آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۲
جلد
2
منهاج الصالحین – جلد ۲
جلد
2
إلا أن يعلم أنها موطوءة وطئا محترما،و لا في الصغيرة و لا في اليائسة و لا في الحائض حال البيع.نعم،لا يجوز وطؤها حال الحيض.
نعم،لا يجوز وطؤها في القبل إلا بعد مضي أربعة أشهر و عشرة أيام من زمان حملها،فإن وطأها و قد استبان حملها عزل استحبابا،فإن لم يعزل فالأحوط-لو لم يكن اقوى-عدم جواز بيع الولد، بل وجب عتقه و جعل شيء له من ماله يعيش به.
و لو بسبب غير البيع،و كذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء،يثبت لكل من تنتقل إليه الأمة بسبب و إن كان إرثا أو استرقاقا أو نحوهما،فلا يجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء.
و لا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه و جلده إذا لم يكن مما يطلب لحمه،بل كان المقصود منه الإبقاء للركوب أو الحمل أو نحوهما.
جاز شراء بعض معين منه، لكن لو لم يذبح لمانع-كما إذا كان في ذبحه ضرر مالي-كان المشتري شريكا بنسبة الجزء،و كذا لو باع الحيوان و استثنى الرأس و الجلد،و أما إذا اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد،فإنه يكون شريكا بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد.
صح و يثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق،و يكون على كل واحد منهما نصف الثمن،و لو
قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليهما.
فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه،و إلا كان متبرعا و ليس له الرجوع عليه به.
كان للمالك انتزاعها منه و له على المشتري عشر قيمتها إن كانت بكرا و نصف العشر إن كانت ثيبا،و لو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حيا،و يرجع المشتري على البائع بما اغترمه للمالك إن كان جاهلا.
و كذا لو ملكه غيره أو حاز لنفسه شيئا إذا كان بإذن المولى،و لا ينفذ تصرفه-فيما ملكه -بدون إذن مولاه.
فإن اقترن العقدان و كان شراؤهما لأنفسهما بطلا،و إن كان شراؤهما للسيدين فالأقوى الصحة،و إن ترتبا صح السابق،و أما اللاحق فهو باطل إن كان الشراء لنفسه،و إن كان الشراء لسيده صح إذا كان إذنه بالشراء مطلقا،و أما إذا كان مقيدا بعبديته،فصحته تتوقف على إجازته.
فإن حملت قومت عليه و انعقد الولد حرا،و عليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه حيا،بل يحتمل عليه بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.
و الصدقة عنه بأربعة دراهم و لا يريه ثمنه في الميزان.
أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم.
و هي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر،و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة غير النكاح و الضمان،و في جريانها في الصدقة إشكال،و تقع بكل لفظ يدل على المراد و إن لم يكن عربيا،بل تقع بالفعل كما تقع بالقول،فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخا و إقالة،و وجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.
فلو أقال كذلك بطلت،و بقي كل من العوضين على ملك مالكه.
بأن قال له:
أقلني و لك هذا المال،أو أقلني و لك علي كذا-نظير الجعالة-فالأظهر الصحة.
كما لو قال للمستقيل:
أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح.
و الظاهر العدم.نعم،تجوز الاستقالة من الوارث و الإقالة من الطرف الآخر.
و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة،و إذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما و الطرف الآخر بالنسبة إلى حصته،و لا يشترط رضا الآخر.
فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول،فإن كان موجودا أخذه،و إن كان تالفا رجع بمثله إن كان مثليا و بقيمته يوم الفسخ إن كان قيميا.
و تلف البعض-كتلف الكل-يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.
و فيه فصول:
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع،و يسمى هذا الحق بالشفعة.
كالأراضي و الدور و البساتين بلا إشكال،و هل تثبت فيما ينقل كالآلات و الثياب و نحوهما أو لا؟
و الجواب:الأظهر الثبوت،و كذلك فيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة،كالضيقة
من الأنهار و الطرق و الآبار و غيرها،و أما ثبوتها في السفينة و النهر و الطريق و الحمام و الرحى فهو لا يخلو عن إشكال.نعم،تثبت الشفعة في المملوك المشترك للشريك إذا باع الشريك الآخر حصته منه،و أما في مطلق الحيوان فالأظهر عدم ثبوتها.
فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة.
فبيعت أحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق، تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخرى سواء أ كانت الداران قبل ذلك مشتركتين و قسمتا أم لم تكونا كذلك.
فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة للباقين.
لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق.
و الجواب:الظاهر أنها تثبت.
أو يعم غيرها من الاملاك المفروزة المشتركة في الطريق،كالدكاكين و الخانات و الأراضي
المزروعة و غيرها؟
و الجواب:الظاهر عدم اختصاصه بالدار.
فإذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر،فبيعت أحدهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر،كان لصاحب الدار الاخرى الشفعة في الدار أيضا،و فيه إشكال بل منع.
فلا شفعة بالجوار،فلو باع أحد داره أو عقاره ليس لجاره حق الشفعة،و كذلك لا شفعة في العين المقسومة إذا باع أحد الشريكين حصته المفروزة،و من هنا إذا بيع المقسوم منضما إلى حصة من المشاع صفقة واحدة،كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه،و ليس له الأخذ بها في المقسوم.
فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك،و أما في المساكن و الأرضين فهل تختص الشفعة فيهما بالبيع أو تعم غيره أيضا،كالهبة المعوضة و الصلح و غيرهما؟
و الجواب:أن العموم لا يخلو عن إشكال و لا يبعد اختصاصها بالبيع.
فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى و إن كان الموقوف عليه واحدا.
ففي ثبوت الشفعة للشريك
قولان:أقربهما ذلك.
فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة، و إذا باعوا جميعا إلا واحدا منهم،ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.نعم،تثبت الشفعة في الطريق المشترك إلى الدور،و إن كان مشتركا بين أكثر من اثنين كما مرّ.
ثبتت الشفعة للآخر.
فإذا كان المشتري مسلما فلا شفعة للكافر عليه و إن اشترى من كافر،و تثبت للمسلم على الكافر و للكافر على مثله.
فلا تثبت للعاجز عنه و إن بذل الرهن أو وجد له ضامن،إلا أن يرضى المشتري بذلك.نعم، إذا ادعى غيبة الثمن اجل ثلاثة أيام،و إذا ادعى أن الثمن في بلد آخر،فلينتظر به مقدار ما سافر الرجل إلى تلك البلدة و ينصرف بزيادة ثلاثة أيام،فإن لم يحضر الثمن في هذه المدة،فلا شفعة له،كما أن مبدأ الثلاثة زمان الأخذ بالشفعة و مطالبتها لا زمان البيع.
بحيث يكون التأجيل إلى المقدار الزائد مستندا إلى تسامحه و تماهله،فالظاهر سقوط الشفعة.
و الجواب:نعم له الأخذ بها و إن كانت الغيبة طويلة.
جاز لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.
بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح،و كذا الصبي على الأقوى.
أو استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.
لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد و العقل،أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم،فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد.
جاز له أن يأخذ بالشفعة على الأقوى.
و كذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكا مع الموكل.
و يكون بالقول مثل أن يقول:أخذت المبيع المذكور بثمنه،و بالفعل مثل أن يدفع الثمن و يستقل بالمبيع.
بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع.
سواء كانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة.
-بأن يأخذ المبيع بقيمته- وجهان،لا يخلو أولهما عن وجه.
لم يلزم الشفيع تداركه.
لم تكن للشفيع تنقيصه.
فيسقط مع المماطلة و التأخير بلا عذر،و لا يسقط إذا كان التأخير عن عذر،كجهله بالبيع أو جهله
باستحقاق الشفعة،أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا،أو كون المشتري زيدا فبان عمرا،أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس،أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس،أو أن المبيع النصف بمائة،فتبين أنه الربع بخمسين،أو كون الثمن ذهبا فبان فضة،أو لكونه محبوسا ظلما أو بحق يعجز عن أدائه،و كذا أمثال ذلك من الأعذار.
فإذا كان مشغولا بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.
و لا يجب عليه الإسراع في المشي.
أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره،و قضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع و هو في الحمام،و أمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله.نعم،يشكل مثل عيادة المريض و تشييع المؤمن و نحو ذلك إذا لم يكن تركه موجبا للطعن فيه، و كذا الاشتغال بالنوافل ابتداء،و الأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة و المسامحة عرفا.
و كان يتمكن من الأخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر إليه،سقطت الشفعة.
و لا يكفي قول الشفيع:أخذت بالشفعة في انتقال المبيع إليه،فإذا قال ذلك و هرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري،لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك
الشفيع،و بالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.
بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول،فيبطل الثاني و تجزي الإجازة منه في صحته له،و له الأخذ من المشتري الثاني بثمنه،فيصح البيع الأول.
و يصح مع إجازته،و إن أخذ باللاحق صح السابق،و إن أخذ بالمتوسط صح ما قبله و بطل ما بعده،و يصح مع إجازته.
أو بجعله صداقا أو غير ذلك مما لا شفعة فيه،كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع،فتبطل التصرفات اللاحقة له.
و يجوز تعويض المال بإزاء إسقاطها و بإزاء عدم الأخذ بها،لكن على الأول لا يسقط إلا بالإسقاط، فإذا لم يسقطه و أخذ بالشفعة صح و كان آثما،و معطي العوض مخير بين الفسخ و مطالبة العوض،و أن يطالبه باجرة المثل للإسقاط،و الظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضا.و يصح الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك.
فالظاهر سقوطها خصوصا إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.
فإذا
أخذ بها و كان جاهلا به لم يصح،لكن الصحة لا تخلو من وجه.
سقطت.
و جاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.
فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.
فيما إذا كان التلف بعد المطالبة و مسامحة المشتري في الإقباض،و إلا فلا يكون ضامنا، و حينئذ فإذا أراد الشفيع ان يأخذ بالشفعة يأخذ بالباقي بتمام الثمن و لا ينقص منه ما قابل التالف من المبيع.
و الجواب:أن ذلك غير بعيد،و على هذا فبما أنه ينتقل إلى مجموع الورثة، فلا يحق لأي واحد منهم أن يأخذ به من دون موافقة الآخرين.
و كذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري،إلا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بذلك بعد البيع.
جاز الشراء منه و التصرف فيه،و هل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع أو لا؟
و الجواب:أنه إن كان واثقا و مطمئنا بصدقه في دعوى الوكالة عنه فله
الأخذ بالشفعة،و إلا فليس له ذلك،و حينئذ فإذا حضر الشريك الغائب و صدق مدعي الوكالة،فإن كان قد أخذ الشريك الحاضر بالشفعة فهو،و إلا فله الأخذ بها فعلا،و أما إذا حضر الغائب فإن أنكر وكالته كان القول قوله بيمينه،فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع إذا كان اخذا بها،و كان عليه الاجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة بل مطلقا،فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة إذا كان التفويت مستندا إليه.
و الظاهر جواز إلزامه بالكفيل،و يجوز أيضا الأخذ بالثمن حالا إن رضي المشتري به،أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.
فإذا تقايلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة فينكشف بطلان الإقالة،فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري و نماء الثمن للبائع،كما كان الحال قبلها كذلك.
لكن البائع إذا فسخ يرجع المبيع إليه،و حينئذ فيسقط حق الشفعة بسقوط موضوعه،بل الظاهر ثبوت سائر الخيارات أيضا،و مع الفسخ يرجع المبيع إلى البائع و تنتفي الخيارات بانتفاء موضوعها.
فإذا أخذ الشفيع بالشفعة،فإن كان عالما به فلا شيء له،و إن كان جاهلا كان له الخيار في الرد و ليس له اختيار الأرش،و إذا كان المشتري جاهلا كان له الأرش و لا خيار له في الرد،على أساس أن المبيع انتقل إلى الشفيع،و إذا أخذه الشفيع بالشفعة كان له الرد،فإن لم يمكن الرد لم يبعد رجوعه على المشتري
بالأرش حتى إذا كان قد أسقطه عن البائع.
فالظاهر أن له أخذ الأرش و عليه دفعه إلى الشفيع،و إذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري،فليس له مطالبة البائع بالأرش،و لا يبعد جواز مطالبة المشتري به إن لم يمكن الرد.
و فيه فصول:
و هي المعاوضة على المنفعة عملا كانت أو غيره،فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة و البنّاء للبناء و الطبيب للطبابة و هكذا،و الثاني مثل إجارة الدار و الدكان و الأرض و غيرها.
فالإيجاب مثل قول الخياط:
آجرتك نفسي،و قول صاحب الدار:آجرتك داري،و القبول مثل قول المستأجر:قبلت،و يجوز وقوع الإيجاب من المستأجر،مثل:استأجرتك لتخيط ثوبي و استأجرت دارك،فيقول المؤجر:قبلت و هكذا،بل يكفي فيهما كل لفظ يدل على ذلك،و يجوز أن يكون الإيجاب بالقول و القبول بالفعل و بالعكس، و تجري فيها المعاطاة أيضا كما في سائر المعاملات.
و لا إشكال في اعتباره فيهما سواء أ كانا بالأصالة أم كانا
بالوكالة.
و هو معتبر فيهما إذا كانا بالأصالة دون ما إذا كانا بالوكالة، إذ لا مانع من نفوذ تصرف الصبي المميز العاقل في مال غيره وكالة كالبيع و الشراء و نحوهما.
و هو معتبر فيهما،فإن العاقد إذا أكره على بيع ماله أو إجارة داره أو على شراء شيء له كان العقد باطلا.نعم،لو أكره شخص غيره على بيع ماله مثلا فباع صح،و لا يكون إكراهه على بيع مال غيره مانعا عن صحته.
و هو شرط في صحة تصرف الشخص في ماله من البيع أو الإجارة أو نحوها،و لا يكون شرطا في صحة تصرفه في مال غيره وكالة.
و هو أيضا كذلك،فإنه محجور من التصرف في ماله دون مال غيره وكالة.
و هو معتبر في تصرفه في ماله بناء على أنه يملك كما هو الصحيح،و لا يعتبر في تصرفه في مال غيره إذا كان مأذونا و وكيلا عنه.
و هذا و إن كان مشهورا بين الأصحاب،إلا أن اعتباره في صحة العقد منه الإجارة لا يخلو عن إشكال بل منع؛إذ لا دليل على أن البيع الغرري الذي هو مورد النبوي المعروف باطل فضلا عن غيره كالإجارة أو نحوها،على أساس أن النبوي لا يصلح أن يكون دليلا.نعم،الغرر في عقد البيع أو الإجارة يوجب الخيار للمغبون لا بطلان العقد،و مع ذلك فالاحتياط في محله،و عليه فإن كانت الاجرة من المكيل أو
الموزون أو المعدود تعرف بالكيل أو الوزن أو العد،و إذا كانت من غيره،فأما أن يعرف بالمشاهدة أو بالوصف أو بغير ذلك مما ترتفع به الجهالة.
كما في إجارة السيارة-مثلا-إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة،فإن المنفعة حينئذ أمر عادي متعارف،و لا بأس بالجهل بمقدارها و لا بمقدار زمان السير.و في غير ذلك يعتبر العلم بالمقدار حتى لا تكون الإجارة غررية،و هو إما بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهرا،أو المساحة مثل ركوب الدابة فرسخا أو فرسخين،أو من البلد الفلاني إلى البلد الفلاني،أو يوما أو يومين أو نحو ذلك،و أما بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله و عرضه و رقته و غلظته،أو خياطة يوم أو يومين أو أكثر،و لا بدّ من تعيين الزمان في الأولين،فإذا استأجر الدار للسكنى سنة و الدابة للركوب شهرا مطلقا من دون تعيين الزمان أصلا بطلت الإجارة،إلا أن تكون هناك قرينة على التعيين،و لو إطلاق العقد الذي يقتضي التعجيل حالا.
فإن الواجب على الأجير في هذه الحالة الإتيان بالعمل المستأجر عليه في فترة متعارفة،على نحو لا يصدق أنه تسامح و تماهل في إنجاز العمل.
فلا تصح إجارة العبد الآبق و إن ضمت إليه ضميمة على الأقوى.
فلا تصح إجارة الأرض التي لا ماء لها للزراعة.
فلا تصح إجارة الخبز للأكل.
فلا تصح إجارة المساكن لإحراز المحرمات كالخمر و نحوها،أو الدكاكين و المحلات لبيعها،أو الدابة لحملها،و لا إجارة الجارية للغناء.
فلا تصح إجارة الحائض و الجنب للمكث و التواجد في المسجد،و لا للاجتياز عن المسجدين الحرمين.
و إذا آجر مال نفسه و كان محجورا عليه لسفه أو رق توقفت صحتها على إجازة الولي،و إذا كان مكرها توقفت على الرضا بالعقد.
و الجواب:الأظهر عدم الصحة.
و الجواب:أنه غير لازم،لأن عقد الإجارة في كلا الموردين منصرف إلى ما هو المتعارف و المعتاد بين الناس،و أما الجهل بالزيادة أو النقيصة في الحمل بمقدار لا يعتد به،فلا يضر و لا يوجب غررية الإجارة،كما أن الجهل بأن الراكب رجل أو امرأة سمين أو ضعيف لا يضر،و من هنا لا يوجب اختلاف الراكب أو الحمل غالبا اختلافا في المالية.نعم،قد يوجب اختلاف الحمل اختلافا فيها لدى
الناس،فعندئذ يلزم التعيين حتى لا تكون الإجارة غررية،و كذلك إذا استأجر دابة لحرث جريب من الأرض،فإنه لا يلزم تعيين الأرض إلا إذا كان اختلاف الأرض في ذلك موجبا لاختلاف الاجرة،فإن الأرض إذا كانت سهلة كان حرثها أسهل بمراتب من حرث الأرض الصلبة،فلذلك تختلف الاجرة باختلافها.
و الجواب:الأظهر عدم بطلانها،على أساس أنه لا غرر فيها،لأن اجرة الشهر معلومة و كذلك اجرة الشهرين،و أما الجهل بالمدة فبمجرده لا يوجب البطلان،هذا إضافة إلى ما مر من أن الغرر لا يوجب بطلان المعاملة لا شرعا و لا لدى العرف و العقلاء،و إنما يوجب الخيار و عدم التزام المغرور بالوفاء بالمعاملة،و من هنا يظهر أنه إذا قال:آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الأول و في غيره معا على الأظهر،و كذا إذا قال:آجرتك شهرا بدرهم فإن زدت فبحسابه،أما إذا كان ذلك بعنوان الجعالة،بأن تجعل المنفعة لمن يعطي درهما أو كان من قبيل الإباحة بالعوض،بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما، فلا إشكال فيه.
فإن قصد الجعالة-كما هو الظاهر-صح،و كذلك إن قصد الإجارة على الأظهر،و من هذا القبيل إذا قال:إن خطته هذا اليوم فلك درهم و إن خطته غدا فلك نصف درهم.و الفرق بين الإجارة و الجعالة:أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد،و كذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض،و لأجل ذلك صارت عقدا،و ليس ذلك في الجعالة،فإن اشتغال ذمة
المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبدا، و لأجل ذلك صارت إيقاعا.
لم يستحق شيئا على عمله،فان لم يمكن العمل ثانيا تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و بين مطالبة الأجير باجرة المثل للعمل المستأجر عليه،فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه اجرة المثل،و إن أمكن العمل ثانيا وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.
كما إذا استأجره على خياطة ثوبه و اشترط عليه قراءة سورة من القرآن،فخاط الثوب و لم يقرأ السورة،كان له فسخ الإجارة،و عليه حينئذ اجرة المثل و له إمضاؤه و دفع الاجرة المسماة،و الفرق بين القيد و الشرط:أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص،و أما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل،لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطا.
أعطاه دينارين صح.
صح ذلك.
بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مرددا بينهما،فهل تبطل الإجارة أو لا؟
و الجواب:الأظهر عدم بطلانها.
و لم تكن قرينة على التعيين، استحق الاجرة و إن لم يوصله ليلة النصف من شعبان،و أما إذا استأجرها على ان يوصله إلى كربلاء يوم عرفة مثلا و لم يوصله،فإن كان ذلك لضيق الوقت أو لمانع آخر،فتبطل الإجارة إذا لم يكن ضيق الوقت أو المانع الآخر مستندا إلى تسامح الأجير و تماهله،و إلا فالإجارة صحيحة و للمستأجر أن يطالبه بالاجرة التي يتقاضاها الاجراء عادة في مثل ذلك.
أو يكون للفاسخ الخيار،بلا فرق بين أن يكون إنشائها بالصيغ الخاصة أو الألفاظ الدالة عليه أو يكون بالمعاطاة.
فلو أجر داره في سنة قادمة،أو في شهر مستقبل صح.
لم تنفسخ الإجارة،بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة،و إذا كان المشتري جاهلا بالإجارة أو معتقدا قلة المدة فتبين زيادتها،كان له فسخ
البيع و ليس له المطالبة بالأرش،و إذا فسخت الإجارة-و الحال هذه-رجعت المنفعة إلى البائع لا إلى المشتري.
و تظهر الثمرة إذا كان البيع على المستأجر فيما إذا فسخت الإجارة،فإن المنفعة ترجع إلى البائع،و تبقى العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة عند المستأجر الذي اشتراها،و للبائع حينئذ أن يطالبه بقيمة المنفعة.
بطلت الإجارة و صح البيع مسلوب المنفعة مدة الإجارة،و يثبت الخيار حينئذ للمشتري.
حتى فيما إذا استأجر دارا على أن يسكنها بنفسه فمات،على أساس أن ملكيته للمنفعة لا تكون مقيدة بحياته بل هي مطلقة،غاية الأمر قد اشترط عليه المؤجر أن ينتفع من العين المستأجرة بنفسه و مباشرة،و عليه فإذا مات ترتب على موته امران:
أحدهما:انتقال ملكية المنفعة إلى ورثته.و الآخر:ثبوت الخيار للمؤجر من جهة تخلف الشرط،فيتخير بين أن يمضي الإجارة إلى آخر فترة عمرها و بين أن يفسخها،فإذا فسخها فعليه أن يرد من الاجرة للمستأجر بالنسبة إلى الفترة الباقية من مدة الإجارة التي لم يستوف المنفعة في تلك المدة على الأظهر،و إن كان الأولى و الأجدر التصالح بينهما برد المستأجر تمام الاجرة المسماة إلى المؤجر بديلا عن اجرة المثل للمنفعة المستوفاة.نعم،إذا أجر شخص نفسه لعمل بنفسه و مباشرة كخياطة ثوب أو كتابة شيء أو بناية دار مثلا و هكذا،فإنه إذا مات قبل أن يمضي زمان يتمكن فيه من الوفاء بالإجارة بطلت؛على أساس أن موته
كاشف عن عدم قدرته على العمل المستأجر عليه،هذا شريطة أن يكون عنوان المباشرة قيدا للعمل المستأجر عليه،و أما إذا كان شرطا و كان متعلق الإجارة نفس العمل،فلا تبطل بموته و إن كان قبل مضي ذلك الزمان من جهة إمكان قيام شخص آخر مقامه في الوفاء بها.نعم،يثبت خيار تخلف الشرط للمستأجر.
فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت،و إذا آجرها البطن السابق ولاية منه على العين لمصلحة البطون جميعها،لم تبطل بانقراضه.
فإنها لا تبطل بموته إذا كان متمكنا منه و لو بالتسبيب،و يجب حينئذ أداء العمل من أصل تركته كسائر الديون.
و إذا آجر الولي الصبي كذلك،ففي صحتها في الزيادة إشكال بل منع،حتى إذا كانت هناك مصلحة تقتضي ذلك.
لم تبطل الإجارة إذا لم تكن الخدمة منافية لحق الزواج،و إلا بطلت،فإن وجوب الوفاء بالإجارة لا يصلح أن يزاحم وجوب إطاعة الزوج في حقوقه الواجبة عليها،على أساس أن:«شرط اللّه قبل شرطكم»و لا فرق في ذلك بين أن يكون زمان الإجارة مقدما على زمان التزويج بها أو مقارنا أو متأخرا.
و نفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.
و تكون نفقته في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة،و إن لم يمكن فمن بيت المال،و إلا فهي على المسلمين كافة.
فإن كان عالما به حين العقد فلا أثر له،و إن كان جاهلا،فإن كان موجبا لفوات بعض المنفعة- كخراب بعض بيوت الدار-قسطت الاجرة و رجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة،و له فسخ العقد من أصله.هذا،إذا لم يكن الخراب قابلا للانتفاع أصلا و لو بغير السكنى،و إلا لم يكن له إلا خيار العيب،و إن كان العيب موجبا لعيب في المنفعة مثل عرج الدابة،كان له الخيار في الفسخ و ليس له مطالبة الأرش،و إن لم يوجب العيب شيئا من ذلك لكن يوجب نقص الاجرة كان له الخيار أيضا،كما إذا كانت الدابة مقطوعة الاذن أو الذنب،فإن ذلك قد يؤدي إلى قلة رغبة الناس في إيجارها الموجبة لقلة الاجرة؛لأن الاجرة تتفاوت قلة و كثرة باختلاف رغبات الناس.نعم،إذا لم يكن مثل هذا العيب موجبا لقلة الاجرة و نقصانها لم يوجب الخيار أيضا،و كذا له الخيار إذا حدث فيها عيب بعد العقد سواء أ كان قبل القبض أم بعده و إن كان في أثناء المدة.هذا إذا كانت العين شخصية،أما إذا كانت كلية و كان الفرد المقبوض معيبا،كان له المطالبة بالصحيح و لا خيار في الفسخ،و إذا تعذر الصحيح،كان له الخيار في أصل العقد.
و ليس له المطالبة بالأرش،و إذا كانت الاجرة كليا فقبض فردا معيبا منها،فليس له فسخ العقد،بل له المطالبة بالصحيح،فإن تعذر كان له الفسخ.هذا إذا كانت الاجرة منفعة أو كانت كليا و إن كانت عينا،و أما إذا كانت الاجرة عينا
شخصية،فظهر كونها معيبة قبل العقد،فلا يبعد ثبوت الأرش فيها إذا لم يمكن الرد؛إذ هناك فرق بين كون الاجرة منفعة شخصية معيبة و بين كونها عينا شخصية كذلك،فإن الأول غير مشمول لدليل الأرش؛لأن مورده العين الخارجية دون الاعم منها و من المنفعة،و أما الثاني فشمول دليل الأرش له غير بعيد؛لأن مورده و إن كان البيع،إلا أن شموله لكل عين خارجية معيبة منقولة بعوض لا يخلو عن قوة.
و خيار العيب،و خيار تخلف الشرط و تبعض الصفقة،و تعذر التسليم و التفليس و التدليس و الشركة،و خيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن، و لا يجري فيها خيار المجلس،و لا خيار الحيوان.
و إذا حصل اثناء المدة،فالأظهر أنه يوجب انفساخ العقد في المدة الباقية لا من الأول، فيرجع المستأجر إلى الاجرة بالنسبة إلى ما مضى.
إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان،و العمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد،و كذا المؤجر و الأجير يملكان الاجرة بنفس العقد،لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة و العمل إلا في حال تسليم الاجرة،
و ليس للأجير و المؤجر المطالبة بالاجرة إلا في حال تسليم المنفعة،و يجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه إلا إذا كان الآخر ممتنعا عنه.
كما إذا أجر شخص نفسه على عمل،فتارة لا يكون العمل متعلقا بمال المستأجر بيد المؤجر،و أخرى متعلقا بماله بيده،و الأول كما إذا آجره على الصلاة و الصيام عن الميت و الحج أو حفر بئر في دار المستأجر و هكذا،و الثاني كما إذا آجره على خياطة ثوبه أو صياغة خاتمه أو كتابة كتابه و هو بيده،أي:بيد المؤجر،فتسليم المنفعة على الأول، إنما هو بتسليم العمل و إنجازه بكامله،و على الثاني بتسليم العين كالثوب أو الخاتم إلى المالك بعد إتمام العمل فيها و إكماله،و ليس للأجير في كلا الفرضين المطالبة بالاجرة قبل إتمام العمل إلا إذا كان المؤجر قد اشترط عليه تقديم الاجرة صريحا أو كانت العادة جارية على ذلك،كما في الإجارة على الحج عن الميت أو الحي العاجز،كذلك ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة إذا كانت الإجارة متعلقة بالعين،كالدار أو الدكان أو غير ذلك أو العمل المستأجر عليه،كما في المقام مع تأجيل الاجرة،إلا إذا كان قد شرط ذلك أو جرت العادة عليه،و إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة،جاز للمستأجر إجباره على تسليم العين،كما جاز له الفسخ و أخذ الاجرة إذا كان قد دفعها،و له إبقاء الإجارة و المطالبة بقيمة المنفعة الفائتة،و كذا إذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة،و مع الفسخ في الأثناء فهل يرجع بتمام الاجرة،و عليه اجرة المثل لما مضى أو يرجع إلى الاجرة بالنسبة إلى المدة الباقية فقط؟الظاهر هو الثاني،و كذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الاجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.
فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط،استحق الأجير المطالبة بالاجرة،فإذا كان أجيرا على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة و قبل دفعه إلى المستأجر،استحق الأجير مطالبة الاجرة،فإذا كان الثوب مضمونا على الأجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطا،و إلا لم يستحق عليه شيئا.
و إذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.
فإن كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك على المستأجر شيئا،و إن كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار،فإن فسخ فقد مر أن الأظهر أنه يرجع على المؤجر بالاجرة بالنسبة إلى الفترة الباقية من عمر الإجارة لا بتمام الاجرة المسماة،على أساس أن فسخ العقد و إنشائه من الآن، فلا يمكن أن يكون أثره-و هو حل العقد و انفساخه-من حين وقوع العقد و صدوره،و أما إذا لم يفسخ فأيضا الأمر كذلك،يعني أن الاجرة قسطت على النسبة و كان للمالك حصة من الاجرة على نسبة المدة.هذا إذا تلفت العين بتمامها، و أما إذا تلف بعضها و لم يمكن الانتفاع به،تبطل الإجارة بنسبته من أوّل الأمر إذا كان التلف من الأول،و إذا كان في أثناء المدة تبطل الإجارة بنسبته من الأثناء في الفترة الباقية فحسب لا من حين العقد،و يثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضا بالنسبة إلى الباقي خيار تبعض الصفقة.
كما إذا استأجر دابة أو سفينة للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها و لم يحمل متاعه عليها،أو استأجر دارا و قبضها و لم يسكنها حتى مضت المدة استقرت عليه الاجرة،و كذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها و استيفاء المنفعة منها حتى انقضت مدة الإجارة،و كذا الحكم في الإجارة على الأعمال،فإنه إذا بذل الأجير نفسه للعمل و امتنع المستأجر من استيفائه،كما إذا استأجر شخصا لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الأجير نفسه للعمل،فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت،فإنه يستحق الاجرة سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل،كما لا فرق-على الأقوى-في الإجارة الواقعة على العين،بين أن يكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت،و أن تكون كلية كما إذا أجره دابة كلية فسلم فردا منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة،فإنه يستحق تمام الاجرة على المستأجر،كما لا فرق في الإجارة الواقعة على الكلي بين تعيين الوقت و عدمه إذا كان قد قبض فردا من الكلي بعنوان الجري على الإجارة،فإن الاجرة تستقر على المستأجر في جميع ذلك و إن لم يستوف المنفعة.هذا إذا كان عدم الاستيفاء باختياره.
فإن كان عاما مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى انقضت المدة بطلت الإجارة، و ليس على المستأجر شيء من الاجرة،على أساس أن مثل هذه المنفعة التي هي غير قابلة للتحقق و الاستيفاء خارجا في فترة الإجارة كالمعدوم،فلا تكون مملوكة للمؤجر حتى يملكها للمستأجر،و إن كان العذر خاصا بالمستأجر،كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر،فلا إشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة، بل الأقوى الصحة فيما إذا اخذت مباشرته في الاستيفاء أيضا،إذا كان الأخذ على
نحو الشرطية،بأن يكون مصب الإجارة مطلق الركوب أو السكنى و لكن مشروطا بكون الراكب أو الساكن خصوص المستأجر،و أما إذا كان على نحو القيدية فهل تصح الإجارة أو لا؟و الجواب:الأقرب الصحة أيضا؛لأن عجز المستأجر خاصة عن الاستيفاء لا يمكن أن يكون قيدا لمتعلق الإجارة،فإن متعلقها و مصبها منفعة الدار،و هي عبارة عن صلاحية الدار للسكنى و منفعة الدابة و هي صلاحيتها للركوب،و أما تمكن المستأجر من الانتفاع بها فهو خارج عن متعلق الإجارة،فإذا لا مانع من صحة الإجارة حينئذ على كلا التقديرين؛ لأن الفرق بينهما إنما هو في مقام الإثبات،و أما في مقام الثبوت فلا فرق بينهما.
و الجواب:أن ذلك يختلف باختلاف الموارد،فاذا آجر طبيبا لشق بطن المرأة الحامل مثلا و إخراج طفلها منه،على أساس أنها لا تقدر على الولادة أو تشق عليها مشقة شديدة،و بعد العقد و تعيين موعد العملية ولدت،ففي مثل ذلك لا يبعد الحكم ببطلان الإجارة،و أما إذا آجره لقلع ضرسه و بعد العقد طاب و زال الألم،فلا يبعد الحكم بصحة الإجارة،و لا سيما إذا احتمل عود الألم بعد فترة أو لم يحتمل و لكنه أراد قلعه بسبب أو آخر،و لا دليل على حرمة قلعه إذا برئ من الألم.
جرت الأقسام المذكورة بعينها و جرت عليه أحكامها.
فإن كان الغصب قبل القبض،تخير المستأجر بين الفسخ،فيرجع على المؤجر بالاجرة إن كان قد دفعها إليه و الرجوع على الغاصب باجرة المثل،و إن كان الغصب بعد القبض تعين الثاني،و كذلك إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين،فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة.
فتلزمه الاجرة.
و إن كان قبل القبض تخير بين الفسخ و الرجوع إلى المؤجر بالاجرة، و بين الإمضاء و الرجوع إلى المتلف بالقيمة.
فإن كان ذلك قبل أن يسكن فيها و كان بعد القبض رجع المستأجر على المؤجر بتمام الاجرة،و إن كان ذلك بعد أن يسكن فيها رجع عليه بالنسبة،و إن خرجت عن الانتفاع بالنسبة بطلت الإجارة كذلك،و أما في الباقي فيثبت للمستأجر خيار تبعض الصفقة،و أما إذا انهدم بعضها في وقت لا حاجة للمستأجر إليه،كما لو انهدم بعض جدار السطح أو قسم من السرداب في فصل الشتاء مثلا و بادر المؤجر إلى تعميره و تجديد بنائه على نحو لم يتضرر المستأجر بوجه،فلا فسخ و لا انفساخ،و أما إذا لم يبادر إلى تعميره أو بادر إليه و لكنه يتوقف على وقت معتد به فيتضرر به المستأجر،ففي مثل ذلك تبطل الإجارة
بالنسبة إلى المقدار المهدوم و يرجع المستأجر على المؤجر بما يقابله من الاجرة، كما أن له خيار تبعض الصفقة و فسخ الإجارة في الجميع،فإذا فسخ فإن كان في ابتداء مدة الإيجار رجع على المؤجر بتمام الاجرة،و إن كان في أثناء المدة رجع إلى الاجرة بالنسبة،أي بنسبة الفترة الباقية منها على الأظهر كما مرّ.
لكن لا يجوز تسليمها إلى المستأجر إلا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.
فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.
كحمل متاع أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك فيشتركان في الاجرة،و عليهما معا القيام بالعمل الذي استؤجرا عليه.
فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر،و لا بدّ من تعيين مبدأ المدة،و إذا كانت المدة محدودة و أطلقت الإجارة و لم يذكر البدء،انصرف إلى الاتصال.
كان على المؤجر دفع فرد آخر.
و إذا اشترط المؤجر ضمانها على المستأجر بمعنى:
أداء قيمتها أو أرش عيبها بنحو شرط الفعل صح،و أما إذا اشترط عليه بمعنى:
اشتغال ذمته بمثلها أو قيمتها على تقدير تلفها بنحو شرط النتيجة فهل هو صحيح أو لا؟
و الجواب:الأظهر أنه صحيح،و لا نقصد بشرط الضمان و اشتغال الذمة في المقام نقل الدين من ذمة إلى ذمة الذي هو مفاد عقد الضمان لكي يقال:إنه غير متصور هنا،بل نقصد به التعهد بالشيء و جعله في عهدة الشخص و مسئوليته، و هذا التعهد يؤدي إلى اشتغال ذمته ببدله من المثل أو القيمة على تقدير تلفه،و في المقام اشترط المؤجر على المستأجر تعهده بالعين المستأجرة و جعلها في عهدته و مسئوليته المؤدي إلى اشتغال ذمته ببدلها من المثل أو القيمة على تقدير تلفها، و هذا معنى آخر للضمان يتصور في الديون و الأعيان الخارجية معا.
لا يضمن تلفه أو نقصه إلا بالتعدي أو التفريط.
بمعنى:أداء قيمتها أو أرش عيبها صح الشرط،بل لا يبعد صحته إذا كان بنحو شرط النتيجة
أيضا.و دعوى:أن مفاد الاشتراط تمليك الشرط للمشروط له،و هذا إنما يتصور في موارد شرط الفعل،كاشتراط الخياطة أو الكتابة أو غيرها؛لأن معناه:تمليك الفعل للمشروط له،و لا يتصور ذلك في موارد شرط النتيجة؛لأن الشرط فيها نفس الملكية و الضمان،و الملكية حكم شرعي غير قابلة للتمليك،فلا يعقل اشتراطها.
مدفوعة:بأن مفاد الاشتراط في موارد شرط الفعل ليس هو تمليك الشرط،بل هو التزام المشروط عليه بالشرط للمشروط له،و هذا المعنى هو المتفاهم العرفي من الشرط،و اللام في مثل قولنا عند الاشتراط:عليك أن تخيط لي ثوبي مثلا،لا تدل على الملك،بل تدل على أن المشروط عليه ملتزم بخياطة الثوب للمشروط له،فتكون متعلقة للالتزام،و على هذا فمعنى شرط النتيجة في المقام:جعل الضمان لا بمعنى الضمان العقدي،و هو نقل الشيء من ذمة إلى ذمة،فإنه لا يتصور بالنسبة إلى المال الخارجي،بل بمعنى:التعهد بالشيء و جعله في مسئولية الشخص،و يؤدي هذا التعهد إلى الضمان و اشتغال ذمته بقيمته على تقدير التلف،و الضمان بهذا المعنى عقلائي يتصور في الديون و الأعيان الخارجية معا،و على هذا فلا مانع من اشتراط المستأجر على المؤجر ضمان العين المستأجرة على تقدير تلفها،و يكفي في صحة هذا الشرط و وجوب الوفاء به عمومات أدلة الشروط،هذا إضافة الى النصوص الخاصة،و هنا اشكال آخر و هو أن شرط الضمان باطل لا من جهة أنه غير متصور،بل من جهة أنه مخالف لما دل على عدم ضمان الأمين،فيكون من الشرط المخالف للكتاب.
و الجواب:أن شرط الضمان لا يكون مخالفا لما دل على عدم ضمان المستأجر،لا من جهة أنه يوجب خروج المستأجر عن كونه مستأجرا حتى
يكون حاكما عليه،لوضوح أنه لا يوجب ذلك،بل من جهة أن الروايات النافية للضمان ناظرة إلى نفيه بقاعدة اليد المرتكزة في أذهان العرف و العقلاء و المتشرعة،و دالة على خروج يد المستأجر عن هذه القاعدة،و أما اشتراط الضمان عليه في المقام،فليس بمعنى اشتراط أن يده سبب له لكي يكون مخالفا لروايات عدم سببية يد المستأجر للضمان،و بالنتيجة يكون مخالفا للكتاب و السنة،بل بمعنى:جعل الضمان عليه ابتداء بالشرط،أي:جعله بنفس الإنشاء به على تقدير التلف،أو فقل:إن الضمان المعاملي على نحوين:
أحدهما:نقل العين من ذمة إلى ذمة،و هذا هو مفاد عقد الضمان،و الآخر:
تعهد الشخص بالشيء و جعله في مسئوليته المؤدي إلى اشتغال ذمته بقيمته على تقدير التلف و ضمانه بها،و من الواضح أن جعله ابتداء بالشرط على المستأجر لا ينافي عدم سببيّة يده للضمان،فإذن لا تنافي بينه و بين الروايات النافية له،ثم إن هناك طائفة أخرى من الروايات تنص على عدم ضمان الأمين، و صدق هذا العنوان على المستأجر أو العامل في باب المضاربة أو نحوها،إنما هو على أساس إذن المالك له في وضع يده على المال و تسليطه عليه،فيكون هذا الوصف،أي وصف الأمين منتزعا من تسليط المالك و إذنه مطلقا،و إذا كان مقيدا بالضمان فلا ينتزع منه،فإذن يكون جعل الضمان على المستأجر بالشرط حاكما على تلك الطائفة من الروايات و رافعا لموضوعها،فالنتيجة أنه لا مانع من اشتراط ضمان المستأجر بنحو شرط النتيجة،و لا يكون مخالفا لما دل على عدم ضمان الأمين،و من هنا يظهر أن الشرط في المقام ليس بمعنى الالتزام في ضمن التزام،بل بمعنى:تقييد الإذن و التسليط بوضع اليد على المال على وجه الضمان.
فإن كان قبل
مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الإجارة،و رجعت الاجرة تماما إلى المستأجر إذا كان التلف أو الإتلاف قبل العمل،و بعضا إذا كان ذلك في الأثناء، و إن كان بعده صحت،و هل يضمن المؤجر قيمة العمل أو لا؟
و الجواب:أنه يضمن،على أساس أنه متمكن من تسليم العمل في فترة قد مضت.
مثال ذلك:زيد أجر عمروا على أن يخيط ثوبه مثلا و تلف الثوب عند عمرو بتلف سماوي،فإن كان التلف قبل أن تمر فترة كان بإمكان عمرو خياطة الثوب بكامله بطلت الإجارة،على أساس عدم تمكن الموجر من تسليم العمل في تلك الفترة،و رجعت الاجرة إلى المستأجر تماما أو بعضا كما مرّ،و إن كان بعد أن تمر فترة كان بإمكانه الخياطة بكاملها صحت،و عليه قيمة الخياطة فيدفعها إلى المستأجر،و أما إذا أتلفه الأجنبي،فيضمن للمستأجر بدله من المثل أو القيمة مطلقا،أي سواء أ كانت الإجارة باطلة أم لا،و سواء أ كان الإتلاف قبل مرور فترة أم بعده.
فيستحق الأجير عليه تمام الاجرة.
كما أنه مخير بين فسخ العقد و إمضائه،فإن أمضى جاز له مطالبة الأجير بقيمة العمل الفائت.
ضمن،كالحجام إذا جنى في حجامته،و الختان في ختانه،و هكذا كالخياط و النجار و الحداد إذا افسدوا.هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه،أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال و الأظهر العدم،و كذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد.هذا إذا لم يبلغ الفساد حد الموت،و أما إذا بلغ حد الموت مستندا إلى الختان أو الحجامة أو الطبابة فالظاهر الضمان؛لأن دم المسلم لا يذهب هدرا كما نطق به النص.نعم،إذا كان الطبيب واصفا للدواء من دون أن يكون آمرا بشربه لم يضمن.
فهل يبرأ من الضمان بالتلف إذا كان مباشرا للعلاج أو لا؟ و الجواب:أن براءته من الضمان بالموت لا تخلو عن إشكال،بل لا يبعد الضمان و عدم البراءة.
ضمنه مع التفريط في مشيه،و لا يضمنه مع عدمه،و كذلك إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره.
ضمن،على أساس أن أمره بالقطع كان معلقا على الكفاية و مع عدم الكفاية،فلا أمر بالقطع و لا إذن به،و أما إذا قال له:هل يكفيني قميصا فقال:
نعم،فقال:اقطعه فقطعه فلم يكفه،فالظاهر أنه لا ضمان،على أساس أن أمره بالقطع كان مطلقا و إن كان الداعي إليه اعتقاده بقول الخياط.
فإن لم يف فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق،و إن عجز فلا شيء عليه و إن كان
الأحوط و الأولى أن يدفع مولاه.هذا إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف،و إلا تعلق برقبته و للمولى فداؤه بأقل الأمرين:من الأرش و القيمة إن كانت خطأ، و إن كانت عمدا تخير ولي المجني عليه بين قتله و استرقاقه على تفصيل يأتي في محله.
فلا ضمان على صاحبها إلاّ إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب،و إذا كان غيره السبب كان هو الضامن.
و لو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط و لزم العمل به،و أما لو اشترط عليه الضمان فهل يصح أو لا؟
و الجواب:أنه لا يبعد صحته كما مر.
و عليه اجرة المثل للزيادة مضافة إلى الاجرة المسماة،و كذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد على ذلك.
لزمته الاجرة المسماة و اجرة المثل للمنفعة المستوفاة،و كذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة،بلا فرق بين الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار و الدابة،و الإجارة الواقعة على الأعمال، كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.
لم يستحق على المستأجر شيئا.
لم يستحق اجرة لا على زيد و لا على عمرو.
لزمته الاجرة المسماة للاولى و اجرة المثل للثانية،و إذا اشتبه فركب دابة عمرو،لزمته اجرة المثل لها مضافة إلى الاجرة المسماة لدابة زيد.
استحق المالك عليه الاجرة المسماة و اجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالا.
و إذا تعدى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها إذا وقع،و في صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.
إلا إذا جعلت عنده وديعة و قد تعدى أو فرط.
لم يضمن إلا مع التقصير في الحفظ،و الظاهر أن غلبة النوم لا تعد من التقصير،إلا إذا نام بعد الغلبة اختيارا بحيث كان بإمكانه أن لا ينام و يقاوم غلبة النوم.نعم،إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به،و هل يستحق الاجرة أو لا؟و الجواب:
لا يستحق في الصورتين،على أساس أن الإجارة إنما كانت على حفظ المتاع بتخيل أنه قادر عليه،ثم تبين أنه عاجز و لا يملك القدرة على الحفظ.
كما في إجارة آلات النساجة و النجارة و الخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك و إلا لم يجب،فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.
فمن استأجر دارا جاز له أن يؤجرها من غيره و إن لم يكن مالكا لنفس الدار،فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها،وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه،و لا يحق لمالك العين أن يمنع عن التسليم و لم يأذن به،فإن مقتضى إطلاق العقد أنه مأذون بالإيجار الثاني و تسليط المستأجر منه على العين، و عليه فافتراض عدم الإذن منه في ذلك خلف،و إذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم،كالسفينة و السيارة لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني إلا إذا اشترط عليه ذلك،كما أنه لا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه و إن اشترط عليه،على أساس أنه تصرف في مال الغير من دون أن يقتضي عقد الإجارة إذنه فيه،و من هنا لو اشترط ذلك لكان الشرط باطلا.نعم،إذا إذن له المالك فلا بأس،كما أنه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم إلا إذا كان المستأجر منه أمينا،فإذا لم يكن أمينا و سلمها إليه كان ضامنا،هذا إذا كانت الإجارة مطلقة،أما إذا كانت مقيدة-كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه-فلا تصح إجارتها من غيره،فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة،فإذا ركبها المستأجر الثاني و كان عالما بالفساد كان آثما،و يضمن
للمالك اجرة المثل للمنفعة المستوفاة و للمؤجر اجرة المثل للمنفعة الفائتة و إن كان المؤجر عالما بالحال نعم،إذا كان المستأجر الثاني جاهلا بالحال و المؤجر عالما بها،يرجع إلى المؤجر بما غرمه للمالك.
أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها،فهل تبطل الإجارة أو أنها صحيحة،و لكن يثبت الخيار للمالك من جهة تخلف الشرط؟فيه قولان الأقرب هو القول الأول،على أساس أن المرتكز من هذا الشرط في المقام ليس هو تعليق الالتزام بالعقد على عدم إجارتها من غيره،بل قصر سلطنة المشروط عليه و هو المستأجر في المقام،و تحديدها بتصرفاته فيها مباشرة الكاشف عن عدم رضاه بتصرفات غيره فيها،فإذا لم يكن راضيا بها لم تصح الإجارة عليها؛لأنها من الإجارة على الحرام.
و لا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذن المالك،كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكنه من الدكان المسمى في عرفنا( سرقفلية)إذا لم يشترط له ذلك،إلا إذا رضي المالك به.و إذا مات المستأجر و الحال هذه،لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية)إلا إذا رضي المالك به،فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت منها إذا كان قد أوصى به؛لأنها ليست من تركته،إلا إذا كان رضا المالك مشروطا بإخراج الثلث.
شخص يستأجر المحل من المالك و يشترط عليه الامور التالية:
الأول:أنه له حق البقاء في المحل متى أراد،و عدم حق للمالك بإلزامه بالتخلية.
الثاني:أن له انتقال هذا الحق منه إلى غيره في أي وقت شاء من دون أي حق للمالك بالتدخل فيه و منعه عن ذلك.
الثالث:أن يحدد اجرة المحل شهريا أو سنويا بمبلغ معين من دون حق للمالك أن يزيد عليه ما دام هو في المحل.
الرابع:أن كل ذلك يكون لقاء مبلغ من المستأجر للمالك،فإذا اشترط المستأجر على المالك تلك الامور في ضمن العقد لقاء المبلغ المعين زائدا على الاجرة الشهرية أو السنوية و قبل المالك،أصبح المستأجر صاحب حق في المحل كالمالك،و المالك أصبح أجنبيا عنه،و حينئذ فله أن يبيع هذا الحق متى أراد و بأكثر مما أعطاه للمالك،و له أن يصالح مع غيره في مقابل التنازل عن هذا الحق و هكذا،و يدخل في أرباح مكاسبه،و يجب عليه إخراج الخمس منه كسائر الأرباح و الفوائد في آخر السنة،و إذا مات صار إرثا كسائر أمواله و حقوقه،و إذا أوصى بالثلث وجب إخراج الثلث منه أيضا.
أو جيلا بعد جيل مع اجرة شهرية محدودة لقاء مبلغ معين يدفع للمالك من دون أن يشترط عليه أن يكون له حق انتقال المحل إلى غيره،ففي هذه الصورة لا يسمح له شرعا إلا البقاء فيه فحسب متى شاء من دون حق الانتقال له.نعم،له حينئذ أن يأخذ مبلغا من المالك لقاء التنازل عن هذا الحق و تخلية المحل.
فله الحرية التامة في التصرف فيه،و بعد انتهاء فترة الإجارة فله إلزام المستأجر بتخلية المحل،كما أن له أن يزيد في الاجرة إذا وافق بالإجارة منه مرة ثانية،و ليس للمستأجر أي حق للاعتراض على ذلك،و لا يسمح له شرعا أن يأخذ مبلغا من المستأجر الجديد لقاء التنازل عن المحل الذي تحت تصرفه،إلا إذا استغل قانون منع الملاك عن إجبار المستأجرين على تخلية المستغلات و الزيادة في بدل الإيجار و الالتجاء إليه في الامتناع عن التخلية،و قبول الزيادة و أخذ السرقفلية من غيره إزاء التخلية عن المحل،فإن كل ذلك لا يجوز له شرعا،أي لا أخذ السرقفلية و لا التصرف في المحل من دون رضا المالك فإنه غصب و حرام، و قد تسأل:أن المحلات المستأجرة بعد صدور القانون المذكور،هل تبتني إجارتها على ذلك القانون بنحو الشرط الضمني،على أساس أنه معهود و مرتكز في أذهان الملاك و المستأجرين،حتى يكون لامتناع المستأجرين عن تخلية المحلات أو الزيادة في بدل الإيجار أو تنازلهم للغير لقاء مبلغ معين مبرر شرعي؟
و الجواب:أن ابتناء إجارات تلك المحلات على ذلك القانون بنحو الشرط الضمني بعيد،باعتبار أن ذلك القانون من منظار الشرع لا قيمة له،و الإجارات المذكورة بما أنها متبادلة بين المتشرعة،فبطبيعة الحال تكون واقعة على طبق الموازين الشرعية ارتكازا،و أما استغلال كثير منهم هذا القانون في الخارج و الامتناع عن التخلية أو زيادة الاجرة لا يكشف عن هذا الشرط الضمني،بل هو كاشف عن عدم مبالاتهم بالدين في مقابل اهتمامهم بالدنيا،هذا إضافة إلى أنه يمكن أن يكون بناء المستأجر على ذلك،و لكن لا يمكن أن يكون بناء المالك عليه.
و كذا بالأكثر منه إذا
أحدث فيها حدثا أو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة السابقة،بل يجوز أيضا مع عدم الشرطين المذكورين عدا الدار و الدكان و الحانوت و الأجير و السفينة،فلا يجوز إجارته بالأكثر حينئذ،و الأحوط إلحاق الرحى و البيت بها، بل الأحوط إلحاق الأرض أيضا و إن كان الأقوى فيها الجواز.
كما إذا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن بعضها و آجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلا أن يحدث فيها حدثا،و أما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشكال،و الأقوى الجواز بالعشرة أيضا.
يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الاجرة أو الأكثر،و لا يجوز بالأقل إلا إذا أتى ببعض العمل و لو قليلا،كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئا و لو قليلا،فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم،بل لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بالأقل بشراء الخيوط و الإبرة.
جاز له أن يسلم العين إلى الأجير الثاني،نظير ما تقدم في تسليم العين المستأجر إلى المستأجر الثاني.
بطلت الإجارة و لم يستحق الأجير الاجرة، و كذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة،ففعله غيره لا بقصد
التبرع عنه،و أما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان اداء للعمل المستأجر عليه و استحق الأجير الاجرة.
الأول:أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشيء،نظير إجارة الدابة و الدار و نحوهما من الأعيان المملوكة.
الثاني:أن تكون الإجارة واقعة على عمل في ذمة الأجير،فلذلك حالتان:
الحالة الاولى:أنها واقعة على جميع منافعه في مدة معينة كشهر أو أقل أو أكثر،و في هذه الحالة لا يسمح له في تلك المدة العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعا و لا بإجارة و لا بجعالة،على أساس أن تمام منافعه مملوكة لغيره،فلا يكون تصرفه فيها جائزا و لا ممضاة شرعا.نعم،لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة و لا تشملها و لا تكون منافية لما شملته،كما أنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلا،فإنه حينئذ لا مانع من الاشتغال في الليل لنفسه أو لغيره تبرعا أو بإجارة أو جعالة،إلا إذا أدّى ذلك إلى عدم تمكنه من القيام بما استؤجر عليه في النهار،فإنه حينئذ لا يجوز له الاشتغال بالليل، و على هذا فإذا خالف الأجير و عمل في فترة الإجارة ما ينافي حق المستأجر فلذلك صور:
الاولى:أنه أتى بالأعمال التي كانت موردا للإجارة لنفسه،و في هذه الصورة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع تمام الاجرة منه إذا كان غير آت بشيء من الأعمال المذكورة،و بين إمضاء الإجارة و مطالبة الأجير بقيمة المنفعة الفائتة و قد تسأل:أن المستأجر إذا فسخ الإجارة بعد عمل الأجير ببعض تلك الأعمال،فهل له استرجاع تمام الاجرة أو بالنسبة؟
و الجواب:أنه لا يبعد الثاني،على أساس أن الإجارة في الواقع تنحل بانحلال أجزاء العمل المستأجر عليه و توزع الاجرة عليها بالنسبة،فإذا سلم الأجير بعض العمل إلى المستأجر دون الجميع ثبت له الخيار،فإذا فسخ عقد الإيجار كان مقتضاه رجوع ما كان من الاجرة بإزاء ما لم يسلم إليه من العمل دون تمامها،بنكتة أن الفسخ معناه:حل العقد من حينه لا من الأول و هو لا يتطلب أكثر من هذا،مثال ذلك:زيد آجر نفسه من عمرو في يوم الخميس من طلوع الشمس إلى غروبها بتمام منافعه فيه،فإذا أمره المستأجر فيه بخياطة ثوب و اشتغل بها إلى الظهر ثم خالف و عمل بقية اليوم لنفسه،ففي مثل ذلك قد سلم الأجير نصف منفعة اليوم إلى المستأجر و أتلف عليه نصفها الآخر،و على هذا فإذا فسخ المستأجر العقد استحق استرجاع نصف الاجرة دون تمامها؛باعتبار أنه تسلم ما يقابل نصفها من العمل المستأجر عليه،و لكن-مع هذا-فالأحوط أن يصالح المستأجر مع الأجير في استرجاع تمام الاجرة،أو أخذ الأجير أجرة المثل لما أتى به من العمل المستأجر عليه.
الثانية:أنه عمل بها لغيره تبرعا،و في هذه الصورة أيضا تخير المستأجر بين الفسخ و الامضاء على تفصيل قد مر الآن،و هل له مطالبة المتبرع له بقيمة العمل أو لا؟
و الجواب:لا يحق له ذلك حتى إذا كان المتبرع له هو الآمر بالتبرع؛لأن المتلف للعمل إنما هو الأجير نفسه،فلا مبرر لضمان غيره،فإن المبرر له أحد أمرين:
إما الإتلاف أو اليد المضمونة،و الفرض أن المتبرع له لا يكون متلفا،و لا كون المنفعة تحت يده،و أما الأمر بالإتلاف فليس هو بنفسه من موجبات
الضمان،و من هنا لو أمر زيد بكرا أن يتلف مال عمرو فاتلفه باختياره و إرادته،لم يكن الآمر ضامنا.
الثالثة:أنه عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة،و في هذه الصورة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة أو إمضائها،و بين إجازة الإجارة الثانية أو الجعالة، على أساس أنها فضولية تتوقف صحتها على إجازته،فإذا أجازها صحت و انتقلت الاجرة أو الجعل المسمى فيها إليه،و لا يجوز له أن يرجع إلى المستأجر الثاني و يطالبه بقيمة العمل التالف؛لأنه كالمتبرع له فليس بضامن.
الحالة الثانية:أن مورد الإجارة منفعة خاصة له كالخياطة أو الكتابة أو نحوها دون جميع منافعه،و في هذه الحالة لا يسمح له أن يعمل ذلك العمل الخاص لنفسه أو لغيره لا تبرعا و لا بإجارة أو جعالة،فإذا خالف و مارس العمل لنفسه، تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع تمام الاجرة منه و إمضائها و المطالبة بقيمة المنفعة الفائتة،و كذلك إذا عمل به لغيره تبرعا،و أما إذا عمل به لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة،فله إمضاء تلك الإجارة أو الجعالة،باعتبار أنها فضولية،فإذا أجازها جازت و انتقلت الاجرة أو الجعل المسمى فيها إليه.نعم،لا مانع في هذه الحالة من أن يعمل عملا لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة إذا لم يكن منافيا للعمل المستأجر عليه،كما إذا آجر نفسه الصوم في يوم عن زيد مثلا،فإنه لا ينافي أن يمارس عملية الخياطة أو الكتابة فيه لنفسه أو لغيره متبرعا أو بإجارة أو جعالة،ثم أن الإجارة في هذه الحالة بما أنها تكون على العمل في ذمة المؤجر، فتارة تؤخذ مباشرته للعمل قيدا على نحو وحدة المطلوب،و تارة على نحو تعدد المطلوب،فإن كانت على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة، و لا يجوز له ما ينافيه،سواء أ كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره،و إذا
عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و المطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه،و إذا آجر نفسه لما ينافيه،بطلت من جهة عدم تمكنه من تسليم العمل المستأجر عليه الذي هو شرط في صحة الإجارة.نعم،لو فسخت الإجارة الأولى بالتقايل و التراضي بينهما،صحت الثانية من جهة أنه صار حينئذ متمكنا من التسليم في وقته و هو يكفي في الصحة و إن لم يكن متمكنا منه في وقت العقد، و بكلمة:أن الإجارة الثانية محكومة بالبطلان،على أساس أنها فاقدة للشرط و هو تمكن الأجير من تسليم العمل المستأجر عليه؛باعتبار أن صحة الإجارة الاولى تؤدي إلى عجزه عن التسليم و عدم تمكنه منه،و أما إجازة المستأجر الأول للإجارة الثانية فلا أثر لها؛لأنها لم تقع على ماله أو حقه،و إنما المانع عن صحتها و وجوب الوفاء بها صحة الإجارة الأولى و وجوب الوفاء بها كما مر، و أما إن كانت على النحو الثاني-و هو تعدد المطلوب-فالظاهر صحة الإجارة الثانية،غاية الأمر يثبت خيار تخلف الشرط للمستأجر الأول،على أساس أن الإجارة الثانية على ضوء كون قيد المباشرة شرطا لا تنافي صحة الإجارة الاولى،و إنما تنافي شرطها و لا يترتب عليه إلاّ الخيار.
كما لا تصح إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعا أو نصفا، و تصح إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة،و لو كان من جنس ما يزرع فيها،
و الأقوى صحة إجارتها بما يحصل منها من الحبوب غير الحنطة و الشعير،و قد تسأل ان الاجرة معدومة فعلا،فإذا كانت معدومة كذلك فكيف تصح الإجارة بها؟
و الجواب:أن تعهد المستأجر بدفعها في ظرفها خارجا يجعلها بمثابة الموجود في الذمة،فلذلك لا مانع من الإجارة بها.هذا إضافة إلى أن مثل هذه الإجارة كما أنها ليست غررية؛باعتبار أن تحقق الاجرة في ظرفها متأكد و مضمون ليست سفهائية أيضا،بل هي إجارة عقلائية متعارفة لدى العرف و العقلاء،و لا مانع من كونها مشمولة للعمومات.
فيكون المستأجر شريكا مع المالك،كما تصح إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين.
لأن المعتبر فيه التأبيد و الدوام،و لا يمكن أن يجتمع مع التوقيت.نعم،تصح إجارتها لتعمل مصلى يصلي فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع،و لا يترتب عليها أحكام المسجد.
كربط الدواب و نشر الثياب،و يجوز استئجار البستان لفائدة التنزه.
فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها، ملك المستأجر العين المحازة و إن قصد الأجير نفسه أو شخصا آخر غير المستأجر،و إن كانت واقعة على العمل في الذمة،فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك على فعله الخاص،بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر
المحاز أيضا،و إن لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له، كان المحاز ملكا لمن قصد الحيازة له،و كان للمستأجر الفسخ و الرجوع بالاجرة المسماة،و الإمضاء و الرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.
بمعنى:أن الطفل ينتفع منها و يتغذى بلبنها مدة معينة و إن لم يكن بفعل منها اصلا،و لا يعتبر في صحة إجارتها لذلك إذن زوجها و رضاه،بل ليس له أن يمنعها عن ذلك إذا لم يكن منافيا لحقه،و حينئذ فإن اشترطت المرأة المرضعة شروطا بالنسبة إلى الطفل و زمان الرضاع و مكانه و كميته في كل يوم،أو اشترط المستأجر عليها شروطا لزم الوفاء بها،و التخلف منها يوجب الخيار للآخر،و أما إذا لم تكن هناك شروط لا من قبل المرأة المرضعة و لا من قبل المستأجر،فالمعيار إنما هو بالمتعارف و المعتاد،فإذا كانت المرأة المرضعة أو الطفل خارجة عن المتعارف و المعتاد ثبت الخيار للآخر،و قد تسأل:هل لها أخذ الاجرة من زوجها على إرضاع ولده كان منها أم من زوجته الاخرى؟
و الجواب:نعم،لها ذلك،و قد تسأل:أن المرأة إذا كانت خلية فآجرت نفسها للإرضاع أو غيره من الأعمال،ثم تزوجت،فإن لم يكن العمل المستأجر عليه منافيا لحق الزوج و مزاحما فلا إشكال،و إن كان منافيا له،فهل يقدم حق المستأجر على حق الزوج أو بالعكس؟
و الجواب:الظاهر تقديم حق الزوج على المستأجر،فإن وجوب الوفاء بالإجارة لا يصلح أن يزاحم وجوب إطاعة الزوج في حقوقه الواجبة عليها، على أساس أن شرط اللّه قبل شرطكم كما في النص،و لا فرق في ذلك بين أن يكون زمان التزويج مقدما على زمان الإجارة أو مقارنا له أو متأخرا عنه،لأن
وجوب الوفاء بالإجارة في كل آن و زمان منوط بأن لا يكون هناك إلزام من قبل اللّه تعالى على خلافه و إلا فلا وجود له،و على هذا فإذا وقع التزاحم بين حق الزوج و حق المستأجر قدم الأول على الثاني،و إن كان حدوثه متأخرا زمانا عن حدوثه.
الذي يتكون فيها بعد الإيجار،و كذلك استئجار الشجرة للثمرة و البئر للاستقاء، و في جواز استئجارها للمنافع الموجودة فيها فعلا من اللبن و الثمر و الماء إشكال، بل منع لعدم صدق الإجارة عليه.
و نحوهما و إشعال سراجهما و نحو ذلك.
و تجوز في المستحبات كالزيارات و نحوها، و لكن في جوازها فيها على الإطلاق حتى في مثل الصلاة و الصيام المستحبين إشكالا بل منعا.
و تصح أيضا الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه و يهدي ثواب عمله إلى غيره.
فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق اجرة،و إن كان من قصد الآمر دفع الاجرة،و إن قصد الاجرة استحقها،و إن كان من قصد الآمر التبرع إلا أن تكون هناك قرينة على قصد المجانية،كما إذا جرت العادة على فعله مجانا أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله باجرة أو نحو ذلك،مما يوجب ظهور الطلب في المجانية،و أما إذا أمره آمر
بعمل له اجرة،فأتى به المأمور استنادا إلى أمره من دون أن يقصد المجانية و إن لم يقصد الاجرة أيضا،فهل عليه ضمان أو لا؟و الجواب:الظاهر أن عليه الضمان.
فمع إطلاق الإجارة يكون المداد و الخيوط على الأجير،كما هو المتعارف و المعتاد في مثل ذلك في الخارج،و أما إذا كانت الإجارة على البناية،فتوفير المواد لها من الطابوق و الجص و الإسمنت و الحديد و غيرها على المستأجر دون الأجير،إلا إذا اشترط في ضمن عقد الإيجار أن توفيرها عليه،و هذا بخلاف الإجارة على الحج عن الميت أو الحي العاجز أو الصلاة عن الميت،فإن مقتضى إطلاق عقد الإجارة أن تهيئة مقدمات الحج من الزاد و الراحلة و تحصيل الجواز و تأشير الدخول و غير ذلك على الأجير دون المستأجر،و كذلك الحال في الصلاة،فهذا يختلف باختلاف الموارد و ليس له معيار كلي في جميع تلك الموارد.
و الأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر،إلا مع الشرط أو قيام القرينة و لو كانت هي العادة،كالأجير للخدمة في سفر الحج و الأجير الملازم للإنسان ليلا و نهارا.
و يكون عليه اجرة المثل لاستيفاء عمل العامل،و ليس من باب الإجارة و لا الجعالة بل من باب العمل مع الضمان،و لكن ذلك مكروه.
فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه،و كذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس،و ليس له الإبقاء من دون رضا المالك و إن
بذل الاجرة،كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع،و كذلك إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطواري على الأظهر.
نعم،إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.
و الخطب المشتملة على المواعظ و نحو ذلك،مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.
التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه،كالواجبات العبادية مثل الصلاة و الصيام عن الأحياء،و تجوز عن الأموات.و تجوز الإجارة على تعليم الحلال و الحرام و تعليم الواجبات مثل الصلاة و الصيام و غيرهما مما هو محل الابتلاء و ان كان الأحوط الترك،اما إذا لم يكن محل الابتلاء فلا إشكال فيه أصلا.
و لا يجوز أخذ الاجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم.نعم، الظاهر أنه لا بأس بأخذ الاجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله و عرضه و عمقه.أما أخذ الاجرة على مسمى حفر القبر اللازم،فلا يجوز و لا تصح الإجارة عليه.
فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها،بلا فرق بين مالك الأرض و غيره.نعم،لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه و إن لم يعرض عنها فهي له.
ضمن،و كذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.
جاز لغيره التبرع عنه فيه،و حينئذ يستحق الأجير الاجرة المسماة لا العامل،و إذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة،إذا لم يمض زمان يتمكن فيه الأجير من الخياطة،و إلا ثبت الخيار للمستأجر.هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية،و إلا فالظاهر أن الأجير يستحق الاجرة،لأن التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر نفسه،كما إذا كان هو الخائط.و أما الخائط فيستحق على المالك اجرة المثل إن خاط بأمره،و أما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة،فقيل:أن الإجارة الثانية باطلة و يكون للخائط اجرة المثل،و لكن الأظهر صحتها و استحقاق الأجير الاجرة المسماة و إن خاط بغير أمره و لا إجازته لم يستحق عليه شيئا و ان اعتقد أن المالك أمره بذلك.
بطلت الإجارة،فإن كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئا،و إن كان مجموع السفر و ايصال المتاع على نحو تعدد المطلوب،استحق من الاجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه،أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب، فالأظهر عدم استحقاقه شيئا.
فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء له،و إن كان بعد تمام العمل كان له اجرة المثل،و إن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من اجرة المثل،إلا إذا كان مجموع العمل ملحوظا بنحو وحدة المطلوب،كما إذا استاجره
على الصلاة أو الصيام،فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شيء،و كذا إذا كان الخيار للمستأجر،و يحتمل بعيدا أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء-كما إذا استاجره على الصلاة ففسخ في اثنائها-أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من اجرة المثل.
فالإجارة باقية على صحتها،و إذا باعها في أثناء المدة،ففي تبعية المنفعة للعين وجهان،أقواهما ذلك.
و جعل الاجرة تعميرها من كري الأنهار و تنقية الآبار و غرس الأشجار و نحو ذلك،و لا بد من تعيين مقدار التعمير كما و كيفا.
سواء أ كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة،كجبر الكسير و تضميد القروح و الجروح و نحو ذلك.
كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقوفة على مقدمات غير اختيارية للأجير،و كانت توجد عادة عند إرادة العمل.
بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج؛ لأنه الظاهر منه.
فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة-كما هو الظاهر عند الاطلاق-استحق تمام الاجرة،و كذلك إن كانت على نفس الأعمال المخصوصة،و كان النقص على النحو المتعارف،كما إذا صلى من دون أذان أو اكتفى في ذكر الركوع أو السجود بالتسبيحات الصغيرة ثلاث مرات و إن كان على خلاف المتعارف،كما إذا صلى من دون إقامة أو من دون قنوت أو يكتفي بالتسبيحات الأربع في الركعتين الأخيرتين مرة واحدة،نقص من الاجرة بمقداره،باعتبار أن تلك الخصوصيات داخلة في الإجارة.
فالأحوط الترتيب بين السور،و الظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور و كلماتها،و إذا قرأ بعض الكلمات غلطا و التفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم،فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الاجرة شيء،و إن كان بالمقدار غير المتعارف،ففي إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحا إشكال،و الأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.
فإن كان على نحو الخطأ في التطبيق-بأن كان مقصودة الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو-صح عن زيد و استحق الاجرة و إن كان على نحو آخر-بأن يصلي عنه عامدا أو ملتفتا إلى أنه لم يستأجر للصلاة عنه -لم يستحق الاجرة و لم يصح عن زيد.نعم،إذا علم بأن ذمة عمرو مشغولة بتلك الصلوات و قصد بها التبرع عنه صح،و لكن لم يستحق شيئا.
و اللّه سبحانه العالم.
المزارعة هي الاتفاق بين مالك الأرض و الزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها.
بكل ما يدل على تسليم الأرض للزراعة،و قبول الزارع لها،من لفظ كقول المالك للزارع مثلا:سلمت إليك الأرض لتزرعها،فيقول الزارع:قبلت،أو فعل دال على تسليم الأرض للزارع و قبول الزارع لها من دون كلام،و لا يعتبر فيها العربية و الماضوية،كما لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول،و لا يعتبر أن يكون الإيجاب من المالك و القبول من الزارع،بل يجوز العكس.
و أن يكون المالك متمكنا من التصرف في الأرض،فلو كان ممنوعا منه لسفه أو فلس أو كانت منفعتها مملوكة لغيره،لم تصح المزارعة،و كذلك العامل بأن يكون متمكنا
من التصرف فيها بكامل حريته،فلو كان عمله مملوكا لغيره بالإجارة أو نحوها، أو كان هناك عائق آخر من عمله فيها،لم تصح.
فلو جعل لأحدهما أول الحاصل و للآخر آخره بطلت المزارعة،و كذا الحال لو جعل الجميع لأحدهما.
فلو قال للزارع:ازرع و أعطني ما شئت،لم تصح بعنوان المزارعة، و كذلك لو عين للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة أطنان،و قد تسأل:أن تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصل هل يعتبر في صحة المزارعة أو لا؟
و الجواب:أنه لا يعتبر فيها،فلو قال المالك للعامل:ازرع هذه الأرض على الثلث كفى و إن لم يعين نوع الزرع من الحنطة أو الشعير أو نحوهما و لا يكون في ذلك غرر هذا إضافة إلى أن الغرر لا يوجب البطلان،و إنما يوجب الخيار فحسب.
و أما إذا لم تكن كذلك-كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها-بطلت المزارعة.
و إلا لم يلزم التعيين.
نعم،لو عين كليا موصوفا على وجه لا يكون فيه غرر-كمقدار جريب من هذه القطعة من
الأرض التي لا اختلاف بين أجزائها-صحت،بل و إن اختلفت أجزاؤها،فإن غاية ما يوجب اختلافها الغرر دون البطلان؛لما مر.
بأن يجعل على أحدهما أو كليهما،و يكفي في ذلك المتعارف الخارجي؛لانصراف الإطلاق فيه.
هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة،و إلا لزم أن يزرع بنفسه.
و الجواب:الظاهر أنه من المزارعة المصطلحة،على أساس ما مر من أنه لا يعتبر في إنشاء مضمونها لفظ خاص و صيغة مخصوصة،بل بكل ما يكون دالا عليه و ان كان فعلا خارجيا،و كذلك الحال لو أذن لكل من يتصدى للزرع من دون أن يعين شخصا معينا،بأن يقول:كل من زرع أرضي هذه فله نصف حاصلها أو ثلثه،فإنه بذلك أنشأ ملكية نصف الحاصل لمن يتصدى للزرع خارجا،كما أن تصديه كذلك قبول له.
و الجواب:أن اشتراط هذا المقدار و إن كان لمالك البذر،فلا مانع منه و لا ينافي مقتضى عقد المزارعة،فإن مقتضاه اشتراكهما في النتاج بنسبة معينة بحسب القرار الواقع بينهما و لو كان على البعض،و إن كان لغير مالك البذر،فان كان مرده إلى أن هذا المقدار من الحاصل دخل في ملكه ابتداء،فهو باطل على القاعدة
و مخالف لقانون المعاوضة،و إن كان مرده إلى أنه يكون ملكا له في طول دخوله في ملك المالك بنحو شرط النتيجة فلا بأس به،و أما إن كان البذر مشتركا بينهما، فحينئذ إذا اشترط مقدار معين من الحاصل لأحدهما،فإن لم يكن هذا المقدار بضميمة حصته أكثر من نسبته اشتراكه في البذر صح و لا بأس به،و إن كان أكثر ففيه التفصيل المتقدم.نعم،يجوز جعل هذا المقدار المعين لأحدهما بإضافة حصته في نفس عقد المزارعة لا بالشرط الخارجي،و يجوز استثناء مقدار البذر من الحاصل لمن كان البذر منه،و استثناء مقدار خراج السلطان و ما يصرف في تعمير الأرض.
تعين ذلك على الزارع،فلا يجوز له التعدي عنه، و لكن لو تعدى إلى غيره و زرع نوعا آخر منه،فللمالك الخيار بين الفسخ و الامضاء،فإن فسخ رجع على العامل باجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض.و أما الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له،و إن كان البذر للمالك فله المطالبة ببدله أيضا،و على تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضا،و ليست له مطالبة المالك باجرة العمل مطلقا؛باعتبار أن عمله هذا ليس بإذنه.هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل،و أما إذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة، و إلزام العامل بقطع الزرع أو إبقائه بالاجرة أو مجانا إن كان البذر له،و أما إذا كان للمالك،فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضا،و مع بذله يكون الزرع للعامل.هذا إذا كان على نحو الاشتراط،و أما إذا كان التعيين على نحو التقييد بطلت المزارعة،و حكمه ما تقدم في فرض الفسخ.
فإن كان البذر للمالك كان
الزرع له،و يضمن للزارع ما صرفه من الأموال،و كذا اجرة عمله و اجرة الآلات التي استعملها في الأرض،و إن كان البذر للزارع فالزرع له،و يضمن للمالك اجرة الأرض و ما صرفه المالك و اجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع.ثم إن رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع في الأرض بالاجرة أو مجانا فهو،و إن لم يرض المالك بذلك،جاز له إجبار الزارع على إزالة الزرع و إن لم يدرك الحاصل و تضرر بذلك،و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض و لو باجرة،كما أنه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض و لو مجانا.و كذلك الحال فيما إذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة و لم يدرك الحاصل.
مضافا إلى حصته.
لا ينفسخ إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه،و لا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم الوارث مقامه.نعم،ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل.
فإن كانت الأرض في تصرفه و كان تركه بلا عذر،يضمن منفعة الأرض للمالك التي قد فاتت تحت يده و استيلائه على الأرض من دون رضاه و عدوانا تطبيقا لقاعدة ضمان الغاصب للمنافع كالأعيان،نظير من غصب دار غيره،فإنه ضامن لمنفعتها الفائتة تحت يده غصبا،و لا يضمن له اجرة مثل العمل، على أساس أنه لا يكون مملوكا له،و لا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالما بالحال أو غير عالم بها،و إن لم تكن الأرض تحت يده بل كانت
تحت يد المالك،فحينئذ إن كان المالك مطلعا على ذلك،فالظاهر عدم ضمان الزارع،فإن فوت المنفعة في هذه الحالة مستند إلى ترك المالك الانتفاع بأرضه اختيارا لا إلى الزارع،و إن لم يكن المالك مطلعا فالظاهر ضمانه؛لأن فوتها في هذه الحالة مستند إليه لا إلى المالك.
فلو تبين بعد ذلك زيادتها أو نقيصتها فعلى المتقبل تمام ذلك المقدار،سواء كان أقل من حصة صاحبة أو أكثر منها،و لا يجوز ذلك قبل بلوغ الحاصل و إدراكه؛لأنه من تقسيم المعدوم و هو بحاجة إلى دليل،ثم أن صحة الخرص منوطة بكون المقدار المخروص عليه من حاصل ذلك الزرع،فلا يصح جعله من نوع آخر من ذلك الحاصل،و الأظهر اللزوم بعد القبول و التراضي،و لو تلف الزرع أو بعضه بعد الخرص كان عليهما،على أساس أن الملحوظ في المقدار المعين إنما هو نسبته إلى المجموع،فإذا ورد النقص على المجموع،ورد عليه أيضا بنفس النسبة.
و إذا غرق بعضها تخير المالك و العامل في الباقي بين الفسخ و الإمضاء.
بأن تكون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع،و كذا الحال إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور.
و لكن كل ذلك يحتاج إلى تعيين و جعل في ضمن العقد،إلا
أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق،و كذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه و بين العامل،كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل،فيجوز أن يكون عليهما،و كذا الحال في سائر التصرفات و الآلات.و الضابط:أن كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد.
-كما إذا انقطع الماء عنه و لم يمكن تحصيله،أو استولى عليه الماء و لم يمكن قطعه،أو وجد مانع لم يمكن رفعه-فالظاهر بطلان المزارعة من الأول؛لكشفه عن عدم قابلية الأرض للزراعة،و عليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر فإن كان البذر للمالك فعليه اجرة مثل عمل العامل،و إن كان للعامل فعليه اجرة مثل أرضه.
بطلت المزارعة بالإضافة إلى المزارع،فإن أجاز المالك عقد المزارعة وقع له،و إلا كان الزرع للزارع و عليه اجرة المثل لمالك الأرض،و يرجع فيما خسره إلى المزارع إن كان مغرورا من قبله،بحيث تكون خسارته مستندة إليه عرفا،و إلا فليس له الرجوع إليه.و إذا انكشف الحال قبل بلوغ الزرع و إدراكه، كان المالك مخيرا أيضا بين الإجازة و الرد فإن رد،فله الأمر بالإزالة أو الرضا ببقائه و لو باجرة،و على الزارع اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى،و يرجع إلى المزارع بالخسارة مع الغرور كما تقدم.
و تجب على أحدهما إذا بلغت حصته كذلك.هذا إذا كان الزرع مشترك بينهما من الأول أو من حين ظهور الثمر قبل صدق الاسم.و أما إذا كان
الاشتراك بعد صدق الاسم أو من حين الحصاد و التصفية،فالزكاة على صاحب البذر فقط،سواء أ كان هو المالك أم العامل دون غيره،و هل يصح هذا الاشتراك أو لا؟و الجواب:الظاهر أنه لا مانع منه؛لأنه تابع للقرار الواقع بينهما في عقد المزارعة.
فحاصله في العام الآتي لمالك البذر،فإن كان البذر لهما فهو لهما،و إن كان لأحدهما فله.نعم،إذا أعرض عنه فهو لمن استولى عليه،سواء أ كان مالك الأرض أم كان غيره،غاية الأمر لا يجوز استيلاء غير صاحب الأرض عليه إلا برضاه؛باعتبار أنه يستلزم التصرف فيها.
و لو اختلفا في الحصة قلة و كثرة،فالقول قول صاحب البذر المدعي للقلة.و أما إذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما،فالمرجع التحالف،و مع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة على أساس عدم إمكان تحقق المزارعة من دون ذلك،فإذا تحققها بحاجة إلى عقد جديد.
و الجواب:أنه لا يضمن نسبة التفاوت في الحاصل،لعدم صدق الإتلاف عليها،و من دونه لا مبرر له،و لكن لا يبعد أن يضمن نسبة المنفعة الفائتة للأرض؛باعتبار أن فوتها مستند إلى تقصيره و تسامحه،و لا فرق في ذلك بين أن يكون البذر له أو للمالك.نعم،إذا كان هناك تقصير منه في زرع الحبوب في
الأرض-كما إذا زرعها فيها قبل توفير الشروط لها-فحينئذ إن كانت الحبوب للمالك ضمن المقدار التالف منها،و إلا فلا شيء عليه،كما أنه لو قصر في تربية الزرع بعد وجوده و أدّى تقصيره و تسامحه فيها إلى تلف مقدار منه،ضمن.
إما بالتقايل أو بخيار الشرط لأحدهما أو بسبب آخر،فهل يكون معناه رفع العقد من الأول و فرضه كأن لم يقع نهائيا أو لا؟
و الجواب:الأقرب الثاني،لأن معنى الفسخ:حل العقد من حينه،و لا يعقل أن يكون الفسخ من الآن،و أثره و هو حل العقد من السابق،و على هذا فإن كان مفاد عقد المزارعة اشتراك المالك و العامل في الزرع من حين ظهوره،فقد ظل الزرع مشتركا بينهما إلى حين الفسخ،و من هذا الحين ينتقل الزرع إلى ملك صاحب البذر فقط،و حينئذ فإن كان البذر لمالك الأرض،فعليه أن يدفع بدل ذلك الاجرة التي يتقاضاها الأجراء عادة في مثل ذلك العمل للعامل،و إن كان للعامل فعليه أن يدفع بديلا عن ذلك قيمة منفعة الأرض التي استوفاها لحد الآن،و أما بقاء الزرع بعد ذلك فهو منوط بإذن مالك الأرض به مجانا أو مع الاجرة،و إلا فعلى العامل قطعه و تخلية الأرض منه،و إن كان مفاد العقد اشتراكهما في الحاصل من حين ظهوره فحينئذ إن فسخ العقد قبل ظهور الحاصل ظل الزرع في ملك من له البذر،سواء أ كان المالك أم الزارع.نعم،إذا كان المالك فللزارع أن يرجع عليه و يطالبه باجرة المثل و هي الاجرة التي يتقاضاها الاجراء عادة في مثل ذلك العمل،و إذا كان الزارع،فللمالك أن يرجع عليه و يطالبه بقيمة منفعة الأرض التي استوفاها بزرع بذره فيها،و إن فسخ العقد بعد ظهور الحاصل و قبل إدراكه،رجع الحاصل إلى ملك صاحب البذر من
الآن،و عليه فإن كان صاحب البذر هو المالك اشتغلت ذمته للعامل باجرة مثل عمله لحد الآن،و إن كان هو العامل اشتغلت ذمته بقيمة منفعة الأرض التي استوفاها،و إن كان كلاهما معا،كما إذا كان البذر بينهما مشتركا ظل الحاصل كذلك بنفس النسبة،و حينئذ فللمالك أن يرضى ببقاء حصة العامل على الأرض مجانا أو مع الاجرة،كما أن له أن يطلب منه قطعها و تخلية الأرض منها،و أما على القول الأول-و هو أن معنى الفسخ إنهاء العقد من الأول-فإن وقع الفسخ في الأثناء،فحينئذ إن كان البذر للزارع كان الزرع له،و للمالك أن يرجع عليه و يطالبه بقيمة منفعة الأرض التي استوفاها من الأول بزرع بذره فيها،و لا شيء للزارع عليه،و إن كان البذر للمالك كان الزرع له و للزارع أن يرجع عليه و يطالبه باجرة المثل لعمله الذي بذله فيها بأمره من حين البدء في الزرع،و لا شيء للمالك عليه،و لا فرق على هذا القول بين أن يكون مبدأ الاشتراك بينهما من البذر أو من الزرع أو من ظهور الحاصل.نعم،لو كان البذر مشتركا بينهما ظل الزرع مشتركا بينهما بعد الفسخ أيضا،و حكمه ما تقدم.
و الجواب:الظاهر أن مقتضى إطلاق العقد هو الثاني،إلا إذا كانت هناك قرينة على الأول.
أو ادعى تقصيره فيه على وجه يضر بالزراعة أو تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك،و أنكره الزارع،فالقول قوله.
و كذلك الحال في كل مورد ادعى أحدهما شيئا و أنكره الآخر ما لم يثبت ما
ادعاه شرعا.
و لا يبطل بالموت،و أما إذا أوقعه البطن المتقدم من الموقوف عليهم ثم مات في الأثناء قبل انقضاء المدة،بطل العقد من ذلك الحين،إلا إذا أجاز البطن اللاحق.
بمقدار معين من جنسه أو غير جنسه بعد التخمين بحسب المتعارف في الخارج،بل يجوز ذلك قبل ظهور الحاصل مع الضميمة.
بل يصح العقد على أرض بائرة و خربة لا تصلح للزرع،إلا بعد إصلاحها و تعميرها سنة أو أكثر.و عليه فيجوز للمتولي أن يزارع الأراضي الموقوفة وقفا عاما أو خاصا التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو أكثر حسب ما يراه صالحا.
المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة و إصلاح شئونها إلى مدة معينة بحصة من أثمارها،
و يكفي فيه كل ما يدل على المعنى المذكور من لفظ أو فعل أو نحوهما،و لا يعتبر فيها العربية و لا الماضوية.
و أما عدم الحجر لسفه أو فلس،فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل محضا.نعم،يعتبر فيه أن لا يكون عمله مملوكا لآخر بإجارة أو نحوها.
أو يكون تصرفه فيها نافذا بولاية أو وكالة أو تولية.
و لا يضر اختلاف تلك المدة زيادة و نقيصة باختلاف الجو من حيث الحرارة
و البرودة و الاعتدال،و لا حاجة إلى تعيينها بالأشهر أو السنين،فإن تعيينها بها لا بد أن يكون بمقدار تبلغ فيه الثمرة،فلو كان أقل من ذلك بطلت المساقاة.
فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معين دون غيره.و قد تسأل:هل يجوز أن يجعل للعامل مقدار معين من الثمرة كطنّ مثلا بالإضافة إلى الحصة المشاعة له أو لا؟
و الجواب:إن كان ذلك بالشرط في ضمن عقد المساقاة،و كان مدلوله دخول هذا المقدار في ملكه ابتداء فهو باطل على القاعدة،و إن كان مدلوله دخوله في ملكه في طول دخوله في ملك المالك بنحو شرط النتيجة،فلا يبعد صحته.
نعم،يجوز اشتراط ذلك للمالك مضافا إلى الحصة المشاعة،و لا يلزم منه المحذور المذكور.
و قد تسأل:أن المزارعة و المساقاة و نحوهما من المعاملات بما أنها تتضمن تمليك المعدوم،فمقتضى القاعدة فيها الفساد؛لعدم كونها مشمولة لعمومات الصحة؟
و الجواب:الظاهر أن هذه المعاملات معاملات شائعة بين الناس و متعارفة،و ليست من المعاملات السفهائية لدى العقلاء حتى لا تكون مشمولة للعمومات،بل هي معاملات عقلائية و مشمولة لها،و دعوى:أنها تتضمن تمليك المعدوم،فيرد عليها:أنه إن أريد به تمليك المعدوم بما هو معدوم،فهو غير معقول؛ لأن المعدوم بما هو ليس بشيء حتى يعقل تمليكه،و إن أريد به:أن الحاصل من الزرع و كذا الثمرة من الشجرة معدوم حين إنشاء تمليك حصة منه للعامل،فيرد عليه:أن الأمر و إن كان كذلك،إلا أن معناه ليس تمليك الحاصل و النتاج في حال كونه معدوما،بل معناه:إنشاء ملكية مقدار منه للعامل من حين ظهوره و بروزه
في الخارج،و لا مانع من ذلك،أي:من إنشاء ملكية شيء مقيدة بقيد متأخر زمانا،كما هو الحال في الوصية التمليكية،و في الوقف على البطون اللاحقة،و من الواضح أن جعل ملكية شيء كذلك لا يكون لدى العرف و العقلاء من جعل ملكية شيء معدوم،كي يكون على خلاف قانون المعاوضة،و دعوى:أن لازم ذلك انفكاك المنشأ عن الإنشاء و هو مستحيل،مدفوعة:بأن المنشأ في عالم الجعل و الاعتبار عين الإنشاء،و الاختلاف بينهما بالاعتبار،و لا يمكن انفكاكه عنه كالإيجاد و الوجود في عالم التكوين،فإن الوجود عين الإيجاد و لا اختلاف بينهما إلا بالاعتبار،و أما المنشأ في عالم المجعول فلا مانع من تأخره عن الإنشاء زمانا؛ باعتبار أن وجوده في هذا العالم متوقف على وجود موضوعه في الخارج،و على هذا فالملكية الإنشائية في المقام عين الإنشاء،و يستحيل انفكاكه عنه،و الملكية الفعلية متأخرة عنه و هي غير منشأة به،فالنتيجة على ضوء هذا الأساس أن المرجع عند الشك في صحة عقد المزارعة أو المساقاة و فساده من جهة الشك في اعتبار شيء فيه العمومات،و مقتضاها الصحة،كما هو الحال في البيع و الإجارة و نحوهما.
و يكفي الانصراف أو إذا كان هناك قرينة على التعيين.
و أما إذا لم يحتج إلى ذلك،فصحتها بلحاظ القطف و الحفظ محل إشكال بل منع.
-فالظاهر عدم وقوع المساقاة عليها،و لكن لا مانع من
كونها معاملة مستقلة إذا كانت مع تراضي الطرفين لوضوح أنها ليست من المعاملات السفهائية عند العقلاء حتى لا تكون مشمولة للعمومات،و عليه فلا تتوقف صحتها على دليل خاص،و لا تصح المساقاة على الأشجار غير المثمرة كالصفصاف و الغرب و نحوهما،و تصح على الشجر الذي ينتفع بورقه كالحناء و نحوه.
إذا احتاجت إلى أعمال اخرى.
و هل يجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة أو لا؟قولان، بل أقوال،أظهرها الوجوب،بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك و أن يكون للعامل،و لا بين صورة عدم ظهور الثمرة أصلا،و صورة تلفها بعد الظهور.
و يجوز العكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلا و النصف الآخر لهما،و يجوز تعددهما معا.
و نحو ذلك مما لا يرجع إلى الثمرة،و إنما يرجع إلى غيرها من الأرض أو الشجرة.
و إذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد
و هي أن يدفع شخص
أرضه إلى غيره ليغرس فيها،على أن تكون الأشجار المغروسة بينهما بالسوية أو بالتفاضل،على حسب القرار الواقع بينهما،و لكنه لا يخلو عن إشكال،و الأقرب الصحة.
حيث إنه ليس بعقد مساقاة؛لأن عمل العامل يكون حينئذ بلا عوض،و إذا انتفى عقد المساقاة كان الحاصل بكامله للمالك،و لا يستحق العامل على المالك شيئا،أما مع علمه بفساد العقد و عدم استحقاقه شيئا من الحاصل،فقد أقدم على التبرع مجانا،و ما مع جهله بالحال فلأنه و إن تخيل لزوم العمل عليه بملاك وجوب الوفاء بالعقد و عدم قصده التبرع،إلا أن مجرد ذلك لا يكفي في الضمان و استحقاقه الاجرة على عمله،فإن الموجب للضمان أحد أمرين:
الأول:وجود العقد الصحيح،و هو مفقود في المقام على الفرض.
الثاني:صدور العمل منه بأمر الغير لا بقصد التبرع،و هو أيضا مفقود؛ لأن أمر المالك بالعمل في مفروض المسألة يكون بالمجانية لا بالضمان،و أما إذا جعل تمام الحاصل للعامل،فهل هو صحيح أو لا؟
و الجواب:أنه و إن لم يكن صحيحا بعنوان عقد المساقاة،إلا أنه لا مانع من الحكم بصحته،بعنوان أنه معاملة مستقلة بينهما؛إذ للمالك أن يجعل تمام الحاصل للعامل في مقابل عمله بسقاية الأصول و الحفاظ عيها،فإنه أمر عقلائي و ليس بسفهي و مشمول للعمومات.نعم،إذا كان بطلان المساقاة من جهة أخرى وجب على المالك أن يدفع للعامل اجرة مثل عمله حسب المعتاد و المتعارف.
لا يبطل و لا ينفسخ إلا بالتقايل و التراضي أو الفسخ ممن له الخيار و لو من جهة تخلف بعض الشروط التي
جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان.
و لا تنفسخ المساقاة،و إذا مات العامل قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في العمل قيدا،فإن لم يقم الوارث بالعمل و لا استأجر من يقوم به،فهل للحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل،و يقسم الحاصل بين المالك و الوارث أو لا؟ و الجواب:أن المشهور و إن كان ذلك،و لكنه لا يخلو عن إشكال،و الأظهر ثبوت الخيار للمالك حينئذ،و أما إذا اخذت المباشرة في العمل قيدا انفسخت المعاملة.
بمعنى:أنهما عليهما لا على خصوص واحد منهما.نعم،إذا كان هناك تعيين أو انصراف في كون شيء على العامل أو المالك فهو المتبع،و الضابط:أن كون عمل خاص أو آلة خاصة على أحدهما دون الآخر تابع للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما أو من جهة الانصراف من الإطلاق،و إلا فهو عليهما معا.
و الجواب:ليس له ذلك على الأظهر،و إنما له الخيار و حق الفسخ من جهة تخلف الشرط.نعم،له حق الإجبار على العمل الذي يكون موردا للعقد لا للشرط.
فيجوز له أن يستأجر شخصا في بعض أعمالها أو في تمامها و عليه الاجرة،كما أنه يجوز أن يشترط كون اجرة بعض الأعمال على
المالك.
كالنخل و الكرم و الرمان و نحوها من أنواع الفواكه،فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه الأنواع تفصيلا في صحة المساقاة عليها،بل يكفي العلم الإجمالي بها على نحو يرتفع معه الغرر.
كأن تجعل في النخل النصف مثلا و في الكرم الثلث و في الرمان الربع و هكذا.
و بالثلث إن كان السقي بالسيح،و لا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها.
سواء أ كان بنحو شرط الفعل أم كان بنحو شرط النتيجة،و قد تسأل:أنه إذا تلف بعض الثمرة أو كلها،فهل ينقص عما اشترط أحدهما على الآخر من ذهب أو فضة أو نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة على الأول أو لا؟و هل يسقط الشرط تماما على الثاني أو لا؟
و الجواب:أن الشرط المذكور إن كان منوطا بسلامة الثمرة و عدم تلفها لا كلا و لا بعضا سقط بتلفها و لو بعض منها،على أساس أن المعلق عليه الشرط،هو سلامة الثمرة كلا و هي لم تبق سالمة كذلك،و إن كان منوطا بسلامة الثمرة بالنسبة، فحينئذ إن تلف جميع الثمرة بآفة سماوية أو غيرها،سقط جميع الشرط أيضا،و إن تلف بعضها سقط من الشرط بالنسبة،و إن كان منوطا بصحة العقد لم يسقط الشرط أصلا و إن تلف جميع الثمرة.نعم،إذا بطل العقد حينئذ بطل الشرط أيضا،
باعتبار أنه معلق على العقد الصحيح.
فعندئذ إن أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه و بين العامل و إلا بطلت، و كان تمام الثمرة للمالك،و للعامل اجرة المثل يرجع بها إلى الغاصب.
و له أن يرجع إلى كل منهما بمقدار حصته،و ليس له أن يرجع إلى العامل بتمام العوض.
و إلا فالزكاة على المالك فقط.
و كذا الحال فيما إذا اختلفا في المدة.
و أما إذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة و نقيصة-بأن يطالب المالك العامل بالزيادة-فالقول قول العامل،و لا تسمع دعوى المالك على العامل الخيانة أو السرقة أو الإتلاف،أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعا بعد ما كان المفروض أن العامل كان أمينا له.
الجعالة من الإيقاعات،لا بد فيها من الإيجاب عاما مثل:من رد عبدي الآبق أو بنى جداري فله كذا،أو خاصا مثل:إن خطت ثوبي فلك كذا.
و لا يحتاج إلى القبول،لأنها ليست معاملة بين طرفين حتى يحتاج إلى قبول،بخلاف المضاربة و المزارعة و المساقاة و نحوها،بل إنها في الحقيقة استحقاق الجعل المحدد بملاك ضمان عمل الغير بأمره به لا على وجه التبرع،و من هنا تكون الجعالة بحسب الارتكاز العرفي منحلة إلى جزءين:
الجزء الأول:الأمر العام أو الخاص بالعمل الذي تكون له اجرة المثل في نفسه،و قابل للضمان بالأمر به،و الآخر تعيين الاجرة بإزاء ذلك العمل،و الجزء الأول من الجعالة هو ملاك الضمان،و يكون الضمان هناك من قبيل ضمان الغرامة لا الضمان المعاوضي.
الجزء الثاني:يحدد قيمة العمل المضمون بضمان الغرامة،و هي اجرة المثل، فإنها الأصل في الضمان،و تصح على كل عمل محلل مقصود عند العقلاء و له اجرة.
و يجوز أن يكون مجهولا،كما يجوز في العوض أن يكون مجهولا،إذا كان بنحو لا يؤدي إلى التنازع،مثل:من رد عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب.
و إذا كان العوض مجهولا محضا،مثل:من رد عبدي فله شيء بطلت،و كان للعامل اجرة المثل.
سواء أجعل لغيره أم لم يجعل.
كما إذا قال:من خاط ثوب زيد فله درهم،فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.
أما إذا كان المجعول عليه غيره،كما إذا قال:من أوصل عبدي إلى البلد كان له درهم، استحق العامل الدرهم بإيصاله إلى البلد و ان لم يسلمه إلى أحد،و إذا قال:من خاط هذا الثوب فله درهم،استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة.
يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل،و في جواز الرجوع في أثنائه إشكال،فإن صح رجوعه فيها،فلا إشكال في أن للعامل اجرة المقدار الذي عمله.
ثم قال:من خاط هذا الثوب فله دينار،كان العمل على الثاني،فإذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم.و لو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار،و إذا لم تكن قرينة على العدول من الأول الى الثاني وجب الجعلان معا.
كبناية
بيت أو خياطة ثوب متعدد الجوانب أو اثواب،فإذا اشترك جماعة في إيجاده فأوجدوه،كان الجعل المحدد يقسم للجميع بينهم على نسبة عمل كل واحد منهم فيه،و إذا كان الفعل قابلا للتعدد وجودا و صدر من كل واحد منهم مستقلا،كان لكل واحد منهم جعل مستقل،كما إذا قال الجاعل:كل من قرأ هذا الكتاب فله كذا مبلغا،فإذا قرأه أفراد متعددة كل منهم مستقلا،كان لكل منهم جعل كذلك.
و إذا جعل جعلا على دلالة مكان الشارد مثلا فدله على مكانه استحق الجعل.
كان القول قول المالك.
و الأظهر أنه مع التنازع في قدره يكون القول قول مدعي الأقل،و مع التنازع في ذاته يكون القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل،و تجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل و بينه.
على أساس أن التأمين إما أن يكون من صغريات باب الضمان المعاوضي أو من صغريات الهبة المعوضة أو أنه معاملة مستقلة،و تخريجه على الأول:أن الضمان المعاملي على نحوين:
أحدهما:نقل الدين من ذمة فرد إلى ذمة فرد آخر،و الآخر التعهد بالشيء و جعله في مسئولية،و يؤدي هذا التعهد إلى اشتغال ذمته بقيمته على تقدير التلف،و هذا النحو من الضمان يتصور في الديون و الأعيان،فإذا تعلق التعهد
بالدين فلا يتطلب نقل الدين من ذمة المدين إلى ذمة الضامن،بل يتطلب تعهد الضامن بوفاء ذلك الدين،و على هذا فنقول:إن حقيقة عقد التأمين الضمان بالمعنى الثاني؛لأن شركة التأمين أو البنك تتعهد بدفع المبلغ المؤمن عليه في حالات خاصة،كحدوث الوفاة أو المرض أو غيره من الحوادث أو ما يتلف من ممتلكات الإنسان في مقابل الحصول على مقدار من المال يتفق الطرفان عليه،فإذا تعهدت الشركة بذلك،و قبل الطرف الآخر المؤمن له بحسب الشروط و القرار الواقع بينهما تحقق الضمان شرعا،فإذا كان التأمين على الحياة فالشركة متعهدة بدفع المبلغ المؤمن عليه عند الوفاة،و إذا كان على الصحة فهي متعهدة لدفع المبلغ المذكور عند تدهور حالته الصحية أو تمارس علاجه مباشرة،و إذا كان على المال فهي متعهدة بدفع المبلغ عند التلف منه.و التأمين المعبر عنه في هذا العصر بال«سيكورته»صحيح بعنوان الضمان المعاوضي.
و تخريجه على الثاني:أن من أراد التأمين على نفسه أو ماله يصدر خطابا إلى الشركة يتضمن الطلب منها بتحمل الخسارة لو حدث حادث بمالي أو نفسي لقاء هبتي مبلغا معينا شهريا،فإذا وافقت الشركة على ذلك،و تسجل على نفسها جميع ما اشترط في الخطاب عليها كانت تلك قبولا منها لهذه الهبة المشروطة.
و تخريجه على الثالث:إذا توافق الطرفان،أي:الشركة و طالب التأمين و تعاقدا بينهما،بموجب وثيقة تصدرها الشركة لهذا الغرض،و تذكر فيها جميع الشروط المطلوبة،فتشمل المعاملة حينئذ على الإيجاب و القبول و الرضا من الطرفين،و في نفس الوقت لا تكون المعاملة معاملة سفهية،على أساس أن الشركة لا تقدم على المعاملة و المعاقدة مع طالب التأمين،و لا توقع على الوثيقة
إلا بعد حصول الاطمئنان بالنفع،و كذلك طالب التأمين،فتكون المعاملة حينئذ معاملة عقلائية،و حيث أنه لا ينطبق عليها شيء من العناوين الخاصة للمعاملات الشرعية،فهي معاملة مستقلة،و بما أنها نوع من التجارة عن تراض فيحكم بصحتها.
و إنما يصحان في السهام، و الحراب و السّيوف و الإبل،و الفيلة و الخيل و البغال و الحمير،و لا يبعد صحة المسابقة في جميع الآلات المستعملة في الحرب،كالآلات المتداولة في زماننا بغرض الحفاظ على حدود البلاد الإسلامية.
و يجوز جعله للسابق و للمحلل و ليس المحلل شرطا.
فلا بد من تقدير المسافة و العوض و تعيين الدابة أو غيرها،و لا بدّ في الرماية من تقدير عدد الرمي و عدد الإصابة و صفتها من الخزق أو الخرق، و الأول ما ينفذ في الهدف و الثاني ما يخرج منه،و قدر المسافة،و الغرض ما يقصد إصابته و هو الرقعة و الهدف ما يجعل فيه الغرض،و العوض و نحو ذلك.
فله العوضان،فمن سبق من الثلاثة فهما له،فإن سبقا فلكل ماله،و إن سبق أحدهما و المحلل،فللسابق ماله و نصف الآخر و الباقي للمحلل.
بل يجري دابته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد،على أنه إن سبق بنفسه أو مع غيره أخذ العوض أو بعضه على حسب الشرط،و إن لم يسبق لم يغرم شيئا.
و يضمن العوض إذا ظهر مستحقا للغير مع عدم اجازته و عدم كون الباذل غارّا،و يحصل السبق بتقدم العنق أو الكتد،و هو العظم الناتئ بين الظهر و أصل العنق إذا لم تكن قرينة على خلاف ذلك.
كما إذا ورثوا دارا أو بستانا أو أرضا أو غير ذلك،و قد تتحقق اختيارا بالعمل لا بالعقد، كما إذا قام شخصان بإحياء أرض موات بالاشتراك أو حفر بئر أو عين كذلك أو قلع شجر أو جمع حطب و غير ذلك،و قد تتحقق بالمزج،كما إذا مزج حنطة بحنطة أو دقيق إحداهما بالاخرى أو دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو دهن بدهن،سواء أ كانا من جنس واحد أم من جنسين.
و قد تتحقق بالعقد،فإذا قال مالك العين كالدار أو نحوها مثلا:شاركتك فيها،و قال الآخر:قبلت،حصلت الشركة بينهما في العين،و تترتب عليها أحكامها،و إذا كانت لكل منهما عين،و قال أحدهما:شاركتك فيها،و قبل الآخر أصبحت عينه مشتركة بينهما،و إذا قال الآخر:شاركتك و قبل الأول صارت عينه مشتركة بينهما،فتكون الشركة في العينين،و هناك قسم آخر من الشركة،و هو ما إذا اشترى أحد سلعة،و قال لآخر:انقد ثمنها على أن يكون الربح بينهما،فإذا قبل الآخر و انقد ثمنها،حصلت الشركة بينهما في السلعة.
فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه،فإذا فسخ أحدهما لم يجز للآخر التصرّف في المال المشترك فيه،و ينفسخ عقد الشركة بعروض الموت أو الجنون أو الحجر بفلس أو سفه لأحد الشريكين،و يكره مشاركة الذّمي.
و أما في الديون و المنافع،فالمشهور عدم صحتها فيهما،و لكنه لا يخلو عن إشكال، و أما في الأعمال بأن يتعاقدا على أن تكون اجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما، سواء كانا متفقين في العمل،كما إذا كان كلاهما خياطا مثلا أم مختلفين فيه،كما إذا كان أحدهما خياطا و الآخر نجارا أو بناء و هكذا،فهل تصحّ أو لا؟ و الجواب أن الصحة لا تخلو عن إشكال،و الأحوط ترك ذلك.نعم،لو صالح كل منهما صاحبه،على أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدّة معيّنة،فقبل الآخر صح،و كان عمل كل منهما مشتركا بينهما بالصلح.
صح ذلك و وجب العمل بالشرط.
بأن يتعاقدا على أن يشتري كل منهما مالا بثمن في ذمّته إلى أجل،ثم يبيعانه و يكون ربحه بينهما و الخسران عليهما؟و الجواب:أن صحتها محل إشكال و الأحوط الترك.
بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما، و ما يرد على كل منهما من غرامة تكون عليهما معا.
فالأحوط أن يتصالحا في الربح و الخسارة في ضمن عقد آخر لازم،على أنه إن ربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه و إن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته.
بإرث أو وصية أو بفعلهما معا كما تتحقق بمزج أحد المالين بالآخر،على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس،كمزج الحنطة بالحنطة أو مع الاختلاف فيه.
فإن تساويا في الحصة كان الربح و الخسران بينهما بالسوية،و إن اختلفا فبالنسبة.
صح إذا كان للمشروط له عمل،و أما إذا لم يكن له عمل بإزائه،فهل يصح هذا الشرط أو لا؟و الجواب:أنه إن اريد بهذا الشرط أن الزائد من الربح ينتقل إليه و يدخل في ملكه ابتداء،فهو شرط باطل على القاعدة،و لا يكون نافذا و لو بالصلح عليه؛لأنه مخالف لقانون المعاوضة،و إن اريد به أن الزائد من الربح يدخل في ملكه في طول دخوله في ملك الآخر بنحو شرط النتيجة،فلا بأس به.
و إذا أذن له في نوع من التصرّف،لم يجز التعدّي إلى نوع آخر.
نعم،إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر و الطريق غير النافذ و الدهليز و نحوها،مما كان الانتفاع به مبنيا عرفا على عدم الاستئذان،جاز التصرّف و إن لم يأذن الشريك.
كما لو كانا مشتركين في طعام،فإذا لم يأذن أحدهما في التصرّف رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في أكله أو بيعه أو نحوهما؛ليسلم من الضرر إن أمكن،و إلاّ فيجوز له التصرّف فيه بمقدار حصّته.
بحيث أدّى ذلك إلى الضرر،رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في التصرّف الأصلح حسب نظره إن أمكن،و إلاّ فيجوز له التصرف في ماله المشترك.
فإن لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة،لم تجب إجابته،و إلاّ وجبت الإجابة و يجبر عليها لو أمتنع.
فإنه تجب الإجابة و يجبر الشريك عليها لو أمتنع.
لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.
لكن الأحوط-استحبابا-خلافه.
و لا تصح قسمة الوقف في نفسه إذا كانت منافية لشرط الواقف،و إلاّ صحت.
لا يضمن ما في يده من المال المشترك
ألاّ بالتعدي أو التفريط،و إذا ادعى التلف قبل قوله مع يمينه،و كذلك يقبل قوله مع يمينه إذا ادعى عليه التعدي أو التفريط فأنكر.
المضاربة هي أن يدفع الإنسان مالا إلى غيره ليتجر فيه،على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك،
و يكفي فيها كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلك،و لا يعتبر فيهما العربية و لا الماضوية.
و أمّا عدم الحجر من سفه أو فلس،فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.نعم،يعتبر في العامل أن لا يكون عمله مملوكا لآخر بالإجارة أو نحوها.
إلا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.
و الجواب:أن مرجع هذا الشرط إن كان إلى دخول هذا المقدار من الربح في ملك الأجنبي ابتداء،فهو باطل جزما و مخالف لقانون المعاوضة،و إن
كان إلى دخوله في ملكه في طول دخوله في ملك المالك بنحو شرط النتيجة، فالظاهر أنه لا بأس به.نعم،إذا اشترط على الأجنبي عمل فيها صح الشرط المذكور و إن قلنا ببطلان شرط النتيجة.
فإذا كان عاجزا عنه لم تصح.هذا إذا اخذت المباشرة قيدا،و أما إذا كانت شرطا لم تبطل المضاربة،و لكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.و أما إذا كان العامل عاجزا عن التجارة حتى مع الاستعانة بالغير،بطلت المضاربة.و لا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول،و طروه بعد حين،فتفسخ المضاربة من حين طروّ العجز.
و في صحتها بالمنفعة إشكال و الأقرب الصحة،و كذلك الحال في الدين.
فلو كان بيد المالك و تصدى العامل للمعاملة صحت.
و يكون لكل من العامل و المالك ما جعل له من الحصة نصفا أو ثلثا أو نحو ذلك،و إذا وقع فاسدا، كان للعامل اجرة المثل و للمالك تمام الربح.
فلا يجوز التعدي عنه،فلو أمره أن يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس معين،فلا يجوز له التعدي عن النوع المأذون فيه من التجارة،و لو تعدى إلى غيره من أنواع التجارة،فإن أجاز المالك فهو المطلوب،و إن لم يجز،فعندئذ ان
خسر فيها فالخسارة عليه،كما انه لو تلف المال كله كان ضامنا؛لأن التلف مستند إلى تقصيره و تعديه عن حدود المأذون و المسموح له،فلا تكون يده يد أمين،و إن ربح فيها كان الربح بينهما،و بكلمة:أن المالك إذا اشترط على العامل ما يرجع إلى تقييد عمله و اتجاره بالبيع و الشراء،كان ذلك من تقييد الإذن،و أنه مجاز في المقدار المأذون دون أكثر منه،و لازم ذلك بطلان تجارته في غير الحدود المأذون فيها،و عدم استحقاقه شيئا لا من الربح و لا اجرة المثل،و لكن مقتضى الروايات الصحة و الربح بينهما و هو المتعين.
كما لا يعتبر ان يكون معينا،فلو أحضر المالك مالين و قال قارضتك بأحدهما صحت و إن كان الأحوط أن يكون معلوما كذلك و معيّنا.
فهل يصح هذا الشرط أو لا؟و الجواب:أنه لا يبعد صحته في نفسه،و دعوى:أنه فاسد من جهة أنه مخالف لما دلّ على عدم ضمان الأمين،فيكون من الشرط المخالف للكتاب و السنة،مدفوعة:بأن عنوان الأمين انما ينتزع للعامل في باب المضاربة من تسليط المالك على ماله مطلقا،و الإذن له في التصرف فيه كذلك،و أما إذا كان التسليط و الإذن منه مقيدا بالضمان على تقدير التلف،فلا منشأ لانتزاع عنوان الأمين له،فيكون شرط الضمان على هذا الأساس حاكما على دليل نفي الضمان عن الأمين.هذا إضافة أن مفاد أدلة عدم ضمان العامل هو نفي الضمان عنه باليد.
يعني،أن يده ليست يد مضمنة،و مفاد هذا الشرط هو جعل الضمان عليه ابتداء على تقدير التلف،لا أن يده يد مضمنة،فلا تنافي بين الأمرين،فالنتيجة أن
مقتضى القاعدة جواز جعل الضمان على عامل المضاربة،بمعنى:التعهد و جعل المال في العهدة و المسئوليّة،سواء كان ذلك بعقد مستقل أم كان بشرط في ضمن عقد ما بنحو شرط النتيجة،و كذلك الحال في سائر الامناء كالأجير و نحوه،إلاّ أن الالتزام بذلك في خصوص عامل المضاربة لا يخلو عن إشكال بل منع؛للنص الخاص في المسألة الظاهر في أن استحقاق المالك من الربح لا يجتمع مع ضمان العامل الخسارة،فإذا ضمنها العامل فليس للمالك إلا رأس ماله،و معنى ذلك بطلان المضاربة،و قد تسأل:هل النصّ يشمل اشتراط التدارك بنحو شرط الفعل لا شرط النتيجة أو لا؟
و الجواب لا يبعد الشمول؛لأنه و إن لم يكن تضمينا واقعا و بالمعنى الدقيق، إلا أنه مشمول لإطلاق قوله عليه السّلام في الحديث:«من ضمن تاجرا فليس له إلاّ رأس ماله»إذ يصدق على من اشترط عليه التدارك أنه ضمنه.
صح ذلك.
قولان،الأقوى هو الأول،و ذلك لأن عقد المضاربة في نفسه و إن لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده؛لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل،إلا أنّ عقد المضاربة من المالك على ذلك المال قرينة عرفية على رضاه ببقاء هذا المال في يده و تصرفه فيه.نعم، إذا لم تكن قرينة على ذلك لم يرتفع الضّمان.
سواء كان قبل الشروع في العمل أم بعده،كان قبل تحقق الربح أم بعده،كما أنه لا
فرق في ذلك بين كونه مطلقا أو مقيدا إلى أجل خاص.
إلاّ مع إذن المالك عموما أو خصوصا،و عليه فلو خلط من دون إذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال،و لكن هذا لا يضرّ بصحة المضاربة،بل هي باقية على حالها و الربح بينهما على النسبة.
من حيث البائع و المشتري و نوع الجنس.نعم،لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك،إلاّ إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه،و عليه فلو خالف و سافر و تلف المال ضمن،و كذا الحال في كل تصرف و عمل خارج عن عقد المضاربة.
و أما إذا لم يكن أمرا متعارفا،فلا يجوز من دون الإذن الخاص.
فعندئذ إن استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو،و إن اطلع المالك قبل الاستيفاء،فإن أجاز صح البيع،و إلاّ بطل.
بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضا.نعم،لو كان الجنس من الأجناس التي لا رغبة للناس فيها أصلا،فعندئذ لا يجوز ذلك؛لانصراف الإطلاق عنه.
و عليه أن يتولى ما يتولاه التاجر لنفسه من الامور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله،فيجوز له استئجار من يكون متعارفا استئجاره،كالدلال و الحمال و الوزان و الكيال و المحل و ما شاكل ذلك.و من هنا يظهر أنه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه،فالاجرة من ماله لا من الوسط،كما أنه لو تولّى ما يتعارف الاستئجار،جاز له أن يأخذ الاجرة ان لم يتصد له مجانا.
إذا كان السفر بإذن المالك،و لم يشترط نفقته عليه،و كذلك الحال بالإضافة إلى كل ما يصرف من الأموال في طريق التجارة،فإنه يجب أن يكون ذلك بإذن المالك،أما تصريحا من جهة أنه المعتاد و المتعارف في طريق التجارة.نعم،ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلى نفسه.و المراد من النفقة هي اللائقة بحاله،فلو أسرف حسب عليه.نعم،لو قتّر على نفسه أو حل ضيفا عند شخص لا يحسب له.
توزعت النفقة على نسبة العملين على الأظهر،لا على نسبة المالين كما قيل.
بل ينفق من أصل المال.نعم،إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه،و يعطى المالك تمام رأس ماله،ثم يقسم الربح بينهما.
فإن لم يمنعه من شغله،فله أخذ النفقة.نعم،ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض،و أمّا إذا منعه عن شغله فليس له أخذ النفقة،إلاّ إذا كانت هناك قرينة على ذلك،أو اشترط عليه أن تكون نفقة العلاج من المرض عليه في السفر كان أم في الحضر.
فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به،و كذلك إذا انفسخ العقد بموت أو غيره،و أما إذا كان الفسخ من قبل المالك،فهل نفقة رجوع العامل عليه أو على المالك؟
و الجواب:لا يبعد كون نفقة الرجوع عليه أيضا لا على المالك؛إذ لا مبرر لأخذ النفقة من المال المضارب به بعد فسخ العقد و حله،و لا التزام من المالك بكون نفقاته في سفره عليه مطلقا حتى بعد حل العقد.
و لم يكن هناك دليل معين لأحدهما،فقد يكون الاختلاف من جهة أن العامل يدعي القرض ليكون الربح له،و المالك يدعي المضاربة؛لئلاّ يكون عليه غير اجرة المثل و يكون الربح له،ففي مثل ذلك يتوجه الحلف على المالك،باعتبار أن قوله مطابق للأصل.بمعنى:أنه لا يكون مطالبا بالإثبات،و على العامل الإثبات، على أساس أنه يدعي قرضا،يعنى:انتقال المال من المالك إليه،فيكون مطالبا بإثباته شرعا،و إلاّ فعلى المالك اليمين،و بعدها يحكم بكون الربح للمالك،و ثبوت اجرة المثل عليه للعامل.و قد يكون من جهة أن المالك يدعى القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشيء،و العامل يدعي المضاربة الفاسدة بكون الخسارة على المالك و اشتغال ذمّته له،فيكون المقام من التّداعي، على أساس أن كلا منهما يدعي شيئا،فيكون مطالبا بإثباته شرعا،و بعد التحالف يكون الخسارة على المالك و عدم اشتغال ذمته للعامل.هذا إذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضا،و أما إذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة،بأن يدعي العامل المضاربة الفاسدة و المالك
البضاعة،فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماما للمالك بعد حلف المالك، و لا يكون للعامل اجرة المثل.
سواء أ كان المال أيضا واحدا أم كان متعددا،و سواء أ كان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أم كانوا متفاضلين،و كذا يجوز أن يكون المالك متعددا و العامل واحدا.
و اشترطا له النصف و تفاضلا في النصف الآخر،بأن جعل لأحدهما أكثر من الآخر مع تساويهما في رأس المال،أو تساويا فيه،بأن كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر مع تفاضلهما في رأس المال،فهل هذا صحيح بعنوان المضاربة أو لا؟ و الجواب:أن فيه تفصيلا،فإن مرجع هذا الجعل إن كان إلى دخول الزائد في ملك من لا يستحقه بعنوان المضاربة ابتداء،فهو باطل على القاعدة كما مر،و إن كان إلى دخوله في ملكه في طول دخوله في ملك المالك بنحو شرط النتيجة فلا يبعد صحته.
أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته،فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة.و أما على الثاني فلفرض الإذن به و انتفائه بموته.
كما لا يجوز أن يضارب غيره إلا بإذنه،فلو فعل ذلك من دون إذنه و تلف ضمن.نعم،لا بأس بالاستيجار أو التوكيل في بعض المقدمات على ما هو المتعارف في الخارج المنصرف إليه الإطلاق.
كخياطة ثوب أو نحوها،أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة أو قرض أو نحو ذلك،و يجب الوفاء بهذا الشرط،سواء أتحقق الربح بينهما أم لم يتحقق،و سواء أ كان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة.
و لا تتوقف على الإنضاض أو القسمة.نعم،لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف على الربح السابق،يجبر بالربح اللاحق الذي يحصل بعد ذلك إلى أن تستقر ملكية العامل.و هل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح و المال بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة خارجا،أو لا يكفي؟ وجهان،الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلي لوضوح أن المالك إذا أخذ رأس ماله مع حصته من الربح، و أخذ العامل حصته منه لم يبق بعد ذلك موضوع للمضاربة،و عليه فلا يكون التلف بعد القسمة محسوبا من الربح بل هو على مالكه.
فإن رضي الآخر فلا مانع منها،و إن لم يرض،فإن كان هو المالك فليس للعامل إجباره عليها،على أساس أن الربح وقاية لرأس المال،و ملكية العامل له بالظهور متزلزلة،فلو عرض عليه خسران أو تلف يجبر به،فإن الربح-بمقتضى عقد المضاربة-متعلق لحق المالك،فلا يجوز التصرّف فيه من دون إذنه ما لم ينته أمده، و إن كان هو العامل فالظاهر أن للمالك إجباره عليها.
و أما إذا كان أقل منه وجب على العامل ردّ أقل الأمرين من مقدار الخسران و ما أخذه من الربح.
وجب على العامل دفع أقل الأمرين من قيمة ما باعه أو وهبه و مقدار الخسران،و لا يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما،بل هو في حكم التلف.
بل الأظهر الجبر و إن كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة،كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر.هذا في تلف البعض،و أما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة،فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة.هذا في التلف السماوي،و أما إذا أتلفه العامل أو الأجنبي،فالمضاربة لا تبطل إذا أدّى المتلف بدل التالف،و أما إذا امتنع عن ذلك فللمالك إجباره و لو بالرجوع إلى الحاكم الشرعي.
يجبر بالربح السابق عدا المقدار الشائع منه في الذي أخذه المالك من رأس المال،على أساس أن المضاربة قد انفسخت بالنسبة إلى ذلك المقدار المأخوذ منه،فينحصر رأس المال بالباقي،و يكون العامل حينئذ مالكا لحصته من الربح في المقدار المذكور كالمالك،و معه لا موضوع لجبران ما يقع من الخسارة أو التلف على رأس المال الجديد به؛لأن الفسخ بالنسبة إلى ذلك المقدار موجب لاستقرار ملكه فيه،كما هو الحال في فسخ العقد في الجميع.
و على كلا التقديرين لا شيء للمالك و لا عليه،و كذا العامل،من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك.
و صرف مقدار من رأس المال في نفقته،فهل هو على المالك أو لا؟و الجواب:الأقرب أنه ليس عليه بل على العامل،بل لا يبعد كونه عليه و إن كان الفسخ من المالك،حيث إنه لا موجب لضمانه ما صرفه العامل في السفر،فإن إذنه في التصرّف فيه مشروط بشرط متأخّر،و هو تحقق التجارة الخارجية و لا يكون مطلقا،فإذا لم تتحقق فلا إذن.
فإن رضي كل من المالك و العامل بالقسمة فلا كلام،و إن لم يرض أحدهما اجبر عليها.
وجهان،و الوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط.
و أما الإيصال إليه فلا يجب،إلاّ إذا أرسله إلى بلد آخر،فعندئذ الأظهر وجوب الرد إلى بلده.
بأن ادعى المالك الزيادة و أنكرها العامل،قدّم قول العامل مع يمينه إذا لم تكن للمالك بيّنة عليها.و لا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجودا أو تالفا مع ضمان العامل.
بأن يدعي المالك الأقل و العامل يدعي الأكثر،فالقول قول المالك.
فالقول قول العامل.
بأن لا يشتري الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك،و العامل ينكره،فالقول قول المالك،فإن الشك يرجع إلى أن المالك هل أذن فيما يدعيه العامل أو لا،فالأصل عدمه.
و كذا الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات،مع فرض كونه مأذونا في المعاملات ذات النسيئة.
بل الأظهر سماع قوله حتى فيما إذا ادعى بعد الفسخ التلف بعده.
فإن كان معلوما بعينه فلا كلام،و إن علم بوجوده في التركة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها،و لا يكون المالك شريكا مع الورثة بالنسبة.
فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.
لم يستحق المالك عليه غير أصل المال و إن كان عاصيا في تعطيل