آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۱
جلد
1
منهاج الصالحین – جلد ۱
جلد
1
عنوان کتاب : منهاج الصالحین – العبادات (للفیاض)
نام ناشر : مکتب سماحة آية الله العظمی الحاج الشيخ محمد اسحاق الفياض
جلد : 1
تعداد صفحات: 445
أو محتاطا على أن يستند في احتياطه إلى اجتهاده أو تقليده لمجتهد يسمح له بالاحتياط و يعلّمه كيف يحتاط،هذا في غير الأحكام البديهيّة المسلّمة في الشرع كوجوب الصلاة و الصيام و الحجّ و حرمة قتل النفس المحترمة و الزنى و غيرها كالمسائل القطعيّة الّتي لا يتوقّف العلم بها على عمليّة الاجتهاد كبعض أحكام العبادات و المعاملات و كثير من المستحبّات و أكثر المباحات الّتي يعرف حكمها كثير من الناس،فإنّ المجتهد و المقلّد أمام هذه الأحكام على حدّ سواء.
و غير مجزئ حتّى و لو كان العامل جاهلا بوجوب التقليد أو الاحتياط؛ لأنّ الجهل هنا ليس بعذر.نعم،لو انكشف له أنّ عمله مطابق للواقع بالتمام أو موافق لفتوى من يجب عليه تقليده فعلا،أو للاحتياط كفاه و لا شيء عليه.
سواء اقتضى التكرار،كما إذا تردّدت الصلاة بين القصر و التمام أم لا،كما إذا احتمل وجوب الإقامة في الصلاة لكن معرفة موارد الاحتياط تحتاج إلى اطّلاع فقهيّ واسع و هو متعذّر غالبا،أو متعسّر على العوامّ.
لأنّ رجوع الناس في كلّ فنّ إلى ذوي الاختصاص و الخبرة بذلك الفنّ قد أصبح عادة لهم، و هو واجب على كلّ مكلّف لا يتمكّن من الاجتهاد و لا من الاحتياط.
و لا يتحقّق إلاّ بالعمل.
و الذكورة،و الاجتهاد،و العدالة،و طهارة المولد.
فإذا مات المجتهد الّذي قلّده الصبيّ قبل بلوغه جاز له البقاء على تقليده،و لا يجوز له أن يعدل عنه إلى غيره،إلاّ إذا كان الثاني أعلم،كما أنّ غيره إذا قلّد مجتهدا ثمّ مات جاز البقاء على تقليده،و إذا كان أعلم من الحيّ وجب.
فإن كان أعلم من الحيّ وجب البقاء على تقليده مطلقا،أي من دون أدنى فرق بين ما تعلّمه من أقوال المرجع و ما لم يتعلّمه،و ما عمل به و ما لم يعمل،و إن كان الحيّ أعلم وجب العدول إليه،مع العلم بالمخالفة بينهما،و لو إجمالا،و إن تساويا في العلم أو لم يحرز الأعلم منهما جاز له البقاء ما لم يعلم بمخالفة فتوى الحيّ لفتوى الميّت،و إلاّ وجب الأخذ بأحوط القولين.
قد تسأل:هل يجوز تقليد الميّت ابتداء؟
و الجواب:لا يبعد جوازه شريطة إحراز أنّه يفوق الأحياء و الاموات في العلم بأن يكون أعلم من الجميع بأحكام الشريعة،و الأعرف و الأقدر على تكوين القواعد العامّة،و الأدقّ في مجال التطبيق و الاستنباط.
و قد تسأل:أنّ لازم ذلك حصر المجتهد المقلّد في جميع الأعصار و القرون في شخص واحد،على أساس أنّ الأعلم من الأحياء و الأموات منحصر بفرد، فإذا فرضنا أنّه الشيخ الطوسيّ قدّس سرّه مثلا،فلازمه رجوع الجميع إليه في كلّ عصر و هو خلاف الضرورة من مذهب الشيعة؟
و الجواب:أنّ هذا مجرّد افتراض و ليس له واقع موضوعيّ؛إذ لا شبهة في أنّ الأعلم بالمعنى المشار إليه آنفا إنّما هو بين العلماء المتأخّرين بالنسبة إلى المتقدّمين،و الشاهد على ذلك هو تطوّر علم الاصول و علم الفقه بنحو قد أصبحا أكثر عمقا و استيعابا و أكثر دقّة و صرامة على أساس أنّهما علمان مترابطان بترابط متبادل على مستوى واحد في طول التأريخ،فكلّما كان البحث الاصوليّ النظريّ أكثر دقّة و عمقا و أوسع شمولا كان يتطلّب في مجال التطبيق دقّة أكبر و التفاتا أوسع و أشمل،و من الواضح أنّهما لم يكونا موجودين بهذه الدّرجة من التطوّر و السعة في الأزمنة السابقة،أجل قد يتّفق ذلك في عصر واحد،فإذا مات المرجع في التقليد يمكن أن يكون هو أعلم من جميع الأحياء الموجودين فعلا.ثمّ إنّ وظيفة العاميّ هي الرجوع إلى المجتهد الحيّ الأعلم و تقليده،و لكنّه قد يسوّغ للمقلّد أن يستمرّ على تقليد المرجع الميّت و قد يسوّغ له أن يقلّده ابتداء،و لا يحقّ له أن يستمرّ على تقليده أو يقلّده ابتداء بصورة اعتباطيّة،و إنّما يسوغ له ذلك بعد أن يتعرّف على الأعلم من المجتهدين الأحياء و يرجع إليه في التقليد فيسمح له بالاستمرار على ذلك أو الرجوع إليه ابتداء؛إذ لو لم يصنع ذلك كان كمن يعمل من دون تقليد.
و قد تسأل:أنّه يعرف ممّا سبق أنّ المرجع في التقليد إذا مات،فإن كان أعلم من كلّ الأحياء الموجودين بالفعل وجب البقاء على تقليده-كما لو كان حيّا-من دون أدنى فرق بين حال حياته و موته،و إذا كان الحيّ أعلم من الميّت وجب العدول إلى تقليده في كلّ المسائل من دون استثناء،فهل الأمر كذلك إذا وجد في الأحياء من هو مساو للميّت علما و اجتهادا؟
و الجواب:أنّ الميّت إن كان أسبق من الحيّ في الأعلميّة وجب البقاء على
تقليده ما لم تثبت أعلميّة الحيّ،و إن كانا على مستوى واحد منذ البداية وجب الأخذ في كلّ واقعة بمن كان قوله أقرب إلى الاحتياط إن أمكن،و إلاّ فالتخيير.
فإن كانوا متّفقين في آرائهم و فتاويهم فبإمكان العاميّ أن يرجع إلى أيّ واحد منهم، و إن كانوا مختلفين في الآراء و الفتاوي-كما هو الغالب-و علم المقلّد بذلك وجب الرجوع إلى الأعلم منهم في هذه الحالة،و إن كانوا على مستوى واحد وجب الأخذ بمن كان قوله مطابقا للاحتياط إن أمكن،و إلاّ تخيّر في الأخذ بقول أيّ واحد منهم.
و في فترة الفحص و البحث يجب عليه أن يحتاط في أعماله و إن استلزم التكرار.
و إذا وصل بالفحص و البحث إلى كون الأعلم أكثر من واحد بين المجتهدين، أي اثنين-مثلا-و هما على مستوى واحد مقدرة و علما و قد اختلفا في الفتوى فهل هناك مرجّح يوجب تقديم أحدهما على الآخر في التقليد؟
و الجواب:ما مرّ من أنّ الواجب في هذه الحالة هو الأخذ بمن كان قوله أقرب إلى الاحتياط إن أمكن،إلاّ إذا علم بسبق أعلميّة أحدهما على الآخر.
هما زيد و عمرو-مثلا-و لكن لا يدري أنّه متمثّل في خصوص زيد أو خصوص عمرو أو في كليهما معا على مستوى واحد،ففي مثل ذلك تارة يكون المكلّف على يقين بأنّ زيدا كان أعلم من عمرو،و لكنّ عمروا جدّ في تحصيل العلم و نشط في البحث فترة غير قصيرة حتّى احتمل أنّه وصل إلى درجة زيد
في العلم أو تفوّق عليه،و اخرى لا يكون على يقين من ذلك بل يشكّ في أعلميّة كلّ منهما بالنسبة إلى الآخر أو تساويه منذ البداية،فعلى الأوّل يجب تقليد زيد و على الثاني يجب في كلّ واقعة الأخذ بمن كان قوله أقرب إلى الاحتياط.
لحدّ الآن قد تبيّن أنّ الواجب على كلّ مكلّف تقليد المجتهد الأعلم و تترتّب على ذلك عدّة فروع:
الأوّل:أنّ المكلّف إذا قلّد شخصا بتخيّل أنّه المجتهد الأعلم ثمّ تبيّن له أنّه ليس بأعلم وجب عليه العدول عنه إلى المجتهد الأعلم.
الثاني:إذا قلّد شخصا بصورة اعتباطيّة دون البحث و الفحص عن أنّه الأعلم متجاهلا و متسامحا في ذلك،ففي هذه الحالة يجب عليه البحث و الفحص و الرجوع إلى الأعلم.
الثالث:إذا قلّد من ليس أهلا للفتوى إمّا باعتقاد أنّه أهل لها أو من باب التسامح و اللامبالاة في الدين ففي هذه الحالة يتحتّم عليه العدول عنه إلى من هو أهل لها فورا.
الرابع:إذا قلّد الأعلم على الموازين الشرعيّة،ثمّ وجد أنّ المجتهد الفلانيّ صار أعلم منه،وجب عليه العدول من السابق إلى اللاحق،و معنى هذا أنّ التقليد يدور مع الأعلم كيفما دار وجودا و عدما،و من هذا القبيل إذا مات المرجع للتقليد و وجد الأعلم منه بين الأحياء وجب عليه العدول منه إليه، فيكون العدول في هذين الموردين مستندا إلى مبرّر شرعيّ.
كمن قلّد الأعلم،ثمّ يصبح غيره أعلم منه في حياته فيعدل إليه،أو يموت مرجعه فيعدل إلى تقليد المجتهد الحيّ الأعلم،و اخرى يكون عدوله عن
تقليد باطل و غير صحيح،و قد مرّت أمثلة ذلك في ضمن فروع،و مثل ذلك من يعمل مدّة من الزمن بدون تقليد،و في كلتا الصورتين ما ذا يصنع بما أدّاه من فرائض و أعمال في هذه المدّة؟
و الجواب:أمّا في الصورة الاولى فلا يجب عليه قضاء تلك الواجبات الّتي أدّاها و انتهى وقتها و إن كانت باطلة بنظر مرجعه الجديد،من دون فرق بين أن يكون الاختلاف بينهما في الأجزاء و الشرائط غير الرئيسيّة،أو يكون في الأجزاء و الشرائط الرئيسيّة كالأركان،فإنّ الجاهل بها و إن كان لا يعذر إلاّ أنّ المكلّف حين الإتيان بتلك الواجبات في ظرفها لم يكن جاهلا بها حيث أنّ إتيانه بها كان مستندا إلى حجّة شرعيّة في ذلك الحين،و أمّا إذا لم ينته وقتها بأن كان العدول في أثناء الوقت كما إذا صلّى صلاة الظهر-مثلا-و كان مقلّدا للمجتهد الأوّل ثمّ عدل عنه بحجّة شرعيّة إلى المجتهد الجديد قبل أن ينتهي الوقت فيجب عليه بعد الرجوع أن ينظر إلى صلاته على أساس رأي المجتهد الثاني فإن كانت مطابقة لرأيه أيضا كانت صحيحة و إن كانت مخالفة له فالاختلاف على نحوين:
أحدهما:أن يكون الاختلاف في أمر يعذر فيه الجاهل كما إذا كان في الأجزاء و الشروط غير الرئيسيّة ففي مثل ذلك لا تجب إعادة الصلاة.
و الآخر:أن يكون الاختلاف في أمر لا يعذر فيه الجاهل،كما إذا كان في الأجزاء و الشروط الرئيسيّة كأجزاء الوضوء أو شروطه أو الغسل أو التيمّم كما إذا رأى المجتهد الأوّل وجوب وضوء الجبيرة على الكسير أو الجريح في الكسر أو الجرح المكشوف بوضع خرقة عليه و مسحها،و رأى المجتهد الثاني أنّ الوظيفة في هذه الحالة التيمّم دون وضوء الجبيرة و هكذا،و على هذا فإن كانت مخالفة صلاته لرأي المجتهد الجديد على النحو الأوّل لم تجب إعادتها،و إن كانت على
النحو الثاني وجبت إعادتها،و أمّا في الصورة الثانية فلا يجب عليه القضاء إلاّ في حالة واحدة،و هي ما إذا كانت صلاته مخالفة لرأي المجتهد الثاني فيما لا يعذر فيه الجاهل كالأركان،فإنّ في هذه الحالة يجب عليه قضاؤها،باعتبار أنّ إتيانها سابقا لم يكن مستندا إلى حجّة شرعية،و أمّا في الحالات التالية فلا يجب القضاء فيها:
الاولى:أن يعلم بأنّها مطابقة لرأي مرجعه الجديد.
الثانية:أن يشكّ في أنّها مطابقة مع رأي المرجع الجديد أو لا نظرا إلى أنّه لا يتذكّر طريقة أدائه لها.
الثالثة:أن يعلم أنّها مخالفة مع رأي المقلّد الثاني و لكن في أمر يعذر فيه الجاهل كغير الأركان من الأجزاء و الشروط.نعم،إذا كان الاختلاف بينهما في بعض الأحكام الوضعيّة،كما إذا رأى المجتهد الأوّل صحّة النكاح مثلا بالفارسيّة، و رأى المجتهد الثاني بطلانه و اعتبار العربيّة في صحّته،ففي مثل ذلك لو عقد المكلّف على امرأة بالفارسيّة اعتمادا على رأي المجتهد الأوّل،ثمّ عدل إلى المجتهد الثاني الّذي كان يرى بطلان النكاح بها،وجب عليه العمل بفتوى المجتهد الثاني من حين الرجوع إليه و تجديد عقد النكاح.
وجب عليه الفحص،فإن تبيّن له أنّه جامع للشرائط بقي على تقليده،و إن تبيّن أنّه فاقد لها،أو لم يتبيّن له شيء عدل إلى غيره.
كان كمن عمل من غير تقليد،و عليه الرجوع إلى الحيّ في ذلك كما مرّ.
ثمّ التفت إليه بعد مدّة،كان كمن عمل من غير تقليد،و أمّا إذا اعتقد لسبب أو آخر أنّ فلانا هو المجتهد الأعلم،و بعد فترة اتّضح له أنّ المجتهد الأعلم غيره، فيجب عليه أن يعدل منه إليه،و يسمّى هذا المقلّد بالمشتبه.
كما لا يجوز العدول من الحيّ إلى الحيّ مهما كانت الظروف و الأسباب،إلاّ بعد الوثوق و الاطمئنان بالمجوّز الشرعيّ لذلك،بأن يفقد المرجع الفعليّ بعض الشروط الرئيسيّة،أو يوجد من هو أعلم منه.
فهل يجوز لمقلّده أن يرجع إلى غيره مع ملاحظة الأعلم فالأعلم؟ و الجواب:لا يجوز له ذلك إذا رأى الأعلم خطأ غير الأعلم في الفتوى.
لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسألة،و لا في غيرها،بل يجب عليه الرجوع إلى الأعلم من الأحياء في بقائه على تقليد الميّت.
و إذا قلّد مجتهدا فمات،فقلّد الأعلم من الأحياء،و هو أفتى بجواز العدول إلى الحيّ أو بوجوبه،فعدل إليه،ثمّ مات فقلّد من يقول بوجوب البقاء على تقليد الميّت إذا كان أعلم،فهل يرجع إلى التقليد الأوّل أو يستمرّ على التقليد الثاني في غير مسألة وجوب العدول إلى الحيّ أو جوازه؟
و الجواب:إن كان المجتهد الأوّل أعلم من الثاني أيضا،فالأقوى أنّ وظيفته الرجوع إليه،على أساس ما استظهرناه من جواز الرجوع إلى المرجع الميّت ابتداء إذا كان أعلم من الأحياء،لا من جهة أنّ فتوى الثالث تكشف عن
أنّ عدوله منه إلى الثاني غير صحيح،إذ لا نعني بالعدول الصحيح إلاّ ما يكون بمبرّر شرعيّ،و المفروض أنّه في ظرفه كان بمبرّر شرعيّ،فلا يجوز حينئذ الرجوع إليه مرّة ثانية على المشهور؛لأنّه من التقليد الابتدائيّ،و إن كان الثاني أعلم من الأوّل و من الحيّ معا،وجب عليه البقاء على تقليده في غير مسألة وجوب العدول أو جوازه.
و لا عذر له في تركها و الإتيان بها بصورة غير صحيحة جهلا منه بأجزائها و شروطها، و يكفي أن يكون واثقا و مطمئنّا أنّ عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الأجزاء و الشرائط،و لا يلزم العلم بذلك تفصيلا،و إذا عرضت له في أثناء العبادة مسألة لا يعرف حكمها،جاز له العمل على بعض الاحتمالات،ثمّ يسأل عنها بعد الفراغ،فإن تبيّنت له الصحّة اجتزأ بالعمل،و إن تبيّن البطلان أعاده.
لئلاّ يقع في مخالفة الواقع.نعم،من كان واثقا و مطمئنّا بعدم ابتلائه بتلك المسائل فلا يجب عليه تعلّمها.
الأوّل:العلم الحاصل بالاختبار و الممارسة.
الثاني:شهادة عادلين بها،و لا يبعد ثبوتها بشهادة العدل الواحد،بل بشهادة مطلق الثقة أيضا،و هو من يعرف بصدق اللهجة و التحرّز عن الكذب، و إن لم يكن عادلا في كلّ سلوكه العمليّ.
الثالث:حسن الظاهر،و المراد به حسن المعاشرة و السلوك الدينيّ بين الناس،بمعنى أن يكون معروفا عندهم بالاستقامة و الصلاح و التديّن،فإنّ ذلك
دليل على العدالة و إن لم يفد الوثوق و الاطمئنان.و يثبت اجتهاده-و أعلميّته أيضا-بالعلم الحاصل من الخبرة و الممارسة الشخصيّة للمقلّد إذا كان له من الفضل و العلم ما يتيح له ذلك،و بالشياع المفيد للاطمئنان،و بالبيّنة،و بخبر الثقة، و يعتبر في البيّنة و في خبر الثقة-هنا-أن يكون المخبر من أهل الخبرة و الفضل القادرين على التقييم العلميّ.
كما أنّ من ليس أهلا للقضاء يحرم عليه القضاء،و لا يجوز الترافع إليه و لا الشهادة عنده،و المال المأخوذ بحكمه حرام و إن كان الآخذ محقّا.نعم،إذا انحصر استيفاء الحقّ و استنقاذه بالترافع عنده،جاز ذلك،فإن حكم بالحقّ و كان المحكوم به عينا خارجيّة أخذها صاحبها،و إن كان مالا في الذمّة استأذن الحاكم الشرعيّ في أخذه و تعيينه.
و لا يجوز للمكلّف أن يقلّده حتّى فيما اجتهد من الأحكام الشرعيّة،إلاّ إذا علم بأنّه فيها قد أصبح أعلم من المجتهد المطلق.
جاز البقاء على تقليده إلى أن يتبيّن الحال.
و كذلك الحكم في الوصيّ،إلاّ في حالة واحدة،و هي ما إذا كان نظر الوصيّ مطابقا للاحتياط دون نظر الموصي،فإنّه في هذه الحالة يعمل على طبق نظره دون نظر الموصي.
الّتي ليس لها متولّ خاصّ بنصّ الواقف،أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد،و ينتهي دوره،و عليه أن يرجع إلى مجتهد حيّ،و أمّا المنصوب من قبله وليّا بمعنى منحه و جعله الولاية له على هذه الأوقاف و الأموال،فهو يبقى نافذ المفعول حتّى بعد موت ذلك المجتهد،و أمّا القيمومة فهي إمّا أن ترجع إلى جعل الوكالة للقيّم،أو جعل الولاية له،و ليست منصبا ثالثا غيرهما.
فلا يجوز نقضه حتّى لمجتهد آخر،إلاّ إذا علم مخالفته للواقع،أو كان صادرا عن تقصير في مقدّماته.
منها الأعلميّة في حدود المصالح الدينيّة العامّة،كما أنّ له ولاية القضاء،فمن أجل ذلك يسمّى بالحاكم الشرعيّ،و أمّا المجتهد المتجزّئ فليست له الولاية الشرعيّة،و لا ولاية القضاء.
فإن كانت فتواه إباحة شيء في المسألة بالمعنى الأعمّ،و هو ينقل عنه حرمته أو وجوبه فيها، لم يجب عليه إعلام من سمع منه ذلك.
و إن كانت فتواه في المسألة حرمة شيء و هو ينقل عنه إباحة ذلك الشيء،أو كانت وجوب فعل و هو ينقل عنه جوازه،فهل يجب عليه إعلام من أوقعه في الخطأ؟
و الجواب:أنّ وجوبه عليه لا يخلو عن إشكال و إن كان هو أحوط.
نعم،لو كان الخطأ منه فيما لا يعذر فيه الجاهل كما في الأجزاء الرئيسيّة للصلاة،أو فيما قد اهتمّ الشارع به و لا يرضى بتركه إن كان واجبا،و بفعله إن كان محرّما،كان الإعلام واجبا عليه جزما،و كذلك الحال إذا أخطأ المجتهد في بيان فتواه،و أمّا إذا تبدّل رأيه برأى آخر مخالف للأوّل،فإن كان الرأي الأوّل
حكما إلزاميّا،و الرأي الثاني حكما ترخيصيّا،لم يجب عليه إعلام مقلّديه بذلك.
و إن كان الأمر بالعكس أو كان كلاهما حكما إلزاميّا فهل يجب عليه الإعلام؟
و الجواب:أنّ الرأي الثاني له إن كان ممّا يعذر فيه الجاهل لم يجب عليه الإعلام،و إن كان ممّا لا يعذر فيه الجاهل فالأقرب وجوب الإعلام.
و الجواب:أنّ الثقتين إن كانا يخبران عن زمن واحد فقد سقطا معا بالتعارض،فلا يمكن للمقلّد أن يعتمد على أيّ واحد منهما،بل وظيفته الاحتياط إلى أن يتبيّن له الحال،و إن كانا يخبران عن زمنين مختلفين،بأن يخبر أحدهما قبل سنة و يخبر الآخر قبل فترة قصيرة،وجب على المقلّد العمل بما نقل إليه من الفتوى في الزمن المتأخّر.
و هي الّتي يعصم الإنسان بها عن المزالق و الانحرافات في جادّة الشريعة المقدّسة،و يسلك فيها السلوك المستقيم الطبيعيّ، و يضرّها الانحراف عن الجادّة عامدا و ملتفتا بارتكاب المعاصي من دون عذر شرعيّ،و لا فرق في المعاصي من هذه الجهة بين الصغيرة و الكبيرة،و في عدد الكبائر خلاف.و قد عدّ من الكبائر الشرك باللّه تعالى،و اليأس من روح اللّه تعالى،و الأمن من مكر اللّه تعالى،و عقوق الوالدين و هو الإساءة إليهما،و قتل النفس المحترمة،و قذف المحصنة،و أكل مال اليتيم ظلما،و الفرار من الزحف، و أكل الربا،و الزنى،و اللواط،و السحر،و اليمين الغموس الفاجرة و هي الحلف باللّه تعالى كذبا على وقوع أمر أو على حقّ امرئ أو منع حقّه خاصّة كما قد
يظهر من بعض النصوص،و منع الزكاة المفروضة،و شهادة الزور،و كتمان الشهادة،و شرب الخمر،و منها ترك الصلاة أو غيرها ممّا فرضه اللّه متعمّدا، و نقض العهد،و قطيعة الرحم بمعنى ترك الإحسان إليه من كلّ وجه في مقام يتعارف فيه ذلك،و التعرّب بعد الهجرة إلى البلاد الّتي ينقص بها الدين،و السرقة، و إنكار ما أنزل اللّه تعالى،و الكذب على اللّه،أو على رسوله صلّى اللّه عليه و آله،أو على الأوصياء عليهم السّلام هذا شريطة أن لا يكون القائل بذلك ملتفتا إلى الملازمة بين إنكار ذلك و تكذيب الرسالة و إلاّ فهو كافر،بل مطلق الكذب،و أكل الميتة، و الدّم،و لحم الخنزير،و ما اهلّ به لغير اللّه،و القمار،و أكل السحت،كثمن الميتة و الخمر،و المسكر،و أجر الزانية،و ثمن الكلب الّذي لا يصطاد،و الرشوة على الحكم و لو بالحقّ،و أجر الكاهن،و ما اصيب من أعمال الولاة الظلمة،و ثمن الجارية المغنّية،و ثمن الشطرنج،فإنّ جميع ذلك من السحت.
و من الكبائر:البخس في المكيال و الميزان،و معونة الظالمين،و الركون إليهم،و الولاية لهم،و حبس الحقوق من غير عسر،و الكبر،و الإسراف و التبذير،و الاستخفاف بالحجّ،و المحاربة لأولياء اللّه تعالى،و الاشتغال بالملاهي كالغناء،فإنّه عبارة عن الحديث اللهويّ المشتمل على الكذب،و هو قول الزور المناسب للمجالس المعدّة لذلك،كمجالس أهل التلهّي و الطرب،و ضرب الأوتار و نحوها ممّا يتعاطاه أهل الفسوق،و الإصرار على الذنوب.
و الغيبة،و هي:أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته،سواء أ كان بقصد الانتقاص،أم لم يكن،و سواء أ كان العيب في بدنه،أم في نسبه،أم في خلقه،أم في فعله،أم في قوله،أم في دينه،أم في دنياه،أم في غير ذلك ممّا يكون عيبا مستورا عن الناس،كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول،أو بالفعل الحاكي عن وجود العيب،و الظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد
إفهامه و إعلامه،كما أنّ الظاهر أنّه لا بدّ من تعيين المغتاب،فلو قال:(واحد من أهل البلد جبان)لا يكون غيبة و كذا لو قال:(أحد أولاد زيد جبان).
نعم،قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة و الانتقاص،لا من جهة الغيبة،و يجب عند وقوع الغيبة التوبة و الندم،و الأحوط-استحبابا-الاستحلال من الشخص المغتاب إذا لم تترتّب على ذلك مفسدة،أو الاستغفار له.
و قد تجوز الغيبة في موارد،منها:المتجاهر بالفسق،فيجوز اغتيابه في غير العيب المستتر به،و منها،الظالم لغيره،فيجوز للمظلوم غيبته و الأحوط- استحبابا-الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقا،و منها:
نصح المؤمن،فتجوز الغيبة بقصد النصح،كما لو استشار شخص في تزويج امرأة فيجوز نصحه،و لو استلزم إظهار عيبها،بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء من دون استشارة،إذا علم بترتّب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة،و منها:ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر،فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها،و منها:ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب،فتجوز غيبته،لئلاّ يترتّب الضرر الدينيّ، و منها:جرح الشهود،و منها:ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه،فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه،و منها:القدح في المقالات الباطلة،و إن أدّى ذلك إلى نقص في قائلها،و قد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح في القائل بقلّة التدبّر،و التأمّل،و سوء الفهم و نحو ذلك،و كان صدور ذلك منهم لئلاّ يحصل التهاون في تحقيق الحقائق،عصمنا اللّه تعالى من الزلل،و وفّقنا للعلم و العمل،إنّه حسبنا و نعم الوكيل.
و قد يظهر من الروايات عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام:أنّه يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب،و يردّ عنه،و أنّه إذا لم يرد خذله اللّه تعالى في الدنيا
و الآخرة،و أنّه كان عليه كوزر من اغتاب.
و من الكبائر:البهتان على المؤمن و هو ذكره بما يعيبه و ليس هو فيه، و منها:سبّ المؤمن و إهانته و إذلاله،و منها:النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم،و منها:القيادة و هي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرّم، و منها:الغشّ للمسلمين،و منها:استحقار الذنب فإنّ أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه،و منها:الرياء،و غير ذلك ممّا يضيق الوقت عن بيانه.
و تعود بالتوبة و الندم و الرجوع إليه حقيقة،و قد مرّ أنّه لا يفرق في ذلك بين الصغيرة و الكبيرة.
و إلاّ فهو وجوبيّ و على العاميّ أن يعمل به تبعا لمقلّده.و كذلك موارد الإشكال و التأمّل،فإذا قلنا:
يجوز على إشكال أو على تأمّل فالاحتياط في مثله استحبابيّ،و إن قلنا:يجب على إشكال،أو على تأمّل فإنّه فتوى بالوجوب،و إن قلنا المشهور:كذا،أو قيل كذا،و فيه تأمّل،أو فيه إشكال،فاللازم العمل بالاحتياط.
و لمّا لم تثبت عندنا فيتعيّن الإتيان بها برجاء المطلوبيّة،و كذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبيّة.
و ما توفيقي إلاّ باللّه عليه توكّلت و إليه انيب
و فيه فصول:
ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين:
و هو ما يصحّ استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه كالماء الّذي يكون في البحر،أو النهر،أو البئر،أو غير ذلك فإنّه يصحّ أن يقال له ماء،و إضافته إلى البحر-مثلا-للتعيين،لا لتصحيح الاستعمال.
و هو ما لا يصحّ استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه كماء الرمّان و ماء الورد،فإنّه لا يقال له ماء إلاّ مجازا،و لذا يصحّ سلب الماء عنه.
الماء المطلق إمّا لا مادّة له،أو له مادّة.
و الأوّل:إمّا قليل لا يبلغ مقداره الكرّ،أو كثير يبلغ مقداره الكرّ،و الماء القليل ينفعل كلّه بملاقاة جانب منه لعين النجس،إلاّ إذا كان متدافعا بقوّة
فالنجاسة تختصّ حينئذ بموضع الملاقاة فقط،و لا تسري إلى غيره سواء كان جاريا من الأعلى إلى الأسفل كالماء المنصبّ من الميزاب على النجس في الأرض فإنّ النجاسة تسري إلى محلّ الملاقاة فقط،و لا تسري إلى الماء الأعلى،فيبقى على طهارته،و مثل ذلك ما إذا صبّ ماء من إبريق على نجس في مكان أسفل فلا تسري النجاسة منه إلاّ إلى موضع الملاقاة فحسب،و إمّا الماء الأعلى و ما في الإبريق فيبقى على طهارته،أم كان متدافعا من الأسفل إلى الأعلى كالماء الخارج من الفوّارة يفور صاعدا كالعمود و يلاقي النجاسة في العلوّ،فإنّه يتنجّس الطرف الأعلى من الماء القليل الملاقي،و لا تسري النجاسة إلى العمود و ما دونه،و كذا إذا كان متدافعا من أحد الجانبين إلى الآخر.
و هل يتنجّس الماء القليل بملاقاة المتنجّس الخالي عن عين النجس أو لا؟
و الجواب لا يبعد عدم تنجّسه،و بقائه على الطهارة،و إن كان الأحوط و الأجدر الاجتناب عنه،و أمّا الكثير الّذي يبلغ الكرّ فلا ينفعل بملاقاة النجس، فضلا عن المتنجّس،إلاّ إذا تغيّر بلون النجاسة،أو طعمها،أو ريحها فإذا تغيّر حكم بنجاسته.
فلذلك صور:
الاولى:أنّ عدم تغيّر الماء مستند إلى سبب في عين النجاسة،كما إذا كانت فاقدة لكلّ الخصائص و الأوصاف من الطعم و الرائحة و اللون.
الثانية:أنّ عدم تغيّره مستند إلى سبب في الماء،كما إذا كان أحمر اللون بسبب وقوع كميّة من الصبغ فيه.
الثالثة:أنّ عدم تغيّره مستند إلى سبب خارجيّ،كبرودة الجوّ أو غيرها.
ففي جميع هذه الصور هل يتنجّس الماء؟
و الجواب:إمّا في الصورة الاولى فلا يتنجّس الماء،و لا مقتضي لذلك، و إمّا في الصورة الثالثة فالأمر كما في الصورة الاولى،لأنّ برودة الجو الّتي تمنع عن تأثّر الماء برائحة الجيفة النجسة بحيث لو كان الجوّ معتدلا أو حارّا لحدث التغيّر فيه،تمنع عن تنجّسه بسبب منعها عن تحقّق موضوعه في الخارج.و أمّا في الصورة الثانية فيتنجّس الماء،لأنّه متغيّر بأحد أوصاف النجس واقعا،غاية الأمر أنّه لمّا كان ملوّنا باللون الأحمر كان ذلك مانعا عن ظهوره و بروزه خارجا.
بل بالثقل أو الثخانة،أو نحوهما لم ينجس.
لم ينجس أيضا.
إلاّ أن يتغيّر بوصف النجاسة الّتي هي موجودة في المتنجّس،كالماء المتغيّر بالدّم يقع في الكرّ فيغيّر لونه،و يكون أصفر فإنّه ينجس.
فإذا اصفرّ الماء بملاقاة الدّم تنجّس،إذ لا نعني بالتغيّر الّذي ينجّس الماء الكثير أن يكتسب نفس لون النجس أو طعمه أو ريحه بالضبط.
و الثاني:و هو ما له مادّة لا ينجس بملاقاة النجاسة،إلاّ إذا تغيّر بأحد أوصاف النجس،على النحو الّذي مرّ في الماء الكثير الّذي لا مادّة له،بلا فرق في ذلك بين ماء الأنهار،و ماء البئر،و ماء العيون و غيرها ممّا كان له مادّة، و لا بدّ في الماء من أن يبلغ الكر،و لو بضميمة ما له المادّة إليه،فإذا بلغ ما في
الحياض في الحمّام مع مادّته كرّا لم ينجس بالملاقاة.
فلو كانت المادّة من فوق تترشّح و تتقاطر،فإن كان الماء المترشّح و المتقاطر دون الكرّ ينجس.نعم،إذا لاقى محلّ الرشح للنجاسة لا ينجس.
في عدم انفعاله بملاقاة النجس و المتنجّس،فالحوض المتّصل بالنهر بساقية معتصم لا ينجس بالملاقاة، و كذا أطراف النهر،و إن كان ماؤها راكدا.
فالطرف المتّصل بالمادّة لا ينجس بالملاقاة و إن كان قليلا،و الطرف الآخر حكمه حكم الراكد إذا تغيّر تمام قطر ذلك البعض،و إلاّ فالمتنجّس هو المقدار المتغيّر فقط؛لاتّصال ما عداه بالمادّة.
و إذا تغيّر بعض الماء الراكد الكثير،كما إذا وقع دم في جانب منه فاصفرّ الماء في هذا الجانب،فهل يتنجّس الماء في الجانب الآخر قبل أن يتسرّب إليه لون الدّم؟
و الجواب:لا يتنجّس ما دام الجانب الآخر بقدر الكرّ.
-و كان قليلا-ينجس بالملاقاة.
أمّا لو وقع على شيء كورق الشجر،أو ظهر الخيمة أو نحوهما،ثمّ وقع على النجس تنجّس.
-فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير،و إن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل.
نعم،إذا كان وقوعه على ورق الشجر بنحو يمرّ منه إلى الأرض لا أنّه يطفر منه إليها فهو معتصم.
مثال ذلك:ماء قليل في وعاء تنجّس بالملاقاة،فإذا اريد أن يطهر ذلك الماء يفتح عليه انبوب من أنابيب الماء الممتدّة إلى البيوت في العصر الحاضر،فيطهر بمجرّد اتّصاله به،من دون التوقّف على انتشار ماء الانبوب في كلّ جوانب الماء.
فإذا صدق ذلك فهو معتصم،لا يتنجّس بملاقاة عين النجس،فلو أنّ قطرة من ماء المطر وقعت مباشرة على عين نجسة كالميتة-مثلا- لم تتنجّس سواء استقرّت عليها أم انفصلت عنها ما دام المطر يتقاطر،و لو تجمّع ماء المطر في موضع من الأرض فوقع فيه نجس لم يتنجّس ما دام المطر يتقاطر، و كذلك الحكم إذا جرى ماء المطر على السطح-مثلا-و انحدر منه إلى الأرض من ميزاب أو نحوه،فإنّ الماء الجاري من الميزاب معتصم،و لا ينفعل بملاقاة عين نجسة في الأرض ما دام المطر يتقاطر من السماء،و مثل ذلك ماء المطر المتساقط على أوراق الشجر و النازل منها إلى الأرض.نعم،إذا أصاب ماء المطر سقف الغرفة،و تسرّبت رطوباته في السقف ثمّ ترشّح منه إلى أرض الغرفة،فلا يعتبر الماء المتساقط على أرض الغرفة معتصما،حتّى و لو كان المطر لا يزال يتقاطر على سقف الغرفة؛لأنّ الصلة قد انقطعت بين ماء المطر و الماء المتساقط
من سقف الغرفة إلى أرضها،و أمّا إذا وقعت عليه قطرة أو قطرتان فلا يصدق على ذلك عرفا أنّ المطر قد أصابه.
و إذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره،هذا إذا لم يكن فيه عين النجاسة،و إلاّ فلا يطهر إلاّ إذا تقاطر عليه بعد زوال عينها.نعم،إذا كان الثوب متنجّسا بالبول لم يطهر بإصابة المطر عليه مرّة واحدة،بل لا بدّ من التعدّد عرفا،كما هو الحال في غسله بغير الماء الجاري.
بشرط أن يكون من السماء و لو بإعانة الريح،و أمّا لو وصل إليها بعد الوقوع على محلّ آخر -كما إذا ترشّح بعد الوقوع على مكان،فوصل مكانا نجسا-لا يطهر.نعم،لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقّف طهر.
أحدهما:أن يزول تغيّره و يعود إلى حالته الطبيعيّة،سواء أ كان ذلك لمرور الزمن أم بمزجه بماء آخر.
و الآخر:أن يوصل و هو سليم من التغيّر بالماء المعتصم كالكرّ،أو الجاري،أو ماء المطر،و يمكن إنجاز كلا الأمرين معا بعمليّة واحدة بأن يفتح انبوبا من الماء على الماء المتغيّر فينتشر ماء الانبوب في الماء المتغيّر إلى أن يزول تغيّره و يطهّره باستمرار اتّصاله به بعد ذلك،أو باتّصاله بالماء الجاري أو الكرّ أو المطر،فيبقى مستمرّا إلى أن يزول تغيّره،و يطهّره بعد ذلك باستمرار اتّصاله به.
(مسألة 51):إذا تقاطر على عين النجس،فترشّح منها على شيء آخر لم ينجس،ما دام متّصلا بماء السماء بتوالي تقاطره عليه شريطة أن لا يكون حاملا لعين النجس معه.
(مائتان و أربعة و تسعون حقّة و نصف حقّة تقريبا)و بالكيلو (ثلاثمائة و تسعة و تسعون كيلو)تقريبا،و مقداره في المساحة ما بلغ مكسّره اثنين و أربعين و سبعة أثمان شبر اعتياديّ على الأظهر.
و لا بين وقوف الماء و ركوده و جريانه.نعم،إذا كان ماء الكرّ جاريا و متحرّكا بدفع،كالماء الجاري من خزّانات البيوت أو غيرها أو الحمّامات إلى الحياض الصغار تحت الأنابيب،ففي هذه الحالة إن كان الماء الموجود في الخزّان بقدر الكرّ كان معتصما،و لم يتنجّس بملاقاة عين النجس،و كذلك ما في الحوض الصغير ما دام الانبوب مفتوحا عليه و يصبّ فيه،و إن لم يكن الماء الموجود في الخزّان بقدر الكرّ،و لكن بضميمة ما في الأنابيب و ما انحدر إلى الحوض الصغير كان الكلّ بقدر الكرّ و كان ما في الحوض الصغير معتصما ما دام متّصلا بماء الخزّان، و أمّا ما في الخزّان فليس معتصما،فإذا لاقته عين النجس تنجّس،و لا يكفي في اعتصامه اعتصام ما في الحوض،لأنّ كرّيّة الماء المتدافع إليه و عدم تنجّسه بملاقاة النجس لا تكفي في اعتصام الماء المتدافع منه عرفا و ارتكازا دون العكس، فإنّ كرّيّة الماء المتدافع منه أو كرّيّة المجموع تكفي في اعتصام الماء المتدافع إليه.
فما في الحياض
الصغيرة في الحمّامات إذا كان متّصلا بالمادّة،و كانت المادّة وحدها،أو بضميمة ما في الحياض إليها كرّا اعتصم،و أمّا إذا لم يكن متّصلا بالمادّة،أو لم تكن المادّة و لو بضميمة ما في الحياض إليها كرّا لم يعتصم.
فإذا كان الماء الموضوع في اجانة و نحوها من الظروف نجسا،و جرى عليه ماء الانبوب طهر،بل يكون ذلك الماء أيضا معتصما،ما دام ماء الانبوب جاريا عليه،و يجرى عليه حكم ماء الكرّ في التطهير به،و هكذا الحال في كلّ ماء نجس، فإنّه إذا اتّصل بالمادّة طهر،إذا كانت المادّة كرّا.
و يسمّى بالطوّافة،يقطع اتّصال ماء الخزّان بالمادّة في حالة امتلائه، و حينئذ فإذا كان الخزّان بقدر الكرّ كان معتصما،و إن كان دون الكرّ اعتبر ما في الخزّان ماء قليلا،و لكن بمجرّد أن يبدأ الخزّان بدفع الماء،و تنخفض الطوّافة، يعود الاتّصال بالمادّة،و يصبح الماء معتصما،و قد يوضع في فوهة الانبوب حاجز فيه ثقوب صغيرة متقاربة،ينفذ الماء من خلالها بقوّة و دفع،و يسمّى بالدوش،و هذا الماء النازل من هذه الثقوب إذا كان ينزل بشكل قطرات متلاحقة مع فواصل بينها و لو صغيرة بنظر العرف فهو ماء قليل غير معتصم،و إن كان ينزل بنحو يشكّل خطّا متّصلا في نظر العرف فهو معتصم لا ينفعل بالملاقاة.
الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر،و مطهّر من الحدث و الخبث،و المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر،و مطهّر من الخبث، و الأحوط-استحبابا-عدم استعماله في رفع الحدث،إذا تمكّن من ماء آخر، و إلاّ جمع بين الغسل أو الوضوء به و التيمّم،و المستعمل في رفع الخبث نجس،إذا لاقى عين النجس،و إلاّ فهو طاهر.
إذا علم-إجمالا-بنجاسة أحد الإنائين و طهارة الآخر لم يجز رفع الخبث بأحدهما،و لا رفع الحدث،و أمّا الملاقي له فهو محكوم بوجوب الاجتناب دون النجاسة،إلاّ إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة،و إذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسل بأحدهما،ثمّ الغسل بالآخر،و كذلك رفع الحدث،و إذا اشتبه المباح بالمغصوب،حرم التصرّف بكلّ منهما،و لكن لو غسل نجسا بأحدهما طهر،و لا يرفع بأحدهما الحدث،و إذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز الاستعمال مطلقا،و ضابط غير المحصورة أن تبلغ كثرة الأطراف حدّا يوجب ضعف احتمال ثبوت التكليف في كلّ واحد منها بدرجة يكون الإنسان واثقا و مطمئنّا بالعدم،فلذلك لا يجب فيها الاحتياط.
الماء المضاف كماء الورد و نحوه،و كذا سائر المائعات ينجس القليل و الكثير منها بمجرّد الملاقاة للنجاسة،إلاّ إذا كان متدافعا على النجاسة بقوّة كالجاري من العالي،و الخارج من الفوّارة،فتختصّ النجاسة حينئذ بالجزء الملاقي للنجاسة،و لا تسري إلى العمود،و إذا تنجّس المضاف لا يطهر أصلا، و إن اتّصل بالماء المعتصم،كماء المطر أو الكرّ.نعم،إذا استهلك في الماء المعتصم كالكرّ فقد ذهبت عينه،و مثل المضاف في الحكم المذكور سائر المائعات.
و أمّا الكتابيّ فالأقوى أنّه طاهر.نعم، يكره سؤر غير مأكول اللحم عدا الهرّة،و أمّا المؤمن فإنّ سؤره شفاء،بل في بعض الروايات المعتبرة أنّه شفاء من سبعين داء.
و فيه فصول:
يجب حال التخلّي بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة-و هي القبل و الدبر و البيضتان-عن كلّ ناظر مميّز عدا الزوج و الزوجة،و شبههما كالمالك و مملوكته و الأمة المحلّلة بالنسبة إلى المحلّل له،فإنّه يجوز لكلّ من هؤلاء أن ينظر إلى عورة الآخر.نعم،إذا كانت الأمة مشتركة أو مزوّجة أو مخلّلة،أو معتدّة لم يجز لمولاها النظر إلى عورتها،و هي في الرجل عبارة عن القبل و الدبر و البيضتان، و في حكمها ما بين السرّة و الركبة على الأظهر و في النساء تمام بدنها حتّى الوجه و الكفّين على الأحوط.و يحرم على المتخلّي استقبال القبلة و استدبارها حال التخلّي على الأحوط و يجوز حال الاستبراء و الاستنجاء،و إن كان الأحوط استحبابا الترك،و لو اضطرّ إلى أحدهما فالأقوى التخيير و الأولى اجتناب الاستقبال.
إلاّ بعد اليأس عن معرفتها،و عدم إمكان الانتظار،أو كون الانتظار حرجيّا أو ضرريّا.
و لا في المرآة،و لا في الماء الصافي.
و لو بالفحوى حتّى الوقف الخاصّ بل في الطرق غير النافذة من دون إذن أربابها،و كذلك يحرم التخلّي على قبور المؤمنين إذا كان هتكا لهم.
و أنّه خاصّ للطلاب الساكنين فيها أو عامّ،و كذلك الحال بالنسبة إلى الوضوء فيها أو الغسل.
يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرّتين على الأحوط وجوبا،و في الغسل بغير القليل يجزئ مرّة واحدة على الأظهر،و لا يجزئ غير الماء،و أمّا موضع الغائط فإن تعدّى المخرج تعيّن غسله بالماء كغيره من المتنجّسات،و إن لم يتعدّ المخرج تخيّر بين غسله بالماء حتّى ينقى و مسحه بالأحجار،أو الخرق،أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة،و الماء أفضل.
إذا حصل النّقاء بالأقلّ.
و أمّا العظم و الروث، فلا يحرم الاستنجاء بهما،و لكن لا يطهر المحلّ بهما على الأظهر.
و لا تجب إزالة اللون و الرائحة،و يجزئ في المسح إزالة العين،و لا تجب إزالة الأثر الّذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادة.
لا يجزئ في تطهيره إلاّ الماء.
يستحبّ للمتخلّي-على ما ذكره العلماء قدس سرّهم-أن يكون بحيث لا يراه الناظر،و لو بالابتعاد عنه،كما يستحبّ له تغطية الرأس و التقنّع،و هو يجزئ عنها،و التسمية عند التكشّف،و الدعاء بالمأثور،و تقديم الرجل اليسرى عند الدخول،و اليمنى عند الخروج و الاستبراء و أن يتّكئ-حال الجلوس-على رجله اليسرى،و يفرج اليمنى،و يكره الجلوس في الشوارع،و المشارع، و مساقط الثمار،و مواضع اللعن:كأبواب الدور و نحوها من المواضع الّتي يكون المتخلّي فيها عرضة للعن الناس،و المواضع المعدّة لنزول القوافل،و استقبال قرص الشمس،أو القمر بفرجه،و استقبال الريح بالبول،و البول في الأرض الصلبة،و في ثقوب الحيوان،و في الماء خصوصا الراكد،و الأكل و الشرب حال الجلوس للتخلّي،و الكلام بغير ذكر اللّه،إلى غير ذلك ممّا ذكره العلماء قدس سرّهم.
و إن كان من البول و تترتّب عليه آثار النجاسة سوى انفعال الملاقي له فلا يجوز استعماله في الوضوء أو الغسل و لا في رفع الخبث.نعم،إذا كان الماء متغيّرا بالنجاسة،أو تجاوزت
نجاسة الموضع عن المحلّ المعتاد،أو فيه أجزاء متميّزة من الغائط،أو خرج مع البول أو الغائط نجاسة اخرى كالدّم تنجّس ملاقيه أيضا.
كيفيّة الاستبراء من البول أن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثا، ثمّ منه إلى رأس الحشفة ثلاثا،ثمّ ينترها ثلاثا،و فائدته طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنّه بول،و لا يجب الوضوء منه،و لو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء و إن كان تركه لعدم التمكّن منه،أو كان المشتبه مردّدا بين البول و المنيّ بنى على كونه بولا،فيحب التطهير منه و الوضوء،و يلحق بالاستبراء -في الفائدة المذكورة-طول المدّة على وجه يقطع بعدم بقاء شيء في المجرى،و لا استبراء للنساء،و البلل المشتبه الخارج منهنّ طاهر لا يجب له الوضوء.نعم، الأولى للمرأة أن تصبر قليلا و تتنحنح و تعصر فرجها عرضا ثمّ تغسله.
و لو كان بفعل غيره.
و إن كان من عادته فعله.نعم،إذا أدّت عادته إلى الوثوق و الاطمئنان بذلك كفى،و إذا شكّ من لم يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها و إن كان ظانّا بالخروج.
بنى على الصحّة.
بنى على طهارته،و إن كان لم يستبرئ.
و فيه فصول:
أجزاء الوضوء أربعة:غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس و الرجلين، فهنا واجبات:
و فيه امور:
الأوّل:يجب غسل الوجه ابتداء من منابت الشعر إلى نهاية الذقن طولا، و ما اشتملت عليه الإصبع الوسطى و الإبهام عرضا،و الخارج عن ذلك ليس من الوجه،و إن وجب إدخال شيء من الأطراف إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلاّ بذلك،و يجب على الأحوط الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل عرفا.
الثاني:يجب أن يقصد الوضوء عند إيصال الماء إلى الوجه،إمّا بإسالة الماء عليه بالكفّ،و إمرار المتوضّئ يده على وجهه لإيصال الماء إلى تمام الوجه، أو بوضع الوجه تحت انبوب الماء مبتدأ من الأعلى إلى الأسفل،أو بغمسه في ماء حوض و غيره،مع مراعاة الابتداء من الأعلى إلى الأسفل على الأحوط، ففي كلّ هذه الصور إذا كان ناويا الوضوء حين إيصال الماء إلى وجهه صحّ،و أمّا
إذا لم ينو الوضوء حين الإيصال،و إنّما نواه بعد ذلك بما على وجهه من الماء،فلا يصحّ،مثلا إذا وضع الإنسان وجهه تحت مطر أو ميزاب أو انبوب،فإن قصد الوضوء به حين وصول الماء إلى وجهه صحّ،و إن قصد الوضوء به حين يرى وجود الماء على وجهه بطل،لأنّ وصول الماء إلى وجهه لم يكن بقصد الوضوء من البداية،و من هنا إذا وقف الإنسان تحت المطر بقصد الوضوء من البداية، فإذا جرى الماء على كامل وجهه صحّ،و إن لم يستعمل كفّه في غسل وجهه، و بذلك يظهر أنّ الإنسان إذا أراد أن يتوضّأ ارتماسا،فإن قصد الوضوء بإدخال وجهه في الماء،مع مراعاة الابتداء من الأعلى إلى الأسفل صحّ وضوؤه،و أمّا إذا قصد الوضوء حالة إخراج وجهه من الماء فهذا باطل،و كذلك إذا غمس الإنسان وجهه في الماء بدون قصد الوضوء،ثمّ يقصد الوضوء بالماء الّذي يغمر وجهه فإنّه باطل.
الثالث:أن يكون الماء بمقدار يستولي على الوجه،و يجرى عليه و يتحرّك، فإذا كان قليلا جدّا و استعمله المتوضّئ كما يستعمل الدهن للتدهين فلا يصحّ.
و كذا لو كان أغما قد نبت الشعر على جبهته،أو كان أصلعا قد انحسر الشعر عن مقدّم رأسه فإنّه يرجع إلى المتعارف،و أمّا غير مستوي الخلقة-لكبر الوجه أو لصغره-فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطى و الإبهام المتناسبتان مع ذلك الوجه،توضيحه:أنّ من كبر وجهه يتناسب أن تكون أصابعه و كفّه أيضا كذلك،فإذا اتّفق في حالة اختلال هذا التناسب،فكان الوجه كبيرا،و الكفّ صغيرة،و الأصابع قصيرة،فلا يكفيه ما اشتملت عليه إصبعه الوسطى و إبهامه فقط،بل يجب عليه أن يغسل ما كانت إصبعاه تشتملان عليه
لو كانت أصابعه و كفّه اعتياديّة و متناسبة مع كبر وجهه.
و لا يجب البحث عن الشعر المستور فضلا عن البشرة المستورة.نعم،ما لا يحتاج غسله إلى بحث و طلب يجب غسله،و كذا الشعر الرقيق النابت في البشرة يغسل مع البشرة،و مثله الشعرات الغليظة الّتي لا تستر البشرة.
و الأنف،و مطبق الشفتين،و العينين.
لا يجب غسله،و كذا المقدار الخارج عن الحدّ،و إن كان نابتا في داخل الحدّ كمسترسل اللحية.
و لو بمقدار رأس أبرة لا يصحّ الوضوء،فيجب أن يلاحظ آماق و أطراف عينيه أن لا يكون عليها شيء من القيح،أو الكحل المانع،و كذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شيء من الوسخ،و أن لا يكون على حاجب المرأة و سمة و خطاط له جرم مانع عن وصول الماء،و كذلك يتأكّد إذا كان على يقين بوجود شيء و شاكّ في أنّه هل يحجب و يمنع أو لا.
يجب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزواله،و لو شكّ في أصل وجوده يجب الفحص عنه إلاّ مع الاطمئنان بعدمه،و لا يكفي مجرّد الظنّ بعدم الحاجز.
وجب غسله كما إذا كانت وسيعة و إلاّ لم يجب،بل يكفي غسل ظاهرها،سواء أ كانت فيها الحلقة أم لا.
و يجب الابتداء بالمرفقين ثمّ الأسفل منها فالأسفل عرفا إلى أطراف الأصابع و المقطوع بعض يده يغسل ما بقي،و لو قطعت من فوق المرفق فالأحوط لو لم يكن أقوى وجوب غسل ما بقي من العضد،و لو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما،و كذا اللحم الزائد و الإصبع الزائدة،و لو كان له يد زائدة فوق المرفق فالأحوط وجوبا غسلها أيضا،و لو اشتبهت الزائدة بالأصليّة غسلهما جميعا و مسح بهما على الأحوط وجوبا.
و يجب غسله مع اليد.
حتّى الغليظ منه.
إلاّ إذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر،فيجب غسله حينئذ و لو بإخراجها،و الشقوق الّتي تحدث في ظهر الكفّ من أثر البرد أو غيره،يجب غسل جوفها و باطنها إذا وصل إليه الماء بطبعه كما إذا اتّسعت،و إلاّ لم يجب كما إذا كانت ضيّقة،و إذا شكّ في وصول الماء إليه لم يجب إحراز وصوله.
و إن كان معدودا أجنبيّا عن البشرة تجب إزالته.
و الاكتفاء عن غسل الكفّين حين الوضوء بالغسل المستحبّ قبل الوجه،باطل.
مع مراعاة غسل الأعلى فالأعلى،و لكن لا يجوز أن ينوي الغسل لليسرى بإدخالها في الماء من المرفق،لأنّه يلزم تعذّر المسح بماء الوضوء، و كذا الحال في اليمنى إذا لم يغسل بها اليسرى،و أمّا قصد الغسل بإخراج العضو من الماء-تدريجا-فهو غير جائز.
إلاّ إذا كان ما تحته معدودا من الظاهر،و إذا قصّ أظفاره فصار ما تحتها ظاهرا وجب غسله بعد إزالة الوسخ.
و يجب غسل ذلك اللحم أيضا ما دام لم ينفصل،و إن كان اتّصاله بجلدة رقيقة،و لا يجب قطعه ليغسل ما كان تحت الجلدة،و إن كان هو الأحوط وجوبا لو عدّ ذلك اللحم شيئا خارجيّا و لم يحسب جزءا من اليد.
و إن حصل البرء،و يجزئ غسل ظاهره و إن كان رفعه سهلا.
فقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه،مع مراعاة الأعلى فالأعلى،و كذلك بالنسبة إلى يديه،و كذلك إذا قام تحت الميزاب أو نحوه،و لو لم ينو من الأوّل، لكن بعد جريانه على جميع محال الوضوء مسح بيده على وجهه بقصد غسله، و كذا على يديه إذا حصل الجريان لم يكف كما مرّ.
أو الباطن،لأنّ الواجب على المكلّف هو غسل ما يصل إليه الماء بطبعه،و لو
بإمرار اليد عليه،إذا لم يكن هناك حاجز،و حينئذ فإن وصل إليه الماء فقد غسل،و صحّ وضوؤه،و إلاّ لم يجب عليه غسله،سواء أعلم المتوضّئ بذلك تفصيلا أم لا.
فإذا أدخل يده في الماء،و غمسها حتّى المفصل،من دون قصد الوضوء، ثمّ حرّكها،و أخرجها بقصد الوضوء،لم يصح ذلك،و كذلك إذا صبّ الماء على يده،من دون أن يقصد الوضوء بإيصال الماء إليها،ثمّ يقصده بالمسح على الماء الباقي في يده فإنّه باطل.
و يجب أن يكون الماء بمقدار يستولي على البشرة،و يجري و يتحرّك،و لا يكفي ما هو دون ذلك ممّا يشبه المسح و التدهين.
يجب مسح مقدّم الرأس و هو ما يقارب ربعه ممّا يلي الجبهة،و يكفي فيه المسمّى طولا و عرضا،و الأحوط استحبابا أن يكون العرض قدر ثلاثة أصابع،و الطول قدر طول إصبع، و الأحوط وجوبا أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل،و يكون بنداوة الكفّ اليمنى،بل الأحوط أن يكون بباطنها،و إن كانت لا يبعد كفاية المسح بظاهرها.
بشرط أن لا يخرج بمدّه عن حدّه،فلو كان كذلك فجمع و جعل على الناصية لم يجزئ المسح عليه.
إذا لم تضر بمفهوم المسح.
بل لا يبعد جواز المسح بالظاهر مع التمكّن من المسح بالباطن،فإن تعذّر فالأحوط أن يكون بالذراع.
بحيث يختلط ببلل الماسح بمجرّد المماسّة،و يمنع عن إسناد المسح عرفا إلى الأصيل.
لم يجز المسح به إذا منع من إسناد المسح إليه،و أمّا اختلاط بلل اليد اليمنى ببلل اليد اليسرى الناشئ من الاستمرار في غسل اليسرى بعد الانتهاء من غسلها،إمّا احتياطا، أو للعادة الجارية فهو لا يخلو عن إشكال إذا كان خارجا عن المتعارف.
أخذ من بلل لحيته إن أمكن،و إلاّ وجب إعادته.
و قد تسأل هل يجوز أخذ البلل من لحيته الخارجة عن حدّ الوجه؟
و الجواب:لا يبعد جوازه شريطة أن لا تكون خارجة عن المتعارف.
انتقل الأمر إلى التيمّم.
و إن كان شيئا رقيقا لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.
و أمّا عرضا فيكفي المسح بأيّ مقدار أراد المتوضّئ، و الأظهر مسح اليمنى باليمنى أوّلا،ثمّ اليسرى باليسرى،و لو قطع بعض القدم مسح على الباقي،و إن قطعت القدم بالكامل سقط المسح،و إن كان الأحوط و الأجدر أن يمسح على الساق،و إن كانت له قدم زائدة،فإن اشتبهت بالأصليّة وجب مسح كليهما معا،و إن علم زيادتها فالأحوط مسحها أيضا،و يمسح ببلّة
الكفّ،و إذا جفّت أخذ من بلّة لحيته،و حكم الاختلاط برطوبة اخرى،أو الحائل هو عين الحكم في مسح الرأس باليد اليمنى.
بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضا،إذا لم يكن خارجا عن المتعارف،و إلاّ وجب المسح على البشرة.
كما أنّه لا يجزئ إذا كان لضرورة اخرى.
تعيّن اختيار الثاني.
فلو أمكنه ترك التقيّة و إراءة المخالف عدم المخالفة لم تشرع التقيّة،و لا يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقيّة و زمانها،كما لا يجب بذل مال لرفع التقيّة، و أمّا في سائر موارد الاضطرار فيعتبر فيها عدم المندوحة مطلقا.نعم،لا يعتبر فيها بذل المال لرفع الاضطرار،إذا كان ضرريّا.
و إن كانت في خارج الوقت،بدون فرق بين أن يكون السبب المذكور تقيّة أو غيرها من الضرورات،لما مرّ من أنّ المسح على الحائل أو غيره لا يجزئ و إن كان تقيّة.نعم،إذا كان الوضوء العذريّ صحيحا لم تجب إعادته،و إن زال السبب المسوّغ له في الوقت،كما إذا توضّأ منكوسا،أو غسل رجليه بدل المسح تقيّة،فإنّ هذا الوضوء صحيح واقعا و لا تجب إعادته و إن زالت التقيّة في الوقت.
و الجواب:أنّه لا يصحّ؛لأنّه مبغوض فلا يمكن التقرّب به.نعم،لو كان مذهب من يتّقي المكلّف منه المسح على الحائل،و هو غسل رجليه بدل المسح تقيّة صحّ،إذ لا يعتبر في صحّة العمل تقيّة أن يكون على وفق مذهب من يتّقى منه.
أو بالعكس فيضع يده على الكعبين و يجرّها إلى أطراف الأصابع تدريجا،و لا يكفي أن يضع تمام كفّه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل،و يجرّها قليلا بمقدار صدق المسح.
العضو المكسور أو المجروح إذا كانت عليه جبيرة أو عصابة فعليه وضوء الجبيرة في ضمن شروط:
الأوّل:أن يكون العضو المكسور أو المجروح من أعضاء الوضوء.
الثاني:أن يتضرّر باستعمال الماء.
الثالث:أن لا تكون الجبيرة أو العصابة نجسة بأن تكون طاهرة و لو ظاهرها و لا تضرّ نجاسة ما هو داخل الجبيرة أو العصابة.
الرابع:أن لا تكون الجبيرة أو العصابة زائدة على الحدّ المألوف و المعروف كمّا و حجما،و العادة جارية على أنّ الجبيرة أو العصابة أوسع من موضع الإصابة بقدر ما،فإذا زادت على ذلك المقدار لم يكف المسح عليها،بل
يجب عليه تصغيرها إن أمكن،و إلاّ فوظيفته التيمّم إذا لم تكن في الأعضاء المشتركة،و إلاّ فوظيفته الجمع بينه و بين وضوء الجبيرة،و كذلك إذا كانت العصابة أو الجبيرة مستوعبة لتمام الرأس أو اليد أو الرجل،فإن أمكن فكّها و الوضوء بصورة اعتياديّة وجب عليه ذلك،و إن لم يمكن،أو كان ضرريّا،فإن أمكن تصغيرها إلى الحدّ المألوف لزمه ذلك،و يأتي بالوضوء الجبيريّ.
الخامس:أن تكون مباحة،فلا يجوز المسح على الجبيرة أو العصابة المغصوبة،و إلاّ فوظيفته التيمّم.
فإذا توفّرت هذه الشروط وجب عليه وضوء الجبيرة.
فإن كان يتضرّر بغسل أعضاء الوضوء فوظيفته التيمّم بدلا عن الوضوء،و إن لم يكن يتضرّر به فوظيفته الوضوء اعتياديّا.
فإن أمكن غسله توضّأ بصورة اعتياديّة،و إن لم يمكن ذلك للضرر توضّأ مقتصرا على غسل أطرافه،هذا إذا كان في موضع الغسل،و أمّا إذا كان في موضع المسح، و كان مستوعبا لتمام الموضع،فإن تمكّن من المسح عليه وجب،و إن لم يتمكّن إمّا لضرر أو لنجاسة فوظيفته التيمّم،و كذلك إذا كان غسل أطرافه ضرريّا بأكبر من المقدار المألوف،أو كان نجسا و لا يمكن غسله،فإنّ وظيفته في هاتين الحالتين أيضا التيمّم،و إذا كان العضو المصاب بالكسر مكشوفا،فإن كان غسل الموضع المصاب ضرريّا فوظيفته التيمّم،دون الوضوء مقتصرا على غسل أطرافه،و إذا كان الكسر المكشوف في موضع المسح،فإن أمكن المسح عليه توضّأ اعتياديّا، و إلاّ فوظيفته التيمّم أيضا،و بذلك يفرق الكسر المكشوف عن الجرح المكشوف.
فوظيفته الوضوء بصورة اعتياديّة،و إذا كان طاهرا و لكن كان معصّبا أو مجبورا،و حينئذ فإن كان متمكّنا من حلّ العصابة و فكّها عن ذلك العضو،و الوضوء بدون ضرر وجب عليه ذلك،و لا يصحّ منه وضوء الجبيرة،و إن لم يكن بإمكانه حلها؛ لأنّها محكمة الشدّ،و لا يتيسّر حلها إلاّ لمن له الخبرة بذلك و هو غير موجود، و لا يتسرّب الماء إلى العضو من دون حلّها،و في هذه الحالة يجب عليه التيمّم إذا لم يكن العضو المعصّب من الأعضاء المشتركة بين الوضوء و التيمّم،و إلاّ يتيمّم و يتوضّأ معا،و إذا أمكن إيصال الماء إلى البشرة مع بقاء العصابة أو الجبيرة و لو بغمسه في الماء مع مراعاة الترتيب مبتدئا من الأعلى إلى الأسفل،وجب عليه الوضوء،و إيصال الماء إلى موضع الجرح أو الكسر.نعم،إذا كان الموضع من مواضع المسح،لا يكفي إيصال الماء إلى البشرة بدلا عن المسح عليها،فإنّ وظيفته في هذه الحالة فكّ العصابة إن أمكن،و الوضوء بالطريقة الاعتياديّة، و إلاّ فوظيفته التيمّم،و كذلك إذا كان الموضع نجسا بالدّم-مثلا-و لا يمكن تطهيره،فإنّ الوظيفة التيمّم من دون فرق بين أن يكون الموضع المتنجّس من المواضع المشتركة بين الوضوء و التيمّم،أو من المواضع المختصّة بالوضوء.
و هي الوجه و اليدان،و قد تكون في الأعضاء المختصّة بالمسح،و هي مقدّم الرأس و القدمان،و قد تكون في الأعضاء المشتركة،و هي الكفّ،ففي الحالة الاولى يكون المسح على الجبيرة بديلا شرعا عن غسل ما تخفيه من البشرة و هو العضو المغسول،و في الحالة الثانية يكون بديلا شرعا عن المسح على ما تستره من البشرة و هي العضو الممسوح،شريطة أن لا يبقى منه مقدار
مكشوف يكفي للمسح،و الأحوط وجوبا ضمّ التيمّم إليه أيضا،و في الحالة الثالثة يمسح على الجبيرة عند غسل العضو،و يمسح بها بعد ذلك بدلا عن المسح بالبشرة إذا لم يبق منه مقدار مكشوف يكفي المسح به.
و أمّا الحاجب اللاصق-اتّفاقا-كالقير و أيّ حاجز آخر فإن أمكن رفعه وجب،و إلاّ وجب التيمّم،إذا لم يكن الحاجب في مواضعه،و إلاّ جمع بين الوضوء و التيمّم.
و أمّا في غيرها كالعصابة الّتي يعصّب بها العضو لألم أو ورم،و نحو ذلك،فلا يجزئ المسح على الجبيرة،بل يجب عليه التيمّم إذا لم يمكن غسل المحلّ لضرر و نحوه.
و الجواب:أنّه لا يجري في غسل الميّت،و أمّا في غيره فله حالات:
الاولى:أنّ المصاب بالكسر إذا كان جنبا-مثلا-و كان كسره مكشوفا، فحينئذ إن كان غسل العضو المصاب المكشوف ضرريّا،فوظيفته التيمّم،و إن كان الأحوط ضمّ الغسل مقتصرا بغسل أطراف الموضع المصاب إليه أيضا،و إن لم يكن ضرريّا وجب عليه الغسل بالطريقة الاعتياديّة.
الثانية:إذا كان كسره مجبورا فوظيفته غسل ما ظهر ممّا ليس عليه الجبيرة أو العصابة،شريطة أن يكون في قيام المكلّف بما يتطلّبه الغسل ضرر من فكّ العصابة،و فصلها عن العضو المكسور،و تطهيره إذا كان نجسا،و غسله،أو يكون في شيء من ذلك ضرر،أو يؤدّي إلى تفاقم الكسر أو البطء في البرء،
و الأحوط و الأجدر في هذه الحالة ضمّ المسح على الجبيرة إليه أيضا.
الثالثة:إنّ القريح أو الجريح الجنب-مثلا-إذا كان جرحه أو قرحه مكشوفا،و حينئذ فإن كان الغسل بصورته الاعتياديّة ميسورا له،و لم يكن في إيصال الماء إلى موضع الإصابة ضرر،وجب عليه أن يغتسل اعتياديّا،و إن لم يكن الغسل كذلك ميسورا له لضرر،فوظيفته التيمّم دون الغسل،مقتصرا بغسل ما حول موضع الإصابة،و إن كان الأولى و الأجدر به ضمّه إلى التيمّم أيضا.
الرابعة:إذا كان جرحه أو قرحه معصّبا أو مجبورا،و كان غسله مضرّا، أو مؤدّيا إلى تفاقم الجرح،أو البطء في البرء،فوظيفته الغسل مقتصرا على غسل ما ظهر ممّا ليس عليه الجبيرة،و لا يجب عليه نزعها و فكّها،إلاّ إذا توقّف غسل الأطراف عليه،كما إذا أشغلت الجبيرة حجما أكبر ممّا هو مألوف و متعارف،و الأحوط و الأجدر به أن يضمّ إليه المسح عليها أيضا.
الخامسة:إذا كان الموضع المصاب في العضو المشترك بين الغسل و التيمّم، فعندئذ إن كانت وظيفته الغسل مقتصرا على غسل ما حول الموضع المصاب، فلا إشكال،و أمّا إذا كانت وظيفته التيمّم،فإن تمكّن من التيمّم به أو عليه، فأيضا لا إشكال،و إن لم يتمكّن من ذلك لنجاسة الموضع المصاب بنجاسة مسرية،أو لسبب آخر،فالأحوط أن يجمع بين الغسل مقتصرا على غسل أطرافه،و بين وضع خرقة طاهرة عليه،و التيمّم بها،أو عليها،و يصلّي،ثمّ يقضي في خارج الوقت بعد البرء.
مسح ببلتها.
و إن أمكن غسل ما حول العين فالأحوط-استحبابا-له الجمع بين الوضوء و التيمّم.
فإن كان برؤه في ضيق الوقت،و لا يتمكّن من الوضوء بصورة اعتياديّة،و هو في الوقت،صحّ وضوؤه، فإن صلّى به صحّت صلاته،و إلاّ فله أن يصلّي به،و إن كان برؤه في سعة الوقت، كان ذلك كاشفا عن بطلانه،و وظيفته أن يعيد الوضوء اعتياديّا و صلاته إن كان قد صلّى به.
يجب الغسل أو المسح في فواصلها.
فعليه وضوء الجبيرة إذا توفّرت شروطه.
و في هذه الحالة إذا كان غسل أطراف الجبيرة ضرريّا أيضا،فهل وظيفته التيمّم أو وضوء الجبيرة أيضا؟
و الجواب:أنّ وظيفته التيمّم،و إن كان الأحوط ضمّ وضوء الجبيرة إليه أيضا.
فلو كان غسله مضرّا يكفي المسح على الوصلة الّتي عليه،إن لم تكن أزيد من المتعارف،و إلاّ حلّها،و غسل المقدار الزائد،ثمّ شدّها،و أمّا إذا لم يمكن غسل المحلّ لا من جهة الضرر،بل لأمر آخر،كعدم انقطاع الدّم-مثلا-فلا بدّ من التيمّم،و لا يجري عليه حكم الجبيرة.
لا يجوز
المسح عليه،بل يجب رفعه و تبديله،و إن كان ظاهره مباحا،و باطنه مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر تصرّفا فيه فلا يضرّ،و إلاّ بطل.
فلو كانت حريرا،أو ذهبا،أو جزء حيوان غير مأكول،لم يضر بوضوئه،فالّذي يضرّ هو نجاسة ظاهرها،أو غصبيتها.
و إن احتمل البرء،و إذا زال الخوف وجب رفعها.
فالأظهر العدول إلى التيمّم.
بأن كان مستلزما لجرح المحلّ، و خروج الدّم فلا يجري عليه حكم الجبيرة،بل تنتقل الوظيفة إلى التيمّم.
لا يجري عليه حكم الجرح بل يتعيّن التيمّم.
كما أنّه لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع عدم الحاجة،إلاّ أن يحسب جزءا منها بعد الوضع.
أو ظنّ بذلك،أو برجاء استمرار
العذر،فإذا انكشف ارتفاعه في الوقت أعاد الوضوء و الصلاة،و إذا اعتقد بأنّه سيبرأ في آخر الوقت،و يصبح متمكّنا من الوضوء التامّ،وجب عليه أن ينتظر إلى الفترة الأخيرة من الوقت حتّى يبرأ،و يتوضّأ اعتياديّا،و يصلّي،و لو استعجل و الحالة هذه و توضّأ وضوء الجبيرة و صلّى لم يكفه ذلك.
لم يصح الوضوء،و كذا إذا تحقّق الكسر فجبره،و اعتقد الضرر في غسله فمسح على الجبيرة،ثمّ تبيّن عدم الضرر في الواقع،فإنّ الظاهر عدم صحّة وضوئه أيضا،و إذا اعتقد عدم الضرر فغسل، ثمّ تبيّن أنّه كان مضرّا،و كان وظيفته الجبيرة صحّ وضوؤه،إلاّ إذا كان الضرر ضررا خطيرا بحيث يكون تحمّله حراما شرعا،و كذلك يصحّ لو اعتقد الضرر، و لكن ترك الجبيرة و توضّأ،ثمّ تبيّن عدم الضرر،و إنّ وظيفته غسل البشرة، شريطة أنّه كان قد اعتقد وجود الضرر اليسير،و أمّا إذا كان قد اعتقد وجود الضرر الخطير المحرّم بطل وضوؤه.
الأحوط وجوبا الجمع بينهما.
و لا يشترط فيه إذا كان طاهرا عدم استعماله في التطهير من الخبث،و لا في رفع الحدث الأكبر،و لا الأصغر، و إذا كان هناك ماءان عند المكلّف،أحدهما مطلق،و الآخر مضاف،و كلاهما
طاهر،و لكنّهما تشابها،و لم يميّز بينهما،فعليه أن يتوضّأ بكليهما معا،فإذا توضّأ بهما كذلك،علم بصحّة وضوئه،و أمّا إذا كان أحدهما نجسا،و الآخر طاهرا،أو أحدهما مباحا،و الآخر مغصوبا،فوظيفته التيمّم،و وجب الاجتناب عن كلا الماءين معا،إلاّ إذا علم المكلّف بنجاسة أحدهما المعيّن المعلوم لديه بالخصوص أو بغصبيّة أحدهما كذلك فعندئذ لا مانع من استعمال الآخر.
فإنّه لا بدّ أن يكون في فضاء مباح،و لا تشترط إباحة الفضاء بالنسبة إلى غسل الوجه و اليدين، فلو غسل المكلّف وجهه و يديه في مكان مغصوب،و مسح رأسه و قدميه في مكان مجاور مباح،صحّ وضوؤه،و أمّا إذا غسل وجهه و يديه في مكان مباح، و مسح رأسه و رجليه في مكان مغصوب مجاور،بطل وضوؤه،و الأظهر عدم اعتبار إباحة الإناء الّذي يتوضّأ منه مع عدم الانحصار به،بل مع الانحصار -أيضا-و إن كانت الوظيفة مع الانحصار التيمّم،لكنّه لو خالف و توضّأ بماء مباح من إناء مغصوب أثم،و صحّ وضوؤه،من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة،أو تدريجا و بين الصبّ منه.نعم،لا يصحّ الوضوء في الإناء المغصوب إذا كان بنحو الارتماس فيه،شريطة أن يعدّ ذلك في العرف العامّ تصرّفا فيه،كما أنّ الأظهر أنّ حكم المصبّ إذا كان وضع الماء على العضو مقدّمة للوصول إليه حكم الإناء مع الانحصار و عدمه.
و لا يلزم أن تكون جميع الأعضاء-قبل الشروع-طاهرة،فلو كانت نجسة،و غسل كلّ عضو بعد تطهيره،أو طهّره بغسل الوضوء كفى،و لا يضرّ تنجّس عضو بعد غسله،و إن كان في أثناء الوضوء.
صحّ وضوؤه،من دون فرق بين صورة الانحصار و عدمه،و لو توضّأ بالارتماس فيه،فالأقوى صحّته أيضا.
نعم،إذا كان المانع من استعمال الماء خوف العطش على غيره،و حينئذ فإذا خالف و توضّأ به صحّ وضوؤه مطلقا،و إن كان يسبّب ضررا خطيرا عليه،و إن كان المانع منه تدهور صحّته،أو الخوف على عطش نفسه،فوقتئذ إن كان الوضوء يضرّ به ضررا خطيرا،و هو الضرر الّذي يحرم على المكلّف أن يوقع نفسه فيه،حرم عليه،فإذا توضّأ في هذه الحالة بطل وضوؤه،و إن كان لا يضرّ به ضررا خطيرا لم يحرم عليه،فإذا توضّأ و الحال هذه صحّ.
فإن قصد أمر الصلاة الأدائيّ،بمعنى أنّه يدّعي أنّ الصلاة الّتي ضاق وقتها هي الّتي تفرض عليه الوضوء،و لا تسمح له بالتيمّم،مع أنّه يعلم بأنّها تفرض عليه التيمّم شرعا،لا الوضوء،ففي هذه الحالة يقع الوضوء باطلا للتشريع.و أمّا إذا توضّأ من أجل تلك الصلاة الّتي ضاق وقتها،و هو يجهل بأنّها تستوجب التيمّم،أو توضّأ من أجل غاية اخرى،أو من أجل استحبابه النفسيّ،فالوضوء صحيح.
و كذلك الحال إذا كان الماء مغصوبا،فإنّه يحكم ببطلان الوضوء به حتّى مع الجهل.نعم،يصحّ الوضوء به مع اعتقاد عدم الغصب،و كذا مع النسيان إذا لم يكن الناسي هو الغاصب.
صحّ ما مضى من أجزائه،و يجب تحصيل الماء المباح للباقي،و لكن إذا التفت إلى الغصبيّة بعد الغسلات،و قبل المسح،فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلو من قوّة،و إن كان الأحوط استحبابا إعادة الوضوء.
إلاّ مع الإذن منهم صراحة،أو بشاهد الحال،بأن كانت حالتهم تدلّ على الإذن،و مع الشكّ في رضى المالك و عدمه،لا يجوز التصرّف فيه.
و الجداول،و العيون الغزيرة النابعة،و ما إليها،ممّا جرت عليه عادة الناس،مع عدم المنع و الإنكار من أصحاب الماء،بل ليس لأصحاب الماء منع الآخرين من ذلك،و كذلك الأراضي الوسيعة جدّا أو غير المسوّرة،فيجوز الوضوء و الجلوس، و النوم،و نحوها فيها.
من اختصاصها بمن يصلّي فيها،أو على الطلاّب الساكنين فيها،أو عدم اختصاصها بهؤلاء-فهل يجوز لغيرهم الوضوء منها؟
و الجواب:أنّه يجوز ما لم يعلم بأنّ ماءها وقف خاصّ على المصلّين في المسجد،أو على الطلاّب الساكنين في المدرسة.نعم،إذا علم بذلك لم يصح الوضوء بماء المسجد من غير المصلّين فيه،و لا بماء المدرسة من غير طلبتها.
و لو توضّأ بقصد الصلاة فيه،ثمّ بدا له أن يصلّي في مكان آخر،بطل وضوؤه،و يستأنفه من جديد،و كذلك إذا
توضّأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد،ثمّ تبيّن أنّه لا يتمكّن من الصلاة فيه.
و أمّا إذا توضّأ قاطعا بالتمكّن،ثمّ انكشف عدمه،أو توضّأ منه غفلة،أو باعتقاد عدم الاشتراط،فهل يصحّ وضوؤه في هذه الحالات؟
و الجواب:الظاهر أنّه غير صحيح في كلّ تلك الحالات.
ثمّ عجز عن الخروج منه،صحّ وضوؤه في ذلك المكان،و أمّا إذا دخل فيه غفلة و بلا إرادة، ثمّ تمكّن من الخروج،فيجب عليه أن يخرج فورا،و إذا توضّأ أثناء الخروج، و هو يمشي في طريقه للخروج بلا إبطاء،صحّ وضوؤه شريطة أن لا يوجب ذلك المكث المنافي للتعجيل الواجب،و إذا دخل عصيانا،و خرج و توضّأ أثناء الخروج، بطل وضوؤه،إلاّ إذا تاب و ندم و استغفر ربّه.
و هي أن يقصد الفعل،و يكون الداعي و الباعث نحوه مرضاة اللّه تعالى و من أجله،من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحبّ له سبحانه،أو رجاء الثواب،أو الخوف من العقاب،و يعتبر فيها الإخلاص،فلو ضمّ إليها الرياء بطل،و لو ضمّ إليها غيره من الضمائم الراجحة،كالتنظيف من الوسخ،أو المباحة كالتبريد أو نحوه،و ما إلى ذلك ممّا هو من فوائد الوضوء و ثماره التابعة له،فلا يضرّ ما دام تابعا للباعث و الداعي إلى طاعة اللّه، و الإخلاص له سبحانه و تعالى،و في غير ذلك الفرض تقدح،و الأظهر عدم قدح العجب بنيّة القربة حتّى المقارن،و لا يبطل الوضوء و إن كان موجبا لحبط ثوابه،و العجب:هو أن يشعر الإنسان بالزهو و المنّة على اللّه سبحانه و تعالى بعبادته،و أنّه أدّى لربّه كامل حقّه،و هذا محرّم شرعا،إلاّ أنّ العبادة لا تبطل به،و لكن يذهب ثوابها،و بكلمة أنّ الوضوء عبادة،و النيّة معتبرة في العبادة
بتمام عناصرها الثلاثة:
1-نيّة القربة،و هي الإتيان بالفعل من أجل اللّه تعالى و تقدّس،و لا فرق بين أن تكون هذه النيّة بسبب الخوف من النار،أو الطمع في الجنّة،أو إيمانه بأنّه أهل للطاعة،فإذا اقترنت العبادة بنيّة القربة على أحد هذه الأوجه الثلاثة وقعت صحيحة.
2-نيّة الإخلاص،و نعني بذلك عدم الرياء،فالرياء هو الإتيان بالعمل من أجل كسب مدح الناس و ثنائهم و إعجابهم به،و هذا حرام في العبادات، فأيّ عبادة يؤتى بها بهذا الداعي تقع باطلة،و يكون الفاعل آثما.
3-قصد اسمها الخاصّ المميّز لها شرعا،فإذا أتى المكلّف بغسل الوجه و اليدين،و مسح الرأس و الرجلين،فإن قصد بذلك الوضوء صحّ،و إلاّ بطل.
و لا بدّ أن تكون هذه العناصر الثلاثة مقارنة لكلّ جزء من أجزاء الوضوء، من غسل الوجه إلى مسح الرجلين،و إذا تأخّرت عن أوّل جزء من أجزائه بطل، و لا يقصد من المقارنة أنّ المتوضّئ يجب أن يكون منتبها إلى نيّته انتباها كاملا حال الوضوء،كما كان في اللحظة الاولى،فلو نوى و غسل وجهه،ثمّ ذهل عن نيّته،و واصل وضوءه على هذا الحال،صحّ وضوؤه ما دامت النيّة كامنة في أعماق نفسه،على نحو لو سأله سائل:ما ذا تفعل؟لانتبه فورا إلى أنّه يتوضّأ قربة إلى اللّه تعالى.
و لو نوى الوجوب في موضع الندب،أو العكس-جهلا أو نسيانا- صحّ،و كذا الحال إذا نوى التجديد و هو محدث،أو نوى الرفع و هو متطهّر.
و لو اجتمعت أسباب للغسل،أجزأ غسل واحد بقصد الجميع،و كذا لو قصد الجنابة فقط،بل الأمر كذلك أيضا إذا قصد واحدا منها غير الجنابة.
أمّا لو قصد الغسل بقصد ما في الذمّة قربة إلى اللّه تعالى من دون نيّة الجميع،و لا واحد بعينه فهل يصحّ؟
و الجواب:لا يبعد صحّته و إن كان الأحوط و الأجدر به أن ينوي الجميع أو واحدا منها بعينه و باسمه.
فلو وضّأه غيره-على نحو لا يسند إليه الفعل-بطل إلاّ مع الاضطرار،فيوضّؤه غيره نيابة،و لكن هو الّذي يتولّى النيّة دون الموضّئ.
و هي التتابع في الغسل و المسح،باعتبار أنّ الوضوء عمليّة واحدة غير قابلة للتبعيض،فإذن العبرة إنّما هي بصدق التبعيض و عدمه عرفا،فإذا كان الفصل بين أعضائه على نحو يصدق التبعيض في عمل واحد كان مبطلا له،و إلاّ فلا.
و الجواب:لا يبعد جوازه ما دام يصدق عليه أخذ البلل من اللحية.
بتقديم الوجه،ثمّ اليد اليمنى،ثمّ اليسرى، ثمّ مسح الرأس،و الأقوى لزوما تقديم الرجل اليمنى على اليسرى،و كذا يجب الترتيب في أجزاء كلّ عضو على ما تقدّم،و لو عكس الترتيب-سهوا-أعاد
على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة،و إلاّ استأنف،و كذا لو عكس -عمدا-إلاّ أن يكون قد أتى بالجميع عن غير الأمر الشرعيّ فيستأنف الوضوء من جديد.
بنى على بقاء الحدث،و عدم الوضوء،و كذا لو ظنّ الطهارة ظنّا غير معتبر شرعا،و من كان على يقين من وضوئه،و شكّ في أنّه هل أحدث و انتقضت طهارته؟بنى على بقاء الوضوء،و إن ظنّ الحدث ظنّا غير معتبر شرعا.
و لكن لا يدري هل الوضوء متأخّر كي يكون الآن على طهر،أو الحدث متأخّر كي يكون الآن على حدث،فما ذا يصنع؟
و الجواب:أنّ وظيفته الوضوء سواء أ كان عالما بالتأريخ الزمنيّ للوضوء، أو بالتأريخ الزمنيّ للحدث،أو كان جاهلا بالتأريخ الزمنيّ لكليهما معا.
فصلاته محكومة بالصحّة،شريطة احتمال أنّه كان ملتفتا حين الدخول في الصلاة إلى شروطها.نعم،عليه الوضوء للصلوات الآتية،إلاّ إذا علم بأنّ الشكّ في الوضوء كان لسبب سابق على هذه الصلاة،و أنّه قد غفل عنه حين دخوله في الصلاة،و لو التفت إليه قبل أن يدخل فيها لشكّ فيه و كفّ عنها حتّى يتوضّأ،و لذلك أمثلة كثيرة،منها:أن يعلم المصلّي بعد الصلاة أنّه كان قد
غسل وجهه و يديه،و لا يدري هل أنّ ذلك كان بقصد الوضوء،أو لمجرّد التنظيف،و لكن يعلم أنّه بادر إلى الصلاة غافلا عن ذلك،و أنّه لو التفت إلى حاله و هو يصلّي لشكّ أيضا بعين الشكّ بعد الفراغ منها،ففي هذه الحالة يجب عليه الوضوء،و إعادة الصلاة و إن كان الشكّ بعد الفراغ،و منها:أن يعلم المصلّي بعد الفراع من الصلاة أنّه كان قد شكّ في وجود الحاجب في أعضاء الوضوء حينما أراد أن يتوضّأ و يصلّي،و لكن يعلم أنّه قبل أن يتأكّد بعدم وجوده فيها بادر إلى الوضوء،فتوضّأ،و صلّى غافلا عن ذلك،و أنّه بحيث لو التفت إلى حاله قبل الصلاة،أو في أثنائها،لشكّ في ذلك أيضا بعين الشكّ بعد الفراغ،ففي هذا الفرض و ما شاكله يجب الوضوء و إعادة الصلاة،هذا إذا حصل هذا الشكّ في الوقت،و أمّا إذا حصل بعد انتهاء الوقت فلا يجب قضاؤها.
-مثلا-قطعها و توضّأ، و استأنف الصلاة من الأوّل.
أتى به و بما بعده،مراعيا للترتيب و الموالاة و غيرهما من الشرائط،مثال ذلك:
أن يشكّ المتوضّئ في غسل وجهه-مثلا-و هو مشغول فعلا بغسل يده اليمنى أو اليسرى،أو شكّ في غسل يده اليسرى،و هو يمسح فعلا على رأسه،أو شكّ في أنّه مسح على رأسه،و هو يمسح فعلا على قدميه،ففي كلّ هذه الحالات يجب عليه أن يعود و يأتي بما شكّ فيه و بما بعده.
و أمّا إذا كان المتوضّئ يعلم بأنّه غسل يده اليمنى مثلا،و لكنّه شكّ- و هو لا يزال مشغولا بأفعال الوضوء-في أنّه هل غسل يده بصورة صحيحة من الأعلى إلى الأسفل،أو بصورة باطلة من الأسفل إلى الأعلى؟
و الجواب:أنّ الصحّة لا تخلو عن إشكال،و الأحوط وجوبا أن يعود إلى ما شكّ فيه،و يأتي به بصورة صحيحة.و إذا شكّ في الجزء الأخير،فإن كان ذلك بعد الدخول في الصلاة و نحوها ممّا يتوقّف على الطهارة،بنى على الإتيان به، بل لا يبعد كفاية مطلق الدخول في عمل آخر في ذلك،كالتحرّك من مكانه أو غلق انبوب الماء أو غير ذلك ممّا هو كاشف عن فراغه عن الوضوء،و مثل ذلك ما إذا كان الشكّ بعد فوات الموالاة،و أمّا إذا كان ذلك قبل الدخول في عمل آخر فيجب الإتيان به.
بين أن يكون الشكّ بعد الدخول في الجزء المترتّب أو قبله،و لكنّه يختصّ بغير الوسواسيّ،و أمّا الوسواسيّ-و هو من لا يكون لشكّه منشأ عقلائيّ،بحيث لا يلتفت العقلاء إلى مثله-فلا يعتني بشكّه مطلقا.
فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر،فتجب عليه الإعادة إن تذكّر في الوقت،و القضاء إن تذكّر بعده.
و بعد الصلاة علم ببطلان أحد الوضوءين،و لم يعلم أيّهما،فلا إشكال في صحّة صلاته،و لا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضا.
يجب الوضوء للصلاة الآتية؛لأنّ الوضوء الأوّل معلوم الانتقاض،و الثاني غير محكوم ببقائه،للشكّ في تأخّره و تقدّمه على الحدث، و أمّا الصلاة فيبني على صحّتها لقاعدة الفراغ،إذا احتمل أنّه كان ملتفتا إلى الحدث و آثاره حين العمل،و إلاّ فتجب إعادتها.
ثمّ علم بأنّه قد بال أو نام بعد أحدهما،و حينئذ فإن كان البول أو النوم بعد الوضوء الأوّل،كانت الصلاة الاولى باطلة،و الثانية صحيحة،و إن كان بعد الوضوء الثاني،كانت الصلاة الثانية باطلة،و الاولى صحيحة،و على هذا فالمكلّف بالنسبة إلى الوضوء الأوّل بما أنّه يشكّ في بقائه فيستصحب،و يحكم بصحّة الصلاة بعده،و بالنسبة إلى الوضوء الثاني بما أنّه يشكّ في أنّه هل كان بعد الحدث أو قبله،فلا يمكن استصحاب بقائه للمعارضة،فلا يحكم بصحّة الصلاة بعده،بل عليه أن يعيد الوضوء من أجل هذه الصلاة و الصلوات الآتية.
فالظاهر الحكم بصحّة وضوئه.
و مسح على العصابة الّتي تلفّ يده بدلا عن الغسل،أو غسل قدميه بدلا عن المسح تقيّة،و لكن شكّ في أنّه هل كان هناك مسوّغ لذلك من جبيرة أو تقيّة أو لا،بل كان على غير الوجه الشرعيّ،فالأظهر عدم وجوب الإعادة.
أو أنّه عرضت له حاجة،فترك وضوءه و لم يكمله فوضوؤه باطل.نعم،إذا شكّ في أنّه عدل عنه اختيارا و لم يكمله عامدا و ملتفتا فالأظهر صحّة وضوئه.
أو شكّ في حاجبيّته كالخاتم،أو علم بوجوده و لكن شكّ بعده في أنّه أزاله،أو أنّه أوصل الماء تحته،بنى على الصحّة مع احتمال الالتفات حال الوضوء إلى حقيقة
الحاجب،و إلاّ فتجب عليه إعادة الوضوء،و كذا إذا علم بوجود الحاجب، و شكّ في أنّ الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحّة،شريطة احتمال أنّه كان ملتفتا إلى مانعيّة الحاجب حين الوضوء.نعم،إذا كان في إصبعه خاتم مثلا،و علم بأنّه حينما توضّأ لم ينزعه و لم يحرّكه غفلة منه،أو اعتقادا بأنّه لا يمنع الماء من الوصول إلى البشرة،و لكنّه يشكّ الآن بعد الفراغ من الوضوء،في أنّ الماء هل وصل إلى البشرة أو حجبه الخاتم عن ذلك؟ففي هذه الحالة يجب عليه إعادة الوضوء.
بنى على بقاء النجاسة،فيجب غسله لما يأتي من الأعمال المشروطة بالطهارة الخبثيّة،و أمّا الوضوء فهو محكوم بالصحّة،شريطة احتمال أنّه كان ملتفتا إلى مانعيّة النجاسة حينما توضّأ،و أمّا إذا علم بعدم الالتفات إلى ذلك حين الوضوء فتجب عليه إعادته من جديد،و كذلك لو كان الماء الّذي توضّأ منه نجسا،ثمّ شكّ بعد الوضوء في أنّه طهّره قبله أم لا،فإنّه يحكم بصحّة وضوئه و بقاء الماء نجسا فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه و بدنه.
سواء أ كان من الموضع المعتاد بالأصل،أم بالعارض و سواء أ كان بدفع طبيعيّ أم سحب بآلة،و أمّا إذا كان من غير المكان الطبيعيّ بدون اعتياد،فإن كان خروجه بدفع طبيعيّ فهو ناقض،
و إن كان قد سحب بآلة اتّفاقا لم يكن ناقضا،و البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهرا فيكون ناقضا.
الّذي فتح لخروج الغائط منه بعد سدّ الموضع الطبيعيّ لسبب من الأسباب،فإنّ خروج الريح منه ناقض،و لا أثر شرعا لخروجه من موضع آخر.
و يعرف بغلبته على السمع،بمعنى أنّه لا يبقى معه سمع و لا بصر و لا إدراك،من غير فرق بين أن يكون قائما أو قاعدا أو مضطجعا،و مثله كلّ ما غلب على العقل من جنون،أو إغماء أو سكر،أو غير ذلك على الأحوط وجوبا.
على تفصيل يأتي في موضعه إن شاء اللّه تعالى.
و كذا إذا شكّ في أنّ الخارج بول،أو مذي،فإنّه يبني على عدم كونه بولا،إلاّ أن يكون قبل الاستبراء،فيحكم بأنّه بول،فإن كان متوضّئا انتقض وضوؤه.
فإن كان معه شيء من الغائط انتقض وضوؤه،و إن لم يكن معه شيء منه لم ينتقض،و كذا لو شكّ في خروج شيء من الغائط معه.
و الأوّل ما يخرج بعد الملاعبة،و الثاني ما يخرج بعد خروج البول،و الثالث ما يخرج بعد خروج المنيّ.
من استمرّ به الحدث في الجملة كالمبطون و المسلوس و نحوهما،فله حالات أربع:
الاولى:أن تكون له فترة تسع الوضوء و الصلاة الاختياريّة،و حكمه وجوب انتظار تلك الفترة،و الوضوء و الصلاة فيها.
الثانية:أن لا تكون له فترة أصلا،أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة و بعض الصلاة،ففي هذه الحالة يكون حكمه حكم المكلّف الاعتياديّ،فيتوضّأ، و يصلّي،و لا ينتقض وضوؤه بما يخرج منه قهرا و مستمرّا،فيجوز له أن يمارس كلّ ما هو مشروط بالطهارة من صلاة و غيرها ما دام لم يصدر منه حدث آخر اعتياديّا من نوم أو بول كالإنسان المتعارف،فإذا صدر جدّد الوضوء للصلوات الآتية كغيره.
الثالثة:أن تكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة،و لا يكون عليه -في تجديد الوضوء في الأثناء مرّة أو مرّات-حرج،و حكمه الوضوء و الصلاة في تلك الفترة،و لا يجب عليه إعادة الوضوء إذا فاجأه الحدث أثناء الصلاة، و إن كان الأحوط الأولى أن يجدّد الوضوء كلّما فاجأه الحدث أثناء صلاته، و يبني عليها،و إذا فاجأه الحدث بعد الصلاة فالأحوط الأولى أن يجدّد الوضوء للصلاة الاخرى.
الرابعة:نفس الصورة الثالثة،لكن يكون تجديد الوضوء-في الأثناء- حرجا عليه،ففي هذه الحالة يكون حكمه الاجتزاء بالوضوء الواحد،ما لم
يحدث حدثا آخر،و الأحوط الأولى أن يتوضّأ لكلّ صلاة،و لا فرق في الحكم بين المسلوس و المبطون في كلّ تلك الحالات.
كمسّ كتابة القرآن و غيره،و لا تترتّب عليه أحكام المحدث إلى أن ينتهي مفعول وضوئه بحدث آخر منه من نوم أو غيره.
بوضع كيس أو نحوه،و لا يجب تغييره لكلّ صلاة.
لا يجب الوضوء لنفسه،و تتوقّف صحّة الصلاة-واجبة كانت،أو مندوبة-عليه،و كذا أجزاؤها المنسيّة،بل سجود السهو على الأحوط استحبابا،و مثل الصلاة الطواف الواجب،و هو ما كان جزءا من حجّة أو عمرة، دون المندوب و إن وجب بالنذر.نعم،يستحبّ له.
حتّى المدّ و التشديد و نحوهما و لا مسّ اسم الجلالة و سائر أسمائه و صفاته على الأحوط وجوبا، و الأولى إلحاق أسماء الأنبياء و الأوصياء و سيّدة النساء-صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين-به.
فلا حاجة في صحّته إلى جعل شيء غاية له،و إن كان يجوز الإتيان به لغاية من الغايات المأمور بها مقيّدة به، فيجوز الإتيان به لأجلها،سواء أتوقّف عليه صحّتها،أم كمالها.
و لا بين الكتابة بالمداد،و الحفر،و التطريز و غيرهما،كما لا فرق في الماسّ بين ما تحلّه الحياة،و غيره،بل لا يجوز على الأحوط المسّ بالشعر غير التابع للبشرة.
و إن شكّ في قصد الكاتب جاز المسّ.
و قد تسأل:أنّ الكلمة القرآنيّة،أو الآية إذا لم تكن في المصحف،بل كانت في كتاب،أو رسالة،أو ورقة تهنئة،أو تعزية،أو نقش خاتم،فهل يجوز مسّها؟
و الجواب:لا يجوز على الأحوط.
و يستحبّ إذا استحبّت،و قد يجب بالنذر،و شبهه،و يستحبّ للطواف المندوب، و لسائر أفعال الحجّ،و لطلب الحاجة،و لحمل المصحف الشريف،و لصلاة الجنائز،و تلاوة القرآن،و للكون على الطهارة،و لغير ذلك.
كما يجوز الإتيان به بقصد استحبابه النفسيّ،أو الكون على الطهارة، و كذا يجوز،الإتيان به بقصد الغايات المستحبّة الاخرى.
وضع الإناء الّذي يغترف منه على اليمين،و التسمية،و الدعاء بالمأثور،و غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في الإناء الّذي يغترف منه،لحدث النوم،أو البول مرّة،و للغائط مرّتين،و المضمضة،و الاستنشاق،و تثليثهما و تقديم المضمضة،و الدعاء بالمأثور
عندهما،و عند غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس،و الرجلين،و تثنية الغسلات،و الأحوط استحبابا عدم التثنية في اليسرى احتياطا للمسح بها،و كذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى،و كذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد،و يستحبّ أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الاولى و الثانية،و المرأة تبدأ بالباطن فيهما،و يكره الاستعانة بغيره في المقدّمات القريبة.
الغسل منه واجب و هو على قسمين:
1-واجب لنفسه،كغسل الأموات،فإنّ وجوبه ليس من أجل شيء آخر.
2-واجب لغيره،و هو ما وجب من أجل القيام بواجب آخر،كغسل الجنابة،و الحيض،و الاستحاضة،و النفاس،و مسّ الميّت.
و منه مستحبّ كالأغسال الّتي هي كثيرة،و لها أوقاتها الخاصّة،و مواقعها المخصوصة شرعا،و ستأتي الإشارة إليها.
فهنا مباحث:
و فيه فصول:
الجنابة أمر معنويّ اعتباريّ شرعيّ،و سببه أمران:
و هو القبل،فإنّه موجب للغسل شرعا،سواء كان بالاختيار أم كان بغير الاختيار،في حال اليقظة أم في النوم،قليلا كان أم كثيرا،بالجماع أو بغيره،مع لذّة و دفق أو بدونهما،فإذا علم
الإنسان أنّه منيّ لحقه حكمه سواء كان واجدا للصفات،أم كان بصفة اخرى، و قد يخرج من غير القبل و الموضع المعتاد،أو يخرج بلون أصفر لمرض أو سبب آخر فيترتّب عليه حكم المنيّ المعتاد،شريطة أن يعلم و يتيقّن بأنّه منيّ،و أمّا المرأة فإذا خرج منها ماء في حالة شهوة و تهيّج جنسيّ فعليها الغسل،و إن كانت محدثة بالأصغر قبل الغسل وجب عليها الجمع بين الوضوء و الغسل،و إذا خرج منها ماء من دون شهوة و تهيّج فالظاهر عدم وجوب الغسل عليها و إن كان الأولى و الأجدر بها أن تغتسل.
و إن لم يعرف فالشهوة و الدفق،و فتور الجسد عقيب خروجه أمارة عليه،و مع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منيّا،و في المريض يرجع إلى الشهوة و الفتور،و مع انتفاء أحدهما لا يترتّب عليه آثار المنيّ.
وجب عليه الغسل،و إعادة كلّ صلاة صلاّها بعد الجنابة،سواء كانت في الوقت أم كانت في خارج الوقت،و أمّا الصلاة المشكوكة الّتي لا يعلم أنّه أتى بها قبل الجنابة أو بعدها،ففي هذه الحالة إن كان زمان الجنابة معلوما، و زمان الصلاة مجهولا،وجبت الإعادة إن كان ذلك الشكّ في الوقت،دون القضاء إن كان في خارج الوقت،و إذا كان الأمر بالعكس،بأن كان زمان الصلاة معلوما،و زمان الجنابة مجهولا،لم تجب الإعادة،لا في الوقت،و لا في خارجه، و إن كان زمان كليهما مجهولا وجبت الإعادة في الوقت دون خارج الوقت.
كما إذا استعمل اثنان لباسا واحدا على التعاقب و التناوب، و وجد فيه منيّ يعلم أنّه من أحدهما جزما،ففي هذه الحالة تارة يكون كلّ
منهما عادلا و جديرا للاقتداء به،و في هذا الفرض بما أنّ كلاّ منهما كان ينتفع بغسل الآخر،فيكون العلم الإجماليّ في المسألة إمّا بوجوب الغسل عليه،أو بعدم جواز الاقتداء بالآخر منجّزا،فيجب حينئذ الغسل على كلّ منهما، و اخرى يكون أحدهما عادلا و جديرا للاقتداء به دون الآخر،ففي هذا الفرض بما أنّ الثاني ينتفع بغسل الأوّل فيكون العلم الإجماليّ له إمّا بوجوب الغسل عليه أو بعدم جواز الاقتداء بالأوّل منجّزا،فيجب عليه الغسل،و الحاصل أنّ الغسل إنّما يجب في هذا الفرض على المنتفع خاصّة.
نعم،إذا كان كلّ منهما غير واثق و مطمئنّ بجدارة صاحبه للاقتداء به في الصلاة،فيجوز لكلّ منهما أن يصلّي صلاته من دون غسل.
أمّا إذا كان هناك ثالث يطمئنّ بجدارة كلّ منهما للاقتداء به،فيجب عليه أن لا يصلّي خلف كلّ منهما ما لم يغتسل.
فإن كان بعد الاستبراء منه بالبول فلا شيء عليه،و إن كان قبله كان البلل بحكم المنيّ،و أعاد الغسل.
فإن كان متطهّرا من الحدث الأكبر و الأصغر وجب عليه الوضوء و الغسل معا،و إذا علم أنّه بول توضّأ و لا غسل عليه،و إذا علم بأنّه منيّ وجب عليه الغسل و لا وضوء عليه.
و يتحقّق بدخول الحشفة في قبل المرأة،إذا كانت الحشفة سليمة،و إن كانت مقطوعة فمقدارها من الذكر.
و أمّا دبرها أو دبر الذكر أو البهيمة فهل يوجب الغسل؟
و الجواب:أنّه يوجب على الأحوط،و إذا كان محدثا بالأصغر قبل ذلك فالأحوط وجوبا ضمّ الوضوء إليه أيضا.
و قد تسأل:أنّ إدخال بعض الحشفة هل يوجب الغسل؟
و الجواب أنّه يوجب على الأحوط.
و قد تسأل:أنّ حكم الإنسان الموطوء دبرا رجلا كان أم امرأة هل هو حكم الواطئ في وجوب الغسل عليه احتياطا.
و الجواب:أنّ حكمه حكم الواطئ في ذلك.
من غير فرق بين الصغير و الكبير،و العاقل و المجنون،و القاصد و غيره،بل الظاهر ثبوت الجنابة للحيّ إذا كان أحدهما ميّتا على الأحوط.
وجب الغسل بعد العلم بكونه منيّا.
لأنّ المعيار في وجوب الغسل بسبب المنيّ أن يخرج و يبرز في الخارج.
و كان بعد دخول الوقت.نعم،إذا لم يتمكّن من التيمّم أيضا لا يجوز له ذلك،و أمّا في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضّئا-و لم يتمكّن من الوضوء لو أحدث-أن يبطل وضوؤه إذا كان بعد دخول الوقت.
لا يجب عليه الغسل،و كذا لا يجب لو شكّ في أنّ المدخول فيه فرج،أو دبر،أو غيرهما.
فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء إذا كان الواطئ،أو الموطوء محدثا بالأصغر دون قبلها،إلاّ مع الإنزال،فيجب عليه الغسل دونها،إلاّ أن تنزل هي أيضا، و لو أدخلت الخنثى،في الرجل،أو الانثى مع عدم الإنزال،لا يجب الغسل على الواطئ،و لا الموطوء،و إذا أدخل الرجل بالخنثى و تلك الخنثى بالانثى،وجب الغسل على الخنثى دون الرجل و الانثى.نعم،يعلم كلّ من الرجل و الانثى إجمالا بأنّ أحدهما جنب،و حينئذ فإن ترتّب أثر شرعيّ على جنابة أحدهما بالنسبة إلى الآخر كان العلم الإجماليّ منجّزا،و كذلك إذا كان الرجل عادلا و جديرا للاقتداء به،فإنّ العلم الإجماليّ للانثى حينئذ يكون منجّزا على تفصيل تقدّم في (المسألة 174).
و هو أمور:
الأوّل:الصلاة الواجبة و المستحبّة أداء و قضاء و أجزاؤها المنسيّة، و صلاة الاحتياط،و صلاة الطواف،و لا يجب لصلاة الجنائز.
الثاني:الطواف الواجب كما تقدّم في الوضوء.
الثالث:الصوم،بمعنى أنّه لو تعمّد البقاء على الجنابة حتّى طلع الفجر بطل صومه،و كذا صوم ناسي الغسل،على تفصيل يأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى في باب الصوم.
الرابع:مسّ كتابة القرآن الشريف،و مسّ اسم اللّه تعالى إذا كان في القرآن على ما تقدّم في الوضوء.
الخامس:اللبث و التواجد في المسجدين الحرمين الشريفين،فإنّه حرام بكلّ أشكاله على الجنب،و لا يسمح له بالمكث فيهما،و لا بمجرّد المرور و الاجتياز،و لا أخذ شيء منهما،و أمّا التواجد في غيرهما من المساجد فهو أيضا حرام في غير الحالتين التاليتين:
الاولى:الاجتياز فيها بالدخول من باب و الخروج من باب آخر.
الثانية:أن يدخل فيها لأخذ شيء منها،كما إذا كان له كتاب،أو متاع فيها،فيدخل و يأخذه من دون مكث،و لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز و لا من خارجها،و الأحوط وجوبا إلحاق المشاهد المشرّفة بالمساجد في الأحكام المذكورة دون الأروقة.
السادس:قراءة آية السجدة من سور العزائم،و هي(الم السجدة،و حم السجدة و النجم،و العلق)و الأحوط استحبابا إلحاق تمام السورة بها حتّى بعض البسملة.
و إن لم يصلّ فيه أحد و لم تبق آثار المسجديّة و كذلك المساجد في الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهبت آثار المسجديّة بالمرّة.
إلاّ إذا كانت هناك سيرة للمسلمين من أهل البلد على ترتيب أحكام المسجد عليه.
لم يجز له أن يؤجّر نفسه لتنظيف المسجد و كنسه،أو أيّ عمل آخر مباح فيه،و لكن إذا صادف و جرى عقد الإجارة معه على شيء من ذلك على أساس أنّه كان مقدما على العصيان و لا يبالي بأن يمكث في المسجد و هو جنب،فلا مانع من الحكم بصحّته،و استحقاقه الاجرة المسمّاة،و إذا اعتذر الأجير بعد ذلك عن القيام بالعمل بأنّه جنب كان من حقّه ذلك شرعا،إلاّ أنّه يثبت حينئذ للمستأجر خيار الفسخ.
و حينئذ فإن كان الشخصان عالمين بجنابة أحدهما،ففي هذه الحالة إن كان كلّ منهما جديرا للاقتداء به،كان العلم الإجماليّ لكلّ منهما منجّزا،فلا يجوز استئجارهما، و لا لأحدهما على أساس أنّ كلاّ منهما يعلم إجمالا،أمّا أن تحرم عليه قراءة العزائم مثلا،أو عدم جواز الاقتداء بالثاني،و معه لا يقدر على تسليم العمل المستأجر عليه،و من دون ذلك فالإجارة باطلة،و إن كان أحدهما جديرا للاقتداء به دون الثاني كان العلم الإجماليّ للثاني منجّزا دون الأوّل،فلا يصحّ استئجاره فقط للدخول في المسجدين الحرمين،أو قراءة العزائم،و إن كان كلاهما غير عادل،فلا أثر لعلم كلّ منهما أمّا بجنابة نفسه أو جنابة صاحبه، فعندئذ يصحّ استئجارهما معا،و أمّا إذا كان أحدهما عالما إجمالا بجنابته،أو جنابة رفيقه دون الثاني،فيصحّ إجارة الثاني،و أمّا إجارة العالم فإن كان لعلمه الإجماليّ أثر كان منجّزا فلا يصحّ إجارته.
إلاّ إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.
قد ذكروا أنّه يكره للجنب الأكل و الشرب إلاّ بعد الوضوء أو المضمضة و الاستنشاق،و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم،بل الأحوط استحبابا عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنبا،و يكره أيضا مسّ ما عدا الكتابة من المصحف و النوم جنبا إلاّ أن يتوضّأ أو يتيمّم بدل الغسل.
و لا بدّ فيها من الاستدامة إلى آخر الغسل كما تقدّم تفصيل ذلك كلّه في الوضوء.
فلا بدّ من رفع الحاجب و تخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلاّ بالتخليل،و لا يجب غسل الشعر،إلاّ ما كان من توابع البدن،كالشعر الرقيق،و لا يجب غسل الباطن أيضا.نعم،الأحوط استحبابا غسل ما يشكّ في أنّه من الباطن،أو الظاهر، إلاّ إذا علم سابقا أنّه من الظاهر،ثمّ يشكّ في تبدّله.و قد مرّ أنّ الواجب هو غسل ما يصل إليه الماء بطبعه أو بمعونة اليد،و لا قيمة لعنوان الظاهر و الباطن.
بأن يغسل أوّلا تمام الرأس،و منه العنق ثمّ بقيّة البدن،
و الأحوط الأولى أن يغسل أوّلا تمام النصف الأيمن،ثمّ تمام النصف الأيسر، و لا بدّ في غسل كلّ عضو من إدخال شيء من الآخر من باب المقدّمة،و لا ترتيب هنا بين أجزاء كلّ عضو،فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى،كما أنّه لا كيفيّة مخصوصة للغسل هنا،بل يكفي المسمّى كيف كان،فيجزئ رمس الرأس بالماء أوّلا،ثمّ الجانب الأيمن،ثمّ الجانب الأيسر،كما يكفي رمس البعض و الصبّ على الآخر،و لا يكفي إذا كان العضو في داخل الماء أن يحرّكه و هو في الماء،فإنّ تحريك العضو في داخل الماء ليس غسلا له،و إنّما يحصل الغسل بإدخاله فيه بقصد الغسل،أو صبّ الماء عليه.
و هو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة،و هي أن يرمس الجنب جميع بدنه في الماء بحيث يستوعب تمام أجزاء البدن،و يغمرها بالكامل،و أن يكون هذا الرمس مرّة واحدة بنظر العرف في مقابل الغسل الترتيبيّ، و إذا كان الشعر كثيفا و متراكما يفرّقه بالتخليل حتّى يعلم بوصول الماء إلى الكلّ عند ارتماسه في الماء،و يرفع قدمه عن الأرض إن كانت موضوعة عليها.
و لا يكفي أن تكون عند تغطية تمام البدن فقط.
من دون فرق بين أن يكون ذلك بإسالة الماء عليه،أو بإدخال البدن في الماء بقصد الغسل،و لا يكفي إذا كان البدن أو العضو في داخل الماء أن يحرّكه و هو في الماء بقصد الغسل،و على هذا فمن كان في حوض و غمره الماء،و أراد أن يغتسل بذلك الحوض،فلا يكفي أن ينوى الغسل و هو تحت الماء بتحريك جسده، بل عليه في هذه الحالة أن يخرج مقدارا من بدنه من الماء كرأسه ثمّ يعود إلى الماء
مرّة ثانية بقصد الغسل،و إذا أراد في هذه الحالة أن يغتسل الغسل الترتيبيّ فيجب عليه أن يخرج رأسه بكامله من الماء،و كذا رقبته،ثمّ يغمسهما في الماء بنيّة الغسل،ثمّ يخرج سائر جسده كاملا من الماء فيرمسه فيه بقصد الغسل،و يجب عليه أن يحرز عند الاغتسال عدم وجود حاجب و حاجز عن وصول الماء إلى البشرة،و عند الشكّ فيه لا بدّ من التحقيق و الفحص حتّى يعلم بعدم وجوده على التفصيل المتقدّم في الوضوء،و أن يكون الماء بنحو يجعله يستولي على البدن، و يجري كما تقدّم في الوضوء.
و عدم المانع من استعمال الماء من مرض و نحوه،و طهارة العضو المغسول على نحو ما تقدّم في الوضوء،و قد تقدّم فيه أيضا الكلام في اعتبار إباحة الإناء و المصبّ، و نيّة القربة على التفصيل المتقدّم في الوضوء،و أمّا الجبيرة في الغسل فقد تقدّم حكمها في الوضوء.
و كان من شروط صحّة الوضوء أن يكون في مكان مباح عند المسح، و حيث لا مسح في الغسل فليس هذا من شروط صحّة الغسل،و كلّ ما تقدّم من شروط الوضوء و أحكام النيّة يجري هنا أيضا،منها اعتبار المباشرة بالمعنى المتقدّم في الوضوء.
فغسله صحيح.
لا على الزوج.
و لا نعني بالمقارنة أن لا تتقدّم النيّة على الغسل،بل أن لا تتأخّر عن أوّل جزء من أجزائه،كما أنّه لا نعني من مقارنة النيّة لكلّ الأجزاء أنّ المغتسل لا بدّ أن يكون منتبها إلى نيّته انتباها كاملا،كما كان في اللحظة الاولى فلو نوى و شرع في غسل الرأس ثمّ ذهل عن نيّته،و واصل غسله على هذه الحال من الذهول، صحّ شريطة أن تكون النيّة موجودة في أعماق نفسه،بحيث لو سأله سائل:ما ذا تفعل؟لانتبه فورا إلى أنّه يغتسل قربة إلى اللّه تعالى،و على هذا فإذا خرج من بيته بنيّة الغسل في الحمّام،أو مكان آخر فدخل فيه و شرع في الغسل من دون الانتباه إلى نيّته كاملا،و لكنّ الداعي و الباعث الواقعيّ للشروع فيه تلك النيّة الموجودة في أعماقه،و إن لم يلتفت إليها تفصيلا كفى.
أو كان بناؤه على إعطاء الأموال المحرّمة،أو على تأجيل العوض،فهل يبطل غسله؟
و الجواب:أنّ الاغتسال في الحمّام لقاء اجرة معيّنة،إن كان مرجعه إلى المعاملات الإباحيّة،بمعنى أنّ الحمّاميّ أباح الدخول في حمّامه و التصرّف فيه لكلّ أحد لقاء أجر معيّن في ذمّته،فإذا دخل فيه و اغتسل،فإن أعطى الاجرة برئت ذمّته،و إن لم يعطها ظلّت مشغولة،فإذا كان مرجعه إلى ذلك صحّ غسله، و إن كان مرجعه إلى أنّ إذنه و رضاءه معلّق على إعطاء الاجرة خارجا،بمعنى أنّ المأذون في دخول الحمّام و الغسل فيه خصوص من يعطي الاجرة خارجا لا مطلقا،بطل غسله،و لا يبعد الوجه الأوّل نظريّا و إن كان الأحوط وجوبا إعادة الغسل.
بنى على العدم،و لو علم أنّه اغتسل،لكن شكّ في أنّه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا،بنى على الصحّة.
لا مانع من الغسل فيه.
إلاّ إذا علم بأنّه وقف خاصّ للساكنين فيها أو مباح لهم كذلك.
إلاّ مع العلم بعدم الإذن فيه إلاّ للشرب.
قد ذكر العلماء قدس سرّهم أنّه يستحبّ غسل اليدين أمام الغسل،من المرفقين ثلاثا،ثمّ المضمضة ثلاثا،ثمّ الاستنشاق ثلاثا،و إمرار اليد على ما تناله من الجسد خصوصا في الترتيبيّ،بل ينبغي التأكّد في ذلك،و في تخليل ما يحتاج إلى التخليل،و نزع الخاتم و نحوه،و الاستبراء بالبول قبل الغسل.
لكن إذا تركه و اغتسل،ثمّ خرج منه بلل مشتبه بالمنيّ،جرى عليه حكم المنيّ ظاهرا، فيجب الغسل له كالمنيّ،سواء استبرأ بالخرطات،لتعذّر البول أم لا،إلاّ إذا علم
بذلك،أو بغيره عدم بقاء شيء من المنيّ في المجرى.
لم تجب إعادة الغسل و إن احتمل خروج شيء من المنيّ مع البول.
و قد تسأل:أنّه إذا رأى رطوبة لا يعلم هل أنّها منيّ قد تخلّف في المجرى أو لا؟
و الجواب:إذا كان قد بال قبل أن يغتسل فلا شيء عليه،و إلاّ ترتّب عليها حكم المنيّ كإعادة الغسل أو نحوها.
فإن كان متطهّرا من الحدثين،وجب عليه الغسل و الوضوء معا، و إن كان محدثا بالأصغر وجب عليه الوضوء فقط.
و يستثنى منها غسل المستحاضة بالاستحاضة الوسطى فإنّه لا يجزئ، بل يجزئ كلّ غسل ثبت استحبابه شرعا.
بنى على عدمه،فيجب عليه الغسل.
أو يكون من أجل عدم إمكان الاختبار من جهة العمى،أو الظلمة أو نحو ذلك.
فالأقوى عدم بطلانه.نعم،يجب عليه الوضوء بعده،إلاّ إذا عدل من الترتيبيّ إلى الارتماسيّ،فإذا عدل أجزأه عن الوضوء أيضا،شريطة أن يكون الغسل مجزئا عنه بمقتضى نوعه و أصله.
و لكنّه إذا عدل عن الغسل الترتيبيّ إلى الارتماسيّ،فلا حاجة إلى الوضوء إلاّ في غسل الاستحاضة المتوسّطة.
فإن كان مماثلا للحدث السابق،كالجنابة أثناء غسلها،أو المسّ أثناء غسله،فلا إشكال في وجوب الاستئناف و إن كان مخالفا له،كما لو مسّ الميّت في أثناء غسل الجنابة فالأحوط له أن يتمّ الغسل الأوّل برجاء احتمال أنّ وظيفته الإتمام،ثمّ يعيد باحتمال أنّ إعادته مطلوبة في الواقع شرعا،و له أن يقطع الغسل الأوّل و يأتي بغسل جديد بقصد ما في الذمّة،و الخروج عن العهدة شرعا إذا كان الغسل المستأنف ترتيبيّا.نعم،إذا كان ارتماسيّا فله أن ينوي بالمستأنف الجنابة،أو مسّ الميّت،أو كلا الأمرين،فإذا نوى كذلك أجزأ،و لا يجب عليه الوضوء بعده أيضا.
رجع و أتى به،و إن كان بعد الدخول فيه لم يعتن،و يبني على الإتيان به على الأقوى،و أمّا إذا شكّ في غسل الطرف الأيمن،فاللازم الاعتناء به حتّى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر.
فالظاهر أنّه لا يعتني بالشكّ،سواء كان الشكّ بعد دخوله في غسل العضو الآخر أم كان قبله.
و إذا شكّ فيه بعد الفراغ من الصلاة،و احتمل أنّه كان ملتفتا إلى عدم صحّة الصلاة من دون الغسل من الجنابة قبل الدخول فيها،فالصلاة محكومة بالصحّة،لكنّه يجب
عليه أن يغتسل للصلوات الآتية.هذا إذا لم يصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة،و قبل أن يغتسل،و إلاّ فعليه أن يغتسل و يعيد الصلاة ما دام وقتها باقيا، ثمّ يتوضّأ للصلوات الآتية أيضا،و أمّا إذا كان ذلك بعد خروج وقتها،فلا يجب عليه قضاؤها،و إذا علم إجمالا بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله،وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.
فقد تقدّم حكمها في شرائط الوضوء في (المسألة 143).
وجب عليه أن يغتسل و يستأنف الصلاة من جديد، و إذا فرغ من الصلاة،ثمّ شكّ في أنّه اغتسل،و هل كان اعتقاده بالغسل مطابقا للواقع،وجب عليه الغسل و إعادة الصلاة.
يكفيه أن يقصد جميع ما عليه،و إذا قصد البعض المعيّن كفى عن غير المعيّن سواء كان ذلك المعيّن غسل الجنابة،أم غيره.
و قد تسأل:أنّ المكلّف إذا علم بأنّ عليه غسلان أحدهما الجنابة، و الآخر مسّ الميّت،فإن قصدهما معا بغسل واحد كفى،و إن قصد أحدهما بعينه به كفى أيضا،و إذا اغتسل و لم يقصد شيئا منهما و لو بعنوان ما في الذمّة بطل،و إذا اغتسل و قصد بذلك ما في ذمّته في الواقع بنيّة التقرّب فهل يجزئ؟
و الجواب:الأقرب،الإجزاء و إن كان الاحتياط في محلّه.
و فيه فصول:
و سببه خروج دم الحيض الّذي تراه المرأة البالغة الّتي تعتاد قذفه في دورة شهريّة غالبا،و إذا انصبّ الدّم من الرحم و تحرّك منه إلى فضاء الفرج،فإن لم يخرج منه إلى الخارج لم يجر عليه حكم الحيض،و إن خرج منه إلى الخارج و لو قليلا في البداية جرى عليه حكم الحيض،و إن انقطع بعد ذلك و ظلّ في فضاء الفرج.
أدخلت قطنة و تركتها مليّا،ثمّ أخرجتها إخراجا رفيقا،فإن كانت مطوّقة بالدّم،دون أن يستغرقها أو يستغرق أكثرها فهو من العذرة،و إن كانت مستنقعة بالكامل أو أكثرها فهو من الحيض،و لا يصحّ عملها بقصد الأمر الجزميّ من دون ذلك.
فإن كانت حالتها السابقة الحيض بنت عليه،و إن لم تكن أو كانت جاهلة بها فعليها أن تحتاط بالجمع،بأن تفعل ما تفعله الطاهر،و تترك ما تتركه الحائض،
فتصلّي و تصوم،و لا تمكث في المساجد،و لا تجتاز المسجدين الحرمين،و لا تمس كتابة القرآن و هكذا.
كلّ دم تراه الصبيّة قبل إكمالها تسع سنين و لو بلحظة،لا تترتّب عليه أحكام الحيض.نعم،قد تكون رؤيتها هذه مؤدّية إلى اليقين بأنّها قد أكملت تسع سنين،على أساس أنّ البنت لا ترى دم حيض عادة إلاّ بعد إكمال التاسعة، و كذا المرأة إذا وصلت سنّ اليأس و رأت دما لم تعتبره حيضا،إلاّ إذا لم تعلم أنّها بلغت سنّ اليأس،كما إذا كانت لم تضبط عمرها دقيقا،فحينئذ اعتبرت نفسها حائضا،و يتحقّق اليأس ببلوغ ستّين سنة على الأظهر،من دون فرق في ذلك بين القرشيّة و غيرها،فإذا رأت دما قبل بلوغها ستّين سنة اعتبرته حيضا، و إذا رأت دما بعد إكمالها ستّين لم تعتبره حيضا.
فإذا رأت المرأة الحامل دما،فإن كانت واثقة و متأكّدة بأنّه دم حيض عملت ما تعمله الحائض،و إن لم تكن واثقة بذلك فإن كان الدّم في أيّام العادة و كان بصفة الحيض اعتبرته حيضا،و إن لم يكن في أيّام العادة و لا بصفة الحيض اعتبرته استحاضة.
و إن كان في أيّام العادة،و لم يكن بصفة الحيض،أو كان بصفة الحيض و لم يكن في أيّام العادة،فهل تعتبره حيضا أو استحاضة؟
و الجواب:أنّ عليها أن تحتاط في هذه الحالة،و تجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة.
أقلّ الحيض و أدناه ما يستمرّ ثلاثة أيّام و لو في باطن الفرج،شريطة خروجه منه في البداية إلى الخارج،و ليلة اليوم الأوّل كليلة اليوم الرابع خارجتان، و الليلتان المتوسّطتان داخلتان،و لا يكفي وجوده في بعض كلّ يوم من الثلاثة، فإذا رأته في ظهر يوم الخميس وجب أن يستمرّ إلى ظهر يوم الأحد ليلا و نهارا، فإن استمرّ كذلك فهو حيض و إلاّ فلا.نعم،لا يضرّ بالاستمرار و الاتّصال عرفا حصول فترات توقّف قصيرة،إذا لم تتجاوز عن الحدّ المألوف لدى النساء، و يكفي التلفيق من أبعاض اليوم،و أكثر الحيض و أقصاه عشرة أيّام،فإذا تجاوز العشرة فالزائد ليس بحيض،و أمّا الباقي ففيه تفصيل على ما يأتى شرحه.
أمّا أقلّ الطهر و هو فترة سلامة المرأة عن دم الحيض فالمشهور بين الفقهاء أنّه لا يقل عن عشرة أيّام،و لكنّه لا يخلو عن إشكال،و الاحتياط لا يترك.
مثال ذلك إذا رأت المرأة دم حيض ثمّ انقطع،و بعد الانقطاع و قبل مرور عشرة أيّام من طهرها و سلامتها من دم الحيض رأت دما بصفة الحيض،ففي مثل هذه الحالة يجب عليها أن تحتاط بالجمع بين ترك الأشياء الّتي تكون الحائض ملزمة بتركها،و الإتيان بالأعمال الّتي تكون المستحاضة ملزمة بالإتيان بها.
أنّ الشروط العامّة لدم الحيض أربعة:
الأوّل:أن تكون المرأة قد أكملت تسع سنين،و لم تتجاوز عن ستّين سنة.
الثاني:أن يكون الدّم مستمرّا إلى ثلاثة أيّام.
الثالث:أن لا يتجاوز عن عشرة أيّام.
الرابع:أن لا تكون فترة النّقاء بين الحيضتين أقلّ من عشرة أيّام على الأحوط.
تصير المرأة ذات عادة بتكرّر رؤية دم الحيض مرّتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة،فإن اتّفقا في الزمان و العدد،بأن رأت في أوّل كلّ من الشهرين المتواليين،أو آخره سبعة أيّام-مثلا-فالعادة وقتيّة و عدديّة،و كذلك إذا رأت بفاصل زمنيّ معيّن مرّتين متواليتين،كما إذا رأت دما بانتظام بعد عشرين يوما من الحيضة الاولى،و إن اتّفقا في الزمان خاصّة دون العدد،بأن رأت في أوّل الشهر الأوّل سبعة و في أوّل الثاني خمسة فالعادة وقتيّة خاصّة،و إن اتّفقا في العدد فقط بأن رأت الخمسة في أوّل الشهر الأوّل،و الخمسة في آخر الشهر الثاني-مثلا-فالعادة عدديّة فقط.
بيوم أو يومين و إن كان أصفر رقيقا،فتترك العبادة،و تعمل عمل الحائض في جميع الأحكام،و لكن إذا انكشف أنّه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة-مثلا-وجب عليها قضاء الصلاة.
إذا رأت الدّم و كان جامعا للصفات، مثل الحرارة،و الحمرة أو السواد،و الخروج بحرقة،تتحيّض أيضا بمجرّد الرؤية، و لكن إذا انكشف أنّه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة-مثلا-وجب عليها قضاء الصلاة،و إن كان فاقدا للصفات فلا يحكم بكونه حيضا.
فإن كان الدّم جامعا للصفات تحيّضت به أيضا،و إلاّ تجري عليه أحكام الاستحاضة.
فإذا رأت المرأة الدّم في الشهر مرّتين متعاقبتين من دون العلم بأنّه حيض،و لكن بما أنّه كان بصفة الحيض تجعله حيضا على أساس الصفة،ثمّ رأت في الشهر الثالث في نفس الوقت دما أصفر فاقدا لصفة الحيض فما ذا تصنع هذه المرأة؟هل تجعل نفسها ذات عادة منتظمة،و تعتبر هذا الدّم الأصفر حيضا،نظرا إلى أنّها رأته في عادتها على الرغم من أنّه فاقد للصفة،أو تجعل نفسها مستحاضة و غير ذات عادة ما دامت غير متأكّدة من أنّ الدّمين السابقين كانا حيضين؟
و الجواب:أنّ العادة لا تحصل بالتمييز بالصفة،و المرأة تعتبر نفسها مستحاضة و تعمل على أساس قاعدة الصفات.
و قد تسأل:أنّ العادة تحصل بتكرّر دم الحيض في الشهر مرّتين متواليتين، فإذا رأت المرأة الدّم في وقت معيّن من شهر،ثمّ رأته في نفس الموعد من الشهر اللاحق مباشرة،وجب عليها أن تجعل الدّم الّذي تراه بعد ذلك في نفس الوقت من الشهور الآتية حيضا و لو كان أصفر،فما هو الفارق بين المسألتين؟
و الجواب:
أوّلا:أنّ الفارق بينهما النصّ،فإنّه يدلّ على حصول العادة بتكرّر دم
الحيض في الشهر مرّتين متعاقبتين بانتظام،و لا نصّ على أنّها تحصل على أساس الصفات.
و ثانيا:أنّ المرأة في مسألة الصفات لا تكون متأكّدة على أنّ ما رأته من الدّم حيض،و لا تكون على يقين من ذلك،و إنّما اعتبرته حيضا على أساس أنّه بصفة الحيض،و أمّا في مسألة العادة فهي متأكّدة بأنّ ما رأته من الدّم في وقت معيّن من الشهر حيض،و كذا ما رأته في نفس الوقت من الشهر اللاحق فلذلك ينتج العادة.
كلّ دم تراه المرأة في أيّام عادتها الوقتيّة يعتبر حيضا و إن كان صفرة و فاقدا للصفات،و كلّ دم تراه في غير أيّام عادتها الوقتيّة،و لم يكن بصفة الحيض يعتبر استحاضة.
و إذا رأت المرأة الدّم ثلاثة أيّام-مثلا-و نقت بعد ذلك،ثمّ رأت دما جديدا ثلاثة أيّام اخرى أو أكثر،فهنا حالتان:
الحالة الاولى:أنّ مجموع الدّمين مع فترة الانقطاع لا يتجاوز عشرة أيّام،ففي هذه الحالة إن كان كلا الدّمين في أيّام العادة،أو بصفات الحيض،أو كان أحدهما في أيّام العادة و الآخر بصفات الحيض،اعتبر الكلّ حيضا،مثال ذلك:امرأة رأت الدّم من أوّل الشهر ثلاثة أيّام،ثمّ انقطع الدّم يومين،و بعد ذلك عاد جديدا ثلاثة أيّام اخرى،ثمّ نقت،فإن كانت المرأة ذات عادة وقتيّة و عدديّة معا،و كانت عادتها ثمانية أيّام مثلا من أوّل الشهر،كان كلا الدّمين
حيضا و إن لم يكن بلون الحيض،و إن كانت عادتها ثلاثة أيّام مثلا من أوّل الشهر،فالدّم الأوّل حيض و إن لم يكن بلون الحيض،و الثاني حيض باعتبار أنّه بصفة الحيض،و إن لم تكن ذات عادة وقتيّة فمجموع الدّمين بما أنّه بلون الحيض فيكون حيضا،و أمّا فترة الانقطاع فلا يبعد كونها طهرا،و إن كان الأحوط و الأجدر أن تجمع فيها بين أعمال الطاهر و تروك الحائض،و إن لم يكن شيء من الدّمين في أيّام العادة فإن كان كلّ منهما فاقدا للصفات اعتبر الكلّ استحاضة،و إن كان أحدهما واجدا للصفة دون الآخر اعتبر الواجد حيضا دون الفاقد.
الحالة الثانية:أنّ مجموع الدّمين مع فترة الانقطاع يتجاوز العشرة،مثال ذلك:امرأة رأت الدّم من بداية الشهر خمسة أيّام،و نقت بعد ذلك ثلاثة أيّام، ثمّ رأت دما جديدا أربعة أيّام،ففي هذه الحالة إن كان الدّم الأوّل في أيّام العادة دون الثاني،و حينئذ فإن كان الثاني فاقدا للصفات اعتبر الأوّل حيضا و الثاني استحاضة،و إن كان الثاني واجدا للصفات فعلى المشهور أنّه استحاضة أيضا، على أساس أنّه غير واجد للشرط العامّ للحيض،و هو أن لا تكون فترة الطهر و سلامة المرأة من دم الحيض أقلّ من عشرة أيّام،و لكنّه لا يخلو عن إشكال، فالأحوط و الأجدر وجوبا أن تجمع المرأة بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة.
و قد تسأل:أنّ المرأة إذا رأت الدّم في أيّام عادتها،و استمرّ بعد العادة إلى أن تجاوز العشرة،ترجع إلى عادتها،و تعتبرها حيضا،و الباقي استحاضة، فلما ذا لا يكون الحكم كذلك في المقام؟
و الجواب:أنّ المقام غير داخل في تلك الكبرى،فإنّها تتمثّل في امرأة رأت الدّم في أيّام عادتها،و استمرّ بعدها بصفة الحيض إلى أن تجاوز العشرة بلا انقطاع،فإنّها تعتبر أيّام عادتها حيضا،و الزائد استحاضة،و أمّا إذا انقطع بعد
العادة،ثمّ عاد من جديد و لو بصفة الحيض إلى أن تجاوز العشرة،أو إذا استمرّ بعدها بلا انقطاع،و لكن بصفة الاستحاضة،فلا يكون مشمولا لها،فلذلك لا يكون المقام من صغرياتها،و من هنا يظهر أنّ الحكم كذلك إذا كان الدّم الثاني في أيّام العادة دون الأوّل.
و إن لم يكن شيء من الدّمين في أيّام العادة،و لو من جهة أنّ المرأة ليست بذات عادة،فحينئذ إن كان أحدهما واجدا للصفة دون الآخر،اعتبر الواجد حيضا،و الفاقد استحاضة،و إن كان كلّ منهما فاقدا للصفة،اعتبر الكلّ استحاضة،و إن كان الكلّ بصفة الحيض،وجب على المرأة أن تحتاط بالجمع بين تروك الحائض و وظائف المستحاضة.
إذا كان كل منهما في العادة،أو واجدا للصفات،أو كان أحدهما في العادة، و الآخر واجدا للصفات،و أمّا الدّم الفاقد لها في غير أيّام العادة،فهو استحاضة.
إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة،فإن احتملت بقاءه في الرحم،فهل يجب عليها الاستبراء و اختبار حالها لكي تعرف أنّ الدّم انقطع أو لا؟
و الجواب:أنّه واجب إذا لم يكن بإمكانها عقلا أو شرعا الاحتياط و ترك الاستبراء و الاختبار،و حينئذ فإن استبرأت و خرجت القطنة ملوّثة بقيت على التحيّض،كما سيأتي،و إن خرجت نقيّة اغتسلت و عملت عمل الطاهر حتّى مع ظنّ العود،إلاّ إذا اعتادت تخلّل النقاء أثناء عادتها على وجه كانت
تعلم أو تطمئنّ بعوده،فإنّ عليها حينئذ الاحتياط في النّقاء المتخلّل،و ترتيب آثار الحيض على الدّم إذا عاد،و إذا تركت الاستبراء لعذر من نسيان أو نحوه، و اغتسلت و صادف براءة الرحم صحّ غسلها واقعا،و أمّا إذا تركته-لا لعذر- و اغتسلت برجاء إدراك الواقع،فلا يمكن لها ترتيب آثار الصحّة عليه ظاهرا، إلاّ إذا ثبت لديها أنّها كانت نقيّة،و إن لم تتمكّن من الاستبراء تعيّن عليها أن تجمع بين أعمال الطاهر-بأن تغتسل رجاء،و تصلّي و تصوم كذلك-و تروك الحائض إلى أن تعلم بحصول النّقاء فتعيد الغسل.
فإن كانت مبتدئة، أو لم تستقر لها عادة،أو عادتها عشرة،بقيت على التحيّض إلى تمام العشرة،إلاّ إذا حصل النقاء قبلها و إن كانت ذات عادة-دون العشرة-فإن كان ذلك الاستبراء في أيّام العادة،فلا إشكال في بقائها على التحيّض،و إن كان بعد انقضاء العادة بقيت على التحيّض استظهارا بيوم واحد شريطة توفّر أمرين:
أحدهما:أن يكون الدّم بعد العادة مستمرّا بلون واحد و هو لون الحيض.
و الآخر:أن لا تكون متأكّدة و واثقة بانقطاعه قبل العشرة،و لا بتجاوزه عنها،بل كان كلّ من الأمرين محتملا لديها،فإذا توفّر الأمران وجب عليها الاستظهار بيوم واحد،و لها أن تضيف عليه يومين آخرين أو أكثر.
1-المرأة ذات العادة الوقتيّة و العدديّة معا.
2-المرأة ذات العادة الوقتيّة فقط.
3-المرأة ذات العادة العدديّة فقط.
4-المرأة الناسية لوقتها و عددها معا،أو لوقتها فقط أو عددها كذلك.
5-المرأة المبتدئة.
6-المرأة المضطربة.
و هذه المرأة إذا رأت الدّم في أيّام موعدها الشهريّ فلها حالات:
و ظلّ الدّم مستمرّا في أيّام العادة و ما بعدها،ففي هذه الحالة إن كان الدّم بعد أيّام العادة بصفة الاستحاضة أيضا،اعتبرت الدّم منذ يومين قبل موعد العادة حيضا و إن لم يكن بلون الحيض،و ما تقدّم و تأخّر عنه استحاضة،هذا من دون فرق بين أن تكون المرأة واثقة بتجاوز الدّم العشرة أو بانقطاعه فيها،أو لا هذا و لا ذلك،و إن كان الدّم بصفة الحيض،فإن كانت المرأة متأكّدة باستمراه إلى أن يتجاوز العشرة من بداية العادة،اعتبرت الدّم في أيّام العادة حيضا و غيره ممّا تقدّم و ما تأخّر عنه استحاضة،و إن كانت واثقة بانقطاعه دون العشرة اعتبرت نفسها حائضا من ابتداء العادة أو يوم أو يومين قبلها.
مثال ذلك:امرأة كانت وقت عادتها أوّل الشهر و عدد عادتها خمسة أيّام -مثلا-فإذا كانت مستحاضة قبل موعد عادتها و ظلّ دمها مستمرّا في أيّام العادة و ما بعدها بصفة الحيض إلى أربعة أيّام اخرى،ثمّ نقت،تجعل الدّم منذ يوم قبل العادة و ما بعدها كلّه حيضا،و إذا استمرّ الدّم بعد العادة ثلاثة أيّام -مثلا-تجعل منذ يومين قبل العادة و ما بعدها حيضا.
و رأت الدّم في أيّام عادتها،و استمرّ بعدها،تجعل نفسها حائضا بما في العادة،و مستحاضة بما بعدها،شريطة أن يكون الدّم المرئيّ بعد العادة بلون أصفر،أو متجاوزا العشرة و إن كان بلون الحيض،و أمّا إذا كان بلون الحيض،و لم يتجاوز العشرة، فالجميع حيض.
ثمّ تحوّل الدّم إلى صفة الحيض ثلاثة أيّام،و لم يتجاوز العشرة من ابتداء رؤية الدّم،اعتبرت مجموع الدّمين حيضا،و أمّا الدّم الأصفر بعد العادة،فالأحوط فيه الجمع بين تروك الحائض و وظيفة المستحاضة.
و عاد مرّة اخرى بصفة الحيض أيضا،و نقت قبل أن يتجاوز العشرة من بداية رؤية الدّم،جعلت مجموع الدّمين حيضا،و أمّا فترة النّقاء فيظهر حكمها ممّا مرّ.
فإن كان مع ما في العادة لا يزيد على العشرة،فالمجموع حيض،أمّا الدّم الأوّل،و هو ما رأته قبل العادة،فعلى أساس الصفات،و أمّا الثاني فعلى أساس العادة،و إن زاد على العشرة جعلت ما في عادتها حيضا،و ما تقدّم منه استحاضة،و تقضي ما تركته في الفترة المتقدّمة.
ثمّ تحوّل إلى صفة الاستحاضة يوما أو يومين،و نقت بعد ذلك،و لم يتجاوز العشرة من ابتداء رؤية الدّم،اعتبرت ما في أيّام عادتها و ما رأته بعدها
بصفة الحيض حيضا،و ما بصفة الاستحاضة استحاضة،و إذا تجاوز العشرة فالحكم أيضا كذلك؛لأنّ قاعدة أنّ ذات العادة إذا تجاوز دمها العشرة تجعل ما في عادتها حيضا و الزائد استحاضة لا تشمل المقام؛لأنّ موردها ما إذا استمرّ دمها بعد العادة بلون الحيض و تجاوز العشرة،و أمّا إذا كان يومين-مثلا-بعد العادة بلون الحيض،ثمّ تحوّل إلى لون الاستحاضة،و تجاوز العشرة،فهو لا يكون مشمولا لها.
فإن تجاوز العشرة من ابتداء رؤية الدّم تجعل منذ يومين قبل العادة إلى آخر العادة حيضا و ما تقدّم و ما تأخّر عنه استحاضة،و إن لم يتجاوز العشرة تجعل أيّام عادتها حيضا و الباقي استحاضة.
و إن كان بلون الحيض.
مثاله:امرأة وقتها أوّل الشهر،و عدد أيّام عادتها سبعة أيّام، فرأت الدّم في اليوم الثالث من الشهر،و استمر الدّم بصفة الحيض،و تجاوز العشرة من بداية رؤية الدّم،فهل تجعل الحيض من اليوم الثالث إلى اليوم السابع، فيكون خمسة أيّام،أو تجعل من اليوم الثالث إلى نهاية اليوم التاسع لكي يطابق مع العدد الّذي تعتاده في حيضها و هو سبعة أيّام؟و الظاهر هو الأوّل،و مثل ذلك ما إذا رأت المرأة الدّم بصفة الحيض قبل اسبوع من أوّل الشهر،و استمرّ إلى اليوم الخامس من الشهر،فإنّها تجعل حيضها ما وقع من الدّم في أيّام عادتها، فيكون خمسة أيّام من ابتداء الشهر إلى اليوم الخامس،من دون أن تضمّ إلى ذلك يومين من الاسبوع قبل الشهر،و أثر ذلك بالنسبة إلى المرأة أنّ عليها أن
تقضي ما تركته من العبادات في الأيّام السابقة أو اللاحقة.
و هي الّتي تستقيم عادتها وقتا لا عددا،كالمرأة الّتي ترى الدّم في وقت معيّن من كلّ شهر،كأوّله مثلا و لكنّها مضطربة من ناحية العدد،فإنّها تراه في شهر ثلاثة أيّام،و في آخر خمسة أيّام،و في ثالث ستّة أيّام،و هكذا،فلذلك تسمّى هذه مستقيمة الوقت مضطربة العدد،و هذه المرأة إذا رأت الدّم في وقت عادتها فلها حالات:
ثمّ تحوّل إلى صفة الحيض ثلاثة أيّام اخرى،و نقت بعد ذلك ففي هذه الحالة تجعل مجموع الدّمين حيضا،إمّا الأوّل فعلى أساس العادة،و إمّا الثاني فعلى أساس الصفة.
اعتبرت ما كان في موعدها الشهريّ المعتاد حيضا كثلاثة أيّام مثلا و الباقي استحاضة و لا فرق في ذلك بين أن يتجاوز الدّم العشرة أو لا.
أمكنها أن تجعل الحيض ستّة أو سبعة أيّام و الباقي استحاضة.
فحينئذ إن استمرّ الدّم بعد العادة بصفة الحيض،و كان المجموع لا يزيد على عشرة أيّام، فهو منذ يومين قبل وقت العادة حيض،و إن لم يكن بصفة الحيض،و ما تقدّم منه على يومين يعتبر حيضا إن كان بصفة الحيض،و إلاّ فهو استحاضة.
و هي الّتي تستقيم عادتها عددا لا وقتا كالمرأة الّتي ترى حيضتين متماثلتين في العدد دون الوقت،بأن ترى الدّم في كلّ شهر خمسة أيّام و لكن مرّة تراها في أوّل الشهر و اخرى في وسطه و ثالثة في آخره،فلذلك تسمّى هذه مستقيمة العدد و مضطربة الوقت،و هذه المرأة إذا رأت الدّم بعدد أيّام عادتها أو أكثر فلها حالات:
و إلاّ اعتبرته استحاضة على أساس أنّ صاحبة العادة العدديّة تلجأ إلى التمييز بالصفات،فما كان بصفة الحيض تجعله حيضا سواء كان مساويا لعدد أيّام عادتها أم أقلّ أم أكثر،و ما كان بصفة الاستحاضة تجعله استحاضة،و بذلك تفترق صاحبة العادة الوقتيّة عن صاحبة العادة العدديّة،فإنّ الاولى تلجأ إلى الوقت فما كان في الوقت تجعله حيضا و إن كان بصفة الاستحاضة،و الثانية تلجأ إلى الصفات كما مرّ.
ثمّ عاد الدّم بصفة الحيض و تجاوز العشرة من تأريخ رؤية الدّم، فحينئذ إن كان الدّم الثاني أقلّ من عشرة أيّام كالدّم الأوّل وجب عليها أن تحتاط فيه بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة،و أمّا فترة النقاء بين الدّمين فلا يبعد أن تكون طهرا،و إن كان الاحتياط أولى و أجدر،و لا فرق في ذلك بين أن يكون عدد أيّام عادتها مساويا لفترة الدّم الأوّل أو لا،و إن كان الدّم الثانى يزيد على عشرة أيّام تجعل الزائد على أيّام العادة استحاضة،و تحتاط في أيّام العادة.
فإن لم يتجاوز العشرة جعلت الكلّ حيضا،و إن تجاوز العشرة جعلت مقدار أيّام عادتها حيضا و الباقي استحاضة.
ثمّ تحوّل إلى صفة الاستحاضة خمسة،و عاد بعد ذلك إلى صفة الحيض مرّة اخرى خمسة أيّام،وجب عليها أن تحتاط في الدّمين الأوّل و الأخير بالجمع بين الوظيفتين،و لا يبعد كون الدّم ما بينهما استحاضة،و إن كان الاحتياط فيه أولى و أجدر،و مثلها المرأة الّتي ليست لها عادة،فإنّها إذا رأت دما خمسة أيّام بصفة الحيض،ثمّ تحوّل إلى صفة الاستحاضة خمسة أيّام،و بعد ذلك عاد مرّة اخرى خمسة أيّام بصفة الحيض،تحتاط في الدّمين الأوّل و الأخير بالامتناع عمّا كانت الحائض ملزمة بالامتناع عنه،و العمل بما كانت المستحاضة ملزمة بالعمل به، و قد مرّ حكم الدّم في الفترة ما بينهما.
و هي على أقسام:
ناسية الوقت دون العدد،
و لها حالات:
فإن كان بصفة الحيض فهو حيض،و إن لم يكن بصفته،فإن علمت أنّ بعض أيّام الدّم يصادف أيّام العادة وجب عليها الاحتياط في تمام أيّام الدّم،و إن لم تعلم بذلك فهو استحاضة.
فإن كان طيلة