آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۳
جلد
3
منهاج الصالحین – جلد ۳
جلد
3
و الجواب:المشهور أنه لا يقطع،و لكنه لا يخلو عن اشكال.
فلو استعار بيتا أو صناديق،أو استأجرها فنقبها المعير،أو المؤجر،فسرق مالا للمستعير،أو المستأجر،قطع.
و أما إذا كان باب الدار مفتوحا و نام صاحبها،و دخل سارق و سرق المال، فهل يقطع؟فيه اشكال و خلاف،و الظاهر هو القطع.
فإن كان المال في حرزه و صندوقه قطع،و إلاّ لم يقطع،و يلحق به الضيف،فلا قطع في سرقته من غير حرز.
فهل هناك قطع عليهما أو على أحدهما أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه لا قطع عليهما،أما على الأول فلعدم صدق السارق عليه،و أما الثاني فلأنه لم يأخذ المال من المحرز لكي يترتب عليه حكمه.
فلو أخرج شخصان متاعا واحدا،ثبت الحدّ عليهما جميعا،و لا فرق في ذلك أيضا بين أن يكون الإخراج بالمباشرة،و أن يكون بالتسبيب،فيما إذا استند الإخراج إليه.
فلو سرق المتاع من ولده لم تقطع يده،و أما لو سرق الولد من والده مع وجود سائر الشرائط قطعت يده،و كذلك الحال في بقية الأقارب.
فلو هتك الحرز قهرا و علنا و أخذ المال،لم يقطع.
و أما لو كان متعلقا لحق غيره، و لكن كان المال ملك نفسه كما في الرهن،أو كانت منفعته ملكا لغيره،كما في الإجارة لم يقطع.
فلو سرق عبده من ماله لم يقطع،و كذلك الحال في عبد الغنيمة إذا سرق منها.
و أما في حجارة الرخام و أشباه ذلك فهل يقطع؟
و الجواب:المشهور أنه يقطع إذا توفرت شروط القطع و هو الأقرب.
المشهور بين الأصحاب:أنه يعتبر في القطع أن تكون قيمة المسروق ربع دينار(و الدينار عبارة عن ثماني عشرة حمصة من الذهب المسكوك)و قيل يقطع في خمس دينار،و لكن الأظهر أنه يقطع في ثلث دينار،و السبب فيه أن ما دل على ذلك فقد جاء بهذا اللسان في جواب السؤال:كم يقطع السارق «أدناه على ثلث دينار»،فإنه ناص في القطع على الثلث بالمطابقة،و عدم
القطع على ما دونه بالالتزام،و عليه فيعارض بمدلوله الالتزامي ما دلّ على أنه يقطع على ربع دينار،و ما دلّ على أنه يقطع على خمس دينار،كما أن الأول منهما يعارض الثاني بنفس هذه الطريقة،و على هذا فيسقط الكل من جهة المعارضة،و عندئذ فلا دليل على أنه يقطع على الربع و لا على الخمس، فيتعين حينئذ الأخذ بما دل على أنه يقطع على الثلث فحسب،حيث أنه لا معارض له في مدلوله هذا(و هو مدلوله المطابقي).
و الجواب:نعم إذا كان معروفا و متعودا على النبش،و إلاّ فالأظهر أن عليه التعزير دون القطع،هذا إذا بلغت قيمة الكفن نصابا،و هل يشترط ذلك في المرة الأولى؟
و الجواب:نعم،و إذا كرر منه النبش،و جرى عليه الحد،قتل في الثالثة.
و لا يثبت بشهادة رجل و امرأتين،و لا بشهادة النساء منفردات،على أساس أن حجيتهما أنما هي في موارد خاصة لا في كل مورد،و لا دليل عليها في المقام.
و هو لا يخلو عن اشكال،فالأظهر ثبوته بالإقرار مرة واحدة.
و أما الغرم فلا اشكال في ثبوته بالإقرار مرّة.
سقط عنه الحدّ،إلاّ إذا أقام صاحب المال البيّنة على أنه سرقه- فعندئذ-يقطع.
فلا اعتبار بإقرار الصبي و المجنون،و هل تعتبر فيه الحرية،فلو أقر العبد بالسرقة لم يقطع؟
و الجواب:المشهور و إن كان ذلك،و لكنه لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد القطع،كما أنه يقطع إذا شهد عليه شاهدان،و لا اشكال في ثبوت الغرم بإقراره.
و لو سرق ثانية قطعت رجله اليسرى و ترك له العقب،و إن سرق ثالثة حبس دائما و انفق عليه من بيت المال،و إن سرق في السجن قتل،و لا فرق في ذلك بين المسلم و الكافر و الذكر و الأنثى و الحرّ و العبد.
و هو قطع اليد اليمنى فقط،و أما لو أخذ و شهدت البيّنة بالسرقة الأولى، ثم امسك لتقطع يده فقطعت،ثم قامت البيّنة عليه بالسرقة الثانية قطعت رجله اليسرى أيضا،و أما إذا قامت البيّنة عليه بالسرقة الأولى و الثانية في مجلس واحد،فلا يقطع إلاّ أصابع يده اليمنى و لا تقطع رجله،على أساس أنه إذا لم يجر الحدّ على السرقة الأولى،فلا أثر للسرقة الثانية و الثالثة و هكذا،
و لا يتعدد الحدّ بتعدّدها للنصّ.
سواء كانت صحيحة أم كانت شلاء،و هل تقطع يمينه إذا كانت يساره شلاء؟
و الجواب:لا يبعد،و قد تسأل أن مقتضى التعليل الوارد في الروايات و هو قوله عليه السّلام«أني لأستحي من ربي أن لا أدع له يدا يستنجى بها أو رجلا يمشي عليها»عدم جواز قطع اليد اليمنى إذا كانت يده اليسرى شلاء؟
و الجواب:إن مقتضى القاعدة و إن كان ذلك،لأن المعيار إنما هو بعموم العلة و لا عبرة في خصوصية المورد،و لكن لا يمكن لنا الأخذ بالعموم في المسألة،لأنّه معارض بالنص الصّريح فيها الدال على قطع اليد اليمنى و إن كانت اليسرى شلاء،و هو قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان«في رجل أشل اليد اليمنى أو أشل الشمال سرق،قال تقطع يده اليمنى على كل حال»و حينئذ لا بدّ من رفع اليد عن عموم العلة تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على النص،هذا إضافة إلى ما سوف نشير إليه من أن هذا التعليل لا ينسجم مع واقع الحال في الخيار.
و الجواب:أن المشهور بين الأصحاب إنها تقطع و هو غير بعيد،و ذلك لأن مورد التعليل في الروايات عدم جواز قطع اليد اليسرى بالسرقة الثالثة بعد قطع اليد اليمنى و الرجل في حق اللّه(سبحانه و تعالى)،و بكلمة أن الإمام عليه السّلام في تلك الروايات قد علل جعل الحبس المؤبد بديلا عن القطع في السرقة
الثالثة،و تطبيقه على السرقة الأولى و إن أمكن بموجب ظهور التعليل في العموم،إلا أن ظهوره فيه لا ينسجم مع ما هو في الواقع الخارجي من أن قطع يد السارق أو رجله لا يوجب خروجها عن الانتفاع بها نهائيا،على أساس أن المقطوع بالسرقة من اليد إنما هو الأصابع الأربع فقط دون الإبهام و الراحة، و من الواضح أن اليد إذا بقيت فيها الإبهام و الراحة قابلة للانتفاع بها حتى في التطهير و الاستنجاء،و من الرجل من وسط القدم و ترك العقب ليمشي عليها، و قد نص على ذلك في جملة من الروايات،منها قوله عليه السّلام في موثقة إسحاق بن عمار:«تقطع يد السارق و يترك ابهامه و صدر راحته و تقطع رجله و يترك له عقبه يمشي عليها».نعم ورد في ذيل صحيحة عبد الرحمن:«قال:فقلت له لو أن رجلا قطعت يده اليسرى في قصاص فسرق ما يصنع به؟قال:يقال لا يقطع و لا يترك بغير ساق»،و مقتضاه أن اليمنى لا تقطع إذا كانت اليسرى مقطوعة في قصاص،و لكن الكلام إنما هو في ظهوره في ذلك،و هو لا يخلو عن اشكال،باعتبار أنه معلل بعلة مجملة،هذا اضافة إلى أنه بعد القطع لا يبقى بلا يد،لأن المقطوع كما مرّ إنما هو الأصابع الأربع فقط دون الإبهام و الراحة،و أيضا كلتا اليدين لا تقطع في حق اللّه(سبحانه و تعالى)،و أما قطع احداهما في حق اللّه(عزّ و جل)و الأخرى في حق الناس،فلا يكون مشمولا للتعليل و لا مانع منه،فتأمل.
فإنه ينتفي بانتفاء موضوعه،و لا وجه له لانتقاله إلى قطع اليسرى أو الرجل.
و لا ينتقل إلى
اليسرى و لا إلى الرجل اليسرى و لا إلى الحبس فإن كل ذلك بحاجة إلى دليل و لا يوجد دليل عليه،نعم للحاكم الشرعي تعزيره حسب ما يراه،و كذا لو سرق فقطعت يده اليمنى ثم سرق ثانيا و لم تكن له رجل يسرى،فإنه يسقط عنه القطع و لا تقطع يده اليسرى و لا رجله اليمنى،و هل ينتقل إلى الحبس؟
و الجواب:عدم الانتقال بمقتضى الجمود على ظاهر النص،و لكن لا يبعد ذلك إذا رأى الحاكم الشرعي مصلحة فيه،و كذلك إذا سرق ثالثة،فإن الجمود على ظاهر النص عدم الحبس،و لكن لا يبعد أن يكون اختيار ذلك بيد الحاكم إذا رأى.
و لا أثر لها بعد ثبوته بالبيّنة،و أما إذا ثبت بالإقرار،ففي سقوطه بها اشكال و السقوط غير بعيد.
فعليه القصاص،و هل يسقط القطع عن السارق؟
و الجواب:أن السقوط غير بعيد،و أما لو اعتقد بأنها يمينه فقطعها ثم بان أنها يساره،فعليه الدية و يسقط به القطع عن السارق.
فلا ضمان على أحد.
و إن تعيّبت و نقصت قيمتها فعليه ارش النقصان،و لو مات صاحبها وجب دفعها إلى ورثته،و إن تلفت العين ضمن مثلها إن كانت مثلية،و قيمتها إن كانت
قيمية.
فلا قطع.
و أما إذا عفا بعد رفع أمره إلى الإمام،لم يسقط.
كما قويناه سابقا،فهل للإمام أن يقيم الحدّ عليه من دون مطالبة المسروق منه؟
و الجواب:نعم على الأظهر،فإن الحدّ إذا كان من حقوق اللّه(عزّ و جل) فعلى الإمام إقامته،و إذا كان من حقوق الناس فليس له إقامته حتى يطلب صاحبه بحقّه،و قطع اليد في باب السرقة بما أنه من حقوق اللّه(عزّ و جل) فعلى الإمام إقامته.
فإن كان ذلك قبل رفع أمره إلى الإمام سقط عنه الحدّ،و إن كان بعده لم يسقط.
كان ذلك ردّا إلى صاحبه عرفا،و يسقط عنه الضمان و إلاّ فلا.و في سقوط الحد خلاف،و الأظهر عدم السقوط.
و كذلك الحال لو قرّ به أحدهم إلى النقب و أخرج المال منه آخر،فالقطع على المخرج خاصة،و كذا لو دخل أحدهم النقب و وضع
المال في وسطه و أخرجه الآخر منه،فالقطع عليه دون الداخل،على أساس أن المعتبر في الحدّ أمران:
أحدهما:كسر الحرز و هتكه،و الآخر إخراج المال منه.
– فعندئذ-إن عدّ الجميع عرفا سرقة واحدة قطع،و إلاّ فلا.
و ذلك كأن يخرق الثوب،أو يذبح الشاة،ثم يخرجه،فالظاهر أنه لا قطع.و أما إذا أخرج المال من الحرز و كان بقدر النصاب ثم نقصت قيمته السوقية بفعله،أو بفعل غيره،فلا اشكال في القطع.
فإن استهلكه الابتلاع كالطعام فلا قطع،و إن لم يستهلكه كاللؤلؤ و نحوه،فإن كان اخراجه متعذّرا،فهو كالتالف فلا قطع أيضا،و لكنه يضمن المثل إن كان مثليا،و القيمة إن كان قيميّا.و في مثل ذلك لو خرج المال اتفاقا بعد خروج السارق من الحرز،وجب عليه ردّ نفس العين و لا قطع أيضا،نعم لو ردّ إلى مالكه مثله،أو قيمته،ثم اتفق خروجه،فالظاهر عدم وجوب ردّه عليه، و أمّا لو ابتلع ما يكون بقدر النصاب في الحرز ثم خرج منه،و لكن كان اخراجه من بطنه غير متعذر عادة،و كان قصده اخراجه من الحرز بهذه الطريقة قطع،و لو كان قصده من ذلك اتلافه،ضمن و لا قطع عليه.
و الجواب:أن القطع لا يخلو عن اشكال و لا يبعد عدمه.
و من شهر فعقر اقتص منه ثم نفى من البلد،و من شهر و أخذ المال قطعت يده و رجله، و من شهر و أخذ المال و ضرب و عقر و لم يقتل،فأمره إلى الإمام إن شاء قتله و صلبه،و إن شاء قطع يده و رجله،و من حارب فقتل و لم يأخذ المال،كان على الامام عليه السّلام أن يقتله،و من حارب و قتل و أخذ المال،فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة،ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه،و إن عفا عنه أولياء المقتول كان على الإمام أن يقتله،و ليس لأولياء المقتول أن يأخذوا الدية منه فيتركوه.
و إن عفا الولي عنه قتله الإمام حدّا،و إن لم يكن كفوا،فلا قصاص عليه،و لكنه يقتل حدّا.
و لا يجوز له ذلك بدلا عن قتله حدّا.
اقتصّ الوليّ منه و نفى من البلد،و إن عفا الولي عن القصاص، فعلى الإمام أن ينفيه منه.
و لا يسقط عنه ما يتعلق به من الحقوق كالقصاص و المال،و لو تاب بعد الظفر به لم يسقط عنه الحدّ،كما لا يسقط غيره من الحقوق.
ثم بعد ذلك ينزل و يصلي عليه و يدفن.
و لا يسمح له بالاستقرار على وجه الأرض،و لا أمان له،و لا يبايع و لا يؤوى، و لا يطعم،و لا يتصدق عليه حتى يموت.
المرتد عبارة عمن خرج عن دين الإسلام،و هو قسمان:
فطري و ملّي.
(الأول):المرتد الفطري:و هو الذي ولد على الإسلام من أبوين مسلمين،أو من أبوين أحدهما مسلم.و يجب قتله،و تبين منه زوجته،و تعتد عدة الوفاة،و تقسم أمواله حال ردّته بين ورثته.
(الثاني):المرتد الملّي:و هو من أسلم عن كفر ثم ارتدّ و رجع إليه،و هذا يستتاب،فإن تاب خلال ثلاثة أيام فهو،و إلاّ قتل في اليوم الرابع،و لا تزول عنه أملاكه،و ينفسخ العقد بينه و بين زوجته،و تعتد عدة المطلقة إذا كانت مدخولا بها.
فلو نطق الصبي بما يوجب الكفر لم يحكم بارتداده و كفره،و كذا المجنون و المكره.و لو ادّعى الإكراه على الارتداد،فإن قامت قرينة على ذلك فهو،و إلاّ فلا أثر لها.
كانت تركته لورثته المسلمين،و إن لم يكن له وارث مسلم،فالمشهور أن إرثه للإمام عليه السّلام،و هو لا يخلو من اشكال بل منع،فيرثه الكافر كالكافر الأصلي.
و لا يتبعه في الكفر.نعم،إذا بلغ فأظهر الكفر حكم بكفره،و لو ولد للمرتد ولد بعد ردته،كان الولد محكوما بالإسلام حكما إذا كان انعقاد نطفته حال إسلام أحد أبويه،فإنه يكفي في ترتب أحكام الإسلام انعقاد نطفته حال كون أحد أبويه مسلما و إن ارتدّ بعد ذلك و قد تسأل أن ولد المرتد إذا انعقدت نطفته حال ارتداد أبويه معا،فهل يحكم بكفره و ترتيب آثاره عليه؟
و الجواب:أنه لا يحكم بالكفر،لأن الولد و إن كان عصارة الأبوين،إلاّ أنّه إنما يكون كذلك بلحاظ الصفات الطبيعيّة الذاتية لهما لا بلحاظ الصفات العرضية المفارقة كالكفر فإنها تتبع مناشئها الخارجية،و بكلمة أن الكفر إنما عرض على الإنسان إما بسبب الارتداد أو بعدم قبول الإسلام مع قابليته
لذلك،و من هنا لا يصدق عنوان الكافر على غير المميّز من أولاد الكفار، بلا فرق في ذلك بين أن يكون كفرهم بالأصالة أو بالارتداد.فالنتيجة أن الولد المرتد و إن انعقدت نطفته في حال ارتداد كلا أبويه معا،إلاّ أنه لم يحكم بكفره و لا بنجاسته ما دام غير مميز،و أما اذا اصبح مميزا،فإن قبل الاسلام و اعترف به،فهو مسلم،و الا كافر،كما هو الحال في اولاد سائر الكفار،و على هذا فلا فرق في ولد المرتد بين أن يكون انعقاد نطفته بعد الارتداد أو قبله، فإنه على كلا التقديرين محكوم بالطهارة،و يترتب أحكام الإسلام عليه ما دام غير مميز،فإذا صار مميزا،فإن قبل الإسلام فهو المطلوب،و إلاّ فحكم بكفره.
و تبين من زوجها و تعتد عدّة الطلاق و تستتاب،فإن تابت فهو،و إلاّ حبست دائما و ضربت في أوقات الصلاة،و استخدمت خدمة شديدة،و منعت الطعام و الشراب إلاّ ما تمسك نفسها،و ألبست خشن الثياب لعلها ترجع و تتوب.
و الجواب:الأقرب أنه لا يقتل فيها،لعدم الدليل غير دعوى الإجماع، و هي لا تفيد،و هل يقتل في الثالثة؟
و الجواب:أن ما دلّ على القتل فيها لا يشمل المقام،لاختصاصه بما إذا أقيم الحدّ على الجاني مرتين،فالنتيجة أن الأظهر عدم القتل لا في الثالثة و لا في الرابعة و ما زاد.
بل الحكم كذلك حتى مع قيام القرينة على ان اسلامه إنّما هو
للخوف من القتل،و أمّا الكتابي فقال جماعة بعدم الحكم باسلامه في هذا الفرض،و هو لا يخلو من اشكال،بل الأظهر هو الحكم باسلامه،على اساس ان سيرة النبي الاكرم صلى اللّه عليه و آله و سلّم قد جرت على قبول اسلام الكفرة بمجرد اظهارهم للشهادتين بدون فرق بين الكتابي و غيره.
فان قامت قرينة على أنها من جهة التزامه بالاسلام حكم به،و إلاّ فلا،اذ مجرد الصلاة بدون الدلالة على ذلك فلا قيمة لها.
و إن جنّ بعد امتناعه عن التوبة هل يقتل،و الجواب انه بعيد،فان الامتناع عن التوبة و ان كان شرط القتل،الا ان تأثيره منوط بعدم عروض مانع،و الجنون مانع.
و فيه اشكال،بل الاظهر جوازه و لا سيما في الكتابيّة.
و اما إذا كان ارتداده بانكار عموم نبوة نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم لجميع البشر،فلا بدّ في توبته من رجوعه عما جحد و أنكر.
جاز لولي المقتول قتله فورا،و بذلك يسقط قتله من جهة ارتداده بسقوط موضوعه،نعم لو عفا الولي،او صالحه على مال،قتل من ناحية ارتداده.
فان كان معتقدا بقاءه على الارتداد،لم يثبت القصاص،و لكن تثبت الدّية.
من وجوب قتله و انتقال أمواله الى ورثته و بينونة زوجته منه،و أما بالإضافة الى غير تلك الاحكام،فالاظهر قبول توبته، فتجري عليه أحكام المسلم،فيجوز له ان يتزوج من زوجته السابقة،أو امرأة مسلمة أخرى،و غير ذلك من الأحكام.
حسب ما يراه فيه من المصلحة،على اساس انّ في تطبيق هذه العقوبة على كل عاص و متمرّد، تأثير كبير في ردع الناس و اصلاح المجتمع و التوازن و ايجاد الأمن فيه الذي هو الغاية القصوى و الاهمّ للشارع،و يثبت موجب التعزير بشهادة شاهدين،و بالاقرار،و هل للحاكم الشرعي تطبيق تلك العقوبة بمقتضى علمه؟
و الجواب:نعم،له ذلك اذا رأى مصلحة.
و لكنه يعزر.
عزّر على المشهور،و فيه اشكال،و الأقرب أنه يحدّ ثمانين جلدة.
و لا فرق في ذلك بين وليّ الطفل و غيره معلما كان أم لا،كما لا بأس بضرب المملوك تأديبا الى عشرة.
و ان استحله حكم بارتداده،و ان لم يكن عالما بحرمته فلا شيء عليه،و لكن يبين له حرمته ليمتنع بعد ذلك،و كذلك من استحلّ شيئا من المحرمات المعلوم حرمته في الشريعة الاسلامية،كالميتة،و الدم،و لحم الخنزير،و الربا،و لو ارتكب شيئا منها غير مستحل عزّر.
و يعزره الامام حسب ما يراه من المصلحة تأديبا و ردعا،و الجواب انّ أمره بيده و يقوم حسب ما يراه كما مرّ.
و إما المستلب الذي يأخذ المال جهرا،أو المختلس الذي يأخذ المال خفية و مع الاغفال،أو المحتال الذي يأخذ المال بالتزوير و الحيل و الرسائل الكاذبة فليس عليهم حد،و إنّما على الحاكم الشرعي تعزيرهم حسب ما يراه و ضربهم ضربا شديدا و رادعا،فاذا رأى مصلحة في حبسهم فله ذلك.
و لكن يعزره الحاكم حسب ولايته على ما يراه من المصلحة في ذلك و ينفي من بلاده الى غيرها،و أمّا حكم البهيمة نفسها،و حكم ضمان الواطئ،فقد تقدما في باب الاطعمة و الأشربة.
و من بال أو تغوّط فى المسجد الحرام متعمدا،ضرب ضربا شديدا.
فعلى الحاكم تعزيره حسبما يراه فيه من المصلحة.
و يطاف به ليعرفه الناس،و لا تقبل شهادته إلاّ إذا تاب و كذّب نفسه على رءوس الأشهاد.
عزر على الدخول المحرم.
و
دمه هدر.
فلو توقف دفعه عن نفسه أو أهله أو ماله على قتله، جاز له قتله،و كان دمه ضائعا.و لا ضمان على الدافع،و يجوز الكف عنه في مقابل ماله و تركه قتله،هذا فيما اذا أحرز ذلك.و اما اذا لم يحرز و احتمل ان قصد الداخل ليس هو التعدي عليه أو على عرضه أو ماله،لم يجز له الابتداء بضربه او قتله،نعم له منعه عن دخول داره،و لو توقف على ضربه دون الموت جاز.
لان ضرره اندفع بذلك،و لو ضربه مرة ثانية فهي مضمونة.
و ان توقف دفعه على قتله،جاز قتله و دمه هدر.
فلو توقف على ان يفقئوا عينيه،او يجرحوه فلا دية عليهم،نعم لو كان المطلع محرما لنساء صاحب المنزل و لم تكن النساء عاريات،لم يجز جرحه و لا فقء عينيه.
لزم القاتل اثبات مدعاه،فان اقام البينة على ذلك او على ما يلازمه،فلا شيء عليه و دمه هدر،و ان لم يتمكن من اقامة البينة على ذلك،فهل يثبت
عليه القصاص؟
و الجواب:انه لا يثبت،و ذلك لان القصاص مترتب على حصة خاصة من القتل العمدي،و هي ما اذا كان ظلما و عدوانا بمقتضى قوله تعالى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً و ثبوت ذلك اما باقرار القاتل به او باقامة البينة عليه،و دعوى ان القتل العمدي الذي هو موضوع لوجوب القصاص حصة مقيده بعنوان عدمي،و هي الذي لا يكون دفاعا عن النفس او العرض او المال،فاذا شك فيه فمقتضى الاصل عدمه،مدفوعة جدا،فان موضوع القصاص كما مرّ حصة مقيدة بعنوان وجودي و هو عنوان الظلم،و عليه فالقتل العمدي المساوق للقتل ظلما موضوع له لا مطلقا و لا مقيد بعنوان عدمي،و من الواضح انه لا يمكن اثبات انه ظلم بالاصل،و على هذا فالورثة ان كانوا يدعون القتل عدوانا و ظلما،فعليهم اثباته باقامة البينة،و إلاّ فمقتضى الاصل عدمه،و عندئذ فينتقل الامر الى الدية،اذ يكفي في ثبوته عدم كون القتل دفاعا عن النفس او العرض او المال.
فلو تلفت الدابة أو تعيبت بدفعه مع توقف الحفظ على ذلك فلا ضمان عليه،نعم لو كان بامكانه المحافظة على نفسه او عرضه او ماله بالتخلص منها بالفرار فعليه ذلك،و لا يجوز له اتلافها او تعييبها حينئذ.
فلا قود و لا دية و كانت هدرا.
و لو كان احدهما ساكتا و غير متعمد فصال الآخر عليه و
تعدى،و اراد الساكت دفعه عن نفسه و بالدفع جرحه،فلا ضمان عليه.
فان حلف احدهما دون الآخر،ضمن الآخر،و ان حلفا او لم يحلفا معا،ضمن كل منهما جنايته على الآخر.
و قيل،ان اجرته -فيما اذا لم يكن بيت مال او كان هناك اهم منه-على ما يقام عليه الحدّ،و لكن لا وجه له.
و فيه فصول:
سواء أ كان بآلة قتالة أم كان بغيرها،فانه اذا قصد القتل و ان كان بآلة غير قاتلة غالبا و ترتب عليه القتل،فهو قتل عمدي،و اما اذا قصد الضرب بآلة قتالة و كان ملتفتا الى الملازمة بين الضرب بها و القتل عادة،فهو قاصد للقتل أيضا،فاذا ترتب عليه القتل فهو قتل عمدي،و أمّا اذا ضرب بها غافلا عن كونها آلة قتالة،بحيث لو كان ملتفتا الى كونها كذلك لم يضرب بها،فحينئذ اذا ترتب عليه القتل فهو ليس بعمدي،و اما مع الالتفات الى ذلك فهو عمديّ،لانه عندئذ قاصد للقتل أيضا،و قد تسأل هل يمكن ان يكون قاصدا
للضرب بها دون القتل؟
و الجواب:انه مع الالتفات الى ان هذه الآلة،آلة قتالة فلا يمكن ذلك، فالنتيجة انه يعتبر في القتل العمدي العدواني الذي هو موجب للقصاص قصد القتل،سواء أ كان مباشرة و ابتداءً أم بالواسطة،ثم انّ القتل على اقسام ثلاثة:
الاوّل:القتل العمدي و اثره الاقتصاص.
الثاني:القتل الخطائي و اثره تحمل العاقلة الدّية.
الثالث:القتل الشبيه بالعمد و اثره الدية على القاتل دون الاقتصاص، و الفرق بين هذه الاقسام على ما يلي.
1-من اراد قتل شخص عامدا و عدوانا و ملتفتا الى ذلك،فقتله فهذا قتل عمدي و عليه الاقتصاص كما عرفت،و لا فرق فى ذلك بين ان يكون بآلة قاتلة أو لا.
2-من اراد قتل حيوان او ضربه فرماه بشيء فاصاب اتفاقا انسانا فقتله،و هذا قتل خطئي.
3-من اراد ضرب انسان مباشرة أو بآلة غير قاتلة بدون ان يقصد قتله و لا يحتمل ذلك عادة،فضربه كذلك او رماها إليه فقتله اتفاقا،فهو قتل شبه عمد.
1-البلوغ 2-العقل3-الاختيار.
بحيث لا ينفك الموت عن فعل الفاعل زمانا،كذلك يتحقق فيما اذا ترتب القتل عليه من دون أن يتوسطه فعل اختياري من شخص آخر،كما اذا رمى سهما نحو من اراد قتله فاصابه فمات بذلك بعد مدة من الزمن،و من هذا القبيل ما إذا خنقه بحبل و لم يرخه عنه حتّى مات،او حبسه في مكان و منع عنه الطعام و الشراب حتّى مات،أو نحو ذلك،فهذه الموارد و أشباهها داخلة في القتل العمدي الموجب للقصاص.
فان كان متمكنا من الخروج و لم يخرج باختياره فلا قود و لا دية،و ان لم يكن متمكنا من الخروج و انجاء نفسه من الهلاك،فالملقى هو القاتل و عليه القصاص.
فعليه القصاص و ان كان متمكنا من انجاء نفسه بالمداواة و تركها باختياره.
و لم يكن الجاني قد قصد بها القتل،و لكن اتفق موت المجني عليه بالسراية،فالمشهور بين الاصحاب ثبوت القود،و لكنه لا يخلو من اشكال،بل لا يبعد عدمه، فيجري عليه حكم القتل الشبيه بالعمد،حيث لا ينطبق عليه القتل العمدي حتى يترتّب عليه حكمه.
أو كان ممّا يترتب عليه القتل عادة فقتله،فعليه القود.و أما إذا لم يقصد به القتل و لم يكن مما يقتل عادة فلا قود عليه.و أما اذا مات الملقى،فدمه هدر على كلا التقديرين.
و لكنّه مع ذلك لو سحر شخصا بما يترب عليه الموت غالبا،أو كان بقصد القتل،كما لو سحره فتراءى له أن الاسد يحمل عليه فمات خوفا، كان على الساحر القصاص.
فان علم الآكل بالحال و كان مميزا،و مع ذلك اقدم على أكله فمات فهو المعين على نفسه،فلا قود و لا دية على المطعم،و ان لم يعلم الآكل به،أو كان غير مميز فأكل فمات،فعلى المطعم القصاص،فانه إذا علم بانه سم قاتل و من أكله يموت،فلا ينفك قصد الاطعام به عن قصد القتل ظلما،و من هذا القبيل اذا جعل السم في طعام صاحب المنزل و كان السمّ ممّا يقتل عادة،فأكله صاحب المنزل جاهلا بالحال فمات.
و كان الموت يترتب على السقوط فيها غالبا،فسقط فيها المارّ و مات،فعلى الحافر القود،بلا فرق بين قصده قتل المارة بذلك و عدمه،فانه اذا علم بالحال فلا ينفك قصد هذه العملية عن قصد القتل.نعم لو لم يترتب الموت على السقوط فيها عادة و سقط فيها أحد المارّة فمات اتفاقا-فعندئذ-ان كان الحافر قاصدا القتل فعليه القود،و الاّ فلا،و كذلك يثبت القصاص لو حفرها في طريق ليس في معرض المرور،و لكنه دعا غيره الجاهل بالحال لسلوكه قاصدا به القتل،او كان السقوط فيها مما يقتل عادة،فسلكه المدعوّ و سقط فيها فمات،أو فجّر قنبلة موقوته في الطريق أو مكان آخر بقصد القتل و هكذا.
فان كان الموت مستندا الى فعل نفسه،فلا قود و لا دية على الجارح.نعم لوليّ الميّت القصاص من الجاني بنسبة الجرح،أو أخذ الدية منه كذلك،و ان كان مستندا الى الجرح فعليه القود،و ان كان مستندا إليهما معا،كان لوليّ المقتول القود بعد ردّ نصف الدّية إليه،و له العفو و أخذ نصف الدّية منه.
فمات الملقى في الطريق خوفا قبل سقوطه الى الارض كان عليه القود،و مثله ما لو ألقاه في بحر قاصدا به قتله،أو كان ممّا يترتب عليه الموت غالبا،فالتقمه الحوت قبل وصوله الى البحر.
و كذا الحال لو ألقاه الى أسد كذلك و كان ممن لا يمكنه الاعتصام منه بفرار،أو نحوه و إلاّ فهو المعين على نفسه، فلا قود عليه و لا دية،و مثله ما لو أنهش حية قاتلة أو القاها عليه فنهشته، فعليه القود،لان القتل مستندا إليه عامدا او ملتفتا،و الخلاصة ان من قصد قتل شخص ظلما بآلة قاتلة أم بغيرها فقتله،فعليه القود.
فهل لوليّ المقتول قتل الجارح بعد ردّ نصف الدية إليه؟
و الجواب:انه بعيد،على اساس ان القتل غير مستند الى جرح الجارح فقط،بل هو مستند إليه و الى عض الاسد معا،و حيث ان عض الاسد لا يكون دخيلا في ترتب القصاص على المجموع المركب منه و من جرح الجارح، باعتبار ان أحد جزئية جرح غير متعمد و غير مضمون فلا أثر له،و الجزء
الآخر و هو جرح الجارح وحده ليس سببا تاما له،و على هذا فما هو سبب للقتل لا يترتب عليه اثر،و ما يترتب عليه الاثر لا يكون سببا،و بكلمة ان هنا مسألتين:
المسألة الاولى:ما اذا كان اثنان او اكثر من الرجال او النساء،او الرجال و النساء اشتركوا في قتل واحد رجلا كان او امرأة ظلما.
المسألة الثانية:ما اذا كان القتل مستندا الى جرح انسان ظلما بقصد القتل و عض الحيوان معا لا الى كل واحد منهما مستقلا.
اما في المسألة الاولى فالقتل مستندا الى كلا الجرحين معا،و حيث ان كليهما كان بقصد القتل عدوانا،فيكون مشمولا لقوله تعالى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً او فقل حيث ان الدافع من وراء كلا الجرحين هو القتل،فاذا تحقق ترتب عليه القصاص بمقتضى الآية الشريفة،و على هذا فحق الاقتصاص حيث انه ثابت لوليّ المقتول على كلا الجارحين معا،فلا محالة يوزع على كل منهما بنسبة النصف،و حيث انه غير قابل للتجزئة من ناحية و غير ساقط في المقام من ناحية اخرى،فاذا قام الولي حينئذ بالاقتصاص من كليهما معا،فعليه ان يرد الى اولياء كل منهما نصف الدية،و اذا قام بالاقتصاص من احدهما،فعلى الآخر ان يرد الى اولياء المقتول قصاصا نصف الدية.
و اما في المسألة الثانية:فقد مرّ ان احد جزئي السبب بما انه جرح غير متعمد و غير مضمون،فالقتل المترتب عليه ليس موضوعا للقصاص و مشمولا للآية الشريفة المتقدمة،هذا هو الفارق بين المسألتين،هذا من ناحية.
و من ناحية اخرى ان المسألة الاولى تفترق عن المسألة الثانية بالنص أيضا،حيث قد ورد في عدة من الروايات في المسألة الاولى ان لولي المقتول ان يقتص من جميع المشتركين في القتل و يرد من الدية الى كل واحد منهم بما يستحقه من النسبة.
و من ناحية ثالثة ان عمدة الدليل على جواز قصاص الجميع في المسألة الاولى هي الروايات،و لولاها لكان بامكاننا المناقشة في جواز ذلك اذا كان جرح كل واحد منهما او منهما للمجنى عليه جزء السبب لا تمامه،و المجموع يكون تمام السبب لقتله،و حيث ان المجموع ليس فردا آخر في مقابل كل واحد منهما أو منهم فى الخارج فلا موجب للقصاص،و قد تسأل ان ظاهر الروايات سياقا هو كون موردها اشتراك جماعة في قتل فرد واحد في زمن واحد ،بمعنى انهم بنوا على قتله فقتلوه ظلما،و اما اذا جرحه واحد بقصد القتل ثم جرحه آخر بنفس القصد بدون اتفاق مسبق بينهما على قتله،ففي هذه الحالة اذا لم يكن جرح كل واحد منهما وحده سببا للقتل،و لكن بضم احدهما الى الآخر سبب له،فهل يكون مشمولا للروايات ملاكا؟
و الجواب:ان الشمول غير بعيد،على اساس ان كل واحد منهما قاصد لقتله عدوانا،فاذا قتل بذلك كان القتل مستندا الى كليهما معا،و وجود الاتفاق المسبق بينهما على ذلك و عدم وجوده سيان،فان المعيار انما هو باستناد القتل إليهما معا.
نعم لو ألقاه في ارض لم تكن مظنة للافتراس عادة و لم يقصد به قتله،فافترسته السباع اتفاقا،
فالظاهر انه لا قود و عليه الدية فقط.
و حبس الممسك مؤبدا حتى يموت بعد ضرب جنبيه،و يجلد كل سنة خمسين جلدة.و لو اجتمعت جماعة على قتل شخص فأمسكه أحدهم،و قتله آخر،و نظر إليه ثالث،فعلى القاتل القود،و على الممسك الحبس مؤبدا حتى الموت،و على الناظران تفقأ عيناه.
و على الآمر الحبس مؤبدا الى ان يموت،و لو اكره على القتل،فان كان ما توعّد به دون القتل،فلا ريب في عدم جواز القتل،و لو قتله و الحال هذه،كان عليه القود،و على المكره الحبس المؤبد،و ان كان ما توعّد به هو القتل،فالمشهور ان حكمه حكم الصورة الاولى،و لكنه لا يخلو عن اشكال بل منع،و الظاهر جواز القتل له عندئذ،لان الاكراه اذا وصل الى القتل و ان لم يكن مشمولا لدليله،حيث انه وارد مورد الامتنان و لا امتنان فيه لرفع الاكراه عن المكره،الا انه مع ذلك لا يكون القتل محرّما،باعتبار ان الامر دائر بين قتل نفسه و قتل غيره،و من الواضح انه في مثل هذه الحالة لا يجب عليه قتل نفسه و التحفظ على نفس غيره، بل هو مخير بين ان يقوم بقتل نفسه و الحفاظ على نفس غيره و بالعكس،على اساس وقوع التزاحم بينهما،و لا يقدر على حفظ كلتيهما معا،لان عنده قدرة واحدة،فان صرفها في حفظ نفسه فلا يقدر على حفظ نفس غيره،و ان صرفها في حفظ نفس غيره فلا يقدر على حفظ نفسه،و لا يكون حفظ نفس غيره اولى
حفظ نفسه،و لا يكون حفظ نفس غيره اولى من حفظ نفسه،و لا مرجح له،و على ذلك فاذا قام بقتل نفس غيره حفاظا على نفسه فلا قود عليه، و لكن عليه الدية،لان دم المسلم لا يذهب هدرا،و حكم المكره-بالكسر- في هذه الصورة حكمه في الصورة الاولى،هذا اذا كان المكره-بالفتح-بالغا عاقلا،و أما إذا كان مجنونا أو صبيا غير مميز،فلا قود لا على المكره و لا على الصبيّ،نعم على عاقلة الصبيّ الدية،و على المكره مؤبدا.
و لكنه لا يخلو عن اشكال،بل لا يبعد ان يكون الامر بالعكس،بان يحبس العبد مؤبدا و يقتل المولى.
فلا ريب في أنه قد ارتكب محرما، و هل يثبت القصاص عندئذ أم لا؟وجهان،الاظهر ثبوته،هذا اذا كان القاتل مختارا أو متوعّدا بما دون القتل،و أما اذا كان متوعدا بالقتل،فالحكم فيه كما تقدم.
فان كان المأمور صبيّا غير مميز،فعلى الآمر القود و ان كان مميزا،أو كبيرا بالغا، فقد أثم فلا قود على الآمر،هذا اذا كان القاتل مختارا،أو مكرها متوعّدا بما دون القتل أو بالقتل،و أما اذا كان متوعّدا بما يزيد على القتل من خصوصياته،كما اذا قال:اقتل نفسك و الا لقطعتك اربا اربا،فالظاهر جواز قتله نفسه-عندئذ-و هل يثبت القود على المكره وجهان،الاقرب عدمه.
و هدّده بالقتل ان لم يفعل،جاز له قطع يده.و هل يثبت القصاص على
المكره،او ان القصاص يسقط و تثبت الدية على المباشر؟
وجهان:الظاهر هو الثاني.
فان لم يكن الغالب في ذلك السقوط المهلك، و لا هو قصد به القتل،فلا قود عليه و لا دية،و الاّ ففيه الوجهان،و الأقرب انه لا قصاص و لا دية عليه،باعتبار ان القتل غير مستند إليه،نعم جزاؤه الحبس،و كذلك الحال فيما اذا اكره على شرب سمّ فشرب فمات.
كما اذا شهدت بارتداد شخص،أو بأنه قاتل لنفس محترمة،أو نحو ذلك،أو شهد أربعة بما يوجب الرجم كالزنا،ثم بعد اجراء الحد ثبت انهم شهدوا زورا،كان القود على الشهود،و لا ضمان على الحاكم الآمر،و لا حدّ على المباشر للقتل،أو الرجم، نعم لو علم مباشر القتل بأن الشهادة شهادة زور،كان عليه القود دون الشهود.
بمعنى انه لم يبق له ادراك،و لا شعور،و لا نطق،و لا حركة اختيارية،ثم ذبحه آخر،كان القود على الأول،و على الآخر دية ذبح الميّت.و أما لو كانت حياته مستقرة،كان القاتل هو الثاني،و عليه القود،و الأول جارح،سواء أ كانت جنايته مما يفضى الى الموت كشق البطن أو نحوه، أو لا كقطع أنملة،أو ما شاكلها.
و لكن بواسطة الجهاز الطبي المصنوعي
يشتغل قلبه و يؤدي وظائفه،بحيث لو قام الطبيب برفع هذا الجهاز عنه مات فورا،و لهذا يعامل معه معاملة الميت،و يقول انّه مات طبيعيا و لا أمل في حياته بموجب القانون الطبي،الا اذا كانت هناك معجزة منه تعالى،ففي هذه الحالة هل يجوز رفع الجهاز عنه ليموت اصطناعيا أيضا؟
و الجواب:الظاهر انه لا يجوز من وجهة النظر الشرعية.
و قد تسأل انه اذا لم يجز ذلك شرعا،فهل عليه قصاص اذا رفعه عنه و مات،و اذا لم يكن عليه قصاص فهل عليه دية؟
و الجواب:لا هذا و لا ذاك،اما القصاص فالظاهر انه غير محتمل،لان موضوعه القتل العمدي و هو لا يصدق عليه،لوضوح ان من يرفع الجهاز عنه لا يقال انه قتله،و بكلمة ان حياته الطبيعية قد توقفت و الموجود انما هو الحياة الاصطناعية له بواسطة الجهاز الطبي،و من المعلوم ان القتل لا يصدق على رفع ذلك الجهاز،لانه عبارة عن اذهاب الحياة الطبيعية،و اما الدية فالامر فيها أيضا كذلك،باعتبار انها مترتبة على القتل و هو لا يصدق عليه، و الخلاصة ان رفع الجهاز عنه و ان كان غير جائز شرعا،إلاّ انه لا قصاص و لا دية على من يقوم برفعه عنه.
فمن لم يندمل جرحه هو القاتل و عليه القود،و من اندمل جرحه فعليه القصاص في الطرف،أو الدية مع التراضي،و اذا أخذ الدية منه،فهل يرد الدية المأخوذة الى اولياء القاتل؟
و الجواب:لا يرد إليهم،لعدم الدليل على الردّ.
فادّعى احدهما اندمال جرحه و صدّقه الولي،نفذ اقراره على نفسه و لم ينفذ على الآخر،و عليه فيكون الوليّ مدعيا استناد القتل الى جرح الآخر و هو منكر له،و حينئذ فعلى الوليّ الاثبات و إلاّ فعلى الآخر الحلف او ردّه على الولي،و اذا امتنع عن الحلف و الردّ معا،سقط حقه،و إن صدّقه الآخر دون الولي نفذ على نفسه دونه،و عندئذ فاذا اقتصّ الولي من المقر، فلا يحق لوارثه ان يطالب من المدعي بشيء من الدية،كما انه اذا طولب بالدية فليس له الامتناع عن اكمالها هذا من ناحية،و من ناحية اخرى ليس للولي ان يقتصّ من المدعي او يطالبه بالدية الا بعد المرافعة و اثبات انّ القتل مستند الى جرحه أيضا.
فان استند الموت الى كلتا الجنايتين معا كان كلاهما قاتلا،و ان استند الى قاطع الذراع،فالقاتل هو الثاني و الاول جارح،نظير ما إذا قطع احد يد شخص و قتله آخر،فالاول جارح،و الثاني قاتل و لكل حكمه.
وجهان:الصحيح هو التفصيل بين ما اذا كان القتل و الجرح بضربة واحدة و ما اذا كانا بضربتين،فعلى الاول تدخل دية الطرف في دية النفس فيما تثبت فيه الدية اصالة.و على الثاني فالمشهور،التداخل أيضا و الاكتفاء بدية واحدة و هي دية النفس،و لكنه لا يخلو من اشكال،و الاقرب عدم
التداخل،و أما القصاص فان كان الجرح و القتل بجناية واحدة،كما اذا ضربه ضربة واحدة فقطعت يده فمات،فلا ريب في دخول قصاص الطرف في قصاص النفس،و لا يقتص منه بغير القتل،و اذا كان الجرح و القتل بضربتين متفرقتين زمانا،فهل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس،كما لو قطع يده و لم يمت به ثم قتله؟
و الجواب:لا يبعد عدم التداخل في مثل المثال،و اما اذا كانت الضربتان متواليتين زمانا،كما اذا ضربه فقطعت يده-مثلا-و ضربه ضربة ثانية،فقتلته،فهل يحكم بالتداخل؟
و الجواب:لا يبعد التداخل،نعم لو ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين بدون الموت،لزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان.
بعد ان يردّوا الى اولياء كل منهما نصف الدية،كما ان لهم ان يقتلوا أحدهما،و لكن على الآخر أن يؤدّي نصف الدية الى اهل المقتص منه،و إن قتل ثلاثة واحدا،كان كل واحد منهم شريكا في قتله بمقدار الثلث،و عليه فان قتل ولي المقتول واحدا من هؤلاء الثلاثة،وجب على كل واحد من الآخرين ان يرد ثلث الدية الى اولياء المقتص منه،و ان قتل اثنين منهم، وجب على الثالث ان يردّ ثلث الدية الى اولياء المقتص منهما،و يجب على ولي المقتول ان يردّ إليهم دية كاملة لكي يصل الى كل واحد من المقتولين،ثلث الدية قبل الاقتصاص،و ان اراد قتل جميعهم،فله ذلك بعد ان يردّ الى اولياء كل واحد منهم ثلثي الدية.
و ان كانت
جناية احدهما اكثر من جناية الآخر،فلو ضرب احدهما ضربة و الآخر ضربتين او اكثر،فمات المضروب و استند موته الى فعل كليهما،كانا متساويين في القتل،و عليه فلولي المقتول ان يقتل احدهما قصاصا،كما أن له ان يقتل كليهما معا على التفصيل المتقدم.
و الجواب:انه بعيد،لان القتل لا يستند الى فعله وحده حتى يترتب عليه القصاص،بل هو مستند إليه و الى فعل الحيوان معا،و حيث ان احد جزئي السبب جرح غير متعمد،فلا يكون القتل المترتب عليه من القتل المتعمد حتى يكون مشمولا للآية الشريفة و موضوعا للقصاص كما مرّ شرحه.
و أمّا الأب فلا يقتل بل عليه نصف الدية،يعطيه لولي المقتص منه في فرض القصاص،و لولي المقتول مع عدم الاقتصاص،و كذلك الحال فيما اذا اشترك مسلم و ذميّ فى قتل ذميّ.
و تتحقق الشركة في الجناية على الاطراف بفعل شخصين أو اشخاص معا على نحو تستند الجناية الى فعل الجميع،كما لو وضع جماعة سكينا مثلا على يد شخص و ضغطوا عليه حتى قطعت يده،و اما اذا وضع احد سكينا فوق يده،و آخر تحتها و ضغط كل واحد منهما على سكينه حتى التقيا،فهل هو من الاشتراك في الجناية او على كل منهما القصاص في
جنايته؟
و الجواب:الظاهر هو الاشتراك في الجناية عرفا.
و لو كنّ اكثر،كان له قتل جميعهن،فاذا قتلهن جميعا ادّى فاضل ديتهن الى اوليائهن،و اما اذا قتل بعضهن،كما اذا قتل اثنتين من الثلاث-مثلا-وجب على الثالثة رد ثلث دية الرجل إلى اولياء المقتص منهما.
بعد ان يردّ نصف الدية الى اولياء الرجل دون اولياء المرأة،كما ان له قتل المرأة و مطالبة الرجل بنصف الدية.و اما اذا قتل الرجل،وجب على المرأة رد نصف الدية الى اولياء المقتص منه.
كالقتل و نحوه،فاذا كان القاتل اثنين و أراد وليّ المقتول قتلهما معا،وجب عليه أوّلا ردّ نصف الدية الى كل منهما،ثم استيفاء الحق منهما.
جاز لاولياء المقتول قتل القاتل عمدا بعد ردّهم نصف ديته الى وليّه،و مطالبة عاقلة القاتل خطأ نصف الدية،كما ان لهم العفو عن قصاص القاتل و أخذ الدية منه بقدر نصيبه،و كذلك الحال فيما إذا اشترك صبي مع رجل في قتل رجل عمدا،لان عمد الصبي خطأ تحمله العاقلة.
كان لولي
المقتول قتلهما معا بعد ردّ نصف الدية الى اولياء الحرّ،و اما العبد فيقوّم،فان كانت قيمته تساوي نصف دية الحرّ،أو كانت اقل منه،فلا شيء على الولي، و ان كانت اكثر منه،فعليه أن يردّ الزائد الى مولاه،و لا فرق في ذلك بين كون الزائد بمقدار نصف دية الحرّ،أو أقل.نعم اذا كان اكثر منه،كما لو كانت قيمة العبد اكثر من تمام الدية،لم يجب عليه ردّ الزائد على النصف،بل يقتصر على ردّ النصف،باعتبار ان دية العبد لا تزيد على دية الحر.
و اما بالنسبة الى العبد فقد مرّ التفصيل فيه،و إذا لم يقتل العبد كان له استرقاقه،-فعندئذ-ان كانت قيمته اكثر من نصف دية المقتول،ردّ الزائد على مولاه،و إلاّ فلا.
و هي خمسة:
و كذا إذا قتل الحرّة، و لكن بعد ردّ نصف الدية الى أولياء المقتصّ منه.
و ليس لولي المقتول مطالبة وليها بنصف الدّية.
نعم تثبت الدية،و هي على الاول تحمل على عاقلة القاتل، و على الثاني في ماله على تفصيل يأتي في باب الديات إن شاء اللّه تعالى.
و على القاتل قيمة المقتول يوم قتله لمولاه إذا لم يتجاوز دية الحرّ،و إلاّ فلا يغرم الزائد،و اذا قتل الأمة فكذلك،و على القاتل قيمتها إذا لم تتجاوز دية الحرّة، و لو كان العبد او الأمة ذميا،غرم قيمة المقتول اذا لم تتجاوز دية الذمي أو الذمية،و لا فرق فيما ذكرناه بين كون العبد أو الامة قنا،أو مدبرا،و كذلك اذا قتل الحرّ او الحرّة مكاتبا مشروطا،او مطلقا،و لم يؤدّ من مال الكتابة شيئا،و لا فرق في ذلك بين الذكر و الانثى،و مثل ذلك القتل الخطائي،غاية الأمر أن الدّية تحمل على عاقلة القاتل الحرّ إذا كان خطأ محضا،و اذا كان شبه عمد،ففي مال القاتل نفسه على تفصيل يأتي.
فالقول قول الجاني مع يمينه اذا لم تكن للمولى بيّنة،باعتبار انه يدعي الاقل فيكون قوله مطابقا للأصل.
و الجواب:الاقرب انه لا يقتل،و دعوى انه ان كان غير معروف بالقتل،ضرب مائة ضربة شديدة و حبس و أخذت منه قيمته يتصدق بها، أو تدفع الى بيت مال المسلمين،و ان كان متعودا على القتل قتل به،مدفوعة بانه لا وجه لهذا التفصيل و لا يوجد دليل معتبر على ذلك،و ما دلّ عليه فهو ضعيف غير قابل للاعتماد،و لا فرق في ما ذكر بين العبد و الأمة،كما انه
لا فرق بين القنّ،و المدبر،و المكاتب،سواء أ كان مشروطا،أم مطلقا أدى من مال كتابته شيئا أم لا.
و لكن عليه دية الحرّ بمقدار ما تحرّر منه،و دية العبد بمقدار ما بقي،على اساس انه لا يمكن ان تكون ديته قيمته،باعتبار ان مقدارا منه حرّ،فلا يكون مشمولا لما دلّ على أن دية العبد قيمته،كما هو الحال في القتل الخطائي،و لا فرق في ذلك بين كون المكاتب عبدا،أو أمة،كما لا فرق بين كونه قد أدّى نصف مال كتابته أو أقل من ذلك.
نعم لولي المقتول الخيار بين قتل العبد و استرقاقه،و ليس لمولاه فكّه الا اذا رضي الوليّ به،باعتبار ان امره أصبح بيده اقتصاصا او استرقاقا و انقطاع علاقته عن المولى،و لا فرق فيما ذكرناه بين كون القاتل او المقتول ذكرا أو أنثى،كما انه لا فرق بين كون القاتل قنا،أو مدبرا،و كذلك أم الولد.
كما يجوز له العفو عنه،و لا فرق في ذلك بين القن،و المدبّر،و المكاتب،بأقسامه.
سواء أ كان مشروطا أم مطلقا،أدّى من مال الكتابة شيئا،أم لم يؤدّ.نعم لو ادّى المطلق منه شيئا لم يكن لوليّ المقتول استرقاقه تماما،و له استرقاقه بمقدار ما بقي من عبوديته،و ليس له مطالبته بالدية بمقدار ما تحرّر منه إلاّ مع التراضي.
تخيّر المولى بين فكّ
رقبته باعطاء دية المقتول،أو بالصلح عليها،و بين دفع القاتل إلى وليّ المقتول ليسترقه،و ليس له الزام المولى بشيء من الامرين.و لا فرق في ذلك بين القن،و المدبر،و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤدّ من مال الكتابة شيئا،و أمّ الولد.
فعليه الدية بمقدار ما تحرّر،و الباقي على مولاه،فهو بالخيار بين ردّ الباقي الى أولياء المقتول،و بين دفع المكاتب إليهم،و إذا عجز المكاتب عن اداء ما عليه كان ذلك على إمام المسلمين.
بلا فرق بين كون القاتل و المقتول قنين أو مدبرين،أو كون أحدهما قنّا،و الآخر مدبّرا،و كذلك الحكم لو قتل العبد أمة،و لا ردّ لفاضل ديته الى مولاه لعدم الدليل،و لا يقاس ذلك بقتل الحر الحرّة،فان اولياء المرأة هناك اذا ارادوا ان يقتلوا الحر فعليهم أولا ان يردوا نصف ديته الى اوليائه ثم القتل،فان الدليل مختص بهذا المورد و لا يشمل المقام.
فان كان مشروطا أو مطلقا، لم يؤدّ من مال الكتابة شيئا فحكمه حكم قتل القنّ،و إن كان مطلقا،تحرر بعضه،فلكل من مولى المقتول و ورثته حق القتل فان قتلاه معا فهو،و إن قتله أحدهما دون الآخر سقط حقه بسقوط موضوعه،و هل لولي المقتول استرقاق القاتل بمقدار حرية المقتول؟نعم له ذلك.
و كذا لو قتلت عبدا.
فان كان مشروطا،أو مطلقا لم يؤدّ من مال الكتابة شيئا،فحكمه حكم القنّ،و أن أدىّ منه شيئا لم يقتل به،و لكن تتعلق الجناية برقبته بقدر ما بقي من الرقية،و يسعى في نصيب حرّيته اذا لم يكن عنده مال،و الا فيؤدي من ماله،فان عجز كانت الدية على مولى المكاتب،و اما ما تعلق برقبته فلمولى المقتول استرقاقه بمقدار رقيته ليستوفي حقه،و لا يكون مولى القاتل ملزما بدفعه الدية الى مولى المقتول،و لا فرق في ذلك بين كون القاتل او المقتول ذكرا او انثى،كما انه لا فرق بين كون المقتول قنا أو مدبرا.
فان تحرّر من المقتول بقدر ما تحرّر من القاتل أو أكثر،قتل به،و إلاّ فالمشهور أنه لا يقتل،و لكنه لا يخلو من اشكال،و الاقرب أنّه يقتل.
بين فكّه باداء دية المقتول،و بين دفعه الى مولى المقتول ليسترقه و يستوفي حقه من قيمته،فان تساوت القيمتان فهو،و إن زادت قيمة القاتل على قيمة المقتول ردّ الزائد إلى مولى القاتل،و إن نقصت عنها،فليس له أن يرجع الى مولى القاتل و يطالبه بالنقص،و لا فرق في ذلك بين كون القاتل ذكرا أو أنثى، كما أنه لا فرق بين كونه قنا أو مدبّرا،أو مكاتبا مشروطا،أو مطلقا لم يؤدّ من مال الكتابة شيئا،و أمّا لو قتل مكاتبا تحرّر مقدار منه،فقد ظهر حكمه ممّا تقدم.
خيّر المولى بين قتل القاتل و العفو عنه.
و ليس لهم مطالبته بالدية إلا إذا رضي القاتل بذلك،نعم لو قتله وليّ أحد المقتولين،فالظاهر جواز أخذ الآخر الدية من ماله.
فلا يتوقف على اذن الآخر،نعم لو بادر أحدهما و استرقّه جاز للآخر أيضا ذلك،و لكنهما يصبحان شريكين فيه،و اذا قتل أحدهما و استرقه اولياؤه ثم قتل الثاني،اختص العبد بأولياء الثاني،بمعنى أن لهم استرقاقه و أخذه من أولياء الأوّل أو قتله.
و أما استرقاقه فيتوقف على رضى مولى القاتل،فلو سبق أحدهما بالاقتصاص،سقط حق الآخر بسقوط موضوعه،و لو رضى المولى باسترقاقه-فعندئذ-إن اختار أحدهما استرقاقه و اقتص الآخر،سقط حق الأول،و إن اختار الآخر الاسترقاق أيضا اشترك معه،و لا فرق في ذلك بين كون استرقاقه في زمان استرقاق الأول أو بعده،كما لا فرق في ذلك بين قتله العبدين دفعة واحدة،أو على نحو التعاقب،نعم اذا استرقه مولى الاول و بعد ذلك قتل الثاني،كان مولى الثاني بالخيار بين قتله و استرقاقه مع رضى مولاه الثاني.
فكما أن لهما قتله،فكذلك لهما استرقاقه بالتراضي مع مولى القاتل،و لو طلب أحدهما من المولى ما يستحقه من القيمة فدفعه إليه،سقط حقّه عن رقبته و لم يسقط حق الآخر،فله قتله بعد ردّ نصف قيمته الى
مولاه.
كما أن له قتل البعض،و لكن اذا قتل الجميع،فعليه أن يردّ ما فضل عن جناية كل واحد منهم الى مولاه،و له ترك قتلهم و مطالبة الدية من مواليهم،و هم مخيّرون بين فكّ رقاب عبيدهم بدفع قيمة العبد المقتول،و بين تسليم القتلة الى مولى المقتول ليستوفي حقّه منهم و لو كان باسترقاقهم،لكن يجب عليه ردّ الزائد على مقدار جنايتهم على مواليهم.
فيه قولان:الأظهر الصحة،و أما بيعه أو هبته،فالظاهر أنه لا ينبغي الاشكال في صحته،و ان قيل بالبطلان فيه أيضا.
و الزم مولاه بالدية.
فلا يقتل المسلم بقتله كافرا،ذميا كان أو مستأمنا،أو حربيا،كان قتله سائغا،أم لم يكن،نعم اذا لم يكن القتل سائغا،عزّره الحاكم حسبما يراه من المصلحة،و في قتل الذمي من النصارى و اليهود و المجوس،يغرّم الدية كما سيأتي ،هذا مع عدم الاعتياد،و أما لو اعتاد المسلم قتل أهل الذمة،جاز لوليّ الذمي المقتول قتله بعد ردّ فاضل ديته.
و تقتل الذميّة بالذميّة و بالذّمي،و لو قتل الذميّ غيره من الكفار المحقوني الدم،قتل به.
فان شاءوا قتلوه،و ان شاءوا عفوا عنه،و ان شاءوا استرقوه،و إن كان معه مال دفع إلى أولياء المقتول هو و ماله،و لو أسلم الذميّ قبل الاسترقاق،كانوا بالخيار بين قتله و العفو عنه،و قبول الدية إذا رضي بها.
نعم تجب عليه الدية ان كان المقتول ذا دية.
فلو جنى مسلم على ذميّ قاصدا قتله، او كانت الجناية قاتلة عادة،ثم أسلم فمات،فلا قصاص،و كذلك الحال فيما لو جنى على عبد كذلك،ثم اعتق فمات،نعم تثبت عليه في الصورتين دية النفس كاملة.
و انما تثبت الدية على عاقلته.
نعم عليه الدية،و أما لو جرح حربيّا أو مرتدا،فأسلم المجني عليه،و سرت الجناية فمات،فهل عليه الدية أم لا؟ وجهان:الظاهر هو الأول.
فلا قود و لكن عليه الدية.
فلا قود في النفس،لان المسلم لا يقتل بالكافر و لا دية للمرتد،و هل لولي المقتول الاقتصاص من الجاني بقطع يده أم لا؟
و الجواب:ليس له ذلك،على اساس ان حق الاقتصاص في الاطراف في مفروض المسألة لم يثبت للمجروح ابتداء،لانه ان لم يكن يرتد كان له حق الاقتصاص في النفس فقط،باعتبار ان الاول داخل في الثاني،و اما اذا ارتدّ فلا يثبت له شيء منهما،اما حق الاقتصاص في النفس،فلان المسلم لا يقاد بالكافر،و اما حق الاقتصاص في الاطراف،فلانه منوط بان لا يؤدي الجرح الى الموت،و إلا فالثابت له حق الاقتصاص في النفس فحسب،و حيث أن جرحه في المسألة يؤدي الى موته و كان ذلك في حال ارتداده،فلا يثبت له هذا الحق أيضا لكي ينتقل الى ورثته بعد موته.
و لو ارتدّ ثم تاب و بعد ذلك مات،فهل يثبت عليه القود؟
و الجواب:ان ثبوته غير بعيدة و ان كان ارتداده فطريا،على اساس ما ذكرناه من ان توبته تقبل في الواقع و انه بعد الرجوع الى الاسلام اصبح مسلما، و لا يذهب دم المسلم هدرا.
وجهان:الاظهر أنه يقتل به،و لو عاد الى الاسلام لم يقتل حتى و ان كان فطريا.
أو كانت الجناية قاتلة عادة،ثم ارتدّ الجاني،و سرت الجناية فمات المجني عليه،قيل:إنه لا قود عليه،لعدم التساوي حال الجناية و الأظهر ثبوت القود.
لعدم الكفاءة في الدين،و أما الدية ففي ثبوتها قولان:الاظهر عدم ثبوتها في قتل المسلم غير الذمي من اقسام الكفار.
ثبت عليه القود.
قيل انه لا قود و لا دية عليه،و لكن الاظهر ثبوت القود أو الدية مع التراضي،على اساس ان هذا القتل بكيفية خاصة من الامام عليه السّلام في زمن الحضور مباشرة أو بالواسطة، و من الفقيه الجامع للشروط منها الأعلمية في زمن الغيبة عدل و مطلوب، و من غيره في كلا الزمنين ظلم،فاذا كان ظلما كان مشمولا لقوله تعالى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً .
و لا بين الوضيع و الشريف،و هل يقتل البالغ بقتل الصبيّ؟قيل،نعم و هو المشهور،و فيه اشكال بل منع.
فانه لا يقتل بقتل ابنه،و عليه الدية و يعزّر،و هل يشمل الحكم أب الأب أم لا؟وجهان،لا يبعد الشمول.
ما لم تثبت ببيّنة أو نحوها،فيجوز لولي المقتول الاقتصاص منه،و كذلك لو ادعاه اثنان،و قتله احدهما أو كلاهما،مع عدم العلم بصدق احدهما،و أما اذا علم بصدق احدهما او ثبت ذلك بدليل تعبدي و لم يمكن تعيينه،فلا يبعد الرجوع فيه الى القرعة.
و الجواب:الظاهر عدم الثبوت و هو المشهور بين الاصحاب،على اساس ان حق الاقتصاص في المسألة قد صار لولده من الزوجة المقتولة،و لا يحق للولد ان يقتص من والده و لا ان يقيم عليه الحد،نعم لو كان لها ولد من غيره،فهو وليّها و يقوم بالاقتصاص منه،او اذا لم يكن لها ولد لا منه و لا من غيره و لكن لها اقرباء فهم اوليائهم،كما لو قذف الزوج زوجته الميتة و لا وارث لها الا ولدها منه،فانّه لا يقام عليه الحد،باعتبار ان حق الحد قد صار لولده منها.
فلكل واحد منهما على الآخر القود،فان بدر احدهما فاقتص،كان للوارث الآخر الاقتصاص منه.
فلو كان مجنونا لم يقتل،من دون فرق في ذلك بين كون المقتول عاقلا أو مجنونا،نعم تحمل على عاقلته الدية،و كذلك الصبي لا يقتل بقتل غيره صبيّا كان أو بالغا،و تحمل على عاقلته الدية،و العبرة في عدم ثبوت القود بالجنون حال القتل،فلو قتل و هو عاقل ثم جنّ لم يسقط عنه القود.
كما اذا جنى في يوم الخميس،فادّعى الولي ان الجناية كانت حال البلوغ،و انكره الجاني،و ادعى انه لم يبلغ بعد،كان القول قول الجاني مع يمينه،و على الوليّ الاثبات،و كذلك الحال فيما اذا كان مجنونا ثم افاق،فادّعى الولي ان الجناية كانت حالا الافاقة،و ادّعى الجاني انها كانت حال الجنون، فالقول قول الجاني مع يمينه،نعم لو لم يكن الجاني مسبوقا بالجنون،فادّعى انّه كان مجنونا حال الجناية،فعليه الاثبات،و إلاّ فالقول قول الولي مع يمينه، باعتبار ان قوله مطابق لاستصحاب عدم الجنون.
نعم عليه الدية ان كان القتل عمدا،او شبه عمد،و كذلك لو قتل الرجل صبيّا او صبيّة،فانه لا يقاد منه تطبيقا لكبرى انه لا قود لمن لا يقاد منه،و هل الامر كذلك اذا قتل صحيح العين الأعمى؟
و الجواب:انه غير بعيد،على اساس ان الأعمى بما أنه ممّن لا يقاد منه على الأظهر،فتكون المسألة من صغريات تلك الكبرى.
أو
عما يتعلق،به فالمشهور ان دمه هدر،فلا قود و لا دية عليه،و قيل:ان ديته من بيت مال المسلمين و هو الصحيح للنصّ.
قولان:نسب الى المشهور الاول،و ذهب جماعة الى الثاني،و لكن لا يبعد أن يقال:انّ من شرب المسكر ان كان يعلم ان ذلك مما يؤدّى الى القتل نوعا،و كان شربه في معرض ذلك،فعليه القود،و ان لم يكن كذلك،بل كان القتل اتفاقيا فلا قود،بل عليه الدّية.
قولان:نسب الى اكثر المتأخرين الاول،و لكن الاظهر عدمه،باعتبار ان جناية الأعمى خطأ،فلا قود فيها و ديتها على عاقلته،و ان لم تكن له عاقله،فالدية في ماله،و إلاّ فعلى الامام عليه السّلام.
فلا قود في القتل السائغ شرعا،كقتل سابّ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم و الأئمة الطاهرين عليهم السّلام و قتل المرتد الفطري و لو بعد توبته و المحارب و المهاجم القاصد للنفس أو العرض أو المال،و كذا من يقتل بقصاص أو حدّ،و غير ذلك،و الضابط في جميع ذلك هو كون القتل سائغا للقاتل.
و الجواب:انه لا يخلو عن اشكال بل منع،الا اذا كان ذلك بعنوان
الدفاع عن العرض،كما اذا كان الدفاع عنه متوقفا على قتله و لا يمكن بدونه، فعندئذ يجوز،و قد تسأل هل يجوز له ان يقتل زوجته في هذه الحالة؟
و الجواب:ان المشهور و ان كان الجواز،الا انه لا يمكن اتمامه بدليل، فالأقرب عدمه،و قد تسأل انه اذا قتل الزوج الرجل الزاني او زوجته في تلك الحالة،فهل عليه القود،المعروف و المشهور انه لا قود عليه،و لكنه لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد،على اساس انه قتل متعمد و بدون مسوغ شرعي، و قد تقدم ان قتل الزاني او الزانية من الامام عليه السّلام او نائبه عدل و مطلوب اذا وجب،و اما من غيره،فهو ظلم و تعدّ،فلذلك يترتب عليه القصاص.
و قيل يعتبر فيه الرشد أيضا و الاظهر عدم اعتباره.و يشترط في المدّعي عليه امكان صدور القتل منه،فلو ادّعاه على غائب لا يمكن صدور القتل منه عادة لم تقبل، و كذا لو ادّعاه على جماعة يتعذر اجتماعهم على قتل واحد عادة كأهل البلد -مثلا-.
فاذا ثبت شرعا،كان لوليّ المقتول قتل المدّعي عليه،و لأولياء الجاني بعد القود الرّجوع الى الباقين بما يخصّهم من الدية،فان لم يعلموا عددهم رجعوا الى المعلومين منهم،و عليهم أن يؤدّوا ما يختصّهم من
الدية.
فهذا يتصور على وجهين:
الاول:ان يكون عدم بيانه لمانع خارجي لا لجهله بخصوصياته -فحينئذ-يستفصل القاضي منه.
الثاني:أن يكون عدم بيانه لجهله بالحال،و أنه لا يدري ان القتل الواقع كان عمدا أو خطأ،و هذا أيضا يتصور على وجهين:فانه(تارة)يدعي ان القاتل كان قاصدا لذات الفعل الذي لا يترتب عليه القتل عادة،و لكنه لا يدري انه كان قاصدا للقتل أيضا أم لا؟فهذا يدخل تحت دعوى القتل الشبيه بالعمد،و(أخرى)لا يدعي انه كان قاصدا لذات الفعل لاحتمال انه كان قاصدا أمرا آخر،و لكنه اصاب المقتول اتفاقا-فعندئذ-يدخل ذلك تحت دعوى القتل الخطائي المحض،و على كلا الفرضين تثبت الدية ان ثبت ما يدعيه،و لكنها في الفرض الاول على القاتل نفسه،و في الفرض الثاني تحمل على عاقلته.
أو انه كان شريكا مع غيره فيه،لم تسمع الدعوى الثانية،من جهة انه قد اعترف أولا بعدم كون الثاني قاتلا لا منفردا و لا مشتركا،بل لا يبعد سقوط الدعوى الاولى أيضا،باعتبار انه بالدعوى الثانية فقد كذب نفسه بالنسبة الى الدعوى الاولى،فبالنتيجة سقوط كلا الدعويين عن الاعتبار.
فان
احتمل في حقه عدم معرفته بمفهوم العمد و الخطأ،سمعت دعواه و هي القتل الخطائي،لان الدعوى الاولى بما انها ناشئة عن الجهل بمفهوم العمد و الخطأ فلا تكذب الدعوى الثانية و هي دعوى القتل الخطائي،و ان لم يحتمل ذلك، سقطت الدعوى عن اصلها،على أساس ان كلا من الدعويين حينئذ تكذب الأخرى،و كذلك الحال فيما لو ادّعى القتل الخطائي و فسّره بالعمد.
و تكفي فيه مرة واحدة،و يعتبر في المقرّ البلوغ،و كمال العقل و الاختيار و الحرّية على تفصيل فيه،فاذا أقرّ بالقتل العمدي ثبت القود،و اذا أقرّ بالقتل الخطائي ثبتت الدية في ماله لا على العاقلة،و أمّا المحجور عليه لفلس أو سفه،فيقبل اقراره بالقتل عمدا فيثبت عليه القود.و اذا أقرّ المفلس بالقتل الخطائي،ثبتت الدية في ذمته و حينئذ فهل لولي المقتول ان يشارك الغرماء؟
و الجواب:المشهور انه لا يشاركهم اذا لم يصدقوه،و لكنّه لا يخلو عن اشكال و تأمل،بل لا يبعد المشاركة،و دعوى ان امواله بما انّها اصبحت متعلقة لحق الغرماء،فلا يكون اقراره بالنسبة إليهم نافذا،لانه اقرار في حق الغير،مدفوعة بان معنى الحجر ليس كون امواله متعلقة لحق الغرماء،بحيث يكون التصرّف فيها تصرف في متعلق حقّهم،بل معناه انه ممنوع من التصرف فيها بالبيع و الشراء و النقل و الانتقال،و ملزم بامر الحاكم الشرعي بتقسيمها بينهم بنسبة حصصهم،و عند الامتناع قام الحاكم مقامه في ذلك،و على هذا
فاقرار المفلس بالقتل الخطائي لا يمس بحق هؤلاء الغرماء و لا يوجب تفويته، و بكلمة ان حكم الحاكم بحجر المفلس و منعه عن التصرف في أمواله،انما هو بدافع مصلحة الغرماء،لا بملاك انها اصبحت متعلقة لحقهم،و الفرق بين الأمرين واضح،فعلى الاول لا مانع من نفوذ اقراره بالقتل الخطائي أو الشبيه بالعمد او الدين بالنسبة الى هؤلاء،على أساس انه لا يؤدي الى تفويت حق لهم،و على الثاني فلا يكون نافذا عليهم،لانه يؤدي الى تفويت حقهم بها.
فهل لولي المقتول الأخذ باحد الإقرارين على نحو التمييز بعد ما لا يمكن الاخذ بكليهما معا،و اذا أخذه تعيّن العمل به،و لا يكون له سبيل على الآخر؟
و الجواب:الظاهر انه لا يمكن،و ذلك لان الاقرارين من جهة العلم الإجمالي بكذب احدهما فى الواقع متعارضان و متكاذبان،فلا يمكن شمول دليل الحجية لهما معا،و شموله لأحدهما المعين دون الآخر ترجيح من غير مرجح،و شموله لكل منهما مشروطا بعدم الأخذ بالآخر لتكون نتيجته التخيير، فلا يمكن أيضا لاستلزام ذلك اتصاف كل منهما بالحجية عند عدم الأخذ بهما معا، فاذا يعود محذور التعبد بالمتعارضين على تفصيل ذكرناه في محله،و عليه فلا يكون شيء من الاقرارين حجة لا تعيينا و لا تخييرا،نعم لو علم في هذه الحالة بصدق احدهما في الواقع،فهل تكون وظيفته حينئذ الرجوع الى القرعة او التخيير؟
و الجواب:ان وظيفته الرجوع الى القرعة و تعيين القاتل بها دون التخيير.
فالمشهور أنه يدرأ عنهما القصاص و الدية،و تؤخذ الدية من بيت مال المسلمين و هذا هو الأقرب،اما الاول فلان الاقرارين من جهة العلم الاجمالي بكذب احدهما في الواقع قد سقطا عن الاعتبار من جهة المعارضة كما هو الحال في المسألة السابقة،فلا فرق بين المسألتين من هذه الناحية،و في هذه الحالة لم يثبت كون القاتل المقر الاول و لا المقر الثاني،فلا يكون موضوع حينئذ للقصاص و لا للدية،و لا فرق في ذلك بين رجوع الاول عن اقراره بعد اقرار الثاني و عدم رجوعه،حيث لا قيمة للرجوع بعد الاقرار.و اما الثاني فلانّ دم المسلم لا يذهب هدرا.نعم اذا علم بصدق احدهما في الواقع، فالمرجع في تعيين القاتل حينئذ في المسألة هو القرعة،كما كان الأمر كذلك في المسألة السابقة.
و هي ان يشهد رجلان بالغان عاقلان عدلان بالقتل.
و لا بشهادة النساء منفردات،و لا بشاهد و يمين.و هل يثبت ربع الدّية بشهادة امرأة واحدة،و نصفها بشهادة امرأتين،و ثلاثة ارباعها بشهادة ثلاث نسوة،و تمامها بشهادة اربع نسوة؟
و الجواب:الأقرب عدم الثبوت،لان الثبوت كذلك مختص بباب الوصية كما تقدم،حيث يثبت ربعها بشهادة امرأة واحدة و نصفها بشهادة امرأتين و هكذا،و التعدّي عن ذلك الباب الى سائر الابواب بحاجة الى قرينة و لا توجد قرينة على ذلك.
لم يكن مستندا إلى جنايته،قبل قوله مع يمينه.
فلو اختلفا في ذلك لم تقبل،كما إذا شهد أحدهما أنه قتل في الليل، و شهد الآخر انه قتل في النهار،أو شهد أحدهما انه قتله في مكان و الآخر شهد بانه قتل في مكان آخر و هكذا.
لم يثبت القتل.
و الجواب:ان الثبوت لا يخلو عن اشكال بل منع،و ذلك لأن من شروط قبول الشهادة كما مرّ ورودها على شيء واحد،و حيث انها في المسألة لم ترد على شيء واحد،فلا تكون حجة،فان احد الشاهدين قد شهد على الإقرار بالجمع بين القتل و هي القتل العمدي،فيكون مورد شهادة احدهما غير مورد شهادة الآخر فلم تردا على مورد واحد،و دعوى ان الشهادة على الاقرار بالحصة بما انها تنحل الى شهادتين:احداهما على الاقرار بالجامع و الاخرى على الاقرار بالخصوصيّة،فيكون الجامع موردا لشهادة كلا الشاهدين معا،مدفوعة بان انحلال الشهادة على الحصّة الى شهادتين انحلال عقلي بتحليل من العقل في عالم الذهن على اثر انحلال متعلقها،و هو الحصة الى جزءين عقليين هما:الجامع المتمثل في الجنس و الخصوصية المتمثلة
في الفصل و لا موطن لهما الا عالم الذهن،و اما في عالم الخارج فالحصة موجودة بوجود واحد،و الشهادة المتعلقة بها شهادة واحدة في الخارج لفظا و معنى،و لا يعقل تعدّدها فيه،و اما الشهادة التحليلية في عالم الذهن فلا قيمة لها،حيث لا وجود لها الا الوجود التصوري الذهني.
و مثل ذلك ما لو شهد احدهما بالقتل متعمدا و شهد الآخر بمطلق القتل،فانّه لا يثبت لا القتل المتعمد و لا مطلق القتل الجامع،باعتبار ان مورد شهادة كل منهما غير مورد شهادة الآخر،و قد مر ان الشهادة على الحصّة لا ترجع الى الشهادة على الجامع حتى تجتمعان على مورد واحد،و للولي في كلا الفرضين ان يقوم باثبات القتل على المتهم منهما بالقسامة اذا كان هناك لوث على تفصيل سوف نشير إليه.
فقد مر ان الشهادتين بما انهما لم تردا على مورد واحد لم يثبت القتل،لا القتل الجامع حتى يكون مكلفا بالتعيين،و لا حصة خاصة منه،و لكن في هذه الحالة اذا انكر المشهود عليه القتل العمدي،فيكون هذا اعترافا منه بالقتل الخطئي،و حينئذ فالثابت عليه الدية دون القصاص،نعم لو ادعى الولي القتل العمدي عندئذ،فعلية اثباته بالبينة.
ثم اقام المدعي على ذلك بالبينة،و بعد هذا شهد المشهود عليهما بان الشاهدين هما القاتلان له،و حينئذ فان لم يصدقهما الولي فلا أثر لشهادتهما،باعتبار اتهامها بانّهما أرادا من وراء ذلك
دفع الضرر عن انفسهما فلا تقبل شهادتهما،و للولي عندئذ الاقتصاص منهما او من احدهما على تفصيل قد تقدم،و ان صدقهما سقطت الدعوى رأسا، باعتبار ان تصديق ولي المقتول شهادة المشهود عليهما و قبولها على الشاهدين ينافي دعواه القتل أولا على المشهود عليهما و يكذبها،فبالنتيجة انه يكذب نفسه،فلذلك تسقط بسقوط موضوعها.
و حينئذ فان كانت الشهادة بعد الاندمال قبلت،و أما اذا كانت قبله،فقيل لا تقبل، و لكن الأظهر القبول،و دعوى ان شهادتهما لو كانت قبل الاندمال كانت موردا للتهمة،فلا تقبل،على اساس احتمال ان اداءها انما كانت من اجل الدية لا للّه تعالى،مدفوعة بان المانع عن قبول الشهادة امران:احدهما فسق الشاهد و عدم عدالته،و الآخر انطباق العناوين الخاصّة عليه كالظنين و المتهم و الخائن و دافع المغرم و المريب و السائل بالكفّ،فان انطباقها عليه مانع عن قبول شهادته،و اما اذا كان عادلا و لا ينطبق عليه شيء من تلك العناوين،فلا مانع من قبول شهادته كشهادة الرجل لزوجته و بالعكس،و شهادة الأب لابنه أو لأخيه او لسائر اقاربه او العكس،و مجرد احتمال التهمة فيها لا قيمة له بعد ما كانت الشهود عادلة،و قد تسأل انه ورد في بعض الروايات عدم قبول شهادة المتهم؟
و الجواب:ان المراد فيه في الرواية من لم تثبت عدالته،لا مجرد احتمال أن شهادته من اجل كسب النفع لا للّه.
فان كان المشهود به القتل عمدا أو شبه عمد قبلت،و طرحت شهادة الشاهدين،
و ان كان المشهود به القتل خطأ،لم تقبل شهادتهما،على اساس ان شهادتهما من شهادة دافع المغرم فلا تقبل.
سقط القصاص عنهما جزما،و كذا الدية،و قيل وجبت الدية عليهما نصفين،و فيه اشكال بل منع.
و احتمل اشتراكهما في القتل،كان للوليّ قتل المشهود عليه،و على المقرّر ردّ نصف الدية الى ولي المشهود عليه،على اساس أن النص في المسألة يدلّ على أن الناتج من ضم الاقرار الى البينة اشتراك المقر و المشهود عليه في القتل حكما،و حينئذ فيجري عليهما حكم الاشتراك فيه،غير ان الولي إذا اقتص من المقر فقط، فليس لورثته اخذ نصف الدية من المشهود عليه،تطبيقا لقاعدة ان المقر يؤخذ بمقتضى اقراره،و هو انه القاتل فحسب دون غيره،و أمّا اذا اقتص من المشهود عليه،فعلى المقر ان يرد نصف الدية الى ورثته لمكان الاشتراك،و له قتلهما بعد أن يرد إلى وليّ المشهود عليه نصف ديته،و لو عفا عنهما و رضى بالدية كانت عليهما نصفين.و أما إذا علم أن القاتل واحد،فالظاهر جواز قتل المقرّ،أو أخذ الدية منه بالتراضي دون المشهود عليه،على اساس ان بناء العقلاء في امثال المقام تقديم الاقرار على البينة.
قيل بعدم صحة العفو،حيث أن حقه لم يثبت فيكون العفو عفوا عما لم يثبت،و لكن الظاهر هو
الصحة،باعتبار انه لو كان له حق في الواقع لسقط بعفوه و إن لم يثبت عند الحاكم،و لو ثبت عنده بعد العفو لم يترتّب عليه أثر.
فان أقام البينة على مدعاه فهو،و إلاّ فان لم يكن هنا لوث،طولب المدعي عليه بالحلف،فان حلف سقطت الدعوى،و إن لم يحلف كان له ردّ الحلف إلى المدّعي،و ان كان هناك لوث طولب المدّعي عليه بالبينة،فان أقامها على عدم القتل فهو،و إلاّ فعلى المدّعي الاتيان بقسامة خمسين رجلا لاثبات مدعاه،و الا فعلى المدعي عليه القسامة كذلك،فان أتى بها سقطت الدعوى، و إلاّ الزم الدعوى،ثم ان القسامة لم تجعل في كل مورد من موارد دعوى الدم، و انما جعلت احتياطا للدماء اذا كان المدعى عليه فاسقا و فاجرا و متهما بالشر،و هذا هو معنى اللوث.
فيه وجهان،الأظهر هو الثبوت.
و قد تسأل ان القتل الشبيه بالعمد هل هو ملحق بالخطإ المحض؟
و الجواب:نعم لانه خطأ في الحقيقة،و عليه فان أقام المدعي خمسين رجلا يقسمون فهو،و إلاّ فالمشهور تكرير الأيمان عليهم حتى يتمّ عدد القسامة،و هو بعيد و لا يمكن إتمامه بدليل،و حينئذ فعلى المدعى عليه المتهم بالقتل ان يحلف خمسين يمينا باللّه ما قتلناه،و لا علمنا له قاتلا فان كان المدعى عليه واحدا او متعددا و لكن اقل من عدد القسامة،كرر الحلف الى خمسين يمينا،و إن كان عدده بقدر عدد القسامة،حلف كلهم،فان فعل ذلك فالدية على القرية التي وجد القتيل فيها،و إن وجد في ارض فلاة أو سوق او غير ذلك،فديته من بيت المال،و من هنا يختلف المدعي عن المدعي عليه، فان المدعي اذا لم يتمكن من اقامة خمسين رجلا يقسمون على إثبات ما ادعاه، لم يكف تكرار حلفه الى خمسين يمينا.
فقد مرّ ان الاظهر انه لا قسامة عليهم،بل هي على المدّعى عليه.
فإن لم يكمل كرّرت عليهم الأيمان حتى يكمل عددها،و هذا هو الاظهر،و أما اذا كان اكثر من واحد،بمعنى ان الدعوى كانت متوجّهة الى كل واحد منهم،فعلى كل واحد منهم قسامة خمسين رجلا.
و حلف المدّعي عليه،سقطت الدعوى،و لا شيء على المدّعي عليه،و تعطي الدية لورثة المقتول من بيت المال.
،و في عددها في الجروح خلاف.قيل خمسون يمينا ان بلغت الجناية فيها الدية كاملة،و إلاّ فبحسابها،و قيل ستة أيمان فيما بلغت ديته دية النفس،و ما كان دون ذلك فبحسابه،و هذا القول هو الصحيح.
وجهان قيل:تقبل و هو لا يخلو من اشكال بل منع،لاختصاص جعل القسامة بما اذا كان القتيل مسلما.
اغرم اهل تلك القرية الدية،إذا لم توجد بيّنة على اهل تلك القرية انهم ما قتلوه،و إذا وجد بين قريتين،ضمنت الأقرب منهما.
و الضابط أن لا يكون مما يستند القتل فيه الى شخص خاص،أو جماعة معينة،أو قرية معلومة،فديته من بيت مال المسلمين.
فلو ادّعى القتل العمدي و حلف على القتل الخطئي،فلا أثر له.
فله أن يطالب كلا منهما بالبيّنة على عدم كونه قاتلا،اذا كان هناك لوث فيهما،فان أقام كل منهما البينة على ذلك فهو،و ان لم تكن لهما بيّنة،فعلى المدعي القسامة،و ان لم يأت بها فعليهما القسامة،و إن نكلا ثبتت الدية دون القود،على أساس ان القاتل في الواقع احدهما لا كليهما معا.
فله أن يطالبهما بالبينة مع اللوث،فان أقاما البينة على عدم صدور القتل منهما فهو،و إلاّ فعلى المدّعي الاتيان بالقسامة،فان أتى بها على أحدهما دون الآخر،فله قتله بعد ردّ نصف الدية إلى أوليائه،كما ان له العفو و أخذ نصف الدية منه،و إن أتى بها على كليهما،فله قتلهما بعد أن يردّ الى اولياء كل منهما نصف الدية،كما ان له مطالبة الدية منهما،و ان نكل فالقسامة عليهما،فان أتيا بها سقط عنهما القصاص و الدّية،و ان أتى بها احدهما سقط عنه ذلك،و للوليّ ان يقتل الآخر بعد ردّ نصف ديته الى أوليائه،و له أن يعفو عنه و يأخذ نصف الدية،و ان نكلا معا،كان للولي قتلهما معا بعد ردّ نصف دية كل منهما الى اوليائه،او مطالبة الدية منهما.
فعلى المدعي اقامة البيّنة بالإضافة الى من ليس فيه لوث،و إن لم يقم،فعلى المنكر اليمين،و اما بالإضافة الى من فيه لوث،فالحكم فيه كما سبق.
فان كان فيه لوث فعليه البينة،فان اقامها، فهو و إلاّ فعلى المدعي القسامة،فان جاء بها،ثبت حقه،و لو حضر الغائب، فان لم يدّع شيئا انحصر الحق بالحاضر،و إن ادّعى مع اللوث،فان لم يقم المدعى عليه البيّنة،كان عليه القسامة بمقدار حصته،و لا فرق في ذلك بين كون الدعوى القتل العمدي،أو الخطئي،و كذلك الحال اذا كان أحد الوليّين صغيرا و ادّعى الكبير على شخص انه القاتل،فان الصغير إذا بلغ و لم يدع شيئا،كان الحق منحصرا بالكبير،و ان ادّعى مع اللوث،كان عليه القسامة
بمقدار حصته.
بان ادّعى ان القاتل غيره،او انه اقتصر على نفي القتل عنه،لم يقدح هذا في دعوى الاول،و يمكنه اثبات حقه بالقسامة،اذا لم تكن للمدّعي عليه بينة على عدم كونه قاتلا،هذا إذا لم يكن تكذيب الآخر أو نفي كونه قاتلا موجبا لازالة اللوث عنه،و إلاّ فلا قسامة.
و لو مات أثناء الأيمان كان على الوارث ان يأتي بالقسامة مستأنفة،فلا اعتداد بالايمان الماضية.
فاذا صدق المدعي المقرّ في اقراره،فهل هو مخير بين البقاء على مقتضى القسامة أو العمل على مقتضى الاقرار فيه وجهان،فذهب الشيخ في الخلاف الى الاول حتى و لو كان الاقرار قبل استيفاء الحق من المدّعي عليه ،و لكنه لا وجه له،فانه اذا صدّق المدّعي المقر،سقطت دعواه الاولى أيضا.
أو كان مريضا أو نحو ذلك مما لا يتمكن معه من القتل،بطلت القسامة و ردّت الدية،على اساس تقدم البيّنة على الحلف،و كذلك الحال فيما اذا اقتص منه،فان ديته تؤخذ منه.
فيه قولان:فذهب جماعة الى انه يحبس ستة ايام،فان جاء اولياء المقتول في تلك المدّة بما يثبت به القتل كالبيّنة فهو و إلاّ خلى سبيله،و لكنّه لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد عدم
جوازه،الا إذا رأى الحاكم الشرعي مصلحة فيه.
و الجواب:ان الثابت له فيه الولاية على القصاص الاّ في صورة واحدة، و هي ما اذا قتل رجل امرأة،فان في هذه الصورت يتخير ولي المقتول بين القصاص و المطالبة بالدية،و اما فيما عداها فالثابت له الولاية على القصاص فحسب،و اما الدية فهي بديلة له في حالتين:
1-حالة تعذر القصاص و عدم امكانه لسبب أو آخر.
2-حالة التراضي بها بين الولي و القاتل،فاذا طالب الولي القاتل بالدية و رضى بها،سقط عنه القصاص و تثبت الدّية.و يجوز لهما التراضي على اقل من الدية،أو على اكثر منها،نعم اذا كان الاقتصاص يستدعي الرد من الولي،كما اذا قتل رجل امرأة،كان ولي المقتول مخيرا بين القتل و مطالبة الدية.
انتقل الأمر الى الدية،فان كان للقاتل مال،فالدية في ماله،و إلاّ أخذت من الاقرب فالأقرب إليه،و ان لم يكن ادى الامام عليه السّلام الدية من بيت المال.
حبس المخلص حتى يتمكن من القاتل،فان مات القاتل او لم يقدر عليه،فالدية على المخلص.
و من يتقرّب بالأم،و أما النساء فليس لهن عفو و لا قود.
و الأولى الاستئذان من الامام عليه السّلام و لا سيما في قصاص الاطراف.
و الجواب:الظاهر هو الثاني دون الاول،بقرينة ما ورد في جملة من الروايات،من انه اذا عفى بعض اولياء المقتول عن القاتل دون جميعهم،درئ عنه القتل و طرح عنه الدية بقدر حصة من عفا،فاذا كانت الأولياء متمثلة في ثلاثة مثلا سقط عنه الدية بنسبة الثلث و هي حصته،و الثلثان الباقيان من اموال القاتل الى الذين لم يعفو،باعتبار تعذر القصاص و امتناعه بالنسبة إليهم،و قد مرّ انه في هذه الحالة ينتقل الامر الى بديلة و هو الدية،و من الواضح ان هذا يدل على اشتراكهم في حق الاقتصاص و عدم ثبوته لكل واحد منهم مستقلا،و إلاّ فلا معنى لسقوطه عن الكل باعفاء البعض،هذا من جانب و من جانب آخر ما ورد في بعض الروايات،من انه اذا اقتص بعض الاولياء من القاتل ضمن حصته الآخرين من الدية،و حينئذ فان طالبوه بها فعليه دفعها إليهم،و ان عفو فعليه دفعها إلى ورثة الجاني،و هذا يدل بوضوح
على انه مشترك بينهم،و إلاّ فالضمان يكون على خلاف القاعدة،و قد تسأل ان حق الاقتصاص اذا كان مشتركا بين جميع الاولياء فنتيجته عدم جواز اعمال كل واحد منهم هذا الحق بدون إذن الآخرين،فلو اقتص واحد منهم من القاتل بدون اذن الباقين لكان ظلما،و لا يبعد استحقاقه القصاص باعتبار انه قتل بدون مبرر؟
و الجواب:ان مقتضى القاعدة و ان كان كذلك،الا ان المستفاد من النصوص جواز ذلك مع ضمان حق الآخرين،و نظير ذلك ما اذا تعدد القاتل، فانه يجوز لولي المقتول ان يقتل الجميع قصاصا مع ضمان دية كل واحد منهم بنسبة خاصة،على اساس ان استحقاق الكل للقتل انما هو بنسبة معيّنة كالنصف او الثلث او الربع او الخمس و هكذا،و على ذلك فاذا كان القاتل لشخص واحد متمثلا في اثنين و قتلهما معا قصاصا،ضمن لكل منهما نصف ديته،و اذا كان متمثلا في ثلاثة و قتلهم جميعا كذلك،ضمن لكل واحد منهم ثلث ديته و هكذا.
عرض على قرابته من اهل بيته الاسلام،فمن أسلم فهو وليه و يدفع القاتل إليه،فإن شاء قتل،و ان شاء أخذ الدية،و ان شاء عفا،و ان لم يسلم منهم أحد،فأمره الى الامام عليه السّلام فان شاء قتله،و ان شاء أخذ الدية منه،و ليس له عليه السّلام ان يعفو.
و لكنه لا يخلو عن اشكال،بل لا يبعد جواز الاقتصاص بغيره من الآلات القاتلة.
و له أن يتولاه مباشرة، أو بتسبيب غيره مجانا أو بأجرة.
و الجواب:انه يجوز كما مر،و لا يجب عليه ان ينتظر الى حضوره او يطلب منه الدية،و كذلك الحال اذا كان بعضهم صغيرا.
قولان:لا يبعد الجواز،و لا سيما اذا اقتضت المصلحة أخذ الدية من القاتل،او المصالحة معه في أخذ شيء.
لم يجز له الاقتصاص من القاتل حينئذ، و لا فرق في ذلك بين ان يصدقه شريكه في ذلك أو لا،و هل تقبل دعواه ذلك على الشريك؟
و الجواب:لا تقبل الا بالبيّنة،لانه اقرار في حق الغير فلا يكون نافذا.
كما جاز له العفو عنه،و يجوز له أخذ الدية بالتراضي.
وجب صرفها في ديون المقتول و اخراج وصاياه
منها،و هل لهم الاقتصاص من دون ضمان ما عليه من الديون؟فيه قولان الاظهر هو الاول.
فان كان قتله خطأ،أو شبه عمد،فليس لاولياء المقتول عفو القاتل،او عاقلته عن الدية،الا مع اداء الدين او ضمانه،و ان كان القتل عمدا،فلاوليائه العفو عن القصاص و الرضا بالدية،و ليس لهم العفو عن القصاص بلا دية،فان فعلوا ذلك ضمنوا الدية للغرماء.نعم اذا اقتصوا منه لم يضمنوا شيئا.
فان استوفى الجميع مباشرة او تسبيبا فهو،و ان رضى اولياء احد المقتولين بالدية و قبل القاتل،أو عفوا عن القصاص مجانا،لم يسقط حق اولياء الآخر،فلهم الاقتصاص منه.
فان كان الوكيل قد علم بانعزاله و مع ذلك أقدم على قتله فعليه القود،و ان لم يكن يعلم به فلا قصاص و لا دية،و أما لو عفا الموكل القاتل و لم يعلم به الوكيل حتى استوفى،فعليه الدية و لكن يرجع بها الى الموكل، و كذلك الحال فيما اذا مات الموكل بعد التوكيل و قبل الاستيفاء.
أو كان الحمل عن زنا،و لو توقفت حياة الطفل على ارضاعها اياه مدة،لزم تأخير القصاص الى تلك المدة،و لو ادعت المرأة الحمل هل يقبل قولها؟
و الجواب:انه يقبل على المشهور،الا اذا كانت هناك أمارة على كذبها،
و لكنه لا يخلو عن اشكال بل منع،و حينئذ فيجوز الاقتصاص منها،هذا اضافة الى ان الطريق الى احراز حملها غير مسد إذ يمكن احرازه من طريق النساء بالطرق التقليدية و من طريق الاطباء بالطرق الحديثة المتطورة.
نعم ان أوجب ذلك تلف الحمل ففيه الدية،و هي تحمل على العاقلة، باعتبار ان تلف الحمل مستند الى الخطأ،هذا شريطة ان يكون ذلك بعد ولوج الروح فيه حتى يصدق عليه القتل،و اما اذا كان قبله فبما انه لا يصدق عليه عنوان القتل،فلا يكون مشمولا لدليل القتل الخطائي،و عليه فتكون ديته قبل ولوج الروح على المقتصّ نفسه.
و الجواب:ان هذا هو المشهور بين الاصحاب توصلا الى استيفاء كلا الحقين معا و عدم جواز التفويت،و لكنه لا يخلو عن تأمل بل منع،اذ لا دليل على تقييد ولاية اولياء المقتول و سلطنتهم بما بعد قطع اليد،نعم اذا اراد من قطعت يده الاقتصاص من الجاني قبل قتله،لم تجز مزاحمته في ذلك،و اذا قتله اولياء المقتول قبل قطع يده،فهل تثبت الدية في ماله أم لا؟وجهان و لا يبعد ثبوتها فيه،كما مرّ في قتل شخص اثنين،على اساس ان القصاص اذا تعذر انتقل الامر الى بديلة و هو الدية،و لا فرق فيه بين قصاص النفس و قصاص الطرف.
وجبت الدية في مال
الجاني،و دعوى ان الواجب عليه نصف الدية،لان قصاص اليد منه بدل عن النصف الاخر،مدفوعة بانه لا دليل على ان القصاص بدل عن نصف الدية، و قد تسأل ان من قطعت يده اذا أخذ دية يده من الجاني بالتراضي ثم مات بالسراية،فهل على الجاني تمام الدية او نصفها،بدعوى ان دية اليد تقع بدلا عن نصفها الآخر؟
و الجواب:الاقرب ان عليه تمام الدية،على اساس ان دية النفس مستندة الى القتل الشبيه بالعمد و هو القتل بالسراية،التي هي فعل الجاني بالواسطة لا عن قصد،و دية اليد مستندة الى التراضي بديلا عن القصاص، باعتبار ان قطع اليد بفعل الجاني عن قصد و عمد مباشرة و المترتب عليه القصاص،فالنتيجة ان الجنايتين مستندتان الى فعلين لا الى فعل واحد لكي تتداخل الديتان.
فقد تكون السراية في طرف المجني عليه أولا ثم في الجاني،و اخرى تكون بالعكس،اما على الاول فالمشهور أن موت الجاني يقع قصاصا،و على الثاني يكون هدرا و لكن في كليهما اشكال بل منع،اما في الاول فلما مر من ان القتل المستند الى السراية هنا ليس في حكم القتل العمدي،بل هو في حكم القتل الشبيه بالعمد و الثابت فيه الدية،و اما في الثاني فلان موت الجاني بالسراية ليس مضمونا،بلا فرق بين ان يكون بعد موت المجني عليه او قبله،فالأظهر في المقام التفصيل بين ما إذا كان كل من الجاني و المجني عليه قاصدا للقتل،أو كان الجرح مما يقتل عادة،و بين ما إذا لم يكن كذلك،فعلى الثاني تثبت الدية في مال الجاني للمجني عليه،و أما على
الاول ففيه حالات:
الاولى:ان يقصد الجاني بقطع يد المجني عليه قتله،او كان يعلم بسبب حالته الصحية و تدهورها انه قاتل له عادة،بينما ان المجني عليه لا يقصد بقطع يد الجاني قصاصا قتله،او كان يعلم بحسب حالته الصحية انه غير قاتل له عادة،ففي هذه الحالة اذا مات المجني عليه قبل الجاني،كان لوليّه الاقتصاص منه ،و اما اذا مات الجاني بالسراية قبل الاقتصاص منه،فينتقل الامر الى الدية، على اساس ان الاقتصاص اذا لم يكن بسبب او آخر كان المتعين الدية،لان دم المسلم لا يذهب هدرا،و لا دية لموت الجاني بالسراية،على اساس انه مقتول بالقصاص،و من قتله القصاص فلا دية له.
الثانية:عكس الحالة الاولى تماما،ففي هذه الحالة اذا مات الجاني بالسراية قبل المجني عليه،كان لوليه حق الاقتصاص منه،على اساس انه قاتل له عمدا،فاذا اقتصّ منه فقد استوفى حقه و لا شيء على الجاني.نعم اذا مات المجني عليه بالسراية لا بالاقتصاص قبل الجاني،كانت ديته في ماله باعتبار ان موته مستند الى جنايته،فيكون من القتل الشبيه بالعمد،و بعد ذلك اذا مات الجاني كانت ديته في مال المجني عليه بملاك ان موته مستند إليه عمدا.
الثالثة:ان يقصد كل من الجاني و المجني عليه قتل الآخر او كان يعلم ان الجناية كانت بما يوجب القتل عادة،ففي هذه الحالة اذا مات المجني عليه قبل الجاني،كان لوليه حق الاقتصاص منه،فاذا اقتص منه فقد استوفى حقه و لا شيء عليه،و اذا مات الجاني قبل المجني عليه،كان لوليه حق الاقتصاص منه كذلك،و اما اذا مات الجاني قبل الاقتصاص منه في الفرض
الاول او مات المجني عليه قبل الاقتصاص فى الفرض الثاني،كانت لكل منهما دية في مال الآخر و تسقطان بالتهاتر.
بسبب حالته المرضية التي لا تتحمل مثل هذا الجرح،كما اذا كان مصابا بالسكّر او غيره،فهل يجوز الاقتصاص منه في هذه الحالة؟
و الجواب:لا يجوز و ينتقل الامر حينئذ الى الدية،و اما اذا فرض انه لا يؤدي الى ذلك و لكنه يؤدي الى توسعة الجرح و عمقه الى مواضع اخرى بالسراية و لا يندمل،اما اصلا او الى مدة طويلة،بحيث يكون تحمله عليه عسريا،فهل يجوز الاقتصاص في هذه الحالة؟
و الجواب:الاقرب الجواز،لاطلاق ادلة القصاص،و لكن مع هذا فالاحوط و الاجدر التراضي بينهما بالدية بدل القصاص.
فلو قتله قبل موته كان قتله ظلما و عدوانا،فيجوز لوليّ الجاني المقتول الاقتصاص منه،كما أن له العفو و الرضا بالدية،و اما دية المجني عليه بعد موته فهي من مال الجاني.
قيل ان كانت يده قطعت في جناية جناها،أو أنه أخذ ديتها من قاطعها،فعلى وليّ المقتول ان أراد الاقتصاص ان يردّ دية يده إليه،و إلاّ فله قتله من غير ردّ،و لكن الاظهر عدم الردّ مطلقا لاطلاق النصوص.
قيل ليس للولي قتله حتى يقتص هو من الولي بمثل ما فعله،و لكن الأظهر أن ما فعله الولي ان كان سائغا،كما اذا ضربه بالسيف مثلا في عنقه فظن انه قتله فتركه،و لكنه لم يتحقق به القصاص،جاز له ضربه ثانيا قصاصا،و ان كان ما فعله غير سائغ،جاز للمضروب الاقتصاص منه بمثل ما فعله.
فصل
و هي تتحقق بالعمد الى فعل ما يتلف به العضو عادة،أو بما يقصد به الاتلاف،و إن لم يكن مما يتحقق به الاتلاف عادة.
و أن لا يكون الجاني والد المجني عليه.و يعتبر فيه أيضا أمران:
الأوّل:التساوي في الحرية و الرقية،فلا يقتص من الحر بالعبد.
كما أن له استرقاقه ان كان الجراحة تحيط برقبته،و إلاّ فليس له استرقاقه إذا لم يرض مولاه،و لكن-عندئذ-ان افتداه مولاه و أدّى دية الجرح فهو،و إلاّ كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جرحه،و الباقي لمولاه،فيباع العبد و يأخذ المجروح حقه،و يردّ الباقي على المولى.
فان كانت الجناية قطع يده-مثلا-وجب عليه نصف قيمته،و إن سرت فمات المملوك فعليه تمام القيمة،و لو تحرّر فسرت الجناية الى نفسه، فمات بعد تحرّره فعلى الجاني دية الحرّ،و لمولاه قيمة الجناية من الدية و الباقي لورثته،و ان كانت القيمة اكثر من دية ذلك العضو،فليس للمولى الا مقدار الدية دون قيمة الجناية،و ان كانت اقل فللمولى قيمة الجناية،هذا إذا لم تنقص قيمة الجناية بالسراية،و أما إذا نقصت بها،كما لو قطع يد مملوك و قطع آخر يده الاخرى،و قطع ثالث رجله،ثم سرى الجميع فمات،سقطت دية الاطراف و دخلت في دية النفس،ففي هذه الصّورة تنقص قيمة الجناية بالسراية من النصف الى الثلث،باعتبار ان المولى حينئذ يستحق تمام قيمة العبد،و بما انها توزع على اشخاص ثلاثة نظرا الى ان موته مستند الى جناياتهم جميعا،فبطبيعة الحال تنقص قيمة جناية كل واحد منهم من النصف الى الثلث،و عندئذ فليس للمولى إلاّ ذلك الناقص،و هو ثلث الدية، و لا يلزم الجاني باكثر منه.
فللمولى على الجاني الأول نصف قيمة العبد على أن لا تجاوز نصف دية الحرّ،و على الجاني الثاني القود،فان اقتص منه،فعلى المقتص أن يردّ إلى ولي المقتص منه نصف دية الحرّ.
كان عليه أن يردّ قيمة الجناية الاولى الى مولاه،و أما بالإضافة الى الجناية الثانية، فكان للعبد المعتق الاقتصاص من الجاني بقطع رجله،و ان عفا و رضي بالدية كانت له،و لا صلة للمولى بها اصلا.
الثاني:التساوي في الدين.فلا يقتصّ من مسلم بكافر،فلو قطع المسلم يد ذمي-مثلا-لم تقطع يده و لكن عليه دية يد الذميّ.
و ان جنى الرجل على المرأة اقتصت المرأة منه بعد ردّ التفاوت إليه إذا بلغت دية الجناية الثلث و إلا فلا،فلو قطع الرجل اصبع امرأة،جاز لها قطع اصبعه بدون ردّ شيء إليه،و لو قطع يدها،جاز لها قطع يده بعد ردّ نصف دية يده إليه.
فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء و ان بذل الجاني يده للقصاص.
و هو لا يخلو من اشكال بل لا يبعد عدمه،اذ لا دليل عليه ما عدا دعوى الاجماع في المسألة،و لكن لا يمكن اثباتها بهذه الدعوى،و أمّا اليد الشلاء فتقطع باليد الصحيحة بلا اشكال،إلاّ أن يحكم أهل الخبرة انها لا تنحسم، فعندئذ لا يجوز قطعها و تؤخذ الدية كما مرّ.
و الجواب:نعم على الاقرب،لصدق المماثلة عليهما عرفا عند فقد اليمنى،و ان لم تكن له يسار فهل تقطع رجله ان كانت؟
و الجواب:المشهور و ان كان ذلك و لكنه لا يخلو عن اشكال بل منع، لعدم صدق المماثلة عليهما،و حينئذ فالأقرب الرجوع فيه إلى الدية.
كان حكمه في
الاقتصاص و أخذ الدية حكم من قتل جماعة على التعاقب على تفصيل تقدم في قصاص النفس.
و إذا اقتصّ من احدهما ردّ الآخر نصف دية اليد الى المقتص منه،كما أن له مطالبة الدية منهما من الاول.
و يعتبر فيه التساوي طولا و عرضا،و أما العمق فالعبرة فيه بحصول الاسم.
بأن كان القصاص بمقدار الجرح.و اما اذا كان غير مضبوط و موجبا لتعرض النفس للهلاك،أو زيادة في الجرح،أو تلف العضو،كالجائفة،و المأمومة، و الهاشمة،و المنقلة،و نحو ذلك،لم يجز و ينتقل الأمر فيها الى الدية الثابتة بأصل الشرع،أو بالحكومة.
و على هذا فلو اقتص من الجاني ثم سرت الجناية فمات المجني عليه،كان لوليه أخذ الدية من الجاني فيما إذا لم يكن القتل مقصودا،و لم تكن الجناية مما يقتل غالبا،و إلاّ كان له قتل الجاني أو أخذ الدية منه،فان قتله كان عليه دية جرحه.
و كيفيته ان يقاس محل الشجة طولا و عرضا بمقياس دقيق و بعد ذلك يقاس بنفس هذا المقياس موضع الاقتصاص من الجاني طولا و عرضا و يعلم طرفاه ثم يشرع
في الاقتصاص من إحدى العلامتين الى العلامة الأخرى بلا زيادة و نقيصة.
و إلاّ لم يجب.
فالظاهر عدم الاعتبار و جواز الاقتصاص بأي آلة كانت.
لم يجز له أن يقتص من عضوه الآخر عوضا عن الزائد،بل يجب عليه الاقتصار في القصاص على ما يتحمل ذلك العضو، و هل يرجع في الزائد الى الدية بالنسبة؟
و الجواب:انه لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد عدم جوازه،و كذا الحال اذا كان عضو المجني عليه صغيرا و استوعبته الجناية و لم تستوعب عضو الجاني،فيقتصر في الاقتصاص على مقدار مساحة الجناية.
ثم ألصق المجني عليه عضوه المقطوع بمحله،فالتحم و برأ جاز للجاني ازالته،و كذلك الحال في العكس.
المشهور عدم السقوط،و لكن الأظهر هو السقوط و انتقال الأمر الى الدية.
كان المجني عليه بالخيار بين قلع احدى عيني الصحيح و أخذ نصف الدية منه،و بين العفو و أخذ تمام الدية،و أما لو كان أعور بجناية جان ،فهل هو كالاعور خلقة أو بآفة في الحكم؟
و الجواب:لا يبعد و ان كان الاحوط ان يكون اخذ نصف الدية منه او تمامها عند العفو بالتراضي.
و إلا انتقل الأمر إلى الدية.
و ما شاكل ذلك.
و لا فرق فيه بين ذكر الشاب و الشيخ،و الأغلف و المختون،و غير ذلك.و المشهور أنه لا فرق بين الصغير و الكبير و هو الأقرب،و دعوى انه لا قود لمن لا يقاد منه،و حيث ان الصغير لا يقاد منه،فلا قود له لا في قتل نفسه و لا في قطع اطراف، مدفوعة بان عمومه لقصاص الأطراف لا يخلو عن إشكال بل منع،و الظاهر اختصاصه بقصاص النفس،و شموله للأطراف بحاجة الى قرينة و لا قرينة عليه.
و هو لا يخلو من اشكال بل الظاهر ثبوت القصاص،و عدم الفرق بين الصحيح و
المعيب.
فان قطعت اليمنى اقتص من اليمنى و ان قطعت اليسرى فمن اليسرى.
فان قطعت امرأة الشفرين من امرأة أخرى،فلها الاقتصاص منها بالمثل،و كذلك الحال اذا قطعت احداهما،و اما اذا قطعهما الرجل،فلا قصاص و تجب عليه ديتهما، كما انها لو قطعت ذكر الرجل،فلا قصاص و عليها الدية،و قد تسأل ان الرجل لو قطع فرج امرأته و امتنع عن الدية،و طالبت امرأته قطع ذكره، فهل يقطع؟
و الجواب:قد يقال كما قيل انه يقطع،و لكنه لا يخلو عن اشكال بل منع،إذ ليس لامرأته ان تطالب بذلك،بل لها المطالبة بالدية،فاذا امتنع عنها ترجع الى الحاكم الشرعي.
و ان سقط منه شيء و تناثر لحمه،و الأنف الشام بالعادم و الاذن الصحيحة بصماء،و الكبيرة بالصغيرة و الصحيحة بالمثقوبة أو المخرومة،و ما شاكل ذلك.
فان كان المقطوع نصف الأنف،قطع من الجاني نصف انفه،و ان كان اقلّ أو اكثر،فكذلك بالنسبة ان امكن،و إلاّ فالدية.
و لو عادت السن المقلوعة قبل القصاص اتفاقا كما كانت،فهل يكون له القصاص أو الدية؟
فيه وجهان،الأقرب فيه القصاص على اساس انه هبة جديدة من اللّه تعالى،فلا يسقط القصاص بذلك.
و اما اذا لم تعد أصلا،فهل فيها القصاص؟
و الجواب:نعم على المشهور و هو الاقرب،و دعوى انه لا قصاص فيها على اساس ما تقدم من انه لا قود لمن لا يقاد منه،مدفوعة بنفس ما مرّ.
فليس له قلعها مرة أخرى.
و لكنه لا يخلو من اشكال بل لا يبعد عدمه.
نعم لا يبعد جواز قلع الزائدة بالزائدة حتى مع تغاير المحلين،و كذلك الحال في الاصابع الاصلية و الزائدة.
فاذا قطع من له إصبع واحدة إصبعين من شخص،قطعت الاصبع الواحدة قصاصا عن احداهما و أخذت دية الأخرى،و كذلك الحال فيما اذا
قلع عين شخص من لا عين له.
أو ليس له بعضها قطعت كفه،و هل اخذت فيه دية الناقص فيه اشكال،و الأقرب عدم جواز أخذ الدية،و أما إذا كان الناقص عضو المجني عليه،كما إذا قطعت يده الناقصة إصبعا واحدة،أو أكثر،فهل له قطع يد الجاني الكاملة أم لا؟
فيه أقوال:الظاهر أن له القطع من دون وجوب رد شيء عليه.
و فيه اشكال،و الاظهر عدم ثبوته،و انما له قطع اصبع الجاني و أخذ دية الكف منه لما مرّ،من ان الجناية بالسراية اذا كانت اتفاقية لا مقصودة من الجناية الشبيهة بالعمد لا من العمد و الثابت فيها الدّية دون القصاص،نعم اذا كانت مقصودة او كانت الجناية مما تسري و تؤدي الى جناية اخرى عادة،فليس له القصاص في الأصبع و أخذ دية الكف،بل هو بالخيار بين القصاص في تمام الكف و بين العفو و أخذ الدية مع التراضي،كما هو الحال فيما اذا سرت الجنابة و أدت الى الموت،فان نفس هذا التفصيل موجودة هناك.
و لو قطع معها بعض الذراع،فالمشهور انه يقتص من الكوع و يأخذ الدية من الزائد حكومة،و لكن لا وجه له،بل الظاهر هو القصاص من بعض الذراع، باعتبار ان الجناية واحدة و بما انها عمدية،فالثابت فيها القصاص ان امكن، و إلاّ فالمتعيّن هو الدية،كما انه لو قطع يده من المرفق اقتص منها،و ليس له
الاقتصاص من الكوع،و أخذ الارش في الزائد،و كذا الحال اذا قطعت من فوق المرفق.
بل لا يبعد ذلك فيما اذا كانت الزائدة في الجاني فقط،و أما اذا كانت في المجني عليه فقط،فالمشهور ان له الاقتصاص،و أخذ دية الزائدة و هي ثلث دية الاصلية.و فيه اشكال،و الأقرب عدمه،على اساس ان الثابت انما هو قطع اليد باليد،و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين اشتمال كلتا اليدين على الاصبع الزائدة أو احداهما دون الاخرى،كما ان مقتضاه عدم الفرق بين ان تكون الاصبع الزائدة في يد الجاني او المجني عليه،و لا يوجد ما يقيد هذا الاطلاق.
فالظاهر عدم سقوط القصاص عنه،فللمجني عليه أن يقطع يده اليمنى،نعم اذا كان القطع معرضا للسراية مع وجود الجرح في اليسرى،لم يجز حتى يندمل الجرح فيها،ثم ان الجاني اذا كان قد تعمد ذلك و كان يعلم أن قطع اليسرى لا يجزي عن قطع اليمنى فلا دية له،و إلاّ فله الدية، و إذا كان المجني عليه عالما بالحال و مع ذلك قطعها،فالظاهر ان عليه القود مطلقا و ان كان الجاني قد تعمد ذلك.
فالقول قول الجاني،و مثله ما اذا قد الملفوف في الكساء نصفين،فادعى الولي أنه كان حيا و ادعى الجاني انه كان ميتا مع احتمال صدقه عادة،لان على الولى اثبات حياته الى قده نصفين،و استصحاب بقاء
حياته الى زمان القد لا يجدي،إلاّ على القول بالاصل المثبت.
فان اقتص الثاني، الزم للأول بدية الاصبع،و ان اقتصّ الأول منه بقطع اصبعه قطع الثاني يده، و ليس له ان يرجع إليه بدية الاصبع كما تقدم.
و لو قطع اصبعه خطأ،أو شبيها بالعمد،فعفا المجني عليه عن الدية سقطت،و لو عفا عن الجناية ثم سرت الى الكف سقط القصاص في الاصبع،و أما في الكف،فان كانت السراية مقصودة للجاني،أو كانت تلك الجناية مما تؤدّي إلى السراية غالبا و إن لم تكن مقصودة،ثبت القصاص في الكف،و أما إذا كانت غير مقصودة،و كانت السراية اتفاقية،ثبتت الدية دون القصاص،و كذلك الحال إذا اسرت الى النفس.
باعتبار ان القصاص حق للولي بمقتضى الآية الشريفة و الروايات لا للمجني عليه، فلا أثر لاسقاطه،و كذلك لو أسقط دية النفس،فانها لم تسقط على اساس ان الدية انما تثبت بعد الموت،فلا أثر لاسقاطها قبله.
فلا ضمان و لا دية،على اساس ما دلّ من ان من قتله القصاص بامر الامام عليه السّلام فلا دية له في قتل و لا جراحة.
و لكن يضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يخرج فيقتص منه،و لو جنى في الحرم جناية اقتص منه فيه،و لا يلحق به حرم النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و مشاهد الائمة عليهم السّلام.
الدية:هي المال المقدر شرعا كمّا و كيفا المفروض في الجناية على الأنفس أو الطرف أو الجرح أو نحو ذلك.
و كذلك فيما لا يكون فيه القصاص مجعولا،و اما فيما لا يمكن فيه القصاص لسبب أو آخر،فيكون ثبوت الدية فيه عرضا اي بنحو البدلية لا اصالة،و أمّا ما يثبت فيه القصاص بلا ردّ شيء،فلا تثبت فيه الدية إلاّ بالتراضي و التصالح،سواء أ كان في النفس أم كان في غيرها،و اما ما يستلزم القصاص فيه الرد،فالولي مخير بين القصاص و الدية كما تقدم.
و هو ما اكمل السنة الخامسة و دخل في السادسة او مائتا بقرة و هي ما اكملت الثانية و دخلت في الثالثة على الأحوط،أو الف دينار و كل دينار يساوي ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك أو ألف شاة على الأقرب أو عشرة آلاف درهم على المشهور،و لكن لا يبعد ان تكون
اثنى عشر الف درهم و الاكتفاء بالاقلّ من ذلك لا بدّ ان يكون مع التراضي، و كل درهم يساوي 12/6 حمصة من الفضة المسكوكة-فعشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية و ربع المثقال-أو مائتا حلة على الاحوط-و كل حلّة ثوبان على الأظهر.و قيل:لا بدّ ان يكون من ابراد اليمن و هو غير ثابت،و الأحوط و الأجدر وجوبا ان يقتصر القاتل على احد الاصناف الخمسة،فاذا اختار مائتي حلة،فلا بد ان يكون بالتراضي بينه و بين ولي المقتول.
و يتخير الجاني بين الاصناف المذكورة،فله اختيار اي صنف شاء و ان كان اقلها قيمة في زماننا هذا و هو اثنا عشر الف درهم،و ليس لولي المقتول اجباره على صنف خاص من الاصناف المذكورة.
و هي على الجاني نفسه،إلاّ أنه إذا اختار تأديتها من الإبل،فالأقوى التخيير بين ان تكون الابل على الاوصاف التالية:
(أربعون)منها خلفة و هي بين ثنية الى بازل عامها اي انها اسم للبعير من السنة السادسة الى السنة العاشرة،و(ثلاثون)حقة و هي الداخلة في السنة الرابعة و(ثلاثون)بنت لبون و هي الداخلة في السنة الثالثة او تكون على هذه الاوصاف و هي كما يلي:
ثلاثة و ثلاثون حقه و أربعة و ثلاثون جزعة و هي الداخلة في السنة الخامسة و ثلاثة و ثلاثون ثنية خلفة طروقة الفحل.
و لكن لا دليل عليه،بل الظاهر انها تستوفي في ثلاث سنوات.
فان لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالاقرب إليه، و إلاّ فأدّاه الامام،فانه لا يبطل دم امرئ مسلم.
و هي تحمل على العاقلة و سوف يأتي شرح ذلك.
اعتبر أن يكون ثلاثون منها حقة و ثلاثون منها بنت لبون و عشرون منها بنت مخاض،و عشرون منها ابن لبون على ما فى النص.
فانه لا تجب الدية-عندئذ-على الاظهر،و تجب فيه الكفارة فقط.
ففيه الدية دون القصاص،لان قتله يكون من القتل الخطئي.
و بعد التأكّد و التقرب منه يحصل له الجزم بانه زيد و هو عدوه فقتله بقصد انّه عدوّه ثم انكشف انه عمرو،فهل فيه القصاص او الدية؟
و الجواب:ان فيه الدية دون القصاص،على اساس ان قتل عمرو في المثال ليس من القتل العمدي لانه متقوم بعنصرين اساسيين:
احدهما:عنصر القصد و الإرادة،بان يكون القاتل قاصدا و مريدا القتل في الخارج.
و الآخر:عنصر تحقق المقصود و المراد فيه و انجازه بمعنى وقوع ما قصده و اراده،فاذا توفر هذان العنصران معا كان القتل عمديّا و يترتب عليه أثره،و هو القصاص و مع انتفائهما او انتفاء احدهما فلا يكون بعمدي، و في المقام حيث ان قتل عمرو غير مقصود للقاتل،فيكون اتفاقا و خطئيّا لا عمديا.
و دعوى ان القاتل و ان كان لم يقصد قتل عمرو باسمه الخاص،إلاّ انّه لما كان يعلم بأن قتل الانسان المذكور المردّد غير جائز،لانّه محقون الدّم فبطبيعة الحال إنّه قصد قتله ضمنا أي في ضمن قصد قتل زيد،و هذا يكفي في ترتب القصاص عليه،مدفوعة بان و ان كان يعلم بذلك،إلاّ انه لم يقصد قتل الجامع و هو محقون الدّم على كل تقدير،و انّما قصد قتله اذا كان زيدا لا مطلقا،فاذن لو وقع قتل غيره لكان تصادفيا و خطئيا لا مقصودا.
و الخلاصة:ان المعيار العام فى اتصاف القتل بالعمدي،انّما هو بوقوع ما قصده القاتل عامدا و ملتفتا في الخارج و انجازه فيه،و امّا لو وقع غيره لكان وقوعه خطئيا و اتفاقيا لا قصديا،و على هذا فبامكان كل احد أن يلتجأ الى هذا المعيار العام للتمييز بين القتل الخطئي و القتل العمدي.
و على القاتل متعمدا مطلقا كفارة الجمع،و هي عتق رقبة،و صوم شهرين متتابعين و اطعام ستين مسكينا،و اذا كان القتل في الأشهر الحرم، فلا بد أن يكون الصوم فيها فيصوم يوم العيد أيضا اذا صادفه.و الكفارة مرتبة
اذا كان القتل خطأ حتى اذا كان في الأشهر الحرم على المشهور،و لكنه لا يخلو عن إشكال،و الأقرب أن الكفارة معينة فيما اذا وقع القتل في الأشهر الحرم،و هي صوم شهرين متتابعين فيها معيّنا،و هل يلحق بالقتل في الأشهر الحرم في تغليظ الدية القتل في الحرم؟
و الجواب:ان الالحاق لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد عدمه،و هل في الجنايات على الأطراف اذا كانت في الاشهر الحرم تغليظ في الدية؟
و الجواب:انه لا تغليظ فيها.
و ما قيل:من ان ديته ثمانمائة درهم كدية الذّمي،لا دليل عليه إلاّ رواية ضعيفة.
و دية نسائهم نصف ديتهم،و لكنه لا يخلو عن اشكال،بل لا يبعد ان تكون ديته دية المسلم،و أمّا الكافر الحربي،فلا دية في قتله،كما لا قصاص فيه.
و كذلك الحال في الأعضاء و الجراحات،فما كانت ديته كاملة كالأنف و اللسان و اليدين و الرّجلين و العينين و نحو ذلك،فهو في العبد قيمته،و ما كانت ديته نصف الدية،كإحدى اليدين أو الرجلين،فهو في العبد نصف قيمته،و هكذا.
لم يكن لمولاه المطالبة بها إلاّ مع دفع العبد الى الجاني للنص،و لان لا يلزم الجمع بين العوض و المعوض،كما أنه ليس له المطالبة ببعض القيمة مع العفو عن بعضها الآخر ما لم يدفع العبد إليه.و أمّا لو جنى عليه بما لا يستوعب قيمته،كان لمولاه المطالبة بدية الجناية مع إمساك العبد،و ليس له الزام الجاني بتمام القيمة مع دفع العبد إليه.
فيؤخذ من الجاني ان كانت الجناية عمدية او شبه عمد،و إلاّ فمن عاقلته،و تعيين الارش بنظر الحاكم بعد رجوعه في ذلك إلى ذوي عدل من المؤمنين و اهل الخبرة في ذلك.
لقوله عليه السّلام«أيّما رجل قلته الحد او القصاص فلا دية له»و يلحق به التعزير أيضا،لان المعيار في عدم الدية انّما هو بكون القتل مستندا الى تطبيق حكم شرعي،سواء أ كان كان ذلك الحكم الشرعي حدّا أم قصاصا أم تعزيرا،و امّا ما قيل من ان الحدّ القاتل للمحدود اذا كان من حدود الناس،فللمقتول ديته و لكنهما من بيت مال المسلمين لا على من يقوم بتطبيقه،فلا اصل له.
بل كانت ديته في بيت مال المسلمين.
فان كانت حرة لزمه مهر نسائها،و لا فرق في ذلك بين كون الافتضاض بالجماع أو بالأصبع او بغير ذلك،أمّا اذا كانت أمة لزمه عشر قيمتها.
فعليه مهر المثل،و أما اذا كانت المطاوعة فلا مهر لها،سواء أ كانت بكرا،أم لم تكن.
قيل:انه لا دية عليه كما لا قود،و لكن الظاهر ثبوت الدية،و كذلك الحال في الصبي اذا أدبه وليه تأديبا مشروعا فأدّى الى هلاكه.
و لكن عليه الدية،و قد تسأل انه اذا أخذ البراءة من الآمر ثم قطعها فمات،فهل عليه دية في هذه الحالة؟و الجواب لا يبعد ثبوت الدية في تلك الحالة أيضا،فان مقتضى القاعدة انه لا اثر للبراءة عن الدية قبل الموت،اذ لا دية قبله حتى يصح التبرّي عنها،و لا يوجد دليل على الصحة إلاّ رواية ضعيفة،فالنتيجة الأظهر انه لا فرق في ثبوت الدية بين اخذ القاطع البراءة من الآمر او لا.
فان لم يسر القطع،فعلى الجاني دية تمام تلك الاعضاء المقطوعة،و ان سرى،فان كان القطع متفرقا،دية كل عضو إلاّ الأخير زائدة على دية النفس،و اما العضو الاخير المترتب على قطعه الموت فتتداخل ديته في دية النفس،و ان قطعها دفعة و بضربة واحدة،دخلت دية الجميع في دية النفس،فعلى الجاني دية واحدة،و هي دية النفس،و إن شك في السراية،فهل لولي المجني عليه مطالبة الجاني بدية الاعضاء المقطوعة،أم ليس له إلاّ دية النفس؟قولان:
الاظهر هو الاول،لمكان اصالة عدم السراية.
كمن رمى هدفا فأصاب انسانا،أو ضرب صبيّا-مثلا- تأديبا فمات اتفاقا،أو نحو ذلك،ففيه الدية دون القصاص.
أو الصبي بدون اذن وليه،او عالج بالغا عاقلا بدون إذنه،و كذلك مع الاذن إذا قصّر،و أما إذا اذن له المريض في علاجه و لم يقصّر،و لكنه آل الى التلف اتفاقا،فهل عليه ضمان أم لا؟
قولان:الأقرب هو الأول،و كذلك الحال اذا عالج حيوانا باذن صاحبه و آل الى التلف،هذا إذا لم يأخذ الطبيب البراءة من المريض،أو وليّه،أو صاحب الدابة،و أما اذا أخذها منه،فالمشهور انه لا ضمان عليه،و لكنّه لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد الضمان لما مرّ من انه لا قيمة لاخذ البراءة قبل الموت و لا دليل على الكفاية الا رواية ضعيفة.
قيل ان الدية في ماله،و قيل انها على عاقلته،و في كلا القولين اشكال،و الأقرب عدم ثبوت الدية،على اساس ان القتل لا يستند إليه و لا يدخل في القتل العمدي و لا في القتل الشبيه بالعمد كما هو ظاهر،بل و لا في القتل الخطئي،باعتبار ان القاتل فيه قاصد للفعل و أراد شيئا و اصيب غيره.
فان كانت انما ظاءرت طلبا للغر و الفخر،فالدية في مالها،و ان كانت مظائرتها للفقر،فالدية على عاقلتها،و هذا للنص و الا فمقتضى القاعدة عدم ثبوتها عليها و لا على عاقلتها.
فلا قود و لكن يضمن الدية في ماله،و كذلك الحال في الزوجة اذا أعنفت بزوجها فمات.
فهل ديته في ماله،و اذا تلف من المتاع شيء،فهل عليه ضمانه من المثل او القيمة؟
و الجواب:المشهور ان ديته في ماله،كما ان عليه ضمان المال التالف، و لكنه في كلا الموردين لا يخلو عن اشكال بل منع،و الأظهر انه لا ضمان عليه،باعتبار ان يده يد امين لا يد عادية،و اما الدية فهي على عاقلته لا على ماله،باعتبار ان القتل في المسألة قتل خطائي محض لا شبه عمد.
و كان الصائح يعلم بذلك فعليه القود لانه من القتل العمدي العدواني،و إلاّ فعليه الدية،لانه داخل في القتل الشبيه بالعمد،هذا فيما اذا علم استناد الموت الى الصيحة،و إلاّ فلا شيء عليه،و مثل ذلك ما لو شهر سلاحه في وجه انسان فمات.
و لم تكن الصدمة مما يترتب عليه الموت عادة،فاتفق موته،فديته في مال الشخص الصادم،و أما اذا مات الصادم فدمه هدر،و كذلك إذا كان الصادم المقتول غير قاصد للصدم،و كان المصدوم واقفا في ملكه،أو نحوه مما لا
يكون فيه تفريط من قبله،و أما اذا كان واقفا في مكان لا يسوغ له الوقوف فيه،كما اذا وقف في طريق المسلمين و كان ضيّقا فصدمه انسان من غير قصد فمات الانسان،كان ضمانه على المصدوم،لان قتله مستند إليه عرفا.
ضمن كل واحد منهما نصف دية الآخر،و لا فرق في ذلك بين كونهما مقبلين او مدبرين أو مختلفين.
فعلى كل واحد منهما نصف قيمة فرس الآخر أو نصف الأرش،هذا اذا كان الفارس مالكا للفرس،و أما اذا لم يكن مالكا له،ضمن نصف قيمة كل من الفرسين لمالكيهما،هذا كله اذا كان التلف مستندا الى فعل الفارس،و أما إذا استند إلى أمر آخر كإطارة الريح و نحوها مما هو خارج عن اختيار الفارس،لم يضمن شيئا،و مثله ما إذا كان الاصطدام من طرف واحد،أو كان التعدي منه،فانه لا ضمان حينئذ على الطرف الآخر،بل الضمان على المصطدم أو المتعدّي،و يجري ما ذكرناه من التفصيل في غير الفرس من المراكب،سواء أ كان حيوانا أم سيارة أم سفينة أم غيرها.
فلذلك حالات:
الاولى:ان يكون الانقلاب او الكسر مستندا الى تقصير السائق و تسامحه،كسرعتها اكثر من المقدار المعتاد و المتعارف،او انه في حالة النعس من جهة التعب،بحيث تفقد سيطرته على قيادة السيارة،او في حالة لا يتمكن في تلك الحالة من السيطرة التامة او غيرها،ففي تمام هذه الحالة تكون الدية
عليه،باعتبار ان القتل مستند الى تقصيره.
الثانية:ان لا يكون ذلك مستندا الى تقصيره و تسامحه،فانه يسوق السيارة بسرعة معتادة و متعارفة من ناحية،و متأكّد بالفحص و البحث بعدم نقص فنّي فيها من ناحية أخرى،و لكن فجأة يرى شخصا ألقى نفسه امام سيارته في حال سيرها و هو لا يتمكن بأيّ حال من ايقافها أو انحرافها لإنقاذ نفسه،فليس امامه الاّ سحقه بسياريته،ففي هذه الحالة يكون موته مستندا إلى تقصيره لا إلى تقصير السائق،فيكون دمه هدرا و لا شيء على السائق.
الثالثة:نفس الحالة الثانية و لكن من ظهر امام السيارة في حال سيرها غير شاعر،كالصبي غير المميّز او المجنون او الحيوان،ففي هذه الحالة التي لا يملك السائق اي خيار غير قتل من ظهر امامه بسيارته،هل تكون ديته عليه او ان دمه هدر و لا دية له،بلحاظ انه ألقى نفسه في المهلكة و ان كان من غير شعور؟
و الجواب:انه لا يبعد الثاني،لان اسناد القتل في هذه الحالة الى السائق إسناد عنائي،على اساس ان من حق السائق ان يسوق مركبته من السيارة و نحوها في الطرق الاعتيادية العامة،و لا يحق لأيّ أحد أن يزاحمه في ذلك بايجاد مانع و عائق فيها،و على هذا فاذا نام احد في الطريق غافلا عن مرور السيارات و المركبات فيه،فاذا مرّت سيارة و قتلته فلا شيء على السائق، باعتبار انه لا يملك شيئا و لا يقدر على إنقاذه من الموت،و لهذا لا يستند إليه موته عرفا،بل هو مستند إلى نومه في الطريق،و كذلك اذا مرّ صبي غير مميّز او مجنون فجأة عن الطريق العام أمام السيارات في حال سيرها فقتلته سيارة، فلا ضمان على السائق،باعتبار ان قتله لا يكون مستندا إليه عرفا،بل هو
مستند الى مروره عنه فجأة،و من هنا يصدق عليه انّه ألقى نفسه في التّهلكة و ان كان من غير شعور،فلذلك يكون دمه هدرا و لا دية على السائق،و بكلمة ان التقصير شرعا و عرفا و ان كان لا يتصور من الصّبي غير المميز أو المجنون،إلاّ ان ذلك لا يمتنع عن استناد موته الى فعل نفسه تكوينا،و من هنا إذا القى نفسه في بئر فمات فيها أو ألقى في بحر فغرق و مات و هكذا،كان موته مستندا إلى فعله،و كذلك الحال فى المقام،فانّه إذا ألقى نفسه امام السيارة فجأة اثناء سيرها الاعتيادي فسحقه قهرا و مات،كان موته مستندا الى فعله عرفا عن غير شعور لا الى فعل السائق،و دعوى انه مستند الى فعل السائق الخارج عن اختياره،و يكون القتل بالنسبة إليه خطئيا و ديته على عاقلته، مدفوعة بان لقتله في المقام سببين:احداهما فعل الصبي غير المميّز او المجنون، و هو مروره أمام المركبة اثناء سيرها الاعتيادي فجأة و من غير شعور،و الآخر فعل السائق الخارج عن قدرته و سيطرته،و هو سحق المركبة إيّاه،و اذا لم يكن في مثل هذه الحالة تقصير من السائق كما هو المفروض في المقام، كان موته عرفا مستندا الى السبب الاول دون الثاني،و يتحصل من ذلك ان الأظهر عدم ضمان السائق في هذه الحالة.
فعلى عاقلة كل منهما نصف دية الآخر.
سواء أ كانا راكبين أم راجلين أم مختلفين فماتا،فلا شيء على مولاهما.
و لا له من دية العبد شيء.
ضمن الآخر نصف دية المقتول،و النصف الآخر منها هدر.
سقطت ديتهما،و اذا قتل الجنين،فعلى كل واحدة منهما نصف ديته،ان كان القتل شبيه عمد،كما إذا كانتا قاصدتين للاصطدام و عالمتين بالحمل،و إلاّ فالقتل خطأ محض،فالدية على عاقلتهما.و من ذلك يظهر حال ما اذا كانت كلتاهما حاملا.
فالدية على عاقلة الرامي،و إن كان الرامي قد أخبر من يريد العبور بالحال و حذّره فعبر،و الرامي جاهل بالحال فأصابه الرمي فقتله،لم يكن عليه شيء.و لو اصطحب العابر صبيّا فأصابه الرمي فمات،فهل فيه دية على العابر ،أو الرامي،أو على عاقلتهما؟فيه خلاف،و الأقرب هو التفصيل،فمن كان منهما عالما بالحال فعليه نصف الدية،و من كان جاهلا بها،فعلى عاقلته كذلك.
فان كان قاصدا قتله،أو كان السقوط مما يقتل غالبا،فعليه القود و إلاّ فعليه الدية، و إن قصد السقوط على غيره،و لكن سقط عليه خطأ،فالدية على عاقلته.
كما لو القته الريح الشديدة،أو زلّت قدمه فسقط فمات الشخص،فالظاهر انه لا دية
عليه،و لا على عاقلته،كما لا قصاص عليه،على اساس ان الدية مترتبة على القتل المستند الى الفعل الاختياري و لو في نهاية المطاف،غاية الامر ان كان خطأ محضا،فالدية على العاقلة،و القتل في المقام مستند الى الفعل غير الاختياري حدوثا و بقاء و هو السقوط،فلهذا لا يدخل في القتل الخطئي أيضا.
و أما اذا مات المدفوع عليه،فالدية على المدفوع و هو يرجع الى الدافع للنصّ.
فالدية على الناخسة،دون المنخوسة.
فهو له ضامن حتى يرجع الى منزله،فان فقد و لم يعرف حاله فعليه ديته،نعم ان ادعى اهل الرجل القتل على الداعي المخرج،فقد تقدم حكمه في ضمن مسائل الدّعاوي.
صدّقت ما لم يثبت كذبها لانها مأمونة،فان علم كذبها وجب عليها احضار الولد،و المشهور ان عليها الدية مع عدم احضارها الولد،و لكن وجهه غير ظاهر،باعتبار ان الدية مترتبة على القتل و هو غير معلوم،و لو ادعت الظئر أن الولد قد مات
صدقت.
فجهل خبره،و لم تأت بالولد،فعليها دية كاملة كما في النصّ.
فيه وجهان،و الأقرب عدم الضّمان،لان الضمان بحاجة الى دليل و لا دليل عليه بعد ما لم يكن القتل مستندا إليها.
و لو وضعه في ملك غيره،أو في طريق مسلوك و عثر به شخص فمات،أو جرح ضمن ديته،و كذلك لو نصب سكينا،أو حفر بئرا في ملك غيره،او في طريق المسلمين فوقع عليه،أو فيها شخص فجرح أو مات،ضمن ديته،هذا إذا كان العابر جاهلا بالحال،و أما إذا كان عالما بها،فلا ضمان له.
قيل:لا يضمن الحافر و هو قريب،لان موضوع الضمان كما في النص الاضرار و لا يدخل فيه ما لم يكن فيه اضرار.
لانه من القتل الشبيه بالعمد،و كذا الحال اذا كان بالغا رشيدا،و قد تقدم حكم التبري عن الضمان.
كما اذا
اشتركوا في هدم حائط-مثلا-فوقع على أحدهم فمات،سقط من الدية بقدر حصة المقتول و الباقي منها على عاقلة الباقين،فاذا كان الاشتراك بين اثنين، سقط نصف الدية لأنه نصيب المقتول،و بنصفها الآخر على عاقلة الباقي،و اذا كان الاشتراك بين ثلاثة سقط ثلث الدية،و ثلثان منها على عاقلة الشخصين الباقيين و هكذا.
كما لو أسمر مسمارا فقلع لوحة،أو أراد ردم موضع فانهتك أو غير ذلك،ضمن ما يتلف فيها من مال لغيره أو نفس،اما الاول فلاستناد اتلافه إليه،و اما الثاني فلان قتل النفس في المسألة داخل في القتل الشبيه بالعمد.
أو في مكان مباح،و كذلك الحال لو وقع في طريق فمات شخص بغباره،نعم لو بناه مائلا إلى غير ملكه أو بناه في ملك غيره فوقع على انسان أو حيوان اتفاقا فمات،ضمن اذا كان البناء المذكور في معرض الانهيار و الخطر لا مطلقا،و كذلك لو بناه في ملكه ثم مال إلى الطريق أو الى غير ملكه،فوقع على عابر فمات،ضمن مع علمه بالحال و تمكنه من الازالة أو الإصلاح قبل وقوعه،و لو وقع مع جهله أو قبل تمكنه من الازالة أو الاصلاح،لم يضمن.
فلو وقعت على انسان أو حيوان فتلف،لم يضمن نعم إذا كانت في معرض الانهيار مع علم المالك بالحال و تمكينه من الازالة أو الاصلاح ضمن.و في حكم ذلك اخراج الرواشن و الأجنحة.
إلاّ اذا كانت في معرض السراية،كما لو كانت كثيرة او كانت الريح عاصفة،فانه يضمن و لو أجّجها في ملك غيره بدون إذنه،ضمن ما يتلف بسببها من الأموال و الأنفس،و لو كان قاصدا اتلاف النفس،أو كان التأجيج فيما يترتب عليه ذلك عادة و إن لم يكن المقصود اتلافها و لم يكن الشخص التالف متمكنا من الفرار و التخلص،ثبت عليه القود.
لانه يضر بالمارة،و قد مرّ ان الاضرار بها في طريق المسلمين موجب للضمان.
و ان لم يكن كذلك و سقط اتفاقا لعارض،لم يضمن.
فلو أهملهما و جنيا على شخص ضمن جنايتهما، نعم لو جهل المالك بالحال أو علم،و لكنه لم يفرّط،فلا ضمان عليه و لو جنى على صائلة،فان كان دفاعا عن نفسه أو ماله،لم يضمن،و إلاّ ضمن و ان كانت جنايته انتقاما من جنايتها على نفس محترمة أو غيرها.
-كما جرت العادة به-فلا ضمان فيها افسدته البهائم،نعم اذا أفسدته ليلا،فعلى صاحبها الضمان.
ضمن