فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳

جلد

3

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ صفحه 6

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 501)


من ناحية.ومن ناحية اخرى:أنّ صدوره من المكلف في هذا الحال حسن على الفرض،ومعه لا مانع من التقرب به من ناحية اشتماله على الملاك.

وغير خفي أنّ هذه الدعوى خاطئة جداً حتّى عنده (قدس سره)،ضرورة أ نّه لا طريق لنا إلى إحراز أنّ الوضوء أو الغسل في هذا الحال مشتمل على الملاك،لما ذكرناه غير مرّة من أ نّه لا طريق لنا إلى معرفة ملاكات الأحكام مع قطع النظر عن ثبوتها،فإذن لا يمكن الحكم بصحته من هذه الناحية.

الثاني: دعوى الاجماع على الصحة في هذا الفرض كما ذكرها صاحب مفتاح الكرامة (قدس سره) 1.

ويردّها أوّلاً:أنّ الاجماع غير ثابت وإنّما هو إجماع منقول وهو ليس بحجة.

وعلى تقدير ثبوته فهو إنّما يكون حجة إذا كان تعبدياً لا فيما إذا كان محتمل المدرك أو معلومه،ضرورة أ نّه في هذا الحال لا يكون كاشفاً عن قول المعصوم (عليه السلام) فلا يكون حجة والاجماع المدعى في المقام على تقدير تسليمه بما أ نّه محتمل المدرك لاحتمال أنّ من يقول بصحة الوضوء أو الغسل هنا إنّما يقول به من جهة توهم اشتماله على الملاك،أو من ناحية تخيل أنّ المؤثر في الحكم إنّما هو الجهات الواصلة دون الجهات الواقعية،فإذن لا بدّ من النظر في هذين الأمرين:

أمّا الأمر الأوّل:فقد عرفت أ نّه لا مجال له أصلاً،ضرورة أ نّه لا طريق لنا إلى إحراز أ نّه مشتمل على الملاك في هذا الحال كما مرّ آنفاً.

وأمّا الأمر الثاني:فقد نشأ من الخلط بين الجهات المؤثرة في الأحكام


 

1) <page number=”501″ /> مفتاح الكرامة 1:512

 

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 502)


الشرعية والجهات المؤثرة في الأحكام العقلية،فانّ المؤثر في الأحكام العقلية وهي الحسن والقبح إنّما هو الجهات الواصلة،ضرورة أنّ العقل لا يحكم بحسن شيء وقبح شيء آخر،إلّافيما إذا أحرز ما هو المؤثر فيهما،لما ذكرناه من أ نّه لا واقع موضوعي لهما ما عدا إدراك العقل استحقاق الفاعل المدح على فعل واستحقاقه الذم على آخر،ومن الواضح جداً أنّ العقل لا يحكم بذلك إلّاإذا أحرز انطباق عنوان العدل عليه في الأوّل،وانطباق عنوان الظلم في الثاني، حيث إنّ حكم العقل بقبح الظلم وحسن العدل ذاتي وغير قابل للانفكاك أبداً، ولا يحتاج إلى علّة خارجة عن مقام ذاتهما،ضرورة أنّ الذاتي غير قابل للتعليل بشيء،من دون فرق في ذلك بين أن يكون الذاتي ذاتي باب البرهان، أو ذاتي باب الكلّيات كالجنس والفصل،وهذا واضح.

وأمّا حكمه بقبح غيرهما من الأفعال الاختيارية أو حسنها،فهو ليس بالذات بل من ناحية انطباق عنوان الظلم عليها أو العدل،مثلاً ضرب اليتيم إذا كان للتأديب انطبق عليه عنوان العدل،وإذا كان للايذاء انطبق عليه عنوان الظلم،ولذا يحكم بحسنه على الأوّل وقبحه على الثاني،وهذا واضح.

وأمّا المؤثر في الأحكام الشرعية فهو الجهات الواقعية لا الجهات الواصلة، ضرورة أنّ الأحكام الشرعية لو كانت تابعة لتلك الجهات،أي الجهات الواصلة،للزم التصويب وانقلاب الواقع،فانّ معنى ذلك هو تبعية الأحكام لعلم المكلف وهذا معنى التصويب،وقد تقدّم الكلام في ذلك من هذه الناحية بشكل واضح فلاحظ.

فالنتيجة: أ نّه لا يمكن الحكم بصحة الوضوء أو الغسل في هذا الحال،لا من ناحية الملاك،ولا من ناحية الاجماع،بل الصحيح هو ما ذكرناه من فساده في

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 503)


هذا الحال أيضاً،بداهة أنّ الجهل بالحرمة أو بموضوعها لا يغيّر الواقع وإن كان عن قصور،ولا يوجب صيرورة الحرام واجباً،بل هو باقٍ على حرمته،غاية الأمر أ نّه معذور في ارتكابه والتصرف فيه،ومن المعلوم أنّ الحرام لا يصلح أن يكون مقرّباً ومصداقاً للواجب،كما هو ظاهر.

[الثاني:التوضؤ أو الاغتسال من آنية الذهب و الفضة]

وأمّا الثاني: وهو التوضؤ أو الاغتسال من آنية الذهب أو الفضة،فقد تقدّم الكلام فيه من ناحية صحة الوضوء أو الغسل منها أو فساده في بحث الضد 1بصورة مفصّلة،ونتيجته هي أ نّه لا إشكال في فساد الوضوء أو الغسل منها إذا كان على نحو الارتماس،ضرورة أنّ نفس هذا التصرف محرّم،والمحرّم لا يصلح أن يكون مصداقاً للواجب،هذا بناءً على أن يكون مطلق التصرف فيها محرّماً.

وأمّا إذا قلنا بأنّ المحرّم فيها إنّما هو خصوص الأكل والشرب لا مطلق استعمالها والتصرف فيها،فلا إشكال عندئذ في صحة الوضوء أو الغسل منها أصلاً.

وأمّا إذا كان على نحو الترتيب،بأن يغترف الماء منها غرفة غرفة ليتم وضوءه أو غسله،فبناءً على ما حققناه من إمكان الترتب من ناحية،وكفاية القدرة التدريجية على الواجبات المركبة من الأجزاء الطولية كالصلاة والوضوء والغسل وما شاكل ذلك من ناحية اخرى،لا مانع من الحكم بصحته أصلاً،من دون فرق في ذلك بين صورة انحصار الماء فيها،وصورة عدم انحصاره،وتمكن المكلف من إفراغ الماء منها في إناء آخر بلا استلزامه التصرف فيها وعدم تمكنه منه، على ما تقدّم الكلام في جميع هذه النواحي بشكل واضح،فلا نعيد.

نعم،فرق بين الوضوء أو الغسل من الآنية كذلك،أي بأخذ الماء منها غرفة


 

1) <page number=”503″ /><nl />في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص 495

 

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 504)


غرفة أو بأخذه في ظرف آخر،وبين الأكل والشرب على هذا النحو،أي بأن يأخذ الطعام أو الشراب من الآنية ويصب في المشقاب أو الفنجان،فيأكل فيه أو يشرب،حيث إنّ الأوّل-وهو الوضوء أو الغسل-ليس بمحرّم،والمحرّم إنّما هو أخذ الماء منها،الذي هو مقدّمة له،والثاني-وهو الأكل والشرب-محرّم، والوجه فيه:هو أنّ الملاك في حرمة الوضوء أو الغسل أو ما شابه ذلك منها كونه استعمالاً للآنية بنفسه،وفي الفرض المزبور بما أ نّه ليس استعمالاً لها كذلك، ضرورة أنّ ما كان استعمالاً لها إنّما هو أخذ الماء منها دونه،فلأجل ذلك لا يكون محرّماً ومصداقاً للتصرف فيها،وهذا بخلاف الملاك في حرمة الأكل والشرب منها فانّهما محرّمان،سواء أكان بلا واسطة أم مع واسطة،كما إذا صبّ الطعام من القدر في الصيني أو المشقاب فأكل فيه،فانّه وإن لم يصدق عليه أ نّه أكل في الآنية،إلّاأنّ ذلك استعمال لها في الأكل وهذا المقدار كافٍ في حرمته، وكذا إذا صبّ الشاي من السماور في الفنجان،فانّه لا يجوز شربه،لصدق أنّ هذا استعمال للآنية في الشرب.

وعلى الجملة: فالمحرّم ليس خصوص الأكل والشرب في الآنية،بل المحرّم إنّما هو استعمالها في الأكل والشرب ولو كان استعمالها واقعاً في طريقهما كالأمثلة المزبورة،هذا مقتضى إطلاق الروايات الواردة في المقام،وأمّا التوضؤ أو الاغتسال فانّه إن كان في الآنية كما إذا كان على نحو الارتماس فمحرّم،وأمّا إذا كان بأخذ الماء منها في ظرف آخر أو غرفة غرفة فهو ليس بمحرّم،لعدم كونه عندئذ مصداقاً للتصرف فيها،وتمام الكلام في ذلك في محلّه.

ومن هنا تظهر نقطة الفرق بين الأكل والشرب من آنية الذهب أو الفضة والأكل والشرب من الاناء المغصوب،فانّهما على الأوّل كما عرفت محرّمان مطلقاً،أي سواء أكان بلا واسطة أم معها،وعلى الثاني فليسا بمحرّمين مطلقاً،

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 505)


ولو كانا مع واسطة،وذلك لأنّهما إنّما يكونان محرّمين فيما إذا صدق عليهما أ نّه تصرف فيه،فلو أخذ الطعام منه وصبّ في ظرف آخر وأكل فيه فلا يكون أكله فيه محرّماً،والوجه في ذلك:أنّ المستفاد من الروايات هو حرمة استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب ولو كان استعمالها في طريقهما،وهذا بخلاف الاناء المغصوب فانّ المحرّم فيه إنّما هو تصرفه،وعليه فإذا كان الأكل أو الشرب مصداقاً له فهو محرّم وإلّا فلا،ومن المعلوم أ نّه إنّما يكون مصداقاً له فيما إذا كان فيه،وأمّا إذا كان في غيره،كما إذا أخذ الطعام منه وصبه في إناء آخر فأكل فيه فهذا ليس تصرّفاً فيه كما هو واضح.

وأمّا إذا توضأ المكلف أو اغتسل منها بحيث كان وضوءه أو غسله تصرفاً فيها،فهل يمكن القول بجواز اجتماع الأمر والنهي فيه،بناءً على القول بالجواز في المسألة أم لا ؟ قولان.

فقد ذكر شيخنا الاُستاذ (قدس سره) 1أنّ من يقول بجواز الاجتماع فيها يقول به في المقام ايضاً،وقد أفاد في تقريب ذلك أنّ الوضوء أو الغسل باعتبار نفسه الذي هو فرد من أفراد المقولة مأمور به،وباعتبار اضافته إلى الآنية التي يحرم التصرف فيها منهي عنه،هذا من ناحية.

ومن ناحية اخرى:أنّ استعمال الآنية ليس داخلاً في إحدى المقولات التسع العرضية،بل هو متمم لمقولة من المقولات كالأكل والشرب والتوضؤ وما شاكل ذلك.

فالنتيجة على ضوئهما:هي أ نّه لا مانع من القول بالجواز هنا باعتبار أنّ


 

1) <page number=”505″ /><nl />أجود التقريرات 2:148-149

 

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 506)


المأمور به بنفسه مقولة،والمنهي عنه ليس بمقولة على الفرض،بل هو من متمم المقولة،فيكون متعلق الأمر غير متعلق النهي.

وغير خفي أنّ هذا غريب منه (قدس سره) والوجه في ذلك:هو أ نّه ليس لاستعمال آنية الذهب أو الفضة واقع موضوعي في الخارج ما عدا تلك الأفعال الخاصة كالأكل والشرب والتوضؤ والاغتسال وما شاكل ذلك،ضرورة أ نّه عنوان انتزاعي منتزع من هذه الأفعال خارجاً،ولا واقع له ما عداها،وعليه فبما أ نّه في مفروض الكلام منتزع من نفس التوضؤ أو الاغتسال منها باعتبار أ نّه تصرف فيها كما إذا فرض أ نّه كان على نحو الارتماس،لا محالة يكون المنهي عنه عندئذ متحداً مع المأمور به في مورد الاجتماع،ومعه لا يمكن القول بالجواز.

وعلى الجملة:فاستعمال الآنية قد يكون بالأكل والشرب،وقد يكون بالتوضؤ والاغتسال وقد يكون بغيرهما،وليس الاستعمال إلّاعنواناً انتزاعياً من هذه الأفعال،وبما أ نّه في المقام استعمالها بالتوضؤ أو الاغتسال على الفرض، فلا يعقل أن يكون مأموراً به،لاستحالة كون المنهي عنه مصداقاً للواجب.

ثمّ إنّ ما أفاده (قدس سره) من أنّ استعمال الآنية ليس مقولة برأسها بل هو متمم المقولة،لا نعرف له معنىً محصّلاً أبداً،وذلك لأنّ مراده (قدس سره) من متمم المقولة كما فسّر به ما لايعرض على الجوهر في الخارج بلا واسطة،كالشدّة في البياض والسواد والسرعة في الحركة وما شابه ذلك،فانّها لا تعرض على الجوهر خارجاً بلاتوسط،بل تعرض أوّلاً وبالذات على الكم والكيف ونحوهما وبواسطتها تعرض عليه،والمفروض كما عرفت أنّ الاستعمال-أي استعمالها – عنوان انتزاعي منتزع من أمر موجود في الخارج،وليس له ما بازاء فيه أصلاً لينظر أ نّه من المقولة أو متمم لها،وليس كالشدّة فانّها موجودة فيه.

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 507)


أضف إلى ذلك:أنّ الشدّة والضعف في البياض والسواد والسرعة والبطء أيضاً في الحركة ليس من متممات المقولة بالمعنى الذي ذكره (قدس سره) بل هما عين المقولة،ضرورةً أنّ الشدّة ليست شيئاً زائداً على حقيقة البياض،ولا السرعة شيئاً زائداً على حقيقة الحركة،لتكون الشدّة عارضةً على البياض العارض على الجوهر والسرعة عارضة على الحركة العارضة على موضوعها، بداهة أنّ الشدّة والسرعة موجودتان بنفس وجود البياض والحركة في الخارج لا بوجود آخر،لتكونا عارضتين على وجودهما فيه أوّلاً وبالذات وبتوسّطه تعرضان على الجوهر.

وبكلمة اخرى:أ نّه (قدس سره) قد جعل الملاك في كون شيء متمماً للمقولة دون نفسها هو ما يمتنع عروضه في الخارج على الجوهر بلا واسطة عرض من الأعراض،وقد مثّل لذلك بالشدّة والضعف والسرعة والبطء والابتداء والانتهاء، وقد عرفت أنّ الابتداء والانتهاء من الاُمور الانتزاعية التي لا واقع موضوعي لها في الخارج ما عدا منشأ انتزاعها،فانّ الابتداء منتزع من صدور السير من البصرة مثلاً،والانتهاء منتزع من انتهائه إلى الكوفة…وهكذا،ومن المعلوم أنّ الأمر الانتزاعي لا يعقل أن يكون متمماً للمقولة،بداهة أنّ متمم المقولة لا بدّ أن يكون موجوداً في الخارج،والأمر الانتزاعي لا يتعدى من افق النفس إلى الخارج،وإلّا فكل عرض موجود فيه لا محالة يكون منشأ لانتزاع أمر،وعليه فيلزم أن يكون لكل عرض خارجاً متمم،وهذا باطل.

وأمّا الشدّة والضعف والسرعة والبطء فالمفروض أ نّها ليست بموجودة بوجود آخر غير وجود نفس البياض والحركة،ليكون وجودها عارضاً على وجودهما في الخارج أوّلاً وبتوسطه على وجود الجوهر،لوضوح أنّ كل مرتبة من وجود البياض والحركة مباين لمرتبة اخرى منه،فلا يعقل أن تعرض مرتبة

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 508)


منه على مرتبة اخرى منه،كأن تعرض المرتبة الشديدة على المرتبة الضعيفة، أو فقل:إنّ البياض الموجود فيه لا يخلو من أن يكون شديداً أو ضعيفاً أو متوسطاً ولا رابع في البين،وكذا الحركة الموجودة فيه،فلو كانت الشدّة والضعف في الفرد الشديد والضعيف متممين لهما لكان التوسط في الفرد المتوسط أيضاً كذلك،ضرورة عدم الفرق بينهما من هذه الناحية أبداً،مع أ نّهم لا يقولون بذلك فيه.

فالنتيجة:أ نّه لا يرجع متمم المقولة إلى معنىً محصّل أصلاً،فانّ الشدة في الخارج عين الفرد الشديد،لا أ نّها متممة له،وكذا الضعف في الفرد الضعيف…

وهكذا.

[الثالث:التوضؤ أو الاغتسال من الاناء المغصوب]

الثالث: وهو التوضؤ أو الاغتسال من الاناء المغصوب،قد ظهر الحال فيه مما ذكرناه في آنية الذهب والفضة،فانّ الكلام فيه من هذه الناحية،أي من ناحية الوضوء أو الغسل منه،بعينه هو الكلام فيها،بناءً على أن يكون مطلق التصرف فيها محرّماً،كما أنّ الكلام فيه بعينه هو الكلام فيها من ناحية جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه،وقد تقدّم أنّ الظاهر من كلامه (قدس سره) هو جواز الاجتماع في أمثال ذلك،ببيان أنّ المأمور به هو فرد من أفراد المقولة وهو التوضؤ أو الاغتسال الموجود في الخارج،فانّه عبارة عن إيصال الماء إلى البدن، والمنهي عنه وهو استعماله ليس داخلاً في إحدى المقولات التسع العرضية،بل هو متمم لمقولة من المقولات،فمن يقول بجواز اجتماع الأمر والنهي في المسألة يقول في المقام أيضاً.

ولكن قد عرفت أنّ هذا من غرائب كلامه (قدس سره)،وذلك لأنّ الوضوء أو الغسل منه إذا كان تصرّفاً فيه كما هو المفروض واستعمالاً له،فلا يعقل أن يكون مأموراً به،ضرورة استحالة كون المنهي عنه مصداقاً له،كما أ نّه لا وجه

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 509)


لما أفاده (قدس سره) من صحة الوضوء أو الغسل منه في صورة الجهل عن قصور،وقد تقدّم الكلام من هذه الناحية في آنية الذهب والفضة بشكل واضح فلا نعيد.

[الرابع:التوضؤ أو الاغتسال في الدار المغصوبة]

الرابع: وهو التوضؤ أو الاغتسال في الدار المغصوبة،قد تقدّم الكلام فيه في بحث الضد 1بشكل مفصّل،وملخّصه:هو أنّ المكلف تارةً متمكن من الوضوء أو الغسل في غير المكان المغصوب،وتارة اخرى لايتمكن منه في غيره لانحصار الماء فيه،فعلى الثاني بما أنّ متعلق الأمر هنا غير متعلق النهي،حيث إنّ الأوّل عبارة عن الغسلتين والمسحتين مثلاً،والثاني عبارة عن الكون في الدار، والمفروض أ نّهما لا ينطبقان على موجود واحد في الخارج،فلا مانع من القول بالجواز،هذا من ناحية.ومن ناحية اخرى:أنّ وظيفة المكلف في هذا الفرض وإن كانت هي التيمم،لفرض أ نّه لا يتمكن من الوضوء أو الغسل شرعاً وإن تمكن منه عقلاً،وقد ذكرنا في غير مورد أنّ مشروعية الوضوء أو الغسل مشروطة بالتمكن من استعمال الماء عقلاً وشرعاً،وفي المقام بما أنّ الوضوء أو الغسل يتوقف على ارتكاب محرّم-وهو التصرف في مال الغير-فلا يتمكن منه،فإذن لا محالة تكون وظيفته التيمم لكونه فاقداً للماء.

فالنتيجة على ضوئهما هي:أنّ المكلف لو عصى ودخل الدار المغصوبة فتوضأ أو اغتسل فلا إشكال في صحته،بناءً على ما حققناه من إمكان الترتب،وهذا واضح.وعلى الأوّل فلا شبهة في صحة الوضوء أو الغسل ولو قلنا بالفساد في الفرض الأوّل،وذلك لأنّ الصحة في هذا الفرض لا تتوقف على القول بالترتب، بل لو قلنا باستحالته فمع ذلك يكون صحيحاً،والوجه فيه:هو أنّ المكلف


 

1) <page number=”509″ /><nl />في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص 511

 

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 510)


مأمور بالطهارة المائية فعلاً،لتمكنه منها،غاية الأمر أ نّه بسوء اختياره فقد ارتكب المحرّم بدخوله في المكان المزبور،ومن الظاهر أنّ ارتكاب محرّم مقدّمة للوضوء أو الغسل أو في أثنائه إذا لم يكن متحداً معه لا يوجب فساده،هذا كلّه فيما إذا لم يكن الفضاء مغصوباً،بل كان مباحاً أو مملوكاً للمتوضئ.

[الخامس:التوضؤ أو الاغتسال في الفضاء المغصوب]

الخامس: وهو التوضؤ أو الاغتسال في الفضاء المغصوب،أنّ الظاهر بطلان الوضوء فحسب دون الغسل.

أمّا الوضوء: فمن ناحية المسح حيث يعتبر فيه إمرار اليد وهو نحو تصرف في ملك الغير فيكون محرّماً،ومن الواضح استحالة وقوع المحرّم مصداقاً للواجب.فإذن لا بدّ من القول بالامتناع هنا لفرض اتحاد المأمور به مع المنهي عنه في مورد الاجتماع،ولا يفرق في ذلك بين صورتي انحصار الماء فيه-أي في الفضاء المغصوب-وعدم انحصاره فيه.نعم،لو تمكن المكلف من إيقاع المسح في غير الفضاء المغصوب وأوقع فيه لصح وضوءه على الأقوى وإن كان الأحوط تركه.

وعلى الجملة:فوظيفة المكلف في صورة الانحصار وإن كانت هي التيمم ولكنّه لو دخل في الفضاء المغصوب وتوضأ فيه،فإن أوقع المسح في غير الفضاء المغصوب لكان وضوءه صحيحاً،بناءً على ما حققناه من إمكان الترتب، وإن أوقع المسح فيه لكان فاسداً،لاستحالة كون المنهي عنه مصداقاً للمأمور به، لفرض أنّ المسح تصرف في ملك الغير،ومعه لا يمكن أن يكون واجباً.

ومن هنا استشكلنا في صحة التيمم في الفضاء المغصوب من جهة أنّ المعتبر فيه إمرار اليد وهو نحو تصرف فيه،ولا يفرق في هذا بين وجود المندوحة وعدمها.

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 511)


وأمّا الغسل: فبما أ نّه لا يعتبر فيه إمرار اليد فلا يكون تصرّفاً فيه،لفرض أنّ الواجب فيه وصول الماء إلى البشرة،ومن المعلوم أ نّه لا يكون تصرّفاً فيه، والتصرّف إنّما يكون في مقدّماته كما هو واضح.

فإذن لا مانع من القول بالجواز في المقام والالتزام بصحة الغسل بناءً على ما ذكرناه من إمكان الترتب ووقوعه خارجاً.

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 512)


محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 513)


فهرس الموضوعات

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 514)


فهرس الموضوعات الموضوع الصفحة التزاحم و التعارض الجهة الاولى:حقيقة التزاحم و واقعه الموضوعي 1

أقسام التزاحم 1

كلام المحقق النائيني في المقام 9

الجهة الثانية:حقيقة التعارض و واقعه الموضوعي 14

الجهة الثالثة:الفرق بين التزاحم و التعارض 17

الجهة الرابعة:مرجحات المتعارضين 20

مقتضى القاعدة في المتعارضين 20

انحصار المرجح بموافقة الكتاب و مخالفة العامة 21

اختصاص الترجيح بهما بالخبرين المتعارضين 24

الجهة الخامسة:مرجحات المتزاحمين 24

مقتضى القاعدة في المتزاحمين 24

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 515)


المرجح الأوّل:كون أحد الواجبين ممّا لا يدل له 25

الكلام في الفروع التي ذكرها المحقق النائيني في المقام 27

اختصاص التزاحم بالتكاليف النفسية 30

المرجح الثاني:كون أحد الواجبين مشروطا بالقدرة عقلا 42

القسم الأوّل:اشتراط أحد الواجبين بالقدرة شرعا 42

القسم الثاني:اشتراط كل من الواجبين بالقدرة شرعا 45

القسم الثالث:اشتراط كلا الواجبين بالقدرة عقلا 76

المرجح الثالث:تقدّم الأهم على المهم 76

ترجيح محتمل الأهمّية 82

الكلام في أنّ التخيير بين المتساويين عقلي أو شرعي؟88

فروع اخرى ذكرها المحقق النائيني للتزاحم 103

تفصيل الكلام في المنع عن جريان التزاحم في الأوامر الضمنية 106

مناقشات في الفروع التي ذكرها النائيني 127

نتائج بحث التزاحم و التعارض 152

أقسام التزاحم عند النائيني(قدس سره)159

جريان الترتب بين واجبين طوليين مع أهمّية المتأخر 163

جريان الترتب في موارد اجتماع الأمر و النهي 175

أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه 181

تعلّق الأوامر بالطبائع أو بالأفراد 192

مبحث النسخ 203

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 516)


الواجب التخييري 207

الآراء في حقيقة الواجب التخييري 207

المختار في حقيقة الوجوب التخييري 222

التخيير بين الأقل و الأكثر 227

الواجب الكفائي 236

الأقوال في تصوير الوجوب الكفائي 237

فرع ذكره المحقق النائيني في المقام 242

الواجب الموسّع و المضيّق 245

الاشكال على الواجب الموسّع و جوابه 245

الاشكال على الواجب المضيّق و جوابه 246

تبعيّة القضاء للأداء 247

جريان استصحاب عدم الاتيان لاثبات الفوت 257

الأمر بالأمر بفعل 261

الكلام في مشروعية عبادات الصبي 263

الأمر بالأمر بشيء 267

مبحث النواهي

الجهة الاولى:الفرق بين الأمر و النهي عند المشهور 269

مناقشة المشهور في المبنى و البناء 272

المختار في الفرق بين الأمر و النهي 273

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 517)


سبب اقتضاء النهي ترك جميع الأفراد 277

الجهة الثانية:تعلق الأمر بالفعل تارة و بالترك اخرى 304

صور قيام المصلحة بالفعل و الترك 304

نشوء النهي عن مفسدة في المتعلق لا المصلحة في الترك 305

إرشادية النواهي الواردة في العبادات إلى المانعية 307

انقسام الأمر بالترك إلى الضمني و الاستنقلالي 308

الثمرة بين صور الأمر الاستقلالي بالترك 311

الثمرة بين صور الأمر الضمني بالترك 318

وجوب التقليل في أفراد المانع مهما أمكن 320

ظهور أدلة المانعية في الانحلال 335

الجهة الثالثة:انحلال النهي بالنسبة إلى الأفراد العرضية و الطولية 354

كلام المحقق النائيني و نقده 355

اجتماع الأمر و النهي 360

الجهة الاولى:كون النزاع في المقام صغرويا لا كبرويا 360

الجهة الثانية:الفرق بين هذه المسألة و مسألة النهي عن العبادة 361

الجهة الثالثة:معنى«الواحد»في عنوان النزاع 365

الجهة الرابعة:مبنى القول بالجواز و القول بالامتناع 368

دخول المسألة في التعارض على الامتناع و في التزاحم على الجواز 368

الجهة الخامسة:اصولية مسألة الاجتماع 373

الجهة السادسة:نقد ابتناء القول بالجواز على نظر العرف 379

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 518)


الجهة السابعة:دخول أنواع الايجاب و التحريم في محل النزاع 383

الجهة الثامنة:اعتبار قيد المندوحة في محل النزاع 386

الجهة التاسعة:القول بابتناء النزاع على القول بتعلق الأمر بالطبيعة 389

القول بابتناء الجواز على القول بتعلق الأمر بالطبيعة و ابتناء الامتناع على القول بتعلقه بالأفراد 392

القول بابتناء المنع على القول بأصالة الوجود 396

مناقشة الأمر الثامن في الكفاية 400

قول الآخوند باشتراط اشتمال المجمع على ملاك الحكمين 400

دخول المقام في التزاحم مع اشتمال المجمع على كلام الحكمين و في التعارض مع اشتماله على ملاك واحد 400

مناقشة الأمر التاسع في الكفاية 407

بيان ما يمكن أن يحرز به اجتماع الملاكين في المجمع 407

ثمرة مسألة اجتماع الأمر و النهي 415

شهرة صحة الصلاة في الغصب على القول بجواز الاجتماع 415

تفصيل النائيني بين العالم بالحرمة و بين الجاهل و الناسي 416

طريق تصحيح الصلاة في المغصوب للجاهل بالحرمة و للعالم بها 422

مناقشة الأمر العاشر من الكفاية 425

طريق تصحيح صاحب الكفاية المجمع 425

ابتناء قول المشهور بصحة الصلاة على الجواز 440

الكلام في الناسي للحكم أو الموضوع 440

اختيار الآخوند الامتناع نتيجة مقدمات 442

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 519)


تخيل صاحب الفصول ابتناء القول بالجواز على أصالة الماهية 445

القول بابتناء الجواز على تعدد الجنس و الفصل 447

الكلام في تعدد المعنون بتعدد العنوان 453

تفصيل المحقق النائيني في المقام 453

اختيار النائيني القول بالجواز 461

المختار في مسألة اجتماع الأمر و النهي 472

كون الترتكيب بين المادة و الصورة اتحاديا 480

الكلام في إمكان اتحاد الصلاة مع الغصب خارجا 484

هل الهوي إلى الركوع و السجود جزء أو مقدمة؟489

اتحاد الصلاة مع الغصب في السجود 490

اعتبار الاعتماد في مفهوم السجود 491

نتائج الأبحاث السابقة 494

التوضؤ أو الاغتسال بالماء المغصوب 499

تفصيل النائيني في المقام 500

التوضؤ أو الاغتسال من آنية الذهب و الفضة 503

كلام المحقق النائيني في المقام 505

التوضؤ أو الاغتسال من الاناء المغصوب 508

التوضؤ أو الاغتسال في الدار المغصوبة 509

التوضؤ أو الاغتسال في الفضاء المغصوب 510

فهرس الموضوعات 513-519

 

محاضرات فی أصول الفقه – جلد ۳ 520)


Page Is Empty

 

Pages: 1 2 3 4 5 6
Pages ( 6 of 6 ): «1 ... 5 6