموات-اذا انتزعت من سيطرة الكفار عنوة و بهراقة دم-ملك عام لهم،و لا يمكن ان تعارضها نصوص مالكية الامام(ع)،لما عرفنا من انها قاصرة عن شمول تلك الارض الموات،او محكومة بها.

و عليه:فلا اثر لتشريع مالكية الامام(ع)للأنفال في زمان تحقق الفتح خارجا كي يمكن التمسك باستصحاب عدم تحققه في زمانه اذا شك فيه.

فالنتيجة في نهاية المطاف:ان البحث عن جريان الاستصحاب في الصور المزبورة و عدم جريانه هنا لا يتعدى عن مرحلة التقدير و الفرض بدون واقع موضوعي له

الاراضی 207)


نتيجة هذا البحث عدة نقاط:

الاولى:ان الارض الموات اذا انتزعت من سيطرة الكفار فهي
تصبح ملكا عاما للامة اذا كان الانتزاع قبل نزول آية الانفال

بناء على ما قويناه من ان صدق الغنيمة لا يتوقف على ان يكون المال المأخوذ من الكافر عنوة ملكا له او متعلقا لحقه،بل تصدق على مطلق المأخوذ من يده و سيطرته خارجا و ان لم تكن له علاقة به، لا على مستوى الملك،و لا على مستوى الحق.

الثانية:انها اذا انتزعت من سيطرتهم بعد نزول الآية فعندئذ
ربما قيل:انها ملك للإمام(ع)لا للمسلمين

و قد ذكر في وجه ذلك ان نصوص مالكية المسلمين لا يمكن ان تتعارض مع نصوص مالكية الامام(ع)و على تقدير المعارضة فالترجيح انما هو لنصوص مالكية الامام(ع).و لكن قد عرفت ان الامر بالعكس و ان نصوص مالكية الامام(ع)لا يمكن ان تتعارض مع نصوص مالكية المسلمين،و من هنا قلنا ان الارض المزبورة في هذه الصورة ملك عام للمسلمين،لا للإمام(ع).

الثالثة قيل:ان نقطة المعارضة بين هاتين المجموعتين من
النصوص انما هي في كلمة اللام

باعتبار انها بطبيعتها تدل على الاختصاص الجامع بين الملك و الحق و باطلاقها تدل على الاختصاص الخاص-و هو الاختصاص الملكي-و بما ان التنافي بينهما انما هو في اطلاق اللام في كل من المجموعتين فيسقط الاطلاقان و يبقى اصل الدلالة على الاختصاص.و لكن قد تقدم منا نقد ذلك بشكل موسع.

الاراضی 208)


الرابعة:بناء على ضوء ما ذكرناه من ان نصوص مالكية الامام(ع)
لا يمكن ان تتعارض مع نصوص مالكية المسلمين في مورد الالتقاء
و الاجتماع

لا اثر للجهل بتاريخ كل من الحادثين في المقام او تاريخ احدهما دون الآخر اصلا.

المرحلة الثانية:

و هي ما اذا كانت الارض المأخوذة من الكفار عنوة عامرة.

فالكلام فيها:

تارة:يفرض فيما اذا كان عمرانها متقدما زمنيا على نزول آية الانفال.

و أخرى:فيما اذا كان متأخرا عنه.

و ثالثة:فيما اذا كان تاريخه الزمني مجهولا.

أما الكلام في الفرض الاول:فلا شبهة في ان الأرض المذكورة ملك عام للمسلمين،و لا خلاف في ذلك بين الأصحاب قديما و حديثا.و تدل على ذلك:عدة من الروايات:

منها:الروايتان المتقدمتان،فان قوله(ع)فيهما(و ما أخذ بالسيف فذلك الى الامام)يدل على ذلك بالاطلاق.

و منها:صحيحة الحلبي قال:سئل أبو عبد اللّه(ع)عن السواد ما منزلته:(فقال:هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم،و لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم،و لمن لم يخلق بعد الحديث) 1.


 

1) <page number=”208″ />الوسائل ج 17 الباب 18 من أبواب احياء الموات الحديث 1

 

الاراضی 209)


فانها نص في ان الارض السواد ملك عام للمسلمين على نحو القضية الحقيقية،و المراد من السواد هو الارض العامرة حين الفتح

ثم ان مقتضى اطلاق هذه الصحيحة عدم الفرق بين كون عمران الارض طبيعيا كالغابات و امثالها،او كان بشريا اي-بقيام انسان باعمارها و احيائها-و لا وجه لتخصيص الصحيحة بخصوص الصورة الثانية.

فما عن جماعة-من ان الارض العامرة طبيعيا حال الفتح داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)باعتبار انها تدخل في النصوص القائلة:(كل ارض لا رب لها فهي للإمام)(ع)و من الطبيعي ان الغابات او ما شاكلها مما لا ربّ لها.

و بكلمة اخرى:ان الارض التي لا ربّ لها لا تخلو من ان تكون مواتا طبيعيا او تكون عامرة كذلك اي-من دون تدخّل اي انسان في عمرانها و احيائها نهائيا-كالغابات الاصلية إلي استمدت حياتها من الطبيعة،لا من انسان،و لا ثالث لهما-خاطئ جدا، و ذلك لان الغابات على نوعين:

احدهما:انها دخلت دار الإسلام بغير حرب مسلح.

و الآخر:انها دخلت دار الإسلام بالحرب المسلح.

فالاولى:ملك عدم للإمام(ع).

و الثانية:ملك عام للمسلمين بمقتضى اطلاق النصوص المتقدمة و لا يمكن ان تعارضها نصوص مالكية الامام(ع)التي جاءت بهذا النص(كل ارض لا رب لها فهي للإمام)(ع)فانها بحد نفسها حاكمة عليها و تجعل المسلمين ربّا لها.

و اما الكلام في الفرض الثاني-و هو ما اذا كان عمران الارض متأخرا زمنيا عن التوقيت التاريخي لنزول آية الانفال-فقد ذكر

الاراضی 210)


ان الارض المفتوحة عنوة للإمام(ع)و لا يملكها المسلمون باخذها و فتحها من الكفار.

و ذكر صاحب الجواهر(قده)في بحث الخمس ما نصه:

نعم لا يعتبر فيما له(ع)من الموات بقائه على صفة الموات للأصل،و ظاهر صحيح الكابلي السابق فلو اتفق حينئذ احيائه كان له(ع)أيضا من غير فرق بين المسلمين و الكفار الا مع اذنه، و اطلاق الاصحاب و الاخبار ملكية عامر الارض المفتوحة عنوة للمسلمين يراد به ما احياء الكفار من الموات قبل ان جعل اللّه الانفال لنبيه(ص)و الا فهو له(ع)أيضا و ان كان معمورا وقت الفتح.

و لكن كلامه(قده)في كتاب احياء الموات مخالف لكلامه هذا،حيث قال:هناك ما نصه:«كل ذلك مضافا الى ما يمكن القطع به من ملك المسلمين ما يفتحونه عنوة من العامر في ايدي الكفار و ان كان قد ملكوه بالاحياء،و لو ان احيائهم فاسد لعدم الاذن لوجب ان يكون على ملك الامام(ع)و لا أظن احدا يلتزم به.مضافا الى قوله بتملك الكافر حال الغيبة،مع انه لا تفصيل في النصوص».

فان كلامه-هذا:صريح في تملك الكافر لرقبة الارض الموات بالقيام بعملية الاحياء و العمارة بعد التوقيت الزمني لنزول آية الانفال

و كيف كان:فهذا القول أي-القول بعدم تملك المسلمين الارض العامرة التي يرجع تاريخ عمرانها الى ما بعد تاريخ نزول الآية-يرتكز على اساس نقطتين:

الاولى:ان الكافر لا يملك الارض الموات بعملية الاحياء بعد تشريع ملكية الامام(ع)للأنفال.

الاراضی 211)


الثانية:ان ملكية المسلمين للأرض المأخوذة من يد الكفار عنوة و قهرا انما هي فيما اذا لم تكن داخلة في ملكية الامام(ع)

اما النقطة الاولى:فقد يناقش فيها بان مقتضى مجموعة من النصوص انه لا فرق فيمن يقوم بعملية الاحياء بين كونه مسلما او كافرا،فكما ان احياء الاول يورث الحق،فكذلك احياء الثاني.

منها:صحيحة محمد بن مسلم قال:سألته عن الشراء من ارض اليهود او النصارى قال:(ليس به بأس الى ان قال:و ايما قوم احيوا شيئا من الارض و عملوه فهم احق بها و هي لهم)فانها تدل بوضوح على ان عملية الاحياء توجب تملك الكافر.

و منها:صحيحة سليمان بن خالد قال سألت ابا عبد اللّه(ع) عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها،و يجري انهارها، و يعمرها،و يزرعها ما ذا عليه قال:عليه الصدقة).

و منها:صحيحة محمد بن مسلم قال:سمعت أبا جعفر(ع) يقول:(ايما قوم احيوا شيئا من الارض و عمروها فهم احق بها و هي احق لهم).

و منها:صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر(ع)قال رسول اللّه(ص):

(من أحيا ارضا مواتا فهي له) 1.

فهذه الروايات تدل بوضوح على ان عملية الاحياء سبب للملك مطلقا بلا فرق بين كون المحيى مسلما او كافرا،كما انه لا فرق بين كون القيام بعملية الاحياء قبل تشريع ملكية الانفال للإمام(ع) او بعده.هذا.

و قد تقدم منا:في ضمن البحوث السالفة امران:


 

1) <page number=”211″ />الوسائل ج 17 الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث 1،2،4،5

 

الاراضی 212)


احدهما:انه لا بد من رفع اليد عن ظهور هذه المجموعة من النصوص في كون عملية الاحياء موجبة لصلة المحيى بالارض على مستوى الملك،و حملها على انها توجب صلته بها على مستوى الحق، لقيام قرينة على ذلك.

و الآخر:قد تقدم منّا بشكل موسع ان الارض الموات بما انها ملك للإمام(ع)فبطبيعة الحال يتوقف جواز التصرف فيها باحياء و نحوه على اذنه(ع)هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:قد عرفت انه لم يدلنا دليل على ان الامام(ع) قد اذن بالتصرف فيها باحياء و نحوه لكل فرد و ان لم يكن مسلما، بل يظهر من صحيحة الكابلي المتقدمة اناطة جواز التصرف فيها للمسلم بتأدية الخراج و الاجرة الى الامام(ع)لا مطلقا،كما عرفت.

و من ناحية ثالثة:قد صرح في صحيحة أبي سيار مسمع بن عبد الملك المتقدمة على حلية تصرف الشيعة فيها و حرمة تصرف غيرهم بقوله(كل ما كان في ايدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك الى ان يقوم قائمنا فيجيبهم طسق ما كان في ايديهم و يترك الارض في ايديهم.و اما ما كان في ايدي غيرهم،فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم منها صفرة).

و من ناحية رابعة.قد مرّ بنا ان صحيحة أبي بصير-التي تقدمت في ضمن البحث عن النقطة الخامسة من احكام الارض الموات-و ان كانت ظاهرة في تملك الكافر الارض بالاحياء،الا انه لا يمكن الاخذ بهذا الظهور مطلقا على تفصيل قد سبق بصورة موسعة.

فالنتيجة:على ضوء هذه النواحي ان هذه النقطة تامة-و هي

الاراضی 213)


ان الكافر لا يحصل على علاقة بالارض على اساس قيامه بعملية الاحياء-

و اما النقطة الثانية:فقد تقدم منّا ان نصوص مالكية الامام(ع)

للأرض الموات تصنّف الى فرقتين:في نهاية المطاف.

احداهما:تقول:ان كل ارض لا رب لها فهي للإمام(ع) و الاخرى:تقول:ان الارض الخربة التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب فهي للإمام(ع).

اما الفرقة الاولى فقد سبق انها لا يمكن ان تعارض نصوص مالكية المسلمين في مورد الالتقاء و الاجتماع،على اساس ان تلك النصوص تجعل المسلمين ربا لها و تحكم عليها.

و اما الفرقة الثانية:فقد سبق انها أيضا لا يمكن ان تعارض نصوص مالكية المسلمين لتقييد موضوعها بالارض التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب،فلا تشمل الارض التي تؤخذ منهم بالخيل و الركاب.

و قد تحصل من ذلك:ان هذه النقطة خاطئة.

و يترتب على ذلك؛ان القول بعدم ملكية المسلمين للأرض المفتوحة عنوة التي يرجع تاريخ عمرانها الى ما بعد تاريخ تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)غير تام.فالصحيح ان المسلمين يملكون الارض المذكورة لمكان اطلاق نصوص مالكيتهم،و عدم ما يصلح ان يكون معارضا لها.

فالنتيجة في نهاية الشوط:ان الارض المفتوحة عنوة و بالجهاد المسلح ملك عام للمسلمين من دون فرق بين ان يرجع تاريخ عمرانها الى ما قبل تاريخ نزول آية الانفال،او الى ما بعد نزولها.

بقى هنا شيء:و هو ان الكافر يملك الارض الموات بعملية الاحياء و العمران اذا كان تاريخه الزمني متقدما على التاريخ الزمني

الاراضی 214)


لتشريع ملكية الامام(ع)للأنفال.و اما اذا كان متأخرا عنه فهي لا توجب علاقته بها على مستوى الحق فضلا عن الملك على ضوء ما استظهرناه من مجموعة من نصوص الباب.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:اذا افترضنا ان احياء الكافر الارض يورثه حقا فيها،و ان كان لا يورثه ملكا-بان ظلّت رقبة الارض ملكا للإمام(ع)-فهل عندئذ يوجب فتح المسلمين الارض بعنوة انتقال هذا الحق من الكافر الى الامة فتكون الارض حقا عاما للمسلمين رغم ان الرقبة ظلّت في ملكية الامام(ع)؟فيه وجهان:

قيل بالوجه الاول:بدعوى ان الفتح خارجا يوجب انتقال ما للكافر من العلاقة الى الامة،سواء أ كانت على مستوى الملك أم كانت على مستوى الحق.

و لكن لا يمكن المساعدة عليه.

و النكتة فيه:ان مدلول نصوص الارض الخراجية لدى العرف هو ملكيتها للمسلمين يعني-انها تدل عرفا على ان الارض بالفتح تصبح ملكا عاما للامة-و اما اذا افترضنا ان رقبة الارض التي هي باقية في ملكية الامام(ع)كانت متعلقة لحق الكافر فلا تدل النصوص على انتقال هذا الحق الى المسلمين فحسب بسبب فتحها خارجا،فان مدلولها كما عرفت ملكية الارض للامة،فاذا فرض عدم امكان الاخذ بمدلولها العرفي فليست لها دلالة اخرى-و هي الدلالة على انتقال الحق المزبور اليهم-و الفرض عدم دليل آخر على ذلك.

نعم لو دلت هذه النصوص على ان بالفتح يثبت للمسلمين ما كان للكافر من العلاقة لتمّ ما عرفت،الا ان الامر ليس كذلك فان مدلولها ثبوت ملكية الارض للامة بالفتح عنوة،سواء أ كانت للكافر

الاراضی 215)


علاقة بها على مستوى الملك او الحق أم لم تكن،بل كانت تحت استيلائه خارجا و سيطرته فحسب.و عليه فلا يتم ذلك اصلا.

فالنتيجة:ان هذه الفرضية ساقطة و لا مدرك لها.

فالصحيح ما ذكرناه من ان النصوص المزبورة تدل على ملكية الارض العامرة-للمسلمين-بالفتح عنوة،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين ان يرجع تاريخ عمرانها الى ما قبل تاريخ نزول الآية او الى ما بعده،كما انها تدل على ان السبب الوحيد لكون الارض ملكا عاما للامة هو فتحها من قبلهم بالجهاد المسلح و هراقة الدماء.

و اما الكلام في الفرض الثالث:-و هو ما اذا كان التاريخ الزمني للعمران مجهولا بالاضافة الى نزول الآية-فقد ظهر حاله مما تقدم منا في الفرضين الاولين،اذ بعد ما تبيّن لكم ان الارض العامرة المفتوحة عنوة داخلة في نطاق ملكية المسلمين،سواء أ كان تاريخ عمرانها متقدما زمنيا على تاريخ نزول الآية أم كان متأخرا عنه لا يبقى اي اثر للجهل بتاريخهما معا او تاريخ احدهما دون الآخر اصلا.

نعم اذا افترضنا:ان عمران الارض المفتوحة عنوة اذا كان متأخرا عن نزول الآية فهي ليست داخلة في ملكية المسلمين،بل ظلّت رقبتها في نطاق ملكية الامام(ع)فعندئذ كان للجهل المزبور اثر.

بيان ذلك:انه على ضوء هذه الفرضية يجري الاستصحاب في كل من الحادثين في نفسه من دون فرق بين الجهل بتاريخهما معا، او بتاريخ احدهما دون الآخر،بناء على ما هو الصحيح من عدم الفرق بينهما من هذه الناحية،فيجري استصحاب بقاء الارض

الاراضی 216)


المفتوحة عنوة على صفة الموات الى زمان نزول الآية،و به يثبت موضوع ملكية الامام(ع)لها،فان نزول الآية محرز بالوجدان،و موات الارض الى زمان نزولها محرز بالتعبد،و بذلك ينقح الموضوع،و يترتب عليه اثره.

و نتيجة هذا الاستصحاب ان الارض المزبورة ملك للإمام(ع).

و لكن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم نزول الآية الى زمان احياء الكافر الارض و قيامه بعمرانها،فان احيائه لها محرز بالوجدان،و انما الشك في نزول الآية في زمان احيائها،فيجري استصحاب عدم نزولها الى هذا الزمان،و بضمه الى الاحياء يتحقق موضوع ملكية الكافر لها،فان موضوعها مركب من امرين:احياء الارض،و عدم تشريع ملكيتها للإمام(ع)في زمان احيائها، و الاول محرز بالوجدان،و الثاني بالتعبد،فيحكم بكونها ملكا للكافر بضم هذا الاستصحاب الموضوعي الى ما هو متحقق بالوجدان

و بما انه لا يمكن الجمع بين هذين الاستصحابين على اساس ان مقتضى الاول كون الارض ملكا للإمام(ع)و مقتضى الثاني كونها ملكا لمن قام باحيائها-و هو الكافر في مفروض الكلام- فبطبيعة الحال يسقطان معا.

فالنتيجة في نهاية المطاف ان الارض العامرة المفتوحة عنوة المجهول تاريخ عمرانها بالاضافة الى زمان نزول الآية لم يثبت كونها ملكا للمسلمين و لا للإمام(ع)و لكن حينئذ لا مانع من الرجوع الى العام الفوقي و هو النص القائل بان كل ارض لا رب لها فهي للإمام(ع)بضم الاصل الموضوعي اليه-و هو استصحاب عدم وجود ربّ لها-فانه ينقح موضوع هذا النص و يثبت بانها تدخل في الارض

الاراضی 217)


التي لا رب لها.

نتيجة هذا البحث عدة نقاط

الاولى:ان الارض العامرة اذا فتحت بهجوم من قبل المسلمين
مسلحا فهي ملك عام للامة

من دون فرق بين كون تاريخ عمرانها متقدما زمنيا على تاريخ نزول الآية،او متأخرا عنه،فما عن جماعة من انها ملك للإمام(ع)فيما اذا كان تاريخ عمرانها متأخرا عن نزول الآية لا يقوم على اساس صحيح.

الثانية انه لا فرق في ذلك بين كون عمرانها بشريا [أو طبيعيا]

اي-بقيام انسان باحيائها و عمرانها او طبيعيا كالغابات الاصلية التي استمدت حياتها من الطبيعة.

و ما قيل:-من ان الغابات ملك للإمام(ع)لدخولها في الارض التي لا ربّ لها-لا يرتكز على اساس صحيح،لحكومة نصوص مالكية المسلمين عليها.

الثالثة:ان ما قيل-من ان الفتح خارجا من قبل المسلمين
يوجب انتقال ما للكافر من العلاقة الى الامة،

سواء أ كانت على مستوى الملك أم كانت على مستوى الحق-فقد تقدم انه لا يمكن الاخذ به لما عرفت من ان مفاد نصوص الاراضي الخراجية لدى العرف هو ملكية الارض للمسلمين بسبب الفتح و ان لم تكن للكافر علاقة بها و ليس مفادها انتقال نفس ما للكافر من العلاقة الى الامة.

الرابعة:انه لا اثر للجهل بتاريخ عمران الارض بالاضافة الى
تاريخ نزول الآية اصلا

كما عرفنا بشكل موسع.

الاراضی 218)


بحث عن عدة نقاط ترتبط
بالارض المفتوحة عنوة

النقطة الاولى:هل تشمل فريضة الخمس الارض المفتوحة عنوة
او انها ملك عام للمسلمين بدون استثناء الخمس منها؟

فيه قولان:

المعروف و المشهور بين الاصحاب هو القول الاول،بل يظهر من صاحب المدارك(قده)اجماع المسلمين عليه.

و تدل عليه-مضافا الى قوله تعالى«و اعملوا انما غنمتم من شيء فان للّه خمسه و للرسول و لذى القربى»الآية-عدة من النصوص:

منها:صحيحة عبد اللّه بن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه(ع) (يقول ليس الخمس الا في الغنائم خاصة) 1.

و منها:صحيحة عمار بن مروان قال:سمعت أبا عبد اللّه(ع) (يقول فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس 2.

و منها:رواية ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه(ع) قال:(الخمس على خمسة اشياء على الكنوز،و المعادن،و الغوص و الغنيمة،و نسى ابن أبي عمير الخامس) 3.

فانها ضعيفة سندا بجعفر الهمداني حيث لم يثبت توثيقه،و عليه


 

1) <page number=”218″ />الوسائل ج 6 الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1.
2) الوسائل ج 6 الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث 6.
3) الوسائل ج 6 الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث 7.

 

الاراضی 219)


فلا يمكن الاستدلال بها على حكم المسألة الا تأييدا.

و منها:رواية أبي بصير عن أبي جعفر(ع)قال:(كل شيء قوتل على شهادة ان لا إله الا اللّه و ان محمدا رسول اللّه(ص) فان لنا خمسه،و لا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا) 1.

و هذه الرواية أيضا ضعيفة سندا بعلي بن أبي حمزة فلا يمكن الاستدلال بها.نعم لا باس بجعلها مؤيدة لحكم المسألة.

فالنتيجة:ان الصحيح من تلك الروايات هو الرواية الاولى دون غيرها،و هي تكفي في المسألة على اساس انها تشمل الارض المفتوحة عنوة باطلاقها.

و اما القول الثاني:-و هو عدم وجوب الخمس فيها-فقد نسب الى جماعة:منهم صاحب الحدائق(قده)حيث انه قد انكر على الاصحاب التعميم،و قصر الخمس على الغنائم المنقولة،دون غيرها كالأراضي و المساكن،و استظهر ذلك من امرين:

احدهما:الروايات المشتملة على تقسيم الغنائم اخماسا كما في بعضها،و اسداسا كما في بعضها الآخر،فان اشتمالها على التقسيم بنفسه يكون قرينة على اختصاصها بالمنقول،و لا تشمل غيره كالأرض،نظرا الى انها لا تقسم بين الغانمين على اساس انها ملك عام للمسلمين.

و فيه ان الروايات الدالة علي تعلق الخمس بالغنيمة لا تنحصر بالروايات المشتملة على التقسيم،فان ما يشتمل عليه هو بعضها دون الجميع،كما مرّت الاشارة الى جملة مما لا تشتمل عليه.


 

1) <page number=”219″ />الوسائل ج 6 الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث 5.

 

الاراضی 220)


و الاخر:ان الروايات الواردة لبيان احكام الاراضي الخراجية لم يتعرض شيء منها لوجوب الخمس فيها رغم تعرضها لوجوب الزكاة

و فيه:ما سيأتي من ان مجرد عدم تعرضها لوجوب الخمس لا يكون دليلا على عدم وجوبه.

و من هنا الصحيح:هو القول الاول،و ذلك لوجهين:

الاول:اطلاق الآية الكريمة المتقدمة،حيث لا شبهة في شمولها للأراضي المفتوحة عنوة.

الثاني:اطلاق مجموعة من النصوص السالفة.

و قد تواجه الاستدلال بكل منهما عدة اشكالات و شكوك فعلينا ان ندفع تلك الاشكالات و الشكوك نهائيا.

الاول:ان عنوان الغنيمة في الآية الكريمة قد فسرّ في صحيحة ابن مهزيار بالفائدة التي يستفيدها المرء،و على اساس هذا التفسير يكون الموضوع في الآية عبارة عن الفوائد المالية الشخصية،و نصوص ملكية المسلمين للأرض المفتوحة عنوة تخرجها عن كونها فائدة شخصية فلا يصدق عليها عنوان الغنيمة بالمعنى المفسر في الصحيحة فلا يبقى حينئذ للآية اطلاق تشمل الارض المفتوحة عنوة.

و الجواب عنه:ان هذا التفسير لا ينافي اطلاق الآية و شمولها للأرض فيما نحن فيه،و لا يوجب حكومة نصوص مالكية المسلمين عليها،و ذلك لان هذا التفسير في الصحيحة للإشارة الى ان الغنيمة في الآية الكريمة انما هي بمعناها اللغوي و العرفي-و هو ما يغنمه المرء و يفيده-و من الطبيعي انه لا مانع من ان يرجع ما يفيده المرء و يغنمه الى غيره أيضا كالأرض المفتوحة عنوة فانها غنيمة و فائدة جزما يغنمها المرء و يفيدها رغم انها لا ترجع الى خصوص الغانمين،بل

الاراضی 221)


الى عموم المسلمين منهم الغانمين:على اساس انه يصدق على كل منهم عنوان المغنم المفيد،و عليه فقوله(ع)في الصحيحة(فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها) يصدق على كل من الغانمين للأرض على ضوء ما سنشير اليه في ضمن البحوث القادمة من ان الارض المزبورة ملك لآحاد المسلمين على سبيل الاشاعة

نعم لو كانت الارض ملكا لطبيعي الأمة لم تشملها الآية الكريمة على اساس انه لا يصدق عنوان المفيد و المستفيد على كل من استولى عليها بعنوة و هراقة دم،مع ان ظاهر الآية هو ان المستولين هم الغانمون و المستفيدون،و هذا بخلاف ما اذا كانت ملكا لآحاد الأمة فانه على هذا يصدق عنوان المفيد و المستفيد على كل من استولى عليها بعنوة،غاية الامر ان ما استولى عليه كذلك قد يرجع تمامه اليه كما اذا كان منقولا،و قد يرجع اليه بعضه مشاعا،كما اذا كان غير منقول كالأرض،كل ذلك لا يوجب التفاوت في صدق العنوان المزبور عليه.و لعل القول بعدم شمول الآية للأرض المفتوحة عنوة مبنى على اساس القول بملكيتها للطبيعي،لا للأفراد.

قد يقال:ان هذا التفسير لا يوجب حصر موضوع وجوب الخمس في الآية بهذا المورد،فانه تفسير لبعض مصاديق الغنيمة-و هو الذي يرجع الى المستفيد خاصة-لا انه تفسير للغنيمة بما لها من المفهوم العرفي التي هي الموضوع لوجوب الخمس في الآية،ضرورة انها بهذا المعنى العرفي تصدق على الارض المفتوحة عنوة هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:ان هذا الاشكال لو تم فانما يتم بالاضافة الى الاية،و اما بالاضافة الى النصوص المتقدمة فهو غير تام ضرورة

الاراضی 222)


ان التفسير المزبور لا يمنع عن التمسك باطلاق تلك النصوص، و لا يصلح ان يكون قرينة على ان المراد من الغنيمة فيها أيضا هو الغنيمة بالمعنى المفسر في الصحيحة.

و لكن هذه المقالة مما لا يمكن الاخذ بها،و ذلك لأنا لو سلمنا ان الصحيحة قد فسرّت الغنيمة بالفائدة المزبورة و جعلت الغنيمة بهذا المعنى موضوعا لوجوب الخمس لا مطلقا رغم انها كانت في مقام بيان ما يتعلق به الخمس،فحينئذ لو كان موضوع وجوب الخمس مطلق الفائدة،لا خصوص الفائدة المذكورة لكان تخصيص الصحيحة موضوعه بحصة خاصة منها-و هي الفائدة الراجعة الى المستفيد خاصة- لغوا،فان ظاهر تقييد الفائدة في الصحيحة بالفائدة المزبورة هو ان الحكم لم يثبت لطبيعي الفائدة و الا لم يكن اثر للتقييد،و هو خلاف الظاهر.

و عليه فتكون الصحيحة قرينة على تقييد اطلاق الآية،كما تكون قرينة على تقييد اطلاق النصوص المشار اليها آنفا.

نعم بناء على ما هو المشهور بين الاصحاب من عدم صحة حمل المطلق على المقيد في امثال الموارد لكانت المقالة المزبورة تامة و في محلها.

الثاني:ان مجموعة من الروايات الواردة في تقسيم الغنائم قرينة عرفا على ان المراد من الغنيمة في الآية و النصوص هو الغنائم المنقولة،دون غير المنقولة كالأرض و نحوها.

منها صحيحة ربعي بن عبد اللّه بن الجارود عن أبي عبد اللّه(ع) قال:(كان رسول اللّه(ص)اذا أتاه المغنم اخذ صفوه و كان ذلك له،ثم يقسم ما بقى خمسة اخماس)الحديث 1.


 

1) <page number=”222″ />الوسائل ج 6 الباب 1 من ابواب قسمة الخمس الحديث 3.

 

الاراضی 223)


و منها:مرسلة حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح(ع)قال:(الخمس من خمسة اشياء من الغنائم، و الغوص،و من الكنوز،و من المعادن،و الملاحة يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس،فيجعل لمن جعله اللّه له،و يقسم الاربعة الاخماس بين من قاتل عليه و ولى ذلك)الحديث 1.

و منها:صحيحة معاوية بن وهب قال:قلت لأبي عبد اللّه(ع) السرية يبعثها الامام فيصيبون غنائم كيف يقسم،قال:(ان قاتلوا عليها مع أمير أمّره الامام عليهم اخرج منها الخمس للّه و للرسول، و قسم بينهم اربعة اخماس)الحديث 2.

و الجواب عن ذلك:ان تلك الروايات لا تصلح لدى العرف ان تكون قرينة على ان المراد من الغنيمة في الآية و النصوص المتقدمة خصوص الغنائم المنقولة،دون الاعم

و النكتة فيه:ان اشتمال تلك الروايات على التقسيم انما هو قرينة على اختصاصها بالغنائم المنقولة،لا غيرها مما لا تشتمل عليه.

و ان شئت قلت:ان تخصيص الغنائم بخصوص الغنائم المنقولة بحاجة الى قرينة،و هي متوفرة في الروايات المزبورة على اساس اشتمالها على التقسيم،و غير متوفرة في الآية و النصوص السابقة على اساس عدم اشتمالهما عليه من ناحية،و عدم صلاحية تلك الروايات لان تكون قرينة على ذلك من ناحية اخرى،فاذن ما هو المبرّر لرفع اليد عن ظهورهما في العموم؟!.

و من هنا قلنا:انه لا وجه لاستظهار صاحب الحدائق(قده)


 

1) <page number=”223″ />الوسائل ج 6 الباب 1 من ابواب قسمة الخمس الحديث 8.
2) الوسائل ج 11 الباب 1 من ابواب الانفال و ما يختص بالامام الحديث 3.

 

الاراضی 224)


من تلك النصوص اختصاص وجوب الخمس بالغنائم المنقولة خاصة

فالنتيجة لحد الان:انه لا مانع من التمسك بعموم الآية و النصوص الماضية لوجوب الخمس في الارض المفتوحة عنوة.

الثالث:ان الروايات الواردة لبيان احكام الاراضي الخراجية لم يتعرض في شيء منها وجوب الخمس.و من الطبيعي ان سكوت تلك الروايات رغم كونها في مقام بيان ما يتعلق بتلك الاراضي من الاحكام و الآثار دليل على عدم وجوبه.

و الجواب عن ذلك:انه لا بد من النظر في تلك الروايات،و هي تصنّف الى مجموعتين:

الاولى:ما كانت في مقام بيان ان الاراضي الخراجية ملك عام للمسلمين.

الثانية:ما كانت في مقام بيان ما يتعلق بتلك الاراضي من الاحكام

اما المجموعة الاولى:-و هي التي اشرنا الى عمدة منها آنفا- فهي انما كانت في مقام بيان مالكية المسلمين للأرض المغنومة في مقابل الغنائم المنقولة-التي هي ملك خاص للمقاتلين و تقسّم بينهم- و لا تنظر الى جهة اخرى كتعلق الخمس بها او نحوه اصلا،لا نفيا و لا اثباتا،و لذا لا تنافي ما دل على وجوب الخمس فيها،كما هو الحال في غيرها،فاذن كيف تكون قرينة على تقييد اطلاق الآية و النصوص.

نعم اذا افترضنا ان لهذه المجموعة اطلاقا تنفي بسببه تعلق الخمس بها فهل يمكن تقديم اطلاقها على اطلاق الآية او النصوص،او يتعين العكس.او تقع المعارضة بينهما و بعد تساقطهما يرجع الى اصالة عدم وجوب الخمس؟وجوه:

الاراضی 225)


الصحيح:هو الوجه الثاني.

و السبب فيه:ان موضوع هذه المجموعة و ان كان اخص من موضوع الآية و النصوص فان موضوعها الارض المغنومة خاصة، و موضوع الآية و النصوص عنوان الغنيمة الشامل للأرض و غيرها، الا ان مجرد كون موضوع احد الدليلين اخص من موضوع دليل الآخر لا يوجب التقديم ما لم تكن اخصيّته محفوظة في مورد الالتقاء و الاجتماع،لان الاخصية انما توجب تقديم الخاص على العام في مورد الالتقاء و المعارضة اذا كان مورد الخاص منحصرا بهذا المورد اي-بمورد الالتقاء-و لم يكن له مورد آخر،

و هذه النكتة:غير متوفرة فيما نحن فيه،فان موضوع هذه المجموعة و ان كان اخص من موضوع الآية و النصوص،الا ان هذه الاخصية لم تكن محفوظة في مورد الالتقاء بين اطلاقها و اطلاق الآية و النصوص،لان مركز الالتقاء و المعارضة بين الاطلاقين انما هو خمس الارض المغنومة.و اما الاربعة الاخماس الأخر فهي ليست مركزا للمعارضة بينهما ابدا.

و الوجه فيه واضح:فان مقتضى اطلاق المجموعة ان خمسها داخل في نطاق ملكية المسلمين كالأربعة اخماسها الأخر،و مقتضى الآية و النصوص انه للّه و للرسول و لذي القربى،و لا معارضة بينهما في البقية اصلا،فان المجموعة تدل على انها ملك عام للامة، و الآية و النصوص لا تنفيان ذلك،و من الطبيعي انه لا معارضة بين ما فيه الدلالة على شيء،و ما لا دلالة فيه.

و على اساس ذلك:فالنسبة بينها و بين الآية و النصوص عموم من وجه فان لكل منهما مادة الافتراق،فمادة افتراق المجموعة الاربعة

الاراضی 226)


الاخماس الأخر،و مادة افتراق الآية و النصوص خمس غير الارض المغنومة من الغنائم

نعم لو كان لسان تلك المجموعة نفي الخمس عن الارض المغنومة لكانت النسبة بينها و بين اطلاق الآية و النصوص عموما مطلقا.فان مفادهما تعلق الخمس بالغنائم مطلقا الشاملة للأرض و غيرها،و مفاد المجموعة نفي تعلقه بخصوص الارض المغنومة،الا ان لسانها ليس بهذا الشكل،لما عرفت من ان لسانها ملكية الارض المزبورة للمسلمين،و مقتضى اطلاقها ان خمسها أيضا ملك لهم.

نعم لازم ذلك:نفي تعلق الخمس بها،لوضوح ان ما دل على ملكية الارض المذكورة للامة الاسلامية مطلقا بالدلالة المطابقية فبطبيعة الحال يدل بالدلالة الالتزامية على عدم تعلق الخمس بها، و بما ان الدلالة المطابقية في المقام معارضة بالعموم من وجه فلا اثر لملاحظة النسبة بالاضافة الى الدلالة الالتزامية،فان الدلالة المطابقية ان ظلّت ظلّت الدلالة الالتزامية أيضا و الا فلا اثر لها لتبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية حدوثا و بقاء.

و على اساس ذلك:فاطلاق هذه المجموعة و ان امكن ان يعارض اطلاق النصوص المتقدمة بقطع النظر عن كون اطلاقها معارضا لإطلاق الآية،الا انه مع ملاحظة ذلك قد سقط اطلاق المجموعة عن الاعتبار في مادة الالتقاء و الاجتماع،لأنه بذلك يدخل في النصوص التي جاءت على ان المخالف للكتاب غير حجة،و المراد من المخالفة اعم من ان تكون على نحو التباين او العموم من وجه، كما انه لا فرق بين ان تكون الرواية مخالفة لنص الكتاب،او عمومه الوضعي،او اطلاقه بمعونة مقدمات الحكمة.و عليه فبما

الاراضی 227)


ان اطلاق تلك المجموعة معارض لإطلاق الآية فلا محالة يسقط عن الاعتبار.و نتيجة ذلك وجوب الخمس في الارض المغنومة.

نعم هنا مناقشتان:في شمول النصوص الدالة على ان المخالف للكتاب غير حجة لمثل هذه المخالفة.

احداهما:ان تمامية اطلاق المطلق تتوقف على تمامية مقدمات الحكمة:منها عدم البيان الاعم من المتصل و المنفصل،و بما ان فيما نحن فيه يكون عموم كل من الكتاب و النصوص بالاطلاق لا بالوضع فبطبيعة الحال لا يتحقق اطلاق لشيء منهما في مورد الالتقاء و الاجتماع لفرض ان كلا منهما يصلح في نفسه للبيان بالاضافة الى الاخر في هذا المورد،فعندئذ لا ينعقد اطلاق للكتاب في مورد المعارضة حتى تكون تلك المجموعة من الروايات مخالفة له فتشملها النصوص المزبورة أي-النصوص الدالة على ان المخالف للكتاب غير حجة-.

و الجواب:عن هذه المناقشة ما تقدم منا في ضمن البحوث السالفة من ان انعقاد اطلاق المطلق لا يتوقف على عدم البيان الاعم من المتصل و المنفصل،و انما يتوقف على عدم البيان المتصل فحسب.

و على اثر ذلك يتحقق الاطلاق للكتاب في مورد الالتقاء و الاجتماع و بذلك تدخل تلك المجموعة في الروايات المخالفة للكتاب فتكون مشمولة للنصوص المتقدمة.هذا

قد يقال كما قيل:انه على تقدير تسليم المبنى فايضا يصدق على الروايات عنوان المخالفة،و ذلك لان كل واحد منهما لا يصلح ان يكون بيانا بالاضافة الى الآخر حتى يكون دخيلا في اطلاقه.

و على اساس ذلك:فقد تمت مقدمات الحكمة في كل من المطلقين فينعقد ظهورهما حينئذ في الاطلاق معا،و اذا انعقد ذلك

الاراضی 228)


تحققت المعارضة بين اطلاق الروايات و اطلاق الكتاب،و بما ان المعارضة بينهما كانت بالعموم من وجه فيسقط اطلاق الروايات من جهة مخالفته للكتاب.

و يرد عليه:ان وجود ما يصلح للبيان-و لو كان منفصلا-مانع عن ثبوت الاطلاق للمطلق في ظرفه على ضوء هذا المبنى.

و بما ان فيما نحن فيه:كل من الآية و تلك المجموعة من الروايات في حد نفسه صالح لان يشمل مورد الالتقاء و الاجتماع فبطبيعة الحال كان كل منهما صالحا للبيان بالاضافة الى الاخر فيه، بداهة انه لا معنى لصلاحيته لذلك الا شموله له في نفسه فاذن لا معنى لدعوى عدم الصلاحية.

و عليه:فلا محالة يكون كل منهما مانعا عن انعقاد الاطلاق في الاخر في مورد الاجتماع،فاذن لا يصدق على تلك المجموعة عنوان انها مخالفة للكتاب حتى لا تكون حجة.

نعم بناء على ما ذكرناه-من ان البيان المنفصل لا يكون مانعا عن انعقاد الاطلاق للمطلق حتى في ظرفه-فلا محالة تكون المجموعة المزبورة مخالفة للكتاب،لان اطلاق الكتاب قد انعقد في مورد الاجتماع،فهي كما لا تكون مانعة عن انعقاده،كذلك لا تكون مانعة عن حجيته.

فالنتيجة-هي:انه لا مانع من التمسك باطلاق الآية و الروايات لإثبات وجوب الخمس في الارض المغنومة على اساس ما ذكرناه من النظرية.

و ثانيتهما:ان المراد من المخالفة للكتاب بمناسبة الحكم و الموضوع هو المخالفة لمدلوله اللفظي عموما او خصوصا،و اما الاطلاق فهو

الاراضی 229)


ليس بمدلول لفظي له،لأنه انما يثبت بواسطة مقدمات الحكمة التي يكون الحاكم بها هو العقل،و بالتالي يرجع الاطلاق الى مدلول عقلي.

و الجواب عنها:ان الاطلاق و ان كان يثبت بمعونة مقدمات الحكمة الا ان ذلك لا يوجب كون الاطلاق مدلولا عقليا،لا لفظيا و ذلك لان الاطلاق لدى العرف عبارة عن ظهور اللفظ في معنى بلا قيد، غاية الامر ان ظهوره فيه لا يمكن ان يكون بلا سبب و منشأ، فالسبب له قد يكون هو الوضع كما في ظهور العام في العموم او نحوه،و قد يكون مقامات الحكمة،فمقدمات الحكمة تؤهل اللفظ الدلالة على الاطلاق و الظهور فيه.لا انه مدلول المقدمات نفسها، كما ان الوضع يؤهل اللفظ للدلالة على العموم.

فالنتيجة في نهاية الشوط:ان الاطلاق مدلول اللفظ كالعموم، و نسبة الاطلاق الى مقدمات الحكمة بنكتة انها حيثية تعليلية له كالوضع الذي هو حيثية تعليلية لدلالة اللفظ على المعنى الموضوع له.فاذن مخالفة اطلاق الكتاب مخالفة له،و مشمولة لما دل على ان المخالف للكتاب باطل و غير معتبر.

و اما المجموعة الثانية-و هي الروايات الواردة لبيان ما يتعلق بالاراضي الخراجية من الاحكام و الآثار-.

فمنها:رواية صفوان و أبي نصر قالا:ذكرنا له الكوفة و ما وضع عليها من الخراج و ما سار فيها اهل بيته فقال:(من اسلم طوعا تركت ارضه في يده الى ان قال،و ما اخذ بالسيف فكذلك الى الامام يقبله بالذي يرى،كما صنع رسول اللّه(ص)بخيبر قبل سوادها و بياضها يعني-ارضها و نخلها-و الناس يقولون لا تصلح قبالة الأرض و النخل،و قد قبل رسول اللّه(ص)خيبر،قال:و على

الاراضی 230)


المتقبلين سوى قبالة الارض العشر و نصف العشر في حصصهم الحديث 1

و منها:صحيحة أبي نصر قال:ذكرت لأبي الحسن الرضا(ع) الخراج و ما سار به اهل بيته فقال:(العشر و نصف العشر على من اسلم طوعا و تركت ارضه بيده الى ان قال:و ما اخذ بالسيف فذلك الى الامام(ع)يقبله بالذى يرى،كما صنع رسول اللّه(ص) بخيبر قبل ارضها و نخلها،و الناس يقولون لا تصلح قبالة الارض و النخل اذا كان البياض اكثر من السواد،و قد قبل رسول اللّه(ص) خيبر،و عليهم في حصصهم العشر و نصف العشر 2.

و منها:غيرهما.

و هاتان الروايتان:تدل ن على امرين:

احدهما:ان امر الارض المفتوحة عنوة بيد الامام(ع)فله ان يقبلها بالذي يرى.

و الاخر:ان على المتقبلين في حصصهم من حاصل الارض الزكاة من العشر او نصف العشر،و لا نظر لهما الى تعلق الخمس بها او عدم تعلقه اصلا،و من الطبيعي ان ثبوت الامرين المزبورين لا ينافي كون خمس تلك الارض(للّه و للرسول و لذي القربى)بل هو يلائم ذلك على اساس ان امر الخمس أيضا بيد الامام(ع) فله ان يقبله بالذي يرى،فاذن لا فرق بين خمس تلك الارض و اربعة اخماسها الأخر من ناحية الحكمين المذكورين فيهما يعني -كما ان امر اربعة اخماسها بيد الامام(ع)كذلك امر خمسها و كما ان على المتقبلين العشر أو نصف العشر بالاضافة الى اربعة اخماسها،كذلك بالاضافة الى خمسها-.


 

1) <page number=”230″ />الوسائل ج 11 الباب 72 من ابواب جهاد العدو الحديث 1
2) الوسائل ج 11 الباب 72 من ابواب جهاد العدو الحديث 2

 

الاراضی 231)


و بكلمة اخرى؛ان نظر الروايتين-في بيان ان امر الارض المغنومة بيد الامام(ع)و له ان يقبلها بالذي يرى-انما هو لنكتة دفع توهم الناس بان الارض المغنومة التي يكون بياضها اكثر من سوادها لا تصلح للقبالة فلا نظر لها الى جهة اخرى متعلقة برقبة الارض لا نفيا و لا اثباتا.

و بعد بيان ذلك بيّن الامام(ع)فيهما الحكم المتعلق بنتاج تلك الارض-و هو وجوب الزكاة من العشر او نصف العشر-فليس في مقام بيان ما يتعلق برقبة الارض من الحكم.و من الطبيعي ان سكوت الامام(ع)فيهما عن بيان ما عدى وجوب الزكاة المتعلقة بنتاج الارض لا يوجب ظهورهما في الاطلاق،و نفى الخمس عن رقبة الارض،فانها موضوع آخر و لا يكون الامام(ع)في مقام بيان حكم ذاك الموضوع،و انما هو في مقام بيان حكم موضوع آخر-و هو نتاج الارض-و السكوت في مقام البيان انما يوجب ظهور الكلام في الاطلاق و نفي الحكم الآخر عن الموضوع الذي يكون المتكلم في مقام بيان حكمه و اثره،لا موضوع آخر الذي لا يكون المتكلم في مقام بيان حكمه.

و الحاصل:ان هنا موضوعين:

احدهما:رقبة الارض.

و الآخر:نتاجها و الامام(ع)انما هو في مقام بيان ما يتعلق بالموضوع الثاني،دون الموضوع الاول،و من الطبيعي ان سكوته(ع) هنا في مقام البيان انما يدل على العدم في ذلك الموضوع،دون ما لم يكن في مقام بيان حكمه.

و لو تنزلنا عن ذلك:و سلمنا ان للروايتين اطلاقا-يكون

الاراضی 232)


مقتضاه نفي تعلق الخمس بالارض المفتوحة عنوة-فهل يمكن تقديم اطلاقهما على اطلاق الآية و النصوص المشار اليها سابقا بملاك انهما اخص منهما،أو بالعكس بملاك ان منشأ اطلاقهما السكوت في مقام البيان و هو لا يصلح ان يكون قرينة على تقييد الاطلاق اللفظي؟ فيه وجهان:

الظاهر:هو الوجه الاول،و ذلك لان الخاص لدى الارتكاز القطعي العرفي يتقدم على العام و ان كانت دلالته بالاطلاق الناشي من السكوت في مقام البيان،و دلالة العام بالوضع،لأنه لدى العرف قرينة،و من الطبيعي ان القرينة تتقدم على ذي القرينة مطلقا اي-من دون ملاحظة ترجيح بينهما-كيف فان مرد هذا التقديم في الحقيقة الى الحكومة.

و من هنا:اذا ورد في الدليل(اكرم كل عالم)و ورد في دليل آخر(لا تكرم عالما فاسقا)لم يتأمل احد في تقديم الثاني على الاول رغم ان دلالة الخاص بالاطلاق و مقدمات الحكمة،و دلالة العام بالوضع، لان الخاص بنظر العرف اقوى من العام مهما كان منشأ دلالته بنكتة انه عندهم قرينة على المراد و مفسر له في الحقيقة.

و عليه ففيما نحن فيه يتقدم اطلاقهما على اطلاق الآية في مورد الالتقاء و الاجتماع باعتبار انهما اخص موردا من الآية مطلقا و ان فرض ان دلالة الآية على العموم بالوضع-على اساس اشتمالها على كلمة(من شيء)-فان الخاص لدى العرف قرينة على التصرف في العام و بيان المراد منه،و القرينة تتقدم على ذيها بلا ملاحظة ترجيح في البين من هذه الناحية،و حينئذ فلا فرق بين ان يكون ظهور الخاص في مدلوله من ناحية الوضع،او من ناحية

الاراضی 233)


الاطلاق و لو كان منشأه السكوت في مقام البيان.فان كل ذلك لا دخل له بما هو ملاك التقديم.هذا

مع ان دلالة الآية على العموم بالوضع من ناحية اشتمالها على تلك الكلمة محل اشكال،بل منع،فان الظاهر ان دلالتها عليه انما هي بالاطلاق و مقدمات الحكمة.

و من ذلك:يظهر الفرق بين هذه المجموعة و المجموعة المتقدمة فان النسبة بين تلك المجموعة و الاية بلحاظ مورد الالتقاء و الاجتماع عموم من وجه،فان الآية تدل على ان خمس الارض ملك للّه و للرسول لا للمسلمين،و تلك المجموعة تدل على انه ملك للمسلمين كبقية اخماسها.و هذا بخلاف المقام،فان هذه المجموعة تدل باطلاقها على نفي الخمس عن الارض المفتوحة عنوة،و الآية تدل على ثبوته في الغنائم التي تشمل الارض أيضا فتكون النسبة بينهما عموما مطلقا،و من الواضح ان ملاك كون النسبة بين الدليلين عموما مطلقا،او من وجه،او التباين انما هو بملاحظة لسانهما معا نفيا و اثباتا،عموما او خصوصا و بذلك يظهر حالهما بالاضافة الى النصوص المتقدمة

فالنتيجة في نهاية المطاف:انه لا مانع من التمسك باطلاق الاية و النصوص السابقة،لإثبات ان الارض المفتوحة عنوة متعلقة للخمس.

الرابع ما قيل،من ان الروايات الدالة على تعلق الخمس بالغنيمة بينما يكون ضعيفا سندا كروايات حصر الخمس في خمسة و رواية أبي بصير،او ساقطا من ناحية المعارضة كصحيحة ابن سنان (ليس الخمس الا في الغنائم خاصة)او محفوفا بالقرينة على الاختصاص بغير الارض من الغنائم كالروايات الدالة على اخراج الخمس من الغنيمة و تقسيم الباقي على المقاتلين،فانه قرينة على الاختصاص.

الاراضی 234)


و الجواب عن ذلك:ان روايات الحصر ليست باجمعها ضعيفة سندا،فان فيها ما يكون معتبرا بحسب السند-و هو صحيحة عمار بن مروان-قال:سمعت أبا عبد اللّه(ع)يقول:(فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس) 1نعم غير هذه الصحيحة من تلك الروايات ضعيفة فلا يمكن الاستدلال بشيء منها.

و اما صحيحة عبد اللّه بن سنان قال:سمعت أبا عبد اللّه(ع) يقول:(ليس الخمس الا في الغنائم خاصة) 2فانها لا تسقط نهائيا،لان فيها ثلاثة احتمالات:

الاول:ان يكون المراد من الغنائم فيها مطلق الفائدة،لا خصوص غنائم دار الحرب،فعندئذ لا معارضة بينها و بين غيرها من الروايات الدالة على وجوب الخمس في غير غنائم الحرب من الفوائد.

الثاني:ان تكون الصحيحة في مقام بيان ان فريضة الخمس التي فرضها اللّه تعالى في كتابه العزيز منحصرة بغنائم الحرب دون غيرها من الفائد كالمعادن،و ارباح التجارات،و ما شاكل ذلك، فان وجوب الخمس فيها قد ثبت بالسنة و الروايات،لا بالكتاب.

و ان شئت قلت:ان الآية الكريمة و لو بقرينة السياق ظاهرة في ان المراد من الغنيمة فيها هو غنيمة دار الحرب،و عليه فالخمس الذي فرضه اللّه تعالى بنص القران انما هو خمس الغنيمة المزبورة دون مطلق الفائدة،فالصحيحة على اساس انها في مقام بيان ذاك الخمس الموجود في الكتاب و حصره بما عرفناه فلا تدل على نفي


 

1) <page number=”234″ />الوسائل ج 6 الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث 6
2) الوسائل ج 6 الباب 31 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث 1

 

الاراضی 235)


ثبوته في غيرها من الفوائد بالسنة و انما تدل على نفي ثبوته بالكتاب فاذن لا تنافي بينها و بين غيرها من الروايات الدالة على وجوبه في مطلق الفائدة.

الثالث:ان الصحيحة تنحل الى قضيتين:

الاولى:قضية ابجابية-و هي وجوب الخمس في غنائم دار الحرب- الثانية:قضية سلبية و هي عدم وجوب الخمس في غيرها من الفوائد-و هذه القضية على اساس اطلاقها تنافي النصوص الخاصة الدالة على وجوب الخمس في تلك الفوائد كالمعادن،و الغوص، و ارباح التجارات،و نحو ذلك،و هذه النصوص بما انها واردة في الموارد الخاصة فبمقتضى الارتكاز العرفي توجب تقييد اطلاقها بغير تلك الموارد،فاذن يبقى تحت اطلاقها من الفوائد:الديات،و المهور و الارث،و ما شاكل ذلك

و دعوى:-انها نص في مدلولها و لأجل ذلك غير قابلة للتقييد يعني ان لسانها آب عنه-خاطئة جدا،و ذلك لأنها و ان كانت نصا في اصل مدلولها الا ان تلك النصوص لا تنافيه،و انما تنافي اطلاقها و من الطبيعي ان اطلاقها غير آب عن التقييد،و لا يكون هذا من تخصيص الاكثر فان مطلق ذلك ليس ممنوعا لدى العرف،و انما الممنوع منه هو ما اذا وصل الى حد الاستهجان لديهم،و الواصل الى هذا الحد انما هو فيما اذا كان الباقي تحت العام قليلا جدا و فردا نادرا،و ما نحن فيه ليس كذلك،فان الباقي تحته بعد التخصيص كثير جدا في حد نفسه كما عرفت،فليس هذا من تخصيص الاكثر المستهجن عرفا.

و بعد ذلك نقول:ان الاقرب لدى العرف من هذه الاحتمالات

الاراضی 236)


هو الاحتمال الاخير،دون الاحتمالين الاولين،فان الالتزام بكل منهما بحاجة الى وجود قرينة على ذلك،و لا قرينة اصلا،و عليه فلو قطعنا النظر عن الاحتمال الاخير فلا بد من الحكم بسقوط الصحيحة من جهة المعارضة،و ذلك للقطع بوجوب الخمس في غير غنائم دار الحرب على اساس العلم بصدور بعض تلك النصوص عن الامام(ع)اجمالا و لا يمكن الاخذ باحد الاحتمالين المزبورين، لعدم مساعدة العرف على ذلك على اساس انه ليس من الجمع العرفي بينها و بين تلك النصوص الخاصة.هذا اضافة الى ان الاحتمال الثاني مبني على اختصاص الآية بغنائم دار الحرب و هو لا يخلو من اشكال بل منع لعدم الموجب له كما عرفت سابقا.

فالنتيجة:انه لا موجب لسقوط الصحيحة نهائيا اي-بحسب المفهوم و المنطوق معا-.

و اما رواية أبي بصير:فلا يمكن الاستدلال بها،لضعفها سندا بعلي بن أبي حمزة.

و اما الروايات التي تتضمن تقسيم الغنائم فان بعضها و ان كان مما لا بأس به سندا،الا انك عرفت ان التقسيم فيها بحد نفسه قرينة على الاختصاص بغير الارض من الغنائم فلا تشمل الارض.

ثم اننا اذا افترضنا:ان روايات الباب بشتى اصنافها و اشكالها ساقطة من ناحية ما عرفت،و لا يمكن الاستدلال بشيء منها الا انه يكفينا في المقام اطلاق الآية الكريمة،فان مقتضاه تعلق الخمس بالغنائم و لو كانت ارضا.

فالنتيجة في نهاية المطاف:ان الصحيح ما هو المشهور بين الاصحاب من القول بتعلق الخمس بالارض المفتوحة عنوة.

الاراضی 237)


النقطة الثانية
لا شبهة في ثبوت علاقة المسلمين بالارض المفتوحة عنوة و انما
الكلام و الاشكال في مستوى تلك العلاقة،

هل هي على مستوى الملك او الحق؟هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:انه على تقدير كون علاقة المسلمين بها على مستوى الملك،فهل المالك للرقبة كل فرد من آحاد المسلمين على سبيل الاشاعة،او المالك طبيعي المسلمين.

يقع الكلام في مرحلتين

الاولى:ان اختصاص المسلمين بها هل هو على مستوى الملك، او على مستوى الحق؟.

الثانية:ان المالك لها هل هو الافراد و الآحاد او الطبيعي؟.

اما المرحلة الاولى:ففيها قولان:

احدهما:انها ملك عام للامة.

و الآخر:انها معدة لمصالح الامة.

اما القول الاول فهو المعروف و المشهور بين الاصحاب،و تدل عليه مجموعة من نصوص الباب،حيث ان المتفاهم منها لدى العرف هو ملكية الرقبة للأمة،فان كلمة اللام او اضافة الارض اليهم تشهد على ذلك اذا لم تكن قرينة على ان العلاقة بها لمجرد الاختصاص الحقي و المصرفي.

و اما ما في مرسلة حماد بن عيسى-من قوله:(و الارضون التي اخذت عنوة بخيل او ركاب فهي موقوفة متروكة)الحديث 1.


 

1) <page number=”237″ />الوسائل ج 11 الباب 41 من ابواب جهاد العدو الحديث 2.

 

الاراضی 238)


ففيه انه لا ينافي الملك.فان المراد من الوقف هنا لا محالة يكون هو الحبس بالمعنى الذي سوف نبيّن في ضمن البحوث القادمة، لا الوقف الشرعي فانه غير محتمل نهائيا،و من الطبيعي ان الحبس بالمعنى الآتي لا ينافي الملك اصلا.هذا اضافة الى ان الرواية ساقطة سندا من ناحية الارسال فلا يمكن الاستدلال بها.

و اما القول الثاني:فقد نقل عن جماعة:منهم الشهيد و المحقق الأردبيلي و السبزواري(قد هم).

و لكن لا يمكن الاخذ به.

اما اولا:فلان هذا القول مخالف لظاهر النصوص الدالة على ملكية الارض للمسلمين،و لا يمكن حملها على ان علاقتهم بها تكون على مستوى المصرفية فحسب الا اذا كانت هناك قرينة على ذلك،و الفرض عدمها.

و اما ثانيا:فعلى تقدير تسليم انها ليست ملكا لهم فعندئذ ان اريد انها كانت كالمباحات الاصلية-التي يكون الناس فيها شرع سواء،غاية الامر ان من قام باستثمارها يملك الرقبة و يكون الحاصل مشتركا بينه و بين غيره من المسلمين على حسب ما جعله ولي الأمر من النصف او الثلث او نحو ذلك في الاراضي المزبورة-

فيردّه:ان ذلك خلاف الضرورة الفقهية،و النصوص الشرعية بداهة ان حال تلك الاراضي ليس كحال الاراضي المباحة،كيف فان مرد ذلك الى ان لا علاقة للمسلمين بها نهائيا-لا على مستوى الملك،و لا مستوى الحق-و هو غير محتمل جزما،حيث ان لازم ذلك طرح جميع روايات الباب التي تدل على ان للمسلمين علاقة بها من ناحية،و طرح التسالم على ذلك من الاصحاب من ناحية اخرى

الاراضی 239)


و أيضا:لو كانت تلك الاراضي مباحة فما هو الدليل على وجوب الخراج عليها،لان ما دل على ذلك انما هو في فرض كونها ملكا للمسلمين،لا مطلقا.

فالنتيجة:ان لازم هذا الفرض الغاء جميع احكامها الخاصة الثابتة لها.

منها:عدم جواز بيع رقبتها.

و منها:عدم انتقالها ارثا.

و منها:وجوب الخراج عليها،الى غيرها من الاحكام المترتبة عليها على اساس انها ملك عام للمسلمين.

و ان اريد بذلك:-كون المسلمين مصرفا لتلك الاراضي بمعنى ان ما يستثمر منها يصرف في مصالحهم العامة،و لا يحق لأي احد التصرف فيها على حساب مصلحته خاصة.

و بكلمة اخرى:ان علاقة الأمة بها انما هي على مستوى المصرفية فحسب،و هذا يعني:ان الارض محبوسة عليهم،و يصرف نتاجها في مصالحهم على حسب ما يراه الامام(ع)او نائبه-فهو و ان كان ممكنا في نفسه الا ان اتمامه بالدليل لا يمكن،لما عرفت من ان نصوص الباب ظاهرة في ان علاقة الأمة بها على مستوى الملك، و الفرض عدم دليل آخر في المسألة.

فالنتيجة:انه لا يمكن اتمام هذا القول بدليل.

الصحيح:هو القول الاول.

و اما ما عن المحقق الاصفهاني(قده):من ان المسلمين لا يعقل ان يكونوا مصرفا على حد مصرفية الفقير في باب الزكاة في مقابل القول بشركته مع المالك،و ذكر في وجه ذلك ان الارض بعد

الاراضی 240)


خروجها عن ملك الكافر بالفتح عنوة لا يعقل بقائها بلا مالك،بل لا بد من الالتزام بملكيتها للمسلمين بنحو من الأنحاء،و لا يمكن الالتزام بملكيتها لمن استولى عليها و ان كان باذن الامام(ع)، لعدم الدليل-.

فيرد عليه:انه لا محذور في الالتزام ببقائها بلا مالك لرقبتها بعد خروجها عن ملك الكفار اذا افترضنا ان الدليل لا يساعد على تملك المسلمين لها بالفتح خارجا كما هو اساس هذا القول،و من الطبيعي انه لا ملازمة شرعا بين خروجها عن ملك الكفار و دخولها في ملك الأمة بنحو من الانحاء،فانها بحاجة الى دليل،فاذن لا مانع من الالتزام ببقائها بلا مالك،غاية الامر انها تصبح بعد الفتح محبوسة عليهم،و تصرف مواردها في مصالحهم العامة.

و اما عدم جواز التصرف و الاستيلاء عليها من كل احد الا باذن الامام(ع)فهو انما يكون من ناحية تعلق حق الأمة بها على مستوى المصرفية،و من الطبيعي ان هذا المقدار من الحق كاف للمنع عن تصرف كل فرد فيها بما شاء و اراد.

فالنتيجة في نهاية الشوط:ان العمدة في المقام ما ذكرناه من ان ظاهر النصوص هو ملكية الارض للمسلمين،و بقطع النظر عن هذا الظاهر فلا مانع من الالتزام بعدم الملك و كونها معدّة لمصالحهم العامة على نحو يكون المسلمون مصرفا لها.

و من هنا يظهر ان ما قيل-من ان حال الارض المفتوحة عنوة كثلث الميت فيما اذا عيّنه لصرف منافعه و موارده في مصرف خاص فانه لا يكون ملكا للميت،و لا للوصي-لا يمكن اتمامه بوجه فان كون الارض المزبورة كثلث الميت فيما ذكر بحاجة الى دليل و لم

الاراضی 241)


يدلنا دليل عليه،بل قد مر بنا ان ظاهر نصوص الباب هو ملكية الارض للمسلمين.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:ان الامر في المقيس عليه أيضا ليس كذلك فانه اذا اوصى شخص بثلث ماله فقد ظل في ملكه،و لا يخرج عنه بموته،لعدم المقتضى لذلك.

ثم انك قد عرفت:ما عن المحقق الأردبيلي(قده)من اختيار هذا القول-و هو كون المسلمين مصرفا لتلك الاراضي-.

و قد نسب اليه المناقشة في مالكية الامة للأرض بوجهين:

احدهما ان الارض لو كانت ملكا عاما لهم لترتبت آثار على ملكيتها كجواز نقلها عينا ببيع او نحوه،و جواز ارثها،او ما شاكل ذلك،رغم ان شيئا من تلك الآثار لا يترتب عليها،و هذا بحد نفسه دليل على عدم الملكية.

و الجواب عنه،ان هذه المناقشة ترتكز على اساس ان تكون ملكية المسلمين للأرض على نحو الاستغراق مشاعا.و اما لو قلنا:

بان المالك لها هو طبيعي الأمة،لا الآحاد،كما هو الحال في بابي الزكاة و الخمس،حيث ان المالك في الاول هو طبيعي الفقير،و في الثاني هو طبيعي السادة،لا الافراد،فحينئذ عدم ترتب تلك الآثار لا تكشف عن عدم الملك اصلا.

هذا اضافة:الى ان عدم ترتبها لا يكشف عن عدم ملكية الآحاد أيضا،لما سوف نشير اليه من انه انما يكشف عن ان ملكيتها ليست ملكية مطلقة و حرّة،بل هي ملكية مقيدة و غير حرّة من ناحية الآثار المزبورة.

و الآخر:ان الارض لو كانت ملكا للامة لم يجز تقبيلها و اجارتها

الاراضی 242)


من آحاد المسلمين،لفرض اشتراك الجميع فيها على سبيل الاشاعة، و من المعلوم انه لا يجوز تصرف احد في المال المشترك سواء أ كان من التصرفات الخارجية أم كان من التصرفات الاعتبارية.

و الجواب عنه:ان الاجارة في المال المشترك انما لا تصح بالاضافة الى الاعم من حصته و حصة غيره،او بالاضافة الى الجزء المعين منه و اما بالاضافة الى حصته على نحو الاشاعة فلا مانع منها اصلا، ضرورة انه تصح اجارة احد الشركين حصته المشاعة.

هذا اضافة:الى ان هذه المناقشة لو تمت فانما تتم على اساس ان تكون الارض ملكا لآحاد المسلمين.و اما لو قلنا بانها ملك للطبيعي فتنتفي المناقشة بانتفاء موضوعها.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:انها لا تتم على هذا القول أيضا لما ستعرف من ان عدم جواز الاجارة او نحوها انما هو يقوم على اساس ان ملكية آحاد الأمة للأرض لم تكن ملكية مطلقة و حرّة،بل هي ملكية مقيدة محبوسة فلا يحق لأي واحد منهم ان يقوم بالتصرف فيها بدون اذن الامام(ع).

فالنتيجة:ان هذه المناقشة لا اساس لها.

و اما المرحلة الثانية-و هي كيفية تملك المسلمين للأرض المفتوحة عنوة-ففيها:قولان:

الاول:انها ملك للطبيعي،نظير ما ذكر في باب الزكاة و الخمس.

الثاني:انها ملك للآحاد.

و قد استدل للأول:بان الثاني يستلزم محاذير لا يمكن الالتزام بشيء منها:

احدها:ان لازم الالتزام بالقول الثاني جواز قيام كل من

الاراضی 243)


آحاد المسلمين بنقل حصته من الارض المذكورة الى غيره بهبة او بيع او ما شاكل ذلك،مع انه لا شبهة في عدم جواز قيامه بذلك نهائيا و سوف نشير اليه في ضمن البحوث الآتية.

و الاخر:ان لازمه جواز تلقي كل من آحاد الأمة نصيب اقربائه بالوراثة و هو باطل جزما،ضرورة انها لا تنتقل بالارث.

الثالث:ان لازمه عدم وجوب الخراج على المزارعين في تلك الاراضي نظرا الى ان تصرفهم فيها كان تصرفا في املاكهم فلا مقتضى لوجوب الخراج،رغم انه لا شبهة في وجوبه على كل من يقوم باستثمارها و الانتفاع بها.

فهذه اللوازم تدلنا على بطلان القول الثاني،فاذن لا مناص من الالتزام بالقول الاول بعد بطلان القول بعدم الملك نهائيا.

و غير خفي ان عدم ترتب تلك اللوازم على ملكية المسلمين للأرض لا يكشف كشفا جزميا عن ان ملكيتهم لها لم تكن على سبيل الاستغراق فانه لا مانع من الالتزام بذلك رغم ان تلك اللوازم غير مترتبة عليها.

فلنا:دعويان:

الاولى:ان مالك الارض انما هو آحاد المسلمين،لا الطبيعي.

الثانية ان عدم ترتب تلك اللوازم لا ينافي الالتزام بهذا القول.

اما الدعوى الاولى:فلان الظاهر-من الروايات:منها صحيحة الحلبي المتقدمة-هو ملكية الارض لآحاد الأمة،لا للطبيعي،فان الحمل عليه بحاجة الى دليل،و لا دليل عليه كما سوف نشير اليه.

و اما الدعوى الثانية:فلان ملكية المسلمين لها لم تكن ملكية مطلقة و حرّة،بل هي ملكية مقيدة محبوسة و غير حرّة فلا يحق لأي واحد من آحاد الأمة ان يقوم بالتصرف فيها كيف ما شاء و اراد

الاراضی 244)


بدون اذن الامام(ع).

و تدل على ذلك:مجموعة من الروايات:

منها:صحيحة أبي نصر المتقدمة في صدر المسألة.التي تدل على ان امر الارض المزبورة بيد الامام(ع)و من الطبيعي ان مرد ذلك الى انه ليس لكل فرد ان يتصرف فيها ما شاء الا في دائرة الخطوط المبينة من قبله(ع)في ضمن النصوص الشرعية.

و منها:غيرها من الروايات التي ستأتي الاشارة اليها في ضمن الابحاث القادمة.

و لكن قد يستشكل في ذلك بان قوله(ع)في صحيحة الحلبي المتقدمة(هو لجميع المسلمين)و ان كان ظاهرا في ملكية الارض لآحاد الامة،الا انه لا يمكن الاخذ بهذا الظهور بقرينة قوله(ع) في نفس تلك الصحيحة بعده(و لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم و لمن لم يخلق بعد)فان المعدوم لا يعقل ان يملك شيئا،و كذا من لم يدخل في الإسلام بعد ان يملك شيئا بعنوان الدخول فيه،فاذن لا بد من الالتزام باحد امرين:

اما ان نلتزم بملكية الارض لآحاد الموجودين من المسلمين طبقة بعد طبقة لكن ملكية محبوسة و غير حرة.

او نلتزم بملكيتها لطبيعي المسلمين،و كلا الامرين محتمل،و لا ظهور للصحيحة في احدهما.

و لكن لا يخفى ما فيه:فان قوله(ع)(و لمن يدخل في الإسلام و لمن لم يخلق بعد)تصريح بما هو مدلول الاطلاق و مفاده-و هو امتداد الحكم في القضية الى يوم القيامة و عدم اختصاصه بزمان التشريع فحسب-و معنى ذلك كما ذكرناه ان الملكية مجعولة

الاراضی 245)


لآحاد المسلمين على سبيل القضية الحقيقية فلا تختص بالآحاد الموجودين في عصر التشريع،و عليه فبطبيعة الحال تصبح الملكية فعلية بفعلية موضوعها كما هو شأن كل حكم مجعول على نحو القضية الحقيقية،و ليس معنى ذلك جعل الملكية فعلا للمعدوم،او لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم بعنوان الدخول فيه،فانه غير معقول،و كيف كان فلا شبهة في ظهور الصحيحة-لدى العرف-في ان جعل الملكية فيها لآحاد الأمة على نحو القضية الحقيقية،و القول المزبور له(ع) فيها تأكيد لما هو مفاد القضية.

و من الواضح:ان القضية الحقيقية غير القضية الطبيعية،فان الحكم في الاولى ثابت للأفراد حقيقة،و في الثانية ثابت للطبيعي بما هو،و لا علاقة له بالافراد اصلا.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى ان نصوص الباب كما هي ظاهرة في ان مالك الارض المفتوحة عنوة آحاد المسلمين على نحو الاستغراق كذلك هي ظاهرة في ان ملكيتهم لها غير محبوسة و مطلقة و حرّة.

و لكن بما ان الجمع بين هذين الظهورين لا يمكن فلا بد من رفع اليد عن احدهما.و من الطبيعي ان رفع اليد عن كل منهما بحاجة الى قرينة،فكما ان رفع اليد عن ظهورها في الجهة الاولى و حملها على ان المالك هو الطبيعي لا الافراد بحاجة الى قرينة فكذلك رفع اليد عن ظهورها في الجهة الثانية و حمل الملك فيها على الملك المحبوس،فاذن لا بد من النظر في النصوص الواردة في المسألة لنرى هل يتوفر فيها ما يكون قرينة على التصرف في الجهة الاولى،او التصرف في الجهة الثانية.

و هذه النصوص تصنّف الى مجموعتين:

الاراضی 246)


احداهما:تدل على انه لا يحق لأي فرد من الأمة ان يقوم بنقل رقبة الارض الى غيره ببيع او هبة او ما شاكل ذلك،و ستأتي الاشارة الى هذه المجموعة في ضمن البحث عن النقطة الثالثة.

و الاخرى:تدل على ان امرها بيد الامام(ع)و قد تقدمت روايتان من هذه المجموعة.

و هاتان المجموعتان كما تنسجمان مع كون الارض المفتوحة عنوة ملكا لطبيعي الأمة،كذلك تنسجمان مع كونها ملكا لآحاد الأمة و لكن ملكا محبوسا و غير حرّ،فانه على كلا التقديرين لا يحق لأي فرد منهم ان يقوم بنقل رقبتها ببيع او نحوه،كما انها غير قابلة للانتقال بالارث،و كذا لا يحق لان يقوم باستثمارها و استغلالها بدون اذن الامام(ع)او نائبه،الا ان الكلام في انهما قرينتان على رفع اليد عن ظهور النصوص في الجهة الاولى،و حمل الملك فيها على ملك الطبيعي،او قرينتان على رفع اليد عن ظهورها في الجهة الثانية و حمل الملك فيها على الملك المحبوس و غير الحرّ و الظاهر انهما قرينتان على الجهة الثانية يعنى-رفع اليد عن ظهورها في الملكية الحرّة و المطلقة-و ذلك لأنهما لا تدلان على ان هذا الملك ملك للطبيعي،دون الآحاد حتى تكونا منافيتين لدلالة النصوص المزبورة على انها ملك للآحاد،بل انهما تدلان على ان الاحكام المشار اليها لا تترتب على هذا الملك،و هذا لا ينافي كونه ملكا للآحاد على سبيل الاستغراق،و مع ذلك لا تترتب تلك الاحكام عليه على اساس انه ملك محبوس و غير طلق،فاذا افترضنا ان تلك النصوص ظاهرة في انها ملك لآحاد الأمة،لا للطبيعي فلا مناص من الاخذ بهذا الظهور لعدم المعارض و المنافي له فتكون هاتان المجموعتان قرينتين على الحبس

الاراضی 247)


فالنتيجة في نهاية المطاف:ان مقتضى الجمع بين مجموعات من نصوص الباب ان الارض المفتوحة عنوة ملك عام لآحاد المسلمين، لا للطبيعي منهم،غاية الامر ان ملكيتها ملكية محبوسة بالمعنى الذي عرفت

ثم انه على القول الاول:-و هو ملكية الارض للطبيعي-لا علاقة للفرد بها اصلا،لا على مستوى الملك،و لا على مستوى الحق،و انما كانت العلاقة بها للطبيعي على مستوى الملك من دون دخل لخصوصية الافراد فيها.

و على ضوء هذا القول:فعدم ترتب اللوازم المزبورة كان على وفق القاعدة فلا يحتاج الى دليل،و هذا بخلاف القول الثاني، فان عدم ترتبها ليس-من ناحية عدم الموضوع لها،بل من ناحية وجود المانع-و هو ان الملكية ملكية محدودة محبوسة من قبل الشرع- فلذا يحتاج الى دليل.

نتيجة هذا البحث عدة نقاط:

الاولى:الظاهر بمقتضى مجموعة من النصوص هو ان الارض
المفتوحة عنوة داخلة في نطاق ملكية المسلمين،

و لا وجه للقول بانها معدّة للصرف في مصالحهم فحسب من دون كونها داخلة في ملكيتهم.

الثانية:ان ما عن المحقق الأردبيلي(قده)-من المناقشة في
ملكيتها للأمة على أساس أن لازمها الإرث و جواز البيع و ما شاكل
ذلك من الآثار

مع انه لا شبهة في عدم ترتب شيء منها عليها-فقد تقدم انه لا اساس لتلك المناقشة،و لا مانع من الالتزام بالملكية- رغم عدم ترتب شيء من تلك الآثار عليها.

الاراضی 248)


الثالثة:لا يبعد الالتزام بالقول بملكية الأرض لآحاد المسلمين
لا للطبيعي،

كما ذكر في بابي الزكاة و الخمس،و المحاذير التي ذكر لزومها على هذا القول فقد تقدم عدم لزوم شيء من تلك المحاذير عليه،فان لزومها انما هو فيما اذا قلنا بملكية مطلقة و حرّة.

و اما اذا قلنا بان ملكيتهم لها ملكية مقيدة و محدودة من قبل الشرع فلا موضوع لشيء منها،و قد ثبت تحديدها بمجموعة من روايات الباب.

الرابعة:قد تقدم ان مجموعة من النصوص ظاهرة في ان
ملكية الارض المفتوحة عنوة انما هي لآحاد المسلمين،لا للطبيعي
منهم،

و قد ذكرنا انه لا بد من الاخذ بهذا الظهور،لعدم المقتضى لرفع اليد عنه،و حمل الملك فيها على ملك الطبيعي،فانه بحاجة الى دليل.

النقطة الثالثة
هل يجوز بيع الارض المفتوحة عنوة او لا؟

فيه وجهان:

المعروف و المشهور بين الاصحاب قديما و حديثا بل المتسالم عليه عندهم هو الوجه الثاني.

و هذا هو الصحيح.

و تدل على ذلك:مجموعة من النصوص:

منها صحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد اللّه(ع)عن السواد ما منزلته فقال:هو لجميع المسلمين الى ان قال:و لمن لم يخلق بعد فقلت:الشراء من الدهاقين قال:لا يصلح الا ان تشرى منهم على ان يصيرها للمسلمين،فاذا شاء ولي الامر ان يأخذها اخذها.

الاراضی 249)


قلت:فان اخذها منه قال:يرد عليه رأس ماله،و له ما أكل من غلتها بما عمل 1.

فان قوله(ع)(لا يصلح)ظاهر لدى العرف في عدم صحة الشراء لظهور مثل هذه الكلمة عرفا في باب المعاملات في ذلك، و من الطبيعي ان عدم صحة الشراء منهم رغم انهم قائمون باستثمارها و استغلالها ليس الا من ناحية ان الارض لم تصر بذلك ملكا لهم، بل هي قد ظلّت في ملك المسلمين.

ثم ان هذه الجملة:تدل على عدم جواز شراء رقبة الارض، و اما شرائها على اساس ان لهم حقا فيها فلا مانع منه،فانه في الحقيقة ليس شراء للأرض،بل هو شراء لحقهم المتعلق بها.و قد ذكرنا ان حقيقة البيع تتكفل منح المشتري نفس العلاقة التي كانت للبائع بالمال في مقابل العلاقة التي كانت للمشتري بالثمن سواء أ كانت تلك العلاقة على مستوى الملك أم كانت على مستوى الحق.و اما اذا لم يكن لهم حق فيها فالشراء حينئذ لا محالة يكون صوريا يعني-انه مجرد اخذ الارض منهم و اعطاء العوض تحفظا على ملك المسلمين- و الاستدراك في قوله الا ان تشرى منهم على ان يصيرها للمسلمين يمكن ان يكون اشارة الى هذا الاحتمال و ان كان بعيدا كما لا يخفى.

و اما كلمة الصيرورة:فهي و ان كانت ظاهرة في انها تصبح ملكا للمسلمين بعد ما لم تكن الا ان هذا التعبير لعله لنكتة ان الدهاقين كانوا يعاملون مع الارض المذكورة معاملة الملك،فالشراء المزبور كأنه يجدّد الملك لهم.

هذا اضافة الى ان قوله(ع)في الصحيحة-فان شاء ولى


 

1) <page number=”249″ />الوسائل ج 12 الباب 21 من ابواب عقد البيع الحديث 4.

 

الاراضی 250)


الامر ان يأخذها اخذها-قرينة على انها ملك المسلمين،و لا صلة للشراء منهم في ذلك اصلا،بل لا يعقل ان تكون له صلة بذلك، لان الارض ان كانت ملكا للدّهاقين فبالشراء تصبح ملكا للمشتري لا للمسلمين،و ان كانت ملكا للأمة فلا يعقل شراء الرقبة منهم كما دل عليه قوله(ع)(لا يصلح).

فالنتيجة في نهاية الشوط ان الصحيحة تدل بوضوح على عدم جواز شراء رقبة الارض المفتوحة عنوة.

و منها:رواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه(ع)قال:

(لا تشتر من ارض السواد شيئا الا من كانت له ذمة فانما هو فيء للمسلمين) 1.

فانها تدل على عدم جواز شراء ارض السواد ممن كانت الارض بايديهم على اساس انها ملك للمسلمين.

نعم قد استثنى منها ارض من كانت له ذمة،و لعله باعتبار انها باقية في ملك اصحابها،نظرا الى ان لولي الأمر ان يترك ارض اهل الذمة في ايديهم على اساس قبولهم شرائط الذمة.

فالنتيجة:ان الرواية تامة من ناحية الدلالة الا انها ضعيفة من ناحية السند،فان في سندها خالد بن جرير،و أبي الربيع الشامي و كلاهما لم يوثق

و ما قيل:-من ان الراوي عن أبي الربيع الشامي هو خالد بن جرير و بما ان الراوي عن خالد بن جرير الحسن بن المحبوب و هو من اصحاب الاجماع فالرواية صحيحة-

خاطئ جدا و ذلك:


 

1) <page number=”250″ />الوسائل ج 12 الباب 41 من ابواب عقد البيع الحديث 5.

 

الاراضی 251)


اما اولا:فلانه لا كلية لقاعدة ان اصحاب الاجماع لا يروى الا عن ثقة،فانها على حساب الاحتمالات لا تتعدى عن قاعدة ظنية و لا تفيد الوثوق و الاطمئنان.

و اما ثانيا:فعلى تقدير تسليم ان القاعدة المزبورة تامة الا انها انما تتم في حق من يروى عنه ممن يكون من اصحاب الاجماع بشكل مباشر،دون من يروى عنه بواسطة،فانه خارج عن تلك القاعدة و عليه فالراوي عن خالد بن جرير بما انه الحسن بن المحبوب مباشرة فتدل روايته عنه على وثاقته،و اما روايته عن أبي الربيع الشامي فبما انها كانت بواسطة فلا تدل على وثاقته.

فتحصل مما ذكرناه ان الرواية ساقطة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها.نعم لا بأس بجعلها تأييدا للمسألة.

و منها:رواية أبي برده بن رجاء قال:قلت:لأبي عبد اللّه(ع) كيف ترى في شراء ارض الخراج قال:(و من يبيع ذلك هي ارض المسلمين قال:قلت:يبيعها الذي هي في يده قال:و يصنع بخراج المسلمين ما ذا،ثم قال:لا بأس اشترى حقه منها و يحول حق المسلمين عليه،و لعله يكون اقوى عليها،و املي بخراجهم منه) 1.

فانها تدل بوضوح على عدم جوز بيعها و شرائها،فان قوله(ع) و من يبيع ذلك استفهام توبيخي،لا حقيقي،و قوله(ع)و هي ارض المسلمين بيان لعلة المنع يعني-ان علة المنع عن الشراء و البيع هي كون الارض ملكا للمسلمين-.

و اما قول الراوي قلت:يبيعها الذي هي في يده فهو يدل على انه فهم الاستفهام الحقيقي،و لذا عيّن البائع،كما ان قول


 

1) <page number=”251″ />الوسائل ج 11 الباب 71 من ابواب جهاد العدد الحديث 1.

 

الاراضی 252)


الامام(ع)بعده(و يصنع بخراج المسلمين ما ذا)يدل بظاهره على ان المانع عن بيع الارض الخراجية و شرائها انما هو خراجها، فكل من يقوم به فلا مانع من بيعها منه،الا ان قوله(ع)بعد ذلك (لا بأس ان يشتري حقه منها)يدل على ان هذا الشراء غير الشراء الممنوع في صدرها،فان المراد منه شراء نفس الرقبة و هو ممنوع، و ليس لأحد ان يبيع نفس رقبتها،و المراد من هذا الشراء هو شراء الحق المتعلق بها و هو لا مانع منه،و هذا قرينة على ان المراد من قوله(ع)(و يصنع بخراج المسلمين ما ذا)ليس ما هو ظاهره، بل المراد منه جواز بيعها بما هي متعلقة للحق على اساس ان بيع الحق في حد نفسه و نقله الى طرف اضافة المشتري لا يمكن بدون نقل متعلقه فالمراد من بيع الارض بيعها بما فيها من الحق لا بيع رقبتها،فاذن لا تنافي بين هذه الجملة و صدر الرواية المقتضى لعدم جواز بيع رقبتها.

و على الجملة فتغيير العبارة في قوله(ع)(لا بأس ان يشتري حقه منها)يدل على تغيير الموضوع و اختلافه يعني-ان مالا يجوز بيعه و شرائه هو نفس رقبة الارض،و ما يجوز بيعه و شرائه هو الحق المتعلق بها،و قد عرفت معنى بيع الحق فيها-و اما حق المسلمين- و هو الطسق و الخراج-فبما انه تابع للأرض فلا محالة يحوّل على المشتري على اساس ان الارض اصبحت في يده،و عليه فلا تنافي بين صدر الرواية و ذيلها

فالنتيجة:انه لا بأس بالرواية من ناحية الدلالة الا انها ضعيفة من ناحية السند بأبي بردة بن رجا.

و دعوى-ان أبي بردة بن رجاء و ان لم يثبت توثيقه الا ان

الاراضی 253)


الراوي عنه لمّا كان صفوان بن يحيى و هو من اصحاب الاجماع فالرواية صحيحة-خاطئة جدا،لما عرفت من ان هذه القاعدة قاعدة ظنية لا تفيد الا الظن فلا يمكن الاعتماد عليها في التوثيقات.

و منها:مرسلة حماد بن عيسى عن بعض اصحابه عن أبي الحسن(ع) في حديث قال:(و الارضون التي اخذت عنوة بخيل او ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق الخراج:النصف او الثلث او الثلثين على قدر ما يكون لهم صلاحا،و لا يضرهم)الحديث 1.

فانها و ان كانت دلالتها على عدم جواز بيعها و شرائها على اساس انها محبوسة تامة الا انها ساقطة من ناحية الارسال فلا يمكن الاعتماد عليها.

فالنتيجة في نهاية المطاف:ان العمدة في المسألة انما هي الرواية الاولى،حيث انها تامة سندا و دلالة.دون بقية الروايات،فانها باجمعها ضعيفة السند من ناحية و ان كانت تامة من جهة الدلالة.نعم لا بأس بالتأييد بها

و قد تحصل مما ذكرناه:انه لا يجوز شراء الارض المفتوحة عنوة و بيعها يعني-انها غير قابلة لملكية الخاصة بالبيع او نحوه-.

و اما اجارتها،و مزارعتها،و غيرهما من التصرفات التي لا تنافي بقاء رقبتها في ملك المسلمين فلا مانع منها اذا كانت باذن ولي الامر عموما او خصوصا،كما ستأتي الاشارة الى ذلك في ضمن الابحاث القادمة.

و اما ما يظهر من بعض الروايات:جواز شرائها فلا بد من حملها على جواز شراء الحق المتعلق بها على اساس ان في نفس تلك


 

1) <page number=”253″ />الوسائل ج 11 الباب 41 من ابواب جهاد العدو الحديث 2.

 

الاراضی 254)


الروايات ما يكون قرينة على ذلك،و سوف نشير اليها.

و لعل النكتة:-في التعبير عن شراء الحق بشراء الارض-هي ان شراء الحق في نفسه و بقطع النظر عن متعلقه غير معقول،نظرا الى ان الحق غير قابل للنقل و الانتقال بدون متعلقه،و عليه فشراء الحق انما هو بشراء متعلقه.و قد تقدم ان البيع لا يتكفل ازيد من منح البائع نفس علاقته بالمبيع للمشتري في مقابل منح المشتري ماله من العلاقة بالثمن للبائع،و قد تكون هذه العلاقة على مستوى الملك،و قد تكون على مستوى الحق.

و ما نحن فيه من هذا القبيل،فان شراء الارض هنا بمعنى ان البائع قد منح المشتري نفس علاقته بالارض،و بما انها كانت على مستوى الحق فنفس هذه العلاقة تثبت له فتكون الارض بعد الشراء طرفا لعلاقة المشتري على مستوى الحق،فاذن لا تدل تلك الروايات على جواز شراء نفس رقبة الارض و انتقالها الى المشتري و هذا هو طريق الجمع بين الروايات الناهية عن الشراء،و الروايات المجوّزة له.

الى هنا قد استطعنا ان نخرج بهاتين النقطتين:

الاولى:ان الارض المفتوحة عنوة لم تقبل النقل و الانتقال بالبيع و الشراء و نحوهما على اساس ان المستفاد من مجموعة من الروايات ان ملكيتها للامة ملكية محدودة و محبوسة.

الثانية،ان ما يظهر من بعض الروايات جواز شرائها ليس بمعنى تمسك رقبتها،حيث قد عرفت ان كلا من البيع و الشراء لا يقتضي ذلك،و انما يقتضي قيام المشتري مقام البائع، و بالعكس فحسب.

الاراضی 255)


النقطة الرابعة
ان من يقوم بعمارة الارض المفتوحة عنوة و الانتفاع بها بزرع
او غرس،او بناء،

فانه و ان كان لا يملك رقبة الارض على اساس انها ملك للأمة الا ان الكلام في ان قيامه بهذه العملية هل يمنحه حقا فيها اولا؟فيه وجهان:

الظاهر هو التفصيل:بين ما اذا كان العامل بعمله في الارض و جهده فيها قد احدث حدثا فيها و وفر شروطا و فرصة للانتفاع بها و الاستفادة منها،و ما اذا لم يحدث فيها حدثا بجهده و عمله.

فعلى الاول:لا شبهة في ان العامل يملك تلك الشروط و الفرصة المتاحة له على اساس انها نتيجة عمله و جهده،فما دامت تلك الفرصة باقية في الارض فقد ظل حقه فيها،سواء أ كان ممارسا في الانتفاع بها أم لم يكن.هذا فيما اذا كانت الارض المفتوحة عنوة مواتا واضح.و اما اذا كانت عامرة سواء أ كانت طبيعيا أم كانت بشريا فهو يتوقف على ان يحدث العامل فيها حدثا،و يخلق فيها فرصة اكبر مما كانت الارض عليها،و حينئذ يملك العامل تلك الفرصة على اساس انها نتيجة عمله،و على اثر ذلك يحدث له حق فيها،و من المعلوم ان هذا الحق قابل للنقل و الانتقال.و عليه فيجوز لاخر ان يقوم بشرائه.

هذا اضافة:الى ان ذلك يستفاد من مجموعة روايات الباب.

منها،قوله(ع)في صحيحة الحلبي المتقدمة(الا ان تشرى منهم على ان يصيرها للمسلمين)فانه يدل على جواز شراء الارض

الاراضی 256)


ممن كانت الارض في ايديهم،و من الطبيعي انه لا بد من حمل هذا الشراء على شراء حقه المتعلق بها،و ذلك لأمرين:

الاول:بقرينة قوله(ع)لا يصلح في جواب السؤال عن شراء نفس الارض قبل هذه الجملة،فانه يدل بوضوح على انه لا يصح شراء نفس رقبة الارض على اساس انها ملك عام للمسلمين فلا يملكها المشتري.

الثاني:بقرينة قوله(ع)على ان يصيرها للمسلمين،فانه يدل على ان المراد من الشراء ليس شراء رقبة الارض،بداهة انه لا معنى لشرائها على ان تدخل في ملك غير المشتري،فاذن لا محالة يكون المراد منه شراء الحق فيها بالمعنى الذي عرفت و اما حمله على الشراء الصوري فهو بحاجة الى قرينة على اساس ان الظاهر من لفظ الشراء و هو الشراء الحقيقي.

و منها:معتبرة محمد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عن الشراء من ارض اليهود و النصارى فقال:ليس به بأس،قد ظهر رسول اللّه(ص)على اهل خيبر فخارجهم على ان يترك الارض في ايديهم يعملونها فلا أرى بها بأسا لو انك اشتريت منها شيئا،و أيما قوم احيوا شيئا من الارض و عملوها فهم احق بها و هي لهم 1.

فانها واضحة الدلالة على ان من يقوم بالعمل في الارض المفتوحة عنوة-و هي في مورد الرواية ارض خيبر،و يحدث حدثا فيها، و يخلق فرصة و شروطا للانتفاع بها فلا محالة يملك تلك الفرصة و الشروط سواء أ كانت في الارض الميتة أم كانت في الارض العامرة و حينئذ يجوز شراء تلك الفرصة و الشروط منه.


 

1) <page number=”256″ />الوسائل ج 11 الباب 17 من ابواب جهاد العدو الحديث 2.

 

الاراضی 257)


و على الجملة فالمعتبرة قد نصت على جواز شراء الارض المفتوحة عنوة فيما اذا عمل العامل فيها عملا،و اوجد فيها صفة ذات قيمة اقتصادية التي لم تكن الأرض واجدة لها بطبيعتها،و من الطبيعي أن المراد من شرائها و هو شراء الحق المتعلق بها دون رقبة الأرض،و قد عرفت كيفية شرائه.

و منها:قوله(ع)في رواية أبي بردة بن رجاء المتقدمة(لا بأس اشترى حقه منها و يحول حق المسلمين عليه)فانه يدل بوضوح على ثبوت الحق له فيها القابل للنقل و الانتقال،و لكن بما ان الرواية

ضعيفة سندا فلا يمكن الاستدلال بها.نعم لا بأس بالتأييد.

و منها:غيرها من الروايات الواردة في أبواب متفرقة،فانه يستفاد منها ثبوت حق في الأرض المفتوحة عنوة لمن يقوم بالعمل فيها و احداث حدث.

و على الثاني:-و هو ما اذا لم يحدث العامل في الأرض حدثا و صفة و انما يمارس الانتفاع بها و يواصل في زراعتها على أساس ان الارض حية بطبيعتها فلا تحتاج حياتها الى بذل جهد بشري فيها فلا يحصل للعامل حق فيها بمعنى القابل للنقل و الانتقال،ضرورة انه لم يحدث في الأرض شيئا.نعم انه ما دام يمارس الانتفاع بها و يواصل في زراعتها ليس لاخر أن يزاحمه في ذلك.و اما اذا ترك الانتفاع بها فلا يبقى له حق في الاحتفاظ بالأرض،و يجوز لغيره أن يقوم باستغلالها و استثمارها،و ليس له منعه عن ذلك.

و على ضوء هذا البيان:يظهر ما في كلام المحقق الاصفهاني(قده) في هامشه على المكاسب في المقام،حيث ذكر هناك انه لا دليل على ثبوت الحق بمعنى القابل للنقل و الانتقال،إذ غاية ما يقتضيه

الاراضی 258)


تقبل الأرض ممن له ذلك ملك منافع الأرض.كما في باب الاجارة، و ملك المنافع لا يستدعي إلا وجوب تسليم العين مقدمة لاستيفاء المنافع فقط،لا احداث حق في العين بحيث يقبل النقل و الانتقال، و كون التقبيل بنفسه مقتضيا لذلك شرعا لا دليل عليه.

أقول:وجه الظهور ان ما افاده(قده)و ان كان متينا بالاضافة الى ما هو مقتضى تقبّل الارض و اجارتها،إلا أن الكلام في ثبوت الحق للعامل فيها ليس من هذه الناحية.و انما هو من ناحية عمله فيها و بذل الجهد،فان كان عمله في الأرض سنخ عمل يوجب احداث حدث و صفة فيها كان ذلك العمل يبرر ثبوت حق له فيها القابل للنقل و الانتقال كما عرفت.و ان كان سنخ عمل لا يوجب احداث حدث فيها فقد عرفت انه لا يبرّر ثبوت حق له فيها كذلك،و انما يبرّر ثبوته ما دام يواصل في عمله فيها لا مطلقا.

فكلامه(قده)انما يتم في هذا الفرض،دون الفرض الاول.

النقطة الخامسة
يقع الكلام فيها في موردين:

الاول:ما اشرنا اليه في ضمن البحوث السالفة من ان أمر
الأراضي المفتوحة عنوة بيد الامام(ع)فلا يباح لأيّ فرد من
المسلمين ان يتصرف فيها بدون إذنه.

و تدل على ذلك مجموعة من الروايات:

منها:قوله(ع)في صحيحة أبي نصر المتقدمة(و ما أخذ بالسيف فذلك الى الامام يقبله بالذي يرى).

الاراضی 259)


و منها:قوله(ع)في صحيحة الحلبي التي مرّت بنا آنفا(فاذا شاء ولى الامر أن يأخذها أخذها).

و منها:غيرهما من الروايات الدالة على صحة تقبيل السلطان الجائر تلك الأراضي،و امضاء الامام(ع)ذلك،فان هذا دليل على أن أمرها بيد الامام(ع).

هذا اضافة الى ان المصلحة العامة للامة تقتضي تدخّل الامام(ع) في أمر تلك الأراضي،و وضع حدّ ازاء تعديات و تجاوزات الأفراد فيها لكسب السيطرة عليها على اساس القوة،فان الأفراد لو كانوا حرا في تصرفاتهم فيها ما شاءوا و أرادوا بحسب ما يتوفر لديهم من المكنة و القوة فلا محالة توجب منع الآخرين من ممارسة حقوقهم فيها بحرية كاملة، و من الطبيعي ان ذلك يتنافى مع العدالة الاجتماعية التي يؤمن الإسلام بضرورة إيجادها بين طبقات الأمة.

و عليه فعلى ولي الامر وضع حد لتصرفاتهم فيها في دائرة الشرع الاسلامي،و إتاحة الفرصة لكل فرد منهم بممارسة حقوقه فيها، و الانتفاع بها في ضمن ذلك الحد بحرية تامة،ليكون كل فرد مساهما في تحقيق العدالة الاجتماعية.

الثاني:بعد ما عرفنا من انه لا يجوز التصرف في تلك
الأراضي بدون إذن الامام(ع)فهل يمكن لنا اثبات اذنه بشكل
عام لكل فرد من المسلمين او لا؟

فيه وجهان:

و يمكن الاستدلال على الوجه الأول بوجوه:

الاول:بمجموعة من النصوص المتقدمة:الدالة على سببية الأحياء لعلاقة المحيى بالارض بدعوى ان المستفاد منها عرفا ثبوت الاذن العام لكل فرد من الامة للقيام بعملية الاحياء في الأرض

الاراضی 260)


المفتوحة عنوة اذا كانت ميتة او عرض عليها الموت بعد الفتح، و ممارسة حقه فيها

و الجواب عنه:اولا:ما تقدم منا في ضمن البحوث السالفة من ان تلك النصوص لا تدل على الاذن في القيام بهذه العملية و ممارستها أصلا،لا في الارض التي هي ملك للإمام(ع)و لا في الارض التي هي ملك للامة،و انما هي في مقام بيان سببية تلك العملية لصلة المحيى بالأرض فحسب.

و ثانيا:ان هذه النصوص أخص من المدعي،فانها انما تثبت إباحة التصرف في الأرض المفتوحة عنوة اذا كانت ميتة اصالة او.

عرض عليها الموت

و اما اذا كانت عامرة فهي لا تدل على إباحة التصرف فيها.

الثاني:بنصوص التحليل:

منها:قوله(ع)في صحيحة مسمع المتقدمة(و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك)بدعوى أن مقتضى عمومه إباحة التصرف في كل ارض لمن شملهم هذا النص،و ان كانت الأرض من الأرض المفتوحة عنوة على أساس ان أمر تلك الأرض بيد الامام(ع).

و قد أجيب عنه بان الظاهر من التحليل فيها هو التحليل المالكي، لا الشرعي فلا يشمل الأرض المفتوحة عنوة،حيث لا يتصور أن يكون تحليل التصرف فيها من الامام(ع)تحليلا مالكيا على أساس انها ملك عام للمسلمين،لا للإمام(ع).

هذا إضافة:الى أن الأرض في مورد الصحيحة قد فرض كونها من الانفال فلا تشمل الارض المفتوحة عنوة التي هي ليست منها.

الاراضی 261)


و لكن يمكن المناقشة:في الجواب الاول بان ظهور التحليل فيها في التحليل المالكي لا يكون قرينة على عدم شمولها للأرض المفتوحة عنوة.

و السبب فيه ان امر الارض المفتوحة عنوة لما كان بيد الامام(ع) فبطبيعة الحال التحليل الصادر منه(ع)بالاضافة الى التصرف فيها يكون تحليلا مالكيا لا حكما شرعيا على أساس انه(ع)مالك لأمرها،لوضوح ان المراد من التحليل المالكي ليس خصوص ما يصدر من المالك بشكل مباشر،بل المراد منه هو ما يصدر ممن يكون مالكا لأمرها،سواء أ كان ذلك على أساس ملكيته لرقبتها أم كان على أساس وكالته ممن يكون مالكا لرقبتها أم كان على أساس ولايته عليه،فان اذن الولي في التصرف في مال المولى عليه اذن مالكي،ليس حكما شرعيا كليا،و كذا اذن الوكيل في التصرف في مال موكله و بما أن الامام(ع)ولي المسلمين و مالك لأمر تلك الاراضي فبطبيعة الحال اذنه(ع)في التصرف فيها اذن مالكي،و ليس حكما كليا ألهيا.

فالنتيجة:ان التحليل المالكي في مقابل التحليل الشرعي، فالاول يصدر ممن يكون مالكا لأمر شيء بالاضافة اليه.و الثاني يصدر من الشارع بصفة انه حكم كلي في الشريعة المقدسة.

و قد تحصل من ذلك:ان هذا الجواب ساقط فلا يمكن الأخذ به

و اما الجواب الثاني فالظاهر انه لا بأس به،و ذلك لأنا لو كنا نحن و قوله(ع)في الصحيحة(كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض)و ان كان لا مانع من الالتزام بعمومه للأرض المفتوحة عنوة أيضا إلا أن ما تقدم عليه-و هو قوله(ع)فيها(الارض كلها لنا)الظاهر في الاختصاص الملكي-قرينة على ان المراد من

الاراضی 262)


الارض في قوله(ع)(كل ما كان في أيدي شيعتنا)هو تلك الارض التي هي من الانفال،لا الاعم،كما هو ظاهر سياق الصحيحة أيضا.و يؤكد ذلك ما في ذيلها.

فالنتيجة:انه لا يمكن الاستدلال بالصحيحة،لإباحة التصرف في الارض المفتوحة عنوة لا مطلقا،و لا لخصوص من شملتهم نصوص التحليل.

الثالث:بالروايات الواردة في الابواب المتفرقة فانه يستفاد منها بمقتضى الفهم العرفي إباحة التصرف في تلك الاراضي و اذنه(ع)فيه.

منها:الروايات الدالة على جواز شراء تلك الأرض ممن كانت الارض بيده،و علل ذلك في بعضها بأن جوازه منوط بما اذا كان المشتري بمنزلة البائع في تأدية الخراج عنها،و في بعضها الآخر بأن حقه فيها أكثر من ذلك،و في الثالث نفى البأس عن شراء حق العامل فيها،و تحويل حق المسلمين عليه.

فبالتالي:المستفاد من مجموع هذه الروايات هو اذن الامام(ع) بالتصرف فيها بشرط قيام المتصرف بتأدية حق المسلمين منها،بل يظهر من بعضها ان لكل فرد من المسلمين حق التصرف فيها و الانتفاع بها.

و منها الروايات الدالة على إمضاء تصرفات الخلفاء و سلاطين الجور في الأراضي المزبورة باجارة و تقبيل بالاضافة الى من يقوم باستيجارها و تقبّلها منهم.

نعم في تلك الروايات احتمالات:

الاراضی 263)


أحدها:أن تكون تلك الروايات قائمة على أساس ان كل فرد من المسلمين ليس حرا في التصرف في تلك الاراضي ما شاء و أراد، بل لا بد في كل عصر من الرجوع الى من بيده الامر سواء أ كان عادلا أم كان فاسقا،و ذلك للتحفظ على النظام.

ثانيها:أن تكون قائمة على أساس أن لا تبقى الارض معطّلة

ثالثها:أن تكون قائمة على أساس ان لكل فرد منهم حقا فيها، و بما انه لا يتمكن من ممارسة حقه في تلك الاراضي بدون مراجعة السلطان الجائر على أساس انها تحت استيلائه و سيطرته خارجا فتكون المراجعة انما هي لأجل استيفاء حقه فيها و ممارسته،لا لأجل ان جواز تصرفه فيها يتوقف على اذنه و تقبيله.هذا.

و الأظهر من هذه الاحتمالات هو الاحتمال الأخير،دون الاحتمالين الاولين،و سوف نشير الى وجه ذلك.

و عليه فتدل تلك الروايات على انه يجوز أن يقوم كل فرد بممارسة حقه فيها في الاطار العام الاسلامي بدون مراجعة من بيده الأمر و يؤكد ذلك ما يظهر من بعض الروايات من فرض ثبوت الحق لكل فرد من المسلمين فيها.

فالنتيجة في نهاية المطاف ان الاظهر هو القول بجواز ممارسة كل فرد من الأمة حقه فيها بشكل من أشكال الانتاج في حدود دائرة الشرع،فالتصرف بهذا الحد مسموح من قبل ولي الأمر.

النقطة السادسة
الكلام في هذه النقطة انما هو في تعيين من له الولاية على الارض المفتوحة عنوة

الاراضی 264)


لا اشكال:في ولاية الامام(ع)عليها،اذ مضافا الى ثبوت الولاية العامة له(ع)قد دلت على ذلك مجموعة من النصوص.

منها:الروايات المتقدمة التي قد نص فيها بأن أمر تلك الأرض بيد الامام(ع)و هذا لا كلام فيه،و انما الكلام و الاشكال في ولاية السلطان الجائر عليها.

قيل:بثبوت الولاية له بل أفرط في القول بها حتى جعله بمنزلة الامام العادل.

و غير خفي:ان هذا القول يقوم على أساس ان منصب الولاية لازم لمنصب السلطنة و الحكومة و ان كان المتقلص به غاصبا و جائرا.

و قيل:بعدم ثبوت الولاية له أصلا،بل قيل:بعدم نفوذ تصرفه فيها مطلقا و ان كان على طبق المصلحة العامة.

و هذا القول:يقوم على أساس ان نفوذ تصرف كل شخص في مال أخر بحاجة الى دليل،و لا دليل عليه هنا.

و الصحيح في المقام ان يقال:انه لا شبهة في عدم ثبوت الولاية للسلطان الجائر،و السبب فيه ان ثبوت الولاية بحاجة الى دليل، و لا دليل عليه،لا عقلا،و لا نقلا.

أما الاول:فواضح بل العقل بمناسبة الحكم و الموضوع يحكم بعدم لياقة الجائر للتلبس بهذا المنصب العظيم الإلهي-و هو منصب الولاية و الجلوس على كرسي الخلافة-.

و أما الثاني:فأيضا كذلك بل يستفاد من مجموعة من النصوص انه لا يجوز الرجوع الى حاكم الجور،و قد علّل في بعضها ان الاخذ بحكمه اخذ بحكم الطاغوت،و هو باطل و سحت.

الاراضی 265)


الى هنا قد انتهينا الى هذه النتيجة:و هي انه كما لا دليل على ثبوت الولاية للجائرة على أموال الناس،بل قد عرفت ان الدليل من العقل و النقل قد قام على عدم ثبوتها له جزما،كذلك لا دليل على نفوذ حكمه،بل ان الدليل قد قام على عدم نفوذه،هذا كله بالاضافة الى ثبوت الولاية له و نفوذ حكمه بصورة عامة.

و أما تصرفاته في خصوص ما نحن فيه أي-الارض المفتوحة عنوة-بتقبيل و نحوه فهل هي نافذة؟الظاهر هو نفوذها،بالمعنى الآتي لدلالة عدة من الروايات على ذلك.

منها:صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه(ع)انه قال:في القبالة أن تأتي الارض الخربة فتقبلها من أهلها عشرين سنة الى أن قال:

و قال:لا بأس أن يتقبل الارض و أهلها من السلطان الحديث 1

و منها:معتبرة اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال:سألت أبا عبد اللّه(ع)عن رجل اكترى أرضا من ارض أهل الذمة من الخراج و أهلها كارهون و انما يقبلها السلطان بعجز أهلها عنها او غير عجز فقال:(اذا عجز أربابها عنها فلك أن تأخذها إلا أن يضاروا،و ان اعطيتهم شيئا فسخت أنفسهم بها لكم فخذوها) الحديث 2.

و منها:رواية ابراهيم الكرخي قال:سألت أبا عبد اللّه(ع) عن رجل له قرية عظيمة و له فيها علوج يأخذ منهم السلطان خمسين درهما،و بعضهم ثلاثين،و أقل،و أكثر ما تقول:ان صالح عنهم السلطان أعني صاحب القرية بشيء و يأخذ هو منهم أكثر مما يعطي


 

1) <page number=”265″ />الوسائل ج 13 الباب 8 من أحكام المزارعة و المسافات الحديث 3
2) الوسائل ج 12 الباب 21 من أبواب عقد البيع الحديث 10

 

الاراضی 266)


السلطان قال:قال.(هذا حرام) 1.

و منها:صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه(ع)قال سألته عن الرجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام مسمى،ثم أجرها و شرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقل من ذلك أو أكثر،و له في الارض بعد ذلك أ يصلح له ذلك قال:(نعم اذا حفر لهم نهرا او عمل لهم شيئا يعينهم بذلك فله ذلك)الحديث 2.

فالمستفاد من مجموعة هذه النصوص:هو نفوذ تصرف السلطان الجائر في الاراضي الخراجيه،و جواز أخذها منه بايجارة و تقبيل، و هذا لا يعني ان تصرفه فيها جائز،إذ لا شبهة في ان تصديه لهذا المنصب،و تصرفه فيها محرم على أساس انه غاصب لذلك،و مع هذا كيف يكون تصرفه في تلك الاراضي التي هي ملك عام للمسلمين جائزا،بل المقصود من تلك النصوص هو نفوذ تصرفه بالاضافة الى من يقوم بممارسة هذه الاراضي يعني-يجوز له أخذ الأرض من يده بايجارة و تقبيل و ان كان ذلك محرّم عليه-و من هنا أشرنا آنفا:الى أن في تلك النصوص احتمالات:

الاول:أن يكون نفوذ تصرفهم على اساس أن لا تبقى الارض معطّلة رغم حاجة المسلمين الى استثمارها و ممارسة إنتاجها.

الثاني:أن يكون على أساس التحفظ على النظام السائر في البلاد

الثالث:أن يكون على أساس ان لكل فرد منهم حقا فيها.

و هذا الوجه هو الظاهر منها،دون الوجهين الاولين.


 

1) <page number=”266″ />الوسائل ج 12 الباب 93 من ابواب ما يكتسب به الحديث 1
2) الوسائل ج 13 الباب 21 من أحكام الاجارة الحديث 3،4

 

الاراضی 267)


أما الوجه الاول فلأن غير الشيعة من طوائف المسلمين بما انهم يرون على ضوء منهجهم الفقهي أن خلافة هؤلاء الخلفاء و السلاطين كانت على حق نظرا الى أن هؤلاء كانوا لديهم من ولاة الامر الذين قد أمر في الآية الكريمة بلزوم اتّباعهم فلا محالة تكون تصرفاتهم في تلك الاراضي بتقبيل و إجارة و نحو ذلك نافذة عندهم و عن استحقاق،بدون حاجة الى تلك النصوص و أما الشيعة فبما أن نسبتهم الى تلك الطوائف في ذلك العصر كانت في غاية القلة فلا يلزم من عدم نفوذ تصرفاتهم في حقهم تعطيل الارض.

و بذلك يظهر حال الوجه الثاني،فان غير الشيعة من الطوائف- بما انهم كانوا معتقدين ان النظام الموجود في عصر هؤلاء الخلفاء هو النظام الذي قد أمر في الإسلام باتباعه-يرون أنفسهم ملزمين بوجوب العمل على وفق ذلك النظام،و عدم جواز مخالفته،بدون حاجة الى النصوص المزبورة.و أما الشيعة فبما انهم كانوا قليلين فلا يلزم من عدم عملهم على وفق النظام المزبور الهرج و المرج و التعدي على حقوق الآخرين،على انهم لا يتمكنون من المخالفة جهرا.

فاذن يتعيّن الوجه الثالث-و هو ان إمضاء الامام(ع)في تلك النصوص انما هو يقوم على ضوء أن يتيح الفرصة لهم لممارسة حقوقهم فيها و استنقاذها-حيث ان لهم حقا فيها،كما يظهر من بعض الروايات،فلو لم يمض الامام(ع)ذلك لضاع حقهم فيها على أساس انهم لا يتمكنون من ممارستها و استنقاذها بطريق آخر.

الاراضی 268)


النقطة السابعة
إن الارض العامرة حال الفتح عنوة اذا ماتت و خربت فهل
تنقطع بذلك علاقة المسلمين عنها نهائيا؟

فيه وجهان:

الصحيح عدم انقطاع علاقتهم عنها كذلك،لما تقدم منا في ضمن البحوث السالفة من أن علاقة الفرد بالارض اذا كانت على مستوى الملك لم تنقطع عنها نهائيا بعد الخراب و الموت،بل قلنا انها لا تنقطع بالامتناع عن القيام بعملية احيائها و عمارتها،غاية الامر يجوز لغيره في هذا الفرض أن يقوم بهذه العملية باذن من ولي الامر رغم ان رقبة الارض باقية في ملكه.

و فيما نحن فيه حيث ان علاقة المسلمين بالارض كانت على مستوى الملك فلا تنقطع عنها بالخراب.

و دعوى-ان ملكية المسلمين للأرض لمّا كانت مقيدة بالحياة بمقتضى صحيحة الحلبي،حيث قد قيدت الارض فيها بالسواد،فاذا زالت حياتها انقطعت علاقة الامة عنها نهائيا بانتفاء موضوعها-خاطئة جدا،و ذلك لأن التقييد في الصحيحة بما انه كان في كلام لسائل دون كلام الامام(ع)فلا مفهوم له،و قد تقدم ان مقتضى عدة من الروايات هو ان موضوع ملكية المسلمين مطلق الارض سواء أ كانت ميتة أم كانت حية طبيعيا كانت او بشريا.و من هنا قلنا ان الارض الموات اذا أخذت من الكفار عنوة فهي ملك للمسلمين فلا يعتبر في ملكيتهم كون المأخوذ سوادا.و على هذا الأساس فلا مجال

الاراضی 269)


لهذه الدعوى أصلا.

و لو تنزلنا عن ذلك.و سلمنا ان موضوع ملكية المسلمين حصة خاصة من الارض،و هي الارض السواد بشريا،و هذا يعني-ان الارض المأخوذة من الكفار اذا كانت عامرة بجهد من الانسان فهي تصبح ملكا للمسلمين و إلا فلا-.

او فقل:ان هذا القول يقوم على أساس ان بسبب الفتح تنتقل ملكية الكافر من الارض الى المسلمين فكل أرض لم تكن ملكا للكافر فلا أثر للفتح بالاضافة اليها فعندئذ هل تنقطع ملكية المسلمين عنها بعد خرابها و زوال حياتها أولا؟فيه وجهان:

الظاهر هو الوجه الثاني،و ذلك لما عرفنا في ضمن البحوث السالفة من ان الارتكاز القطعي من العرف قائم على أن موضوع الملك هو ذات الارض و الحياة جهة تعليلية،لا تقييدية فاذا زالت لم يزل الملك.

و بكلمة اخرى ان الحياة و ان كانت شرطا لملكية المسلمين الارض بالفتح إلا أنها لدى العرف شرط خارجي،و ليست مقومة للموضوع

الى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة:و هي ان الارض المفتوحة عنوة اذا كانت عامرة و زال عمرانها و أصبحت مواتا لم تخرج عن نطاق ملكية المسلمين فلا يجوز لأيّ واحد أن يقوم باحيائها و عمرانها إلا باجازة من بيده الأمر على الشكل الذي مرّ سابقا.

الاراضی 270)


النقطة الثامنة
ان ملكية الارض الخراجية للمسلمين ترتكز على ركيزتين.

الاولى:أن يكون أخذها من الكفار بالعنوة و الجهاد المسلّح و لذا يعبّر عنها بالارض المفتوحة عنوة.

و تدل على هذه الركيزة صحيحة أبي نصر المتقدمة.

و ان شئت قلت:ان الارض المأخوذة من الكفار لا تخلو من أن تكون بالقهر و الغلبة،او تكون بدون التوسل بذلك،و لا ثالث لهما،و على الاول فهي ملك للمسلمين بمقتضى هذه الصحيحة،و على الثاني فهي ملك للإمام(ع)بمقتضى مجموعة من الروايات التي تقدمت في صدر الكتاب الدالة على أن ما لم يوجف عليه بخيل.

و لا ركاب فهو للإمام(ع).

الثانية:أن يكون ذلك باذن الامام(ع)و أمره.

و تدل على ذلك:صحيحة معاوية بن وهب قال قلت:لأبي عبد اللّه(ع)السرية يبعثها الامام(ع)فيصيبون غنائم كيف يقسم قال:(ان قاتلوا عليها مع أمير أمره الامام(ع)عليهم أخرج منها الخمس للّه و للرسول،و قسم بينهم أربعة أخماس،و ان لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام(ع) يجعله حيث أحب) 1


 

1) <page number=”270″ />الوسائل ج 11 الباب 41 من ابواب جهاد العدو الحديث 1.

 

الاراضی 271)


وجه دلالة الصحيحة انها تتكفل قضية شرطية قد أخذ في موضوعها قيد ان:

أحدهما:أن تكون الغنائم مأخوذة من الكفار بالقتال و هراقة الدماء.

و الآخر:أن يكون ذلك القتال يأمر الامام(ع)و اذنه، فاذا تحقق القيدان معا فالغنيمة للمقاتلين تقسم بينهم بعد اخراج خمسها،و اذا انتفى القيد الاول فالغنيمة للإمام(ع)كما صرح بذلك في ذيل الصحيحة.و اذا انتفى القيد الثاني فالامر أيضا كذلك بمقتضى الفهم العرفي و ان لم يصرح به في الصحيحة على اساس أن القضية في حد نفسها تدل عليه بلا حاجة الى التصريح.

و تصريح الامام(ع)في الصحيحة بأحد فردي المفهوم دون الفرد الآخر لا يمنع عن ظهورها فيه،لعدم علاقة بين الأمرين من هذه الناحية يعني-ان التصريح بأحدهما لا يكون قرينة على عدم الآخر لدى العرف-.

و يؤيد ذلك:مرسلة العباس الوراق عن رجل سمّاه أبي عبد اللّه(ع)قال:(اذا غزا قوم بغير إذن الامام(ع)فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام(ع)و اذا غزوا بأمر الامام فغنموا كان للإمام الخمس).

و دعوى:-ان ضعفها منجبر بعمل الأصحاب-خاطئة جدا، فان الصغرى في المقام غير متحققة.مضافا الى المناقشة في الكبرى كما عرفت.

ثم ان الغنيمة في مورد الصحيحة و ان كانت هي الغنيمة المنقولة بقرينة تقسيمها على المقاتلين خاصة إلا أن الارتكاز القطعي لدى

الاراضی 272)


العرف قائم على عدم خصوصية لها فالحكم فيها لا محالة يعم غير المنقول منها أيضا كالأرض على أساس هذا الارتكاز.

فالنتيجة لحد الآن:انه لا بأس بالالتزام بدلالة الصحيحة على اعتبار الاذن فيما نحن فيه أيضا بضميمة ذلك الارتكاز.

و أما اذا نوقش في دلالة الصحيحة،اما من ناحية عدم المفهوم لها،او من ناحية اختصاصها بالغنائم المنقولة فهل يمكن الحكم بملكية الارض المأخوذة من الكفار عنوة للامة و ان كانت بغير اذن الامام(ع)؟فيه وجهان:

لا يبعد أن يكون الأظهر هو الوجه الثاني،و سوف نشير اليه.

و أما ما عن شيخنا العلامة الانصاري(قده):-من ان عدم اعتبار الاذن انما هو من ناحية معارضة مرسلة الورّاق مع مجموعتين من الروايات.

إحداهما:جاءت بهذا النص:ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب فهو للإمام(ع)،فانها تدل بمفهومها على أن ما يوجف عليه بخيل و ركاب فهو ليس منه(ع)فالمعارضة بين إطلاق المرسلة و إطلاق مفهوم هذه المجموعة،فان إطلاق الأولى يشمل الأرض و غيرها، و إطلاق مفهوم الثانية يشمل صورة الاذن و عدمها،فمورد الالتقاء بينهما الارض المفتوحة عنوة بدون الاذن من الامام(ع).

و الاخرى جاءت بنص آخر:ما أخذ بالسيف فذلك الى الامام يقبله بالذي يرى،فان إطلاقها يعم صورة الاذن و عدمها.فعندئذ يكون مورد الالتقاء و المعارضة بين الجميع هو الارض المذكورة، فان مقتضى إطلاق المرسلة انها ملك للإمام(ع)نظرا الى أنها مأخوذة بدون أمره و إذنه،و مقتضى إطلاق هاتين المجموعتين انها

الاراضی 273)


ملك عام للمسلمين،و بما انه لا مرجح لأحد الطرفين على الطرف الآخر فالمرجع هو عموم الآية،و مقتضاه هو ان خمسها للإمام(ع).

و اما الباقي فهو لغيره،و يدور أمره بين ان يكون لعموم المسلمين أو خصوص المقاتلين،و حيث لا نص،و لا اجماع على الثاني فيتعين الأول.

فيرد عليه أولا:ان المرسلة ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد عليها،كما أشرنا اليه آنفا.

و ثانيا:على تقدير تسليم ان المرسلة تامة من ناحية السند-و لو من جهة جبر ضعفها بعمل الاصحاب-إلا انه لا يمكن ان تتعارض معها المجموعتان المتقدمتان من الروايات.

أما المجموعة الأولى:فبما ان دلالتها على المفهوم تقوم على اساس مفهوم القيد فلا تدل على نفي هذا الحكم عن موضوع آخر-و هو الارض المأخوذة من الكفار عنوة بدون اذن الامام(ع)-يعني- لا تدل على انها ليست ملكا للإمام(ع)فانها ساكتة بالاضافة الى ذلك نفيا و اثباتا.

نعم إنها تدل بمقتضى هذا المفهوم على ان هذا الحكم اعني -الملكية-لم يثبت لطبيعي الارض المأخوذة من الكفار على نحو الاطلاق،و إلا لكان التقييد بالقيد المذكور فيها لغوا،و لا تدل على انه لم يثبت لحصة اخرى منه،فاذن لا معارضة بينها و بين المرسلة، فان المرسلة تدل على ان هذه الحصة ملك للإمام(ع)أيضا، و تلك المجموعة ساكتة عن ذلك،و من الطبيعي انه لا معارضة بين ما فيه الدلالة و ما لا دلالة فيه.و هذا بخلاف ما إذا كانت دلالتها عليه تقوم على أساس مفهوم الشرط،فانها حينئذ تدل على نفي الحكم

الاراضی 274)


عنها،و تصلح ان تعارض المرسلة،و بذلك يمتاز مفهوم الشرط عن مفهوم القيد.

و أما المجموعة الثانية:فالظاهر انه لا اطلاق لها من هذه الناحية،فانها في مقام بيان حكم آخر-للأرض المأخوذة من الكفار بالسيف و هراقة الدماء بعد الفراغ عن ملكيتها للمسلمين- و هو ان أمرها بيد الامام(ع)و ليست في مقام بيان شرائط ملكية هذه الارض للأمة،فاذن لا اطلاق لها من هذه الناحية لكي تشمل صورة عدم الاذن.

و على الجملة:فهذه المجموعة تدل على ان أمر الارض التي هي ملك للمسلمين بيد الامام(ع)و له أن يقبله بالذي يرى،و يصرف حاصلها و نتاجها في مصالح الأمة فلا تدل بوجه على عدم اعتبار اذن الامام(ع)في ملكية الأمة للأرض.

و من ذلك:يظهر حال صحيحة الحلبي و نحوها،فان السؤال في هذه الصحيحة إنما هو عن حال الأرض السواد في الخارج المأخوذة من الكفار بالجهاد المسلح،و اجاب الامام(ع)عن ذلك بانها ملك لجميع المسلمين،و من الطبيعي انه لا دلالة لها بوجه على ان اخذها منهم كان باذن الامام(ع)أو لا يكون باذن منه،لأن مدلولها إنما هو ملكية تلك الارض لجميع الامة الى يوم القيامة،و لا تنظر الى حالة اخذها من الكفار و انه كان مع الاذن أو بدونه اصلا،فاذن لا اطلاق للصحيحة بالاضافة إلى هذه الحالة كي يتمسك باطلاقها لإثبات عدم اعتبار الاذن في كونها ملكا لهم.

و اما الروايات:الدلالة على وجوب الخراج عليها،و عدم جواز شرائها،و غيرهما من الاحكام و الآثار فهي بأجمعها مسوقة لبيان

الاراضی 275)


ما يترتب على ملكيتها للمسلمين من الآثار و الاحكام بعد الفراغ عن كونها ملكا لهم،و لا تنظر الى ما يعتبر في ملكيتها من الشرائط ابدا.

فالنتيجة:انه لا اطلاق لشيء من تلك المجموعات كي يدل باطلاقه على عدم اعتبار الاذن فيها.

و ثالثا:مع الاغماض عن جميع ذلك،و تسليم المعارضة بينهما و بين المرسلة إلا ان الآية الكريمة لا تصلح ان تكون مرجعا لإثبات ان تلك الارض بعد اخراج خمسها ملك للمسلمين،فانها لا تدل على ذلك،بل لا يبعد دعوى ظهور الآية في ان الباقي ملك للمقاتلين على اساس ان الخطاب فيها متوجه اليهم خاصة،و عليه فالمرجع هو العام الفوقي(كل ارض لا رب لها فهو للإمام(ع))،فانه يثبت-بعد ضم الاصل الموضوعي اليه-ان الارض المزبورة ملك للإمام(ع)على اساس انها تدخل في الارض التي لا رب لها.

و قد تحصل من ذلك:ان ما عن الشيخ الاعظم(قده)لا يمكن اتمامه بوجه.

الى هنا قد استطعنا ان نخرج بهذه النتيجة:و هي ان الروايات الواردة في الاراضي الخراجية بمجموعاتها المختلفة لا يدل شيء منها على عدم اعتبار الاذن في ملكية تلك الاراضي للأمة بسبب الفتح خارجا هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى إذا افترضنا انه لا دليل على اعتبار الاذن في ملكيتها على اساس ان المرسلة ضعيفة سندا،و صحيحة معاوية لا دلالة فيها على ذلك،فاذن النتيجة على ضوء هاتين الناحيتين،هي:ان الارض المفتوحة عنوة اذا كان فتحها بدون اذن الامام(ع)فهي كما انها ليست ملكا للمسلمين على اساس قصور ادلتها عن شمول تلك،

الاراضی 276)


فكذلك ليست ملكا للإمام(ع)بعين ذاك الملاك،فعندئذ لا مانع من الرجوع الى العام الفوقي المزبور،و مقتضاه-بعد ضم الاصل الموضوعي اليه-هو ان الارض المزبورة ملك للإمام(ع).

نتيجة هذا البحث عدة نقاط:

الاولى:ان ملكية المسلمين للأراضي الخراجية ترتكز على
ركيزتين:

1-اخذها من الكفار بالجهاد المسلح.

2-كون الاخذ باذن الامام(ع)و امره.

الثانية:ان الغنيمة في مورد صحيحة معاوية و ان كانت خصوص
الغنائم المنقولة الا ان الارتكاز القطعي من العرف قائم على عدم
خصوصية لها.
الثالثة:ان ما ذكره شيخنا العلامة الانصاري(قده)-في وجه
عدم اعتبار الاذن

فقد عرفت انه لا يمكن اتمامه بدليل.

الرابعة:ان أدلة ملكية المسلمين للأرض المفتوحة عنوة في حد
نفسها قاصرة عن شمولها

اذا كانت مأخوذة من الكفار بدون اذن الامام(ع)و امره.

النقطة التاسعة [في الأراضي المفتوحة عنوة بعد النبي الأكرم ص]

ان الاراضي التي فتحت عنوة من قبل المسلمين بعد النبي الاكرم (صلى اللّه عليه و آله و سلم)و في زمن الخلفاء و ولاة الجور من بني

الاراضی 277)


أمية و بني العباس هل يمكن لنا احراز ان تلك الفتوحات كانت باذن الامام(ع)و أمره؟فيه وجهان:

الصحيح انه لا يمكن احراز ذلك،فان ما قيل:او يمكن ان يقال:في طريق اثبات ذلك عدة وجوه:لا يتم شيء منها:

الاول:صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر(ع)قال:سألته عن سيرة الامام في الارض التي فتحت بعد رسول اللّه(ص)فقال:

ان أمير المؤمنين(ع)قد سار في اهل العراق سيرة فهم امام لسائر الارضين الحديث 1،فانها تدل على ان أمير المؤمنين(ع)قد سار في ارض العراق بسيرة تكون اماما لسائر الارضين،و بما أن معاملته(ع)معها كانت معاملة أرض المسلمين رغم انها فتحت بعد النبي الاكرم(ص)و في زمن الخلفاء فتدل على ان فتحها كان باذن الامام(ع)و الا لكانت من الانفال.

و الجواب عن ذلك

أولا:ان هذه السيرة منه(ع)في ارض العراق لا تدل على ان الفتح كان في ذلك العصر باذن الامام(ع)و مشورته،و ذلك لان مجرد صرفه(ع)حاصل هذه الارض و نتاجها في مصالح المسلمين لا يدل على ان رقبة الارض داخلة في نطاق ملكيتهم،فانه كما ينسجم مع افتراض كونها ملكا عاما للمسلمين،كذلك ينسجم مع افتراض كونها ملكا للإمام(ع)على اساس ان أمر الرقبة على كلا الفرضين بيده(ع)و له ان يتصرف فيها من تقبيل و اجارة و نحو ذلك،و يصرف نتاجها فيما يرى من المصلحة سواء أ كانت من


 

1) <page number=”277″ />الوسائل ج 11 الباب 49 من ابواب جهاد العدو الحديث(2).

 

الاراضی 278)


مصالح الدولة الاسلامية أم كانت من مصالح المسلمين،حيث ان الاولى ترجع بالتالي الى الثانية.

و ثانيا:ان أمير المؤمنين(ع)لا يقدر على تغيير ما صنعه الخلفاء قبله،و عليه فكيف تدل سيرته(ع)في أرض العراق-على اساس انها امام لسائر الارضين-على ان تلك الفتوحات كانت واقعة باذن الامام(ع)و مشورته.

و على ذلك فالمراد من ان سيرته(ع)في أرض العراق امام لسائر الارضين هو انه لا بد من ان يسير و يعمل في كل ارض كان أمرها بيد الامام(ع)بسيرة امير المؤمنين(ع)في ارض العراق، و لا يجوز التخطي عن هذه السيرة يمنة و يسرة.

الثاني:ما ورد في بعض الروايات من ان الفتوحات الواقعة في عصر خلافة الثاني قد كانت باذن أمير المؤمنين(ع)و مشورته.

و الجواب عنه.

اولا:ان تلك الروايات لم تثبت بحيث يمكن الاستدلال بها.

و ثانيا انها لو تمت فانما تتم في الفتوحات التي وقعت في عهد خليفة الثاني فحسب،دون الفتوحات الواقعة في زمان خلفاء بني أمية و بني عباس حيث انها لم تكن على اساس مشورة الائمة الاطهار(ع) و اذنهم نهائيا.

الثالث:ان تلك الفتوحات و ان لم تكن بأمر الامام(ع) و اذنه الا انها لما كانت بعنوان الإسلام في مقابل الكفر و الضلال فبطبيعة الحال كانت كاشفة عن رضا الائمة(ع)بها جزما على اساس انها تمنح الإسلام هيبة و عظمة-مادية و معنوية-و من الطبيعي ان ذلك الرضا يكفي في صيرورة الارض ملكا للامة.

الاراضی 279)


و الجواب عنه.

أولا:ان كشف تلك الفتوحات عن رضا الامام(ع)بها يقوم على اساس انها بشتى اشكالها و الوانها كانت على مصلحة الإسلام و الدين و من المعلوم ان اثبات ذلك في غاية الاشكال بل المنع لعدم الطريق الى احراز انها باجمعها كانت كذلك.

و ثانيا:قد ورد في عدة من الروايات عدم مشروعية الجهاد الا مع امام معصوم(ع).

منها:رواية بشير عن أبي عبد اللّه(ع)قال:قلت:له اني رأيت في المنام اني قلت لك ان القتال مع غير الامام المفترض طاعته حرام مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير فقلت:لي نعم هو كذلك فقال:ابو عبد اللّه(ع)هو كذلك و هو كذلك 1فانها واضحة الدلالة على ان الجهاد مع غير الامام المفترض طاعته محرم و انما الكلام في سندها و لا اشكال فيه إلا من ناحية بشير حيث لم يرد توثيق فيه إلا وقوعه في اسناد كامل الزيارات فعندئذ ان اكتفينا بذلك فالرواية صحيحة و إلا فلا،و قد اشرنا الى ان الاكتفاء به مشكل.

و منها:صحيحة عبد اللّه بن المغيرة قال:قال محمد بن عبد اللّه:

للرضا(ع)-و انا اسمع-حدثني ابي عن أهل بيته عن آبائه انه قال:له بعضهم:ان في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين،و عدوا يقال:له الديلم فهل من جهاد او هل من رباط فقال:(عليكم بهذا البيت فحجوه،فاعاد عليه الحديث فقال:عليكم بهذا البيت


 

1) <page number=”279″ />الوسائل ج 11 الباب 12 من أبواب جهاد العدو الحديث 1

 

الاراضی 280)


فحجوه،اما يرضى أحدكم ان يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر امرنا،فان ادركه كان كمن شهد مع رسول اللّه(ص) بدرا،فان مات ينتظر امرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات اللّه عليه،و هكذا في فسطاطه و جمع بين السبابتين و لا اقول:هكذا، و جمع بين السبابة و الوسطى،فان هذه اطول من هذه فقال ابو الحسن(ع):صدق) 1.

فان هذه الرواية تامة دلالة و سندا.

و منها:رواية عبد الملك بن عمرو،قال:قال:لي ابو عبد اللّه(ع) يا عبد الملك مالي أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج اليها اهل بلادك قال:قلت:و اين؟قال:جده،و عبادان،و المصيمة،و قزوين، فقلت انتظارا لأمركم و الاقتداء بكم فقال:اي و اللّه لو كان خيرا ما سبقونا اليه الحديث 2.

فهذه الرواية و إن كانت لا بأس بها من ناحية الدلالة إلا ان الاشكال فيها من ناحية السند على اساس ان في سندها حكم بن مسكين،و عبد الملك بن عمرو و لم يرد فيهما توثيق غير وقوع الاول في اسناد كامل الزيارات،و قد عرفت ان الاكتفاء بذلك في توثيق الراوي مشكل،و رواية ابن أبي عمير-الذي هو من اصحاب الاجماع-عن الثاني،و قد تقدم انه لا يمكن الاكتفاء به في توثيق الراوي.

و منها غيرها من الروايات:

و بالرغم من هذا فكيف يمكن ان ينسب إلى الأئمة(ع)الرضا بالفتوحات المزبورة رغم ان تلك الفتوحات لم تكن مع الامام المفترض طاعته،و لا بأمره و اذنه(ع).


 

1) <page number=”280″ />الوسائل ج 11 الباب 12 من ابواب جهاد العدو
2) الوسائل ج 11 الباب 12 من ابواب جهاد العدو

 

الاراضی 281)


مع اننا عرفنا ان المعتبر-في ملكية الارض المفتوحة عنوة للمسلمين-هو ما اذا كان فتحها خارجا مع الامام المفترض طاعته، او كان بامره و اذنه.و اما اذا لم يكن فتحها في الخارج كذلك فهي داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)،لا الأمة،و لا فرق في ذلك بين ان يتوفر فيها الرضا القلبي من الامام(ع)او لا؟فانه لا يكفي في صيرورة الارض ملكا للمسلمين،ضرورة انه لا اثر للرضا المزبور ما لم يكن له مبرز في الخارج من قول او فعل،فان الدليل على اعتباره ان كان صحيحة معاوية بن وهب فهي تدل بمقتضى مفهومها على اعتبار الاذن و الامر من الامام(ع)و لازم ذلك عدم كفاية الرضا القلبي فحسب بدون الاذن.و ان كان قصور ادلة ملكية المسلمين عن شمول الارض فيما اذا كان فتحها بدون اذن من الامام(ع)فهو بطبيعة الحال يعم ما إذا كان الامام(ع)راضيا به قلبا،و ما اذا لم يكن راضيا به كذلك أيضا.

فالنتيجة:ان وجود الرضا القلبي بالفتح خارجا لا يكفي لصيرورة الارض ملكا للمسلمين اذا لم يكن له مبرز في الخارج.

و ثالثا:على تقدير تسليم ان الرضا القلبي من الامام(ع) بالفتح يكفي في صيرورة الارض ملكا للأمة إلا انه لا طريق لنا الى احرازه،حيث ان توهم احرازه انما هو على اساس ان تلك الفتوحات بما انها تمنح الإسلام هيبة و سيطرة-مادية و معنوية-فلأجل ذلك تستلزم رضا اللّه تعالى،و رسوله(ص)،و أولو الامر بها.و لكن الكلام انما هو في ثبوت هذه الملازمة،و هي غير ثابتة،لوضوح انه لا ملازمة بين محبوبية شيء و محبوبية مقدمته،فيمكن ان يكون الشيء محبوبا لدى اللّه تعالى،و لكن مقدمته كانت مبغوضة عنده فلا يرضى

الاراضی 282)


ان يؤتى بتلك المقدمة لأجل الاتيان بذلك الشيء.

و فيما نحن فيه و ان كان تأييد الدين الاسلامي و توسعته محبوبا لدى الائمة(ع)الا انه لا يستلزم ان تكون تلك الفتوحات أيضا محبوبة على اساس انها مقدمة له،اذ يمكن ان تكون تلك الفتوحات مبغوضة باعتبار ان فيها مفسدة رغم ان ما يترتب عليها محبوب، فالملازمة المذكورة غير ثابتة،و عليه فكيف يمكن احراز رضا الامام (عليه السلام)بها.

هذا اضافة الى ان تلك الفتوحات لا تنسجم مع الإسلام بمحتواه الواقعي،فانها و إن كانت في اطار الإسلام الا انها انما كانت في اطاره اسميا لا واقعيا على اساس ان المتصدين للفتوحات المزبورة كانوا منحرفين عن الإسلام و خطواطه الاساسية التي جاء بها الرسول الاعظم(ص)بوحي من اللّه،و عليه فكيف تكون تلك الفتوحات محبوبة عند اللّه و رسوله(ص)رغم انها توجب انتشار الإسلام بشكل منحرف عن طرقه القويمة و خطوطه الاصيلة الواقعية.

الرابع:ان الفتوحات المذكورة بما ان امرها يدور بين ان تكون على وجه صحيح كما اذا كانت باذن الامام(ع)او على وجه باطل كما اذا لم تكن مع الامام المفترض طاعته،و لا باذن منه ففي مثل ذلك لا بد من حملها على الصحيح.

و الجواب عنه:انه لا يمكن حمل تلك الفتوحات على الوجه الصحيح،لان ذلك انما يرتكز على اساس ان يكون الخلفاء و الولاة الذين يقومون بالفتوحات المزبورة منسجمين مع الائمة(ع)- بان يكونوا دائما بصدد ان تكون فتوحاتهم في كل عصر بمشورتهم (عليهم السلام)و اذنهم-فعندئذ لو شك في مورد ان الفتح فيه كان

الاراضی 283)


باذن الامام(ع)أم لم يكن حمل على الصحيح من باب ظهور الحال،و الفرض انهم ليسوا منسجمين مع الائمة الاطهار(ع)كيف حيث انهم كانوا معارضين لهم تمام المعارضة،و كانوا بصدد محو آثارهم نهائيا عن دنيا الإسلام،و مع ذلك كيف يمكن حمل تلك الفتوحات على انها كانت في كل عصر باذن الامام(ع)و مشورته.

فالنتيجة في نهاية المطاف:انه لا يمكن اثبات ان الفتوحات الواقعة بعد النبي الاكرم(ص)انما هي واقعة باذن الامام(ع) و امره،فاذن-على اساس ما ذكرناه من اعتبار الاذن من ولى الامر في ملكية المسلمين للأرض المفتوحة عنوة-يكون جميع الاراضي التي فتحت بعد النبي الاكرم(ص)ملكا للإمام(ع)لا للأمة.

و من ذلك يظهر حال ارض العراق او ما شاكلها التي عبر عنها بارض السواد،فانه لا يمكن الحكم بكونها ملكا عاما للمسلمين، حيث لم يكن فتحها في زمان النبي الاكرم(ص)بل كان في العقد الثاني من الهجرة،و قد تقدم انه لم يثبت كونه بمشورة من أمير المؤمنين(ع)و اذنه.

و ما هو المشهور بين الاصحاب-من ان ارض العراق او ما شاكلها ملك للأمة-مبني على احد امرين:

الاول عدم اعتبار الاذن من الامام(ع)في ذلك و قد عرفت اعتباره في ضمن البحوث السالفة.

الثاني:اثبات الاذن باحد الوجوه المتقدمة،و لكن قد عرفت عدم تمامية شيء منهما.

الى هنا قد استطعنا ان نخرج بهذه النتيجة:و هي انه لا تترتب على البحث التطبيقي أية ثمرة عملية،فان الارض المفتوحة عنوة

الاراضی 284)


كأرض العراق او نحوها سواء أ كانت ملكا للمسلمين أم كانت ملكا للإمام(ع)فأمرها بيده(ع)و له ان يتصرف فيها بما يرى من تقبيل و اجارة،و نحوهما بلا فرق بين نوعين من الملك اصلا،كما ان له(ع)ان يصرف حاصلها و نتاجها في مصالح المسلمين او مصالح الدولة التي ترجع بالتالي الى مصالح المسلمين،فلا ثمرة من هذه الناحية بين كون تلك الاراضي ملكا للمسلمين،و كونها ملكا للإمام(ع)هذا من جانب.

و من جانب آخر:انها على تقدير كونها ملكا للمسلمين فقد عرفنا انها ظلت في نطاق ملكيتهم،و لا تنقطع علاقتهم عنها نهائيا بعد الخراب،لما مر بنا في ضمن البحوث السالفة من ان العلاقة بالارض إذا كانت على مستوى الملك لم تنقطع عنها بالخراب،و لا بقيام غيره باحيائها،كما قد مر بنا انه لا فرق في دخول الارض في نطاق ملكية المسلمين بين كونها عامرة او مواتا فلا فرق من هذه الناحية أيضا بين كونها ملكا للأمة او ملكا للإمام،فانها على كلا التقديرين لا تخرج عن ملك صاحبها،لا بعد الخراب،و لا بعد قيام غيره باحيائها كما تقدم.

و من هنا لا داعي للبحث باكثر و اوسع من ذلك في مجال التطبيق و التشخيص بين نوعين من ملكية الارض اصلا.

النقطة العاشرة
ان الخراج الموضوع على الارض بتقبيل و اجارة من قبل ولي
المسلمين يتبع الارض في نوع الملك.

فان كانت الارض ملكا عاما

الاراضی 285)


للأمة فالخراج أيضا كذلك.و ان كانت ملكا للإمام(ع)فالخراج أيضا ملكا له(ع)هذا.

و لكن قد عرفت انه لا ثمرة بين نوعين من الملك اصلا على اساس ان امرهما بيد الامام(ع)فله ان يصرف ما هو ملك للمسلمين في مصارف الدولة و نفقات الحكومة اذا رأى في ذلك مصلحة، و بالعكس.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى لا شبهة في انه يجب على المتقبلين دفع الخراج الى الامام(ع).

و انما الكلام و الاشكال في وجوب دفعه الى السلطان الجائر.

فذهب جماعة الى وجوب دفعه اليه:منهم الشهيدان:قال- الشهيد الثاني(قده)في المسالك في باب الارضين:و ذكر الاصحاب انه لا يجوز لأحد جحدها،و لا منعها،و لا التصرف فيها بغير اذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه الى ان قال:ظاهر الاصحاب ان الخراج و المقاسمة لازم للجار حيث يطلبه او يتوقف على اذنه.

و لكن الصحيح:عدم وجوب دفعه اليه

و الوجه فيه ان ما هو ثابت-بمجموعة من النصوص التي تقدمت- هو جواز تقبل الارض من السلطان الجائر.و اما وجوب دفع الاجرة و الخراج اليه فلا دليل عليه،بل لا يجوز ذلك اذا علم انه لم يقم بصرفه في موارده كما هو الغالب،لفرض انه ملك المسلمين فلا بد من صرفه في مصالحهم العامة،و على ذلك فيجب عليهم دفعه الى الامام(ع)ان امكن،و الا فيتولى بنفسه صرفه في مصالح الامة.

و كذا الحال في المقاسمة و الزكوات،فانه لا يجوز دفعهما الى الجائر باعتبار انه يصرفهما فيما هو مصلحته،لا فيما فيه مصلحة

الاراضی 286)


المسلمين و الفقراء.

و من هنا:قد ورد في بعض الروايات النهي عن اعطاء الزكاة للجائر و هو صحيحة عيص بن القاسم عن ابي عبد اللّه(ع)في الزكاة قال:(ما اخذوا منكم بنو امية فاحتسبوا به،و لا تعطوه شيئا ما استطعتم)الحديث 1.

النقطة الحادية عشرة
قد تقدم منا:في ضمن البحوث السالفة ان لكل فرد من
المسلمين ان يمارس حقه في الانتفاع بالاراضي المفتوحة عنوة،

و انه حر في ممارسة أي لون من الوان الانتاج منها و الانتفاع بها،و لكن كل ذلك لا بد ان يكون في ضمن الخطوط التي رسمت من قبل ولي الامر او الدولة في دائرة الشرع،و لا يجوز التعدي و التجاوز عن تلك الخطوط نهائيا على اساس ان التجاوز و التعدي عنها يوجب تضييع حقوق الآخرين،و المنع عن الانتفاع بها.

و هذا يتنافى مع العدالة الاجتماعية التي يهتم الإسلام بها،و يؤمن بضرورة ايجادها بين طبقات الامة.و من الطبيعي ان تحقق تلك العدالة في المجتمع الاسلامي لا يمكن الا على اساس حرية الافراد في ممارسة حقوقهم في الانتفاع بها على ضوء دائرة الخطوط المزبورة، و عدم التعدي عنها يمنة و يسرة،اذ لو كان كل فرد حرا في التصرف


 

1) <page number=”286″ />الوسائل ج 6 الباب 20 من ابواب المستحقين للزكاة <nl />الحديث 2.

 

الاراضی 287)


فيها ما شاء و اراد بحسب ما لديه من المكنة و القوة بشكل مطلق لا وجب ذلك عدم العدالة الاجتماعية لا محالة.

و من هنا:كان على ولي الامر او الدولة وضع الخطوط التي اشرنا اليها آنفا لتصرفات الافراد فيها لكي يتحفظ بها على حقوق الجميع من ناحية،و على التوازن و العدالة الاجتماعية بين افراد الامة من ناحية اخرى.

و تفصيل الكلام في ذلك قد سبق بشكل موسع

النقطة الثانية عشرة
الارض المفتوحة عنوة اذا كانت عامرة طبيعيا كالغابات و نحوها
فلا شبهة في انها تصبح ملكا عاما للمسلمين

اذا كان استيلاء الكافر عليها متقدما زمنيا على تاريخ نزول آية الانفال،و ذلك لا من ناحية ان الكافر يملك تلك الارض بالاستيلاء و السيطرة عليها،لما سيجيء في ضمن البحوث القادمة من ان الاستيلاء على الارض لا يبرر حقا للمستولى فيها،فان ما هو مبرر للحق فيها انما هو بذل العامل الجهد و العمل فيها.

و عليه فان كانت الارض مواتا فالعامل بما انه يخلق فيها فرصة للانتفاع بها على اساس قيامه بعملية الاحياء من ناحية و على ضوء ان كل فرد يملك نتيجة عمله من ناحية أخرى فيملك العامل تلك الفرصة فيها، و على اثر تملكه لها يحصل على صلة برقبة الارض.

و اما اذا كانت الارض عامرة بطبيعتها فلا يخلق العامل فيها شروطا و فرصة للاستفادة منها و الانتفاع بها،فان تلك الشروط

الاراضی 288)


و الفرصة متوفرة فيها قبل قيام العامل بالانتفاع بها،و العامل انما يمارس في زراعتها او نحوها،و نتيجة عمله هي الزرع فهو يملك ذلك،لا الارض،و لا الصفة الموجودة فيها على اساس ان شيئا منهما ليس نتيجة عمله و جهده.

نعم حقه فيها ما دام يواصل في زراعتها و يمارس في الانتفاع بها،و ليس لآخر ان يمنعه عن ذلك و يزاحمه فيه،بل من ناحية ما تقدم من ان ملاك ملكية المسلمين للأرض هو انتزاعها من سيطرة الكافر و استيلائه عليها خارجا و ان لم تكن للكافر علاقة بها،لا على مستوى الملك،و لا على مستوى الحق.

و اما اذا كان استيلاء الكافر عليها بعد تاريخ نزول الآية فهل هي تصبح ملكا للمسلمين او انها ظلت في ملك الامام(ع)؟ فيه وجهان؛ظاهر اكثر الفقهاء هو الوجه الثاني،حيث انهم لا يرون الفرق بين الارض الموات بالاصالة،و الارض العامرة طبيعيا،فكما ان الاولى داخلة في نطاق ملكية الامام(ع)فكذلك الثانية على اساس دخولهما في العام الفوقي-و هو ان كل ارض لا رب لها فهي للإمام(ع)-هذا.

و الصحيح:هو الوجه الاول،و النكتة فيه ما تقدم منافي ضمن الابحاث السالفة من ان نصوص مالكية المسلمين في مثل المقام تتقدم على نصوص مالكية الامام(ع)على اساس انها اما ان تكون محكومة بنصوص مالكية المسلمين،او لا موضوع لها معها.

فالنتيجة في نهاية المطاف:انه لا فرق بين الارض الموات بالاصالة،و الارض العامرة بطبيعتها،فكما ان الاولى تدخل في ملك المسلمين بعد الفتح مسلحا،فكذلك الثانية بدون فرق بين ان

الاراضی 289)


يكون استيلاء الكافر عليها قبل تاريخ نزول الآية او بعده.

و من ذلك:يظهر حال ما اذا كان تاريخه بالاضافة اليه مجهولا، فانه لا اثر له على اساس ذلك نهائيا حتى يجري الاستصحاب و يسقط بالتعارض،فان الاثر له انما هو في فرض بقاء الارض في ملك الامام(ع)اذا كان استيلاء الكافر عليها بعد التاريخ المزبور،و لم تنتقل الى ملك المسلمين بالفتح مسلحا.و لكن قد عرفت ان الامر ليس كذلك.

الاراضی 290)


الاراضی 291)


-3-
الارض المسلمة بالدعوة

مجموعة دراسات و بحوث يدرس فيها اقسامها و ما يترتب عليها من الاحكام و الآثار على ضوء الشريعة الاسلامية المقدسة

الاراضی 292)


الاراضی 293)


الارض المسلمة بالدعوة

يقع الكلام فيها من جهات عديدة:

الأولى:ما إذا كانت الأرض المزبورة مواتا.

الثانية:ما اذا كانت عامرة بجهد بشرى.

الثالثة:ما إذا كانت عامرة بطبيعتها.

أما الجهة الأولى: [ما إذا كانت الأرض المزبورة مواتا]

فان كان اسلام أهلها عليها طوعا متقدما زمنيا على تاريخ نزول آية الانفال فحينئذ ان ظلت الارض مواتا إلى ذلك التاريخ دخلت في نطاق ملكية الامام(ع)و قيام اهلها بعد ذلك بعملية احيائها و عمرانها لا يمنحهم علاقة بها على مستوى الملك و انما يمنحهم علاقة بها على مستوى الحق،لما تقدم في ضمن البحوث السالفة من ان عملية الاحياء في الأرض التي هي ملك للإمام(ع)لا تورث تملك المحيى لرقبتها و انما تورث له الاختصاص بها على مستوى الحق.

و اما اذا لم تظل الارض مواتا إلى ذلك التاريخ-بان كان اهلها قائمين بعملية احيائها و عمارتها قبله زمنيا-فهي لا محالة توجب علاقتهم بها على مستوى الملك،و ذلك لما سبق في خلال البحوث المتقدمة من ان احياء الارض اذا كان قبل تشريع ملكية الامام(ع)للأنفال يورث تملك المحيى لرقبتها،و عليه فالارض ظلت في ملكيتهم، و سوف نشير اليه في الجهة الثانية أيضا.

و ان كان تاريخ اسلامهم عليها طوعا متأخرا زمنيا عن تاريخ نزول الآية فالارض ظلت في ملكية الامام(ع)اذ لا موجب لانقطاع علاقة الامام(ع)عنها ابدا،و اسلامهم لا يوجب منحهم الملكية،كما

الاراضی 294)


سيجيء بحثه في ضمن الجهات القادمة.

و اما الجهة الثانية:-و هي ان الارض التي اسلم عليها أهلها طوعا
كانت عامرة بشريا

-ففيها تارة يفرض تقدم عمرانها على التاريخ الزمني لتشريع مالكية الامام(ع)للأنفال.و اخرى يفرض تأخر عمرانها عن التاريخ الزمني لتشريعها.و ثالثة يفرض الجهل بالتاريخ الزمني له.

اما على الفرض الاول.فلا شبهة في ان الارض تبقى في ملكية اهلها،ضرورة انه لا موجب لانقطاع علاقتهم عنها نهائيا،و اندراجها في ملكية الامام(ع)،فان اندراجها في نطاق ملكيته(ع)يقوم على أساس ان تكون الارض مواتا لدى تاريخ نزول آية الانفال، و الفرض انها كانت عامرة في هذا التاريخ.و من الطبيعي ان اسلام أهلها عليها طوعا في هذا الفرض يوجب التحفظ على ملكيتهم لها، لأن موضوع حرمة مال المسلم يتحقق بإسلامهم،اذ به يحقن الدم و المال،و لا يعقل أن يكون اسلامهم سببا لخروج ارضهم عن ملكيتهم بعد ما كانت ملكا لهم بسبب الاحياء او نحوه قبل اعتناقهم بالاسلام، و قد تقدم ان احياء الكافر الارض يوجب تملكه لرقبتها اذا كان قبل تاريخ تشريع ملكية الامام(ع)للأنفال،و الفرض ان الأمر كذلك فيما نحن فيه

و أما على الفرض الثاني:فالارض حيث كانت مواتا في عصر تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)فهي بطبيعة الحال تدخل في نطاق ملكيته(ع)بعد هذا التشريع.

و انما الكلام:في ان قيام الكافر باحيائها بعده هل يؤدي إلى ثبوت حق له فيها فاذا اسلم عليها طوعا ظل حقه هذا قائما بها اولا؟

الاراضی 295)


فيه وجهان:

الظاهر هو الوجه الثاني:و ذلك لما تقدم في خلال الابحاث الماضية من ان احياء الكافر للأرض التي هي ملك للإمام(ع) كما لا يوجب تملكه لرقبتها،كذلك لا يؤدي إلى ثبوت حق له فيها.هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى:هل يملك الكافر الارض باسلامه عليها طوعا بعد ما لم يكن مالكا لها حال كفره؟فيه وجهان:

قد يستدل على الوجه الاول:بعدة أمور:

الأول:باطلاق قوله(ع)في صحيحة ابي نصر المتقدمة(من اسلم طوعا تركت ارضه بيده و اخذ منه العشر و نصف العشر)على اساس انه يشمل صورة تأخر عمران الارض زمنيا عن تاريخ تشريع ملكية الامام(ع)للأنفال فيدل على انها تركت بيده بسبب اسلامه عليها طوعا.

و ربما يناقش في الصحيحة بضعف السند على اساس ان في طريق الشيخ الى احمد بن محمد بن عيسى هو احمد بن محمد بن يحيى العطار،و هو ممن لم يثبت توثيقه فلأجل ذلك لا اعتبار بها.

و الجواب عن ذلك ان احمد بن محمد بن يحيى العطار و إن كان واقعا في بعض طريق الشيخ إلى احمد بن محمد بن عيسى إلا ان له طريقا آخر اليه و هو صحيح،و قد رواه جميع كتبه من هذا الطريق الصحيح،كما بينه سيدنا الاستاذ دام ظله في كتابه معجم رجال الحديث

فالنتيجة:ان الرواية معتبرة من ناحية السند،و انما الكلام في دلالتها

الاراضی 296)


الصحيح:انها لا تدل على ان اسلام الكافر على الارض طوعا يوجب منحه ملكيتها،فان الظاهر لدى العرف-من قوله(ع)في الصحيحة(من اسلم طوعا تركت ارضه بيده)-هو ان له علاقة بالارض قبل اختياره الإسلام طوعا،لا ان اسلامه هذا يوجب منحه هذه العلاقة،و منشأ هذا الظهور هو اضافة الارض اليه في قوله(ع) الآنف الذكر،لأن العرف يفهم منه سبق هذه الاضافة و العلاقة على اختياره الإسلام طوعا.و عليه فما يترتب على اسلامه عليها كذلك هو ابقائها بيده و عدم أخذها منه رغم انه لو لم يسلم عليها فأخذت منه و اصبحت ملكا للمسلمين او الامام(ع).

فالنتيجة:انها لا تدل بوجه على ان اسلامه سبب لمنحه ملكية الارض بعد ما لم تكن ملكا له.نعم من مظاهر اسلامه حقن ماله و احترامه كدمه؟؟؟ بعد ما كان مهدورا في حال كفره.

و حيث ان فيما نحن فيه لا علاقة للكافر بالارض التي اسلم عليها طوعا،لا على مستوى الملك،و لا على مستوى الحق فلا تشمله الصحيحة على اساس ان موردها هو ما اذا كان للكافر علاقة بها.

و لو تنزلنا عن ذلك و سلمنا ان للصحيحة اطلاقا تشمل بسببه ما اذا كان عمران الارض متأخرا زمنيا عن تاريخ تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)و تدل على ان اسلامه يمنح ملكية الارض له إلا ان هذا الاطلاق معارض باطلاق مجموعة من النصوص التي تقول:

-ان الارض الخربة التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب للإمام(ع)- فان اطلاق هذه المجموعة يشمل الارض الخربة التي تكون في سيطرة الكافر و استيلائه،و ملتقى المعارضة بينهما في مورد الكلام هي الارض التي ظلت مواتا الى تاريخ تشريع ملكية الانفال للإمام(ع)-بان

الاراضی 297)


يكون عمرانها بعد ذلك التاريخ-فان مقتضى اطلاق الصحيحة هو انها تدخل في ملك من أسلم عليها طوعا.و مقتضى اطلاق هذه المجموعة هو أنها ظلت في ملك الامام(ع)،و بما إنه لا ترجيح لأحد الاطلاقين على الاطلاق الآخر فيسقطان معا فيرجع حينئذ إلى استصحاب بقاء ملكية الارض للإمام(ع)حيث انها كانت ملكا له(ع)قبل اسلام اهلها طوعا،و بعده شك في بقائها في ملكها فيستصحب بقائها فيه،و عدم دخولها في ملك من اسلم عليها طوعا.

و مع الاغماض عن هذا الاصل لا مانع من الرجوع الى المجموعة الأخرى من النصوص:و هي التي جاءت:بهذه العبارة(كل أرض لا رب لها فهي للإمام)(ع)فان هذه الارض بعد سقوط الاطلاقين و فرض عدم الاصل العملي في المقام قد اصبحت مما لا رب لها فتدخل في كبرى هذه المجموعة-بعد ضم الاصل الموضوعي اليها-.

الثاني:بمجموعة من النصوص الدالة على ان بالاسلام حقنت الدماء و الاموال،بتقريب انها تدل على ان اسلام الكافر على أرض طوعا يوجب منحه ملكيتها.

و الجواب عن ذلك:ان هذه النصوص تصنف إلى مجموعتين:

احداهما:تتكفل ان بالاسلام حقنت الدماء.

و الاخرى:تتكفل ان بالاسلام حقنت الدماء و الاموال،

أما المجموعة الاولى:فهي و ان كانت نصوصا معتبرة.

منها:قوله(ع):في موثقة سماعة(الإسلام شهادة ان لا إله إلا اللّه و التصديق برسول اللّه(ص)و به حقنت الدماء) 1.

و منها:قوله(ع):في صحيحة فضيل بن يسار(الإسلام


 

1) <page number=”297″ />أصول الكافي ج 2 باب الكفر و الايمان.

 

الاراضی 298)


ما عليه المناكح و الموارث و حقن الدماء) 1.

و منها:قوله(ع):في صحيحة حمران بن اعين(و به-الإسلام- حقنت الدماء) 2.

إلا انها اجنبية عما نحن فيه:لأنها لا تدل على ان بالاسلام حقن المال و انما تدل على ان به حقنت الدماء،و من الواضح انه لا ملازمة بين كون الإسلام موجبا لحقن الدم و كونه موجبا لحقن المال،فلو كنا نحن و هذه المجموعة من النصوص لم يكن بوسعنا الحكم بحقن مال الكافر اذا اسلم،و انما نحكم بمقتضى هذه المجموعة بحقن دمه فحسب.

نعم قد ثبت بمقتضى مجموعة اخرى من النصوص احترام مال المسلم و حقنه و هي التي تقول:(لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفسه)و لكن لا ينتج-ضم هذه المجموعة الى تلك المجموعة-ما هو المقصود من الاستدلال بها-و هو كون اسلامه سببا لمنحه ملكية الارض التي لم يكن مالكا لها حال كفره و حربه-و إنما ينتج ان اسلامه يؤثر في حقن دمه و ماله الذين كانا مهدورين في تلك الحال، و هذا هو نقطة الفرق بين حال كفره و حال اسلامه،فمن مظاهر الاول مهدورية دمه و ماله،و من مظاهر الثاني محقونيتهما،فالمستفاد من ضم المجموعة الثانية الى المجموعة الاولى انما هو ذلك،و لا اشعار فيه فضلا عن الدلالة على ان من مظاهر اسلامه طوعا منحه ملكية الارض التي لم تكن داخلة في نطاق ملكيته حال كفره و حربه.

و اما المجموعة الثانية:فهي بأجمعها ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد على شيء منها،و بقطع النظر عن ذلك فهي بأجمعها قاصرة من ناحية


 

1) <page number=”298″ />اصول الكافي ج 2 باب الكفر و الايمان.
2) اصول الكافي ج 2 باب الكفر و الايمان.

 

الاراضی 299)


الدلالة،و ذلك لأن مدلول هذه المجموعة هو ان من مظاهر الإسلام حقن الدماء و الاموال و حرمتهما،و من مظاهر الكفر مهدورية الدماء و الاموال و اباحتهما،فما يكون مهدورا و مباحا في حال كفره و محاربته للإسلام فهو محقون و حرام في حال اسلامه و اعتناقه به.

و لا تدل بوجه على ان ما لا تكون للكافر علاقة به اصلا لا على مستوى الملك و لا على مستوى الحق فاظهاره الإسلام يمنحه علاقة به على مستوى الملك،بل لا اشعار في تلك المجموعة بذلك فضلا عن الدلالة.و فيما نحن فيه بما ان الارض التي هي بيد الكافر ملك للإمام(ع)و لا تكون للكافر علاقة به اصلا فلا تكون مشمولة لها على اساس ما عرفنا.

الثالث:باستقرار سيرة النبي الاكرم(ص)على ترك الارض بيد اهلها اذا اسلموا عليها طوعا من دون ان يطالبهم بالطسق بغير تفصيل بين تقدم عمرانها زمنيا على تاريخ تشريع ملكية الامام(ع) للأنفال و تأخره كذلك عنه.و من الطبيعي ان ذلك يدل على ان اسلام الكافر يمنح ملكية الارض له.

و الجواب عنه ان السيرة و ان كانت ثابتة إلا انها لا تدل بوجه على ان اسلام الكافر طوعا على ارض يوجب منحه ملكية الارض،ضرورة انه ليس في سيرة النبي الاكرم(ص)إلا ترك الارض بيد اهلها.

اذا اسلم عليها طوعا،و من الطبيعي انه لا يكون في مجرد ذلك اشعار بتملكه لرقبة الارض بسبب اظهاره الإسلام،اذ يمكن ان تظل رقبة الارض في ملك النبي الاكرم(ص)و لكنه رغم ذلك اباح التصرف له فيها مجانا،لأجل تشرفه بالاسلام.كما يمكن ان يكون ذلك بتمليكه(ص)الارض له على اساس ان امرها بيده،و له ان

الاراضی 300)


يتصرف فيها بما يرى،فكل ذلك محتمل،و لا يتعدى عن حدّ الاحتمال،و عليه فالمحتملات في المقام ثلاثة:

الاول:ان يمنح اسلام الكافر طوعا ملكية الارض له.

الثاني:ان يبيح النبي الاكرم(ص)التصرف له فيها من دون وضع طسق عليها رغم ان رقبتها ظلت في ملكه.

الثالث:ان يكون ذلك بتمليك النبي الاكرم(ص)الارض له

و اما السيرة المذكورة فهي لا تدل على شيء من هذه المحتملات فان ترك الارض بيده كما ينسجم مع الاحتمال الاول و الثالث، ينسجم مع الاحتمال الثاني،و ليس فيها ما يصلح ان يكون قرينة على تعيين الاحتمال الاول او الثالث.

و دعوى-ان عدم فرض الطسق عليها في السيرة قرينة على ان الارض تصبح ملكا لمن اسلم عليها طوعا:اما من ناحية تمليك النبي الاكرم(ص)لها او من ناحية ان اسلامه يمنحه ملكية الارض، فانها لو ظلت في ملك الامام(ع)لم يكن مبرر لعدم وضع الطسق عليها،لأن الفارق بين النوعين من الملك أعني-ملك الامام(ع) و ملك من اسلم عليها طوعا-انما هو في وجوب الطسق عليها و عدم وجوبه.

-خاطئة جدا:و ذلك لان مجرد عدم وجوب الخراج و الطسق عليها لا يكون دليلا على ملكية الارض له،لما تقدم في ضمن البحوث السالفة من ان للإمام(ع)ان يعفو عن الطسق و الخراج اذا رأى في ذلك مصلحة،كما هو الحال بالاضافة الى الشيعة،حيث قد ابيح لهم التصرف فيها مجانا رغم ان الرقبة باقية في ملك الامام(ع)، و لعل المقام كذلك،بل هو الظاهر بمناسبة الحكم و الموضوع على اساس ان

Pages: 1 2 3 4 5
Pages ( 3 of 5 ): «12 3 45»