آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۱
جلد
1
منهاج الصالحین – جلد ۱
جلد
1
و إذا علم بالفوات و تردّد بين الأقلّ و الأكثر جاز له الاقتصار على الأقلّ،و إن كان الأحوط استحبابا التكرار حتّى يحصل العلم بالفراغ.
فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمّة.
فيجوز الإتيان بالحاضرة لمن عليه القضاء و لو كان ليومه،بل يستحبّ ذلك إذا خاف فوت فضيلة الحاضرة،و إلاّ استحبّ تقديم الفائتة،و إن كان الأحوط تقديم الفائتة، خصوصا في فائتة ذلك اليوم،بل يستحبّ العدول إليها من الحاضرة إذا غفل و شرع فيها.
سواء أ كان الإمام قاضيا -أيضا-أم مؤدّيا بل يستحبّ ذلك،و لا يجب اتّحاد صلاة الإمام و المأموم.
فيما إذا علم بارتفاع العذر بعد ذلك،و يجوز البدار إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر،بل إذا احتمل بقاء العذر و عدم ارتفاعه أيضا،لكن إذا قضى ثمّ ارتفع العذر،وجبت الإعادة فيما إذا كان الخلل الواقع منه في صلاته مما لا يعذر فيه الجاهل،و لا تجب الإعادة إذا كان الخلل ممّا يعذر فيه الجاهل.
أذّن و أقام للاولى و اقتصر على الإقامة في البواقي،و الظاهر أنّ السقوط رخصة.
بل على كلّ عبادة و الأقوى مشروعيّة عباداته،فإذا بلغ في أثناء الوقت و قد صلّى أجزأت.
و عن كلّ ما علم من الشرع كراهة وجوده و لو من الصبيّ كالزنى، و اللواط،و شرب الخمر،و النميمة،و نحوها،و في وجوب الحفظ عن أكل النجاسات،و المتنجّسات،و شربها،إذا لم تكن مضرّة،إشكال و إن كان الأظهر الجواز و لا سيّما في المتنجّسات،و لا سيّما مع كون النجاسة منهم،أو من مساورة بعضهم لبعض،كما أنّ الظاهر جواز إلباسهم الحرير و الذهب.
كالصيام لعذر من مرض و نحوه،بل مطلقا على الأظهر و إن كان عامدا و ملتفتا،كما انّ الأظهر عدم الفرق بين تمكنه من القضاء و عدم تمكنه منه،و الأظهر إلحاق الامّ بالأب في وجوب قضاء صلواتها الّتي فاتت عنها على ولدها الأكبر و هو أولى الناس بميراثها و صيامها الّذي فات عنها في السفر دون الحيض و المرض.
وجب عليه القضاء إذا بلغ،أو عقل.
كما لو كانا مولودين لأب واحد من زوجتين في وقت واحد وجب عليهما على نحو الوجوب الكفائيّ،بلا فرق بين إمكان التوزيع،كما إذا تعدّد الفائت،و عدمه كما إذا اتّحد،أو كان وترا.
فالأحوط
الأولى العمل على نحو الوجوب الكفائيّ.
بإجارة أو غيرها.
و لكن لا يبعد اختصاص الوجوب بغيره.
لا يجب القضاء على غيره من إخوانه الأكبر فالأكبر،و لا يجب إخراجه من تركته.
سقط عن الوليّ و كذا إذا استأجره الوليّ،أو الوصيّ عن الميّت بالاستئجار من ماله و قد عمل الأجير، أمّا إذا لم يعمل لم يسقط.
لم يجب القضاء،و إذا شكّ في مقداره جاز له الاقتصار على الأقلّ.
فالأقوى عدم وجوب القضاء عنه من صلب تركته،و إن كان القضاء أحوط استحبابا،بالنسبة إلى غير القاصرين من الورثة.
و إن وجد من هو أسبق منه بلوغا،أو أسبق انعقادا للنطفة.
ما لم يبلغ حدّ الإهمال.
و كذا في أجزاء الصلاة و شرائطها،إلاّ في حالة واحدة و هي
ما إذا كان نظر الميّت موافقا للاحتياط اجتهادا أو تقليدا،و نظر الوليّ مخالفا له كذلك من جهة و مبنيّا على الأصل العمليّ كالبراءة من جهة اخرى،مثال ذلك أنّ الميّت كان يرى وجوب السورة في الصلاة اجتهادا أو تقليدا،و الوليّ عدم وجوبها كذلك،لكن لا بدليل اجتهاديّ بل بأصل عمليّ و هو أصالة البراءة عن وجوب الأكثر في مسألة دوران الأمر بينه و بين الأقلّ،و حيث إنّ مفاد أصالة البراءة التعذير لا الكشف عن عدم وجوب السورة في الواقع فلا تكشف عن عدم اشتغال ذمّة الميّت بوجوب السورة في الصلاة،و على هذا الأساس فلا يمكن أن يحصل للوليّ الوثوق و الاطمئنان ببراءة ذمّة الميّت إذا اقتصر على الصلاة من دون السورة و لم يأت بها.
فإن كان بعد مضيّ وقت يسع للصلاة و الطهارة من الحدث وجب على الوليّ قضاؤها و إلاّ فلا.
لا تجوز النيابة عن الأحياء في الواجبات و لو مع عجزهم عنها،إلاّ في الحجّ إذا كان مستطيعا و كان عاجزا عن المباشرة و منقطعا أمله في التمكّن من القيام بالحجّ كذلك،فيجب عليه حينئذ أن يستنيب من يحجّ عنه،و تجوز النيابة عنهم في مثل الحجّ المندوب و زيارة قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قبور الأئمّة عليهم السّلام،بل تجوز النيابة في جميع المستحبّات رجاء،كما تجوز النيابة عن الأموات في الواجبات و المستحبّات،و يجوز إهداء ثواب العمل إلى الأحياء و الأموات في الواجبات و المستحبّات،كما ورد في بعض الروايات،و حكي فعله عن بعض أجلاء أصحاب الأئمّة عليهم السّلام بأن يطلب من اللّه سبحانه أن يعطي ثواب عمله لآخر حيّ أو ميّت.
و تفرغ ذمّتهم بفعل الأجير من دون فرق بين كون النائب وصيّا أو وليّا أو وارثا أو أجنبيّا.
و يعتبر أن يكون عارفا بأحكام القضاء على وجه يصحّ منه الفعل،و يجب أن ينوي بعمله الإتيان بما في ذمّة الميّت من العمل العباديّ بقصد التقرّب إليه تعالى.
و في الجهر و الإخفات يراعي حال الأجير،فالرجل يجهر بالجهريّة و إن كان نائبا عن المرأة،و المرأة لا جهر عليها و إن نابت عن الرجل.
كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثيّة،أو ذي الجبيرة،أو المسلوس،أو المتيمّم إلاّ إذا تعذّر غيرهم، بل الأظهر عدم صحّة تبرّعهم عن غيرهم،و إن تجدّد للأجير العجز انتظر زمان القدرة.
و لا يجب عليه إعادة الصلاة،هذا مع إطلاق الإجارة،و إلاّ لزم العمل بمقتضى الإجارة،فإذا استأجره على أن يعيد مع الشكّ أو السهو تعيّن ذلك،و كذا الحكم في سائر أحكام الصلاة،فمع إطلاق الإجارة يعمل الأجير على مقتضى اجتهاده أو تقليده،و مع تقييد الإجارة يعمل على ما يقتضيه التقييد.
لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل،و لا لغيره أن يتبرّع عنه فيه،أمّا إذا كانت مطلقة جاز له أن يستأجر غيره،و لكن لا يجوز أن يستأجره بأقلّ من الاجرة في إجارة نفسه، إلاّ إذا أتى ببعض العمل،أو يستأجره بغير جنس الاجرة.
لم يجز الإتيان به بعدها،إلاّ بإذن من المستأجر،و إذا أتى به بعدها من دون إذنه لم يستحق الاجرة و إن برئت ذمة المنوب عنه بذلك،لا الاجرة المسماة لانتهاء العقد الأول و عدم تجديده عليها ثانيا و لا اجرة المثل و هي الاجرة الّتي يتقاضاها الاجراء عادة على القيام بمثل ذلك العمل لعدم الإذن في ذلك.
و كذا إذا فسخت لغبن أو غيره.
يجب الإتيان به على النحو المتعارف.
نقص من الاجرة بنسبته.
جاز الاقتصار على الأقلّ،و إذا تردّد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع.
مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك.
انفسخت الإجارة إن لم يمض زمان يتمكّن الأجير فيه من الإتيان بالعمل،و إلاّ كان عليه اجرة المثل،أمّا إذا كانت الإجارة على نفس العمل عنه فلا تنفسخ فيما إذا كان العمل مشروعا بعد فراغ ذمّته،فيجب على الأجير العمل على طبق الإجارة.
لكن يعتبر في صحّة الجماعة،إذا كان الإمام أجيرا العلم باشتغال ذمّة المنوب عنه بالصلاة،فإذا كانت احتياطيّة كانت الجماعة باطلة.
فإن لم يمض زمان يتمكّن الأجير من الإتيان بالعمل فيه بطلت الإجارة،و وجب على الوارث ردّ الاجرة المسمّاة من تركته و إلاّ كان عليه أداء اجرة مثل العمل من تركته و إن كانت أكثر من الاجرة المسمّاة،و إن لم تشترط المباشرة وجب على الوارث الاستئجار من تركته،كما في سائر الديون الماليّة،و إذا لم تكن له تركة لم يجب على الوارث شيء و يبقى الميّت مشغول الذمّة
بالعمل أو بالمال.
بل إذا لم يطمئنّ بالتمكّن من الامتثال إذا لم يبادر،فإن عجز وجب عليه الوصيّة به،و يخرج من ثلثه كسائر الوصايا،و إذا كان عليه دين ماليّ للناس و لو كان مثل الزكاة و الخمس و ردّ المظالم وجب عليه المبادرة إلى وفائه،و لا يجوز التأخير و إن علم ببقائه حيّا،و إذا عجز عن الوفاء و كانت له تركة وجب عليه الوصيّة بها إلى ثقة مأمون ليؤدّيها بعد موته،و هذه تخرج من أصل المال و إن لم يوص بها.
وجب الاحتياط بالجمع،و كذا لو آجر نفسه لصلاة و شكّ في أنّها الصبح أو الظهر-مثلا-وجب الإتيان بهما.
استؤجر عنه.
حتّى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات و لم يصلّ عصر ذلك اليوم وجب الإتيان بصلاة العصر،و للمستأجر حينئذ فسخ الإجارة و المطالبة بالاجرة المسمّاة،و له أن لا يفسخها و يطالب باجرة المثل،و إن زادت على الاجرة المسمّاة.
بأنّه أدّى ما استؤجر عليه،و إن كان الظاهر كفاية كونه ثقة في تصديقه إذا أخبر بالتأدية.
و فيه فصول:
تستحبّ الجماعة استحبابا مؤكّدا و وطيدا نصّا و إجماعا في جميع الفرائض اليوميّة خصوصا في الأدائيّة،و لا سيّما في الصبح و العشاءين و لها ثواب عظيم، و قد ورد في الحثّ عليها و الذمّ على تركها أخبار كثيرة،و مضامين عالية،لم يرد مثلها في أكثر المستحبّات بل أنّها من أهمّ شعائر الإسلام.
و هي شرط في صحّتها أيضا،و لا تجب بالأصل في غير ذلك.نعم،قد تجب بالعرض لنذر أو نحوه،أو لضيق الوقت عن إدراك ركعة إلاّ بالائتمام،أو لعدم تعلّمه القراءة مع قدرته عليها أو لغير ذلك.
و إن وجبت بالعرض من نذر أو نحوه،بلا فرق في ذلك بين النوافل الليليّة و النهاريّة و غيرهما و لكنّه لا يخلو عن إشكال.نعم،تشرع الجماعة في صلاة العيدين على الرغم من عدم توفّر شروط وجوبها و صلاة الاستسقاء.
فيقتدي من يصلّي صلاة الصبح بمن يصلّي صلاة الظهر و بالعكس، و من يصلّي المغرب بمن يصلّي العشاء،و كذا العكس،و من يصلّي الظهر بمن يصلّي العصر و بالعكس،و من يصلّي الحاضرة بمن يصلّي الفائتة و بالعكس،فلا يمنع من الاقتداء اختلاف تلك الصلوات في الكمّ و الكيف و الأداء و القضاء.نعم،من يصلّي إحدى الصلوات اليوميّة فلا يسوغ له أن يقتدي بمن يصلّي صلاة الآيات أو العيدين أو الأموات،كما أنّ من يريد أن يصلّي صلاة العيدين أو الآيات أو الأموات مأموما فلا يجوز له أن يقتدي إلاّ بمن يصلّي نفس الصلاة،و كذلك من يصلّي صلاة العيدين فلا يسوغ له أن يقتدي بمن يصلّي صلاة الأموات أو الآيات و كذلك العكس،و من يصلّي صلاة الاستسقاء فلا يجوز له أن يقتدي بمن يصلّي غيرها و بالعكس،أجل إنّ من يصلّي الكسوف مثلا يسوغ له أن يقتدي بمن يصلّي صلاة الزلزلة أو صلاة الآية السماويّة المخوفة و هكذا،ما دام كلّ من الإمام و المأموم يمارس صلاة واحدة واجبة من دون اختلاف لا في النوع و لا في الكيف و لا في الكم.
و قد تسأل أنّ من يصلي احدى الفرائض اليومية هل يسوغ له أن يقتدي بمن يصلي صلاة الطواف و كذلك العكس.و الجواب:الأقرب عدم جواز اقتداء كلّ منهما بالآخر مطلقا لا أصلا و لا عكسا.نعم،يسوغ لمن يصلي صلاة الطواف أن يقتدي بمن يصلي نفس الصلاة.
و من يصلّي الفائتة احتياطا بمن يصلّي الفريضة،كما لا يجوز لمن يصلّي فوائت مشكوكة أن يقتدي بمن يصلّي فوائت مشكوكة أيضا.
و قد تسأل:أنّ ذلك فيما إذا لم يكن منشأ الشكّ في صحّة الصلاة لكلّ منهما واحدا و أمّا إذا كان واحدا،كما إذا فرض أنّهما قد توضّئا من ماء واحد لصلاة الظهر و العصر و قد صلّيا و بعد ذلك شكّا في أنّ الماء الّذي توضّئا به معا هل كان طاهرا أم نجسا و أرادا أن يحتاطا بالقضاء،فلا مانع في هذه الحالة من أن يقتدي كلّ منهما بالآخر،على أساس أنّ المأموم كان يعلم بأنّه في حالة كونه مدينا بتلك الصلاة فإمامه أيضا مدين بها عينا؟
و الجواب:أنّه لا يجوز الاقتداء حتّى في هذه الحالة،على أساس أنّ اطلاق دليل مشروعيّة الجماعة افرادي لا الأعم منها و من الاحوالي،فلا يشمل مثل هذه الحالة.نعم،لا بأس بالاقتداء هنا و هناك رجاء،و من هذا القبيل ما إذا علم شخصان إجمالا إمّا بوجوب الصلاة عليهما قصرا أو تماما و كان منشأ الشكّ و التردّد لكلّ منهما نفس المنشأ للآخر،فمع ذلك لا يجوز أن يقتدي كلّ منهما بالآخر فيهما بعين الملاك المتقدّم إلاّ رجاء.و من هنا يظهر أنّ من يصلّي صلاة الاحتياط علاجا للشكّ في عدد ركعات صلاته كالشكّ بين الثلاث و الأربع مثلا،فلا يسوغ له أن يقتدي بمن يصلّي الفريضة و لا بمن يصلّي ركعة احتياط.
و قد تسأل:أنّ من يقتدي بآخر في صلاة يوميّة كصلاة الظهر مثلا،ثم يعرض على الإمام و المأموم معا الشكّ في عدد الركعات على نحو واحد،كما لو شكّا بين الثلاث و الأربع و بنيا على الأكثر و فرغا من صلاتهما و قاما لأداء ركعة الاحتياط،فهل يجوز للمأموم أن يواصل في اقتدائه بإمامه في ركعة الاحتياط هذه على أساس علمه بأنّه في حالة كونه مدينا بركعة الاحتياط واقعا فإمامه أيضا مدين بها كذلك؟
و الجواب:أنّه لا يجوز.
أحدهما الإمام و لو كان المأموم امرأة أو صبيّا على الأقوى،و أمّا في الجمعة و العيدين فلا ينعقد إلاّ بخمسة أحدهم الإمام.
و لو كان الإمام جاهلا بذلك غير ناو للإمامة فإذا لم ينو المأموم الائتمام لم تنعقد.نعم،في صلاة الجمعة و العيدين لا بدّ من نيّة الإمام للإمامة،بأن ينوي الصلاة الّتي يجعله المأموم فيها إماما،و كذا إذا كانت صلاة الإمام معادة جماعة.
و لو اقترنا في الأقوال و الأفعال،و لا بأحد شخصين على الترديد و لا تنعقد الجماعة إن فعل ذلك،فإنّ المأموم لا بدّ أن يعيّن شخصا معيّنا ينوي الائتمام به لكي يتحقّق معنى الجماعة و الاقتداء به،المحدّد من قبل الشرع المعوّل عليه في القراءة و لا يتحقّق ذلك إلاّ بالاقتداء بشخص معيّن،و لو بأن يشير إليه بقلبه إشارة محددة، ككونه إمام هذه الجماعة أو ذلك الواقف أو من يسمع صوته،و إن تردّد ذلك المعيّن بين شخصين و أنّه زيد أو عمرو،بعد تأكّده بتوفّر الشروط اللازمة فيه على أيّ حال و لا يلزم تعيينه بالاسم.
بنى على العدم و أتمّ منفردا،و أمّا إذا علم أنّه قام بنيّة الدخول في الجماعة و ظهرت عليه أحوال الائتمام من الإنصات و نحوه،فحينئذ إن حصل له الوثوق و الاطمئنان بأنّه دخل في الجماعة ناويا لها بالدخول،بنى على الائتمام و إلاّ فلا.
فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته،بل صلاته أيضا،إذا وقع فيها ما يبطل
الصلاة عمدا و سهوا،و إلاّ صحّت صلاته،و إن كان عمرو عادلا صحّت جماعته و صلاته معا.
و أمّا إذا علم أنّ نيّة كلّ منهما الائتمام بالآخر فهل تصحّ صلاتهما أيضا أو تبطل؟
و الجواب:الأظهر صحّة صلاتهما أيضا و إن كان الأحوط استحبابا الإعادة.
إلاّ أن يعرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته من موت أو جنون أو إغماء أو حدث أو تذكّر حدث سابق على الصلاة،فيجوز للمأمومين تقديم إمام آخر و إتمام صلاتهم معه،و الأقوى اعتبار أن يكون الإمام الآخر منهم،بل الأقوى ذلك،و لو عرض عليه ما يمنعه من إتمام الصلاة مختارا،كما إذا عجز عن القيام و أصبح فرضه الصلاة جلوسا و حيث إنّه لا يجوز لهم البقاء على الاقتداء به في هذه الحالة، على أساس عدم جواز اقتداء القائم بالقاعد،فيجوز لهم تقديم إمام آخر بينهم.
بطلت جماعته،سواء كان ناويا للانفراد من بداية الصلاة أم لا.و أمّا صلاته منفردا ففيها حالتان:
الحالة الاولى:أنّ المأموم لم ينو الانفراد من البداية و عازم على مواصلة الائتمام و في الأثناء فجأة بسبب أو آخر نوى الانفراد،فحينئذ إن كان هذا الانفراد قبل الركوع من الركعة الاولى أو الثانية،وجب عليه أن يقرأ كما يقرأ المنفرد،
و لكن إذا ترك القراءة و ركع و واصل صلاته،فإن كان ذلك متعمّدا بطلت صلاته، و إن كان معذورا فيه أو معتقدا أنّ هذا هو وظيفته صحّت و لا شيء عليه.و إن كان بعد الركوع فيمضي في صلاته و يتمّها و لا شيء عليه،ما لم يتورّط في فترة ائتمامه بزيادة في الركن،و إلاّ بطلت من هذه الناحية،و لا فرق في صحة صلاته في هذا الفرض بين أن يكون ملتفتا إلى بطلان جماعته بالانفراد أو لا يكون ملتفتا إلى ذلك،فإنّه على كلا التقديرين معذور في ترك القراءة و غير متمكّن من تداركها.
الحالة الثانية:أنّ المأموم يكون ناويا الانفراد عن الإمام من الأوّل و عازما على عدم مواصلة الائتمام به إلى النهاية،فحينئذ لا يسوغ له أن يقتدي به و يعوّل عليه في القراءة،فإن اقتدى به و عوّل عليه في القراءة و عند ما قنت الإمام انفرد عنه و ركع،فإن كان ملتفتا إلى أنّ وظيفته عدم جواز الاقتداء و التعويل في هذه الحالة،بطلت صلاته و عليه أن يعيدها من جديد،و أمّا إذا لم يكن ملتفتا إلى أنّ وظيفته ذلك و كان معتقدا حين الصلاة أنّه يسوغ له الاقتداء كذلك،أو كان معذورا فيه صحّت صلاته و لا إعادة عليه.
و يجوز له الائتمام في أثناء صلاة الإمام،كما يجوز له ذلك في بداية صلاته، فإن للمأموم أن يلتحق بالإمام في الركعة الاولى متى شاء إلى أن يركع الإمام فيلتحق به أثناء الركوع،بأن يكبّر قائما منتصبا ناويا الاقتداء ثمّ يركع إذا كان الإمام باقيا في الركوع إلى حين ركوعه،و له أن يلتحق به في الركعة الثانية أو الثالثة أو الأخيرة،إذا كانت الصلاة رباعيّة،فإذا كان الإنسان يقتدي بركعة من صلاته أو ركعتين لصلاة الإمام،فإذا انتهت صلاة الإمام قبل أن ينهي المأموم صلاته انفرد في صلاته و يواصلها منفردا حتّى يتمّها.
وجبت عليه القراءة من الأول،بل و كذلك إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الركوع.
و لا يجوز له الرجوع إلى الائتمام،و إذا تردّد في الانفراد و عدمه،ثمّ عزم على عدم الانفراد،فهل يجوز البقاء على الائتمام؟
و الجواب:أنّه لا يجوز.
بنى على العدم.
لا بالنسبة إلى الإمام و لا بالنسبة إلى المأموم،فإذا كان قصد الإمام أو المأموم غرضا دنيويا مباحا مثل الفرار من الشكّ و الوسوسة أو بدافع التأييد لإمام الجماعة و ترغيب الناس للحضور فيها،أو تعب القراءة،أو غير ذلك،صحت و ترتبت عليها أحكام الجماعة و لكن لا يترتّب عليها ثواب الجماعة.
كما إذا كانت نافلة،فإن تذكّر عدل إلى الانفراد و صحّت صلاته،شريطة أن لا يكون متورّطا في الإتيان بالمنافي لصلاة المنفرد كزيادة ركن أو نقصانه، و كذا تصحّ إذا تذكّر بعد الفراغ و لم يحصل منه ما يوجب بطلان صلاة المنفرد عمدا و سهوا و إلاّ بطلت.
فإذا دخل مع الإمام في حال قيامه قبل القراءة أو في أثنائها،أو بعدها قبل الركوع،أو في حال الركوع فقد أدرك الركعة،و لا يتوقّف إدراكها على الاجتماع معه في الركوع،فإذا أدركه قبل الركوع وفاته الركوع معه
سهوا أو غفلة أو لمانع خارجيّ كالزحام،فقد أدرك الركعة و وجبت عليه المتابعة في غيره،و يعتبر في إدراكه في الركوع أن يصل إلى حدّ الركوع قبل أن يرفع الإمام رأسه و لو كان بعد فراغه من الذكر.نعم،إذا اقترن الحدّ الأدنى من ركوع المأموم مع ابتداء الإمام برفع رأسه و عدم خروجه عن حدّ الركوع بعد،فلا يقين بكفاية ذلك و إن كانت الكفاية غير بعيدة.
صحّت صلاته منفردا لا جماعة،و إذا شكّ المأموم حين ركع في أنّ الإمام هل كان راكعا أو رافعا رأسه من الركوع تصحّ صلاته جماعة.
فإن أدركه صحّت الجماعة و الصلاة،و إلاّ بطلت الجماعة و صحّت الصلاة منفردا.
تخيّر بين المضيّ منفردا و العدول إلى النافلة،ثمّ الرجوع إلى الائتمام بعد إتمامها.
هاهنا فروع:
الأوّل:ما إذا أدرك المأموم الإمام و هو في التشهّد الأخير،فإنّ بإمكانه حينئذ إذا أراد أن يدرك فضيلة الجماعة و ثوابها أن يكبّر تكبيرة الإحرام ناويا الائتمام و هو قائم،ثمّ يجلس مع الإمام و يتشهّد بنيّة القربة باعتباره كلاما دينيّا محبوبا للّه تعالى،فإذا سلّم الإمام قام لصلاته من غير حاجة إلى تكرار تكبيرة الإحرام فاتمّ صلاته منفردا.
الثاني:ما إذا أدرك الإمام و هو في التشهّد الأوّل،فإنّ بإمكانه عندئذ أن
يكبّر تكبيرة الإحرام ناويا الاقتداء به و لا يجلس مع الإمام،فإذا قام الإمام يواصل المأموم صلاته معه جماعة.
الثالث:ما إذا أدرك الإمام و هو في السجدة الأخيرة من صلاته،فإنّ بإمكانه وقتئذ إذا أراد أن يدرك ثواب الجماعة أن يكبّر تكبيرة الإحرام ناويا الائتمام،ثمّ يهوي إلى السجود فيسجد و الإمام ساجد و يتشهّد مع الإمام،فإذا سلّم الإمام قام لصلاته منفردا،و لكنّ الأحوط وجوبا أن يكبّر من جديد بقصد الأعمّ من تكبيرة الإحرام و الذكر المطلق.
كبّر للإحرام في مكانه و ركع، ثم مشى في ركوعه أو بعده،أو في سجوده،أو بين السجدتين أو بعدهما،أو حال القيام للثانية و التحق بالصفّ،سواء أ كان المشي إلى الأمام أم إلى الخلف،أم إلى أحد الجانبين،بشرط أن لا ينحرف عن القبلة،و أن لا يكون مانع آخر غير البعد من حائل و غيره و إن كان الأحوط استحبابا انتفاء البعد المانع من الاقتداء أيضا، و يجب ترك الاشتغال بالقراءة و غيرها ممّا يعتبر فيه الطمأنينة حال المشي.
على نحو يصدق عليهم في نظر العرف أنّهم مجتمعون في صلاتهم،و على هذا فلا تنعقد الجماعة إذا كان بين الإمام و المأمومين
حائل كستار أو جدار،و كذلك إذا كان بين صفوفهم بعضها مع بعض،على نحو يمنع عن صدق الاجتماع عرفا،و لا فرق في الحائل بين أن يكون ستارا أو جدارا أو شجرة أو غير ذلك،لأنّ كلّ شيء يخلّ بصدق الاجتماع بين الإمام و المأمومين في موقف موحّد عرفا فهو مانع عن صحّة الاقتداء،و إذا كان الجدار أو الستار قصيرا،على نحو لا يكون مانعا عن صدق الاجتماع عرفا فلا أثر له،فالمدار في تطبيق ذلك و تشخيصه إنّما هو نظر العرف،هذا إذا كان المأموم رجلا،أمّا إذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الإمام أو المأمومين إذا كان الإمام رجلا، أمّا إذا كان الإمام امرأة فالحكم كما في الرجل.
أو بين بعض صفوفهم و البعض الآخر كالزجاج و الشبابيك و الجدران المخرّمة و نحوها،فإنّها لا تمنع عن صدق اسم الاجتماع عرفا،و لا بأس بالنهر و الطريق إذا لم يكن فيهما البعد المانع عن صدق الاجتماع،كما أنّه لا بأس بوجود الظلمة و الغبار و إن كان مانعا من الرؤية.
و قد تسأل:أنّ الحائل المتحرّك و غير الثابت كمرور إنسان أو غير ذلك، هل هو مانع عن صحّة الجماعة؟
و الجواب:أنّه غير مانع.
كالأبنية و نحوها بمقدار شبر أو أزيد،و لا بأس بالعلوّ أقل من شبر،فإذا كانت أرض المسجد أعلى بمقدار شبر أو أزيد من ساحة المسجد أو أطرافه و كان الإمام واقفا في أرض المسجد،لم يجز لمن كان واقفا في ساحة المسجد أو أطرافه أن يقتدي به من مكانه بل تسريحا كسفح جبل منحدر بصورة محسوسة،فإنّ
الإمام إذا وقف في الأعلى لم يجز للمأموم أن يقف في نقطة منخفضة عن موقف الإمام بشبر أو أكثر.نعم،لا بأس بالتسريحيّ الّذي يصدق معه كون الأرض منبسطة عرفا،كما لا بأس بالدفعيّ اليسير إذا كان دون الشبر،و لا بأس أيضا بعلوّ موقف المأموم من موقف الإمام بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفا.
من أكبر خطوات الإنسان الاعتياديّ،و حدّد شرعا بمقدار مسقط جسد الإنسان العاديّ إذا سجد،فإذا كانت الفراغات و الفواصل بين صفوف المأمومين أو بينهم و بين الإمام أو بين أنفسهم أزيد من ذلك لم تصح الجماعة.
فبعد المأموم من جهة لا يقدح في جماعته إذا كان متّصلا بالمأمومين من جهة اخرى،فإذا كان الصفّ الثاني أطول من الأوّل فطرفه و إن كان بعيدا عن الصفّ الأوّل،إلاّ أنّه لا يقدح في صحّة ائتمامه، لاتّصاله بمن على يمينه أو على يساره من أهل صفّه،و كذا إذا تباعد أهل الصفّ الثاني بعضهم عن بعض،فإنّه لا يقدح ذلك في صحّة ائتمامهم،لاتّصال كلّ واحد منهم بأهل الصفّ المتقدّم.نعم،لا يأتي ذلك في أهل الصفّ الأوّل فإنّ البعيد منهم عن المأموم الّذي هو في جهة الإمام بما لا يتخطّى،بما أنّه لا يتّصل من الجهة الاخرى بواحد من المأمومين تبطل جماعته.
و أمّا مساواتهما في الموقف فهي تختلف باختلاف الحالات و ذلك،لأنّ الإمام إذا كان رجلا و كان المأموم متعددا لم يجز للمأمومين أن يساووه،فضلا عن أن يتقدّموا عليه،و أمّا
إذا كان الإمام امرأة،فتجوز المساواة بينه و بين المأمومين في الموقف،و كذلك إذا كان رجلا و لكن له مأموما واحدا،فإنّه يقوم على يمين الإمام دون خلفه و يجوز أن يقف مساويا للإمام.
فإذا حدث الحائل أو البعد أو علوّ الإمام أو تقدّم المأموم في الأثناء،بطلت الجماعة دون الصلاة فإنّها تصحّ منفردا،و إذا شكّ في حدوث واحد منها بعد العلم بعدمه بنى على العدم،و إذا شكّ مع عدم سبق العلم بالعدم،لم يجز الدخول إلاّ مع إحراز العدم،و كذا إذا حدث شكّ بعد الدخول غفلة،و إن شكّ في ذلك بعد الفراغ من الصلاة،بنى على الصحّة،شريطة احتمال أنّه كان ملتفتا حين الدخول في الجماعة إلى شروط صحّتها،و أمّا إذا علم بأنّه دخل في الجماعة غفلة عن ذلك،بطلت جماعته و أمّا صلاته فهي صحيحة منفردا،إلاّ إذا تورّط في فترة الائتمام بزيادة في الركن.
إذا كانوا متهيّئين لتكبيرة الإحرام،فيسوغ حينئذ للمأموم المتأخّر أن ينوي الائتمام و يكبّر.
كما لو كانت صلاته قصرا فقد انفرد من يتّصل به،باعتبار أنّ الفاصل بينه و بين الإمام حينئذ أصبح أزيد ممّا لا يتخطّاه الإنسان الاعتياديّ.نعم،إذا تقدّم فورا إلى الأمام و يأخذ المكان المناسب و يواصل صلاته لم ينفرد و تصحّ جماعته.
نعم، إذا اتّصلت المارّة بطلت الجماعة.
أو حال القيام لثقب في أعلاه،أو حال الهوي إلى السجود لثقب في أسفله،فالأقوى عدم انعقاد الجماعة،فلا يجوز الائتمام.
فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد و لو سهوا أتمّ منفردا و صحّت صلاته،و كذلك تصحّ لو كان قد فعل ما لا ينافيها عمدا و سهوا كترك القراءة.
لا يجوز الاقتداء معه.
فإذا لم يلتفت إلى ذلك و بقي على نيّة الاقتداء،فإن أتى بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع أو سجود،ممّا تضرّ زيادته سهوا و عمدا بطلت صلاته،و إن لم يأت بذلك أو أتى بما لا ينافي إلاّ في صورة العمد فقط،صحّت صلاته كما تقدّم في(مسألة 814).
و قد تسأل:أنّ المأموم المتأخّر إذا علم ببطلان صلاة المأموم المتقدّم،الّذي هو واسطة في الاتّصال بينه و بين الإمام، فهل يشكّل ذلك حاجبا و فاصلا و يؤدّي إلى انفراده و بطلان جماعته؟
و الجواب:أنّه لا يشكّل حاجبا،و كذلك من كان يصلّي في الصفّ الأوّل، و يعلم ببطلان صلاة من يصلّي بجانبه،و هو يتّصل بإمامه من طريقه،فإنّه لا يشكّل حاجبا و فاصلا.
لا يجوز ائتمام من على يمينه و يساره لوجود الحائل،أمّا الصفّ الواقف خلفه فتصحّ صلاتهم جميعا،و كذا الصفوف المتأخّرة و كذا إذا انتهى المأمومون إلى باب، فإنّه تصحّ صلاة تمام الصفّ الواقف خلف الباب لاتّصالهم بمن هو يصلّي في الباب،و إن كان الأحوط استحبابا الاقتصار في الصحّة على من هو بحيال الباب دون من على يمينه و يساره من أهل صفّه.
فلا تصحّ إمامة المرأة إلاّ للمرأة، و في صحّة إمامة الصبيّ لمثله إشكال،بل منع و لا بأس بها تمرينا.
فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق،و لا بدّ من إحرازها و لو بالوثوق الحاصل من أيّ سبب كان،فلا تجوز الصلاة خلف المجهول الحال.
سواء كان المأموم صحيح القراءة أم لا،و أمّا إذا كان الائتمام في الأخيرتين فلا يعتبر في صحّته أن تكون قراءة الإمام صحيحة،على أساس أنّ المأموم في الركعتين الاوليين لا يقرأ الفاتحة و السورة و يعول في ذلك على الإمام،فإنّه يتحمّل القراءة عنه و أمّا في الركعتين الأخيرتين فلا يتحمّل الإمام القراءة عنه، فإنّه إن التحق فيهما بالإمام و هو راكع،سقطت القراءة عنه نهائيّا،و إن التحق به فيهما و هو قائم،فعليه أن يقرأ،فلذلك لا تعتبر في صحّة الائتمام في هاتين
الركعتين صحّة قراءة الإمام،بل المعتبر في صحّته صحّة صلاته واقعا.
و هو من تعرّب بعد الهجرة،أي أعرض عن أرض المسلمين و بلادهم بعد الهجرة إليها و الانتقال إلى أرض الكفر و بلاده ثانيا، و لا ممّن جرى عليه الحدّ الشرعيّ.
إذا كانت قراءته صحيحة.
و تصحّ إمامة القائم للقائم و القاعد،كما تصحّ إمامة القاعد لمثله،و أمّا إمامة القاعد أو المضطجع للمضطجع،فهل تصحّ أو لا؟
و الجواب:أنّها لا تصحّ.و تجوز إمامة المتيمّم للمتوضّئ و ذي الجبيرة لغيره.و المسلوس و المبطون و المستحاضة لغيرهم،و المضطرّ إلى الصلاة في النجاسة لغيره.
صحّت صلاته،إذا لم يتورّط فيها بزيادة في الركن كالركوع مثلا و إلاّ أعادها،و إن تبيّن في الأثناء أتمّها في الفرض الأول و أعادها في الثاني.
فإن كان الاختلاف بينهما في نقطة يعذر فيها الجاهل و تصحّ صلاته واقعا فلا بأس بالاقتداء به،مثال ذلك إذا فرض أنّ رأي الإمام اجتهادا أو تقليدا عدم تنجّس الملاقي للمتنجّس بالواسطة و رأي المأموم كذلك تنجّسه، و عليه فإذا صلّى الإمام في ثوب كان ملاقيا للمتنجّس بالواسطة جاز للمأموم
أن يقتدي به في صلاته هذه،و مثاله الآخر إذا فرض أنّ رأي الإمام كفاية التسبيحات الأربع مرّة واحدة في الركعتين الأخيرتين و رأي المأموم وجوب قراءتها ثلاث مرّات فيهما،فيجوز للمأموم الاقتداء به،و إن كان الاختلاف بينهما في نقطة لا يعذر فيها الجاهل و لا تصحّ صلاته واقعا،فلا يسوغ للمأموم أن يقتدي به إذا علم أنّه غير معذور في رأيه اجتهادا كان أم تقليدا،بل و لو احتمل ذلك ما دام متأكّدا من اختلافه معه في الرأي،مثال ذلك إذا فرض أنّ الإمام يرى اجتهادا أو تقليدا أنّ وظيفة الجريح أو الكسير إذا كان الجرح أو الكسر مجبورا بجبيرة نجسة أو معصّبا بعصابة كذلك وضع خرقة طاهرة على الجبيرة أو العصابة النجسة و المسح عليها،و المأموم يرى أنّ وظيفته في هذه الحالة التيمّم دون وضوء الجبيرة،ففي هذه الحالة إذا صلّى الإمام مع وضوء الجبيرة فلا يجوز للمأموم أن يقتدي به،لأنّ صلاته بنظره بلا طهور و هي باطلة واقعا.و مثاله الآخر إذا فرض أنّ رأي الإمام جواز الوضوء بماء الورد و رأي المأموم عدم جواز ذلك،فيكون الاختلاف بينهما في نقطة لا يعذر فيها الجاهل و هي الوضوء،و على هذا فلا يجوز للمأموم أن يقتدي به ما لم يثق بأنّه لم يتوضّأ بماء الورد.هذا إذا كان الاختلاف بينهما في الشبهات الحكميّة،و أمّا إذا كان الاختلاف بينهما في الشبهات الموضوعيّة فأيضا تارة يكون في نقطة يعذر فيها الجاهل و اخرى يكون في نقطة لا يعذر فيها الجاهل،مثال الأوّل هو ما إذا فرض أنّ الإمام كان يعتقد بطهارة ثوب-مثلا-و المأموم يرى نجاسته،فإذا صلّى الإمام فيه جاز للمأموم أن يقتدي به،و مثال الثاني هو ما إذا فرض أنّ الإمام كان يعتقد طهارة الماء و المأموم يرى أنّه نجس،فإذا توضّأ الإمام به و صلّى لم يجز للمأموم أن يقتدي به،و بكلمة موجزة أنّ الاختلاف بين الإمام و المأموم إذا كان في الأركان فلا يسوغ للمأموم الاقتداء به،و إن كان في غيرها جاز الاقتداء.
إذا ائتمّ به فيهما فتجزيه قراءته،و يجب عليه متابعته في القيام و إلاّ بطلت جماعته،و لا يجب عليه الطمأنينة حاله حتّى في حال قراءة الإمام.
و الأولى و الأفضل له أن يقرأها بقصد تلاوة القرآن أو أن يشتغل بالذكر و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أمّا في الاوليين من الجهرية فإن سمع صوت الإمام و لو همهمة وجب عليه ترك القراءة و الإنصات فيهما لقراءته،و إن لم يسمع حتّى الهمهمة جازت له القراءة سواء قصد بها مجرّد أن يتلو القرآن أو قصد أن يكون جزءا من صلاته في الواقع،و إذا شكّ في أنّ ما يسمعه صوت الإمام أو غيره فالأقوى الجواز،و لا فرق في عدم السماع بين أسبابه من صمم أو بعد أو غيرهما.
فإن كان الإمام لا يزال قائما وجب عليه أن يقرأ الحمد و السورة،و إن لزم من قراءة السورة فوات متابعة الإمام في الركوع اقتصر على الحمد و إذا كان المأموم يخشى أن تفوته المتابعة في الركوع إذا اكمل الفاتحة فلا يجوز له أن يقطعها بل عليه تكميلها برجاء أن يدرك الإمام في الركوع فإن أدركه فيه فهو المطلوب و إلاّ انفرد بصلاته عنه و أتمّ الفاتحة و قرأ سورة اخرى ثمّ ركع و يواصل صلاته و لا شيء عليه،و إن كان الإمام راكعا سقطت القراءة عنه نهائيّا فيهوي إلى الركوع
مباشرة و يتابع الإمام إلى أن يكمل هذه الركعة ثمّ يقوم المأموم إلى الركعة الثانية له و عليه في هذه الركعة أن يقرأ الفاتحة إخفاتا و حينئذ فإن كان الإمام في الركعة الرابعة فللمأموم أن يسرع في قراءة الحمد و السورة لإدراك الإمام في الركوع و إلاّ فيواصل صلاته منفردا إلى أن يتمّها.
سواء أ كانت واجبة كما إذا التحق بالإمام في الركعة الثانية أو الثالثة أم غير واجبة كما إذا التحق به في الركعة الاولى إذا كانت القراءة مشروعة له كما في الصلوات الإخفاتيّة أو الجهريّة إذا لم يسمع صوت الإمام كما مرّ،و إن جهر نسيانا أو جهلا صحّت صلاته،و إن كان ذلك متعمّدا بطلت.
كالقيام و القعود و الركوع و السجود فيركع بركوعه و يسجد بسجوده و يقف بوقوفه و يجلس بجلوسه و معنى المتابعة أن لا يسبقه في أيّ فعل من أفعال الصلاة سواء كان من الأركان أم من غيرها،بل يأتي بعد الإمام ما فعله الإمام متتابعا و بلا فاصل طويل أو مقارنا له و لا تجب متابعة الإمام في أقوال الصلاة كالقراءة و الذكر و التشهّد و غير ذلك ما عدا تكبيرة الإحرام فإنّ المأموم لا يجوز له أن يسبق إمامه فيها و يجوز له أن يسبقه في قراءة الفاتحة و التشهّد و نحوهما من الأقوال و لو سبقه فيها بطل ائتمامه و صار منفردا.
و لكن تبطل جماعته فيتمّها فرادى.نعم،إذا ركع قبل الإمام متعمّدا في حال قراءة الإمام بطلت صلاته،إذا لم يكن قرأ لنفسه،بل الحكم كذلك،إذا ركع سهوا في حال قراءة الإمام إذا تفطّن بعد ركوعه و لم يقم للالتحاق بإمامه في حال القراءة عامدا فإنّه حينئذ انفرد تاركا للقراءة عامدا و ملتفتا.
و لا يجوز له أن يتابع الإمام مرّة ثانية فيأتي بالركوع أو السجود للمتابعة،و إذا انفرد اجتزأ بما وقع منه من الركوع و السجود و أتمّ شريطة أن لا يكون ركوعه قبل الإمام في الركعتين الاوليين،و إذا كان فيهما لا بدّ أن يكون بعد فراغ الإمام عن القراءة بأن ركع المأموم عند ما قنت الإمام و إلاّ بطلت صلاته كما مرّ،و إذا ركع أو سجد قبل الإمام سهوا وجبت له المتابعة بالعودة إلى الإمام بعد الإتيان بالذكر و لا يلزمه الذكر في الركوع أو السجود بعد ذلك مع الإمام و إذا لم يتابع عمدا صحّت صلاته و بطلت جماعته و لكن لا إثم عليه.
فإن كان قبل الذكر بطلت صلاته إن كان متعمّدا في تركه،و إلاّ صحّت صلاته و بطلت جماعته،و إن كان بعد الذكر صحّت صلاته و أتمّها منفردا،و لا يجوز له أن يرجع إلى الجماعة فيتابع الإمام بالركوع أو السجود ثانيا،و إن رفع رأسه من الركوع أو السجود سهوا رجع إليهما ثانيا،فإنّ زيادة الركوع أو السجود من مثل هذا الساهي مغتفرة من أجل المتابعة للإمام،و إذا لم يرجع عمدا انفرد و بطلت جماعته،و إن لم يرجع سهوا بمعنى أنّه تفطّن بعد أن كان الإمام قد رفع رأسه صحّت صلاته و جماعته،و إن رجع و ركع للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حدّ الركوع بطلت صلاته،لأنّ المغتفر هو زيادة الركوع من أجل المتابعة لا مطلقا و هذا الركوع ليس ركوع المتابعة واقعا.
رفع رأسه و التحق بالإمام و ركع أو سجد معه ثانية و لا ذكر عليه في هذا الركوع أو السجود المكرّر
من أجل المتابعة،و إذا انتبه في حالة هوي الإمام إلى الركوع أو السجود بقي في ركوعه أو سجوده و تابع إمامه.
فله أن يؤدّي ما فاته من ركوع أو سجود فورا و يواصل متابعته للإمام و لا شيء عليه،و إذا نهض الإمام و المأموم معا من الركوع أو السجود و لكن انتصب المأموم قائما أو جالسا قبل أن ينتصب الإمام غفلة أو باعتقاد أنّ الإمام قد انتصب،بقي على حاله إلى أن ينتصب الإمام و يواصل متابعته معه في صلاته.
و المعيار العامّ في ذلك:أنّ ترك متابعة المأموم للإمام في أفعال الصلاة إن كان متعمّدا انفرد و ليس بإمكانه بعد ذلك الائتمام به مرّة ثانية،و إن كان سهوا و غفلة فإنّ بإمكانه الائتمام به مرّة اخرى.
و لا تكون مبطلة،بينما تكون هذه الزيادة مبطلة في صلاة الفرادى و إن كانت سهوا أو جهلا.نعم،الإمام كالمنفرد من هذه الناحية.
إذا كان حافظا و ضابطا للعدد دون قاعدة العلاج،بينما تكون وظيفة المنفرد البناء على الأكثر و الالتجاء إلى قاعدة العلاج.
بأن تعوّض قراءته عن قراءة المأموم،بينما يجب على المنفرد أن يقرأ بنفسه.
فوظيفته أن يقرأها إخفاتا حتّى في الصلوات الجهريّة،بينما تكون وظيفة المنفرد فيها أن يقرأها جهرا لا إخفاتا.
و لا سيّما في صلاة المغرب و العشاء بينما يكون المنفرد فيهما مخيّرا بين التسبيحات و الفاتحة.
فتخيل أنّه في الاولى فعاد إليها بقصد المتابعة،فتبيّن أنّها الثانية اجتزأ بها،و إذا تخيل الثانية فسجد اخرى بقصد الثانية فتبيّن أنّها الاولى حسبت للمتابعة.
لم تجب على المأموم متابعته،و إن نقص الإمام شيئا لا يقدح نقصه في الصلاة سهوا لم يجز للمأموم أن يتابعه في ذلك.
و كذلك إذا ترك الإمام بعض الأذكار المستحبّة،مثل تكبيرة الركوع و السجود جاز للمأموم أن يأتي بها،و إذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم المقلّد لمن يقول بوجوبها أو بالاحتياط الوجوبيّ أن يتركها،و كذلك إذا اقتصر في التسبيحات على مرّة مع كون المأموم مقلّدا لمن يوجب الثلاث لا يجوز له الاقتصار على المرّة،و هكذا الحكم في غير ما ذكر.
جاز أن يقرأ الحمد و السورة بقصد القربة المطلقة،فإن تبيّن كونه في الأخيرتين وقعت في محلّها،و إن تبيّن كونه في الاوليين لا يضرّه.
و كذلك في الجلوس للتشهّد،و يستحبّ أن يكون جلوسه متجافيا كما يستحبّ له التشهّد،فإذا كان في ثالثة الإمام تخلّف عنه في القيام فيجلس و يتشهّد و يسرع للنهوض ليتاح له أن يأتي بالتسبيحات الثلاثة و يتابع الإمام في ركوعه و يكون هو في الركعة الثالثة و إمامه في الركعة الرابعة،فإذا أكملا هذه الركعة فإمامه جلس يتشهّد و يسلّم و هو بإمكانه أن يغادر الإمام جالسا و ينهض للركعة الرابعة و بإمكانه أن يجلس متابعة له و يتشهّد حتّى إذا سلّم الإمام قام إلى الرابعة و أكمل صلاته منفردا.
و كذا إذا كان قد صلّى جماعة إماما أو مأموما،فإنّ له أن يعيدها في جماعة اخرى إماما و أمّا إعادتها مأموما فهي محلّ إشكال بل منع،و الأظهر عدم صحّة ذلك فيما إذا صلّى كلّ من الإمام و المأموم منفردا،و أراد إعادتها جماعة من دون أن يكون في الجماعة من لم يؤدّ فريضته.
اجتزأ بالمعادة.
و إن كانت صحيحة ظاهرا.
لا يجوز له الدخول معه،و إذا دخل الوقت في أثناء صلاة الإمام فهل يجوز الدخول معه في تلك الصلاة؟
و الجواب:الأظهر عدم جواز الدخول.
استحبّ له قطعها بل لا يبعد استحبابه بمجرّد شروع المقيم في الإقامة،و إذا كان في فريضة و لا يتمكّن من الالتحاق بالإمام في الركعة الاولى،فعندئذ يتخيّر المصلّي بين أن يواصل صلاته منفردا و بين أن يعدل إلى النافلة فينويها نافلة،و إن شاء يصلّيها بالكامل و إن شاء قطع النافلة و التحق بالإمام في ركعة لاحقة.
فجواز ترتيبه آثار الجماعة على الاجتماع بينه و بين المأمومين لا يخلو من إشكال،بل الأقوى عدم الجواز،و في كونه آثما بذلك إشكال،و الأظهر العدم.
يجب عليه الإتيان باخرى إذا لم يتجاوز المحلّ.
لا يصحّ الاقتداء به،و كذا إذا احتمل أنّها من الفرائض الّتي لا يصحّ اقتداء اليوميّة بها،و أمّا إن علم أنّها من اليوميّة لكن لم يدر أنّها أيّة صلاة من الخمس،أو أنّها قضاء أو أداء أو أنّها قصر أو تمام فلا بأس بالاقتداء به فيها.
و أن يصلّي بصلاة أضعف المأمومين فلا يطيل إلاّ مع رغبة المأمومين بذلك،و أن يسمع من خلفه القراءة و الأذكار فيما لا يجب الإخفات فيه، و أن يطيل الركوع إذا أحسّ بدخول شخص في الجماعة عن جديد بمقدار مثلي ركوعه المعتاد،و أن لا يقوم من مقامه إذا أتمّ صلاته حتّى يتمّ من خلفه صلاته.
و إذا كان رجل و امرأة وقف الرجل خلف الإمام و المرأة خلفه،و إن كانوا أكثر اصطفّوا خلفه و تقدّم الرجال على النساء،و يستحبّ أن يقف أهل الفضل في الصفّ الأوّل،و أفضلهم في يمين الصفّ،و ميامن الصفوف أفضل من مياسرها،و الأقرب إلى الإمام أفضل،و في صلاة الأموات الصفّ الأخير أفضل،و يستحبّ تسوية الصفوف و سدّ الفرج، و المحاذاة بين المناكب،و اتّصال مساجد الصفّ اللاحق بمواقف السابق،و القيام عند قول المؤذّن:«قد قامت الصّلاة»قائلا:«اللّهمّ أقمها و أدمها و اجعلني من خير صالحي أهلها»،و أن يقول عند فراغ الإمام من الفاتحة:«الحمد للّه ربّ العالمين».
و التنفّل بعد الشروع في الإقامة و تشتدّ الكراهة عند قول المقيم:«قد قامت الصلاة»و التكلّم بعدها،إلاّ إذا كان لإقامة الجماعة كتقديم إمام و نحو ذلك، و إسماع الإمام ما يقوله من أذكار،و أن يأتمّ المتمّ بمصلّي القصر،و كذا العكس.
من أخلّ بشيء من أجزاء الصلاة و شرائطها عمدا بطلت صلاته و لو كان بحرف أو حركة من القراءة أو الذكر،و كذا من زاد فيها جزاء عمدا قولا أو فعلا، من غير فرق في ذلك كلّه بين الركن و غيره،و لا بين كونه موافقا لأجزاء الصلاة أو مخالفا،و لا بين أن يكون ناويا ذلك في الابتداء أو في الأثناء.
فإن فعل شيئا لا بقصدها مثل حركة اليد و حكّ الجسد و نحو ذلك ممّا يفعله المصلّي لا بقصد الصلاة لم يقدح فيها،إلاّ أن يكون ماحيا لصورتها.
بطلت صلاته و إلاّ لم تبطل.
كما إذا ترك من فاتحة الكتاب سهوا آية من ابتدائها أو وسطها أو من السورة،و تذكّر قبل الركوع من تلك الركعة وجب عليه أن يأتي بما تركه و ما بعده و يواصل صلاته،و كذلك إذا ترك شيئا ممّا يجب من التسبيحات في الركعة الثالثة أو الرابعة،و إن كان بعد فوات محلّه،فإن كان ركنا بطلت صلاته و إلاّ صحّت،و الأوّل كما إذا ترك ركوعا سهوا و دخل في السجدة الثانية من تلك
الركعة ثمّ تذكّر فإنّ صلاته باطلة و لا يمكن تدارك ما فات و هو الركوع و ما بعده، و الثاني كما إذا ترك من الفاتحة شيئا و تذكّر بعد الدخول في الركوع فإنّ صلاته صحيحة و لا شيء عليه غير قضاء المنسيّ إذا كان سجدة واحدة،و كذلك إذا كان تشهّدا كما سيأتي.
كمن نسي قراءة الحمد أو السورة أو بعضا منهما،أو الترتيب بينهما،و التفت بعد الوصول إلى حدّ الركوع فإنّه يمضي في صلاته،أمّا إذا التفت قبل الوصول إلى حدّ الركوع فإنّه يرجع و يتدارك الجزء المنسيّ و ما بعده على الترتيب،و إن كان المنسيّ ركنا كمن نسي السجدتين حتّى ركع بطلت صلاته،و إذا التفت قبل الوصول إلى حدّ الركوع تداركهما،و إذا نسي سجدة واحدة أو تشهّدا أو بعضه أو الترتيب بينهما حتّى ركع صحّت صلاته و مضى،و إن ذكر قبل الوصول إلى حدّ الركوع تدارك المنسيّ و ما بعده على الترتيب،و تجب عليه في بعض هذه الفروض سجدتا السهو،كما سيأتي تفصيله.
فمن نسي السجدتين حتّى سلّم و أتى بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا بطلت صلاته،و إذا ذكر قبل الإتيان بالمنافي رجع و أتى بهما و تشهّد و سلّم ثمّ سجد سجدتي السهو للسلام الزائد،و كذلك من نسي إحداهما أو التشهّد أو بعضه حتّى سلم و لم يأت بالمنافي فإنّه يرجع و يتدارك المنسيّ و يتمّ صلاته و يسجد سجدتي السهو،و إذا ذكر ذلك بعد الإتيان بالمنافي صحّت صلاته و مضى،و عليه قضاء المنسيّ و الإتيان بسجدتي السهو على ما يأتي.
كمن نسي الذكر أو الطمأنينة في الركوع أو السجود حتّى رفع رأسه فإنّه يمضي،و كذا إذا
نسي وضع بعض المساجد الستّة في محلّه.و إذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح فقرأ أو سبّح جالسا،و تفطّن بعد أن أكمل القراءة أو التسبيح،فهل يجب أن يتداركهما قائما إذا ذكر قبل الركوع أو لا؟
و الجواب:لا يجب.
و وصل إلى حدّ الجلوس ثمّ تفطّن إلى الحال فإنّه يمضي في صلاته و يتمّها و لا شيء عليه،و إذا نسي الانتصاب بين السجدتين حتّى جاء بالثانية مضى في صلاته و لا شيء عليه،و إذا ذكره حال الهوي إليها رجع و تداركه على أساس أنّ الواجب هو انتصاب المصلّي جالسا بعد السجدة الاولى،فإذا رفع رأسه منها و قبل أن ينتصب هوى إلى السجدة الثانية،و تفطّن في حالة الهوي،وجب عليه أن يرجع منتصبا ثمّ يهوي إلى السجدة الثانية،حيث يصدق على ذلك أنّه انتصب بعد السجدة الاولى.
و إن ذكر قبل الدخول في السجدة الثانية،وجب عليه أن يرجع و يقوم منتصبا ثمّ يركع و يواصل صلاته و يتمّها،و الأحوط و الأجدر استحبابا أن يعيدها أيضا.
فإن كان الالتفات إلى ذلك بعد الدخول في الركن فالأظهر التفصيل،فإنّ المصلّي إن علم بالحال بعد دخوله في الركن اللاحق بطلت صلاته،و وجب عليه إعادتها من جديد،و إلاّ فالأقرب أن يأتي بالسجدتين و يتمّ الصلاة.
مثال ذلك:مصلّي،بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة مثلا علم بأنّه ترك سجدتين،و لكنّه لا يدري أنّ كلتيهما كانت من الركعة الاولى أو من
الركعة الثانية،أو أحدهما من الركعة الاولى و الاخرى من الثانية،فحينئذ إن كان يعلم المصلّي بذلك بعد الدخول في الركن اللاحق أو بعد الفراغ من الصلاة و الإتيان بالمنافي،فوظيفته على الأظهر إعادة الصلاة من جديد،و إن كان يعلم بذلك قبل الدخول في الركن اللاحق كما إذا علم بذلك قبل دخوله في ركوع الركعة الثالثة،فوظيفته على الأظهر أن يأتي بالسجدتين من هذه الركعة المشكوكة أي الركعة الثانية و يواصل صلاته و يتمّها و لا شيء عليه،و إن كان قد أتى بالتشهّد و القيام و نحوهما ثمّ علم بالحال،ألغاه و يجلس و يأتي بالسجدتين و يكمل صلاته ثمّ يسجد سجدتي السهو للزيادة على الأحوط.
-قضاهما و إن كانتا من الاوليين.
و الأحوط استحبابا الإعادة.
و كذا إذا ذكرها بعد التسليم قبل فعل المنافي،و إذا ذكرها بعده بطلت صلاته.
و الأحوط استحبابا تدارك القراءة أو غيرها بنيّة القربة المطلقة،و كذلك إذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه.
سواء كان الذكر في أثناء القراءة،أم التسبيح،أم بعدهما،و الجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك إذا كان مركّبا،و أمّا إذا كان بسيطا فبشرط أن يكون معذورا لا مطلقا.
أحدهما:الواجبات الركنيّة و هي الّتي تبطل الصلاة بتركها مطلقا حتّى من الناسي و الجاهل،و هي متمثّلة في الركوع و السجود و الطهور و الوقت و القبلة و تكبيرة الإحرام،كما أنّها تبطل بزيادتها،كذلك إذا كانت قابلة للزيادة ما عدا تكبيرة الإحرام،فإنّ الصلاة لا تبطل بزيادتها من الناسي أو الجاهل.
و الآخر:الواجبات غير الركنيّة و هي الّتي لا تبطل الصلاة بتركها،إلاّ في حالة العمد و الالتفات إلى الحكم الشرعيّ،كالفاتحة و التشهّد و التسليم و نحوها.
و هو أنّ كلّ واجب من واجبات الصلاة إذا كان مرتبطا بها مباشرة فهو من أجزائها كذلك،كالركوع و السجود و القراءة و التشهّد و التسليم و التكبيرة و غيرها،و كلّ واجب من واجباتها إذا كان مرتبطا بجزء معيّن من أجزائها فهو من واجبات الجزء و ليس من واجبات الصلاة مباشرة،و من أمثلة واجبات الجزء الذكر في الركوع و السجود و القيام حال القراءة و الجلوس حال التشهّد و الجهر و الإخفات في القراءة.
و على هذا الأساس فبإمكاننا أن نحدّد القاعدة للتمييز بين ما إذا كان الجزء المنسيّ من واجبات الصلاة مباشرة و ما إذا كان من واجبات أجزائها كذلك دون نفسها،فإذا كان المنسيّ من القسم الأوّل فله حالتان:
الحالة الاولى:حالة التدارك و هي كما يلي:
1-إذا ترك المصلّي الركوع و تذكّر قبل أن يسجد من تلك الركعة،فإنّه يقوم منتصبا ثمّ يأتي بالركوع و ما بعده و يواصل صلاته،و إذا ترك السجدتين من ركعة أو السجدة الثانية منها فقط و تذكّر قبل أن يركع في الركعة اللاحقة، رجع إلى السجود و أتى به و بما بعده و واصل صلاته.
2-إذا نسي التكبيرة و تفطّن قبل أن يدخل في الركوع،رجع و أتى بها و بما بعدها.
3-إذا نسي فاتحة الكتاب أو بعضها أو السورة،و تذكّر قبل أن يركع أتى بها أو بما نسي منها و ما بعدها،و إذا ترك التشهّد في الركعة الثانية و نهض قائما و تذكّر قبل أن يركع،رجع و أتى بالتشهّد و بما بعده.
4-إذا نسي السجدتين من الركعة الأخيرة أو التشهّد من تلك الركعة أو التسليم،و تذكّر قبل أن يصدر منه المنافي و المبطل للصلاة،رجع و أتى بما تركه و ما بعده.
الحالة الثانية:حالة عدم التدارك و هي كالآتي:
1-إذا نسي القراءة أو أيّ جزء منها و تذكّر بعد أن ركع،مضى و لم يجب عليه التدارك و يواصل صلاته و يتمّها و لا شيء عليه.
2-إذا نسي الركوع و تفطّن بعد أن سجد السجدة الثانية فلا يجب عليه التدارك،و تبطل صلاته و عليه إعادتها من جديد،و كذلك إذا نسي السجدتين و تذكّر بعد أن ركع في الركعة اللاحقة.
3-إذا نسي السجدة الثانية من أيّ ركعة أو التشهّد و تذكّر بعد أن ركع في الركعة اللاحقة فلا يجب عليه التدارك،و يواصل صلاته و يتمّها و عليه قضاء ما نسيه من السجدة أو التشهّد،و هكذا.
و إن كان المنسيّ من القسم الثاني و هو واجبات أجزاء الصلاة،فله حالة واحدة و هي حالة عدم إمكان تداركه،و إن كان المحلّ الشكّيّ أو السهويّ باقيا فإذا نسي الذكر في الركوع أو السجود و تذكّر بعد أن رفع رأسه و خرج عن حالة
الركوع أو السجود فلا يتاح له التدارك و يواصل صلاته،لأنّه إن ذكر من دون ركوع أو سجود فلا أثر له،إذ الواجب إنّما هو الذكر في الركوع أو السجود،و إن ركع أو سجد مرّة اخرى فلا قيمة له أيضا،لأنّ الذكر من واجبات الجزء و الجزء إنّما هو الركوع أو السجود الأوّل دون الثاني،هذا إضافة إلى أنّه يؤدّي إلى بطلان صلاته بزيادة الركن في المثال،و كذلك إذا نسي الطمأنينة في حال ذكر الركوع أو السجود و تفطّن بعد إكمال الذكر،و من ذلك ما إذا نسي القيام في حال القراءة أو الجهر و الإخفات في حالها.
فالضابط العامّ أنّ المنسيّ إذا كان من واجبات الصلاة مباشرة،و كان تفطّن المصلّي قبل التجاوز من المحل الشكّيّ أو السهويّ،وجب عليه أن يأتي به و بما بعده،و أمّا إذا كان بعد التجاوز عن المحلّ السهويّ و الدخول في الركن اللاحق فلا يتاح له التدارك،و إذا كان المنسيّ من واجبات أجزاء الصلاة مباشرة لم يتح له التدارك،و إن كان التفاته قبل التجاوز عن المحلّ الشكّيّ فضلا عن السهويّ.
فإن كان في الوقت صلّى، و إن كان بعد خروج الوقت لم يلتفت،و الظنّ بفعل الصلاة حكمه حكم الشكّ في التفصيل المذكور،و إذا شكّ في بقاء الوقت بنى على بقائه،و حكم كثير الشكّ في الإتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل المذكور من الإعادة في الوقت و عدمها بعد خروجه،و أمّا الوسواسيّ فيبني على الإتيان و إن كان في
الوقت.و إذا شكّ في الظهرين في الوقت المختصّ بالعصر فهل يمكن البناء على وقوع الظهر و الإتيان بالعصر؟و الجواب:انّ وظيفته في هذه الحالة و إن كانت وجوب الإتيان بالعصر إلاّ أنّه ليس بإمكانه البناء على وقوع الظهر،لأنّ الشكّ فيه ليس بعد مضيّ وقتها و لا بعد تجاوز محلّها لكي يمكن البناء على وقوعها، تطبيقا لقاعدة عدم الاعتناء بالشكّ بعد الوقت أو بعد تجاوز المحل،و لكن مع ذلك لا يجب عليه قضاء الظهر تطبيقا لأصالة البراءة عن وجوبه،و إذا شكّ و قد بقي من الوقت مقدار أداء ركعة أتى بالصلاة،و إذا كان أقلّ لم يلتفت،و إذا شكّ في فعل الظهر و هو في العصر عدل بنيّته إلى الظهر و أتمّها ظهرا.
لم يلتفت، و إذا شكّ في التسليم فإن كان شكّه في صحّته لم يلتفت،و كذا إن كان شكّه في وجوده،و قد أتى بالمنافي حتّى مع السهو،و أمّا إذا كان شكّه قبل ذلك فاللازم هو التدارك و الاعتناء بالشكّ.
سواء كان الشكّ في عدد الركعات،أم في الأفعال،أم في الشرائط،فيبني على وقوع المشكوك فيه إلاّ إذا كان وجوده مفسدا فيبني على عدمه،كما لو شكّ بين الأربع و الخمس،أو شكّ في أنّه أتى بركوع أو ركوعين مثلا،فإنّ البناء على وجود الأكثر مفسد فيبني على عدمه.
اختصّ عدم الاعتناء بذلك المورد و لا يتعدّى إلى غيره.
نعم،إذا كان يشكّ في كلّ ثلاث صلوات متواليات مرّة فهو كثير الشكّ،و يعتبر في صدقها أن
لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ أو نحو ذلك، ممّا يوجب اغتشاش الحواسّ و تشتّت الأفكار و يؤدّي إلى كثرة الشكّ و لكن مع هذا لا يجري عليه حكم كثير الشكّ،بل حاله حال المصلّي الاعتياديّ،و يلجأ في علاج شكّه إلى سائر القواعد الشرعيّة.
مضى و لم يعتن و بنى على أنّه أتى به،ثمّ إذا ظهر أنّه لم يأت به، فحينئذ إن كان ذلك الجزء ركنا كالركوع و كان انكشاف الخلاف بعد الدخول في السجدة الثانية من تلك الركعة أو بعد ركوع الركعة اللاحقة فصلاته باطلة و عليه إعادتها من جديد،و إن كان انكشاف الخلاف قبل الدخول في السجدة الثانية رجع و أتى به و ما بعده و يواصل صلاته و لا شيء عليه،و إن لم يكن ركنا كالفاتحة و التشهّد و نحوهما و كان انكشاف الخلاف بعد الدخول في الركن للركعة اللاحقة يواصل صلاته و يتمّها و لا شيء عليه،ما عدا قضاء ذلك الجزء المنسيّ إذا كان له قضاء كالسجدة الواحدة أو التشهّد،و إن كان قبل الدخول فيه رجع و أتى به و ما بعده و يواصل صلاته.
فإذا جاء بالمشكوك فيه ثمّ انكشف أنّه كان قد أتى به سابقا،فحينئذ إن كان الجزء المشكوك فيه ركنا كالركوع أو السجدتين بطلت صلاته،و إلاّ صحّت و لا شيء عليه.
بنى على العدم، كما أنّه إذا كان على يقين بأنّه كثير الشكّ ثمّ شكّ في زوال هذه الحالة عنه بنى على بقائها.
رجع إلى المأموم الحافظ،عادلا كان أو فاسقا،ذكرا أو أنثى،و كذلك إذا شكّ المأموم فإنّه يرجع الى الإمام الحافظ،و الظان منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاكّ إليه،و إن اختلف المأمومون لم يرجع إلى بعضهم،و إذا كان بعضهم شاكا و بعضهم حافظا رجع الإمام إلى الحافظ،و في جواز رجوع الشاكّ منهم إليه إذا لم يحصل له الظنّ إشكال،بل منع،لأنّ موضوع جواز رجوع كلّ من الإمام و المأموم إلى الآخر هو الحافظ لعدد الركعات و لو ظنّا و إلاّ فلا موضوع للرجوع،و الظاهر أنّ جواز رجوع المأموم إلى الإمام و بالعكس لا يختصّ بالشكّ في الركعات،بل يعمّ الشكّ في الأفعال أيضا،فإذا علم المأموم أنّه لم يتخلّف عن الإمام و شكّ في أنّه سجد سجدتين أم واحدة و الإمام جازم بالإتيان بهما،رجع المأموم إليه و لم يعتن بشكّه، و أمّا إذا شكّ المأموم في أنّه هل سجد مع الإمام سجدتين أو تخلّف عنه،فلم يتابعه في السجدة الثانية فلا يفيد هنا حفظ الإمام و يقينه بالسجدتين ما دام يحتمل تخلّفه عنه،بل عليه أن يسجد السجدة الثانية،شريطة أن لا يتجاوز المحلّ المقرّر للسجود شرعا.
إلاّ أن يكون الأكثر مفسدا فيبني على الأقلّ.
أدائيّة كانت الفريضة أم قضائيّة أم صلاة جمعة أم آيات،و قد دخل في الجزء الّذي بعده مضى و لم يلتفت،كمن شكّ في تكبيرة الإحرام و هو في القراءة أو في الفاتحة و هو في السورة،أو في الآية السابقة و هو في اللاحقة أو في أوّل الآية و هو في آخرها،أو في القراءة و هو في الركوع أو في الركوع و هو في السجود،أو شكّ في السجود و هو في التشهّد أو في القيام لم يلتفت،و كذا إذا شكّ في التشهّد
و هو في القيام أو في التسليم،فإنّه لا يلتفت إلى الشكّ في جميع هذه الفروض، و إذا كان الشكّ قبل أن يدخل في الجزء الّذي بعده وجب الإتيان به،كمن شكّ في التكبير قبل أن يقرأ أو في القراءة قبل أن يركع،أو في الركوع قبل السجود، و إن كان الشكّ حال الهوي إليه،أو في السجود أو في التشهّد و هو جالس،أو في حال النهوض إلى القيام،و كذلك إذا شكّ في التسليم و هو في التعقيب قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا.
فإذا شكّ في القراءة و هو في القنوت لزمه الالتفات و التدارك.
و إن لم يدخل في الجزء الّذي بعده،كما إذا شكّ بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام في صحّتها فإنّه لا يلتفت،و كذا إذا شكّ في صحّة قراءة الكلمة أو الآية.
لم تبطل صلاته إلاّ إذا كان ركنا،و إذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحلّ فتبيّن عدم الإتيان به فإن أمكن التدارك به فعله،و إلاّ صحّت صلاته إلاّ أن يكون ركنا.
لم يلتفت،و كذا لو شكّ في أنّه هل سها أم لا و قد جاز محلّ ذلك الشيء الّذي شكّ في أنّه سها عنه أو لا.نعم،لو شكّ في السهو و عدمه و هو في محلّ يتلافى فيه المشكوك فيه،أتى به على الأصحّ.
فإن استقرّ الشكّ و كان في الثنائيّة أو الثلاثيّة أو الاوليين من الرباعيّة بطلت،و إن كان في غيرها و قد أحرز الأوليين،بأن أتمّ الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية و إن لم يرفع رأسه فهنا صور:
منها:ما لا علاج للشكّ فيها فتبطل الصلاة فيها.
و منها:ما يمكن علاج الشكّ فيها و تصحّ الصلاة حينئذ و هي تسع صور:
الاولى:الشكّ بين الاثنتين و الثلاث بعد ذكر السجدة الأخيرة أو بعد رفع الرأس منها،فإنّه يبني على الثلاث و يأتي بالرابعة و يتشهّد و يسلّم و قبل أن يأتي بأيّ مبطل و مناف للصلاة،يقوم ناويا أن يصلّي صلاة الاحتياط قربة إلى اللّه تعالى فيكبّر تكبيرة الإحرام و يأتي بركعة واحدة من قيام إن كانت وظيفته الصلاة قائما،و إن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعة جالسا،و حينئذ فإن كانت صلاته في الواقع تامّة اعتبرت صلاة الاحتياط نافلة و إلاّ فمكمّلة.
الثانية:الشكّ بين الثلاث و الأربع في أيّ موضع كان،سواء كان في حال القيام أم الركوع أم السجود أو بعد رفع الرأس من السجود،فيبني على الأربع و يتمّ صلاته،ثمّ يقوم و يأتي بصلاة الاحتياط،و هل وظيفته في هذه الصورة التخيير بين الإتيان بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس أو التعيين بالاحتياط بركعتين من جلوس؟
و الجواب:الأظهر هو التعيين،و إن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعة جالسا.
الثالثة:الشكّ بين الاثنين و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتمّ صلاته ثمّ يحتاط بركعتين من قيام،و إن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس.
الرابعة:الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتمّ صلاته ثمّ يحتاط بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس،
و الأقوى تأخير الركعتين من جلوس،و إن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس ثمّ بركعة جالسا.
الخامسة:الشكّ بين الأربع و الخمس بعد ذكر السجدة الأخيرة،فيبني على الأربع و يتمّ صلاته ثمّ يسجد سجدتي السهو.
السادسة:الشكّ بين الأربع و الخمس حال القيام،فإنّه يهدم قيامه و يجلس فإذا جلس رجع شكّه إلى الشكّ بين الثلاث و الأربع،فيتمّ صلاته ثم يحتاط كما سبق في الصورة الثانية.
السابعة:الشكّ بين الثلاث و الخمس حال القيام،فإنّه يهدم قيامه و يرجع شكّه حينئذ إلى الشكّ بين الاثنتين و الأربع،فيتمّ صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة.
الثامنة:الشكّ بين الثلاث و الأربع و الخمس حال القيام،فإنّه يهدم قيامه فإذا هدم رجع شكّه إلى الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع،فيتمّ صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الرابعة.
التاسعة:الشكّ بين الخمس و الستّ حال القيام فإنّ عليه أن يهدم قيامه فإذا هدم و جلس رجع شكّه إلى الشكّ بين الأربع و الخمس،و يتمّ صلاته و يسجد للسهو،و الأحوط وجوبا في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضا.
و يستثنى من قاعدة علاج الشكّ في عدد الركعات الحالات التالية:
الاولى:أن يكون المصلّي كثير الشكّ و مفرطا فيه فإنّ وظيفته حينئذ أن يلغي شكّه،و يفترض أنّه قد أتى بما شكّ فيه أي أنّه يبني على الأكثر،فإذا شكّ بين الثلاث و الأربع بنى على الأربع و أتمّ صلاته و لا شيء عليه و هكذا.
الثانية:أن يكون الشكّ في عدد الركعات من الإمام إذا كان مأمومه حافظا و ضابطا للعدد و من المأموم إذا كان إمامه كذلك.
الثالثة:أن يكون هناك ترجيح لأحد الاحتمالين،و هو ما يسمّى بالوهم و الظنّ فإنّ المصلّي حينئذ يعمل به و لا يلتجأ إلى قاعدة العلاج.
الرابعة:أنّ المصلّي في صلاة النافلة إذا كان شاكّا في عدد ركعاتها لم يلتجأ إلى قاعدة العلاج بل يبني إمّا على الأقلّ و يكمل صلاته،أو على الأكثر إذا لم يكن مبطلا.
كان من جهة الظنّ بالثلاث أو عملا بالشكّ،فعليه صلاة الاحتياط،و إذا بنى في الفرض المذكور على الاثنتين،و شكّ بعد التسليم أنّه كان من جهة الظنّ بالاثنتين أو خطأ منه و غفلة عن العمل بالشكّ،صحّت صلاته و لا شيء عليه.
أمّا الظنّ بالأفعال فالظاهر أنّ حكمه حكم الشكّ،فإذا ظنّ بفعل الجزء في المحلّ لزمه الإتيان به،و إذا ظنّ بعدم الفعل بعد تجاوز المحلّ مضى و ليس له أن يرجع و يتداركه و الأحوط استحبابا إعادة الصلاة في الصورتين.
كالشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الشكّ بين الاثنتين و الأربع و الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع،إذا شكّ المصلّي مع ذلك في الإتيان بالسجدتين أو واحدة فإن كان شكّه في حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهّد بطلت صلاته،إذ مضافا إلى أنّه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بإحداهما أنّه ليس بإمكانه إحراز
الإتيان بهما شرعا بالالتجاء إلى إحدى القواعد الشرعيّة،لكي يكون شكّه بعد الاكمال و مشمولا لأدلّة العلاج فإذن يكون من الشكوك المبطلة،و إن كان بعد الدخول في القيام أو التشهّد لم تبطل تطبيقا لقاعدة التجاوز.
كما يتّفق ذلك كثيرا لبعض الناس فهل يكون ذلك شكّا؟
و الجواب:الأظهر عدم ترتيب آثار الشكّ عليه من جهة عدم إحراز اعتداله و تساوي طرفيه فلذلك،الأقرب في هذه الحالة وجوب إعادة الصلاة من جديد و عدم إمكان تكميلها تطبيقا لقاعدة العلاج.و إذا كان المصلّي يجد نفسه و هو يتشهّد في الركعة الرابعة و شكّ،في أنّها ركعة بنائية على أساس الشكّ بين الثلاث و الأربع،أو بنى عليها على أساس الظنّ بها ففي هذه الحالة إن كان ظانّا فعلا،فله ترتيب آثار الظنّ و العمل به،و إن كان شاكّا فعلا،فله ترتيب آثار الشكّ و العمل بقاعدة العلاج بأن يتمّ صلاته ثمّ يأتي بركعة الاحتياط، فالمعيار إنّما هو بحالة المصلّي فعلا،فإن كان ظانّا فعلا و لم يعلم حالته السابقة عمل على طبقه،و إن كان شاكّا كذلك رتّب آثاره حتّى فيما إذا كان بعد التسليم و الفراغ من الصلاة،كما إذا شكّ المصلّي بعد ما سلّم في أنّه هل بنى على الركعة الرابعة من جهة أنّه كان ظانّا بها أو متيقّنا كي لا يكون عليه شيء بعده،أو أنّه كان قد بنى عليها من جهة الشكّ بين الثلاث و الأربع كي تكون عليه صلاة الاحتياط،فإنّ وظيفته في هذه الحالة هي العمل بالشكّ و الإتيان بصلاة الاحتياط،و كذا لو شكّ في شيء ثمّ انقلب شكّه إلى الظنّ،أو ظنّ به ثمّ انقلب ظنّه إلى الشكّ،فإنّه يلحظ الحالة الفعليّة و يعمل عليها،فلو شكّ بين الثلاث و الأربع مثلا فبنى على الأربع،ثم انقلب شكّه إلى الظنّ بالثلاث بنى عليه و أتى
بالرابعة،و إذا ظنّ بالثلاث ثمّ تبدّل ظنّه إلى الشكّ بينها و بين الأربع بنى على الأربع ثمّ يأتي بصلاة الاحتياط.
لا تبطل به الصلاة شريطة أن تعالج بصلاة الاحتياط،و هل صلاة الاحتياط واجبة و لا يجوز أن يدعها و يعيد الصلاة بكاملها من الأوّل،أو يجوز تركها و إعادة الصلاة بكلّ واجباتها من جديد؟
و الجواب:الأقرب جواز ذلك،و الأحوط أن تكون الإعادة بعد إكمال الصلاة بفعل المنافي.
فلا بدّ فيها من النيّة و التكبير للإحرام،و قراءة الفاتحة إخفاتا حتّى في البسملة على الأحوط الأولى و الركوع و السجود و التشهّد و التسليم،و لا تجب فيها سورة،و إذا تخلّل المنافي بينها و بين الصلاة بطلت الصلاة و لزم الاستئناف من جديد.
و إن كان في الأثناء جاز تركها و إتمامها نافلة ركعتين.
فعليه أن يقوم لإكمال صلاته بركعة أو أكثر لا يكبّر لها تكبيرة الإحرام و يقرأ ما يقرأه المصلّي في الركعة الرابعة و ألغى ما كان قد أتى به من التشهّد و التسليم،و إذا تبيّن له النقص في أثنائها و هو يؤدّيها من قيام،فإذا افترض أنّ ركعة الاحتياط مطابقة للناقص فيفرضها مكمّلة لصلاته و لا شيء عليه.نعم،إذا تبيّن له النقص في أثناء ركعة الاحتياط قبل أن يركع و هو يؤدّيها من جلوس،ألغى ما أتى به من ركعة الاحتياط،و يقوم و يأتي بالركعة الناقصة لإتمام صلاته من دون
تكبيرة الإحرام و يقرأ ما يقرأه في الركعة الرابعة،و أمّا إذا كان التبيّن بعد الركوع في ركعة الاحتياط و هو يؤدّيها من جلوس،فعليه أن يستأنف الصلاة من جديد، و إذا تبيّن له النقص في أثناء ركعة الاحتياط و كان النقص بأقلّ من عدد ركعة الاحتياط،كما إذا شكّ بين الاثنتين و الأربع بنى على الأربع و يتشهّد و يسلّم ثم يقوم بالاحتياط بركعتين من قيام،فإن تبيّن له النقص بركعة واحدة قبل دخوله في ركوع الركعة الثانية من صلاة الاحتياط فله تكميل صلاته بضمّ ركعة الاحتياط إليها بقصد الركعة الرابعة موصولة،و إن تبيّن له النقص كذلك بعد دخوله في ركوع الركعة الثانية فليس بإمكانه تكميل صلاته بالضمّ،فلا محالة تبطل و يعيدها من جديد،و إذا تبيّن ذلك بعد الفراغ منها أجزأت إذا تبيّن النقص الّذي كان يحتمله أوّلا،أمّا إذا تبيّن غيره ففيه تفصيل:
فإنّ النقص المتبيّن إذا كان أكثر من صلاة الاحتياط و أمكن تداركه لزم التدارك و صحّت صلاته،و في غير ذلك يحكم بالبطلان و لزوم إعادة أصل الصلاة،مثلا إذا شكّ بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع،و أتى بركعة واحدة قائما للاحتياط ثمّ تبيّن له قبل الإتيان بالمنافي أنّ النقص كان ركعتين،فإنّ عليه حينئذ إتمام الصلاة بركعة اخرى و سجود السهو مرّتين لزيادة السلام في أصل الصلاة،و زيادته في صلاة الاحتياط.
و الشكّ في المحلّ أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ و غير ذلك،و إذا شكّ في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلاّ أن يكون مفسدا.
أو بعد الإتيان بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا.
و كذلك إذا زاد ركوعا أو سجدتين في ركعة،و أمّا الشكّ الّذي تبطل به الصلاة فهو غير ما تقدّم من ألوان الشكّ،فكلّ شكّ في عدد الركعات مبطل للصلاة،و قد استثني من ذلك ما مرّ من الصور التسع،و على هذا فإذا لم يدر المصلّي كم صلّى و لم يذهب ظنّه على أيّ عدد من الركعات فصلاته باطلة، و إذا شكّ في عدد الركعات في صلاة ثنائيّة أو ثلاثيّة بطلت و كذلك إذا شكّ في الركعتين الاوليين من الصلوات الرباعيّة و في الركعتين الأخيرتين منها إذا لم يكن شكّه من ألوان الشكوك الصحيحة.
فلا مانع من البناء على أنّه بعد الركعة الثانية،لأنّ احتمال أنّه تشهد بعد الركعة الاولى عامدا و ملتفتا غير محتمل،لأنّه خلف فرض كونه في مقام الامتثال،و احتمال أنّه فعل ذلك خطأ أو غفلة فهو خلاف الأصل العقلائيّ،فمن أجل ذلك يعتبر نفس تشهّده هذا قرينة على أنّه قد أكمل الركعة الثانية تطبيقا لقاعدة التجاوز،و كذلك إذا تشهّد و في أثنائه شكّ في أنّ تشهّده هذا هل يكون بعد إكمال الركعة الرابعة،أو أنّه وقع منه بعد الثالثة خطأ و غفلة،فإنّه يبني على أنّه بعد الرابعة تطبيقا لنفس القاعدة.
وجب قضاؤها بعد الصلاة و بعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه،و كذا يقضي التشهّد إذا نسيه و لم يذكره إلاّ بعد الركوع،و يجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة و التشهّد من الركعة الأخيرة،و لم يذكر إلاّ بعد التسليم و الإتيان بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا،و أمّا إذا ذكره بعد التسليم و قبل الإتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسيّ و الإتيان بالتشهّد و التسليم ثمّ الإتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد،و لا يقضي غير السجدة و التشهّد من الأجزاء،و يجب في القضاء ما يجب في المقضيّ من جزء و شرط كما يجب فيه نيّة البدليّة،و لا يجوز الفصل بالمنافي بينه و بين الصلاة،و إذا فصل أعاد الصلاة،كما لا يجوز الفصل بين قضاء السجدة و التشهّد.
إلاّ أن يكون الشكّ بعد الإتيان بالمنافي عمدا و سهوا و إذا شكّ في موجبه بنى على العدم.
شريطة أن يذهب وهمه إلى الأربع، و لنسيان التشهّد و للقيام في موضع الجلوس،كما إذا غفل المصلّي عن جلوس
واجب و تفطّن بعد إكمال الصلاة أنّه لم يجلس جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية في الركعة الاولى أو الركعة الثالثة في الصلوات الرباعيّة،أو الجلوس في موضع القيام،كما إذا غفل عن قيام واجب و تفطّن بعد إكمال الصلاة أنّه هوى من الركوع إلى السجود رأسا من دون أن يقوم منتصبا،و الأحوط وجوبا سجود السهو للسلام في غير محلّه و لنسيان السجدة بل لكلّ زيادة أو نقيصة.
بأن يتذكّر ثمّ يسهو،أمّا إذا تكلّم كثيرا و كان ذلك من سهو واحد وجب سجود واحد لا غير.
و أمّا إذا لم يأت بهما كذلك و أخّرهما إلى ما بعد الكلام أو القيام من مكانه،فهل يجب الإتيان حينئذ؟
و الجواب:يجب ذلك على الأحوط.
قد تسأل:هل يجوز تقديم سجدتي السهو على صلاة الاحتياط و الجزء المنسيّ أو لا؟
و الجواب:لا يجوز،لأنّ محلّ السجدتين بعد الصلاة قبل أن يأتي بالمنافي و أن يقوم من مكانه،و من الواضح أنّه لا يمكن إحراز ذلك إلاّ بالإتيان بصلاة الاحتياط و الجزء المنسيّ.
و لا يجب فيه تكبير،و يعتبر فيه وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه و وضع
سائر المساجد،و الأحوط استحبابا أن يكون واجدا لجميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة و الاستقبال و الستر و غير ذلك،و يستحبّ في كلّ سجدة ذكر اللّه و نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و صورته:«بسم اللّه و باللّه السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته»و يجب فيه على الأحوط التشهّد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، ثمّ التسليم و الأحوط استحبابا اختيار التشهّد المتعارف.
و إذا شكّ في إتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به،و إذا اعتقد تحقّق الموجب-و بعد السلام شكّ فيه-لم يلتفت،كما أنّه إذا شكّ في الموجب،و بعد ذلك علم به أتى به،و إذا شكّ في أنّه سجد سجدة أو سجدتين بنى على الأقلّ و كذا إذا دخل في التشهّد على الأحوط وجوبا،و إذا شكّ بعد رفع الرأس في تحقّق الذكر مضى،بل و كذا إذا علم بعدمه و إذا زاد سجدة لم يقدح.
لزم الإتيان به،و إذا شكّ بعد تجاوز المحلّ لا يعتني به،و إذا نسي جزءا منها لزم تداركه إذا ذكره قبل الدخول في ركن بعده،و تفترق عن الفريضة بأنّ الشكّ في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقلّ و الأكثر-كما تقدّم-و أنّه لا سجود للسهو فيها،و لا قضاء للجزء المنسيّ لها إذا كان يقضي في الفريضة،و لا تقدح زيادة الركن سهوا فيها،و من هنا يجوز تدارك الجزء المنسيّ إذا ذكره بعد الدخول في ركن أيضا.
و فيه فصول:
و هي ثمانية فراسخ امتداديّة ذهابا أو إيابا ملفّقة من أربعة ذهابا و أربعة إيابا،سواء اتّصل ذهابه بإيابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر،في الطريق أو في المقصد الّذي هو رأس الأربعة،ما لم تحصل منه الإقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية،و أمّا إذا كان الذهاب خمسة فراسخ أو أكثر و الإياب ثلاثة فراسخ أو أقلّ،فهل يكفي في وجوب القصر أو لا بدّ أن يكون الذهاب و الإياب متساويين،بأن يكون كلّ منهما أربعة فراسخ؟
و الجواب:أنّ كفاية ذلك غير بعيدة،و المعيار إنّما هو بقطع المسافة بالكامل و إن كان ذلك في اتّجاهين متعاكسين على نسبة مختلفة،و إن كان الأحوط و الأجدر استحبابا الجمع في هذه الصورة،و لا فرق في ذلك بين أن تطوى تلك المسافة خلال يوم أو أكثر أو خلال بضع ساعات أو دقائق تبعا لاختلاف وسائل النقل في السرعة و البطء.
و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الاعتياديّة و هي أقصر أذرع الإنسان الاعتياديّ و أدناها لا الجامع بين أفرادها، إذ لا معنى للتحديد بالجامع بين الأقلّ و الأكثر و هو من المرفق إلى طرف الأصابع،فتكون المسافة ثلاثة و أربعين كيلومترا و خمس الكيلومتر الواحد.
و كذا إذا شكّ في بلوغها المقدار المذكور،أو ظنّ بذلك.
و لا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد بل بإخبار مطلق الثقة و إن لم يكن عادلا،و إذا تعارضت البيّنتان أو الخبران تساقطتا و وجب التمام،و لا يجب الاختبار إذا لزم منه الحرج، بل مطلقا،و إذا شكّ المسافر في مقدار المسافة-شرعا-بنحو الشبهة الحكميّة فإن كان مقلّدا وجب عليه إمّا الرجوع إلى المجتهد و العمل على فتواه،أو الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام،و إن كان مجتهدا وجب عليه الرجوع إلى أدلّة المسألة أو احتاط فيها.
و أمّا إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتمّ ثمّ ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه،و كذلك إذا شكّ في كونه مسافة فاتمّ ثمّ ظهر كونه مسافة.
كما إذا سافر نجفيّ إلى الشاميّة مثلا متردّدا أو معتقدا بعدم المسافة شرعا بينهما ثمّ تبيّن في أثناء الطريق أنّ بينهما كانت مسافة كاملة،وجب عليه القصر على أساس أنّه كان ينوي طيّ المسافة من البداية و كان جادّا فيه فمجرّد تخيّله عدم المسافة لسبب أو آخر أو تردّده فيه لا أثر له.
و الأبعد منهما مسافة دون الأقرب، فإن سلك الأبعد قصر،و إن سلك الأقرب أتمّ،و لا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر أو من بلد آخر إلى بلده أو غيره.
فقد مرّ أنّه لا يبعد وجوب القصر،و كذا في جميع صور التلفيق كما إذا كان الذهاب يشكل خطّا شبه دائرة أو ضلعين لمثلّث و الإياب بخطّ مستقيم.
كبيرا كان البلد أم صغيرا.
بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة،و لو في أيّام كثيرة شريطة أن يعتبر ذلك في العرف العامّ سفرا و يقول الناس عمّن طواها بأنّه مسافر.
و يكون الذهاب منها إلى منتصف الدائرة و الإياب منه إلى البلد،و لا فرق بين ما إذا كانت الدائرة في أحد جوانب البلد،أو كانت مستديرة على البلد،فإذا كان محيط الدائرة باستثناء ما تشغله سعة بلدته من مسافة تساوي المسافة المحدّدة شرعا،فإذا نوى المسافر طيّ هذه المسافة بالسير على محيط الدائرة كفى ذلك في وجوب القصر.
فإذا قصد نقطة ما دون المسافة و بعد بلوغه إلى تلك النقطة تجدّد له القصد في السير إلى نقطة اخرى و هكذا،وجب عليه التمام و إن قطع المسافة ما دامت لم تكن مقصودة بالكامل.نعم،إذا شرع في الإياب إلى البلد و كانت المسافة ثمانية فراسخ قصر، و إلاّ بقي على التمام،فطالب الضالّة أو الغريم أو الآبق و نحوهم يتمّون،إلاّ إذا
حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتداديّة أو ملفّقة،و يكفي في القصد علم المسافر بأنّه يقطع المسافة و يطويها.
و إلاّ رجع-أتمّ،و كذا إذا كان سفره مشروطا بأمر آخر غير معلوم الحصول.نعم،إذا كان مطمئنّا بتيسّر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصر،فإنّ المعيار إنّما هو بكون الإنسان واثقا و متأكّدا أو عالما و جازما بأنّه يطوي المسافة خلال يوم أو أكثر أو أقلّ.
فإذا كان تابعا لغيره كالزوجة و العبد و الخادم و الأسير وجب التقصير،إذا كان قاصدا تبعا لقصد المتبوع إذا كان عالما بأنّ متبوعه قاصدا السفر بمقدار المسافة شرعا.و إذا شكّ في قصد المتبوع بقي على التمام،و إذا علم في الأثناء قصد المتبوع،فإن كان الباقي مسافة و لو ملفّقة قصر،و إلاّ بقي على التمام.
بقي على التمام على أساس أنّ التبعيّة لا قيمة لها إطلاقا،و العبرة إنّما هي بقصد السفر فإذا عزم التابع على مفارقة المتبوع متى سنحت الفرصة له أو تردّد فيها كان ذلك يتنافى مع قصد السفر،و كذا إذا كان عازما على المفارقة،على تقدير حصول أمر محتمل الحصول-سواء كان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه مثل الطلاق أو العتق،أم كان مانعا عن السفر مع تحقّق المقتضي له و شرطه-فإذا قصد المسافة و احتمل احتمالا عقلائيّا حدوث مانع عن سفره أتمّ صلاته،و إن انكشف بعد ذلك عدم المانع.
كما إذا
القي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى نهاية المسافة،و هو يعلم ببلوغه المسافة.
فإذا عدل المكلّف عن قصده طيّ المسافة الشرعيّة قبل بلوغه أربعة فراسخ و الرجوع إلى وطنه،أو تردّد في ذلك وجب عليه التمام،و الأقوى لزوم إعادة ما صلاّه قصرا قبل العدول عن قصده في الوقت بل في خارج الوقت أيضا،و إذا كان صائما فعليه الإمساك في بقيّة النهار، و إن كان قد أفطر قبل ذلك تشبيها بالصائمين،و إذا كان العدول أو التردّد بعد بلوغ الأربعة-و كان عازما على العود قبل إقامة العشرة،بقي على القصر و استمرّ على الإفطار.
كما إذا قصد السفر إلى بلد معيّن بينه و بين بلده المسافة و في الطريق عدل عنه إلى بلد آخر يماثله في البعد و المسافة،يبقى على القصد إذا كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة،و كذا إذا كان من أوّل الأمر قاصدا السفر إلى أحد البلدين،من دون تعيين أحدهما،إذا كان السفر إلى كلّ منهما يبلغ المسافة.
ثمّ عاد إلى الجزم و مواصلة السفر، فهل وظيفته في هذه الحالة التقصير أو التمام؟
و الجواب:أنّه في حال تحيّره و تردّده إن لم يقطع شيئا من المسافة ظلّ على القصد و إن لم يكن الباقي مسافة شرعيّة،و إن كان قد قطع شيئا من المسافة في هذه الحالة،فحينئذ إن كان الباقي من الطريق يبلغ المسافة و لو بضمّ العود و الرجوع إلى بلده،يبقى على القصر و إن لم يبلغ المسافة فإنّه يتمّ.
فإذا كان ناويا الإقامة في الطريق أو متردّدا فيها فمعناه أنّه لم يكن قاصدا من ابتداء الأمر السفر بقدر المسافة الشرعيّة،فلذلك يكون وظيفته التمام، و كذلك إذا تردّد في أنّه هل يمكث في الطريق شهرا،و من ذلك ما إذا كان ناويا المرور بوطنه أو مقرّه أو متردّدا في ذلك،فإنّ المرور بالوطن بما أنّه قاطع للسفر فإذا كان عازما عليه أو متردّدا فيه فمعناه أنّه لم يكن قاصدا من الأوّل السفر بقدر المسافة،فإذن تكون وظيفته القصر.
قد تسأل أنّ المسافر إذا كان عازما على المرور في أثناء طيّ المسافة على بلدته و وطنه،أو يشكّ في ذلك و لكنّه لم يمر فعلا لسبب أو آخر و قطع المسافة بكاملها فهل عليه أن يقصّر أو يتمّ؟
و الجواب:أنّه يتمّ.و قد تسأل:أنّ المسافر إذا كان عازما في ابتداء السفر على أن يقيم عشرة أيّام في الطريق قبل بلوغ المسافة أو يمكث فيه شهرا و لو من دون الإقامة أو يكون متردّدا في ذلك و لكنّه لمانع أو سبب انصرف عن ذلك و اكمل المسافة،فهل عليه أن يقصر أو يتمّ؟
و الجواب أنّه يقصر.
فإذا كان حراما لم يقصر سواء أ كان حراما لنفسه،كإباق العبد،أم لغايته،كالسفر لقتل النفس المحترمة،أم للسرقة أم للزنى،أم لإعانة الظالم،و نحو ذلك،و يلحق به ما إذا كانت الغاية من السفر ترك واجب،كما إذا كان مديونا و سافر مع مطالبة الدائن،و إمكان الأداء في الحضر دون السفر،فإنّه يجب فيه التمام،إذا كان السفر بقصد التوصّل إلى ترك الواجب و هو الدين،و أمّا إذا كان الهدف من السفر و الداعي إليه أمرا محلّلا في نفسه كالنزهة أو غيرها،و لكن صادف فعل الحرام في أثناء السفر كالكذب أو الغيبة أو شرب الخمر أو ترك الصلاة و غيرها من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب
غاية للسفر فيجب فيه القصر.نعم،قد لا يراد بالسفر التوصّل إلى معصية أو الفرار من واجب و لكنّه حرام،بمعنى أنّ السفر نفسه عن بلدته حرام،كما إذا أقسم يمينا على أن لا يخرج من البلد في يوم ماطر و لا يسافر فيه نهاه عن السفر من يحرم عليه معصيته،فيكون السفر في اليوم الماطر حراما،و إذا سافر في ذلك اليوم اعتبر سفره سفر معصية.و لا فرق في سفر المعصية بين كون السفر في نفسه معصية أو الغاية منه معصية.
فحكمه أن يقصر،لأنّه و إن كان آثما و لكن سفره ليس سفر معصية،فإنّ ابتعاده عن بلده لم يكن محرّما في نفسه و لا من أجل غاية محرّمة و إنّما استخدمت فيه واسطة محرّمة أو طريق محرّم.نعم،إذا سافر على دابّة مغصوبة بقصد الفرار بها عن المالك أتمّ،لأنّ الباعث على سفره غاية محرّمة و هي تمكين نفسه من أموال غيره.
فإذا كان ابتداء سفره مباحا-و في الأثناء قصد المعصية-أتمّ حينئذ على الأظهر،و إن كان الأحوط استحبابا الجمع بين القصر و التمام،و أمّا ما صلاّه قصرا سابقا فلا تجب إعادته إذا كان قد قطع المسافة،و إلاّ فعليه الإعادة في الوقت و خارجه، و إذا رجع إلى قصد الطاعة،فإن كان ما بقي مسافة-و لو ملفّقة-و شرع في السير قصر،و إلاّ أتمّ صلاته.نعم،إذا شرع في الإياب-و كان مسافة-قصر.
فإن كان الباقي مسافة و لو ملفّقة،فعليه أن يقصر إذا بدأ بالسفر المباح فعلا،و أمّا قبل أن يبدأ به فيتمّ إذا أراد أن يصلّي.
و قد تسأل:أنّ من عدل من سفر الحرام إلى سفر مباح في الطريق فما لم يبدأ بالسفر المباح ظلّ على التمام،و إذا بدأ به و لو بخطوة فعليه أن يقصر، فهل الأمر كذلك إذا كان تحوّل نيّته من الحرام إلى الحلال في البلد كمن سافر إلى كربلاء بغاية محرّمة و حين ما وصل إلى كربلاء تاب و أراد أن يرجع،فهل وظيفته القصر متى بدأ بالسفر المباح و إن كان بعد في كربلاء أو بعد الخروج منه؟
و الجواب:أنّ وظيفته القصر متى بدأ بالسفر المباح و لو بخطوة و إن كان بعد في داخل البلد.
بمعنى أن تكون الغاية مجموع الأمرين أتمّ صلاته،و إذا كانت المعصية تابعة و غير صالحة للاستقلال في تحقّق السفر فإنّه يقصر،مثال ذلك شخص مسافر إلى بغداد مثلا من أجل غاية مباحة،و لكنّه يحدّث نفسه بأنّه إذا وصل إليه و حصلت الغاية المنشودة له شرب كأسا من خمر،فيكون ذلك داعيا في طول السفر فلا يمكن أن يكون محرّكا له.
كما هو متعارف بين أبناء الدنيا من الملوك و الرؤساء المترفين،لا بغرض الاستفادة من الصيد،فعليه أن يتمّ صلاته في ذهابه،و قصر في إيابه إذا كان وحده مسافة،أمّا إذا كان الصيد لقوته و قوت عياله قصر،و كذلك إذا كان للتجارة على الأظهر، و لا فرق في ذلك بين صيد البرّ و البحر.
كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر،و إلاّ فإن كان على وجه يعدّ من أتباعه
و أعوانه في جوره و ظلمه و ممتثلا لأوامره يتمّ،و إن كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتمّ و المتبوع يقصر.
إلاّ إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة،أو كان هناك أصل موضوعيّ يحرز به الحرمة فلا يقصر.
و نوى الصوم فيه ثمّ عدل في الأثناء إلى السفر الحلال بعد أن قطع المسافة بكاملها،و حينئذ فإن كان عدوله قبل الزوال و كان الباقي مسافة شرعيّة وجب عليه الإفطار،شريطة أن يكون بادئا بالسفر المباح قبل الزوال، و إن كان عدوله بعد الزوال،وجب البقاء على الصوم إذا لم يكن الباقي مسافة شرعيّة،و أمّا إذا كان الباقي مسافة فيسوغ له الإفطار و إن كان الاحتياط بالبقاء على الصوم أجدر و أولى،و أمّا إذا عدل إلى السفر الحلال قبل أن يقطع المسافة بالكامل،فإن كان قبل الزوال و كان الباقي مسافة شرعيّة وجب الإفطار.و إن لم يكن الباقي مسافة فهل يجب الإفطار؟
و الجواب:أنّ وجوبه غير بعيد و إن كان الأحوط و الأجدر به الجمع بين إتمام الصوم و القضاء،و إن كان بعد الزوال فالأظهر جواز الإفطار،شريطة أن يكون الباقي مسافة،و إلاّ فالأحوط وجوبا هو الجمع بين إتمام الصوم و القضاء بعد ذلك،و إذا كان سفره في الابتداء طاعة ثمّ تحوّل في الأثناء إلى سفر المعصية فإن كان التحوّل قبل طيّ المسافة بالكامل،فالأظهر أن ينوي الصوم بمجرّد التحوّل في النيّة،بلا فرق في ذلك بين أن يكون قبل الزوال أو بعده شريطة عدم إتيانه بالمفطر،و إن كان بعد طيّ المسافة بكاملها،لم يصح أن ينوي الصوم بمجرّد التحوّل في النيّة و إن كان قبل الزوال.
و الأوّل كالمكاري و الملاّح و البحّار و الطيّار و المضيّف الّذي يستأجره الشخص لمرافقة مسافريه في الطائرة أو السيّارة أو تستأجره الشركة لذلك،و الثاني كالساعي و الراعي و التاجر الّذي يدور في تجارته،و غيرهم ممن عمله في السفر إلى المسافة فما زاد،فإنّ هؤلاء يتمّون الصلاة في سفرهم،و إن استعملوه لأنفسهم،كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى آخر،أو حمل السائق أو الطيّار أهله من بلد إلى بلد آخر، و كما أنّ التاجر الّذي يدور في تجارته يتمّ الصلاة،كذلك العامل الّذي يدور في عمله،كالنجّار الّذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير و الكرود،و البنّاء الّذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار الّتي يستقى منها للزرع،و الحدّاد الّذي يدور في الرساتيق و المزارع لتعمير الماكينات و إصلاحها،و النقّار الّذي يدور في القرى لنقر الرحى،و أمثالهم من العمّال الّذين يدورون في البلاد و القرى و الرساتيق للاشتغال و العمل،مع صدق الدوران في حقّهم عرفا،و أن يكون ذلك بمسافة شرعيّة،و مثلهم الحطّاب و الجلاّب الّذي يجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و نحوها إلى البلد،فإنّهم يتمّون الصلاة،و يلحق بذلك من كان عمله و مهنته في بلد معيّن يبعد من بلدته بقدر المسافة الشرعيّة،و يسافر إلى ذلك البلد لمزاولة عمله و مهنته فيه صباحا و يرجع إلى بلدته مساء أو بعد يوم و يوم أو في كلّ اسبوع مرّة واحدة أو أكثر،من دون أن يتّخذ ذلك البلد مقرّا و وطنا له،فوظيفته عندئذ التمام في الطريق ذهابا و إيابا و في بلد عمله،و أمّا إذا اتّخذ بلد عمله مقرا و وطنا له بأن قرّر أن يبقى فيه ثلاث أو أربع سنين أو أكثر،فحينئذ يعتبر ذلك البلد وطنا اتّخاذيّا له و يترتّب عليه تمام أحكام الوطن و تكون وظيفته فيه التمام،لا من أجل أنّه يمارس عمله فيه بل من أجل أنّه متواجد في وطنه،و أمّا في الطريق فوظيفته القصر حتّى إذا كان ذهابه و إيابه بين يوم و آخر بل في كلّ يوم،
و من يمارس السياقة في المسافة الشرعيّة كبين النجف و بغداد مثلا،فوظيفته التمام في الطريق ذهابا و إيابا و في المقصد،بلا فرق بين أن تكون ممارسته لها باجرة أو تبرّعا،فإنّ من تبرّع بالعمل كسائق لدى شخص تعتبر السياقة له مهنة و عملا.
و لكن لغاية التنزّه و قضاء الوقت،أو يسافر بها لزيارة المشاهد المشرّفة، كمن كان ساكنا في النجف الأشرف و يسافر بسيّارته إلى كربلاء كلّ يوم للزيارة، فيزور و يرجع،فلا يعتبر السفر عملا و مهنة له،فإنّه لو سئل ما هو عمل هذا الشخص،لا يقال إنّ عمله التنزّه أو الزيارة أو السياقة فلذا تكون وظيفته القصر.
فهل يعتبر في وجوب التمام عليه أن يمارس مهنته في كلّ يوم أو بين يوم و آخر أو في كلّ اسبوع مرّتين،أو يكفي أن يمارسها في كلّ اسبوع أو اسبوعين مرّة واحدة؟
و الجواب:أنّه يكفي أن يمارسها في كلّ اسبوع مرّة واحدة.
كما إذا كانت مهنته في بلدة اخرى تبعد عن بلدته بقدر مسافة.مثال ذلك:بغداديّ يشتغل في الحلّة كطبيب أو مهندس أو عامل أو موظّف حكوميّ،فإنّه إذا سافر إلى الحلّة كلّ يوم لممارسة عمله فيها و يرجع إلى بلدته في نفس اليوم بعد انتهاء عمله يتمّ في الحلّة و في الطريق ذهابا و إيابا،و كذلك إذا مكث في الحلّة اسبوعا ثمّ يعود في عطلة الاسبوع إلى بلدته،
و بعد انتهاء العطلة يسافر إلى الحلّة من أجل ممارسة عمله و هكذا،فإنّ عليه أن يتمّ في الحلّة و في سفره ذهابا و إيابا،و كذا الحال إذا كانت فترات مكثه في الحلّة أكثر من اسبوع،هذا شريطة أن لا يتّخذ الحلّة مقرّا و وطنا له كالموظّف من قبل الحكومة إذا علم بأنّ فترة عمله هناك لا تتجاوز أكثر من سنة،و إذا قرّر أن يبقى فيها ثلاث أو أربع سنين فحينئذ تعتبر الحلّة مقرّا و وطنا له،و يترتّب عليها تمام أحكام الوطن منها وجوب التمام فيها،على أساس أنّه متواجد في وطنه لا أنّه مسافر و عمله السفر،و أمّا في الطريق بين الحلّة و بغداد ذهابا و إيابا فيقصر حتّى إذا كان سفره إلى الحلّة كلّ يوم صباحا و رجوعه منها إلى بغداد مساء، لأنّه ما دام يعتبر في الحلّة حاضرا لا مسافرا،فالسفر ليس هو الحالة العامّة لعمله فلا يكون موضوعا للتمام.
و مثال آخر لذلك قميّ كانت مهنته في طهران،سواء كانت المهنة الطبابة أو التدريس أو الدراسة أو حرفة اخرى،فإنّه إذا قرّر حسب متطلّبات شغله و مهنته أو ظروفه أن يبقى في طهران أربع سنوات أو أكثر و بنى على ذلك، فعندئذ يعتبر طهران مقرّا و وطنا له،فإذا سافر من قم و وصل إليه انقطع سفره فيكون حاضرا و متواجدا في وطنه الاتخاذي و حكمه التمام فيه،لا بملاك أنّ السفر مهنته و شغله،بل بملاك أنّه حاضر في وطنه،كما أنّه إذا وصل إلى قم من السفر انقطع سفره و انتهى،و أمّا حكمه في الطريق بين طهران و قم فهو القصر، و إن كان سفره في الاسبوع أكثر من يومين بل في كلّ يوم،لأنّه ما دام يعتبر في طهران حاضرا في وطنه لا مسافرا،فالسفر ليس حالة عامّة لعمله،و من هنا لو سئل ما هو عمل هذا الشخص،لا يقال إنّ عمله في السفر على أساس أنّ عمله في وطنه و بلدته الثانية.
و أمّا إذا لم يقرّر أن يتّخذ طهران مقرّا و وطنا له،إمّا على أساس أنّ فترة مهنته تنتهي بعد سنة أو أقل،أو أنّه لا يريد ذلك حسب رغبته،فيجب عليه التمام في طهران و في الطريق ذهابا و إيابا،على أساس أنّ السفر في هذا الفرض حالة عامّة لعمله،و لذا لو سئل ما هو عمل هذا الشخص فيقال إنّ عمله السفر.
و من هذا القبيل من كان شغله في بلاد متفرّقة،فيمارس في كلّ بلدة مدّة سنة أو أقلّ و ينتهي،ثمّ في بلدة اخرى و هكذا،فإنّ وظيفته التمام في كلّ الحالات من الذهاب و الإياب و المقصد،و نفس الشيء نقول فيمن سافر إلى طهران أو إلى بغداد لممارسة عمله و مهنته و يبقى فيه اسبوعا ثمّ يرجع إلى بلدته يوم الجمعة و هكذا،فإنّه يتمّ هناك و في الطريق ذهابا و إيابا،و لا فرق فيه بين الطالب الّذي يسافر هناك من أجل دراسته و بين الطبيب و المهندس و الموظّف و العامل و الجنديّ.
اولاهما:أن يعود إلى وطنه و أهله مساء كلّ يوم أو في كلّ اسبوع مرّة واحدة و لا يبقى فيه عشرة أيّام،و يظهر حكم هذه الحالة ممّا مرّ.
ثانيتهما:أن يعود إلى وطنه بعد عشرة أيّام أو في كلّ اسبوعين مرّة واحدة أو في كلّ شهر أو أكثر،و في هذه الحالة إذا كانت مدّة عمله تنتهي في سنة أو أقل،فهل عليه أن يتمّ في بغداد و في الطريق ذهابا و إيابا،أو يتمّ في بغداد فحسب دون الطريق،فإنّ وظيفته فيه القصر؟
و الجواب:أنّه يتمّ في الطريق أيضا.و قد تسأل:أنّ التمام في بغداد إنّما هو بملاك أنّه مقيم فيه عشرة أيّام،لا بملاك أنّ عمله السفر،و المسافر إذا نوى
الإقامة في مكان انقطع سفره و كان كمن نوى التوطّن فيه،و عليه فليس سفره حالة عامه لعمله؟
و الجواب:أنّ قصد الإقامة ليس كقصد التوطّن،لأنّ الأوّل قاطع لحكم السفر لا لموضوعه و هو السفر فإنّه مسافر مقيم،و الثاني:قاطع للموضوع، فإنّه حاضر و متواجد في وطنه لا أنّه مسافر،و عليه فيكون سفره في المقام حالة عامّة لعمله و يكون التمام في كلّ حالته مستندا إليه،لا إلى إقامته فيه عشرة أيّام،فإنّ وظيفته ذلك،سواء كان ينوي الإقامة فيه عشرة أيّام أم لا، بل لو كان يبقى في بغداد من أجل ممارسة مهنته و عمله مدّة سبعة أشهر أو سنة أو أقلّ بشكل مستمرّ طيلة هذه المدّة،كانت وظيفته التمام فيه و في الطريق ذهابا و إيابا من جهة أنّه في تمام حالات عمله مسافر.
أو أنّه لا يزال مسافرا فيه و لم يحسب من أهله،فهو على هذا يعلم إجمالا أنّ بقائه في تلك المدّة المحدودة في بغداد إن كفى في صيرورته مقرّا و وطنا له عرفا،فعليه أن يقصر في الطريق ذهابا و إيابا،و إن لم يكف بل هو لا يزال مسافرا،فوظيفته أن يتمّ في الطريق كذلك كما يتم في بغداد،و بما أنّه شاك في ذلك فيعلم إجمالا إمّا بوجوب التمام عليه في الطريق أو بوجوب القصر فيه،فإذن وظيفته الاحتياط في الطريق بالجمع بين القصر و التمام.
فهو إنّما يكون موضوعا لوجوب التمام إذا كان من أجل مهنته و شغله فيه،و أمّا إذا كان للتنزّه أو للزيارة أو نحوهما ممّا لا يعدّ عرفا شغلا و مهنة،فلا يعتبر ذلك عملا له لكي يكون موضوعا لوجوب التمام،بل أنّه سفر اعتيادي و وظيفته فيه القصر و إن كثر.
أو مكان إلى مكان آخر للتنزّه أو لزيارة المشاهد المشرّفة، و لكنّه يقضي أوقاته في ضمن هذا السفر بالاشتغال بمهنته للتكسّب أو الاتّجار بذلك من دون أن يكون لسفره علاقة بهذه المهنة،فإنّه كما يزاولها في السفر كذلك يزاولها في الحضر،و ليس عمله مرتبطا بالسفر حتّى يكون السفر عمله، مثال ذلك:حدّاد يسافر بقدر مسافة للتنزّه متجوّلا من مكان إلى مكان،و لكنّه في ضمن ذلك يشتغل وقت فراغه بالحدادية للتكسّب بها،مع أنّه لا علاقة لسفره بهذه المهنة و لا يكون من أجلها،و مثل هذا الشخص يقصر في صلاته.
و كذلك يتم في صلاته في كلّ سفر مرتبط بعمله و مهنته،كما إذا انكسرت سيّارته في الطريق و توقّف إصلاحها على يد عامل فنّي و هو في بلد بعيد عن هذا المكان بقدر المسافة،فإنّه حينئذ بحاجة إلى السفر إلى ذلك البلد،فإذا سافر إليه فوظيفته أن يتمّ في الذهاب و الإياب، على أساس أنّه مرتبط بعمله و مهنته،و أمّا سفره الّذي لا يرتبط به فهو سفر اعتياديّ له و وظيفته فيه القصر و إن كثر.
لأنّ المعيار إنّما هو بصدق أنّ هذا السفر هو عمله و مهنته بل يكفي أن يكون في ضمن شهرين أو أقلّ إذا صدق أنّ عمله و مهنته في السفر،و من ذلك سفر الحملدار و المتعهّد بقوافل الحجّاج،فإنّه يمارس عمله في السفر في ضمن شهر أو أكثر في موسم الحجّ في طول السنة، و حيث إنّ تلك السفرة بدرجة من الأهميّة فيصدق أنّه عمله و مهنته،و لذا لو سئل ما هو عمله و مهنته فيقال إنّ مهنته الحملداريّة.
فإنّه كما يمكن القيام بها في السفر كذلك يمكن القيام بها في الحضر،مثلا الخطيب قد يستدعى إلى بلدة تبعد عن بلدته بقدر المسافة الشرعيّة و يسافر إليها كلّ يوم أو يومين إلى شهر أو شهرين،و هذا السفر منه من السفر الاعتياديّ و وظيفته فيه القصر،و كذلك الحال في سائر أصحاب المهن و الحرف،و لكن لو توقّف ممارسة الخطيب أو التاجر أو غيرهما مهنته على السفر و يزاولها فيه،بحيث يصدق عليه أنّ عمله السفر،فيتمّ في صلاته،و لا فرق في ذلك بين أن يكون في معظم أوقات السنة أو في بعضها كالخطيب،فإنّه يمارس الخطابة و الوعظ في بعض أوقات السنة كشهري محرّم و صفر.
و يتردّد على معمله في ذلك البلد يوميّا أو يقيم هناك يومين أو أكثر أو اسبوعا حسب متطلّبات المعمل،ثمّ يرجع إلى أهله،فعليه أن يتمّ في معمله و في الطريق ذهابا و إيابا،هذا شريطة أن لا يتّخذ معمله في البلد الّذي أنشأ المعمل فيه مقرا و وطنا له،و إلاّ فوظيفته القصر في الطريق.
فوظيفته التمام ما دام يزاول مهنته.
فإنّه يتمّ ما دام يزاول السفر من أجل ذلك،و أمّا إذا تحوّل سفره من أجل العمل و المهنة إلى السفر للتنزّه أو
الزيارة أو غيرهما ممّا لا يعدّ عرفا شغلا و عملا،فينقلب الموضوع و يصبح سفره اعتياديّا،و حينئذ فوظيفته القصر شريطة أن يكون الباقي مسافة،و إلاّ يبقى على التمام،و كذلك كلّ سفر لا يكون مرتبطا بشغله و مهنته فإنّ عليه أن يقصر فيه.
فإنّه يتمّ صلاته في الطريق ذهابا و إيابا و في محلّ عمله،شريطة أن لا يكون محلّ العمل مقرّا و وطنا له،و لا عبرة بكثرة السفر إذا لم ينطبق عليه أحد المعايير الثلاثة.
فإذا اتّفق له السفر إلى المسافة،وجب عليه القصر كالحدّاد أو النجّار أو الطبيب الّذي يشتغل داخل البلد،و لكن قد يحدث له اتّفاقا أن يسافر إلى بلد آخر يبعد عن بلده بقدر المسافة.و قد تسأل:أنّ من يكون شغله داخل البلد،كالموظّف و لكنّه يكلّف في كلّ شهر يومين أو ثلاثة أيّام أو أربعة بالشغل خارج البلد بقدر المسافة بشكل منتظم،فهل يعتبر ذلك شغلا له في السفر؟
و الجواب:لا يعتبر و وظيفته فيه القصر،و قد تسأل:أنّ الموظّف مثلا إذا استفاد من العطلة الاسبوعيّة الصيفيّة و اشتغل بسيّارته باجرة،فهل يعتبر ذلك شغلا له في السفر لكي يجب عليه التمام؟
و الجواب:لا يعتبر ذلك شغلا له.
بل يكفي كون السفر عملا له و لو في المرّة الاولى.
كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحجّ وجب عليه القصر،و مثله ما إذا انكسرت
سيّارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها و رجع إلى أهله،فإنّه يقصر في سفر الرجوع،و كذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها و رجع إلى أهله.نعم،إذا لم يتهيّأ له المكاراة في رجوعه فرجع إلى أهله بدوابّه أو بسيّارته أو بالسفينة خالية من دون مكاراة،فإنّه يتمّ في الرجوع،فالتمام يختصّ بالسفر الّذي هو عمله، أو متعلّق بعمله.
كالّذي يكري دوابّه بين مكّة و جدّة في شهور الحجّ أو يجلب الخضر في فصل الصيف جرى عليه الحكم،و أتمّ الصلاة في سفره في المدّة المذكورة،أمّا في غيرها من الشهور فيقصر في سفره إذا اتّفق له السفر و إن كثر.
وجب عليه القصر في السفرة الاولى دون الثانية،و كذلك إذا نوى إقامة عشرة أيّام في غير بلده،و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع،و الأظهر التمام و إن كان الأحوط و الأجدر استحبابا أن يجمع بين القصر و التمام في السفرة الاولى.
الّذين لا مسكن لهم معيّن من الأرض و لا يتّخذون موطنا معيّنا و يدورون من منطقة إلى اخرى تبعا لوجود العشب و الماء و معهم بيوتهم،فإنّ هؤلاء يتمّون صلاتهم،على أساس عدم صدق المسافر عليهم،فإنّ المناطق الّتي تكون بيوتهم فيها بمثابة الوطن لهم.نعم،إذا سافر أحدهم من بيته لمقصد آخر كحج أو زيارة أو شراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصر،و كذا إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب و الماء،أمّا إذا سافر لهذه الغايات و مع بيته أتمّ.
فإنّه ما دام يزاول هذه المهنة و العمل فوظيفته التمام،سواء اتّخذ وطنا له على وجه الكرة أم لا.نعم،إذا تجوّل الإنسان في انحاء العالم بمجرّد الترفه و التنزّه و زيارة البلدان و معالمها الطبيعية و مناظرها و آثارها القديمة و متاحفها فإنّه يقصر في صلاته،لأنّ سفره هذا سفر اعتياديّ و لا ينطبق عليه شيء من المعايير المتقدمة.نعم،من يتّخذ ذلك مهنة و حرفة له يتم،و أمّا من أعرض عن وطنه و لكنّه لم يتّخذ وطنا آخر له،على أساس أنّه لا يستطيع أن يتحكّم في ظروف عمله كالموظّف،فإنّه يسكن في بلد من أجل شغله و عمله فيه إلى مدّة سنة أو أقلّ ثمّ ينتقل منه إلى بلد آخر،على أساس أنّ شغله يتطلّب ذلك و هكذا فهل عليه أن يتمّ أو يقصر؟
و الجواب:أنّه يتمّ في صلاته من جهة أنّ شغله في السفر.
و هو المكان الّذي يتوارى فيه المسافر عن عيون أهل البيوت الكائنة في منتهى البلدان،و علامة ذلك أنّه لا يرى أهل بلده،مثلا إذا وقف شخص في آخر بيوت البلد و كان يرى المسافر يبتعد عنه إلى أن حجبت عنه رؤيته بحيث لا هو يرى المسافر و لا المسافر يراه فيتوارى كلّ منهما عن الآخر،فحينئذ يجب عليه القصر سواء غابت عن عين المسافر عمارات البلد و بناياته أيضا أم لا،و هذا معيار ثابت و لا يزيد و لا ينقص، فإذا فرض أنّ الأرض منبسطة و الجوّ صاف و هادئ و الرؤية متمثّلة في رؤية أدنى فرد من الإنسان الاعتياديّ و أقلّه،كان حجب المسافر عن نظره كاشفا عن أنّه حدّ الترخّص واقعا،إذ لا يحتمل أن يختلف حدّ الترخّص باختلاف أفراد الإنسان المسافر من حيث قوّة رؤيته و ضعفها كما أنّه لا يختلف باختلاف قوّة سامعة المسافر و ضعفها،فإنّ المناط إنّما هو بعدم سماع أدنى فرد الإنسان الاعتياديّ،و على هذا فإذا توارى المسافر عن نظر الواقف في آخر عمارة البلد
و بالعكس،و مع ذلك إذا سمع المسافر أذان البلد لم يكن متأكّدا و واثقا بالوصول إلى حدّ الترخّص،إذ يحتمل أنّ عدم رؤيته كان مستندا إلى سبب داخليّ أو خارجيّ أو أنّ سماعه الأذان كان كذلك،فإنّ وظيفته حينئذ أن يتمّ.
و كذلك في الصوت المسموع مع توفّر سائر الشروط من انبساط الأرض و اعتدال الجوّ و غيرهما،و كذا الحال في الرؤية كما مرّ.
فإنّه إذا تجاوز حدّ الترخّص إلى البلد وجب عليه التمام على المشهور،و لكنّه لا يخلو عن إشكال كما نشير إليه في المسألة الآتية.
بنى على عدمه،فيبقى على التمام إلى أن يعلم بالوصول إليه،و أمّا في الرجوع إلى بلدته فالأقوى عدم اعتبار حدّ الترخّص فيه.و كذلك لا يعتبر حدّ الترخّص للمقيم عشرة أيّام في بلد و للمتردّد ثلاثين يوما في مكان،فإنّ حكمهما القصر بمجرّد الخروج عن محلّ الإقامة و محلّ التردّد و البدء بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة،و لا يتوقّف على الوصول إلى حدّ الترخّص.
كما أنّه يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلوّ.
بطلت صلاته،و حينئذ فإن بنى على
إعادتها في هذه النقطة بالذات اعادها تماما،و إن أخّرها إلى أن تجاوز حدّ الترخّص أتى بها قصرا ما دام الوقت باقيا،و إن لم يأت بها إلى أن مضى الوقت، فإن مضى قبل أن يتجاوز حدّ الترخّص قضاها تماما و إلاّ قصرا،و أمّا إذا عاد إلى وطنه و صلّى تماما في نقطة تخيّل أنّها حدّ الترخّص ثمّ بان عدمه،فإن كان ذلك في الوقت وجبت الإعادة،و إن كان في خارج الوقت فلا قضاء عليه،هذا و لكن قد مرّ أنّ الأظهر أنّه لا حدّ للترخّص في الرجوع إلى بلده،و أنّ وظيفته القصر إلى أن يدخل فيه.
و هي امور:
و هو على نوعين:أحدهما مسقط رأس الإنسان و هو مسكن آبائه و أجداده و عائلته،و حينما يراد أن ينسب الإنسان ينسب إلى هذا الوطن،و الآخر الوطن الاتّخاذيّ بأن يقرّر الشخص البقاء في بلده إلى مدّة حياته،كما إذا هاجر شخص عن وطنه الأصليّ إلى النجف الأشرف و نوى البقاء فيه تمام عمره،فتعتبر النجف وطنا له باتّخاذه لها كذلك،و لا يعتبر في الوطن الاتخاذيّ أن يكون له فيه ملك،و هناك وطن ثالث و هو المقرّ بأن يتّخذ البلد مقرّا له فترة مؤقّتة طويلة نسبيّا،فلا يكون تواجده فيه سفرا كطالب علم في النجف الأشرف،فإنّه هاجر إليه لطلب العلم،و أراد البقاء فيه مدّة مؤقّتة كأربع سنوات أو أكثر لا دائما.
بأن يكون له منزلان في
مكانين أحدهما في النجف الأشرف مثلا و الآخر في كربلاء،فيقيم في كلّ سنة بعضا منها في هذا،و بعضها الآخر في الآخر،و كذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين بمعنى الأعمّ من المقرّ.
و استقراره كسائر أهاليها.
عن قصد و نيّة غير ثابت.
و لو تبعا،كما في الزوجة و العبد و الأولاد،و نقصد بالتبعيّة أنّ التابع إذا علم أنّ متبوعه قصد التوطّن في هذه البلدة و البقاء فيها مدّة حياته فهو أيضا قصد ذلك باختياره،كما إذا كان بإمكانه الانفصال عنه أو أنّه مضطرّ إلى ذلك،و من هذا إذا علم ببقائه في تلك البلدة مدّة أربع سنوات أو أكثر،كان في حكم المتوطّن و إن كان بقاؤه فيها بغير اختياره.
فلا يخرج عن كونه وطنا بمجرّد التردّد،ما لم يتّخذ القرار بالإعراض عنه.
فلو قصد الإقامة في مكان مدّة طويلة و جعله مقرا له كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف،أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم، قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء وطرهم لم يكن ذلك المكان وطنا له.
نعم،هو بحكم الوطن يتمّ الصلاة فيه،فإذا رجع إليه من سفر الزيارة-مثلا-
أتمّ و إن لم يعزم على الإقامة فيه عشرة أيّام،كما أنّه يعتبر في جواز القصر في السفر منه إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتداديّة أو تلفيقيّة،فلو كانت أقلّ وجب التمام،و كما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقرّ أيضا فإنّه بحكم الوطن،ثمّ إنّ المهاجر إلى النجف الأشرف إن كان عازما على البقاء فيه مدّة لا تقلّ عن ثلاث سنوات أو أكثر،فالنجف مقرّ له و حكمه حكم الوطن،و إن كان عازما على البقاء فيه سنتين أو أقلّ،لم يكن النجف مقرّا له بل حكمه حكم المسافر.
إذا كان الإنسان وطنه النجف مثلا،و كان له محلّ عمل في الكوفة يخرج إليه وقت العمل كلّ يوم و يرجع ليلا،فإنه لا يصدق عليه عرفا-و هو في محلّه-أنّه مسافر،فإذا خرج من النجف قاصدا محلّ العمل و بعد الظهر-مثلا- يذهب إلى بغداد،يجب عليه التمام في ذلك المحلّ و بعد التعدّي من حدّ الترخّص منه يقصر،و إذا رجع من بغداد إلى النجف و وصل إلى محلّ عمله أتمّ،و كذلك الحكم لأهل الكاظميّة،إذا كان لهم محلّ عمل في بغداد و خرجوا منها إليه لعملهم ثمّ السفر إلى كربلاء مثلا،فإنّهم يتمّون فيه الصلاة ذهابا و إيابا،إذا مرّوا به.
أو العلم ببقائه المدّة المذكورة فيه و إن لم يكن باختياره،و الليالي المتوسّطة داخلة بخلاف الاولى و الأخيرة،و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر،فإذا نوى الإقامة في بلد من زوال أوّل يوم وروده فيه إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام، و الظاهر أنّ مبدأ اليوم طلوع الشمس،فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس يكفي في وجوب التمام نيّتها إلى غروب اليوم العاشر.ثمّ إنّ الإقامة إذا تحقّقت انقطع حكم السفر و هو القصر لا موضوعه،لأنّ الإقامة لا تكون قاطعة للسفر،فالمقيم
مسافر غاية الأمر أنّه محكوم بحكم المتواجد في الوطن،و بذلك تفترق الإقامة عن قصد التوطّن،فإنّه قاطع للسفر و رافع لحكمه بارتفاع موضوعه دونها.
و أن لا يمارس خلال هذه المدّة سفرا شرعيّا،و لا بأس بالخروج إلى ما دون المسافة شريطة أن لا يبيت فيه،لأنّ ذلك لا ينافي اعتبار وحدة المحلّ في الإقامة،فإنّ المنافي له أن ينوي الإقامة في بلدين كالنجف الأشرف و الكوفة أو قريتين،و على هذا فمن قصد إقامة عشرة أيّام في النجف جاز له أن يخرج إلى الكوفة للزيارة أو للتنزّه كلّ يوم شريطة أن لا يبقى فيه ليلا،و بكلمة أنّ القاطع للإقامة و الهادم لها السفر الشرعيّ،و أمّا الخروج عن محلّ الإقامة إذا لم يكن بقدر المسافة فلا يكون قاطعا لها إذا لم يبق ليلا في بلد آخر غير بلد الإقامة،فإذن لا يكون الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة مضرّا بالإقامة في النجف و إن كان زمان الخروج كثيرا، و لا فرق فيه أن يكون ناويا ذلك من الأوّل أو تجدّد له في الأثناء.
و كذلك من علّق إقامته على ورود المسافر أو انقضاء الحاجة،كمن علّق بقاءه فيه على عدم اشتداد الحرّ في هذا البلد و بقي عشرة أيّام فيه نظرا إلى عدم اشتداد الحرّ،فلا أثر لذلك و يبقى على حكم القصر.
نعم،إذا نوى المسافر الإقامة في بلد من حين وروده فيه إلى يوم معيّن،و كانت المدّة المقامة فيه عشرة أيّام في الواقع،و لكنّه لا يعلم أنّها عشرة أيّام فحكمه التمام،مثال ذلك مسافر ورد إلى النجف الأشرف-مثلا-و نوى الإقامة فيه من حين وروده إلى يوم الجمعة الثانية،و لكنّه كان متردّدا في أنّ يوم وروده هل كان يوم الثلاثاء أو يوم الأربعاء،و فرض أنّ هذه المدّة الواقعة بين زمن وروده
فيه واقعا و بين يوم الجمعة الثانية عشرة أيّام كاملة،و لكنّه لا يدري بذلك، و هذا لا يضرّ بعد ما نوى الإقامة في واقع العشرة الّذي هو الموضوع لوجوب التمام دون اسمها،و مثل هذا يتمّ صلاته،و هذا بخلاف ما إذا علم المسافر يوم وروده فيه و أنّه زوال يوم الأربعاء،و لكنّه متردّد في أنّه هل يبقى في البلد إلى زوال يوم الجمعة الثانية أو زوال يوم السبت الثاني،فكان حكمه القصر و إن بقي اتّفاقا إلى يوم السبت،و من هذا القبيل ما إذا نوى المسافر الإقامة من يوم الواحد و العشرين إلى آخر الشهر،و تردّد الشهر بين التامّ و الناقص،فإنّه لا يكون عازما على إقامة عشرة أيّام على كلّ تقدير بل على تقدير أن يكون الشهر تامّا لا مطلقا،باعتبار أنّه ليس لعنوان آخر الشهر واقع معيّن في الخارج بل هو مردّد بين اليوم العاشر أو التاسع،و عليه فمن قصد الإقامة من يوم الواحد و العشرين إلى آخر الشهر،فمعناه أنّه قصد الإقامة إمّا إلى اليوم التاسع أو العاشر فلذلك يكون باطلا.
و لا مانع من الخروج إلى ما دون المسافة من الأماكن البعيدة شريطة أن لا يبيت فيها كما مرّ.
و صلّى الظهرين أو العشاء تماما لا من أجل أنّه مسافر مقيم بل لتخيّله أنّه في بلده و حاضر و ليس بمسافر،فهل يكفي ذلك في البقاء على التمام؟
و الجواب:أنّه لا يكفي،لأنّ كفاية الصلاة تامّة للبقاء على التمام إنّما هي فيما إذا كانت مستندة إلى قصد الإقامة،و من هنا لا يكفي في البقاء على التمام إذا صلّى المقيم صلاة العشاء أو الظهرين تامّة قضاء و بدلا عمّا فات عنه في الوقت كذلك.
فإن كان قد صلّى فريضة تماما في الوقت من أجل أنّه قصد الإقامة،بقي على الإتمام إلى أن يسافر،و إلاّ رجع إلى القصر،سواء لم يصلّ أصلا أم صلّى مثل الصبح و المغرب، أو شرع في الرباعيّة و لم يتمّها و لو كان في ركوع الثالثة،و سواء فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل و الصوم،أو لم يفعل.
لم يكف في البقاء على التمام كما مرّ،و كذا أيضا إذا فاتته الصلاة بعد نيّة الإقامة فقضاها خارج الوقت تماما،ثمّ عدل عنها فإنه رجع إلى القصر،على أساس أنّ القضاء لا يكون مستندا إلى نيّة الإقامة كما عرفت آنفا.
بل يبقى على التمام إلى أن يسافر،و إن لم يصلّ في مدّة الإقامة فريضة تماما.
فلو نوى الإقامة و هو غير بالغ ثمّ بلغ في أثناء العشرة،وجب عليه التمام في بقيّة الأيّام،و إذا صلّى قبل البلوغ يصلّي تماما،و إذا نواها و هو مجنون و كان تحقّق القصد منه ممكنا،أو نواها حال الإقامة ثمّ جنّ،يصلّي تماما بعد الافاقة في بقيّة العشرة، و كذا إذا كانت حائضا حال النيّة فإنّها تصلّي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما، بل إذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفرا.
و إذا صلّى الظهر قصرا ثمّ نوى الإقامة فصلّى العصر تماما ثمّ تبيّن له بطلان إحدى الصلاتين فإنّه يرجع إلى القصر،و يرتفع حكم الإقامة،و إذا صلّى بنيّة التمام،و بعد السلام شكّ في أنّه سلم على الأربع أو الاثنين أو الثلاث،
كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة،و كذا يكفي في البقاء على حكم التمام،إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب و قبل فعل المستحبّ منه،أو قبل الإتيان بسجود السهو،و أمّا إذا عدل بعد السلام و قبل قضاء السجدة المنسيّة أو غيرها،فلا يبعد رجوعه إلى القصر و إن كان الاحتياط بالجمع بينه و بين التمام أولى و أجدر.
و الجواب:يجوز له ذلك،على أساس أنّ المراد بالإقامة في الأيّام العشرة في بلد واحد أن يكون مبيته و مأواه و محطّ رحله ذلك البلد،و أن لا يمارس خلال هذه المدّة سفرا شرعيّا،هذا شريطة أن لا يبيت فيما دون المسافة ليلا، و أمّا إذا بات فيه ليلة أو أكثر،فحينئذ إن كان خروجه عن محلّ الإقامة بعد عشرة أيّام فيه لم يقدح المبيت هناك،و إن كان خروجه منه في أثناء العشرة كان المبيت هناك هادما لإقامته،باعتبار أنّ الإقامة لا بدّ أن تكون في بلد واحد طيلة عشرة أيّام،فإذا بات هناك ليلة أو أكثر فمعناه أنّه لم يقم في بلد واحد تمام العشرة،و عليه فهو مسافر غير مقيم فتقصر صلاته.نعم،إذا كان جاهلا بالمسألة و صلّى تماما صحّت و لا شيء عليه،و إن لم يكن جاهلا بها و مع ذلك صلّى تماما ذاهلا و غافلا،فعندئذ إن انكشف له الحال في الوقت وجبت عليه إعادتها،و إلاّ فلا قضاء عليه.
و إذا نوى الإقامة فشرع في الصلاة بنيّة التمام فعدل في الأثناء،فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة،ألغى القيام و يجلس و يتمّ صلاته قصرا و لا شيء عليه.
لكي يبقى و يستمرّ في صلاته على التمام أو لم يأت بالصلاة تماما،فالأصل عدم الإتيان بها،و معنى هذا أنّ حكمه القصر.
و الجواب:أنّ الحكم بالبقاء لا يخلو عن إشكال و لا يبعد بطلان صومه، و أمّا الصلاة فيجب فيها القصر.
سواء عزم على إقامة تسعة أو أقلّ أم بقي متردّدا،فإنّه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين،و بعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفرا جديدا.
و إن بلغت المدّة ثلاثين يوما أو أكثر،على أساس أنّ انقطاع حكم السفر بالتردّد إلى ثلاثين يوما مشروط باتّحاد المكان،و إلاّ فلا يكون من قواطع السفر.
شريطة أن لا يبيت فيه،و إذا بات ليلة أو ليلتين انقطع حكم المكث متردّدا في مكان واحد كالمقيم عشرة أيّام،فإنّه إذا خرج أثناء الأيّام العشرة إلى ما دون المسافة و بات فيه ليلة أو أكثر انقطعت اقامته.نعم،إذا خرج بعد ثلاثين يوما إلى مكان دون المسافة و بات فيه لم يضر بالحكم على التمام،كما هو الحال في المقيم عشرة أيّام،فإنّه إذا خرج بعد انتهاء عشرة أيّام إلى ما دون المسافة و بات فيه،لم يضر بالحكم على التمام.
بقي على القصر في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيّام،أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوما متردّدا.
كما تقدّم في الإقامة.
بل الأظهر العدم إذا نقص عن الثلاثين يوما.
و كذلك الوتيرة على الأظهر،و يجب القصر في الفرائض الرباعيّة بالاقتصار على الاوليين منها فيما عدا الأماكن الأربعة،كما سيأتي،و إذا صلاّها تماما،فإن كان عالما بالحكم بطلت، و وجبت عليه الإعادة أو القضاء،و إن كان جاهلا بالحكم من أصله-بأن لم يعلم وجوب القصر على المسافر-لم تجب الإعادة،فضلا عن القضاء،و إن كان عالما بأصل الحكم،و جاهلا ببعض الخصوصيّات الموجبة للقصر،قبل انقطاع عمليّة السفر بإقامة عشرة في البلد،و مثل أنّ العاصي في سفره يقصر إذا رجع إلى الطاعة و نحو ذلك،أو تخيّل أنّ الشريعة أرادت بالسفر معنى لا يشمل طي المسافة تلفيقا أو كان جاهلا بالموضوع،بأن لا يعلم أنّ ما قصده مسافة-مثلا- فأتمّ فتبيّن له أنّه مسافة،أو كان ناسيا للسفر أو ناسيا أنّ حكم المسافر القصر
فأتمّ،فإن علم أو تذكّر في الوقت أعاد،و إن علم أو تذكّر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه.
فيبطل في السفر مع العلم و يصحّ مع الجهل،سواء أ كان الجهل بأصل الحكم أم كان بالخصوصيّات أم بالموضوع.
إلاّ في المقيم عشرة أيّام إذا قصر جهلا بأنّ حكمه التمام،فإنّ الأظهر فيه الصحّة.
صلّى قصرا،و إذا دخل عليه الوقت و هو مسافر و تمكّن من الصلاة قصرا و لم يصلّ حتّى وصل إلى وطنه، أو محل إقامته صلّى تماما،فالمدار على زمان الأداء لا زمان حدوث الوجوب.
و إذا فاتته في السفر قضى قصرا و لو في الحضر،و إذا كان في أوّل الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس،راعى في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت، فيقضي في الأوّل قصرا و في العكس تماما.
و هي:حرم اللّه و هو مكّة المكرّمة و حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو المدينة المنوّرة و حرم أمير المؤمنين عليه السّلام و هو الكوفة،و من هنا لا يبعد كفاية التمام في بلد الكوفة مطلقا و إن كان الأحوط الاقتصار على المسجد و حرم الحسين عليه السّلام، و التمام أفضل و القصر أحوط استحبابا،و في تحديد الحرم الشريف إشكال و الظاهر جواز الإتمام في تمام الروضة المقدّسة دون الرواق و الصحن.
كبيت الطشت في مسجد الكوفة و غيره.
فلا يجوز للمسافر الّذي حكمه القصر الصوم في الأماكن الأربعة.
فإذا شرع في الصلاة بنيّة القصر يجوز له العدول في الأثناء إلى الإتمام،و بالعكس.
«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر».
و لا يجري في القضاء.
و هي واجبة في زمان الحضور مع اجتماع الشرائط،و مستحبّة في عصر الغيبة جماعة و فرادى،و لا يعتبر فيها العدد و لا تباعد الجماعتين،و لا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة.و كيفيّتها:
ركعتان يقرأ في كلّ منهما الحمد و سورة،و الأفضل أن يقرأ في الاولى «و الشمس»و في الثانية«الغاشية»أو في الاولى«الأعلى»و في الثانية «و الشمس»ثمّ يكبّر في الاولى خمس تكبيرات،و يقنت عقيب كلّ تكبيرة،
و في الثانية يكبّر بعد القراءة أربعا،و يقنت بعد كلّ واحدة على الأحوط في التكبيرات و القنوتات،و يجزئ في القنوت ما يجزئ في قنوت سائر الصلوات، و الأفضل أن يدعو بالمأثور،فيقول في كلّ واحد منها:«اللّهمّ أهل الكبرياء و العظمة و أهل الجود و الجبروت و أهل العفو و الرّحمة و أهل التّقوى و المغفرة أسألك بحقّ هذا اليوم الّذي جعلته للمسلمين عيدا و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذخرا و مزيدا أن تصلّي على محمّد و آل محمّد كأفضل ما صلّيت على عبد من عبادك و صلّ على ملائكتك و رسلك و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات اللّهمّ إنّي أسألك خير ما سألك به عبادك الصّالحون و أعوذ بك من شرّ ما استعاذ بك منه عبادك المخلصون»،و يأتي الإمام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة،و لا يجب الحضور عندهما،و لا الإصغاء،و يجوز تركهما في زمان الغيبة و إن كانت الصلاة جماعة.
ففي جريان أحكام النافلة عليها إشكال،و الظاهر بطلانها بالشكّ في ركعاتها،و لزوم قضاء السجدة الواحدة إذا نسيت،و الأولى سجود السهو عند تحقّق موجبه.
و إن كان بعد تجاوز المحلّ مضى.
بل يستحبّ أن يقول المؤذّن:الصلاة-ثلاثا-.
و الأظهر سقوط
قضائها لو فاتت،و يستحبّ الغسل قبلها،و الجهر فيها بالقراءة،إماما كان أو منفردا،و رفع اليدين حال التكبيرات،و السجود على الأرض،و الإصحار بها إلاّ في مكّة المعظّمة،فإنّ الإتيان بها في المسجد الحرام أفضل،و أن يخرج إليها راجلا حافيا لابسا عمامة بيضاء مشمّرا ثوبه إلى ساقه،و أن يأكل قبل خروجه إلى الصلاة في الفطر،و بعد عوده في الأضحى ممّا يضحّي به إن كان.
و تسمى صلاة الوحشة و هي ركعتان يقرأ في الاولى بعد الحمد آية الكرسيّ و الأحوط الأولى قراءتها إلى: «هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ» و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرّات،و بعد السلام يقول:«اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان»و يسمّي الميّت،و في رواية بعد الحمد في الاولى التوحيد مرّتين،و بعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشرا،ثمّ الدعاء المذكور،و الجمع بين الكيفيّتين أولى و أفضل.
و إن كان الأولى ترك الاستئجار و دفع المال إلى المصلّي،على نحو لا يؤذن له بالتصرّف فيه،إلاّ إذا صلّى.
أو أتى بالقدر أقل من العدد الموظف،فهي لا تجزي عن صلاة ليلة الدفن و لا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصليا إذا لم تكن الصلاة تامّة.
فإذا لم يدفن الميّت إلاّ بعد مرور مدّة أخرت الصلاة إلى الليلة الاولى من الدفن،و يجوز الإتيان بها في جميع آنات الليل و إن كان التعجيل أولى.
لا يجوز
له التصرّف بالمال إلاّ بمراجعة مالكه،فإن لم يعرفه و لم يمكن تعرفه جرى عليه حكم مجهول المالك،و إذا علم من القرائن أنّه لو استأذن المالك لأذن له في التصرّف في المال،لم يكف ذلك في جواز التصرّف فيه بمثل البيع و الهبة و نحوهما، و إن جاز بمثل أداء الدين و الأكل و الشرب و نحوهما.
و هي:ركعتان يقرأ في الاولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرّة،و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرّة ثمّ يتصدّق بما تيسّر،يشتري بذلك سلامة الشهر،و يستحبّ قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها و هي:
(بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ * وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّٰ عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهٰا وَ مُسْتَوْدَعَهٰا كُلٌّ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ * بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّٰهُ بِضُرٍّ فَلاٰ كٰاشِفَ لَهُ إِلاّٰ هُوَ وَ إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ سَيَجْعَلُ اللّٰهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً مٰا شٰاءَ اللّٰهُ لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ * وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ * لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ * رَبِّ إِنِّي لِمٰا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * رَبِّ لاٰ تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوٰارِثِينَ) .
و هي:ركعتان بين المغرب و العشاء،يقرأ في الأوّل بعد الحمد: (وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) .
و في الثانية بعد الحمد: (وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لاٰ يَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ
وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّٰ يَعْلَمُهٰا وَ لاٰ حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ) ثمّ يرفع يديه و يقول:«اللّهمّ إنّي أسألك بمفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلاّ أنت أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن تفعل بي كذا و كذا»و يذكر حاجته،ثمّ يقول:«اللّهمّ أنت وليّ نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحقّ محمّد و آله عليه و عليهم السّلام لمّا(و في نسخة إلاّ)قضيتها لي»ثمّ يسأل حاجته فإنّها تقضى إن شاء اللّه تعالى،و قد ورد أنّها تورث دار الكرامة و دار السلام و هي الجنّة.
فيكون ذلك من تداخل المستحبّين.
و هي ركعتان يقرأ في كلّ واحدة منهما بعد الحمد سبع سور،و الأولى الإتيان بها على هذا الترتيب:
الفلق-أوّلا-ثمّ الناس ثمّ التوحيد،ثمّ الكافرون،ثمّ النصر،ثمّ الأعلى،ثمّ القدر.
و لنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبّة طلبا للاختصار.
و الحمد للّه ربّنا و هو حسبنا و نعم الوكيل
1-نيّة القربة 2-نيّة الإخلاص و نعني بذلك عدم الرياء،فالرياء في الصوم محرّم و مبطل له 3-قصد الاسم الخاصّ المميّز له شرعا،كصوم القضاء و الكفّارة و صوم الاستئجار و النذر و اليمين و صوم يوم الغدير و صوم التعويض و غير ذلك،فإذا كان على ذمّة المكلّف أنواع من الصيام،كصوم النذر و اليمين و الكفّارة و القضاء،فإن صام قاصدا واحدا منها باسمه الخاصّ المميز له شرعا صحّ و إلاّ لم يقع عن شيء منها،و أمّا صوم شهر رمضان فلا يجب فيه أن يصوم بقصد أنّه من رمضان،لأنّ تمييزه عن غيره لا يتوقّف على ذلك،باعتبار أنّه مميّز بزمانه الخاصّ،فإذا صام في شهر رمضان صحّ،و إن كان غافلا عن كون ذلك الشهر شهر رمضان،بل لو نوى صوما آخر فيه جاهلا أو غافلا لم يقع،بل وقع صوم شهر رمضان.نعم،إذا نوى فيه صوما آخر عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعيّ بطل،و لا يحسب من صوم شهر رمضان،و هذه العناصر الثلاثة لا بدّ أن تكون مقارنة لكلّ جزء من أجزاء العمل و داعية إلى الإتيان به.
و على هذا فقد تسأل:أنّ النيّة لا يمكن أن تكون داعية و باعثة على الصوم و ترك المفطرات في تمام الحالات،فإنّ الصائم الّذي ينام تمام اليوم أو بعضه أو يغفل عن المفطرات فليس الباعث على الصيام و تركه المفطرات أمر اللّه تعالى، بل هو نومه أو غفلته،فإذن كيف يمكن الحكم بصحّة صومه في هذه الحالات؟
و الجواب:أنّه يكفي في نيّة القربة في الصوم أن يكون في نفس المكلّف
باعث و دافع إلهيّ يمنعه عن ممارسة المفطرات فيما إذا لم يكن نائما و لا غافلا، فالنائم و الغافل إذا علم من نفسه أنّه حتّى لو لم ينم أو لم يغفل لا يمارس شيئا من المفطرات من أجل اللّه تعالى كفاه ذلك في نيّة الصوم و لا يعتبر فيها أكثر من ذلك.
إمّا أداء صوم رمضان فقد مرّ أنّه لا يتوقّف على قصد كونه من رمضان أو بعنوان الأداء،و إمّا قضاؤه فإن كانت ذمّة المكلّف مشغولة به فقط فلا تتوقّف صحّته على الإتيان به قاصدا كونه من قضاء صوم رمضان تفصيلا،بل يكفي الإتيان به بقصد ما في الذمّة، و إن كانت ذمّته مشغولة به و بغيره معا،وجب قصد الاسم الخاصّ لكلّ منهما، و إلاّ لم يقع لشيء منهما كما مرّ،و أمّا أداء واجب آخر كالصلاة مثلا،فلا يجب قصده إلاّ في مقام التمييز كالقضاء.
على ما تقدّم في النيابة في باب الصلاة.
فإذا قصد الصوم عن المفطرات-إجمالا-كفى.
و أمّا إذا لم يكن مكلّفا به كذلك كما إذا كان مسافرا،فلا يبعد صحّة وقوع صوم آخر فيه كما إذا نذر أن يصوم في السفر،فإذا سافر في شهر رمضان و صام الصوم النذريّ فيه فالصحّة غير بعيدة،و أمّا إذا نوى غيره بطل،إلاّ أن يكون جاهلا به أو ناسيا له،فيجزئ عن رمضان-حينئذ-لا عمّا نواه.
فإذا نوى الصوم المشروع في غد و كان من رمضان أجزأ عنه،أمّا إذا قصد صوم غد
دون توصيفه بخصوص المشروع لم يجز،و كذا الحكم في سائر أنواع الصوم من النذر أو الكفّارة أو القضاء،فما لم يقصد المعيّن لا يصحّ.نعم،إذا قصد ما في ذمّته و كان واحدا أجزأ عنه،و يكفي في صحّة الصوم المندوب العام،نيّة صوم غد قربة الى اللّه تعالى شريطة أن لا يكون عليه صوم واجب.
فلا يجوز أن تتأخّر عن الفجر الصادق، و أمّا في سائر أقسام الصيام الواجب فيمتدّ وقت النيّة إلى الزوال فلا يجوز تأخيرها عنه،بل يجب أن تحدث قبل الزوال،و أمّا في الصوم المندوب فيمتدّ وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يمكن فيه تجديد النيّة،كلّ ذلك شريطة أن لا يمارس شيئا من المفطرات منذ الفجر لحدّ الآن و هو زمان النيّة.
و الظاهر كفاية ذلك في غيره أيضا،كصوم الكفّارة و نحوها،و نقصد بالنيّة وجود الداعي و الباعث الإلهي في نفس المكلّف على نحو يمنعه عن ممارسة المفطرات إذا لم يكن نائما أو غافلا عنها،فما دام هذا الداعي و الباعث الإلهي كامنا في أعماق نفسه لو لا الغفلة أو النوم كفاه في صحّة الصوم،و لا فرق في ذلك بين صوم شهر رمضان و غيره من الصوم المنذور أو الكفّارات أو نحو ذلك.
فعليه أن ينوي الصيام بأمل التقرّب إلى اللّه تعالى و أن يقبله منه ثمّ يقضيه بعد ذلك.
أجزأ عن صوم شهر رمضان إن كان ذلك اليوم من رمضان في الواقع،و إذا
تبيّن أنّه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدّد النيّة،و إن صامه بنيّة أنّه من رمضان بطل،و أمّا إن صامه بنيّة القربة المطلقة بقصد ما في الذمّة فيصحّ و لا شيء عليه،و إن كان متردّدا في انطباق ما نواه على صوم يوم أنّه من رمضان أو صوم يوم أنّه من شعبان،و كذلك إذا نوى صوم ذلك اليوم بعينه على أمل أنّه إن كان من شعبان كان ندبا أو قضاء و إن كان من رمضان كان فرضا، فالترديد إنّما هو في تطبيق المنويّ على ما في الخارج لا في النيّة،و لا فرق بين الصورتين في هذه الناحية.
فلا شبهة في بطلانه،و أمّا إذا صام برجاء أنّه من رمضان فهل يبطل أو يصحّ؟
و الجواب:الأقرب أنّه صحيح،و إذا أصبح المكلّف يوم الشكّ ناويا الإفطار فتبيّن أنّه من رمضان قبل أن يمارس شيئا من المفطرات،فإن كان ذلك بعد الزوال،لم يكف تجديد النيّة،و وجب عليه قضاء ذلك اليوم و الإمساك فيه تأدبا و تشبها بالصائمين.و إن كان قبل الزوال فهل يجب عليه تجديد النيّة؟
و الجواب:لا يجب على الأظهر،و إن كان الأحوط و الأجدر به أن يواصل صوم اليوم و يتمّه ثمّ يقضي بعد ذلك.
فإذا نوى القطع فعلا أو تردّد بطل،و كذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردّد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريّته،و نقصد بنيّة القطع أن ينوي المكلّف قطع التزامه النفسيّ بالإمساك عن المفطرات،و بنيّة القاطع أن ينوي تناول شيء من المفطرات و الحركة نحوه،و من هنا يظهر أنّ التردّد في القطع أو القاطع مانع من جهة أنّه يمنع عن نيّة الإمساك عنها،و الالتزام به جزما الّتي هي معتبرة في صحّة الصوم،و إذا تردّد للشكّ في
صحّة صومه فالظاهر الصحّة،هذا في الواجب المعيّن،أمّا الواجب غير المعيّن فهل يكفي الرجوع إلى نيّته قبل الزوال؟
و الجواب:الأظهر عدم الكفاية.
سواء أ كانا واجبين أو مستحبّين أم كان أحدهما مستحبّا و الآخر واجبا،و أمّا إذا صام بنيّة شعبان ثمّ بان أنّه من رمضان فيجدد النيّة،و لكن ذلك ليس من باب العدول من صوم شعبان إلى صوم رمضان بل هو يحسب من رمضان للنصّ.
و لو كانا قليلين حتّى الأجزاء الصغيرة من الطعام الّتي تتخلّف بين الأسنان،فإنّه لا يجوز للصائم ابتلاعها،أو غير معتادين كابتلاع الحصى أو التراب،بل لا يجوز حتّى ابتلاع الغبار المشتمل على أجزاء ترابية ظاهرة للعيان.
و أمّا الإيلاج في دبر امرأة أو ذكر أو ميّت أو بهيمة من دون إنزال فهو مبنيّ على الاحتياط،فإذا فعل الصائم ذلك في نهار شهر رمضان من دون إنزال عامدا و ملتفتا،فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يجمع بين إتمام صيام ذلك اليوم و القضاء بعد ذلك،و لو قصد الجماع قبلا و شكّ في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة بطل صومه،و لكن لم
تجب الكفّارة عليه.و لا يبطل الصوم إذا قصد التفخيذ-مثلا-فدخل في أحد الفرجين من غير قصد،و كذلك لا يبطل بإدخال الإصبع و نحوه لا بقصد الإنزال، و لا يبطل بالجماع إذا كان نائما أو ناسيا،و أمّا إذا كان مكرها فإن كان الإكراه على الجماع مباشرة على نحو لا يقدر على تركه فلا يكون مبطلا،و إن كان عليه بسبب التوعيد بالقتل أو نحوه،فالجماع حينئذ و إن كان جائزا و لا كفّارة عليه، إلاّ أنّه مبطل،باعتبار أنّه كان باختياره،و إذا شكّ في الدخول أو شكّ في بلوغ مقدار الحشفة لم يبطل صومه،شريطة أن لا ينوي الدخول من الأوّل،و إلاّ بطل من جهة نيّة المفطر.
بل الأحوط وجوبا إلحاق سائر الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام بهم،من غير فرق بين أن يكون في الحلال و الحرام أو في القصص و الحكايات و المواعظ،و إذا أخبر الصائم عن اللّه تعالى أو عن رسوله صلّى اللّه عليه و آله أو عن أحد الأئمّة الأطهار عليهم السّلام قاصدا الصدق و كان في الواقع كذبا لم يبطل بذلك صومه،و إذا كان قاصدا الكذب و كان في الواقع صدقا بطل به صومه من جهة أنّه قصد المفطر،و لا فرق في بطلان الصوم بالكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله أو على أحد الأئمّة عليهم السّلام بين أن يرجع الكاذب عن كذبه بلا فصل أو ندم و تاب أو لا،كما أنّه لا فرق في ذلك بين أن يكون الخبر الكاذب مكتوبا في كتاب أو لا،فإنّه مع العلم بكذبه لا يجوز الإخبار به،بأن يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كتاب الكافي كذا و كذا أو قال الصادق عليه السّلام في الوسائل كذا.نعم،إذا قال روي في الكتاب الفلانيّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كذا و عن الصادق عليه السّلام كذا أو هكذا ذكر في الكتاب الفلانيّ فلا بأس به،و لا يبطل بذلك صومه،و أمّا مع الظنّ بالكذب أو احتماله،فلا يجوز له الإخبار به على نحو الجزم،و لكن إذا أخبر به كذلك فهل يبطل صومه؟
و الجواب:الأقرب عدم البطلان،و إن كانت مراعاة الاحتياط أولى و أجدر.
أو موجّها إلى من لا يفهم ففي بطلان صومه إشكال،و الاحتياط لا يترك.
و هو رمس تمام الرأس و بكامله في الماء دفعة أو تدريجا،و الأحوط و الأجدر بالصائم وجوبا أن لا يصنع ذلك،و لا يقدح رمس أجزائه على التعاقب و إن استغرق الجميع على دفعتين أو دفعات،بأن يغمس نصف رأسه فى الماء دون النصف الآخر و بعد إخراجه من الماء يغمس النصف الآخر فيه،بحيث يتمّ غمس الرأس بالكامل على دفعتين،و كذا إذا ارتمس فيه و على رأسه ما يقيه من الماء كزجاجة و نحوها كما يصنعه الغوّاصون.
و الأحوط وجوبا الإلحاق.
فإن كان ناسيا لصومه صحّ صومه و غسله،و أمّا إذا كان ذاكرا،فإن كان في شهر رمضان بطل غسله و صومه على الأحوط،و كذلك الحكم في قضاء شهر رمضان بعد الزوال على الأحوط لزوما،و أمّا في الواجب المعيّن غير شهر رمضان فيبطل صومه على الأحوط بنيّة الارتماس،و الظاهر صحّة غسله إلاّ أنّ الاحتياط لا ينبغي تركه،و أمّا في غير ذلك من الصوم الواجب أو المستحبّ فلا ينبغي الإشكال في صحّة غسله،و إن بطل صومه على الأحوط.
لم يبطل صومه و لا غسله،و كذلك إذا وقع في الماء قهرا و من دون إرادة و اختيار و غمس رأسه فيه،و أمّا إذا اكره الصائم على الارتماس،فإن كان الإكراه عليه مباشرة بأن أخذ بيده و ألقاه في الماء فلا يكون ذلك مبطلا له،لأنّه صدر منه قهرا و من
دون قصد،و إن كان الإكراه عليه بسبب التوعيد بالقتل أو غيره إذا لم يفعل، فحينئذ إن فعل و إن لم يكن آثما إلاّ أنّ صومه باطل على الأحوط،لأنّه صدر منه باختياره،و أمّا إذا اضطرّ إليه لإنقاذ غريق مثلا فحينئذ و إن كان جائزا،إلاّ أنّ صومه يبطل بذلك على الأحوط.
و إن اشتمل على جميع أطرافه شريطة أن لا يصدق عليه عنوان الغمس،كما إذا اغتسل تحت انبوب أو ميزاب أو نحو ذلك،فإنّه لا يصدق عليه أنّه غمس رأسه بكامله في الماء.نعم، إذا غمس رأسه أو تمام بدنه من الرأس إلى القدم في النهر الجاري من العالي إلى السافل سواء كان على وجه التسنيم أو التسريح بطل صومه على الأحوط.
و هو المشتمل على أجزاء ترابيّة للعيان، و أمّا غير المشتمل عليها فلا يكون مفطرا،و إن كان الأحوط الاجتناب عنه، و الأحوط وجوبا أن لا يدخل الدخان في جوفه.
و الأظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان و قضائه،أمّا غيرهما من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك.
و إن كان عن غير عمد،و أمّا في صوم رمضان فالأظهر أنّه أيضا يبطل بذلك،إذا كان في النومة الثانية لا مطلقا.
كما لا يبطل البقاء على حدث مسّ الميّت-عمدا- حتّى يطلع الفجر.
فهو من تعمّد البقاء على الجنابة و عليه القضاء و الكفّارة و إمساك ذلك اليوم تشبّها بالصائمين.و هل يجوز له إن أجنب نفسه كذلك في وقت يسع للتيمّم من دون الغسل؟
و الجواب:أنّ الجواز غير بعيد و إن كان الأحوط ترك ذلك،و حينئذ فإن تيمّم صحّ صومه،و الأحوط استحبابا قضاؤه،و إن ترك التيمّم عامدا و ملتفا فعليه القضاء و الكفّارة مع إمساك هذا اليوم.
و عليه القضاء دون غيره من الواجب المعيّن و غيره،و الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة،و إن كان الإلحاق أحوط استحبابا و أولى.
وجب عليه التيمّم قبل الفجر،فإن تركه بطل صومه و عليه القضاء و الكفّارة إذا كان متعمّدا و صوم ذلك اليوم تأدبا،و إن تيمّم فالأولى له أن يبقى مستيقظا إلى أن يطلع الفجر.
فلا شيء عليه،إذا اعتمد على حجّة في بقاء الوقت كالاستصحاب،و إن لم يعتمد عليها و حينئذ فإن كان باعتقاد أنّ ظنّه حجّة و اعتمد عليه فلا شيء عليه أيضا،و إلاّ فعليه القضاء و الكفّارة و الإمساك طيلة النهار على أساس أنّه أصبح جبنا متعمّدا.
قبل أن يطلع الفجر، يسمح له أن ينام تاركا للاغتسال معتمدا على الانتباه آخر الليل في وقت يسع للغسل،و في هذه الحالة إذا نام و استمرّ به النوم اتّفاقا إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه و يصحّ صومه.
لا يسمح له أن ينام قبل أن يغتسل،حيث يحتمل أنّه إذا نام يفوت منه الغسل قبل طلوع الفجر باعتبار أنّه لا يكون معتادا على الانتباه آخر الليل،و في هذه الحالة إذا نام و لم يغتسل و استمرّ به النوم إلى أن طلع الفجر،فعليه أن يمسك ذلك اليوم ثمّ يقضي و يكفّر.
و حينئذ فإذا أراد أن ينام ثانيا،فإن كان واثقا و متأكّدا بالانتباه قبل طلوع الفجر،يسمح له أن ينام و إلاّ فلا،كما هو الحال في النوم الأوّل،و في هذه الحالة الّتي يسمح له بالنوم ثانيا إذا نام واثقا بالانتباه و لم ينتبه و استمرّ به النوم إلى أن طلع الفجر،فالظاهر بطلان صومه و عليه إمساك هذا اليوم تأدبا و قضاؤه بعد ذلك.
فإنّ الصائم في هذه النومة إن كان مطمئنّا بالانتباه قبل طلوع الفجر فنام و لم ينتبه اتّفاقا إلى الفجر،صحّ صومه و لا شيء عليه،و إن لم يكن مطمئنّا بذلك و مع هذا إذا نام و لم يغتسل متعمّدا و استمرّ به النوم إلى الفجر فعليه أن يمسك اليوم تشبها بالصائمين ثمّ يقضي و يكفّر.
فإن لم يستيقظ من
النوم و استمرّ به إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه و يصح صومه،و إن أفاق من نومه الّذي احتلم فيه و نام ثانيا قبل أن يغتسل،و حينئذ فإن كان واثقا و مطمئنّا بالانتباه قبل طلوع الفجر من جهة أنّه اعتاد ذلك،و لكن استمرّ به النوم اتّفاقا إلى أن طلع الفجر،فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يصوم ذلك اليوم بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه رجاء ثمّ يقضي بعد ذلك،و إن لم يكن واثقا و مطمئنّا بالانتباه و لم ينتبه و استمرّ به النوم إلى الصبح،فعليه القضاء و الكفّارة و الإمساك طيلة النهار تأدبا،و الحاصل أنّ المعيار العامّ لجواز نوم الجنب في شهر رمضان قبل أن يغتسل إنّما هو بالوثوق و الاطمئنان بالانتباه قبل طلوع الصبح،في وقت يسع للغسل بلا فرق فيه بين النوم الأوّل و الثاني،و المراد بالنوم الثاني في مقابل الأوّل أعمّ من الثالث و الرابع،كما أنّ المعيار في وجوب الكفّارة إنّما هو بتعمّد البقاء على الجنابة إلى الفجر و إن كان في النومة الاولى،و أمّا وجوب القضاء فهو لا يدور مدار عنوان التعمّد بل قد يجب القضاء من دون صدق ذلك،كما إذا نام نومة ثانية واثقا و مطمئنّا بالانتباه قبل الفجر و لكن استمرّ به النوم اتّفاقا إلى أن طلع الفجر ،بطل صومه و عليه أن يمسك طيلة النهار ثمّ يقضي و لا كفّارة عليه.
في أنّ تعمّد البقاء عليه مبطل للصوم في رمضان دون غيره،و إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمّم أو لم تعلم بنقائها حتّى طلع الفجر صحّ صومها،و الأحوط الأولى إلحاق النفساء بالحائض.
فإن غسل العشاءين شرط في صحّة صومها في الغد و لا يكون شرطا لصحّة صومها في اليوم الماضي،فإذا صامت المستحاضة الكبرى يوم الخميس فصحّة صومها