فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

منهاج الصالحین – جلد ۱

جلد

1

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه منهاج الصالحین – جلد ۱ صفحه 2

منهاج الصالحین – جلد ۱

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 101)


المدّة بصفة الحيض أو بصفة الاستحاضة أو مختلفا في لونه بأن يكون في فترة بصفة الحيض و في فترة اخرى بصفة الاستحاضة،و حينئذ فإن كانت لا تعلم بمجيء موعدها الشهريّ خلال أيّام الدّم،فوظيفتها في الفرض الأوّل أن تعتبر مقدار عدد أيّام عادتها حيضا و الباقي استحاضة،و في الفرض الثاني تعتبر الدّم في تمام المدّة استحاضة،و في الفرض الثالث تعتبر ما بصفة الحيض حيضا شريطة أن لا يقلّ عن ثلاثة أيّام و لا يزيد على عشرة و ما بصفة الاستحاضة استحاضة،و لا فرق في ذلك بين أن يكون ما بصفة الحيض بمقدار أيّام عادتها أو أقلّ أو أكثر،و إن كانت تعلم بمجيء موعدها الشهريّ خلال أيّام الدّم، و ليس بمقدورها أن تحدّد تلك الأيّام بالضبط،فعليها أن تحتاط في كلّ هذه الفروض بالجمع بين تروك الحائض و وظائف المستحاضة في تمام أيّام الدّم،و إن لم يكن بلون الحيض.

الحالة الثالثة:أن يكون دمها مستمرّا إلى شهر أو أكثر،

ففي هذا الحالة يجب عليها أن تحتاط في تمام مدّة الدّم،مثال ذلك امرأة نسيت وقت عادتها بالضبط و لا تدري أنّه في العشرة الاولى أو الثانية أو الأخيرة،فإذا استمرّ دمها إلى شهر أو أكثر كانت تعلم أنّ بعض أيّام الدّم يصادف وقت العادة،فإذا علمت بذلك وجب عليها الاحتياط في تمام الشهر.

نعم،إذا علمت أنّ وقت عادتها إمّا في العشرة الثانية أو الأخيرة-مثلا- خرجت العشرة الاولى عن أطراف العلم الإجماليّ،و على هذا فما رأته من الدّم فيها إن كان بصفة الاستحاضة اعتبرته استحاضة،و إن كان بصفة الحيض تحتاط فيه أيضا.

القسم الثاني:

ناسية العدد دون الوقت،

و هذه المرأة إذا رأت دما في موعد عادتها

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 102)


الشهريّة اعتبرته حيضا و إن كان بصفة الاستحاضة،و لكن بما أنّها نسيت عدد أيّامها و لا تدري أنّها ثلاثة أيّام أو أربعة أو خمسة و هكذا،فإن كان الدّم بصفة الاستحاضة جعلته حيضا في ثلاثة أيّام،و احتاطت إلى أكبر الاحتمالات من عدد أيّام عادتها،مثال ذلك:امرأة تعلم بأنّ موعدها أوّل الشهر،و لكنّها نسيت عدد الأيّام و لا تدري أنّها ثلاثة أيّام أو أكثر،فإذا رأت الدّم في أوّل الشهر بصفة الاستحاضة،و استمرّ إلى سبعة أيّام،ثمّ انقطع،اعتبرته في ثلاثة أيّام من ابتداء رؤية الدّم حيضا،و احتاطت بعدها إلى اليوم السادس إذا كان اليوم السادس هو أكبر احتمالات عدد أيّام العادة،و جعلت اليوم السابع-مثلا- استحاضة،و إذا رأت الدّم بصفة الحيض و لم يتجاوز العشرة اعتبرت الكلّ حيضا سواء كان في موعدها الشهريّ أم لا،و إذا تجاوز العشرة أخذت بأكبر الاحتمالات من عدد الأيّام،كما إذا كانت لا تدري أنّ عدد أيّام عادتها خمسة أو ستّة فتجعل أيّام حيضها ستّة.نعم،إذا لم تكن لها عادة عدديّة من الأوّل و إن كانت لها عادة وقتيّة،فإذا حاضت و تجاوز دمها العشرة و كان الدّم طيلة المدّة بصفة الحيض أمكنها أن تجعل الحيض ستّة أو سبعة،و اختيار ذلك موكول إليها.

القسم الثالث:

ناسية العدد و الوقت معا،

و هذه المرأة إذا رأت دما و لم يتجاوز العشرة، و حينئذ فإن كان بصفة الحيض اعتبرته حيضا سواء كانت تعلم بأنّ بعض أيّام الدّم يصادف وقت العادة أم لا،و إن كان بصفة الاستحاضة فاستحاضة شريطة أن لا تعلم بأنّ بعض أيّام الدّم يصادف موعد العادة و إلاّ وجب الاحتياط،و إذا تجاوز العشرة و كان بصفة الحيض،فوقتئذ إن كانت لا تعلم بمجيء أيّام عادتها خلال أيّام الدّم اعتبرت حيضها بمقدار أيّام عادتها آخذة بأكبر الاحتمالات في أيّامها،و الباقي استحاضة،و إن كانت تعلم بأنّ بعض أيّام الدّم يصادف وقت

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 103)


العادة وجب عليها الاحتياط في تمام مدّة الدّم،مثال ذلك امرأة نسيت أيّام عادتها الشهريّة وقتا و عددا و رأت الدّم بصفة الحيض و تجاوز العشرة،و حينئذ فإن كانت لا تعلم بمجيء أيّام عادتها خلال أيّام الدّم جعلت حيضها أيّام عادتها مفترضة أكبر الاحتمالات كما إذا كانت لا تدري أنّ أيّام عادتها خمسة أو سبعة فتجعل حيضها سبعة أيّام و الباقي استحاضة،و إن كانت تعلم بمجيء أيّام عادتها خلال أيّام الدّم و لكن ليس بمقدورها أن تحدّد تلك الأيّام بالضبط وجب عليها أن تحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة في تمام فترة الدّم.

المرأة المبتدئة

و هي الّتي ترى الدّم لأوّل مرّة،و هذه المرأة إذا رأت الدّم فلها حالات:

الاولى:أن لا يتجاوز دمها العشرة،

ففي هذه الحالة إن كان الدّم بصفة الحيض اعتبرته حيضا و إلاّ فاستحاضة.

الثانية:أن يتجاوز دمها العشرة و كان طيلة المدّة بلون الحيض،

ففي هذه الحالة وظيفتها أن ترجع إلى عادة أقاربها من النساء فتجعل مقدار عادتهنّ حيضا و الباقي استحاضة،و إذا لم توجد لها أقارب أو كنّ مختلفات في عادتهنّ أمكنها أن تجعل الحيض ستّة أو سبعة أيّام و الباقي استحاضة،و اختيار الستّة أو السبعة موكول إليها،و إن كان الأحوط و الأجدر بها أن تحتاط في الشهر الأوّل من اليوم الثامن إلى العاشر و في الشهر الثاني من اليوم الرابع إلى السادس بالجمع بين تروك الحائض و وظائف المستحاضة.

الثالثة:أن يكون الدّم طيلة المدّة بصفة الاستحاضة،

ففي هذه الحالة تجعله استحاضة.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 104)


الرابعة:أن يكون الدّم مختلفا في لونه

بأن يكون في فترة من الزمن بلون الحيض و في فترة اخرى بلون الاستحاضة،ففي هذه الحالة تجعل ما بصفة الحيض حيضا شريطة أن لا يقلّ عن ثلاثة أيّام و لا يزيد على عشرة،و ما بصفة الاستحاضة استحاضة.

الخامسة:أن يكون الدّم في فترة من الزمن أسود و في فترة اخرى أصفر
و في فترة ثالثة عبيطا فقط

و في فترة رابعة فاسدا كذلك و في فترة حارّا و له دفع و في اخرى فاقدا لهذه الصفات،ففي هذه الحالة تجعل الدّم في الفترة الاولى حيضا شريطة توفّر الشروط العامّة للحيض فيه،و إلاّ تجعل ما تتوفّر فيه الشروط العامّة حيضا مع وجدانه صفة الحيض كالعبيط-مثلا-و مع عدم ذلك أيضا تجعله استحاضة في جميع هذه الفترات.

السادسة:أن يكون الدّم في فترة أسود من دون أن يكون له دفع أو
حرقة أو غير ذلك من صفات الحيض،

و في فترة اخرى أصفر يكون له دفع أو حرقة،ففي هذه الحالة اعتبرت الاولى حيضا شريطة أن لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام و لا يزيد على عشرة و الثاني استحاضة.

السابعة:أن يكون الدّم في فترة حارّا أصفر أو عبيطا أصفر و في فترة
اخرى باردا أصفر،

ففي هذه الحالة و إن كان الدّم في الفترة الاولى أقرب إلى الحيض من الدّم في الفترة الثانية إلاّ أنّ ترتيب أحكام الحيض عليه لا يخلو عن إشكال و الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة لا يترك.

المرأة المضطربة

و هي الّتي لا تستقيم لها عادة لا وقتا و لا عددا كالّتي ترى الدّم مرّة خمسة أيّام في العشرة الاولى من الشهر و مرّة اخرى ستّة أيّام في العشرة الأخيرة و ثالثة

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 105)


أربعة أيّام في العشرة الوسطى،

و لها حالات:
الحالة الاولى:أن لا يتجاوز دمها العشرة

ففي هذه الحالة إن كان الدّم بصفة الحيض اعتبرته حيضا شريطة أن لا يقلّ عن ثلاثة أيّام،و إلاّ اعتبرته استحاضة.

الحالة الثانية:أن يتجاوز العشرة،

ففي هذه الحالة إن كان الدّم طيلة المدّة بصفة الحيض تلجأ إلى العدد و تجعل الحيض ستّة أو سبعة أيّام حسب اختيارها.

الحالة الثالثة:أن يكون الدّم مختلفا في صفاتة

ففي فترة بلون الأسود أو الأحمر و في فترة اخرى بلون الأصفر أو يكون الاختلاف في القرب و البعد و الشدّة و الضعف على نحو ما مرّ في المبتدئة،و الحكم هو الحكم فيها.

و بذلك يظهر أنّ المضطربة تختلف عن المبتدئة في نقطة و هي أنّ المضطربة إذا لم تتمكّن من التمييز بالصفات ترجع إلى العدد مباشرة،بينما أنّ المبتدئة إذا لم تتمكّن من التمييز ترجع إلى عادة أقاربها،فإن لم تتمكّن من ذلك ترجع إلى العدد.

(مسألة 226):لا تحصل العادة المركّبة للحائض

و نقصد بها ما يلى:

امرأة رأت الدّم في الشهر الأوّل من أوّله إلى اليوم الخامس،و في الشهر الثاني من اليوم العاشر إلى اليوم الخامس عشر،و في الشهر الثالث في نفس الموعد من الشهر الأوّل،و في الشهر الرابع من نفس الموعد من الشهر الثاني، فيكون الدّم في الشهر الثالث مماثلا للدّم فى الشهر الأوّل وقتا و عددا،و في الشهر الرابع مماثلا للدّم في الشهر الثاني كذلك.نعم،إذا استمرّت هذه الطريقة بانتظام إلى مدّة تثق المرأة باستقرارها كعادة لها فحينئذ تصبح ذات عادة مركّبة،و لا مانع من العمل بها على أساس أنّها إذا أصبحت كعادة تؤدّي إلى الوثوق و الاطمئنان بالحيض.

و قد تسأل:أنّ العادة المركّبة إذا لم تحصل فهل هناك مانع من الحكم بأنّ

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 106)


ما رأته المرأة من الدّم في الشهر الثالث في نفس الموعد من الشهر الأوّل و ما رأته من الدّم في الشهر الرابع في نفس الموعد من الشهر الثاني حيض على أساس قاعدة الإمكان و إن لم يكن بصفة الحيض،أو فقل:إنّ هذا الدّم ليس بدم حيض بملاك العادة لعدم حصولها على الفرض و لا بملاك الصفة لفرض أنّه فاقد لها، و حيث إنّه يمكن أن يكون حيضا فلا مانع من الحكم بذلك بملاك قاعدة الإمكان؟

و الجواب:أنّه لا دليل على قاعدة الإمكان كقاعدة عامّة في باب الحيض؛ لأنّ الثابت في هذا الباب قاعدتان شرعيّتان:إحداهما العادة و الاخرى الصفات، فإنّ المرأة إذا كانت واثقة و متأكّدة بأنّ الدّم الّذي رأته دم حيض عملت ما تعمله الحائض،و إن لم تدر أنّه دم حيض أو استحاضة تلجأ إلى تطبيق إحدى هاتين القاعدتين الشرعيّتين لإثبات أنّه دم حيض،فإنّ الدّم إن كان في موعد العادة اعتبرته حيضا على أساس العادة سواء كان بلون الحيض أم بلون الاستحاضة،و إن لم يكن في موعد العادة فإن كان بصفة الحيض اعتبرته حيضا على أساس الصفات،و إن لم يكن بصفة الحيض اعتبرته استحاضة،فلذلك لا يبقى مجال في المقام للّجوء إلى قاعدة الإمكان،و بكلمة:أنّ المرأة الّتي رأت الدّم في الأشهر الأربعة بالكيفيّة المشار إليها لا تخلو إمّا أن تكون ذات عادة عدديّة أو تكون مضطربة أو مبتدئة،إمّا إذا كانت ذات العادة العدديّة فهي تلجأ إلى الصفات،فما كان بصفة الحيض تجعله حيضا و ما كان بصفة الاستحاضة تجعله استحاضة،و إذا تجاوز الدّم العشرة و كان الكلّ بلون الحيض تجعل أيّام عادتها حيضا و الباقي استحاضة،و إمّا المضطربة فهي أيضا ترجع إلى التمييز بالصفات إن أمكن،و إن لم يمكن كما إذا كان الدّم متجاوزا العشرة و كان بلون الحيض ترجع إلى العدد،و إمّا المبتدئة فوظيفتها ابتداء أيضا الرجوع إلى الصفات و إن لم يمكن فإلى عادة أقاربها،و إن لم يمكن ذلك أيضا فإلى العدد.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 107)


الفصل الثامن
في أحكام الحيض
(مسألة 227):يحرم على الحائض كلّ ما يحرم على الجنب

كمسّ كتابة القرآن و قراءة آيات السجدة و المرور و الاجتياز بالمسجدين الحرمين و التواجد فيهما و في سائر المساجد و غير ذلك ممّا تقدّم في مسائل الجنابة،كما لا يصحّ منها كلّ ما هو مشروط بالطهارة من العبادات كالصلاة و الصيام و الطواف و الاعتكاف.

(مسألة 228):يحرم على زوجها الاتّصال بها بالجماع،

كما يحرم عليها ذلك،و إذا عصى زوجها و غلبته الشهوة فوطأها أثم و لا كفّارة عليه و لا عليها، و أمّا وطؤها دبرا فلا يجوز مطلقا على الأحوط لا في حال الحيض و لا في حال الطهر،و لا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك،و إن كره بما تحت المئزر ممّا بين السرّة و الركبة،و إذا نقيت من الدّم جاز وطؤها و إن لم تغتسل،و لا يجب غسل فرجها قبل الوطء و إن كان أحوط و أولى.

(مسألة 229):إذا جامع الزوج زوجته في حال الحيض اجتمع عليها أثر
الحيض و أثر الجنابة،

فإذا اغتسلت من الجنابة حال الحيض صحّ غسلها و ارتفع أثر الجنابة و ظلّ أثر الحيض.

(مسألة 230):لا يصحّ طلاق الحائض و ظهارها،إذا كانت مدخولا بها

-و لو دبرا-و كان زوجها حاضرا أو في حكمه بمعنى أنّه يتمكّن من الاطّلاع عن حالها و أنّها في طهر أو حيض،فالحاضر إذا لم يتمكّن من الاطّلاع عن حالها كان في حكم الغائب،و أمّا إذا كان زوجها غائبا أو في حكمه أو كانت حاملا أو غير مدخول بها فيجوز طلاقها.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 108)


و أمّا إذا طلّقها على أنّها حائض فبانت طاهرة فهل يصحّ؟

و الجواب:إن كان على علم بأنّها حائض و بأنّ طلاق الحائض لا أثر له فالطلاق باطل،و إن كانت في طهر واقعا؛لأنّه مع العلم بأنّه باطل و لا أثر له لا يمكن أن يكون جادّا فيه،و إن كان جاهلا بأنّ النقاء من الحيض شرط في صحّة الطلاق فالطلاق صحيح،و إن كان على يقين بأنّها طاهرة و طلّقها ثمّ بان أنّها حائض فالطلاق باطل.

(مسألة 231):يجب الغسل من حدث الحيض لكلّ ما هو مشروط
بالطهارة من الحدث الأكبر،

و يستحبّ للكون على الطهارة،و هو كغسل الجنابة في الكيفيّة من الارتماس و الترتيب.و الظاهر أنّه يجزئ عن الوضوء كغسل الجنابة.

(مسألة 232):يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان بل
و المنذور في وقت معيّن على الأقوى،

و لا يجب عليها قضاء الصلاة اليوميّة و صلاة الآيات و المنذورة في وقت معيّن.

(مسألة 233):تصحّ من الحائض الطهارة من الحدث الأكبر غير الحيض،

فإذا كانت جنبا و اغتسلت عن الجنابة صحّ،و تصحّ منها الأغسال المندوبة، و كذلك الوضوء.

(مسألة 234):يستحبّ لها التحشّي و الوضوء في وقت كلّ صلاة واجبة،

و الجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة للّه تعالى،و الأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.

(مسألة 235):يكره لها الخضاب بالحنّاء أو غيرها،و حمل المصحف

و لمس هامشه و ما بين سطوره و تعليقه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 109)


المبحث الثالث
الاستحاضة
(مسألة 236):دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق

يخرج بلا لذع و حرقة،عكس دم الحيض،و ربّما كان بصفاته و لا يشترط فيه شيء من الشرائط العامّة للحيض المتقدّمة،و لهذا لا حدّ لكثيره و لا لقليله و لا للطهر المتخلّل بين أفراده،و يتحقّق قبل البلوغ و بعده و بعد اليأس،و هو ناقض للطهارة بخروجه، فإذا كانت المرأة على وضوء و خرج منها دم الاستحاضة و لو بمعونة القطنة بطل وضوؤها،و عليها أن تتطهّر بالغسل أو الوضوء على التفصيل الآتي،و إذا لم يظهر دم الاستحاضة و لم يبرز إلى الخارج و لو بالواسطة فلا أثر له حتّى لو تحرّك من مكانه إلى فضاء الفرج،فإنّ بقاءه في باطنه لا يكفي في بقاء حدثيّته.نعم،إذا خرج إلى الخارج و لو بالواسطة ثمّ انقطع و بقي في فضاء ذلك المكان الخاصّ كفى ذلك في بقاء حدثيّته و انتقاض الطهارة به،كما تقدّم في الحيض.

(مسألة 237):الاستحاضة على ثلاثة أقسام:قليلة،و متوسّطة و كثيرة.

الاولى:ما يكون الدّم فيها قليلا بحيث لا يغمس القطنة.

الثانية:ما يكون فيها أكثر من ذلك بأن يغمس القطنة و لا يسيل.

الثالثة:ما يكون فيها أكثر من ذلك بأن يغمسها و يسيل منها.

(مسألة 238):إذا شكّت المرأة المستحاضة أنّ استحاضتها هل هي الصغرى أو الوسطى

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 110)


فهل يجب عليها الاختبار لمعرفتها لكي تعمل عملها إن أمكن و إلاّ فالاحتياط؟

و الجواب:الأقرب وجوب الاختبار،و إذا لم يمكن فعليها الاحتياط بأن تغتسل ثمّ تتوضّأ فتصلّي،و أمّا إذا دار أمرها بين الوسطى و الكبرى فيجب عليها الاختبار أيضا إن أمكن و إلاّ فالاحتياط،مثال ذلك:امرأة رأت الدّم بصفة الاستحاضة قبل صلاة الفجر-مثلا-و لكن لا تدري أنّ استحاضتها الوسطى أو الكبرى فإن كانت الوسطى فوظيفتها أن تغتسل و تتوضّأ لصلاة الفجر،و إن كانت الكبرى فوظيفتها إن تغتسل و تصلّي الفجر و لا وضوء عليها، فتعلم المستحاضة حينئذ إجمالا إمّا بوجوب الغسل عليها أو الوضوء،و مقتضى هذا العلم الإجماليّ تكرار الصلاة مرّة مع الوضوء و اخرى مع الغسل لاحتمال انتهاء مفعول الوضوء لو أتت المستحاضة به أوّلا ثمّ الغسل و احتمال انتهاء مفعول الغسل لو أتت به أوّلا ثمّ الوضوء.

(مسألة 239):حكم المستحاضة بالاستحاضة القليلة

تبديل القطنة و تطهير ظاهر المكان المعهود إذا تنجّس و إلاّ فلا موجب للتبديل،و وجوب الوضوء لكلّ صلاة فريضة دون أجزائها المنسيّة و صلاة الاحتياط،و أمّا الوضوء للنوافل فهو لا يخلو عن إشكال و إن كان لا بأس به احتياطا.

(مسألة 240):حكم المرأة المستحاضة بالاستحاضة المتوسّطة

تبديل القطنة و تطهير ظاهر المكان إذا تنجّس و غسل واحد و الوضوء لكلّ صلاة، و الأقرب أن يكون الوضوء بعد الغسل،و إذا أصبحت المرأة مستحاضة بالاستحاضة الوسطى قبل صلاة الفجر وجب عليها أن تغتسل لصلاة الفجر ثمّ تتوضّأ فتصلّي،و إن لم تغتسل لصلاة الصبح لسبب أو آخر فعليها أن تغتسل لصلاة الظهرين،و هكذا كما أنّ عليها إعادة الصبح،و إذا أصبحت المرأة

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 111)


مستحاضة بالاستحاضة الوسطى بعد صلاة الصبح وجب عليها أن تغتسل ثمّ تتوضّأ فتصلّي الظهرين،و إذا أصبحت المرأة مستحاضة كذلك بعد صلاتي الظهر و العصر وجب عليها أن تغتسل ثمّ تتوضّأ فتصلّي العشاءين،و إذا استمرّت الاستحاضة الوسطى إلى اليوم الثاني وجب الغسل قبل صلاة الصبح من اليوم الثاني سواء كانت في اليوم الأوّل اغتسلت صباحا أو ظهرا أو مغربا أم لم تغتسل.

(مسألة 241):حكم المرأة المستحاضة بالاستحاضة الكثيرة

تبديل القطنة و تطهير ظاهر المكان و الغسل لصلاة الصبح و الغسل لصلاتي الظهرين شريطة أن تجمع بينهما و الغسل لصلاتي العشاءين كذلك.

و قد تسأل:هل تكفي أغسال الفرائض للنوافل؟

و الجواب:الأقرب عدم الكفاية.

و هل تصحّ النوافل بأغسال مستقلّة؟

و الجواب:أنّ مشروعيّة الأغسال لها في حال استمرار حدث الاستحاضة لغير الفرائض اليوميّة لا تخلو عن إشكال،و لا بأس بالاحتياط.

(مسألة 242):إذا صارت المرأة مستحاضة بالاستحاضة الكبرى بعد
صلاة الصبح

وجب عليها غسل للظهرين شريطة أن تجمع بينهما و آخر للعشاءين كذلك،و إذا حدثت بعد الظهرين وجب عليها غسل واحد للعشاءين إذا جمعت بينهما،و إذا حدثت بعد صلاة الظهر و قبل صلاة العصر أو حدثت بعد صلاة المغرب و قبل صلاة العشاء وجب عليها الغسل للصلاة المتأخّرة.

(مسألة 243):إذا انقطع دم الاستحاضة و أصبحت المرأة نقيّة منه قبل
الأعمال من وضوء أو غسل

وجب عليها أن تقوم بتلك الأعمال،و كذلك إذا

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 112)


انقطع الدّم أثناء عمليّة الطهارة أو أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها إذا كان الوقت متّسعا للطهارة و الصلاة،فإنّه يجب عليها في كلّ تلك الحالات أن تستأنف و تعيد الطهارة و الصلاة.

(مسألة 244):إذا علمت المستحاضة أنّ لها فترة تسع الطهارة و الصلاة

وجب تأخير الصلاة إليها،و إذا صلّت قبلها بطلت صلاتها،و لو مع الوضوء و الغسل،و إذا كانت الفترة في أوّل الوقت فأخّرت الصلاة عنها-عمدا-عصت، و عليها الصلاة بعد فعل وظيفتها،و أمّا إذا أخّرت الصلاة عنها نسيانا أو لعذر آخر فلا إثم،و لكن عليها أن تؤدّي عمليّة الطهارة على الوجه المقرّر لها شرعا و تصلّي،و إذا لم تكن المرأة على علم بهذه الفرصة فصلّت وفقا لوظيفتها ثمّ انقطع الدّم لأمد معيّن يتّسع للطهارة و الصلاة وجب عليها أن تقوم بعمليّة الطهارة من جديد و تصلّي.

(مسألة 245):إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء و قامت المرأة بعمليّة
الطهارة اللازمة عليها،

لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة إذا كان الوقت متّسعا بل حكمها-حينئذ-حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة.

(مسألة 246):إذا اغتسلت المستحاضة الكثيرة لصلاة الظهرين و لم تجمع
بينهما عمدا أو لعذر

وجب عليها تجديد الغسل للعصر،و كذا الحكم في العشاءين.

(مسألة 247):إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى
المتوسّطة أو إلى الكثيرة،و كالمتوسّطة إلى الكثيرة،

فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال في أنّها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية،أمّا الصلاة الّتي فعلتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها،و إن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف و عمل الأعمال الّتي هي وظيفة الأعلى كلّها،و كذا إذا

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 113)


كان الانتقال في أثناء الصلاة فتعمل أعمال الأعلى و تستأنف الصلاة،بل يجب الاستئناف حتّى إذا كان الانتقال من المتوسّطة إلى الكثيرة،فيما إذا كانت المتوسّطة محتاجة إلى الغسل و أتت به،فإذا اغتسلت ذات المتوسّطة للصبح،ثمّ حصل الانتقال أعادت الغسل،حتّى إذا كان في أثناء الصبح،فتعيد الغسل، و تستأنف الصبح،و إذا ضاق الوقت عن الغسل تيمّمت بدل الغسل و صلّت،و إذا ضاق الوقت عن ذلك أيضا فالأحوط وجوبا الاستمرار على عملها ثمّ القضاء.

(مسألة 248):إذا تحوّلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى فلها حالات:

الاولى:إذا تحوّلت من الكبرى إلى الصغرى عند صلاتي الظهرين و قبل أن تقوم بعمليّة الطهارة و الصلاة ففي هذه الحالة كما يجب عليها أن تغتسل من حدث الاستحاضة الكبرى لغاية الصلاة،كذلك يجب عليها الوضوء لها بملاك أنّها مستحاضة بالاستحاضة الصغرى فعلا و وظيفتها الوضوء لكلّ صلاة.

الثانية:إذا تحوّلت من الكبرى إلى الصغرى في أثناء قيامها بعمليّة الطهارة أو الصلاة،ففي هذه الحالة إن كان التحوّل أثناء عمليّة الغسل لم تبطل و عليها الاستمرار بها،و إن كان التحوّل أثناء الصلاة بطلت بالحدث الأصغر و هو الاستحاضة الصغرى.

الثالثة:إذا تحوّلت من الكبرى إلى الوسطى قبل أن تقوم بما يجب عليها من الأعمال كعمليّة الطهارة و الصلاة،ففي هذه الحالة يجب عليها أن تغتسل من جهة حدث الاستحاضة الكبرى،و تغتسل ثمّ تتوضّأ بلحاظ وظيفتها الحاليّة و هي الاستحاضة الوسطى.

الرابعة:إذا تحوّلت في أثناء العمل،فإن كان في أثناء الغسل استمرّت به إلى أن يتمّ،ثمّ اغتسلت بلحاظ وظيفتها الحاليّة و هي الاستحاضة الوسطى قبل

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 114)


الصلاة،و توضّأت بعد ذلك و تصلّي،و إن كان في أثناء الصلاة بطلت صلاتها.

(مسألة 249):قد عرفت أنّه يجب عليها المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء
و الغسل،

لكن يجوز لها الإتيان بالأذان و الإقامة و الأدعية المأثورة و ما تجري العادة بفعله قبل الصلاة،أو يتوقّف فعل الصلاة على الإتيان به و لو من جهة لزوم العسر و المشقّة بدونه مثل الذهاب إلى المصلّى،و تهيئة المسجد،و نحو ذلك، و كذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبّات في الصلاة كالقنوت،فإذا تسامحت و تماهلت و لم تبادر إلى الصلاة و تأخّرت وجب عليها أن تعيد عمليّة الطهارة من جديد و تبادر إلى الصلاة.

(مسألة 250):الظاهر أنّ صحّة الصوم من المستحاضة بالاستحاضة
الكبرى تتوقّف على فعل الأغسال النهاريّة

كالغسل لصلاة الصبح و الغسل لصلاة الظهرين،و أمّا توقّفها على غسل الليلة الماضية فيكون مبنيّا على الاحتياط، و أمّا في المتوسّطة و القليلة فيصحّ صومها سواء قامت بعمليّة الوضوء أو الغسل أم لا،و إذا اغتسلت المستحاضة بالاستحاضة الكبرى أو الوسطى جاز لزوجها أن يقاربها و لا يقاربها من دون ذلك،و أمّا دخول المساجد و قراءة العزائم، فالظاهر جوازهما مطلقا،و لا يجوز لها مسّ المصحف قبل الغسل و الوضوء، و إنّما يجوز بعدهما أثناء الصلاة فقط،و أمّا بعدها فلا يجوز أيضا.

(مسألة 251):يجب على المرأة المستحاضة التحفّظ من خروج الدّم
بحشو المكان المعهود بقطنة و شدّه بخرقة و نحو ذلك،

فإذا لم تفعل ذلك و خرج الدّم و تلوّث ظاهر ذلك المكان و أطرافه و صلّت في هذه الحالة بطلت صلاتها، و أمّا غسلها فلا موجب لبطلانه إلاّ إذا أخّرت الصلاة بعده فإنّه حينئذ ينتهي مفعوله و لا بدّ عندئذ من إعادته مرّة اخرى.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 115)


المبحث الرابع
النفاس
(مسألة 252):دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها،

على نحو يعلم استناد خروج الدّم إليها،و لا حدّ لقليله على إشكال،و الأحوط إذا كان الدّم أقلّ من ثلاثة أيّام أن تجمع بين أحكام النفساء و وظائف المستحاضة،و إذا مضت عشرة أيّام من تأريخ الولادة و لم تر فيهنّ دما فلا نفاس حتّى و لو رأت بعد العشرة دما كثيرا،و أقصى حدّ النفاس عشرة أيّام من حين رؤية الدّم لا من تأريخ الولادة،و على ذلك فإذا لم تر المرأة الدّم إلاّ في اليوم السادس-مثلا-كان اليوم السادس هو اليوم الأوّل من الأيّام العشرة الّتي هي الحدّ الأقصى للنفاس،و تكون نهايتها بنهاية اليوم السابع عشر من تأريخ الولادة.

و لا يعتبر فصل أقلّ الطهر بين النفاسين،كما إذا ولدت توأمين و قد رأت الدّم عند كلّ منهما بل النقاء المتخلّل بينهما طهر،و لو كان لحظة،بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين أصلا،كما إذا ولدت و رأت الدّم إلى عشرة،ثمّ ولدت آخر على رأس العشرة،و رأت الدّم إلى عشرة اخرى فالدّمان جميعا نفاسان متواليان،و إذا لم تر الدّم حين الولادة،و رأته قبل العشرة،و انقطع عليها،فذلك الدّم نفاسها،و إذا رأته حين الولادة،ثمّ انقطع،ثمّ رأته قبل العشرة،و انقطع عليها،فالدّمان نفاس،و أمّا النقاء المتخلّل بينهما فلا يبعد أن يكون طهرا و إن كان الأحوط و الأجدر أن تحتاط بالجمع بين تروك النفساء و أعمال الطاهرة.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 116)


(مسألة 253):إذا رأت المرأة الحامل الدّم قبل ظهور الولد

فإن كانت واثقة و متأكّدة بأنّه من دم الحيض عملت ما تعلمه الحائض،بلا فرق بين أن يكون منفصلا عن الولادة بعشرة أيّام أو أقلّ أو أكثر أو يكون متّصلا بها،إذ لا يعتبر أن يفصل بين دم الحيض و دم النفاس عشرة أيّام جزما،و إن قلنا باعتبارها بين حيضتين،و إذا لم تدر بأنّه دم حيض أو دم استحاضة فإن كان بصفة الحيض و في أيّام العادة اعتبرته حيضا و تتأكّد من ذلك باستمراره ثلاثة أيّام،و إن لم يكن بصفة الحيض و لا في أيّام العادة اعتبرته استحاضة.

و إن كان بصفة الحيض و لم يكن في أيّام العادة أو كان في أيّام العادة و لكن من دون صفة الحيض فهل تعتبره حيضا؟

و الجواب:أنّ عليها أن تحتاط كما مرّ.

(مسألة 254):المرأة النفساء تقسم حسب الحالات الطارئة عليها في
الحيض على أقسام:

القسم الأوّل:ذات عادة عدديّة.

القسم الثاني:ناسية للعدد.

القسم الثالث:مضطربة.

القسم الرابع:مبتدئة.

القسم الأوّل:امرأة كانت أيّام عادتها أقلّ من العشرة اعتبرت أيّام
العادة نفاسا،

و حينئذ فإن استمرّ بها الدّم و تجاوز عن تلك الأيّام،فإن كانت واثقة بانقطاعه دون العشرة اعتبرت الدّم نفاسا في تمام الأيّام،و إن كانت واثقة بتجاوزه العشرة أنهت نفاسها و اغتسلت و اعتبرت نفسها مستحاضة،و إن

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 117)


احتملت استمراره إلى ما بعد العشرة أضافت يومين أو أكثر إلى نفاسها حسب اختيارها شريطة أن لا يزيد المجموع على عشرة،و اعتبرت نفسها بعد ذلك مستحاضة،على ما تقدّم في باب الحيض من أنّ الاستظهار بيوم واحد واجب، و بالزائد عليه مستحبّ،و لا فرق في ذلك بين الحائض و النفساء،و إن كانت أيّام عادتها عشرة فتقعد الأيّام العشرة كلّها إذا استمر الدّم إلى العشرة.

القسم الثاني:امرأة كانت تعلم بأنّ عدد أيّام عادتها أقلّ من عشرة
و لكنّها نسيت أنّها خمسة أو ستّة مثلا،

فحينئذ إن كانت واثقة بعدم تجاوزه عن العشرة اعتبرت الجميع نفاسا،و إن كانت واثقة بتجاوزه عنها جعلت أكبر الاحتمالات نفاسا و هو ستّة أيّام في المثال،و إن لم تثق لا بالانقطاع و لا بعدمه أضافت إلى أكبر الاحتمالات يومين أو أكثر على الشرط المتقدّم،و إن كانت لا تعلم بذلك أيضا و لا تدري أنّ عدد أيّامها ستّة أو سبعة أو أكثر حتّى العشرة، فحينئذ إذا تجاوز الدّم العشرة جعلت الدّم نفاسا في تمام الأيّام العشرة؛لأنّها أكبر الاحتمالات في أيّام عادتها.

القسم الثالث:امرأة مضطربة،فإذا نفست و رأت الدّم بعد الولادة

فحينئذ إن لم يتجاور العشرة جعلت الكلّ نفاسا،و إن تجاوز العشرة اعتبرت نفسها نفساء في جميع العشرة و الباقي استحاضة و لا ترجع إلى العدد.

القسم الرابع:امرأة مبتدئة،

فإذا رأت الدّم بالولادة،فعندئذ إن لم يتجاوز الدّم العشرة جعلته كلّه نفاسا،و إن تجاوز العشرة فهل عليها أن ترجع إلى عادة أقاربها و إن لم يمكن ذلك فإلى العدد أو لا؟

و الجواب:الظاهر أنّها لا ترجع إلى عادة أقاربها بل تعتبر نفسها نفساء في كلّ الأيّام العشرة،و الزائد عليها استحاضة،و بكلمة إذا استمرّ الدّم بالنفساء

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 118)


و تجاوز العشرة فإن كانت ذات عادة عدديّة اعتبرت أيّام عادتها نفاسا و الباقي استحاضة،و إن لم تكن ذات عادة عدديّة كالمضطربة و المبتدئة جعلت الأيّام العشرة كلّها نفاسا.

(مسألة 255):إذا استمرّ الدّم بالنفساء مدّة طويلة إلى شهر أو شهرين
و عملت عمل المستحاضة فكيف تصنع بعادتها الشهريّة؟

و متى تعرف أنّ عادتها الشهريّة قد جاءتها بعد نفاسها؟

و الجواب:أنّ هذه المرأة تلجأ في هذه الحالة إمّا إلى قاعدة العادة إذا كانت ذات عادة وقتيّة أو إلى قاعدة الصفات.

فعلى الأوّل تعتبر الدّم في أيّام عادتها حيضا و إن لم يكن بلون الحيض.

و على الثاني تعتبره حيضا إذا كان بصفة الحيض،و إلاّ تعتبره استحاضة، و إذا لم تكن المرأة ذات عادة وقتيّة و رأت الدّم و تجاوز العشرة،فحينئذ إن كان الدّم كلّه بصفة الاستحاضة اعتبرته كلّه استحاضة،و إن كان كلّه بصفة الحيض تجعل حيضها في كلّ شهر ستّة أو سبعة أيّام حسب اختيارها إذا كانت مضطربة، و أمّا إذا كانت متبدئة فهي ترجع أوّلا إلى عادة أقاربها،و إن لم يمكن فإلى العدد على تفصيل تقدّم.

(مسألة 256):المرأة النفساء إذا رأت دما بعد الولادة

فإن كانت ذات عادة عدديّة و تجاوز الدّم أيّام عادتها،و حينئذ فإن انقطع الدّم قبل العشرة اعتبرت الدّم كلّه نفاسا بقاعدة الإمكان،و إن تجاوز الدّم العشرة فإن كان في موعد العادة الوقتيّة اعتبرته حيضا،و إن لم تمر بها فترة طهر و سلامة من الدّم لا تقلّ عن عشرة أيّام،و إن لم يكن في أيّام العادة فإن كان بصفة الاستحاضة تعتبره استحاضة،و إن كان بصفة الحيض فإن مرّت بها فترة طهر لا تقلّ عن

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 119)


عشرة أيّام تعتبره حيضا بقاعدة الصفات،و إن لم تمر بها تلك الفترة من زمن انقطاع نفاسها تحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة.

و قد تسأل:هل يجوز للنفساء أن تلتجئ إلى قاعدة الإمكان عند الشكّ و قابليّة الدّم للنفاس؟

و الجواب:يجوز لها ذلك و بذلك تفترق النفساء عن الحائض،فإنّ الحائض في مقام الشكّ في حيضيّة الدّم تلجأ إلى إحدى القاعدتين:

الاولى:قاعدة العادة و تعتبر ما في العادة حيضا و إن لم يكن بصفة الحيض.

الثانية:قاعدة الصفات،و تعتبر ما بصفة الحيض حيضا دون غيره.و لا يبقى مجال للّجوء إلى قاعدة الإمكان؛لأنّ المرأة إذا رأت الدّم و كان واجدا للشروط العامّة للحيض و شكّت في أنّه حيض أو لا،فإن كان في وقت العادة كان حيضا،و إن لم يكن في وقت العادة،فإن كان بصفة الحيض كان حيضا، و إن لم يكن بصفة الحيض كان استحاضة،فلا يبقى لها شكّ لكي تلتجئ في علاجه إلى قاعدة الإمكان.

و أمّا النفساء فهي في مقام الشكّ و التحيّر تلجأ إلى قاعدة الإمكان دون الصفات؛لأنّه لا معيار لها في باب النفاس،مثال ذلك:امرأة نفساء ذات عادة عدديّة و رأت الدّم بعد الولادة و تجاوز أيّام عادتها و انقطع على العشرة،و في هذه الحالة تعتبر الدّم في أيّام عادتها نفاسا،و إذا شكّت في الدّم الزائد على العادة تعتبر الزائد أيضا نفاسا على أساس قاعدة الإمكان حيث لا اعتبار للصفات فيه.

مثال آخر امرأة نفساء رأت الدّم بعد الولادة بخمسة أيّام و استمرّ الدّم و تجاوز العشرة من تأريخ الولادة و انقطع في اليوم الخامس عشر بعد الولادة، و في هذه الحالة إذا شكّت في أنّ الدّم المتجاوز عن العشرة من تأريخ الولادة هل

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 120)


هو نفاس؟فلها أن تلجأ إلى قاعدة الإمكان و تعتبره نفاسا؛بناء على ما هو الصحيح من أنّ مبدأ النفاس من تأريخ رؤية الدّم و أقصاه عشرة أيّام.نعم،إنّ إمكان كون الدّم الّذي إذا رأته المرأة بعد الولادة نفاسا إلى عشرة أيّام يكون من تأريخ الولادة،بمعنى أنّ المرأة إذا رأت الدّم بالولادة بعد ثمانية أو تسعة أيّام-مثلا- من تأريخ الولادة اعتبرته نفاسا،و إذا استمرّ هذا الدّم إلى عشرة أيّام ثمّ انقطع فبإمكانها أن تعتبره في الأيّام العشرة كلّها نفاسا،و إذا رأت الدّم بعد تجاوز عشرة أيّام من تأريخ ولادتها لم يكن بإمكانها أن تعتبره نفاسا بل هو استحاضة.

(مسألة 257):إذا رأت الدّم في اليوم الأوّل من الولادة،ثمّ انقطع،ثمّ
عاد في اليوم العاشر من الولادة أو قبله،

ففيه صورتان:

الاولى:أن لا يتجاوز الدّم الثاني اليوم العاشر من أوّل رؤية الدّم،ففي هذه الصورة كان الدّم الأوّل و الثاني كلاهما نفاسا على الأحوط،و أمّا النقاء المتخلّل بينهما فلا يبعد طهره،و إن كان الأحوط و الأجدر أن تجمع فيه بين تروك النفساء و أعمال الطاهرة.

الثانية:أن يتجاوز الدّم الثاني اليوم العاشر من أوّل رؤية الدّم،و هذا على أقسام:

1-أن تكون المرأة ذات عادة عدديّة في حيضها،و قد رأت الدّم الثاني في زمان عادتها،ففي هذه الصورة كان الدّم الأوّل و ما رأته في أيّام العادة تعتبره نفاسا على ما مرّ دون النقاء المتخلّل بينهما،و ما زاد على العادة استحاضة،مثال ذلك امرأة كانت عادتها في الحيض سبعة أيّام،فرأت الدّم حين ولادتها يومين فانقطع،ثمّ رأته في اليوم السادس و استمرّ إلى أن تجاوز اليوم العاشر من حين الولادة،تعتبر اليومين الأوّلين و اليوم السادس و السابع نفاسا،و تحتاط في النقاء

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 121)


المتخلّل استحبابا،و ما زاد على اليوم السابع فهو استحاضة.

2-أن تكون المرأة ذات عادة،و لكنّها لم تر الدّم الثاني حتّى انقضت مدّة عادتها فرأت الدّم و تجاوز اليوم العاشر،ففي هذه الصورة تعتبر نفاسها الدّم الأوّل،و تجعل الدّم الثاني استحاضة،و يجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء المتخلّل.

3-أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها كالمضطربة أو المبتدئة و رأت الدّم الثاني و استمرّ و تجاوز العشرة،ففي هذه الصورة تجعل نفاسها الأيّام العشرة كلّها.

ثمّ إنّ ما ذكرناه في الدّم الثاني يجري في الدّم الثالث و الرابع و هكذا،مثال ذلك المرأة إذا رأت الدّم في اليوم الأوّل و الرابع و السادس،و لم يتجاوز اليوم العاشر،اعتبرت هذه الدّماء كلّها نفاسا،و حكم النقاء المتخلّل بينها يظهر ممّا سبق،و إذا تجاوز الدّم اليوم العاشر في هذه الصورة،و كانت عادتها في الحيض تسعة أيّام،اعتبرت نفاسها اليوم الأوّل و الرابع و السادس إلى اليوم التاسع،و ما زاد استحاضة،و إذا كانت عادتها خمسة أيّام اعتبرت نفاسها اليوم الأوّل و الرابع و احتاطت في اليوم السادس إلى اليوم العاشر بالجمع بين الامتناع عمّا كانت النفساء ممتنعة عنه و العمل بما كانت المستحاضة ملزمة بالعمل به،و اعتبرت الباقي استحاضة.

(مسألة 258):النفساء بحكم الحائض،في الاستظهار عند تجاوز الدّم
أيّام العادة،

و في لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدّم،و تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة،و يحرم وطؤها،و لا يصحّ طلاقها.و المشهور أنّ أحكام الحائض من الواجبات،و المحرّمات،و المستحبّات،و المكروهات تثبت للنفساء أيضا، و لكنّ جملة من الأفعال الّتي كانت محرّمة على الحائض تشكل حرمتها على

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 122)


النفساء،و إن كان الأحوط لزوما أن تجتنب عنها،و هذه الأفعال كما يلى:

1-قراءة الآيات الّتي تجب فيها السجدة.

2-الدّخول في المساجد بغير قصد العبور.

3-المكث في المساجد.

4-وضع شيء فيها.

5-دخول المسجد الحرام و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لو كان بقصد العبور.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 123)


المبحث الخامس
غسل الأموات

و فيه فصول:

الفصل الأوّل
في أحكام الاحتضار
(مسألة 259):يجب كفاية على الأحوط لزوما توجيه المحتضر إلى القبلة،

بأن يلقى على ظهره،و يجعل وجهه و باطن رجليه إليها،بل الأحوط لزوما وجوب ذلك على المحتضر نفسه إن أمكنه ذلك.و يعتبر في توجيه غير الوليّ إذن الوليّ على الأحوط وجوبا،و ذكر العلماء قدس سرّهم أنّه يستحبّ نقله إلى مصلاّه إن اشتدّ عليه النزع،و تلقينه الشهادتين،و الإقرار بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام،و سائر الاعتقادات الحقّة،و تلقينه كلمات الفرج،و يكره أن يحضره جنب أو حائض، و أن يمسّ حال النزع،و إذا مات يستحبّ أن تغمض عيناه،و يطبق فوه،و يشدّ لحياه،و تمدّ يداه إلى جانبيه،و ساقاه،و يغطّى بثوب،و أن يقرأ عنده القرآن، و يسرج في المكان الّذي مات فيه إن مات في الليل،و إعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته،و يعجّل تجهيزه،إلاّ إذا شكّ في موته،فينتظر به حتّى يعلم موته،و يكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره،و أن يترك وحده.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 124)


الفصل الثاني
في الغسل

تجب إزالة النجاسة عن جميع بدن الميّت قبل الشروع في الغسل على الأحوط الأولى،و الأقوى كفاية إزالتها عن كلّ عضو قبل الشروع فيه،بل الأظهر كفاية الإزالة بنفس الغسل إذا لم يتنجّس الماء بملاقاة المحلّ.

ثمّ إنّ الميّت يغسّل ثلاثة أغسال:

الأوّل:بماء السدر.

الثاني:بماء الكافور.

الثالث:بماء القراح.

كلّ واحد منها كغسل الجنابة الترتيبيّ و لا بدّ فيه من تقديم الأيمن على الأيسر،و من النيّة على ما عرفت في الوضوء.

(مسألة 260):إذا كان المغسّل غير الوليّ

فلا يجوز له أن يزاحم الوليّ، و أمّا إذا لم يكن مزاحما له فهل يجب عليه أن يستأذن منه؟

و الجواب:أنّ عدم الوجوب غير بعيد،و إن كان الأحوط و الأجدر الاستئذان من الزوج بالنسبة إلى الزوجة،ثمّ المالك،ثمّ الطبقة الاولى في الميراث و هم الأبوان و الأولاد،ثمّ الثانية و هم الأجداد و الإخوة،ثمّ الثالثة و هم الأعمام و الأخوال،ثمّ المولى المعتق،ثمّ ضامن الجريرة،ثمّ الحاكم الشرعيّ.

(مسألة 261):البالغون في كلّ طبقة مقدّمون على غيرهم،

و الذكور مقدّمون على الإناث،و في تقديم الأب في الطبقة الاولى على الأولاد و الجدّ على

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 125)


الأخ،و الأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما،و الأخ من الأب على الأخ من الامّ،و العمّ على الخال،إشكال،و الأحوط الأولى الاستئذان من الطرفين.

(مسألة 262):إذا تعذّر استئذان الوليّ لعدم حضوره مثلا،

أو امتنع عن الإذن و عن مباشرة التغسيل سقط إذنه،و وجب تغسيله على غيره و لو بلا إذن.

(مسألة 263):إذا أوصى أن يغسّله شخص معيّن لم يجب عليه القبول،

لكن إذا قبل و لبّى لم يحتج إلى إذن الوليّ،بل لا يجوز للوليّ أن يزاحمه في تنفيذ الوصيّة،و إذا أوصى أن يتولّى تجهيزه شخص معيّن جاز له الردّ في حياة الموصي، و إذا لم يرد إلى أن مات الموصي لم يكن له أن يرد حينئذ،و إذا قبل ذلك لم يجب عليه أن يستأذن من الوليّ،بل لا يسمح للوليّ أو غيره في مباشرة التجهيز من دون إذن الوصيّ.

شروط الغسل

و هي امور:

الأوّل:النيّة بعناصرها الثلاثة:

1-نيّة القربة بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه.

2-نيّة الإخلاص،و نعني بذلك عدم الرياء.

3-قصد الاسم الخاصّ له المميّز له شرعا،و لو تعاون اثنان أو أكثر على الغسل فالمعتبر نيّة من باشر الغسل بالذات و استند إليه العمل بحيث يعدّ عرفا هو الغاسل واحدا كان أو أكثر،و أخذ من يقوم بغسل الميّت الاجرة لا يتنافى مع نيّة القربة إذا كان ثمنا لماء الغسل و اجرة على تنظيف بدنه و غير ذلك،بل لا مانع من أخذ الاجرة على الغسل،و إن كان الأحوط تركه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 126)


الثاني:طهارة الماء.

الثالث:إباحته.

الرابع:إباحة السدر و الكافور.

و أمّا الفضاء الّذي يشغله الغسل،و مجرى الغسالة و السدّة الّتي يغسل عليها فمع عدم الانحصار يصحّ الغسل عليها،أمّا معه فيسقط الغسل،لكن إذا غسل حينئذ صحّ الغسل،و كذلك التفصيل في ظرف الماء إذا كان مغصوبا.

(مسألة 264):يجزئ تغسيل الميّت قبل برده.
(مسألة 265):إذا تعذّر السدر و الكافور

فالأحوط وجوبا الجمع بين التيمّم بدلا عن كلّ من الغسل بماء السدر،و الكافور،و بين تغسيله ثلاث مرّات بالماء القراح،و ينوي بكلّ منهما البدليّة عن الغسل بالسدر و الكافور.

(مسألة 266):يعتبر في كلّ من السدر و الكافور،أن لا يكون كثيرا
بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة،

و لا قليلا بحيث لا يصدق أنّه مخلوط بالسدر و الكافور،و يعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس أن يكون فيه شيء منهما إذا لم يصدق الخلط،و لا فرق في السدر بين اليابس،و الأخضر.

(مسألة 267):إذا تعذّر الماء،أو خيف تناثر لحم الميّت بالتغسيل

ييمّم ثلاث مرّات،ينوي بواحد منها ما في الذمّة.

(مسألة 268):يجب على الأحوط الجمع بين التيمّم بيد الحيّ و التيمّم
بيد الميّت.
(مسألة 269):يشترط في الانتقال إلى التيمّم الانتظار

إذا احتمل تجدّد

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 127)


القدرة على التغسيل،فإذا حصل اليأس جاز التيمّم،لكن إذا اتّفق تجدّد القدرة قبل الدّفن وجب التغسيل،و إذا تجدّدت بعد الدّفن و خيف على الميّت من الضرر أو الهتك لم يجب الغسل،و إلاّ فالأظهر وجوب النبش و الغسل،و كذا الحكم فيما إذا تعذّر السدر أو الكافور.

(مسألة 270):إذا تنجّس بدن الميّت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة
خارجيّة أو منه

وجب تطهيره و لو بعد وضعه في القبر.نعم،لا يجب ذلك بعد الدّفن.

(مسألة 271):إذا خرج من الميّت بول أو منيّ،لا تجب إعادة غسله،

و لو قبل الوضع في القبر.

(مسألة 272):يجوز أخذ الاجرة على تغسيل الميّت على الأظهر،

و لكنّ الأحوط تركه.

شروط المغسّل

و هي امور:

الأوّل:البلوغ،

فلا يجزئ غسل الميّت من الصبيّ حتّى و إن كان تغسيله على الوجه الصحيح،و لا يمكن للبالغين الاكتفاء به.

الثاني:العقل،

فلا يصحّ غسل المجنون.

الثالث:الإسلام،

فلا يجزئ الغسل من الكافر،فإذا كان الميّت مؤمنا غسله المؤمنون و لا يجزئ غسل غير المؤمن على الأحوط،و إن كان الإجزاء غير بعيد.

الرابع:المماثلة،

بين الميّت و الغاسل في الذكورة و الانوثة،فلا يجوز تغسيل الذكر للانثى،و لا العكس،و يستثنى من ذلك صور:

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 128)


الاولى:أن يكون الميّت صبيّا و إن تجاوز ثلاث سنين،فيجوز للذكر و للانثى تغسيله مطلقا حتّى مع وجود المماثل و مجرّدا عن الثياب،و أمّا جواز غسل الرجل الصبيّة فهو لا يخلو عن إشكال مع وجود المماثل.

الثانية:الزوج و الزوجة،فإنّه يجوز لكلّ منهما تغسيل الآخر،سواء أ كان مجرّدا أم من وراء الثياب،و سواء وجد المماثل أم لا،من دون فرق بين الحرّة و الأمة،و الدائمة و المنقطعة،و كذا المطلّقة الرجعيّة إذا كان الموت في أثناء العدّة، و الأحوط لو لم يكن أظهر عدم جواز نظر كلّ منهما إلى عورة الآخر.

الثالثة:المحارم بنسب أو رضاع أو مصاهرة و الأحوط وجوبا اعتبار فقد المماثل المؤمن،و كونه من وراء الثياب،و المراد بالمحارم هنا من يحرم التزاوج فيما بين بعضهم البعض تحريما مؤبّدا على أساس نسب أو رضاع أو مصاهرة.

(مسألة 273):إذا اشتبه ميّت بين الذكر و الانثى،

يقوم كلّ من الذكر و الانثى بغسله من وراء الثياب،و إذا لم يتوفّر المماثل المؤمن يغسّله مسلم مماثل و إن كان مختلفا معه في الإيمان.

(مسألة 274):إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابيّ،

أمره المسلم أن يتطهّر بالماء و يغتسل ثمّ يغسّل الميّت حسب إرشاد المؤمن العارف،و يتولّى النيّة على الأحوط كلّ من الآمر و المغسّل،و لا فرق في ذلك بين تغسيله بالماء المعتصم كالكرّ و الجاري أو بالماء القليل،و إذا وجد المماثل المؤمن أو المسلم بعد ذلك أعاد التغسيل.

(مسألة 275):إذا لم يوجد المماثل حتّى المخالف و الكتابيّ،

سقط الغسل، و لكنّ الأحوط استحبابا تغسيل المؤمن غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس و نظر،ثمّ ينشّف بدنه بعد التغسيل و قبل التكفين.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 129)


(مسألة 276):إذا دفن الميّت بلا تغسيل عمدا أو خطأ

جاز بل وجب نبشه لتغسيله أو تيمّمه،و كذا إذا ترك بعض الأغسال و لو سهوا أو تبيّن بطلانها أو بطلان بعضها،كلّ ذلك إذا لم يلزم منه محذور هتكه أو الإضرار ببدنه و إلاّ لم يجز.

(مسألة 277):إذا كان الميّت محدثا بالأكبر كالجنابة أو الحيض

لا يجب إلاّ تغسيله غسل الميّت فقط.

(مسألة 278):إذا كان الميّت محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني

إلاّ أن يكون موته بعد السعي في الحجّ،و كذلك لا يحنّط بالكافور،بل لا يقرّب إليه طيب آخر،و لا يلحق به المعتدّة للوفاة و المعتكف.

(مسألة 279):يجب تغسيل كلّ مسلم حتّى المخالف عدا صنفين:
الأوّل:الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام أو نائبه الخاصّ،

أو نائبه العامّ المتمثّل في الفقيه الجامع للشرائط منها الأعلمية،فإنّه إذا رأى مصلحة في الجهاد مع الكفّار كما إذا توقّف حفظ بيضة الإسلام على ذلك و توفّر شروطه وجب عليه الحكم به،فإذا قتل شخص حينئذ في المعركة فهو شهيد و مقتول في سبيل اللّه،و يشترط في ترتيب أحكام الشهيد عليه أمران:

أحدهما:أن يكون قتله في سبيل اللّه و من أجل الإسلام.

و الآخر:أن لا يدركه المسلمون و به رمق.

فإذا توفّر الأمران فيه ترتّب عليه حكم الشهيد سواء كان موته في ساحة المعركة أم في خارجها،و سواء أ كانت الحرب قائمة أم لا،و لا يجوز تكفينه فوق ثيابه.نعم،يجوز أن يغطّيه برداء أو برد يمانيّ احتراما و تجليلا له.و إذا كان في المعركة مسلم و كافر،و اشتبه أحدهما بالآخر،وجب الاحتياط بتغسيل كلّ منهما و تكفينه،و دفنه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 130)


الثاني:من وجب قتله برجم أو قصاص،

فيجب عليه أن يغتسل غسل الميّت المتقدّم تفصيله على الأحوط،ثمّ يقتل و بعد ذلك يغسّل غسل الميّت احتياطا و يحنّط و يكفّن ثمّ يصلّى عليه و يدفن.

(مسألة 280):قد ذكروا للتغسيل سننا،

مثل أن يوضع الميّت في حال التغسيل على مرتفع،و أن يكون تحت الظلال،و أن يوجّه إلى القبلة كحالة الاحتضار،و أن ينزع قميصه من طرف رجليه و إن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث،و الأولى أن يجعل ساترا لعورته،و أن تليّن أصابعه برفق،و كذا جميع مفاصله،و أن يغسّل رأسه برغوة السدر و فرجه بالأشنان،و أن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كلّ غسل ثلاث مرّات ثمّ بشقّ رأسه الأيمن ثمّ الأيسر، و يغسل كلّ عضو ثلاثا في كلّ غسل،و يمسح بطنه في الأوّلين،إلاّ الحامل الّتي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك،و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميّت، و أن يحفر للماء حفيرة،و أن ينشّف بدنه بثوب نظيف أو نحوه.و ذكروا أيضا أنّه يكره إقعاده حال الغسل،و ترجيل شعره،و قصّ أظفاره و جعله بين رجلي الغاسل،و إرسال الماء في الكنيف،و حلق رأسه أو عانته،و قصّ شاربه،و تخليل ظفره،و غسله بالماء الساخن بالنار أو مطلقا إلاّ مع الاضطرار،و التخطّي عليه حين التغسيل.

الفصل الثالث
في التكفين

يجب تكفين الميّت بثلاث أثواب:

الأوّل:المئزر،و نقصد به مطلق ما يستر به بدن الميّت كلاّ أو بعضا،و لا أقلّ ما بين السرة و الركبة.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 131)


الثاني:القميص،و يجب أن يكون ساترا ما بين المنكبين إلى نصف الساق.

الثالث:الإزار،و يجب أن يغطّي تمام البدن،و الأحوط وجوبا في كلّ واحد منها أن يكون ساترا لما تحته غير حاك عنه،و إن حصل الستر بالمجموع.

(مسألة 281):لا بدّ في التكفين من إذن الوليّ

على نحو ما تقدّم في التغسيل،و لا يعتبر فيه نيّة القربة.

(مسألة 282):إذا تعذّرت القطعات الثلاث

فالأحوط لزوما الاقتصار على الميسور،فإذا دار الأمر بينها يقدّم الإزار،و عند الدوران بين المئزر و القميص،يقدّم القميص،و إن لم يكن إلاّ مقدار ما يستر العورة تعيّن الستر به، و إذا دار الأمر بين ستر القبل و الدّبر،تعيّن ستر القبل.

(مسألة 283):يشترط في كلّ ثوب من أثواب الكفن للرجل كان أم
للمرأة أن يكون طاهرا

حتّى من النجاسة المعفوّ عنها في الصلاة على الأحوط، و أن يكون مباحا فلا يجوز التكفين بالمغصوب إطلاقا،و الأحوط أن لا يكون حريرا،و أمّا التكفين بالمذهّب أو بأجزاء ما لا يؤكل لحمه أو بجلد الحيوان المأكول فلا يبعد جوازه،و إن كان الأحوط تركه ما دام بالإمكان التكفين بغيره، و أمّا في حال الاضطرار فيجوز بالنجس و الحرير،فإذا انحصر في واحد منها تعيّن،و إذا تعدّد و دار الأمر بين تكفينه بالمتنجّس و تكفينه بالحرير تعيّن الثاني إن لم يمكن الجمع بينهما،و إلاّ وجب،و إذا دار الأمر بين ثوب نجس من غير الحرير بل من القطن و الحرير المتنجّس قدّم الأوّل و كفّن الميّت به إن لم يمكن الجمع بينهما و إلاّ فالأحوط الجمع.

(مسألة 284):لا يجوز التكفين بالمغصوب إطلاقا حتّى مع الانحصار،

و في جلد الميتة إشكال،و الأحوط وجوبا مع الانحصار التكفين به.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 132)


(مسألة 285):يجوز التكفين بالحرير غير الخالص.
(مسألة 286):إذا تنجّس الكفن بنجاسة من الميّت،أو من غيره

وجب إزالتها و لو بعد الوضع في القبر،بغسل أو بقرض إذا كان الموضع يسيرا،و إن لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الإمكان،و إذا كفّن الميّت و شكّ بعد الفراغ من التكفين في أنّ هذا التكفين هل يكون صحيحا و مطابقا لما هو الواجب في الشرع؟ بنى على الصحّة.

(مسألة 287):القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدّين
و الوصيّة،

و كذا ما وجب من مئونة تجهيزه و دفنه من السدر،و الكافور،و ماء الغسل،و قيمة الأرض و اجرة الحمّال،و الحفّار،و ما تأخذه الحكومة ضريبة على الدّفن في الأرض المباحة أو غيره.

(مسألة 288):كفن الزوجة على زوجها و إن كانت صغيرة أو مجنونة أو
أمة أو غير مدخول بها،

و كذلك المطلّقة الرجعيّة و الناشزة و المنقطعة،و لا فرق في الزوج بين أن يكون عاقلا أو مجنونا أو غير ذلك من أحواله.نعم،إذا كان صغيرا فالأظهر عدم وجوبه عليه.

(مسألة 289):يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها تمكّنه من ذلك

و لو ببيع ما هو من مئونته أو الاقتراض من غيره شريطة أن لا يكون ذلك محرجا.

(مسألة 290):لا يجب على الزوج ما عدا كفن زوجته

من سائر مؤن التجهيز من السدر و الكافور و غيرها.

(مسألة 291):الزائد على المقدار الواجب من الكفن،لا يجوز إخراجه
من الأصل إلاّ مع رضى الورثة،

و إذا كان فيهم صغير،أو غير رشيد فيتعيّن حينئذ إخراجه من حصّة الكاملين برضاهم.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 133)


(مسألة 292):كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله

لا على من تجب عليه النفقة.

(مسألة 293):إذا لم يكن للميّت تركة بمقدار الكفن

لا يبعد وجوب بذله على المؤمنين أو على الحاكم الشرعيّ من بيت المال؛لأنّ دفن المؤمن عاريا هتك له و هدر لكرامته.

تكملة

فيما ذكروا من سنن هذا الفصل،يستحبّ في الكفن العمامة للرجل و يكفي فيها المسمّى،و الأولى أن تدار على رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه على صدره،الأيمن على الأيسر،و الأيسر على الأيمن،و المقنعة للمرأة،و يكفي فيها أيضا المسمّى،و لفّافة لثدييها يشدّان بها إلى ظهرها،و خرقة يعصّب بها وسط الميّت ذكرا كان أو أثنى،و خرقة اخرى للفخذين تلفّ عليهما،و لفّافة فوق الإزار يلفّ بها تمام بدن الميّت،و الاولى كونها بردا يمانيّا،و أن يجعل القطن أو نحوه عند تعذّره بين رجليه،يستر به العورتان،و يوضع عليه شيء من الحنوط، و أن يحشى دبره و منخراه،و قبل المرأة إذا خيف خروج شيء منها،و إجادة الكفن،و أن يكون من القطن،و أن يكون أبيض،و أن يكون من خالص المال و طهوره،و أن يكون ثوبا قد أحرم،أو صلّى فيه،و أن يلقى عليه الكافور و الذريرة،و أن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة،و أن يكتب على حاشية الكفن:(فلان ابن فلان يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا رسول اللّه-ثمّ يذكر الأئمّة عليهم السّلام واحدا بعد واحد-و أنّهم أولياء اللّه و أوصياء رسوله،و أنّ البعث و الثّواب و العقاب حقّ)و أن يكتب على الكفن دعاء

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 134)


الجوشن الصغير،و الكبير،و يلزم أن يكون ذلك كلّه في موضع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة،فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميّت،و قيل:

ينبغي أن يكون ذلك في شيء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو يشدّ في يمينه، لكنّه لا يخلو من تأمّل،و يستحبّ في التكفين أن يجعل طرف الأيمن من اللفّافة على أيسر الميّت،و الأيسر على أيمنه،و أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث،و إن كان هو المغسّل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرّات،و رجليه إلى الركبتين،و يغسل كلّ موضع تنجّس من بدنه،و أن يجعل الميّت حال التكفين مستقبل القبلة،و الأولى أن يكون كحال الصلاة عليه.

و يكره قطع الكفن بالحديد،و عمل الأكمام و الزرور له،و لو كفّن في قميصه قطع أزراره،و يكره بلّ الخيوط الّتي يخاط بها بريقه،و تبخيره،و تطييبه بغير الكافور و الذريرة،و أن يكون أسود بل مطلق المصبوغ،و إن يكتب عليه بالسواد،و أن يكون من الكتّان،و أن يكون ممزوجا بابريسم،و المماكسة في شرائه،و جعل العمامة بلا حنك و كونه وسخا،و كونه مخيطا.

(مسألة 294):يستحبّ لكلّ أحد أن يهيّئ كفنه قبل موته

و أن يكرّر نظره إليه.

الفصل الرابع
في التحنيط

يجب إمساس مساجد الميّت السبعة بالكافور،و يكفي المسمّى،و الأحوط وجوبا أن يكون بالمسح باليد،بل بالراحة،و الأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفيّة و يستحبّ سحقه باليد،كما يستحبّ مسح مفاصله و لبته،و صدره،

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 135)


و باطن قدميه،و ظاهر كفّيه.

(مسألة 295):محلّ التحنيط بعد التغسيل أو التيمّم،

قبل التكفين أو في أثنائه.

(مسألة 296):يشترط في الكافور أن يكون طاهرا مباحا مسحوقا
له رائحة.
(مسألة 297):يكره إدخال الكافور في عين الميّت،و أنفه،و اذنه،
و على وجهه.
الفصل الخامس
في الجريدتين

يستحبّ أن يجعل مع الميّت جريدتان رطبتان،إحداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه،و الاخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص و الإزار،و الأولى أن تكونا من النّخل،فإن لم يتيسّر فمن السدر،فإن لم يتيسّر فمن الخلاف،أو الرمّان،و الرمّان مقدّم على الخلاف،و إلاّ فمن كلّ عود رطب.

(مسألة 298):إذا تركت الجريدتان للنسيان،أو نحوه،

فالأولى جعلهما فوق القبر،واحدة عند رأسه،و الاخرى عند رجليه.

(مسألة 299):الأولى أن يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن ممّا
تقدّم،

و يلزم الاحتفاظ عن تلوّثهما بما يوجب المهانة و لو بلفّهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن و نحوه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 136)


الفصل السادس
في الصلاة على الميّت

تجب الصلاة وجوبا كفائيّا على كلّ ميّت مسلم ذكرا كان،أم انثى،حرّا أم عبدا،مؤمنا أم مخالفا،عادلا أم فاسقا،و لا تجب على أطفال المسلمين إلاّ إذا بلغوا ستّ سنين أو يعقلوا معنى الصلاة قبل هذا السنّ.

و إذا وجد ميّتا في بلاد الإسلام و شكّ في أنّه مسلم أو كافر فهل يترتّب عليه أحكام الإسلام؟

و الجواب:الأحوط وجوبا ترتّبها عليه.و كذا لقيط دار الإسلام،و أمّا إذا وجد ميّتا في دار الكفر و شكّ في أنّه مسلم أو كافر فالأظهر عدم ترتّب أحكام الإسلام عليه،و إن كان أولى و أجدر،و كذا لقيط دار الكفر.

(مسألة 300):تعتبر في الصلاة على الميّت امور:

1-النيّة على نحو ما تقدّم في غسله.

2-حضور الميّت،فلا يصلي على الغائب.

3-استقبال المصلّي القبلة.

4-أن يكون رأس الميّت إلى جهة يمين المصلّي،و رجلاه إلى جهة يساره.

5-أن يكون مستلقيا على قفاه.

6-وقوف المصلّي خلفه محاذيا لبعضه،إلاّ أن يكون مأموما و قد استطال الصفّ حتّى خرج عن المحاذاة.

7-أن لا يكون المصلّي بعيدا عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلاّ مع اتّصال الصفوف في الصلاة جماعة.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 137)


8-أن لا يكون بينهما حائل من ستر،أو جدار،و لا يضرّ الستر بمثل التابوت و نحوه.

9-أن يكون المصلّي قائما،فلا تصحّ صلاة غير القائم،إلاّ مع عدم التمكّن من الصلاة قائما.

10-الموالاة بين التكبيرات و الأدعية.

11-أن تكون الصلاة بعد التغسيل،و التحنيط،و التكفين،و قبل الدّفن.

12-أن يكون الميّت مستور العورة بأكفانه،أو بشيء آخر إن تعذّر الكفن.

13-إباحة مكان المصلّي على الأحوط الأولى.

14-إذن الوليّ على ما تقدّم،إلاّ إذا أوصى الميّت بأن يصلّي عليه شخص معيّن،فإذا أوصى كذلك فلا يحقّ للوليّ أن يزاحمه،و المصلّي على الميّت عند توفّر الشروط ينوي القربة إلى اللّه تعالى و يكبّر خمس تكبيرات،و يأتي بعد التكبيرة الاولى بالشهادتين،و بعد الثانية بالصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بعد الثالثة بالدعاء للمؤمنين و المؤمنات،و بعد الرابعة بالدعاء للميّت،ثمّ يختم بالتكبيرة الخامسة.

(مسألة 301):لا يعتبر في الصلاة على الميّت الطهارة من الحدث و الخبث،

و إباحة اللباس،و ستر العورة،و إن كان الأحوط الأولى اعتبار جميع شرائط الصلاة،بل لا يترك الاحتياط وجوبا بترك الكلام في أثنائها و الضحك و الالتفات عن القبلة.

و صورة الصلاة على الميّت كما يلي:

1-اللّه أكبر.

(أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له)إلها واحدا أحدا فردا

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 138)


صمدا حيّا قيّوما دائما أبدا لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله جاء بالهدى و دين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه و لو كره المشركون.

2-اللّه أكبر.

(اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد)و بارك على محمّد و آل محمّد و ترحّم على محمّد و آل محمّد كأفضل ما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.

3-اللّه أكبر.

(اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات)و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات و تابع بيننا و بينهم بالخيرات إنّك على كلّ شيء قدير.

4-اللّه أكبر.

(اللّهمّ اغفر لهذا الميّت)اللّهمّ إنّ هذا المسجّى قدّامنا عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك و قد نزل بك و أنت خير منزول به و قد احتاج إلى رحمتك و أنت غنيّ عن عقابه اللّهمّ إنّا لا نعلم منه إلاّ خيرا و أنت أعلم به منّا فإن كان محسنا فزد في إحسانه و إن كان مسيئا فتجاوز عنه و احشره مع خيرة عبادك الصّالحين و حسن اولئك رفيقا.

5-اللّه أكبر.

ثمّ انصرف.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 139)


تنبيه

و ينبغي التنبيه على امور:

الأوّل:أنّ بإمكان المصلّي الاكتفاء بالفقرة بين القوسين بعد كلّ تكبيرة و ترك سائر الأدعية.

الثاني:أنّ هذه الصورة من صلاة الميّت غير واجبة و بإمكان المصلّي أن يأتي بدعاء آخر بعد كلّ تكبيرة.

الثالث:أنّ الدعاء الخاصّ غير واجب فيها و بإمكان المصلّي أن يأتي بأيّ دعاء أراد و شاء بعد كلّ تكبيرة،كما أنّ له التقديم و التأخير في الأدعية المذكورة بأن يأتي بالشهادتين-مثلا-بعد التكبيرة الثانية أو الثالثة و هكذا، و يأتي بالصلاة على محمّد و آله بعد التكبيرة الاولى أو الثالثة-مثلا-و هكذا سائر الأدعية،و لكن مع هذا فالأولى و الأجدر أن يختار الصلاة على الميّت بالصورة الآنفة الذكر.

(مسألة 302):إذا شكّ في أنّه صلّى على الجنازة أم لا،

بنى على العدم، و إذا صلّى و شكّ في صحّة الصلاة،و فسادها بنى على الصحّة،و إذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح،و كذا لو أدّى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها.

(مسألة 303):الأظهر جواز تكرار الصلاة على الميّت الواحد،إذا كان
من أهل الشرف و الكرامة و المنزلة العليا في الدين،

و أمّا على غيره فيجوز تكرارها بقصد الرجاء و احتمال أن يكون ذلك مطلوبا شرعا.

(مسألة 304):لو دفن الميّت بلا صلاة صحيحة،

صلّى على قبره ما لم يتلاش بدنه على الأحوط وجوبا.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 140)


(مسألة 305):يستحبّ أن يقف الإمام و المنفرد عند وسط الرجل و عند
صدر المرأة.
(مسألة 306):إذا اجتمعت جنائز متعدّدة جاز تشريكها بصلاة واحدة،

فتوضع الجميع أمام المصلّي على نحو يكون كلّ جنازة محاذية لجنازة اخرى، و الأولى مع اجتماع الرجل و المرأة أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلّي،و يجعل صدرها محاذيا لوسط الرجل،و يجوز جعل الجنائز صفّا واحدا متدرّجا، فتجعل رأس كلّ واحد عند ألية الآخر على نحو بشكل هندسة الدرج و يقف المصلّي وسط الصفّ،و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع،تثنية الضمير و جمعه.

(مسألة 307):تجوز صلاة الميّت جماعة و فرادى،

و إذا صلّى جماعة اعتبر في الإمام أن يكون جامعا لشرائط الإمامة،من البلوغ،و العقل،و الإيمان.نعم، لا يعتبر فيه العدالة.

(مسألة 308):إذا حضر شخص في أثناء صلاة الإمام،كبّر مع الإمام

و جعله أوّل صلاته و تشهّد الشهادتين بعده،و هكذا يكبّر مع الإمام و يأتي بما هو وظيفة نفسه،فإذا فرغ الإمام أتى ببقيّة التكبير رجاء بلا دعاء،و إن كان الدعاء أحوط و أولى.

(مسألة 309):لو صلّى الصبيّ على الميّت،لم تجز صلاته عن صلاة
البالغين،

و إن كانت صلاته صحيحة.

(مسألة 310):إذا كان الوليّ للميّت امرأة،

جاز لها مباشرة الصلاة و الإذن لغيرها ذكرا كان،أم انثى.

(مسألة 311):لا يتحمّل الإمام في صلاة الميّت شيئا عن المأموم.
(مسألة 312):قد ذكروا للصلاة على الميّت آدابا:

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 141)


منها:أن يكون المصلّي على طهارة،و يجوز التيمّم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إن توضّأ،أو اغتسل.

و منها:رفع اليدين عند التكبير.

و منها:أن يرفع الإمام صوته بالتكبير و الأدعية.

و منها:اختيار المواضع الّتي يكثر فيها الاجتماع.

و منها:أن تكون الصلاة بالجماعة.

و منها:أن يقف المأموم خلف الإمام.

و منها:الاجتهاد في الدعاء للميّت و للمؤمنين.

و منها:أن يقول قبل الصلاة:(الصلاة)ثلاث مرّات.

الفصل السابع
في التشييع

يستحبّ إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيّعوه،و يستحبّ لهم تشييعه، و قد ورد في فضله أخبار كثيرة،ففي بعضها:من تبع جنازة اعطي يوم القيامة أربع شفاعات،و لم يقل شيئا إلاّ و قال الملك:و لك مثل ذلك،و في بعضها:انّ أوّل ما يتحف به المؤمن في قبره،أن يغفر لمن تبع جنازته،و له آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة،مثل أن يكون المشيّع ماشيا خلف الجنازة، خاشعا متفكّرا،حاملا للجنازة على الكتف،قائلا حين الحمل:(بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد،اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات)و يكره الضحك و اللعب و اللهو،و الإسراع في المشي،و أن يقول:ارفقوا به،و استغفروا

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 142)


له،و الركوب و المشي قدّام الجنازة،و الكلام بغير ذكر اللّه تعالى و الدّعاء و الاستغفار،و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة،فإنّه يستحبّ له ذلك، و أن يمشي حافيا.

الفصل الثامن
في الدفن

تجب كفاية مواراة الميّت في الأرض،بحيث يؤمن على جسده من السباع، و إيذاء رائحته للناس،و لا يكفي وضعه في بناء أو تابوت و إن حصل فيه الأمران، و يجب وضعه على الجانب الأيمن موجّها وجهه إلى القبلة،و إذا اشتبهت القبلة عمل بالظنّ و مع تعذّره يسقط وجوب الاستقبال إن لم يمكن التأخير،و إذا كان الميّت في البحر،و لم يمكن دفنه في البرّ و لو بالتأخير غسّل و حنّط و صلّى عليه و وضع في خابية و احكم رأسها و القي في البحر،أو ثقل بشدّ حجر و نحوه برجليه ثمّ يلقى في البحر،و الأظهر اختيار الأوّل مع الإمكان،و كذلك الحكم إذا خيف على الميّت من نبش العدوّ قبره و التمثيل به.

(مسألة 313):لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين،إذا كان هتكا له
و نقصا لكرامته،و كذلك العكس،

و إلاّ فالجواز غير بعيد،و إن كان الأحوط تركه.

(مسألة 314):إذا ماتت الحامل الكافرة،و مات في بطنها حملها من
مسلم،

دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة للقبلة على الأحوط.

(مسألة 315):لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة،

و البالوعة،و لا في المكان المملوك بغير إذن المالك،أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس،و المساجد،و الحسينيّات المتعارفة في زماننا،و الخانات الموقوفة.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 143)


(مسألة 316):لا يجوز الدفن في قبر ميّت قبل اندراسه و صيرورته ترابا.

نعم،إذا كان القبر منبوشا،جاز الدفن فيه على الأقوى.

(مسألة 317):يستحبّ حفر القبر قدر قامة،أو إلى الترقوة،

و أن يجعل له لحد ممّا يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس،و في الرخوة يشقّ وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميّت،و يسقّف عليه ثمّ يهال عليه التراب، و أن يغطّى القبر بثوب عند إدخال المرأة،و الذّكر عند تناول الميّت،و عند وضعه في اللحد،و التحفّي،و حلّ الأزرار و كشف الرأس للمباشرة لذلك،و أن تحلّ عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس،و أن يحسر عن وجهه و يجعل خدّه على الأرض،و يعمل له و سادة من تراب،و أن يوضع شيئا من تربة الحسين عليه السّلام معه،و تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمّة عليهم السّلام،و أن يسدّ اللحد باللبن،و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين،و أن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ غير ذي الرحم،و طمّ القبر و تربيعه لا مثلّثا،و لا مخمّسا،و لا غير ذلك،و رشّ الماء عليه دورا،يستقبل القبلة و يبتدأ من عند الرأس فإن فضل شيء صبّ على وسطه،و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزا بعد الرشّ،و لا سيّما إذا كان الميّت هاشميّا،أو الحاضر لم يحضر الصلاة عليه،و الترحّم عليه بمثل:(اللّهمّ جاف الأرض عن جنبيه،و صعّد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليّين،و ألحقه بالصّالحين)و أن يلقّنه الوليّ بعد انصراف الناس رافعا صوته،و إن يكتب اسم الميّت على القبر،أو على لوح،أو حجر و ينصب على القبر.

(مسألة 318):يكره دفن ميّتين في قبر واحد،و نزول الأب في قبر ولده،

و غير المحرم في قبر المرأة،و إهالة الرحم التراب،و فرش القبر بالساج من غير حاجة،و تجصيصه و تطيينه و تسنيمه و المشي عليه و الجلوس و الاتّكاء،و كذا البناء عليه و تجديده إلاّ أن يكون الميّت من أهل الشرف.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 144)


(مسألة 319):يكره نقل الميّت من بلد موته إلى بلد آخر،

إلاّ المشاهد المشرّفة،و المواضع المحترمة،فإنّه يستحبّ،و لا سيّما الغريّ و الحائر،و في بعض الروايات أنّ من خواصّ الأوّل إسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير.

(مسألة 320):لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدّفن و ما بعده إذا اتّفق
تحقّق النبش،

بل لا يبعد جواز النبش لذلك إذا كان بإذن الوليّ و لم يلزم هتك حرمة الميّت.

(مسألة 321):يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده،

إلاّ مع العلم باندراسه،و صيرورته ترابا،من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون، و يستثنى من ذلك موارد:

منها:ما إذا كان النبش لمصلحة الميّت،كالنقل إلى المشاهد المشرّفة،كما تقدّم،أو لكونه مدفونا في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة،أو بالوعة،أو نحوهما،أو في موضع يتخوّف فيه على بدنه من سيل،أو سبع،أو عدوّ.

و منها:لدفع فتنة لا يمكن دفعها و تفاديها إلاّ برؤية جسد الميّت و مشاهدته.

و منها:لدفع ضرر ماليّ،كما إذا دفن معه مال غيره،من خاتم و نحوه، فينبش لدفع ذلك الضرر الماليّ،و مثل ذلك ما إذا دفن في ملك الغير من دون إذنه،أو إجازته.

و منها:ما إذا دفن بلا غسل،أو بلا تكفين أو تبيّن بطلان غسله،أو بطلان تكفينه،أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعيّ،لوضعه في القبر على غير القبلة،أو في مكان أوصى بالدفن في غيره،أو نحو ذلك،فيجوز نبشه في هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته،و إلاّ فالجواز لا يخلو عن إشكال بل منع.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 145)


(مسألة 322):لا يجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة(أيّدهم اللّه تعالى)

بوضع الميّت في موضع و البناء عليه،ثمّ نقله إلى المشاهد الشريفة،بل اللازم أن يدفن بمواراته في الأرض مستقبلا بوجه القبلة على الوجه الشرعيّ،ثمّ ينقل بعد ذلك بإذن الوليّ على نحو لا يؤدّي إلى هتك حرمته.

(مسألة 323):إذا وضع الميّت في سرداب،جاز فتح بابه و إنزال ميّت
آخر فيه،

إذا لم يظهر جسد الأوّل،إمّا للبناء عليه،أو لوضعه في لحد داخل السرداب.

و أمّا إذا كان بنحو يظهر جسده فهل يجوز؟

و الجواب:أنّه يجوز إذا لم يعد مجرّد ذلك هتكا له،و إلاّ لم يجز.

(مسألة 324):إذا مات ولد المرأة الحامل المسلمة دون المرأة و خيف منه
على حياتها

وجب إخراجه منها لإنقاذ حياتها بيد امرأة طبيبة من أهل الاختصاص،و على الطبيبة أن ترفق بامّ الجنين،فإن كان بإمكانها أن تخرج الطفل سالما فعليها ذلك،و إلاّ جاز إخراجه مقطّعا و إربا،و لو تعذّر وجود الطبيبة المختصّة في ذلك و توقّفت عمليّة الإخراج على الرجوع إلى طبيب أجنبيّ مختصّ و ممارسته العمليّة مباشرة فلا مانع من الرجوع إليه شريطة الاقتصار بمقدار ما تدعو إليه الحاجة و الضرورة،و إن ماتت هي دونه شقّت بطنها الطبيبة المختصّة أو الطبيب المختصّ لإخراج الطفل منها.

و قد تسأل:أنّ تعلّم الطبّ إذا كان متوقّفا على عمليّة التشريح لجثّة الإنسان المسلم،و كان عدد الأطباء الواجب تواجده في المجتمع الإسلاميّ كفاية غير متوفّر،ففي هذه الحالة هل تجوز تلك العمليّة ما دام المجتمع الإسلاميّ بحاجة ماسّة إلى العدد الوافي منهم؟

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 146)


و الجواب:أنّ الجواز في هذه الحالة غير بعيد.

(مسألة 325):إذا وجد بعض الميّت و فيه الصدر،

فإن صدق عليه عنوان الميّت عرفا و لو ناقصا وجب ترتيب جميع أحكام الميّت عليه من تغسيله و تحنيطه و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه،و إلاّ فترتيب تلك الأحكام عليه مبنيّ على الاحتياط،فإذا وجد الصدر أو بعضه فإنّه و إن كان مشتملا على القلب و لكن بما أنّ عنوان الميّت لا يصدق عليه فالصلاة عليه مبنيّة على الاحتياط، و إذا وجد غير عظم الصدر مجرّدا كان أو مشتملا عليه اللحم،غسّل و حنّط و لفّ بخرقة و دفن على الأحوط و لم يصلّ عليه،و إن لم يكن فيه عظم لفّ بخرقة و دفن على الأحوط.

(مسألة 326):السقط إذا استوت خلقته و إن كان قبل أربعة أشهر غسّل
و حنّط و كفّن و لم يصلّ عليه،

و إذا كان لدون ذلك لفّ بخرقة و دفن على الأحوط وجوبا.نعم،لو ولجته الروح فقد استوت خلقته فيجب حينئذ تغسيله و تكفينه و دفنه.

المبحث السادس
غسل مسّ الميّت

يجب الغسل بمسّ الميّت الإنسانيّ بعد برده و قبل إتمام غسله،مسلما كان أو كافرا،حتّى السقط إذا استوت خلقته و ولجته الروح،و لو غسّله الكافر لفقد المماثل أو غسّل بالقراح لفقد الخليط فالأقوى عدم وجوب الغسل بمسّه،و لو يمّم الميّت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 147)


(مسألة 327):لا فرق في الميّت الممسوس بين أن يكون كبيرا أو صغيرا

ذكرا أو انثى عاقلا أو مجنونا،ظاهرا كاليد و الوجه و الرجل بل و حتّى السنّ و الظفر و غيرها أو باطنا كاللسان و نحوه،حتّى و لو كان سقطا ولجته الروح،كما أنّه لا فرق في العضو الماسّ بين أن يكون المسّ باليد أو الرجل أو بغيرها من المواضع الّتي تتواجد فيها عادة حاسّة اللمس،و أمّا ما لا تتواجد فيه حاسّة اللمس كالشعر فلا أثر له،بمعنى أنّ الإنسان الحيّ إذا أصاب بدن الميّت و لاقاه بشعره فقط فلا غسل عليه.

(مسألة 328):لا فرق بين العاقل و المجنون و الصغير و الكبير،

و المسّ الاختياريّ و الاضطراريّ.

(مسألة 329):إذا مسّ الميّت قبل برده،لم يجب الغسل بمسّه.

نعم، يتنجّس العضو الماسّ بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما،و إن كان الأحوط الأولى تطهيره مع الجفاف أيضا.

(مسألة 330):يجب على الأحوط الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميّت إذا
كانت مشتملة على العظم،دون الخالية منه،

و أمّا القطعة المبانة من الحيّ فالأظهر أنّ مسّها لا يوجب الغسل،و إن كان الاحتياط أولى و أجدر،أمّا العظم المجرّد من الميّت،أو السنّ منه،فالأحوط استحبابا الغسل بمسّه.

(مسألة 331):إذا قلع السنّ من الحيّ و كان معه لحم يسير،

لم يجب الغسل بمسّه.

(مسألة 332):يجوز لمن عليه غسل المسّ دخول المساجد و المشاهد
و المكث فيها،و قراءة العزائم.

نعم،لا يجوز له مسّ كتابة القرآن و نحوها ممّا لا يجوز للمحدث مسّه،و لا يصحّ له كلّ عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلاّ بالغسل،و الأحوط ضمّ الوضوء إليه،و إن كان الأظهر عدم وجوبه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 148)


المبحث السّابع
الأغسال المندوبة
و هي زمانيّة،و مكانيّة،و فعليّة:
الأوّل:الأغسال الزمانيّة،

و لها أفراد كثيرة:

منها:غسل الجمعة،

و هو أهمّها حتّى قيل بوجوبه لكنّه ضعيف،و وقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة إلى الغروب على الأقوى،و إذا فاته قضاه يوم السبت إلى الغروب،و يجوز تقديمه يوم الخميس رجاء إن خاف إعواز الماء يوم الجمعة،و لو اتّفق تمكّنه منه يوم الجمعة أعاده فيه،و إذا فاته حينئذ أعاده يوم السبت.

(مسألة 333):يصحّ غسل الجمعة من الجنب و الحائض،

و يجزئ عن غسل الجنابة و الحيض إذا كان بعد النقاء على الأقوى.

و منها:غسل يوم العيدين،

و وقته من الفجر إلى الغروب على الأظهر، و الأولى الإتيان به قبل الصلاة لتكون صلاته مع الغسل،و غسل يوم عرفة و وقته يمتدّ إلى الغروب،و الأولى الإتيان به عند الزوال منه،و لا فرق فيه بين من كان في عرفات أو في سائر البلدان،و يوم التروية و هو الثامن من ذي الحجّة و وقته تمام اليوم،و الليلة الاولى و السابعة عشرة و الرابعة و العشرين من شهر رمضان،و ليالي القدر،و الغسل عند احتراق قرص الشمس في الكسوف و بكاملها.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 149)


(مسألة 334):جميع الأغسال الزمانيّة يكفي الإتيان بها في وقتها مرّة
واحدة،

و لا حاجة إلى إعادتها إذا صدر الحدث الأكبر أو الأصغر بعدها، و يتخيّر في الإتيان بها بين ساعات وقتها.

الثاني:الأغسال المكانيّة،

و لها أيضا أفراد كثيرة،كالغسل لدخول الحرم،و لدخول مكّة،و لدخول الكعبة،و لدخول حرم الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و لدخول المدينة.

(مسألة 335):وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة

أو حين الدخول فيها.

الثالث:الأغسال الفعليّة،
و هي قسمان:
القسم الأوّل:ما يستحبّ لأجل إيقاع فعل كالغسل للإحرام،

أو لزيارة البيت،و الغسل للذبح و النحر و الحلق،و الغسل للاستخارة و الاستسقاء و المباهلة مع الخصم و المولود و التوبة،و الغسل لوداع قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمّدا عالما به مع احتراق القرص كلّه.

القسم الثاني:ما يستحبّ بعد وقوع فعل منه

كالغسل لمسّ الميّت بعد تغسيله.

(مسألة 336):يجزئ في القسم الأوّل من هذا النوع غسل لأوّل النهار
ليومه،

و أوّل الليل لليلته،و لا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار و بالعكس عن قوّة،و الظاهر انتقاضه بالحدث بينه و بين الفعل.

(مسألة 337):هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر،

و الظاهر أنّها تغني عن الوضوء،و هناك أغسال اخر ذكرها الفقهاء في الأغسال المستحبّة، و لكنّه لم يثبت عندنا استحبابها و لا بأس بالإتيان بها رجاء،و هي كثيرة نذكر جملة منها:

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 150)


1-الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك و جميع ليالي العشر الأخيرة منه و أوّل يوم منه.

2-غسل آخر في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر.

3-الغسل في يوم الغدير و هو الثامن عشر من شهر ذي الحجّة الحرام، و في اليوم الرابع و العشرين منه.

4-الغسل يوم النيروز،و أوّل رجب،و آخره،و نصفه،و يوم المبعث و هو السابع و العشرون منه.

5-الغسل في اليوم النصف من شعبان.

6-الغسل في اليوم التاسع،و السابع عشر من ربيع الأوّل.

7-الغسل في اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة.

8-الغسل لزيارة كلّ معصوم من قريب أو بعيد.

9-الغسل لقتل الوزغ.

و هذه الأغسال لا يغني شيء منها عن الوضوء.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 151)


المقصد الخامس
التيمّم

و فيه فصول:

الفصل الأوّل
في مسوّغاته

و هي متمثّلة في مسوّغين رئيسين:الأوّل عدم وجدان الماء،و الآخر عدم التمكّن من استعماله عقلا أو شرعا مع وجوده.

المسوّغ الأوّل:

عدم وجدان الماء الّذي يكفي للوضوء أو الغسل،

و يتحقّق ضمن إحدى
الحالات التالية:
الحالة الاولى:أن لا يجد المكلّف الماء في بيته إذا كان حاضرا و لا في
مكان آخر

الّذي كان بوسعه الوصول إليه،و إذا كان مسافرا لا يجد في كلّ أطرافه من مساحة الأرض الّتي يقدر على الوصول إليها من دون عائق و التحرّك ضمنها ما دام وقت الصلاة باقيا،و لا فرق في ذلك بين أن لا يوجد الماء فيها أصلا،أو يوجد بمقدار لا يكفي للوضوء أو الغسل،أو يكفي و لكن هناك مانع من استعماله كما إذا كان نجسا أو مغصوبا،ففي هذه الحالة وظيفته التيمّم بديلا عن الوضوء أو الغسل.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 152)


(مسألة 338):هل أنّ تلك المساحة من الأرض الّتي يجب على المكلّف
أن يطلب الماء فيها محدودة بحدود معيّنة شرعا طولا و عرضا؟

و الجواب:أنّ تحديدها من قبل الشرع بحدود معيّنة لم يثبت لا طولا و لا عرضا،و أمّا ما ورد في بعض الروايات من تحديدها بمقدار رمية سهم في الأرض الحزنة و سهمين في الأرض السهلة فهو غير ثابت لضعف الرواية،فإذن يكون المعيار في وجوب الطلب ضمن تلك المساحة سعة و ضيقا،إنّما هو بعدم استلزامه العسر،و الحرج أو الضرر و الخطر الجسديّ.

(مسألة 339):إذا شهد شاهدان عدلان بعدم وجود الماء في تلك
المساحة من الأرض،

كفى في عدم وجوب الفحص و الطلب،بل تكفي شهادة عدل واحد بل ثقة واحد.

الحالة الثانية:أنّ الماء موجود في بعض نقاط تلك المساحة و لكن
الوصول إليه يستلزم مشقّة شديدة و حرجا،

كما إذا كان الماء في نقطة بعيدة،أو أنّه كان ملكا لشخص لا يأذن بالتصرّف فيه إلاّ بالالتماس و التذلّل له بما يكون محرجا،أو أنّ الوصول إليه محفوف بالمخاطر،كما إذا كان الطريق إليه غير مأمون، أو كان في مقربة من الحيوانات المفترسة،ففي هذه الحالة تكون وظيفته التيمّم في كلّ هذه الفروض عوضا عن الوضوء أو الغسل.

الحالة الثالثة:أن يكون الماء موجودا في تلك المساحة و لكنّه ملك
لغيره و هو لا يأذن بالتصرّف فيه إلاّ بثمن مجحف بماله،

أو أنّ الوصول إليه يتوقّف على ارتكاب امور محرّمة،كما إذا كان الطريق إليه مغصوبا،أو الآلة الّتي يستعملها في أخذ ذلك الماء مغصوبة،ففي هذه الحالة تكون وظيفته التيمّم.

و نلاحظ أنّ المكلّف في الحالة الاولى بما أنّه غير واجد للماء فلا يمكن أن

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 153)


يتحقّق منه الوضوء فالواجب عليه التيمّم،و في الحالتين التاليتين و هما الحالة الثانية و الثالثة،فيمكن للمكلّف أن يتوضّأ و لكنّه لا يكون مأمورا بالوضوء شرعا بل وظيفته التيمّم،و لكن إذا أصرّ على الوضوء و حصل على الماء متحمّلا كلّ الصعوبات من الحرج و الضرر وجب عليه أن يتوضّأ و صحّ منه.

(مسألة 340):إذا أخلّ بالطلب و تيمّم برجاء إدراك الواقع،

صحّ تيمّمه إن صادف عدم الماء.

(مسألة 341):إذا علم أو اطمأنّ بوجود الماء في خارج الحدّ المذكور

وجب عليه السعي إليه و إن بعد،إلاّ أن يكون السعي إليه حرجيّا و مشقّة عظيمة.

(مسألة 342):إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجده

فهل تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت،إذا احتمل العثور على الماء لو أعاده لاحتمال تجدّد وجوده؟

و الجواب:الأظهر وجب إعادة الطلب في هذا الفرض.نعم،لو لم يتجدّد احتمال وجوده بعد دخول الوقت،لم تجب الإعادة.

(مسألة 343):إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من
الصلوات،

فلا تجب إعادة الطلب عند كلّ صلاة،و أمّا إذا احتمل العثور مع الإعادة لاحتمال تجدّد وجوده فالأظهر عدم وجوبها و إن كان الاحتياط في محلّه.

(مسألة 344):يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت،

كما يسقط إذا خاف على نفسه،أو ماله من لصّ أو سبع أو نحو ذلك،و كذلك إذا كان في طلبه حرج و مشقّة لا تتحمّل كما مرّ.

(مسألة 345):إذا ترك المكلّف طلب الماء في المساحات المذكورة حتّى
ضاق الوقت استحقّ العقوبة.

و أمّا صلاته فهل هي صحيحة؟.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 154)


و الجواب:أنّها صحيحة إذا كان شاكّا في وجود الماء في تلك المساحات و العثور عليه.و أمّا إذا كان عالما بوجوده فيها و العثور عليه إذا طلب فهل هي صحيحة أيضا في هذه الحالة؟

و الجواب:أنّ الصحّة غير بعيدة.

(مسألة 346):إذا ترك الطلب في سعة الوقت

فإن كان الماء موجودا في أطرافه الّتي يتحرّك ضمنها و أنّه إذا طلب و سعى إليه وجده و مع ذلك إذا ترك عامدا و ملتفتا و تيمّم و صلّى بطلت صلاته،و إن لم يكن الماء موجودا فيها في الواقع فحينئذ إذا ترك الطلب و السعي متعمّدا و إن استحقّ العقوبة إلاّ أنّه إذا تيمّم برجاء أنّه مطلوب في الواقع و صلّى صحّت صلاته،و إذا اعتقد ضيق الوقت عن الطلب فتركه و تيمّم و صلّى ثمّ تبيّن سعة الوقت فإن كان التبيّن في الوقت وجب عليه الطلب فإن طلب و عثر على الماء كشف ذلك عن بطلان تيمّمه و صلاته و وجوب الإعادة،و إن كان ذلك في خارج الوقت لم يجب القضاء.

(مسألة 347):إذا طلب الماء فلم يجد،فتيمّم و صلّى ثمّ تبيّن وجوده في
محلّ الطلب،

فالأقوى وجوب الإعادة في الوقت.نعم،لا يجب القضاء إذا تبيّن ذلك في خارج الوقت.

المسوّغ الثاني:

عدم تمكّن المكلّف من استعمال الماء مع وجوده عنده،

و هو يتحقّق ضمن
إحدى الحالات التالية:
الحالة الاولى:خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرض أو زيادته

أو طول أمده،أو على النفس،أو البدن،و منه الرمد المانع من استعمال الماء،كما

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 155)


أنّ منه خوف الشين الّذي يعسر تحمّله و هو الخشونة المشوّهة للخلقة،و المؤدّية في بعض الأبدان إلى تشقّق الجلد.

الحالة الثانية:خوف العطش على نفسه،أو على غيره الواجب حفظه
عليه،

أو على نفس حيوان يكون من شأن المكلّف الاحتفاظ به،و الاهتمام بشأنها،كدابّته و شاته و نحوهما ممّا يكون تلفه موجبا للحرج أو الضرر.

الحالة الثالثة:أن يكون بدنه أو ثوبه نجسا و كان عنده ماء يكفي لإزالة
النجاسة فقط أو للوضوء كذلك،

ففي هذه الحالة يجوز للمكلّف أن يصرف الماء في غسل بدنه أو ثوبه و إزالة النجاسة عنه و يتيمّم للصلاة،كما يجوز له أن يتوضّأ و يصلّي في الثوب النجس أو في البدن النجس.

الحالة الرابعة:ضيق الوقت عن استيعاب الوضوء و الصلاة معا،

فحينئذ يجوز له أن يتيمّم من أجل إدراك تمام الصلاة في الوقت.

(مسألة 348):إذا خالف المكلّف عمدا فتوضّأ في مورد يكون الوضوء
فيه حرجيّا

كالوضوء في شدّة البرد-مثلا-صحّ وضوؤه،و إذا خالف في مورد يكون الوضوء فيه محرّما بطل وضوؤه كما إذا كان ضرره خطيرا و هو الضرر الّذي يحرم على المكلّف أن يوقع نفسه فيه،و إذا خالف في مورد يجب فيه حفظ الماء-كما في الحالة الثانية-فالظاهر صحّة وضوئه،و في الحالة الرابعة إذا عصى و توضّأ صحّ شريطة أن لا يكون وضوؤه بقصد التشريع،بمعنى أنّه لا يبني على أنّ الصلاة الّتي ضاق وقتها هي الّتي تفرض عليه الوضوء،و لا تسمح له بالتيمّم، مع أنّه يعلم بأنّها تفرض عليه التيمّم دون الوضوء.

(مسألة 349):إذا خالف فتطهّر بالماء لعذر من نسيان،أو غفلة،

صحّ وضوؤه في جميع الموارد المذكورة،و كذلك مع الجهل إذا كان مركّبا،أمّا إذا

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 156)


توضّأ في ضيق الوقت فإن نوى الأمر المتعلّق بالوضوء فعلا صحّ،و لكنّه أثم إذا كان ذلك عامدا و ملتفتا.

(مسألة 350):إذا آوى إلى فراشه لينام ذكر بعض الفقهاء أنّه إذا لم يكن
على وضوء

جاز له التيمّم و إن تمكّن من استعمال الماء و لكنّه غير ثابت شرعا.

نعم،لا بأس به رجاء.

الفصل الثّاني
ما يتيمّم به

و هو الأرض و أجزاؤها فيصحّ التيمّم بكلّ ما يسمّى أرضا،سواء أ كان ترابا،أم رملا،أو مدرا،أم حصى،أم صخرا أملس،و منه أرض الجصّ و النورة قبل الإحراق بل بعده أيضا،فيصحّ التيمّم بالجصّ و الآجر و الاسمنت ما دامت موادّها مأخوذة من الأرض،و إن احرقت و صنعت،و كذلك يصحّ بما يصنع من الاسمنت من قطع للبناء كالكاشي و الموزائيك و غيرها شريطة أن لا تكون مطليّة بطلاء خارجيّ غير مأخوذ من الأرض،و يصحّ التيمّم بالمرمر، و لا فرق في صحّة التيمّم بين أن يكون في الأرض أو في الجدار و الحائط،و لا يعتبر علوق شيء منه باليد،فيصحّ التيمّم بحجر نقيّ مصقول يابسا أم رطبا.

(مسألة 351):لا يجوز التيمّم بما لا يصدق عليه اسم الأرض و إن كان
أصله منها،

كالرماد و النبات،و المعادن،و الذهب،و الفضّة و نحوها،ممّا لا يسمّى أرضا،و أمّا العقيق و الفيروزج و نحوهما،من الأحجار الكريمة فالأحوط أن لا يتيمّم بها و إن كان جوازه غير بعيد،و لا يجوز التيمّم بكلّ ما يؤكل و يلبس و لا بالخشب و الحطب.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 157)


(مسألة 352):لا يجوز التيمّم بالنجس،و لا المغصوب،و لا الممتزج بما
يخرجه عن اسم الأرض

كما إذا اختلط التراب بالملح على نحو لا يصدق عليه اسم التراب.نعم،لا يضرّ إذا كان الملح مستهلكا فيه عرفا،و لو اكره على المكث في المكان المغصوب فالأظهر جواز التيمّم فيه.

(مسألة 353):إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما،

و إذا اشتبه التراب بالرماد فتيمّم بكلّ منهما صحّ،بل يجب ذلك مع الانحصار، و كذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس.

(مسألة 354):إذا عجز عن التيمّم بالأرض لسبب أو آخر وجب التيمّم
بالغبار المجتمع على ثوبه،

أو عرف دابّته أو نحوهما،إذا كان غبار ما يصحّ التيمّم به دون غيره كغبار الدقيق و نحوه،و إذا أمكنه نفض الغبار و جمعه على نحو يصدق عليه التراب تعيّن ذلك.

(مسألة 355):إذا عجز عن التيمّم بالغبار تيمّم بالوحل و هو الطين،

و إذا أمكن تجفيفه و التيمّم به تعيّن ذلك.

(مسألة 356):إذا عجز عن الأرض و الغبار و الوحل كان فاقدا للطهور،

و الأحوط له الصلاة في الوقت و القضاء في خارجه،و إن كان الأظهر عدم وجوب الأداء،و إذا تمكّن من الثلج فإن كان بإمكانه إذابته و الوضوء به تعيّن ذلك،و إلاّ فإن أمكنه مسح أعضاء الوضوء به على نحو يتحقّق مسمّى الغسل وجب و اجتزأ به،و إلاّ فهو فاقد الطهورين.

(مسألة 357):الأحوط استحبابا نفض اليدين بعد الضرب،

و يستحبّ أن يكون ما يتيمّم به من ربى الأرض و عواليها،و يكره أن يكون من مهابطها، و أن يكون من تراب الطريق.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 158)


الفصل الثالث
كيفيّة التيمّم

و كيفيّة التيمّم أن يضرب بيديه على الأرض،و أن يكون دفعة واحدة على الأحوط وجوبا،و أن يكون بباطنهما،ثمّ يمسح بهما جميعا تمام جبهته و جبينه،من قصاص الشعر إلى الحاجبين،و إلى طرف الأنف الأعلى المتّصل بالجبهة،و الأحوط الأولى مسح الحاجبين أيضا،ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى،ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليسرى كذلك بباطن الكفّ اليمنى.

(مسألة 358):لا يجب المسح بكلّ من الكفّين بكامله،

بل يكفي المسح ببعض كلّ منها على نحو يستوعب الجبهة و الجبينين.

(مسألة 359):المراد من الجبهة الموضع المستوي،

و المراد من الجبين ما بينه و بين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر.

(مسألة 360):الأظهر اعتبار تعدّد الضرب في التيمّم

بأن يضرب ضربة للوجه و ضربة للكفين،بلا فرق في ذلك بين أن يكون التيمّم بدلا عن الغسل أو بدلا عن الوضوء.

و قد تسأل:هل يعتبر الترتيب بين الضربتين بمعنى أنّ على المكلّف أن يضرب كفّيه على الأرض و يمسح بهما وجهه،ثمّ يضربهما عليها مرّة اخرى و يمسح بهما يديه من الزند إلى أطراف الأصابع،أو يكفي أن يضرب كفّيه على الأرض مرّتين،ثمّ يمسح بهما أوّلا وجهه ثمّ يديه؟

و الجواب:أنّ الأوّل لو لم يكن أظهر فلا أقلّ أنّه أحوط.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 159)


(مسألة 361):إذا تعذّر الضرب و المسح بالباطن،انتقل إلى الظاهر،

و كذا إذا كان نجسا بنجاسة متعدّية و لم تمكن الإزالة،أمّا إذا لم تكن متعدّية ضرب به و مسح،بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح و الممسوح مطلقا، و إذا كان على الممسوح حائل لا تمكن إزالته فالأحوط وجوبا الجمع بين المسح عليه و الصلاة في الوقت و بين القضاء في خارج الوقت،و أمّا إذا كان الحائل على باطن الكفّ فلا يبعد أن تكون الوظيفة في هذه الحالة ضرب ظاهر الكفّ و المسح به،و إن كان الأحوط استحبابا ضمّ المسح بالباطن أيضا.

(مسألة 362):المحدث بالأصغر يتيمّم بدلا عن الوضوء،و الجنب يتيمّم
بدلا عن الغسل،

و المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمّم عن الغسل،و إذا كان محدثا بالأصغر أيضا،أو كان الحدث استحاضة متوسّطة،وجب عليه أن يتيمّم أيضا عن الوضوء،و إذا تمكّن من الوضوء دون الغسل أتى به و تيمّم عن الغسل،و إذا تمكّن من الغسل أتى به و هو يغني عن الوضوء،إلاّ في الاستحاضة المتوسّطة فلا بدّ فيها من الوضوء،فإن لم تتمكّن تيمّمت عنه.

الفصل الرّابع
شروط التيمّم

يشترط في التيمّم نيّة القربة و الإخلاص؛لأنّه عبادة بلا فرق بين أن يكون عوضا عن الغسل أو الوضوء،و لا يجب في نيّة التيمّم شيء سوى القربة إلى اللّه تعالى و ليس من الواجب أن ينوي كونه بديلا عن الوضوء أو الغسل إلاّ في مقام الاشتباه.

(مسألة 363):لا تجب فيه نيّة البدليّة عن الوضوء أو الغسل،

بل تكفي

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 160)


نيّة الأمر المتوجّه إليه قربة إلى اللّه تعالى،و مع تعدّد الأمر لا بدّ من تعيينه بالنيّة كما إذا كان عليه تيمّمان أحدهما بدلا عن الغسل و الآخر بدلا عن الوضوء، فحينئذ يجب عليه أن يعيّنه و يميّزه عن الآخر بأن ينوي بأحدهما التعويض عن الغسل و بالآخر التعويض عن الوضوء و إلاّ لم يقع عن شيء منهما.

(مسألة 364):الأقوى أنّ التيمّم كالوضوء رافع للحدث و طهور حال
الاضطرار.

نعم،لا يجب فيه نيّة الرفع.

(مسألة 365):يشترط فيه المباشرة و الموالاة

حتّى فيما كان بدلا عن الغسل،و يشترط فيه أيضا الترتيب على حسب ما تقدّم،و الأحوط وجوبا البدأة من الأعلى و المسح منه إلى الأسفل.

(مسألة 366):إذا كانت إحدى يدي شخص مقطوعة،

فإن كانت مقطوعة من الزند أو المرفق،فوظيفته أن يجمع بين التيمّم باليد السالمة و المقطوعة، يضربهما على الأرض و مسح الجبهة و الجبينين بهما،و مسح اليد المقطوعة باليد السالمة،و مسح اليد السالمة باليد المقطوعة،و بين الاستنابة في اليد المقطوعة بأن يضرب النائب إحدى يديه مع اليد السالمة للأقطع على الأرض،و يمسح بهما وجهه،و يمسح النائب ظهر يده السالمة بيده،و الأحوط أن يضمّ الأقطع مسح ظهر يده السالمة بالأرض أيضا بديلا عن مسحه بيده الاخرى إذا لم تكن مقطوعة، و إن كانت مقطوعة من فوق المرفق أو اليد كاملة،فوظيفته الجمع بين الاستنابة و ضرب يده السالمة على الأرض و مسح وجهه بها،ثمّ مسح ظهرها بالأرض، و إن كانت كلتا يديه مقطوعة بكاملها فوظيفته الاستنابة،و إن كانت كلتاهما مقطوعة من الزند أو ما فوقها،فوظيفته الجمع بين الاستنابة و بين ضرب كلتا يديه المقطوعتين على الأرض و مسح الوجه بهما و مسح إحداهما بالاخرى.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 161)


(مسألة 367):إذا كانت على الموضع الممسوح كالجبهة و ظاهر الكفّين
جبيرة أو عصابة

فوظيفته أن يتيمّم في الوقت،بأن يمسح على الجبيرة أو العصابة و يصلّي،و بعد برء الجرح و فكّ الجبيرة أو العصابة يقضي،و كذلك إذا كان هناك حائل من دون جرح أو قرح.

(مسألة 368):إذا كانت للإنسان يد زائدة مشتبهة باليد الأصليّة

وجب الجمع بين المسح بهما معا و المسح عليهما كذلك،و إذا لم تكن مشتبهة بها لم يجب المسح بها و لا عليها،و أمّا إذا كان في مواضع التيمّم لحم زائد فإن كان في الممسوح مسح عليه و إن كان في الماسح مسح به.

(مسألة 369):العاجز ييمّمه غيره و لكن يضرب بيدي العاجز و يمسح
بهما مع الإمكان،

و مع العجز يضرب المتولّي بيدي نفسه،و يمسح بهما.

(مسألة 370):الشعر المتدلّي على الجبهة يجب رفعه و مسح البشرة تحته،

و أمّا النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسحه.

(مسألة 371):إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة

و إن كانت عن جهل أو نسيان،أمّا إذا لم تفت صحّ إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.

(مسألة 372):الخاتم حائل يجب نزعه حال التيمّم.
(مسألة 373):الأظهر اعتبار إباحة الفضاء الّذي يقع فيه التيمّم،

فإذا غصب دار غيره و تيمّم فيها بطل تيمّمه،و إن كان التراب الّذي تيمّم به مباحا أو ملكا شخصيّا،و إذا كان التراب في إناء مغصوب لم يصح الضرب عليه.

و قد تسأل أنّ التتابع بين الضرب بالكفّين و مسح الأعضاء هل هو معتبر؟

و الجواب:نعم أنّه معتبر،كما أنّه يعتبر الترتيب بين أفعال التيمّم حسب

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 162)


تسلسلها الطوليّ.

(مسألة 374):إذا شكّ في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت،

و لكنّ الشكّ إذا كان في الجزء الأخير و لم تفت الموالاة و لم يدخل في الأمر المرتّب عليه من صلاة و نحوها،فالأظهر وجوب الالتفات إلى الشكّ،و لو شكّ في جزء منه بعد التجاوز عن محلّه لم يلتفت،كما إذا شكّ في مسح جبهته بعد أن يبدأ بمسح ظهر كفّه اليمنى أو في مسح ظهر كفّه اليمنى بعد أن يبدأ بمسح ظهر كفّه اليسرى،و هكذا لم يلتفت إلى ما شكّ فيه و بنى على الإتيان به.نعم،لو شكّ في مسح الجبهة-مثلا- قبل أن يدخل في مسح ظهر الكفّ اليمنى و هكذا،لا بدّ من الالتفات و الإتيان بالمشكوك فيه.

الفصل الخامس
أحكام التيمّم

تقدّم أنّ الحالات الّتي يسوغ فيها التيمّم بدلا عن الوضوء أو الغسل متمثّلة في سبع حالات منها ضيق الوقت و أثره إنّما هو مسوّغيّته التيمّم و معوّضيّته عن الوضوء أو الغسل بالنسبة إلى العمل الّذي ضاق وقته فحسب دون غيره سواء كان ذلك العمل فريضة واجبة أم كان عبادة مستحبّة،و بذلك يمتاز ضيق الوقت عن سائر المسوّغات و أمّا في سعة الوقت فلا مسوّغ للتيمّم فيها فضلا عنه قبل الوقت.نعم،يجوز التيمّم قبل الوقت للكون على الطهارة أو بغاية اخرى واجبة كانت أم مستحبّة،و إذا تيمّم من أجل ذلك و ظلّ تيمّمه إلى أن دخل عليه الوقت و هو متيمّم و غير واجد للماء جاز له الدخول في الصلاة واقعا و إن احتمل وجدان الماء في آخر الوقت،فإذا صلّى صحّت صلاته و لا إعادة

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 163)


عليه حتّى إذا صار واجدا للماء قبل انتهاء الوقت.نعم،إذا دخل الوقت و لم يكن المكلّف على تيمّم سابق لم تجز له المبادرة إلى التيمّم واقعا و الصلاة في أوّل الوقت مع احتمال ارتفاع العذر قبل الانتهاء منه،فلو تيمّم و صلّى ثمّ ارتفع العذر وجبت عليه الإعادة،بل لو تيمّم و صلّى مع اليأس عن ارتفاع العذر ثمّ ارتفع اتّفاقا وجبت عليه الإعادة على الأظهر.

(مسألة 375):إذا تيمّم لصلاة فريضة أو نافلة لعذر ثمّ دخل وقت صلاة
اخرى و هو متطهّر بالتيمّم السابق،

جاز له المبادرة إلى تلك الصلاة في أوّل وقتها، و إن احتمل ارتفاع العذر أثناء الوقت أو آخره،فإذا صلّى و الحال هذه صحّت صلاته و إذا ارتفع العذر بعد ذلك فلا إعادة عليه على الأقرب.

(مسألة 376):لو دخل وقت الصلاة الفريضة على المكلّف و هو متطهّر
بالتيمّم السابق و دخل فيها،

ثمّ وجد الماء في أثنائها،فإن كان بعد الدخول في ركوع الركعة الاولى مضى في صلاته و صحّت على الأقوى،و إن كان قبل الدخول فيه استأنف من جديد.نعم،إذا كان واثقا و متأكّدا بوجدانه الماء خلال الساعات المتأخّرة من الوقت فالمبادرة إلى الصلاة في أوّل الوقت لا تخلو عن إشكال،فالأحوط الإعادة عندئذ لو لم تكن أقوى.

و قد تسأل:أنّ الحكم بالمضيّ و عدم وجوب الإعادة إذا وجد الماء بعد ركوع الركعة الاولى هل يختصّ بالفريضة أو يعمّ النافلة أيضا.

و الجواب:لا يبعد اختصاصه بالفريضة.

(مسألة 377):إذا تيمّم الجنب بدلا عن غسل الجنابة

كفاه عن الوضوء ما لم يصدر منه بعد التيمّم ما يوجب الوضوء،فإذا صدر منه شيء من ذلك وجب عليه الوضوء إن كان ميسورا و إلاّ تيمّم بدلا عنه،و إذا كان التيمّم بدلا

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 164)


عن الحدث الأكبر غير الجنابة كمسّ الميّت-مثلا-لم يكف عن الوضوء،و إذا كان محدثا بالأصغر قبل المسّ توضّأ إن أمكنه ذلك،و إلاّ تيمّم بدلا عن الوضوء أيضا،و إذا صدر منه حدث بعد التيمّم بدل الغسل وجب عليه أن يتوضّأ،و إن لم يمكن ذلك تيمّم بدلا عنه،و كلّ من كان على وضوء إذا مسّ ميّتا لم ينتقض وضوؤه،و إذا لم يتح له أن يغتسل فتيمّم و لم يحتج إلى وضوء أو تيمّم بدلا عنه.

(مسألة 378):لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل بعد دخول
الوقت،

و إذا تعمّد إراقة الماء بعد دخول وقت الصلاة،وجب عليه التيمّم مع اليأس من الماء و أجزأ،و لكنّه أثم،و لو تمكّن بعد ذلك وجبت عليه الإعادة في الوقت،و لا يجب القضاء إذا كان التمكّن خارج الوقت،و لو كان على وضوء لا يجوز إبطاله بعد دخول الوقت إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه،و لو أبطله و الحال هذه وجب عليه التيمّم و أجزأ أيضا و لكنّه أثم و مستحقّ للإدانة.و لو علم أنّه إذا أراق الماء أو أبطل وضوءه قبل الوقت لم يتمكّن فيه بعد الوقت فهل يجوز ذلك؟

و الجواب:الأظهر أنّه يجوز.نعم،لو علم بأنّه لو لم يتيمّم قبل الوقت أو أبطل تيمّمه لم يتمكّن منه بعد الوقت و أصبح فاقد الطهورين،فلا يبعد وجوبه في الفرض الأوّل،و عدم جواز إبطاله في الفرض الثاني.

(مسألة 379):يشرع التيمّم لكلّ ما هو مشروط بالطهارة من الفرائض
و النوافل،

و كذا كلّ ما يتوقّف كماله على الطهارة إذا كان مأمورا به على الوجه الكامل،كقراءة القرآن و صلاة الأموات فإنّها صحيحة من دون طهارة،و لكنّها مع الطهارة أفضل و أكمل،و يشرع التيمّم عوضا عن الوضوء أو الغسل لممارسة ما يحرم على غير المتوضّئ أو غير المغتسل كمسّ كتابة القرآن و قراءة آيات

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 165)


السجدة و دخول المساجد و المكث فيها و غير ذلك،كما أنّه يشرع للكون على الطهارة.

(مسألة 380):إذا تيمّم المحدث لغاية،

جازت له كلّ غاية و صحّت منه، فإذا تيمّم للكون على الطهارة صحّت منه الصلاة،و جاز له دخول المساجد و المشاهد و غير ذلك ممّا يتوقّف صحّته أو كماله على الطهارة المائيّة.نعم،لا يجزئ ذلك فيما إذا تيمّم لضيق الوقت،فإنّه لا يسوغ إلاّ العمل الّذي ضاق وقته دون غيره ممّا لا يتوفّر فيه هذا المسوّغ،فإذا وجب على الجنب دخول المساجد فورا لإنقاذ حياة مسلم يتعرّض للخطر فيه و لم يكن الوقت متّسعا للغسل فيتيمّم و يدخل فإنّ هذا التيمّم لا يكون مسوّغا إلاّ للعمل الّذي ضاق وقته و هو الدخول في المسجد دون غيره من الأعمال المشروطة بالطهارة.

(مسألة 381):إذا تمكّن المتيمّم من الطهارة المائيّة في وقت يتّسع لها،

فإذا لم يمارسها فيه و تركها،انتقض تيمّمه سواء أ تعذّرت الطهارة عليه بعد ذلك أم لا، و أمّا من كان متيمّما بتيمّمين أحدهما بدلا عن الغسل و الآخر بدلا عن الوضوء فإذا وجد ماء فإن كان وافيا بالوضوء انتقض ما هو بدل عنه خاصّة،و إن كان وافيا بالغسل فبناء على أنّ غسل غير الجنابة لا يغني عن الوضوء بطل كلا التيمّمين معا،فالنتيجة هي التخيير بين صرف الماء في الوضوء و التيمّم بدلا عن الغسل أو بالعكس،و أمّا بناء على ما هو الصحيح من أنّه يغني عن الوضوء فيتعيّن صرف الماء في الغسل؛لأنّه يتضمّن الطهارة الغسليّة و الوضوئيّة معا دون العكس.

(مسألة 382):إذا وجد جماعة متيمّمون ماء مباحا لا يكفي إلاّ لأحدهم،

فإن تسابقوا إليه جميعا و لم يسبق أحدهم الماء من جهة المزاحمة و الممانعة،لم يبطل

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 166)


تيمّم أيّ واحد منهم،و إن سبق واحد منهم بطل تيمّم السابق دون الآخرين، و إن لم يتسابقوا إليه،بطل تيمّم الجميع،و كذا إذا كان الماء مملوكا و أباحه المالك للجميع،و إن أباحه لبعضهم بطل تيمّم ذلك البعض لا غير.

(مسألة 383):حكم التداخل الّذي مرّ سابقا في الأغسال يجري في
التيمّم أيضا،

فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل يكفي تيمّم واحد عن الجميع، و حينئذ فإن كان من جملتها الجنابة لم يحتج إلى الوضوء أو التيمّم بدلا عنه،و إلاّ وجب الوضوء أو تيمّم آخر بدلا عنه،إذا كان محدثا بالأصغر أيضا،أو كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسّطة.

(مسألة 384):إذا اجتمع جنب و محدث بالأصغر و ميت،و كان هناك ماء
لا يكفي إلاّ لأحدهم،

فإن كان مملوكا لأحدهم تعيّن صرفه لنفسه،و إلاّ فالمشهور أنّه يغتسل الجنب،و ييمّم الميّت،و يتيمّم المحدث بالأصغر،و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع؛لأنّ الأمر إذا دار بين الجنب و الميّت فلا يبعد تقديم الجنب على الميّت على أساس أنّ الجنب لا يدري أنّ تكليفه في هذه الحالة هل هو اغتساله بالماء من الجنابة أو صرفه في غسل الميّت،فيقع التزاحم حينئذ بين وجوب الصلاة مع الطهارة المائيّة و وجوب غسل الميّت،و بما أنّه لا يتمكّن من الجمع بينهما فلا يبعد ترجيح الأوّل على الثاني،و كذلك الحال إذا دار الأمر بين المحدث بالحدث الأصغر و بين الميّت من دون أدنى فرق بينهما من هذه الجهة، و أمّا إذا دار الأمر بين الجنب و المحدث بالأصغر فعندئذ إن سبق أحدهما الآخر في الاستيلاء على الماء فهو مأمور باستعماله و الآخر بالتيمّم،و إن لم يسبق من جهة وقوع التزاحم و التمانع بينهما كان كلّ منهما مأمورا بالتيمّم.

(مسألة 385):إذا شكّ في وجود حاجب في بعض مواضع التيمّم

فحاله حال الوضوء و الغسل في وجوب الفحص حتّى يحصل اليقين أو الاطمئنان بالعدم.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 167)


المقصد السادس
الطهارة من الخبث

و فيه فصول:

الفصل الأوّل
في عدد الأعيان النجسة

و هي عشرة:

الأوّل،و الثاني:البول و الغائط

من الإنسان و من كلّ حيوان بريّا كان أو بحريّا،و سواء أ كان خروجهما من القبل و الدبر أو من غيرهما بصورة اعتياديّة أو غير اعتياديّة،و يستثنى من ذلك فضلات ثلاثة أصناف من الحيوان:

الأوّل:الحيوان المأكول لحمه شرعا،سواء كان من الطيور أم من سائر الأصناف،كالغنم و البقر و الإبل و الخيل و البغال و الدجاج و غير ذلك،شريطة أن لا يصبح جلاّلا بالعيش على العذرة مدّة،حتّى يشتدّ لحمه،و إلاّ حرم أكله و أصبح بوله نجسا ما دام على هذه الحالة،و موطوء الإنسان.نعم،الحكم بنجاسة خرئهما،لا يخلو عن إشكال بل لا يبعد عدمها،و إن كان الاحتياط في محلّه.

الثاني:البول و الخرء من الطيور بكلّ أصنافها من المأكول و غير المأكول.

الثالث:البول و الخرء من الحيوان الّذي ليس له دم سائل.

و قد تسأل:أنّ بول السمك المحرّم الّذي هو حيوان لحميّ و لكن ليس له

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 168)


دم سائل هل هو نجس أم لا؟

و الجواب:أنّ نجاسة بوله غير بعيدة أو لا أقلّ من الاحتياط،و أمّا خرؤه فالظاهر أنّه طاهر.

(مسألة 386):قد تسأل أنّه إذا أصاب ثوب الإنسان أو بدنه فضلة
حيوان و لم يدر أنّها نجسة أو لا،فهل يحكم بنجاستها؟

و الجواب:أنّ المكلّف إذا كان لا يعلم بأنّها من فضلة الحيوان الّذي يسوغ أكل لحمه أو من الحيوان الّذي لا يسوغ أكل لحمه،ففي هذه الحالة يحكم بطهارتها،و كذلك إذا كان لا يعلم بأنّها من الحيوان الّذي ليس له دم سائل،أو من الحيوان الّذي له دم سائل،فإنّ في هذه الحالة أيضا يحكم بطهارتها،و أمّا إذا كان على يقين بأنّها من الحيوان الّذي لا يسوغ أكل لحمه،و لكنّه لا يدري بأنّها من فضلات الطيور المحرّمة أو من الحيوانات الاخرى،ففي هذه الحالة يحكم بنجاستها.

الثالث:المنيّ من الإنسان رجلا كان أم امرأة،

و من كلّ حيوان له نفس سائلة و إن حلّ أكل لحمه،و أمّا منيّ الحيوان الّذي ليست له نفس سائلة،بمعنى لا يجري دمه من العروق بدفع و قوّة،كالسمك و الحشرات و غيرهما فهو طاهر.

الرابع:الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة

و إن كان محلّل الأكل،و كذا أجزاؤها المبانة منها و إن كانت صغارا،و نقصد بالميتة كلّ حيوان مات من دون تذكية شرعيّة سواء مات موتا طبيعيّا أو قتلا أو خنقا أو ذبحا على وجه غير شرعيّ.

(مسألة 387):الجزء المقطوع من الحيّ بمنزلة الميتة،

و يستثنى من ذلك الثالول،و البثور،و ما يعلو الشفة و القروح و نحوها عند البرء،و قشور الجرب

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 169)


و نحوه،و المتّصل بما ينفصل من شعره،و ما ينفصل بالحكّ و نحوه من بعض الأبدان،فإنّ ذلك كلّه طاهر إذا فصل من الحيّ.

(مسألة 388):أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلّها الحياة طاهرة،

و هي الصوف،و الشعر،و الوبر،و العظم،و القرن،و المنقار،و الظفر،و المخلب، و الريش،و الظلف،و السنّ و البيضة إذا اكتست القشر الأعلى،و إن لم يتصلّب، سواء أ كان ذلك كلّه مأخوذا من الحيوان الحلال أو الحرام،و سواء اخذ بجزّ،أو نتف،أو غيرهما.نعم،يجب غسل المنتوف من رطوبات الميتة،و يلحق بالمذكورات الأنفحة و هي تخرج من بطن الجدي إذا مات حال ارتضاعه،فإنّ عادة أهل المواشي قد جرت على أنّه إذا مات حال ارتضاعه استخرجوا معدته و عصروها حتّى تجمد كالجبن،و يسمّى ذلك بالإنفحة،و كذلك اللبن في الضرع، إذا كان من الحيوان الّذي يؤكل لحمه،و أمّا إذا كان من الحيوان الّذي لا يؤكل لحمه فهو نجس،و لا ينجس بملاقاة الضرع،هذا كلّه في ميتة طاهرة العين،أمّا ميتة نجسة العين فلا يستثنى منها شيء.

(مسألة 389):فأرة المسك طاهرة،

إذا انفصلت من الظبي الحيّ،و هي اسم لمادّة منجمدة من دم الغزال يحوطها جلد يسمّى بفأرة المسك.

أمّا إذا انفصلت من الميّت،فهل هي طاهرة أو نجسة؟

و الجواب:لا يبعد طهارتها و إن كان الاحتياط في محلّه،و مع الشكّ في ذلك يبنى على الطهارة،و أمّا المسك فهو طاهر على كلّ حال و إن كان مأخوذا من ميّت بل و إن كان يعلم برطوبته المسرية حال موت الظبي.

(مسألة 390):ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة،كالوزغ،و العقرب
و السمك،

و منه الخفّاش على ما قضى به الاختبار،و كذا ميتة ما يشكّ في أنّ له نفسا سائلة أم لا.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 170)


(مسألة 391):المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر،غير التذكية

على الوجه الشرعيّ كما تقدّم.

(مسألة 392):ما يؤخذ من يد المسلم،أو سوقهم من اللحم و الشحم،
و الجلد،إذا شكّ في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة و الحليّة ظاهرا،

بل لا يبعد ذلك حتّى لو علم بسبق يد الكافر عليه إذا احتمل أنّ المسلم قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعيّ،و كذا ما صنع في أرض الإسلام،أو وجد مطروحا في أرض المسلمين إذا كان عليه أثر الاستعمال منهم الدالّ على التذكية،مثل ظرف الماء و السمن و اللبن الكاشف عن أنّه كان تحت أيديهم و في حيازتهم.

(مسألة 393):المذكورات إذا اخذت من أيدي الكافرين محكومة
بالطهارة أيضا،

إذا احتمل أنّها مأخوذة من المذكّى،لكنّه لا يجوز أكلها،و لا الصلاة فيها ما لم يحرز أخذها من المذكّى،و لو من جهة العلم بسبق يد المسلم عليها.

(مسألة 394):السقط قبل ولوج الروح يعتبر ميتة على الأحوط،

و كذا الفرخ في البيض قبل أن تلجه الروح.

(مسألة 395):الأنفحة هي ما يستحيل إليه اللبن الّذي يرتضعه الجدي،

أو السخل قبل أن يأكل كما مرّ.

الخامس:الدّم من الحيوان ذي النفس السائلة،

أمّا دم ما لا نفس له سائلة كدم السمك،و البرغوث،و القمل،و نحوها فإنّه طاهر،و كذا الدّم الّذي يمتصّه البرغوث أو القمل و نحوهما من الإنسان أو الحيوان فإنّه طاهر.

(مسألة 396):إذا وجد في ثوبه-مثلا-دما لا يدري أنّه من الحيوان
ذي النفس السائلة أو من غيره

بنى على طهارته.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 171)


(مسألة 397):دم العلقة المستحيلة من النطفة نجس،

و الدّم الّذي قد يتّفق وجوده في البيضة فهو طاهر.نعم،إذا لم يستهلك فابتلاعه غير جائز.

(مسألة 398):كلّ دم يبقى في لحم الذبيحة و عروقها و كبدها و بطنها

و ما شابه ذلك بعد خروج المقدار المعتاد من محلّ الذّبح إلى الخارج فهو طاهر.

(مسألة 399):إذا خرج من الجرح،أو الدّمل شيء أصفر يشكّ في أنّه
دم أم لا،

يحكم بطهارته،و كذا إذا شكّ من جهة الظلمة أنّه دم،أم قيح،و لا يجب عليه الاستعلام،و كذلك إذا حكّ جسده فخرجت رطوبة يشكّ في أنّها دم، أو ماء أصفر يحكم بطهارتها،و إذا علم أنّ على ثوبه دما و لكنّه شكّ في أنّه من دم الغنم-مثلا-حتّى يكون نجسا أو من السمك حتّى يكون طاهرا فهو طاهر.

نعم،إذا علم أنّ على ثوبه دما و لكن لا يدري أنّه من دم بدنه لكي يكون نجسا أو هو من بعوضة امتصّته منه أو من إنسان آخر أو حيوان له دم سائل لكي يكون طاهرا فهو نجس.

(مسألة 400):الدّم الّذي قد يوجد في اللبن عند الحلب،نجس
و منجّس له.
السادس،و السابع:الكلب و الخنزير البرّيّان

بجميع أجزائهما من العظم و الشعر و اللحم و السنّ و الظفر سواء كانا حيّين أم ميّتين نجس ذاتا و عينا من دون فرق بين أنواع الكلاب.نعم،لا تشمل النجاسة كلب البحر و لا خنزير البحر و أمّا ما عداهما من الحيوانات فهو طاهر بكلّ أصنافها.

الثامن:المسكر المائع المتّخذ من العنب

و هو الخمر نجس عينا و ذاتا دون مطلق المسكر،سواء كان مائعا أم جامدا كالحشيشة فإنّها طاهرة،و أمّا المسكرات المائعة المتّخذة من غير العنب فهي محرّمة و لا تكون نجسة حتّى النبيذ

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 172)


على الأظهر،و بكلمة أنّ النجس عينا من المسكرات الخمر فحسب دون سائر المسكرات سواء كانت مائعة أم جامدة.

(مسألة 401):العصير العنبيّ إذا غلى بالنار،

فالظاهر بقاؤه على الطهارة و إن صار حراما،فإذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالا،و لا يكفي ذهاب الثلثين بغير النار في الحكم بالحليّة،و أمّا إذا غلى العصير العنبيّ بالنشيش و من دون نار فهو حرام و نجس؛لأنّه خمر مأخوذ من العنب،فإذن فرق بين العصير العنبيّ المغليّ بالنار و العصير العنبيّ المغليّ بحرارة الشمس و بصورة تدريجيّة طبيعيّة فالأوّل حرام و ليس بنجس و الثاني حرام و نجس.

(مسألة 402):العصير الزبيبيّ و التمري لا ينجس و لا يحرم بالغليان بالنار
و لا بغيرها،

فيجوز وضع التمر و الزبيب و الكشمش في المطبوخات مثل المرق، و المحشّى و الطبيخ و غيرها،و كذا دبس التمر المسمّى بدبس الدّمعة.

التاسع:الفقاع،

و هو شراب مخصوص متّخذ من الشعير،و ليس ماء الشعير منه.

العاشر:الكافر،

و هو من لم ينتحل دينا أو انتحل دينا غير الإسلام أو انتحل الإسلام و جحد ما يعلم أنّه من الدين الإسلاميّ،بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة،و لا فرق بين المرتدّ و الكافر الأصليّ و الحربيّ و الذّميّ،هذا في غير الكتابيّ،أمّا الكتابيّ فالمشهور نجاسته و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع، و الأظهر طهارته،و أمّا الخوارج و الغلاة و النواصب فالأظهر طهارتهم شرعا؛ لأنّ نجاستهم معنويّة لا اعتباريّة.

(مسألة 403):عرق الجنب من الحرام طاهر بل لا مانع من الصلاة فيه،

و إن كان الأحوط ترك الصلاة فيه و الاجتناب عنه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 173)


(مسألة 404):عرق الإبل الجلاّلة و غيرها من الحيوان الجلاّل طاهر،

و لكن لا تجوز الصلاة فيه.

الفصل الثاني
في كيفيّة سراية النجاسة إلى الملاقي
(مسألة 405):الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تسري النجاسة
إليه،

إلاّ إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية،يعني:تنتقل من أحدهما إلى الآخر بمجرّد الملاقاة،فإذا كانا يابسين أو نديّين جافّين لم يتنجّس الطاهر بالملاقاة، و كذا لو كان أحدهما مائعا بلا رطوبة كالذهب و الفضّة و نحوهما من الفلزّات، فإنّها إذا اذيبت في ظرف نجس لا تنجس.

(مسألة 406):الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض
نجسة،لا ينجس،

و إن سرت رطوبة الأرض إليه و صار ثقيلا بعد أن كان خفيفا، فإنّ مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة،و كذلك جدران المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة مثل الكنيف و نحوه فإنّ الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية و لا موجبة لتنجّسها،و إن كانت مؤثّرة في الجدار على نحو قد تؤدّي إلى الخراب.

(مسألة 407):يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع
جاريا بدفع و قوّة من الأعلى إلى الأسفل،

و إلاّ اختصّت النجاسة بموضع الملاقاة، و لا تسري إلى ما اتّصل به من الأجزاء،فإن صبّ الماء من الإبريق على شيء نجس من الأعلى إلى الأسفل لا تسري النجاسة إلى العمود المتّصل بموضع النجس فضلا عمّا في الإبريق،و كذا الحكم لو كان التدافع من الأسفل إلى الأعلى

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 174)


كما في الفوّارة أو من مكان من الأرض إلى مكان مواز له.

(مسألة 408):الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية
تنجّس موضع الاتّصال فحسب،

أمّا غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه،و إن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم،فالخيار أو البطيخ أو نحوهما إذا لاقته النجاسة يتنجّس موضع الاتّصال منه لا غير،و كذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق،و لو كان كثيرا فإنّه إذا لاقى النجاسة تنجّس الموضع الملاقي لا غير،إلاّ أن يجري العرق المتنجّس على الموضع الآخر فإنّه ينجّسه أيضا.

(مسألة 409):يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع
غليظا،

و إلاّ اختصّت بموضع الملاقاة لا غير،فالدبس الغليظ إذا أصابته النجاسة،لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه،بل يتنجّس موضع الاتّصال لا غير، و كذا الحكم في اللبن الغليظ.نعم،إذا كان المائع رقيقا سرت النجاسة إلى تمام أجزائه كالسمن و العسل،و الدّبس في أيّام الصيف،بخلاف أيّام البرد،فإنّ الغلظ مانع من سراية النجاسة إلى تمام الأجزاء،و الحدّ في الغلظ و الرقّة هو أنّ المائع إذا كان بحيث لو اخذ منه شيء بقي مكانه خاليا حين الأخذ،و إن امتلأ بعد ذلك فهو غليظ،و إن امتلأ مكانه بمجرّد الأخذ فهو رقيق،هذا هو الفارق بين الأشياء الطاهرة الجامدة و الأشياء الطاهرة المائعة،فإنّ الاولى يتنجّس منها محلّ الملاقاة المباشر خاصّة،و الثانية تتنجّس كلّها بالملاقاة يعني عرضا و طولا و عمقا.

(مسألة 410):الجسم الطاهر إذا لاقى عين النجس

تنجّس بلا فرق بين أن يكون ذلك الجسم الطاهر مائعا كالماء القليل أو نحوه،أو جامدا كالثوب أو الفرش أو اليد أو غير ذلك،كما أنّه لا فرق في ذلك بين أن تكون عين النجس مائعة أو جامدة.نعم،إنّ الملاقي إن كان مائعا سرت النجاسة بالملاقاة إلى جميع

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 175)


أجزائه،و إلاّ لم تسر إلاّ إلى محلّ الملاقاة فحسب كما مرّ،و إذا لاقى الجسم الطاهر المتنجّس الأوّل و هو المتنجّس بملاقاة عين النجس مباشرة،فإن كان ذلك المتنجّس الأوّل مائعا كالماء و الحليب و غيرهما تنجّس الملاقي له من دون فرق بين أن يكون ماء قليلا أو غيره،و إن كان جامدا و لم يكن فيه شيء من أجزاء عين النجس فحينئذ إن كان الملاقي له الماء القليل لم يتنجّس على الأظهر،و إن كان غيره تنجّس،و بكلمة أنّ الماء القليل يتنجّس بملاقاة عين النجس مباشرة، و لا يتنجّس بملاقاة المتنجّس الخالي عن عين النجس على الأظهر،و أمّا غير الماء القليل فهو يتنجّس بملاقاة المتنجّس الأوّل كما يتنجّس بملاقاة عين النجس.

(مسألة 411):قد تسأل أنّ المتنجّس الثاني و هو المتنجّس بواسطة
واحدة بينه و بين عين النجس هل ينجّس ما يلاقيه؟

و الجواب:أنّه لا ينجّسه على الأظهر،إذا كانت الواسطة بينه و بين عين النجس من الجوامد لا من المائعات.

مثال الأوّل:ثوب لاقى برطوبته الميتة ثمّ لاقت يدك و هي رطبة الثوب و لاقى الفراش بعد ذلك يدك برطوبة،فالثوب الّذي تنجّس بملاقاة عين النجس هو المتنجّس الأوّل،و يدك الّتي تنجّست بملاقاة الثوب يعني بواسطة واحدة بينه و بين عين النجس هي المتنجّس الثاني بعد الأوّل في تسلسل المتنجّسات.

و أمّا الفراش الّذي لاقى برطوبة المتنجّس الثاني و هو يدك في المثال فهل يتنجّس بذلك؟

و الجواب:أنّه لا يتنجّس بذلك على الأظهر،إذ يكون بينه و بين عين النجس واسطتان هما الثوب و اليد،فلا تسري النجاسة إلى ما تفصله عن عين النجس واسطتان،و هذا معنى قولنا إنّ المتنجّس الأوّل ينجّس،و إنّ المتنجّس

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 176)


الثاني لا ينجّس،و نريد بالمتنجّس الأوّل ما كان متنجّسا بعين النجس مباشرة و نريد بالمتنجّس الثاني ما كان متنجّسا بواسطة واحدة بينه و بين عين النجس.

مثال الثاني:ماء قليل لاقى الميتة ثمّ وقع الماء على الثوب و لاقى الثوب بعد ذلك الفراش برطوبة،و على هذا فبين الفراش و بين عين النجس واسطتان هما الماء القليل و الثوب،و حيث أنّ الواسطة الاولى من المائعات فهي لا تحسب واسطة،و كأنّ بين الفراش و عين النجس واسطة واحدة و هي الثوب،فتسري النجاسة أي تمتدّ من عين النجس إلى ملاقيها بواسطة واحدة و لكن على الأحوط.

(مسألة 412):تثبت النجاسة بالعلم،و بشهادة العدلين،

و بإخبار ذي اليد،بل بإخبار مطلق الثقة أيضا على الأظهر.

(مسألة 413):لا يتنجّس بدن الحيوان بملاقاة عين النجس،

فإن التصق ببدنه شيء من عين النجس كان الملتصق هو النجس دون بدنه،فإذا ازيل عنه فلا مبرّر للاجتناب عنه،و من هذا القبيل باطن الإنسان فإنّه لا يتنجّس بملاقاة النجس الخارجيّ،كما أنّ الجسم من الخارج إذا وصل إليه و لاقى النجس فيه لا يتنجّس.

(مسألة 414):ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز و الزيت و العسل
و نحوها من المائعات و الجامدات طاهر،

إلاّ أن يعلم بالنجاسة،و كذلك ثيابهم و أوانيهم و غيرها من متعلّقاتهم.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 177)


الفصل الثالث
في أحكام النجاسة
(مسألة 415):يشترط في صحّة الصلاة الواجبة و المندوبة و كذلك في
أجزائها المنسيّة طهارة بدن المصلّي و توابعه

من شعره،و ظفره،و نحوهما،و طهارة ثيابه من غير فرق بين الساتر و غيره،و الطواف الواجب و المندوب كالصلاة في ذلك على الأحوط.

(مسألة 416):الغطاء الّذي يتغطّى به المصلّي إيماء إن كان ملتفا به المصلّي

بحيث يصدق أنّه صلّى فيه وجب أن يكون طاهرا،و إلاّ فلا.

(مسألة 417):يشترط في صحّة الصلاة طهارة محلّ السجود،

و هو ما يحصل به مسمّى وضع الجبهة،دون غيره من مواضع السجود،و إن كان اعتبار الطهارة فيها أحوط استحبابا.

(مسألة 418):كلّ واحد من أطراف الشبهة المحصورة بحكم النجس،

فلا يجوز لبسه في الصلاة،و لا السجود عليه،بخلاف ما هو من أطراف الشبهة غير المحصورة.

(مسألة 419):إذا كان ثوب المصلّي أو بدنه أو مسجده نجسا و كان
جاهلا بمانعيّة النجاسة في الصلاة و صلّى في هذه الحالة،

فحينئذ إن كان جاهلا مركّبا حكم بصحّة صلاته حتّى و لو كان عن تقصير،و إن كان بسيطا فإن كان معذورا فيه كما في موارد الجهل بالحكم بعد الفحص حكم بصحّة صلاته أيضا، و إن لم يكن معذورا فيه كالجهل بالمانعيّة أو الجزئيّة أو الشرطيّة قبل الفحص حكم ببطلان صلاته و لزوم إعادتها،و على هذا فمن صلّى في ثوب علم بوجود

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 178)


دم فيه،و لكنّه جاهل بنجاسته بمعنى أنّه لا يعلم أنّه نجس أو لا،أو عالم بنجاسته و لكنّه جاهل بمانعيّتها عن الصلاة و شاكّ فيها،فحينئذ إن كان جهله بذلك عن تقصير بطلت صلاته،و إلاّ صحّت.

(مسألة 420):لو كان جاهلا بالنجاسة و لم يعلم بها حتّى فرغ من صلاته

فلا إعادة عليه في الوقت،و لا القضاء في خارجه،و كذلك إذا كان معتقدا بالطهارة و بعد الصلاة علم بالنجاسة،و أنّه قد صلّى بها جزما،فإنّه لا شيء عليه حتّى و لو كان الوقت باقيا و لم يمض بعد.

(مسألة 421):لو علم في أثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة،

فإن كان الوقت واسعا بطلت و استأنف الصلاة من جديد،و إن كان الوقت ضيّقا حتّى عن إدراك ركعة،فإن أمكن التبديل أو التطهير في الأثناء بلا لزوم المنافي وجب عليه ذلك و أتمّ صلاته،و إلاّ صلّى فيه و الأحوط وجوبا القضاء.

(مسألة 422):لو عرضت النجاسة في أثناء الصلاة،

فإن أمكن التطهير أو التبديل،على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك و واصل صلاته و لا إعادة عليه، و إذا لم يمكن ذلك،فإن كان الوقت واسعا استأنف الصلاة بالطهارة من جديد، و إن كان ضيّقا فمع عدم إمكان النزع لبرد و نحوه و لو لعدم الأمن من الناظر المحترم و اصل صلاته و لا شيء عليه،و لو أمكنه النزع و لكن لا ساتر له غيره فالأظهر وجوب الإتمام فيه،و إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة و لكنّه لا يدري أنّها قد طرأت عليه الآن أو كانت موجودة سابقا،فإنّه يبني على أنّها أصابته الآن و يعمل كما تقدّم.

(مسألة 423):إذا علم بأنّ على ثوبه أو بدنه نجاسة ثمّ ذهل عنها و نسي
و صلّى فيه بطلت صلاته،

و حينئذ فإن تذكّر في الوقت أعادها فيه و إن تذكّر بعد الوقت قضاها.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 179)


(مسألة 424):إذا تذكّر و هو في الصلاة أنّ ثوبه هذا الّذي يصلّي فيه الآن
نجس من قبل أن يبدأ بالصلاة،

و لكن قد ذهل عن نجاسته و نسيها فصلاته باطلة، و مثله من علم و هو في أثناء الصلاة أنّ ثوبه نجس من قبل أن يشرع في الصلاة، و لكنّه كان جاهلا بذلك حين دخل في صلاته،فإنّ صلاته باطلة كالناسي.

(مسألة 425):إذا طهّر ثوبه النجس،و صلّى فيه ثمّ تبيّن أنّ النجاسة باقية
فيه،

لم تجب الإعادة و لا القضاء؛لأنّه كان جاهلا بالنجاسة.

(مسألة 426):إذا لم يجد إلاّ ثوبا نجسا،

فإن لم يمكن نزعه لبرد و نحوه صلّى فيه بلا إشكال و لا يجب عليه القضاء.

و إن أمكن نزعه فهل وظيفته الصلاة في الثوب النجس أو الصلاة عاريا؟

و الجواب:لا يبعد أن تكون وظيفته التخيير،و إن كان الأحوط اختيار الصلاة في الثوب النجس،بل الأحوط الجمع بينهما.

(مسألة 427):إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالا بنجاسة أحدهما وجبت
الصلاة في كلّ منهما،

و لو كان عنده ثوب ثالث يعلم بطهارته تخيّر بين الصلاة فيه و الصلاة في كلّ منهما.

(مسألة 428):إذا تنجّس موضع من بدنه و موضع من ثوبه أو موضعان
من بدنه أو من ثوبه،

و لم يكن عنده من الماء ما يكفي لتطهيرهما معا،لكن كان يكفي لأحدهما وجب تطهير أحدهما مخيّرا،إلاّ مع الدوران بين الأقلّ و الأكثر فيختار تطهير الأكثر.

(مسألة 429):يحرم أكل النجس و شربه،

و يجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 180)


(مسألة 430):لا يجوز بيع الميتة و الخمر و الخنزير و الكلب غير الصيود،

و لا بأس ببيع غيرها من الأعيان النجسة،و المتنجّسة إذا كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها عند العقلاء على نحو يبذل بإزائها المال.

و إن لم تكن لها منفعة محلّلة معتدّ بها كذلك،و إن كانت لها منفعة محلّلة جزئيّة فهل يجوز بيعها؟

و الجواب:لا يبعد جوازه و إن كان الاحتياط في محلّه.

(مسألة 431):يحرم تنجيس المساجد و بنائها،و سائر آلاتها و كذلك
فراشها و ظروفها،

و أمّا إذا تنجّس شيء من ذلك فوجوب التطهير كفائيّا مختصّ بالمسجد و جدرانه و موادّ بنائه،و لا يشمل الأشياء المنفصلة،بل يحرم إدخال النجاسة العينيّة غير المتعدّية إليه،إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد،مثل وضع العذرات و الميتات فيه،و لا بأس به مع عدم الهتك،و لا سيّما فيما لا يعتدّ به لكونه من توابع الإنسان الداخل فيه،مثل أن يدخل الإنسان و على ثوبه أو بدنه دم لجرح أو قرحة أو نحو ذلك.

(مسألة 432):تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة من المسجد إذا استلزمت
هتك حرمته،

و إلاّ فوجوبها مبنيّ على الاحتياط،و بذلك يظهر حال المسائل الآتية،و أمّا آلاته و فراشه فعلى الأحوط استحبابا،و لو دخل المسجد ليصلّي فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلى إزالتها مقدّما لها على الصلاة في سعة الوقت، لكن لو صلّى و ترك الإزالة عصى و صحّت الصلاة،أمّا في الضيق فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدّما لها على الإزالة.

(مسألة 433):إذا توقّف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب
تطهيره إذا كان يسيرا لا يعتدّ به،

و أمّا إذا كان التخريب مضرّا بالوقف ففي

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 181)


جوازه فضلا عن الوجوب إشكال،بل منع حتّى فيما إذا وجد باذل لتعميره.

(مسألة 434):إذا كان تنجّس المسجد أو شيء من توابعه بفعل شخص
معيّن وجب عليه تطهيره،

مضافا إلى الوجوب الكفائيّ العامّ،و إذا امتنع عن القيام بواجبه و قام غيره بذلك،و أنفق بإذن الحاكم الشرعيّ في سبيل تطهيره، فله أن يطالب ذلك الشخص بالتعويض عمّا أنفقه على أساس أنّه المسئول المباشر،و إذا امتنع عن التعويض فللحاكم الشرعيّ إجباره على ذلك،و إذا لم يكن تنجيسه بفعل شخص خاصّ،و توقّف تطهيره على بذل مال وجب بذله كفاية، و إذا كان ضرريّا بحاله لم يجب عليه،و حينئذ فيجب على الكلّ القيام بذلك، و إلاّ فعلى الحاكم الشرعيّ أن ينفق من بيت المال.

(مسألة 435):إذا توقّف تطهير المسجد على تنجّس بعض المواضع
الطاهرة وجب،

إذا كان يطهر بعد ذلك.

(مسألة 436):إذا لم يتمكّن الإنسان من تطهير المسجد وجب عليه إعلام
غيره،

إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه.

(مسألة 437):إذا تنجّس حصير المسجد فقد تقدّم أنّه لا يجب تطهيره

لا على الشخص المنجّس و لا على غيره و إن لم يستلزم الفساد.

(مسألة 438):لا يجوز تنجيس المسجد الّذي صار خرابا،

و إن كان لا يصلّي فيه أحد،و يجب تطهيره إذا تنجّس.

(مسألة 439):إذا علم إجمالا بنجاسة أحد المسجدين،أو أحد المكانين
من مسجد

وجب تطهيرهما.

(مسألة 440):يلحق بالمساجد المصحف الشريف و المشاهد المشرّفة
و الضرائح المقدّسة و التربة الحسينيّة

بل تربة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سائر الأئمّة عليهم السّلام

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 182)


المأخوذة للتبرّك،فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها و هدر كرامتها،و تجب إزالة النجاسة عنها حينئذ.

(مسألة 441):إذا غصب المسجد و جعل طريقا أو دكانا أو خانا أو نحو
ذلك،

ففي حرمة تنجيسه و وجوب تطهيره إشكال،و الأقوى عدم وجوب تطهيره من النجاسة الطارئة عليه بعد الخراب،و أمّا معابد الكفّار فلا يحرم تنجيسها،و لا تجب إزالة النجاسة عنها.نعم،إذا اتّخذت مسجدا بأن يتملّكها وليّ الأمر،ثمّ يجعلها مسجدا،جرى عليها جميع أحكام المسجد.

تتميم
فيما يعفى في الصلاة من النجاسات،و هو امور:
الأوّل:دم الجروح و القروح في البدن و اللباس

ما لم يبرأ الجرح أو القرح، قلّ هذا الدّم أو كثر في الثوب أو البدن،و لا فرق في ذلك بين الجرح في ظاهر البدن أو في باطنه كالبواسير الداخليّة إذا خرج دمها و سرى إلى اللباس أو البدن، و كذا الجرح أو القرح الباطنيّ الّذي هو في حكم الظاهر كالجرح في الفم أو الاذن.

نعم،لا يشمل العفو الدّم الخارج من الجرح أو القرح في صدر الإنسان أو كبده أو معدته،و لكن هذا العفو منوط بمشقّة التطهير و الإزالة أو التبديل نوعا،و إلاّ فلا مبرّر للعفو.

(مسألة 442):كما يعفى عن الدّم المذكور،يعفى أيضا عن القيح المتنجّس
به،

و الدواء الموضوع عليه عادة و العرق المتّصل به،و الأحوط-استحبابا-شدّه إذا كان في موضع يتعارف شدّه.

(مسألة 443):إذا كانت الجروح و القروح المتعدّدة متقاربة،

بحيث تعدّ

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 183)


جرحا واحدا عرفا،جرى عليه حكم الواحد،فلو برأ بعضها لم يجب غسله، بل هو معفوّ عنه حتّى يبرأ الجميع.

(مسألة 444):إذا شكّ في الدّم أنّه دم جرح أو قرح أو لا،لا يعفى عنه،

و إذا شكّ الجريح أو القريح أنّ جرحه أو قرحه هل برأ أم لا،كما إذا كان جرحا أو قرحا داخليّا بنى على أنّه باق،و لا يجب عليه تطهير ما رشح منه من الدّم ما لم يقطع بالبرء.

الثاني:الدّم في البدن و اللباس إذا كانت سعته أقلّ من الدرهم البغليّ،

و لم يكن من دم نجس العين،و لا من الميتة،و لا من غير مأكول اللحم،و إلاّ فلا يعفى عنه على الأظهر،و الأحوط استحبابا إلحاق الدّماء الثلاثة-الحيض و النفاس و الاستحاضة-بالمذكورات،و لا يلحق المتنجّس بالدّم به.

(مسألة 445):إذا تفشّى الدّم من أحد الجانبين إلى الآخر فهو دم واحد.

نعم،إذا كان قد تفشّى من مثل الظهارة إلى البطانة،فهو دم متعدّد فيلحظ التقدير المذكور على فرض اجتماعه،فإن لم يبلغ المجموع سعة الدرهم عفي عنه،و إلاّ فلا، و كذلك إذا كان الدّم نقاطا صغيرة في مواضع متعدّدة من ثوب المصلّي.

(مسألة 446):إذا اختلط الدّم بغيره من قيح أو ماء أو غيرهما لم يعف عنه.
(مسألة 447):إذا تردّد قدر الدّم بين المعفوّ عنه،و هو ما دون الدرهم،
و الأكثر و هو بقدر الدرهم،و ما زاد

بنى على العفو،و كذلك إذا كانت سعة الدّم أقلّ من الدرهم،و شكّ في أنّه من الدّم المعفوّ عنه أو من غيره،بنى على العفو و لم يجب الاختبار،و إذا انكشف بعد الصلاة أنّه من غير المعفوّ لم تجب الإعادة.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 184)


(مسألة 448):الظاهر أنّ الدرهم يساوي عقد السبّابة في الرجل

الّذي يعتبر اعتياديّا في حجم أصابعه و السبّابة.

الثالث:الملبوس الّذي لا تتمّ به الصلاة وحده

-يعني لا يستر العورتين- كالخفّ،و الجورب،و التكّة،و القلنسوة،و الخاتم،و الخلخال،و السوار،و نحوها، فإنّه معفوّ عنه في الصلاة،إذا كان متنجّسا و لو بنجاسة من غير المأكول،بشرط أن لا يكون فيه شيء من أجزائه،و إلاّ فلا يعفى عنه،و لا يشمل هذا العفو اللباس المتّخذ من الميتة كجلدها،و اللباس المتّخذ من نجس العين كشعر الكلب أو الخنزير،و اللباس المتّخذ من المتنجّس بفضلات الحيوان الّذي لا يؤكل لحمه، و كان شيء منها لا يزال موجودا فيه،و كذلك إذا وجد عليه أيّ شيء من أجزائه.

(مسألة 449):الأظهر عدم العفو عن المحمول المتّخذ من أجزاء ما لا
يؤكل لحمه،

سواء أ كان نجس العين كالكلب و الخنزير،أو لا،كالأرنب و الثعلب و نحوهما،و كذلك عدم العفو عن المحمول المتّخذ من أجزاء الميتة الّتي تحلّها الحياة، و أمّا المحمول المتنجّس فهو معفوّ عنه حتّى إذا كان ممّا تتمّ فيه الصلاة،فضلا عمّا لا تتمّ الصلاة به كالساعة و الدراهم و السكّين و المنديل الصغير و نحوها.

الرابع:ثوب الامّ المربّية للطفل الذكر،

فإنّه معفوّ عنه إذا تنجّس ببول الطفل شريطة أن لا يكون عندها غيره،و أن تغسله في اليوم و الليلة مرّة،مخيّرة بين ساعاته،و لا يتعدّى من الامّ إلى مربيّة اخرى،و لا من الذكر،إلى الانثى، و لا من البول إلى غيره،و لا من الثوب إلى البدن،و لا من المربّية إلى المربّي، و لا من ذات الثوب الواحد إلى ذات الثياب المتعدّدة،مع عدم حاجتها إلى لبسهنّ جميعا،و إلاّ فهي كالثوب الواحد،هذا هو المشهور،و لكنّه لا يخلو عن إشكال، بل منع،و الأظهر عدم العفو،غاية الأمر إذا كان ذلك حرجيّا عليها،جاز لها أن تصلّي في الثوب المتنجّس،كما هو الحال في سائر موارد ما إذا كان التطهير حرجيّا.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 185)


الفصل الرابع
في المطهّرات
و هي امور:
الأوّل:الماء

و هو مطهّر لكلّ متنجّس يغسل به على نحو يستولي على المحلّ النجس،كما أنّه مطهّر للماء النجس أيضا بالاتّصال به على تفصيل تقدّم في أحكام المياه.نعم،لا يطهر الماء المضاف في حال كونه مضافا،و كذا غيره من المائعات.

(مسألة 450):يعتبر في التطهير بالماء امور:

الأوّل:أن يكون الماء طاهرا،فلا يحصل التطهير بالماء النجس.

الثاني:أن لا يتنجّس الماء خلال عمليّة الغسل بالتغيّر بأحد أوصاف النجس أو بالملاقاة بعين النجس إذا كان الماء قليلا.

الثالث:أن يبقى الماء مطلقا إلى أن يكتمل الغسل،و أمّا إذا صار مضافا خلال عمليّة التطهير و قبل اكتمالها فلا يكون مطهّرا.

الرابع:إزالة عين النجاسة عن الشيء المتنجّس،إمّا قبل الغسل أو بنفس الغسل.

الخامس:استيلاء الماء على موضع النجس،و به يتحقّق مفهوم الغسل عرفا،و لا يتوقّف على انفصال الغسالة عن المتنجّس.

هذه هي الشروط العامّة للتطهير،من غير فرق بين أن يكون بالماء الكثير أو القليل.نعم،يختلف التطهير بالماء القليل عن التطهير بالماء الكثير في موارد:

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 186)


1-الثوب المتنجّس بالبول إذا غسل بالماء القليل اعتبر مرّتين،و إذا غسل بالماء الكثير كالجاري كفى مرّة واحدة.

2-الإناء الّذي يستعمل في الطعام و الشراب،إذا شرب الكلب منه أو ولغ فيه،يغسل بالتراب الطاهر الممزوج بشيء من الماء أوّلا،ثمّ غسل بالماء، فإن كان بالماء القليل فمرّتين و الأحوط ضمّ المرّة الثالثة إليهما أيضا،و يلحق بذلك لطع الكلب الإناء من دون شرب على الأحوط،و إن كان بالماء الكثير أو الجاري فمرّة واحدة.

3-الأشياء الّتي تنفذ فيها النجاسة المائعة كالملابس و الفراش و الوسائد و غيرها إذا تنجّست بتلك النجاسة و نفذت في أعماقها،فإن غسلت بالماء القليل وجب فركها و دلكها عند عمليّة الغسل و التطهير على الأحوط،و إن غسلت بالماء الكثير كفى نفوذ الماء فيها.

4-أواني الطعام و الشراب إذا تنجّست بصورة عامّة،فإن غسلت بالماء القليل فثلاث مرّات،و إلاّ كفى مرّة واحدة.

(مسألة 451):إذا تنجّس مثل الصابون،و الطين و الخزف و الخشب و الخبز
و نحوها،

و نفذت النجاسة في أعماقها،كفى في تطهير تلك الأعماق نفوذ الماء و تسرّبه إليها،على الرغم من أنّ المتسرّب من الماء إلى الأعماق ليس إلاّ مجرّد رطوبات،و لا يتحقّق بذلك الغسل و الاستيلاء،و لكن مع هذا يحكم بطهارة أعماقها و بواطنها،على أساس ما هو المرتكز في أذهان العرف العامّ من أنّ تطهير كلّ شيء و غسله بحسبه،و عليه فيمكن تطهير الباطن بأحد الطريقين:الأوّل بوضعه في الماء حتّى يتسرّب إلى أعماقه،و الآخر:أن يصبّ الماء عليه على نحو يصل إلى ما وصل إليه النجس،و يزول بذلك الاستقذار العرفيّ لاستهلاك الأجزاء

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 187)


المائيّة النجسة الداخلة فيه،و إن كان الأولى في هذه الحالة تجفيفه أوّلا ثمّ تطهيره بما عرفت.

(مسألة 452):الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجّس يطهر بالغسل بالماء

إذا بقي الماء على إطلاقه إلى أن يتمّ غسله،و لا يضرّ صيرورته مضافا حين الإخراج.

(مسألة 453):العجين النجس يطهر إن خبز و جفّف و وضع في الماء
الكثير،

على نحو ينفذ الماء إلى أعماقه،و مثله الطين المتنجّس إذا جفّف و وضع في الماء الكثير،حتّى ينفذ الماء إلى أعماقه،فإنّ حكمه حكم الخبز المتنجّس الّذي نفذت الرطوبة النجسة إلى باطنه.

(مسألة 454):الثوب المتنجّس بالبول إذا طهّر بالقليل غسل مرّتين،

و المتنجّس بغير البول و منه المتنجّس بالمتنجّس بالبول يكفي في تطهيره غسلة واحدة،هذا مع زوال العين قبل الغسل،أمّا لو ازيلت بالغسل،فإن كانت الإزالة بالماء القليل وجب غسله مرّة اخرى،و إن كان المتنجّس بغير البول و إن كانت بالماء الكثير أو الجاري كفى مرّة واحدة و إن كان المتنجّس بالبول.

(مسألة 455):الآنية إن تنجّست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره
ممّا يصدق معه الولوغ،

غسلت بالماء القليل ثلاثا اولاهنّ بالتراب ممزوجا بالماء، و غسلتان بعدها بالماء،و الأحوط ضمّ الغسلة الثالثة إليهما أيضا،و إذا غسلت في الكثير أو الجاري تكفي غسلة واحدة بعد غسلها بالتراب ممزوجا بالماء.

(مسألة 456):إذا لطع الكلب الإناء أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه

فالأحوط أنّه بحكم الولوغ في كيفيّة التطهير،و ليس كذلك ما إذا باشره بلعابه، أو تنجّس بعرقه،أو سائر فضلاته،أو بملاقاة بعض أعضائه.نعم،إذا صبّ الماء الّذي ولغ فيه الكلب في إناء آخر جرى عليه حكم الولوغ.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 188)


(مسألة 457):الآنية الّتي يتعذّر تعفيرها بالتراب الممزوج بالماء تبقى على
النجاسة،

أمّا إذا أمكن إدخال شيء من التراب الممزوج بالماء في داخلها و تحريكه بآلة بحيث يستوعبها،أجزأ ذلك في غسلها بالتراب،ثمّ يغسلها بالماء.

(مسألة 458):يجب أن يكون التراب الّذي يعفّر به الإناء طاهرا

قبل الاستعمال على الأحوط.

(مسألة 459):إذا كان الإناء متنجّسا بسبب شرب الخنزير منه غسل
سبع مرّات،

و كذا إذا تنجّس بسبب موت الجرذ فيه-و هو الكبير من الفأر البريّ لا فئران البيوت الصغار-بلا فرق في ذلك بين الغسل بالماء القليل أو الكثير،و إذا تنجّس الإناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله ثلاث مرّات بالماء القليل،و يكفي غسله مرّة واحدة في الكرّ أو الجاري،هذا في غير أواني الخمر،و أمّا فيها فيجب غسلها ثلاث مرّات،حتّى إذا غسلت بالكثير أو الجاري، و الأولى أن تغسل سبعا.

(مسألة 460):الثياب و نحوها إذا تنجّست بالبول يكفي غسلها في الماء
الجاري مرّة واحدة،

و في غيره لا بدّ من الغسل مرّتين،و مرّ أنّ الغسل يتحقّق باستيلاء الماء على الشيء من دون اعتبار شيء آخر فيه.

(مسألة 461):التطهير بماء المطر يحصل بمجرّد استيلائه على المحلّ النجس،

من غير حاجة إلى عصر و لا إلى تعدّد،إناء كان أم غيره.نعم،الإناء المتنجّس لولوغ الكلب لا يسقط فيه الغسل بالتراب الممزوج بالماء و إن سقط فيه التعدّد.

(مسألة 462):يكفي الصبّ في تطهير الثوب المتنجّس ببول الصبيّ ما دام
رضيعا،و لم يتغذّ،

و إن تجاوز عمره الحولين،و كذلك الحكم في الصبيّة على الأظهر،فلا فرق بينهما في ذلك.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 189)


(مسألة 463):يتحقّق غسل الإناء بالقليل

بأن يصبّ فيه شيء من الماء، ثمّ يدار فيه إلى أن يستوعب تمام أجزائه،ثمّ يراق،فإذا فعل به ذلك ثلاث مرّات فقد غسل ثلاث مرّات و طهر.

(مسألة 464):يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال.
(مسألة 465):يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها،

كاللون و الريح،فإذا بقي واحد منهما،أو كلاهما لم يقدح ذلك في حصول الطهارة بزوال العين.

(مسألة 466):الأرض الصلبة،أو المفروشة بالآجر،أو الصخر أو
الزفت،أو نحوها،إذا تنجّست يمكن تطهيرها بالماء القليل

بإسالة الماء عليها، و كذلك يمكن تطهير الأرض الرخوة الخالية عن عين النجس أيضا،و ذلك بأن يصبّ الماء عليها على وجه يستولي الماء على المحلّ المتنجّس و يصدق عليه الغسل،حتّى و إن تسرّب الماء إلى أعماقها و لم يتجاوزها إلى غيرها.

(مسألة 467):لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدّد الغسل،

فلو غسل في يوم مرّة و في آخر اخرى كفى ذلك.

(مسألة 468):ماء الغسالة إن كان من غسل المتنجّس بالماء الكثير
و الجاري فهو طاهر،

حتّى إذا كان مزيلا لعين النجاسة عنه،ما لم يتغيّر بأحد أوصافها،و إن كان من غسله بالماء القليل،فحينئذ إن كان المتنجّس خاليا عن عين النجس فهو طاهر،و إن كانت فيه أجزاء عينيّة من النجس فهو نجس.

(مسألة 469):الأواني الكبيرة المثبتة،يمكن تطهيرها بالقليل

بأن يصبّ الماء فيها،و يدار حتّى يستوعب جميع أجزائها،ثمّ يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع في وسطها بنزح أو غيره،و يجدّد الغسل هكذا ثلاث مرّات،و لا يقدح الفصل بين الغسلات،و لا تقاطر ماء الغسالة حين الإخراج على الماء المجتمع نفسه،و الأحوط الأولى تطهير آلة الإخراج كلّ مرّة من الغسلات.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 190)


(مسألة 470):الدسومة الّتي في اللحم،أو اليد،لا تمنع من تطهير المحلّ،

إلاّ إذا بلغت حدّا تكون جرما حائلا،و لكنّها حينئذ لا تكون دسومة بل شيئا آخر.

(مسألة 471):إذا تنجّس اللحم أو الأرز أو الماش،أو نحوها،و لم تدخل
النجاسة في عمقها يمكن تطهيرها

بوضعها في طشت وصب الماء عليها،على نحو يستولي عليها،ثمّ يراق الماء و يفرغ الطشت مرّة واحدة فيطهر النجس،و كذا إذا اريد تطهير الثوب فإنّه يوضع في الطشت و يصبّ الماء عليه،فإن كانت النجاسة نافذة في أعماق الثوب وجب عند تطهيره في الطشت الفرك و الدلك فقط،و لا يعتبر العصر،و إن لم تكن نافذة في أعماقه لم يجب الفرك و الدلك أيضا،و إذا كانت النجاسة محتاجة إلى التعدّد كالبول كفى الغسل مرّة اخرى على النحو المذكور،هذا كلّه فيما إذا غسل المتنجّس في الطشت و نحوه،و أمّا إذا غسل في الإناء فلا بدّ من غسل الإناء ثلاثا لو تنجّس بذلك.

(مسألة 472):الحليب النجس يمكن تطهيره

بأن يصنع جبنا و يوضع في الماء الكثير حتّى يصل الماء إلى أعماقه.

(مسألة 473):إذا غسل ثوبه النجس ثمّ رأى بعد ذلك فيه شيئا من
الطين،أو دقائق الأشنان،

أو الصابون الّذي كان متنجّسا،لا يضرّ ذلك في طهارة الثوب،بل يحكم أيضا بطهارة ظاهر الطين،أو الأشنان أو الصابون الّذي رآه،بل باطنه إذا نفذ فيه الماء على الوجه المعتبر.

(مسألة 474):الحلي الّذي يصوغها الكافر محكومة بالطهارة،

و إن علم بملاقاته لها مع الرطوبة،إذا كان من أهل الكتاب.نعم،لو كان مشركا أو ملحدا و علم بملاقاته لها،تنجّست على الأحوط،و يطهر ظاهرها بالغسل.

و إذا استعملت مدّة و شكّ في ظهور الباطن الّذي هو نجس على الأحوط فهل يجب تطهيرها؟

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 191)


و الجواب:لا يجب.

(مسألة 475):الدهن المتنجّس لا يمكن تطهيره بجعله في الكرّ الحارّ
و مزجه به،

و كذلك سائر المائعات المتنجّسة،فإنّها لا تطهر إلاّ بالاستهلاك.

(مسألة 476):إذا تنجّس التنّور بكلّ جوانبه و أطرافه و أرضه،

أي بتمام سعته،يمكن تطهيره بصبّ الماء من الإبريق عليه،و بذلك يطهر و لا حاجة إلى التعدّد و لو كان متنجّسا بالبول،و قد مرّ أنّ غسالة المتنجّس الخالي من عين النجاسة محكومة بالطهارة شرعا و إن كان غسله بالماء القليل.

الثاني:من المطهّرات الأرض،

فإنّها تطهّر باطن القدم،و ما توقى به كالنعل و الخفّ و الحذاء،و نحوها،بالمسح بها أو المشي عليها،بشرط زوال عين النجاسة بهما،و لو زالت عين النجاسة قبل ذلك كفى مسمّى المسح بها،أو المشي عليها، و يشترط على الأقوى كون النجاسة حاصلة بالمشي على الأرض أو بالوقوف عليها،و أمّا إذا حصل بطريقة اخرى فلا تكون الأرض مطهّرة له.

(مسألة 477):المراد من الأرض مطلق ما يسمّى أرضا،

من حجر أو تراب أو رمل،و لا يبعد عموم الحكم للآجر و الجصّ و النورة،و الأقوى اعتبار طهارتها و كونها يابسة و جافّة.

(مسألة 478):في إلحاق ظاهر القدم و عيني الركبتين و اليدين،

إذا كان المشي عليها،و كذلك ما توقى به كالنعل و أسفل خشبة الأقطع و حواشي القدم القريبة من الباطن،إشكال بل منع.

(مسألة 479):إذا شكّ في طهارة الأرض

يبني على طهارتها فتكون مطهّرة حينئذ،إلاّ إذا كانت الحالة السابقة نجاستها،و إذا شكّ أنّ هذه النجاسة هل أصابت القدم بالمشي أو الوقوف على الأرض أو بطريقة اخرى فلا يجوز الاكتفاء في التطهير بالأرض،بل يجب غسلها بالماء عندئذ.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 192)


(مسألة 480):إذا كان في الظلمة و لا يدري أنّ ما تحت قدمه أرض أو
شيء آخر من فرش و نحوه،

لا يكفي المشي عليه في حصول الطهارة،بل لا بدّ من العلم بكونه أرضا.

الثالث:الشمس،

فإنّها تطهّر الأرض،و كلّ ما لا ينقل من الأبنية و ما اتّصل بها من أخشاب و أعتاب و أبواب و أوتاد،و كذلك الأشجار و الثمار و النبات و الخضراوات،و إن حان قطفها و غير ذلك على المشهور،و لكنّه لا يخلو عن إشكال،بل لا يبعد عدم مطهّريّة الشمس مطلقا،و لا يكتفى في شيء من الموارد في التطهير بها،و بذلك يظهر حال المسائل الآتية جميعا.

(مسألة 481):يشترط في الطهارة بالشمس-مضافا إلى زوال عين
النجاسة و إلى رطوبة المحلّ-اليبوسة

المستندة إلى الإشراق عرفا،و إن شاركها غيرها في الجملة من ريح أو غيرها،على المشهور فيها و في المسائل الآتية.

(مسألة 482):الباطن النجس يطهر تبعا لطهارة الظاهر بالإشراق.
(مسألة 483):إذا كانت الأرض النجسة جافّة،و اريد تطهيرها

صبّ عليها الماء الطاهر أو النجس،فإذا يبست بالشمس طهرت.

(مسألة 484):إذا تنجّست الأرض بالبول فأشرقت عليها الشمس حتّى
يبست

طهرت من دون حاجة إلى صبّ الماء عليها.نعم،إذا كان البول غليظا له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف،بل لا يطهر سطح الأرض الّذي عليه الجرم.

(مسألة 485):الحصى و التراب و الطين و الأحجار المعدودة جزءا من
الأرض،بحكم الأرض في الطهارة بالشمس،

و إن كانت في نفسها منقولة.نعم، لو لم تكن معدودة من الأرض،كقطعة من اللبن في أرض مفروشة بالزفت أو بالصخر أو نحوهما،فثبوت الحكم حينئذ لها محلّ إشكال.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 193)


(مسألة 486):المسمار الثابت في الأرض أو البناء بحكم الأرض،

فإذا قلع لم يجر عليه الحكم،فإذا رجع رجع حكمه،و هكذا.

الرابع:الاستحالة،

و هي تبدّل حقيقة الشيء و صورته النوعيّة الّتي حكم الشارع عليها بالنجاسة إلى صورة اخرى،تغايرها بصورة أساسيّة،فإنّها تطهّر النجس بل و المتنجّس،كتحوّل الخشب رمادا،و الماء المتنجّس بخارا،أو بولا لحيوان مأكول اللحم،و الكلب ترابا،و النطفة حيوانا،و هكذا،و أمّا صيرورة الطين خزفا بالنار أم آجرا أم جصّا أم نورة،فهو باق على النجاسة،بل الأمر كذلك إذا صار الخشب فحما،فإنّه باق على نجاسته.

(مسألة 487):لو استحال الشيء بخارا،ثمّ استحال عرقا،

فإن كان متنجّسا فهو طاهر،و إن كان نجسا فكذلك.

(مسألة 488):الدود المستحيل من العذرة أو الميتة طاهر،

و كذا كلّ حيوان تكوّن من نجس أو متنجّس.

(مسألة 489):الماء النجس إذا صار بولا لحيوان مأكول اللحم أو عرقا
له أو لعابا

فهو طاهر.

(مسألة 490):الغذاء النجس أو المتنجّس إذا صار روثا لحيوان مأكول
اللحم،أو لبنا،أو صار جزء من الخضراوات،

أو النباتات،أو الأشجار،أو الأثمار،فهو طاهر،و كذلك الكلب إذا استحال ملحا،و كذا الحكم في غير ذلك ممّا يعدّ المستحال إليه متولّدا من المستحال منه،و موجودا جديدا بنظر العرف، يحتلّ موضع الموجود القديم.

الخامس:الانقلاب،و هو تحوّل الخمر خلاًّ أو إلى أيّ شيء آخر على
نحو لا يسمّى خمرا،

فإنّ هذا التحوّل يوجب ارتفاع موضوع النجاسة و تبديله

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 194)


بموضوع آخر،فلذلك ترتفع النجاسة بارتفاع موضوعها،و لا فرق بين أن يكون هذا التحوّل و الانقلاب بنفسها أو يكون بعلاج خارجيّ.

و قد تسأل:أنّ إناء الخمر هل يتنجّس بنجاسة اخرى،و على تقدير تنجّسه بنجاسة اخرى فهل يطهر بالانقلاب و التحوّل؟

و الجواب عن الأوّل:إن لم يكن لنجاسة اخرى أثر زائد على نجاسة الخمر فلا يتنجّس بها؛إذ لا معنى لاعتباره متنجّسا بنجاسة اخرى زائدة على تنجّسه بنجاسة الخمر؛لأنّه لغو،و إن كان لها أثر زائد على نجاسة الخمر تنجّس بها؛إذ لا يكون اعتباره متنجّسا بها زائدا على تنجّسه بنجاسة الخمر لغوا.

و أمّا الجواب عن الثاني:فلأنّ إناء الخمر لو تنجّس بنجاسة اخرى فلا يطهر بالتحوّل و الانقلاب،و إلاّ فلا موضوع له.

السادس:الانتقال،

فإنّه مطهّر للمنتقل،إذا اضيف إلى المنتقل إليه و عدّ جزءا منه،كدم الإنسان الّذي يشربه البقّ و البرغوث و القمل.نعم،لو لم يعد جزءا منه أو شكّ في ذلك كدم الإنسان الّذي يمصّه العلق،فهو باق على النجاسة.

السابع:الإسلام،

فإنّه مطهّر للكافر بجميع أقسامه حتّى المرتدّ عن فطرة على الأقوى،و يتبعه أجزاؤه كشعره و ظفره و فضلاته من بصاقه و نخامته و قيئه و غيرها،هذا على المشهور من أنّ الكافر بتمام أصنافه نجس،و إلاّ فلا موضوع لهذا المطهّر.

الثامن:المشهور أنّ ولد الكافر يتبع الكافر في النجاسة،

فإذا أسلم الكافر يتبعه ولده في الطهارة،أبا كان الكافر أم جدّا أم امّا أم جدة،و الطفل المسبيّ للمسلم يتبعه في الطهارة،إذا لم يكن مع الطفل أحد آبائه،و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع،فإنّ النجاسة-على تقدير القول بها-ثابتة لعناوين خاصّة

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 195)


كعنوان اليهود و النصارى و المجوس و المشرك و الملحد،فإن صدق أحد هذه العناوين على ولد الكافر فهو نجس،و إلاّ فلا مقتضي له،و كذلك ولد المسلم و الطفل المسبيّ له،فإنّه لا يتبعه في الطهارة و إن كان محكوما بالطهارة.

التاسع:زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان و جسد الحيوان الصامت،

فيطهر منقار الدجاجة الملوّث بالعذرة،بمجرّد زوال عينها و رطوبتها،و كذا بدن الدّابّة المجروحة،و فم الهرّة الملوّث بالدّم،و ولد الحيوان الملوّث بالدّم عند الولادة، بمجرّد زوال عين النجاسة،و كذا يطهر باطن فم الإنسان إذا أكل نجسا أو شربه بمجرّد زوال العين،و كذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس أو المتنجّس،بل في ثبوت النجاسة لبواطن الإنسان و جسد الحيوان منع،بل و كذا المنع في سراية النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن،سواء أ كانا متكوّنين في الباطن،كالمذي يلاقي البول في الباطن،أو كان النجس متكوّنا في الباطن و الطاهر يدخل إليه كماء الحقنة،فإنّه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الامعاء،أم كان النجس في الخارج،كالماء النجس الّذي يشربه الإنسان،فإنّه لا ينجس باطنه،و كذا إذا كانا معا متكوّنين في الخارج و دخلا و تلاقيا في الداخل،كما إذا ابتلع شيئا طاهرا و شرب عليه ماء نجسا فإنّه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه حكم عليه بالطهارة.

العاشر:الغيبة،

فإنّها مطهّرة للإنسان و ثيابه و فراشه و أوانيه و غيرها من توابعه بشروط:

أوّلا:أن يكون عالما بالنجاسة و ملتفتا إليها.

ثانيا:أن يعلم باشتراط الصلاة بطهارة البدن و الثوب،و عدم جواز أكل النجس و شربه.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 196)


ثالثا:أن لا يكون ممّن لا يبالي بالطهارة و النجاسة.

رابعا:أنّه يستعملها فيما يعتبر فيه الطهارة.

فإذا توفّرت هذه الشروط،حكم بالطهارة على أساس ظهور حاله فيها عملا،فإنّه كإخباره بها قولا،و مع انتفاء أحد هذه الشروط لا يحكم بالطهارة و يبقى على اليقين السابق بالنجاسة.

الحادي عشر:استبراء الحيوان الجلاّل،

فإنّه مطهّر له من نجاسة الجلل، شريطة أن يزول عنه هذا الاسم،و مع هذا فالأحوط اعتبار مضيّ المدّة المعيّنة له شرعا،و هي في الإبل أربعون يوما،و في البقرة عشرون،و في الغنم عشرة،و في البطّة خمسة،و في الدجاجة ثلاثة،و مع عدم تعيين مدّة شرعا يكفي زوال الاسم.

(مسألة 491):الظاهر قبول كلّ حيوان ذي جلد للتذكية عدا نجس العين،

فإذا ذكيّ الحيوان الطاهر العين جاز استعمال جلده،و كذا سائر أجزائه،فيما يشترط فيه الطهارة.

(مسألة 492):تثبت الطهارة بالعلم،و البيّنة،و بإخبار ذي اليد

إذا لم تكن قرينة على اتّهامه،بل بإخبار الثقة أيضا على الأظهر،و إذا شكّ في نجاسة ما علم طهارته سابقا يبني على طهارته،كما إذا شكّ في طهارة ما علم نجاسته سابقا يبني على نجاسته.

و أمّا إذا علم بطهارته في زمن،و بنجاسته في زمن آخر،و لم يعلم السابق من اللاحق،فهل يحكم بالطهارة أو بالنجاسة؟

و الجواب:أنّه يحكم بالطهارة ظاهرا فعلا،إلى أن يتأكّد من واقع الحال.

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 197)


خاتمة

يحرم استعمال أواني الذّهب و الفضّة في الأكل و الشرب،و لا يحرم استعمالها في الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها،و إن كان الأحوط استحبابا ترك استعمالها فيها أيضا،و لا يحرم نفس المأكول و المشروب.

(مسألة 493):الظاهر توقّف صدق الآنية على انفصال المظروف عن
الظرف،

و كونها معدّة لأن يحرز فيها المأكول أو المشروب أو نحوهما،فرأس (الغرشة)و رأس(الشطب)و قراب السيف و الخنجر و السكّين و(قاب)الساعة المتداولة في هذا العصر،و محلّ فصّ الخاتم و بيت المرآة و ملعقة الشاي و أمثالها، خارج عن الآنية،فلا بأس باستعمالها في الأكل و الشرب.

(مسألة 494):لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة و الكبيرة،

و بين ما كان على هيئة الأواني المتعارفة من النحاس و الحديد و غيرهما.

(مسألة 495):لا بأس بما يصنع بيتا للتعويذ من الذّهب و الفضّة

كحرز الجواد عليه السّلام و غيره.

(مسألة 496):يكره استعمال القدح المفضّض،

و الأحوط استحبابا عزل الفم عن موضع الفضّة.

و اللّه سبحانه العالم و هو حسبنا و نعم الوكيل

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 198)


منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 199)


كتاب الصّلاة

منهاج الصالحین – العبادات – جلد ۱ 200)


الصّلاة هي إحدى الدعائم الّتي بني عليها الإسلام،و إن قبلت قبل ما سواها،و إن ردّت ردّ ما سواها،و هي من أهمّ الفرائض الإلهيّة و العبادات الواجبة في الإسلام،و قد اهتمّ الإسلام بهذه الفريضة الكبيرة في الكتاب و السنّة.

و هنا مقاصد:

المقصد الأوّل
أعداد الفرائض و نوافلها و مواقيتها
و جملة من أحكامها

و فيه فصول:

الفصل الأوّل
أعداد الصلوات

الصلوات الواجبة في هذا الزمان ستّ:اليوميّة،و تندرج فيها صلاة الجمعة، فإنّ المكلّف عند توفّر شروطها مخيّر بين إقامتها أو صلاة الظهر يوم الجمعة، و إذا اقيمت بشروطها الصحيحة أجزأت عن صلاة الظهر،و صلاة الطواف،و الآيات، و الأموات،و ما التزم بنذر أو نحوه أو إجارة،و قضاء ما فات عن الوالد و الوالدة بالنسبة إلى الولد الأكبر،أمّا اليوميّة فخمس:الصبح ركعتان و الظهر أربع، و العصر أربع،و المغرب ثلاث،و العشاء أربع،و في السفر و الخوف تقصر الرباعيّة

Pages: 1 2 3 4 5
Pages ( 2 of 5 ): «1 2 3 ... 5»