آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
مناسك الحج وبهامشها – عربی
جلد
1
مناسك الحج وبهامشها – عربی
جلد
1
عنوان کتاب : مناسک الحج و بهامشها أجوبة المسائل الشرعیة علی فروع المناسک
نام ناشر : دار البذرة
جلد : 1
تعداد صفحات: 345
مناسك الحج
فتاوى
آية الله العظمى
الشيخ محمد إسحاق الفياض
دام ظله
وبهامشها أجوبة المسائل الشرعية على فروع المناسك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.
نظرا إلى تجدد المستحدثات المتصلة بأعمال الحج والعمرة، وكثرة أسئلة المؤمنين عن فروع المسائل، والتى تكون تلك المستحدثات بعض موضوعاتها، والبعض الآخر ما يكثر الإبتلاء به ولا يستبين حكمه من مسائل المناسك صريحا، قمنا بإضافة بعض المسائل المهمة فى هامش الكتاب على هيئة فروع على أصل مسائل المناسك، مما يرد على لجنة الإستفتاءات فى المكتب، أو كان مشهورا متداولا فى الكتب الفتوائية، بعد التصرف فيها لتكون واضحة ومناسبة للنشر وتطبيق أجوبتها على وفق فتاوى آية الله الشيخ محمد إسحاق الفياض (دام ظله)، رغبةً لتعميم الفائدة من هذا الكتاب، وليتسع الإنتفاع به، فيكون عوناً للمؤمنين وذخراً لنا عنده سبحانه، ومن الله نستمد العون والتوفيق.
مكتب
سماحة آية الله العظمى
الشيخ محمد إسحاق الفياض
النجف الأشرف
23 شهر رمضان الكريم
1432 ه –
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.
الحج من أهم الفرائض الإلهية الكبرى، والعبادات الاجتماعية فى الإسلام، وذات المغزى العظيم روحيا وبدنيا، ونقلة جماعية موحدة زمانا ومكانا وشعائرا، وقد اهتم الإسلام بهذه الفريضة الكبيرة فى الكتاب والسنة، وقد عبر فيهما عن ترك الحج بالكفر تأكيدا لأهميته.
1 – حجة الإسلام وهى الحجة الأولى الواجبة على الإنسان البالغ العاقل الحر المستطيع، رجلا كان أو امرأة، فى العمر مرة واحدة، والحجة الثانية مستحبة وليست بحجة الإسلام، ولا تصبح واجبة إلا بسبب طارئ كالنذر أو اليمين، أو إفساد الشخص لحج سابق بالجماع مع امرأته عامدا وملتفتا إلى الحكم الشرعى قبل الوقوف بالمشعر الحرام، فإنه يجب عليه إكمال حجه فعلا، والتكفير عن جماعه، وحجة أخرى عقوبة فى العام القادم، وتسمى تلك الحجة بالحج الواجب بالإفساد، وكل هذه أسباب طارئة، وفى الأصل لا تجب سوى حجة الإسلام مرة واحدة إذا توفرت شروطها.
2 – إذا توفرت هذه الشروط وجبت على الإنسان المبادرة إلى الحج، فلا يجوز له التسامح والتسويف والمماطلة فيه فى السنة الأولى، بأمل حصول ربح من تجارة أوغير ذلك من متطلبات الدنيا، وإذا لم يحج تكاسلا منه فى السنة الأولى وجب عليه أن يبادر إلى ذلك فى السنة الثانية، وهكذا. نعم إذا كان الإنسان مطمئنا ومتأكدا من نفسه بالتمكن من الحج فى العام القادم إذا أخر حسب إمكانيته المالية وظروفه الصحية والأمنية وغيرها من متطلبات السفر إلى الحج، كان وجوب المبادرة إليه فى السنة الأولى مبنيا على الاحتياط الواجب1.
3 – قد تسأل أن السفر إذا كان متوقفا على تهيئة مقدمات وإعداد ترتيبات رسمية أو غيرها كالحصول على جواز السفر وتأشير الدخول ونحو ذلك، فهل يجب السعى لتحصيلها؟
والجواب: يجب السعى لتحصيلها وترتيبها بالنحو الذى لا يكون محرجا، والمبادرة إلى ذلك على نحو يكون واثقا بادراك الحج.
4 – وقد تسأل أن من يتمكن من السفر إلى الديار المقدسة مع أول قافلة أو طائرة متوجهة نحوها فهل تجب المبادرة عليه بالالتحاق إليها، أو يجوز له التأخير والخروج مع آخر قافلة أو طائرة؟
والجواب: يجوز له التأخير ما دام لم يخش فوت الحج، وإذا أخر والحال هذه ففاته الحج اتفاقا فهل يستقر عليه الحج؟ الأظهر عدم
الاستقرار، ولكن يجب عليه التحفظ على الإمكانية المالية عنده إلى السنة القادمة إن أمكن1.
وهى كما يلى:
1 – البلوغ. 2 – العقل. 3 – الحرية. 4 – الاستطاعة.
1 – لا يجزى حج الصبى عن حجة الإسلام وإن كان مراهقا.
وقد تسأل هل أن حجه صحيح كصلاته وصيامه؟
والجواب: نعم حجه صحيح.
2 – إذا بلغ الصبى قبل وصوله إلى الميقات، وكان مستطيعا وجب عليه أن يحرم لعمرة التمتع من حجة الإسلام، وأما إذا بلغ بعد الإحرام، فإن كان
بإمكانه الرجوع إلى أحد المواقيت والإحرام منه وجب عليه الرجوع، وإن لم يكن بإمكانه ذلك، فهل يجب عليه أن يحرم من مكانه؟
والجواب: ذلك غير بعيد، فإن بلوغه إن كان قبل وصوله إلى مكة، فالأحوط أن يبتعد من مكانه إلى الميقات بالمقدار الممكن، والإحرام من هناك، وإن كان بعد وصوله إلى مكة فإن كان بإمكانه الخروج من الحرم وجب ويبتعد عن الحرم بالمقدار الذى يمكنه، والإحرام منه، و إلا فمن مكانه، وكذلك الحال فى المجنون، فإنه إذا أفاق فى وقت يتمكن فيه من حجة الإسلام وجب عليه الإتيان بها إذا كان مستطيعا.
3 – قد تسأل أن الصبى إذا بلغ بعد الوقوف بعرفات وقبل المشعر، فهل يجزى حجه عن حجة الإسلام؟
والجواب: لا يجزى عن حجة الإسلام، وكذلك الحال فى المجنون إذا أفاق قبل المشعر.
4 – قد تسأل أن الصبى إذا كان معتقدا بعدم بلوغه وحج قاصدا أنه مستحب استحبابا عاما وبعد الفراغ من الحج تبين أنه كان بالغا، فهل يجزى ذلك عن حجة الإسلام؟
والجواب: لا يجزى.
5 – لا يشترط فى صحة حج الصبى إذا كان مميزا إذن الولى، كما لا يعتبر ذلك فى صحة صلاته وصيامه1.
6 – يستحب للولى أن يأمر الصبى بالإحرام والتلبية وغيرهما من أعمال الحج إذا كان بإمكانه القيام المباشر لها، وإلا فعلى الولى أن يقوم بإحرامه، بأن يغسله ويلبى عنه ويطوف به ويصلى عنه ويسعى به بين الصفا والمروة، وهكذا.
7 – لا يجب على الولى الشرعى للصبى أن يتحمل ما زاد على مصارفه فى الحضر من نفقات حجه إذا كان سفر الحج مصلحة له صحيا أو فكريا
أو غير ذلك، بل لا يبعد جواز أن يشترى الولى هديه من ماله أيضا حسب ولايته عليه شريطة أن لا تكون فيه مفسدة وإلا لم يجز.
8 – كفارة صيده على أبيه، وأما سائر كفاراته فلا تجب عليه ولا على أبيه.
1 – لا يجب على المملوك حجة الإسلام، ولو حج بإذن مولاه فحجه وإن كان صحيحا إلا أنه لا يجزى عنها، فإذا اعتق فإن توفرت فيه شرائط وجوب الحج وجب وإلا فلا.
2 – المملوك المأذون من قبل المولى فى الحج إذا مارس ما يوجب الكفارة، فإن كان صيدا فكفارته عليه، وإن كان غيره فكفارته على مولاه.
3 – إذا اعتق العبد يوم عرفة، أو بعد الوقوف بها وقبل الوقوف بالمشعر، وأدرك أحد الموقفين وهو حر فقد أدرك الحج، وأجزأ عن حجة الإسلام شريطة توفر سائر شروطها فيه.
تتكون الإستطاعة من العناصر التالية:
العنصر الأول: الإمكانية المالية لنفقات الحج ذهابا وإيابا، وعند ممارسة الأعمال لمن يريد الرجوع إلى بلده، وذهابا فقط لمن لا يريد الرجوع إليه.
العنصر الثانى: الأمن والسلامة على نفسه، أو ماله، أو عرضه فى الطريق ذهابا وإيابا، وعند ممارسة مناسك الحج وأعماله.
العنصر الثالث: تمكنه بعد الإنفاق على سفر الحج من استيناف وضعه المعاشى الاعتيادى بدون الوقوع فى حرج وضيق بسبب إنفاقه ما لديه من المال على الحج.
فإذا توفرت هذه العناصر الثلاثة فى الإنسان رجلا كان أو امرأة، وكان الوقت متسعا وجبت عليه حجة الإسلام، وأما إذا حج مع عدم توفر أحد تلك العناصر لم يكن حجه حجة الإسلام1.
1 – لا يقصد بالإمكانية المالية وجود نقود عنده فعلا، بل يقصد وجود مال عنده تفى قيمته بنفقات سفر الحج بكل متطلباته، شريطة أن لا يكون ذلك المال من مؤنته التى هو فى أمسّ الحاجة إليها، كدار السكنى، والأثاث اللازمة فيها وغيرهما، ونقصد بأمس الحاجة أنه إذا صرفها فى نفقات الحج وقع فى ضيق وحرج، وكما تحصل الإمكانية المالية بوجود مال فى يده فعلا، كذلك تحصل بوجود مال له فى ذمة آخر دينا إذا كان الدين حالا، وكان بإمكانه استيفاؤه منه.
2 – المراد بالزاد، القدرة المالية على نفقات سفر الحج ذهابا وإيابا وعند ممارسة الأعمال، وأما وجود الراحلة فهو داخل فى الإمكانية المالية عند الحاجة إليه، كالركوب عليها أو حمل الزاد وما يتبع السفر من الوسائل، وأما إذا كان الشخص قادرا على الحج بالمشى راجلا بدون الوقوع فى عسر وحرج فيكون مستطيعا، ولا تتوقف استطاعته على وجود الراحلة عنده.
3 – الإمكانية المالية التى هى العنصر الأول من الاستطاعة لا تعتبر أن تكون من البلد، فإذا لم تكن لدى الشخص الإمكانية المالية فى بلده ولكنه ذهب إلى بلدة قريبة من الميقات كالمدينة المنورة مثلا لغرض التجارة، أو مهندس ينتدب للعمل فى مشروع هناك، أو غير ذلك فحصل على مال
يفى بنفقات الحج منها، وجب عليه الحج1 وكذلك لو ذهب إلى مكان قريب من الميقات متسكعا، وحصل فيه على مال يكفى لنفقات سفر الحج، وجب عليه ذلك، بل لو احرم متسكعا ثم حصل على مال واف للحج، وجب عليه أن يرجع إلى الميقات، والإحرام منه من جديد لحجة الإسلام، وإن لم يكن بإمكانه الرجوع إليه، فإن كان أمامه ميقات آخر وجب عليه الإحرام منه، وإلاّ فمن مكانه، والأحوط الابتعاد منه بالمقدار الممكن، والإحرام من هناك.
4 – إذا كان لدى الإنسان مال متمثل فى عقار أو سلعة تفى قيمته لنفقات سفر الحج، ولكن لم يتيسر بيعه بثمن معقول اعتيادى، فهل يجب عليه بيعه بأقل من ثمنه الاعتيادى؟
والجواب: يجب بيعه إذا لم يكن مجحفا بحال البايع، وكذلك الحال إذا ارتفعت فى سنة بسبب أو آخر نفقات سفر الحج، كأجور الطائرة والخيام والفنادق ونحوها، فإن الارتفاع إذا كان بقدر مجحف بحال الإنسان جاز تأخير الحج إلى العام القادم، وإلا لم يجز.
ومن هذا القبيل ما إذا كان ماله متمثلا فى دين مؤجل فى ذمة شخص وكان بإمكانه بيعه بثمن واف بنفقات الحج، فهل يجب عليه بيعه؟
الجواب: يجب إذا لم يكن مجحفا بحال البايع.
5 – قد تسأل: أن الهدايا التى تكون من مشتريات الحجاج لأقربائهم فهل تعد ضمن الاستطاعة ولابد من وفاء إمكاناته المالية بها؟
الجواب: أنها لا تعد من الاستطاعة، ولا يعتبر العجز عن شرائها مسوِّغاً لترك الحج، نعم إذا كان عدم التمكن من ذلك بالنسبة إلى فرد محرجا واقعا لمنع عن وجوب الحج عليه، كما هو الحال فى سائر موارد ما إذا كان وجوبه حرجيا.
6 – إذا حصل الشخص رجلا كان أو امرأة على مال يفى بنفقات الحج برًّا، ولا يفى بها جوا وبالطائرة، وجب عليه الحج برًّا شريطة أن لا يكون ذلك محرجا، وإلا لم يجب ما لم يحصل على ما يفى لنفقات سفر الحج جوا.
7 – إذا حصلت المرأة على مهرها من زوجها، وكان وافيا بنفقات سفر الحج، بعد استثناء ما يٌصرفُ فى متطلبات شؤون حياتها الزوجية بحسب التقاليد أو العادات المتبعة فى صرفه فيها، وجب عليها الحج فى هذه الحالة إذا كان عدم استثناء ذلك يسبب الحرج لها وكذلك إذا استغنت عن الحلى والزينة الموجودة عندها، وكانت وافية بنفقات الحج، بعد استثناء ما تفرضه عليها شؤون حياتها الزوجية من مصارف حسب التقاليد المتبعة، والتى يسبب تركها الحرج.
ومن هذا القبيل ما تحصل عليه الزوجة عقيب زواجها من الهدايا والنقود بما تتحقق به الإمكانية المالية، فإنها حينئذ مستطيعة فيجب عليها الحج.
8 – قد تسأل: أن الإمكانية المالية إذا كانت متمثلة فى مال اقترضه الإنسان، ولا يزال مدينا به، فهل تتحقق الاستطاعة فى هذه الحالة؟
والجواب: تتحقق، شريطة أن يكون واثقا بعدم وقوعه فى الضيق والحرج عند حلول الأجل ووفاء الدين. نعم لا يجب عليه الاستقراض فى البدء وإن علم بتمكنه من الوفاء به بدون الوقوع فى الحرج، ولكن بعد أن استقرض وجب عليه الحج، ويقع منه صحيحا ومجزيا عن حجة الإسلام.
ومن هذا القبيل ما إذا أخذ الموظف الحكومى سُلفة بمقدار يفى بنفقات سفر الحج، فإنَّ أخذَ السلفة وإنْ كان غير واجب عليه، إلا أنه إذا أخذها وكان واثقا ومطمئنا بتمكنه من الوفاء بها فى موعدها المقرر وجب عليه الحج، وصح إذا حج وكان حجة الإسلام1.
9 – قد تسأل عمَّا لو كان ماله الوافى بمصارف الحج متمثلاً فى دين حال على ذمة شخص مماطل ولا يتمكن من استنقاذه مباشرة، ولكنه يتمكن منه بالرجوع إلى المحاكم الشرعية أو العرفية بدون الوقوع فى محذور، فهل يجب عليه ذلك؟
والجواب: يجب عليه ذلك، وكذلك الحال إذا كان ماله ديناً فى ذمة شخص مؤجلاً، وكان بإمكانه أن يبيعه بمبلغ معقول يفى بنفقات سفر الحج، فهل يجب عليه ذلك. والجواب نعم يجب.
10 – إذا كان عند الإنسان مال يفى بنفقات سفر الحج مع حاجته إلى صرف ذلك المال فى الزواج أو شراء دار للسكنى أو غير ذلك، فهل يجوز له صرف هذا المال فى ذلك وترك الحج؟
والجواب: يجب عليه فى هذه الحالة صرف ذلك المال فى الحج وتعطيل الحاجة الأخرى، إلا إذا لزم من تعطيل الحاجة الأخرى وقوعه فى حرج وضيق.
11 – قد تسأل أن أموال الإنسان إذا كانت متمثلة فى لوازم حياته الاعتيادية كالدار وأثاث البيت والسيارة وغيرها، فهل أن تلك اللوازم مستثناة عن مؤنة الحج ونفقاته؟
والجواب: أن تلك اللوازم غير مستثناة إلا أن تكون حاجة الإنسان إليها بنحو يكون صرفها فى نفقات الحج يسبب وقوعه فى الضيق والحرج، فإذا باع داره وسكن فى دار مستأجرة أو موقوفة كان ذلك غير لائق بحاله، ومهانة لكرامته، ويكون تحملها عليه حرجيا، نعم إذا لم يستلزم بيعها وصرف ثمنها فى الحج وقوعه فى ضيق وحرج وجب عليه ذلك، كما إذا
كانت عنده دار موقوفة أو مستأجرة ولم يكن سكناه فيها على خلاف شأنه ومقامه، ففى هذه الحالة يكون مستطيعا فيجب عليه الحج، وكذلك إذا كانت تلك الأعيان زائدة عن مقدار حاجياته وكان الزائد وافيا بنفقات الحج وجب بيع الزائد أو تبديلتلك الأعيان بأعيان أخرى أقل قيمة، وصرف المقدار الزائد فى الحج.
12 – قد تسأل هل يستطيع الإنسان بالحقوق الشرعية كسهم الإمام (عليه السلام) وسهم السادة والزكاة؟
والجواب: إن الاستطاعة لا تتحقق بسهم الإمام (عليه السلام) ولا يجب الحج به، وتتحقق بسهم السادة شريطة توفر أمرين:
أحدهما: بأن يكون ما يملكه الشخص من سهم السادة بالقبض بمقدار وافٍ بالحج.
والآخر: أن يكون واثقا ومتأكدا من عدم وقوعه فى ضيق وحرج بعد الرجوع لو انفق ما قبضه من سهم السادة فى سفر الحج، فإذا توفر الأمران فقد تحققت الاستطاعة به، ويجب عليه الحج، وكذلك الحال فى الزكاة.
وقد تسأل: إذا أعطى مَنْ فى ماله الحق الشرعى من سهم السادة أو الزكاة لشخص بمقدار يفى بنفقات الحج وشرط عليه أن يحج به، فهل يحق له ذلك؟
والجواب: لا يحق له ذلك.
13 – قد تسأل: هل يجزى الحج مُتَسَكِّعاً، أو بمال الغير غصبا عن حجة الإسلام لمن لديه الإمكانية المالية، وكان مستطيعا؟
والجواب: يتحقق الإجزاء، حتى إذا كان بمال غيره غصبا، شريطة أن لا يكون هديه مغصوبا، كما إذا اشتراه بماله الخاص، أو بثمن كلى فى الذمة، وإن كان الوفاء من المال المغصوب.
14 – قد تسأل: أن الاستطاعة المالية هل تحصل بالملكية المتزلزلة؟
والجواب: نعم تحصل بالملكية المتزلزلة، بل بالإباحة، وإن لم يكن المال ملكاً.
15 – إذا وجد شخص مالا يكفى لنفقات الحج، فهل يجوز له أن ينفق ذلك المال فى حاجياته الخاصة وشؤون حياته الاعتيادية الضرورية وترك الحج1 ؟
والجواب: نعم يجوز شريطة أن يكون ترك إنفاق ذلك فى حاجياته الخاصة الإعتيادية حرجيا، وإلا فلا يجوز له ذلك، ولا بد من صرفه فى الحج.
16 – إذا كان للإنسان مال فى بلد آخر بمقدار يفى بنفقات الحج وحده أو مع ما فى يده من المال، وكان بإمكانه جلب ذلك المال من البلد الآخر بحوالة أو بطريق آخر، وجب عليه الحج فورا، ومع الإهمال والتسويف إلى أن فات عنه ذلك المال اعتبر آثما واستقر عليه الحج.
1 – إذا وهب شخص مالا لآخر، فلذلك صور:
الصورة الأولى: أن يهبه المال على أن يحج به، ففى هذه الصورة يجب عليه قبول الهبة، والذهاب إلى الحج1.
الصورة الثانية: أن يهبه المال ويخيره بين أن يحج به، أو يصرفه فى جهة أخرى. ففى هذه الصورة هل يجب عليه القبول؟ الظاهر عدم وجوبه، وإن كان الأحوط والأجدر به القبول، فإذا قبل وجب عليه الحج عند توفر سائر الشروط فيه.
الصورة الثالثة: أن يهبه المال من دون تعرض لفكرة الحج، ففى هذه الصورة لا يجب على الموهوب له القبول، نعم لو قبل وجب إذا كان واجدا لبقية الشروط.
2 – يتحقق البذل بالوصية، كما إذا أوصى الميت بمال لشخص على أن يحج به، أو يأمر وصيه بأن ينفق على حج شخص من ثلثه.
3 – تحصل الاستطاعة البذلية بعرض مال على شخص ليحج به إذا كان وافيا لنفقات سفر الحج ذهابا وإيابا وعند ممارسة الأعمال، وثمن الهدى من نفقاته، فإذا امتنع الباذل عن بذل الثمن لم يجب على المبذول له قبول البذل، إلا إذا كان متمكنا بنفسه من شرائه، وأما الكفارات فهى على المباشر دون الباذل.
4 – لا فرق فى وجوب الحج بالاستطاعة البذلية بين بذل المال للمبذول له خارجا وبين أن يبذل له القيام بنفقات حجه، بأن يقول له: حجّ وعلى نفقتك أو يصحبه معه فى الحج.
وقد تسأل أن من يقول لغيره أقترض لى وحجَّ به، فهل يجب على المأمور الاقتراض فى ذمة الآمر والحج به؟
والجواب: لا يجب عليه ذلك.
5 – لا يجب على المبذول له بالبذل إلا الحج الذى يكون وظيفته فى الشريعة المقدسة إذا استطاع، فإن كان المبذول له من البعيد، وهو من يبعد موطنه ومسكنه عن المسجد الحرام ستة عشر فرسخا ما يقارب سبعة وثمانين كيلومترا – فوظيفته عند الاستطاعة حج التمتع من حجة الإسلام وان كان من القريب وهو من يكون موطنه ومسكنه دون ستة عشر
فرسخا، فوظيفته عند الاستطاعة حج الإفراد، وعلى هذا فإن بذل للبعيد مالاً على أن يحج به حج التمتع من حجة الإسلام وجب عليه القبول، وإن بذل له مالاً على أن يحج به حج الإفراد لم يجب عليه القبول، وعكس ذلك تماما فى القريب.
6 – لا فرق فى وجوب الحج بالبذل بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدداً
7 – إذا بذل مال واف بنفقات حجة واحدة لجماعة، فهل يجب الحج على الجميع؟
والجواب: المعروف والمشهور وجوبه على الكل غاية الأمر، إذا سبق أحدهم الآخرين بقبض المال المبذول وجب عليه الحج، وسقط عن الباقى، وإذا ترك الكل مع تمكن كل واحد من قبضه استقر الحج على الجميع، ولكنه لا يخلو عن إشكال، والاحتياط لا يترك.
8 – يجزى الحج البذلى عن حجة الإسلام، ولا يجب عليه الحج مرة ثانية إذا استطاع بعد ذلك1.
9 – قد تسأل أن من بذل مالاً لشخص يفى بنفقات حجه، وخيّره بين أن يحج به أو يزور الحسين. فهل يجب عليه قبوله، فيحج به؟
والجواب: لا يجب.
10 – إذا عيَّن الباذل مالا معينا معتقدا بكفايته لنفقات الحج، ثم بان عدم الكفاية، فهل يجب عليه بذل الباقى؟
والجواب: لا يجب عليه بذل الباقى.
11 – يجوز للباذل أن يرجع عن بذله قبل دخول المبذول له فى الإحرام إذا كان البذل على نحو الإباحة، أو كان على نحو الهبة مع عدم تصرف المبذول له فى المال الموهوب تصرفا مغيرا للعين، وهل يجوز له أن يرجع عن بذله بعد دخول المبذول له فى الإحرام؟
والجواب: يجوز له ذلك، وحينئذ فهل يجب على المبذول له إتمام الحج؟ والجواب: نعم إذا كان متمكنا من إتمامه.
وقد تسأل أن المبذول له هل يضمن للباذل ما صرفه من المال المبذول؟
والجواب: لا يضمن.
12 – إذا رجع الباذل فى أثناء الطريق عن بذله، فهل تجب عليه نفقة العود؟
والجواب: لا يبعد وجوبها عليه.
13 – لو تلف المال المبذول أثناء الطريق – مثلا – بسبب من الأسباب كان ذلك كاشفا عن عدم تحقق الاستطاعة البذلية للمبذول له، فلا يجب عليه الحج إلا إذا كانت عنده الإمكانية المالية لإتمامه، فعندئذ يجب عليه أن يتمه ويجزى عن حجة الإسلام.
14 – قد تسأل أن المال المبذول إذا تبين أنه كان مغصوبا، فهل يجزى عن حجة الإسلام؟
والجواب: لا يبعد، شريطة أن يكون المبذول له غافلا عن الغصب أو جاهلا به جهلاً مركباً.
15 – قد تسأل هل يعتبر فى الاستطاعة البذلية بذل ما به الكفاية أيضا، أو أنه يكفى بذل ما يفى بنفقات الحج ذهابا وإيابا، وعند ممارسة الأعمال، فإذا بذل ذلك وجب على المبذول له القبول والذهاب إلى الحج؟
والجواب: أن المبذول له فى هذه الحالة إن كان متمكنا بعد الرجوع من الحج من استعادة وضعه المعاشى الطبيعى بدون الوقوع فى الضيق والحرج، وجب عليه القبول والذهاب إلى الحج، ولا يعذر فى ترك الحج بمجرد عدم ضمان الباذل معيشته وإن كان غير متمكن من ذلك، كما إذا كان موظفا عند الحكومة – مثلا – ولم يحصل على إجازة، فلو سافر والحالة هذه يفقد وظيفته وراتبه ويقع فى العسر والحرج الشديدين بعد الرجوع من الحج، لم يجب عليه القبول، ويعذر فى ترك الحج إذا لم يضمن الباذل معيشته بعد الحج.
16 – قد تسأل أن المبذول له إذا كان مدينا، هل تجب عليه الاستجابة للحج إذا بذل؟
والجواب: تجب شريطة أن لا يفوت سفره إلى الحج فرصة الوفاء بالدين عليه، وإلا لم تجب.
1 – قد تسأل إذا كان هناك فى الطريق من يفرض عليه ضريبة مالية معتدا بها، فهل يجب عليه الحج؟
والجواب: إذا كانت الضريبة المذكورة شيئا مألوفا كالمبالغ الرسمية التى تأخذها الدولة من كل حاج يدخل الديار المقدسة، فهى لا تمنع عن وجوب الحج، ويجب عليه دفعها وإن كانت ضررية، وأما إذا كانت شيئا غير مألوفا من قبيل ما يفرضه اللصوص وقطاع الطرق، فلا يجب الحج، لفقد عنصر الأمن والسلامة.
وقد تسأل: إن الضريبة إذا كانت اتفاقية ولم تكن رسمية من قبل السلطات، فهل يجب بذلها؟
والجواب: إن كانت متمثلة فى مال غير معتد به وجب بذلها، ولا تمنع عن وجوب الحج، ولا تبرر التأجيل إلى السنة الآتية، وإن كانت متمثلة فى مال معتد به، فإن كان أخذ ذلك المال من الحاج فى الطريق يختل به الأمن والسلامة انتفى وجوب الحج بانتفاء العنصر الثانى من الاستطاعة وإن كان أخذها لا يوجب إختلال الأمن والسلامة وجب بذلها وإن كان ضرريا ما لم يكن مجحفا1.
2 – إذا كان الطريق الاعتيادى المألوف غير مأمون بسبب وجود لصوص أو قطاع الطرق فيه سقط وجوب الحج. نعم إذا كان هناك طريق آخر أطول منه وأكثر مؤنة ولكنه مأمون وجب الحج عنه على كل من لديه الإمكانية المالية، ولا مبرر للتأجيل.
3 – من كان عنده أولاد صغار يخشى عليهم من الضياع إذا تركهم وسافر إلى الحج، فإنه لا أمن ولا يجب عليه الحج.
4 – من كان عنده مال معتد به فى البلد يخاف عليه من الضياع والتلف إذا تركه وسافر إلى الحج، فإنه لا أمن حينئذ ولا يجب الحج، وكذلك إذا
كانت عنده تجارة أو نحوها وخاف عليها من الضياع والتلف إذا تركها وذهب إلى الحج. والحاصل أن كل من خاف على نفسه أو عرضه أو ماله رجلا كان أم امرأة من الهلاك والضياع إذا سافر إلى الحج لم يجب.
5 – المرأة المستطيعة إذا خافت على نفسها من السفر إلى الحج بدون اصطحاب محرم لها، وهى غير متمكنة من اصطحابه، لم يجب عليها الحج، نعم إذا كانت واثقة ومطمئنة من نفسها على الأمن ّوالسلامة فى السفر فسافرت وحجت صح حجها ولا يجب عليها اصطحاب المحرم وإن أمكنها، ومن هنا ليس المحرم شرطا اصليا فى وجوب الحج عليها، وإنما هو شرط إذا خافت من السفر بدونه1.
6 – إذا كانت لدى الإنسان الإمكانية المالية لنفقات سفر الحج برا فقط لا جوا، ولكنه كان يخشى من السفر برا، فلا يجب عليه الحج.
7 – قد تسأل أن الطريق إذا انحصر بالبحر اتفاقا, وخاف الحاج من السفر بحرا، لم يجب عليه الحج، ومع هذا لو سافر بحرا وحج فهل يصح حجه ويجزى عن حجة الإسلام؟
والجواب: أنه إن أحرم فى البحر خائفا وغير آمن لم يصح، وأما إذا لم يحرم فيه بسبب من الأسباب إلى أن وصل إلى جدة – مثلا – وذهب إلى
احد المواقيت وأحرم منه فيصح, وإذا لم يكن بإمكانه الذهاب إلى الميقات وأحرم من جدة بالنذر صح أيضا.
8 – قد تسأل: أن الطريق إذا كان غير مأمون إلى الميقات فحسب وأماّ منه إلى مكة فهو مأمون، فإذا سافر والحال هذه ووصل إلى الميقات سالما، فهل يجب عليه الحج؟
والجواب: يجب عليه الحج إذا كان مستطيعا.
يقصد به تمكن الحاج بعد الإنفاق على سفر الحج من استعادة وضعه المعاشى الطبيعى بدون الوقوع فى حرج وضيق. وفروعه كما يلى:
1 – إذا كان عند الشخص رأس مال قليل يعيش به، ففى هذه الحالة وإن كان العنصر الأول والثانى من الاستطاعة متوفرين عنده، إلا أن العنصر الثالث غير متوفر، لأنه لو أنفق ما لديه من المال على سفر الحج ذهابا وإيابا وعند ممارسة الأعمال، فإذا رجع تعذر عليه استيناف وضعه المعاشى الاعتيادى بسبب ما أنفقه فى الحج، ويقع فى الضيق والحرج، فلذلك لا يجب عليه الحج1.
2 – العامل وله أرباب فى العمل، إذا كانت لديه الإمكانية المالية بقدر نفقات الحج، ولكنه لم يحصل على إجازة منهم للسفر إلى الحج،
ولو سافر من دون إجازتهم فقد عمله، فلا يجب عليه الحج إذا كان يقع فى ضيق وحرج من ذلك.
3 – موظف حكومى عنده المقدرة المالية بقدر نفقات الحج ولكنه لم يحصل على إجازة للسفر إلى الحج، ولو سافر بدون الإجازة فقد وظيفته وتعذر عليه استعادة وضعه المعاشى العادى بدون الوقوع فى ضيق وحرج، فلا يجب عليه الحج.
4 – من يعيش على الوجوه الشرعية، إذا حصل على مال يفى بنفقات الحج وجب. فإن الوجوه الشرعية تكفل له استيناف وضعه المعاشى الاعتيادى بعد رجوعه من الحج بدون الوقوع فى ضيق وحرج.
وكذلك من كانت نفقته مضمونة طيلة حياته كالزوجة مثلا، أو من يعيش من صلات وهبات من أرحامه أو غيرهم كالإنسان العاجز عن العمل، فإن حاله قبل السفر إلى الحج وبعده على حد سواء، ولا يؤثر إنفاق ما لديه من المال على سفر الحج فى استيناف وضعه المعاشى بعد الرجوع.
5 – من يعيش على عمله الحر بأجور كأصحاب المهن من النجارين والخياطين والبنائين والحدادين وغيرهم من أهل الفن، والجامع أن كل من يعيش طبيعيا بمهنته وحرفته وعمله الذاتى، فإنه إذا حصل على مال يفى بنفقات الحج، وجب عليه، فإن المهنة والصنعة التى يتقنها تكفل له استعادة وضعه المعاشى بعد الرجوع، ومن هذا القبيل السائل بالكف، فإنه إذا حصل على مال يفى بنفقات الحج وجب.
وهنا مسألتان:
الأولى: قد تسأل: أن نفقة الرجوع إذا تلفت بعد أعمال الحج والفراغ منه فهل يكشف ذلك عن عدم استطاعته من الأول؟
والجواب: يكشف عن ذلك، فإن العنصر الأول من الاستطاعة كما مر متمثل فى الإمكانية المالية لنفقات الحج ذهابا وإيابا، وعند ممارسة الأعمال1.
الثانية: قد تسأل: عن أن ما به الكفاية إذا تلف بعد الفراغ من الحج فهل يكشف ذلك عن عدم استطاعته من الأول أيضا؟
والجواب: غير بعيد عن ذلك، على أساس أنه العنصر الأخير من الاستطاعة.
1 – إذا كان على الإنسان واجب أهم من حجة الإسلام، كأداء دين حال مطالب به شرعا أو إنقاذ نفس محترمة من الهلاك، كما إذا كان عنده مريض لو تركه وذهب إلى الحج لمات، أو غير ذلك مما يفوقه أهمية
شرعا، وجب تقديمه على الحج، ومع هذا إذا ترك المكلف الأهم وانفق ما لديه من المال على الحج فحج صح حجه، وأجزأ عن حجة الإسلام، وإن اعتبر آثما.
2 – إذا حصل الإنسان على مال يفى بنفقات الحج، ولكنه كان مدينا لغيره بإتلاف ماله وجب عليه صرفه فى أداء الدين دون الحج، وإن كان بعد استطاعته. وأما إذا كانت هناك حاجة ماسة إلى صرف ذلك المال فيها، ولو صرفه فى الحج لوقع فى الضيق والحرج، فلا يجب
صرفه فى الحج، ولو صرفه فيه وعطل الحاجة والحال هذه لبطل حجه ولم يجزئ عن حجة الإسلام، وبذلك تفترق هذه الصورة عن الصورة الأولى، فإن المكلف فى الصورة الأولى إذا حج به ولم يصرفه فى أداء الدين صح حجه، وأجزأ عن حجة الإسلام، ولكنه اعتبر آثما، وفى هذه الصورة لو تحمل الحرج وحج به لم يصح، وإن كان تحمله جائزا.
3 – إذا كان على ذمة الإنسان خمس أو زكاة وكان عنده مال يفى بنفقات سفر الحج، وجب عليه صرفه فى أداء الخمس أو الزكاة دون الحج، ومع هذا إذا أصَرَّ على الحج فحج به صح وأجزأ عن حجة الإسلام وإن اعتبر آثما1.
4 – إذا كان الخمس أو الزكاة متعلقا بعين الأموال الموجودة عند الإنسان كأموال التجارة أو غيرها، لا متعلقا بذمته، وأراد أن يحج بتلك الأموال قبل إخراج خمسها أو زكاتها، فهل يصح؟
والجواب: أنه يصح شريطة أن يكون ثمن هديه حلالا، أو أنه مشترى فى الذمة ولا يجوز التسامح والإهمال فى إخراج الحقوق الشرعية من أمواله، ولا يجوز أن يجعل سفر الحج ذريعة للتأخير والإهمال1.
5 – قد تسأل أن صحة الطواف هل هى مشروطة بإباحة الساتر فلو كان مغصوبا أو متعلقا لحق شرعى كالخمس أو الزكاة بطل، وكذلك ثوبى الإحرام؟
والجواب: أن ذلك وإن كان معروفا بين الأصحاب، ولكنه لا يخلو عن إشكال، بل منع، والأظهر عدم بطلان الطواف بلبس الساتر المغصوب أو المتعلق للحق الشرعى، وإن اعتبر آثما، فإن الحرام وهو الساتر وإن كان قيدا للواجب، وهو الطواف حول البيت إلا أنه خارج عنه، وليس متعلقا للوجوب النفسى، لأنه تعلق بالطواف المقيد به لا المركب منه، وعليه فإذا فرض انه مغصوب ومتعلق للحرمة لم يكن متحدا مع الواجب فى الخارج ومصداقا له لكى يمنع من انطباقه على الفرد المأتى به ويحكم بالفساد.
6 – مر أن وجوب الوفاء بالدين لا يمنع عن الاستطاعة المالية، وإنما يمنع عن وجوب الحج بها باعتبار أنه يفوقه أهمية، وأما فى الاستطاعة البذلية فلا يمنع عن وجوبه من جهة أنه لا يجوز له صرف المال المبذول فى غير الحج. نعم إذا كان سفر الحج يفوت عليه فرصة الوفاء بالدين، لم تجب الاستجابة.
7 – قد تسأل أن نفقة العيال الواجبة على الإنسان أثناء فترة الحج هل تمنع عن وجوب الحج؟ كما إذا فرض انه لو سافر إلى الحج لم يتمكن من الإنفاق على عائلته بسبب أو آخر.
والجواب: إذا كانت نفقة العائلة ديناً فى ذمته كنفقة الزوجة، منعت عن وجوب الحج، وان كانت مجرد تكليف كنفقة الأولاد والأبوين، ففى منعها عن وجوب الحج إشكال، بل منع.
8 – قد تسأل أن منع الزوج زوجته من الذهاب إلى الحج، هل يعتبر معيقا؟
والجواب: لا أثر لمنعه، ولا يجب على الزوجة استئذانه فى السفر لحجة الإسلام. نعم يجب عليها الاستئذان منه فى السفر للحج المندوب1
9 – قد تسأل هل يُعدُّ كلا من النذر أو اليمين أو العهد، معيقاً ومانعاً عن وجوب الحج، كما إذا نذر زيارة الحسين يوم عرفة من كل سنة، ثم استطاع للحج؟
والجواب: لا يعتبر ذلك معيقا ومانعا عن وجوب الحج.
10 – قد تسأل أن من آجر نفسه لعمل مدة سنة مثلا، ثم استطاع للحج، فهل يكون وجوب الوفاء بالإجارة مانعا عن وجوب الحج؟
والجواب: لا يكون ذلك مانعا، ويتعين عليه الحج، ويبطل من الإجارة ما ينافى ذلك.
11 – قد تسأل: هل يكون منع الوالد لولده من الحج، ولسبب من الأسباب، مسقطاً لوجوبه عنه؟
والجواب: لا أثر لمنع الوالد، فإن الولد إذا كانت لديه الإمكانية المالية لسفر الحج ذهابا وإيابا وعند ممارسة الأعمال، وجب عليه الحج، وليس له أن يترك الحج إيثارا لأبيه بذلك المال على نفسه نعم إذا نذر الحج كان لوالده نقضه، كما أن للولد ترك الحج المندوب إيثارا لأبيه.
1 – إذا كان الإنسان مستطيعا فى الواقع بتمام عناصر الاستطاعة، ولكنه كان جاهلاً بها، أو غافلاً عن وجوب الحج عليه إلى أن تلف المال، ثم انتبه لحاله، فهل يستقر عليه الحج؟
والجواب: إن كان ذلك ناشئا من إهماله وعدم مبالاته بالدِّين وتعلُّم الأحكام وتسامحه فى ذلك استقر عليه الحج، وإلاّ فلا.
2 – قد تسأل أن الإنسان إذا اعتقد بأنه غير مستطيع فحج ندبا، ثم بان انه كان مستطيعا، فهل يجزى عن حجة الإسلام؟
والجواب: لا يجزى.
3 – إذا استطاع شخص بإجارة نفسه لخدمة الحجاج فى طريق الحج، وعند ممارسة الأعمال، وجب عليه الحج، وإذا أتى به أجزأ عن حجة الإسلام.
4 – قد تسأل أن الشخص إذا كان مستطيعا، فهل يجوز له أن يؤجر نفسه لخدمة الحجاج فى الطريق، وفى مكة المكرمة، والمدينة المنورة؟
والجواب: يجوز، بل لا مانع من أن يؤجر نفسه على المشى فى الطريق مع حاج، بأن يكون العمل المستأجر عليه نفس المشى، باعتبار أنه من مقدمات الحج، وليس من واجباته.
5 – قد تسأل أنه إذا طولب من الإنسان أن يؤجر نفسه للخدمة لقاء أجرة كبيرة تفى بنفقات الحج بتمام متطلباته، فهل يجب عليه قبول ذلك؟
والجواب: لا يجب.
6 – إذا استطاع شخص بإجارة نفسه للحج عن غيره باجرة كبيرة، فهل يجب عليه تقديم الحج عن غيره على الحج عن نفسه؟
والجواب: أن الإجارة إن كانت مقيدة بالسنة الأولى لزم تقديمها على الحج عن نفسه، وإن لم تكن مقيدة بها وجب تقديم الحج عن نفسه على الحج عن غيره، هذا بشرط أن يكون واثقا و مطمئنا بالتمكن من الإتيان بالحج عن غيره فى السنة القادمة1.
7 – قد تسأل أن الشخص إذا حج عن نفسه مُتَسَكِّعاً وبدون الاستطاعة، فهل يجزى عن حجة الإسلام، وهى الفريضة الأولى للمستطيع؟
والجواب: لا يجزى.
8 – قد تسأل: أنه إذا حج عن غيره تبرعا أو نيابة مع عدم كونه مستطيعا آنذاك، فهل يجزى ذلك عن حجة الإسلام عنه، ولو استطاع بعد ذلك لم يجب عليه الحج؟
والجواب: إن الإجزاء غير بعيد نظريا، ولكن مع هذا فالأحوط والأجدر به وجوبا أن يأتى بحجة الإسلام إذا استطاع بعد ذلك1.
9 – يجب على كل مستطيع أن يحج عن نفسه مباشرة إذا كان بإمكانه ذلك، ولا يجزى عنه حج غيره لا إجارة ولا تبرعا.
10 – الأظهر أن الكافر مكلف بالفروع فيجب عليه الحج إذا كان مستطيعا.
11 – وقد تسأل: هل الإسلام شرط فى صحة العبادة أو لا؟
والجواب: هو شرط على المشهور، ولكنه لا يخلو عن إشكال.
ثم إن الكافر إذا أسلم فإن ظلت استطاعته بعد الإسلام وجب عليه الحج، وإن زالت ثم أسلَم لم يجب عليه، وإن كان مقصرا فى إزالتها.
12 – المشهور بين الأصحاب أن الكافر المستطيع إذا ترك الحج استقر فى ذمته فإن زالت استطاعته وجب عليه الإتيان به متسكعا، ولكنه لا يخلو عن إشكال، بل منع.
13 – قد تسأل: أن الكافر إذا أحرم من الميقات ثم أسلم، فهل يجزى، أو عليه أن يرجع إلى الميقات والإحرام منه إن أمكن، وإلا فمن مكانه؟
والجواب: الإجزاء غير بعيد، وإن كان الأحوط والأجدر به أن يرجع إلى الميقات ويجدد إحرامه.
14 – المشهور بين الفقهاء وجوب الحج على المرتد، وهل يصح منه فى حالة ارتداده؟
والجواب: لا تبعد صحته، وإن كان الاحتياط بالإعادة إذا تاب ورجع فى محله.
15 – إذا حج المخالف ثم استبصر، فهل تجب عليه الإعادة؟
والجواب: لا تجب عليه الإعادة شريطة توفر أحد أمرين فيه:
الأول: أن يكون حجه صحيحا على مذهبه، وإن كان باطلا على مذهبنا.
الثانى: أن يكون صحيحا على مذهبنا وإن كان باطلا على مذهبه1.
16 – إذا وجب الحج على الشخص بالاستطاعة، فإذا أخره بالإهمال والتسويف إلى أن زالت استطاعته استقر الحج عليه، ويجب حينئذ أن يأتى به بأى طريق متاح له ولو متسكعا وإذا مات وجب قضاؤه من تركته، وكذلك الحال فى حج الإفراد والقِران والعُمرة المفردة2.
1 – يعتبر فى صحة النيابة عن الحى رجلا كان أو امرأة أمران:
أحدهما: استقرار الحج فى ذمته، كما إذا كان مستطيعا مالاً ولكن لم يتح له أن يحج لمرض أو أى عائق آخر، أو أتيح له ذلك، ولكنه تسامح وتساهل فى ذلك، ولم يحج حتى عجز عن الحج لسبب من الأسباب.
والآخر: انقطاع أمله فى استعادة قوته فى التمكن من القيام المباشر للحج طول عمره.
2 – من استقر عليه الحج وعجز عن القيام المباشر به، لتدهور صحته أو لمرض الشيخوخة، أو أى عائق آخر، وانقطع أمله من القيام به مباشرة طول حياته، فوظيفته فى هذه الحالة أن يستنيب شخصا يحج عنه، والأولى والأجدر به أن يختار شخصا لم يحج من قبل لكى ينوب عنه1.
وقد تسأل: عن وجوب الاستنابة هل هو فورى كوجوب الحج؟
والجواب: فورى كوجوب الحج، وقد تقدم الكلام فيه فى المسألة (2).
3 – يجزى حج النائب عن الحى العاجز إذا مات وهو عاجز عن القيام المباشر للحج، وهل يجزى إذا مات بعد استعادة قوته فى التمكن من ذلك وارتفاع عذره؟
والجواب: لا يجزى، وأولى من ذلك ما إذا استعاد صحته وقوته فى التمكن من الحج قبل حج النائب.
4 – إذا مات من استقر عليه الحج بعد الإحرام ودخول الحرم، أجزأ حجه عن حجة الإسلام، ولا فرق فيه بين حج التمتع من حجة الإسلام، وبين حج الإفراد.
وقد تسأل: عمَّا إذا مات أثناء عمرة التمتع، فهل يجزى عن حجة الإسلام؟
والجواب: يجزى عنها. نعم إذا مات أثناء حج الإفراد لم يجز عن عمرته المفردة. وهل يختص هذا الحكم بحجة الإسلام، أو أنه يشمل الحج الواجب بالنذر أوالإفساد أو غيره؟
والجواب: أنه يختص بحجة الإسلام.
وقد تسأل: إذا دخل الحرم ثم خرج منه لسبب من الأسباب، ومات فى خارج الحرم، فهل يجزى ذلك عن حجة الإسلام؟
والجواب: كونه مجزيا لا يخلو عن إشكال، والاحتياط بالقضاء لا يترك.
5 – من لم يتمكن من القيام المباشر للحج لتدهور صحته أو هرمه، أو أى عائق آخر، مع انقطاع أمله فى التمكن من ذلك نهائيا، فوظيفته الاستنابة، ومع تعذرها لسبب أو آخر، إلى أن مات، يجب على وليه أن يستنيب
شخصا يحج عنه نيابة، وتخرج نفقات الحج من التركة. نعم إذا مات فى سنة الاستطاعة فلا شيء عليه.
6 – وظيفة الإنسان العاجز المنقطع أمله فى التمكن من القيام المباشر بالحج أن يجهز شخصا ويرسله إلى مكة المكرمة لكى يحج عنه نيابة1.
وقد تسأل: هل يجزى من يحج عنه تبرعا؟
والجواب: أنه لا يجزى.
7 – إذا عرض على الموسر فى السنة الأولى من استطاعته مرض أو أى عائق آخر يعيقه من القيام بالحج، فإن كان على يقين من بقاء العذر إلى نهاية عمره، وجب عليه فى نفس السنة أن يرسل شخصا ليحج عنه، ولا
مبرر للتأجيل. نعم إذا كان واثقا ومطمئنا بعدم الفوت إذا أخر إلى السنة الآتية، فلا يبعد جواز التأخير، وان كان الأحوط تركه.
8 – لا فرق فى وجوب الاستنابة عليه بين أن يعلم باستمرار العذر إلى آخر عمره، أو يطمئن بذلك، أو بنى عليه تعبدا بمقتضى الاستصحاب، فإن وظيفته فى تمام هذه الفروض وجوب إرسال شخص كى يحج عنه نيابة.
9 – قد تسأل أن النائب عن الحى العاجز هل يعتبر كونه صرورة؟
والجواب: لا يعتبر كونه صرورة، وإن كان أولى وأجدر.
10 – قد تسأل أن النائب عن الحى العاجز الموسر، هل يعتبر كونه رجلا، ولا يكفى إذا كان امرأة؟
والجواب: يكفى وإن كان امرأة.
11 – قد تسأل أن العذر إذا كان خَلْقيّا ذاتياً، وعائقا عن القيام المباشر بالحج، فهل يجب عليه أن يستنيب شخصا يحج عنه نيابة؟
والجواب: وجوب الاستنابة عليه غير بعيد، وإذا مات وكانت عنده تركة يخرج الحج من التركة، والأحوط أن يستأذن فى ذلك من الورثة أيضا1.
1 – إذا وجب الحج على الإنسان لوجود الإمكانية المالية لديه، وتوفُّر سائر شروطه، ولم يحج إلى أن توفاه الله تعالى، وجبت الاستنابة للحج عنه، وتُخرجُ نفقات الحِجَّة الميقاتيَّة من أصل تركته إذا لم يكن قد أوصى بأن يحج عنه، ولا يتكلَّفُ النائبُ عندئذٍ السفرَ إلا من الميقات، ولاحقَّ للميت فى هذه الحالة إلاّ فى نفقاتها، وهى أقلُّ من نفقات الحجَّة البلديَّة التى يتكلَّفُ النائبُ السفرَ لها من البلد وعلى هذا فإذا أمكن إستيجارُ شخص يسكن فى الميقات أو نواحيه من البلاد القريبة، كالمدينة المنورة مثلا، للحج عن الميت كفى ذلك وأجزأ عنه.
وإذا كان الميت قد أوصى بأن يُحجَّ عنه من تركته، وجب إخراجُ نفقات الحجَّة البلديَّة من أصل التركة، ومعنى أن نفقات الحج تخرج من أصل التركة أن الميت لو كان قد أوصى بثلثه ليصرف فى وجوه البر والإحسان مثلاً – فالواجب حينها إخراج نفقات الحج من كل التركة أولاً، ثم تقسيم الباقى ثلاثة اقسام، قسم منها يصرف وفقاً لوصاياه.
2 – إذا كان الميت قد أوصى بالحج عنه، دون أن يعيِّنَه فى الثُلث وأوصى بالثلث لأشياء أخرى، وجب إخراجُ حجَّةٍ بلديَّةٍ عنه من أصل تركته، ثم إخراج الثلث من الباقى وصرفه فى باقى وصاياه.
3 – إذا كان الميت قد أوصى بالحج عنه، وبأمور أخرى كالصلاة والصيام ونحوهما، وقيَّد صرف الجميع من الثلث، فحينئذ إن اتسع الثلث للجميع، فهو المطلوب، وإن لم يتسع إلا لبعض النفقة التى يتطلبها الكل أخرج نصف نفقة الحج من الثلث، والنصف الآخر من الأصل، إذا كان الحج الموصى به حجة الإسلام.
4 – إذا مات شخص رجلا كان أو امرأة، وترك مالا متعلقا للخمس أو الزكاة، وهو فى نفس الوقت لم يحج حجة الإسلام، وجب أن يدفع الخمس أو الزكاة أولاً، فإن وفى الباقى من التركة ولو للحد الأدنى من نفقات الحج، وجب صرفه فيه، وإلا سقط وجوب الحج، وكان المالُ للورثة إذا لم يوجد دين أو وصية، ولا يجب عليهم تكميل النفقة من مالهم الخاص، نعم إذا كان الخمس أو الزكاة فى ذمة الميت لا فى نفس التركة، ولم تف التركة للكل فالأظهر تقديم الحج على الخمس أو الزكاة، ولا فرق فى ذلك بين الدين الشرعى والدين العرفى1.
وإذا أوصى هذا الشخص بأن يُحَجَّ عنه حجَّة الإسلام من ماله على الرغم من أنه متعلق للخمس أو الزكاة، وجب على الوصى أن يخرج الخمس أو الزكاة أولاً، ثم ينفق من الباقى على الحج، فإن وفى بنفقات الحجة البلدية وجب صرفه فيها، وإن لم يف إلا بالحد الأدنى من نفقاته،
وهو نفقات الحجة الميقاتية، انفق عليها، وإلا كان للورثة شريطة أن لا يكون هناك دين أو وصية أخرى.
5 – إذا مات شخص وعليه حجة الإسلام فهل يجوز للورثة أن يتصرفوا فى التركة قبل الاستنابة للحج عنه؟
والجواب: أن التركة إن كانت أوسع من نفقة الحج، جاز لهم التصرف فى الزائد شريطة التزامهم بتهيئة النيابة المطلوبة، وعدم خوف فوتها، وإلا لم يجز.
6 – إذا لم تتسع التركة بمجموعها للحد الأدنى من نفقات الحج سقط الحج، وكانت التركة كلها للورثة إذا لم يوجد دين أو وصية، ولا يجب على الورثة تكميل نفقة الحج من مالهم الخاص، كما لا يجب عليهم بذل تمام نفقة الحج، إذا لم تكن للميت تركة أصلا، ولا فرق فى ذلك بين أن يكون الميت قد أوصى بالحج عنه أو لا.
7 – إذا مات شخص وعليه حجة الإسلام ولم يوص بها لم يجب الاستيجار إلا من الميقات، بل يكفى من اقرب المواقيت إلى مكة، فإنَّ الواجب عليه الحجة الميقاتية، ولا حق له فى التركة فى حالة عدم الوصيَّة إلا بمقدار نفقاتها دون الأكثر.
8 – إذا وجبت حجة الإسلام على شخص فمات قبل أن يحج، وجب الاستيجار عنه للحج فى سنة موته، ولا يجوز تأخير ذلك إلى سنة أخرى، ولا يكون عدم عثور الوارث على من يقبل بأجرة الحجة الميقاتية فى تلك السنة مبررا للتأجيل، ويتعين عليه فى هذه الحالة دفع الأجور للحجة البلدية من أصل التركة، وكذلك الحال إذا اقترح شخص أجرة اكبر من
الأجرة الاعتيادية المقررة عادة للاستيجار فى الحج ولم يوجد من يقبل بالأجرة الاعتيادية وجب تلبية اقتراحه ولا يجوز التأجيل إلى سنة أخرى.
9 – إذا اختلف الورثة فأقر بعضهم بان على الميت حجة الإسلام، وأنكر الآخرون أو تمردوا، فهل على الوارث المقر أن يدفع تمام نفقات الحج من حصته؟
والجواب: لا يجب عليه أن يدفع كل نفقات الحج من حصته الخاصة به، بل توزع على حصص جميع الورثة بنسبة معينة، فإذا كانت نفقة الحج بقدر خمس التركة، فليس عليه إلا أن يدفع خمس ما عنده من أجل نفقة الحج، وعندئذ فإن كان هناك متبرع اتفاقا بباقى النفقة وجب عليه أن يؤدى خمس ما عنده، وإلا فهو حر فى التصرف بكامل حصته ولا شيء عليه، وكذلك إذا أقر بعض الورثة بأن على الميت دين وأنكر الآخرون أو تمردوا، فليس على الوارث المقر إلا دفع ما تعلق من الدين بحصته الخاصة به بالنسبة دون تمام الدين.
10 – إذا وجبت حجة الإسلام على شخص، ثم مات قبل أن يحج، ولم يوص بالحج عنه، وتبرع متبرع بالحج نيابة عنه، كانت التركة كلها للورثة، ولا يجب عليهم أن يستثنوا مقدار نفقات الحج منها للميت وصرفه فى مصلحته من وجوه البر والإحسان، بل الأمر كذلك إذا أوصى بالحج عنه من تركته، فإنه إذا وجد متبرع تبرع بالحج عنه سقطت الوصية بسقوط موضوعها وترجع التركة إلى الورثة، ولا يستثنى مقدار نفقات الحج منها لمصلحة الميت. نعم إذا كان الميت قد أوصى بإخراج حجة الإسلام من
ثلثه وتبرع متبرع بالحج عنه لم يحق للورثة إهمال الوصية رأسا، بل وجب صرف مقدار نفقات الحج من الثلث فى وجوه البر والإحسان.
11 – إذا كان الميت قد أوصى بأن يحج عنه من تركته وجب على الوصى أو الوارث استيجار شخص للحجة البلدية عنه تنفيذا للوصية، ولكن إذا خالف واستأجر شخصا للحجة الميقاتية برئت بذلك ذمة الميت، ولا تجب إعادة الحج وان اعتبر آثما.
وقد تسأل عن الإجارة حينئذ على الحجة الميقاتية، هل هى صحيحة؟
والجواب: إن الوصية بالحجة البلدية إن كان معناها إيقاع الإجارة على المقدمات والأعمال معا بطلت، وإن كان معناها إيقاعها على الأعمال فحسب، ولكن بشرط أن يكون الأجير على تلك الأعمال من البلد صحت، وعلى هذا فيستحق الأجير على الأول أجرة المثل دون المسماة، وعلى الثانى يستحق الأجرة المسماة.
12 – إذا كان الميت قد أوصى بحجة الإسلام من بلدة أخرى غير بلدته، وجب على الوصى استيجار شخص للحج عنه من تلك البلدة، وتستوفى نفقاته من الأصل وإن كانت أكبر من نفقات الحج من بلدته شريطة أن يكون له فى هذه الوصية غرض عقلائى، كما إذا كان الحج من تلك البلدة أكثر ثوابا لا مجرد إضرار بالورثة، وأن لا تكون أجرته من هناك اكبر من الأجرة الاعتيادية بأعلى مراتبها.
13 – إذا كان الميت قد عين مقدارا معينا من ماله وأوصى بأن يحج به عنه، فحينئذ إن كان ذلك المال أكثر من الأجرة الاعتيادية بأعلى درجاتها أخرجت الأجرة الاعتيادية من الأصل والزائد من ثلث الباقى1.
14 – إذا كان الميت قد أوصى بالحج عنه بمال معين، وعلم الوارث أو الوصى انه متعلق للخمس وجب عليه إخراج خمسه أولاً، ثم يصرف الباقى على الحج، ولا يسوغ له أن يصرف على الحج من المال الذى لا يزال الخمس فيه ثابتا. نعم إذا كان الخمس ثابتا فى ذمة الميت ودينا عليه، لا فى عين ماله خارجا قدم الحج عليه، هذا كله إذا كان الحج الموصى به حجة الإسلام، وأما إذا كان حجة أخرى فيجب عليه أولا إخراج الخمس من ذلك المال، ثم إن الباقى إن كان بمقدار ثلثه دون أزيد منه، وجب العمل بالوصية وصرفه على الحج وإن لم يف بالحج انفق فى وجوه الخيروالإحسان.
15 – من مات وعليه حجة الإسلام وجب على من تكون التركة فى حيازته الاستيجار للحجة عنه، فإذا أهمل وتسامح إلى أن تلف المال كان ضامنا، وعليه الاستيجار للحج عن الميت من ماله بدل التالف، نعم إذا تلف المال المذكور فى حيازته بدون تفريط وإهمال منه، فلا يضمن ووجب الإنفاق
على الاستيجار للحج عنه من باقى التركة، وكذلك إذا كان المال فى حيازة الوصى، فإنه إذا أهمل وتسامح فى الإنفاق على الاستيجار للحج عن الميت وتلف ضمن، وعليه الاستيجار عنه من ماله الخاص، وإلا فلا ضمان عليه، ووجب الاستئجار عنه من باقى التركة
16 – إذا علم الوارث أو الوصى باشتغال ذمة الميت بحجة الإسلام، وشك فى انه حج فى حياته أو لا، وجب عليه الاستيجار للحج عنه.
17 – إذا علم الوارث أن الميت كان قد أوصى بحجة الإسلام، وبعد فترة زمنية شك فى أن الوصى قد نفذ الوصية واستأجر من يحج عنه ففى هذه الحالة يجب عليه الاستيجار للحج عنه ما لم يكن واثقا بالتنفيذ.
18 – لا تبرأ ذمة الميت بمجرد عقد الإجارة، وإنما تبرأ بإتيان الأجير بكامل العمل خارجا، وعلى هذا فإذا علم أن الأجير لم يقم بالحج عن الميت، إما لعذر أو عامدا وملتفتا وجب الاستيجار للحج عنه مرة ثانية من التركة، وحينئذ فإن أمكن استرداد الأجرة من الأجير تعين إذا كانت الأجرة من مال الميت.
19 – إذا كانت الأجرة الاعتيادية على درجات تبعا لنوعية الأجير واختلافه من جهة الفضل والشرف والعلم والدقة فى التطبيق والمكانة فهل يجب استيجار من يقبل بأجرة أقل إذا كانت الإجارة من تركة الميت؟
والجواب: لا يجب ذلك، فيجوز الأخذ بأعلى تلك الدرجات، كما يجوز الأخذ بأدناها، ولا مانع من استيجار من هو أفضل من الميت شرفا وعلما ومكانة، كما أنه لا مانع من استيجار من هو دون الميت فضلا وعلما شريطة أن لا تكون فيه مهانة للميت.
20 – إذا حج شخص حجة الإسلام، ثم أوصى بأن يحج عنه حجة أخرى، أخرجت نفقات ذلك من الثلث، وإذا أوصى بحج ولم يعلم انه حجة الإسلام أو غيرها، اعتبرت نفقاته من الثلث1.
21 – إذا كان المتصدى لعملية الاستيجار للحج عن الميت الوارث فهو يعمل على طبق نظره اجتهادا أو تقليدا، دون نظر الميت، إلاّ فيما إذا كان نظر الميت موافقا للاحتياط، ونظر الوارث مخالفا له، ومبنيا على الأصل العملى المؤمن كأصالة البراءة، دون الدليل الاجتهادى، ففى هذه الحالة الأحوط والأجدر به وجوبا أن يعمل على طبق نظر الميت اجتهادا أو تقليدا، وإذا كان المتصدى للعملية الوصى فإن كان نظره مطابقا لنظر
الموصى اجتهادا أو تقليدا فهو المطلوب، وإن كان مخالفا له، فإن كان نظره مطابقا للاحتياط دون نظر الموصى فعليه أن يعمل على طبق نظره، وان كان نظر الموصى مطابقا للاحتياط، دون نظره، فعليه أن يعمل على طبق نظر الموصى تنفيذا للوصية1.
22 – إذا علم الوصى أن الميت كان مقلدا لمجتهد لا يعلم أن رأيه فى المسألة كان موافقا للاحتياط أو مخالفا له وجب عليه الاستيجار للحج عن الميت بشروط موافقة للاحتياط تطبيقا لتنفيذ الوصية، وإذا علم الوارث بذلكّ لم يجب عليه العمل إلا بما يراه صحيحا بحسب نظره اجتهادا أو تقليدا دون نظر الموصى.
23 – إذا كان الميت قد عين شخصا خاصا وأوصى بأن يحجَّ عنه وجب على الوصى استيجاره للحج عنه، وإن لم يقبل إلا بأجرة اكبر من الأجرة
الاعتيادية، اعتبر الزائد من ثلث الباقى، وإن لم يمكن ذلك بسبب أو آخر استأجر غيره بالأجرة الاعتيادية1.
24 – إذا كان الميت قد أوصى بأن يحج عنه، وعين أجرة لا يرغب أحد أن يحج بها، فحينئذ إن كان الحج الموصى به حجة الإسلام وجب تكميل نفقاتها من باقى التركة، وإن كان حجة أخرى بطلت الوصية ويصرف ما عينه من الأجرة فى وجوه البر والإحسان.
25 – إذا باع شخص داره مثلا من آخر بثمن معين كمائة دينار، أو صالحها منه بذلك المبلغ، واشترط عليه فى ضمن العقد أن ينفق ذلك المبلغ على الحج عنه بعد موته، فعندئذ إن كان الحج الموصى به حجة الإسلام اعتبر المبلغ من التركة شريطة أن لا يكون زائدا على اّلأجرة الاعتيادية بأعلى مرتبتها، وإلا اعتبر الزائد من الثلث إذا كانت له تركة أخرى، ولو كانت التركة منحصرة به، فإن كان بقدر الأجرة الاعتيادية انفق على الحج، وإن كان أزيد منها كان ثلثا الزائد للورثة وثلثه للميت ويصرف فى وجوه البر والإحسان، وإن كان أقل منها بدرجة لا يتسع للحد الأدنى من نفقات الحج كان المبلغ كله للورثة.
وإن كان الحج الموصى به حجة أخرى، فإن كان المبلغ بقدر ثلثه وجب على الوصى إنفاقه على الحجة، وإن كان أزيد من الثلث فالزائد للورثة، والباقى إن وفى بنفقات الحج فهو المطلوب، وإلا صرف فى سائر وجوه البر، وكذلك الحال إذا كانت التركة منحصرة به، فإن ثلثيه للورثة وثلثه للميت، فإن وفى بالحجّ فهو، وإلا صرف فى وجوه الخير والإحسان.
وعلى هذا، فإن امتنع المشروط عليه من العمل بالشرط، فإن كان الشرط حجة الإسلام فللحاكم الشرعى اجباره على العمل، فإن لم يكن ذلك انتقل الخيار إليه دون الورثة، وله حينئذ فسخ العقد فإذا فسخه انتقلت الدار إلى الميت، وبعد انتقالها إليه ينفق منها على الحج، فإن زاد اعتبر الزائد من الثلث كما مر، نعم لو كانت التركة منحصرة به، وكان أزيد من الأجرة الاعتيادية كان ثلثا الزائد للورثة، وعندئذ فيثبت الخيار لهم أيضا من جهة امتناع المشروط عليه عن تسليم ثلثى الزائد اليهم.
وإن كان الشرط حجة اخرى، فإن كان المبلغ بقدر ثلثه ظهر حكمه مما مر، وإن كان الزائد على الثلث أو كانت التركة منحصرة به، ثبت خياران، أحدهما للميت، والآخر للورثة، والأول انتقل إلى الحاكم الشرعى.
26 – إذا صالحه شخص على داره، أو باعها منه وشرط عليه أن يحج منه بعد موته، أو باع الدار لينفق ثمنها على الحج عنه، فهذا وإن لم يكن من الوصية، إلا أنه يجب عليه الوفاء بالشرط، فإن امتنع فلوارث الميت أن يطالب منه العمل بالشرط، فإن لم يقبل يرجع إلى الحاكم الشرعى لكى يجبره على العمل به، وإن لم يمكن ذلك أيضا فللوارث أن يفسخ العقد
بمقتضى خيار تخلف الشرط، على أساس أن الشرط بما أنه ملك للمشروط له، فيكون من التركة، وينتقل الخيار إليه تبعا لانتقاله.
27 – قد تسأل أن الوصى إذا مات ولم يعلم أنه قام بتنفيذ الوصية قبل موته، فهل يؤخذ مال الإجارة من تركته؟
والجواب: يجب الاستيجار من التركة إذا كان الحج الموصى به حجة الإسلام، ومن الثلث إذا كان حجة أخرى، وعلى هذا فإن كان الوصى قابضاً لمال الاجارة وكان موجوداً عنده أُخِذ، ولا يعتنى باحتمال أنه قد استأجر من مال نفسه بديلا عنه، وإن لم يكن موجودا عنده، فهل يحكم بضمانه أو لا؟
والجواب: لا يحكم بضمانه، لاحتمال أنه تلف عنده بدون تفريط وأهمال، هذا إذا لم تكن هناك قرينة على التنفيذ كظهور حاله الموجب للوثوق به.
28 – إذا تلف المال عند الوصى بلا تفريط ولا تقصير منه، وجب الاستيجار للحج عن الميت من بقية التركة وإن كانت موزعة بين الورثة إذا كان الموصى به حجة الإسلام، ومن بقية الثلث إذا كان الموصى به حجة أخرى، وكذلك الحال إذا مات الأجير قبل الشروع فى العمل، ولا فرق فيه بين إمكان استرداد مال الإجارة من ورثة الأجير أو لا.
29 – إذا كان الميت قد أوصى بحج غير حجة الإسلام، وعين مالا لنفقاته يحتمل أنه أزيد من الثلث، لم يجز التصرف فيه وإنفاقه جميعا على الحج.
30 – إذا كان عند أحد مال من شخص آخر، ومات صاحب المال بعد استقرار حجة الإسلام عليه، واحتمل من يكون المال فى حيازته أنه إذا
رده إلى ورثته أكلوه ولم ينفقوا على الحج نيابة عنه، كانت وظيفته أن ينفق منه للحج عن الميت، فإن زاد من أجرة الحج رد الزائد إلى الورثة، ولا فرق فيه بين أن يقوم بنفسه ومباشرة بالحج نيابة عنه، وبين أن يستأجر شخصا آخر للحج عنه، كما أنه لا فرق بين أن يكون المال موجودا عنده أو فى ذمته.
31 – إذا علم بالإمكانية المالية لدى الميت فى زمن حياته، وشك فى توفر سائر الشروط فيه فهل يجب القضاء عنه؟
والجواب: لا يجب إلا إذا كانت لهذه الشروط حالة سابقة.
وقد تسأل عمَّا إذا كانت لها حالتان سابقتان متضادتان، فهل يجب القضاء؟
والجواب: لا يجب إلا إذا علم إجمالا بأنه فى الوقت الذى توفر فيه سائر الشروط كان مستطيعا.
32 – إذا كانت ذمة الميت مشغولة بحجة الإسلام، ولم يوص بها، وعلم الوارث بذلك، فعليه أن يستأجر شخصا لحجة الإسلام عنه، وحينئذ فإن استأجر للحجة البلدية غافلا عن أن الواجب فى ذمته الحجة الميقاتية، فهل يضمن مازاد عن الأجرة الميقاتية الاعتيادية؟
والجواب: لا يضمن الزائد.
33 – من كانت عليه حجة الإسلام فلا يسوغ له أن يحج عن غيره تبرعا أو إجارة، ولكن إذا أصر على ذلك، وحج عن غيره كذلك، فهل يصح حجه؟
والجواب: يصح حجه وان اعتبر آثما.
34 – تبين مما تقدم ان النيابة لا تكون مشروعة إلا عن الشخص الذى استقرت عليه حجة الإسلام، ولم يقم بادائها إلى أن مات، أو كان مستطيعا وأخر تسامحا وأهمالا، ولم يحج حتى عجز عن الحج لسبب من الأسباب، وانقطع أمله فى التمكن من القيام المباشر بالحج، وأما من مات ولم تستقر عليه حجة الإسلام، كمن مات فى سنة استطاعته، فلا شيء عليه حتى تكون النيابة عنه مشروعة.
35 – تجوز الاستنابة فى الحج المندوب عن الاحياء والأموات على السواء، ولا تكون مشروطة بأى شروط ما عدا كون المنوب عنه مسلما، ولا فرق فى ذلك بين أن يكون المنوب عنه رجلا أو امرأة، بالغا وعاقلا أو مجنونا أو صبيا مميزا.
1 – البلوغ، فلا يجزى حج الصبى ولو كان مميزا عن غيره فى حجة الإسلام، وغيرها من الحج الواجب، نعم تصح نيابة الصبى المميز فى حج مندوب بإذن الولى.
2 – العقل، فلا تجزى استنابة المجنون، ولا فرق فى ذلك بين المجنون المستمر جنونه، أو مَن يُصاب بالجنون أحيانا، إذا كانت الاستنابة فى فترة جنونه.
وقد تسأل: هل أن استنابة السفيه صحيحة؟
والجواب: هى صحيحة.
3 – الإيمان، على الأحوط1.
4 – أن يكون النائب متمكنا من القيام المباشر بكل واجبات الحج، وأما إذا كان عاجزا عن القيام ببعض واجباته لمرض أو نحوه، فلا تجوز نيابته، كما إذا كان عاجزا عن الطواف وصلاته، أو السعى بين الصفا والمروة، أو غير ذلك، وإذا بادر والحال هذه وتبرع بالحج عن غيره، فلا يكتفى بذلك2. نعم إذا لم يتمكن من رمى الجمرات الثلاث فى اليوم الحادى عشر والثانى عشر مباشرة، فلا بأس باستنابته3 ، كما انه إذا علم باضطراره أثناء الإحرام إلى التظليل أو نحوه لم يعق ذلك عن صحة الاستنابة.
وقد تسأل عن الشخص الذى كان متمكنا من القيام بكل واجبات الحج من الأول، واستؤجر للحج عن غيره، ثم طرأ عليه العجز أثناء الأعمال، كما إذا مرض أو انكسرت رجله اتفاقا فعجز عن القيام المباشر بالطواف والسعى ونحوهما، فهل يكشف ذلك عن بطلان الإجارة من الأول أو أنها صحيحة؟
والجواب: أن الصحة غير بعيدة1.
5 – إذا كان الإنسان مكلفا بحجة الإسلام أو غيرها من الحج الواجب فى سنته، لا يجوز له أن ينوب عن غيره فيها، ويهمل ما وجب عليه من الحج، ولكن إذا صنع ذلك غافلا أو جاهلا بوجوب الحج عليه، صحت استنابته وحجته النيابية معا.
وقد تسأل: أنه إذا صنع ذلك عامدا وملتفتا إلى أنه مكلف بالحج فعلا، فهل تصح إجارته؟
والجواب: لا تصح الإجارة، وأما حجته النيابية فهى صحيحة.
وقد تسأل: أن الإجارة إذا كانت باطلة، والحجة صحيحة، فهل يستحق الأجير شيئا على المستأجر؟
والجواب: يستحق أجرة المثل، وهى الأجرة التى يتقاضاها الأجراء عادة للقيام بمثل ذلك العمل، وعليه فإذا كانت الأجرة المعينة فى الإجارة أكثر من أجرة المثل لم يكن له المطالبة بالزائد.
6 – لا تعتبر العدالة، ولا الوثاقة، ولا الأمانة فى صحة عمل النائب، ولا فى صحة استيجاره، ولكن بما أن ذمة الميت لا تبرأ بمجرد عقد الإجارة، وإنما ترتبط براءتها بأداء النائب للحج على الوجه الصحيح، فيتطلب ذلك من الوصى أو الوارث أن يستنيب شخصا يكون واثقا ومطمئنا بأنه يؤدى العمل على الوجه المطلوب، ولا يجوز له أن يستنيب من لا يثق به، لأن وظيفته إحراز فراغ ذمة الميت عن الحج، ولا يمكن ذلك إلا أن يكون النائب مأمونا بأداء الحج بكامل واجباته وذا معرفة فى تطبيقها ومواضعها التسلسلية، وجديرا بالثقة.
وكذلك الحى العاجز الموسر الذى تكون وظيفته الاستنابة، فإن الواجب عليه أن يستنيب شخصا جديرا بالثقة والأمانة، ومتأكدا بأنه يؤدى العمل على الوجه الصحيح والمطلوب حتى يحصل له الوثوق والاطمئنان بفراغ ذمته.
7 – لا تعتبر الحرية فى صحة النيابة، فتصح نيابة المملوك عن الحر شريطة أن يكون ذلك بإذن مولاه.
8 – إذا استقرت حجة الإسلام على شخص، ثم صار مجنونا، فإن انقطع الأمل عن استعادة عقله، أرسل شخص مكانه ليحج عنه نيابة، وإن مات وجب على وليه أن يحج عنه مباشرة أو استنابة.
9 – لا تعتبر المماثلة بين النائب والمنوب عنه فى نيابة الحج، فتصح نيابة المرأة عن الرجل وبالعكس، ولا يعتبر فى نائب الرجل أن يكون رجلا ولا فى نائب المرأة أن يكون امرأة، كما أنه لا فرق فى ذلك بين أن يكون النائب قد حج سابقا أو لم يحج.
10 – تقدم أن الإنسان الحى الموسر رجلا كان أو امرأة، إذا عجز عن الحج وانقطع أمله فى التمكن من القيام المباشر بالحج، وجب عليه أن يستنيب شخصا يحج عنه نيابة، وهل يعتبر أن يكون ذلك الشخص النائب صرورة؟
الجواب: لا يعتبر ذلك، كما لا يعتبر فى النائب عن الميت، بدون فرق بين أن يكون المنوب عنه رجلا أو امرأة، وكذلك الحال فى النائب.
11 – تقدم أن الكافر مكلف بالفروع، وهل تصح النيابة للحج عنه إذا عجز وانقطع أمله فى التمكن من القيام به مباشرة؟
والجواب: لا تصح النيابة عنه، لا فى حالة حياته، ولا بعد موته.
وقد تسأل: هل على وارثه إذا كان مسلما أن يحج عنه مباشرة أو استنابة؟
والجواب: لا يجب عليه ذلك.
وقد تسأل: هل أن حكم الناصب كحكم الكافر فى عدم صحة الاستنابة عنه؟
والجواب: هو بحكم الكافر، إلا فى حالة واحدة، وهى ما إذا كان له ولد مؤمن فيجوز له أن يحج عنه.
12 – تصح النيابة فى الحج المندوب عن الحى رجلا كان أو امرأة مطلقا، أى سواء كان عاجزا أم لا، وسواء أكانت بالتبرع أم بالإجارة وفى الحج الواجب عنه شريطة أن يكون عاجزا وميؤوسا من التمكن بالقيام به مباشرة، وأن يكون بالإستنابة منه بإجارة أو غيرها، ولا تصح بالتبرع،
وتصح عن الميت مطلقا فى الحج الواجب والمندوب، بالتبرع كانت أو بالإجارة1.
13 – يعتبر فى صحة عمل النائب أمران: أحدهما قصد النيابة عن غيره، وهو المنوب عنه والآخر تعيينه ولو على وجه الإجمال، فلو أتى بعمل كان يقصد به النيابة عن غيره بدون تعيينه ولو إجمالا، لم يقع عنه، كما أنه لو أتى بعمل بدون أن يقصد النيابة عن غيره لم يقع عنه2.
14 – كما تصح النيابة بالإجارة، تصح بالجعالة، وبالشرط فى ضمن العقد أيضا.
15 – إذا مات النائب قبل الإحرام لم تبرأ ذمة الميت عن الحج، ويجب على الوصى أو الوارث أن يستنيب شخصا للحج عنه مرة ثانية، وإذا مات بعد الإحرام أجزأ عنه وبرئت ذمته وإن كان قبل دخول الحرم، ولا فرق فى ذلك بين أقسام الحج، كما أنه لا فرق بين أن تكون النيابة بالإجارة أو بالتبرع.
16 – قد تسأل أن الأجير إذا مات بعد الإحرام، فهل يستحق تمام الأجرة؟
والجواب: يستحق تمامها إذا كانت الإجارة على تفريغ ذمة الميت، وإذا كانت على الأعمال والمناسك توزع الأجرة عليها، فيستحق منها بالنسبة.
17 – قد تسأل أنه إذا مات قبل الإحرام، فهل يستحق من الأجرة شيئا؟
والجواب: لا يستحق منها شيئا مطلقا، سواء أكانت الإجارة على تفريغ الذمة أم كانت على الأعمال والمناسك، نعم ما صرفه من الأجرة على المقدمات إلى ما قبل الميقات، فلا يكون ضامنا، ولا يحق للوارث أو الوصى أن يطالبه به.
18 – إذا استأجر الوارث أو الوصى شخصا للحجة البلدية عن الميت، ولم يعين طريقا خاصا، كان الأجير مخيرا فى اختيار أى طريق شاء، وأما إذا عين طريقا خاصا وكان بنظره أصلح من سائر الطرق، فلا يجوز له العدول عنه، فإذا عدل عنه وذهب إلى الحج من طريق آخر وحج صح حجه وبرئت ذمة المنوب عنه، وحينئذ فهل يستحق الأجرة كلها؟
والجواب: إن كان الطريق المعين داخلا فى متعلق الإجارة فيستحق من الأجرة بالنسبة، وإن لم يكن داخلا فى متعلقها بأن تكون الإجارة على الأعمال والمناسك، أو على تفريغ الذمة استحق تمام الأجرة، غاية الأمر أنه خالف الشرط.
19 – إذا آجر أحد نفسه للحج عن شخص مباشرة فى سنة خاصة، ثم آجر نفسه للحج عن آخر فى نفس تلك السنة كذلك، فهل تبطل الإجارة الثانية؟
والجواب: تبطل، فإنها وقعت على ملك الغير بدون إذنه.
20 – إذا آجر إنسان نفسه للحج عن شخص آخر فى سنة معينة، وجب عليه أن يحج عنه فى هذه السنة تنفيذا للوفاء بالإجارة، ولا يجوز له التأخير إلى سنة أخرى، ولا التقديم، فإذا أخر أو قدم فذمة الميت وإن برئت، إلا
أن الأجير لا يستحق شيئا على المستأجر، لا الأجرة المسماة، لعدم وفائه بالإجارة، ولا أجرة المثل، لأن ما أتى به لم يكن بإذن المستأجر وأمره.
21 – إذا منع ظالم أو عدو الأجير بعد الإحرام عن ممارسة أعمال الحج، أو منعه مرض عن ممارستها، كان حكمه حكم الحاج عن نفسه إذا صد أو أحصر، وسيأتى بيان ذلك فى ضمن مسائل المصدود والمحصور. نعم على هذا انفسخت الإجارة إذا كانت مقيدة بهذه السنة الخاصة، وإلا ظل الحج فى ذمته، وعليه الإتيان به فى السنين القادمة.
22 – إذا مارس النائب محرمات الإحرام عامدا وملتفتا إلى الحكم الشرعى، أو اضطرارا، فكفارتها عليه دون المنوب عنه، ولا فرق فى ذلك بين أن تكون النيابة بالإجارة أو بالتبرع.
23 – إذا استأجر شخصا للحج عن الميت باجرة معينة، ثم قصرت الأجرة عن نفقات الحج، فلا يجب على المستأجر تكميلها، كما أنها إذا زادت عنها فلا يحق له أن يطالب الأجير بإرجاع الزائد.
24 – إذا كان الميت قد أوصى بصرف مبلغ معين من المال فى الحج عنه سنين متعددة، وحدد لكل سنة مقدارا خاصا منه، واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة، فهل يجب على الوصى أن يصرف نصيب سنتين فى سنة واحدة للحج عنه أو أكثر أو يصرف فى وجوه البر والإحسان؟
والجواب: لا يبعد الأول.
25 – إذا مارس الأجير الاستمتاع بامرأته جماعا قبل الوقوف بالمشعر الحرام، فعليه الحج من قابل، وكفارة ناقة، وإتمام هذا الحج، فإذا أكمل
هذا الحج فقد برئت ذمة الميت، واستحق تمام الأجرة، وأما الحج فى العام القادم فهو عقوبة عليه، ويكون حاله حال سائر الكفارات.
26 – يملك الأجير الأجرة بعقد الإجارة، ولكن لا يجب على المستأجر تسليمها إليه إلاَ بعد إتيانه بالعمل المستأجر عليه، هذا إذا لم يشترط الأجير فى ضمن العقد تسليم الأجرة قبل العمل، و إلا وجب، والقرينة هنا على هذا الاشتراط موجودة، وهى أن المتعارف الخارجى والمرتكز فى أذهان الناس تقديم الأجرة قبل البدء بالعمل المستأجر عليه، ومنشأ ذلك أن الأجير فى الغالب لا يتمكن من نفقات الحج بكاملها قبل أخذ الأجرة، وحيث إن عقد الإجارة الواقع بين الأجير والمستأجر فى باب الحج مبنى على ذلك، فيكون بمثابة شرط ضمنى لتسليم الأجرة قبل الشروع فى العمل.
27 – إذا آجر زيد نفسه للحج عن الميت، فليس له أن يستأجر شخصا آخر للإتيان بالحج عنه، إلا إذا أذن المستأجر الأول بذلك، أو كانت هناك قرينة على أن مقصود المستأجر الأول ليس قيام الأجير بالحج عنه مباشرة، فيجوز له أن يستأجر غيره للقيام به.
28 – قد تسأل أن الوارث أو الوصى إذا استأجر شخصا لحج التمتع باعتقاد سعة الوقت، ثم بان أن الوقت قد ضاق، ولا يتمكن الأجير من الإتيان بعمرة التمتع وإدراك الحج بعدها، فهل تنقلب وظيفته حينئذ من حج التمتع إلى حج الإفراد والإتيان بالعمرة المفردة بعده، أو يكشف ذلك عن بطلان الإجارة؟
والجواب: يكشف ذلك عن بطلان الإجارة، دون الانقلاب، وإذا كان ضيق الوقت مستندا إلى إهمال الأجير، وتأخير السفر إلى الحج تساهلا وتسامحا، لم يكشف ذلك عن بطلان الإجارة ولا الانقلاب، ووقتئذ يثبت الخيار للمستأجر، وله فسخ الإجارة، واسترجاع الأجرة منه.
29 – تصح نيابة شخص واحد عن جماعة فى الحج المندوب، بدون فرق بين أن يكون هؤلاء الجماعة من الأحياء أو الأموات، ولا تصح فى الحج الواجب، فإذا كان الحج واجبا على كل واحد من الشخصين أو الأشخاص احتاج كل منهم إلى نائب مستقل، ولا تتصور كفاية نائب واحد عن الجميع.
30 – يجوز لجماعة أن ينوبوا فى سنة واحدة عن شخص واحد، سواء كان ذلك الشخص حيّاً أو ميتاً، فيحج كل واحد منهم نيابة عنه، سواء أكان قصد بعضهم مختلفا عن قصد البعض الآخر، كما إذا قصد أحدهم النيابة عنه فى حج مندوب وقصد الآخر النيابة عنه فى حج واجب، أو قصدوا جميعا النيابة عنه فى حج واحد كحجة الإسلام احتياطا، على أساس أن كل واحد منهم يحتمل أن عمل الآخرين ناقص فى الواقع وباطل.
31 – يجب تعيين نوع الحج من تمتع أو إفراد أو قِران فى عقد الإجارة نعم لو كانت الإجارة على الحج المندوب، ولم يعين نوعا خاصا منه كانت الإجارة على الجامع، وعليه فيكون الأجير مخيرا فى تطبيق ذلك الجامع على أى نوع من أنواعه شاء، وأما إذا عين المستأجر نوعا خاصا من الحج، فلا يجوز للأجير العدول منه إلى غيره وإن كان أفضل، إلا بإذن
المستأجر، فإذا عدل بدون إذنه لم يستحق على المستأجر شيئا من الأجرة المسماة، ولا المثل.
32 – الطواف حول البيت الشريف جزء من الحج، وجزء من العمرة وهو مضافا إلى ذلك مستحب فى نفسه، وعبادة مستقلة من هذه الناحية كالوضوء فإنه شرط للصلاة، ومع ذلك يكون عبادة مستقلة، وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يطوف حول الكعبة الشريفة مستقلا1 بدون أن يضم إلى ذلك شيئا آخر من أعمال العمرة أو الحج، ولا يعتبر فى الطواف المستحب المستقل أن يكون حال الطواف متوضئا، ولكن لابد أن يكون متوضئا حال الإتيان بركعتيه من صلاته.
3:3 يسوغ للنائب بعد الفراغ من أعمال الحجة النيابية أن يأتى بعمرة مفردة عن نفسه، وعن غيره تبرعا أو إجارة2.
1 – تقدم أن الاستطاعة لا تتحقق بسهم الإمام، ولا يجب به الحج.
وقد تسأل: إذا ترتبت على الحج بسهم الإمام خدمات دينية جليلة من الوعظ والإرشاد وبيان الأحكام، وتوجيه الناس بقدر ما هو متاح فى تلك الظروف التاريخية والاجتماعية، فهل يجب عليه أن يذهب إلى الحج ويصبح مستطيعا؟
والجواب: نعم يصبح بذلك مستطيعا، فيجب عليه الحج، ويكون حجه حجة الإسلام.
2 – قد تسأل أن البعثات الحكومية التى ترسل إلى الحج من قبل حكومات الوقت وعلى نفقاتها الخاصة، فهل يصح حجهم، ويجزى عن حجة الإسلام؟
والجواب: نعم، يصح ويجزى عن حجة الإسلام شريطة إتيانهم بالحج بكامل واجباته وشروطه.
3 – قد تسأل: هل يصحُّ الحج بجوائز السلطان وهداياه؟
والجواب: يصح ويجزى عن حجة الإسلام إذا لم يعلم بغصبيتها وحرمتها، وأما إذا علم بذلك فتكون من المال المجهول مالكه وحينئذ فإن كان المهدى إليه مستحقا لها نوى تملكها صدقة من قبل أصحابها، شريطة أن لا تزيد عن مؤنة سنته، وعندئذ فيصبح مستطيعا إذا كانت وافية بنفقات الحج، وإن لم يكن مستحقا لها تصدق بمقدار ثلثها للفقراء، ويتصرف فى الباقى، فإن كان وافيا بنفقات الحج وجب عليه، وإلاّ فلا، وكذلك الحال فى منحة الحكومة إذا علم بأنها مجهولة المالك.
4 – إذا كان الإنسان مستطيعا، بأن كانت لديه الإمكانية المالية لنفقات الحج، فحج وأنفق عليه من الأموال المغصوبة عنده، فهل يصح حجه ويجزى عن حجة الإسلام؟
والجواب: نعم يصح ويجزى عنها شريطة أن يكون هديه حلالا، أو اشتراه فى الذمة، وأما غصبية الساتر فى حال الطواف، فقد تقدم أنها لا تضر بصحته، وإن كان الطائف عالما بها، وكذلك غصبية ثوبى الإحرام على ما مر.
مسألة 1: يستحب أن يحج الإنسان فى كل عام إذا كان متمكنا من ذلك1.
مسألة 2: يستحب أن ينوى العود إلى مكة حين الخروج منها للحج.
مسألة 3: يستحب إحجاج من لا استطاعة له، كما يستحب الاستقراض للحج إذا كان واثقا ومطمئنا بالوفاء به فى وقته ويستحب كثرة الإنفاق فى الحج.
مسألة 4: يستحب إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها.
مسألة 5: يشترط فى حج المرأة اذن زوجها إذا كان مندوبا، وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية، ولا يعتبر ذلك فى البائنة.
وهى نوعان:
الأول: العمرة المفردة، وهى مستحبة عموما باستثناء العمرة الأولى للمستطيع، فانها واجبة على كل مستطيع تكون المسافة بين مسكنه وموطنه وبين المسجد الحرام دون ستة عشر فرسخا ما يقارب سبعة وثمانين كيلو مترا – لأن وظيفته أن يحج ويعتمر مبتدئا بالحج ومنتهيا بالعمرة على الأحوط، ويسمى مثل هذا الحج بحج الإفراد، وتعتبر العمرة فيه عملا مستقلاعن الحج وليست جزءا له، ولهذا تسمى بالعمرة المفردة، وإذا لم يتمكن من الحج وتمكن من العمرة وجب عليه أن يأتى بها مفردة.
الثانى: عمرة التمتع، وهى جزء الحج، وعلى كل من يستطيع مالا وبدنا وأمنا، ويبعد موطنه ومسكنه عن المسجد الحرام ستة عشر فرسخا وهى ما يقارب ثمانية وثمانين كيلومترا، أن يعتمر ويحج مبتدئاً بالعمرة ومنتهيا بالحج، وتسمى الحجة التى تبدأ بالعمرة وتنتهى بالحج بحجة التمتع، فالعمرة تعتبر الجزء الأول من حجة التمتع، ولا تجب عليه العمرة المفردة وإن استطاع لها.
وبكلمة أن وظيفة القريب حج الإفراد والعمرة المفردة، مبتدئا بالحج ثم بالعمرة على الأحوط1 ووظيفة البعيد حج التمتع مبتدئا بالعمرة ثم بالحج، ولا ترتبط صحة حج الإفراد بالعمرة المفردة، فلهذا لا يمثلان عبادة واحدة، بل عبادتين مستقلتين، ولا يستلزم بطلان أحدهما بطلان الأخرى، بينما ترتبط صحة حج التمتع بعمرة التمتع، فلهذا يمثلان عبادة واحدة، فبطلان أى منهما يستلزم بطلان الآخر2.
مسألة 6: كل من أراد أن يحج حجا استحبابيا، سواء أكان قريبا، أم كان بعيدا، تخير بين حج التمتع أو الإفراد أو القران، وإن كان الأول أفضل، وإذا أراد أن يأتى بالعمرة فى غير موسم الحج، فلا بد من أن يأتى بالعمرة المفردة، ولا يجوز له الإتيان بعمرة التمتع إلاّ فى أشهر الحج.
مسألة 7: يسوغ للإنسان الإتيان بالعمرة المفردة فى كل شهر هلالى مرة واحدة، فإذا أتى بها فى آخر يوم من شهر جاز له الإتيان بعمرة أخرى فى أول يوم من شهر آخر1.
ولا يسوغ له الإتيان بعمرتين فى شهر واحد إذا كانتا كلتاهما عن شخص واحد2 ، سواء أكانتا عن نفسه أم عن غيره. نعم لا بأس بأن يأتى الإنسان بعمرتين فى شهر نيابة عن شخصين، سواء أكانا حيين أم كانا ميتين، أو كان أحدهما ميتا والآخر حيا، أو يأتى بعمرات فى شهر نيابة عن أشخاص كذلك.
مسألة 8: لا يعتبر الفصل بشهر هلالى بين العمرة المفردة وعمرة التمتع، فيجوز الإتيان بعمرة مفردة فى أول شهر ذى الحجة، ثم بعمرة التمتع فيه، كما يجوز الإتيان بعمرة مفردة بعد أعمال الحج، والفراغ منها، نعم لا يجوز الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج1.
مسألة 9: مَرَّ أن العمرة المفردة تجب على القريب بالاستطاعة، ولا تجب على البعيد، وأما بالنذر أو اليمين أو العهد أو الشرط فى ضمن العقد، فهى تجب على القريب والبعيد على حد سواء.
1 – الإحرام، وصورته أن يلبس المكلف ثوبى الإحرام، وينويه، ويلبى بقصد القربة، فإذا ّلبى كذلك انعقد الإحرام، وأصبح محرما، وحرمت عليه أشياء معينة سيأتى شرحها فى ضمن المسائل القادمة.
2 – الطواف، وهو أن يقف إلى جانب الحجر الأسود، مراعيا أن يكون البيت الشريف إلى جانبه الأيسر، فيطوف حوله سبع مرات، مبتدئاً فى كل مرة بالحجر، ومنتهيا فى كل مرة إليه.
3 – صلاة الطواف، وهى ركعتان مخيرا فيهما بين الجهر والإخفات.
4 – السعى بين الصفا والمروة، وهو أن يبدأ الإنسان بالصفا، وينتهى بالمروة، ويعود من المروة إلى الصفا، وهكذا إلى سبع مرات.
1 – موضوع عمره التمتع من الناحية الزمانية أشهر الحج، وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة، بينما يكون موضع العمرة المفردة من الناحية الزمانية تمام شهور السنة، وأفضلها للعمرة المفردة شهر رجب.
2 – تشتمل العمرة المفردة على طواف آخر يسمى بطواف النساء، وهو آخر ما يأتى به المعتمر فى هذه العمرة، بينما لا تشتمل عمرةّ التمتع إلا على طواف واحد.
3 – لا يخرج المحرم عن الإحرام فى عمرة التمتع إلا بالتقصير، بينما يخرج فى العمرة المفردة بأحد أمرين: إما بالتقصير، أو الحلق.
4 – تمثل عمرة التمتع وحج التمتع عبادة واحدة، فلا يصح إنجاز العمرة بصورة مستقلة عن حج التمتع، ولا بد من إنجازهما فى سنة واحدة فى أشهر الحج، خلافا للعمرة المفردة، فإنها لا تمثل مع حج الإفراد عبادة واحدة، بل هى تعتبر عبادة مستقلة عن الحج، ولهذا يجوز الإتيان بعمرة مفردة فى سنة، وحج الإفراد فى سنة أخرى.
5 – لا يصح الإحرام ّلعمرة التمتع إلا من أحد المواقيت الخمسة، أو من محاذاتها، بينما يجوز الإحرام للعمرة المفردة من أدنى الحل فى حالة عدم المرور على أحد تلك المواقيت ولا على محاذاته.
6 – مرَّ أن عمرة التمتع بما أنها مرتبطة بحج التمتع ثبوتا وسقوطا ولا يصح إتيانها بصورة مستقلة عن الحج، فلذلك كل من أراد أن يأتى بعمرة مستحبة يتعين عليه أن يأتى بعمرة مفردة.
7 – إن من تكون وظيفته حج التمتع، فلا تكتمل استطاعته إلا أن تتوفر بالنسبة إلى كلا جزئيه معا، من عمرة التمتع وحجة التمتع فإذا كان مستطيعا لإحداهما دون الأخرى فلا يجب عليه شيء منهما وهذا بخلاف من تكون وظيفته حج الإفراد، فإنه يكفى لكل من الحج والعمرة استطاعته، فإذا استطاع للحج وجب عليه الحج دون العمرة، وإذا استطاع للعمرة وجبت عليه العمرة دون الحج1 وإذا استطاع للاثنين وجب عليه الاثنان مقدما الحج على العمرة على الأحوط2.
1 – كل شخص أراد الإتيان بالعمرة المفردة، فإذا مر على أحد المواقيت أو من محاذاته التى يحرم منها لعمرة التمتع، وجب عليه أن يحرم منه1 ولا يجوز له الاجتياز بدون إحرام بقصد الإحرام من أدنى الحل.
وأما من كان فى مكة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة، فيجوز له أن يخرج من الحرم ويحرم لها من أدنى الحل، وهو النقطة التى تنتهى فيها منطقة
الحل، وتبدأ منطقة الحرم المحيطة بمكة، والأولى أن يكون إحرامه من أحد الأمكنة التالية: الحديبية، أو الجُعرانة، أو التنعيم.
بينما لا يصح إحرام عمرة التمتع إلا من أحد المواقيت الخمسة، أو من محاذاتها، حتى لمن كان فى مكة، وأراد الإتيان بها، فإن عليه أن يخرج إلى أحد تلك المواقيت، والإحرام منه، إلا إذا لم يتمكن من الذهاب إليه، وحينئذ فإن تمكن من الخروج عن الحرم والإحرام من هناك وجب، وإلا فمن مكانه، على تفصيل يأتى فى ضمن المسائل الآتية.
2 – من خرج من مكة المكرمة بعد الفراغ من أعمال الحج، أو بعد الإتيان بالعمرة المفردة، إذا أراد الدخول إليها مرة ثانية، جاز بدون إحرام إذا كان قبل مضى الشهر الذى أتى بالحج أو العمرة المفردة فيه1.
وأما غيره فلا يجوز له الدخول بدون إحرام، إلا من يتكرر دخوله فيها، والخروج منها كالحطاب والحشاش والمجتلبة.
قد تسأل أن الحكم هل يختص بالحطابة والمجتلبة، أو يتعدى إلى كل من يتكرر دخوله فيها والخروج منها لحاجة تتطلب ذلك، كالممرض والمعلم والطالب الجامعى أو غير ذلك2 ؟
والجواب: أن التعدى غير بعيد.
3 – من أتى بعمرة مفردة فى أشهر الحج ناويا الرجوع إلى بلده بعد العمرة، فإذا بقى فى مكة بعدها إلى يوم التروية، فإن نوى الحج انقلبت عمرته متعة، ولم يجز له الخروج منها، وترك الحج، وإلا جاز له ذلك حتى فى يوم التروية.
4 – قد تسأل: أن من أتى بعمرة مفردة فى أشهر الحج بقصد أن يأتى بعدها بالحج، فهل تنقلب عمرته المفردة حينئذ متعة، ويكتفى بها؟
والجواب: لا تنقلب عمرته إلى متعة فى هذه الحالة، بل عليه أن يأتى بعمرة التمتع لحج التمتع بعدها، وقد تسأل أن مورد انقلاب العمرة المفردة إلى عمرة التمتع هل هو من أتى بها ناويا الرجوع إلى بلده، ثم بعد الإتيان بها عدل عن نيته، وبنى على البقاء فى مكة بقصد الحج؟
والجواب: نعم، إن هذا هو مورد انقلاب العمرة المفردة متعة1.
وقد تسأل: أن انقلاب العمرة المفردة متعة هل هو من حين العدول عن الرجوع إلى بلده، والبناء على البقاء فى مكة إلى يوم التروية وإن لم يكن بنية الحج، أو أنه من حين نية الحج؟
والجواب: أنه من حين نية الحج.
وقد تسأل: أن الانقلاب هل يختص بالحج الندبى، أو يشمل الواجب أيضا كحجة الإسلام؟
والجواب: يختص الإنقلاب بالحج الندبى.
وقد تسأل: أن العمرة المفردة هل تجوز فى العشرة الأولى من ذى الحجة؟
الحج أقسام ثلاثة:
القسم الأول: حج التمتع.
القسم الثانى: حج الإفراد.
القسم الثالث: حج القران.
والقسم الأول فرض من لم يكن البعد بين بلدته والمسجد الحرام دون ستة عشر فرسخا، والفرسخ يساوى 5.4 كيلو متر فتعادل المسافة المذكورة – ما يقارب سبعة وثمانين كيلو مترا -.
والآخران فرض أهل مكة، ومن يكون البعد بين أهله ومكة أقل من ستة عشر فرسخا.
1 – لا يجزى حج الإفراد عمن فرضه حج التمتع، كما لا يجزى حج التمتع عمن فرضه الإفراد أو القران. ولا تنقلب وظيفة المتمتع الى الإفراد، إلا اذا ضاق وقت العمرة إتفاقا وخاف فوت الموقف الإختيارى اذا أتى بها، فحينئذ يسوغ له أن يعدل الى حج الإفراد1.
2 – من كانت وظيفته حج التمتع إذا علم بضيق الوقت من الأول وقبل الإحرام لم تنقلب وظيفته من التمتع إلى الإفراد.
3 – تعين حج التمتع على البعيد بالمسافة المذكورة، والإفراد على من هو فيما دونها فرض من عليه حجة الإسلام الواجبة، وأما الحج المندوب أو الواجب بالنذر المطلق أو الموصى به من دون تعيين، فيتخير فيها بين الأقسام الثلاثة ولا يتعين عليه قسم منها.
1 – قد تسأل أن البعد المتمثل فى ستة عشر فرسخا، هل يعتبر بين بلد الإنسان ومكة، أو بين بلده والمسجد الحرام؟
والجواب: تعتبر المسافة المذكورة بين بلده والمسجد الحرام.
2 – وقد تسأل أن تلك المسافة وهى ستة عشر فرسخا، هل تعتبر من نهاية بلد الإنسان، أو من منزله؟.
والجواب: أن مبدأ الإعتبار من نهاية البلد..
3 – وقد تسأل أن من كان مسكنه على الحد هل تكون وظيفته حج التمتع؟
والجواب: نعم إن وظيفته حج التمتع دون الإفراد. وكذلك من شك فى أن مسكنه على الحد أو لا.
4 – وقد تسأل أن من كان له منزلان، أحدهما يبعد عن المسجد الحرام ستة عشر فرسخا، والآخر دون هذا الحد، هل تكون وظيفته التمتع أوالإفراد؟
والجواب: إن صدق عليه أحد العنوانين المذكورين عرفا دون الآخر كان محكوما بحكمه، وإن صدق عليه كلا العنوانين معا بنسبة واحدة وجب أن يحتاط بالجمع بين الوظيفتين.
1 – إذا نوى البعيد الإقامة فى مكة بقصد التوطن، انقلبت وظيفته من التمتع إلى الإفراد من الأول، وإن كانت استطاعته فى بلدته، ولا يتوقف الانقلاب على الإقامة فيها مدة، وإذا نوى الإقامة فيها بقصد المجاورة، فإن كانت استطاعته بعد إقامته فيها سنتين انقلبت وظيفته من التمتع إلى الإفراد.
وقد تسأل: أن من كانت استطاعته فى بلدته أو فى مكة قبل أن تكمل سنتين فيها، ولكنه لم يحج إهمالا وتسامحا إلى أن دخل فى السنة الثالثة، هل تنقلب وظيفته من التمتع إلى الإفراد؟
والجواب: إن المشهور بين الفقهاء عدم الانقلاب فى كلتا الصورتين، ولكنه لا يخلو عن إشكال والأقرب الانقلاب، ومع ذلك فالاحتياط فى محله.
2 – من أقام بمكة بقصد المجاورة، وكانت استطاعته فى بلدته، أو استطاع فى مكة قبل سنتين وأراد أن يحج تمتعا، فهل يسوغ له أن يحرم لعمرة التمتع من أدنى الحل؟
والجواب: يسوغ له ذلك، وإن كان الأحوط أن يخرج إلى أحد المواقيت والإحرام منه.
3 – إذا نوى المكى الإقامة فى بلد آخر يبعد عن مكة أكثر من ستة عشر فرسخا إلى سنتين أو أكثر، فهل يلحقه حكم ذلك البلد؟
والجواب: لا يلحقه ذلك ما لم يصدق عليه عنوان أهل البلد.
وهو عبادة مركبة من جزءين مترابطين: أحدهما العمرة وتسمى عمرة التمتع، والآخر الحج.
1 – الإحرام، وصورته: أن يلبس ثوبى الإحرام، ويقصد الإحرامّ لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى لعمرة التمتع من حج التمتع حجة الإسلام، ويلبى، فإذا لبَّى انعقد الإحرام، وأصبح محرما، وحرمت عليه أشياء محددة يأتى شرحها.
2 – الطواف، وصورته: أن يبدأ بالطواف حول البيت الشريف من النقطة المحاذية للحجر الأسود مراعيا أن يكون البيت إلى جانبه الأيسر، فيطوف حول البيت سبع مرات لعمرة التمتع من حج التمتع حجة الإسلام قربة
إلى الله تعالى، وفى كل مرة يبدأ من المكان المحاذى للحجر، وينتهى إليه فى كل مرة.
3 – صلاة الطواف، وصورتها: ركعتان كصلاة الفجر مخيرا فيها بين الجهروالإخفات.
4 – السعى، وصورته: أن ينوى السعى بين الصفا والمروة لعمرة التمتع من حج التمتع حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى، ويسير مبتدئاً بالصفا ومنتهيا بالمروة، ثم يعود من المروة إلى الصفا، وهكذا حتى يصل عدد السعى بينهما إلى سبع مرات، ويسمى كل واحد منها شوطا، أربع مرات ذاهبا من الصفا إلى المروة، وثلاث مرات ذاهبا من المروة إلى الصفا، فيكون ختام السعى عند المروة.
5 – التقصير، وهو أن يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره، وينوى بذلك التقصير لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى، فإذا أتى المكلف بهذه الأعمال الخمسة خرج من إحرامه، وحلَّت له الأمور التى كانت قد حرمت عليه بسبب الإحرام، ولم يبق عليه حينئذٍ إلا أعمال الحج فى وقتها1.
أمور:
1 – الإحرام، وصورته: نفس صورة الإحرام لعمرة التمتع، غير أنه يقصد هنا الإحرام لحجة التمتع قربة إلى الله تعالى، ومكانه مكة المكرمة، وزمانه يجب أن يكون قبل ظهر اليوم التاسع من ذى الحجة، على نحو يتمكن من إدراك الوقوف الواجب بعرفات.
2 – الوقوف بعرفات: وهو أن يكون الحاج متواجدا فيها من ظهر اليوم التاسع من ذى الحجة إلى الغروب، وله أن يتأخر عن أول الظهر بمقدار ساعة.
3 – الوقوف بالمزدلفة: وهو أن يكون الحاج متواجدا فيها بعد أن يغادر من عرفات، والواجب هو التواجد فى المزدلفة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ولا يجب المبيت، أى قضاء بقية الليل فيها وإن كان أحوط.
4 – رمى جمرة العقبة: ووقته بين طلوع الشمس وغروبها، ويعتبر أن يكون بسبع حصيات على سبيل التتابع لا دفعة واحدة.
5 – الهدى: وهو عبارة عن الذبيحة التى يجب على الحاج أن يذبحها أو ينحرها يوم النحر بعد رمى جمرة العقبة فى منى.
6 – الحلق أو التقصير: على الرجل الحاج بعد ذلك أن يحلق رأسه أو يقصر، وعلى المرأة التقصير دائما، ونقصد بالحلق حلق شعر الرأس بتمامه، وبالتقصير أخذ شيء من الشعر أو الأظافر، ومكانه منى.
7 – الطواف حول البيت: وهو كطواف عمرة التمتع، غير أنه ينويه باسم طواف حج التمتع قربة إلى الله تعالى.
8 – صلاة الطواف، وصورتها: كصلاة طواف العمرة، إلا أنه ينويها باسم صلاة طواف الحج كذلك.
9 – السعى بين الصفا والمروة، وصورته: نفس صورة السعى بينهما فى العمرة، غير أنه ينويه لحج التمتع قربة إلى الله تعالى.
10 – طواف النساء وصلاته: وهما كطواف العمرة والحج وصلاتهما.
11 – المبيت فى منى: وهو المكث والوجود فيها إما من أول الليل إلى نصفه، أو من منتصفه إلى طلوع الفجر فى الليل الحادى عشر والثانى عشر.
12 – رمى الجمرات الثلاث: مبتدئا من الجمرة الأولى ومنتهيا إلى الجمرة العقبى فى اليوم الحادى عشر والثانى عشر.
أمور:
: 1 النية بعناصرها الثلاثة، من نية القربة والإخلاص وقصد اسمه الخاص المميز له شرعا.
2 – أن يكون مجموع العمرة والحج فى أشهر الحج، وهى شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فلو أحرم للعمرة قبل دخول شهر شوال بطل وإن وقعت بقية أعمالها فيه.
3 – أن يكون الحج والعمرة فى سنة واحدة، مبتدئاً بالعمرة، ثم بالحج.
4 – موضع إحرام حج التمتع مكة، والمراد بمكة هنا البلدة على امتدادها، فالأحياء الجديدة تعتبر جزءا منها عرفا، فيجوز الإحرام منها، نعم لا يجوز الإحرام فى قرية أو بلدة أخرى لها عنوانها المتميز واسمها الخاص، وإن كانت اتصلت بمكة من طريق توسع العمران.
5 – يجوز الخروج من مكة بعد الفراغ من أعمال عمرة التمتع وقبل الإحرام بالحج إلى المناطق القريبة، كجدة والطائف ونحوهما إذا كان واثقا ومطمئنا بالتمكن من الرجوع إلى مكة وإدراك الحج، بل لا يبعد جواز الخروج منها إلى المناطق البعيدة أيضا شريطة أن يكون جازما ومتأكدا بالتمكن من الرجوع إلى مكة المكرمة، وعدم فوت الحج منه. نعم من يريد الخروج من مكة لحاجة أو غيرها فالأولى والأحوط له أن يحرم للحج أولا ثم يخرج منها1.
1 – قد تسأل: أن من خرج من مكة بعد عمرة التمتع بدون إحرام للحج، فإذا رجع إلى مكة فى شهر آخر، وجب عليه أن يدخل فيها بإحرام جديد وقد تسأل: أن هذا الإحرام هل هو إحرام لعمرة مفردة، أو تمتع1 ؟
والجواب: هو إحرام لعمرة التمتع.
2 – قد تسأل أن من خرج من مكة بعد عمرة التمتع محرما بالحج، فلو رجع فى غير الشهر الذى خرج فيه، فهل يدخل محرما بإحرام جديد1 ؟
والجواب: يدخل ملبيا بالحج بدون إحرام للعمرة من جديد.
3 – قد تسأل أن من خرج من مكة بعد العمرة وبدون إحرام ثم رجع فى الشهر الآخر وأحرم بنية العمرة المفردة غافلا أو جاهلا بأن وظيفته الإحرام لعمرة التمتع وأتى بها، هل تنقلب متعة؟
والجواب: لا تنقلب متعة.
وقد تسأل أنها إذا لم تنقلب متعة فهل هى صحيحة؟
والجواب: نعم إنها صحيحة ولا موجب لبطلانها، ولكن حينئذ تصبح المتعة الأولى لاغية فيجب عليه الإتيان بعمرة التمتع ثانيا1.
4 – قد تسأل أن المراد من الشهر الذى رجع فيه هل هو الشهر الهلالى أو ثلاثون يوما؟
والجواب: أن المراد منه الشهر الهلالى.
5 – قد تسأل أن الخروج من مكة فى أثناء عمرة التمتع هل يجوز؟
والجواب: هو جائز شريطة أن يكون واثقا ومتأكدا بالتمكن من الرجوع إلى مكة وإتمام العمرة، ثم إدراك الحج.
6 – إذا أحرم لعمرة التمتع فى سعة الوقت، ولكنه تسامح بالإهمال والتسويف، ولم يطف حول البيت عامدا وملتفتا إلى أن ضاق الوقت
بحيث لو أكمل العمرة لم يتمكن من إدراك الموقف بعرفات، ففى مثل ذلك إذا قام بإكمال العمرة وفات عنه الموقف الاختيارى بطلت وأصبحت لاغية، لا من جهة أنها واقعة فى خارج وقتها، اذ ليس لها وقت محدد، بل من جهة أن صحتها مرتبطة بصحة الحج وحيث أنه ترك الحج بترك الموقف عامدا وعالما تصبح عمرته ملغية1.
7 – قد تسأل: هل يجوز رفع اليد عن عمرة التمتع المستحبة أثناءها، كما إذا أحرم لها من أحد المواقيت ثم يلغى الإحرام قبل دخوله فى الحرم ويرجع إلى بلده؟
والجواب: لا يجوز على الأحوط، نعم لا يجوز له ذلك بعد دخوله فى الحرم محرما، فإنه يجب عليه حينئذ إتمام العمرة، وأما إذا عصى ولم يتم عمرته ورجع إلى بلده، فهل يظل محرما أو يلغى إحرامه؟
والجواب: يلغى إحرامه بانتهاء وقت العمرة، ولا شيء عليه ما عدا الإثم.
8 – قد تسأل: هل يجوز له أن يترك الحج بعد الإتيان بالعمرة، ويرجع إلى بلده؟
والجواب: لا يجوز له ذلك، ولكن إذا فعل ذلك ورجع إلى بلده، فهل تنقلب عمرته من المتعة إلى المفردة، أو تلغى؟
والجواب: بل تلغى لأن عمرة التمتع بصفة أنها جزء من حج التمتع لا يمكن إنجازها بصورة مستقلة، ولهذا من أراد أن يعتمر عمرة مستحبة بدون حج يتحتم عليه أن يأتى بعمرة مفردة، لا بعمرة التمتع1 ، وأما الانقلاب فلا دليل عليه.
9 – قد تسأل أن من أحرم لعمرة مفردة كعمرة رجب – مثلا – فهل يجوز له أن يرفع اليد عن إحرامه ويلغيه ويرجع إلى بلده.
والجواب: لا يجوز ذلك إذا كان بعد دخوله الحرم، وأما إذا كان قبله فعلى الأحوط.
وقد تسأل: هل يبطل إحرامه بذلك إذا فعل، أو يظل محرما ما لم يأت بالعمرة المفردة؟
والجواب: يظل محرما، ولكن ليس مطلقا، بل ما دام يبقى وقت العمرة، فإذا انتهى انتهى إحرامهُ وبطل، مثلاً إذا أحرم لعمرة رجب ولم يأت بها إلى أن انتهى شهر رجب بطل إحرامه لها بانتفاء موضوعها، وهو شهر
رجب، على أساس أن إحرام العمرة فى كل شهر جزء من تلك العمرة وبانتفائها ينتفى لا محالة.
10 – قد تسأل: هل يجوز رفع اليد عن الحج المستحب بعد التلبس بإحرامه كحج الإفراد أو القران؟
والجواب: لا يجوز على الأحوط.
وهوَ وظيفة من يكون موطنه ومسكنه دون ستة عشر فرسخا من المسجد الحرام1 ، وهو واجب مستقل لايرتبط بالعمرة، نعم إذا استطاع المكلف
لهما معا وجب الإتيان بهما كذلك مقدما للحج على العمرة، على الأحوط كما سبق1.
قد تسأل: هل يجوز العدول من إحرام حج الإفراد ندباً إلى عمرة التمتع ثم الإتيان بحج التمتع؟
والجواب: يجوز ذلك، إلاّ إذا لبَّى بعد السعى، فليس له العدول حينئذ إلى التمتع.
وهو حج الإفراد، ولا فرق بينهما إلا أن المكلف إذا صحب هديا معه وقت الإحرام وساقه فى حجه وجب عليه أن يضحى بذلك الهدى يوم العيد، ويسمى الحج حينئذ بحج القران، حيث إن الحاج يقرن معه الهدى، وإذا لم يصحب هديا معه وقت الإحرام سمى بحج الإفراد باعتبار أن الحاج يفرد بالحج، ولا يقرن معه الهدى.
فى الأعمال التالية:
1 – الإحرام
2 – الوقوف بعرفات وفى المزدلفة.
3 – رمى جمرة العقبة.
4 – الحلق أو التقصير للرجال، والتقصير فقط للنساء.
5 – الطواف حول البيت الشريف وصلاة الطواف.
6 – السعى بين الصفا والمروة.
7 – طواف النساء وصلاته.
8 – المبيت فى منى ليلة الحادى عشر والثانى عشر.
9 – رمى الجمرات الثلاث فى اليوم الحادى عشر والثانى عشر.
وأما الذبح أو النحر فهو لا يجب فى حج الإفراد إذا لم يصحب المؤدى له هديا معه وقت الإحرام، وإلا وجب ذبحه أو نحره فى منى.
فى الأمور التالية:
1 – ترتبط صحة حج التمتع بكونه مسبوقا بعمرة التمتع بصورة صحيحة، بينما لا ترتبط صحة حج الإفراد بذلك.
2 – يجب فى حج التمتع الذبح أو النحر فى منى، ولا يجب ذلك فى حج الإفراد إلا إذا صحب المؤدى له هديا معه فى وقت الإحرام، وساق كما مَرَّ.