آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
موقع المرأة فی النظام السیاسی الإسلامی
جلد
1
موقع المرأة فی النظام السیاسی الإسلامی
جلد
1
عنوان کتاب : نموذج لمجموعة أسئلة حول موقع المرأة فی النظام السیاسی الإسلامی
نام ناشر : دفتر معظم له
جلد : 1
تعداد صفحات: 65
سماحة العلامة آية الله الشيخ محمد إسحاق الفياض دامت بركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أضع بين أياديكم الكريمة مجموعة أسئلة معدة للبحث عن موقع المرأة المسلمة في النظام السياسي الإسلامي معدة كجزء من أطروحة لدرجة الدكتوراه.. وهو موضوع يطرق للمرة الأولى من خلال أراء المذاهب الإسلامية المختلفة ومن خلال أطر الأنظمة السياسية المختلفة في الإسلام، راجية من الله سبحانه التوفيق لإثراء ساحة الفكر الإسلامي بإلقاء الضوء على الحقائق الإسلامية الجامعة لعناصر الأصالة والثبات والتجدد في آن واحد، وأرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة عليها، وخلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين إن أمكن ذلك، وذلك بسبب ضيق الوقت المتاح في جدول البحث الزمني.. كما وأرجو أن تزودوني بعنوانكم الذي
يمكنني من استمرار الت – واصل والمراجعة العلمية معكم.. أمدكم الله بنور قدرته وجزيل مثوبته.
******
مسؤولية الحكومة في الدولة الإسلامية مسؤولية “تنفيذية” للدستور الإلهي، إذ ت – قوم الدول – ة الإسلامية على مبدأ
(( الحاكمية لله وحده بلا شريك )) ، فليس لأي فرد أو جماعة أو سلطة نصيب من الحاكمية، والمشرع هو الله سبحانه، فلا يملك أي أحد أن يشرع أو يغير مما شرعه الله للبشرية، والحاكمية التي تمارسها الأمة في المجتمع هي خلافة بمعنى النيابة عن الله سبحانه وتعالى إذ هو مصدر السلطات.
حيث أن المرأة جزء من الأمة التي لا تملك أي سلطة ولا حاكمية ولا صلاحية للتشريع إذ أنها لله وحده، وعلى المستوى التنفيذي فهي كالرجل مستخلفة على رعاية الأمانة الإلهية في تطبيق شرع الله وفق حدوده التي قررها الشارع ج – ل وعلا جملة وتفصيلا:
هل يجوز للمرأة أن تتقلد المناصب الآتية في الدولة الإسلامية…
1. الرئاسة العليا للبلاد؟
2. رئاسة الوزراء؟
3. الوزارة بأنواعها: التفويضية، التنفيذية، والاستشارية؟
4. إمارة الاستكفاء؟
5. إمارة الاستيلاء؟
6. قيادة الجيوش بأنواعها:
7. الإمارة على الجهاد ضد المشركين؟
8. قيادة حروب المصالح مثل: قتال أهل البغي من المسلمين والمخالفين، والمحاربين وقطاع الطرق؟
9. ولاية الشرطة؟
10. ولاية الاس – تخبارات “الشرطة السرية”؟
الجواب: يجب على المرأة المسلمة أن، تستر بدنها وهندامها من الأجنبي، وأن تحافظ على كرامتها وشرفها وعفتها وطهارة بطنها من تدنيس كل دنس… فإذا كانت المرأة المسلمة كذلك، جاز لها التصدي لكل عمل لا ينافي واجباتها في الإسلام، سواء أكان ذلك العمل عملا اجتماعيا – كرئاسة الدولة مثلا – أو غيرها من المناصب الأخرى، أم فرديا – كقيادة السيارة والطائرة ونحوها.
ومن الواضح أن تصدي المرأة للأعمال المذكورة لا يتطلب منها السفور وعدم الحفاظ على كرامتها الإسلامية كامرأة مسلمة، بل محافظتها عليها في حال تقلدها لمناصب كبيرة في الدولة تزيد من شأنها وقيمتها ومكانتها الاجتماعية وصلابتها في العقيدة والإيمان.
والخلاصة: إن المرأة المسلمة إذا كانت قوية في إرادتها، وصلبة في عقيدتها وإيمانها بالله تعالى، ومحافظة على شرفها وكرامتها، فلها أن تتصدى لكافة المناصب المشار إليها في السؤال الأول، ولا فرق من هذه الناحية بين الرجل و المرأة. هذا كله في الحكومات غير الشرعية، سواء أكانت في البلاد الإسلامية أم في غيرها.
وأما إذا كانت الحكومة شرعية، بأن تكون قائمة على أساس حاكمية الدين فهي تختلف عن الحكومة غير الشرعية، فإن
السلطة الحاكمة في الحكومة الشرعية متعينة من قبل الله تعالى وحده لا شريك له، إما بالتنصيص بالاسم والشخص، كما في زمن الحضور أو بالصفات، كما في زمن الغيبة، بينما السلطة الحاكمة في الحكومة غير الشرعية إما إنها متعينة بالانتخابات العامة الحرة، أو مبتنية على القوة والقهر. ومن هنا تكون للسلطة الحاكمة في الحكومة الشرعية سلطة واسعة في تنفيذ الدستور الإلهي و تطبيقه على كافة الاتجاهات: من الاتجاهات الاقتصادية والسياسية والحقوقية والعدالة الاجتماعية والثقافية والأمنية وغيرها بالتشاور والتحاور مع العلماء والخبراء الكفوئين في البلد.
ثم إن الفرق المذكور بين الحكومتين الشرعية وغير الشرعية إنما هو على أساس مذهب الشيعة الإمامية، فإن الحكومة على ضوء هذا المذهب إنما تكون شرعية إذا كانت قائمة على
أساس أن مبدأ الحاكمية لله عز وجل، و إلا فهي غير شرعية فإذا كانت الحكومة شرعية فلا محالة يكون تعيين السلطة الحاكمة فيها من قبل الله تعالى، سواء أكانت في زمن الحضور أو في زمن الغيبة، إذ كما أن ولاية الرسول الأكرم (ص) والأئمة الأطهار (ع) تكون من قبل الله عز وجل، كذلك ولاية الفقيه في زمن الغيبة.
والخلاصة: أن الولاية والخلافة سواء أكانت في زمن الحضور أم في زمن الغيبة على ضوء مذهب الشيعة لا بد أن تكون مجعولة ومنصوبة من قبل الله عز وجل، وأما إثباتها بالإجماع وآراء الناس فهو لا يمكن، ولا قيمة للإجماع في هذه المسألة.
وأما على أساس مذهب أهل السنة فالثابت من قبل الله تعالى عندهم إنما هو رسالة الرسول الأكرم (ص) فقط، وأما خلافة
الخلفاء وولايتهم فإنما هي ثابتة بالإجماع وآراء الناس، لا بنص من الله تعالى، وعلى هذا الأساس فكل حاكم في البلاد الإسلامية إذا ثبتت حكومته على الناس وولايته بآرائهم واختيارهم فهو ولي أمر المسلمين، وحكمه نافذ وحكومته حكومة شرعية. وهذا هو الفارق بين مذهب الشيعة ومذهب أهل السنة. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: هل يثبت للمرأة المسلمة في زمن الغيبة منصب السلطة الحاكمة في الدولة القائمة على أساس مبدأ الدين من قبل الله تعالى إذا توفرت كافة شروط هذا الم – نصب فيها من الفقاهة والأعلمية والعدالة والاس – تقامة والقدرة التنفيذية للدستور الإلهي؟
والجواب: إن أك – ثر ال – فقهاء العظام لا يقولون بالثبوت ولكن الثبوت لا يخلو عن قوة حيث أنه لا دليل على عدم الثبوت
إلا دعوى الإجماع في المسألة والإجماع في نفسه لا يكون حجة إلا إذا أحرز أنه كان ثابتاً في زمن المعصومين (ع) ووصل إلينا من ذلك الزمان يداً بيدٍ وطبقة بعد طبقة ولا طريق لنا إلى غحراز ذلك أصلاً.
9. القضاء بأقسامه: القضاء العام، قضاء المظالم، قضاء الردة، ولاية الحسبة، قضاء الأحداث، قضاء النساء؟
الجواب: القضاء في الإسلام هو فصل الخصومة بين المتخاصمين وإنهائها على طبق الموازين المقررة في الشرع. والقاضي الشرعي المنصوب من قبل الله تعالى هو من له الولاية شرعا على تطبيق الأحكام الشرعية، وإجراء الحدود، وإقامة التعزيرات، وخصم النزاعات والمرافعات بين المسلمين، وأخذ حقوق المظلومين من الظالمين بأي كيفية أتيحت ل – ه شرعا بغاية الحفاظ على مصالح المؤمنين الكبرى وهي ال – عدالة الاجتماعية وخلق التوازن.
وبكلمة إن ما هو ثابت في الإسلام للنبي الأكرم (ص) والإمام (ع) مرتبطا بالدين الإسلامي في مرحلة تطبيق الشريعة، وإجراء الحدود، والحفاظ بما يرى فيه مصلحة والتشريع بعنوان ثانوي في منطقة الفراغ (منطقة المباحات الأصلية) حسب متطلبات الظروف وحاجة الوقت، فهو ثابت للفقيه الجامع للشرائط أيضا، على أساس أن الزعامة الدينية تمتد بامتداد الشريعة الخالدة، ولا يحتمل اختصاصها بزمن الحضور، لأنه لا ينسجم مع خلود هذه الشريعة. أجل أن الزعامة في زمن الرسول الأكرم (ص) متمثلة في الرسالة وفي زمن الأئمة المعصومين (ع) متمثلة في الإمامة، وفي زمن الغيبة متمثلة في الفقاهة للفقهاء الجامعين للشروط منها الأعلمية. غاية الأمر إن زعامة الفقهاء في زمن الغيبة في طول زعامة الرسول (ص) والأئمة (ع) في زمن الحضور، ودونها مرتبة وكمالا كما ذكرناه في محله.
وهل تختص هذه الزعامة الدينية بالرجل المسلم إذا كان واجدا لشروطها، أو تشمل المرأة المسلمة أيضا عند توفر شروطها فيها كافة؟
والجواب: أن أكثر الفقهاء يقولون بالتخصيص وعدم العموم ولكن العموم لا يخلو عن قوة إذا كانت شروط الزعامة الدينية كافة متوفرة في المرأة المسلمة. وأما القضاء العرفي بين الناس الذي لا يكون مبنيا على ثبوت الولاية والزعامة الدينية للقاضي، فلا فرق فيه بين الرجل و المرأة.
10. رئاسة القضاء؟
الجواب: يظهر جوابه مما تقدم، سواء أكان القضاء قضاءا شرعيا أم عرفيا على ما تقدم من الملاكات.
11. الترشيح للبرلمان وسائر المجالس النيابية؟
الجواب: يجوز للمرأة أن ترشح نفسها للدخول في البرلمان أو في
سائر المجالس النيابية شريطة أن تحافظ على كيانها الإسلامي وكرامتها كامرأة مسلمة.
12. الانتخابات البرلمانية وسائر المجالس النيابية؟
الجواب: نعم لا مانع.
13. السفارة عن البلاد في الخارج؟
الجواب: نعم لا مانع.
14. أن تكون شرطية؟
الجواب: نعم لا مانع بشرطين: 1 – المحافظة على كرامتها وعفتها وصلابتها في الإيمان وسترها الإسلامي وشرفها. 2 – أن لا ترتكب عملا محرما ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.
15. أن تكون مخبرة؟
الجواب: نعم لا مانع بنفس الشرطين المذكورين.
هل تعتبر المناصب الأخيرة: الترشيح والانتخاب للبرلمان، السفارة عن البلاد في الخارج، منصب الشرطية، ووظيفة المخبرة من الولاية العامة؟
إذا كانت الإجابة على السؤال الأول إن الاستخلاف الإلهي في المسؤولية التنفيذية للدستور الإلهي من خلال الحكومة الإسلامية يجوز للإناث كما للذكور تقلد المناصب المذكورة أو بعضها أرجو الإجابة على السؤال الثالث والرابع والانتقال على السؤال الخامس؟
الجواب: إن المناصب المشار إليها في السؤال لا تعتبر من الولاية العامة، لأن الولاية العامة ثابتة للرسول الأكرم (ص) والأئمة الأطهار (ع) والفقهاء في زمن الغيبة في الجملة. وقد تقدم أن الحكومات في الدول الإسلامية كافة ليست بحكومات شرعية، لأن الحكومات الشرعية قائمة على أساس مبدأ الحاكمية لله عز
وجل، والسلطة الحاكمة فيها متعينة من قبل الله تعالى، كما مرت الإشارة إليها أنفا، ولا مانع من تقلد المناصب المذكورة كافة.
******
يشترط لتقلد الولاية العامة:
* العلم بالشريعة الإسلامية.
* العدالة.
* الكفاءة والخبرة الن – وعية بحسب الولاية.
وهذه شروط بالإمكان توافرها في المرأة كما في الرجل. هل إذا توفرت في المرأة المسلمة تستطيع بها أن تتقلد المناصب الخمس عشر المذكورة في السؤال الأول أو بعضها، أم يشترط بالإضافة لها توفر شرط الذكورة فيحرم على المرأة تقلدها في الدولة الإسلامية؟ ولماذا؟ نرجو توضيح ذلك بالأدلة الإسلامية؟
الجواب: إن أكثر فقهاء الطائفة من المتقدمين والمتأخرين لا يقولون بالولاية العامة للفقيه الجامع للشرائط منها الأعلمية، والقائل بها بينهم قليل. وأما من يقول بها للفقيه فإنما يقول إذا توفرت شروطها فيه كالأعلمية والعدالة والكفاءة ونحوها، وأما ثبوت هذه الولاية للمرأة المسلمة فهو محل إشكال بل منع عند أكثر الفقهاء ولكن الثبوت عندنا غير بعيد إذا توفرت شروط الولاية فيها كافة من الأعلمية والعدالة والكفاءة وغيرها فضلاً عن تقلدها مناصب أخرى.
******
((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّٰاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقٰامُوا الصَّلاٰةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ)) الحج / 41.
هذه الآية تعبر عن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الاجتماعية. وهي السلطة التنفيذية، ووصف المؤمنين فيها بالذين تمكنوا من السلطة هو وصف للجهاز الحاكم والسلطة التنفيذية.
وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الاجتماعية تحتاج إلى القدرة والسلطة: كجمع الصدقات والموارد المالية، وتقسيم المال بين المسلمين بعدالة، وهي أمور تدخ – ل في التنظيم الاقتصادي على المس – توى العام للمجتمع.
أ) هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعناها كفريضة اجتماعية تقتصر على الرجل أم المرأة أيضا معنية به في خطاب الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة؟ وما الدليل على ذلك؟
الجواب: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة إلهية واجبة على الكل بلا فرق بين الرجل و المرأة. وأما اختصاص هذه الفريضة بالرجل دون المرأة فهو غير محتمل كاختصاص سائر الفرائض الإلهية، لأن المرأة أيضا معنية بخطاب الآية
المباركة والأحاديث الشريفة، فإن اختصاص حكم في الشريعة المقدسة بطائفة دون أخرى منوط بتحقق موضوعه في هذه الطائفة دون الأخرى، كأحكام الحيض والاستحاضة والنفاس وما شاكلها، حيث إن اختصاصها بطائفة النساء من جهة اختصاص موضوعها بها، و إلا فأحكام الشريعة الواحدة مشتركة بين الجميع. فإذن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كوجوب الصلاة والصيام والحج ونحوها، ولا مقتضى للاختصاص، ومجرد أن الخطابات القرآنية موجهة إلى ال – ذكور لا يدل على الاختصاص، وذلك:
أولا: أن الأحكام الشرعية المجعولة في الشريعة المقدسة لا يحتمل اختصاصها بطائفة دون أخرى تطبيقا لقاعدة الاشتراك في التكليف لأهل شريعة واحدة.
وثانيا: إن الخطابات القرآنية بحسب النوع موجهة إلى الناس أو
الإنسان، وهو يعم الرجل و المرأة هذا م – ن ناحية.
ومن ناحية أخرى إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذات مراتب، منها أن يكون باللسان، ولا يعتبر فيه أن تكون لدى الآمر والناهي سلطة تنفيذية، فمن كان قادرا عليه ولو بالنسبة إلى عائلته فقط وجب.
وإذا كان الجواب أنها معنية بذلك:
ب) هل يترتب عليه توليها المناصب الخمس عشر في السؤال الأول أم يجوز لها فقط أن تتولى بعضها وما هي مع توضيح الأدلة؟
الجواب: تقدم في الس – ؤال الأول أنه يجوز لها أن تتولى جميع المناصب الخمس عشر.
******
من مبادئ وقيم المذهب السياسي الإسلامي: (السيادة للأمة في الحكم الإسلامي).
أقول: إن هذا الفرض مبني على الخلط وعدم التمييز بين الدولة القائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين، والدولة غير القائمة على هذا الأساس، فان السلطة الحاكمة في الأولى منتخبة ومتعينة من قبل الله تعالى. وأما في الثانية فهي منتخبة من قبل الشعب، أو مبنية على الحكم بالقهر والغلبة
ويتفرع من هذا المبدأ (عدة أسئلة):
أ) مسؤولية المجتمع في ضرورة تشكيل الدولة وانتخاب الحاكم؟
الجواب: تشكيل الدولة القائمة على أساس حاكمية الدين في زمن الغيبة بيد السلطة الحاكمة في زمن الغيبة فان عليها إذا كانت الظروف مواتيه والموانع غير موجودة أن تقوم بالتشاور والتحاور
مع العلماء والأساتذة والمفكرين والخبراء الكفوئين والأمناء المخلصين في البلد في انتخاب أعضاء الحكومة وان يكون ذلك بعد دراسة شاملة لسوابق كل عضو ومدى أهليته في الحكم وخبرويته وكفاءته ونزاهته وصرامته وأمانته بدون أي دور للطائفية والحزبية والعنصرية والقرابة، وأيضاً على السلطة الحاكمة تطبيق نظام المحاسبة على كافة مكونات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والأمنية والعسكرية والسياسية وهكذا بواسطة الخبراء والأمناء الكفوئين المخلصين هذه هي معايير الحكومة الإسلامية وبها تمتاز عن الحكومة غير الإسلامية حيث أن فيها تتحكم الجهات الحزبية والطائفية والعنصرية وغيرها غالبا لا النزاهة والكفاءة.
وأما إذا كانت العوائق والموانع موجودة عند تشكيل الحكومة الإسلامية فوظيفة العلماء والمراجع العظام إرشاد الناس ودعوة
أصحاب القرار إلى تشكيل دولة تحكم فيها الشريعة الإسلامية لا دولة علمانية قائمة على أساس اللادينية هذا من جانب.
ومن جانب آخر، إن على العلماء بمختلف أصنافهم أن يقوموا في مثل هذه الدولة بنشر الوعي الإسلامي بين الناس كافة والوقوف ضد كل غزو فكري أجنبي، بكل الوسائل والطرق المتاحة، و تزويدهم بالأفكار الإسلامية والقيم الدينية والثقافة الإنسانية، لان الوظائف الدينية في الإسلام المتمثلة في الإتيان بالواجبات الشرعية، والاجتناب عن المحرمات الإلهية، ليست مجرد الخروج عن المسؤولية أمام الله تعالى، بل مضافا إلى ذلك إنها تزود الناس بالأخلاق الحميدة والملكات الفاضلة وتجهزه بغريزة الدين وقوة الإيمان، وهذا أمر محسوس وجداني، والتجربة في ذلك أكبر برهان. ونتيجة ذلك هي أن أي مجتمع إذا كان متقيدا بالدين الإسلامي وأفكاره وتقاليده فهو يؤثر فيه
ويجهزه بغريزة الدين، فإذا كان المجتمع مجهزا بها فبطبيعة الحال كان مجتمعا آمنا ومتوازنا، وكل فرد فيه يعيش بلا خوف ولا قلق لا على نفسه ولا على عرضه ولا على ماله، وهذا هو معنى إن الدين الإسلامي مربٍ للبشر ويخلق الإنسان الكامل كالجبل الراسخ.
ب) تمكين ال – حاكم وجهاز الدولة من تنفيذ الشريعة الإلهية؟
الجواب: تقدم أن تشكيل الدولة الإسلامية على أساس مبدأ حاكمية الدين منوط بسلطة الحاكم الشرعي في تنفيذ الشريعة الإلهية، و إلا فالدولة غير إسلامية كما عرفت.
ج) إقامة المجتمع المدني بكل مرافقه وإبعاده؟
الجواب: لا بأس بها سواء أكانت في الدولة الإسلامية الشرعية أم في غيرها شريطة أن لا يكون خارجا عن دائرة الإسلام بأبعاده واتجاهاته ومرافقه كافة.
د) تقديم المشورة والخبرة العلمية والعملية من خلال:
* أفراد الأمة الكفوئين؟
* وعبر أجهزة الشورى وتشكيلاتها المختلفة؟
الجواب: إن ه – ذا أمر ضروري في كافة أجهزة الدولة ومرافقه – ا كانت الدولة إسلامية أم غيرها أما في الدولة الإسلامية فالمشورة واجبة شرعا على السلطة الحاكمة في كافة تشكيلاتها وإنها عنصر أساسي ولا يحق لها الانفراد بالرأي والاستقلال فيه في أي تشكيل من تشكيلات الدولة بل عليها الحوار والمشورة مع الخبراء الكفوئين والأمناء المخلصين في البلد في كافة مكونات الدولة وأجهزتها وأعضائها ودراستها بتطبيق نظام المحاسبة عليها جميعا بشكل موضوعي ودقيق.
تأسيسا على هذا المبدأ نورد الأسئلة الآتية:
1) “وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” آل عمران / 104.
الآية القرآنية تعبر عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الاجتماعية، والتي ينبغي أن تقوم بها الأمة الإسلامية التي هي مصدر السيادة في الحكومة الإسلامية.
كيف تعرفون الأمة؟
وهل تصدي الأمة لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الاجتماعية تلك الفريضة الكفائية تستوجب استبعاد العناصر الأنثوية من المجموعة المتصدية حتى لو كان هؤلاء النسوة ممن يملكن العلم والكفاءة الاختصاصية المطلوبة؟
الجواب: المراد من الأمة الجماعة، حيث أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الكل كفاية، فإذا قام جماعة به سقط عن الآخرين، كما هو شأن كل واجب كفائي، كما أن
الم – راد من الأمة الأعم من الرجال والنساء ولا فرق بينهما في التصدي لهذه الفريضة الاجتماعية المهمة.
2) بيعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للنساء، بيعة العقبة الثانية صورة من صور تمكين الحاكم وجهاز الدولة من تنفيذ الشريعة الإلهية.
وقد ذكرت الآية 12 من سورة الممتحنة بيعة النساء: “يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذٰا جٰاءَكَ الْمُؤْمِنٰاتُ يُبٰايِعْنَكَ عَلىٰ أَنْ لاٰ يُشْرِكْنَ بِاللّٰهِ شَيْئاً وَ لاٰ يَسْرِقْنَ وَ لاٰ يَزْنِينَ وَ لاٰ يَقْتُلْنَ أَوْلاٰدَهُنَّ وَ لاٰ يَأْتِينَ بِبُهْتٰانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لاٰ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبٰايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”
ص المقطع من الآية وهو “وَ لاٰ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ” إلى أي قسم من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشير، إلى الفريضة الفردية التي في إطار الموعظة الاجتماعية التي
تستلزم القدرة والسلطة؟
الجواب: المراد بالمعروف في الآية الكريمة السنة التي سنها رسول الله (ص) فيكون ما سنه هو المعروف عند المسلمين.
ص وهل المعروف المذكور في الآية ينحصر بأمور محددة أم أنه معروف بمعناه الواسع الذي يش – مل الإسلام كله؟
الجواب: يظهر جوابه مما تقدم من أن المراد بالمعروف السنة التي سنها رسول الله (ص) بالمعنى الواسع لا خصوص فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ص هل تعبر بيعة النساء عن عملية سياسية أم أنها مجرد بيعة على قضايا عقائدية بحتة ونسوية خاصة لا غير؟ نرجو توضيح هذا المطلب؟
الجواب: البيعة هي التعهد والتولية، وعقدها المبايعة
بالخلافة، وهي معنى القبول والإطاعة لها، فالآية تنص على أن
الله عز وجل خاطب نبيه (ص)
(( إذا جاءك المؤمنات يبايعنك.. فبايعهن.. )) والمعنى إن المؤمنات إذا تولينك وبايعنك بإطاعتك، فأنت تقبل مبايعتهن بشروط – كما في الآية – فإذن ليس المراد منها عملية سياسية، بل عملية في دور ال – طاعة والانقي – اد و الإيمان بالرسالة.
3) وحيث أن سيادة الأمة تتحقق بتقديم المشورة والخبرات العلمية والعملية من أفراد الأم – ة الكفوئين وأجهزة الشورى..
“وَ أَمْرُهُمْ شُورىٰ بَيْنَهُمْ”
وبمقتضى الآية: “وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنٰاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيٰاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ” التوبة / 71.
التي تعبر عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الفردية المنحصرة في إطار الموعظة.
وبمقتضى عنوان التضحية والتواصي: “وَ تَوٰاصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَوٰاصَوْا
بِالصَّبْرِ”
العصر / 3.
وبمقتضى وجوب اختيار الأكفأ إن وجد، وقد يكون الأكفأ امرأة في العلم والفقاهة والاجتهاد والعدالة والاختصاص المطلوب.
وبمقتضى مقياس تنوع الخبرات والكفاءة النوعية لشؤون الأسرة والطفولة.
ص ألا يجب، أو لا يجوز ترشيح وانتخاب المرأة لتكون عضوة في المجالس البرلمانية تمارس دور الشورى والتواصي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
الجواب: إن سيادة الأمة على ضوء مذهب الإمامية تتحقق بقيام دولة على أساس مبدأ الحاكمية لله عز وجل، وعليه فبطبيعة الحال يكون تعيين السلطة الحاكمة فيها إنما هو بنص من الله تعالى بالاسم والشخص، كما في زمن الحضور، أو الصفات
المميزة، كما في زمن الغيبة، بينما تتحقق سيادة الأمة على ضوء سائر المذاهب الإسلامية بالانتخابات وصناديق الاقتراع لا بالنص، ما عدا رسالة الرسول (ص) فإنها ثابتة عندهم بالنص، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى إن المشاورة بين أفراد الأمة الكفوئين من الرجال والنساء في تمام أجهزة الدولة وتشكيل الشورى من واجبات الدولة، لأن تبادل الأفكار والخبرات العلمية والعملية، والمشاورة في الأمور الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والتعليمية وغيرها أمر ضروري في كل دولة، سواء أكانت شرعية أم لا، وقد تقدم إن وظيفة السلطة الحاكمة في الدولة الإسلامية شرعا المشاورة والمحاورة مع الخبراء والكفوئين وعملا والأمناء المخلصين من الرجال والنساء في كافة أجهزة الدولة وتشكيلاتها، لأن تقلد المناصب الحكومية لابد أن يكون
بحسب الكفاءة واللياقة، سواء أكان رجلا أم امرأة وعليه فيجوز للمرأة ترشيح نفسها لعضوية المجالس البرلمانية إذا كان عندها الكفاءة واللياقة والخبروية، سواء أكانت في الدولة الإسلامية أم غيرها.
ص وإن جاز أن تكون نائبة..
ما حكم توليها رئاسة لجان البرلمان؟
الجواب: يجوز توليها رئاسة اللجان البرلمانية.
ص وم – ا ح – كم توليها رئاسة البرلمان؟
الجواب: يجوز ت – وليها رئاسة البرلمان.
بحسب ما دل عليه فقهاء الإسلام أن:
ص الدولة الإسلامية دولة ترعى كافة الحقوق للإنسان، وتضمن له جميع الحريات المسؤولة، الحرية الشخصية
والفكرية والعقائدية وحرية التعبير وإبداء الرأي والحرية السياسية والتي تعني أنه يستطيع إذا أراد أن يشغل المناصب الإدارية ويساهم في الأمور السياسية كالشورى والنصيحة والنقد وحرية التعبير في حدود القوانين الشرعية.
ص والأصل العام في الإسلام المساواة بين الأفراد، ومنها المساواة بين الذكر والأنثى.
فهل تستثنى المرأة من مساواتها بالرجل في ممارسة الحقوق والحريات السياسية بأجمعها أو بعض منها؟ وما الدليل على ذلك من النصوص الصريحة القاطعة بالدلالة؟
الجواب: لا تستثنى المرأة من مساواتها مع الرجل في الحقوق الاجتماعية والفردية والفكرية وحرية التعبير، وإبداء الرأي، والدخول في كافة الاستثمارات والأنشطة المالية في الأسواق والبورصات العالمية وحيازة كافة الثروات الطبيعية وأحياء
الأراضي البائرة وغيرها، كل ذلك في الحدود المسموح بها من قبل الشرع، فلا يسمح بالاستثمارات والأنشطة الاقتصادية المحذورة المعيقه للقيم والمثل الدينية والأخلاقية كالاستثمار بالربا والاتجار بالخمور والميتة ولحوم الخنزير، والمخدرات والاحتكار والغش وغير ذلك هذا من جانب ومن جانب أخر إن الدولة الإسلامية الشرعية تتكفل جميع الحقوق للإنسان المسلم وتقدم له الحرية بكل الاتجاهات والأنشطة ولكن في الحدود المسموح بها شرعا لا مطلقا بأن لا تؤدي هذه الحرية إلى تفويت حقوق الآخرين وأن لا تعيق القيم والمثل الدينية والأخلاقية كالكذب والغيبة ونحوهما فإنه ليس حرا فيها ولا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.
******
هل تختلف الإجابة في أحقية المرأة أن تتقلد المناصب السياسية المذكورة في السؤال الأول إذا كانت الدولة غير إسلامية كالدول الأوربية مثلا، أو دول إسلامية لا تحكم بحكم القرآن مثل معظم الدول الإسلامية الحالية؟
الجواب: إن تصدي المرأة في الدولة القائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين للسلطة الحاكمة، ومنصب القضاء والإفتاء فقط مورد إشكال عند الفقهاء وان كان الأظهر جوازه عندنا إذا توفرت شروط هذا المنصب فيها وأما تصديها لسائر المناصب فيها فهو جائز عند الجميع وأما إذا لم تكن الدولة إسلامية فيجوز لها أن تتقلد كافة المناصب فيها بلا استثناء.
******
من مسلمات الفقه الإسلامي قاعدة: “سلطة الإنسان على ماله” .فإذا كان الناس مسلطين على أموالهم، بمعنى أنه لا يجوز لأحد أن يتصرف فيها إلا بإذنهم، فهم بطريق أولى مسلطون على أنفسهم فلا يجوز لأحد أن يتصرف في مقدراتهم وشؤونهم دون إذنهم. فعلى أساس قاعدة أن الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، والمرأة إنسانة من الناس مسلطة على أموالها ونفسها، فلا بد أن تكون الدولة المتصرفة واقعة موقع رضاها إبتداءاً من رئاسة الدولة إلى السلطة التشريعية في انتخاب أعضائها.
بناءً على ما تقدم هل يجيز الإسلام للمرأة الانتخاب: انتخاب رئيس الدولة، وأعضاء السلطة، وأعضاء السلطة التشريعية وسائر المجالس الانتخابية؟
الجواب: نعم يجوز للمرأة أن تشترك في انتخاب رئيس الدولة وأعضاء السلطة الحاكمة وأعضاء السلطة التشريعية وسائر
المجالس الانتخابية كافة.
******
إذا جاز للمرأة أن تكون نائبة في المجلس التشريعي للبرلمان، شهادتها في القضايا السياسية التي تطرح فيه:
هل تعادل نصف شهادة الرجل كما هو الحال في بعض القضايا الاجتماعية والقضايا الفقهية؟ أي أن تصويت المرأة في القضايا السياسية هل يتعين بصوت واحد أم بنصف صوت؟
الجواب: إن شهادة المرأة في جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعادل شهادة الرجل، ولا فرق بينهما، وكذلك صوتها كصوت الرجل، وأما أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فهي إنما تكون في موارد خاصة للنص الخاص في الشرع.
******
من الواضح أن توزيع الأدوار في الإسلام داخل الأسرة، يقوم على خصائص الذكورة والأنوثة، وعلى هذا الأساس أوجب على الرجل النفقة على زوجته وعياله وجعل له القوامة عليهم. فهل يصح قياس توزيع الأدوار في الحياة العامة على مقياس توزيعها داخل الأسرة الذي يقوم على الذكورة والأنوثة، أم أنه لا يصح باعتبار كون الأسرة والحياة العامة حقلين مختلفين والمقياس في توزيع الأدوار في كل منهما يختلف عن الآخر؟
الجواب: إن نظام الأسرة في الإسلام قد بني على أساس أن ثقل أدوار الحياة في داخل الأسرة بتمام عناصرها على الرجل دون
المرأة للحفاظ على كيان المرأة وكرامتها وقيامها بأدوار التربية. ومع هذا لا يمنع الشرع المرأة من القيام بأعمال لا تنافي كرامتها وكيانها الإسلامي. وأما في الحياة العامة فلا فرق بين الرجل والمرأة في كافة أبعادها.
******
“وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ” البقرة / 228.
ما هي الدرجة التي للرجال على النساء؟ وما معناها؟ وهل تنحصر هذه الدرجة في الحياة الأسرية أم تنسحب أيضا على الحياة العامة؟
الجواب: إن المراد من الدرجة في الآية الكريمة المنزلة، حيث إن منزلة الرجل في داخل الأسرة هي أنه قوّام على المرأة،
ومعنى ذلك أن أمر المرأة بيده، فإنه متى شاء الاستمتاع بها ليس لها الامتناع. كما أن إطلاق سراحها بالطلاق بيده، وهذا الحكم مختص بداخل الأسرة، وبدل المنزلة الثابتة للرجل في نظام الأسرة أن للمرأة حقوقاً عليه كالنفقة بما يليق بشأنها وكرامتها وحالها من المسكن والملبس والأطعمة والأشربة والمعيشة معه بسلام وأمن وغيرهما من الحقوق، وأما في خارج الأسرة فلا فرق بين الرجل والمرأة في جميع أدوار الحياة العامة وشؤونها من الحياة السياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها.
******
“اَلرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ” النساء / 34.
هل تقتصر قوامة الرجل على المرأة على الحياة الأسرية، أم أنها
تمتد إلى قوامة الرجال على النساء في الحياة العامة بكافة شؤونها؟
الجواب: إن قوامة الرجل على المرأة تقتصر في الحياة الأسرية، وأما في الحياة العامة، فلا فرق بينهما كما تقدم.
هل الأحاديث التي تُروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصف المرأة بأنها ناقصة عقل ودين أحاديث صحيحة؟
وما معنى هذا النقص تحديداً إذا صحت هذه الأحاديث في نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟
وكيف تكون ناقصة عقل وشهادتها مقبولة، وذات أهلية مالية؟ لماذا لا يحجر عليها في التصرف في الأمور المالية التي تخصها، أو على الأقل بعدم السماح لها بالتصرف إلا بإذن الزوج أو الولي؟
هل لهذا النقص أثر يترتب عليه حرمانها من الحقوق والواجبات السياسية في الحياة العامة؟
الجواب: إن الحديث غير معتبر فلا يصح نسبته إلى الرسول الأكرم (ص)، هذا إضافة إلى أنه غير قابل للتصديق ضرورة أنه خلاف ما هو المحسوس والمشاهد في الخارج، لأن المشاهد والمحسوس فيه أن عقل المرأة لا يقل عن عقل الرجل في كافة الميادين العلمية التي للمرأة فيها حضور ووجود، هذا إضافة إلى أنه يظهر من الآيات والروايات أنه لا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك. ولعل هذا الحديث على تقدير اعتباره ناظر إلى أن طبيعة المرأة بحسب النوع حساسة وذات مشاعر الحب ورقة القلب والميل الى الزينة والجمال أكثر من طبيعة الرجل، فلهذا قد تغلب هذه الإحساسات والمشاعر على عقلها وتفكيرها في الحياة العامة، لا أن كل امرأة كذلك، إذ قد توجد امرأة أكثر صلابة في
إرادتها وقوة قلبها من الرجل، ولهذا تسمى بالمرأة الحديدية.
******
الحديث الذي ين – سب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
1) هل هو حديث صحيح؟
الجواب: إن الحديث غير معتبر، بل غير قابل للتصديق لأن معناه أن المرأة بما هي مرأة لا تتمكن من إدارة البلاد وشؤونها كافة، وأن ولايتها عليها تؤدي إلى سقوطها بتمام اتجاهاتها الحيوية، وهذا ليس إلا من جهة نقصان عقلها وقصور تفكيرها، وقد تقدم أن هذا خلاف الوجدان في كافة المعاهد العلمية والساحات الاجتماعية التي للمرأة فيها حضور.
2) وإذا صحت نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم، ماذا يصنف؟ هل هو من أحاديث الآحاد أم انه مشهور أم هو متواتر؟
الجواب: أنه من أحاديث الأحاد وحيث أن مضمونه مخالف للوجدان فلا بد من تأويله.
3) وإذا صح الحديث في نسبته للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هل قاله على نحو الإخبار بعدم الفلاح لقوم لا يعملون بالشورى، وهم قوم كسرى لما ولوا أمرهم لبنت كسرى بعد وفاته، وهي فتاة لا تعي من الأمور شيئا، أم قاله على نحو التشريع الذي يحرم على كل امرأة تولي الرئاسة العليا للبلاد؟
الجواب: قد عرفت أن الحديث مضافاً إلى أنه غير قابل للتصديق، لم يثبت وعلى تقدير الثبوت لا بد من تأويله.
4) وهل قاله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من موقعه كحاكم قد رأى بذلك المصلحة لظروف الناس في زمانه، أم كمبلغ قد أقر تشريعا ثابتاً لا تتولى المرأة بمقتضاه الولاية العامة العظمى في أي زمان ولا أي مكان؟
الجواب: إن ما صدر عن رسول الله (ص) ظاهر في التشريع، ولكن قد مر أن الرواية غير ثابتة وعلى تقدير الثبوت لا بد من التأويل فلا يمكن الأخذ بظاهرها.
5) هل يصح قياس جميع المناصب السياسية المذكورة في السؤال الأول على هذا الحديث فتحرم كلها أو بعضها على المرأة بعنوان كونها ولاية عامة؟
الجواب: إن الحديث عن تقدير صحته لا يشمل جميع المناصب السياسية المذكورة في السؤال الأول بل ظاهره الاختصاص بولاية الأمر.
6) هل يصح التعامل في فهم هذا الحديث وفق قاعدة
“العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ” والتي تعني أنه إذا ما ورد لفظ عام على سبب خاص لم يقصر السبب بل يعم بعمومه؟
الجواب: إن ذلك يختلف بأختلاف الموارد فان كان هناك تعليل فالمناط بعموم العلة و إلا فالمناط بعموم اللفظ أو إطلاقه إن كان.
******
أ) هل يصح العمل بحديث الآحاد مع أن دلالته ظنية وليست قطعية؟
الجواب: نعم إذا كان تمام سلسلة سنده إلى الإمام (ع) من الثقات.
ب) هل يؤخذ بأحاديث الآحاد وسائر الأحاديث الظنية في المسائل المتعلقة بالنظام الإسلامي والقواعد القانونية؟
الجواب: نعم إذا كان تمام سلسلة سندها إلى الإمام (ع) من الثقات لا مطلقا من جهة ولم يكن مضمونها مخالفا للكتاب والسنة من جهة أخرى.
ج) هل يؤخذ بالأحاديث المشهورة في المسائل الدستورية؟
الجواب: نعم إذا كانت مفيدة للاطمئنان والوثوق و إلا فلا.
******
يستشهد المانعون الذين لا يرون للمرأة حقوقا سياسية” بالإجماع”.
أ) كيف يتحقق مثل هذا الإجماع؟
الجواب: إن أكثر الفقهاء (رض) قد ادعوا الإجماع على المنع عن تصدي المرأة لمنصب القضاء والإفتاء والولاية العامة في الدولة الإسلامية فقط وهي التي تقوم على أساس حاكمية الدين، وأما تصدي المرأة لمناصب أخرى فيها سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم حقوقية أو غيرها فلا مانع منه ولا إجماع في البين. وأما حجية الإجماع فهي منوطة بكشفه عن ثبوته في زمن المعصومين (ع) ووصوله إلينا يدا بيد و إلا فلا دليل على حجيته بلا فرق في ذلك بين أن يكون الإجماع قوليا أو سكوتيا وأما سيرة المتشرعة فإن كانت في زمن المعصومين (ع) فهي حجة من جهة أمضاء المعصوم لها وإن كانت متأخرة عن زمن المعصومين (ع) فلا تكشف عن الإمضاء فلا تكون حجة، وحيث أن الإجماع في نفسه لا يكون حجة ولا طريق لنا إلى إحراز أنه وصل إلينا من زمن المعصومين (ع) فلهذا لا أثر له
ووجوده كالعدم. وأما إذا فرضنا أنه حجة فلا شبهة في أنه دليل على تشريع ثابت لا يتغير بتغير الزمان والمكان كالكتاب والسنة وليس في الشريعة المقدسة أحكام موقته مختصة بزمن خاص أو أحكام مختصة بمكان خاص ضرورة أن الأحكام الشرعية تشريعات أبدية عامة للبشر كافة على وجه الكرة الأرضية بلا فرق بين الرجال والنساء والأسود والأبيض وقارة و أخرى وإنها ثابتة بنحو واحد وبشكل معين ومحدد ولا يتغير بتغير الحياة العامة وتطورها وقتا بعد وقت وقرنا بعد أخر فإن الصلاة في عصر الحجر هي الصلاة في عصر الذرة والفضاء، فإنها كما فرضت على الذي يقود الأشياء بقوة اليد ويحرث الأرض بمحراثه اليدوي كذلك فرضت على من يقود الأشياء بقوة الكهرباء ويزاول عملية تحريك الآلة بقوة الذرة لأن الصلاة التي يصليها من يقود الأشياء بقوة اليد ويحرث الأرض بمحراثه اليدوي هي نفس الصلاة التي
يصليها من يقود الأشياء ويحركها بقوة الكهرباء فلا فرق بين الصلاة في عصر النبي الأكرم (ص) والصلاة في هذا العصر وهو عصر الذرة وعصر الفضاء، لأنها لا تتطور بتطور الحياة العامة الطبيعية وكذلك سائر الأحكام الشرعية كالصيام والحج ونحوها من الواجبات والمحرمات مثلا الكذب محرم في الشريعة المقدسة وهو لا يتغير بتغير الزمان والمكان ولا يتطور بتطور الحياة العامة وكذلك الغيبة والسرقة وغيرهما، والنكتة في ذلك هي أن علاقة الإنسان بالعبادات علاقة معنوية روحية وهي لا تتأثر بتأثر الحياة العامة ولا تتطور بتطورها عصرا بعد عصر وقرنا بعد قرن لوضوح أن العبادات التي لها دور كبير في الإسلام علاقة بين العبد وربه و هي علاقة روحية معنوية لا تتغير بتغير الزمان أو المكان ولا تتأثر بتأثر الحياة وتطورها بينما علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة مادية تتأثر بتأثر الحياة العامة وتتطور بتطورها وقتا بعد وقت ولهذا
تكون الحياة العامة في هذا العصر أكثر تط – ورا من الحياة العامة في العصور المتقدمة.
ومن هنا تكون للعبادات في الإسلام دور تربوي روحي وتقوي علاقة الإنسان بخالقه المطلق المبدع وهي الإيمان بالله وحده لا شريك له وتوجب ترسيخ هذه العلاقة في النفوس فإنها تعالج الجانب السلبي من مشكلة الإنسان الكبرى، حيث إنها ترفض الضياع والإلحاد واللاانتماء وتضع الإنسان موضع المسؤولية أمام الله تعالى في كافة اتجاهاته وتحركاته لأنها تتحكم بالإنسان وتهذب سلوكه في جميع مرافق حياته وتجعلها موافقة لمرضاته تعالى وتقدس ولهذا يكون دور العبادات في الإسلام دور الارتباط بالمطلق وترسيخ هذا الارتباط وتقويته، وتربية الإنسان وجعله إنسانا عدلا مستقيما بحيث يرفض مشكلة الضياع والّلاإنتماء من جهة ومشكلة الغلو في الانتماء والانتساب من جهة أخرى وهي
الوثنية والشرك، فإن المشرك يحول ما ينتمي إليه في العبادات من الصنم المحدود إلى المطلق مع أنه لا حول له ولا قوة ولا شعور ومصنوع بأيدي الإنسان وهذا ناشئ من الجهل والضلال والغرور وضياع الطريق من جهة وحس الحاجة إلى الارتباط بالمطلق في مسيرته وحركته من جهة أخرى وبسبب هاتين الجهتين يقوم بقلب الحقيقة وجعل ما ليس بحقيقة حقيقة مطلقة من خلال الأوهام والأفكار الخاطئة المضلة التي تجعله أعمى بتمام المعنى وبتصويره إلها يعبد، وهل من المعقول أن يصل الإنسان إلى هذه الدرجة من الانحطاط يفقد عقله وشعوره ويجعل ما هو مصنوع بيده إلهاً.
فالعلاج الوحيد لهاتين المشكلتين وهما: مشكلة الضياع والإلحاد واللاإنتماء، ومشكلة الوثنية والشرك هو الإيمان بالله وحده لا شريك له الذي قدمته شريعة السماء إلى الإنسان على سطح الكرة
الأرضية فإنه سيف ذو حدين فبأحدها يقطع دابر الإلحاد وبالأخر يقطع دابر الوثنية والشرك. وهذا الإيمان (بالقادر المطلق) يضع الإنسان موضع المسؤولية أمام الله تعالى في مسيرته وحركته وسلوكه في كافة الاتجاهات من الاجتماعية والفردية والعائلية والدينية والتعليمية وغيرها ويهذب سلوكه إلى الطريق المستقيم والعدل ويبعده عن التصرفات اللامسؤولة والمنحرفة والسلوكيات غير المستقيمة المعيقة للقيم والمثل الدينية والأخلاقية ويستمد حركته ومسيرته في الكون من الكتاب والسنة ويطلب العون من الله تعالى لأنه القادر المطلق فدور الإيمان بالله دور ارتباط الإنسان بالمطلق ودور الاستقرار والطمأنينة في النفوس ودور الهداية وعدم الضياع ودور اعتماد الإنسان المؤمن في كل مرحلة من مراحل مسيرته الطويلة الشاقة.
وأما في الدولة غير الإسلامية وهي التي لا تقوم على أساس مبدأ
الدين سواء أكانت في البلاد الإسلامية أم كانت في غيرها فيجوز للمرأة أن تتصدى كل منصب من المناصب الحكومية بلا استثناء حتى رئاسة الدولة.
ب) وإذا كان هذا الإجماع منحصرا بسيرة المتشرعة في زمن المعصومين عليه السلام هل يصح أن يكون دليلا على تشريع ثابت لا يتغير بتغير الزمان والمكان، أم أنه إجماع في مساحة الأحكام غير الثابتة ولا يصح أن يكون دليلا لزمان ومكان أخر؟
ج) هل يعتبر الإجماع السكوتي حجة؟
الجواب: إن حجية السيرة المشرعة منوطة بثبوتها في زمن المعصومين (ع) ووصولها إلينا من ذلك الزمن طبقة بعد طبقة ولا طريق لنا إلى إحراز ذلك، وكذلك الحال في الإجماع السكوتي.
******
1) هل يمكن اعتبار القياس دليلاً من أدلة استنباط الأحكام الشرعية؟
الجواب: لا يمكن الاعتماد على القياس في استنباط شيء من أحكام الشريعة على أساس أن الأحكام الشرعية تابعة للملاكات الواقعية، ولا طريق لنا إليها. والقياس في كل مورد منوط بإحراز الملاك في المقيس عليه، وهو غير ممكن في الأحكام الشرعية، فلهذا لا موضوع للقياس فيها، ومن هنا ورد الشجب و الاستنكار للعمل بالقياس في الروايات، منها قوله (ع): (السنة إذا قيست محق الدين) وهكذا.
أ – إذا كان كذلك فما هي مساحة وحدود أعماله؟
الجواب: يظهر مما تقدم من أنه لا يجوز العمل به إطلاق – ا.
******
هل ترون النظر إلى حقوق وواجبات المرأة السياسية من خلال إطار النظام السياسي الإسلامي ككل يوضح حكما لها مختلفا عن اعتبارها كجزئية فقهية عنه؟
الجواب: تقدم أنه لا فرق بين الرجل والمرأة في النظام الإسلامي العام بكافة أشكاله وألوانه من العقائدي والعملي والسياسي والاقتصادي والحقوقي وغيرها ما عدا المناصب الثلاثة المشار إليها آنفا عند أكثر الفقهاء.
شواهد وأحداث في عصر الرسالة الأولى عبرت عن واجبات إسلامية سياسية أدتها المرأة في ادوار متميزة لم نعد نرى مثلها.
أ) لماذا فقدت المراة المسلمة هذه الأدوار ما بعد صدر الإسلام؟
الجواب: إن منشأ هذا الاختلاف اختلاف الظروف والمحيط، لا أن واجبات المراة في الشريعة المقدسة في عصر الرسالة تختلف عن واجباتها في العصور المتأخرة ضرورة إن الأحكام الشرعية الثابتة في الشريعة المقدسة للرجال والنساء على السواء أحكام خالدة لا يمكن أن تتغير بتغير الزمان والحياة العامة الطبيعية لأن تلك الأحكام علاقة معنوية وروحية بين العبد وربه، ولهذا لا تتأثر بتأثر الحياة وتغيرها وتطورها عصرا بعد عصر، وقرنا بعد أخر فان الصلاة هي الصلاة منذ عصر البعثة، فلا تتغير بتغير الزمان ومرور الوقت لأن من يحرك الأشياء بقوة اليد يصلي ومن يحرك الأشياء بقوة الذرة يصلي نفس الصلاة، والنكتة ما عرفت من أنها علاقة روحية معنوية بين الإنسان وربه، لا تتأثر بتأثر الحياة العامة وتطورها، بينما علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة مادية
تتأثر بتأثر الحياة وتتطور بتطورها وقتا بعد وقت وقرنا بعد قرن، ولهذا لا يمكن القول بأن واجبات المرأة في صدر الإسلام تختلف عن واجباتها في هذا العصر.
ب) ما يرجع ذلك الفقدان إلى عوامل بيئية سياسية اجتماعية؟
ج) أم أنه بسبب الفهم الضيق للآيات والروايات بخصوص دور المرأة؟
د) أم أن الإسلام واقعا لا يقر للمرأة واجبات وحقوق سياسية؟
الجواب: ب / ج / د / يظهر الجواب مما تقدم من انه لا
فرق بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق السياسية، ولا موض – وع له – ذه الأسئلة حينئذ.
******
ما مدى تأثر الفقهاء بالظروف السياسية والاجتماعية في فهمهم الفقهي للنصوص والأحاديث المتعلقة بهذه الموضوعات؟
الجواب: إن فهم الفقهاء الأحكام الشرعية من النصوص التشريعية المتمثلة في الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لا يتأثر بالظروف السياسية والأوضاع الاجتماعية المتغيرة. والنكتة في ذلك أن قيامهم بعملية استنباط الأحكام الشرعية إنما هو بتطبيق القواعد الأصولية العامة على عناصرها الخاصة، وهذا لا يرتبط بالظروف السياسية والأوضاع الاجتماعية والثقافية. نعم قد يخطأ الفقيه في تكوين القواعد العامة في الأصول نظريا، وقد يخطأ في تطبيقها على عناصرها الخاصة في الفقه، ومنشأ هذا الخطأ أحد أمور:
الأول: المقدرة الفكرية الذاتية، فإن لاختلاف الفقهاء في تلك المقدرة أثراً كبيراً في تحديد القواعد والنظريات العامة وتكوينها بصيغة أكثر دقة وعمقاً وتطبيقها على عناصرها الخاصة كذلك.
الثاني: المقدرة العلمية بصورة مسبقة، فإن لاختلاف الفقهاء في تلك المقدرة العلمية أثرا بارزا في تكوين القواعد العامة بصيغة أكثر صرامةً وأدق تحديداً وكذلك في تطبيقها.
الثالث: غفلة الفقهاء أحياناً خلال دراسة تلك القواعد النظرية المعمقة وممارستها عما يفرض دخله في تكوينها أو تطبيقها.
الرابع: اختلاف ظروفهم الحياتية والبيئية التي يعيشون فيها، فإنه قد يكون منشأً للخطأ، ولكنه نادر.
فالنتيجة: إن الظروف السياسية في البلد والأوضاع الاجتماعية العامة لا تؤثر في فهم الفقهاء واستنباطهم الأحكام الشرعية من القواعد العامة الأصولية.
******
هل يجوز للمرأة أن تتولى منصب الإفتاء الفقهي ومرجعية التقليد؟
الجواب: تقدم أن أكثر الفقهاء يقولون بأن المرأة لا تتولى هذا المنصب ولكن الأظهر عندنا جواز ذلك إذا توفرت فيها شروط الإفتاء والتقليد كافة.
“وَ إِذٰا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتٰاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ” الأحزاب / 52، 53.
“وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ” الأحزاب / 32، 33.
هذه الآيات هل تختص بنساء الرسول (ص) أم يتوجه الخطاب بها ليشمل سائر نساء المسلمين؟
الجواب: إن هذه الآيات مختصة بنساء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
******
إذا تعارضت الحقوق الزوجية الواجبة على المرأة المسلمة كالمضاجعة والخروج من المنزل بإذن الزوج مع الحقوق السياسية والاجتماعية للدولة الإسلامية هل تقدم الحقوق الزوجية أم حقوق الأمة والدولة الإسلامية؟
الجواب: إن حق الزوج على الزوجة الاستمتاع بها متى شاء وفي أي وقت أراد، ولا يحق للزوجة الامتناع والخروج من البيت المنافي لهذا الحق وليعلم أن ثبوت هذا الحق للزوج على الزوجة إنما هو بالمقدار المتعارف الاعتيادي وهذا المقدار لا ينافي توظيف المرأة وخروجها من البيت بمقدار ستة ساعات أو ثمانية باعتبار إن الرجل نوعا يخرج من البيت بهذا المقدار في نفس الوقت. وإما إذا كانت المطالبة من باب العناد والمنع من التوظيف
فهل تجب على المرأة الإطاعة؟ فيه وجهان ولا يبعد عدم الوجوب، هذا نظير ما إذا طلب من المرأة الاستمتاع طول (24) ساعة فان إطاعته غير واجبة في هذا الفرض لانصراف الأدلة عن مثل هذه الفروض نعم لو كانت الوظيفة واجبة على المرأة في الدولة الإسلامية من قبل ولي الأمر لمصلحة عامة فلا يحق لزوجها أن يمنعها
من الوظيفة وان كانت منافية لحقه و إلا فالوظيفة غير واجبة على المرأة حتى تصلح أن تزاحم الواجب. نعم لو كانت المرأة موظفة في الدولة كأن تكون معلمة أو متصدية لمنصب من المناصب فيها، وأقدم الرجل على الزواج بها على الرغم من أنها موظفة، وقبلت المرأة شريطة أن تبقى في الوظيفة وجرى العقد بينهما على هذا الشرط، فلا يحق للرجل حينئذ أن يمنعها من الوظيفة، أو أن المرأة اشترطت على الرجل في ضمن عقد الزواج التوظيف في
الحكومة، فإذا رضي الرجل بالعقد كذلك، وجرى العقد بينهما على هذا الشرط، فليس له أن يمنعها من ذلك، وإما المضاجعة فهي حق الزوجة على الزوج لا العكس.
******
هل يحق للمرأة المسلمة أن تضع قيودا أو شروطا في عقد الزواج تتعلق بالواجبات الزوجية “المضاجعة و الخروج من المنزل بإذن الزوج”؟
الجواب: إن للمرأة أن تشرط على الرجل في ضمن عقد النكاح شروطا، فإذا رضي الرجل بها وجرى العقد بينهما على هذه الشروط وجب عليه الوفاء بها.
******
هل من صلاحيات الحاكم ما فعله الخليفة عمر بن الخطاب في:
محاولة تحديد المهور.
تحديد مدة غياب الزوج عن زوجته.
العطاء للمولود الذي فطمته أمه وليس قبل ذلك، ثم العدول عن ذلك إلى قانون العطاء لكل مولود.
الجواب: نعم يجوز تحديد المهور إذا رأى الحاكم الشرعي فيه مصلحة عامة باعتبار أنها غير محددة في الشريعة المقدسة، وكذلك له تحديد غياب الزوج إلى مدة معينه إذا رأى فيه مصلحة كذلك.
وأما تغيير الحكم الشرعي فهو ليس من صلاحية الحاكم الإسلامي مهما كانت مرتبته ومقامه حتى النبي الأكرم (ص) فليس له ذلك، لأنه بمقتضى الآية الكريمة ((وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ إِنْ
هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ)) ليس له هذا الحق.
ملحوظة
تقدم أنه يجب على المرأة المسلمة الحفاظ على كرامتها وشرفها وعفتها ونجابتها وحجابها كمرأة مسلمة مؤمنة في كافة الحالات والاتجاهات من الاجتماعية والفردية و العائلية والسياسية والاقتصادية والتعليمية وما شاكلها كما أنه يجب على الرجل المسلم أيضا الحفاظ على كرامته وشرفه وعزته ودينه كرجل مسلم ومؤمن في تمام الحالات السياسية وغيرها ولا فرق بين الرجل والمرأة من هذه الناحية كما أن على كل من يتقلد منصباً من المناصب الحكومية إسلامية كانت أم غيرها أن يكون هدفه من وراء ذلك خدمة الإسلام والمسلمين والبلد بمختلف جهاته لتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية والتوازن لا أن يكون هدفه الكرسي والوصول إلى المصالح الشخصية ولو