آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۱
جلد
1
منهاج الصالحین – جلد ۱
جلد
1
في هذا اليوم مشروطة بالغسل للعشاءين في ليلة الخميس،كما أنّها مشروطة بالغسل لصلاة الصبح ليوم الخميس و بالغسل للظهرين فيه،فإذا تركت أحد هذه الأغسال بطل صومها،و لا يجب تقديم غسل الصبح على الفجر بل لا يجزي لصلاة الصبح إلاّ مع وصلها به،و إذا اغتسلت لصلاة الليل لم تجتزئ به للصبح، و لو مع عدم الفصل المعتدّ به،و أمّا صحّة صوم المستحاضة الوسطى أو الصغرى فلا تكون مشروطة بقيامها بأعمالها كما هو الحال في المستحاضة الكبرى.
ففي هذه الحالة إن كان واثقا و مطمئنّا بالانتباه قبل الفجر في وقت يسع للغسل من جهة أنّه كان معتاد الانتباه فلا شيء عليه و يصحّ صومه،و إن لم يكن واثقا و مطمئنّا بذلك،فعليه القضاء و الكفّارة و الإمساك طيلة النهار،بلا فرق فيه بين أن يكون ناويا الغسل إذا استيقظ من النوم أو لا كما مرّ،و إن كان نومه هذا عن ذهول و غفلة إلى أن طلع الفجر،فحينئذ إن كان الذهول و الغفلة مستندا إلى تسامحه في الدين و عدم مبالاته به بحيث لو كان ملتفتا لنام أيضا،فعليه القضاء و الكفارة و الامساك أيضا،و إن لم يكن مستندا إلى تقصيره فلا شيء عليه و يصحّ صومه.
و إذا لم يكن معتاد الانتباه لم يجز،و مع هذا إذا نام و لم يستيقظ إلى الفجر فعليه القضاء و الكفّارة كما مرّ.
و يجوز له الاستبراء بالبول،و إن علم ببقاء شيء من المنيّ في المجرى، و لكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول،فالأحوط الأولى تأخيره إلى ما بعد المغرب.
بل إذا أفاق ثمّ نام كان نومه بعد الإفاقة هو النوم الأوّل.
فيصحّ صوم الحائض إذا نقت من دم الحيض إذا لم تتوان في الغسل،و إن كان بقاؤها على الحدث في النومة الثانية،أو الثالثة و أمّا إذا توانت أن تغتسل حتّى أصبحت، يبطل صومها و عليها قضاء ذلك اليوم،و هذا بخلاف الجنب،فإنّه إذا بقي على الجنابة مع عدم التواني في الغسل في النومة الثانية أو الثالثة بطل صومه و عليه قضاؤه كما تقدّم،و أمّا النفساء فلا يجب عليها أن تبادر إلى الغسل قبل الطلوع الفجر،و إن كان الأحوط استحبابا ذلك.
و هو إنزال المنيّ باليد أو بآلة أو بالملاعبة و المداعبة، فإذا انزل المنيّ بممارسة شيء من تلك الأفعال،فإن كان قاصدا بها ذلك بطل صومه و عليه القضاء و الكفّارة،و كذلك إذا كان غير واثق من نفسه عدم سبقه المنيّ إذا مارس شيئا من تلك الأفعال و إن كان غير قاصد ذلك.نعم،إذا مارس شيئا منها و لم يكن قاصدا بذلك إنزال المنيّ،و كان واثقا من نفسه عدم نزوله و لكن سبقه المنيّ فعليه القضاء دون الكفّارة،و الأحوط و الأجدر به أن يواصل صيامه بأمل التقرّب إلى اللّه تعالى ثمّ يقضي،و قد تسأل:أنّ الصائم إذا تصوّر صورة المواقعة أو تخيّل صورة امرأة من دون ممارسة أيّ فعل خارجيّ بقصد إنزال المنيّ فأنزل،فهل يبطل صومه؟
و الجواب:أنّ البطلان لا يخلو من إشكال،و الأحوط وجوبا أن يواصل صيامه بأمل أن يقبل اللّه تعالي منه ثمّ يقضي بعد شهر رمضان.
فإنه يفسد الصيام دون الاحتقان بالجامد.
كما إذا وصل إليه من طريق صبّ دواء في جرح مفتوح في جسمه أو زرق ابرة إلى بدنه مهما كان نوع الابرة،و من ذلك ما يسمّى بالمغذّي الّذي يزرق في جسم المريض ممّا لا يسمّى أكلا أو شربا.نعم،إذا فرض إحداث منفذ لوصول الغذاء إلى الجوف من غير طريق الحلق،فلا يبعد صدق الأكل و الشرب حينئذ فيفطر به،كما هو كذلك إذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الأنف.
و أمّا ما ينزل من الرأس كالنّخامة إذا وصل إلى فضاء الفم فلا يبعد جواز ابتلاعه،و إن كان الأحوط استحبابا تركه،و أمّا ما لم يصل إلى فضاء الفم فلا بأس به.
و كان اجتماعه باختياره كتذكّر الحامض مثلا.
و إن كان لضرورة من علاج مرض و نحوه،غير أنّه في هذه الحالة يجوز للصائم التقيؤ إذا كان العلاج متوقّفا عليه و إن بطل صومه.نعم،إذا كان القيء غير اختياريّ و كان اتّفاقيّا لم يضر بالصوم.
لم يكن مبطلا،و إذا وصل إلى فضاء الفم فابتلعه-اختيارا-بطل صومه و عليه الكفّارة على الأحوط لزوما.
بطل صومه شريطة أن يريد القيء نهارا،و إلاّ فلا يبطل صومه على الأظهر،من غير فرق
في ذلك بين الواجب المعيّن و غير المعيّن،كما أنّه لا فرق بين ما إذا انحصر إخراج ما ابتلعه بالقيء و عدم الانحصار به.
و ذوق المرق و نحوها ممّا لا يتعدّى إلى الحلق،أو تعدّى من غير قصد،أو نسيانا للصوم،أمّا ما يتعدّى-عمدا-فمبطل و إن قلّ،و منه ما يستعمل في بعض البلاد المسمّى عندهم بالنسوار،فإنّه مبطل إذا تعدّى إلى الحلق و إلاّ فلا،و كذا لا بأس بمضغ العلك و إن وجد له طعما في ريقه،ما لم تتفتت أجزاؤه،و لا بمصّ لسان الزوج و الزوجة،و الأحوط لزوما الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة.
و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر و المسك،و كذا دخول الحمام إذا خشي الضعف،و إخراج الدّم المضعف،و السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق،و شمّ كلّ نبت طيّب الريح، و بلّ الثوب على الجسد،و جلوس المرأة في الماء،و الحقنة بالجامد،و قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم،و السواك بالعود الرطب،و المضمضة عبثا،و إنشاد الشعر إلاّ في مراثي الأئمّة عليهم السّلام و مدائحهم.و في الخبر:«إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب،و غضّوا أبصاركم و لا تنازعوا،و لا تحاسدوا و لا تغتابوا، و لا تماروا،و لا تكذبوا،و لا تباشروا،و لا تخالفوا،و لا تغضبوا،و لا تسابّوا، و لا تشاتموا،و لا تنابزوا،و لا تجادلوا،و لا تباذوا،و لا تظلموا،و لا تسافهوا، و لا تزاجروا،و لا تغفلوا عن ذكر اللّه تعالى»الحديث طويل.
المفطرات العشرة إنّما تفسد الصوم إذا وقعت من الصائم على وجه القصد و الالتفات،و لا فرق في ذلك بين العالم بالحكم و الجاهل به،و الظاهر عدم الفرق في الجاهل بين القاصر و المقصّر،بل الظاهر فساد الصوم بارتكاب المفطر حتّى مع الاعتقاد بأنّه حلال و ليس بمفطر كما في الجاهل المركّب.نعم،إذا وقعت تلك المفطرات من الصائم على غير وجه العمد،كما إذا صدر منه شيء معتقدا أنّه ليس من العشرة و لكنّه كان في الواقع منها،فلا يبطل الصوم بذلك،و مثاله أن يعتقد بأنّ المائع الخارجيّ الفلانيّ مضاف فارتمس فيه فتبيّن أنّه ماء،أو أخبر عن اللّه ما يعتقد أنّه صدق فتبيّن كذبه،أو يدخل في جوفه شيء قهرا بدون اختياره كما إذا فتح فم الصائم عنوة و قهرا و زرق ماء إلى جوفه أو غير ذلك، و يستثنى من حالة عدم القصد موردان:
أحدهما:أنّ من تمضمض بالماء فسبقه و دخل في جوفه قهرا بطل صومه و عليه القضاء،إلاّ إذا كان في وضوء لصلاة فريضة.
و الآخر:أنّ الصائم إذا لزق بزوجته و هو واثق بعدم نزول المنيّ منه،و لكن سبقه المنيّ و خرج من دون قصد،فعليه إتمام الصوم بنيّة القربة رجاء ثمّ القضاء.
و كذا إذا كان لتقيّة سواء كانت التقيّة في ترك الصوم،كما إذا أفطر في عيدهم تقيّة،أم كانت في أداء الصوم، كالإفطار قبل الغروب،و الارتماس في نهار الصوم،فإنّه يجب عليه الإفطار -حينئذ-و لكن يجب القضاء.
جاز أن يشرب بمقدار الضرورة،و يفسد بذلك صومه، و يجب عليه الإمساك في بقيّة النهار إذا كان في شهر رمضان على الأظهر،و أمّا في غيره من الواجب الموسّع أو المعيّن فلا يجب.
تجب الكفّارة بتعمّد شيء من المفطرات إذا كان الصوم ممّا تجب فيه الكفّارة،و هو على أقسام:
الأوّل:صوم شهر رمضان.
الثاني:صوم النذر المعيّن.
الثالث:صوم الاعتكاف.
و أمّا قضاء شهر رمضان بعد الزوال فكفّارته مبنيّة على الاحتياط.
ثم إنّ وجوب الكفّارة مختصّ بمن يمارس شيئا من المفطرات عالما عامدا بل جاهلا بسيطا إذا كان مقصّرا.نعم،إذا كان قاصرا و جاهلا مركّبا و إن كان مقصّرا فلا كفّارة عليه.نعم،إذا كان عالما بحرمة ما يرتكبه،كالكذب على اللّه سبحانه وجبت الكفّارة أيضا،و ان كان جاهلا بمفطريّته.
لكلّ مسكين مدّ و هو يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريبا،و كفّارة إفطار قضاء شهر رمضان بعد الزوال كفّارة نفس صوم شهر رمضان على الأحوط،فإن لم يتمكّن فلا شيء عليه،و إن كان
الأولى و الأجدر به أن يصوم ثلاثة أيّام أو يتصدّق بما يطيق،و كفّارة إفطار الصوم المنذور المعيّن كفّارة يمين،و هي عتق رقبة،أو إطعام عشرة مساكين، لكلّ واحد مدّ،أو كسوة عشرة مساكين،فإن عجز صام ثلاثة أيّام متواليات.
لا في يوم واحد إلاّ في الجماع و الاستمناء،فإنّها تتكرّر بتكرّرهما،و من عجز عن الخصال الثلاث فالأقوى أن يتصدّق بما يطيق،و إذا تمكّن من التكفير بعد ذلك لزمه على الأظهر.
و إن كان الجمع أولى و أحوط.
فالأحوط الأولى أنّ عليه كفّارتين و تعزيرين،خمسين سوطا،و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة،و لا تلحق بها الأمة،كما لا تلحق بالزوج الزوجة إذا أكرهت زوجها على ذلك.
لم تجب عليه الكفّارة،و إذا علم أنّه أفطر أيّاما و لم يدر عددها اقتصر في الكفّارة على القدر المعلوم،و إذا شكّ في أنّه أفطر بالحلال أو الحرام كفاه إحدى الخصال و قد تقدّم أنّه لا يبعد كفايتها،و إن علم أنه أفطر بالحرام،و إذا شكّ في أنّ اليوم الّذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفّارة،و إن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستّين مسكينا.
و كذلك إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها بل و كذا لو بدا له السفر لا بقصد الفرار.
و أمّا إذا أفطر متعمّدا ثمّ عرض عليه عارض قهريّ كالحيض أو النفاس أو المرض أو غير ذلك من الأعذار،فهل تسقط عنه الكفّارة؟
و الجواب:الأظهر عدم سقوطها.
لم يتحمّل الزوج عنها الكفّارة،كما أنّها لا تجب عليها،و هل عليه إثم على ذلك؟
و الجواب:أنّ إكراهها إن كان مستلزما لارتكاب حرام كالإيذاء أو الضرب أو الشتم و غير ذلك لم يجز،و لو فعل فعليه الإثم،و إن لم يستلزم ذلك فلا إثم عليه،لا بملاك نفس الإكراه و لا بملاك التسبيب.
و في جوازه عن الحيّ إشكال و الأظهر عدمه.نعم،إذا كانت الكفّارة متمثّلة في العتق أو الإطعام كانت قابلة للتوكيل عن الحيّ،و إذا كانت متمثّلة في الصوم لم تكن قابلة له أيضا،لأنّ المعتبر في الصوم المباشرة.
و لكن لا يجوز التأخير إلى حدّ يعدّ توانيا و تسامحا في أداء الواجب.
كلّ واحد مدّ،و الأحوط استحبابا مدّان،و يجزئ مطلق الطعام من التمر و الحنطة و الدقيق و الارز و الماش و غيرها ممّا يعتبر طعاما.نعم، الأحوط لزوما في كفّارة اليمين الاقتصار على الحنطة و دقيقها و خبزها.
أو إعطاؤه مدّين أو أكثر،بل لا بدّ من ستّين نفسا.
أو وكيلا عنهم في القبض،فإذا قبض شيئا من ذلك كان ملكا لهم، و لا يجوز التصرّف فيه إلاّ بإذنهم إذا كانوا كبارا،و إن كانوا صغارا صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم.
و لا يجوز إعطاؤها من الكفّارة،إلاّ إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين و نحوه.
و لا تتوقّف البراءة على أكله الطعام،فيجوز له بيعه عليه و على غيره.
-الّتي هي ثلاث حقق إسلامبول و ثلث-عن ستّة أمداد،و كلّ مدّ ثلاثة أرباع الكيلو.
سواء،كلّ واحد مدّ.
و لكن اتّفاقا استمرّ به النوم إلى الصبح،فإنّ عليه القضاء دون الكفّارة على تفصيل قد مرّ.
من دون ممارسة شيء من المفطرات،فإنّه يجب عليه القضاء دون الكفّارة.
بل تمام الشهر،فإنّه يجب عليه القضاء دون الكفّارة.
و التأكّد من عدم طلوعه،ثمّ تبيّن له أنّ الفجر كان طالعا،فعليه أن يتمّ صومه تأدبا و يقضي يوما آخر بعد شهر رمضان، و إذا أكل و شرب بعد الفحص و التأكّد و الاعتقاد بعدم الطلوع ثمّ ظهر له أنّ الفجر كان طالعا،فلا شيء عليه.
من دون النظر و الفحص ثمّ تبيّن له بعد ذلك أنّ الفجر كان طالعا حين أكل أو شرب،فإنّه و إن كان ليس بآثم حينما يفعل ذلك إلاّ أنّ صومه باطل،و عليه أن يمسك ذلك اليوم تشبّها بالصائمين و القضاء بعد شهر رمضان،و لا فرق فيه بين أن يكون متمكّنا من النظر و الفحص و لم يفحص،و أن لا يكون متمكّنا كالأعمى و المحبوس و نحوهما.
و كان يبقى شاكّا فيه و مع ذلك أكل أو شرب معتمدا على الاستصحاب،ثمّ تبيّن له بعد ذلك أنّ الفجر كان طالعا حين أكل أو شرب،فإنّ عليه القضاء دون الكفّارة، و إذا حصل له الوثوق و الاطمئنان من النظر بعدم طلوع الفجر فأكل أو شرب ثمّ بعد ذلك تبيّن له أنّ الفجر كان طالعا حين أكل أو شرب فلا شيء عليه.ثمّ إنّ هذا الحكم مختصّ بصوم شهر رمضان،و أمّا صوم غيره فيبطل بذلك،و إن كان بعد النظر إلى الفجر و الفحص عنه مباشرة و حصول الاعتقاد بعدم طلوعه.
فإنّ عليه القضاء بلا فرق بين أن يكون اعتقاده بدخول المغرب من جهة قيامه بالنظر و التأكّد منه بصورة مباشرة،أو من جهة اخرى،و إذا أكل أو شرب و هو
شاكّ في دخول المغرب و انتهاء النهار،من دون أن يكون واثقا و مطمئنّا بدخوله بشكل مباشر أو بإخبار ثقة أو بأذانه،فعليه القضاء و الكفّارة،و إن لم يتبيّن له بعد ذلك أنّ النهار لا يزال باقيا حين أكل أو شرب.نعم،إذا اتّضح له بعد ذلك أنّ المغرب قد دخل حين أكل أو شرب،فلا شيء عليه و صيامه صحيح.
ثمّ رأى الشمس بعد ذلك و أنّها كانت لا تزال باقية حين أفطر،فهل عليه قضاء أو لا؟
و الجواب:أنّ عليه القضاء.
فإنّه يوجب القضاء دون الكفّارة،أمّا إذا نسي فابتلعه فلا قضاء عليه،و كذا إذا كان في مضمضة وضوء صلاة الفريضة،و أمّا التعدّي إلى النافلة فهو مشكل بل لا يجوز.
و لا من عادته ذلك،فإنّه يوجب القضاء عليه دون الكفّارة.
بل عليه أن يمسك عن جميع المفطرات تشبّها بالصائمين.
و هي امور:
1-البلوغ 2-العقل 3-الخلوّ من الحيض و النفاس 4-الأمن من الضرر الصحّيّ 5-أن لا يكون محرجا له و موقعا في مشقة شديدة أمام مشكلة حياته الاعتياديّة 6-عدم السفر 7-الشيخوخة الّتي أضعفته على الصيام 8-عدم الإصابة بداء العطش 9-عدم كون المرأة حاملا مقربا و يضرّ الصوم بحملها،فلا يجب على الصبيّ و لا على المجنون و لا على الحائض و النفساء،فإذا بلغ أو عقل أثناء النهار لم يجب عليه الإمساك بقيّة النهار،و كذا إذا نقت الحائض و النفساء،و إذا حدث الجنون او الحيض أو النفاس-قبل الغروب-بطل الصوم.
أحدها:الأيّام الثلاثة من عشرة أيّام الّتي يصوم ثلاثة منها في مكّة أو في الطريق و سبعة منها إذا رجع بدل الهدي إذا عجز عنه.
ثانيها:صوم الثمانية عشر يوما،الّتي هي بدل الناقة كفّارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب.
ثالثها:الصوم المنذور إيقاعه في السفر أو الأعمّ منه و من الحضر.
و الأقوى أن يكون ذلك في الأربعاء و الخميس و الجمعة.
و إن
علم بذلك في الأثناء،و واصل صيامه فهو باطل،و لا يصحّ الصوم من الناسي و إن لم يتفطّن إلاّ بعد انتهاء الوقت.
كناوي الإقامة و المسافر سفر معصية و من كان عمله السفر و من مضى عليه ثلاثون يوما و هو متردّد في مكان ما.
و منه الأرمد،إذا أدّى طول برئه أو شدّته أو صداعا لا يحتمل عادة أو حمى عالية شريطة أن يكون ذلك بمرتبة يهتمّ العقلاء بالتحفّظ منها عادة،حيث إنّ الشدّة و طول المرض و الضرر و الخوف جميعا ذات مراتب و درجات متفاوتة،و أمّا إذا أدّى إلى مرتبة بسيطة من الشدّة أو طول المرض أو حدوث مرض ضئيل كحمى يوم-مثلا-إذا صام تمام شهر رمضان،ممّا لا يراه العقلاء من الضرر الّذي يكون مانعا عن ممارسة صيامه فلا يوجب الإفطار.
فالإنسان السالم صحيّا كالشاب صحيح البدن تكون حمى يوم أو يومين بسيطة بالنسبة إليه و لا تمنعه عن القيام بواجباته الدينيّة، و الدنيوية و لكنّها بالنسبة إلى الإنسان المتداعي صحيّا شديدة و تمنعه عن القيام بوظائفه،فكلّ إنسان مكلّف بحسب حاله من القوّة و الطاقة هذا من ناحية.
و من ناحية اخرى لا فرق بين أن يكون المكلّف واثقا و مطمئنّا بالضرر الصحّيّ أو ظانا به أو مجرّد احتمال،شريطة أن يكون ذلك الاحتمال أو الظنّ يبعث الخوف و الخشية في النفس،كما إذا خاف من الصوم على عينه من الرمد أو العمى أو نحو ذلك.نعم،إذا كان احتمال الضرر الصحيّ بمرتبة ضئيلة لا تبعث على
القلق و الخوف فلا يجوز له الإفطار،إلاّ إذا قال الطبيب الماهر الثقة بعد فحصه و التأكيد عليه أنّه مريض و يضرّه الصوم،فإنّ عليه أن يعمل بقوله و إن لم يوجب الخوف و القلق في نفسه على أساس حجيّة قوله بملاك أنّه من أهل الخبرة.
و لو كان مفرطا إلاّ أن يكون حرجا فيجوز الإفطار و يجب القضاء بعد ذلك،و كذا إذا أدّى الضعف إلى العجز عن العمل الّذي يرتزق منه،و لا يتمكّن من الجمع بينه و بين الصوم، فإنّه يجوز له حينئذ ترك الصيام شريطة أن لا يكون بإمكانه تبديل عمله بعمل آخر يتمكّن من الجمع بينه و بين الصوم أو تأجيله إلى ما بعد شهر رمضان من دون حرج،كما إذا كان عنده مال موفّر أو دين يرتزق منه،و إلاّ سقط عنه وجوب الصوم و يسمح له بالأكل و الشرب و سائر المفطرات،و الأحوط لزوما الاقتصار في ذلك على مقدار الضرورة و الإمساك عن الزائد.
فالظاهر بطلانه و عدم صحّته،و إذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل،إلاّ إذا كان قد تمشى منه قصد القربة،كما إذا كان جاهلا بان المريض لا يكون مكلّفا بالصيام،فإنّه حينئذ يحكم بصحّة صيامه إذا بان عدم الضرر بعد ذلك.
و كذلك إذا كان حاذقا و ثقة إذا لم يكن المكلّف مطمئنّا بخطئه،و لا يجوز الإفطار بقوله في غير هاتين الصورتين،و إذا قال الطبيب لا ضرر في الصوم و كان المكلّف خائفا وجب الإفطار.
لم يصح صومه،و إن لم يكن عاصيا بإمساكه و عليه أن يبقى ممسكا بقيّة النهار، إلاّ في حالة واحدة لا يجب فيها الإمساك،و هي أنّه ينوي شرب الدواء في الساعات الاولى من النهار على أساس أنّه وظيفته من أجل أنّ مرضه يتطلّب منه ذلك،غير أنّه تماهل و تأخر شرب الدّواء إلى أن شفى من مرضه،فإنّ في هذه الحالة لا يجب أن يواصل إمساكه و له أن يأكل و يشرب في ذلك اليوم متى شاء و أراد.
و إذا نسي أنّ عليه صوما واجبا فصام تطوّعا فذكر بعد الفراغ فهل يصحّ صومه؟
و الجواب:أنّ الصحّة لا تخلو عن إشكال بل منع،و الظاهر جواز التطوّع لمن عليه صوم واجب استيجاريّ أو نذريّ أو ما شاكله،كما أنّه يجوز إيجار نفسه للصوم عن غيره إذا كان عليه صوم واجب.
لم يجب عليه الإتمام،و الأحوط استحبابا الإتمام.
أو المتردّد ثلاثين يوما في مكان واحد أو من يكون شغله السفر أو العاصي بسفره، و إذا كان حاضرا فخرج إلى السفر،فإن كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار، و إذا كان بعد الزوال فعليه أن يواصل صومه و يتمّه ثمّ يقضيه بعد شهر رمضان، و إذا كان مسافرا فدخل بلده أو بلدا نوى فيه الإقامة،فإن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصيام،و إن كان بعد الزوال،أو تناول
المفطر في السفر بقي على الإفطار.نعم،في فرض تناول المفطر يستحبّ له الإمساك إلى الغروب.
و كذا في الرجوع منه هو البلد لا حدّ الترخّص،فإذا سافر و خرج من البلد قبل الظهر،فلا يجب عليه صيام ذلك اليوم و إن كان وصوله إلى حدّ الترخّص بعد الزوال.نعم،لا يجوز الإفطار للمسافر إلاّ بعد الوصول إلى حدّ الترخّص،فلو أفطر-قبله-عالما بالحكم وجبت الكفّارة.
و لو للفرار من الصوم،و لكن يفوت عليه أجرا عظيما،فلذلك يكون مكروها إلاّ إذا كان في حجّ أو عمرة،أو غزو في سبيل اللّه،أو مال يخاف تلفه،أو إنسان يخاف هلاكه أو يكون بعد مضيّ ثلاث و عشرين ليلة،و إذا كان على المكلّف صوم واجب معيّن كما إذا نذر أن يصوم يوم الجمعة جاز له السفر في ذلك اليوم و إن فات الواجب عنه،و لكن يجب عليه قضاؤه بعد ذلك،و إذا كان في السفر و صادف يوم الجمعة لم تجب عليه الإقامة لأدائه.
و كذا الجماع في النهار على كراهة في الجميع،و الأحوط-استحبابا-الترك و لا سيّما في الجماع.
وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص:منهم الشيخ و الشيخة إذا كانت شيخوختهما سببا لضعفهما و صعوبة الصوم عليهما و إن لم تبلغ حدّ الحرج، و حينئذ فلهما الإفطار و ترك الصوم و التعويض عنه بالفدية و هي عن كلّ يوم بمدّ
من الطعام،و ذو العطاش و هو من كان مصابا بداء العطش و هو حالة مرضيّة تجعله يشعر بعطش شديد،و كلّ من ابتلي بهذه الحالة المرضيّة و كان الصيام عليه من أجل ذلك صعوبة و مشقة،فله أن يفطر و يترك الصوم و يعوّض عنه بالفدية الآنفة الذكر كما أنّ له أن يصوم.نعم،إذا تعذّر الصوم على الشيخ و الشيخة و ذي العطاش فلا فدية عليهم،و الظاهر عدم وجوب القضاء على الشيخ و الشيخة،إذا تمكّنا من القضاء،و كذلك لا يجب القضاء على ذي العطاش مع التمكّن،و منهم الحامل المقرب الّتي يضرّ بها الصوم أو يضر حملها،و المرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ بها الصوم أو أضرّ بالولد،و عليهما القضاء بعد ذلك،كما أنّ عليهما الفدية -أيضا-فيما إذا كان الضرر على الحمل أو الولد،و لا يجزئ الإشباع عن المدّ في الفدية من غير فرق بين مواردها.
ثم إنّ الترخيص في هذه الموارد ليس بمعنى تخيير المكلّف بين الصيام و الإفطار،بل بمعنى عدم وجوب الصيام فيها و إن كان اللازم عليهم الإفطار.
و الأقوى الاقتصار على صورة عدم التمكّن من إرضاع غيرها للولد،أو لم يكن بإمكانها أن ترضع الولد من غير حليبها،أو من الحليب المعلّب إذا لم يتضرّر الولد الرضيع بذلك.
إمّا برؤية الهلال بالعين المجرّدة الاعتياديّة أو بالتواتر.
فإنّ الكثرة العدديّة و إن كانت عاملا أساسيّا لحصول العلم أو الاطمئنان إلاّ أنّها ليست كلّ العامل،بل أن يؤخذ في الحساب عوامل اخرى كأوصاف الشهود و حالتهم بالنظر إلى أنفسهم،كمدى صدقهم أو كذبهم أو خطئهم أو مبالاتهم في الشهادة و بالنظر إلى الأشخاص الّذين عجزوا عن الرؤية مع أنّ ظروفهم كظروف الشهود من حيث صفاء الجوّ الصالح للرؤية و نحوه،أو غير ذلك من العوامل الّتي لها دخل في حصول اليقين أو الاطمئنان،فلا بدّ من أخذ كلّ العوامل في الحساب من العوامل الداخليّة و الخارجيّة الّتي لها دخل بشكل أو بآخر في حصول العلم أو الاطمئنان للمكلّف بالرؤية،منها الوسائل العلميّة الحديثة أو الحسابات الفلكيّة فإنّها و إن لم تكن كافية لإثبات رؤية الهلال شرعا ،إلاّ أنّها إذا كانت موافقة لأقوال الشهود فهي من العوامل الإيجابيّة الّتي تؤكّد الوثوق و الاطمئنان الحاصل منها في نفس المكلّف و تزيل الشكوك منها،و إذا كانت مخالفة لها فهي من العوامل السلبيّة الّتي قد تزيل من نفس الإنسان الوثوق و الاطمئنان بها و تخلق الشكوك فيها.
على أساس أنّ الشهر القمريّ الشرعيّ لا يكون أكثر من ثلاثين يوما،فإذا مضى منه ثلاثون يوما و لم ير هلال شهر رمضان اعتبر الهلال موجودا في الافق و قابل للرؤية،و بذلك يبدأ شهر رمضان،كما أنّ مضيّ ثلاثين يوما من شهر رمضان أمارة على دخول شهر شوّال.
و هي شهادة رجلين عادلين برؤية الهلال،و يثبت الهلال بها شريطة أن لا تكون هناك عوامل سلبيّة تؤدّي إلى الوثوق بكذب البيّنة و وقوعها في خطأ،كما إذا ادّعى رجلان عادلان الرؤية من بين جمع غفير من
الناس،الّذين استهلّوا و لم يستطيعوا أن يروه رغم أنّهم جميعا استهلّوا في نفس الجهة الّتي استهلّ إليها الشاهدان العدلان و عدم امتيازهما عنهم في القدرة البصريّة و لا في عوامل اخرى كصفاء الجوّ و نقاء الافق و نحوهما،ففي مثل هذه الحالة يشكل الاعتماد على شهادتهما للاطمئنان بالخطإ،و كذلك إذا كان بينهما خلاف في الشهادة في موضع الهلال و وضعه الطبيعيّ و حجمه و جلاء نوره و غير ذلك.
فإنّه نافذ على الأظهر،شريطة أن تتوفّر فيه شروطه،و لا يجوز حينئذ لأيّ فرد أن ينقضه و يخالفه و إن لم يكن مقلّدا له،إلاّ إذا علم بأنّه لا يكون جامعا للشروط أو علم بخطئه في الحكم، و أمّا إذا لم يعلم بذلك فلا قيمة للاحتمال و الظنّ،و قد تسأل:أنّ المكلّف إذا كان يعرف أنّ الشهود الّذين شهدوا بالرؤية عنده ليسوا بعدول و إن كان الحاكم على ثقة بأنّهم عدول،فهل يجب عليه اتّباعه في ثبوت الهلال؟
و الجواب:نعم،يجب عليه الاتّباع ما دام لم يعلم بأنّ الشهر لم يدخل،فإنّ العلم بفسق الشهود لا يلازم العلم بكذبهم.
و لو مع ضمّ اليمين و لا بقول المنجّمين و لا بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية.
و قد تسأل:هل يمكن إثبات الهلال بالوسائل الحديثة و الطرق العلميّة إذا أكّدت خروج القمر من المحاق و ابتعاده عنه بدرجة هو قابل للرؤية بالعين المجرّدة لو لم يكن هناك عائق كالغيم أو نحوه؟
و الجواب:أنّها إذا أكّدت إلى جانب خروجه من المحاق بوجوده في الافق بصورة يمكن أن يراه الإنسان بالعين المجرّدة إذا استهلّ و لم يكن هناك مانع، فإذا أكّدت على ذلك و حصل اليقين أو الاطمئنان كفى،و يبدأ بذلك شهر قمريّ جديد.
و قد تسأل:أنّ تطويق الهلال و هو كونه ظاهرا في الافق على شكل دائرة أو كبر حجمه و جلاء نوره أو ظهوره قرابة ساعة في الافق و غيابه بعد الشفق، هل هو من الأمارات الّتي تؤكّد على أنّه ابن الليلة الثانية،و كان قد بدأ في الليلة السابقة على الرغم من عدم رؤيته في تلك الليلة؟
و الجواب:أنّ هذه الحالات الطارئة على الهلال لا تكون من الأمارات الشرعيّة على أنّه ابن الليلة الثانية.نعم،أنّها أمارة على أنّه تولّد قبل فترة طويلة كأربع و عشرين ساعة أو أكثر أو أقلّ على أساس أنّه إذا خرج من المحاق بعد زوال اليوم السابق لم يكن قابلا للرؤية في الليلة السابقة بالعين المجرّدة، و حينئذ فبطبيعة الحال يبدو في الليلة اللاحقة الّتي هي بداية الشهر القمريّ الجديد شرعا بصورة أكبر حجما و أكثر نورا و جلاء و أطول مدّة في الافق كقرابة ساعة أو أكثر،و قد يبدو مطوّقا،و هذا بخلاف ما لو خرج من المحاق قبل فترة قصيرة،فإنّه لم يظهر بهذه الكيفيّة.
و قد تسأل:أنّ رؤية الهلال قبل زوال يوم الثلاثين هل هي دليل على أنّ يوم الرؤية بداية للشهر اللاحق؟
و الجواب:أنّها دليل على ذلك.نعم،إذا رؤي الهلال بعد الزوال فلا يكون دليلا عليه بل هو من الليلة الآتية.
إذا رؤي الهلال في بلد كفى في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الافق، بحيث إذا رؤي في أحدهما رؤي في الآخر،بل الظاهر كفاية رؤية الهلال في بلد ما في ثبوته للبلدان الاخرى و إن كانت متفاوتة معه في خطوط الطول و العرض، بأن يكون الغروب في تلك البلدان قبل الغروب فيه بمدّة طويلة،بيان ذلك أنّ الشهر القمريّ تبدأ دورته الشهريّة بخروج القمر من المحاق و قد تطول هذه
الدورة تسعة و عشرين يوما و قد تطول ثلاثين يوما و هي دورة القمر حول الأرض،و بما أنّ نصفه يواجه الشمس فيكون مضيئا و نصفه الآخر لا يواجه الشمس فيكون مظلما كالأرض،غاية الأمر أنّ الأرض تدور حول الشمس و تطول دورتها سنة كاملة،و أمّا القمر فيدور حول الأرض و تطول دورته شهرا كاملا و تنتهي بدخول المحاق،و هو ما يقع على الخطّ الفرضي بين مركزى الأرض و الشمس هذا من ناحية،و من ناحية اخرى أنّ خروج القمر من المحاق طبيعيا لا يكفي شرعا في بداية الشهر القمريّ،فإنّ الشهر القمريّ لدى الشرع مرتبط بتوفّر أمرين:
أحدهما:خروج القمر من المحاق و شروعه في التحرّك و الابتعاد عن الخطّ الفرضيّ الموصل بين مركزي الشمس و الأرض،فيقابل عندئذ جزء من نصفه المضيء الأرض.
و الآخر:أن يكون ذلك الجزء المقابل للأرض قابلا للرؤية بالعين المجرّدة، و من ناحية ثالثة أنّ خروج القمر من المحاق طبيعيا و هو ابتعاده في تحرّكه عن الخطّ الموصل بين مركزي الشمس و الأرض أمر تكوينيّ لا يختلف باختلاف بقاع الأرض،فإنّه ما دام يسبح في ذلك الخطّ الفرضي بين المركزين فهو في المحاق و غائب عن أهل بقاع الأرض كلا،على أساس أنّ حجم الشمس الكبير عدّة مرّات عن حجم الأرض يمنع عن مواجهة جزء من القمر لأيّ بقعة من بقاع الأرض من أقصاها إلى أدناها،فإذا تحرّك و ابتعد عن ذلك الخطّ يسيرا خرج عن المحاق،و هذا أمر كونيّ محدّد لا يتأثّر باختلاف بقاع الأرض،فلذلك لا معنى لافتراض كون خروج القمر من المحاق أمرا نسبيّا،و بكلمة أنّ الدورة الطبيعيّة للقمر حول الأرض الّتي هي من المغرب إلى المشرق تنتهي بدخوله في
المحاق،و هو انطباق مركز القمر على الخطّ الفرضيّ بين مركزي الشمس و الأرض،و تبدأ دورته الجديدة الطبيعيّة بخروجه من المحاق أي الانطباق و لا تتأثّر ببقاع الأرض من بقعة لاخرى بل هي محدودة بداية و نهاية،فنهايتها بانطباق مركز القمر على الخطّ الفرضيّ بمعنى أنّه أثناء دورته يسبح في نقطة بين الشمس و الأرض،و في تلك النقطة بالذات يكون مواجها لجميع بقاع الأرض بوجهه المظلم تماما و مختفيا عنها وجهه المنير كاملا و بدايتها بتحرّكه عن هذه النقطة و خروجه منها،و لا معنى لافتراض النسبة فيه هذا كلّه بالنسبة إلى دورته الطبيعيّة حول الأرض الّتي تشكّل الشهر القمريّ الطبيعيّ،و أمّا الشهر القمريّ الشرعيّ فهو مرتبط مضافا إلى ذلك برؤية الهلال بالعين المجرّدة على ما نطقت به الآية الشريفة و الروايات كقوله تعالى: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» و قوله عليه السّلام«صم للرؤية و افطر للرؤية»و على هذا الأساس فبما أنّ بقاع الأرض تختلف في خطوط الطول،فإن البلدان الواقعة في النصف الشرقيّ من الكرة الأرضيّة كما تختلف عن البلدان الواقعة في النصف الغربيّ من الكرة في الشروق و الغروب بنسب متفاوتة،حيث أنّ الشمس قد تغرب في بلد بعد غروبها عن بلد آخر بدقائق قليلة أو بساعة أو ساعات،كذلك تختلف في رؤية الهلال باعتبار أنّ الهلال إذا خرج عن المحاق فكلّما ابتعد عنه زاد الجزء المضيء من القمر المواجه للأرض كمّا و كيفا إلى أن يصبح بعد ساعات ممكن الرؤية بالعين المجرّدة،كما إذا خرج القمر عن المحاق قبل الغروب بزمن قليل في بلد كباكستان مثلا،فإنّ الجزء الخارج لضالته لا يمكن رؤيته و لكنّه بعد ساعات قابل للرؤية لازدياد ذلك الجزء نورا و حجما كلّما ابتعد عن المحاق،فيمكن أن لا يرى الهلال في بلد و يرى في بلد آخر يتأخّر غروب الشمس فيه عن غروبها في البلد الأوّل بأكثر من ساعات،فالنتيجة أنّ رؤية الهلال تختلف باختلاف
البلدان الواقعة في خطوط الطول بل ربّما في العرض،فيمكن رؤية الهلال في بعضها و لا يمكن في بعضها الآخر،فلا شبهة في أنّ إمكان رؤية الهلال من بلد إلى بلد آخر معنى نسبيّ يختلف فيه بلد عن بلد و افق عن افق.
و إنّما الكلام في أنّ حلول الشهر القمريّ الشرعيّ هل هو معنى نسبيّ أيضا يختلف فيه البلدان حسب اختلاف آفاقها،و يكون لكلّ بلد و افق شهره القمريّ الخاص كطلوع الشمس الذي يختلف باختلاف البلدان و الآفاق،أو أنّه ظاهر كونيّ مطلق لا يختلف باختلاف بقاع الأرض و بلدانها و آفاقها و لا يتأثّر بذلك نهائيّا؟
و الجواب:أنّ خروج القمر من المحاق و إن كان حادثا كونيّا محددا مطلقا، و لا يتأثّر بأيّ عامل آخر،إلاّ أنّه ليس مبدأ للشهر القمريّ الشرعيّ بل هو مبدأ للشهر القمريّ الطبيعيّ،لأنّ مبدأ الأوّل مضافا إلى ذلك مرتبط شرعا برؤية ذلك الجزء الخارج من المحاق بالعين المجرّدة،و من الواضح أنّ الرؤية بالعين المجرّدة غير ممكن بصرف خروجه عن المحاق،و إنّما يمكن بعد ساعات ليزداد حجما و نورا،و الرؤية كما يمكن أن تأخذها كأمر نسبيّ تختلف باختلاف بقاع الأرض و بلدانها،يمكن أن تأخذها كأمر مطلق لا تختلف باختلافها،فعلى الأوّل يرتبط مبدأ الشهر القمريّ الشرعيّ في كلّ بلد بإمكان الرؤية في ذلك البلد بالذات،فيكون لكلّ بلد شهر قمريّ خاصّ،فيبدأ في البلاد الواقعة في الافق الغربيّ في ليلة سابقة و في البلاد الواقعة في الافق الشرقيّ في ليلة متأخّرة،فيختلف شهر تلك البلاد عن شهر هذه البلاد بيوم واحد،و على الثاني يكون مبدأ الشهر القمريّ واحدا بالنسبة إلى كلّ أهل بقاع الأرض،فإذا رؤي الهلال في بقعة من الأرض كفى لسائر البقاع،فلا بدّ إذا للتوصّل إلى معرفة ذلك من الرجوع إلى الشرع و تحقيق حال نصوص باب الرؤية لنرى هل أنّها ربطت بداية الشهر في كلّ منطقة بإمكان الرؤية في تلك المنطقة بالذات،أو ربطت بداية الشهر في كلّ
المناطق و البلدان بإمكان الرؤية في أيّ منطقة أو بلدة كانت،و الظاهر هو الثاني و ذلك لامور:
الأوّل:أنّ السكوت العام الحاكم على روايات الرؤية البالغة من الكثرة حدّ التواتر الإجماليّ الواردة في مختلف الموارد و الحالات بمختلف الألسنة عن الإشارة إلى اختلاف البلدان في الافق أو تقاربها فيه،يؤكّد أنّ بداية الشهر القمريّ الشرعيّ واحدة لجميع بقاع الأرض،و إلاّ كان اللازم الإشارة فيها إلى حدود اختلاف البلدان في الافق و عدم ثبوت الهلال في بلد إذا كان مختلفا مع بلد الرؤية في الافق،مع أنّه ليست في شيء منها الإشارة إلى ذلك لا تصريحا و لا تلويحا،و هذه قرينة تؤكّد على أنّ الشهر القمريّ الشرعيّ شهر واحد لكلّ البلدان على وجه الأرض.
الثاني:أنّ المراد من تقارب البلدتين في الافق وقوعهما في منطقة من الأرض يجعل عدم انفكاك إمكان الرؤية في أحدهما بالذات عن إمكان الرؤية في الآخر كذلك،و المراد من اختلاف البلدين في الافق وقوع كلّ منهما في منطقة من الأرض على نحو يجعل الرؤية في احدهما ممكنة و في الآخر غير ممكنة بذاتها،هذا كلّه نظريّا،و أمّا عمليّا فلا يمكن تطبيق هذه النظريّة تطبيقا كاملا على البلاد الإسلاميّة ككلّ فضلا عن تمام بقاع الأرض،لاختلافها في الافق على نحو يجعل الرؤية في بعضها ممكنة،و في الآخر غير ممكنة بل على بلد واحد كأمريكا مثلا.
الثالث:يظهر من جملة من الروايات أنّ رؤية الهلال في بقعة ما على الأرض تكفي لسائر بقاع الأرض و إن لم يمكن رؤيته فيها.
لا يجب عليه الصيام،و إذا أراد أن يصوم
فلا بدّ أن يكون بنيّة أنّه من شعبان استحبابا أو قضاء أو بنيّة أنّه إن كان من شعبان كان استحبابا و إن كان من رمضان كان واجبا و تقدّم الكلام في ذلك، و أمّا إذا لم يصم ذلك اليوم ثمّ تبيّن أنّه من رمضان،فإن كان التبيّن بعد الزوال وجب عليه قضاؤه بعد شهر رمضان و إن كان قبل الزوال فإن أفطر فكذلك،و إن لم يفطر فهل يكفي أن ينوي الصوم قبل الزوال و يصحّ و لا شيء عليه؟
و الجواب:أنّ الكفاية لا تخلو عن إشكال،بل منع لغير المسافر الّذي دخل بلدته قبل الزوال.
اعتبر كلّ شهر ثلاثين يوما،إلاّ إذا علم بالنقص،و إذا مضى ثلاثون يوما صام شهر رمضان و بعد ثلاثين يوما منه يفطر بعنوان أوّل يوم من شوّال.
فحينئذ إن كان ظانّا به عمل على طبقه و لا شيء عليه،و إن لم يكن ظانّا فوظيفته الاحتياط،ما لم يوجب العسر و الحرج،و إلاّ اقتصر في تركه بمقدار ما يدفع به العسر و الحرج دون الأكثر.
1-زمان الصبا 2-الجنون 3-الإغماء إذا اصيب به قبل أن ينوي
الصيام 4-الكفر الأصليّ 5-الشيخوخة إذا أعجزته عن الصيام أو أضرّته ضررا صحّيّا 6-ذو العطاش إذا بلغت حالته المرضيّة إلى درجة تعذّر معها الصيام عليه 7-من ترك صيام شهر رمضان لمرض و استمرّ به المرض طيلة السنة إلى إن أدركه رمضان الثاني.
و يجب عليه قضاء ما فات عنه في غير تلك الحالات،كالارتداد أو الحيض أو النفاس أو النوم أو السكر أو المرض،شريطة أن لا يستمرّ به إلى رمضان الآتي.
الاولى:أنّ النيّة في صوم شهر رمضان لا بدّ أن تكون مقارنة لطلوع الفجر،و لا يجوز تأجيلها،و إلاّ بطل الصوم،و أمّا في قضاء شهر رمضان فيجوز تأجيلها بعد طلوع الفجر،فإذا أصبح الإنسان و هو لا ينوي الصيام ثمّ وقع في نفسه قبل الزوال أن يصوم قضاء،جاز له ذلك إذا لم يكن قد مارس شيئا من المفطرات منذ الفجر،و من هنا إذا نوى المكلّف صيام قضاء شهر رمضان من الفجر ثمّ بعد ذلك تردّد في نيّته أو صمّم على الإفطار،و لكنّه إذا تراجع قبل أن يفطر مرّة اخرى إلى نيّة الصوم صحّ،إذا كان تراجعه قبل الزوال،مع أنّ التردّد في أثناء النهار في صيام شهر رمضان مبطل،فضلا عن العزم على الإفطار.
الثانية:أنّ قصد القضاء معتبر في النيّة و لو إجمالا،فلو صام من دون قصده لم يقع قضاء بل لا بدّ له من أن يقصد قضاء شهر رمضان قربة إلى اللّه تعالى،و لا يكفي أن ينوي صيام هذا النهار قربة إلى اللّه تعالى،و هذا بخلاف صيام شهر رمضان،فلا يعتبر قصده في النيّة فلو نوى صيام واقع هذا الشهر قربة إلى اللّه تعالى كفى،و إن كان غافلا عن كون هذا الشهر شهر رمضان.
الثالثة:أنّ من احتلم في نومه و أفاق بعد طلوع الفجر فلا يجوز له أن يصوم قضاء شهر رمضان،و هذا بخلاف من احتلم في ليلة شهر رمضان و أفاق بعد طلوع الفجر فإنّه يصحّ منه الصوم.
الرابعة:أنّ من يصوم قضاء شهر رمضان،يجوز له أن يبطل صيامه بتناول شيء من المفطرات قبل أن يحلّ الظهر،فإذا حلّ الظهر لم يجز،و بذلك يفترق عن صيام شهر رمضان.
و من كان أجيرا عن غيره فله أن يبطل صيامه متى شاء،سواء أ كان قبل الظهر أم بعده و لا كفّارة عليه.نعم،إذا كان في يوم أو شهر معيّن لم يجز له إبطال صيامه في ذلك اليوم أو في ذلك الشهر.
و أمّا ما أتى به على وفق مذهبه فلا يجب عليه قضاؤه،و كذلك لا يجب عليه القضاء إذا أتى به على وفق مذهب الحقّ صحيحا و إن كان باطلا على مذهبه،شريطة أن يتمشّى منه قصد القربة إذا كان ملتفتا.
و إذا شكّ في عدد الفائت بنى على الأقل.
و إن فاتته أيّام من شهر واحد لا يجب عليه التعيين،و لا الترتيب،و إذا كان عليه قضاء من رمضان سابق و من لاحق لم يجب التعيين و لا يجب الترتيب،فيجوز قضاء اللاحق قبل السابق،و يجوز العكس،إلاّ أنّه إذا تضيّق وقت اللاحق بمجيء رمضان الثالث فالأحوط استحبابا قضاء اللاحق،و إن نوى السابق حينئذ صحّ صومه، و وجبت عليه الفدية.
فله تقديم أيّهما شاء.
و كذا إذا فات بحيض أو نفاس ماتت فيه أو بعد ما طهرت قبل مضيّ زمان يمكن القضاء فيه.
الاولى:أن يفوته بمرض و استمرّ به المرض طيلة السنة إلى أن أدرك رمضان الثاني،ففي هذه الصورة يسقط عنه القضاء و يجب عليه التصدق عن كل يوم بمدّ من الطّعام.
الثانية:أن يفوته عنه لعذر غير المرض كالسفر أو نحوه،و لكنّ الموجب لتأخير القضاء بعد شهر رمضان إلى رمضان الآتي هو المرض،كما إذا مرض بعد رمضان و استمرّ به المرض طيلة السنة،ففي هذه الصورة هل عليه القضاء أو الفدية؟
و الجواب:الأقرب أنّ عليه الفدية دون القضاء،و إن كان الأحوط و الأجدر به أن يجمع بينها و بين القضاء.
الثالثة:أن يفوت عنه لمرض و لكنّ الموجب لتأخير القضاء طيلة المدّة إلى رمضان الثاني عذر آخر كالسفر أو نحوه،ففي هذه الصورة يجب عليه القضاء دون الفدية و إن كان الأحوط استحبابا أن يجمع بينهما.
أخّر القضاء و لم يأت به طوال السنة إلى أن أدرك رمضان الثاني فهاهنا صور:
الاولى:أنّه إذا ترك القضاء طيلة السنة إلى أن أدرك رمضان الآتي عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعيّ و عازما مصمّما على التأخير،ففي هذه الصورة عليه الفدية مضافا إلى القضاء،بلا فرق بين أن يكون فوت شهر رمضان منه عن عذر أو عمد.
الثانية:أنّه لم يكن عازما و مصمّما على تأخير القضاء و تركه طيلة السنة، و لكنّه كان متسامحا و متماهلا فيه،بمعنى أنّه لم يكن في نفسه دافع قويّ لإرادة الفعل،فأخّر شهرا بعد شهر إلى أن أدرك رمضان الثاني،ففي هذه الصورة أيضا عليه الفدية مضافا إلى القضاء.
الثالثة:أنّه يكون عازما و مصمّما على الإتيان بالقضاء قبل أن يدرك رمضان الثاني،و لكن اتّفاقا طرأ عليه العذر و منع عن الإتيان به،فهل عليه الفدية في هذه الصورة أيضا مضافا إلى القضاء؟
و الجواب:أنّ عليه الفدية أيضا على الأظهر إضافة إلى القضاء.
و هكذا إن استمرّ إلى أربعة رمضانات،فتجب مرّة ثالثة للثالث،و هكذا و لا تتكرّر الكفّارة للشهر الواحد.
شريطة أن لا تزيد عن مئونة سنته.
و لا فدية العيال على المعيل،و لا فدية واجب النفقة على المنفق.
و كذا الحكم في الكفّارات.
و لا يجوز في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال،إذا كان القضاء من نفسه،و إذا أفطر، فهل عليه كفّارة؟
و الجواب:نعم على الأحوط،إمّا قبل الزوال فيجوز،و إمّا الواجب الموسّع غير قضاء شهر رمضان فالظاهر جواز الإفطار فيه مطلقا،و إن كان الأحوط استحبابا ترك الإفطار بعد الزوال.
من مرض أو سفر أو نحوهما،بل الأقوى وجوب قضاء جميع ما فات عنه،و إن كان عن عمد أو أتى به فاسدا، و الأظهر إلحاق الامّ بالأب في ذلك أيضا.نعم،ما لا يجب على الأب أو الامّ قضاؤه من الفوائت لا يجب قضاؤه عنه على وليّه،و إذا تساوى اثنان من أولاده في السنّ كان القضاء عليهما بنحو الوجوب الكفائيّ،فإن أدّى أحدهما سقط عن الآخر و إلاّ كانا آثمين معا،و إن أدّى أحدهما قسما و أدّى الآخر قسما آخر تحقّق المطلوب أيضا نظير ما تقدّم في قضاء الصلاة.
و يكفي في حصوله صوم الشهر الأوّل،و يوم من الشهر الثاني متتابعا.
كالسفر الّذي اضطرّ إليه أو الحيض أو النفاس أو المرض بنى على ما مضى من الصيام عند ارتفاع العذر،و إن كان العذر بفعل المكلّف كالسفر إذا كان مضطرّا إليه،أمّا إذا لم يكن عن اضطرار وجب الاستئناف،و من العذر ما إذا نسي النيّة إلى ما بعد الزوال،أو نسي فنوى صوما آخر و لم يتذكّر إلاّ بعد الزوال،و منه ما إذا نذر
قبل تعلّق الكفّارة صوم كلّ خميس،فإنّ تخلّله في الأثناء لا يضرّ في التتابع،بل يحسب من الكفّارة أيضا إذا تعلّق النذر بصوم يوم الخميس على الإطلاق،و لا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال.
إلاّ أن يقصد تتابع جميع أيّامها.
لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم أنّه لا يكمل لتخلّل عيد أو نحوه،إلاّ في كفّارة القتل في الأشهر الحرم،فإنّه يجب على القاتل أن يصوم شهرين متتابعين من تلك الأشهر حتّى يوم العيد و أيّام التشريق،و صيام الأيّام الثلاثة من عشرة أيّام في الجمع تعويضا عن الهدي فيه،فإنّه لا بدّ أن يكون بنحو التتابع بأن يصوم يوما قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة،و إن لم يمكن ذلك يصوم الأيّام الثلاثة جميعا بعد أيّام التشريق أمّا في مكّة أو في الطريق أو في بلدته،و لا يكفي صوم يوم التروية و يوم عرفة و يوما آخر بعد العيد.و قد تسأل:هل المراد من الشهر الشهر الهلاليّ أو الأعمّ منه و من ثلاثين يوما لكي يكفي التلفيق أيضا؟
و الجواب:أنّ المراد منه خصوص الشهر الهلاليّ،فالواجب على القاتل في الأشهر الحرم صوم شهرين هلاليّين متتابعين من تلك الأشهر.
الجواب:أنّه تابع لقصد الناذر.
فالأحوط الأولى التتابع في قضائه أيضا.
و هو مستحبّ في كلّ الأيّام عدا ما يجب فيه الصيام كأيّام شهر رمضان أو يحرم كما سوف نشير إليه،و قد ورد أنّه جنّة من النار،و زكاة الأبدان،و به يدخل العبد الجنّة،و إنّ نوم الصائم عبادة،و نفسه و صمته تسبيح،و عمله متقبّل،و دعاؤه مستجاب،و خلوق فمه عند اللّه تعالى أطيب من رائحة المسك،و تدعو له الملائكة حتّى يفطر،و له فرحتان فرحة عند الإفطار،و فرحة حين يلقى اللّه تعالى.و أفراده كثيرة و المؤكّد منه صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر،و الأفضل في كيفيّتها أوّل خميس من الشهر، و آخر خميس منه،و أوّل أربعاء من العشر الأواسط و يوم الغدير،فإنّه يعدل مائة حجّة و مائة عمرة مبرورات متقبّلات،و يوم مولد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يوم بعثه، و يوم دحو الأرض،و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة،و يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشكّ في الهلال،و يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجّة،و تمام رجب و تمام شعبان،و بعض كلّ منهما على اختلاف الأبعاض في مراتب الفضل،و يوم النوروز،و أوّل يوم محرّم و ثالثه و سابعه، و كلّ خميس و كلّ جمعة إذا لم يصادفا عيدا،ثمّ إنّ استحباب الصيام على الشخص منوط بتوفّر شروط:
الأوّل:أن لا يكون مريضا أو لا يسبّب له الصيام مرضا.
الثاني:أن لا يكون مسافرا،و يستثنى من ذلك صيام الأيّام الثلاثة في المدينة المنوّرة لقضاء الحاجة،و هي يوم الأربعاء و الخميس و الجمعة.
الثالث:النقاء من الحيض أو النفاس.
الرابع:أن لا يكون على المكلّف صوم واجب على نفسه كقضاء شهر رمضان و صوم الكفّارة و التعويض و نحوهما،و أمّا ما كان واجبا بالنذر،فهو لا يمنع عن الصيام المستحبّ.
منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء،و الصوم فيه مع الشكّ في الهلال،بحيث يحتمل كونه عيد أضحى،و صوم الضيف نافلة بدون إذن مضيّفه،و الولد من غير إذن والده.
و يوم الشكّ على أنّه من شهر رمضان،و نذر المعصية بأن ينذر الصوم على تقدير فعل الحرام شكرا،أمّا زجرا فلا بأس به، و صوم الوصال،و لا بأس بتأخير الإفطار و لو إلى الليلة الثانية،إذا لم يكن عن نيّة الصوم،و الأحوط لزوما عدم صوم المملوك تطوّعا من دون إذن السيّد، و الأقوى في الزوجة الجواز إذا لم يمنع عن حقّ زوجها،و إن كان الأحوط استحبابا الترك،و لا يترك الاحتياط بتركها الصوم إذا نهاها زوجها عنه.
و الحمد للّه ربّ العالمين
و هو اللبث في المسجد و المكث فيه بقصد التقرّب إلى اللّه تعالى و يكون عبادة بذاته،فإن انضمّ إليه مزيد من الدعاء و الصلاة و قراءة القرآن كان نورا على نور،و يصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم و الأفضل شهر رمضان،و أفضله العشر الأواخر.
كما في غيره من العبادات،و تجب مقارنتها لأوّله بمعنى وجوب إيقاعه من أوّله إلى آخره عن النيّة،و حينئذ يشكل الاكتفاء بتبييت النيّة،بأن يذهب إلى المسجد ليلا و ينوي أن يبدأ الاعتكاف من بداية نهار غد و ينام و يصبح معتكفا،و عليه فإمّا أن ينوي الاعتكاف عند طلوع الفجر بعد الاستيقاظ من النوم أو من الليل ثمّ ينام.
و لا من نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر،و لا من نيابة عن غيره إلى نفسه و بالعكس.
فلا يصحّ بدونه و لا فرق في الصوم بين أن يكون صيام قضاء شهر رمضان أو صيام كفّارة أو صياما مستحبّا إذا توفّرت له الشروط، بأن لا يكون عليه صوم واجب،فلو كان المكلّف ممّن لا يصحّ منه الصوم لسفر أو غيره،لم يصح منه الاعتكاف.
فلا يصحّ أقلّ من ثلاثة أيّام،و يصحّ الأزيد منها و إن كان يوما أو بعضه،أو ليلة أو بعضها،و يدخل فيه الليلتان المتوسّطتان دون الاولى و الرابعة،و إن جاز إدخالهما بالنيّة،فلو نذره كان أقلّ ما يمتثل به ثلاثة.
و لو نذره أقلّ لم ينعقد،و كذا لو نذره ثلاثة معيّنة،فاتّفق أنّ الثالث عيد لم ينعقد، و لو نذر اعتكاف خمسة فإن نواها بشرط لا،من جهة الزيادة و النقصان بطل، و إن نواها بشرط لا،من جهة الزيادة،و لا بشرط من جهة النقصان،وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيّام،و إن نواها بشرط لا من جهة النقيصة،و لا بشرط من جهة الزيادة،ضمّ إليها السادس،أفرد اليومين أو ضمّهما إلى الثلاثة.
مسجد الحرام،و مسجد المدينة،و مسجد الكوفة،و مسجد البصرة،أو في المسجد الجامع في البلد، و الأحوط استحبابا-مع الإمكان-الاقتصار على الأربعة.
و لا يجوز توزيعه بين مسجدين و إن تقاربا،و حينئذ فإن كان الاعتكاف واجبا بالنذر أو نحوه،فعليه أن يعتكف من جديد في مسجد آخر أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع إذا كان نذره مطلقا،و إن كان معيّنا قضاه على الأحوط،و إن لم يكن واجبا فلا شيء عليه إذا فسد اعتكافه قبل مضيّ نهارين.نعم،إذا فسد بعد مضيّهما فالأحوط إعادته.
كبيت الطشت في مسجد الكوفة،و كذا منبره و محرابه،و الإضافات الملحقة به.
و يجوز له التنقّل في كلّ زاوية من زواياه.
و في صحّة اعتكاف الزوجة إذن زوجها إذا كان منافيا لحقّه لا مطلقا،و أمّا إذن الوالدين فهل هو معتبر في صحّة اعتكاف ولدهما إذا كان اعتكافه موجبا لايذائهما شفقة عليه، فالظاهر عدم اعتباره و إن كان الأحوط له في هذه الحالة الترك.
فإذا خرج لغير الأسباب المسوّغة للخروج بطل،من غير فرق بين العالم بالحكم و الجاهل،و لا يبعد البطلان في الخروج نسيانا أيضا.
تتمثّل موارد جواز خروج المعتكف من المسجد في الحالات التالية:
1-أن يخرج لغسل الجنابة،شريطة أن لا يتمكّن فيه أو بزمن أقلّ من زمن خروجه من المسجد أو المساوي له،و إلاّ لم يجز.
2-أن يخرج لغير غسل الجنابة من الأغسال الواجبة،كغسل الاستحاضة و مسّ الميّت أو المستحبّة كغسل الجمعة أو نحوها أو لتطهير بدنه أو ثوبه،إذا لم يمكن في المسجد أو لضرورة اخرى كالبول و الغائط.
3-أن يخرج لحضور صلاة الجمعة إذا أقيمت في غير المسجد مع توفّر شروطها.
4-أن يخرج لقضاء حاجته أو حاجة مؤمن أو لعلاج مرض داهمة أو نحو ذلك.
5-أن يخرج لتشييع جنازة مؤمن،و ما يرجع إليه من الصلاة عليه و دفنه و كفنه.
6-أن يخرج لعيادة مريض أو معالجته.
7-أن يخرج مكرها عليه.
8-أن يخرج لإقامة الشهادة إذا دعت الضرورة،بل لكلّ ما تقتضيه الضرورة العرفيّة أو الشرعيّة،و أمّا إذا خرج من دون شيء من ذلك عالما أو جاهلا،بأنّ ذلك يبطل اعتكافه أو ناسيا لاعتكافه،فعليه أن يعتبر اعتكافه ملغّيا و باطلا.
كما أنّه إذا خرج لضرورة شرعيّة أو عرفيّة،و ظلّ في الخارج مشغولا بفترة زمنيّة طويلة تمحو بها صورة الاعتكاف،بطل و أصبح لاغيا،و الأظهر أن يراعي أقرب الطرق إلى المسجد إذا خرج لضرورة.
فالظاهر عدم جواز الخروج لأجله،إذا كان الحدث ممّا لا يمنع من المكث في المسجد كمسّ الميّت و الاستحاضة أو غسل الجمعة بل الجنابة،إذا لم يكن زمن الغسل أكثر من زمن خروج الجنب من المسجد.
الاعتكاف في نفسه عبادة مستحبّة،و قد يجب بالنذر و شبهه،و حينئذ فإن نذر الاعتكاف في أيّام معيّنة،وجب عليه أن يواصل اعتكافه،و لا يجوز له أن يهدمه،و أمّا إذا كان قد نذر أن يعتكف من دون أن يحدّد أيّاما معيّنة،فله إذا شرع في الاعتكاف أن يهدمه مؤجّلا إلى وقت آخر،شريطة أن لا يمضي عليه يومان من أيّام الاعتكاف،و إلاّ فعليه أن يواصل اعتكافه و يكمله،و لا يجوز له أن يهدمه و إن كان قد بدأه مستحبّا إلاّ في حالة واحدة،و هي ما إذا شرط
بينه و بين ربّه حين ما نوى الاعتكاف أن يرجع فيه و يهدمه متى شاء أو عند عروض عارض،ففي هذه الحالة يجوز له أن يهدم اعتكافه وفقا لشرطه حتّى في اليوم الثالث،ثمّ إنّ هذا الشرط إنّما يكون نافذا إذا كان مقارنا مع نيّة الاعتكاف و إلاّ فلا أثر له.
و إن لم يكن هناك عارض.
فالظاهر عدم سقوط حكمه.
ففي جواز الرجوع و الهدم إذا لم يشترط في ضمن نيّة الاعتكاف إشكال، و الأظهر جوازه،لأنّه شرط مقارن للنيّة.
و إن سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه و جلس فيه،ففي البطلان تأمّل،و الأظهر عدم البطلان.
و الأحوط استحبابا ترك النساء لمسا أو تقبيلا بشهوة،و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.
و هو إنزال المنيّ باليد أو بآلة على الأحوط.
و لا أثر له إذا كان فاقدا لحاسّة الشمّ،كما أنّه لا بأس به إذا لم يكن قاصدا به التلذّذ.
بل مطلق التجارة على الأظهر، و لا بأس بالاشتغال بالامور الدنيويّة من المباحات،حتّى الخياطة و النساجة و نحوهما،و إن كان الأحوط-استحبابا-الاجتناب،و إذا اضطرّ إلى البيع و الشراء لأجل الأكل أو الشرب،ممّا تمسّ حاجة المعتكف به و لم يمكن التوكيل و النقل بغيرهما،فعله.
و نقصد بها المجادلة و المنازعة في أمر دينيّ أو دنيويّ بداعي إثبات الغلبة و إظهار الفضيلة حبّا بالظهور و الغلبة على الآخرين،و إن كانت وجهة نظره صحيحة بذاتها.نعم،لا مانع منها إذا كانت بداعي إظهار الحقّ و ردّ الخصم عن الخطأ،فإنّه من أفضل العبادات،و المدار على القصد.
و إن كان الأقوى خلافه،و لا سيّما في لبس المخيط و إزالة الشعر،و أكل الصيد،و عقد النكاح،فإن جميعها جائز له.
من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار،و في حرمتها تكليفا إذا لم يكن واجبا معيّنا بالنذر أو بمضيّ يومين منه إشكال،و الأحوط وجوبا الترك.
فإن كان واجبا معيّنا
وجب قضاؤه على-الأحوط وجوبا-و إن كان غير معيّن وجب استئنافه من جديد،و كذا يجب القضاء على-الأحوط لزوما-إذا كان مندوبا،و كان الإفساد بعد يومين،أمّا إذا كان قبلهما فلا شيء عليه.
و لكن بيعه و شراؤه و كذلك تجارته لم يبطل.
وجبت الكفّارة،و الأقوى عدم وجوبها بالإفساد بغير الجماع،و هل كفّارته ككفّارة صوم شهر رمضان أو ككفّارة الظهار؟
و الجواب:أنّ الأحوط وجوبا أن يكفّر على نحو الترتيب ككفّارة الظهار، و إذا كان الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع نهارا وجبت كفّارتان، إحداهما لإفطار شهر رمضان و الاخرى لإفساد الاعتكاف،و كذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال،و إن كان الاعتكاف المذكور منذورا وجبت كفّارة ثالثة لمخالفة النذر،و إذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها،وجبت كفّارة رابعة عنها على الأحوط الأولى.
و الحمد للّه ربّ العالمين