آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۳
جلد
3
منهاج الصالحین – جلد ۳
جلد
3
الثلث للاخوة من الام و الجد البعيد معا،فانه يحسب من احد الأخوة فيقسم بينهم بالسوية،و كذلك اذا ترك الميت اخوة لاب وجدا قريبا لام و جدّا بعيدا لأب،فان الثلث للجدّ القريب من الأم و الثلثين للأخوة من الأب و الجد البعيد معه،باعتبار انه يحسب احد الاخوة،فكان الوارث في المثال الاخوة من الأب و الجد من الام،فاذا فرض انه ترك خمسة اخوة من الأب في المثال و جدا قريبا لأم و جدا بعيدا لأب،قسم سهم الاخوة على ستة لا على خمسة، و كأنّ الميت ترك ستة اخوة من الاول،فالنتيجة ان الجد البعيد لا يزاحم الجد القريب في سهمه،فانه يرث سهمه كاملا،سواء أ كان هناك جد بعيد أم لا،كما ان القريب لا يمنع عن إرث البعيد مع الاخوة،على اساس انه يحسب من الأخوة و المفروض ان الأخوة و الجد صنفان من الوارث،فلا يمنع الاقرب منهما الأبعد من الارث.
كان للزوج النصف و للمتقرب بالام الثلث و ان كان واحدا ذكرا كان أم انثى و الباقي للمتقرب بالأب او الابوين واحدا كان أم متعددا،و اذا كان متعددا يقسم بينهم بالسوية اذا كانوا من الام،و اما اذا كانوا من الأب او الابوين،فيقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين كما هو الحال في الاخوة و الاخوات،اذ لا فرق بينهما و بين الاجداد و الجدات من هذه الناحية.
فان كان الاخ واحدا قسم المال بينهما بالسوية و ان كان متعددا،فالجد كاحدهم يصيبه ما يصيب واحدا من الاخوة،و الجدة من الأب او الابوين كالأخت منهما،فان
كانت واحدة فالمال بينهما بالسوية،و ان كانت متعددة فهي كأحدها.
فالجد و ان علا يقاسم الأخوة و كذلك الجدة،فاذا اجتمع الاخوة و الاجداد،فاما ان يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة النسب،بان يكون الاجداد و الاخوة كلهم للأب أو كلهم للأم أو مع الاختلاف فيها،كأن يكون الاجداد للأب و الاخوة للام،و اما ان يتعدد نوع كل منهما،بأن يكون كل من الاجداد و الاخوة بعضهم للأب و بعضهم للأب و بعضهم للأم أو يتعدد نوع أحدهما و يتحد الآخر،بان يكون الأجداد نوعين بعضهم للأب و بعضهم للأم،و الاخوة للأب لا غير أو للام لا غير،او يكون الأخوة بعضهم للأب و بعضهم للام و الاجداد كلهم للأب لا غير أو للام لا غير،ثم ان كلا منهما اما ان يكون واحدا ذكرا أو انثى او متعددا ذكورا أو اناثا او ذكورا و اناثا فهنا صور:
الاولى:ان يكون الجد واحدا ذكرا أو أنثى او متعددا ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا من قبل الأم،و كان الأخ على احد الاقسام المذكورة أيضا من قبل الام،فيقتسمون المال بينهم بالسوية.
الثانية:ان يكون كل من الجد و الاخ على أحد الاقسام المذكورة فيهما للأب،فيقتسمون المال بينهم أيضا بالسوية ان كانوا جميعا ذكورا أو اناثا،و ان اختلفوا فى الذكورة و الانوثة،اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين.
الثالثة:ان يكون الجد للأب و الاخ للابوين و الحكم فيها كذلك.
الرابعة:ان يكون الاجداد متفرقين بعضهم للاب و بعضهم للأم ذكورا
كانوا أو اناثا او ذكورا و اناثا و الاخوة كذلك بعضهم للأب و بعضهم للأم ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا،فللمتقرب بالأم من الاخوة و الاجداد جميعا الثلث يقتسمونه بالسوية،و للمتقرب بالاب منهم جميعا الثلثان يقتسمونها للذكر مثل حظ الانثيين مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة،و إلاّ فبالسوية.
الخامسة:ان يكون الجد على أحد الاقسام المذكورة للأب،و الاخ على أحد الاقسام المذكورة أيضا للام،فيكون للاخ السدس ان كان واحدا و الثلث ان كان متعددا،يقسم بينهم بالسوية و الباقي للجد واحدا كان او متعددا،و مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة يقتسمونه بالتفاضل.
السادسة:ان ينعكس الفرض،بان يكون الجد باقسامه المذكورة للام و الاخ للاب،فيكون للجد الثلث و للاخ الثلثان،و اذا كانت مع الجد للام اخت للاب،فان كانتا اثنتين فما زاد لم تزد الفريضة على السهام،و ان كانت واحدة،كان لها النصف و للجد الثلث و السدس الزائد من الفريضة،هل يرد على المتقرب بالاب و هو البنت في المثال او عليها معا بنسبة سهامهما؟
و الجواب:لا يبعد الاول،و ان كان الاحتياط بالصلح اولى أجدر،على اساس ان الجد للام كالاخ للام،و المفروض ان سهم الاخ الاميّ لا يزاد و لا ينقص،و انما يزاد و ينقص سهم الاخت او الاخوات من الأب او الابوين،و اذا كان الاجداد متفرقين و كان معهم اخ او اكثر لأب،كان للجد من الام الثلث ذكرا كان أم انثى واحدا كان أم متعددا،و مع التعدد يقتسمونه بالسوية و لو مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة،و الثلثان للاجداد من الأب مع الاخوة له يقتسمونه للذكر مثل حظ الانثيين،و اذا كان معهم أخ لأم كان للجد للام مع الاخ للام الثلث بالسوية و لو مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة،
و للأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الانثيين،و اذا كان الجد للأب لا غير و الاخوة متفرقين فللإخوة للام السدس ان كان واحدا و الثلث ان كان متعددا يقتسمونه بينهم بالسوية،و للأخوة للأب مع الاجداد للاب الباقي،و لو كان الجد للام لا غير و الاخوة متفرقين كان للجد مع الاخوة للام الثلث بالسوية و للاخ للاب الباقي.
السابعة:ان الجد و الجدة يختلفان عن الاخ و الاخت فى مورد واحد، و هو ما اذا كان الاخ او الاخت من الام،فله السدس اذا كان واحدا و الثلث اذا كان متعددا،و اما اذا كان الجد او الجدة من الام،فله الثلث سواء أ كان واحدا أم متعددا،نعم اذا ترك الميت اخا أو اختا واحدة من الام فقط و جدا أو جدة كذلك،كان الميراث بينهما بالسوية،فان السدس للأخ او الاخت للأم انما هو في مقابل الاخ او الاخت للاب او الابوين او الجدّ او الجدّة كذلك.
فلا يرث ابن الاخ للأبوين مع الاخ من الأب أو الام،بل الميراث للاخ هذا اذا زاحمه،اما اذا لم يزاحمه،كما إذا ترك جد الام و ابن أخ لام مع أخ لاب،فابن الاخ يرث مع الجد الثلث يقسم بينهما بالسوية،و الثلثان للأخ.
كما انّهم يقومون مقامهما فى مقاسمة الاجداد و الجدات،بيان ذلك ان كل واحد من الاولاد يرث نصيب من يتقرب به،فلو خلف الميت اولاد أخ أو اخت لام لا غير،كان لهم سدس أبيهم أو أمهم بالفرض و الباقي بالرد،و لو خلف اولاد أخوين أو اختين أو أخ و اخت لامّ،كان لاولاد كل واحد من الاخوة السدس بالفرض و سدسين بالرد،و لو خلف اولاد ثلاثة اخوة لام،
كان لكل فريق من اولاد واحد منهم حصة أبيه أو أمه،و هكذا الحكم في اولاد الاخوة للابوين او للاب،و يقسم المال بينهم بالسوية ان كانوا اولاد أخ لام و ان اختلفوا بالذكورة و الانوثة،و اما إن كانوا أولاد أخ للابوين أو للاب،فهل يكون التقسيم بينهم بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين،او بالسوية و ان اختلفوا بالذكورة و الانوثة؟
و الجواب:الاقرب هو الثاني،على اساس ان كلا منهم يأخذ نصيب من بتقرب به بقاعدة ان كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجربه،مثلا العمة بمنزلة الأب و تأخذ نصيبه،و الخالة بمنزلة الأم و تأخذ نصيبها،و بنت الاخ من الام بمنزلة الاخ منها و تأخذ نصيبه و هكذا،و على هذا فاذا ترك الميت اولاد اخ من ابوين او اب ذكورا و اناثا كانوا جميعا يرثون نصيب ابيهم،و مقتضى القاعدة انهم مشتركون فيه على حدّ سواء و بدون تفاضل،فالتفاضل بحاجة الى دليل،و لا يوجد دليل خاص عليه في المسألة،و اما ما دل عليه في الاولاد و الاخوة و الاخوات و الاجداد و الجدات لا يشمل المقام،و ان كان الاحتياط بالمصالحة في مقدار التفاضل أولى و أجدر.
كان لاولاد الاخ للام السدس و ان كثروا،و لاولاد الاخ للابوين أو للأب الباقي و ان قلّوا،على اساس القاعدة المذكورة.
كان الميراث لاولاد أولاد الاخوة و الأعلى طبقة منهم،و ان كان من الأب يمنع من إرث الطبقة النازلة و ان كانت من الأبوين.
على اساس ان الاقرب يمنع الأبعد.
يقسم بينهم بالسوية،و كذا العمة و العمتان و العمات لأب كانوا أم لام أم لهما.
فالمشهور و المعروف ان القسمة بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين ان كانوا جميعا للابوين أو للاب،لكن لا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتساوي، و الاحوط الرجوع الى الصلح،أما اذا كانوا جميعا للام،ففيه قولان اقربهما القسمة بالسوية.
بان كان بعضهم للابوين و بعضهم للاب،سقط المتقرب بالاب.و اما اذا كان معهم المتقرب بالام،فالمشهور على ان المتقرّب بالام إن كان واحدا كان له السدس، و ان كان متعددا كان لهم الثلث يقسم بينهم بالسوية و ان اختلفوا في الذكورة و الانوثة،و الزائد على السدس او الثلث يكون للمتقرب بالابوين واحدا كان او اكثر او المتقرب بالاب يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين،و لكنه لا يخلو عن اشكال،و الاقرب ان المال كله يقسم بين المتقرب بالام من الاعمام و العمات و المتقرب بالابوين او الأب كذلك جميعا بالسوية ذكورا كانوا أم اناثا أم ذكورا او اناثا،فاذا ترك الميّت عما او عمة للام و عما و عمة للابوين او الأب،كان المال بينهما بالسوية على الاظهر،مثل ما إذا ترك اعماما و عمات جميعا للام او جميعا للاب او الابوين،فاذا ترك عما او عمة واحدة من الام و خمسة اعمام او عمات
مثلا من الأب او الابوين،قسم المال بينهم جميعا اسداسا،سدس للعم او العمة للام و خمسة اسداس لخمسة اعمام او عمات للاب او الابوين و كذلك العكس، و مع هذا كان الاولى و الاجدر بهم الرجوع الى التصالح بينهم اذا كانوا ذكورا و اناثا.
و للخالة المنفردة المال كله و كذا الخالتان و الخالات،و اذا اجتمع الذكور و الاناث،بان كان للميت خال فما زاد و خالة فما زاد،يقسم المال بينهم بالسوية،و ان كانوا مختلفين في الذكورة و الانوثة،سواء أ كانوا للأبوين أم للاب أم للام،و أما لو تفرقوا بان كان بعضهم الأبوين و بعضهم للأب، فيسقط المتقرب بالاب و لا يرث مع وجود المتقرب بالابوين،و إذا كان معهم المتقرب بالام،فالمشهور ان له السدس ان كان واحدا و الثلث ان كان متعددا يقسم بينهم بالسوية،و الباقي للمتقرب بالابوين او الأب يقسم بينهم بالسوية أيضا،و لكنه لا يخلو عن اشكال،و الاقرب ان المال يقسم بين المتقرب بالام و المتقرب بالابوين او الأب على السواء،فاذا ترك الميت خالا او خالة للام و خالا او خالة للابوين او الأب،كان المال بينهما بالسوية على الاظهر،و اذا ترك خالا أو خالة واحدة للأم و أربعة اخوال او خالات مثلا للابوين او الأب،قسم المال اخماسا،خمس منه للخال او الخالة للام و أربعة اخماس لاربعة اخوال او خالات للاب او الابوين و كذلك العكس.
و ان كان واحدا ذكرا او انثى،و الثلثان للاعمام و ان كان واحدا ذكرا أو انثى،فان تعدد الاخوال اقتسموا الثلث بينهم على السوية،و اذا تعدد الاعمام اقتسموا
الثلثين كذلك.
فلا يرث ولد عم او عمة مع عم و لا مع عمة،و لا يرث ولد خال او خالة مع خال و لا مع خالة،و هل يرث ولد عم او عمة مع خال او خالة و ولد خال او خالة مع عم او عمة؟
و الجواب:المشهور انه لا يرث،و لكنه لا يخلو عن اشكال،و الاحوط وجوبا الرجوع الى الصلح،على اساس انه لا دليل على ان هذه المرتبة كلها صنف واحد لا صنفان،و ان كان ذلك معروفا و مشهورا بين الاصحاب.
فاذا اجتمع ولد عمة و ولد خال كان لولد العمة و ان كان واحدا الثلثان ذكرا كان أم انثى،و لولد الخال و ان كان ذكرا الثلث واحدا كان أم متعددا،و هل القسمة بين اولاد العمومة او الخؤولة على نحو التساوي او التفاضل مع الاختلاف في الذكورية و الانوثية؟
و الجواب:الاقرب انه بالتساوي،و ان كان الاحوط و الاجدر بهم الرجوع الى التصالح و التراضي فيه.
اجل استثنى المشهور من ذلك صورة واحدة،و هي ما اذا كان ابن عم للابوين مع عم واحد لأب،فان ابن العم يمنع العم و يكون المال كله له و لا يرث معه العم للأب اصلا،و لكن ذلك لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد عدمه،و ان كان الاحتياط بالرجوع ان المصالحة اولى و أجدر،و اما لو تعدد العم مع ابن العم او كان هناك زوج او زوجة معهما،فيمنع العم ابن العم
عن الارث.
فاذا ترك الميت عما او عمة و عما او عمة أب أو أم،كان الميراث للاول،و لا يرث معه عم أبيه أو عمته او عم أمّه أو عمّتها،و لو لم يكن للميت عم و لكن كان له عم أب و عم جد،كان الميراث لعم الأب دون عم الجد،و الاقرب من الخؤولة يمنع الابعد منها،فاذا كان للميت خال او خالة و خال او خالة أب أو أم،كان الميراث للاول دون الثاني،و اذا كان له خال اب و خال جد،فالميراث للاول دون الأخير و هكذا.
و كذلك من نزلوا من الاولاد و ان بعدوا،فانهم مقدمون على الدرجة الثانية من الاعمام و الاخوال.
كان للمتقرب بالام الثلث،يقسم بينهم بالسوية و للمتقرب بالأب الثلثان،و المشهور أن ثلثهما لخال أبيه و خالته،يقسم بينهما بالسوية و الباقي يقسم بين عم أبيه و عمته للذكر مثل حظ الانثيين،و لا يبعد ان المتقربين بالأب أيضا يقتسمون المال بينهم بالسوية من دون فرق بين الخال و العم،و ان كان الاحوط و الاجدر الرجوع الى الصلح.
كان للزوج او الزوجة نصيبه الاعلى من النصف و الربع و للأخوال الثلث و للاعمام الباقي،و اما قسمة الثلث بين الاخوال و كذلك قسمة الباقي بين الاعمام فهي بالسوية على ما تقدم.
اخذ نصيبه الاعلى من النصف و الربع و الباقي يقسم بينهم على ما تقدم،و هكذا الحكم فيما لو دخل الزوج او الزوجة على الاعمام المتعددين.
سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لأم أم تعددا،كما اذا تزوج أخو الشخص لأبيه باخته لأمه فولدت له،فهذا الشخص بالنسبة الى ولد الشخص عم و خال و ولد الشخص بالنسبة الى ولدهما ولد عم لأب و ولد خال لام،و اذا منع أحد السببين الآخر ورث بالمانع،كما اذا تزوج الإخوان زوجتين فولدتا لهما ثم مات أحدهما فتزوجها الآخر فولدت له،فولد هذه المرأة من زوجها الاول ابن عم لولدها من زوجها الثاني و أخ لأم، فيرث بالاخوة لا بالعمومة.
و هو اثنان:الزوجية و الولاء فهنا مبحثان:
و ترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له و الثمن مع الولد و ان نزل.
فالنصف لزوجها بالفرض و النصف الآخر يرد عليه على الاقوى،و اذا لم يترك الزوج وارثا له ذا نسب او سبب الا الامام،فلزوجته الربع فرضا،و هل يرد عليها الباقي مطلقا او اذا كان الامام غائبا؟
و الجواب:ان الرد لا يخلو عن اشكال بل منع،و الاظهر ان الباقي للامام عليه السّلام.
و في الربع بالسوية مع عدم الولد.
فلا ميراث بينهما في الانقطاع،الا اذا اشترط في ضمن العقد كما تقدم،و لا يشترط الدخول في التوارث،فلو مات احدهما قبل الدخول ورثه الآخر زوجا كان أم زوجة،و المطلقة رجعيا ترثه و تورث بخلاف البائن.
فاذا طلقها في مرضه و ماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها،و لا يرثها في غير ذلك.و اما اذا مات الزوج،فهي ترثه سواء أ كان الطلاق رجعيا أم كان بائنا،اذا كان موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق و لم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه،و لم تتزوج بغيره في طول هذه الفترة،هذا اذا كان الطلاق للاضرار،و اما اذا كان الطلاق بسؤالها او كان خلعا او مباراة فهل ترثه؟
و الجواب:انه غير بعيد،و ان كان الاحوط و الاجدر الرجوع الى المصالحة مع سائر الورثة،و اذا مات بعد انتهاء السنة و لو بيوم واحد،او برأ من مرضه ثم مات،او كانت المرأة قد تزوّجت بغيره فهل ترثه؟
و الجواب:لا ترثه.
و تزوج اربعا اخرى و دخل بهن و مات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق،اشتركت المطلقات مع الزوجات في الربع او الثمن.
ففي الرواية الصحيحة:إنه كان للتي تزوجها اخيرا ربع الثمن و تشترك الاربع المشتبهة فيهن المطلقة بثلاثة ارباعه، هذا اذا كان للميت ولد،و الاّ كان لها الربع،و تشترك الاربعة الاولى في ثلاثة ارباعه،و هل يتعدى الى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها او يعمل بالقرعة،قولان اقواهما الثاني.
فان دخل بها صح نكاحها،و ان لم يدخل بها حتى مات في مرضه،فنكاحه باطل و لا مهر لها و لا ميراث، نعم اذا برأ ثم مات قبل ان يدخل بها،صح نكاحه و ورثته و عليه نصف مهرها.
و ترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات و السفن و الحيوانات،و لا ترث من الارض لا عينا و لا قيمة،و ترث مما ثبت فيها من بناء و اشجار و آلات و اخشاب و نحو ذلك،و لكن للوارث دفع القيمة إليها، و يجب عليها القبول،و لا فرق في الارض بين الخالية و المشغولة بغرس او بناء او زرع او غيرها،و قد تسأل ان الزوجة اذا كانت ذات ولد فهل ترث من الاراضي؟
و الجواب:أنها لا ترث،بلا فرق بين كونها ذات ولد او لم تكن،و ما قيل بالفرق بينهما،لا وجه له.
ان يفرض البناء ثابتا من غير اجرة ثم يقوم على هذا الفرض،فتستحق الزوجة الربع او الثمن من قيمته.
و ليس للوارث اجبارها على قبول القيمة.
كان للزوجة المطالبة باجرة البناء،و اذا اثمرت الشجرة في تلك المدة كان لها فرضها من الثمرة عينا فلها المطالبة بها،و هكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة، تستحق الحصة من المنافع و الثمرة و غيرهما من النماءات.
فالظاهر عدم جواز اجبارها على اخذ القيمة،فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول،نعم اذا كان البناء معرضا للهدم و الشجر معرضا للكسر و القطع، جاز اجبارها على أخذ القيمة ما دام لم ينهدم و لم ينكسر،و كذا الحكم في الفسيل المعد للقطع.و هل يلحق بذلك الدولاب و المحالة و العريش الذي يكون عليه اغصان الكرم، وجهان اقواهما ذلك،فللوارث اجبارها على أخذ قيمتها و كذا بيوت القصب.
و للوارث اجبارها على اخذ القيمة،و اما الماء الموجود فيها،فانها ترث من عينه،و ليس للوارث اجبارها على أخذ قيمته،و لو حفر سردابا أو بئرا قبل ان يصل الى حد النبع فمات،ورثت منها الزوجة و عليها أخذ القيمة.
فدفع لها العين نفسها،كانت شريكة فيها كسائر الورثة،و لا يجوز لها المطالبة بالقيمة،و لو اراد بعد دفع العين لها تبديلها بالقيمة،فهل يجب على المرأة القبول؟
و الجواب:لا يجب عليها القبول،على اساس ان للوارث ان يدفع القيمة لها إرثا دون العين من الاول،و اما اذا دفع العين لها إرثا كذلك،فتصبح المرأة مالكه لها بالقبض،و حينئذ فلا يحق للوارث التصرف فيها بتبديلها بالقيمة،و بكلمة ان حق المرأة فى الابتداء متعلق بالجامع بين العين و القيمة، فاذا دفع الوارث القيمة لها،فليس لها الامتناع من القبول و الاعتراض،لان حق التعيين بيده،و على هذا فاذا عين حقها في نفس العين و دفعها إليها تعين فيها،فلا يجوز له التبديل بعد ذلك،و قد تسأل انه لو نوى من الاول دفع العين لها،و لكن في الاخير عدل عن ذلك الى دفع القيمة،فهل يجوز له ذلك؟
و الجواب:يجوز و لا مانع منه.
توقف صحة النكاح على امضائهما بعد البلوغ،و اذا مات كلاهما معا قبل البلوغ،فلا ميراث بينهما و لا مهر،و ان بلغ احدهما قبل الآخر و رضى بالعقد جاز منه، ثم اذا مات المجيز،فان كان رجلا يعزل ميراث الجارية الى ان تدرك و تبلغ، فاذا بلغت و حلفت باللّه ما دعاها الى اخذ الميراث الا رضاها بالنكاح،يدفع إليها الميراث و نصف المهر،و ان كان جارية،يعزل ميراث الغلام الى ان يدرك و يبلغ،فاذا بلغ و حلف باللّه ما دعاه الى اخذ الميراث الا رضاه بالنكاح،يدفع إليه
الميراث و عليه مهرها،و ان مات الغلام قبل ان يدرك،فهل ترثه الجارية المدركة البالغة الراضية؟
و الجواب:لا ترث،لان له الخيار اذا ادرك و بلغ،و ان ماتت الجارية قبل ان تدرك،فهل يرثها الغلام المدرك البالغ الراضي بالعقد؟
و الجواب:لا يرثها،لان لها الخيار اذا ادركت.
و اقسامه ثلاثة:
ان لا يكون عتقه فى واجب كالكفارة و النذر،
و إلا لم يثبت للمعتق الميراث،و كذا المكاتب،إلا إذا شرط المولى عليه الميراث،فانه حينئذ يرثه، نعم إذا شرط عليه الميراث مع وجود القريب لم يصح الشرط.
بين ان يكون قد نذر عتق عبد كلي،فاعتق عبدا معينا وفاء بنذره،و ان
يكون قد نذر عتق عبد بعينه،فاعتقه وفاء بنذره.
لم يرث عتيقه.
ان لا يتبرأ من ضمان جريرته،
فلو اشترط عليه عدم ضمان جريرته لم يضمنها و لم يرثه،و لا يشترط في سقوط الضمان الاشهاد على الاقوى،و هل يكفي التبري بعد العتق او لا بدّ من ان يكون حال العتق؟ وجهان الاظهر الثاني.
ان لا يكون للعتيق قرابة،
قريبا كان أو بعيدا،فلو كان له قريب كان هو الوارث.
كان له نصيبة الاعلى و الباقي للمعتق.
اشتركوا في الميراث ذكورا كانوا أم اناثا أم ذكورا و اناثا،و إذا عدم المعتق،فان كان ذكرا انتقل الولاء الى ورثته الذكور،كالاب و البنين دون النساء كالزوجة و الام و البنات،و اذا كان انثى انتقل الى عصبتها،و هم اولاد ابيها دون اولادها ذكورا و اناثا،و في عدم كون الأب نفسه من العصبة،اشكال.
و يرث كل منهم نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.
دون الاخوات و الجدات و الاجداد من الام،و مع فقدهم فللاعمام دون الاخوال و العمات و الخالات،و مع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له،فان عدم و كان ذكرا ورثه اولاده الذكور و أبوه و اقاربه من الأب دون الام،و ان كان انثى ورثته العصبة.
بل اذا لم يكن له قريب و لا ضامن جريرة،كان ميراثه للامام.
فالولد حر و ولاؤه لمولى الامة الذي اعتقها،فاذا اعتق أبوه انجز الولاء من معتق أمه الى معتق ابيه،فان فقد فإلى ورثته الذكور،فان فقدوا فالى عصبته،فان فقدوا فالى معتق معتق ابيه ثم الى ورثته الذكور ثم الى عصبته ثم الى معتق معتق أبيه و هكذا،فان فقد الموالى و عصابتهم،فلمولى عصبة موالي الأب ثم الى عصبات موالي العصبات،فان فقد الموالي و عصباتهم و مواليهم فالى ضامن الجريرة،فان لم يكن فالى الامام عليه السّلام،و لا يرجع الى مولى الأم،و لو كان له زوج رد عليه و لم يرثه الامام،و لو كان زوجة كان الزائد على نصيبها للامام.
و إذا حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق أمه فولاؤه لمعتقه.
فاذا فقدوا فلعصبة المعتق ثم الى معتقه ثم الى ورثته الذكور،فان فقدوا فلعصبته، فان فقدوا فلمعتقه و هكذا،فان فقد الموالي و عصباتهم و موالي عصباتهم
فالى ضامن الجريرة،فان فقد فالى الامام.
اشترك الابن الحي و ورثة الميت المذكور،لان الاقوى كون ارثهم من اجل إرث الولاء.
فيقول له مثلا،عاقدتك على ان تعقل عني و ترثني، فيقول الآخر:قبلت،فاذا عقد العقد المذكور صح و ترتب عليه أثره و هو العقل و الارث،و يجوز الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر الارث،فيترتب عليه الارث.و أما اذا اقتصر على ذكر الارث،فهل يصح و يترتب عليه الارث و العقل؟
و الجواب:الاظهر انه لا يصح و لا يترتب عليه الارث و لا العقل،و المراد من العقل الدية،فمعنى عقله عنه قيامه بدية جنايته.
كما يجوز التولي على ان يعقل كل منهما عن الآخر، فيقول مثلا:عاقدتك على أن تعقل عني و اعقل عنك و ترثني وارثك،فيقول الآخر:قبلت،فيترتب عليه العقل من الطرفين و الارث كذلك.
فان كان الضمان من الطرفين،اعتبر عدم الوارث
النسبي و المولى المعتق لهما معا،و ان كان من احد الطرفين،اعتبر ذلك في المضمون لا غير،فلو ضمن من له وارث نسبي او مولى معتق لم يصح،و لاجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة إلا مع فقد القرابة من النسب و المولى المعتق.
فهل يبطل العقد او يبقى مراعى بفقده وجهان،و الاظهر انه يبطل شريطة ان يستمر الى زمان موته و الا فلا.
كان له نصيبه الأعلى و كان الباقي للضامن.
كان الميراث للامام الا اذا كان له زوج،فانه يأخذ النصف بالفرض و يرد الباقي عليه،و اذا كانت له زوجة،كان لها الربع و الباقي يكون للامام على الاقوى كما تقدم.
و كان علي عليه السّلام يعطيه لفقراء بلده،و ان كان غائبا،كان للحاكم الشرعي و سبيله سبيل سهمه عليه السّلام من الخمس،يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس.
ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما عن ظاهر بعضهم، و يدل عليه بعض الروايات،او لا،كما هو ظاهر الاصحاب اشكال،و لا يبعد عدم النفوذ الا في الثلث و اللّه سبحانه العالم.
1-في ميراث ولد الملاعنة
2-ميراث ولد الزنا
3-ميراث الحمل
4-ميراث المفقود
هو الذي ينفيه الرجل نسبة إليه بسبب اللّعان،امّا بقذف زوجته بالزنا مع ادعاء المشاهدة،او بانكاره الحاقة به بدون القذف مع امكان الالحاق به، على تفصيل تقدم شرحه فى كتاب اللعان.
و لا يرثه الأب و لا من يتقرب به وحده،فان ترك أمه منفردة كان لها الثلث فرضا و الباقي يرد عليها على الاقوى،و ان ترك مع الام
اولادا،كان لها السدس و الباقي لهم للذكر مثل حظ الانثيين،الا اذا كان الولد بنتا فلها النصف و يرد الباقي ارباعا عليها و على الام،و اذا ترك زوجا او زوجة،كان له نصيبه كغيره،و تجري الاحكام السابقة فى مراتب الميراث جميعا،و لا فرق بينه و بين غيره من الاموات الا في عدم إرث الأب و من يتقرب به وحده،كالأعمام و الاجداد و اخوة للأب،و لو ترك اخوة من الابوين، قسم المال بينهم جميعا بالسويّة حتى اذا كانوا ذكورا و اناثا معا،على اساس انهم يرثون من جهة تقرّبهم بالام فقط.
و لا يرث هو من يتقرب بالأب اذا لم يعترف به،و هل يرثهم إذا اعترف به الأب،فيه قولان اقواهما العدم،على اساس ان إرث الولد اباه في هذه الصورة انّما هو بالتعبد لا على القاعدة من جهة ثبوت النسب، و الا كان الأب يرث ابنه أيضا.
فهل ميراثه لأقرب الناس الى ابيه دون ابيه او انه لا اثر للتبرّي في نفي التوارث؟
و الجواب:ان الاول لا يخلو عن قوة،و ان كان الاحتياط في محله.
و هل ترثه أمه الزانية و من يتقرب بها؟
و الجواب:لا يبعد ذلك،و ان كان الاحوط على كل من الام و الورثة الرجوع الى المصالحة بينهم،و يرثه ولده و زوجه او زوجته و يرثهم هو،و اذا مات مع عدم الوارث،فارثه للمولى المعتق ثم الضامن ثم الامام،و اذا كان له زوج او زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى،و لا يردّ على الزوجة اذا لم يكن له وارث الا الامام،بل يكون له ما زاد على نصيبها،نعم يردّ على الزوج على ما سبق.
و علامة حياته تحرّكه اذا سقط من بطن أمه تحرّكا بيّنا و إن لم يصح،كما اذا كان اخرس،بل و إن لم يكن الولد كاملا،فان المعيار انما هو بسقوطه حيّا و ان لم يكن مستقرّ الحياة،و لا بدّ من اثبات ذلك و ان كان بشهادة النساء،و إذا مات بعد ان سقط حيّا كان ميراثه لوارثه،و اذا سقط ميّتا لم يرث و ان علم انه كان حيا حال كونه حملا،او تحرك بعد ما انفصل،اذا لم تكن حركته حركة حياة.
لم يرث و لم يورث.
و يعطي اصحاب الفرائض سهامهم من الباقي،فان ولد حيا و كان ذكرين فهو،و ان كان ذكرا و انثى او ذكرا او انثيين او انثى واحدة،قسم الزائد على اصحاب الفرائض بنسبة سهامهم،هذا اذا رضى الورثة بذلك،و الا يترك لهم سهم ذكر
واحد،و يقسم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل و امكان أخذه له و لو بعد التقسيم على تقدير سقوطه حيا.
على ما تقدم.
و في مدة التربص أقوال،و الاقوى انها اربع سنين يفحص عنه فيها،فاذا جهل خبره، قسم ما له بين ورثته الذين موجودون حين انتهاء مدة التربص،بحيث لو مات في هذا الحين لانتقل ماله إليهم،و لا يرثه الذين يرثونه لو مات المفقود بعد انتهاء مدة التربص،و يرث هو مورثه اذا مات قبل ذلك،و لا يرثه اذا مات بعد ذلك،على اساس ان الشارع قد حكم بموته بعد انتهاء المدة المضروبة و انتقال تركته الى ورثته،فاذا مات من ورثته بعد ذلك فقد مات بعد موته شرعا،و الاظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات بلا حاجة الى الفحص.
و إلاّ ففيه كلام كما تقدم فى كتاب الاقرار.
و الا رجع الى الامارات،فمنها:
البول من احدهما بعينه،فان كان يبول من فرج الرجال فهو رجل،و ان كان يبول من فرج النساء فهو امرأة،و ان كان يبول من كل منهما،يورث من حيث سبق بوله،فان خرج منها سواء فمن حيث ينبعث،و اذا لم تكن أمارة على أحد الامرين،اعطي نصف سهم رجل و نصف سهم امرأة،فاذا خلف الميت ولدين ذكرا و خنثى فرضتهما ذكرين تارة ثمّ ذكرا و انثى اخرى، و ضربت احدى الفريضتين في الاخرى،فالفريضة على الفرض الاول اثنان و على الفرض الثاني ثلاثة،فاذا ضرب الاثنان في الثلاثة كان حاصل الضرب ستة،فاذا ضرب في مخرج النصف و هو اثنان صار اثني عشر،سبعة منها للذكر و خمسة للخنثى،و اذا خلف ذكرين و خنثى،فتارة يفرض الخنثى ذكرا فالفريضة ثلاثة لثلاثة ذكور،و اخرى يفرض انثى فالفريضة خمسة للذكرين أربعة،و للانثى واحد،فاذا ضرب الثلاثة في الخمسة كان خمسة عشر،فاذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين يعطي منها للخنثى ثمانية و لكل من الذكرين احد عشر،و ان شئت قلت في الفرض الاول لو كانت انثى كان سهمها أربعة من اثني عشر،و لو كانت ذكرا كان سهمها ستة،فيعطي الخنثى نصف الاربعة و نصف الستة و هو خمسة،و في الفرض الثاني لو كانت ذكرا لكان سهمها عشرة،و لو كانت انثى كان سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف العشرة و نصف الستة.
فان انتبها معا، فهما واحد و إلاّ فاثنان،و الظاهر التعدي عن الميراث الى سائر الاحكام.
و كذا من ليس له فرج الرجال و لا فرج النساء،يكتب على
سهم(عبد اللّه)و على سهم آخر(أمة اللّه)ثم يقول:المقرع:
«اللهم انت اللّه لا إله الا أنت عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب».
ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة و تشوش السهام ثم يحال السهم على ما خرج و يورث عليه،و الظاهر ان الدعاء مستحب،و ان كان ظاهر جماعة الوجوب.
الاوّل:أن يكون لهم أو لاحدهم مال.
الثاني:ان يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الارث من دون مانع.
الثالث:ان يجهل تاريخ موت كل واحد منهما بالنسبة الى الآخر و لا يدري انه متقدم أو متأخر فاذا توفّرت هذه الشروط فهناك صور:
الاولى:يرث كل منهما عن الآخر بمقدار فريضته من ماله الذي كان مالكا له قبل موته،و لا يرث من ماله الذي وصل إليه إرثا من الآخر بعد الحادثة.
الثانية:اذا كان لكل واحد منهما وارث حيّ في طبقته،اوان الوارث الحيّ زوج أو زوجة كان شريكا معه في الارث من المال الاصلي للآخر،و لتوضيح ذلك تطبيقيا نذكر عددا من الامثلة:
الاوّل:زوجة غرقت مع ابنتها دفعة واحدة و زوجها حي،ففي مثل ذلك،هل الزوج يرث من زوجته الربع من تركتها الاصلية و هي التي كانت مالكة لها قبل الموت،و ان لم يكن لها ولد غير البنت التي غرقت معها او النصف؟
و الجواب:انه يرث الربع،على اساس انه يقاسم البنت في الارث منها و شريك معها فيه،و حيث ان إرث البنت منها شرعا في المثال مبني على افتراض انها ماتت و هي في قيد الحياة،فبطبيعة الحال كان إرث الزوج معها أيضا مبنيا على هذا الافتراض،و على هذا فلا محالة تكون فريضة الزوج الربع و الباقي للبنت فرضا و ردّا،و اذا كان الزوج في المثال أبا للبنت،كان شريكا مع زوجته في الارث من البنت،باعتبار انها اما لها،و حيث ان إرث الام من البنت في فرض المثال مبني على افتراض ان موت البنت قبل الام،فبطبيعة الحال كان إرث الأب منها مع الام أيضا مبنيا على هذا الافتراض،و مثل ذلك ما اذا غرق الأب و ابنته و ليس للاب ولد سوى هذه الابنة.
الثاني:زوج غرق مع ابنته و ليس له ولد سواها،ففي مثل ذلك ترث زوجته منه الثمن من تركته الاصلية،على اساس ان زوجته لما كانت أم البنت، فهي شريكة معها في ميراث أبيها و هو الزوج،و حيث ان إرث البنت من ابيها شرعا فى المثال مبني على افتراض موت ابيها قبل موتها،فبطبيعة الحال كان إرث أمها منه أيضا مبنيا على هذا الافتراض،و على ذلك فترث زوجته منه و
هي أم البنت الثمن و الباقي للبنت فرضا و ردا،و امّا ميراث الأب و الام من البنت في فرض المثال فهو أيضا مبني على افتراض كون موت البنت قبل موت الأب،و عليه فيكون لابيها الذي غرق معها الثلثان و لامها الثلث.
الثالث:اب مات مع ابنه غرقا او حرقا أو هدما و لا وارث له في هذه الطبقة من الاحياء سوى ابن واحد،ففي مثل ذلك يرث ابنه الحي عنه مع ابنه الذي مات معه بالسوية،و لا يرث الابن مع ابيه عن اخيه،باعتبار انه ليس في مرتبته،فمال اخيه الاصلي كله لأبيه إرثا،و بكلمة يفرض في المثال موت الابن أولا و يعطي الأب ماله الاصلي تماما،لفرض انه لا وارث له غيره في طبقته،ثم يفرض موت الأب،فيرث الابن الغريق نصيبه من مال ابيه الاصلي مع اخيه او اخوته الاحياء.
الثالثة:ما اذا لم يكن في طبقة الفريقين مثلا وارث و لا زوج،كان كل منهما يرث جميع ما تركه الآخر من الاموال الاصلية و لا يشاركه احد فيه.
الرابعة:ان ما يرث كل منهما عن الآخر ينتقل جميعا الى ورثته الاحياء، مثال ذلك اذا مات الأب و الابن معا غرقا أو هدما،فما وصل الى الابن من الأب ينتقل الى ورثته الاحياء،و ما وصل الى الأب من الابن ينتقل الى ورثته كذلك،و على هذا فعلى الاول يفرض موت الأب متقدما على موت الابن حتى يرث اباه،فما يرثه منه ينتقل الى ورثته من الاحياء،و على الثاني يفرض موت الابن متقدما على موت الأب حتى يرث ابنه،فما يرثه منه ينتقل الى ورثته الاحياء،و لا فرق بين ان تكون ورثته الاحياء من الطبقة الاولى او الثانية او الثالثة،فاذا لم يكن لهما وارث في جميع الطبقات كان ميراثه للامام عليه السّلام،و بكلمة ان ما وصل الى كل منهما من الآخر بالارث،فلا يشارك
و لا يقاسم احد منهما فيه ورثته الاحياء،بل هو ينتقل إليهم جميعا، سواء أ كانوا في طبقتهم أم كانوا في الطبقة المتأخّرة،و هذا هو الفارق بين ما يصل الى كل منهما من صاحبه الذي مات بالارث،و بين ما كان مالكا له من الاموال قبل وقوع الحادثة.
الخامسة:ان التوارث بين الغريقين او نحوهما،انما هو فيما اذا كان كلاهما من الطبقة الاولى،كالاب و الاولاد او الام و الاولاد او كانا الزوج و الزوجة، و اما اذا كان كلاهما من الطبقة الثانية أو الثالثة،فهو مشروط بان لا يكون لهما وارث من الطبقة المتقدمة،و الا فلا توارث بينهما،كما اذا مات اخوان غرقا و كان لهما وارث حي كالأب او الام،فلا يرث احدهما من الآخر،بل ينتقل تركة كل منهما تماما الى ابيه أو أمّه.
و قد تسأل هل ان صلاحية التوارث من الطرفين معتبرة في إرث كل منهما من الآخر،فلو كان لاحدهما وارث حي دون الآخر،كما اذا غرق الاخوان و كان لاحدهما ابن او أب او أم،و لم يكن للآخر وارث في هذه الطبقة،فلا توارث بينهما؟
و الجواب:ان المشهور و ان كان اعتبارها،الا انه لا يخلو عن اشكال بل منع.
و على هذا ففي المثال المذكور يرث احد الاخوين من الآخر دون العكس،و من هذا القبيل ما اذا كان احدهما من الطبقة الاولى و الآخر من الطبقة المتأخرة،و كان للاول وارث حي في طبقته،و لم يكن للثاني وارث حي اقرب من الاول،ففي مثل ذلك يرث الاول من الثاني و لا يرث الثاني من الاول.
كالحرق و القتل في معركة قتال او افتراس سبع او حوادث سماوية او ارضية كالزلزلة و العواصف و نحوهما،ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق و الهدم قولان، اقواهما ذلك،بل الظاهر عموم الحكم لما اذا ماتا حتف انفهما بلا سبب و حادث.
الا على تقدير غير معلوم،كما اذا غرق الأب و ولداه،فان الولدين لا يتوارثان الا مع فقد الأب،فانه ان فرض موت الأب أولا كان ميراثه للولدين معا،و ان فرض موتهما او لا كان ميراثهما للأب لان الاشتباه بين موت الولدين و موت الأب و لا اثر للاشتباه بين موت الولدين،ففي هذه المسألة يحكم بالتوارث بين الأب و الولدين دون الولدين انفسهما.
و هل يتوارثون بالنسب و السبب الفاسدين،كما إذا تزوّج من يحرم عليه نكاحها عندنا فاولدها،قيل نعم،فاذا تزوج اخته فاولدها و مات، ورثت اخته نصيب الزوجة و ورث ولدها نصيب الولد،و قيل لا،ففي المثال لا ترثه اخته الزوجة و لا ولدها،و قيل بالتفصيل بين النسب و السبب،فيرثه في المثال المذكور الولد و لا ترثه الزوجة،و الاقوال المذكورة كلها مشهورة،و أقواها الاول للنص،و لولاه لكان الأخير هو الاقوى.
كما اذا تزوج المجوسي أمه فمات،ورثته أمه نصيب الام و نصيب الزوجة،و كذا اذا تزوج بنته،فانها ترثه نصيب الزوجة و نصيب البنت.و اذا اجتمع سببان احدهما يمنع الآخر،ورث من جهة المانع دون الممنوع،كما اذا تزوج أمه فاولدها،فان الولد أخوه من أمه،فهو يرث من حيث كونه ولدا و لا يرث من حيث كونه اخا،و كما اذا تزوج بنته فاولدها،فان ولدها ولد له و ابن بنته،فيرث من السبب الاول و لا يرث من السبب الثاني.
و يرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا،فولد الشبهة يرث و يورث،و اذا كانت الشبهة من طرف واحد، اختص التوارث به دون الآخر و اللّه سبحانه العالم.
مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة الاثنان مخرج النصف و الثلاثة مخرج الثلث و الثلثين،و الاربعة مخرج الربع،و الستة مخرج السدس و الثمانية مخرج الثمن.
فان كانا متداخلين،بان كان مخرج احدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكررا كالنصف و الربع،فان مخرج النصف و هو الاثنان يفني مخرج الربع و هو الاربعة و كالنصف و الثمن و الثلث و السدس،فاذا كان الامر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر،فاذا
اجتمع النصف و الربع كانت الفريضة أربعة،و اذا اجتمع النّصف و السدس كانت ستة،و اذا اجتمع النصف و الثمن كانت ثمانية،و ان كان الكسران متوافقين بان كان مخرج احدهما لا يفني مخرج الآخر اذا سقط منه مكررا، و لكن يفني مخرجيهما عدد ثالث اذا سقط مكررا من كل منهما كالربع و السدس،فان مخرج الربع أربعة و مخرج السدس ستة و الاربعة لا تفني الستة و لكن الاثنين يفني كلا منهما و كسر ذلك العدد وفق بينهما،فاذا كان الامر كذلك ضرب احد المخرجين في وفق الآخر و تكون الفريضة مطابقة بحاصل الضرب،فاذا اجتمع الربع و السدس ضربت نصف الاربعة في الستة أو نصف الستة في الاربعة و كان الحاصل هو عدد الفريضة و هو اثنا عشر،و إذا اجتمع السدس و الثمن،كانت الفريضة أربعة و عشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس،و هو ثلاثة في الثمانية او نصف مخرج الثمن و هو الاربعة في الستة،و ان كان الكسران متباينين،بان كان مخرج احدهما لا يفني مخرج الآخر و لا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث و الثمن،ضرب مخرج احدهما في مخرج الآخر و كان المتحصل هو عدد الفريضة،ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعة و عشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية،و اذا اجتمع الثلث و الربع كانت الفريضة اثني عشرة حاصلة من ضرب الاربعة في الثلاثة.
كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض،كما إذا ترك أربع زوجات و ولدا،فان الفريضة تكون من اثنين و ثلاثين حاصلة من ضرب الأربعة(عدد الزوجات) في الثمانية مخرج الثمن.و اذا ترك ابوين و اربع زوجات،كانت الفريضة من ثمانية و اربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الاربع التي
هي مخرج الرّبع،فتكون اثنتي عشرة،فتضرب في الاربع(عدد الزوجات) و يكون الحاصل ثمانية و اربعين.
و هكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم.
و إنهائها على طبق الموازين المقرّرة في الشرع،و الفرق بينه و بين الفتوى،هو أن الفتوى تتمثل في بيان الأحكام الشرعية الكلية على نحو القضيّة الحقيقية،من دون نظر إلى تطبيقها على مواردها و مصاديقها،و لا تكون حجّة إلاّ على من يجب عليه تقليد المفتي بها،و المعيار في التطبيق إنما هو نظره دون نظر المفتي.و أمّا القضاء،فهو متمثل في حكم المفتي بالقضايا الشخصية التي هي مورد الترافع و التشاجر بين الناس و إنهاء النزاع فيها،سواء كانت من القضايا المالية أم غيرها،و هو نافذ على كل أحد،حتى إذا كان أحد المتخاصمين،أو كلاهما مجتهدا.نعم قد يكون منشأ الترافع الاختلاف في الفتوى،كما إذا تنازع الورثة في الأراضي،فادّعت الزوجة ذات الولد الإرث منها،و ادّعى الباقي حرمانها، فتحاكما لدى القاضي،فإن حكمه يكون نافذا عليهما،و إن كان مخالفا لفتوى من يرجع إليه المحكوم عليه.
حيث أن
الشطر المهم من العدالة الاجتماعية متوقف عليه،و هو واجب كفائي.
و الجواب:الأظهر الجواز،على أساس أن الوجوب بما هو لا يمنع عن أخذ الأجرة و كذا قصد القربة،فإن المانع منه اعتبار قيد المجانية فيه،و لكن لا دليل عليه في المقام.
الظاهر ذلك،باعتبار أنها ليست جزء القضاء.
و هي دفع أحد المتخاصمين أو الثالث المال للقاضي لكي يحكم لصالحه،و أما إذا علم أحد المتخاصمين أنه لو لم يعط المبلغ الفلاني له لم يحكم بحقه،فهل يجوز له اعطاء المبلغ المذكور لإنقاذ حقّه؟
و الجواب:يجوز له ذلك إذا توقف انقاذ حقه عليه،و لكن يحرم أخذه على القاضي،و أما الهدايا،فلا مانع منها إلا إذا علم بأنها مؤثرة في نفسه، و تؤدّي إلى انحرافه عن الحكم بالحق و الميل الى الحكم بالباطل،فحينئذ لا يجوز.
و هو من له الولاية شرعا على تطبيق الأحكام الشرعية و إجراء الحدود و إقامة التعزيرات و خصم النزاعات و المرافعات بين المسلمين،و أخذ حقوق المظلومين من الظالمين بأيّ
كيفية متاحة له شرعا،بغاية الحفاظ على مصالح المسلمين الكبرى،و هي العدالة الاجتماعية،و خلق التوازن،و بكلمة أن ما هو ثابت في الإسلام للنبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلم،و الإمام عليه السّلام مرتبطا بالدين الإسلامي في مرحلة تطبيق الشريعة و إجراء حدودها و الحفاظ عليها بما يراه،فهو ثابت للفقيه الجامع للشرائط أيضا،على أساس أن الزعامة الدينية تمتد بامتداد الشريعة،و لا يحتمل اختصاصها بزمن الحضور،غاية الأمر أنها فى زمن الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم متمثلة في رسالته،و فى زمن الأئمة عليهم السّلام في إمامتهم،و فى زمن الغيبة في فقاهة الفقهاء الجامعين للشروط منها الاعلمية،نعم ان الزعامة في زمن الغيبة دونها في زمن الحضور كمالا و مرتبة على تفصيل ذكرناه في محله،ثم أن نفوذ حكمه على غيره في خصم النزاعات و المرافعات و غيرهما،إنما هو من جهة ولايته و زعامته الدينية،و لا فرق في ذلك بين ان يكون ذلك الغير مقلدا له أو لا،بل و إن كان مجتهدا.
بحيث يكون حكمه نافذا،و له احضار المدعي عليه إذا شاء و رأى؟
و الجواب:أنه غير بعيد،على أساس أن له جعل الولاية لمن يرى مصلحة فيه،كجعل الولاية على الأيتام أو الأوقاف أو ما شاكل ذلك،و على هذا فإذا كانت هناك مصلحة عامة أو خاصة تتطلب نصب القاضي،فله ذلك على الأظهر،كما كان الأمر كذلك في زمن الحضور.
و هو الذي اختاره المتخاصمان و تراضيا على
حكمه في فصل الخصومة بينهما بالطرق المقررة شرعا.
و الجواب:أن القاضي إن كان قاضي التحكيم،فالتعيين بيدهما معا،و إن كان قاضيا منصوبا،فالتعيين بيد المدعي،كما أن له احضار المدعيين إذا رأى فيه مصلحة،و أما إذا تداعيا،فالمرجع في تعيين القاضي عند الاختلاف إذا كان متعددا،هو القرعة.
(الأول):البلوغ،(الثاني):العقل،(الثالث):الذكورة،(الرابع):
الإيمان،(الخامس):طهارة المولد،(السادس):العدالة،(السابع):الرشد، (الثامن):الاجتهاد،الا من كان منصوبا من قبل الامام عليه السّلام أو نائبه الفقيه الجامع للشرائط،بل الضبط على وجه،و لا تعتبر فيه الحرية و لا الكتابة و لا البصر،و لا يعتبر في قاضي التحكيم الاجتهاد،بل يكفي فيه معرفة الأحكام و لا سيما أحكام القضاء و لو كان عن تقليد،و أما في قاضي المنصوب شرعا، فيعتبر فيه الاجتهاد بل الأعلمية على الأظهر،إلا المنصوب من قبل الإمام عليه السّلام أو نائبه كما مر.
و له أن يحكم بينهما بعلمه مع توفر الشروط فيه،بلا فرق في ذلك بين كونه قاضي المنصوب أو قاضي التحكيم،كما أنه لا فرق فيه بين حق اللّه و حق الناس،نعم لا يجوز إقامة الحدّ قبل مطالبة صاحب الحق،و إن كان قد علم الحاكم بموجبه على ما يأتي.
و لا تسمع إذا كانت على نحو الظن أو الاحتمال.
فالآخر لا يخلو من أن يعترف له،أو ينكر عليه،أو يسكت بمعنى أنه لا يعترف و لا ينكر،فهنا صور ثلاث:
(الأول):اعتراف المدعي عليه،فيحكم الحاكم على طبقه و يؤخذ به.
(الثانية):إنكار المدعي عليه،فيطالب المدعي بالبيّنة،فإن أقامها حكم على طبقها و إلا حلف المنكر،فإن حلف سقطت الدعوى،و لا يحل للمدعي- بعد حكم الحاكم-التقاص من مال الحالف،على أساس أن الدعوى قد حسمت بيمين المنكر فلا دعوى له،بل لو أقام البينة بعد الحلف،فلا قيمة لها على ما في النص،نعم.لو كذّب الحالف نفسه،جاز للمدّعي مطالبته بالمال، فإن امتنع حلت له المقاصة من أمواله،على أساس أن تكذيبه نفسه إقرار منه بحق المدعي عليه،و هو حجة.
(الثالث):سكوت المدعي عليه،فيطالب المدعي بالبينة،فإن لم يقمها ألزم الحاكم المدعي عليه بالحلف إذا خرج عن السكوت إلى الإنكار،شريطة أن يرضى به المدعى،و يطلب الحلف منه،و حينئذ فإن حلف أو ردّ فهو،و إلاّ فيردّ الحاكم الحلف على المدعي،و أما إذا ادّعى المدعى عليه الجهل بالحال، فإن لم يكذبه المدعي،فليس له أحلافه،و إلاّ أحلفه على عدم العلم.
كما مرّ.
فإن حلف المدعي ثبت له مدعاه،و إن نكل سقطت دعواه.
بمعنى أنه لم يحلف و لم يردّ الحلف على المدّعي،فهل للحاكم الشرعي أن يرده عليه بديلا عن المنكر الممتنع عن الحلف و الردّ معا؟
و الجواب:أن ثبوت هذا الحق له لا يخلو من إشكال بل لا يبعد عدم ثبوته،على أساس أن الردّ حق للمنكر،فإن عليه إما أن يحلف أو يرد،فإذا لم يفعل شيئا منهما،فلا دليل على انتقاله إلى الحاكم،كما أنه لا دليل على ثبوت ولايته عليه،فإذا يسقط حقّه و يثبت حق المدعي عليه،لأن هذا الامتناع منه بمثابة الاعتراف بحق المدعي،و مع هذا فالتصالح و التراضي بينهما أولى و أجدر.
إلا إذا كانت دعواه على الميت-فعندئذ-للحاكم مطالبته باليمين على بقاء حقه في ذمته زائدا على بينته،لوجود النصّ.
فلو ادّعى عينا كانت بيد الميت و أقام بينة على ذلك،قبلت منه بلا حاجة إلى ضمّ يمين، لاختصاص النصّ بالدين،فلا يشمل العين الخارجية.
ففي جميع ذلك لا بدّ في ثبوت الدعوى من ضم اليمين إلى البيّنة،كما أنه لا فرق بين كون المدعي وارثا،أو وصيا،أو أجنبيا،و قد تسأل إذا كان للميت دين على رجل و أقام الوصي أو الوارث بينة عليه،فهل يتوقف ثبوته على ضمّ يمين المدعي أيضا؟
و الجواب:نعم على الأظهر.
كما إذا اعترف الورثة بذلك، أو ثبت ذلك بعلم الحاكم،أو بشياع مفيد للعلم،و احتمل أن الميت قد أوفى دينه،فهل يحتاج في مثل ذلك إلى ضم اليمين أم لا؟وجهان:الأقرب هو الثاني.
فالمعروف ثبوت الدين بذلك،و هل يحتاج إلى يمين آخر؟فيه خلاف،قيل بعدم الحاجة،و قيل بلزومها،و لكن في ثبوت الحق على الميت بشاهد و يمين اشكال،بل منع.
و الجواب:الأظهر أنه لا يحتاج إليه.
و لا يجوز للآخر نقض حكم الأول،إلاّ إذا لم يكن الحاكم الأول واجدا للشرائط،أو كان حكمه مخالفا للكتاب أو السنة.
و لم يمكن احضاره فعلا-فعندئذ-إن أقام البينة على مدعاه،حكم الحاكم له بالبينة و أخذ حقه من أموال المدعي عليه و دفعه له،و أخذ منه كفيلا بالمال، و الغائب إذا قدم فهو على حجته،فإن أثبت عدم استحقاق المدعي شيئا عليه، استرجع الحاكم ما دفعه للمدعي و دفعه للمدعي عليه.
و ادّعى الغريم التسليم إلى الموكل،أو الإبراء،فإن أقام البينة على ذلك فهو،و إلا فعليه أن يدفعه إلى الوكيل.
جاز للحاكم حبسه و إجباره على الأداء.نعم.إذا كان المحكوم عليه مفلسا لم يجز حبسه،بل ينظر الحاكم حتى يتمكن من الأداء.
الغاصب،و من أكل مال اليتيم ظلما،و من اؤتمن على أمانة فذهب بها و قصّر في حفظها،كما يجوز له أن يحبس كل مجرم و متجاوز على حقوق الآخرين كذلك.
و لا يعتبر فيه أن يكون بلفظ عربي،بل يصح بكل ما يكون ترجمة لأسمائه سبحانه و تعالى.
و لا يجب الزامهم بالحلف باللّه تعالى فقط،فيجوز أن يستحلفه بكتابه و ملّته.
الظاهر هو اعتبار المباشرة.
و الجواب:الأظهر عدم الكفاية،على أساس أنه ليس بحلف حقيقة.
فهل تجري عليه أحكام القضاء في الدعاوي بينه و بين المسلم،كطلب البينة منه إذا كان مدّعيا،أو استحلافه باللّه أو بما يعتقد به إذا كان منكرا؟و الجواب:الأظهر أنه لا يجري عليه أحكام القضاء،باعتبار أنه لا حرمة له و لا لماله،إلاّ إذا توقف استنقاذ الحق على ذلك.
إلاّ إذا كان معذورا من الحضور كالمريض أو غيره،فحينئذ يستنيب الحاكم من يحلفه في منزله،و لكن لا دليل عليه،فالأظهر الجواز.
جاز له ذلك.
فإن ادعى علم الوارث به،و الوارث ينكره،فله احلافه بعدم العلم،و إلاّ فلا يتوجه الحلف على الوارث.
و حينئذ فإن اعترف الورثة بذلك لزمهم الوفاء،و إلاّ فعليهم الحلف،أمّا على نفي العلم بالموت،أو نفي وجود مال
للميت عندهم.
و لا أثر لإقرار المملوك في ثبوت الدعوى و لا لإنكاره،فالمعيار إنما هو بإقرار السيد و إنكاره،بلا فرق في ذلك بين دعوى المال و الجناية،نعم إذا كانت الدعوى اجنبية عن المولى،كما إذا ادّعى على العبد إتلاف مال،و اعترف العبد به،ثبت ذلك في ذمته و هي ليست مملوكة للمولى،و يتبع به بعد العتق، و بذلك يظهر حكم ما إذا كانت الدعوى مشتركة بين العبد و مولاه،كما إذا ادّعى على العبد القتل عمدا،أو خطأ،و حينئذ فإن اعترف به المولى،فإن كان اعترافه بالقتل العمدي،فعليه أن يدفعه إلى ولي المقتول للاسترقاق و إن انكره العبد و إن كان بالقتل الخطئي،دفعه أو فداه منكرا كان العبد أم لا، و إن أنكره المولى فحينئذ إن اعترف العبد به،فلا أثر له بالنسبة إلى المولى، و لكنه يثبت في ذمته و يتبع به بعد العتق.
و لا تتوجه اليمين فيها على المنكر.
فإن حلف سقط عنه الغرم.و لو أقام المدعي شاهدا و حلف،غرم المنكر،و أما الحدّ،فلا يثبت إلاّ بالبيّنة،أو الإقرار،و لا يسقط بالحلف،فإذا قامت البيّنة بعد الحلف،جرى عليه الحدّ.
فإن كان الدين مستغرقا،رجع الدائن إلى المدعي عليه و طالبه بالدين،فإن أقام البيّنة على ذلك فهو،إلاّ حلف المدعي عليه،و إن لم
يكن مستغرقا،فإن كان عند الورثة مال للميت غير المال المدعي به في ذمة غيره رجع الدائن إلى الورثة و طالبهم بالدين،و إن لم يكن له مال عندهم، فتارة يدعي الورثة عدم العلم بالدين للميت على ذمة آخر،و أخرى يعرفون به،فعلى الأول يرجع الدائن إلى المدعي عليه،فإن أقام البيّنة على ذلك فهو، و إلاّ حلف المدعي عليه،و على الثاني يرجع إلى الورثة و هم يرجعون إلى المدعي عليه و يطالبون بدين الميت،فإن أقاموا البيّنة على ذلك،حكم بها لهم، و إلاّ فعلى المدعي عليه الحلف.نعم لو امتنع الورثة من الرجوع إليه فللدائن أن يرجع إليه و يطالبه بالدين على ما عرفت،و إن امتنع المدعي عليه و لم يمكن اجباره أيضا،فعلى الورثة أن يقوموا بتسديد دين الميت من سائر تركته إن كانت.
و هل يعتبر في ذلك تقديم الشهادة على اليمين،فلو عكس لم تثبت؟ و الجواب:أن المشهور و إن كان ذلك،و لكن الأقرب عدم اعتباره،هذا كله في الدعوى على غير الميت.و أما الدعوى عليه فقد تقدم الكلام فيها.
عينا كان أو دينا،و هل يثبت بهما غير المال من الحقوق الأخر،كالطلاق و العتق و الخلع و غير ذلك؟و الجواب:الأقرب الثبوت.
فإن حلفوا جميعا،قسم المال بينهم بالنسبة،و إن حلف بعضهم و امتنع
الآخرون،ثبت حق الحالف دون الممتنع،فإن كان المدعى به دينا،أخذ الحالف حصته،و لا يشاركه فيها غيره،و إن كان عينا،شاركه فيها غيره، و كذلك الحال في دعوى الوصية بالمال لجماعة،فإنهم إذا أقاموا شاهدا واحدا، ثبت حق الحالف منهم دون الممتنع.
فهل لوليه الحلف لاثبات حقه،أو تبقى حصته إلى أن يبلغ.
و الجواب:المشهور أنه ليس لوليه الحلف،باعتبار أنه ليس صاحب الحق،و المعتبر إنما هو حلف صاحب الحق،و هو لا يخلو عن قوة،و عليه فإذا مات الصبي قبل بلوغه،قام وارثه مقامه،فإن حلف فهو،و إلاّ فلا حق له.
فإن أقام المدعون البيّنة تثبت الوقفية،و كذلك إذا كان لهم شاهد واحد و حلفوا جميعا،و إن امتنع الجميع لم تثبت الوقفية،و قسم المدعى به بين الورثة بعد اخراج الديون و الوصايا إن كان على الميت دين،أو كانت له وصية،و بعد ذلك يحكم بوقفية حصة المدعي للوقفية آخذا بإقراره،و لو حلف بعض المدعين دون بعض،ثبتت الوقفية في حصة الحالف،فلو كانت للميت وصية،أو كان عليه دين،أخرج من الباقي، ثم قسم بين سائر الورثة
فإن حلف ثبت الوقف في حصّته،و إلاّ فلا.
و للشريك أن يطالب شريكه بقسمة العين،فإن امتنع اجبر عليها.
(الأولى):أن يتضرر الكل بها.
(الثانية):أن يتضرر البعض دون بعض.
(الثالثة):أن لا يتضرر الكل،فعلى الأولى لا تجوز القسمة بالإجبار، و تجوز بالتراضي،و على الثانية فإن رضى المتضرر بالقسمة فهو،و إلاّ فلا يجوز اجباره عليها،و على الثالثة يجوز اجبار الممتنع عليها.
سواء أ كانت القسمة قسمة إفراز أم كانت قسمة تعديل.
و الأول:كما إذا كانت العين المشتركة متساوية الأجزاء من حيث القيمة، كالحبوب،و الأدهان،و النقود،و ما شاكل ذلك.
و الثاني:كما إذا كانت العين المشتركة غير متساوية الأجزاء من جهة القيمة،كالثياب،و الدور،و الدكاكين و البساتين،و الحيوانات،و ما شاكلها،ففي مثل ذلك لا بدّ أولا من تعديل السهام من حيث القيمة،كأن كان ثوب يسوى دينارا،و ثوبان يسوى كل واحد نصف دينار،فيجعل الأول سهما و الآخران سهما،ثم تقسم بين الشريكين،و أما إذا لم يمكن القسمة إلاّ بالرد،كما إذا كان
المال المشترك بينهما سيارتين تسوى إحداهما ألف دينار مثلا،و الأخرى ألفا و خمسمائة دينار،ففي مثل ذلك لا يمكن التقسيم إلاّ بالرد،بأن يرد من يأخذ الأغلى منهما إلى الآخر مائتين و خمسين دينارا،فإن تراضيا بذلك فهو،و إلاّ بان طلب كل منهما الأغلى منهما-مثلا-عيّنت حصة كل منهما بالقرعة.
و طلب أحدهما القسمة و لم يتراضيا على أن يتقبله أحدهما و يعطي الآخر حصته من القيمة،أجبرا على البيع و قسم الثمن بينهما.
أجبر الممتنع عليها، فإن لم يمكن جبره عليها،أجبر على البيع و قسم ثمنه بينهما،و إن لم يمكن ذلك أيضا باعه الحاكم الشرعي أو وكيله،و قسم ثمنه بينهما.
فلا يجوز لأحد الشريكين فسخه، و لو ادّعى وقوع الغلط و الاشتباه فيها،فإن اثبت ذلك بالبيّنة فهو،و إلاّ فلا تسمع دعواه،نعم لو ادّعى علم شريكه بوقوع الغلط،فله إحلافه على عدم العلم.
فإن كان في حصة أحدهما دون الآخر بطلت القسمة،و إن كان في حصتهما معا،فإن كانت النسبة متساوية صحت القسمة،و وجب على كل منهما رد ما أخذه من مال الغير إلى صاحبه،و إن لم تكن النسبة متساوية،كما إذا كان ثلثان منه في حصة أحدهما،و ثلث منه في حصة الآخر،بطلت القسمة أيضا.
فإن أدى الورثة دينه،أو أبرأ الدائن ذمّته،أو تبرع به متبرع،صحت القسمة،و إلاّ بطلت.فلا بد أولا من أداء دينه منها ثم تقسيم الباقي بينهم،على أساس أن مقدار الدين قد ظل في ملك الميت.
كأن يدعي عليه شيئا من مال،أو حق،أو غيرهما،أو يدعي وفاء دين،أو أداء عين كان واجبا عليه و نحو ذلك.
فلا تسمع دعوى المجنون في حال الجنون،و هل تسمع دعواه في حال الإفاقة إذا كان جنونه أدواريا؟و الجواب:لا يبعد السماع.
و لا يبعد سماع دعوى الصبي إذا كان رشيدا و عاقلا،و قبول اعترافه و إنكاره،و له حق مطالبة الحلف من المنكر إذا لم تكن عنده بيّنة،و قبول حلفه إذا ردّه المنكر عليه،إذ لا قصور في إطلاقات أدلة أن البيّنة على المدعي و اليمين على المنكر عن شمول الصبي إذا كان مميزا و رشيدا،و لا يوجد دليل على الخلاف،و تقييد تلك الإطلاقات،و دعوى الإجماع في المسألة لا تصلح أن تكون قرينة على ذلك،و ما دل على عدم نفوذ تصرفاته الاعتبارية كالبيع و الشراء و نحوهما لا يشمل المقام،إذ لا ملازمة
بين عدم نفوذ تلك التصرفات و عدم سماع الدعوى منه و لا فرق في ذلك بين أن تكون الدعوى من الدعاوي المالية أو الجنائية،و مع هذا فالأحوط و الأجدر أن يكون ذلك بنظر الولي و إذنه،و لا يعتبر فيه الرشد و إن كانت الدعوى،دعوى مالية،لأن السفيه ممنوع من التصرفات الاعتبارية في ماله، كالبيع و الشراء و الصلح و الهبة و غير ذلك،و لا دليل على أنه ممنوع من دعوى حق مالي على شخص،و إقامة بيّنة على هذه الدعوى،و إحلافه المنكر على ما أنكره،و حلفه على ما ادعاه إذا ردّه المنكر عليه،إذ كونه سفيها في تلك التصرفات و عدم نفوذها،لا يلازم كونه كذلك في المقام.
فلا تسمع دعواه مالا لغيره إلاّ أن يكون وليه أو وكيله أو وصيه،كما يعتبر في سماع الدعوى أن يكون متعلقها أمرا سائغا و مشروعا،فلا تسمع دعوى المسلم على آخر في ذمته خمرا أو خنزيرا أو ما شاكلهما،و أيضا يعتبر في ذلك أن يكون متعلق دعواه ذا اثر شرعي فلا تسمع دعوى الهبة أو الوقف من دون إقباض،و أن تكون دعواه صريحة في المدعى،فلو كانت مبهمة لم تسمع.
و إلاّ لم يجز له شرعا الاتكال في دعواه على الغير على الحدس و الاجتهاد الظني الذي لا يكون حجة.
فإن تمكن من إثبات مدعاه بإقامة البيّنة فهو،و إلاّ فله إحلاف المنكر،فإن حلف سقطت الدعوى،و إن رد المنكر الحلف على المدعي،فإن حلف ثبت الحق،و إن لم يحلف فهل تسقط الدعوى؟
و الجواب:أن السقوط غير بعيد.
و أما إن كان دينا في ذمته فإن كان المدعى عليه معترفا بذلك و باذلا له،فلا يجوز له أخذه من ماله بدون إذنه.و كذلك الحال إذا امتنع و كان امتناعه عن حق،كما إذا لم يعلم بثبوت مال له في ذمته،فعندئذ يترافعان عند الحاكم.و أما إذا كان امتناعه عن ظلم،سواء أ كان معترفا به أو جاحدا،جاز لمن له الحق المقاصة من أمواله،و الظاهر أنه لا يتوقف على اذن الحاكم الشرعي أو وكيله،و إن كان تحصيل الإذن أحوط،و أحوط منه التوصل في أخذ حقه إلى حكم الحاكم بالترافع عنده،و كذا تجوز المقاصة من أمواله عوضا عن ماله الشخصي إن لم يتمكن من أخذه منه.
و لكن مع تعديل القيمة فلا يجوز أخذ الزائد.
بل يجوز ذلك للولي أيضا،فلو كان للصغير،أو المجنون مال عند آخر فجحده،جاز لوليهما المقاصة منه.و هل للحاكم الشرعي أن يقبض من أموال من يمتنع عن أداء الحقوق الشرعية من خمس أو زكاة ولاية؟
و الجواب:الأظهر أن له ذلك نظريا،و لكن عملية التطبيق تتوقف على بسط يده.
فلو كان كيس بين جماعة و ادّعاه واحد منهم دون الباقين،قضى له.
(الأولى):أن يكون المال في يد أحدهما.
(الثانية):أن يكون في يد كليهما.
(الثالثة):أن يكون في يد ثالث.
(الرابعة):أن لا تكون عليه يد.
(أما الصورة الأولى):فتارة تكون لكل منهما البينة على أن المال له، و أخرى تكون لأحدهما دون الآخر،و ثالثة لا تكون بيّنة أصلا،فعلى الأول فإن كان ذو اليد منكرا لما ادعاه الآخر،حكم بأن المال له مع حلفه لقوله عليه السّلام في معتبرة بن عمار«فإن كانت في يد أحدهما و أقاما جميعا البيّنة قال اقض بها للحالف الذي هي في يده»و هذه المعتبرة تقيد اطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة غياث بن إبراهيم«و كلاهما أقاما البيّنة أنه انتجها فقضى بها للذي في يده»بما إذا حلف لا مطلقا،و أما معتبرة سماعة،فإنها و إن كانت تدل على أن المدعيين إذا أقاما البيّنة و كانتا متساويتين في العدد،فالمرجع في ذلك القرعة، و مقتضى إطلاقها أنها المرجع،سواء أحلف ذو اليد أم لم يحلف،إلا أنه لا بدّ من رفع اليد عن اطلاقها بما إذا لم يحلف،و أما إذا حلف فيحكم بأن المال له،فإذن
يكون الرجوع إلى القرعة مقيدا بما إذا لم يحلف كما أن هذه المعتبرة تقيد اطلاق معتبرة ابن عمار بما إذا كانت البينتان متساويتين و إلاّ أخذ بالأكثر عددا و ألغيت الأخرى،فالنتيجة بعد الجمع بين هذه الروايات بتقييد بعضها ببعضها الآخر،أن المدعيين إذا أقاما البيّنة،فإن كانت أحدهما أكثر عددا قدمت و ألغيت الأخرى،و إن كانتا متساويتين سقطتا،و يؤمر ذو اليد بالحلف،فإن حلف فالمال له،و إن رد على المدعي،فإن حلف المدعي فهو،و إلاّ سقط حقه و يدفع المال لصاحب اليد.
و على الثاني:فإن كانت البيّنة للمدعي حكم بها له،و إن كانت لذي اليد حكم له مع حلفه،و أما الحكم له من دون حلفه ففيه اشكال،و الأظهر العدم.
و على الثالث:كان على ذي اليد الحلف،فإن حلف حكم له،و إن نكل و ردّ الحلف على المدعي،فإن حلف حكم له،و إلاّ فالمال لذي اليد.
و أما(الصورة الثانية):فقد تكون لكل منهما البيّنة،و أخرى تكون لأحدهما دون الآخر،و ثالثة لا بيّنة أصلا.
فعلى الأول ففيه صور:
الأولى:ما إذا نكلا جميعا عن الحلف و امتنعا،و هل الحكم في هذه الصورة التنصيف أو القرعة؟
و الجواب:الأقرب القرعة،و ذلك لأن المعتبرة لا تشمل هذه الصورة و لا تدل على حكمها،لاختصاصها بما إذا حلفا معا أو حلف أحدهما دون الآخر،و عليه فلا مانع من التمسك بإطلاق الموثقة و الحكم بأن المرجع في تلك الصورة القرعة،هذا إذا كانت البينتان متساويتين،و أما إذا كانت أحدهما أكثر
عددا أخذ بها و ألغيت الأخرى.
الثانية:ما إذا حلفا جميعا،و الحكم في هذه الصورة التنصيف بمقتضى المعتبرة،و بها تقيد اطلاق الموثقة بما إذا لم يحلفا معا.
الثالثة:ما إذا حلف أحدهما دون الآخر،ففي هذه الصورة يحكم بأن المال للحالف.
و على الثاني:كان المال لمن كانت عنده بيّنة مع يمينه،و في جواز الاكتفاء بالبيّنة وحدها إشكال،و الأظهر عدمه،على أساس أنه منكر من جهة،و على الثالث يتوجه إليهما الحلف،على أساس أن كلا منهما منكر لما يحلفا في يد الآخر،فإذا حلفا معا،حكم بتنصيف المال بينهما،و كذلك الحال فيما إذا لم يحلفا جميعا،فالحكم التنصيف أيضا بمقتضى اليد كما مر،و إن حلف أحدهما دون الآخر حكم له.
و أما(الصورة الثالثة):فإن صدّق من بيده المال أحدهما دون الآخر، فتدخل في الصورة الأولى،و تجري عليها أحكامها بجميع شقوقها،و إن اعترف ذو اليد بأن المال لهما معا،جرى عليها أحكام الصورة الثانية،و إن لم يعترف بأن لهما،كان حكمها حكم الصورة الرابعة.
و أما(الصورة الرابعة):ففيها أيضا قد تكون لكل منهما بيّنة على أن المال له و أخرى تكون لأحدهما،و ثالثة،لا تكون بيّنة أصلا،فعلى الأول:إن حلفا جميعا كان المال بينهما نصفين و إن نكلا جميعا،فهل يقسّم المال بينهما نصفين أو يرجع إلى القرعة؟
و الجواب:الأقرب القرعة إذا كانت البيّنتان المقيمتان متساويتين في
العدد،لما مر من أن معتبرة عمار لا تدل على حكم هذه الصورة،و عليه فلا مانع من التمسك بالموثقة فيها،و الحكم بالرجوع إلى القرعة،و إن حلف أحدهما و نكل الآخر،كان المال للحالف،و على الثاني فالمال لمن كانت عنده البيّنة.
و على الثالث:فإن حلف أحدهما دون الآخر،فالمال له،و إن حلفا معا، فهل يحكم بالتنصيف بينهما أو القرعة؟
و الجواب:لا يبعد القرعة،لأن شمول المعتبرة للمقام لا يخلو عن اشكال،فإن دلالتها على التنصيف في فرض حلفهما معا إنما هي فيما أقاما البيّنة لا مطلقا،فمن أجل ذلك لا يبعد أن يرجع إلى الموثقة و الحكم بالقرعة،و أما إذا لم يحلفا و لا أحدهما،فالمرجع هو القرعة،ثم أن المراد بالبيّنة في هذه المسألة هو شهادة رجلين عدلين،أو رجل و امرأتين،و أما شهادة رجل واحد و يمين المدعي،فهي لا تكون بينة و إن كان يثبت بها الحق على ما تقدم.
و المدعي كان يصدقه في ذلك،و لكنه ادّعى أن من انتقل منه المال إليه قد غصبه أو كان المال عارية عنده أو غير ذلك، فعندئذ إن أقام بيّنة على ذلك،حكم بأن المال له،و إلاّ فهو لصاحب اليد.
ارتفعت عنه المخاصمة-فعندئذ-إن أقام المدعي البيّنة على أن المال له،حكم بها له،و لكن بكفالة الغير على ما مر في الدعوى على الغائب.
فإن
أقام البيّنة على أنه كان في يده سابقا،أو كان ملكا له كذلك،فلا أثر لها،و لا تثبت بها ملكيته فعلا،بل مقتضى اليد أن المال ملك لصاحب اليد،نعم للمدعى أن يطالبه بالحلف،و إن أقام البيّنة على أن يد صاحب اليد على هذا المال يد أمانة له،أو إجارة منه،أو غصب عنه،حكم بها له،و سقطت اليد الفعلية عن الاعتبار،نعم إذا أقام ذو اليد أيضا البيّنة على أن المال له فعلا، حكم له مع يمينه،و لو أقر ذو اليد بأن المال كان سابقا ملكا للمدعي و ادعى انتقاله إليه ببيع،أو نحوه،فإن أقام البيّنة على مدعاه فهو،و إلاّ فالقول قول ذي اليد السابقة مع يمينه.
بأن ادّعى الزوج الانقطاع،و ادّعت الزوجة الدوام،أو بالعكس،فالظاهر أن القول قول مدعي الدوام،و على مدعي الانقطاع إقامة البيّنة على مدعاه،باعتبار أن مرجع هذه الدعوى إلى دعوى الإطلاق و التقييد،فإن من يدعي الدوام يدعي الإطلاق و من يدعي الانقطاع يدعي التقييد،و حيث أن الإطلاق عبارة عن عدم التقييد البديل له على ما بيّناه في محله،فعلى هذا من يدعي الدوام يدعي اطلاق الزوجية المنشأة من قبل الزوجين و عدم التقييد بفترة معينة،و من يدعي الانقطاع يدعي تقييد تلك الزوجية بفترة معينة،و بما أنه يدعي شيئا زائدا و هو التقييد،فعلية اثباته دون من يدعي الإطلاق،و على مدعي
الانقطاع إقامة البيّنة على مدعاه،فإن لم يمكن،حكم بالدوام مع يمين مدعيه، و كذلك الحال إذا وقع الاختلاف بين ورثة الزوج و الزّوجة.
فإن أقام البينة على ذلك فهو،و إلاّ فله إحلاف أيهما شاء.
و ادّعى رجل آخر زوجيتها كذلك،و أقام كل منهما البيّنة على مدّعاه،حلف أكثرهما عددا في الشهود،فإن تساويا أقرع بينهما،فأيهما أصابته القرعة كان الحلف له،و إذا لم يحلف أكثرهما عددا أو من أصابته القرعة،لم تثبت الزوجية لسقوط البيّنتين بالتعارض،و إذا انكرت الزوجة الزوجية مع كل منهما،فإن أقام أحدهما البيّنة على أنها زوجته فهو،و إن لم تكن بيّنة لأيّ منهما،فللزوجة أن تحلف و بذلك تنتهي الدعوى،نعم إذا حكم الحاكم بأنها زوجته بالبيّنة أو نحوها،و هي كانت تعلم بعدمها واقعا و بكذب البيّنة،لم تجز حينئذ لها المطاوعة له،و عليها التخلص منه بأي وسيلة متاحة لها.
فكان الناقل للمال مدّعيا للبيع،و كان المنقول إليه المال مدعيا الهبة،فالقول قول مدّعي الهبة،و على مدّعي البيع الإثبات،و أما إذا انعكس الأمر،فادّعى الناقل الهبة و ادّعى المنقول إليه البيع، فالقول قول مدعي البيع و على مدعي الهبة الاثبات،على اساس ان مدعي الهبة إذا كان مالكا فيما أنه يدعي شيئا زائدا على الآخر،و هو رجوعه إلى العين و أخذها منه،فعليه اثباته.
فالقول قول مدّعي العارية،باعتبار أن المالك يدّعي اشتغال ذمة الآخر بالأجرة، فعليه الإثبات،و لو انعكس الأمر،كان القول قول المالك،باعتبار أن مدّعي الإجارة يدعي ملك المنفعة في المدة المعلومة و عليه اثباته.
فالقول قول المالك مع يمينه للنص،و أما إذا كان المال موجودا و كان قيميا،فالقول قول من يدّعي الوديعة،على أساس أن مدعي القرض يدعي الضمان و اشتغال ذمة الآخر بالقيمة و عليه الإثبات، نعم إذا كان المال الموجود مثليا،فلا أثر للدعوى،حيث أنه ليس لمدّعي القرض الامتناع عن قبول المال الموجود،و هذا بخلاف ما إذا كان قيميا،فله الامتناع عن قبوله و المطالبة بقيمته.
فإن كان الدين ثابتا،فالقول قول القابض مع يمينه للنص،و إلاّ فالقول قول المالك.
فالقول قول الراهن مع يمينه، فإن المرتهن بما أنه يدّعي شيئا زائدا على الراهن،فعليه الإثبات هذا إضافة إلى أن ذلك منصوص.
فادعى زيد القابض للدار البيع و عمرو المالك لها الإجارة،فلذلك صورتان:
الأولى:أن الثمن في البيع إذا كان أكثر من الأجرة في الإجارة،كما هو
كذلك خارجا أو مساويا لها،فالقول قول المالك و هو مدّعي الإجارة،و على مدّعي البيع إثبات انتقال ملكية الدّار إليه.
الثانية:إذا فرض أن الثمن في البيع أقل من الأجرة في الإجارة،فحينئذ كان المورد من موارد التداعي،فإن أقام أحدهما البيّنة دون الآخر حكم له، و إن لم تكن بيّنة لواحد منهما فإن حلف أحدهما دون الآخر فالمال كله للحالف،و إن أقام كلاهما بيّنة على مدّعاه أو حلف كلاهما معا كذلك،فهل يحكم عندئذ بالانفساخ قهرا أو لا؟
و الجواب:أن الحكم بالانفساخ القهري لا يخلو عن اشكال بل منع، لعدم الدليل،و عليه فللحاكم أن يحكم بينهما بالتصالح خصما لمادة النزاع،كما أن له أن يفسخ المعاملة ولاية إذا رأى.
فله صورتان:
الأولى:ما إذا كان الاختلاف بينهما فيما إذا تلف المبيع في يد المشتري، و في هذه الصورة فالقول قول المشتري مع يمينه،و على البائع إثبات الزيادة في الثمن شرعا.
الثانية:ما إذا كان الاختلاف بينهما فيما لو كان المبيع باقيا في يد المشتري،و في هذه الصورة فالمشهور تقديم قول البائع مع يمينه،و على المشتري إثبات مدّعاه شرعا،و هو الأظهر،لإطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة عمر بن يزيد«فإن اختلفا أي البائع و المشتري فالقول قول رب السلعة».
كان القول قول البائع مع يمينه،و كذلك إذا اختلفا في مقدار الأجل و ادّعى المشتري الزيادة.
فادعى المشتري أن المبيع ثوبان-مثلا-و قال البائع إنه ثوب واحد،فالقول قول البائع مع يمينه،و إذا اختلفا في جنس المبيع،أو جنس الثمن،فالمورد و إن كان من موارد التداعي،إلاّ أنه لا يبعد تقديم قول صاحب السلعة.
فالقول قول مدعي النقيصة،و على مدعي الزيادة الإثبات،و كذلك الحال فيما إذا كان الاختلاف في العين المستأجرة زيادة و نقيصة مع الاتفاق في الأجرة، أو كان الاختلاف في المدة زيادة و نقيصة مع الاتفاق في العين و مقدار الأجرة.
فإن اعترف البائع لأحدهما دون الآخر،فالمال للمقرّ له، و للآخر إحلاف البائع على ما يأتي،سواء أقام كل منهما البيّنة على مدّعاه،أم لم يقيما جميعا،نعم إذا أقام غير المقرّ له البيّنة على مدّعاه،سقط اعتراف البائع عن الاعتبار و حكم له بالمال،و على البائع حينئذ أن يرد إلى المقرّ له ما قبضه منه باعترافه،و إن لم يعترف البائع أصلا،فإن أقام أحدهما البيّنة على مدّعاه حكم له،و للآخر إحلاف البائع،فإن حلف سقط حقه،و إن ردّ الحلف إليه، فإن نكل سقط حقه أيضا،و إن حلف ثبت حقه في أخذ الثمن منه،و إن أقام كل منهما البيّنة على مدّعاه،أو لم يقيما جميعا،توجه الحلف إلى البائع،فإن حلف على عدم البيع من كل منهما سقط حقهما،و إن حلف على عدم البيع من أحدهما سقط حقه خاصة،و إن نكل و ردّ الحلف إليهما،فإن حلفا معا قسم
المال بينهما نصفين للنص،و إن لم يحلفا جميعا سقط حقهما.و إن حلف أحدهما دون الآخر كان المال للحالف،و إن اعترف البائع بالبيع من أحدهما لا على التعيين،جرى عليه حكم دعويين على مال لا يد لأحد عليه و قد مرّ حكمهما.
و إذا ادعى الحرية بعد البلوغ لم تسمع إلا إذا أقام البيّنة عليها.و كذلك الحال في البالغ المملوك في يد أحد إذا ادّعى الحرية،نعم لو ادّعى أحد أنه مملوك له و ليس بيده،و أنكره المدعي عليه،لم تسمع دعوى المدعي إلاّ بالبيّنة.
فإن أقام مدّعي الملكية البيّنة على ما ادّعاه و لم تكن للآخر بينة،حكم بملكيته له،و إن كانت للآخر بينة على أنه ولده حكم به له،سواء أ كانت للأول بينة أم لم تكن للنصّ،و أن لم تكن لهما بينة، خلّى سبيل الطفل يذهب حيث شاء.
حكم بملكية كل منهما،ما في يده مع يمينه.
الأولى:ما إذا كان الاختلاف في مختصات كل منهما،و حينئذ فإن كان في مختصات الرجال فهي لهم،و على النساء الإثبات شرعا،و إن كان في مختصات النساء فهي لهن،و على الرجال الإثبات كذلك.
الثانية:إذا كان الاختلاف في المشتركات بينهما كالوسائل البيتية من الظروف و الفراش و غيرهما،فإن أقام أحدهما بيّنة على مدّعاه،فهي له رجلا كان أم امرأة،و إن تكن بيّنة لأحد منهما،فحينئذ إن حلف أحدهما دون الآخر فهي للحالف،و إن كانت لكل منهما بيّنة أو حلف كل منهما على مدّعاه، قسمت بينهما نصفين،و كذلك إذا لم تكن بيّنة لهما في المسألة و لا أنهما قبلا يمينا،فإنها أيضا قسمت نصفين.
الثالثة:إذا علم من الخارج أو قامت شهود على أن المرأة جاءت بأثاث البيت و أمتعته،و الزوج كان يعترف بذلك،و لكنه يدعي الزيادة على ما جاءت،ففي هذه الصورة فعلى الزوج أن يقيم البيّنة على الزيادة،فإن أقامها فهي له،و إلاّ فهي للزوجة مع يمينها.
الرابعة:و هي ما إذا ادّعى كل من الزوج و الزوجة عدم العلم بالحال، ففي هذه الصورة ما كان للرجال فهو للزوج،و ما كان للنساء فهو للزوجة، و ما كان مشتركا بينهما قسم نصفين.و كذلك الحال فيما إذا كان الاختلاف بين ورثة أحدهما مع الآخر أو بين ورثة كليهما.
فالأظهر قبول دعواه للنص،و أما إذا كان المدّعي غيره و لو كان أبا أمها،فعليه الإثبات بالبيّنة،و إلاّ فهي لوارث المرأة مع اليمين،نعم إذا اعترف الوارث بأن المال كان للمدّعي،و ادّعى أنه وهبه للمرأة المتوفاة انقلبت الدعوى،فعلى الوارث إثبات ما يدعيه بالبيّنة،أو استحلاف منكر الهبة.
فعلى مدّعي التقدم الإثبات،و إلاّ كان القول قول أخيه مع حلفه إذا كان منكرا للتقدم، و أما إذا كان مدعيا الجهل بالحال،فهو بما أنه لا يكذب أخيه في دعوى تقدم إسلامه على موت أبيه،فلا تكون معارضا له،و حينئذ فلا يبعد قبول دعواه، باعتبار عدم وجود معارض لها،و لا مجال لإحلافه على عدم العلم بالتقدم، على أساس أن دعوى عدم العلم بالحال لا تعد من الدعوى المانعة في المقام، نعم قد تكون هذه الدعوى مانعة من جهة أخرى،كما إذا كان المال في يد شخص و ادّعى آخر أنه ملك له و هو لا يعلم بالحال،ففي مثل ذلك لا يجوز له أن يدفع المال إليه بمجرد دعواه،باعتبار أن الواجب عليه دفع هذا المال إلى مالكه،فما دام لم يعرف أنه مالك،فليس بإمكانه دفعه و تسليمه إليه،نعم إذا حصل له العلم أو الاطمئنان من قوله،جاز له ذلك،فإذن تختلف دعوى الجهل بالحال باختلاف مواردها.
فلا إشكال،و إن كان مجهولا،فتارة يكون التاريخ الزمني لموت كليهما مجهولا،و أخرى يكون التاريخ الزمني لموت الأب معلوما، و التاريخ الزمني لموت الابن مجهولا،و ثالثة بالعكس،و على هذا ففي الصورة الأولى لا يجري استصحاب بقاء حياة كل من الأب و الابن إلى الزمان الواقعي
لموت الآخر،لأنه من الاستصحاب في الفرد المردد،باعتبار تردد ذلك الزمان الواقعي بين زمانين يكون بقاء الشخص المستصحب في أحدهما متيقنا و ارتفاعه في الآخر كذلك،و لكن حيث أنا نعلم إجمالا بإرث أحدهم من الآخر،فعلى وارث كل من الأب و الابن التصالح و التراضي بينهما.
و في الصورة الثانية:يجري استصحاب بقاء حياة الابن إلى زمان موت الأب،و يترتب عليه أثره و هو إرثه منه،و لا يجري استصحاب بقاء حياة الأب إلى زمان موت الابن،لأنه من الاستصحاب في الفرد المردد كما مر.
و في الصورة الثالثة:لا مانع من استصحاب بقاء حياة الأب إلى زمان موت الابن،و يترتب عليه أثره و هو إرثه منه،و لا يجري استصحاب بقاء حياة الابن،إلى زمان موت الأب بنفس ما تقدّم من الملاك،هذا إذا لم يكن نزاع،بين وارث الأب و وارث الابن،كما إذا ادّعى كل منهما الجهل بالحال، و إن كان بينهما نزاع،فحينئذ إن ادّعى وارث الابن تقدم موت الأب على موت الابن،و وارث الأب تقدم موت الابن على موت الأب،كان المورد من موارد التداعي،فوقتئذ إن أقام أحدهما بيّنة على مدعاه دون الآخر،حكم بأن المال له،و كذا إن حلف أحدهما و لم يحلف الآخر،و أما إذا أقام كل منهما بيّنة على مدعاه،فإن كانت بيّنة أحدهما أكثر عددا من بيّنة الآخر،حكم بها مع يمينه و إن كانت البينتان متساويتين،فإن حلف أحدهما و امتنع الآخر، كان المال للحالف،و إن حلفا معا كان المال بينهما نصفين،و إن لم يحلفا و لا أحدهما،فالأقرب القرعة،و كذلك إذا لم تكن لهما بيّنة في المسألة و امتنعا عن الحلف أيضا،و إن ادّعى وارث الابن تقدم موت الأب على موت الابن و أنكره وارث الأب أو بالعكس،كان المقام حينئذ من مسألة المدّعي و
المنكر،فإن أقام البيّنة على مدعاه حكم له،و إلاّ فعلى المنكر الحلف،فإن حلف فهو،و إن رد الحلف على المدّعي فإن حلف المدّعي فهو،و إلاّ سقطت دعواه و يرفع المال للمنكر.
فعلى الولد إثبات تقدم إسلامه على موت والده،فإن لم يثبت فعلى الوارث الحلف أو رده عليه،فإن حلف فهو،و إلاّ سقطت دعواه.
فإن أقام البيّنة على ذلك و أنه الوارث له،دفع تمام المال له،و إن علم أن له وارثا غيره دفعت له حصته،و تحفظ على حصة الغائب و بحث عنه،فإن وجد دفعت له،و إلا عوملت معاملة مجهول المالك إن كان مجهولا،أو معلوما لا يمكن إيصال المال إليه،و إلاّ عومل معاملة المال المفقود خبره.
و ادعى زوجها أن المرأة ماتت أولا ثم ولدها،فالنزاع بين الأخ و الزوج إنما هو في نصف تركة المرأة،فيدعي الأخ أن موت أختها كان بعد موت ولده فله نصف ما تركتها،و الزوج يدعي أن موتها كان قبل موت ولدها،فتركتها جميعا انتقلت إليه و إلى الولد دون الأخ، و بكلمة أن النزاع في المسألة بين الأخ و الزوج إنما يكون في نصف المال الأصلي للمرأة و سدس مال الولد،فإن الأخ يدعي أن موت المرأة التي هي أختها كان بعد موت ولدها،و لازم ذلك أن ثلث مال الولد انتقل إلى المرأة التي هي أمها، و ثلثية إلى أبيه زوج المرأة،ثم إذا ماتت المرأة انتقل نصف مالها الأصلي إلى
أخيها،و نصف ما انتقل إليها من ولدها و هو السدس،و نصفها الآخر إلى زوجها،و الزوج يدّعي أن المرأة ماتت قبل موت ولدها،فلا يرث أخوها منها شيئا و عندئذ فإن أقام كل منهما البيّنة على مدعاه فأحلفهما،فإن حلف أحدهما دون الآخر،فالمال كله للحالف،و إن حلفا معا فالأظهر التنصيف بينهما،و أما إذا لم تكن بيّنة و قد حلفا معا،فهل يرجع إلى القرعة أو يحكم بالتنصيف بينهما؟
و الجواب:الأقرب القرعة،و إن أقام أحدهما البيّنة دون الآخر،فالمال كله له،و كذلك إن حلف أحدهما دون الآخر،و إن لم يحلفا جميعا أقرع بينهما.
و أمّا بالنسبة إلى الواقع فلا أثر له أصلا،فلو علم المدعي أنه لا يستحق على المدعي عليه شيئا و مع ذلك أخذه بحكم الحاكم،لم يجز له التصرف فيه بل يجب ردّه إلى مالكه،و كذلك إذا علم الوارث أن مورثه أخذ المال من المدّعي عليه بغير حق.
فلا تقبل شهادة الصبيان،نعم تقبل شهادتهم في القتل إذا كانت واجدة لشرائطها و يؤخذ بأول كلامهم،و في قبول شهادتهم في الجرح إشكال.
فلا عبرة بشهادة المجنون حال جنونه،و تقبل حال إفاقته.
فلا تقبل شهادة غير المؤمن،و أما المؤمن فتقبل شهادته و إن كان مخالفا في الفروع،و تقبل شهادة المسلم على غير المسلم،و لا تقبل شهادة غير المسلم على المسلم،نعم تقبل شهادة الذمي على المسلم في الوصية إذا لم يوجد شاهدان عادلان من المسلمين،و قد تقدم ذلك في كتاب الوصية.و لا يبعد قبول شهادة أهل كل ملة على ملتهم.
فلا تقبل شهادة غير العادل،و لا بأس بقبول شهادة أرباب الصنائع المكروهة و الدنيئة إذا كانوا عدولا.
فلا تقبل شهادة الشريك في المال المشترك،و لا شهادة صاحب الدين إذا شهد للمحجور عليه بمال،و لا شهادة السيد لعبده المأذون،و لا شهادة الوصي فيما هو وصي فيه،و لا شهادة من يريد دفع ضرر عن نفسه،كشهادة أحد العاقلة بجرح شهود الجناية،و لا شهادة الوكيل،أو الوصي بجرح شهود المدعي على الموكل،أو الموصي،و لا الشهادة الشريك لبيع الشقص الذي فيه حق الشفعة.
و أما إذا شهد شاهد أن لمن يرثانه فمات قبل حكم الحاكم،فالمشهور عدم الاعتداد بشهادتهما،و لكنه مشكل،و الأقرب هو القبول،على أساس أن الشاهدين حين شهادتهما لم يكونا من أحد طرفي الدعوى كانت مقبولة، و صيرورتهما بعد الشهادة من أحد طرفيها لا تضر،هذا نظير عروض الفسق على الشاهدين بعد شهادتهما،فإنه لا يضر و لا يمنع عن قبولها.
فإن كان ذلك حادثا بعد الشهادة،لم يضر بالحكم،و إن علم أنه كان موجودا من قبل،و قد خفي على الحاكم،بطل حكمه.
فتقبل شهادة المسلم على الكافر،و أما العداوة الدنيوية فهل تمنع عن قبول الشهادة،و لا تسمع شهادة العدوّ على أخيه المسلم و إن لم توجب الفسق؟
و الجواب:أن الوارد في النص عدم قبول شهادة المريب و الخصم و الشريك و دافع مغرم و الأجير و العبد و التابع و المتهم،فإن كل هؤلاء ترد
شهادتهم،و حينئذ فإن قلنا بأن الخصم يشمل العدو فلا تقبل شهادته،و إن قلنا بأنه لا يشمله فلا مانع من قبول شهادته،لأن العداوة و البغض القلبي لا تنافي العدالة عملا و خارجا،و الاستقامة في الدين،كما إذا لم يصدر منه أي عمل بالنسبة إلى عدوه خارجا ينافي عدالته،و الأقرب الاحتمال الثاني،لأن الخصم هو المنازع و المجادل في أمر ما،لا أنه عدوه قلبا،و عدم قبول شهادته لا من جهة أنه ينافي عدالته،بل لعل من جهة أنه لما كان خصمه و طرفه في النزاع،فشهادته مريبة.
فتسمع شهادة الأب لولده،و على ولده،و الولد لوالده،و الأخ لأخيه و عليه، و أما قبول شهادة الولد على الوالد ففيه خلاف،و الأظهر القبول.
و أما شهادة الزوجة لزوجها،أو عليه،فتقبل إذا كان معها غيرها،و كذا تقبل شهادة الصديق لصديقه و إن تأكّدت بينهما الصداقة و الصحبة.
و أما إذا أقاموها قبل زوال المانع ردّت،و لكن إذا أعادوها بعد زواله قبلت.
و كذلك الأجير بعد مفارقته لصاحبه،و أما شهادته لصاحبه قبل مفارقته، فلا تقبل على الأظهر.
و أما شهادته على مولاه،ففي قبوله إشكال،و الأظهر القبول.
بلا فرق في ذلك بين حقوق اللّه تعالى و حقوق الناس.
إلاّ في الشيء اليسير عرفا،و تقبل شهادة من لم يثبت كونه ولد الزنا و إن ناله بعض الألسن.
و تتحقق المشاهدة في مورد الغصب،و السرقة،و القتل،و الرضاع،و ما شاكل ذلك،و تقبل في تلك الموارد شهادة الأصم،و يتحقق السماع في موارد النسب و الإقرار،و الشهادة على الشهادة،و المعاملات من العقود و الإيقاعات، و ما شاكل ذلك و على هذا الضابط لا تقبل الشهادة بالملك المطلق مستندة إلى اليد،نعم تجوز الشهادة على أنه في يده،أو على أنه ملكه ظاهرا.
أو احتمل التزوير في الورقة،أو أن خطه لم يكن لأجل الشهادة،بل كان بداع آخر،و أما إذا علم أن خطه كان بداعي الشهادة،و لم يحتمل التزوير،جازت له الشهادة،و إن كان لا يذكر مضمون الورقة فعلا.
و يكفي فيها الاشتهار في البلد،و هل تجوز الشهادة به مستندة إليها؟
و الجواب:أما الشهادة في مقام المرافعة و المنازعة،فلا تجوز لما مرّ من أن المعتبر فيها أن تكون عن حس أو قريب من الحس،و أما الشهادة بمعنى الأخبار به مستندة إلى الاستفاضة فلا مانع منها،و كذلك الحال في غير النسب كالوقف و النكاح،و الملك و غيرها،فهي و إن كانت تثبت بالاستفاضة،إلا أنه لا تجوز الشهادة بها استنادا إليها،و إنما تجوز الشهادة بالاستفاضة.
و لا يثبت بغيرها إلاّ الزنا خاصة،فإنه يثبت بشهادة ثلاثة رجال و امرأتين أيضا.و هل يثبت بشهادة رجلين و أربع نساء؟
و الجواب:أنه يثبت بها،و لكن لا يترتب عليه إلا الجلد فحسب،و أما الرجم فلا.
و لا يثبت شيء من ذلك بشهادة عدل و امرأتين و لا بشاهد و يمين،و لا بشهادة النساء منفردات،على أساس أن الثبوت بحاجة إلى دليل،و لا دليل على ثبوتها بتلك الشهادات.
و ما شاكل ذلك في غير ما يأتي إلا بشاهدين عدلين، و لا يثبت بشهادة النساء لا منفردات و لا بشاهد و يمين و لا منضمات.
و لكن لا يثبت بها القود لا منفردات و لا منضمات،و إنما يثبت بها الدية فحسب،و بكلمة أن مقتضى القاعدة عدم قبول شهادة النساء لا منفردات و لا منضمات،إلا في موارد خاصة التي قام الدليل على قبول شهادتهن فيها كذلك و أشير إلى جملة من هذه
الموارد في ضمن المسائل الآتية.
و أما الغصب و الوصية إليه و الأموال و المعاوضات و الرهن،فالمشهور أنها تثبت بها،و كذلك الوقف و العتق،على قول جماعة،و لكن الجميع لا يخلو عن اشكال،و الأقرب عدم الثبوت،لعدم دليل على اعتبار شهادة الامرأتين منضمة إلى شهادة رجل واحد.
و أما ثبوت غيرها من الحقوق بهما فمحل اشكال،و إن كان الأقرب الثبوت كما تقدم في القضاء،و كذلك تثبت الديون بشهادة امرأتين و يمين و أما ثبوت مطلق الأموال بهما،فمحل اشكال و عدم الثبوت أقرب.
و كل ما لا يجوز للرجال النظر إليه،بشهادة أربع نسوة منفردات.
و لكنها إذا ادّعت ذلك و كانت دعواها مخالفة للعادة الجارية بين النساء،كما إذا ادّعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث مرات،فإنها لا تصدق.
كما يثبت ربع الميراث للولد بشهادة القابلة باستهلاله،بل بشهادة مطلق المرأة و إن لم تكن قابلة،و إذا شهدت اثنتان ثبت النصف،و إذا شهدت ثلاث نسوة ثبت ثلاثة أرباعه،و إذا شهدت أربع نسوة ثبت الجميع،و في ثبوت ربع الدية بشهادة المرأة الواحدة في القتل،و نصفها بشهادة امرأتين،و ثلاثة أرباعها
بشهادة ثلاث،إشكال،و إن كان الأقرب الثبوت،و لا يثبت بشهادة النساء غير ذلك.
نعم يستحب الإشهاد في النكاح،و المشهور أنه يستحب في البيع و الدين و نحو ذلك أيضا.
و لا يجوز للشاهد أن يكتم شهادته،و إن علم أنه لو لم يشهد،فالمشهود له يتوصل في إثبات مدّعاه إلى طريق آخر.
و الجواب:أن الأخير غير بعيد،حيث أنه يكون بدافع الحفاظ على دم مسلم أو عرضه أو ماله و حقه،فإن كتمانها يؤدي إلى تفويت ذلك،فمن أجله يكون محرما،و بكلمة أن وجوب أداء الشهادة على من تحملها وجوب طريقي و الغرض منه الحفاظ على حق المسلم،نعم لا يجب عليه ابتداء بدون الطلب،إلا فيما إذا كانت كتمانها مؤديا إلى هدر دم مسلم أو عرضه أو ما شاكله،فإنه حينئذ يجب عليه أدائها و إن لم يطلب منه.أما الوجوب العيني فهو بعيد جدا،على اساس أن الغرض منه معلوم،و اما الثاني فلأن الوجوب الكفائي متوجه إلى طبيعي المكلف الجامع،و هذا الوجوب من الأول متوجه إلى كل فرد تحمل الشهادة مشروطا بالطلب.
و مع عدم الإشهاد،فهو بالخيار إن شاء شهد و إن شاء لم يشهد،نعم إذا كان أحد طرفي
الدعوى ظالما للآخر،وجب أداء الشهادة لدفع الظلم و إن لم يكن اشهاد.
و الأقرب هو الوجوب مع عدم الضرر،بل لا شبهة في وجوبه إذا توقف حفظ النفس المحترمة أو العرض عليه.
كالقصاص و الطلاق و النسب و العتق و المعاملة و المال و ما شابه ذلك،و لا تقبل في الحدود، و الأظهر أنه لا فرق بين أن تكون للّه محضا أو تكون مشتركة،كحدّ القذف و السرقة و نحوهما،لإطلاق النص.
و الأظهر القبول.
و في ثبوت غيره من الأحكام،كنشر الحرمة بالنسبة إلى ابن الزاني،أو أبيه،خلاف الأقرب عدم الثبوت.
و لا تثبت بشهادة رجل واحد و لا بشهادة رجل و امرأتين،و لو شهد عادلان على شهادة رجل أو على شهادة امرأتين أو عليهما معا ثبتت،و لو شهد رجل واحد على أمر و شهد أيضا على شهادة رجل آخر عليه،و شهد معه رجل آخر على شهادة ذلك الرجل،ثبتت الشهادة.
إلا عند تعذر شهادة الأصل،لمرض أو غيبة أو نحوهما،و لكنه
لا يخلو من اشكال و القبول أقرب.
فإن كان بعد حكم الحاكم لم يلتفت إلى إنكار الأصل،و أما إذا كان قبله،فلا يلتفت إلى شهادة الفرع.نعم إذا كان شاهد الفرع أعدل من شاهد الأصل،فهل يلتفت إلى شهادة الفرع،و لا يلتفت إلى إنكار الأصل؟
و الجواب:نعم على الأظهر الأقوى،للنص.
و إن كانا مختلفين بحسب اللفظ،و لا تقبل مع الاختلاف في المورد،فإذا شهد أحدهما بالبيع،و الآخر بالإقرار به،لم يثبت البيع،و كذلك إذا اتفقا على أمر و اختلفا في زمانه،فقال أحدهما أنه باعه في شهر كذا،و قال الآخر أنه باعه في شهر آخر،و كذلك إذا اختلفا في المتعلق،كما إذا قال أحدهما أنه سرق دينارا،و قال الآخر أنه سرق درهما،و تثبت الدعوى في جميع ذلك بيمين المدعي منظمة إلى إحدى الشهادتين،نعم لا يثبت في المثال الأخير إلا الغرم، دون الحد.و ليس من هذا القبيل ما إذا شهد أنه سرق ثوبا بعينه،و لكن قال أحدهما أن قيمته درهم،و قال الآخر أن قيمته درهمان،فإن السرقة تثبت بشهادتهما معا،و الاختلاف إنما هو في قيمة ما سرق،فالواجب-عندئذ- على السارق عند تلف العين ردّ درهم دون درهمين،نعم إذا حلف المدّعي على أن قيمته درهمان غرم درهمين.
و كذلك لو شهد شاهدان،ثم زكيا من حين الشهادة،و لو شهدا ثمّ فسقا،أو فسق أحدهما قبل الحكم،فهل يحكم بشهادتهما؟
و الجواب:نعم يحكم بشهادتهما بدون فرق في ذلك بين حقوق اللّه و حقوق الناس،لأن المعيار إنما هو بعدالة الشاهدين حال الشهادة،و لا قيمة لطرو الفسق عليهما أو على أحدهما بعد ذلك،فما عن المشهور من عدم جواز الحكم بشهادتهما في حقوق اللّه،لا دليل عليه.
و لو رجعا بعده و بعد الاستيفاء و تلف المحكوم به،ضمنا ما شهدا به.و أما لو رجعا قبل الاستيفاء،أو قبل التلف، فهل ضمنا ما شهدا به؟
و الجواب:إن ضمانهما لا يخلو عن اشكال بل منع،على أساس أنه لا موجب له بعد ما كان المال المشهود به قائما بعينه أو أنه بعد في يد المشهود عليه،كما هو الحال في شهادة الزّور،و أما حكم الحاكم فهو ينتفي بانتفاء موضوعه و سببه،و أما ضمانهما بالرجوع إذا كان بعد تلف المال،فمن جهة أن التلف مستند إلى شهادتهما،لا من جهة عدم جواز نقض حكم الحاكم و نفوذه،إذ لو كان حكمه نافذا حتى في هذه الحالة،فلا موضوع للضمان،لأن المال المشهود به حينئذ للمشهود له و تصرفه فيه،و تلفه لا يوجب ضمان الآخر.
فإن كان قبل الحكم لم يحكم،و إن كان بعد الحكم و الاستيفاء ضمنا إن كان الراجع كليهما،و إن كان أحدهما ضمن تمام الدّية على الأظهر،و إن كان بعده و قبل الاستيفاء،فهل ينقض حكم الحاكم؟
و الجواب:المشهور النقض،يعني انتفاء حكم الحاكم بانتفاء مدركه
و موضوعه،و هو لا يخلو عن قوّة.
فهل تقبل؟فيه وجهان:الأقرب عدم القبول.
جرى فيه ما تقدّم،و لكن إذا كان الراجع واحدا و كان رجوعه بعد الحكم و الاستيفاء و التلف،غرّم تمام الدية على الأظهر،و كذلك إذا كان الراجع اثنين، أو ثلاثة،و أما إذا كان الراجع جميعهم،فلا شبهة في أنهم غرموا تمام الدية.
فإن شهد الشاهدان شهادة الزور و حكم الحاكم بشهادتهما،ثم ثبت عنده أن شهادتهما كانت شهادة زور انتقض حكمه-و عندئذ-إن كان المحكوم به من الأموال ضمناه،و وجب عليهما رد العين على صاحبها إن كانت باقية،و إلا غرما، و كذلك المشهود له إذا كان عالما بالحال،و أما إن كان جاهلا بالحال،فالظاهر أنه غير ضامن،بل الغرامة على الشاهدين،و إن كان المحكوم به من غير الأموال،كقطع اليد،و القتل،و الرجم و ما شاكل ذلك،اقتص من الشاهد.
فحكم الحاكم به،ثم رجعا و أظهرا خطأهما،فإن كان بعد الدخول،لم يضمنا شيئا للزوج،على أساس أنهما لم يتلفا بشهادتهما على الزوج شيئا و تفويت الانتفاع من البضع عليه لا يوجب الضمان،لعدم كونها مالا عند العرف و العقلاء،و من هنا إذا منع شخص الزوج من الانتفاع به بالحبس أو غيره لم يكن ضامنا له،و أما إذا كان إظهارهما الخطأ قبل الدخول بها،فهل يضمنا نصف المهر المسمّى؟
و الجواب:المشهور أنهما ضمنا النصف،و لكنه لا يخلو عن اشكال بل منع،لأنه لا موجب للضمان،لغرض أنهما لم يتلفا بشهادتهما على الزوج شيئا حتى ضمناه،فإن نصف المهر قد استقرّ على ذمّة الزوج بالعقد،سواء طلق المرأة بعده أم لا،فالشهادة على الطلاق لا توجب خسارة زائدة عليه،لكي توجب ضمانها.
-فاعتدت المرأة و تزوجت زوجا آخر مستندة إلى شهادتهما،فجاء الزوج و أنكر الطلاق- فعندئذ-يفرّق بينهما،و تعتد من الأخير،و يضمن الشاهدان الصداق للزوج الثاني،و يضربان الحد،و كذلك إذا شهدا بموت الزوج فتزوجت المرأة ثم جاءها زوجها الأول،فإن الزوجة ترجع إلى الأول بعد اعتدادها من الثاني، و يضرب الشاهدان الحد،و يضمنان المهر بما غرا الرجل الثاني.
ثم جاء الزوج فأنكر الطلاق،و رجع أحد الشاهدين و أبرز خطأه -فعندئذ-يفرّق بينهما،و ترجع إلى زوجها الأول،و تعتد من الثاني و لا يقربها الأول حتى تنقضي عدّتها،و يؤخذ الصّداق من الذي شهد و رجع.
و حينئذ فإذا رجع أحدهما،فهل يضمن تمام المشهود به؟
و الجواب:يضمن على الأظهر،نعم إذا رجع كلاهما ضمنا تمام المشهود به بلا اشكال،و إذا كان ثبوت الحق بشهادة رجل و امرأتين،فرجع الرجل عن شهادته دون المرأتين،فهل يضمن تمام المشهود به أو نصفه؟
و الجواب:الأقرب التمام،و كذلك إذا رجعت أحدى المرأتين عن
شهادتها.و إذا رجعتا معا ضمنتا تمام المشهود به على الأقرب،نعم،إذا كان ثبوت الحق بشهادة أربع نسوة كما في الوصية،فرجعن جميعا عن شهادتهن، ضمنت كل واحدة منهن الربع،و إذا رجع بعضهن ضمنت بالنسبة،على أساس أنه يثبت بشهادة كل واحدة منهن ربع الوصية،و عليه فإذا رجعت واحدة منهن عن شهادتها ضمنت الربع،و إذا رجعت اثنتان منهن ضمنتا النصف و هكذا،و هذا بخلاف شهادة الرجلين فانه لا يثبت بشهادة أحدهما النصف حتى إذا رجع عن شهادته،ضمن ذلك النصف دون الكل.
كما إذا شهد ثلاثة من الرجال،أو رجل و أربع نسوة،فرجع شاهد واحد،فهل يضمن؟
و الجواب:أنه لا يضمن،على أساس أنه لا أثر لرجوعه و لا يوجب تلف شيء،و لو رجع اثنان منهم معا،فالظاهر أنهما يضمنان تمام الدية على الأظهر.
فإذا رجع الشاهد عن شهادته،ضمن تمام الدية على الأقرب،و إذا كذب الحالف نفسه اختص بالضّمان،سواء أرجع الشاهد عن شهادته،أم لم يرجع،باعتبار أنه يؤخذ باقراره.
ففي مثل ذلك،تارة يكون المشهود به من الأموال،و أخرى يكون من غيرها،فإن كان من الأموال استردت العين من المحكوم له إن كانت باقية،و إلاّ ضمن مثلها،أو قيمتها.و إن كان من غير الأموال،فلا اشكال في أنه لا قصاص و لا قود على من له القصاص،أو القود،و إن كان هو
المباشر.و أما الدية ففي ثبوتها عليه-أو على الحاكم من بيت المال-خلاف، و الأقرب أنها على من له الولاية على القصاص إذا كان هو المباشر،و على بيت المال إذا كان المباشر من أذن له الحاكم.
و الجواب:الظاهر أنها تقبل،باعتبار أنها متأخرة عن الشهادة الأولى و تدلّ بالالتزام على الرجوع عنها و إلغائها دون العكس،و دعوى أنها لا تقبل من جهة أخرى،و هي أن الموصى له بمقتضى قيام البيّنة على أن الميت قد أوصى له،مدّع للشركة مع الوارث في المقدار الموصى به،أو مدّع للمال الموجود في يده،و على كلا التقديرين يكون الوارث غريما له و لا تقبل شهادة الغريم،مدفوعة بأن الورثة لا يشهدون بدفع الغرامة عنهم،حتى يقال أن شهادة الغريم لا تقبل،بل يشهدون على أن الميت قد أوصى بهذا المال لشخص آخر و عدل عن الوصية به لزيد.
و أنه أوصى لعمرو-فعندئذ-إن حلف عمرو،ثبت الرجوع، على أساس ثبوت دعوى المال بشهادة عدل واحد و يمين المدعي،و إلا كان المال الموصى به لزيد.
فشهد شاهدان بأنه رجع عن احداهما بلا تعيين،قيل لا تقبل،و هو ضعيف.و الظاهر هو القبول و الرجوع إلى القرعة في التعيين.
و هي ستة عشرة:
و يتحقق ذلك بإيلاج الإنسان حشفة ذكره في فرج امرأة محرمة عليه أصالة،من غير عقد،و لا ملك و لا شبهة.و لا فرق في ذلك بين القبل و الدبر، فلو عقد على امرأة محرّمة عليه كالأم،و الأخت،و زوجة الولد،و زوجة الأب، و نحوها جاهلا بالموضوع أو بالحكم،فوطأها سقط عنه الحد،و كذلك في كل موضع كان الوطء شبهة،كمن وجد على فراشه امرأة فاعتقد أنها زوجته و وطأها.و إن كانت الشبهة من أحد الطرفين دون الطرف الآخر،سقط الحدّ عن المشتبه خاصة دون غيره،فلو تشبهت امرأة لرجل بزوجته
فوطأها،فعليها الحد دونه.
أو تقصير في المقدمات مع اعتقاد الحليّة حال الوطء،و أمّا من كان جاهلا بالحكم عن تقصير،و ملتفتا إلى جهله حال العمل،حكم عليه بالزنا و ثبوت الحدّ.
(الأول):البلوغ،فلا حدّ على الصبي،و لكن يجلد دون الحد على مبلغ سنه بما يرى.
(الثاني):الاختيار،فلا حدّ على المكره و نحوه.
(الثالث):العقل،فلا حدّ على المجنون.
لا من أجل أن الحدود تدرأ بالشبهات،إذ لا دليل على ذلك إلاّ في موارد الجهل عن قصور إذا كان بسيطا،نعم إذا كان مركبا،فلا يبعد درؤها مطلقا.
و يعتبر في المقرّ العقل و الاختيار و الحرية،فلو أقرّ عبد به،فإن صدقه المولى ثبت بإقراره،و إلاّ لم يثبت،نعم لو انعتق العبد و أعاد إقراره،كان إقراره حجة عليه،و يثبت به الزنا و تترتب عليه أحكامه.
و الجواب:أن الثبوت لا يخلو عن قوة،و عليه فلو أقر به مرة رجلا كان أم امرأة عامدا و اختيارا لم يبعد الثبوت و إن كان الأحوط و الأجدر أن لا يقل
عن أربع مرات.
و لو أقرّ بما يوجب الحدّ غير الرجم،ثم أنكر لم يسقط للنصّ.
و قيده المشهور بما إذا تاب المقر،و دليله غير ظاهر.
لاحتمال أن يكون الحمل بسبب آخر دون الوطء،أو بالوطء شبهة،أو اكراها،أو نحو ذلك.نعم إذا أقرّت بالزنا حدّت و إن كانت مرة واحدة على الأقرب كما مرّ.
بل لا بدّ من شهادة أربعة رجال عدول،أو ثلاثة و امرأتين،أو رجلين و أربع نساء،إلا أنه لا يثبت الرّجم بالأخيرة،و لا يثبت بغير ذلك من شهادة النساء منفردات،أو شهادة رجل و ست نساء،أو شهادة واحد و يمين.
و لو شهدوا بغير المشاهدة و المعاينة،لم يحدّ المشهود عليه،و حدّ الشهود.و يعتبر أن تكون الشهادة شهادة بفعل واحد زمانا و مكانا،فلو اختلفوا في الزمان،أو المكان،لم يثبت الزنا،و حدّ الشهود.و أما لو كان اختلافهم غير موجب لتعدد الفعل و اختلافه،كما إذا شهد بعضهم على أن المرأة المعينة المزني بها من بني تميم-مثلا-و شهد البعض الآخر على أنها من بني أسد-مثلا-أو نحو ذلك من الاختلاف في الخصوصيات،لم يضر
بثبوت الزنا بلا اشكال،و أما إذا كان اختلافهم في خصوصية الزنا،كما لو شهد بعضهم على أن الزاني قد أكره المرأة على الزنا،و شهد بعضهم على عدم الإكراه،و أن المرأة طاوعته،فهل يثبت الزنا بالإضافة إلى الزاني؟
و الجواب:أنه يثبت إذا كانت الشهادة على المطاوعة،شهادة على الزنا.
سقط عنها الحدّ،بل لا يبعد كفاية شهادة امرأة واحدة كما في المنفوس.
فالأكثر على أنه يثبت الزنا و تحدّ المرأة،و لكن الأظهر أنه لا يثبت،و يجلد الشهود الثلاثة،و يلاعن زوجها،و يفرق بينهما،و لا تحل له أبدا.
كما لا يجوز التسريح بكفالة،أو العفو بشفاعة على الأحوط.
و الجواب:أن السقوط غير بعيد،نعم لا أثر للتوبة بعد قيامها عند الحاكم الشرعي،و لا توجب السقوط.
و الجواب:نعم ينتظر
مجيئه إذا كان هناك شاهد رابع بنى على أن يشهد مع هؤلاء،و لكنه تأخّر عن الشهادة لسبب أو آخر،و أما إذا لم يكن هناك شاهد رابع أو كان،و لكنه امتنع عن الشهادة،فيحدّ هؤلاء الشهود حدّ القذف.
و كذا لا فرق بين كون المزني بها مسلمة،أو كافرة،و أما إذا زنى كافر بكافرة،أو لاط بمثله،فالإمام مخير بين إقامة الحدّ عليه،و بين دفعه إلى أهل ملّته،لكي يحكموا عليه بما تقتضي شريعتهم.
يقتل بالضرب بالسيف في رقبته،و لا يجب جلده قبل قتله و لا فرق في ذلك بين المحصن و غيره،و الحرّ و العبد،و المسلم و الكافر،و الشيخ و الشاب، كما لا فرق في هذا الحكم بين الرجل و المرأة إذا تابعته،و الأظهر عموم الحكم للمحرّم بالرّضاع،أو بالمصاهرة،نعم يستثنى من المحرّم بالمصاهرة زوجة الأب،فإن من زنى بها يرجم و إن كان غير محصن.
قتل من دون فرق في ذلك بين المحصن و غيره.
و كذلك الشيخة إذا كانت محصنة،و أما إذا لم يكونا محصنين،ففيه الجلد
فحسب،و إذا كان الزاني شابا أو شابة،فإنه يرجم إذا كان محصنا،و يجلد إذا لم يكن محصنا.
فلو زنى البالغ المحصن بصبية،أو مجنونة فلا رجم،فيه خلاف،ذهب جماعة إلى الاختصاص،منهم المحقق في الشرائع،و لكن الظاهر عموم الحكم.
و أما إذا كان الزاني صبيا غير بالغ،فلا ترجم،و عليها الحدّ كاملا و يجلد الغلام دون الحدّ.
و لكن مع ذلك يجب جزّ شعر رأسه،أو حلقه،و يغرّب عن بلده سنة كاملة،و يفرق بينه و بين أهله.و هل يختص هذا الحكم-و هو جزّ شعر الرأس،أو الحلق و التغريب-بمن أملك و لم يدخل بها،أو يعمه و غيره؟فيه قولان:الأظهر هو الاختصاص،كما هو مورد النصّ،و أما المرأة فلا جزّ عليها بلا اشكال،و أما التغريب ففي ثبوته اشكال،و الأقرب الثبوت.
(الأول):الحرّية،فلا رجم على العبد.
(الثاني):أن تكون له زوجة دائمة قد دخل بها أو أمة كذلك،و هو متمكن من وطئها متى شاء و أراد،فلو كانت زوجته غائبة عنه،بحيث لا يتمكن من الاستمتاع بها،أو كان محبوسا فلا يتمكن من الخروج إليها،
لم يترتب حكم الإحصان عليه.
و أن يكون لها زوج دائم قد دخل بها،فلو زنت و الحال هذه،و كان الزاني بالغا رجمت،و قد تسأل هل يكفي في إحصان الرجل أن تكون عنده امرأة متعة؟
و الجواب:أن التمتع بها إن كان وقتيا و في فترة لا في كل الفترات كما هو الغالب،بحيث ليس بإمكانه الاستمتاع بها متى شاء،لم يكف في احصانه و ترتيب أحكامه عليه،و ما ورد في بعض الروايات من أن المتعة لا تكفي في احصان الرجل،محمول على ذلك بقرينة مناسبة الحكم و الموضوع و أما إذا كانت المتعة عنده في فترة معتد بها،بحيث متى أراد و شاء الاستمتاع بها كان له ذلك،فلا تبعد كفاية ذلك في احصانه،و أما ما ورد من التعليل في الروايات بقوله عليه السّلام:«إنما ذلك على الشيء الدائم عنده»فالظاهر منه بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو وجود المرأة عند الرجل في تمام الحالات و الأزمان من الليل و النهار،بحيث متى شاء و أراد الاستمتاع بها كان ميسورا له بدون أي عائق و مانع،و ليس المراد من الدائم هو الدائم طولا بحسب الزمان، و بكلمة أن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي أن يكون المراد من الدائم هو الدائم العرضي لا الطولي،لعدم دخله فيما هو المطلوب من كون المرأة عند الرجل،و على هذا فالمرأة المتمتع بها إذا كانت عند الرجل في تمام الأوقات و الحالات من الليل و النهار،و يعيش معها في مسكن واحد ليلا و نهارا،بحيث متى شاء و أراد الاستمتاع بها،كان بيده بدون أي مزاحم و عائق،كان محصنا و المرأة محصنة،و لا فرق بين أن تكون عنده كذلك في فترة طويلة كعشر سنوات أو أكثر،أو قصيرة كسنة أو ستة أشهر مثلا،فإنها
ما دامت عنده كذلك،فهو محصن،و أما إذا لم تكن عنده كذلك،فلا يكفي في احصانه،و يؤكد ذلك ما ورد في مجموعة من الروايات،من أن المعيار في الإحصان و عدمه،هو أن يكون عند الرجل ما يغنيه،بمعنى إن باستطاعته متى أراد و شاء الاستمتاع بها،و أما من ليس باستطاعته ذلك،سواء كان من ناحية السفر أو الحبس أو غير ذلك،فلا يكون محصنا.
فلو زنت و الحال هذه عالمة بالحكم و الموضوع رجمت،و كذلك زوجها،و لا رجم إذا كان الطلاق بائنا أو كانت العدة،عدة وفاة.
و الجواب:أن ذلك غير بعيد،باعتبار أنها كانت عنده بحيث متى شاء الاستمتاع بها فله ذلك،و كذا المملوك لو أعتق،و المكاتب لو تحرر،فإنهما لو زنيا قبل أن يطئا زوجتيهما،رجما.
و كذلك الحال في المملوكة،و لا تغريب عليهما و لا جزّ،نعم المكاتب إذا تحرر منه شيء جلد بقدر ما أعتق و بقدر ما بقي،فلو أعتق نصفه جلد خمسا و سبعين جلدة،و إن اعتق ثلاثة أرباعه،جلد سبعا و ثمانين جلدة و نصف جلدة،و لو أعتق ربعه،جلد اثنتين و ستين جلدة و نصف جلدة،و كذلك الحال في المكاتبة إذا تحرّر منها شيء.
و الجواب:الأظهر أنها تجلد،و إن كان الأحوط أن يكون جلدها بعد انقطاع الدم.
و لا يعتبر وصول كل شمراخ إلى جسده،نعم إذا اطمئن ببرئه بعد فترة قصيرة ينتظر.
حدّ حدا واحدا.
قتل في الرابعة إن كان حرّا،و يقتل في الثامنة بعد إقامة الحدّ عليه سبعا إن كان مملوكا،و أدّى الإمام قيمته إلى مواليه من بيت المال.
فإن كانت محصنة،تربّص بها حتى تضع حملها،و ترضعه مدة اللباء،ثم ترجم.و إن كانت غير محصنة، حدّت،إلا إذا خيف على ولدها.
بل يقام عليه الحد حال جنونه.
إذا خيف أن تأخذه الحمية و يلحق بالعدوّ.
لم يجز أن يقام عليه الحدّ،و لكن لا يطعم و لا يسقى،و لا يكلم و لا يتابع،حتى يخرج و يقام عليه الحدّ،و أما إذا جنى في الحرم أقيم عليه الحد فيه.
كما لو اجتمع عليه الحد و الرجم،بدئ بالحدّ أولا ثم رجم.
و المشهور على أنه إذا ثبت الزنا بالإقرار بدأ الإمام بالرجم،ثم الناس بأحجار صغار،و لو ثبت بالبيّنة،وجب الابتداء على الشهود،و هو لا يخلو من اشكال،بل وجوب بدء الإمام بالرجم في كلا الفرضين لا يخلو عن تأمل.
فإن ثبت زناه بالإقرار،لم يردّ إن أصابه شيء من الحجارة و إن كان قبل الإصابة،أو ثبت زناه بالبيّنة،ردّ.و أما الجلد فلا يسقط بالفرار مطلقا.
بل الظاهر وجوب حضور طائفة لإقامته،و المراد بالطائفة،الواحد و ما زاد.
وجهان،المشهور هو الأول على كراهة،و لكن الأقرب هو الثاني.
قيل يجرّد فيجلد،و فيه اشكال،و الأظهر جواز جلده كاسيا،و أما المرأة الزانية فتجلد و هي كاسية.و الرجل يجلد قائما و المرأة قاعدة،و يتقي الوجه و المذاكير.
إذ لا يحتمل اختصاص تطبيق تلك الأحكام بزمن الحضور،بل هو مقطوع البطلان،و قد مرّ أن ولاية التطبيق في زمن الغيبة إنما هي للحاكم الشرعي الجامع للشروط.
كحدّ الزنا،و شرب الخمر،و السرقة و نحوهما.و أما في حقوق الناس فتتوقف إقامتها على مطالبة من له الحق حدّا كان،أو تعزيرا.
فلو زنى بامرأة ميتة،فإن كان محصنا رجم،و إن كان غير محصن جلد.
و يثبت بشهادة أربعة رجال،و بالإقرار أربع مرّات،و هل يثبت بأقل من ذلك؟
و الجواب:المشهور أنه لا يثبت بالأقل،و لكنه لا يخلو عن اشكال، نعم لا يجب ترتيب أحكامه إلا بعد الإقرار أربع مرات.و يعتبر في المقرّ العقل و الاختيار و الحرية،فلو أقر المجنون أو المكره أو العبد لم يثبت الحد.
الأول:ضربة بالسيف في عنقه بالغة ما بلغت.
الثاني:إهداؤه من جبل مشدود اليدين و الرجلين.
الثالث:إحراقه بالنار.
الرابع:الرجم.
و لا فرق في ذلك بين الحرّ و العبد و المسلم و الكافر،و هل يقتل غير المحصن؟
المشهور أنه يقتل،و لكنه لا يخلو عن اشكال،و الأظهر أنه يجلد و لا يقتل،و أما الملوط به فحده أحد أمرين:
الأول:قتله بالسيف.
الثاني:الرجم.و لا فرق في ذلك بين أن يكون محصنا أو غير محصن.
نعم لا قتل على المجنون،و لا على الصبي.
حدّ اللائط دون الملوط به.
و كذلك العكس.
و لو ادّعى العبد الإكراه سقط الحد عنه إذا احتمل صدقه،و كذلك الحال في دعوى الإكراه من غير العبد.
فإن كان مع الإيقاب قتل،و إن كان بدونه،فالمشهور أنه يقتل أيضا،و هو غير بعيد.و أما إذا لاط بذمي آخر،أو بغير ذمي من الكفار،فالحكم كما تقدم في باب الزنا.
فالمشهور أنه يسقط عنه
الحدّ،و دليله غير ظاهر،و لو تاب بعده لم يسقط بلا اشكال،و لو أقرّ به و لم تكن بيّنة،كان الإمام مخيّرا بين العفو و الاستيفاء.
-و إذا ضربه بالسيف لزم احراقه بعده بالنار على الأظهر-أو يحرقه بالنار،أو يدحرج به مشدود اليدين و الرجلين من جبل و نحوه أو يرجمه،و أما الملوط به،فالإمام مخير بين رجمه و الأحكام الثلاثة المذكورة،و لا فرق بين كونه محصنا أو غير محصن.
و لا فرق في ذلك بين المسلم و الكافر،و المحصن و غيره و الفاعل و المفعول،و المشهور أنه لا فرق بين الحرّ و العبد،و لكن الظاهر هو الفرق،و أن حدّ العبد نصف حدّ الحرّ.
قتل في الثالثة.
فالمشهور بين المتأخرين أنهما يعزران من ثلاثين سوطا إلى تسعة و تسعين سوطا،و الأظهر أن يجلد كل واحد منهما تسعة و تسعين سوطا،و كذلك الحال في امرأتين وجدتا مجردتين تحت لحاف واحد،أو رجل
و امرأة.
كان عليه ثمن حدّ الزاني،و إن لم ترض المرأة بذلك فرق بينهما،و أما إذا تزوّج أمة على حرّة مسلمة فجامعها عالما بالتحريم قبل إجازتها،فقال جماعة عليه ثمن حد الزاني أيضا،و هو لا يخلو من اشكال بل منع،و الأظهر ثبوت تمام الحدّ.
فإن كان محرما ضرب مائة سوط على الأحوط،و إلا عزّره الحاكم دون الحدّ،حسبما يراه من المصلحة.
و يستوي في ذلك المسلمة و الكافرة،و أما إذا كانت أمة،فالأظهر عليها خمسين جلدة نصف الحد،و إن كان المشهور عدم الفرق بينها و بين الحرة في المقام،و لكن لا وجه له،لما ثبت من أن حد اللّه ينصف في غير الحر،بلا فرق بين حد السحق و غيره من الحدود،و لا فرق في ذلك بين أن تكون الأمة محصنة أو غير محصنة،و أما إذا كانت الحرة محصنة،فهل عليها مائة جلدة أيضا؟
و الجواب:الأظهر أنّ عليها الرجم.
فإن أقيم الحد عليها بعد كل مساحقة،قتلت في الثالثة،و أما إذا لم يقم عليها الحد،لم تقتل.
فالمشهور سقوط الحد عنها و هو غير بعيد،و لا أثر لتوبتها بعد قيام البيّنة.
فعلى المرأة مهر الجارية البكر،ثم ترجم المرأة،و أما الجارية فتنظر حتى تضع ما في بطنها،و يردّ إلى أبيه صاحب النطفة،ثم تجلد،و ما نسب إلى بعض المتأخرين من انكار كون المهر على المرأة،بدعوى أن المساحقة كالزانية في سقوط دية العذرة لا وجه له و اجتهاد في مقابل النص.
و هي الجمع بين الرجال و النساء للزنا،و بين الرجال و الرجال للّواط، و بين النساء و النساء للسّحق.
و لا تثبت بشهادة رجل و امرأتين،و لا بشهادة النساء منفردات،و هل تثبت بالإقرار مرة واحدة؟المشهور عدم ثبوتها بذلك،بل لا بدّ من الإقرار مرتين،و لكن الأظهر ثبوتها بالإقرار مرة واحدة.
و الجواب:المشهور أن عليه ثلاثة أرباع حدّ الزنا،و ينفى عن بلده إلى غيره،و لكنه لا يخلو من اشكال بل منع،و لا دليل عليه إلا رواية ضعيفة غير قابلة للاعتماد عليها،كما أن ما نسب إلى المشهور من أنه يحلق رأسه و يشهر لا مستند له أصلا حتى رواية ضعيفة.
و أما إذا كان القواد امرأة،فالمشهور أنها تجلد،بل ادعي على ذلك عدم الخلاف،و لكنه لا يخلو عن اشكال بل منع،و ليس عليها نفي،و لا شهرة،و لا حلق.
و هو رمي الشخص بالزنا رجلا كان أم امرأة أو اللواط،مثل أن يقول لغيره زنيت،أو أنت زان،أو ليط بك،أو أنت منكوح في دبرك،أو أنت لائط،أو ما يؤدي هذا المعنى،فإذا رماه بذلك،فعليه الحدّ و هو ثمانون جلدة في الدنيا قبل عقاب الآخرة.
فلو قذف الصبي أو المجنون،فإنه و إن فعل محرّما و مستحقا العقوبة عليه و لكنه لم يحد،و لا فرق في القاذف بين الحر و العبد و لا بين المسلم و الكافر،فالكل يحد ثمانين جلدة، و دعوى أن حد العبد نصف حدّ الحر لا تمامه،مدفوعة فإن ذلك إنما هو في حقوق اللّه كحدّ الزنا و اللواط و نحوها،فإن العبد يضرب فيها نصف الحد إلا فيما دل الدليل على تمام الحدّ،و أما في حقوق الناس فلا فرق بينهما فيها و حد
القذف من حقوق الناس.
فلو لم يكن المقذوف واجدا لهذه الأوصاف لم يثبت الحد بقذفه، نعم يثبت التعزير حسبما يراه الحاكم من المصلحة على ما سيأتي في باب التعزير،و لو قذف الأب ابنه بالزنا لم يحدّ له،و لو قذف الأب ابنه و أمه حية، بأن قال له يا ابن الزانية حدّ لها،و لم يفرق بينهما،و إن قال له يا ابن الزانية و أمه ميتة،و حينئذ فإن لم يكن لها إلا ولدها منه،فليس لها من يأخذ بحقها، لأن حق الحدّ قد صار لولده منها و ليس له إقامة الحد عليه،و أما إذا كان لها ولد من غيره،فهو وليها يقوم بأخذ حقها منه،و هو الحد ثمانون جلدة،و إن لم يكن لها ولد من غيره و لكن كان لها قرابة،فهم يقومون بذلك.
و إن أتوا به متفرقين،ضرب لكل منهم حدا،و لو قذفهم متفرقين،حدّ لكل منهم حدّا.
فليس له المطالبة به بعد ذلك.
فلأوليائه من أقاربه المطالبة به،فإن الحد لا يورث كما تورث الدية و المال،و لكن من قام به من الورثة فهو وليه،كما أن لهم العفو،فإن تعدّد الولي كما إذا مات عن ولدين أو أخوين،فعفا أحدهما،كان للآخر المطالبة بالحق و لا يسقط بعفو الأول.
فالحد حق لهما،و ليس لأبيهما حق المطالبة به،أو العفو ما دام هما في قيد الحياة.
قتل القاذف في الثالثة.
حدّ حدا واحدا.
أو بتصديق من يستحق عليه الحد،أو بالعفو،نعم لو قذف الزوج زوجته،سقط حق القذف باللعان أيضا على ما تقدم.
و لا فرق في ذلك بين كونه قبل حكم الحاكم و بعده.
و لا فرق في ذلك بين الحر و العبد و الذكر و الأنثى،و يضرب بثياب بدنه و لا يجرد،و يقتصر فيه على الضرب المتوسط.
و أما ثبوته بالإقرار،فقد اعتبر جماعة كونه مرتين،و لكن الأظهر ثبوته بالإقرار مرة واحدة.
ما لم يخف
الضرر على نفسه أو عرضه أو ماله الخطير و نحو ذلك،و يلحق به سبّ الأئمة عليهم السّلام و سبّ فاطمة الزهراء عليها السّلام و لا يحتاج جواز قتله إلى الإذن من الحاكم الشرعي.
من دون حاجة إلى الإذن من الحاكم الشرعي.
و لا يبعد اختصاص هذا الحكم بمن جعل السحر مهنته و شغله لا مطلقا،و لو في تمام عمره مرة واحدة،و من تعلم شيئا من السحر،كان آخر عهده بربّه، و حدّه القتل إلى أن يتوب،نعم إذا كانت هناك مصلحة دينية كبيرة تتطلب تعلم السحر،جاز بغاية تلك المصلحة.
و لا فرق في ذلك بين القليل و الكثير،كما لا فرق في ذلك بين أنواع المسكرات مما اتخذ من التمر أو الزبيب أو نحو ذلك.
و إن لم يصدق عليه عنوان الشرب كالاصطباغ،و أما عموم الحكم لغير ذلك،كما إذا مزجه بمائع آخر و استهلك فيه و شربه،فهو المعروف بل المتسالم عليه بين الأصحاب،إلاّ أنه لا يخلو عن اشكال بل منع،و إن كان شربه حراما.
و إن كان شربه حراما بلا اشكال.
نعم لا يثبت بشهادة النساء لا منضّمات و لا منفردات،لأنها لا تقبل في الحدود ما عدا الدية كما مرّ.
و هو ثمانون جلدة،و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة،و الحر و العبد، و المسلم و الكافر.
و أما المرأة فتجلد من فوق ثيابها،على أساس أن بدنها عورة،فلا يجوز النظر إليه.
قتل في الثالثة،و كذلك الحال في شرب بقيّة المسكرات.
لزم الحد،نعم إذا احتمل في حقه الإكراه،أو الاشتباه،لم يثبت الحد، و كذلك الحال إذا شهد كلاهما بالقيء.
فإن احتمل في حقه الاشتباه، كما إذا كان جديد العهد بالإسلام،أو كان بلده بعيدا عن بلاد المسلمين،لم يقتل،و إن لم يحتمل في حقه ذلك،ارتدّ فطرة و تجري عليه أحكام المرتد من القتل و قسمة أمواله و بينونة زوجته و نحوها،و أما ما قيل من أنه يستتاب أو لا،فإن تاب خلال ثلاثة أيام أقيم عليه حدّ شرب الخمر،و إن لم يتب،قتل في اليوم الرابع فلا وجه له،لأن ذلك حكم المرتد المليّ لا الفطري،و الرجل في المسألة مرتد فطري،لأنه شرب الخمر مستحلا عامدا و ملتفتا إلى حرمته في الشريعة المقدسة،و هذا معناه إنكار الرسالة و تكذيبها،و كذلك الحال في شرب سائر المسكرات.
فالمشهور سقوط الحدّ عنه،و هو غير بعيد و إن تاب بعد قيامها،لم يسقط بلا اشكال و لا خلاف.
فالإمام مخيّر بين العفو عنه إذا تاب و ندم و إقامة الحدّ عليه.
فلو سرق الصبي لا يحدّ،بل يعفى في المرة الأولى بل
الثانية أيضا،و يعزّر في الثالثة،أو تقطع أنامله،أو يقطع من لحم أطراف أصابعه،أو تحك حتى تدمى إن كان له سبع سنين،فإن عاد بعد سبع سنين، قطع من المفصل الثاني،فإن عاد مرّة خامسة،قطعت أصابعه إن كان له تسع سنين،و لا فرق في ذلك بين علم الصبي و جهله بالعقوبة.
فلو سرق المجنون لم تقطع يده.
فلو توهّم أن المال الفلاني ملكه فأخذه،ثم بان أنه غير مالك له،لم يحدّ.
فلو سرق من المال المشترك بقدر حصته،أو أقل،لم تقطع يده،و لكنه يعزّر.نعم لو سرق أكثر من مقدار حصته و كان الزائد بقدر ربع دينار من الذهب قطعت يده،و في حكم السرقة من المال المشترك،السرقة من المغنم أو من بيت مال المسلمين.
أي المكان الحصين،و لم يكن مأذونا في دخوله فيه،ففي مثل ذلك لو سرق المال من ذلك المكان بفتح بابه أو كسره،قطع.و أما لو سرقه من مكان غير حصين أو مأذون في دخوله فيه،أو كان المال تحت يده لم يقطع،و من هذا القبيل المستأمن إذا خان و سرق الأمانة،و كذلك الزوج إذا سرق من مال زوجته،و بالعكس فيما لم يكن المال محرزا و حصينا،و مثله السرقة من منزل الأب و منزل الأخ،و الأخت،و نحو ذلك مما يجوز الدخول فيه.و من هذا القبيل أيضا السرقة من المجامع العامة كالخانات و الحمامات و الأرحية و المساجد و ما شاكل ذلك،و لا قطع في الطرار و المختلس.