فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰

جلد

10

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰

عنوان کتاب : تعالیق مبسوطة علی مناسك الحج لسيدنا و استاذنا السيد الخوئي
نام ناشر : محلاتی
جلد : 10
تعداد صفحات: 692

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 5)


الجزء العاشر

[كتاب الحج]

……….


بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌

الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين محمد و آله الطيبين الطاهرين، و اللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين الى يوم الدين.

و بعد: إن هذه رسالة في مناسك الحج، وافية بأغلب ما يبتلى به عادة من المسائل. و هى رسالة منظمة مرتبة يسهل فهمها و مراجعتها. و قد أفردت فيها المستحبات عن الواجبات، لئلا يلتبس الأمر على المؤمنين. و أرجو من اللّه تعالى أن يجعلها ذخرا لي يَوْمَ‌ لاٰ يَنْفَعُ‌ مٰالٌ‌ وَ لاٰ بَنُونَ‌.

[وجوب الحج]

وجوب الحج يجب الحج على كل مكلف جامع للشرائط‍‌ الآتية و وجوبه ثابت بالكتاب، و السنة القطعية.

و الحج ركن من أركان الدين، و وجوبه من الضروريات و تركه – مع الاعتراف بثبوته – معصية كبيرة، كما أن انكار أصل الفريضة – اذا لم يكن مستندا الى شبهة – كفر.

قال اللّه تعالى في كتابه المجيد:«وَ لِلّٰهِ‌ عَلَى النّٰاسِ‌ حِجُّ‌ الْبَيْتِ‌ مَنِ‌ اسْتَطٰاعَ‌ إِلَيْهِ‌ سَبِيلاً، وَ مَنْ‌ كَفَرَ فَإِنَّ‌ اللّٰهَ‌ غَنِيٌّ‌ عَنِ‌ الْعٰالَمِينَ‌».



و روى الشيخ الكليني – بطريق معتبر – عن أبي عبد اللّه «ع»، قال: «من مات و لم يحج حجة الإسلام، و لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق معه الحج، أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا».

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 6)


و هناك روايات كثيرة تدل على وجوب الحج و الاهتمام به لم نتعرض لها طلبا للاختصار. و في ما ذكرناه من الآية الكريمة و الرواية كفاية للمراد.

و اعلم ان الحج الواجب على المكلف – في أصل الشرع – انما هو لمرة واحدة، و يسمى ذلك ب‍‌ (حجة الإسلام).

(مسألة 1): وجوب الحج بعد تحقق شرائطه فوري (1) فتجب المبادرة اليه في سنة الاستطاعة و ان تركه فيها عصيانا، أو لعذر وجب في السنة الثانية و هكذا. و لا يبعد أن يكون التأخير من دون عذر من الكبائر.

(مسألة 2): اذا حصلت الاستطاعة و توقف الاتيان بالحج على مقدمات و تهيئة الوسائل، وجبت المبادرة الى تحصيلها، و لو تعددت الرفقة، فان وثق بالادراك مع التأخير جاز له ذلك، و الا وجب الخروج من دون تأخير (2).

(مسألة 3): اذا امكنه الخروج مع الرفقة الأولى و لم يخرج معهم لوثوقه بالادراك مع التأخير و لكن اتفق انه لم يتمكن من المسير، أو أنه لم يدرك الحج بسبب التأخير استقر عليه الحج (3)، و ان كان معذورا في تأخيره.

(1)هذا شريطة أن لا يكون المستطيع واثقا و مطمئنا من نفسه صحيا و ماليا، بالتمكن من الاتيان به في السنة القادمة، و الاّ فهو مبني على الاحتياط‍‌، على تفصيل ذكرناه في المسألة (1) من (فصل في وجوب الحج) الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة) فراجع.

(2)على الأحوط‍‌ وجوبا، اذا كان مطمئنا و متأكدا من نفسه بالتمكن منه في العام القادم اذا أخر، و الاّ وجب عليه الخروج فورا.

(3)في الاستقرار اشكال بل منع، لأن المعيار في استقرار الحج على ذمة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 7)


[شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام]

شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام

[الشرط‍‌ الأول: البلوغ ]

الشرط‍‌ الأول: البلوغ.

فلا يجب على غير البالغ، و ان كان مراهقا، و لو حج الصبي لم يجزئه عن حجة الإسلام، و ان كان حجه صحيحا على الأظهر.

[مسألة 4: اذا خرج الصبي الى الحج فبلغ قبل ان يحرم من الميقات، و كان مستطيعا]

(مسألة 4): اذا خرج الصبي الى الحج فبلغ قبل ان يحرم من الميقات، و كان مستطيعا، فلا اشكال في ان حجه حجة الإسلام، و اذا احرم فبلغ بعد احرامه لم يجز له إتمام حجه ندبا، و لا عدوله إلى حجة الإسلام، بل يجب عليه الرجوع الى احد المواقيت، و الاحرام منه لحجة الإسلام، فان لم يتمكن من الرجوع اليه ففي محل احرامه تفصيل (1) يأتي إن شاء اللّه تعالى في حكم من تجاوز الميقات جهلا أو نسيانا و لم يتمكن من الرجوع اليه في المسألة 169.

المكلف في سنة الاستطاعة انما هو بتفويته لها عن تقصير و اهمال، و أما إذا كان عن عذر فلا موجب للاستقرار أصلا، على ما بيناه في المسألة (1) من (فصل في وجوب الحج) الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)الظاهر ان التفصيل الذي سوف نتكلم فيه ينطبق على الصبي أيضا، لأن مورد ذلك التفصيل و إن كان الانسان البالغ المكلف بالاحرام من الميقات، فانه اذا ترك الاحرام منه ناسيا أو جاهلا الى أن دخل الحرم ثم انتبه بالحال، فحينئذ ان تمكن من الرجوع الى الميقات و الاحرام منه وجب عليه ذلك، و إن لم يرجع عامدا و ملتفتا بطل عمله و إن لم يتمكن من الرجوع اليه، فوقتئذ ان تمكن من الخروج عن الحرم وجب عليه الخروج و الابتعاد منه الى المقدار الذي يمكنه و الاحرام من هناك، و الاّ فأحرم من مكانه، الاّ أن الروايات التي تنص على

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 8)


[مسألة 5: اذا حج ندبا معتقدا بانه غير بالغ فبان بعد اداء الحج انه كان بالغا]

(مسألة 5): اذا حج ندبا معتقدا بانه غير بالغ فبان بعد اداء الحج انه كان بالغا اجزأه عن حجة الإسلام (1).

[مسألة 6: يستحب للصبي المميز ان يحج، و لا يشترط‍‌ في صحته اذن الولي]

(مسألة 6): يستحب للصبي المميز ان يحج، و لا يشترط‍‌ في صحته اذن الولي (2).

[مسألة 7: يستحب للولي ان يحرم بالصبي غير المميز]

(مسألة 7): يستحب للولي ان يحرم بالصبي غير المميز، ذكرا كان أم انثى. و ذلك بان يلبسه ثوبي الاحرام و يأمره بالتلبية و يلقنه اياها، ان كان قابلا للتلقين، و الا لبّي عنه، و يجنّبه عما يجب على المحرم الاجتناب عنه (3)، و يجوز أن يؤخر تجريده عن الثياب إلى فخ، إذا كان سائرا من ذلك الطريق، و يأمره بالاتيان بكل ما يتمكن منه من افعال الحج، و ينوب عنه فيما لا يتمكن، و يطوف به و يسعى به بين الصفا و المروة، و يقف به في عرفات و المشعر، و يأمره بالرمي ان قدر عليه، و الا رمى عنه، و كذلك صلاة الطواف و يحلق رأسه، و كذلك بقية الأعمال.

ذلك تشمل الصبي أيضا، لأن موضوع هذه الروايات العاجز عن الرجوع الى الميقات مع ثبوت المقتضى للرجوع فيه.

(1)في الاجزاء اشكال، بل منع، و الأقوى عدم الاجزاء، و قد ذكرنا وجهه في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة) في المسألة (9) من (فصل في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام).

(2)اذ لا دليل على أن صحته مشروطة باذن الولي بعد ما كانت الروايات الدالة على مشروعية الحج من الصبي و استحبابه مطلقة، و مقتضى اطلاقها أن حجه صحيح و إن لم يكن مأذونا من قبل الولي.

(3)في وجوب ذلك اشكال، بل منع، لما سيأتي في باب محرمات الاحرام، من أن ما يكون حرمته تكليفية محضة لا يكون محرما على الصبي

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 9)


[مسألة 8: نفقة حج الصبي في ما يزيد على نفقة الحضر على الولي لا على الصبي]

(مسألة 8): نفقة حج الصبي في ما يزيد على نفقة الحضر على الولي لا على الصبي (1). نعم إذا كان حفظ‍‌ الصبي متوقفا على السفر به، أو كان السفر مصلحة له، جاز الانفاق عليه من ماله.

[مسألة 9: ثمن هدي الصبي على الولي]

(مسألة 9): ثمن هدي الصبي على الولي (2)، و كذلك كفارة صيده، و أما الكفارات التي تجب عند الاتيان بموجبها عمدا فالظاهر انها لا تجب بفعل الصبي لا على الولي و لا في مال الصبي.

[الشرط‍‌ الثاني: العقل ]

الشرط‍‌ الثاني: العقل.

فلا يجب الحج على المجنون (3) و ان كان ادواريا. نعم، إذا أفاق المجنون في اشهر الحج و كان مستطيعا و متمكنا من الاتيان بأعمال الحج وجب عليه، و إن كان مجنونا في بقية الأوقات.

[الشرط‍‌ الثالث: الحرية ]

الشرط‍‌ الثالث: الحرية.

المحرم بسبب احرامه، لأن البلوغ شرط‍‌ للتكليف. نعم، ان ما تكون حرمته وضعية لا تكليفية فلا مانع من ثبوتها على الصبي المحرم، كحرمة العقد على المحرم في حال الاحرام، فان البلوغ لا يكون شرطا في حرمته، و ستعرف تفصيل ذلك في ضمن البحوث الآتية.

(1)في اطلاقه اشكال بل منع، فان السفر اذا كان مصلحة للصبي جاز للولي أن ينفق تمام نفقات حجه من ماله و إن كان زائدا على نفقة الحضر، و إن لم يكن مصلحة له لم يجز.

(2)في اطلاقه اشكال، لأنه ان كانت في السفر مصلحة للصبي، فللولي حسب ولايته أن يأخذ ثمن هديه من ماله، بل و إن لم تكن فيه مصلحة له شريطة ان لا تكون فيه مفسدة، اذ يكفى في ولايته عليه عدم وجود مفسدة فيه.

(3)هذا لا لحديث رفع القلم، فانه ضعيف سندا، و لا للإجماع المدعى على اعتبار العقل، لما ذكرناه غير مرة من أنه لا طريق لنا الى احراز الاجماع في

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 10)


فلا يجب الحج على المملوك و ان كان مستطيعا و مأذونا من قبل المولى، و لو حج باذن مولاه صح و لكن لا يجزيه عن حجة الإسلام، فتجب عليه الاعادة (1) اذا كان واجدا للشرائط‍‌ بعد العتق.

[مسألة 10: اذا أتى المملوك المأذون من قبل مولاه في الحج بما يوجب الكفارة]

(مسألة 10): اذا أتى المملوك المأذون من قبل مولاه في الحج بما يوجب الكفارة فكفارته على مولاه في غير الصيد، و على نفسه فيه.

[مسألة 11: اذا حج المملوك باذن مولاه و انعتق قبل ادراك المشعر اجزأه عن حجة الإسلام]

(مسألة 11): اذا حج المملوك باذن مولاه و انعتق قبل ادراك المشعر اجزأه عن حجة الإسلام، بل الظاهر كفاية اداركه الوقوف بعرفات (2) معتقا، و ان لم يدرك المشعر، و يعتبر في الاجزاء الاستطاعة حين الانعتاق، فان لم يكن مستطيعا لم يجزئ حجه عن حجة الإسلام. و لا فرق في الحكم بالاجزاء بين اقسام الحج من الافراد و القران و التمتع اذا كان المأتي به مطابقا لوظيفته الواجبة.

[مسألة 12: اذا انعتق العبد قبل المشعر في حج التمتع فهديه عليه]

(مسألة 12): اذا انعتق العبد قبل المشعر في حج التمتع فهديه عليه، و ان لم يتمكن فعليه ان يصوم بدل الهدي على ما يأتي، و ان لم ينعتق فمولاه بالخيار، فان شاء ذبح عنه، و ان شاء امره بالصوم.

المسألة، بل من جهة أن المجنون في نفسه غير قابل لتوجيه الخطاب التكليفي اليه.

(1)للروايات التي تنص على ذلك، و قد تكلمنا حول هذه الروايات مفصلا في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة) في (فصل شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام).

(2)الأمر كما افاده قدّس سرّه و ينص عليه قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار:

«اذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج»1. و تمام الكلام في المسألة(9)


 

(1)) <page number=”10″ />الوسائل: الباب 17 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 11)


[الشرط‍‌ الرابع: الاستطاعة ]

الشرط‍‌ الرابع: الاستطاعة.

[و يعتبر فيها امور ]

و يعتبر فيها امور:

[الأول: السعة في الوقت ]

الاول: السعة في الوقت، و معنى ذلك وجود القدر الكافي من الوقت للذهاب الى مكة و القيام بالأعمال الواجبة هناك، و عليه فلا يجب الحج إذا كان حصول المال في وقت لا يسع للذهاب و القيام بالأعمال الواجبة فيها، أو أنه يسع ذلك و لكن بمشقة شديدة لا تتحمل عادة، و في مثل ذلك يجب عليه التحفظ‍‌ على المال إلى السنة القادمة، فان بقيت الاستطاعة اليها وجب الحج فيها، و إلا لم يجب.

[الثاني: الأمن و السلامة ]

الثاني: الأمن و السلامة (1)، و ذلك بان لا يكون خطرا على النفس أو المال أو العرض ذهابا و ايابا و عند القيام بالأعمال، كما ان الحج لا يجب مباشرة على مستطيع لا يتمكن من قطع المسافة لهرم أو مرض أو لعذر اخر و لكن تجب عليه الاستنابة على ما سيجيء تفصيله.

[مسألة 13: اذا كان للحج طريقان احدهما مأمون و الآخر غير مأمون لم يسقط‍‌ وجوب الحج]

(مسألة 13): اذا كان للحج طريقان احدهما مأمون و الآخر غير مأمون لم يسقط‍‌ وجوب الحج، بل وجب الذهاب من الطريق المأمون، و ان كان أبعد.

من (فصل في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة) فراجع.

(1)المستفاد من الآية الشريفة و الروايات الواردة في تفسيرها أن الاستطاعة تتكون من العناصر التالية:

الأول: الامكانية المالية.

الثاني: الأمن و السلامة في الطريق على نفسه و عرضه و ماله ذهابا و ايابا، و عند ممارسة اعمال الحج.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 12)


[مسألة 14: اذا كان له في بلده مال معتد به و كان ذهابه إلى الحج مستلزما لتلفه لم يجب عليه الحج]

(مسألة 14): اذا كان له في بلده مال معتد به و كان ذهابه إلى الحج مستلزما لتلفه لم يجب عليه الحج (1)، و كذلك إذا كان هناك ما يمنعه عن الذهاب شرعا (2)، كما إذا استلزم حجه ترك واجب اهم من الحج، كانقاذ غريق أو حريق، أو توقف حجه على ارتكاب محرم كان الاجتناب عنه اهم من الحج.

الثالث: وجود ما به الكفاية، أي التمكن بعد انفاق ما لديه على سفر الحج و الرجوع الى بلده، من استيناف وضعه المعاشي الطبيعي و بدون الوقوع في حرج، فاذا توفرت هذه العناصر الثلاثة في وقت متسع عند شخص، فقد وجبت عليه حجة الإسلام، سواء أ كان هناك واجب آخر مضاد له أم لا، غاية الأمر اذا كان هناك واجب آخر يقع التزاحم بينهما، فيرجع حينئذ الى مرجحاته، و قد يكون وجوب الحج أهم منه فيقدم عليه، و قد يكون الأمر بالعكس. و تمام الكلام في ذلك في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى) في الأمر الثالث من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام).

(1)لما عرفت من أن من عناصر الاستطاعة الأمن و السلامة على ماله اذا سافر الى الحج، و أما إذا اختل من سفره الى الحج الأمن على ماله، فلا يكون مستطيعا، هذا.

اضافة الى أنه لا مانع من تطبيق قاعدة لا ضرر في المقام، لأن طبيعة عملية الحج و إن كانت ضررية، و لا يمكن تطبيق هذه القاعدة عليها إذا كانت تستلزم في وقت أو آخر انفاق المال في طريق انجاز هذه العملية اكثر من الأجرة الاعتيادية، الا أنها اذا كانت تستلزم في مورد اتفاقا تلف مال معتد به الذي لا صلة له بما ينفق عليها، فلا مانع من تطبيق قاعدة لا ضرر عليه.

(2)فيه ان قياس عدم وجوب الحج في هذه الأمثلة بعدم وجوبه في المثال الأول قياس مع الفارق، فان عدم وجوبه في المثال الأول انما هو من جهة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 13)


[مسألة 15: اذا حج مع استلزام حجه ترك واجب اهم أو ارتكاب محرم كذلك فهو]

(مسألة 15): اذا حج مع استلزام حجه ترك واجب اهم أو ارتكاب محرم كذلك فهو و ان كان عاصيا من جهة ترك الواجب أو فعل الحرام إلا أن الظاهر أنه يجزي عن حجة الإسلام (1) إذا كان واجدا لسائر الشرائط‍‌ و لا فرق في ذلك بين من كان الحج مستقرا عليه و من كان اول سنة استطاعته.

[مسألة 16: إذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه إلا ببذل مال معتد به]

( (مسألة 16): إذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه إلا ببذل مال معتد به، لم يجب بذله و يسقط‍‌ وجوب الحج (2).

عدم ثبوت المقتضى له كعدم توفر الاستطاعة بتمام عناصرها، أو من جهة حديث لا ضرر. فبالنتيجة ان وجوب الحج فيه غير مجعول في الشريعة المقدسة، و أما في هذه الأمثلة فوجوب الحج ثابت في الشريعة، غاية الأمر انه مزاحم مع وجوب أهم في مرحلة الامتثال، فمن أجل ذلك لا يكون بفعلى، على أساس ما ذكرناه في علم الأصول من أن التزاحم اذا كان بين الواجب الأهم و الواجب المهم كان وجوب المهم مقيدا لبا و واقعا بعدم الاشتغال بالأهم، و من هنا اذا ترك المكلف الاشتغال بالأهم كان وجوب المهم فعليا، بناء على ما هو الصحيح من القول بالترتب، و عليه فاذا أتى بالمهم صح، أو فقل انه على القول بالترتب في تلك الأمثلة يكون المرفوع اطلاق وجوب الحج لا أصله، يعني وجوبه في حال الاشتغال بالأهم لا مطلقا.

(1)هذا مبنى على القول بامكان الترتب كما هو الصحيح.

(2)مر ان من عناصر الاستطاعة الأمن و السلامة على ماله، و مع وجود عدو له في الطريق بحيث لا يمكن دفعه الا ببذل مال معتد به، فلا أمن له فيه على ماله، فاذا لم يكن له أمن لم يكن مستطيعا حتى يجب عليه الحج، أو فقل ان العدو الذي يفرض عليه من المال فهو من اللصوص و قطاع الطريق، فلا أمن، و مع قطع النظر عن هذا فلا يكون بذل المال له لفتح الطريق الى الحج مانعا عن

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 14)


[مسألة 17: لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط‍‌ وجوب الحج]

(مسألة 17): لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط‍‌ وجوب الحج، إلا مع خوف الغرق أو المرض، و لو حج مع الخوف صح حجه على الأظهر (1).

وجوبه ما لم يكن حرجيا، اذ مجرد كونه ضرريا لا يمنع عن وجوبه، لما تقدم من أنه لا يمكن تطبيق حديث لا ضرر على عملية الحج، فان هذه العملية قد تتطلب انفاق مال في سبيل انجازها اكثر من الأجرة الاعتيادية، فاذا فرض أن الحج في سنة يتطلب بسبب أو آخر انفاق مبالغ اكثر من الأجرة المتعارفة، كما إذا كان هناك في الطريق من يفرض عليه ضريبة مالية معتدة بها، أو ان الطريق المألوف الأقرب الى مكة محفوف بالمخاطر و غير مأمون، و الطريق الأطول الذي يتوفر فيه الأمن و السلامة يتطلب بذل مبالغ اكثر و مئونة زائدة، و في هذه الحالة هل يحتمل ان الحج في هذه السنة غير واجب على من لديه الامكانية المالية لدفع الضرائب، أو بذل مؤنة السفر من الطريق الأطول المأمون، و جواز تأخيره الى أن ترفع الضرائب على السفر أو المخاطر عن الطريق المألوف‌؟

و الجواب: انه غير محتمل ضرورة أن وجوب الحج مرتبط‍‌ بالاستطاعة، و المفروض أن من لديه الامكانية المالية و القدرة على السفر من الطريق الأطول المأمون أو دفع الضرائب فهو مستطيع فيجب عليه الحج.

(1)في الصحة اشكال، و لا يبعد بطلانه، لما مر من أن الأمن و السلامة (العنصر الثاني) من عناصر الاستطاعة، و بدون توفره لشخص فلا استطاعة له لكي يجب عليه الحج، و إذا أصرّ في هذه الحالة على أن يحج فحج لم يكن حجه حجة الإسلام.

و النكتة في ذلك هو أن من يسافر بحرا الى الحج فبطبيعة الحال كان يحرم في البحر، لفرض أن جدة ليست ميقاتا، و أما كونها محاذية للميقات فهو غير معلوم، فاذن يكون احرامه في حالة لا أمن فيها، فلا يكون احراما لحج

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 15)


[الثالث: الزاد و الراحلة ]

الثالث: الزاد و الراحلة (1)، و معنى الزاد هو وجود ما يتقوت به في الطريق من المأكول و المشروب و سائر ما يحتاج إليه في سفره، أو وجود مقدار من المال (النقود و غيرها) يصرفه في سبيل ذلك ذهابا و ايابا، و معنى الراحلة هو وجود وسيلة يتمكن بها من قطع المسافة ذهابا و ايابا، و يلزم في الزاد و الراحلة ان يكونا مما يليق بحال المكلف.

التمتع من حجة الإسلام، و عليه فتكون عمرته متعة باطلة، لأنها بلا احرام، و سوف يأتي في محله ان الاتيان بعمرة التمتع تاركا لا حرامها و إن كان عن نسيان أو جهل غير صحيح. نعم اذا لم يحرم في البحر، و وصل الى جدة، و ذهب الى أحد المواقيت و أحرم منه، صح و لا شيء عليه، و كذلك اذا احرم من جدة بنذر اذا لم يكن بامكانه الذهاب الى الميقات.

و من هنا يظهر ان الطريق اذا كان غير مأمون لشخص بسبب او آخر الى الميقات فحسب، و أما منه الى مكة فمأمون له، ففي مثل ذلك لا يجب عليه الحج لأنه غير مستطيع، باعتبار أن العنصر الثاني منها و هو الأمن و السلامة مفقود في حقه، الاّ أنه مع ذلك اذا أصر على السفر من ذلك الطريق غير المأمون، و سافر منه و وصل الى الميقات سالما أصبح مستطيعا فيه، فاذا أحرم منه لعمرة التمتع صح، و كان حجه حجة الإسلام.

نعم، اذا كان الطريق الى مكة غير مأمون لم يصح احرامه من الميقات أيضا لعمرة التمتع من حجة الإسلام، و أما إذا وصل الى مكة في هذه الحالة فعليه أن يحرم من الموضع الذي ارتفع عنه الخوف و أصبح آمنا.

(1)فيه ان وجود الراحلة ليس دخيلا في الاستطاعة مطلقا بل عند الحاجة اليه، و قد ذكرنا في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة) أن المتفاهم العرفي من الروايات المشتملة على الراحلة هو عدم موضوعيتها، و أخذها في الروايات

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 16)


[مسألة 18: لا يختص اشتراط‍‌ وجود الراحلة بصورة الحاجة اليها]

(مسألة 18): لا يختص اشتراط‍‌ وجود الراحلة بصورة الحاجة اليها (1). بل يشترط‍‌ مطلقا و لو مع عدم الحاجة اليها، كما إذا كان قادرا على المشي من دون مشقة و لم يكن منافيا لشرفه.

[مسألة 19: العبرة في الزاد و الراحلة بوجودهما فعلا]

(مسألة 19): العبرة في الزاد و الراحلة بوجودهما فعلا، فلا يجب على من كان قادرا على تحصيلهما بالاكتساب و نحوه، و لا فرق في اشتراط‍‌ وجود الراحلة بين القريب و البعيد.

[مسألة 20: الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج انما هي الاستطاعة من مكانه لا من بلده]

(مسألة 20): الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج انما هي الاستطاعة من مكانه (2) لا من بلده، فاذا ذهب المكلف إلى المدينة مثلا للتجارة أو لغيرها و كان له هناك ما يمكن ان يحج به من الزاد و الراحلة أو ثمنهما وجب عليه الحج، و ان لم يكن مستطيعا من بلده.

[مسألة 21: اذا كان للمكلف ملك و لم يوجد من يشتريه بثمن المثل و توقف الحج على بيعه باقل منه بمقدار معتد به لم يجب البيع]

(مسألة 21): اذا كان للمكلف ملك و لم يوجد من يشتريه بثمن المثل و توقف الحج على بيعه باقل منه بمقدار معتد به لم يجب البيع (3)، و اما اذا ارتفعت الاسعار فكانت أجرة المركوب مثلا في سنة الاستطاعة أكثر منها في السنة الآتية لم يجز التأخير.

في مقابل الزاد انما هو للحاجة اليها إما لحمل الزاد، أو للركوب، و الاّ فلا موضوعية لها.

(1)بل يختص بها على الأظهر كما مر.

(2)الأمر كما افاده قدّس سرّه لأن وجوب الحج مرتبط‍‌ بالاستطاعة، فاذا كان الانسان مستطيعا ذهابا و ايابا و عند ممارسة اعمال الحج وجب، سواء أ كانت هذه الاستطاعة من بلده أو بلد اقامته، لأن الآية الشريفة و الروايات جميعا تنص على وجوب الحج على من استطاع اليه سبيلا و إن كانت من بلد اقامته.

(3)في اطلاقه اشكال، بل منع، لأن الخسارة في البيع اذا كانت بدرجة كان

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 17)


[مسألة 22: انما يعتبر وجود نفقة الاياب في وجوب الحج فيما اذا اراد المكلف العود إلى وطنه]

(مسألة 22): انما يعتبر وجود نفقة الاياب في وجوب الحج فيما اذا اراد المكلف العود إلى وطنه. و اما اذا لم يرد العود و اراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، فلا بد من وجود النفقة إلى ذلك البلد، و لا يعتبر وجود مقدار العود إلى وطنه.

نعم، إذا كان البلد الذي يريد السكنى فيه أبعد من وطنه لم يعتبر وجود النفقة إلى ذلك المكان، بل يكفي في الوجوب وجود مقدار العود إلى وطنه.

[الرابع: الرجوع إلى الكفاية ]

الرابع: الرجوع إلى الكفاية، و هو التمكن بالفعل أو بالقوة من اعاشة نفسه و عائلته بعد الرجوع.

و بعبارة واضحة: يلزم ان يكون المكلف على حالة لا يخشى معها في نفسه و عائلته من العوز و الفقر بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحج (1)، و عليه فلا يجب على من يملك مقدارا من المال يفي بمصارف الحج و كان ذلك وسيلة لإعاشته و اعاشة عائلته، مع العلم بانه لا يتمكن من الاعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه، فبذلك يظهر أنه لا يجب بيع ما يحتاج اليه في ضروريات معاشه من امواله فلا يجب بيع دار سكناه اللائقة بحاله و ثياب تجمله و اثاث بيته، و لا آلات الصنائع التي يحتاج اليها في معاشه، و نحو ذلك مثل الكتب بالنسبة إلى

تحملها حرجيا لم يجب البيع، و الاّ وجب للذهاب الى الحج، و قد مر أنه لا يمكن التمسك بحديث لا ضرر في المقام، فاذا كان الحج متوقفا على البيع بخسارة لم يكن تحملها حرجيا وجب، و لا يجوز تأخيره الى سنة أخرى.

نعم، اذا كان الشخص واثقا و مطمئنا بتمكنه من الحج في السنة القادمة صحيا و ماليا، فعندئذ لا يبعد عدم وجوب البيع.

(1)سبق ان المعيار في وجود ما به الكفاية انما هو بتمكن الحاج بعد

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 18)


أهل العلم مما لا بد منه في سبيل تحصيله، و على الجملة كل ما يحتاج اليه الانسان في حياته و كان صرفه في سبيل الحج موجبا للعسر و الحرج لم يجب بيعه.

نعم، لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحج، بل من كان عنده دار قيمتها الف دينار – مثلا – و يمكنه بيعها و شراء دار اخرى باقل منها من دون عسر و حرج لزمه ذلك إذا كان الزائد وافيا بمصارف الحج ذهابا و ايابا و بنفقة عياله.

[مسائل في الاستطاعة ]
[مسألة 23: اذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحج لحاجته اليه]

(مسألة 23): اذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحج لحاجته اليه، ثم استغنى عنه وجب عليه بيعه لأداء فريضة الحج – مثلا – إذا كان للمرأة حلي تحتاج اليه و لا بد لها منه ثم استغنت عنه لكبرها او لأمر آخر، وجب عليها بيعه لأداء فريضة الحج.

[مسألة 24: اذا كانت له دار مملوكة و كانت هناك دار اخرى يمكنه السكنى فيها من دون حرج عليه]

(مسألة 24): اذا كانت له دار مملوكة و كانت هناك دار اخرى يمكنه السكنى فيها من دون حرج عليه كما اذا كانت موقوفة تنطبق عليه، وجب عليه بيع الدار المملوكة إذا كانت وافية بمصارف الحج، و لو بضميمة ما عنده من المال، و يجري ذلك في الكتب العلمية و غيرها مما يحتاج اليه في حياته.

[مسألة 25: اذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحج و كان بحاجة الى الزواج او شراء دار لسكناه او غير ذلك مما يحتاج اليه]

(مسألة 25): اذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحج و كان بحاجة الى الزواج او شراء دار لسكناه او غير ذلك مما يحتاج اليه فان كان صرف ذلك المال في الحج موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحج، و إلا وجب عليه.

[مسألة 26: اذا كان ما يملكه دينا على ذمة شخص و كان الدين حالا وجبت عليه المطالبة]

(مسألة 26): اذا كان ما يملكه دينا على ذمة شخص و كان الدين حالا وجبت عليه المطالبة فان كان المدين مماطلا وجب اجباره على

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 19)


الأداء، و ان توقف تحصيله على الرجوع الى المحاكم العرفية لزم ذلك (1)، كما تجب المطالبة فيما إذا كان الدين مؤجلا و لكن المدين يؤديه لو طالبه، و أما إذا كان المدين معسرا او مماطلا و لا يمكن اجباره أو كان الاجبار مستلزما للحرج، أو كان الدين مؤجلا و المدين لا يسمح باداء ذلك قبل الأجل ففي جميع ذلك ان امكنه بيع الدين بما يفي بمصارف الحج و لو بضميمة ما عنده من المال و لم يكن في ذلك ضرر و لا حرج وجب البيع و إلا لم يجب.

[مسألة 27: كل ذي حرفة كالحدّاد و البنّاء و النجّار و غيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم و نفقة عوائلهم يجب عليهم الحج]

(مسألة 27): كل ذي حرفة كالحدّاد و البنّاء و النجّار و غيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم و نفقة عوائلهم يجب عليهم الحج إذا حصل لهم مقدار من المال بارث أو غيره و كان وافيا بالزاد و الراحلة و نفقة العيال مدة الذهاب و الاياب.

الرجوع من سفر الحج و انفاق ما لديه من استعادة وضعه المعاشي الطبيعي، بدون الوقوع في حرج و ضيق، فاذا كان الحاج واثقا و مطمئنا بذلك فهو مستطيع، يجب عليه الحج، و الاّ لم تثبت استطاعته.

(1)فانه اذا كان قادرا على تحصيل الدين من المدين الوافي بتمام نفقات سفر الحج اللائقة بحاله كان مستطيعا، حيث ان الإمكانية المالية للإنفاق على سفر الحج متحققة عنده، اذ لا يقصد بها وجود نقود عنده فعلا، بل يقصد بها وجود مال تفي قيمته بنفقات الحج، و لا فرق بين أن يكون ذلك المال من الأعيان الخارجية كالدار أو البستان أو غيرهما، أو من الديون الثابتة في ذمة غيره، فاذا كان ذلك المال تحت تصرفه و سلطانه و لو بالواسطة، كفى ذلك في وجوب الحج عليه، و هذا يفترق عما اذا كان الانسان قادرا على اقتراض مال تفي قيمته بنفقات سفر الحج، لأنه قبل الاقتراض لم تكن لديه الامكانية المالية و انما

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 20)


[مسألة 28: من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس و الزكاة و غيرهما و كانت نفقاته بحسب العادة مضمونة من دون مشقة]

(مسألة 28): من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس و الزكاة و غيرهما و كانت نفقاته بحسب العادة مضمونة من دون مشقة لا يبعد وجوب الحج عليه فيما اذا ملك مقدارا من المال يفي بذهابه و إيابه و نفقة عائلته. و كذلك من قام احد بالانفاق عليه طيلة حياته، و كذلك كل من لا يتفاوت حاله قبل الحج و بعده (1) من جهة المعيشه ان صرف ما عنده في سبيل الحج.

أوجدها بالاقتراض، فمن أجل ذلك لا يجب، و هذا بخلاف ما إذا كان المال من الأعيان الخارجية، أو الديون في الذمة يتوقف نقدها فعلا لكي يصرف في نفقات الحج على مقدمة خارجية، كالبيع أو الرجوع الى المحاكم الشرعية أو العرفية، و لكن تحصيل تلك المقدمة ليست من تحصيل الاستطاعة، بل استطاعته تفرض عليه تحصيلها.

(1)هذا لا بمعنى أن وجود ما به الكفاية غير معتبر في وجوب الحج، بل بمعنى انه يختلف باختلاف حالات افراد المستطيع في الخارج، فان المراد من وجود ما به الكفاية – كما عرفت – هو تمكن الحاج بعد الانفاق على سفر الحج من استيناف وضعه المعاشي الاعتيادي بدون الوقوع في حرج و ضيق، فمن يعيش على الوجوه الشرعية يتمكن بعد انفاق ما لديه من المال على سفر الحج من استعادة وضعه المعاشي الطبيعي بدون الوقوع في محذور، و لا يتوقف ذلك على وجود مال معتد به عنده بعد الرجوع من الحج، و كذلك الحال فيمن كانت نفقته طيلة حياته مضمونة كالزوجة – مثلا – أو ممن لا يتفاوت حاله قبل الحج و بعده كالسائل بالكف، فانه تكفى في وجوب الحج عليه الامكانية المالية عنده لنفقات الحج ذهابا و ايابا و عند ممارسة الأعمال فحسب، باعتبار أن وجود ما به الكفاية عنده مضمون.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 21)


[مسألة 29: لا يعتبر في الاستطاعة الملكية اللازمة بل تكفي الملكية المتزلزلة أيضا]

(مسألة 29): لا يعتبر في الاستطاعة الملكية اللازمة بل تكفي الملكية المتزلزلة أيضا (1). فلو صالحه شخص ما يفي بمصارف الحج و جعل لنفسه الخيار الى مدة معينة وجب عليه الحج، و كذلك الحال في موارد الهبة الجائزة.

[مسألة 30: لا يجب على المستطيع ان يحج من ماله]

(مسألة 30): لا يجب على المستطيع ان يحج من ماله، فلو حج متسكعا أو من مال شخص آخر اجزأه. نعم، إذا كان ثوب طوافه أو ثمن هديه مغصوبا لم يجزئه ذلك (2).

[مسألة 31: لا يجب على المكلف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب أو غيره]

(مسألة 31): لا يجب على المكلف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب أو غيره، فلو وهبه احد مالا يستطيع به لو قبله، لم يلزمه القبول (3)،

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لما مر من أن العنصر الأول من الاستطاعة الامكانية المالية، و من الواضح أنه لا يؤخذ في مفهومها الملك فضلا عن كون الملك لازما، و من هنا كما ان الامكانية الماليه لنفقات الحج تحصل بالملكية اللازمة، كذلك تحصل بالملكية الجائزة، بل بالاباحة أيضا.

(2)فيه ان هذا انما يتم في الهدي فحسب، فانه اذا كان بعينه مغصوبا، أو اشتراه بثمن شخصي مغصوب كان في الحقيقة تاركا للهدي عن عمد و اختيار، و يترتب على ذلك بطلان طوافه و حجه، و لا يتم ذلك في الطواف، فان غصبية الساتر فيه لا تضر بصحته، حيث إن الحرام لا يكون مصداقا للواجب، لأن الحرام ذات القيد يعنى الساتر، و هو خارج عن الواجب، فلا ينطبق عليه، و التقيد به و إن كان داخلا فيه، و لكن بما أنه أمر معنوي لا وجود له في الخارج، فلا يتصف بالحرمة، فلذلك لا مانع من الحكم بصحة الطواف و إن اعتبر الطائف آثما.

(3)هذا باعتبار أن حصول الامكانية المالية عنده يتوقف على قبوله الهبة، و هو غير واجب عليه، لأنه من تحصيل الاستطاعة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 22)


و كذلك لو طلب منه ان يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعا و لو كانت الخدمة لائقة بشأنه. نعم، لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج و استطاع بذلك، وجب عليه الحج.

[مسألة 32: اذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج و استطاع بمال الاجارة]

(مسألة 32): اذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج و استطاع بمال الاجارة، قدم الحج النيابي اذا كان مقيدا بالسنة الحالية فان بقيت الاستطاعة الى السنة القادمة وجب عليه الحج و الا فلا (1) و إن لم يكن الحج النيابي مقيدا بالنسبة الفعلية قدم الحج عن نفسه.

[مسألة 33: اذا اقترض مقدارا من المال يفي بمصارف الحج و كان قادرا على وفائه بعد ذلك وجب عليه الحج]

(مسألة 33): اذا اقترض مقدارا من المال يفي بمصارف الحج و كان قادرا على وفائه بعد ذلك وجب عليه الحج.

[مسألة 34: اذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج و كان عليه دين و لم يكن صرف ذلك في الحج منافيا لأداء ذلك الدين وجب عليه الحج]

(مسألة 34): اذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج و كان عليه دين و لم يكن صرف ذلك في الحج منافيا لأداء ذلك الدين وجب عليه الحج، و إلا فلا، و لا فرق في الدين بين أن يكون حالا أو مؤجلا و بين ان يكون سابقا على حصول ذلك المال أو بعد حصوله.

[مسألة 35: اذا كان عليه خمس او زكاة و كان عنده مقدار من المال و لكن لا يفي بمصارف الحج لو ادّاهما]

(مسألة 35): اذا كان عليه خمس او زكاة و كان عنده مقدار من المال و لكن لا يفي بمصارف الحج لو ادّاهما وجب عليه اداؤهما، و لم يجب عليه الحج، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الخمس و الزكاة في عين المال او يكونا في ذمته (2).

نعم، لو وهبه للحج فحسب وجب عليه القبول، لإطلاق روايات البذل.

(1)هذا باعتبار ان وجوب أداء الدين أهم من وجوب الحج فيقدم عليه في مقام التزاحم، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الدين حالا أو مؤجلا، كان قبل حصول هذا المال عنده أم بعده، لأن المعيار انما هو بالتنافي و التزاحم بينهما في مقام الامتثال و العمل.

(2)هذا و لكن فرق بين الأمرين من ناحية أخرى، و هي أن الخمس او

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 23)


[مسألة 36: اذا وجب عليه الحج و كان عليه خمس أو زكاة او غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه اداؤها]

(مسألة 36): اذا وجب عليه الحج و كان عليه خمس أو زكاة او غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه اداؤها و لم يجز له تأخيره لأجل السفر إلى الحج، و لو كان ثياب طوافه و ثمن هديه من المال الذي قد تعلق به الحق لم يصح حجه (1).

[مسألة 37: اذا كان عنده مقدار من المال و لكنه لا يعلم بوفائه بنفقات الحج]

(مسألة 37): اذا كان عنده مقدار من المال و لكنه لا يعلم بوفائه بنفقات الحج، لم يجب عليه الحج و لا يجب عليه الفحص، و ان كان الفحص أحوط‍‌.

[مسألة 38: اذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحج منفردا أو منضما الى المال الموجود عنده]

(مسألة 38): اذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحج منفردا أو منضما الى المال الموجود عنده، فان لم يكن متمكنا من التصرف في ذلك المال و لو بتوكيل من يبيعه هناك، لم يجب عليه الحج و إلا وجب.

[مسألة 39: اذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج وجب عليه الحج]

(مسألة 39): اذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج وجب عليه الحج و لم يجز له التصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة و لا يمكنه التدارك، و لا فرق في ذلك بين تصرفه بعد التمكن من المسير و تصرفه فيه قبله، بل الظاهر عدم جواز التصرف فيه قبل اشهر الحج أيضا.

الزكاة اذا كان متعلقا بعين المال فلا استطاعة في البين، فيكون عدم وجوب الحج حينئذ انما هو من جهة عدم تحقق موضوعه في الخارج، و هو الاستطاعة، و اذا كان متعلقا في الذمة فالاستطاعة ثابتة، غاية الأمر يقع التزاحم حينئذ بين وجوب أداء ما في الذمة، و وجوب الحج، و بما أن وجوب أداء الدين أهم من وجوب الحج فيقدم عليه.

(1)في اطلاقه اشكال، بل منع، لأن الهدي إذا كان بعينه متعلقا للحق الشرعي من الخمس أو الزكاة كان المكلف حينئذ تاركا له متعمدا، و عليه فيبطل طوافه، فبالنتيجة حجّه، و إن اشترى الهدي بثمن كان متعلقا للحق الشرعي، فان

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 24)


نعم، اذا تصرف فيه ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك حكم بصحة التصرف و ان كان آثما بتفويته الاستطاعة (1).

اشتراه بشخص ثمن متعلق له لا بثمن في الذمة كان تاركا للهدي أيضا، و إن اشتراه في الذمة و أدى ثمنه من ذلك المال المتعلق للخمس أو الزكاة صح، و لكن يعتبر المشتري آثما و ضامنا للحق الشرعي الذي أتلفه.

(1)السبب فيه ان المستفاد من الآية الشريفة و الروايات المفسرة لها أن وجوب الحج يتحقق بتحقق الاستطاعة مشروطا بشرط‍‌ متأخر زمانا، و هو مجيء يوم عرفة، فان يوم عرفة و إن كان من شروط‍‌ الواجب و هو الحج و قيوده، الاّ أنا ذكرنا في علم الأصول أن قيد الواجب اذا كان غير اختياري فلا بد أن يكون قيدا للوجوب أيضا، اذ لو كان الوجوب مطلقا لزم كونه محركا للمكلف فعلا نحو الاتيان بالواجب المقيد بقيد غير اختياري، و هو تكليف بالمحال، و على هذا الأساس فيوم عرفة كما أنه قيد للواجب في المقام و هو الحج، كذلك قيد للوجوب بنحو الشرط‍‌ المتأخر في مرحلة الاعتبار و الجعل، و لاتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادي و الملاكات، و حينئذ فتحقق الاستطاعة كما يكون كاشفا عن تحقق وجوب الحج مشروطا بشرط‍‌ متأخر، كذلك يكون كاشفا عن اتصافه بالملاك التام في ظرفه، فمن أجل ذلك لا يجوز تفويت الاستطاعة و إن كانت قبل أشهر الحج، لأن تفويتها تفويت للملاك التام الملزم في وقته، و هو غير جائز، و عندئذ فيجب على المكلف التحفظ‍‌ على ذلك الملاك التام في ظرفه بالتحفظ‍‌ على استطاعته و عدم تفويتها.

و بكلمة: ان كل ما أخذه الشارع في لسان الدليل في مرحلة الاعتبار قيدا للحكم فهو قيد لاتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادي أيضا، على أساس أن الملاك هو حقيقة الحكم و روحه، و هو الداعي للاعتبار و الجعل بغرض الحفاظ‍‌ عليه لاستيفائه و عدم تفويته، و لو لا الملاك فلا قيمة للاعتبار بما هو

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 25)


[مسألة 40: الظاهر انه لا يعتبر في الزاد و الراحلة ملكيتهما]

(مسألة 40): الظاهر انه لا يعتبر في الزاد و الراحلة ملكيتهما (1)، فلو كان عنده مال يجوز له التصرف فيه وجب عليه الحج إذا كان وافيا بنفقات الحج مع وجدان سائر الشروط‍‌.

[مسألة 41: كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد و الراحلة حدوثا كذلك يعتبر بقاء إلى إتمام الأعمال]

(مسألة 41): كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد و الراحلة حدوثا كذلك يعتبر بقاء إلى إتمام الأعمال، بل الى العود الى وطنه، فان تلف المال في بلده أو في اثناء الطريق لم يجب عليه الحج و كشف ذلك عن عدم الاستطاعة من اول الأمر، و مثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري (2)، كما اذا أتلف مال غيره خطأ و لم يمكنه اداء بدله اذا صرف ما عنده في سبيل الحج.

اعتبار، و على ذلك فبما أن الاستطاعة قد أخذت في لسان الدليل شرعا، فهي كما تكون قيدا لوجوب الحج في مرحلة الاعتبار، كذلك تكون قيدا لاتصافه بالملاك في مرحلة المبادي، فاذا تحققت كانت كاشفة عن فعلية اتصافه بالملاك و تماميته في ظرفه، كما كانت كاشفة عن وجوبه فعلا، فلذلك يجب على المستطيع الحفاظ‍‌ على ذلك الملاك التام في موعده بالحفاظ‍‌ على استطاعته، و عدم جواز تفويته بتفويت استطاعته.

(1)مر أن الامكانية المالية التي هي العنصر الأول من الاستطاعة كما تحصل بالملك، كذلك تحصل بالاباحة، فالملكية غير دخيلة في تكوين هذه الامكانية.

(2)فيه ان قياس ذلك بتلف المال في بلده، أو في أثناء الطريق قياس مع الفارق، لأن تلف المال كاشف عن عدم استطاعته من الأول، و هذا بخلاف اتلافه مال غيره، و اشتغال ذمته ببدله، فانه لا يكون مانعا عن استطاعته، غاية الأمر يقع التزاحم بين وجوب أداء بدل التالف و وجوب الحج، و حيث ان الأول اهم من وجوب الحج فيقدم عليه.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 26)


نعم، الاتلاف العمدي لا يسقط‍‌ وجوب الحج بل يبقى الحج في ذمته مستقرا فيجب عليه اداؤه و لو متسكعا، هذا كله في تلف الزاد و الراحلة، و اما تلف ما به الكفاية من ماله في بلده، فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة (1) من اول الأمر بل يجتزئ حينئذ بحجه، و لا يجب عليه الحج بعد ذلك.

[مسألة 42: اذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج لكنه معتقد بعدمه]

(مسألة 42): اذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج لكنه معتقد بعدمه، او كان غافلا عنه، أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه غفلة عذر لم يجب عليه الحج، و اما إذا كان شاكا فيه (2)، أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه غفلة ناشئة عن التقصير ثم علم أو تذكر بعد ان تلف المال فلم يتمكن من الحج فالظاهر استقرار وجوب الحج عليه إذا كان واجدا لسائر الشرائط‍‌ حين وجوده.

[مسألة 43: كما تتحقق الاستطاعة بوجدان الزاد و الراحلة تتحقق بالبذل]

(مسألة 43): كما تتحقق الاستطاعة بوجدان الزاد و الراحلة تتحقق بالبذل، و لا يفرق في ذلك بين ان يكون الباذل واحدا أو متعددا، و إذا عرض عليه الحج و التزم بزاده و راحلته و نفقة عياله (3) وجب عليه الحج،

(1)في عدم الكشف اشكال، بل منع، لأن المكلف اذا لم يتمكن من استيناف وضعه المعاشي الطبيعي بدون الوقوع في حرج و ضيق اذا انفق ما لديه من المال في نفقات سفر الحج لم يكن مكلفا بحجة الإسلام في الواقع، و عليه فما أتى به من الحج لا يكون مصداقا لحجة الإسلام لكي يحكم بصحته، و تفصيل ذلك في المسألة (29) من (فصل شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى).

(2)هذا شريطة أن لا يكون معذورا فيه، و أما اذا كان معذورا فلا موجب لاستقرار الحج عليه.

(3)فيه ان نفقة العيال ليست دخيلة في الاستطاعة، لما قد عرفت من أن

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 27)


و كذلك لو اعطي مالا ليصرفه في الحج و كان وافيا بمصارف ذهابه و ايابه و عياله. و لا فرق في ذلك بين الاباحة و التمليك، و لا بين بذل العين و ثمنها.

[مسألة 44: لو اوصي له بمال ليحج به وجب الحج عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافيا بمصارف الحج و نفقة عياله]

(مسألة 44): لو اوصي له بمال ليحج به وجب الحج عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافيا بمصارف الحج و نفقة عياله، و كذلك لو وقف شخص لمن يحج او نذر، أو اوصى بذلك و بذل له المتولي أو الناذر أو الوصي وجب عليه الحج.

الاستطاعة تتكون من العناصر الثلاثة:

1 – الامكانية المالية لنفقات الحج.

2 – الأمن و السلامة على نفسه و ماله و عرضه.

3 – وجود ما به الكفاية، فاذا توفرت هذه العناصر الثلاثة لدى شخص رجلا كان أم امرأة، وجب الحج عليه، و أما نفقة العيال في فترة أعمال الحج، فان كان يقصد بها نفقة الزوجة فهي بما أنها دين على الزوج فيقع التزاحم بين وجوب أداء الدين و وجوب الحج، و حيث ان الأول أهم من الثاني فيقدم عليه، و إن كان يقصد بها نفقة الأبوين و الأولاد، فهي بما أنها ليست بدين على المعيل، بل تكون مجرد تكليف، فحينئذ كونه أهم من وجوب الحج غير معلوم لو لم يكن العكس معلوما الاّ أن يؤدي ترك الانفاق عليهم في فترة الحج الى مخاطر أخرى، كوقوعهم في مفسدة جسيمة أو مشرفة على الهلاك، و أما إذا لم يؤد الى ذلك فالظاهر تقديم وجوب الحج على وجوب الانفاق عليهم، غاية الأمر ان ترك الانفاق عليهم في تلك الفترة يؤدي إلى وقوعهم في ضيق، و هذا ليس بمحذور يمنع عن وجوب الحج عليه.

فالنتيجة: ان المبذول له إن كان متمكنا من الانفاق على عائلته في فترة الحج وجب عليه قبول البذل، و الذهاب الى الحج، و إن لم يكن متمكنا منه، فان

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 28)


[مسألة 45: لا يجب الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذلية]

(مسألة 45): لا يجب الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذلية (1).

نعم، لو كان له مال لا يفي بمصارف الحج و بذل له ما يتم ذلك وجب عليه القبول و لكن يعتبر حينئذ الرجوع إلى الكفاية.

[مسألة 46: إذا اعطي ما لا هبة على ان يحج وجب عليه القبول]

(مسألة 46): إذا اعطي ما لا هبة على ان يحج وجب عليه القبول، و اما لو خيّره الواهب بين الحج و عدمه (2)، او انه وهبه مالا من دون ذكر الحج لا تعيينا و لا تخييرا لم يجب عليه القبول.

[مسألة 47: لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية]

(مسألة 47): لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية. نعم إذا كان الدين حالا و كان الدائن مطالبا و المدين متمكنا من أدائه إن لم يحج لم يجب عليه الحج.

كانت عائلته متمثلة في زوجته لم يجب عليه القبول، و إن كانت متمثلة في الأبوين و الأولاد وجب القبول إذا لم تترتب على ترك الانفاق عليهم محاذير أخرى غير وقوعهم في الضيق في الجملة.

(1)هذا شريطة أن لا يكون سفر الحج مؤثرا في وضعه المعاشي بعد الرجوع من الحج، و في هذه الحالة اذا بذل له ما يحج به وجب عليه استجابته، و أما إذا أثر سفره في وضعه المعاشي، كما اذا كان موظفا عند الحكومة و له راتب يمكنه من السفر الى الحج بالاستطاعة البذلية، و لكن اذا لم يحصل على اجازة لو سافر و الحال هذه يفقد عمله و راتبه كموظف، و بعد ذلك يقع في ضيق و حرج باعتبار أنه لا يتمكن بعد الرجوع من الحج و فصله عن الوظيفة من استيناف وضعه المعاشي الطبيعي بدون الوقوع في حرج و ضيق، و في هذه الحالة اذا بذل اليه ما يحج به لم تجب عليه استجابته.

(2)لأن الروايات التي تنص على وجوب قبول ما يعرض عليه من الحج، أو ما يحج به لا تشمل هذه الصورة، على أساس أنها ظاهرة في عرض الحج

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 29)


[مسألة 48: اذا بذل مال لجماعة ليحج احدهم]

(مسألة 48): اذا بذل مال لجماعة ليحج احدهم فان سبق احدهم بقبض المال المبذول سقط‍‌ التكليف عن الآخرين و لو ترك الجميع مع تمكن كل واحد منهم من القبض استقر الحج على جميعهم (1).

[مسألة 49: لا يجب بالبذل إلا الحج الذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته]

(مسألة 49): لا يجب بالبذل إلا الحج الذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته (2)، فلو كانت وظيفته حج التمتع فبذل له حج القران أو الافراد لم يجب عليه القبول و بالعكس و كذلك الحال لو بذل لمن حج حجة الإسلام و اما من استقرت عليه حجة الإسلام و صار معسرا فبذل له وجب عليه ذلك (3) و كذلك من وجب عليه الحج لنذر او شبهه و لم يتمكن منه.

عليه، أو ما يحج به بعينه، لا الأعم منه و من غيره، كما في المقام.

(1)في الاستقرار اشكال، و لا يبعد عدمه، لأن روايات البذل ظاهرة في عرض الحج، أو ما يحج به على شخص معين، و لا تشمل ما اذا عرض الحج على الجامع بين شخصين أو اشخاص على تفصيل ذكرناه في المسألة (43) من (فصل في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)هذا ظاهر، فان كل من تكون وظيفته حج التمتع اذا استطاع مالا، فهو وظيفته اذا استطاع بذلا، و كل من تكون وظيفته حج الافراد اذا استطاع مالا، فهو وظيفته اذا استطاع بذلا.

(3)هذا لا من جهة أن روايات البذل تشمل المقام، لأنها لا تشمل ذلك، لاختصاص موردها بما اذا وجب الحج عليه بالاستطاعة البذلية، بأن يكون حدوث الوجوب عليه مستندا اليها، و أما إذا كان الحج واجبا على شخص بالاستطاعة المالية في فترة زمنية سابقة، و لكن من جهة الاهمال و التسامح فيه

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 30)


[مسألة 50: لو بذل له مال ليحج به فتلف المال اثناء الطريق سقط‍‌ الوجوب]

(مسألة 50): لو بذل له مال ليحج به فتلف المال اثناء الطريق سقط‍‌ الوجوب. نعم لو كان متمكنا من الاستمرار في السفر من ماله وجب عليه الحج و اجزأه عن حجة الإسلام، إلا ان الوجوب حينئذ مشروط‍‌ بالرجوع إلى الكفاية (1).

[مسألة 51: لا يعتبر في وجوب الحج البذل نقدا]

(مسألة 51): لا يعتبر في وجوب الحج البذل نقدا فلو وكله على ان يقترض عنه و يحج به و اقترض وجب (2) عليه.

[مسألة 52: الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل فلو لم يبذله و بذل بقية المصارف لم يجب الحج على المبذول له]

(مسألة 52): الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل فلو لم يبذله و بذل بقية المصارف لم يجب الحج على المبذول له الا اذا كان متمكنا من شرائه من ماله.

سنة بعد أخرى فقد فاتت الاستطاعة عنه، و استقر الحج عليه، فهو أجنبي عن مورد هذه الروايات، و حيث ان العقل يحكم بالخروج عن عهدة هذا الوجوب بالسعي الى الحج بأي وسيلة متاحة له، و حينئذ فاذا بذل اليه مال ليحج به وجب عليه القبول بحكم العقل، اذا لم تكن لديه وسيلة أخرى للخروج عن عهدة هذا التكليف، و من هنا تجب عليه الاستجابة للهبة و إن لم تكن للحج، و بذلك يظهر حال ما بعده.

(1)تقدم ان وجوب قبول البذل أيضا مشروط‍‌ بوجود ما به الكفاية، بمعنى تمكنه بعد الرجوع من الحج من استعادة وضعه المعاشي الطبيعي بدون الوقوع في حرج و ضيق، و أما إذا لم يكن لديه ما به الكفاية بهذا المعنى فلا يجب عليه القبول.

(2)هذا واضح، و انما الكلام في أن الاقتراض الموجب للاستطاعة و الامكانية المالية، فهل هو واجب عليه أو لا؟ و الجواب: انه غير واجب لأنه من تحصيل الاستطاعة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 31)


نعم، إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول، و أما الكفارات فالظاهر انها واجبة على المبذول له (1) دون الباذل.

[مسألة 53: الحج البذلي يجزئ عن حجة الإسلام و لا يجب عليه الحج ثانيا اذا استطاع بعد ذلك]

(مسألة 53): الحج البذلي يجزئ عن حجة الإسلام و لا يجب عليه الحج ثانيا اذا استطاع بعد ذلك.

[مسألة 54: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الاحرام أو بعده]

(مسألة 54): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الاحرام أو بعده، لكن إذا رجع بعد الدخول في الاحرام وجب على المبذول له إتمام الحج إذا كان مستطيعا فعلا و على الباذل ضمان ما صرفه للإتمام (2)، و اذا رجع الباذل في اثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود.

(1)لأن الكفارة من آثار ما يمارسه المحرم من محرمات الاحرام، و حيث ان تلك المحرمات خارجة عن الحج، و ليست من واجباته لا جزءا و لا قيدا، فلا يكون الباذل متعهدا بالانفاق على الكفارات المترتبة على ارتكابها، لأنه إنما اذن له بالحج، و لم يأذن بارتكاب محرمات الإحرام لكي يقال: إن الاذن بشيء إذن بلوازمه.

(2)في الضمان اشكال بل منع، لأن ما صرفه المبذول له من المال الى حين عدول الباذل عن بذله يحسب على الباذل، باعتبار أن ذلك الصرف كان باذنه و أمره، و أما ضمان الباذل لما صرفه المبذول له في اتمام الحج فهو بلا مبرر، و لا يمكن تطبيق قاعدة أن الإذن بشيء اذن بلوازمه على المقام، لأن الإذن بالاحرام انما يكون اذنا بالاتمام اذا لم يعدل عن اذنه بعد الإحرام، أو قلنا بعدم جواز عدوله عن اذنه بعده، و كلا الأمرين خلف الفرض، و على هذا فاذا عدل عن اذنه بعد الاحرام فمعناه انه لم يأذن بالاتمام بما بذله من المال، و عليه فلا يسوغ للمبذول له أن يتم الحج بمال الباذل، كما انه اذا اتم بمال نفسه لم يحق له

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 32)


[مسألة 55: اذا اعطي من الزكاة من سهم سبيل اللّه على ان يصرفها في الحج و كان فيه مصلحة عامة]

(مسألة 55): اذا اعطي من الزكاة من سهم سبيل اللّه على ان يصرفها في الحج و كان فيه مصلحة عامة (1) وجب عليه ذلك و ان اعطي من سهم السادة أو من الزكاة من سهم الفقراء و اشترط‍‌ عليه ان يصرفه في سبيل الحج لم يصح الشرط‍‌ (2) فلا يجب عليه الحج.

[مسألة 56: اذا بذل له مال فحج به ثم انكشف انه كان مغصوبا لم يجزئه عن حجة الإسلام]

(مسألة 56): اذا بذل له مال فحج به ثم انكشف انه كان مغصوبا لم يجزئه عن حجة الإسلام (3)

المطالبة عن الباذل ببدله، اذ لا مبرر لضمانه بعد ما لم يكن الاتمام باذنه و أمره.

و بكلمة: لو قلنا بعدم جواز رجوع الباذل عن بذله بعد الإحرام فمعناه أن المبذول له مأمور بالاتمام، كما أنه كان مأمورا بالاحرام، لمكان استقرار استطاعته البذلية بعد الاحرام، و إن قلنا بجواز رجوعه عن بذله بعد الإحرام كما هو المفروض، فمعناه أنه لا يجوز للمبذول له التصرف في المال المبذول بعد العدول، بل يجب عليه أن يرد ما بقى منه عنده الى الباذل، و أما اتمام الحج، فان كان المبذول له متمكنا منه وجب عليه ذلك، و الاّ فلا.

(1)هذا مبني على أنه يعتبر في صرف سهم سبيل اللّه في مورد أن تكون فيه مصلحة عامة، و لكن ذكرنا أن عنوان سبيل اللّه يصدق على كل عمل قربي و إن لم تكن فيه مصلحة عامة، و على هذا فلا مانع من صرف هذا السهم في الحج باعتبار أنه عمل قربي و إن لم يكن فيه مصلحة عامّة.

(2)هذا من جهة أن ولاية المالك على الخمس و الزكاة لم تثبت الاّ من زاوية خاصة، و هي ولايته على التقسيم، و تعيين الخمس او الزكاة في حصة خاصة و دفعها الى الحاكم الشرعي او إلى المستحق باذن منه أو بدون اذن على الخلاف في المسألة، و لا ولاية له على تعيين المصرف له و إلزام المستحق بالصرف فيه، و قد فصلنا الحديث من هذه الناحية في بابي الخمس و الزكاة.

(3)في اطلاقه اشكال، و لا يبعد الإجزاء اذا كان المبذول له غافلا عن كون

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 33)


و للمالك ان يرجع الى الباذل أو الى المبذول له، لكنه اذا رجع الى المبذول له رجع هو الى الباذل ان كان جاهلا بالحال و إلا فليس له الرجوع.

[مسألة 57: إذا حج لنفسه او عن غيره تبرعا او باجارة لم يكفه عن حجة الإسلام]

(مسألة 57): إذا حج لنفسه او عن غيره تبرعا او باجارة لم يكفه عن حجة الإسلام (1) فيجب عليه الحج اذا استطاع بعد ذلك.

[مسألة 58: إذا اعتقد انه غير مستطيع فحج ندبا قاصدا امتثال الأمر الفعلي ثم بان أنه كان مستطيعا]

(مسألة 58): إذا اعتقد انه غير مستطيع فحج ندبا قاصدا امتثال الأمر الفعلي ثم بان أنه كان مستطيعا أجزأه ذلك (2)، و لا يجب عليه الحج ثانيا.

المال المبذول مغصوبا أو جاهلا به مركبا، اذ على ذلك بما أن تصرف المبذول له في المال المبذول في الانفاق على سفر الحج جائز واقعا، فهو مستطيع، لما مر من أنه لا يعتبر في الامكانية المالية التي هي العنصر الأول من الاستطاعة أن تكون بالملك، بل يكفي أن تكون بإباحة التصرف و جوازه، فاذا كان لدى شخص مال يفي بنفقات سفر الحج، و كان مجازا في التصرف فيه واقعا فهو مستطيع، اي عنده الامكانية المالية للإنفاق على سفر الحج، و من الواضح ان من كانت عنده هذه الامكانية المالية يجب عليه الحج، و لكن مع ذلك اذا انتبه بالحال و تمكن من الاعادة فالاحتياط‍‌ بها لا يترك.

(1)اما الأول فبما أن حجه لنفسه كان متسكعا، فهو لا يجزي عن حجة الإسلام التي هي عبارة عن الحجة الأولى للمستطيع، و لا يكون مصداقا لها، و أما الثاني، و هو حجّه عن غيره تبرعا أو باجارة، فالمعروف و المشهور بين الأصحاب عدم اجزائه عن حجة الإسلام، و لكنه لا يخلو عن اشكال، و مع هذا فالاحتياط‍‌ بالاتيان بحجة الإسلام اذا استطاع لا يترك. و قد تعرضنا لتفصيل ذلك في المسألة (56) من (فصل في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة) فراجع.

(2)في الاجزاء اشكال، بل منع، لما مر من أن المعتبر في صحة حجة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 34)


[مسألة 59: لا يشترط‍‌ اذن الرجوع للزوجة في الحج اذا كانت مستطيعة]

(مسألة 59): لا يشترط‍‌ اذن الرجوع للزوجة في الحج اذا كانت مستطيعة، كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن الحج الواجب عليها. نعم، يجوز له منعها من الخروج في اول الوقت مع سعة الوقت، و المطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدة.

[مسألة 60: لا يشترط‍‌ في وجوب الحج على المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها]

(مسألة 60): لا يشترط‍‌ في وجوب الحج على المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها و مع عدم الأمن لزمها استصحاب محرم لها و لو بأجرة إذا تمكنت من ذلك، و إلا لم يجب الحج عليها.

الإسلام أن يحج باسمها الخاص المميز لها شرعا، سواء أ كانت تمتعا أم انفرادا، و أما إذا حج الانسان باسم الحج المستحب استحبابا عاما، فلا يكون مصداقا لحجة الإسلام، لأنه مباين لها عنوانا. و مجرد الاتيان به بداعي أمره الفعلي و لكن بتخيل أنه أمر استحبابي لا يجدي في المقام، لأن التخلف في الداعي او الاشتباه في التطبيق لا يتصور في المقام، باعتبار أن الحج الاستحبابي مباين لحجة الإسلام، و لا ينطبق أحدهما على الآخر في الخارج لكي يتصور الاشتباه في التطبيق بينهما، أو التخلف في الداعي، فاذا صلى المكلف بعد الفجر ركعتين باسم نافلة الصبح بداعي الأمر الاستحبابي القربى، ثم تبين أنه صلى نافلة الصبح لم تقع مصداقا لفريضة الصبح، من باب الاشتباه في التطبيق، لأن فريضة الصبح مباينة لنافلته، و لا تنطبق إحداهما على الأخرى في الخارج، حتى يتصور بينهما الاشتباه في التطبيق، أو التخلف في الداعي، لأن كل الصلوات التي لها اسم خاص مميز لها شرعا، فاذا أراد أن يصلي إحداها، فعليه أن يقصد ذلك الاسم الخاص لها، سواء أ كانت فريدة في نوعها و لم تكن لها شريكة في العدد و الكم كصلاة المغرب و صلاة الجمعة، أو كانت هناك صلاة أخرى مماثلة لها كصلاة الفجر التي تماثلها تماما نافلة الفجر، فان هذا القصد واجب بنفسه سواء أ كان

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 35)


[مسألة 61: إذا نذر ان يزور الحسين عليه السّلام في كل يوم عرفة – مثلا و استطاع بعد ذلك]

(مسألة 61): إذا نذر ان يزور الحسين عليه السّلام في كل يوم عرفة – مثلا – و استطاع بعد ذلك وجب عليه الحج و انحلّ‌ نذره (1)، و كذلك كل نذر يزاحم الحج.

يحصل الاشتباه بدون هذا القصد أو لا. و على هذا الأساس فاذا صلى صلاة ركعتين فان قصد بها الاسم الخاص لها كفريضة الصبح وقعت مصداقا لها و صحت، و إن قصد بها نافلة الصبح وقعت مصداقا لها، و إن لم يقصد بها الأول و لا الثاني، لم تنطبق عليها فريضة الصبح و لا نافلته، و حينئذ فان قصد بها استحبابها العام بداعي القربة الى اللّه تعالى، باعتبار أن الصلاة ركعتين مستحبة استحبابا عاما في الشريعة المقدسة، وقعت مستحبة، و الاّ بطلت. و من هنا فصحة صلاة الصبح منوطة بأن يصليها باسمها الخاص المميز لها شرعا، و الاّ لم تقع مصداقا لها، و كذلك الحال في حجة الإسلام.

فالنتيجة ان الاشتباه في التطبيق أو التخلف في الداعي لا يتصور فيما إذا كان المأتي به مباينا للمأمور به خارجا و لم يمكن انطباقه عليه، فانه انما يتصور اذا امكن انطباقه عليه.

(1)فيه اشكال، بل منع، لأن ملاك تقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر ليس من جهة أن وجوب الحج يؤدي الى مرجوحية متعلق النذر، فاذا صار مرجوحا انحل بانحلال موضوعه، و ذلك لأن وجوبه لا يوجب انقلاب متعلقه و جعله مرجوحا بعد ما كان راجحا، لأن متعلقه انما يصير مرجوحا اذا كان مصداقا لترك الحج، و المفروض أنه ليس مصداقا له، بل هو ملازم لتركه، و من الواضح أن قبح أحد المتلازمين لا يسري الى الملازم الآخر، فاذن يبقى متعلق النذر راجحا في نفسه و إن كان ملازما لترك واجب، هذا. اضافة الى أن ترك الواجب كترك الحج ليس بقبيح ذاتا، و انما يكون قبيحا بالعرض و المجاز، مثلا زيارة الحسين عليه السّلام يوم عرفة راجحة في نفسها، فاذا نذرها

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 36)


[مسألة 62: يجب على المستطيع الحج بنفسه إذا كان متمكنا من ذلك]

(مسألة 62): يجب على المستطيع الحج بنفسه إذا كان متمكنا من ذلك، و لا يجزئ عنه حج غيره تبرعا او باجارة.

[مسألة 63: اذا استقر عليه الحج و لم يتمكن من الحج بنفسه لمرض أو حصر أو هرم]

(مسألة 63): اذا استقر عليه الحج و لم يتمكن من الحج بنفسه لمرض أو حصر أو هرم، أو كان ذلك حرجا عليه و لم يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج وجبت عليه الاستنابة، و كذلك من كان موسرا و لم يتمكن من المباشرة، أو كانت حرجية و وجوب الاستنابة كوجوب الحج فوري.

شخص انعقد، سواء أ كان مستطيعا، أم استطاع بعد ذلك، باعتبار أن صحة النذر منوطة بكون متعلقه راجحا في نفسه، فاذن ليس ملاك التقديم أن وجوب الحج رافع لرجحانه.

فلنا دعويان:

الدعوى الأولى: ان ملاك تقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر ليس كون وجوب الحج رافعا لرجحان متعلقه.

الدعوى الثانية: ان ملاك تقديمه عليه أمر آخر.

أما الدعوى الأولى: فقد عرفتها.

و أما الدعوى الثانية: فلأن وجوب الوفاء بالنذر أو العهد أو الشرط‍‌ في نفسه لا يصلح أن يزاحم وجوب الحج، و ذلك لأن المستفاد من أدلة وجوب الوفاء به التي جاء بهذا اللسان «ان شرط‍‌ اللّه قبل شرطكم» أن وجوبه مقيد بعدم وجود شرط‍‌ اللّه و حكمه في المرتبة السابقة، و مع وجوده فيها فلا وجوب له، و نتيجة ذلك ان وجود حكم اللّه كوجوب الحج – مثلا – في المرتبة السابقة مانع عن وجوب الوفاء به و رافع له بارتفاع موضوعه، و هو تقيده بعدم وجود حكم اللّه في المرتبة المتقدمة، و مع وجوده في تلك المرتبة يرتفع موضوعه،

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 37)


[مسألة 64: اذا حج النائب عمن لم يتمكن من المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر]

(مسألة 64): اذا حج النائب عمن لم يتمكن من المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر اجزأه حج النائب و ان كان الحج مستقرا عليه، و اما إذا اتفق ارتفاع العذر قبل الموت فالأحوط‍‌ ان يحج هو بنفسه عند التمكن (1) و اذا كان قد ارتفع العذر بعد ان احرم النائب وجب على المنوب عنه الحج مباشرة و لا يجب على النائب اتمام عمله.

[مسألة 65: إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة سقط‍‌ الوجوب]

(مسألة 65): إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة سقط‍‌ الوجوب، و لكن يجب القضاء عنه بعد موته ان كان الحج مستقرا عليه، و إلا لم يجب، و لو امكنه الاستنابة و لم يستنب حتى مات وجب القضاء عنه.

[مسألة 66: اذا وجبت الاستنابة و لم يستنب و لكن تبرع متبرع عنه لم يجزئه ذلك]

(مسألة 66): اذا وجبت الاستنابة و لم يستنب و لكن تبرع متبرع عنه لم يجزئه ذلك (2)، و وجبت عليه الاستنابة.

[مسألة 67: يكفي في الاستنابة: الاستنابة من الميقات]

(مسألة 67): يكفي في الاستنابة: الاستنابة من الميقات، و لا تجب الاستنابة من البلد (3).

و بارتفاعه يرتفع الحكم قهرا، و مزيد التفصيل في ذلك، في المسألة (32) من (فصل: شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)بل الأقوى ذلك، لأن ارتفاع العذر عنه و استعادة قوته و نشاطه بالتمكن من القيام المباشر بالحج كاشف عن أن النيابة غير مشروعة في حقه.

(2)في عدم الاجزاء اشكال، و لا يبعد الاجزاء و قد فصلنا الحديث عن ذلك في المسألة (6) من (فصل: في النيابة) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(3)هذا اذا لم يكن الميت قد اوصى بالحج عنه، و أما إذا كان قد أوصى بذلك بدون التقييد بكونه من الميقات، فيجب على الوصي أو الوارث أن يحج عنه من البلد مباشرة أو استنابة، و إن شئت تفصيل ذلك فراجع الجزء الثامن من

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 38)


[مسألة 68: من استقر عليه الحج اذا مات بعد الاحرام في الحرم اجزأه عن حجة الإسلام]

(مسألة 68): من استقر عليه الحج اذا مات بعد الاحرام في الحرم اجزأه عن حجة الإسلام، سواء في ذلك حج التمتع و القران و الافراد، و اذا كان موته في اثناء عمرة التمتع اجزأ عن حجه أيضا و لا يجب القضاء عنه، و ان مات قبل ذلك وجب القضاء حتى اذا كان موته بعد الاحرام و قبل دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون احرام و الظاهر اختصاص الحكم بحجة الإسلام فلا يجري في الحج الواجب بالنذر أو الافساد، بل لا يجري في العمرة المفردة أيضا، فلا يحكم بالاجزاء في شيء من ذلك، و من مات بعد الاحرام مع عدم استقرار الحج عليه فان كان موته بعد دخوله الحرم فلا اشكال في اجزائه عن حجة الإسلام و أما إذا كان قبل ذلك فالظاهر وجوب القضاء عنه (1) أيضا.

كتابنا (تعاليق مبسوطة) في المسألة (88) من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام).

(1)في الوجوب اشكال بل منع، لأن موته في سنة الاستطاعة كاشف عن عدم وجوب الحج عليه من الأول، حيث إن مقتضى القاعدة عدم الوجوب حتى اذا كان موته في اثناء العمرة، بل اثناء الحج. و أما الروايات الواردة في المسألة التي تنص على أن من خرج حاجا و مات في الطريق، فان كان بعد الاحرام و دخول الحرم اجزأ عنه حجة الإسلام، و إن كان قبل الإحرام فليقض عنه وليه حجة الإسلام، فلا إطلاق لها، لأنها في مقام بيان حكم من مات في الطريق الى الحج، أما كونه في سنة الاستطاعة أو بعد استقرار الحج عليه فلا نظر لها من هذه الناحية، فاذن يكون القدر المتيقن منها من استقر عليه الحج، بل في نفس هذه الروايات قرائن على أن موردها من استقر عليه الحج.

(منها) قوله عليه السّلام: «أجزأ عنه حجة الإسلام»1 ، فانه يدل على أن ذمته


 

(1)) <page number=”38″ />الوسائل: باب 26 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 39)


[مسألة 69: إذا اسلم الكافر المستطيع وجب عليه الحج]

(مسألة 69): إذا اسلم الكافر المستطيع وجب عليه الحج (1)، و أما لو زالت استطاعته ثم اسلم لم يجب عليه.

[مسألة 70: المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه حال ارتداده]

(مسألة 70): المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه حال ارتداده (2)، فان تاب صح منه و ان كان مرتدا فطريا على الأقوى.

مشغولة بحجة الإسلام، و الاّ فلا موضوع للاجزاء، فان معنى الإجزاء هو سقوط‍‌ الحجة عن ذمته، و الفرض أنه لا شيء في ذمته حتى يسقط‍‌.

و (منها) قوله عليه السّلام: «فليقض عنه وليه حجة الإسلام»1 ، فانه يدل على اشتغال ذمته بحجة الإسلام، و الاّ فلا معنى للقضاء عنها، لأن معنى القضاء هو أن ما يقضى عوض و بديل عما فات عنه، و المفروض انه لم يفت منه شيء حتى يكون ذلك بديلا عنه.

و (منها) قوله عليه السّلام في صحيحة بريد العجلي: «جعل جمله و زاده و نفقته و ما معه في حجة الإسلام»2 ، فانه يدل بوضوح على ثبوت حجة الإسلام في ذمته، و الاّ فلا معنى لصرف الأموال المذكورة فيها، بل هي للورثة، فالنتيجة ان في هذه الروايات قرائن تدل على اختصاص موردها بمن استقر عليه حجة الإسلام، و لا تعم غيره.

(1)بل وجب عليه مطلقا بناء على ما قويناه من أن الكفار مكلفون بالفروع.

(2)لكن لا يبعد الصحة، بناء على ما ذكرناه من المناقشة في شرطية الإسلام في صحة العبادة، و قد حققنا ذلك بصورة موسعة في (فصل: في شرائط‍‌ صحة الصوم) في الجزء الخامس من كتابنا (تعاليق مبسوطة).


 

(1)) <page number=”39″ />الوسائل، باب 26 من ابواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: باب 26 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 40)


[مسألة 71: اذا حج المخالف ثم استبصر لا تجب عليه اعادة الحج اذا كان ما أتى به صحيحا في مذهبه]

(مسألة 71): اذا حج المخالف ثم استبصر لا تجب عليه اعادة الحج اذا كان ما أتى به صحيحا في مذهبه (1) و ان لم يكن صحيحا في مذهبنا.

[مسألة 72: اذا وجب الحج، و اهمل المكلف في ادائه حتى زالت الاستطاعة وجب الاتيان به باي وجه تمكن]

(مسألة 72): اذا وجب الحج، و اهمل المكلف في ادائه حتى زالت الاستطاعة وجب الاتيان به باي وجه تمكن و لو متسكعا، ما لم يبلغ حد العسر و الحرج و إذا مات وجب القضاء من تركته، و يصح التبرع عنه بعد موته من دون اجرة.

(1)بل الأمر كذلك اذا كان صحيحا في مذهبنا أيضا، و إن كان باطلا في مذهبه على تفصيل ذكرناه في المسألة (5) من (فصل: في صلاة القضاء) في الجزء الرابع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 41)


[الوصية بالحج]

الوصية بالحج

[مسألة 73: تجب الوصية على من كانت عليه حجة الإسلام و قرب منه الموت]

(مسألة 73): تجب الوصية (1) على من كانت عليه حجة الإسلام و قرب منه الموت، فان مات تقضى من اصل تركته، و ان لم يوص بذلك (2)، و كذلك ان اوصى بها و لم يقيدها بالثلث، و ان قيدها بالثلث فان و في الثلث بها وجب اخراجها منه، و تقدم على سائر الوصايا، و ان لم يف الثلث بها لزم تتميمه من الاصل.

(1)عقلا شريطة أن يعلم الموصي أو يحتمل أنه لو لم يوص بحجة الإسلام لفاتت منه و لم يقم أحد بالقضاء عنه نيابة أو تبرعا، و أما إذا كان عالما أو واثقا بأن وارثه يقوم بالاستنابة للحج عنه فلا تكون واجبة.

(2)للروايات التي تنص على أن حجة الإسلام تخرج من صلب التركة، سواء أ كان الميت قد أوصى بها أم لا، و قد ورد في بعض الروايات أنها بمنزلة الدين الواجب، بل انها تتقدم عليه في مقام المزاحمة و عدم وفاء التركة للجميع، و نتيجة ذلك ان التركة ان اتسعت لنفقات حجة الإسلام أخرجت منها جميعا و إن لم يوص بها، و إن لم تتسع لها و لو للحد الأدنى من نفقاتها كانت التركة للورثة، و إن أوصى بها، و لا يجب صرفها في مصلحة الميت من وجوه البر و الاحسان، لأن المانع من انتقالها الى الورثة هو الحج بها عن الميت نيابة، فاذا لم يمكن ذلك لقلتها و عدم كفايتها حتى للحد الأدنى من نفقاته، فلا مانع من انتقالها اليهم. نعم اذا كان الميت قد أوصى باخراج حجة الإسلام من ثلثه، و تبرع متبرع بالحج عنه نيابة لم يجز للورثة اهمال الوصية رأسا، بل وجب صرف مقدار نفقة الحج من الثلث في وجوه البر و الإحسان. و السبب فيه ان المستفاد

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 42)


[مسألة 74: من مات و عليه حجة الإسلام و كان له عند شخص وديعة]

(مسألة 74): من مات و عليه حجة الإسلام و كان له عند شخص وديعة، و احتمل ان الورثة لا يؤدونها (1) ان ردّ المال اليهم وجب عليه ان يحجّ‌ بها عنه.

من الروايات ان لكل انسان حقا في ثلث ماله بعد موته اذا أوصى به، و عليه فاذا أوصى به ظل في ملكه، فان عين له جهة خاصة وجب على الوصي صرفه فيها، و إن تعذر بسبب أو آخر وجب صرفه في الأقرب اليها فالأقرب، و إن لم يعين له جهة كذلك فالتعيين حينئذ بيد الوصي مع مراعاة الأهم فالأهم، و هذا بخلاف الوصية بحجة الإسلام و تنفيذها من التركة، فانها دين على الميت فيجب على الورثة اخراجها من الأصل، ثم تقسيم الباقي بينهم ميراثا، و الوصية بها تأكيد من هذه الناحية، و عليه فاذا لم يمكن ذلك لعدم وفاء التركة بها، أو برئت ذمة الميت عنها بتبرع متبرع سقطت الوصية بها بسقوط‍‌ موضوعها لأن الوصية انما هي بحجة الإسلام، و هي إمّا انه لا يمكن الاتيان بها لعدم وفاء التركة بنفقاتها، أو أنها قد سقطت عن ذمة الميت، فعلى كلا التقديرين لا موضوع للوصية، و من هنا لا يحتمل أن ترجع التركة غير الوافية بنفقات الحج الى الورثة في الفرض الأول، كما أنه لا يحتمل استثناء مقدار نفقاتها من التركة لمصلحتهم في الفرض الثاني.

و بكلمة: ان الوصية بحجة الإسلام تختلف عن الوصية بالثلث، فان الوصية بالثلث متعلقة بثلث تركته مباشرة على أساس أن الشارع جعل هذا الحق للميت، و الوصية بحجة الإسلام متعلقة بنفس الحجة مباشرة لا بالمال كذلك، على أساس أن الشارع جعل نفقاتها من الأصل، و عليه فاذا برئت ذمة الميت عنها انتفت الوصية بانتفاء موضوعها، كما أن حكم الشارع باخراج نفقاتها من الأصل ينتفي بانتفاء موضوعه.

(1)الأصل فيه صحيحة بريد العجلي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل استودعني مالا و هلك، و ليس لولده شيء، و لم يحج حجة الإسلام، قال :

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 43)


فاذا زاد المال من أجرة الحج ردّ الزائد إلى الورثة، و لا فرق بين ان يحج الودعي بنفسه، أو يستأجر شخصا آخر. و يلحق بالوديعة كل مال للميت عند شخص بعارية أو اجارة أو غصب او دين او غير ذلك.

حج عنه، و ما فضل أعطهم»1 و المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية ان الرجل الذي في حيازته المال إن كان واثقا بأنه ان أدى المال الى ورثته فهم يقومون بالحج عنه مباشرة، أو بالاستنابة وجب عليه أن يرده اليهم، لأن الصحيحة منصرفة عن هذه الصورة عرفا، و لا تشملها، و إن كان واثقا و مطمئنا بأنه إن أدى المال اليهم أكلوه و لم ينفقوا منه على الحج عن الميت لم يجز أن يرده اليهم، اذ لا ولاية لهم على المال في هذه الصورة، و إن كان شاكا في ذلك و لم يكن واثقا بأنه اذا رد المال اليهم أنهم أكلوه و لم ينفقوا منه على الحج عن الميت، أو أنهم ينفقوا منه عليه، ففي هذه الصورة هل يجب عليه أن يرد المال الى ورثته أو الى الحاكم الشرعي، أو أنه يقوم بنفسه بالتصرف فيه على الحج عنه مباشرة، أو بالنيابة‌؟

و الجواب: ان مقتضى الصحيحة الوجه الأخير، اذ تخصيصها بخصوص الصورة الثانية بحاجة الى قرينة، فاذن تشمل الصحيحة تلك الصورة أيضا باطلاقها، و تدل على أن ولاية التصرف فيها للرجل الذي في حيازته المال، ثم هل يجب عليه الاستئذان من الورثة أو من الحاكم الشرعي، أو من كليهما معا؟

و الجواب انه لا يجب عليه الاستئذان، لا من الورثة، و لا من الحاكم الشرعي، فان مقتضى اطلاق الصحيحة أنه يقوم بنفسه بالتصرف فيه على الحج بدون الاستئذان من أحد، و إن كان ذلك أولى و أجدر.

فالنتيجة ان مقتضى اطلاق الصحيحة هو أن الشارع منح ولاية التصرف


 

(1)) <page number=”43″ />الوسائل: باب 13 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 44)


[مسألة 75: من مات و عليه حجة الإسلام و كان عليه دين و خمس و زكاة و قصرت التركة]

(مسألة 75): من مات و عليه حجة الإسلام و كان عليه دين و خمس و زكاة و قصرت التركة، فان كان المال المتعلق به الخمس أو الزكاة موجودا بعينه لزم تقديمهما (1)

في الصورتين الأخيرتين للرجل الذي يكون المال في حيازته، و عليه فكما لا مبرر لرد المال الى الورثة، لا مبرر للاستئذان منهم أيضا.

ثم ان مورد الصحيحة و إن كان العين الخارجية المودعة عند رجل، الاّ أنه لا خصوصية لها عرفا، فيشمل الحكم ما إذا كان المال في ذمة رجل، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى، ان مورد الصحيحة ما إذا كانت تركة الميت منحصرة بالمال المودع، و عندئذ فللسائل أن يسأل: ان الحكم هل يختص بمورد الصحيحة فقط‍‌، أو يعم ما إذا كانت له تركة غيره أيضا؟

و الجواب: ان الحكم لا يختص بمورد الصحيحة، لأن هذا التخصيص انما هو في مورد سؤال السائل، لا في جواب الإمام عليه السّلام، هذا. اضافة الى أن العرف لا يرى خصوصية لكون تركة الميت منحصرة بالمال المذكور، أو كانت له تركة أخرى، فان المعيار في جواز التصرف من الرجل الذي في حيازته المال، أو في ذمته على الحج عن الميت انما هو بعدم وثوقه بأنه اذا ردّ المال الى الورثة فهم لم يأكلوه و انفقوا منه على الحج عن الميت.

(1)في التعبير بالتقديم نوع من التسامح، حيث إن الموهم منه ان وجوب اخراج الخمس أو الزكاة من اعيان التركة مزاحم مع وجوب الحج منها، و بما أن الأول أهم من الثاني فيقدم عليه، مع أن الأمر ليس كذلك، لأن الخمس أو الزكاة اذا كان متعلقا بنفس أعيان التركة، فبما أن هذا المقدار من الأعيان كان ملكا للغير فحينئذ لا يبقى موضوع لوجوب الحج، لأن التركة بعد اخراج مال الغير منها لا تفي بنفقات سفر الحج، و المفروض ان الحج انما يخرج من تركة الميت، و مال

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 45)


و ان كانا في الذمة يتقدم الحج عليهما، كما يتقدم على الدين (1).

[مسألة 76: من مات و عليه حجة الإسلام لم يجز لورثته التصرف في تركته قبل استئجار الحج]

(مسألة 76): من مات و عليه حجة الإسلام لم يجز لورثته التصرف في تركته قبل استئجار الحج سواء كان مصرف الحج مستغرقا للتركة أم لم يكن مستغرقا على الأحوط‍‌ (2). نعم اذا كانت التركة واسعة جدا، و التزم الوارث بادائه جاز له التصرف في التركة، كما هو الحال في الدين.

الغير كالخمس او الزكاة او غيرهما ليس من تركته، و كيفما كان فالمقصود واضح، و التسامح انما هو في التعبير.

(1)الأصل فيه صحيحة معاوية، قال: «قلت له رجل يموت و عليه خمسمائة درهم من الزكاة، و عليه حجة الإسلام، و ترك ثلاثمائة درهم، فأوصى بحجة الإسلام، و أن يقضى عنه دين الزكاة، قال: يحج عنه من أقرب ما يكون، و تخرج البقية من الزكاة»1 ، و مثلها صحيحته الأخرى، و موردها و إن كان تقديم الحج على الزكاة إلاّ ان العرف بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية لا يرى خصوصية للزكاة الاّ باعتبار أنها دين في الذمة، و لهذا عبر عنها في السؤال بالدين، و نتيجة ذلك ان ذمة الميت اذا كانت مشغولة بحجة الإسلام و بالدين معا، و لم تكن تركته وافية بكليهما كذلك وجب تقديم حجة الإسلام على الدين مقتصرا على حجة الإسلام بأقل أجور، و لا فرق في الدين بين أن يكون شرعيا أو عرفيا.

(2)لكن الأظهر جواز التصرف في التركة اذا كانت زائدة على نفقات الحج أو الدين شريطة التزام الوارث بتهيئة الحجة النيابية المطلوبة، و عدم خوف فوتها، و تدل عليه موثقة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى الحسن عليه السّلام، قال:

«سألته عن رجل يموت و يترك عيالا، و عليه دين، أ ينفق عليهم من ماله‌؟ قال: إن


 

(1)) <page number=”45″ />الوسائل: باب 21، من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 46)


[مسألة 77: من مات و عليه حجة الإسلام و لم تكن تركته وافية بمصارفها وجب صرفها في الدين أو الخمس أو الزكاة]

(مسألة 77): من مات و عليه حجة الإسلام و لم تكن تركته وافية بمصارفها وجب صرفها في الدين أو الخمس أو الزكاة ان كان عليه شيء من ذلك و إلا فهي للورثة (1)، و لا يجب عليهم تتميمها من مالهم لاستيجار الحج.

كان يستيقن ان الذي ترك يحيط‍‌ بجميع دينه، فلا ينفق، و إن لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط‍‌ المال»1 ، فانها تنص على جواز التصرف في التركة اذا كانت زائدة شريطة التزام الورثة بتهيئة الحجة النيابية المطلوبة عن الميت و لا فرق في ذلك بين أن تكون التركة واسعة جدا، أو لا، فان المعيار في جواز التصرف فيها انما هو بزيادتها على الدين. هذا اضافة الى ان مقدار نفقة الحج أو الدين يظل في ملك الميت، و لا ينتقل الى الورثة، و حيث إن نسبة هذا المقدار الى مجموع التركة نسبة الكلي في المعين لا الاشاعة، فيكون جواز تصرف الورثة في التركة اذا كانت زائدة على القاعدة شريطة ان لا يؤدي تصرفهم فيها الى تفويت الحج أو الدين، و الاّ لم يجز، هذا. و تمام الكلام في المسألة (84) من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)باعتبار أن وجوب الحج عن الميت نيابة، بما أنه مرتبط‍‌ بوفاء التركة بنفقاته، فاذا لم تتسع للحد الأدنى من نفقاته فبطبيعة الحال سقط‍‌ وجوب الحج و كانت التركة حينئذ للورثة، فان المانع عن انتقالها اليهم انما هو وجوب الحج عن الميت، فاذا سقط‍‌ فلا مانع من الانتقال ما لم يوجد دين أو وصية، و لا يجب على الورثة تكميل النفقة من مالهم الخاص و إن كان الأولى و الأجدر لهم التكميل، كما لا يجب عليهم بذل تمام النفقة للحج عن الميت اذا لم تكن له


 

(1)) <page number=”46″ />الوسائل: باب 29، من أبواب كتاب الوصايا، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 47)


[مسألة 78: من مات و عليه حجة الإسلام لا يجب الاستيجار عنه من البلد]

(مسألة 78): من مات و عليه حجة الإسلام لا يجب الاستيجار عنه من البلد، بل يكفي الاستيجار عنه من الميقات (1)، بل من أقرب المواقيت الى مكة ان امكن و الا فمن الأقرب فالأقرب، و الأحوط‍‌ الأولى الاستيجار من البلد إذا وسع المال، لكن الزائد عن اجرة الميقات لا يحسب على الصغار من الورثة.

[مسألة 79: من مات و عليه حجة الإسلام تجب المبادرة إلى الاستيجار عنه في سنة موته]

(مسألة 79): من مات و عليه حجة الإسلام تجب المبادرة إلى الاستيجار عنه في سنة موته، فلو لم يمكن الاستيجار في تلك السنة من الميقات لزم الاستيجار من البلد، و يخرج بدل الايجار من الأصل (2)، و لا يجوز التأخير إلى السنة القادمة، و لو مع العلم بامكان الاستيجار فيها من الميقات.

تركة اطلاقا، و لا فرق في ذلك بين ما اذا أوصى بأن يحج عنه، أو لم يوص بذلك.

(1)هذا اذا لم يكن الميت قد اوصى بأن يحج عنه من تركته، فانه في هذه الحالة لا يستحق الاّ حجة ميقاتية التي تكون أقل كلفة و نفقة من الحجة البلدية، باعتبار أنها لا تكلف النائب السفر الاّ من الميقات، و أما الحجة البلدية فهي تكلف النائب السفر من البلد الذي كان المنوب عنه يعيش فيه، و أما إذا كان الميت قد أوصى بأن يحج عنه من تركته فيكون الموصى به الحجة البلدية، و تخرج من نفقاتها من التركة جميعا، و تفصيل ذلك ذكرناه في المسألة (88) من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)أما في صورة الوصية فقد مر أن الموصى به الحجة البلدية، و تخرج نفقاتها جميعا من الأصل، و أما في صورة عدم الوصية فيكون الواجب الحجة الميقاتية، و لكن اذا تعذر الاستيجار للحج عن الميت من الميقات وجب على

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 48)


[مسألة 80: من مات و عليه حجة الإسلام إذا لم يوجد من يستأجر عنه إلا باكثر من اجرة المثل يجب الاستيجار عنه]

(مسألة 80): من مات و عليه حجة الإسلام إذا لم يوجد من يستأجر عنه إلا باكثر من اجرة المثل يجب الاستيجار عنه، و يخرج من الأصل، و لا يجوز التأخير إلى السنة القادمة توفيرا على الورثة و ان كان فيهم الصغار.

الورثة الاستيجار للحج عنه من البلد، و ذلك لأن احتمال تأخير الحجة الى السنين القادمة الى أن يتمكن من الاستيجار من الميقات يكون بلا مبرر، اذ لازم ذلك عدم وجوب الاستيجار للحج عنه اذا فرض عدم التمكن من الاستيجار عن الميقات بسبب من الأسباب أو في ظرف من الظروف غير الاعتيادية، و هذا غير محتمل، كما ان من غير المحتمل أن يكون انفاق الزائد على الأجور الميقاتية من الثلث، فان نتيجة ذلك تعطيل الحجة الى ان يتمكن الورثة من الاستيجار عن الميقات اذا لم يكن للميت ثلث، كما إذا لم يوص به.

و بكلمة: ان ذمة الميت اذا كانت مشغولة بحجة الإسلام كان له الحق شرعا في التركة بمقدار نفقاتها، و حينئذ فان أمكن الايجار من الميقات كفى ذلك، و تبرأ ذمته بحج الأجير منه، و لا يجب الايجار من البلد، بل لو آجر منه و الحال هذه يدفع الزائد من الثلث اذا كان له ثلث، و الاّ فالمستأجر ضامن له، و أما اذا لم يمكن الايجار من الميقات بسبب او آخر، فلا يكون ذلك مبررا للتأجيل، بل يجب على الوارث الايجار من البلد، و دفع الأجرة جميعا من التركة، لأن حق الميت في تركته الذي جعله الشارع لا يكون متمثلا في كمية خاصة من المال المحددة التي لا تزيد و لا تنقص، بل هو بمقدار ما يحج به عنه لتفريغ ذمته، و هذا يختلف زيادة و نقيصة باختلاف الأوقات و الظروف، و الحالات الطارئة، و عليه فان امكن الايجار من الميقات كان حقه متمثلا في أجرة الحجة الميقاتية، و لا حق له في الزائد، و إن لم يمكن الايجار من الميقات وجب الايجار من البلد، و حينئذ يكون حقه متمثلا في اجور الحجة البلدية، و لا يجوز التأجيل تبريرا ذلك بعدم امكان الايجار من الميقات، و من هذا القبيل ما اذا اقترح الأجير اجرة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 49)


[مسألة 81: من مات و اقرّ بعض ورثته بأن عليه حجة الإسلام، و أنكره الآخرون]

(مسألة 81): من مات و اقرّ بعض ورثته بان عليه حجة الإسلام، و أنكره الآخرون فالظاهر انه يجب على المقرّ الاستيجار للحج و لو بدفع تمام مصرف الحج من حصته (1)، غاية الأمر أن له اقامة الدعوى على المنكرين و مطالبتهم بحصته من بقية التركة و يجرى هذا الحكم في الاقرار بالدين أيضا. نعم، اذا لم يف تمام حصته بمصرف الحج لم يجب عليه الاستيجار بتتميمه من ماله الشخصى.

[مسألة 82: من مات و عليه حجة الإسلام و تبرع متبرع عنه بالحج]

(مسألة 82): من مات و عليه حجة الإسلام و تبرع متبرع عنه بالحج لم يجب على الورثة الاستيجار عنه بل يرجع بدل الاستيجار إلى الورثة (2). نعم، إذا اوصى الميت باخراج حجة الإسلام من ثلثه لم يرجع بدله الى الورثة، بل يصرف في وجوه الخير أو يتصدق به عنه.

اكبر من الاجرة الاعتيادية التي هي المقررة عادة و لم يوجد من يقبل باجرة اعتيادية، فان الواجب حينئذ تلبية اقتراحه، و دفع الاجرة الاكبر جميعا من التركة، و لا يجوز أن يجعل ذلك مبررا للتأجيل. فالنتيجة ان الشارع جعل للميت حقا في تركته بمقدار ما يوجب براءة ذمته عن الحجة، و هذا المقدار طبعا يختلف باختلاف الظروف و الأوقات و الأشخاص.

(1)في وجوب ذلك اشكال، بل منع، اذ ليس على المقر أن يسدّد كل نفقات الحج من حصته الخاصة به لان الواجب عليه أن يسدّد ما يخصّ‌ حصته، فاذا كانت نفقة الحج بقدر ربع التركة، فليس عليه الاّ أن يدفع ربع ما عنده من التركة، و حينئذ فان اتفق وجود متبرع بسائر النفقة أدى المقر ربع ما عنده و الاّ تصرف في كامل حصته، و لا شيء عليه، و تفصيل ذلك بيّناه في المسألة (85) من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)هذا من جهة أن المانع عن انتقال مقدار نفقة الحج الى الورثة، و بقاؤه

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 50)


[مسألة 83: من مات و عليه حجة الإسلام و أوصى بالاستيجار من البلد وجب ذلك]

(مسألة 83): من مات و عليه حجة الإسلام و اوصى بالاستيجار من البلد وجب ذلك، و لكن الزائد على اجرة الميقات يخرج من الثلث (1)، و لو اوصى بالحج و لم يعين شيئا اكتفى بالاستيجار من الميقات، إلا اذا كانت هناك قرينة على ارادة الاستيجار من البلد، كما إذا عين مقدارا يناسب الحج البلدي.

[مسألة 84 اذا اوصى بالحج البلدي، و لكن الوصي او الوارث استأجر من الميقات بطلت الاجارة]

(مسألة 84): اذا اوصى بالحج البلدي، و لكن الوصي او الوارث استأجر من الميقات بطلت الاجارة (2)، ان كانت الاجارة من مال الميت، و لكن ذمة الميت تفرغ من الحج بعمل الأجير.

في ملك الميت انما هو اشتغال ذمة الميت بحجة الإسلام، و توقفها على المال، و أما اذا برئت ذمته عنها بتبرع متبرع بالحج عنه، فلا مقتضي لبقاء مقدار نفقته في ملك الميت، بل ينتقل الى ملك الورثة، لأن المقتضي للانتقال موجود، و لا مانع منه، و هذا بخلاف الثلث، فانه يظل ثابتا في ملك الميت و إن تعذر صرفه في الجهة التي عيّنها الموصي، و ذلك لأن المتفاهم العرفي من الوصية بالثلث تعدد المطلوب، بمعنى أنها تدل عرفا على أن غرض الموصي صرفه فيما يصل نفعه اليه مع مراعاة الأهم فالأهم، فاذا تعذر صرفه في الجهة التي عينها وجب صرفه في الجهة الأخرى دونها من جهات البر و الاحسان.

(1)بل من الأصل، لما مر من أن الميت اذا كان قد أوصى بالحج بدون تقييده من الميقات كان الظاهر من ذلك أن الموصى به الحجة البلدية، و تخرج نفقاتها جميعا من التركة، و تفصيل ذلك في المسألة (88) من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)هذا مبني على أن معنى الوصية بالحجة البلدية الوصية بالاجارة على المقدمات و الأعمال معا، فعندئذ إذا أوقع الوارث او الوصي الاجارة على

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 51)


[مسألة 85: إذا أوصى بالحج البلدي من غير بلده]

(مسألة 85): اذا اوصى بالحج البلدي من غير بلده، كما إذا اوصى ان يستأجر من النجف – مثلا – وجب العمل بها و يخرج الزائد عن اجرة الميقاتية من الثلث (1).

[مسألة 86: إذا أوصى بالاستيجار عنه لحجة الإسلام و عيّن الأجرة لزم العمل بها]

(مسألة 86): إذا اوصى بالاستيجار عنه لحجة الإسلام و عيّن الاجرة لزم العمل بها، و تخرج من الأصل ان لم تزد على اجرة المثل، و إلا كان الزائد من الثلث (2).

الأعمال فقط‍‌ بدون ضم المقدمات اليها بطلت، لان الاجارة التي وقعت على نفس أعمال الحج ليست موردا للوصية، و ما هو مورد لها و هو الاجارة على الأعمال مع مقدماتها لم تقع عليه، و أما إذا كان معنى الوصية بها الوصية بالاجارة على نفس أعمال الحج و واجباته مشروطة بكونها من البلد، فحينئذ اذا أوقع الوصي أو الوارث الاجارة على الحجة الميقاتية صحت الاجارة، و لكنه خالف الوصية و اعتبر آثما.

(1)بل من الأصل، لما مر من أن للميت في زمن حياته حقا في أن يعين أجرة حجه بعد موته في مال معين و استيجار شخص خاص للحج عنه، و كذلك له تعيين بلد الايجار، و اذا عين وجب على الوصي تنفيذه من الأصل شريطة أن يكون له في ذلك غرض عقلائي، كما اذا كان الحج من تلك البلدة أو من ذلك الشخص أكثر ثوابا و أدق تطبيقا، لا أنه مجرد اضرار بالورثة. نعم اذا عين الأجرة في مال معين، فان لم يف بنفقات الحج، وجب تكميله من التركة، و إن زاد عن الأجرة الاعتيادية يحسب الزائد من الثلث على أساس أن الأجرة الاعتيادية تكفي لنفقات الحج.

نعم، إذا اتفق في مورد لم يوجد من يقبل بها، و طالب باجرة اكبر وجب دفع الكل من الأصل، و لا مبرر للتأجيل كما مر.

(2)ظهر وجه ذلك مما مر، من ان الميت اذا كان قد عين مالا معينا لأجور

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 52)


[مسألة 87: إذا أوصى بالحج بمال معين و علم الوصي أن المال الموصى به فيه الخمس أو الزكاة]

(مسألة 87): اذا اوصى بالحج بمال معين و علم الوصي ان المال الموصى به فيه الخمس أو الزكاة وجب عليه اخراجه اولا، و صرف الباقي في سبيل الحج، فان لم يف الباقي بمصارفه لزم تتميمه من اصل التركة، ان كان الموصى به حجة الإسلام، و إلا صرف الباقي في وجوه البر (1).

[مسألة 88: إذا وجب الاستيجار للحج عن الميت بوصية أو بغير وصية، و أهمل من يجب عليه الاستيجار فتلف المال]

(مسألة 88): اذا وجب الاستيجار للحج عن الميت بوصية أو بغير وصية، و اهمل من يجب عليه الاستيجار فتلف المال ضمنه (2)، و يجب عليه الاستيجار من ماله.

الحج، فان كان ذلك المال اكثر من الأجرة الاعتيادية اخرج مقدار الأجرة الاعتيادية من الأصل، و اعتبر الزائد من ثلث الباقي، و إن كان بمقدار الأجرة الاعتيادية أخرج الكل من التركة رأسا.

نعم قد لا يوجد من يقبل بالأجرة الاعتيادية حتى بأعلى درجاتها، ففي مثل هذه الحالة لا يعتبر الزائد من الثلث، بل يعتبر من الأصل كالأجرة الاعتيادية، و لكنها حالة استثنائية قد تتفق كما عرفت، نظير ما اذا اقترح الأجير اجرة اكبر من الأجرة الاعتيادية في وقت لا يوجد من يقبل باجرة اعتيادية، فانه لا بد من تلبية اقتراحه، و عدم المبرر للتأجيل، هذا كله من جهة أنه لا بد من تأدية حق الميت، و عدم جواز تأجيله سنة بعد أخرى.

(1)ظهر حكم هذه المسألة مما ذكرناه في المسألة (82) من أنه اذا تعذر صرف الثلث في الجهة التي عينها الموصي، وجب صرفه في الجهة الأخرى من وجوه البر و الاحسان.

(2)هذا من جهة أن تلف المال بما أنه مستند الى إهماله و تقصيره فيكون ضامنا، فاذن يجب عليه أن يستأجر شخصا للحج عن الميت من ماله عوضا عن المال التالف.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 53)


[مسألة 89: إذا علم استقرار الحج على الميت، و شك في ادائه وجب القضاء عنه]

(مسألة 89): إذا علم استقرار الحج على الميت، و شك في ادائه وجب القضاء عنه (1)، و يخرج من اصل المال.

[مسألة 90: لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الاستيجار]

(مسألة 90): لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الاستيجار (2) فلو علم ان الأجير لم يحج لعذر أو بدونه وجب الاستيجار ثانيا، و يخرج من الأصل و ان امكن استرداد الاجرة من الأجير تعين ذلك، اذا كانت الاجرة مال الميت.

[مسألة 91: إذا تعدد الأجراء فالأحوط‍‌ استيجار أقلهم أجرة]

(مسألة 91): اذا تعدد الأجراء فالأحوط‍‌ استيجار اقلهم اجرة، إذا كانت الاجارة بمال الميت، و إن كان الأظهر جواز استيجار المناسب لحال الميت من حيث الفضل و الشرف، فيجوز استيجاره بالأزيد (3).

(1)هذا من جهة ان موضوع وجوب القضاء مركب من أمرين:

أحدهما: استقرار الحج في ذمة الميت.

و الآخر: عدم الاتيان به.

و الاول محرز بالوجدان، و الثاني بالاستصحاب، و بضم الوجدان الى الاستصحاب يتم الموضوع، و يترتب عليه حكمه، و هو وجوب القضاء.

(2)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لأن مقتضى عقد الايجار ان المستأجر يملك العمل في ذمة الأجير، و الأجير يملك الأجرة في ذمة المستأجر، و أما فراغ ذمة الميت فهو مترتب على قيام الأجير بالعمل في الخارج و اتيانه فيه.

(3)بل يجوز مطلقا حتى اذا كان الأجير أفضل من الميت شأنا و مقاما و علما، و مع ذلك يجوز استيجاره للحج عنه باجرة مناسبة لحال الأجير و مقامه، و إن كانت تلك الأجرة اكبر مما يتطلب شأن الميت و مقامه، و لا يجب استيجار شخص مناسب لشأن الميت و مقامه بأجرة مناسبة.

و النكتة في ذلك أن الأجرة الاعتيادية على درجات تبعا لنوعية الأجير، و هي تخرج من تركة الميت من أعلاها الى أدناها، و حينئذ فيجوز الأخذ بأعلى

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 54)


[مسألة 92: العبرة في وجوب الاستيجار من البلد أو الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده، لا بتقليد الميت او اجتهاده]

(مسألة 92): العبرة في وجوب الاستيجار من البلد او الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده، لا بتقليد الميت او اجتهاده (1) فلو كان الميت يعتقد وجوب الحج البلدي و الوارث يعتقد جواز الاستيجار من الميقات لم يلزم على الوارث الاستيجار من البلد.

[مسألة 93: إذا كانت على الميت حجة الإسلام و لم تكن له تركة لم يجب الاستيجار عنه على الوارث]

(مسألة 93): إذا كانت على الميت حجة الإسلام و لم تكن له تركة لم يجب الاستيجار عنه على الوارث. نعم، يستحب ذلك على الولي.

تلك الدرجات و إن كانت اكبر مما تتطلبه شئون الميت و مكانته، كما يجوز الأخذ بادناها و إن كانت أقل مما تتطلبه مكانة الميت و مقامه.

فالنتيجة: انه لا يجب استيجار من يكون بدرجة الميت شأنا و مقاما باجرة مناسبة.

و قد تسأل: ان الوصي اذا استأجر من كان دون الميت مقاما و شأنا بأدنى درجة من الأجرة الاعتيادية، فهل يرجع ما به التفاوت بين أعلى درجة من الأجرة الاعتيادية، و بين أدناها الى الورثة، أو يصرف في وجوه البر و الاحسان‌؟

و الجواب: انه يرجع الى الورثة لوجود المقتضي للرجوع، و عدم المانع منه، لأن المانع انما هو اشتغال ذمة الميت بالحجة، فاذا فرغت ذمته عنها بالاستيجار بادنى درجة من الأجرة الاعتيادية فلا مانع من رجوع الزائد اليهم.

(1)الأمر كما افاده قدّس سرّه الاّ في مورد واحد و هو ما اذا كان نظر الميت موافقا للاحتياط‍‌ و نظر الوارث مخالفا له، و كان مبنيا على الأصل العملي المؤمّن كأصالة البراءة، دون الدليل الاجتهادي، فان في مثل ذلك بما أن الوارث يحتمل مطابقة نظر الميت للواقع، و لم يقم عنده ما يكشف عن بطلانه، فمن أجل ذلك فالأحوط‍‌ و الأجدر به وجوبا أن يعمل على طبق نظر الميت، هذا بالنسبة إلى الوارث. و أما الوصي فان كان نظره مطابقا لنظر الموصي اجتهادا أو تقليدا فهو

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 55)


[مسألة 94: إذا أوصى بالحج فإن علم أن الموصى به هو حجة الإسلام أخرج من أصل التركة]

(مسألة 94): اذا اوصى بالحج فان علم ان الموصى به هو حجة الإسلام اخرج من اصل التركة إلا فيما اذا عين اخراجه من الثلث، و أما إذا علم ان الموصى به غير حجة الإسلام، او شك في ذلك فهو يخرج من الثلث (1).

[مسألة 95: اذا اوصى بالحج، و عين شخصا معينا لزم العمل بالوصية]

(مسألة 95): اذا اوصى بالحج، و عين شخصا معينا لزم العمل بالوصية، فان لم يقبل إلا بازيد من اجرة المثل اخرج الزائد من الثلث (2)، فان لم يمكن ذلك أيضا استؤجر غيره باجرة المثل.

المطلوب، و إن كان مخالفا له، فان كان نظره مطابقا للاحتياط‍‌ دون نظر الموصي كان عليه أن يعمل على طبق نظره، و إن كان نظر الموصي مطابقا للاحتياط‍‌ دون نظره، فعليه أن يعمل على طبق نظر الموصي تطبيقا للعمل بالوصية، و تمام الكلام هنا في المسألة (101) من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه و ذلك لأن الوارث أو الوصي اذا شك في أن الموصى به هل هو حجة الإسلام أو غيرها كان مرد هذا الشك الى الشك في أن الوصية قد تعلقت بها أو بغيرها، و في مثل ذلك لا مانع من الرجوع الى أصالة عدم تعلقها بها، و بذلك ينفى موضوع وجوب الخروج من الأصل و هو تعلق الوصية بها، فلذلك يخرج من الثلث لا من أصل المال.

(2)هذا لما مر من أن حق الميت شرعا في التركة إنما يمثل مقدار نفقات سفر الحج الاعتيادية من أعلى درجاتها الى أدناها، الاّ في حالات استثنائية كما عرفت، و على هذا فاذا لم يقبل الأجير الاّ بأجرة اكبر من الأجرة الاعتيادية بأعلى تلك الدرجات، فالزائد يخرج من ثلث الباقي شريطة أن يوجد هناك من يقبل بالاجرة الاعتيادية، و أما إذا لم يوجد و طالب الأجير بأجور أكبر من الاعتيادية

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 56)


[مسألة 96: اذا اوصى بالحج، و عين اجرة لا يرغب فيها احد]

(مسألة 96): اذا اوصى بالحج، و عين اجرة لا يرغب فيها احد، فان كان الموصى به حجة الإسلام لزم تتميمها من اصل التركة، و ان كان الموصى به غيرها بطلت الوصية، و تصرف الأجرة في وجوه البر (1).

[مسألة 97: اذا باع داره بمبلغ – مثلا – و اشترط‍‌ على المشتري ان يصرفه في الحج عنه بعد موته كان الثمن من التركة]

(مسألة 97): اذا باع داره بمبلغ – مثلا – و اشترط‍‌ على المشتري ان يصرفه في الحج عنه بعد موته كان الثمن من التركة (2)، فان كان الحج حجة الإسلام لزم الشرط‍‌ و وجب صرفه في اجرة الحج، ان لم يزد على أجرة المثل و إلا فالزائد يخرج من الثلث، و ان كان الحج غير حجة الإسلام لزم الشرط‍‌ أيضا، و يخرج تمامه من الثلث و ان لم يف الثلث لم يلزم الشرط‍‌ في المقدار الزائد.

باعلاها، فلا يخرج الزائد من الثلث لعدم الموجب للتأجيل الى سنة أخرى.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه و ذلك، لما عرفت من أن الوصية بالثلث تدل على أن غرض الميت منها بقاؤه في ملكه و صرفه في الأهم فالأهم مما يصل نفعه اليه، و على هذا فالأجرة التي عينها الموصي للحج بما أنه لا يرغب فيها أحد، و لا يقبل الحج بها فالوصية بالنسبة إليه باطلة، و حينئذ فلا بد من صرفها في الجهة الأخرى مع مراعاة الأقرب فالأقرب، على أساس ما ذكرناه من دلالة الوصية على تعدد المطلوب، يعنى الأهم فالأهم، و الأقرب فالأقرب.

(2)في اطلاقه اشكال، بل منع، لأن الشرط‍‌ في المسألة بما انه يتضمن الوصية بصرف ثمن الدار في الحج عنه بعد موته، فيكون المشروط‍‌ بهذا الشرط‍‌ الوصية بالحج، و عليه فان كان الحج الموصى به حجة الإسلام أخرج الثمن من التركة، فان و في بنفقات الحج فهو المطلوب، و إن لم يف بها فان كانت له تركة اخرى وجب تكميله منها، و الاّ كان الثمن للورثة، باعتبار أن هذه الوصية وصية بحجة الإسلام مباشرة، و لا ترجع الى الوصية بالثلث.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 57)


……….

و إن كان الحج الموصى به حجة أخرى، فان كان ثمن الدار بمقدار ثلث ماله فالوصية نافذة، و يجب على الوصي صرفه في الحج الموصى به، و إن كان زائدا على الثلث فالزائد يرجع الى الورثة، و عندئذ فان كان الباقي وافيا بنفقات سفر الحج وجب صرفه فيها، و الا صرف في وجوه البر و الاحسان، و من هنا يظهر حال ما إذا كانت تركته منحصرة به، فان وصيته وقتئذ نافذة في ثلث الثمن فقط‍‌، فان و في ثلثه بالحج فهو، و الاّ يصرف في جهات الخير، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى اذا فرض ان المشترى امتنع عن تنفيذ الوصية، فحينئذ ان كان الحج الموصى به حجة الإسلام، و كانت للميت تركة أخرى غيره أيضا، أو إذا لم تكن له تركة أخرى غيره، و لكن ثمن الدار لا يزيد على الأجرة الاعتيادية للحج، ثبت خيار تخلف الشرط‍‌ للميت فحسب، و هل ينتقل هذا الخيار الى ورثته أو الى الحاكم الشرعي‌؟

و الجواب: انه ينتقل الى الحاكم الشرعي دون الورثة، فانهم لا ينتفعون به، لأن نسبتهم اليه كنسبة الأجانب، فالخيار انما ينتقل الى الورثة تبعا لانتقال الحق أو المال اليهم لا مطلقا، و المفروض في المقام ان المال لم ينتقل اليهم، بل ظل في ملك الميت، و إذا فسخت المعاملة انتقل الثمن من ملكه الى ملك المشتري بدل انتقال الدار من ملكه الى ملك الميت.

فالنتيجة ان الخيار بما أنه ينتقل الى الحاكم الشرعي فله أن يطالب المشتري حينئذ بتنفيذ الوصية، فان امتنع فسخ المعاملة، فاذا فسخها انتقلت الدار من ملك المشتري الى ملك الميت، كما انتقل الثمن من ملكه الى ملك المشتري و للحاكم الشرعي ان يصرف الدار عندئذ في الحج عنه، فان زادت عن

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 58)


……….

نفقاته اعتبر الزائد من ثلث الباقي، اذا كانت له تركة أخرى، و يصرف في وجوه البر و الاحسان. و كذلك اذا لم تكن له تركة أخرى، على اساس ان الدار بما أنها صارت ملكا للميت من جديد بعد خروجها عن ملكه في زمن حياته، فلا دليل على أن كل ما يملكه الميت بعد موته ينتقل الى ورثته فيما عدا مسألة الدية، و يشهد على ذلك بعض الروايات أيضا.

و أما إذا كانت التركة منحصرة بالثمن، و كان زائدا عن الأجرة المتعارفة، فحينئذ بما أن الزائد يرجع الى الورثة فاذا امتنع المشتري عن تسليمه اليهم ثبت لهم الخيار أيضا، فها هنا خياران:

أحدهما: ثابت للميت من جهة تخلف الشرط‍‌.

و الآخر: للورثة من جهة امتناع المشتري عن تسليم الزائد، و في هذه الصورة أيضا لا ينتقل خيار الميت الى الورثة، بل الى الحاكم الشرعي بنفس الملاك المتقدم، و أما إذا كان الحج الموصى به حجة أخرى فان لم يكن الثمن أزيد من الثلث ثبت الخيار للميت فقط‍‌، بملاك تخلف الشرط‍‌، و ينتقل الى الحاكم الشرعي بنفس ما تقدم من الملاك، و إن كان الثمن ازيد من الثلث فبما أن الزائد يرجع إلى الورثة، ثبت الخيار لهم أيضا بملاك امتناع المشتري عن تسليم الزائد اليهم، فعندئذ يكون هناك خياران:

أحدهما: ثابت للميت من جهة تخلف الشرط‍‌.

و الآخر: للورثة من جهة امتناع المشتري عن التسليم و خيار الميت لا ينتقل الى الورثة بنفس ما تقدم من الملاك، فمن أجل ذلك يقوم الحاكم الشرعي مقام الميت من باب الولاية – كما عرفت -.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 59)


[مسألة 98: اذا صالحه داره – مثلا – على أن يحج عنه – بعد موته صح و لزم]

(مسألة 98): اذا صالحه داره – مثلا – على أن يحج عنه – بعد موته – صح و لزم، و خرجت الدار عن ملك المصالح الشارط‍‌، و لا تحسب من التركة، و ان كان الحج ندبيا، و لا يشملها حكم الوصية، و كذلك الحال اذا ملكه داره بشرط‍‌ أن يبيعها و يصرف ثمنها في الحج عنه بعد موته، فجميع ذلك صحيح لازم، و ان كان العمل المشروط‍‌ عليه ندبيا، و لا يكون للوارث حينئذ حق في الدار، و لو تخلف المشروط‍‌ عليه عن العمل بالشرط‍‌ لم ينتقل الخيار الى الوارث، و ليس له اسقاط‍‌ هذا الخيار الذي هو حق للميت و انما يثبت الخيار للحاكم الشرعي (1) و بعد فسخه يصرف المال فيما شرط‍‌ على المفسوخ عليه فان زاد شيء صرف في وجوه الخير.

(1)هذا مبني على أن مفاد شرط‍‌ الفعل ليس هو إنشاء تمليكه للمشروط‍‌ له، بل مفاده الزام المشروط‍‌ عليه بالعمل بالشرط‍‌ تكليفا، و على هذا فليس الشرط‍‌ ملكا و لا حقا حتى يكون من التركة و ينتقل الى الورثة، و حينئذ فاذا امتنع المشروط‍‌ عليه عن العمل بالشرط‍‌ ثبت للميت خيار تخلف الشرط‍‌، و ينتقل هذا الخيار الى الحاكم الشرعي بمعنى أنه يقوم مقامه في اعماله ولاية، لا الى الورثة لأنهم لا ينتفعون به كالأجنبي، و قد مر أن الخيار انما ينتقل اليهم تبعا لانتقال الملك او الحق لا مطلقا، و أما بناء على أن مفاده إنشاء تمليك الفعل المشروط‍‌ للمشروط‍‌ له، كما هو غير بعيد فينتقل الخيار حينئذ الى الورثة تبعا لانتقال الشرط‍‌ اليهم.

بيان ذلك: انه يمكن ان يقال ان المنشأ في شرط‍‌ الفعل في الحقيقة هو المعنى الحرفي، يعني النسبة المدلول عليه بكلمة (اللام) في قولك عند الاشتراط‍‌ في عقد «ان تخيط‍‌ لي ثوبي» أو «لك عليّ‌ خياطة الثوب» و حيث ان النسبة الخارجية بين الشرط‍‌ و المشروط‍‌ له في الخارج غير قابلة للإنشاء، فلا

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 60)


……….

محالة يكون المنشأ هو النسبة الاعتبارية بينهما المتمثلة في ملكية الشرط‍‌ للمشروط‍‌ له، و على ضوء هذا الأساس ان المشروط‍‌ له يملك الشرط‍‌ على المشروط‍‌ عليه من حين إنشائه في ضمن العقد، غاية الأمر ان ظرف تسليمه اليه كان بعد موته، و حينئذ يكون من التركة، و اذا كان منها انتقل الى الورثة شريطة توفر أمرين فيه معا:

أحدهما: ان لا يكون الحج المشروط‍‌ به حجة الإسلام.

و الآخر: أن لا تكون التركة منحصرة بهذا الشرط‍‌، و حينئذ فان كان الميت قد أوصى بالثلث و لم يعين مصرفا خاصا له و أوكل تعيين مصرفه بنظر الوصي أو الوارث، فله أن يعين الثلث في الشرط‍‌ مالا و مصرفا اذا لم تكن قيمته أزيد من الثلث و عندئذ فان قام المشروط‍‌ عليه بالوفاء بالشرط‍‌ بأن يحج عنه نيابة فقد أدى المشروط‍‌ عليه ما عليه من العمل المشروط‍‌، و نفذ الوصي الوصية، فيكون حج المشروط‍‌ عليه مصداقا للعمل بالوصية و للوفاء بالشرط‍‌ معا، و إن امتنع المشروط‍‌ عليه من الوفاء بالشرط‍‌ ثبت للورثة خيار تخلف الشرط‍‌، و كان لهم حينئذ أن يقوموا بفسخ المعاملة، فاذا فسخوها انتقلت الدار في المثال اليهم، فاذا انتقلت فلهم اخراج الثلث منها، أو من سائر التركة، و أما إذا لم تكن له وصية بالثلث فلا حق له، لا في سائر تركته في الخارج، و لا في هذا الشرط‍‌.

و دعوى: أن هذا الشرط‍‌ منه وصية فيكون نافذا في ثلثه.

مدفوعة: بان هذا الشرط‍‌ لا يصلح أن يكون وصية، لأن الوصية يكون متعلقها المال أو الحق في الخارج في المرتبة السابقة، بقطع النظر عنها، و هذا الشرط‍‌ مدلوله إنشاء ملكية الفعل للمشروط‍‌ له، لا أنه متعلق بالمال و الملك في المرتبة السابقة و بقطع النظر عنه حتى يصدق عليه عنوان الوصية.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 61)


……….

و إن شئت قلت: ان الوصية متوقفة على وجود مال للميت في الخارج في المرتبة المتقدمة حتى تتعلق بثلثه فيه، و أما في المقام فبما أن مدلول الشرط‍‌ إنشاء ملكية الفعل كالحج – مثلا – و اعتبارها للمشروط‍‌ له، فلا يكون متعلقا بالمال و الملك له، لكي يكون وصية.

فالنتيجة ان المشروط‍‌ له لا يكون مالكا للفعل في المرتبة السابقة و بقطع النظر عن هذا الشرط‍‌ لكي ينطبق عليه عنوان الوصية، و إنما يملكه بنفس هذا الشرط‍‌، فاذن كيف يمكن أن يكون هذا الشرط‍‌ وصية‌؟ هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى ان الشرط‍‌ كالحج في ذمة المشروط‍‌ عليه في المقام و إن انتقل الى الورثة الاّ أنهم لا ينتفعون به مباشرة، و حينئذ فاما أن يرضوا بقيام المشروط‍‌ عليه بالحج عن الميت نيابة احسانا منهم له، و اما أن يبرءوا ذمته عنه مجانا، أو مع العوض. نعم اذا امتنع المشروط‍‌ عليه من القيام بالعمل ثبت لهم خيار تخلف الشرط‍‌، و عندئذ كان لهم فسخ المعاملة و أخذ المال منه، و أما اذا كان الحج المشروط‍‌ به حجة الإسلام و كانت التركة منحصرة بهذا الشرط‍‌، فلا ينتقل الى الورثة، و ظل في ملك الميت الى أن يقوم المشروط‍‌ عليه بالعمل به، و في هذه الصورة إذا امتنع المشروط‍‌ عليه من الوفاء بالشرط‍‌ ثبت الخيار للميت، و ينتقل منه الى الحاكم الشرعي لا للورثة، لما مر من أنهم لا ينتفعون به أصلا، و قد عرفت ان الخيار انما ينتقل اليهم تبعا لانتقال التركة لا مطلقا، فاذن للحاكم الشرعي أن يطلب من المشروط‍‌ عليه الوفاء بالشرط‍‌، فان أصر على الامتناع فسخ العقد و أخذ المال منه، و يصرفه في نفقات الحجة الميقاتية عن الميت، فان زاد يرجع الزائد الى الورثة، و إن نقص و لم يتسع للحد الأدنى من نفقات الحج سقط‍‌ الحج و كان المال كله للورثة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 62)


[مسألة 99: لو مات الوصي و لم يعلم انه استأجر للحج – قبل موته]

(مسألة 99): لو مات الوصي و لم يعلم انه استأجر للحج – قبل موته – وجب الاستيجار من التركة (1)، فيما اذا كان الموصى به حجة الإسلام، و من الثلث اذا كان غيرها. و اذا كان المال قد قبضه الوصي – و كان موجودا – اخذ، و ان احتمل ان الوصي قد استأجر من مال نفسه و تملك ذلك بدلا عما اعطاه، و ان لم يكن المال موجودا فلا ضمان على الوصي، لاحتمال تلفه عنده بلا تفريط‍‌.

[مسألة 100: اذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط‍‌ لم يضمنه]

(مسألة 100): اذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط‍‌ لم يضمنه و وجب الاستيجار من بقية التركة، اذا كان الموصى به حجة الإسلام، و من بقية الثلث ان كان غيرها فان كانت البقية موزعة على الورثة استرجع منهم بدل الايجار بالنسبة، و كذلك الحال ان استؤجر احد للحج و مات قبل الاتيان بالعمل، و لم يكن له تركة، أو لم يمكن الأخذ من تركته.

[مسألة 101: اذا تلف المال في يد الوصي قبل الاستيجار، و لم يعلم ان التلف كان عن تفريط‍‌ لم يجز تغريم الوصي]

(مسألة 101): اذا تلف المال في يد الوصي قبل الاستيجار، و لم يعلم ان التلف كان عن تفريط‍‌ لم يجز تغريم الوصي (2).

[مسألة 102: اذا اوصى بمقدار من المال لغير حجة الإسلام]

(مسألة 102): اذا اوصى بمقدار من المال لغير حجة الإسلام، و احتمل انه زائد على ثلثه لم يجز صرف جميعه (3).

(1)هذا اذا لم يؤد ظهور حاله الى الوثوق و الاطمينان بأنه عمل بالوصية و استأجر للحج عن الميت، و الاّ لم يجب الاستيجار عنه، و به يظهر حال ما بعده.

(2)لأن موضوع التغريم تلف المال عن تقصير و اهمال منه، و هو غير محرز.

(3)لأن موضوع جواز التصرف فيه حيث إنه صحة الوصية، و هي غير محرزة بالنسبة الى الجميع، فانه إن كان زائدا على الثلث لم تصح الوصية بالزائد عليه، و الاّ صحت، و بما أنا لا ندري انه زائد على الثلث أو لا، فبطبيعة الحال لا

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 63)


……….

ندري أن الوصية بالجميع صحيحة أو غير صحيحة، فاذن لا يكون موضوع جواز التصرف في الجميع فيه محرزا، فاذا لم يكن محرزا لم يجز، و لا يمكن التمسك بأصالة الصحة في المقام، لأن التمسك بها في كل مورد مرتبط‍‌ بتوفر أركانها فيه، منها قابلية المحل و أهلية الفاعل، و بما أن قابلية المحل في المقام غير محرزة من جهة الشك في أن المحل قابل لتعلق الوصية به، أو لا، فلا يمكن التمسك بها.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 64)


[فصل في النيابة]

فصل في النيابة

[مسألة 103: يعتبر في النائب امور]

(مسألة 103): يعتبر في النائب امور:

الاول: البلوغ، فلا يجزي حج الصبي من غيره في حجة الإسلام و غيرها من الحج الواجب، و ان كان الصبي مميزا (1).

نعم، لا يبعد صحة نيابته في الحج المندوب باذن الولي.

الثاني: العقل، فلا تجزي استنابة المجنون، سواء في ذلك ما إذا كان جنونه مطبقا، أم كان ادواريا إذا كان العمل في دور جنونه، و اما السفيه فلا بأس باستنابته.

الثالث: الايمان فلا عبرة بنيابة غير المؤمن، و ان اتى بالعمل على طبق مذهبنا.

الرابع: ان لا يكون النائب مشغول الذمة بحج واجب عليه في عام النيابة. اذا تنجز الوجوب عليه و لا بأس باستنابته فيما إذا كان جاهلا بالوجوب أو غافلا عنه و هذا الشرط‍‌ شرط‍‌ في صحة الاجارة (2) لا في صحة حج النائب، فلو حج – و الحالة هذه – برئت ذمة المنوب عنه، و لكنه لا يستحق الاجرة المسماة، بل يستحق أجرة المثل.

(1)لأن سقوط‍‌ الواجب عن ذمة شخص بفعل غيره عنه نيابة بحاجة الى دليل و لا دليل الاّ فيما اذا كان النائب بالغا، و اما اذا لم يكن بالغا فلا دليل على الكفاية، و إن كانت عبادته في نفسها مشروعة.

(2)هذا لا من جهة أن الاجارة لو صحت لزم وجوب حجين متضادين:

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 65)


……….

أحدهما: عن نفسه.

و الآخر: عن غيره نيابة، و هو تكليف بالمحال، بل من جهة أخرى.

فلنا دعويان: الأولى: ان بطلان الاجارة ليس من جهة أن صحتها تستلزم الأمر بالضدين.

الثانية: ان بطلانها من جهة عدم قدرة الأجير على الوفاء بها في ظرفه.

اما الدعوى الأولى: فلأن مقتضى صحة الاجارة هو وجوب الحجة الايجارية على الأجير فقط‍‌، دون وجوب حجتين متضادتين عليه فعلا، و لكن بما أنه مكلف بالحجة عن نفسه أيضا فيلزم حينئذ وقوع التزاحم بينهما في مرحلة الامتثال، فلا بد اذن من الرجوع الى مرجحات بابه، فان كانت احداهما أهم من الأخرى كان وجوب المهم لا محالة مقيدا لبا و واقعا بعدم الاشتغال بالأهم دون العكس، فلهذا يحكم العقل بوجوب الاتيان به تعيينا، و لكن المكلف اذا أتى بالمهم و خالف الأهم و عصاه فلا مانع من الحكم بصحته على القول بالترتب – كما هو الصحيح – و إن كانتا متساويتين كان وجوب كل منهما مقيدا لبا و واقعا بعدم الاشتغال بالأخرى، و على القول بالترتب يصح الاتيان بكل واحدة منهما عند ترك الأخرى. فالنتيجة انه لو لم يكن هناك مانع آخر من صحة الاجارة لم يكن وقوع التزاحم بين وجوب الحج بالاجارة و وجوبه بالأصالة مانعا عن صحتها.

و أما الدّعوى الثانية: فلأن الأجير اذا كان عالما بوجوب حجة الإسلام عليه أصالة و ملتفتا اليه فلا يمكن الحكم حينئذ بصحة اجارته للحج عن غيره، لأن صحة الاجارة مرتبطة بقدرة الأجير على التسليم و الوفاء بها في ظرفه، و حيث انه مأمور فعلا بحجة الإسلام عن نفسه و وجوب صرف قدرته في

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 66)


[مسألة 104: يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه احراز عمل النائب، و الاتيان به صحيحا]

(مسألة 104): يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه احراز عمل النائب، و الاتيان به صحيحا، فلا بد من معرفته باعمال الحج و احكامه، و ان كان ذلك بارشاد غيره عند كل عمل، كما لا بد من الوثوق به، و ان لم يكن عادلا.

[مسألة 105: لا بأس بنيابة المملوك عن الحر. إذا كان باذن مولاه]

(مسألة 105): لا بأس بنيابة المملوك عن الحر. إذا كان باذن مولاه (1).

امتثالها، فبطبيعة الحال يكون عاجزا عن العمل بالاجارة و الوفاء بها، على أساس أن القدرة الواحدة لا تتسع للضدين معا، فاذا كان ملزما بصرفها في الأهم كان عاجزا عن المهم، فاذن تكون الاجارة عليه باطلة.

و قد تسأل أنه اذا صار أجيرا في هذه الحالة، و حج نيابة عن الميت أو الحي العاجز، فهل يصح‌؟

و الجواب: ان الاجارة باطلة كما عرفت، و أما الحج فهو صحيح على القول بالترتب، و تبرأ به ذمة الميت أو الحي العاجز، و حينئذ فهل يستحق الأجرة‌؟

و الجواب: اما الأجرة المسماة فلا يستحقها لمكان بطلان الاجارة، و أما اجرة المثل و هي الاجرة المتعارفة التي يتقاضاها الأجراء للقيام بمثل هذا العمل عادة، فلا يبعد استحقاقها، على أساس أن الاجارة و إن كانت باطلة، الاّ أن الحج كان بأمر المستأجر، اذ من غير المحتمل عادة أن يكون أمره به مقيدا بصحة الاجارة. نعم لو كانت هناك قرائن خارجية على أن أمر المستأجر بالحج كان مقيدا بصحة الاجارة، و لم يكن مطلقا، أو لم يعلم بالحال، لم يستحق أجرة المثل أيضا.

(1)اذ لا دليل على اعتبار الحرية في النائب.

نعم، اذا كان النائب عبدا فلا بد من أن تكون استنابته باذن مولاه، و الاّ لم تصح.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 67)


[مسألة 106: لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز]

(مسألة 106): لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز (1)، كما لا بأس بالنيابة عن المجنون، بل يجب الاستيجار عنه اذا استقر عليه الحج في حال افاقته و مات مجنونا.

[مسألة 107: لا تشترط‍‌ المماثلة بين النائب و المنوب عنه]

(مسألة 107): لا تشترط‍‌ المماثلة بين النائب و المنوب عنه، فتصح نيابة الرجل عن المرأة، و بالعكس.

[مسألة 108: لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة و غير الصرورة]

(مسألة 108): لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة و غير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلا أو امرأة. نعم، يكره استنابة الصرورة، و لا سيما إذا كان النائب امرأة و المنوب عنه رجلا، و يستثنى من ذلك ما إذا كان المنوب عنه رجلا حيا، و لم يتمكن من حجة الإسلام، فان الأحوط‍‌ فيه لزوما استنابة الرجل الصرورة (2).

(1)لأن الروايات التي تنص على استحباب النيابة عن غيره في الحج أو غيره من العبادات تشمل باطلاقها الصبي المميز، و المجنون أيضا.

(2)لكن الأقوى عدم اعتبار الصرورة فيه، لأن عمدة الدليل على اعتبارها صحيحة الحلبي: «إن كان موسرا و حال بينه و بين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره اللّه فيه، فان عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له»1 ، بدعوى أنها تدل على أن النائب عن الرجل الحي العاجز عن القيام المباشر بالحج لا بد أن يكون صرورة بمقتضى ظهور القيد في الاحتراز.

و الجواب: ان الصحيحة لا تدل على اعتبار الصرورة في النائب عن الرجل الحي العاجز حتى على القول بأن القضية الوصفية تدل على المفهوم اما بملاك ظهور القيد في الاحتراز او من جهة أخرى، و ذلك لأن من يقول بدلالة هذه القضية على المفهوم انما يقول في الوصف الذي يذكر معه موصوفه، فانه


 

(1)) <page number=”67″ />الوسائل: باب 24، من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 68)


[مسألة 109: يشترط‍‌ في المنوب عنه الإسلام فلا تصح النيابة عن الكافر]

(مسألة 109): يشترط‍‌ في المنوب عنه الإسلام فلا تصح النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعا، و كان الوارث مسلما لم يجب عليه استيجار الحج عنه (1). و الناصب كالكافر، إلا انه يجوز لولده المؤمن ان ينوب عنه في الحج.

[مسألة 110: لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب تبرعا كان أو باجارة]

(مسألة 110): لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب تبرعا كان أو باجارة، و كذلك في الحج الواجب إذا كان معذورا عن الاتيان بالعمل مباشرة على ما تقدم و لا تجوز النيابة عن الحي في غير ذلك. و اما النيابة عن الميت فهي جائزة مطلقا، سواء كانت باجارة، أو تبرع و سواء كان الحج واجبا أو مندوبا.

محل الكلام بين الأصوليين نفيا و اثباتا، و اما الوصف الذي لا يذكر مع موصوفه فهو خارج عن محل الكلام، لأن حاله حال اللقب، بل هو من افراده، و الفرض أن اللقب لا يدل الاّ على انتفاء شخص الحكم المجعول في القضية بانتفاء موضوعه، و هذا ليس من المفهوم في شيء، و حيث إن وصف الصرورة في الصحيحة لم يذكر مع موصوفه، فلا يدل على المفهوم كاللقب، فاذن لا مانع من التمسك باطلاقات أدلة النيابة، و مقتضاها عدم الفرق بين أن يكون النائب عن الرجل الحي العاجز صرورة أو غير صرورة، و تفصيل ذلك مذكور في الحالة الرابعة من المسألة (72) من (فصل: في شرائط‍‌ وجوب حجة الإسلام) في الجزء الثامن من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)هذا بناء على القول بأن الكفار غير مكلفين بالفروع واضح، اذ حينئذ لا موضوع للنيابة عنهم، و أما بناء على القول بأنهم مكلفون بالفروع كما استظهرناه، فعندئذ و إن كانت ذمتهم مشغولة بالعبادات منها الحج، الاّ ان صحة النيابة عنهم بحاجة الى دليل، و لا دليل عليها، لأن أدلة النيابة لا اطلاق لها حتى

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 69)


[مسألة 111: يعتبر في صحة النيابة تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين]

(مسألة 111): يعتبر في صحة النيابة تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين (1)، و لا يشترط‍‌ ذكر اسمه، كما يعتبر فيها قصد النيابة.

[مسألة 112: كما تصح النيابة بالتبرع و بالاجارة تصح بالجعالة و بالشرط‍‌ في ضمن العقد و نحو ذلك]

(مسألة 112): كما تصح النيابة بالتبرع و بالاجارة تصح بالجعالة و بالشرط‍‌ في ضمن العقد و نحو ذلك.

[مسألة 113: من كان معذورا في ترك بعض الاعمال، أو في عدم الاتيان به على الوجه الكامل]

(مسألة 113): من كان معذورا في ترك بعض الاعمال، أو في عدم الاتيان به على الوجه الكامل لا يجوز استيجاره (2)، بل لو تبرع المعذور و ناب عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله. نعم، إذا كان معذورا في ارتكاب ما يحرم على المحرم كمن اضطر إلى التظليل فلا بأس باستيجاره و استنابته و لا بأس لمن دخل مكة بعمرة مفردة أن ينوب عن غيره لحج التمتع مع العلم أنه لا يستطيع الاحرام الا من ادنى الحل، كما لا بأس بنيابة النساء أو غيرهن ممن تجوز لهم الافاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر، و الرمي ليلا للحج عن الرجل أو المرأة.

تشمل النيابة عنهم، و لا يوجد دليل آخر على ذلك فالنتيجة ان الروايات التي تنص على مشروعية النيابة منصرفة عرفا عن النيابة عن الكفار.

(1)اذ لا شبهة في اعتبار قصد النيابة في صحة عمل النائب، فلو حج بدون أن يقصد النيابة عن غيره لم يصح، لا عن نفسه و لا عن غيره، كما أنه يعتبر في صحته أن يقصد النيابة عن غيره معينا في الخارج و لو بعنوان اجمالي كعنوان من قصده المستأجر، أو من اعطى الأجرة له على عمله، أو غير ذلك، فاذا حج النائب و قصد النيابة عن غيره بدون تعيينه لم يقع منه.

(2)هذا هو الصحيح و ذلك لأن ذمة الميت اذا كانت مشغولة بالواجب بكامل اجزائه و شروطه لم يصح استيجار من لا يقدر على الواجب كذلك لمرض أو هرم أو غيره، لأن ما هو مورد للإجارة لا يكون مطابقا لما في ذمة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 70)


……….

المنوب عنه، فاذا لم يكن مطابقا لم تصح الاجارة، لأنها بلا مورد، فاذا كان بامكان الوصي أو الوارث استيجار من يكون قادرا على القيام بكل واجبات الحج و شروطه، لم يجز استيجار من لا يكون قادرا على القيام به كذلك.

و بكلمة: ان نيابة من لا يكون قادرا على الحج بكل واجباته و قيوده بسبب أو آخر عن غيره في الحج الواجب غير كافية، و لذلك فاذا بادر و تبرع عن غيره فلا يكتفى بذلك، لأن الملاك في كلا الموردين واحد، و هو عدم انطباق ما في ذمة المنوب عنه على ما أتى به من العمل الناقص. و من هنا يظهر الفرق بين استيجار من لا يقدر على الواجب بتمام واجباته و قيوده من الأول، و بين من طرأ عليه العجز عنه في الاثناء، فعلى الأولى يكون استيجاره باطلا، و على الثاني يكون صحيحا، و لا يكشف طرو العجز عليه عن بطلانه من الأول.

و النكتة في ذلك ان من يكون عاجزا من الأول، فاذا استؤجر للحج عن الميت فبطبيعة الحال استؤجر للحج الناقص عنه دون التام لعدم قدرته عليه، و من الواضح ان هذا الاستيجار باطل جزما، لأن ما هو مورد للإجارة لا يطابق مع ما هو ثابت في ذمة الميت، فان الثابت في ذمته الحج التام، و ما هو مورد للإجارة الحج الناقص، فاذن ما يكون في الذمة لا يكون موردا للإجارة، و ما يكون موردا للإجارة لا يكون ثابتا في الذمة، فلذلك تبطل الاجارة و لا مورد لها.

و أما من يكون قادرا على العمل التام من الأول، فاذا استؤجر فلا محالة كان استيجاره على العمل التام الموافق لما في ذمة المنوب عنه، و عليه فما هو ثابت في الذمة يكون موردا للإجارة و بالعكس. ثم اذا طرأ عليه عجز في الاثناء بسبب من الأسباب كالمرض أو الحيض أو عائق آخر، فمقتضى القاعدة و إن كان بطلان الاجارة، لأن ذلك كاشف عن عدم قدرته على الوفاء بها في ظرفه من

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 71)


[مسألة 114: اذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ ذمة المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانية في ما تجب الاستنابة فيه]

(مسألة 114): اذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ ذمة المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانية في ما تجب الاستنابة فيه، و ان مات بعد الاحرام اجزأ عنه و ان كان موته قبل دخول الحرم على الأظهر (1)، و لا فرق في ذلك بين حجة الإسلام و غيرها، و لا بين أن تكون النيابة بأجرة أو بتبرع.

[مسألة 115: اذا مات الأجير بعد الاحرام استحق تمام الأجرة إذا كان اجيرا على تفريغ ذمة الميت]

(مسألة 115): اذا مات الأجير بعد الاحرام استحق تمام الأجرة إذا كان اجيرا على تفريغ ذمة الميت، و اما إذا كان اجيرا على الاتيان بالاعمال استحق الاجرة بنسبة ما اتى به، و ان مات قبل الاحرام لم يستحق شيئا.

نعم، إذا كانت المقدمات داخلة في الاجارة استحق من الأجرة بقدر ما أتى به منها.

الأول، الاّ أن الروايات التي تنص على تعيين وظيفة العاجز في الأثناء تشمل باطلاقها الأجير أيضا، و تدل على أن وظيفته اذا طرأ عليه عجز في أثناء العمل الاستعانة بالغير، أو الاستنابة كالأصيل، و مقتضى هذه الروايات صحة عمل الأجير بما هو أجير، و نتيجة ذلك صحة الاجارة.

و الحاصل: ان الفرق بين العاجز من الأول و العاجز في الاثناء انما هو النص.

و بكلمة: انه اذا طرأ على الأجير عجز عن الطواف مباشرة لمرض أو نحوه، فعليه أن يطوف بالاستعانة بغيره و لو محمولا، و إن عجز عن ذلك أيضا فعليه أن يستنيب شخصا لكي يطوف عنه.

فالنتيجة ان ما يدل على تعيين الوظيفة لمن طرأ عليه عجز في الاثناء يدل على صحة عمله من الأول، و عدم بطلانه، و اذا كان اجيرا يدل على أنه لا يكون عاجزا عن اتمام العمل التام شرعا حتى تكون الاجارة باطلة، و هذا بخلاف ما إذا كان عاجزا من الأول، فانه لم يكن مشمولا للنص و مقتضى القاعدة فيه البطلان.

(1)للنص، و بذلك يفترق النائب عن الأصيل، فان النائب اذا مات في

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 72)


[مسألة 116: اذا استأجر للحج البلدي، و لم يعين الطريق، كان الأجير مخيرا في ذلك]

(مسألة 116): اذا استأجر للحج البلدي، و لم يعين الطريق، كان الأجير مخيرا في ذلك، و إذا عين طريقا لم يجز العدول منه إلى غيره (1)، فان عدل و اتى بالأعمال، فان كان اعتبار الطريق في الاجارة على نحو الشرطية (2) دون الجزئية استحق الأجير تمام الاجرة، و كان للمستأجر خيار الفسخ، فان فسخ يرجع إلى اجرة المثل و ان كان اعتباره على نحو الجزئية كان للمستأجر الفسخ أيضا، فان لم يفسخ استحق من الأجرة المسماة بمقدار عمله، و يسقط‍‌ بمقدار مخالفته.

الطريق، فان كان بعد الإحرام أجزأ، و إن كان قبل دخول الحرم، و هذا بخلاف الأصيل، فانه اذا مات في الطريق فان كان بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ، و الاّ لم يجزأ و إن كان بعد الاحرام.

(1)هذا إذا علم بأن تعيين الطريق منه انما يكون من باب الموضوعية اما بملاك أن الحج من هذا الطريق أكثر ثوابا و أجرا، كما اذا عين الحج من طريق النجف الاشرف – مثلا – او من طريق المدينة المنورة ذهابا و ايابا، أو بملاك انه يرى أن الحج من هذا الطريق أكثر أمنا و سلامة، أو غير ذلك، و أما إذا علم بأن تعيين الطريق منه انما يكون بملاك أنه الطريق المتعارف بدون أن تكون فيه خصوصية بنظره، فيجوز له العدول منه الى طريق آخر، و أما إذا شك في ذلك فأيضا لا مانع من العدول بمقتضى أصالة البراءة عن وجوب الذهاب الى الحج من هذا الطريق.

(2)هذا يتصور على نحوين:

أحدهما: ان يكون متعلق الاجارة حصة خاصة من الحج و هي الحج المقيد من طريق خاص معين، أو بلدة معينة.

و الآخر: أن يكون طبيعي الحج و تعيين الطريق انما هو بالشرط‍‌ الخارجي.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 73)


[مسألة 117: اذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة]

(مسألة 117): اذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة لم تصح اجارته عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضا، و تصح الاجارتان مع اختلاف السنتين، أو مع عدم تقيد احدى الاجارتين او كلتيهما بالمباشرة.

اما على الأول: فاذا خالف الأجير و حج من طريق آخر لم يف بالاجارة أصلا، لأن ما أتى به من حصة للحج ليس متعلقا للإجارة، و ما تعلقت به الاجارة و هو حصة أخرى من الحج لم يأت به، و أما ما في ذمة المنوب عنه فهو يسقط‍‌ من جهة أنه ينطبق على ما أتى به الأجير في الخارج على أساس أن ما في ذمته طبيعي الحج بدون تقييده بخصوصية أخرى، فان التقييد إنما أخذ في متعلق الاجارة من قبل المستأجر، فانه جعل متعلقها حصة خاصة من الحج، و هي الحج من طريق المدينة المنورة – مثلا – لا طبيعي الحج، و على هذا فاذا حج الأجير من طريق آخر كجدة أو الطائف لم يف بالاجارة أصلا، لأن ما أتى به حصة اخرى من الحج مباينة للحصة المستأجر عليها، فلا يمكن تطبيقها عليها، و حينئذ فهل تبطل الاجارة، أو انه يثبت الخيار للمستأجر من جهة أن الأجير لم يف بالاجارة، و لم يعمل بها مع تمكنه منه‌؟

و الصحيح الوجه الثاني، اذ لا موجب للبطلان في المقام اصلا، لأن الأجير على الفرض قادر على الوفاء بها بكامل واجباتها، و لكنه ترك العمل بها باختياره عامدا و ملتفتا، و مع هذا لا مبرر لبطلانها، فان المبرر له أحد أمرين:

الاول: ضيق الوقت، و عدم تمكن الأجير من الوفاء بها فيه.

و الآخر: عجزه عن الوفاء بها، و شيء منهما في المقام غير موجود، فاذن لا مناص من الالتزام بصحة الاجارة و ثبوت الخيار للمستأجر، و على هذا فان فسخ المستأجر الاجارة طالب الأجير برد الأجرة اليه، و إن لم يفسخ طالبه بقيمة العمل المستأجر عليه، باعتبار أنه أتلفه.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 74)


[مسألة 118: اذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم يجز له التأخير و لا التقديم]

(مسألة 118): اذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم يجز له التأخير و لا التقديم. و لكنه لو قدّم أو أخّر برئت ذمة المنوب عنه، و لا يستحق الأجرة إذا كان التقديم أو التأخير بغير رضى المستأجر (1).

[مسألة 119: اذا صدّ الأجير، أو احصر فلم يتمكن من الاتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه]

(مسألة 119): اذا صدّ الأجير، أو احصر فلم يتمكن من الاتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه، و يأتي بيان ذلك إن شاء اللّه تعالى، و انفسخت الاجارة إذا كانت مقيدة بتلك السنة، و يبقى الحج في ذمته إذا لم تكن مقيدة بها.

ثم إن الأجير في هذه الصورة لا يستحق الأجرة المسماة، و لا أجرة المثل.

اما الأولى، فلأنه لم يأت بالعمل المستأجر عليه، لأن ما أتى به من الحج حصة مباينة لحصة مورد الاجارة، و أما الثانية فلأن ما أتى به لما لم يكن باذن المستأجر و أمره لم يستحق الأجرة التي يطالبها الأجير للقيام بمثل هذا العمل عادة، و هذا التصور و ان كان بعيدا عن الارتكاز الذهني الا انه امر ممكن.

و أما على الثاني: و هو ما إذا كان متعلق الاجارة طبيعي الحج، و لكن اشترط‍‌ على أن يأتي به من الطريق الفلاني، ففي مثل ذلك اذا حج الأجير من طريق آخر فقد خالف الشرط‍‌ فحسب، و يثبت خيار تخلف الشرط‍‌ للمستأجر، و أما بالنسبة إلى عقد الاجارة، فقد و في به و أتى بالعمل المستأجر عليه بكامل واجباته، و هو طبيعي الحج، فمن أجل ذلك يستحق تمام الاجرة المسماة، فاذن ليس في هذا الفرض الاّ عدم عمل الأجير بالشرط‍‌ الخارجي، و هو كما لا يوجب بطلان الاجارة كذلك لا يوجب تقسيط‍‌ الأجرة، و انما يوجب ثبوت الخيار للمستأجر.

(1)الأمر كما افاده قدّس سرّه لأن متعلق الاجارة حصة خاصة من الحج و هي الحج في سنة معينة، و عليه فاذا حج الأجير في سنة أخرى فبما أنه لم يأت بما هو متعلق الاجارة فلا يستحق الاجرة المسماة، و كذلك أجرة المثل حيث ان ما أتى به لم يكن باذن المستأجر و أمره فلا يستحقها أيضا.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 75)


[مسألة 120: اذا اتى النائب بما يوجب الكفارة فهي من ماله]

(مسألة 120): اذا اتى النائب بما يوجب الكفارة فهي من ماله، سواء كانت النيابة باجارة أو بتبرع.

[مسألة 121: اذا استأجره للحج باجرة معينة فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها]

(مسألة 121): اذا استأجره للحج باجرة معينة فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها كما انها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد.

[مسألة 122: اذا استأجره للحج الواجب أو المندوب فافسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر]

(مسألة 122): اذا استأجره للحج الواجب أو المندوب فافسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر وجب عليه اتمامه و أجزأ المنوب عنه (1)،

و عليه الحج من قابل و كفارة بدنة و الظاهر انه يستحق الأجرة، و ان لم يحج من قابل لعذر أو غير عذر، و تجري الأحكام المذكورة في المتبرع أيضا غير انه لا يستحق الأجرة.

[مسألة 123: الأجير و ان كان يملك الأجرة بالعقد، و لكن لا يجب تسليمها اليه]

(مسألة 123): الأجير و ان كان يملك الأجرة بالعقد، و لكن لا يجب تسليمها اليه إلا بعد العمل اذا لم يشترط‍‌ التعجيل، و لكن الظاهر جواز مطالبة الأجير للحج الأجرة قبل العمل، و ذلك من جهة القرينة على اشتراط‍‌ ذلك، فان الغالب ان الأجير لا يتمكن من الذهاب الى الحج، أو الاتيان بالاعمال قبل اخذ الأجرة.

[مسألة 124: إذا آجر نفسه للحج فليس له أن يستأجر غيره إلا مع اذن المستأجر]

(مسألة 124): إذا آجر نفسه للحج فليس له أن يستأجر غيره إلا مع اذن المستأجر (2).

(1)هذا من جهة أن الحجة الأولى هي الحجة الواجبة، و الثانية عقوبة، فلذلك يستحق تمام الأجرة المسماة و ان ترك الحجة في السنة الثانية و لم يأت بها.

(2)لأن الحج في ذمته في السنة الحالية بما أنه مملوك للمستأجر الأول بمقتضى عقد الاجارة الواقعة بينهما، فلا يجوز له التصرف فيه الاّ باذنه.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 76)


[مسألة 125: اذا استأجر شخصا لحج التمتع مع سعة الوقت]

(مسألة 125): اذا استأجر شخصا لحج التمتع مع سعة الوقت، و اتفق ان الوقت قد ضاق فعدل الاجير عن عمرة التمتع الى حج الافراد و أتى بعمرة مفردة بعده برئت ذمة المنوب عنه (1)، لكن الأجير لا يستحق الأجرة إذا كانت الاجارة على نفس الأعمال.

نعم، إذا كانت الاجارة على تفريغ ذمة الميت استحقها.

(1)في البراءة اشكال، و لا يبعد عدمها، لأن الاجارة إن كانت في ضيق الوقت فهي باطلة، لأن صحتها مشروطة بقدرة الأجير على الوفاء بها، و لا قدرة له على الوفاء في ضيق الوقت، و أما إذا كانت في سعة الوقت ثم اتفق ضيقه، فحينئذ تارة يكون الضيق مستندا الى اهمال الأجير و تسامحه في الوفاء بالاجارة، و أخرى لا يكون مستندا الى اهماله و تسامحه.

أما على الأول: فلا موجب لبطلان الاجارة، لأن الأجير حيث كان متمكنا من الوفاء بها و لكنه أخره تسامحا و اهمالا الى أن ضاق الوقت و عجز عنه، فلا مبرر لبطلانها، و حينئذ فيثبت الخيار للمستأجر و له أن يفسخ الاجارة و يطالب الأجير باسترداد الأجرة، و له ان لا يفسخها و يطالبه بقيمة العمل المستأجر عليه.

و أما على الثاني: فمقتضى القاعدة بطلان الاجارة، لأن صحتها مشروطة بقدرة الأجير على الوفاء بها في ظرفها، و المفروض انه عاجز عن ذلك، و لا يكون عجزه مستندا الى اختياره حتى لا يكون مانعا عن صحتها، هذا.

و ذهب جماعة الى أن وظيفة العاجز في هذه الحالة تنقلب من التمتع الى الافراد. بيان ذلك يتطلب التكلم في عدة مقامات:

الأول: ان ما ذهب اليه جماعة من انقلاب الحج من التمتع الى الافراد في هذه الحالة، هل هو صحيح أو لا؟

الثاني: على تقدير القول بالانقلاب فيها، فهل تظل الاجارة صحيحة أو تبطل‌؟

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 77)


……….

الثالث: ان اتيان النائب بحج الافراد ثم بالعمرة المفردة هل يجزي عن المنوب عنه أو لا؟

الرابع: ان النائب هل يستحق الاجرة على الحج المنقلب اليه‌؟

أما المقام الأوّل: فالظاهر ان الروايات الواردة في مسألة الانقلاب بمختلف السنتها لا اطلاق لها بالنسبة الى كون المتمتع متمتعا عن نفسه أو متمتعا عن غيره نيابة باجارة او تبرع، فان جملة منها في مقام بيان تحديد وقت عمرة التمتع، و أن الوظيفة متى تكون العمرة، و متى ينتهي وقتها، و لا نظر لها الى كون المتمتع متمتعا عن نفسه أو عن غيره نيابة، فاذن بطبيعة الحال يكون القدر المتيقن منها هو الأول، و جملة أخرى منها في مقام بيان وظيفة من وصل الى مكة في وقت متأخر لا يتمكن الاّ من ادراك الناس في المشعر الحرام، أو مع الوقوف الاضطراري في عرفة، و لا نظر لها أيضا الى أنه جاء للحج عن نفسه أو عن غيره نيابة أو تبرعا، فلذلك يكون المتيقن منها الأول دون الأعم.

فالنتيجة ان روايات المسألة انما تكون في مقام البيان من جهات أخرى و مجملة من هذه الجهة، فالقدر المتيقن منها المتمتع عن نفسه.

و أما المقام الثاني: فالظاهر بطلان الاجارة، لأن موردها كان حج التمتع، و الفرض أن الأجير عاجز عنه، و أما حج الافراد الذي يكون وظيفة الأجير فعلا بالانقلاب فهو ليس مورد الاجارة، و حكم الشارع بانقلاب التمتع الى الافراد ليس بمعنى تبديل مورد الاجارة من التمتع اليه شرعا، بل بمعنى أن وظيفة المحرم لعمرة التمتع بما هو محرم اذا ضاق وقتها فعليه أن يأتي بالحج مفردا بدون النظر الى كون احرامه للعمرة من قبل نفسه أو من قبل غيره نيابة، فالانقلاب انما يكون وظيفة المحرم العاجز عن التمتع بما هو محرم، لا بما هو نائب أو أصيل، فاذن يكون حج الافراد في طول حج التمتع، فما دام المكلف

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 78)


……….

متمكنا من التمتع فلا يصل الدور اليه، و اذا عجز عنه جاء دوره.

و بكلمة: ان الشارع جعل حج الافراد بديلا عن التمتع و في طوله و أوجب على من تعذر عليه حج التمتع بتعذر عمرته حج الافراد، حيث إن البعيد الذي تكون وظيفته حج التمتع، فما دام متمكنا من الاتيان بعمرة التمتع فلا يصل الدور الى حج الافراد، و اذا تعذر عليه الجمع بين العمرة و الحج متعة، انتقلت وظيفته الى الافراد، على أساس أن المبدل اذا تعذر وصل دور البدل، و على هذا فاذا كانت الاجارة على المبدل كحج التمتع فاذا تعذر على النائب بتعذر عمرته فوظيفته و ان انتقلت الى الافراد، الاّ أن هذا الانتقال لا بملاك أنه نائب، بل بملاك أنه محرم، و على هذا فلا يجب عليه أن يأتي بحج الافراد بقصد أنه نائب عن الميت الفلاني، حيث إنه لا يكون نائبا عنه فيه، و انما يكون نائبا عنه في حج التمتع، فاذن يكون حج الافراد وظيفته بما أنه محرم، لا بما أنه نائب.

فالنتيجة انه لا يمكن الحكم بصحة هذه الاجارة.

و أما المقام الثالث: فقد ظهر مما مر أن حج الافراد لا يجزي عن المنوب عنه، لما عرفت من أن انتقال وظيفته من التمتع الى الافراد ليس بملاك أنه نائب عنه، بل بملاك انه محرم سواء أ كان لنفسه أم كان لغيره، و لهذا لا يجب عليه الاتيان بالافراد بقصد النيابة، بل يأتي بعنوان أنه وظيفته بما هو محرم. فالنتيجة ان الحكم بالاجزاء عن المنوب عنه لا يخلو عن اشكال بل منع.

و اما المقام الرابع: فقد ظهر مما ذكرناه انه لا يستحق شيئا من الاجرة المسماة، باعتبار أن ذمة المنوب عنه قد ظلت مشغولة، و لا أجرة المثل، لأن الاتيان بحج الافراد لا يكون باذن المستأجر و أمره.

و بكلمة: ان الاجارة لو كانت على الاعمال و المقدمات معا فعندئذ توزع الأجرة على الجميع و يستحق الأجير منها ما يوازي المقدمات فحسب، و أما اذا

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 79)


[مسألة 126: لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج المندوب]

(مسألة 126): لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج المندوب، و اما الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن اثنين و ما زاد، إلا اذا كان وجوبه عليهما او عليهم على نحو الشركة (1)، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كل منهما مع الآخر في الاستيجار في الحج، فحينئذ يجوز لهما أن يستأجر شخصا واحدا للنيابة عنهما.

[مسألة 127: لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميت، أو حي، تبرعا أو بالاجارة]

(مسألة 127): لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميت، أو حي، تبرعا أو بالاجارة، فيما إذا كان الحج مندوبا، و كذلك في الحج الواجب، فيما إذا كان متعددا، كما إذا كان على الميت أو الحي حجان واجبان بنذر – مثلا – او كان احدهما حجة الإسلام و كان الآخر واجبا بالنذر، فيجوز – حينئذ – استيجار شخصين أحدهما لواجب و الآخر لآخر و كذلك يجوز استيجار شخصين عن واحد احدهما للحج الواجب و الآخر للمندوب بل لا يبعد استيجار شخصين لواجب واحد، كحجة الإسلام من باب الاحتياط‍‌ (2)، لاحتمال نقصان حج احدهما.

[مسألة 128: الطواف مستحب في نفسه، فتجوز النيابة فيه عن الميت]

(مسألة 128): الطواف مستحب في نفسه، فتجوز النيابة فيه عن الميت، و كذا عن الحي اذا كان غائبا عن مكة أو حاضرا فيها و لم يتمكن من الطواف مباشرة.

كانت على الأعمال فقط‍‌ فلا يستحق شيئا منها. نعم ما يصرفه لحد الآن من الاجرة لا يكون ضامنا له، باعتبار أنه باذنه و أمره.

(1)فيه ان ذلك ليس من استنابة واحد للاثنين بما هما اثنان في الحقيقة لأنها غير معقولة، بل هو من استنابة واحد للاثنين بما هما شخص واحد حكما، لوضوح أن الحج اذا كان واجبا على كل واحد من شخصين مستقلا احتاج كل منهما الى نائب مستقل، و لا تتصور كفاية نائب واحد عن الجميع.

(2)بأن ينوب جماعة لحجة الإسلام عن شخص واحد، فيحج كل واحد

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 80)


[مسألة 129: لا بأس للنائب بعد فراغه من اعمال الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه، أو عن غيره]

(مسألة 129): لا بأس للنائب بعد فراغه من اعمال الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه، أو عن غيره، كما لا بأس ان يطوف عن نفسه او عن غيره.

منهم نيابة عنه، سواء أ كان قصد بعضهم مختلفا عن قصد البعض الآخر، كما اذا قصد أحدهم النيابة في حج مندوب و قصد الآخر النيابة في حج واجب، أو قصدوا جميعا حجا واحدا كما اذا قصدوا جميعا النيابة عنه في حجة الإسلام احتياطا، على أساس أن كل واحد منهم يحتمل بطلان عمل الآخرين و كونه ناقصا.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 81)


[الحج المندوب]

الحج المندوب

[مسألة 130: يستحب لمن يمكنه الحج ان يحج و ان لم يكن مستطيعا]

(مسألة 130): يستحب لمن يمكنه الحج ان يحج و ان لم يكن مستطيعا، أو انه أتى بحجة الإسلام، و يستحب تكراره في كل سنة لمن يتمكن من ذلك.

[مسألة 131: يستحب نية العود على الحج حين الخروج من مكة]

(مسألة 131): يستحب نية العود على الحج حين الخروج من مكة.

[مسألة 132: يستحب احجاج من لا استطاعة له، كما يستحب الاستقراض للحج اذا كان واثقا بالوفاء بعد ذلك]

(مسألة 132): يستحب احجاج من لا استطاعة له، كما يستحب الاستقراض للحج اذا كان واثقا بالوفاء بعد ذلك، و يستحب كثرة الانفاق في الحج.

[مسألة 133: يستحب اعطاء الزكاة، لمن لا يستطيع الحج ليحج بها]

(مسألة 133): يستحب اعطاء الزكاة، لمن لا يستطيع الحج ليحج بها.

[مسألة 134: يشترط‍‌ في حج المرأة اذن الزوج]

(مسألة 134): يشترط‍‌ في حج المرأة اذن الزوج، اذا كان الحج مندوبا، و كذلك المعتدة بالعدة الرجعية و لا يعتبر ذلك في البائنة و في عدة الوفاة.

[اقسام العمرة]

اقسام العمرة

[مسألة 135: العمرة كالحج، فقد تكون واجبة و قد تكون مندوبة، و قد تكون مفردة، و قد تكون متمتعا بها]

(مسألة 135): العمرة كالحج (1)، فقد تكون واجبة و قد تكون مندوبة، و قد تكون مفردة، و قد تكون متمتعا بها.

(1)العمرة تشبه الحج في الجهات التالية:

الأولى: كما أن الحج ينقسم الى الواجب و المستحب تارة، و الى التمتع و الافراد تارة أخرى، كذلك العمرة تنقسم تارة الى العمرة الواجبة و المستحبة، و أخرى الى المتعة و المفردة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 82)


[مسألة 136: تجب العمرة كالحج على كل مستطيع واجد للشرائط‍‌، و وجوبها كوجوب الحج فوري]

(مسألة 136): تجب العمرة كالحج على كل مستطيع واجد للشرائط‍‌، و وجوبها كوجوب الحج فوري (1)، فمن استطاع لها – و لو لم يستطع للحج – وجبت عليه.

نعم، الظاهر عدم وجوبها على من كانت وظيفته حج التمتع (2)، و لم يكن مستطيعا، و لكنه استطاع لها، و عليه فلا تجب على الأجير للحج بعد فراغه من عمل النيابة، و ان كان مستطيعا من الاتيان بالعمرة المفردة لكن الاتيان بها أحوط‍‌ و أما من أتى بحج التمتع فلا يجب عليه الاتيان بالعمرة المفردة جزما.

الثانية: ان العمرة تشبه الحج في جملة من واجباتها من الاحرام و الطواف و صلاته و السعي بين الصفا و المروة، و تفترق في جملة أخرى منها، و هي التي يمارسها الحاج في خارج مكة كالوقوف بالموقفين و اعمال منى، بينما تقتصر واجبات العمرة في داخل مكة ما عدا الإحرام.

الثالثة: ان العمرة تشبه الحج في انه مستحب عموما باستثناء الحجة الاولى للمستطيع، فانها واجبة باسم حجة الإسلام، سواء أ كانت متعة أم كان افرادا أم قرانا، و العمرة مستحبة عموما باستثناء العمرة الأولى للمستطيع، فانها واجبة عليه شريطة أن يكون موطنه و مسكنه دون ستة عشر فرسخا الى المسجد الحرام.

(1)على الأحوط‍‌ وجوبا، اذا كان المكلف واثقا و مطمئنا بعدم فوتها لو أخرها.

(2)هو من يبعد مسكنه و موطنه عن المسجد الحرام ستة عشر فرسخا، اى ما يقارب ثمانية و ثمانين كيلومترا، فان وظيفته المفروضة عليه في الإسلام أن يعتمر و يحج بادئا بالعمرة و خاتما بالحج و تسمى الحجة التي تبدأ بالعمرة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 83)


[مسألة 137: يستحب الاتيان بالعمرة المفردة مكررا]

(مسألة 137): يستحب الاتيان بالعمرة المفردة مكررا، و الأولى الاتيان بها في كل شهر، و الأظهر جواز الاتيان بعمرة في شهر و ان كان في آخره و بعمرة اخرى في شهر آخر (1) و ان كان في أوله و لا يجوز الاتيان بعمرتين في شهر واحد فيما اذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر و ان كان لا بأس بالاتيان بالثانية رجاء و لا يعتبر هذا فيما اذا كانت احدى العمرتين عن نفسه و الاخرى عن غيره، او كانت كلتاهما عن شخصين غيره، كما لا يعتبر هذا بين العمرة المفردة و عمرة التمتع فمن اعتمر عمرة مفردة جاز له الاتيان بعمرة التمتع بعدها و لو كانت في نفس الشهر. و كذلك الحال في الاتيان بالعمرة المفردة بعد الفراغ من اعمال الحج، و لا يجوز الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع و الحج.

و تنتهي بالحج بحجة التمتع من حجة الإسلام، و تعتبر العمرة الجزء الأول من حجة التمتع.

(1)هذا هو الصحيح، لأن النتيجة المستفادة من الروايات بعد ضم بعضها الى بعضها الآخر هي ان العمرة المفردة مشروعة في كل شهر هلالي مرة واحدة، و لا تكون مشروعة اكثر من مرة، فيسوغ لكل شخص رجلا كان أم امرأة ان يعتمر بعمرة مفردة في الشهر الهلالي مرة واحدة بلا فرق بين أن يكون في العشرة الأولى أو الثانية، أو الثالثة، و من هنا اذا أتى بعمرة مفردة في آخر شهر جاز له الاتيان بعمرة أخرى في أول شهر آخر بحيث لا يكون الفصل بينهما باكثر من يوم أو أقلّ‌، و استثني من ذلك موردان:

أحدهما: الظاهر من روايات الباب ان اعتبار الفصل بين عمرتين بشهر إنما هو بين عمرتين مفردتين، و أما إذا كانت احداهما مفردة و الأخرى متعة فلا يعتبر هذا الفصل بينهما، و لا مانع من الاتيان بهما في شهر واحد، كما إذا اعتمر

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 84)


[مسألة 138: كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة كذلك تجب بالنذر، أو الحلف]

(مسألة 138): كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة كذلك تجب بالنذر، أو الحلف، أو العهد أو غير ذلك.

[مسألة 139: تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في اعمالها]

(مسألة 139): تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في اعمالها، و سيأتي بيان ذلك، و تفترق عنها في أمور (1):

1 – ان العمرة المفردة يجب لها طواف النساء و لا يجب ذلك لعمرة التمتع.

2 – ان عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج و هي شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة، و تصح العمرة المفردة في جميع الشهور، و أفضلها شهر رجب و بعده شهر رمضان.

3 – ينحصر الخروج عن الاحرام في عمرة التمتع بالتقصير فقط‍‌، و لكن الخروج عن الاحرام في العمرة المفردة قد يكون بالتقصير و قد يكون بالحلق.

في شهر ذي القعدة أو أول ذي الحجة بعمرة مفردة ثم اعتمر في نفس ذلك الشهر بعمرة تمتع.

و الآخر: ان المستفاد من الروايات ان اعتبار هذا الفصل انما هو بين عمرتين مفردتين لشخص واحد، و لا يعتبر اذا كانت احداهما لشخص و الأخرى لآخر، و على هذا لا مانع من أن يأتي شخص واحد بعمرة مفردة لنفسه في شهر، و بعمرة مفردة أخرى عن شخص آخر نيابة أو تبرعا في نفس ذلك الشهر، و بعمرة مفردة ثالثة عن ثالث كذلك، و هكذا.

(1)الفوارق بين العمرتين في الأمور التالية:

الأول: ان العمرة المفردة تشتمل على طواف آخر حول البيت يسمى بطواف النساء، و هذا الطواف و إن كان واجبا مستقلا، و ليس من واجبات العمرة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 85)


4 – يجب ان تقع عمرة التمتع و الحج في سنة واحدة على ما يأتي، و ليس كذلك في العمرة المفردة فمن وجب عليه حج الافراد و العمرة المفردة جاز له أن يأتي بالحج في سنة، و العمرة في سنة أخرى.

المفردة في الحقيقة، الاّ انه لا بد من الاتيان به بعد الفراغ منها، و لذلك يعتبر آخر أعمال العمرة و هذا بخلاف عمرة التمتع فانها لا تشتمل عليه و لا يجب فيها الاّ طواف واحد.

الثاني: ان خروج المكلف عن احرام العمرة المفردة بأحد أمرين: إما بالتقصير، أو الحلق، بينما يكون الخروج عن احرام عمرة التمتع انما هو بالتقصير فحسب، و لا يجوز فيها الحلق.

الثالث: ان الاحرام لعمرة التمتع لا يصح الاّ من أحد المواقيت الخمسة، أو النقطة المحاذية لها، بينما يسوغ الاحرام للعمرة المفردة من أدنى الحل اذا لم يكن مارا على أحد تلك المواقيت، و أدنى الحل هو آخر منطقة متصلة بمنطقة الحرم المحيطة بمكة التي لا يجوز لحاج أن يدخل فيها الاّ محرما.

الرابع: ان موضع عمرة التمتع من الناحية الزمانية أشهر الحج، و هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة، بينما يكون موضع العمرة المفردة من الناحية الزمانية جميع الشهور طول السنة أفضلها شهر رجب.

الخامس: ان عمرة التمتع جزء من حج التمتع و لا يجوز الاتيان بها بصورة مستقلة عن الحج، و لهذا يجب أن تقع عمرة التمتع و الحج في سنة واحدة مع تقديم العمرة على الحج، لأنهما جزءان مترابطان، و هذا بخلاف العمرة المفردة فانها تصح في جميع الشهور طوال السنة، و لذلك لا مانع من أن تقع العمرة المفرده في سنة و حج الافراد في سنة أخرى، لأنهما واجبان مستقلان.

السادس: ان من كانت وظيفته حج التمتع فلا تكتمل استطاعته الاّ أن

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 86)


5 – ان من جامع في العمرة المفردة، عالما عامدا قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا اشكال (1) و وجبت عليه الاعادة بان يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه، و اما من جامع في عمرة التمتع ففي فساد عمرته اشكال، و الأظهر عدم الفساد كما يأتي.

[مسألة 140: يجوز الاحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع]

(مسألة 140): يجوز الاحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع – و يأتي بيانها – و إذا كان المكلف في مكة و اراد الاتيان بالعمرة المفردة جاز له ان يخرج من الحرم و يحرم، و لا يجب عليه الرجوع إلى المواقيت و الاحرام منها، و الأولى أن يكون احرامه من الحديبية أو الجعرانة، أو التنعيم.

[مسألة 141: تجب العمرة المفردة لمن اراد أن يدخل مكة]

(مسألة 141): تجب العمرة المفردة لمن اراد أن يدخل مكة، فانه لا يجوز الدخول فيها إلا محرما و يستثنى من ذلك من يتكرر منه الدخول و الخروج كالحطاب و الحشاش و نحوهما (2)، و كذلك من خرج من مكة بعد اتمامه اعمال الحج أو بعد العمرة المفردة فانه يجوز له العود اليها، من دون احرام قبل مضي الشهر الذي ادى نسكه فيه، و يأتي حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع و قبل الحج.

تتوفر بتمام عناصرها الثلاثة بالنسبة إلى كلا جزأيه معا هما عمرة التمتع و حج التمتع، فمن كان مستطيعا لأحدهما دون الآخر فلا يجب عليه شيء منهما، و أما من كان عليه حج الافراد فيكفى لوجوب كل من الحج و العمرة استطاعته، فاذا استطاع للعمرة وجب الاعتمار، و اذا استطاع للحج وجب الحج، و اذا استطاع للاثنين وجب الاثنان مقدما للحج على العمرة المفردة على الأحوط‍‌.

(1)في الفساد اشكال، و لا تبعد الصحة، و ستعرف وجه ذلك في المسألة (223) الآتية.

(2)في التخصيص اشكال، و لا يبعد عموم الحكم لكل من يخرج من

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 87)


[مسألة 142: من أتى بعمرة مفردة في اشهر الحج و بقي اتفاقا في مكة إلى اوان الحج جاز له أن يجعلها عمرة التمتع]

(مسألة 142): من أتى بعمرة مفردة في اشهر الحج و بقي اتفاقا في مكة إلى اوان الحج جاز له أن يجعلها عمرة التمتع (1) و يأتي بالحج، و لا فرق في ذلك بين الحج الواجب و المندوب.

مكة و يدخل فيها من أجل حاجة البلد، أو حاجة شخصية كالمعلم أو الممرض لمريض خاص متعلق به، أو الطالب الجامعي أو غير ذلك، لأن الوارد في لسان الرواية و إن كان عنوان الحطابة و المجتلبة، الاّ أن المتفاهم العرفي منهما بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية ان المعيار انما هو بتكرر الخروج من مكة و الدخول فيها من أجل حاجة تتطلب ذلك، و إن كانت شخصية و لا يرى العرف خصوصية لعنوان الحطابة و المجتلبة الاّ من جهة ان ذلك الشغل يتطلب تكرر الخروج منها و الدخول فيها، فاذن لا يفهم من اذن النبي الاكرم صلّى اللّه عليه و آله لهما بالدخول حلالا الا كون شغلهما يقتضي ذلك، فيكون الاذن منه صلّى اللّه عليه و آله نوع امتنان لهما، و عليه فلا يختص بمورده.

(1)انقلاب العمرة المفردة إلى عمرة التمتع مرتبط‍‌ بتوفر أمور:

الأول: ان يكون المعتمر للعمرة المفردة بانيا على الرجوع الى بلدته بعد الفراغ من العمرة، و أما اذا كان بانيا على الحج بعدها فلا تنقلب، و لا بد له حينئذ من الاتيان بعمرة التمتع.

الثاني: ان يكون عدوله من الرجوع إلى بلدته بعد الاتيان بالعمرة و الانتهاء منها، و اما اذا كان في اثناء العمرة فلا يكفي في الانقلاب.

الثالث: ان يكون بناؤه على البقاء في مكة بنية الحج، و أما اذا كان بغرض آخر فلا ينقلب، و يجوز له الخروج من مكة حتى في يوم التروية. نعم لا فرق بين أن يكون بناؤه على البقاء في مكة بقصد الحج في موسمه من الأول، أو يكون لسبب آخر فيبقى فيها الى ذي الحجة، أو الى يوم التروية، ثم بنى على

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 88)


……….

الحج، و أما إذا لم يبن عليه اصلا، فلا ينقلب. فاذا توفرت هذه الأمور الثلاثة انقلبت العمرة المفردة متعة، و الاّ فلا، و تمام الكلام في ذلك في (فصل: في صورة حج التمتع و شرائطه) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 89)


[اقسام الحج]

اقسام الحج

[مسائل في أقسام الحج ]

[مسألة 143: أقسام الحج ثلاثة: تمتع، و افراد، و قران]

(مسألة 143): أقسام الحج ثلاثة: تمتع، و افراد، و قران، و الأول فرض من كان البعد بين اهله و مكة أكثر من ستة عشر فرسخا، و الآخران فرض من كان اهله حاضري المسجد الحرام، بان يكون البعد بين أهله و مكة أقل من ستة عشر فرسخا.

[مسألة 144: لا بأس للبعيد ان يحج حج الافراد أو القران ندبا]

(مسألة 144): لا بأس للبعيد ان يحج حج الافراد أو القران ندبا، كما لا بأس للحاضر أن يحج حج التمتع ندبا، و لا يجوز ذلك في الفريضة، فلا يجزي حج التمتع عمن وظيفته الافراد أو القران، و كذلك العكس.

نعم، قد تنقلب وظيفة المتمتع الى الافراد، كما يأتي.

[مسألة 145: اذا أقام البعيد في مكة، فان كانت إقامته بعد استطاعته و وجوب الحج عليه]

(مسألة 145): اذا أقام البعيد في مكة، فان كانت إقامته بعد استطاعته و وجوب الحج عليه وجب عليه حج التمتع (1)، و اما إذا كانت استطاعته

(1)في الوجوب اشكال، بل منع، لأن الميزان في الانقلاب إنما هو ببقاء المقيم في مكة الى أن دخل في السنة الثالثة، فاذا دخل فيها انقلبت وظيفته من التمتع الى الافراد تبعا لانقلاب موضوعه، بمعنى ان الشارع جعل المقيم في مكة الى سنتين بمنزلة أهلها، و تترتب عليه آثاره، و لا فرق في ذلك بين أن يكون استطاعته بعد الدخول في الثالثة أو قبل الدخول فيها، بل الأمر كذلك و إن كانت استطاعته في بلدته، فان الموضوع اذا انقلب، انقلب الحكم لا محالة، و على هذا فبما ان الموضوع في المقام قد انقلب بحكم الشارع بعد سنتين، حيث ان المقيم

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 90)


بعد اقامته في مكة وجب عليه حج الافراد او القران بعد الدخول في السنة الثالثة، و أما إذا استطاع – قبل ذلك – وجب عليه حج التمتع (1).

و المجاور في مكة بعدهما و الدخول في الثالثة أصبح من أهلها تنزيلا، فبطبيعة الحال انقلب الحكم أيضا، فانه قبل الدخول في الثالثة كان الواجب عليه حج التمتع من جهة استطاعته، و توفر الامكانية المالية لديه باعتبار أنه قبل الدخول فيها لم يكن من أهل مكة، و أما بعد الدخول فيها و صيرورته من أهلها انقلب وجوب التمتع الى وجوب الافراد تبعا لانقلاب الموضوع، اذ لا يعقل أن يكون الشخص من أهل مكة و مع ذلك يكون الواجب عليه حج التمتع، فانه خلف فرض كونه من أهل مكة، و مجرد أن استطاعته كانت قبل ذلك لا يقتضى عدم الانقلاب في الحكم رغم الانقلاب في الموضوع، لأن استطاعته إنما تقتضي وجوب حج التمتع عليه ما دام لم يصر من أهله مكة، و أما إذا صار من أهلها و لو تنزيلا فهي تقتضي وجوب حج الافراد عليه.

و بكلمة: ان وجوب حج التمتع ينتفي عن المجاور بانتفاء موضوعه و هو البعيد بعد دخوله في السنة الثالثة، و يحدث عليه وجوب حج الإفراد من جهة تحقق موضوعه فيه و هو القريب.

(1)بل وجب عليه حج الافراد و ذلك لأن موضوع وجوب حج التمتع من لم يكن من أهل مكة، و موضوع وجوب حج الافراد من كان من أهلها، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى ان وجوب الحج مشروط‍‌ بالاستطاعة سواء أ كان حج التمتع أم كان حج الافراد، و على هذا فمن قصد الاقامة في مكة و ظل فيها الى أن دخل في السنة الثالثة انقلبت وظيفته من التمتع الى الإفراد تبعا لانقلاب الموضوع، و من الواضح ان الموضوع اذا انقلب، انقلب الحكم، و لا يعقل بقاء

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 91)


……….

الحكم الأول مع انتفاء موضوعه، لأن ذلك خلف فرض كونه موضوعا له، و لا فرق في ذلك بين أن يكون استطاعته بعد سنتين أو قبلهما، حتى اذا كانت في بلدته، لأنها قبل سنتين تتطلب وجوب حج التمتع عليه ما دام لم ينقلب الى موضوع آخر، و بعدهما تتطلب وجوب حج الافراد دون الأول، لأنه ينتفي بانتفاء موضوعه، و تدل على انقلاب الموضوع روايات الباب.

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: «من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له»1 ، فانه واضح الدلالة على أن من أقام بمكة سنتين أصبح من أهلها، فاذا اصبح من أهلها ترتب عليه حكمه و هو وجوب حج الافراد و انتفى عنه حكمه الأول و هو وجوب حج التمتع بانتفاء موضوعه، اذ كونه محكوما بوجوب حج التمتع بحاجة الى دليل يدل على أن أهل مكة في بعض الحالات محكوم بحج التمتع، و لا دليل على ذلك حتى نقيد اطلاق ما دل على أن وظيفة أهل مكة حج الافراد بغير هذه الحالة.

و منها: قوله عليه السّلام في صحيحة عمر بن يزيد: «المجاور بمكة يتمتع بالعمرة الى الحج الى سنتين، فاذا جاوز سنتين كان قاطنا و ليس له أن يتمتع»2 ، فانه يدل بوضوح على انقلاب الموضوع بعد سنتين، و مجرد أن استطاعته كانت قبل ذلك لا يقتضي بقاء وجوب حج التمتع عليه حتى بعد سنتين، لان مقتضى اطلاقه انه لا متعة له بعدهما و ان كانت استطاعته قبل ذلك، هذا اضافة الى انه خلف فرض انقلاب موضوعه الى موضوع آخر، و على هذا فالاستطاعة القبلية تقتضي وجوب حج التمتع عليه الى سنتين، و اذا دخلت عليه الثالثة تقتضي


 

(1)) <page number=”91″ />الوسائل: باب 9 من أبواب أقسام الحج، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: باب 9 من أبواب أقسام الحج، الحديث: 1 و 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 92)


هذا إذا كانت اقامته بقصد المجاورة، و أما إذا كانت بقصد التوطن فوظيفته حج الافراد أو القران من اول الامر اذا كانت استطاعته بعد ذلك، و أما إذا كانت قبل قصد التوطن في مكة فوظيفته حج التمتع (1)، و كذلك الحال فيمن قصد التوطن في غير مكة من الاماكن التي يكون البعد بينها و بين المسجد الحرام أقلّ‌ من ستة عشر فرسخ.

[مسألة 146: إذا اقام في مكة، و كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه الى حج الافراد أو القران]

(مسألة 146): إذا اقام في مكة، و كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه الى حج الافراد أو القران فالاظهر جواز احرامه من ادنى الحل و ان كان الأحوط‍‌ أن يخرج إلى أحد المواقيت و الاحرام منها لعمرة التمتع، بل الأحوط‍‌ أن يخرج الى ميقات اهل بلده.

وجوب حج الافراد عليه لأن الأول ينتفي بانتفاء موضوعه، و تفصيل ذلك بشكل موسع في المسألة (3) من (فصل: في اقسام الحج) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)بل حج الافراد كما مر، و به يظهر حال المسألة الآتية.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 93)


[حج التمتع]

حج التمتع

[مسألة 147: يتألف هذا الحج من عبادتين تسمى اولاهما بالعمرة، و الثانية بالحج]

(مسألة 147): يتألف هذا الحج من عبادتين تسمى اولاهما بالعمرة، و الثانية بالحج، و قد يطلق حج التمتع على الجزء الثاني منهما، و يجب الاتيان بالعمرة فيه قبل الحج (1).

[مسألة 148: تجب في عمرة التمتع خمسة امور]

(مسألة 148): تجب في عمرة التمتع خمسة امور:

الامر الاول: الاحرام من احد المواقيت، و ستعرف تفصيلها.

الامر الثاني: الطواف حول البيت.

الامر الثالث: صلاة الطواف.

الامر الرابع: السعي بين الصفا و المروة.

الامر الخامس: التقصير، و هو أخذ شيء من الشعر أو الاظفار، فاذا أتى المكلف بهذه الأعمال الخمسة خرج من إحرامه، و حلت له الامور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الاحرام.

(1)حيث ان حج التمتع بكلا جزأيه عبادة، فلا يقع صحيحا ما لم يتوفر فيه أمور:

الأول: نية القربة بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه.

الثاني: قصد الاخلاص و نعني به عدم الرياء.

الثالث: قصد الاسم الخاص المميز له شرعا، فاذا أحرم فلا بد أن يكون احرامه بقصد القربة و الاخلاص و قصد اسمه الخاص، بمعنى ان الاحرام ان كان للعمرة لحجة التمتع من حجة الإسلام نوى ذلك، و ان كان نائبا ذكر اسم المنوب

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 94)


[مسألة 149: يجب على المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام]

(مسألة 149): يجب على المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام، و واجبات الحج ثلاثة عشر و هي كما يلى:

1 – الاحرام من مكة، على تفصيل يأتي.

2 – الوقوف في عرفات بعد مضي ساعة من ظهر اليوم التاسع، أو من نفس الظهر من ذي الحجة الحرام إلى المغرب، و تقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة.

3 – الوقوف في المزدلفة يوم العيد الأضحى من الفجر الى طلوع الشمس، و تقع المزدلفة بين عرفات و مكة…

4 – رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، و منى على بعد فرسخ واحد من مكة تقريبا.

5 – النحر أو الذبح في منى يوم العيد.

6 – الحلق أو أخذ شيء من الشعر أو الظفر في منى، و بذلك يحل له ما حرم عليه من جهة الاحرام ما عدا النساء و الطيب، بل الصيد على الأحوط‍‌.

7 – طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.

8 – صلاة الطواف.

9 – السعي بين الصفا و المروة، و بذلك يحل الطيب أيضا.

10 – طواف النساء.

11 – صلاة طواف النساء، و بذلك تحل النساء أيضا.

عنه، و إن كان الحج مستحبا اسقط‍‌ كلمة حجة الإسلام و هكذا، و لا بد ان تكون هذه الأمور الثلاثة مقارنة للعمل بكامل اجزائه، بمعنى أنها لا تتأخر عن أول جزء من اجزاء العمل العبادي.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 95)


12 – المبيت في منى ليلة الحادي عشر، و ليلة الثاني عشر بل ليلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.

13 – رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر، بل في اليوم الثالث عشر أيضا، فيما اذا بات المكلف هناك على الأحوط‍‌.

[مسألة 150: يشترط‍‌ في حج التمتع أمور]

(مسألة 150): يشترط‍‌ في حج التمتع أمور:

1 – النية (1) بان يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه، فلو نوى غيره أو تردد في نيته لم يصح حجه.

2 – ان يكون مجموع العمرة و الحج في اشهر الحج (2)، فلو اتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة.

3 – ان يكون الحج و العمرة في سنة واحدة (3)، فلو أتى العمرة و أخر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع و لا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكة الى السنة القادمة و ان يرجع إلى أهله ثم يعود اليها، كما لا فرق بين ان يحلّ‌ من احرامه بالتقصير و ان يبقى محرما إلى السنة القادمة.

(1)شروط‍‌ حج التمتع بتمام عناصرها الثلاثة من نية القربة، و الاخلاص، و قصد اسمه الخاص المميز له شرعا، فاذا نوى حج التمتع من حجة الإسلام قربة الى اللّه تعالى كفى، و إن كان مستحبا اسقط‍‌ كلمة حجة الإسلام، و إن كان منذورا بدّل كلمة حجة الإسلام بالحجة المنذورة و هكذا.

(2)و هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة، فان هذه الشهور الخاصة موضع عمرة التمتع من الناحية الزمانية، و أما موضع حج التمتع من الناحية الزمانية فهو يبدأ بعد دخول شهر ذي الحجة.

(3)للنصوص الدالة على ذلك، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين جميع

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 96)


4 – أن يكون احرام حجه من نفس مكة مع الاختيار و افضل مواضعه المقام أو الحجر (1)، و إذا لم يمكنه الاحرام من نفس مكة أحرم من أي موضع تمكن منه.

5 – ان يؤدي مجموع عمرته و حجه شخص واحد عن شخص واحد (2)، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت اوحي أحدهما لعمرته و الآخر لحجه لم يصح ذلك، و كذلك لو حج شخص و جعل عمرته عن واحد و حجه عن آخر لم يصح.

الفروض المشار اليها في المتن.

(1)في الأفضلية اشكال بل منع، و قد تعرضنا حكم المسألة بكامل جهاته في الامر الرابع من (فصل: في صورة حج التمتع و شرائطه) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)لأن عمرة التمتع و حج التمتع عمل واحد مركب من جزءين مترابطين ثبوتا و سقوطا، و على هذا فلا يمكن أن ينوي المكلف كلا منهما بنية مستقلة، بل لا بد أن تكون نية كل واحد منهما في ضمن نية المجموع، كما هو الحال في كل واجب مركب، و الاّ لزم كون كل واحد منهما واجبا مستقلا، و هذا خلف فرض كون المجموع واجبا واحدا، فمن اجل ذلك لا يمكن أن يستنيب شخصا لعمرة التمتع و آخر لحج التمتع، فان هذه الاستنابة لا يمكن أن تكون صحيحة، لأن العمرة بصورة مستقلة غير مشروعة، و كذلك حج التمتع، فاذن لا محالة تكون الاجارة عليهما باطلة، فان ما هو مشروع – و هو كون كل منهما جزء الواجب – لم تقع عليه الاجارة، و ما وقعت الاجارة عليه و هو كون كل منهما واجبا مستقلا لم يكن مشروعا، و تفصيل الكلام في ذلك في الأمر الخامس من (فصل: في صورة حج التمتع و شرائطه) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 97)


[مسألة 151: إذا فرغ المكلف من اعمال عمرة التمتع وجب عليه الاتيان باعمال الحج]

(مسألة 151): إذا فرغ المكلف من اعمال عمرة التمتع وجب عليه الاتيان باعمال الحج، و لا يجوز له الخروج من مكة لغير الحج (1)، الا ان يكون خروجه لحاجة و لم يخف فوات اعمال الحج، فيجب – و الحالة هذه – أن يحرم للحج من مكة، و يخرج لحاجته، ثم يلزمه ان يرجع الى مكة بذلك الاحرام و يذهب منها الى عرفات، و اذا لم يتمكن من الرجوع الى مكة ذهب الى عرفات من مكانه و كذلك لا يجوز لمن اتى بعمرة التمتع ان يترك الحج اختيارا و لو كان الحج استحبابيا.

نعم، إذا لم يتمكن من الحج فالأحوط‍‌ ان يجعلها عمرة مفردة و يأتي بطواف النساء.

ثم هناك شرط‍‌ سادس و هو ان حجة التمتع ترتبط‍‌ صحتها بوقوع عمرة التمتع قبلها و بصورة صحيحة، كما ان عمرة التمتع ترتبط‍‌ صحتها بوقوع حجة التمتع بعدها و بصورة صحيحة.

(1)في اطلاقه اشكال بل منع، و الأقوى جواز الخروج الى المناطق القريبة من مكة كجدة و الطائف و نحوهما مع الوثوق و الاطمئنان بالرجوع اليها و ادراك الحج، بل لا يبعد جواز الخروج منها الى الأماكن البعيدة شريطة أن يكون واثقا و متأكدا بالرجوع الى مكة و ادراك الحج، و لا فرق فيه بين أن يكون الخروج من أجل ضرورة أو لا، فان المعيار انما هو بالوثوق و الاطمئنان بالتمكن من الرجوع الى مكة و ادراك الحج، كما أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون خروجه من مكة محرما أو محلا، و إن كان الأولى و الأجدر أن يكون محرما باحرام الحج، و تفصيل ذلك في المسألة (3) من (فصل: في صورة الحج و شرائطه) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 98)


[مسألة 152: كما لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة بعد تمام عمرته كذلك لا يجوز له الخروج منها في اثناء العمرة]

(مسألة 152): كما لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة بعد تمام عمرته كذلك لا يجوز له الخروج منها في اثناء العمرة (1)، فلو علم المكلف قبل دخوله مكة باحتياجه الى الخروج منها، كما هو شأن الحملدارية فله أن يحرم – أولا – بالعمرة المفردة لدخول مكة فيقضي اعمالها، ثم يخرج لقضاء حوائجه، و يحرم ثانيا لعمرة التمتع، و لا يعتبر في صحته مضي شهر من عمرته الاولى كما مرّ.

[مسألة 153: المحرّم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من اعمال العمرة أو اثنائها انما هو الخروج عنها الى محل آخر]

(مسألة 153): المحرّم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من اعمال العمرة أو اثنائها انما هو الخروج عنها الى محل آخر، و لا بأس بالخروج الى اطرافها و توابعها، و عليه فلا بأس للحاج أن يكون منزله خارج البلد فيرجع الى منزله اثناء العمرة، أو بعد الفراغ منها.

[مسألة 154: إذا خرج من مكة بعد الفراغ من اعمال العمرة من دون احرام، و تجاوز المواقيت]

(مسألة 154): إذا خرج من مكة بعد الفراغ من اعمال العمرة من دون احرام، و تجاوز المواقيت ففيه صورتان:

(1)في عدم الجواز اشكال بل منع، و الأظهر جواز الخروج من مكة اثناء عمرة التمتع اذا كان واثقا و مطمئنا بالتمكن من الرجوع الى مكة و اتمام العمرة و ادراك الحج، كما اذا احرم المكلف لعمرة التمتع و جاء الى مكة ثم خرج منها الى بلدة أخرى، فاذا رجع منها الى مكة أتم عمرته و أحرم للحج، أو اذا خرج منها بعد السعي بين الصفا و المروة، و قبل التقصير، فان كل ذلك لا مانع منه شريطة الوثوق و الاطمئنان بالرجوع اليها و اتمام العمرة و ادراك الحج، بل لا مانع من جواز ذلك و إن قلنا بعدم جواز الخروج بعد اتمام العمرة، باعتبار أن الروايات الناهية عن الخروج مختصة بالخروج بعد العمرة، و لا تشمل الخروج في اثنائها.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 99)


الاولى: ان يكون رجوعه قبل مضي شهر عمرته ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكة بدون احرام (1)، فيحرم منها للحج، و يخرج الى عرفات.

الثانية: ان يكون رجوعه بعد مضي شهر عمرته ففي هذه الصورة تلزمه اعادة العمرة.

[مسألة 155: من كانت وظيفته حج التمتع لم يجز له العدول الى غيره من افراد او قران]

(مسألة 155): من كانت وظيفته حج التمتع لم يجز له العدول الى غيره من افراد او قران، و يستثنى من ذلك من دخل في عمرة التمتع، ثم ضاق وقته فلم يتمكن من اتمامها و إدراك الحج، فانه ينقل نيته الى حج الافراد و يأتي بالعمرة المفردة بعد الحج، و حدّ الضيق المسوّغ لذلك خوف فوات الركن من الوقوف الاختياري في عرفات (2).

[مسألة 156: اذا علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن إتمام العمرة]

(مسألة 156): اذا علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن إتمام العمرة، و ادراك الحج قبل أن يدخل في العمرة لم يجز له العدول من الاول (3)، بل وجب عليه تأخير الحج إلى السنة القادمة.

(1)هذا للنصوص الخاصة التي تنص على ذلك، و كذلك الحال في الصورة الثانية. و تمام الكلام في هاتين الصورتين في المسألة (2) من (فصل:

صورة حج التمتع و شرائطه) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)هذا القول هو الصحيح، و في مقابله اقوال اخرى، و قد فصلنا الحديث في هذه الاقوال و في الروايات الواردة فيها و علاج مشكلة التنافي و التعارض بينها في المسألة (3) من (فصل: في صورة حج التمتع و شرائطه) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(3)لأن روايات الباب جميعا متفقة على أن من احرم لعمرة التمتع و دخل مكة و ضاق وقتها و خاف فوت الموقف تنقلب وظيفته من التمتع الى

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 100)


[مسألة 157: اذا احرم لعمرة التمتع في سعة الوقت، و أخّر الطواف و السعي متعمدا الى زمان لا يمكن الاتيان فيه بهما و إدراك الحج]

(مسألة 157): اذا احرم لعمرة التمتع في سعة الوقت، و أخّر الطواف و السعي متعمدا الى زمان لا يمكن الاتيان فيه بهما و إدراك الحج، بطلت عمرته (1)، و لا يجوز له العدول الى الافراد على الأظهر، لكن الأحوط‍‌ ان يعدل اليه و يتمها بقصد الأعم من حج الافراد و العمرة المفردة.

الافراد، و لا تشمل من علم بضيق الوقت قبل الدخول في الاحرام، و لا تدل على أن وظيفته الانقلاب على تفصيل ذكرناه في المسألة (3) من (فصل: في صورة الحج و شرائطه) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)هذا لا من جهة أنها واقعة في خارج وقتها، بل من جهة أنه اذا أتى بها فقد فات عنه الموقف، و بما أن فوته كان مستندا الى اهماله و تقصيره، فلا محالة يوجب بطلان الحج، و مع بطلانه بطلت العمرة، لما مر من أن صحتها مرتبطة بصحة الحج بعدها. و أما ان المقام غير مشمول لروايات العدول و الانقلاب، فلأن مورد تلك الروايات ما اذا لم يكن ضيق الوقت مستندا الى اهمال المكلف و تقصيره، و بما أن ضيق الوقت في المقام مستند الى اختياره فلا تشمله الروايات، فاذن يكون المرجع فيه مقتضى القاعدة، و هو بطلان الاحرام و اعادة الحج من قابل.

Pages: 1 2 3 4 5 6 7
Pages ( 1 of 7 ): 1 2 ... 7»