آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰
جلد
10
تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰
جلد
10
حج الافراد مرّ عليك أن حج التمتع يتألف من جزءين، هما: عمرة التمتع و الحج، و الجزء الأوّل منه متصل بالثاني، و العمرة تتقدم على الحج.
أما حج الأفراد فهو عمل مستقل في نفسه واجب – كما علمت – على من يكون الفاصل بين منزله و بين المسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخا و فيما اذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضا.
و عليه فاذا تمكن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما يتمكن منه خاصة، و إذا تمكن من أحدهما في زمان و من الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت، و إذا تمكن منهما في وقت واحد وجب عليه – حينئذ – الاتيان بهما و المشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحج على العمرة المفردة و هو الأحوط.
(مسألة 158): يشترك حج الافراد مع حج التمتع في جميع أعماله، و يفترق عنه في امور (1):
أولا: يعتبر اتصال العمرة بالحج في حج التمتع و وقوعهما في سنة واحدة – كما مر – و لا يعتبر ذلك في حج الافراد.
(1)الفوارق بين الحجّتين:
الاول: ان صحة حج التمتع ترتبط بوقوع العمرة قبله، و بصورة صحيحة، بمعنى انهما مترابطان ثبوتا و سقوطا، صحة و فسادا، بينما لا ترتبط صحة حج
ثانيا: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع – كما مر – و لا يعتبر شيء من ذلك في حج الافراد.
ثالثا: لا يجوز تقديم الطواف و السعي على الوقوفين في حج التمتع مع الاختيار، و يجوز ذلك في حج الافراد.
رابعا: ان احرام حج التمتع يكون بمكة، و أما الاحرام في حج الافراد فهو من أحد المواقيت الآتية.
خامسا: يجب تقديم عمرة التمتع (1) على حجه، و لا يعتبر ذلك في حج الافراد.
(1)فيه ان هذا ليس مائزا خامسا بينهما، لأنه داخل في المائز الأول.
سادسا: لا يجوز بعد احرام حج التمتع الطواف المندوب على الأحوط (1) الوجوبي، و يجوز ذلك في حج الافراد.
(مسألة 159): اذا احرم لحج الأفراد ندبا جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتع إلا فيما إذا لبّى بعد السعي، فليس له العدول – حينئذ – إلى التمتع (2).
(مسألة 160): إذا أحرم لحج الأفراد، و دخل مكة جاز له ان يطوف بالبيت ندبا، و لكن يجب عليه التلبية (3)، بعد الفراغ من صلاة الطواف على الأحوط.
(1)لكن الأظهر جوازه، فان ما دل على عدم الجواز محكوم بما دل على الجواز، و سيأتي بيانه في احرام الحج.
(2)للنصوص الخاصة الدالة على جواز العدول الى عمرة التمتع اذا لم يلبّ، و أما اذا لبى بعد السعي و قبل التقصير فلا يجوز له العدول.
(3)في الوجوب اشكال، و لا يبعد عدمه، لأن الأصل فيه معتبرة معاوية ابن عمار قال: «سألته عن المفرد للحج، هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال: نعم، ما شاء، و يجدد التلبية بعد الركعتين، و القارن بتلك المنزلة، يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية»1 و لكن دلالة هذه المعتبرة على وجوب التلبية لا تخلو عن اشكال، فان الظاهر منها عرفا بمناسبه الحكم و الموضوع الارتكازية استحبابها، لأنها لا تدل على ان الطواف المندوب بعد طواف الفريضة مبطل للإحرام، و الاّ لدلّت على بطلان الطواف أيضا، مع أنها لا تدل عليه، فاذن لا بد من حمل الأمر بالتلبية على الاستحباب، اذ احتمال أنها واجبة تعبدا غير محتمل عرفا.
نعم، لا بأس بالاحتياط.
حج القران
(مسألة 161): يتحد هذا العمل مع حج الافراد في جميع الجهات، غير ان المكلف يصحب معه الهدي وقت الاحرام، و بذلك يجب الهدي عليه و الاحرام في هذا القسم من الحج، كما يكون بالتلبية يكون بالاشعار أو بالتقليد، و إذا أحرم لحج القران لم يجز له العدول الى حج التمتع.
مواقيت الاحرام هناك اماكن خصصتها الشريعة الاسلامية المطهرة للإحرام منها و يجب ان يكون الاحرام من تلك الاماكن و يسمى كل منها ميقاتا، و هي عشرة:
1 – مسجد الشجرة (1)، و يقع قريبا من المدينة المنورة و هو ميقات أهل المدينة، و كل من أراد الحج عن طريق المدينة، و يجوز الاحرام من خارج المسجد محاذيا له من اليسار أو اليمين، و الأحوط الاحرام من نفس المسجد مع الامكان.
(مسألة 162): لا يجوز تأخير الاحرام من مسجد الشجرة الى الجحفة إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع.
(1)الظاهر من الروايات ان سعة الميقات في هذه المنطقة طولا من المسجد الى البيداء بمسافة ميل، و أما عرضا فلا تكون محددة شرعا، و لكن لا تترتب على ذلك ثمرة عملية أيضا، فان الاحرام عن يمين المسجد و يساره يجوز على كلا التقديرين سواء أ كان قريبا من المسجد أم كان بعيدا عنه، و نتيجة ذلك أنه يجوز الإحرام من أي جزء من تلك المسافة طولا و إن كان الاحرام من البيداء افضل و أولى، و كذلك عرضا أي يمين هذه المسافة الطويلة أو يسارها قريبا كان أم بعيدا. و يبعد ذي الحليفة عن مكة حوالي أربعمائة و اربعة و ستين كيلومترا على ما يقال.
2 – وادي العقيق، و هو ميقات اهل العراق و نجد، و كل من مرّ عليه من غيرهم، و هذا الميقات له أجزاء ثلاثة (1): (المسلخ) و هو اسم لأوله و (الغمرة) و هو اسم لوسطه، و (ذات عرق) و هو اسم لآخره، و الأحوط الأولى أن يحرم المكلف قبل أن يصل ذات عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.
(مسألة 163): يجوز الاحرام في حال التقية قبل ذات عرق سرا من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فاذا وصل ذات عرق نزع ثيابه و لبس ثوبي الاحرام هناك.
(1)في تعيينها و ترتيبها اشكال، بل منع، و الصحيح أنها متمثلة في الاجزاء التالية:
أولها: بريد البعث.
و أوسطها: المسلخ.
و آخرها: بريد أوطاس.
و أما الغمرة و ذات العرق فهما داخلان في هذه المسافة و يجوز الاحرام منهما.
فالنتيجة: ان المستفاد من مجموع روايات الباب بضم بعضها الى بعض أن العقيق الذي هو ميقات لأهل العراق محدد من حيث المبدأ ببريد البعث و المنتهى ببريد أوطاس و المسلخ بينهما، و أما غمرة فهل هي نهاية العقيق و تنتهى بانتهاء بريد أوطاس، أو أن نهايته بريد أوطاس بعد غمرة، فلا يمكن استفادة ذلك من الروايات، فاذن تطبيق ذلك خارجا يتطلب الرجوع الى أهل الخبرة من المنطقة و السؤال عنهم. و تفصيله في (الثاني) من (فصل: في المواقيت) الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).
3 – الجحفة (1)، و هي ميقات أهل الشام و مصر و المغرب و كل من يمر عليها من غيرهم اذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.
4 – يلملم، و هو ميقات أهل اليمن (2)، و كل من يمرّ من ذلك الطريق، و يلملم اسم لجبل.
5 – قرن المنازل، و هو ميقات أهل الطائف (3)، و كل من يمرّ من ذلك الطريق و لا يختص بالمسجد فأي مكان يصدق عليه انه من قرن المنازل جاز له الاحرام منه، فان لم يتمكن من احراز ذلك فله ان يتخلص بالاحرام قبلا بالنذر كما هو جائز اختيارا.
6 – مكة (4)، و هي ميقات حج التمتع.
(1)و هي قرية كانت معمورة سابقا و خربت و تبعد عن مكة بمائتين و عشرين كيلومترا تقريبا على ما يقال.
(2)قيل: انه جبل من جبال تهامة، و قيل: انه واد، و على كل تقدير يجوز الاحرام منه، أو من النقطة المحاذية له.
(3)قيل: انه قرية تقع في جبل مشرف على عرفات و يبعد عن مكة المكرمة تسعين كيلومترا تقريبا، و قيل: انه اسم للوادي كله، و على كلا التقديرين يجوز الاحرام للسائرين من الطائف الى مكة برا من نقطة في الطريق العام محاذية لقرية في الجبل، و قد شيد على تلك النقطة مسجد، و هذه النقطة اما ميقات أو محاذية له.
(4)و الأحوط وجوبا الاحرام من مكة القديمة في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله.
و لكن الأظهر جواز الاحرام لحج التمتع من مكة من أي موضع شاء، و نقصد بمكة هنا البلدة على امتدادها، فالأحياء الجديدة التي تشكل الامتداد الحديث لمكة و تعتبر جزء منها عرفا يجوز الاحرام فيها.
7 – المنزل الذي يسكنه المكلف، و هو ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكة، فانه يجوز له الاحرام من منزله، و لا يلزم عليه الرجوع إلى المواقيت.
8 – الجعرانة: و هي ميقات أهل مكة لحج القران و الافراد، و في حكمهم من جاور مكة بعد السنتين فانه بمنزلة أهلها، و أما قبل ذلك فحكمه كما تقدم في المسألة (146).
9 – محاذاة مسجد الشجرة (1)، فانّ من أقام بالمدينة شهرا أو نحوه
(1)بل الأظهر صحة الاحرام من محاذاة كل المواقيت الخمسة، لأن مورد النص و إن كان محاذاة مسجد الشجرة، الاّ أن المتفاهم العرفي منه عدم
و هو يريد الحج، ثم بدا له ان يخرج في غير طريق المدينة، فاذا سار ستة اميال كان محاذيا للمسجد، و يحرم من محل المحاذاة، و في التعدي عن محاذاة مسجد الشجرة إلى محاذاة غيره من المواقيت بل عن خصوص المورد المذكور اشكال، بل الظاهر عدم التعدي إذا كان الفصل كثيرا.
10 – أدنى الحلّ و هو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو الافراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة و أراد الاتيان بها، و الأفضل أن يكون من الحديبية، أو الجعرانة، أو التنعيم.
أحكام المواقيت
(مسألة 164): لا يجوز الاحرام قبل الميقات و لا يكفي المرور عليه محرما، بل لا بد من الاحرام من نفس الميقات، و يستثنى من ذلك موردان:
1 – أن ينذر الاحرام قبل الميقات، فانه يصح و لا يلزمه التجديد في الميقات (1)، و لا المرور عليه، بل يجوز له الذهاب إلى مكة من طريق لا يمر بشيء من المواقيت و لا فرق في ذلك بين الحج الواجب و المندوب و العمرة المفردة. نعم إذا كان إحرامه للحج فلا بد من أن يكون إحرامه في اشهر الحج، كما تقدم.
2 – إذا قصد العمرة المفردة في رجب، و خشي عدم إدراكها – إذا أخر الاحرام إلى الميقات – جاز له الاحرام قبل الميقات (2)، و تحسب له عمرة رجب و إن أتى ببقية الأعمال في شعبان، و لا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة و المندوبة.
(مسألة 165): يجب على المكلف اليقين بوصوله الى الميقات و الاحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة شرعية، و لا يجوز له الاحرام عند الشك في الوصول الى الميقات.
(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه و قد فصلنا الكلام فيه في (فصل: في احكام المواقيت) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).
(2)للنص الخاص، و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين العمرة الواجبة و المندوبة.
(مسألة 166): لو نذر الاحرام قبل الميقات و خالف و أحرم من الميقات لم يبطل إحرامه، و وجبت عليه كفارة مخالفة النذر، إذا كان متعمدا.
(مسألة 167): كما لا يجوز تقديم الاحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة، أن يتجاوز الميقات اختيارا إلا محرما، حتى إذا كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب العود اليه مع الامكان (1).
نعم إذا لم يكن المسافر قاصدا لما ذكر لكن لما وصل حدود الحرم أراد أن يأتي بعمرة مفردة جاز له الاحرام من ادنى الحل.
(مسألة 168): إذا ترك المكلف الاحرام من الميقات عن علم و عمد حتى تجاوزه، ففي المسألة صور:
الاولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع و الاحرام منه سواء أ كان رجوعه من داخل الحرم أو كان من خارجه، فان أتى بذلك صح عمله من دون اشكال (2).
(1)هذا شريطة أن لا يجتاز عن الميقات الأمامي، و أما اذا اجتاز منه ثم ندم أو انتبه بالحال، فلا يبعد عدم وجوب الرجوع الى الميقات الأول، و كفاية الرجوع الى الميقات الأمامي و الإحرام منه، و ذلك لإطلاق صحيحة الحلبي1 ، فانها تشمل باطلاقها العالم العامد أيضا، و توضيح ذلك في المسألة (3) من (فصل: في أحكام المواقيت) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).
(2)الأمر كما افاده قدّس سرّه.
نعم، اذا لم يرجع الى الميقات و الحال هذه مع تمكنه من الرجوع عامدا
الثانية: أن يكون المكلف في الحرم، و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات، لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع إلى خارج الحرم (1) و الاحرام من هناك.
الثالثة: أن يكون في الحرم و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات أو إلى خارج الحرم و لو من جهة خوفه فوات الحج و في هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه.
الرابعة: أن يكون خارج الحرم، و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات، و في هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه أيضا (2).
و قد حكم جمع من الفقهاء بفساد العمرة في الصور الثلاث الأخيره، و لكن الصحة فيها لا تخلو من وجه و إن ارتكب المكلف محرما بترك الاحرام من الميقات، لكن الأحوط مع ذلك اعادة الحج عند التمكن منها و أما إذا لم يأت المكلف بوظيفته في هذه الصور الثلاث و أتى بالعمرة فلا شك في فساد حجه.
(مسألة 169): إذا ترك الاحرام عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات فللمسألة كسابقتها صور أربع:
الصورة الاولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات فيجب عليه الرجوع و الاحرام من هناك (3).
(1)لا يبعد وجوب الابتعاد عن الحرم بالمقدار الذي يمكنه، و الاحرام من هناك.
(2)بل الأحوط و الأولى به الابتعاد من مكانه بالمقدار الذي يمكنه.
(3)و الاّ بطل عمله.
الصورة الثانية: أن يكون في الحرم، و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات لكن امكنه الرجوع إلى خارج الحرم و عليه حينئذ الرجوع إلى الخارج و الاحرام منه، و الاولى في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن (1) ثم الاحرام من هناك.
الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم و لم يمكنه الرجوع إلى الخارج، و عليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه، و إن كان قد دخل مكة.
الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات، و عليه في هذه الصورة أن يحرم من محله (2).
و في جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، و في حكم تارك الاحرام من أحرم قبل الميقات أو بعده و لو كان عن جهل او نسيان.
(مسألة 170): إذا تركت الحائض الاحرام من الميقات لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم فعليها كغيرها الرجوع إلى الخارج و الاحرام منه إذا لم تتمكن من الرجوع إلى الميقات، بل الأحوط لها في هذه الصورة أن تبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن (3)، ثم تحرم على أن لا يكون ذلك مستلزما لفوات الحج، و فيما إذا لم يمكنها انجاز ذلك فهي و غيرها على حد سواء.
(1)بل لا يبعد وجوب ذلك كما مر.
(2)الأحوط الأولى الابتعاد من مكانه بالمقدار الذي يمكنه.
(3)لا يبعد وجوب ذلك، لأن صحيحة معاوية1 لا تقصر عن الدلالة عليه، و موردها و إن كان الحائض الاّ أن العرف لا يرى خصوصية فيها جزما.
(مسألة 171): إذا فسدت العمرة وجبت اعادتها مع التمكن، و مع عدم الاعادة و لو من جهة ضيق الوقت يفسد حجه. و عليه الاعادة في سنة اخرى.
(مسألة 172): قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما إذا أتى المكلف بها من دون احرام لجهل أو نسيان و لكن هذا القول لا يخلو من اشكال و الأحوط في هذه الصورة الاعادة (1) على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكن منها و هذا الاحتياط لا يترك البتة.
(مسألة 173): قد تقدم ان النائي يجب عليه الاحرام لعمرته من احد المواقيت الخمسة الاولى، فان كان طريقه منها فلا اشكال، و ان كان طريقه لا يمر بها كما هو الحال في زماننا هذا، حيث ان الحجاج يردون جدة ابتداء، و هي ليست من المواقيت فلا يجزي الاحرام منها حتى إذا كانت محاذية لأحد المواقيت (2) على ما عرفت فضلا عن أن محاذاتها غير ثابتة،
(1)بل هو الأظهر، لأن مقتضى القاعدة البطلان، و الصحة بحاجة الى دليل، و لا دليل عليها ما عدا مرسلة جميل1 الواردة في الناسي و الجاهل، و لكن لا يمكن الاعتماد عليها.
(2)في عدم الاجزاء اشكال، و لا يبعد الاجزاء لو كانت محاذية لأحد المواقيت، الاّ أن محاذاتها غير ثابتة، و لهذا لا يصح للحاج أن يحرم منها مع تمكنه من الذهاب الى أحد المواقيت و الإحرام منه، و على هذا فمن يعلم أنه اذا وصل الى جدة لا يتمكن من الذهاب الى أحد المواقيت، فهل يجب عليه أن يحرم من مطار بلده بالنذر أو في منتصف الطريق في الطائرة؟
و الجواب: لا يبعد وجوبه على اساس أن الاحرام من جدة بالنذر انما هو
بل المطمأن به عدمها فاللازم على الحاج حينئذ ان يمضي إلى احد المواقيت مع الامكان، او ينذر الاحرام من بلده أو من الطريق قبل الوصول إلى جدة بمقدار معتد به، و لو في الطائرة فيحرم من محل نذره و يمكن لمن ورد جدة بغير احرام ان يمضي الى – رابغ – الذي هو في طريق المدينة المنورة و يحرم منه بنذر باعتبار انه قبل الجحفة التي هي احد المواقيت،
و إذا لم يمكن المضي إلى احد المواقيت، و لم يحرم قبل ذلك بنذر لزمه الاحرام من جدة بالنذر، ثم يجدد احرامه خارج الحرم قبل دخوله فيه (1).
(1)فيه انه لا مبرر لهذا التجديد، فان أدنى الحل ليس من أحد المواقيت
(مسألة 174): تقدم ان المتمتع يجب عليه ان يحرم لحجه من مكة، فلو احرم من غيرها عالما عامدا لم يصح احرامه، و ان دخل مكة محرما، بل وجب عليه الاستيناف من مكة مع الامكان و إلا بطل حجه.
(مسألة 175): إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة وجب عليه العود مع الامكان، و إلا احرم في مكانه و لو كان في عرفات و صح حجه، و كذلك الجاهل بالحكم (1).
(مسألة 176): لو نسي إحرام الحج و لم يذكر حتى أتى بجميع اعماله صح حجه، و كذلك الجاهل.
(1)للنصّ، و كذلك في المسألة الآتية.
كيفية الاحرام واجبات الاحرام ثلاثة امور:
الامر الاول: النية، و معنى النية، ان يقصد الاتيان بما يجب عليه في الحج أو العمرة متقربا به الى اللّه تعالى. و فيما إذا لم يعلم المكلف به تفصيلا وجب عليه قصد الاتيان به إجمالا، و اللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه شيئا فشيئا من الرسائل العملية. او ممن يثق به من المعلمين فلو أحرم من غير قصد بطل احرامه، و يعتبر في النية أمور (1):
1 – القربة، كغير الاحرام من العبادات.
2 – ان تكون مقارنة للشروع فيه.
3 – تعيين ان الاحرام للعمرة أو للحج، و أن الحج تمتع أو قران أو افراد، و انه لنفسه أو لغيره و أنه حجة الإسلام، او الحج النذرى؛ او الواجب بالافساد أو الندبي فلو نوى الاحرام من غير تعيين بطل احرامه.
(1)الصحيح في المقام أن يقال: ان النيّة التي تعتبر في العبادة تصنف الى أصناف ثلاثة:
الأول: نية القربة.
الثاني: نية الاخلاص.
الثالث: قصد الاسم الخاص المميز لها شرعا. و هذه الأمور الثلاثة لا بد أن تكون مقارنة للعبادة من أول جزئها الى آخرها، و صورتها – مثلا – أن يقول: احرم لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة الى اللّه تعالى، و اذا كان نائبا ذكر اسم المنوب عنه، و اذا كان الحج منذورا بدّل كلمة (حجة الإسلام) ب (الحجة
(مسألة 177): لا يعتبر في صحة النية التلفظ و لا الاخطار بالبال، بل يكفي الداعي كما في غير الاحرام من العبادات.
(مسألة 178): لا يعتبر في صحة الاحرام العزم على ترك محرماته حدوثا و بقاء الا الجماع و الاستمناء (1)، فلو عزم من أول الاحرام في الحج، على ان يجامع زوجته أو يستمني قبل الوقوف بالمزدلفة، او تردّد في ذلك بطل احرامه على وجه، و أما لو عزم على الترك من أول الامر و لم يستمرّ عزمه، بان نوى بعد تحقق الاحرام الاتيان بشيء منهما لم يبطل احرامه.
الامر الثاني: التلبية، و صورتها ان يقول: «لبيك اللهمّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك» (2)،
(1)في الاستثناء اشكال بل منع، و الأظهر عدم بطلان الحج بهما أيضا، و ستعرف وجه ذلك في ضمن البحوث الآتية، و على هذا فكما لا يعتبر في صحته العزم على عدم ارتكاب سائر المحرمات كذلك لا يعتبر فيها العزم على تركهما أيضا، بل لا يضر العزم على ارتكاب المحرمات و ممارستها حتى الجماع و الاستمناء، على أساس أن محرمات الاحرام خارجة عن الحج و العمرة، و ليست من واجباتهما لا جزء و لا قيدا، و تفصيل ذلك في المسألة (5) من (فصل: في كيفية الاحرام) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).
(2)هذه الصورة التي تتضمن أربع صيغ من التلبية هي مقتضى الجمع
و الأحوط الأولى اضافة هذه الجملة: «إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبيك»، و يجوز اضافة «لك» الى الملك، بان يقول: «و الملك لك لا شريك لك لبيك».
(مسألة 179): على المكلف ان يتعلم الفاظ التلبية و يحسن اداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الاحرام في الصلاة و لو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر، فاذا لم يتعلم تلك الألفاظ، و لم يتيسر له التلقين يجب عليه التلفظ بها بالمقدار الميسور، و الأحوط في هذه الصورة الجمع بين الاتيان بالمقدار الذي يتمكن منه، و الاتيان بترجمتها، و الاستنابة لذلك.
(مسألة 180): الأخرس يشير الى التلبية بإصبعه، مع تحريك لسانه، و الأولى ان يجمع بينها و بين الاستنابة.
(مسألة 181): الصبي غير المميز يلبى عنه (1).
(مسألة 182): لا ينعقد إحرام حج التمتع، و احرام عمرته، و احرام حج الافراد، و إحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية، و أما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق بالاشعار أو التقليد و الاشعار مختص بالبدن (2)، و التقليد مشترك بين البدن و غيرها من أنواع الهدي،
(1)للنص الدال على أن الصبي اذا لم يحسن أن يلبّي لبّوا عنه و يطاف به، و يصلّى عنه، و يسعى به بين الصفا و المروة، و هكذا.
(2)في الاختصاص اشكال، ذكرنا وجهه في المسألة (15) من (فصل :
و الأولى الجمع بين الاشعار و التقليد في البدن، و الأحوط التلبية على القارن، و ان كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد. ثم ان الاشعار هو شق السنام الأيمن بأن يقوم المحرم من الجانب الأيسر من الهدي و يشق سنامه (1) من الجانب الأيمن، و يلطخ صفحته بدمه، و التقليد هو ان يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلى فيها (2).
(مسألة 183): لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر و الأكبر في صحة الاحرام، فيصح الاحرام من المحدث بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب و الحائض و النفساء و غيرهم.
(مسألة 184): التلبية بمنزلة تكبيرة الاحرام في الصلاة، فلا يتحقق الاحرام إلا بها، أو بالاشعار أو التقليد لخصوص القارن، فلو نوى الاحرام و لبس الثوبين و فعل شيئا من المحرمات قبل تحقق الاحرام لم يأثم و ليس عليه كفارة.
(مسألة 185): الأفضل لمن حج عن طريق المدينة تأخير التلبية (3) إلى البيداء، و لمن حج عن طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلا، و لمن
(1)هذه الكيفية و إن كانت مشهورة بين الأصحاب، الاّ انها لا تخلو عن اشكال بل منع، على تفصيل ذكرناه في المسألة (15) من (فصل: في مقدمات الإحرام) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).
(2)هذا و إن كان مشهورا الاّ أن مقتضى الجمع بين الروايات كفاية تعليق مطلق شيء يكون علامة لكونها هديا، و تفصيل الكلام في المسألة (15) من (فصل مقدمات الاحرام) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).
(3)تقدم ان الروايات الآمرة بتأخير التلبية الى البيداء بمسافة ميل تدل
حج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء، و لكن الأحوط التعجيل بها مطلقا و يؤخر الجهر بها إلى المواضع المذكورة (1)، و البيداء بين مكة و المدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكة، و الرقطاء موضع يسمى مدعى دون الردم.
(مسألة 186): يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة و لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم (2) إذا جاء من خارج الحرم، و عند مشاهدة الكعبة (3) ان كان قد خرج من مكة لإحرامها، و لمن حج بأي نوع من أنواع الحج قطعها عند الزوال من يوم عرفة.
(مسألة 187): اذا شك بعد لبس الثوبين، و قبل التجاوز من الميقات في انه قد أتى بالتلبية أم لا بنى على عدم الاتيان، و إذا شك بعد الاتيان بالتلبية انه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحة.
الامر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه، يتزر باحدهما و يرتدي بالآخر و يستثنى من ذلك الصبيان، فيجوز تأخير تجريدهم الى فخ (4)، كما تقدم.
(1)فيه ان حمل الروايات الآمرة بتأخير التلبية على تاخير الجهر بها خلاف الظاهر جدا، و بحاجة الى قرينة، و لا قرينة على ذلك لا في نفس هذه الروايات و لا من الخارج.
(2)على الأحوط وجوبا اذا كان جائيا من الخارج.
(3)بل عند مشاهده بيوت مكة القديمة على الأحوط وجوبا.
(4)ذكرنا في مبحث المواقيت ان الظاهر هو تأخير احرامهم الى فخ، لا أن إحرامهم من الميقات و لكن يؤخر تجريد ثيابهم الى فخ.
(مسألة 188): لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي و ليس شرطا في تحقق الاحرام على الأظهر، و الأحوط ان يكون لبسهما على الطريق المألوف (1).
(مسألة 189): يعتبر في الازار ان يكون ساترا من السرّة إلى الركبة، كما يعتبر في الرداء ان يكون ساترا للمنكبين، و الأحوط كون اللبس قبل النية و التلبية، فلو قدّمهما عليه اعادهما بعده (2).
(مسألة 190): لو أحرم في قميص جاهلا أو ناسيا نزعه و صح احرامه، بل الأظهر صحة احرامه حتى فيما إذا احرم فيه عالما عامدا (3)، و اما اذا لبسه بعد الاحرام فلا اشكال في صحة احرامه، و لكن يلزم عليه شقه و اخراجه من تحت.
(مسألة 191): لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الاحرام و بعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك.
(1)لا بأس بتركه، اذ لا يعتبر في لبسهما كيفية خاصة.
(2)على الأحوط الأولى.
(3)الأمر كما افاده قدّس سرّه، لما مر من أن حقيقة الإحرام متمثلة في التلبية، فاذا لبى المكلف أصبح محرما و حرمت عليه اشياء معينة، منها لبس ملابسه الاعتيادية.
و أما لبس ثوبى الاحرام فهو واجب تعبدا و ليس من واجبات الإحرام و لا من شروط صحته، فاذا لبى و هو في ملابسه الاعتيادية اصبح محرما، و حرمت عليه تلك الأشياء، غاية الأمر انه ترك واجبا في هذه الحالة و هو لبسه ثوبي الاحرام، و ارتكب محرما و هو كونه في ملابسه الاعتيادية، و لا يضر شيء منهما في صحة احرامه.
(مسألة 192): يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلي، فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، و لا من المذهّب (1)، و يلزم طهارتهما كذلك. نعم، لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة.
(مسألة 193): يلزم في الازار أن يكون ساترا للبشرة، غير حاك عنها (2)، و الأحوط اعتبار ذلك، في الرداء أيضا.
(مسألة 194): الأحوط في الثوبين ان يكونا من المنسوج، و لا يكونا من قبيل الجلد و الملبد (3).
(مسألة 195): يختص وجوب لبس الإزار و الرداء بالرجال دون النساء فيجوز لهن ان يحرمن في البستهن العادية على ان تكون واجدة للشرائط المتقدمة.
(1)على الأحوط في الجميع، اذ لا دليل عليه الاّ قوله عليه السّلام في صحيحة حريز: «كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه»1 ، و هو لا يدل على أن كل ثوب لا تصح الصلاة فيه لا يصح الإحرام فيه، لأنه ساكت عن حكم هذه الصورة، فيرجع فيها الى مقتضى القاعدة، و مقتضاها جواز الاحرام فيه كالثوب من غير المأكول و الحرير و المذهّب، هذا بقطع النظر عن كون لبسهما محرما على الرجال.
فالنتيجة ان لبس الحرير و الذهب و إن كان محرما على الرجال الاّ أنه ليس من محرمات الاحرام. نعم، يعتبر فيها الطهارة من الخبث.
(2)على الأحوط.
(3)على الأحوط الأولى، اذ لا دليل على أن الثوبين لا بد أن يكونا من المنسوج الاّ دعوى عدم صدق الثوب على ما اذا كان من الجلد أو الملبد، و لكن
(مسألة 196): ان حرمة لبس الحرير و ان كانت تختص بالرجال و لا يحرم لبسه على النساء إلا أنه لا يجوز للمرأة ان يكون ثوباها من الحرير و الأحوط ان لا تلبس شيئا من الحرير الخالص في جميع أحوال الاحرام (1).
(مسألة 197): إذا تنجس أحد الثوبين، أو كلاهما بعد التلبس بالاحرام، فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو التطهير.
(مسألة 198): لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام فلا بأس بالقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا بأس بتبديله على أن يكون البدل واجدا للشرائط.
(1)بل على الأظهر، و تدل عليه صحيحة عيص بن القاسم، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين»1. و لكن لا بد من تقييد الحرير بالحرير الخالص، بقرينة ما ورد في جملة من الروايات من أن الحرير اذا كان خالصا لم يجز للمرأة المحرمة لبسه، و الاّ فلا مانع منه.
تروك الاحرام قلنا في ما سبق: ان الاحرام يتحقق بالتلبية أو الأشعار أو التقليد، و لا ينعقد الاحرام بدونها (1) و ان حصلت منه نية الاحرام فاذا احرم المكلف حرمت عليه أمور و هي خمسة و عشرون كما يلي:
(1) الصيد البري
(2) مجامعة النساء
(3) تقبيل النساء
(4) لمس المرأة
(5) النظر إلى المرأة
(6) الاستمناء
(7) عقد النكاح
(8) استعمال الطيب
(9) لبس المخيط للرجال
(10) التكحل
(11) النظر في المرآة
(12) لبس الخف و الجورب للرجال
(13) الكذب و السبّ
(14) المجادلة
(15) قتل القمل و نحوه من الحشرات التي تكون على جسد الانسان
(16) التزيين
(17) الأدهان
(18) إزالة الشعر من البدن
(19) ستر الرأس للرجال و هكذا الارتماس في الماء حتّى على النساء
(20) ستر الوجه للنساء
(21) التظليل للرجال
(22) إخراج الدم من البدن
(23) التقليم
(24) قلع السن
(25) حمل السلاح.
(1)تقدم أن الحاج اذا أحرم للعمرة أو للحج حرمت عليه اشياء عديدة معينة، و هي تصنف الى ثلاثة أصناف:
الصنف الأول مشترك بين الرجل المحرم و المرأة المحرمة، و هو كما يلى:
1 – صيد الحيوان البري في الحل و الحرم.
2 – الاستمتاع الجنسي.
3 – استعمال الطيب.
4 – الزينة.
1 – الصّيد البرّي
(مسألة 199): لا يجوز للمحرم (1) سواء كان في الحل أو الحرم صيد الحيوان البرّي أو قتله سواء كان محلل الأكل أم لم يكن كما لا يجوز له قتل الحيوان البرّي (2) و إن تأهل بعد صيده. و لا يجوز صيد الحرم مطلقا و إن كان الصائد محلا.
(1)يدل على ذلك الكتاب و السنة، اما الكتاب فقوله تعالى: وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً1 و أما السنة فعدة روايات:
منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا تستحلن شيئا من الصيد و انت حرام، و لا أنت حلال في الحرم، و لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده، و لا تشير اليه فيستحل من أجلك، فان فيه فداء لمن تعمده»2.
(2)هذا من دون فرق بين أن يكون الحيوان محلل الأكل أو محرم الأكل، و تدل عليه الآية الشريفة، و هي قوله تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ3 ، فانها باطلاقها تشمل الحيوان المحلل الأكل و المحرم، و الروايات:
منها: قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي المتقدمة: «لا تستحلن شيئا من الصيد
(مسألة 200): كما يحرم على المحرم صيد الحيوان البري تحرم عليه الاعانة على صيده. و لو بالاشارة، و لا فرق في حرمة الإعانة بين أن يكون الصائد محرما أو محلا (1).
(مسألة 201): لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البرّى و الاحتفاظ به، و إن كان اصطياده له قبل احرامه (2) و لا يجوز له أكل لحم الصيد، و إن كان الصائد محلا (3). و يحرم الصيد الذي ذبحه المحرم على المحل أيضا (4)،
(1)يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي الآنفة الذكر: «لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده، و لا تشر اليه فيستحل من أجلك، فان فيه فداء لمن تعمده»4.
(2)لإطلاق صحيحة الحلبي المشار اليها في المسألة السابقة.
(3)لصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا تأكل شيئا من الصيد و أنت محرم و إن صاده حلال»5.
(4)في الحرمة اشكال بل منع، و ذلك لأن عمدة الدليل على الحرمة موثقة
……….
و كذلك ما ذبحه المحل في الحرم (1)،
(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه، فانه مقتضى ذيل الموثقة المتقدمة، و قد تسأل عن أن الموثقة تنص على أنه ميتة، و هل تجري عليه أحكام الميتة من النجاسة، و عدم جواز الصلاة فيه؟
و الجراد ملحق بالحيوان البرّي (1)، فيحرم صيده و إمساكه و أكله.
(مسألة 202): الحكم المذكور انما يختص بالحيوان البرّي، و أما صيد البحر كالسمك فلا بأس به (2)
(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه، فان الجراد على نوعين:
أحدهما: بحري يعيش في البحر، و لا اشكال في جواز صيده.
و الآخر: بري يعيش في البر دون البحر، و لا يجوز صيده، لأنه مضافا الى الآية الشريفة المتقدمة، يكون موردا لمجموعة من الروايات التي تنص على عدم جواز صيده.
(2)تدل عليه الآية الشريفة، و هي قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ1 و مجموعة من الروايات:
منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث: «قال:
و السمك لا بأس بأكله طرية و مالحة و يتزود، قال اللّه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ – الحديث»2 ، فان مورد الصحيحة و إن كان السمك إلاّ أن من الواضح أنه لا خصوصية له عرفا الاّ باعتبار كونه من الحيوان البحري لا من جهة أنه سمك، و يدل عليه الاستشهاد بالآية الشريفة، و مثلها صحيحة حريز3.
و على هذا فالروايات التي تدل على حرمة الصيد مطلقا كصحيحة الحلبي المتقدمة و غيرها لا بد من تقييد اطلاقها بغير الصيد البحري.
……….
و المراد بصيد البحر ما يعيش فيه فقط، و اما ما يعيش في البر و البحر كليهما فملحق بالبري، و لا بأس بصيد ما يشك في كونه بريا على الاظهر، و كذلك لا بأس بذبح الحيوانات الأهلية، كالدجاج و الغنم و البقر و الإبل، و الدجاج الحبشي و ان توحشت (1)، كما لا بأس بذبح ما يشك في كونه اهليا (2).
(1)ذلك لأن الوارد في لسان الروايات عنوان الإبل و البقر و الغنم و الدجاج، و يجوز للمحرم ذبح هذه الحيوانات و هو محرم، فاذن يكون المعيار انما هو بصدق هذه العناوين، و من الواضح أنها تصدق عليها و إن توحشت. نعم لو كان الوارد في لسان الروايات عنوان الحيوان الأهلي فالعبرة حينئذ إنما هي بصدق هذا العنوان، و بما أنه لا يصدق عليها في حالة توحشها فلا يترتب عليها حكمه في هذه الحالة.
(2)في عدم البأس اشكال بل منع، و ذلك لما مر من أن الوارد في لسان الروايات العناوين الخاصة كعنوان الإبل و البقر و الغنم و الدجاج دون عنوان الحيوان الاهلي، و ما ورد في بعض الروايات كقوله عليه السّلام في صحيحة حريز:
«المحرم يذبح ما حل للحلال في الحرم أن يذبحه و هو في الحل و الحرم جميعا»1 ، فانه عنوان مشير الى الحيوانات المذكورة، على أساس أنه لا يحل للمحل في الحرم الاّ ذبحها فحسب، و على هذا فتلك الروايات تكون مقيدة لإطلاق صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث: «قال: ثم اتق قتل الدواب كلها الاّ الأفعى و العقرب و الفأرة – الحديث»2 بغير تلك الأصناف، فاذن يكون موضوع حرمة القتل الدواب التي لا تكون ابلا و لا بقرا و لا شاة و لا
……….
(مسألة 203): فراخ هذه الأقسام الثلاثة من الحيوانات البرية و البحرية، و الأهليه (1)، و بيضها تابعة للأصول في حكمها.
1
و قوله تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ، وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ2 فانها مطلقة و باطلاقها تشمل الصيد المحلل أكله و المحرم.
(1)الأمر في الحيوان البحرى كالسمك و الأهلي كالدجاج كما أفاده قدّس سرّه و أما في الحيوان البري الذي يكون صيده محرما على المحرم فهل بيضه و فرخه أيضا كذلك؟ فيه اشكال، و إن كان المعروف و المشهور بين الأصحاب الحرمة، بل ادعي عليه الاجماع و التسالم، و لكن اتمامه بالدليل مشكل. نعم قد يستدل على الحرمة بالأولوية، فان ما دل من الروايات على ثبوت الكفارة في كسر
(مسألة 204): لا يجوز للمحرم قتل السباع إلا فيما إذا خيف منها على النفس (1)، و كذلك إذا آذت حمام الحرم (2). و لا كفارة في قتل السباع حتى الأسد على الأظهر (3) بلا فرق بين ما جاز قتلها و ما لم يجز.
(1)فيه أنه لا وجه لتقييد ذلك بالسباع، بل كل حيوان يخاف المحرم منه على نفسه جاز له قتله، سواء أ كان من السباع أم كان من غيره، و تدل على ذلك صحيحة عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن علي عليه السّلام: «قال:
يقتل المحرم كل ما خشيه على نفسه»2.
و رواية حريز: «قال: كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع و الحيات و غيرها فليقتله – الحديث»3 و أما اذا لم يخف منه على نفسه فلا يجوز له قتله، لإطلاق صحيحة معاوية المتقدمة، الاّ ما استثنى.
(2)للنص الخاص و هو صحيحة معاوية بن عمار: «أنه أتى أبو عبد اللّه فقيل له: إن سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شيء من حمام الحرم الاّ ضربه، فقال: فانصبوا له و اقتلوه فانه قد الحد»4 فان هذا التعليل يدل على أن قتلها انما يجوز اذا أذى لا مطلقا.
(3)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لأن الكفارة بحاجة الى دليل و لا دليل عليها،
(مسألة 205): يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى و الأسود الغدر و كل حية سوء و العقرب و الفأرة (1)، و لا كفارة في قتل شيء من ذلك.
(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه الاّ في الحية، فانه لا يسوغ للمحرم قتلها الاّ إذا أرادته، و تدل على ذلك مجموعة من الروايات:
منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: «ثم اتق قتل الدواب كلها إلاّ الأفعى و العقرب و الفأرة، فأما الفأرة فانها توهي السقاء و تضرم على أهل البيت، و أما العقرب فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مد يده الى الحجر فلسعته فقال لعنك اللّه لا برا تدعينه و لا فاجرا، و الحية ان ارادتك فاقتلها، و إن لم تردك فلا تردها و الأسود الغدر فاقتله على كل حال، و ارم الغراب و الحداة رميا على ظهر بعيرك»2.
و منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «يقتل في الحرم و الاحرام الافعى و الأسود الغدر و كل حية سوء و العقرب و الفأرة و هي الفويسقة و يرجم الغراب و الحداة رجما – الحديث»3 ، فان مقتضى اطلاقها أنه يجوز للمحرم قتل هذه الحيوانات مطلقا.
و أما تقييد الحية في الصحيحة الأولى بما اذا أرادته، فالظاهر أن المراد
(مسألة 206): لا بأس للمحرم ان يرمي الغراب و الحدأة (1)، و لا كفارة لو اصابهما الرمي و قتلهما.
(1)هذا هو الظاهر، فان الوارد في صحيحة معاوية المتقدمة و إن كان رمي المحرم الغراب و الحداة رميا و هو على ظهر بعيره، الاّ أنه لا يحتمل عرفا أن تكون لذلك خصوصية، فاذن العبرة إنما هي باطلاق صحيحة الحلبي الآنفة الذكر.
و أما ما ورد في معتبرة حنان بن سدير2 من تقييد الغراب بالأبقع، فمن المحتمل قويا أن يكون هذا التقييد بلحاظ خصوصية فيه، و هي كونه شريرا، لا بلحاظ اختصاص الحكم به، و لا أقلّ من الاجمال، فاذن لا مقيد لإطلاق الروايات المتقدمة، كما أنه لا خصوصية للرمي عرفا، فان ذكره إنما هو باعتبار أن قتلهما غالبا انما يكون به لا من أجل أن فيه خصوصية، و لا كفارة على قتلهما لعدم الدليل.
كفارات الصيد
(مسألة 207): في قتل النعامة بدنة، و في قتل بقرة الوحش بقرة، و في قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة (1)
(1)في التخيير بينهما اشكال بل منع. نعم، قد يستدل على التخيير بالبيان التالي، و هو أن هناك طائفتين من الروايات:
احداهما: تنص على أن في قتل حمار الوحش بقرة، كصحيحة حريز و نحوها.
و الأخرى: تنص على أن في قتله بدنة، و مقتضى اطلاق الأولى تعين البقرة، و مقتضى اطلاق الثانية تعين البدنة، فيسقط الاطلاقان من جهة المعارضة، و يبقى وجوب كل من البقرة و البدنة في الجملة، أي بنحو القضية المهملة، و نتيجة ذلك التخيير.
و الجواب: أن بقاء وجوب كل منهما في الجملة بعد سقوط الاطلاق عنهما بالتعارض بحاجة الى دليل، و لا دليل عليه.
قد يقال كما قيل: إن الأمر في المقام بما أنه يدور بين رفع اليد عن وجوب أحدهما بالمرة، أو رفع اليد عن اطلاق كل منهما فحسب مع الحفاظ على أصل الوجوب في الكل، فيتعين الثاني.
و الجواب: ان ذلك ليس من الجمع العرفي بين الدليلين على أساس أنه مرتبط إمّا بحكومة أحدهما على الآخر، أو بأخصيته، أو أظهريته، او نصوصيته، و شيء من ذلك غير موجود في المقام، فاذن يكون هذا الجمع من الجمع التبرعي، و لا قيمة له.
و دعوى: أن ذلك إما مبني على أن التعارض لما كان بين اطلاق كل من
و في قتل الظبي و الأرنب شاة، و كذلك في الثعلب على الأحوط (1).
(1)لا بأس بتركه و إن كان الأولى و الأجدر، باعتبار أنه لا دليل عليه غير بعض الروايات الضعيفة و دعوى الشهرة و الاجماع في المسألة، و لكن قد ذكرنا غير مرة أنه لا يمكن الاعتماد على الاجماع في المسألة.
(مسألة 208): من اصاب شيئا من الصيد فان كان فداؤه بدنة و لم يجدها فعليه اطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مدّ (1)،
(1)هذا شريطة أن تكون قيمة الناقة وافية، و الاّ فلا يجب عليه الاّ بمقدار قيمة الناقة فحسب. و تنص على ذلك مجموعة من الروايات:
منها: صحيحة محمد بن مسلم و زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في محرم قتل نعامة قال: «عليه بدنة، فان لم يجد فاطعام ستين مسكينا فان كانت قيمة البدنة اكثر من اطعام ستين مسكينا لم يزد على اطعام ستين مسكينا و إن كانت قيمة البدنة أقل من اطعام ستين مسكينا لم يكن عليه الا قيمة البدنة»1.
و منها: صحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن قوله تعالى:
أو عدل ذلك صياما، قال: عدل الهدي ما بلغ يتصدق به، فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما»2.
و هذه المجموعة تصلح أن تكون قرينة على تقييد اطلاق الروايات التي تدل على أن بدل البدنة التصدق باطعام ستين مسكينا بدون التقييد بأن قيمتها تكفى لذلك أو لا.
منها: صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل محرم أصاب نعامة، ما عليه؟ قال: عليه بدنة، فان لم يجد فليتصدق على ستين مسكينا، فان لم يجد فليصم ثمانية عشر يوما، قال: و سألته عن محرم أصاب بقرة ما عليه؟ قال: عليه بقرة، فان لم يجد فليتصدق على ثلاثين مسكينا، فان لم يجد فليصم تسعة أيام. قال: و سألته عن محرم أصاب ظبيا ما عليه؟ قال: عليه شاة، فان لم يجد فليتصدق على عشرة مساكين، فان لم يجد فليصم ثلاثة أيام»3 ، و هذه الصحيحة تدل على أن من لم يجد بدنة فعليه
فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما (1)، و إن كان فداؤه بقرة و لم يجدها فليطعم ثلاثين مسكينا، فان لم يقدر صام تسعة أيام، و ان كان فداؤه شاة و لم يجدها فليطعم عشرة مساكين، فان لم يقدر صام ثلاثة ايام.
(1)في بدلية ذلك عن الإطعام إشكال، و لا يبعد أن يكون بدله صيام شهرين، و ذلك لأن الروايات الواردة في المسألة تصنف الى ثلاثة أصناف.
الصنف الأول: ما يدل على أن بدل الاطعام صيام ثمانية عشر يوما، و هو مجموعة من الروايات.
منها: صحيحة علي بن جعفر المتقدمة1.
و منها: معتبرة ابي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم أصاب نعامة، قال: عليه بدنة – الى أن قال: فليصم ثمانية عشر يوما»2.
و منها: صحيحة معاوية بن عمار قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فان لم يجد ما يشتري به بدنة فاراد أن يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا، فان لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام – الحديث»3.
الصنف الثاني: ما يدل على أن بديل الإطعام أن يصوم الصائد لكل نصف صاع يوما، و هو متمثل في صحيحة ابي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
……….
……….
(مسألة 209): إذا قتل المحرم حمامة و نحوها في خارج الحرم فعليه شاة، و في فرخها حمل أو جدي (1)
(1)هذا اذا تحرك الفرخ، و ذلك لأن الروايات الدالة على أن فيه حملا و إن كانت مطلقة من هذه الناحية كصحيحة حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «المحرم اذا أصاب حمامة ففيها شاة، و إن قتل فراخه ففيه حمل، و إن وطئ البيض فعليه درهم»4 و غيرها، الاّ أن صحيحة سليمان بن خالد، قال: «قلنا لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل اغلق بابه على طائر، فقال: إن كان اغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة، و ان عليه لكل طائر شاة، و لكل فرخ حملا، و إن لم يكن يحرك فدرهم، و للبيض نصف درهم»5 تصلح أن تكون مقيدة لإطلاقها بما اذا تحرك الفرخ.
و في كسر بيضها درهم على الأحوط (1)، و إذا قتلها المحل في الحرم فعليه درهم، و في فرخها نصف درهم و في بيضها ربعه (2)،
(1)بل على الأظهر لأن صحيحة سليمان1 و إن دلّت على أن في البيض نصف درهم، الاّ أن دلالتها على نفي الزائد على النصف انما هي بالاطلاق الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان، على أساس ظهور حال المتكلم في أن ما لا يقوله لا يريده، و حيث أن دلالة سائر الروايات على اعتبار الزائد إنما هي بالظهور العرفي على أساس ظهور حال المتكلم في أن ما يقوله يريده، و هذه الدلالة بما أنها أقوى و أظهر من الدلالة الأولى فتتقدم عليها تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على الأظهر، و لا يمكن حمل الروايات التي تنص على أن في البيض درهم على البيض الذي فيه فرخ، و حمل الصحيحة التي تنص على أن فيه نصف درهم على البيض الذي لا يكون فيه فرخ، و ذلك لأن مقتضى نفس هذه الصحيحة أن في البيض الذي يكون فيه فرخ درهما و نصف، باعتبار أن الدرهم في الفرخ الذي لم يتحرك و النصف في كسر البيض، فمن أجل ذلك لا يمكن أن تكون هذه الصحيحة قرينة على ذلك الحمل.
و أما صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «سألته عن رجل كسر بيض حمام و في البيض فراخ قد تحرك، قال: عليه أن يتصدق عن كل فرخ قد تحرك بشاة و يتصدق بلحومها إن كان محرما، و إن كان الفرخ لم يتحرك تصدق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم»2 فاما ان تحمل على الاستحباب بقرينة الروايات التي تنص على أن في الفرخ حمل، أو أن الشاة من جهة كسر البيض و قتل الفرخ بعد التحرك معا.
(2)تدل على ذلك مجموعة من النصوص:
و إذا قتلها المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين (1) و كذلك في قتل الفرخ و كسر البيض (2)، و حكم البيض اذا تحرك فيه الفرخ حكم الفرخ (3).
(مسألة 210): في قتل القطاة (4)
(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه، للنصوص الخاصة التي تدل عليه:
منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم، أو شبهه يتصدق به، أو يطعمه حمام مكة، فان قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها»2.
(2)على الأحوط الأولى، لعدم دليل على أن في قتل الأول و كسر الثاني في الحرم كفارتين، و مجرد أن في قتل الحمامة في الحرم كفارتين لا يدل على أن في قتل فرخها و كسر بيضها فيه أيضا كفارتين، فان ذلك بحاجة الى دليل.
(3)بل فيه كفارتان إحداهما في قتل الفرخ، و الأخرى في كسر البيض – كما تقدم -.
(4)تدل عليه صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «وجدنا في كتاب علي عليه السّلام في القطاة اذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن و أكل من الشجرة»3.
و الحجل و الدرّاج و نظيرها حمل قد فطم (1) من اللبن و أكل من الشجر، و في العصفور و القبّرة و الصعوة مد من الطعام على المشهور و الأحوط فيها حمل فطيم (2)، و في قتل جرادة واحدة تمرة (3)، و في اكثر من واحدة كف من الطعام، و في الكثير شاة (4).
(1)على الأحوط، فان الرواية الواردة فيها و هي رواية سليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «في كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام: من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم»1 ضعيفة من ناحية السند، فلا يمكن الاعتماد عليها و اطلاقها بالقطاة بحاجة الى قرينة.
(2)لا بأس بتركه، فان رواية سليمان بن خالد المتقدمة لو تمت سندا و قلنا بشمول قوله عليه السّلام: «أو نظيرهن»2 تلك الطيور و إن كانت أصغر حجما من الطيور في موردها، لكانت كفارتها شاة لا حملا، لأن الظاهر من الدم فيها هو دم الشاة، و إرادة الحمل منه بحاجة الى قرينة.
(3)تدل عليه عدة روايات:
منها: صحيحة معاوية عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: «ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله، قال: قلت: ما تقول في رجل قتل جرادة و هو محرم، قال: تمرة خير من جرادة»3.
و منها: صحيحة زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «في محرم قتل جرادة، قال:
يطعم تمرة، و تمرة خير من جرادة»4.
(4)تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم قتل جرادا، قال: كف من طعام، و إن كان اكثر فعليه دم شاة»5.
(مسألة 211): في قتل اليربوع و القنفذ و الضب و ما أشبهها جدي (1)، و في قتل العظاية كف من الطعام (2).
(مسألة 212): في قتل الزنبور متعمدا اطعام شيء من الطعام، و اذا كان القتل دفعا لإيذائه فلا شيء عليه (3).
(مسألة 213): يجب على المحرم ان ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد، فان لم يتمكن فلا بأس بقتلها (4).
(1)للنص و هو صحيحة مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «في اليربوع و القنفذ و الضب اذا اصابه المحرم فعليه جدي، و الجدي خير منه، و انما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد»1 و التعليل فيها بقوله عليه السّلام: «و انما جعل… الخ» يدل على أن الحكم لا يختص بالحيوانات في موردها، بل يعم نظائرها أيضا.
(2)ينص عليه صحيح معاوية بن عمار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:
محرم قتل عظاية، قال: كف من طعام»2.
(3)للنص و هو صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم قتل زنبورا، قال: إن كان خطاء فليس عليه شيء، قلت: لا بل متعمدا، قال: يطعم شيئا من طعام، قلت: إن ارادني، قال: إن ارادك فاقتله»3.
(4)تدل عليه صحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «على المحرم أن يتنكب الجراد اذا كان على طريقه، فان لم يجد بدا فقتل فلا بأس – فلا شيء عليه»4.
(مسألة 214): لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى كل واحد منهم كفارة مستقلة (1).
(مسألة 215): كفارة اكل الصيد ككفارة الصيد نفسه، فلو صاده المحرم و أكله فعليه كفارتان (2).
(1)للنصوص الكثيرة الدالة على ذلك، و سوف نشير اليها في المسألة الآتية.
(2)تدل عليه مجموعة من الروايات، و هي على طوائف:
الأولى: تنص على أن كفارة الأكل كفارة الحيوان المصيد.
الثانية: تنص على أن كفارة الأكل شاة، بدون فرق بين أن تكون كفارة الحيوان المصيد أيضا شاة أو لا.
الثالثة: تنص على أن كفارة الأكل قيمته.
أما الطائفة الأولى فهي متمثلة في عدة روايات:
منها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام: «عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا و هم حرم ما عليهم، قال: على كل من أكل منهم فداء صيد كل إنسان منهم على حدته فداء صيد كاملا»1 فانها تدل على أمرين:
أحدهما: أن اكل الصيد موجب للكفارة.
و الآخر: أن كفارته نفس كفارة الصيد.
و منها: موثقة يونس بن يعقوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المضطر الى الميتة و هو يجد الصيد، قال: يأكل الصيد، قلت: إن اللّه عز و جل قد أحل له الميتة اذا اضطر اليها و لم يحل له الصيد، قال: تأكل من مالك أحب إليك أو ميتة، قلت: من مالى، قال: هو مالك و لأن عليك فداؤه – الحديث»2 بتقريب أن
……….
(مسألة 216): من كان معه صيد و دخل الحرم يجب عليه إرساله (1)،
(1)لأن الحرم مأمن حتى للحيوانات، فلا يجوز لأحد إمساكها و حبسها فيه، و عليه أن يطلق سراحها اذا مسكها، و تدل على ذلك الآية الشريفة و هي قوله تعالى:(وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً)2 ، بضميمة الروايات المفسرة لها.
منها: صحيحة معاوية بن عمار: «أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم، فقال: لا يمسّ لأن اللّه عز و جل يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً»3.
و منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن ظبى دخل الحرم، قال: لا يؤخذ و لا يمس، ان اللّه تعالى يقول: و من دخله كان آمنا»4.
ثم إن مقتضى اطلاق الدليل عدم الفرق بين المحرم و غير المحرم في الحكم حيث ان هذا الحكم حكم الحرم.
فان لم يرسله حتى مات لزمه الفداء (1) بل الحكم كذلك بعد إحرامه (2)، و إن لم يدخل الحرم على الأحوط.
(مسألة 217): لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد و أكله بين العمد و السهو و الجهل (3).
(مسألة 218): تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسيانا أو خطأ (4)،
(1)تدل عليه موثقة بكير بن اعين قال: «سألت ابا جعفر عليه السّلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم، فقال: إن كان حين أدخله خلى سبيله فلا شيء عليه، و إن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء»1.
(2)فيه: ان الامر و إن كان كذلك بالنسبة إلى حرمة امساكه، لما تقدم من أنه لا يجوز للمحرم امساك الصيد و الاحتفاظ به، الاّ ان الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى الكفارة اذا مات عنده قبل أن يدخل الحرم، إذ لا دليل عليها و إن كانت مشهورة.
(3)للنصوص الخاصة، و بها تفترق كفارة الصيد عن سائر الكفارات، فان سائر الكفارات لا تثبت في صورة الجهل و الخطأ و السهو الاّ في بعض الموارد على تفصيل يأتي في محلها إن شاء اللّه تعالى.
(4)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لأن الروايات الواردة في المسألة على طائفتين:
إحداهما تدل على تكرر الكفارة بتكرر الصيد، و الأخرى تدل على عدم تكررها بتكرره.
أما الطائفة الأولى:
فمنها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في المحرم يصيب الصيد، قال: عليه الكفارة في كل ما أصاب»2 فانها تدل على وجوب
……….
و كذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم (1)، أو من المحرم مع تعدد الاحرام (2)، و أما إذا تكرر الصيد عمدا من المحرم في إحرام واحد لم تتعدد الكفارة.
(1)الأمر كذلك، لأن مورد الروايات المتقدمة التي تنص على أن الاعادة اذا كانت عمدية لم توجب الكفارة مرة ثانية هو المحرم، و لا يعم المحل، فاذن تعدد الكفارة عليه بتعدد سببها يكون على القاعدة فلا يحتاج الى دليل.
(2)هذا هو الصحيح، لأن صحيحتي الحلبي المتقدمتين ظاهرتان بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية في تكرر الصيد في احرام واحد بقرينة جعل الكفارة في الصيد الأول و العقوبة في الصيد الثاني، و هذا بنفسه يدل على أن ذلك في احرام واحد، و أما إذا كان في احرامين:
أحدهما: في احرام العمرة.
و الآخر: في احرام الحج، فلا يكون مبرر لجعل كفارة الصيد في الأول دم حيوان، و في الثاني عقوبة أخروية التي هي أشد بمراتب من الكفارة المالية.
هذا اضافة إلى أنا لو سلمنا أن الصحيحتين المذكورتين مجملتان فالقدر المتيقن منهما ما إذا كان تكرر الصيد في احرام واحد، و أما إذا كان في احرامين فالمرجع هو عموم صحيحتي معاوية بن عمار المتقدمتين، لأن المقام حينئذ داخل في كبرى اجمال المخصص المنفصل، و تؤكد ذلك أن الظاهر من ضمير (عاد) في الآية الشريفة و صحيحتي الحلبي هو رجوعه الى شخص المحرم الذي أصاب الصيد الأول، لا الى طبيعي المحرم.
2 – مجامعة النساء
(مسألة 219): يحرم على المحرم الجماع اثناء عمرة التمتع، و اثناء العمرة المفردة، و اثناء الحج، و بعده قبل الاتيان بصلاة طواف النساء (1).
(مسألة 220): إذا جامع المتمتع اثناء عمرته قبلا أو دبرا عالما عامدا، فان كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته (2)، و وجبت عليه الكفارة، و هي على الأحوط جزور، و مع العجز عنه بقرة، و مع العجز عنها شاة (3)،
(1)تدل على حرمة الاستمتاع بالمرأة جماعا اثناء مناسك الحج الآية الشريفة و الروايات، اما الآية فهي قوله تعالى:(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاٰ رَفَثَ وَ لاٰ فُسُوقَ وَ لاٰ جِدٰالَ فِي الْحَجِّ)1 فانها تنص على حرمة الرفث في الحج و تعم جميع أقسام الحج و عمرة التمتع أيضا، باعتبار أنها جزء الحج، و لا تعم العمرة المفردة على أساس أن أشهر الحج التي هي عبارة عن شوال و ذي القعدة و ذي الحجة تختص بالحج و عمرة التمتع، و أما العمرة المفردة فلا تكون مؤقتة بوقت معين، بل يجوز الاتيان بها في كل شهر طول السنة. و أما الروايات فسوف نشير اليها ضمن المسائل القادمة.
(2)للروايات التي تنص على ذلك و سوف نشير اليها فيما بعد.
(3)بل الأحوط التخيير بينها دون الترتيب، لأن الترتيب و إن كان مشهورا الاّ أن استفادته من الروايات لا يمكن.
بيان ذلك: ان الروايات الواردة في المسألة تصنف الى ثلاثة أصناف:
الأول: صحيحة معاوية بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع
……….
و إن كان قبل الفراغ من السعي فكفارته كما تقدم، و لا تفسد عمرته أيضا على الأظهر (1)، و الأحوط اعادتها قبل الحج مع الامكان، و إلا اعاد حجه في العام القابل.
(مسألة 221): إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو دبرا عالما عامدا قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفارة و الاتمام و اعادة الحج من عام قابل سواء كان الحج فرضا أو نفلا (2)
(1)هذا هو الصحيح، و تدل على الصحة الروايات المتقدمة على أساس ما ذكرناه من أن العرف لا يفهم خصوصية لممارسة المحرم الاستمتاع بالمرأة جماعا قبل التقصير، هذا اضافة الى أن البطلان بحاجة الى دليل و لا دليل عليه ما عدا كونه مشهورا.
(2)هذا هو الصحيح، بيان ذلك يتطلب التكلم في المسألة عن جهات:
الأولى: وجوب اتمام الحج على كل من الرجل و المرأة.
الثانية: وجوب الاعادة عليهما في السنة القادمة.
الثالثة: وجوب التفريق بينهما.
الرابعة: وجوب الكفارة عليهما.
و كذلك المرأة إذا كانت محرمة و عالمة بالحال و مطاوعة له على الجماع و لو كانت المرأة مكرهة على الجماع لم يفسد حجها، و تجب على الزوج المكره كفارتان، و لا شيء على المرأة و كفارة الجماع بدنة مع اليسر، و مع العجز عنها شاة و يجب التفريق بين الرجل و المرأة في حجتهما، و في المعادة إذا لم يكن معهما ثالث إلى أن يرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع، و إذا كان الجماع بعد تجاوزه من منى الى عرفات لزم استمرار الفصل بينهما من ذلك المحل إلى وقت النحر بمنى، و الأحوط استمرار الفصل إلى الفراغ من تمام أعمال الحج.
……….
……….
……….
……….
……….
……….
……….
(مسألة 222): إذا جامع المحرم امرأته عالما عامدا بعد الوقوف بالمزدلفة، فان كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم و لكن لا تجب عليه الاعادة (1) و كذلك اذا كان جماعه قبل الشوط الخامس من طواف النساء، و أما إذا كان بعده فلا كفارة عليه أيضا (2).
(1)لما مرّ في المسألة السابقة من أن وجوب الاعادة و كذلك وجوب التفريق مختص بما إذا كان العمل قبل المشعر لا بعده.
(2)لصحيحة حمران بن اعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه، فخاف أن يبدره، فخرج إلى منزله، فنفض ثم غشى جاريته، قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقى عليه من طوافه، و يستغفر اللّه و لا يعود، و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه، و عليه بدنة، و يغتسل ثم يعود فيطوف اسبوعا»1 فانها تدل بوضوح على حكم المسألة بكلا شقيها، و أما قوله عليه السّلام: «فقد أفسد حجه» فالظاهر أن المراد من الافساد افساد الطواف لا افساد الحج لان افساد طواف النساء لا يستلزم افساد الحج.
(مسألة 223): من جامع امرأته عالما عامدا في العمرة المفردة وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم و لا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي و اما إذا كان قبله بطلت عمرته أيضا (1)،
(1)في البطلان اشكال، و لا يبعد عدمه، لأن النصوص التي استدل بها على البطلان لا تخلو عن اشكال بل منع، و هي كما يلي:
منها: صحيحة بريد بن معاوية العجلي قال: «سألت ابا جعفر عليه السّلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة، فغشى أهله قبل أن يفرغ من طوافه و سعيه، قال: عليه بدنة لفساد عمرته، و عليه أن يقيم الى الشهر الآخر فيخرج الى بعض المواقيت فيحرم بعمرة»1 فانها و إن كانت في نفسها ظاهرة في فساد العمرة، الا أن هناك قرينة مانعة عن الأخذ بهذا الظهور، و هي أمره عليه السّلام الرجل المعتمر أن يقيم الى الشهر الآخر، ثم يخرج الى بعض المواقيت و يحرم لعمرة جديدة، و هذا يدل على صحة هذه العمرة، اذ لو كانت فاسدة جاز له الاتيان بعمرة أخرى في نفس ذلك الشهر، لأن العمرة الفاسدة وجودها كالعدم، فلا تمنع عن الاتيان بعمرة أخرى في شهرها على أساس أن المراد من قوله عليه السّلام: «لكل شهر عمرة» هو العمرة الصحيحة المأمور بها دون الأعم منها و من الفاسدة، و على هذا فالأمر بالاقامة في مكة الى شهر آخر و الاتيان بالعمرة فيه يدل على أمرين:
أحدهما: صحة العمرة الأولى.
و الآخر: أن وجوب الاتيان بالعمرة الجديدة انما هو من باب العقوبة، كما هو الحال في الحج، و يؤكد إن ذلك من باب العقوبة هو أمره عليه السّلام بالخروج الى بعض المواقيت، مع أن من كان في مكة و أراد الاتيان بالعمرة يخرج الى أدنى الحل و يحرم منه. فاذن لا بد من حمل الفساد فيها على الفساد عناية، بمعنى أن العمرة التي أتى المعتمر بالنساء في اثنائها ليست كالعمرة التي لم يأت بها في
……….
و وجبت عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت، و يحرم منه للعمرة المعادة، و الأحوط اتمام العمرة الفاسدة أيضا (1).
(مسألة 224): من احلّ من احرامه إذا جامع زوجته المحرمة وجبت الكفارة على زوجته، و على الرجل ان يغرمها و الكفارة بدنة (2).
(مسألة 225): إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسيانا صحت عمرته و حجه، و لا تجب عليه الكفارة (3)،
(1)لا دليل عليه، و إن كان أولى و أجدر.
(2)لصحيحة ابي بصير قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أحل من احرامه و لا تحل امرأته فوقع عليها، قال: عليها بدنة يغرمها زوجها»1 ثم إن مورد الصحيحة الرجل المحرم الذي خرج عن احرامه و صار محلا، و هل يمكن التعدي منه الى مطلق المحل و إن لم يكن مسبوقا بالاحرام؟
و الجواب: لا يبعد التعدي، فان مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي أن ثبوت الحكم له بما أنه محل لا بما أنه صار محلا بعد الاحرام.
و بكلمة: ان المحل في مقابل المحرم، فاذا ثبت حكم له ثبت على أساس أنه محل سواء أ كان مسبوقا بالاحرام أم لا، فلا قيمة لسبقه به.
و دعوى: ان الحكم بما أنه يكون على خلاف القاعدة، فلا بد من الاقتصار على مورده و عدم جواز التعدي منه الى سائر الموارد.
مدفوعة: بأن الحكم و إن كان على خلاف القاعدة، الاّ أن العرف لا يحتمل خصوصية لمورده، و لا يرى أن ثبوته له بما أنه مسبوق بالاحرام لا بما أنه من افراد المحل.
فالنتيجة: ان الأظهر عدم اختصاص الحكم بمورد الرواية.
(3)للروايات الكثيرة التي تنص على ذلك، و قد تقدم بعضها.
و هذا الحكم يجري في بقية المحرمات (1) الآتية التي توجب الكفارة، بمعنى أن ارتكاب أيّ عمل على المحرم لا يوجب الكفارة، إذا كان صدوره منه ناشئا عن جهل أو نسيان و يستثنى من ذلك موارد:
1 – ما اذا نسي الطواف في الحج و واقع أهله، أو نسي شيئا من السعي في عمرة التمتع و جامع أهله أو قلّم أظفاره بزعم أنه محل فأحلّ لاعتقاده الفراغ من السعي، و ما إذا أتى أهله بعد السعي و قبل التقصير جاهلا بالحكم.
2 – من أمرّ يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان.
3 – ما إذا دهن عن جهل، و يأتي جميع ذلك في محالها.
(1)لقوله عليه السّلام في صحيحة عبد الصمد: «أي رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه»1 و قد استثني من هذه القاعدة موردان:
الأول: نسيان المكلف الطواف في الحج، أو بعض اشواط السعي في عمرة التمتع فأحل و واقع أهله فان عليه الكفارة، و كذلك الحال اذا أتى أهله بعد السعي في عمرة التمتع و قبل التقصير جاهلا بالحكم.
الثاني: ما اذا أمرّ يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان أو اكثر بدون قصد و غافلا عن ذلك، فان عليه الكفارة.
3 – تقبيل النساء
(مسألة 226): لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة، فلو قبلها و خرج منه المني فعليه كفارة بدنه أو جزور (1)، و كذلك إذا لم يخرج منه المني على الأحوط (2)،
(1)لصحيحة مسمع أبي سيار قال: «قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة ان قبل امرأته على غير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة، و إن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور، و يستغفر اللّه، و من مسّ امرأته و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة، و من نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، و إن مس امرأته او لازمها من غير شهوة فلا شيء عليه»1 فانها تدل على أن المحرم اذا قبل امرأته بدون شهوة فعليه دم شاة، و إن كان بشهوة و أمنى فعليه جزور.
و في مقابلها صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته – الى أن قال -: قلت: المحرم يضع يده بشهوة قال: يهريق دم شاة، قلت: فان قبل قال: هذا أشد ينحر بدنة»2 ، و لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقها بقرينة الصحيحة الأولى التي تدل بمقتضى مفهومها على أن المحرم اذا قبل امرأته و إن كان بشهوة اذا لم يؤد الى الامناء فعليه دم شاة لا جزور.
(2)بل الأولى و الأجدر كما يظهر وجهه مما مر.
و أما إذا لم يكن التقبيل عن شهوة فكفارته شاة (1).
(مسألة 227): إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء امرأته المحرمة فالأحوط ان يكفر بدم شاة (2).
(1)لقوله عليه السّلام في صحيحة مسمع المتقدمة: «و إن قبل امرأته بغير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة».
(2)بل هو الأقوى، و تدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: «سألته عن رجل قبل امرأته و قد طاف طواف النساء و لم تطف هي، قال: عليه دم يهريقه من عنده»1.
و دعوى: ان الحرام انما هو تقبيل الرجل المحرم امرأته، و أما إذا خرج عن الاحرام و أحل فلا مانع له من التقبيل و إن كان بشهوة و عليه فلا موجب للكفارة.
مدفوعة: بأن ذلك اجتهاد في مقابل النص، فان الصحيحة واضحة الدلالة على ثبوت الكفارة عليه.
4 – مس النساء
(مسألة 228): لا يجوز للمحرم أن يمسّ زوجته عن شهوة، فان فعل ذلك لزمه كفارة شاة (1)، فإذا لم يكن المسّ عن شهوة فلا شيء عليه (2).
(1)للنصوص الخاصة:
منها: قوله عليه السّلام في صحيحة مسمع المتقدمة: «و من مسّ امرأته و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة».
و منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته – الى أن قال: قلت: المحرم يضع يده بشهوة، قال:
يهريق دم شاة – الحديث»1 ، و منها غيرهما.
و لكن لا بد من تقييد اطلاقهما بعدم الامناء، و الا فعليه بدنة بمقتضى صحيحة معاوية الآتية.
(2)لقوله عليه السّلام في صحيحة مسمع: «و إن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شيء عليه»2.
5 – النظر إلى المرأة و ملاعبتها
(مسألة 229): إذا لاعب المحرم امرأته حتى يمني لزمته كفارة بدنة (1)، و إذا نظر إلى امرأة اجنبية عن شهوة أو غير شهوة فامنى وجبت عليه الكفارة، و هي بدنة أو جزور على الموسر، و بقرة على المتوسط و شاة على الفقير (2)،
(1)لصحيحة ابن الحجاج قال: «سألت ابا الحسن عليه السّلام: عن الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان، ما ذا عليهما؟ قال: عليهما جميعا الكفارة، مثل ما على الذي يجامع»1 فانها واضحة الدلالة على أن كفارته ناقة.
(2)لنص موثقة ابي بصير قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل محرم نظر الى ساق امرأته فأمنى، فقال: إن كان موسرا فعليه بدنة، و إن كان وسطا فعليه بقرة، و إن كان فقيرا فعليه شاة – الحديث»2.
و أما صحيحة زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل محرم نظر الى غير أهله، فانزل قال: عليه جزور أو بقرة، فان لم يجد فشاة»3 فهي ظاهرة في التخيير بين الجزور و البقرة، و الترتيب بينهما و بين الشاة مطلقا، اي سواء أ كان موسرا أم كان متوسطا أم فقيرا، و لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقها بقرينة نص الموثقة تطبيقا لحمل الظاهر على النص، و بذلك يظهر حال صحيحة معاوية بن عمار: «في محرم نظر الى غير أهله فأنزل، قال: عليه دم، لأنه نظر الى غير ما يحل
و إما إذا نظر اليها و لو عن شهوة و لم يمن فهو، و إن كان مرتكبا لمحرم إلا أنه لا كفارة عليه (1).
(مسألة 230): إذا نظر المحرم إلى زوجته عن شهوة فامنى وجبت عليه الكفارة (2)،
(1)لنص صحيحة معاوية المتقدمة، هذا اضافة الى أن وجوب الكفارة بحاجة الى دليل، و لا دليل عليه فيما عدا صورة الامناء. ثم إن الظاهر من الصحيحة أن الكفارة مترتبة على النظر المحرم المؤدي الى الامناء، لا على مطلق النظر بقرينة التعليل فيها.
(2)في الوجوب اشكال، و لا يبعد عدمه، لأن صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم نظر الى امرأته فأمنى، أو امذى و هو محرم، قال: لا شيء عليه، و لكن ليغتسل و يستغفر ربه، و إن حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى و هو محرم فلا شيء عليه، و إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه دم، و قال في المحرم ينظر الى امرأته أو ينزلها بشهوة حتى ينزل، قال: عليه بدنة»2 ، و إن دلت على ثبوت الكفارة في النظر المركز بشهوه المؤدي الى الإمناء، و كذلك قوله عليه السّلام في صحيحة ابي سيار: «يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة – الى أن قال: و من مس امرأته بيده و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة و من نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، و من مس امرأته او لازمها من
……….
و هي بدنة أو جزور و أما إذا نظر اليها بشهوة و لم يمن، أو نظر اليها بغير شهوة فامنى فلا كفارة عليه (1).
(1)الأمر كما افاده قدّس سرّه. أما في صورة النظر الى امرأته بشهوة بدون الإمناء، فلا دليل عليها، بل تقييد وجوب الكفارة بالامناء في صحيحة ابي سيار2
المتقدمة يدل على عدمها في الجملة، و صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته بعد ما حلق و لم يطف و لم يسع بين الصفا و المروة، اطرحي ثوبك و نظر الى فرجها، قال: لا شيء عليه اذا لم يكن غير النظر»3 ، تدل على أن النظر الى امرأته بشهوة بدون الإمناء لا يوجب الكفارة، فان أمر الرجل امرأته او جاريته بنزع ثوبها و النظر الى فرجها لا محالة يكون من أجل الالتذاذ به و اشباع شهوته. ثم إن الظاهر منها جواز نظر الرجل الى امرأته بشهوة، شريطة أن لا يؤدي الى الإمناء.
فالنتيجة: انه لا دليل على حرمة مجرد نظر المحرم الى امرأته بشهوة، بل مقتضى اطلاق صحيحة محمد الحلبي، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم ينظر الى امرأته و هي محرمة، قال: لا بأس»4 جوازه، فانها تشمل باطلاقها ما اذا نظر إليهن بشهوة، و لا دليل على تقييده بما اذا لم يكن نظره إليهن كذلك، و به يختلف النظر عن المس، فانه لا يجوز للمحرم أن يمس زوجته بشهوة و إن لم يؤد الى الإمناء.
و أما صورة النظر اليها بدون شهوة المؤدي الى الامناء، فلأن صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة تدل على عدم الكفارة عليه بمقتضى صدرها، و تدل
(مسألة 231): يجوز استمتاع المحرم من زوجته في غير ما ذكر على الأظهر (1)، إلا أن الأحوط ترك الاستمتاع منها مطلقا.
(1)هذا هو الصحيح، لما مر من أن الروايات تدل على حرمة استمتاع المحرم بامرأته باستمتاعات معينة كالملاعبة معها المؤدية الى الامناء، و تقبيلها و إن كان بدون شهوة، و لمسها بشهوة، و النظر اليها مركزا المؤدي إلى الامناء، و أما مطلق الاستمتاع و الالتذاذ بها، فلا دليل على حرمته كالالتذاذ بصوتها أو نحو ذلك.
6 – الاستمناء
(مسألة 232): إذا عبث المحرم بذكره فأمنى فحكمه حكم الجماع، و عليه فلو وقع ذلك في احرام الحج قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت الكفارة، و لزم إتمامه و اعادته في العام القادم (1)، كما انه لو فعل ذلك في عمرته المفردة قبل الفراغ من السعي بطلت عمرته (2) و لزمه الاتمام و الاعادة على ما تقدم، و كفارة الاستمناء كفارة الجماع.
(1)في الاعادة اشكال بل منع، لعدم الدليل، فان صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سألت ابا الحسن عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليها؟ قال: عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع»1 فانها لا تدل على اكثر من ثبوت الكفارة عليه. نعم، رواية اسحاق بن عمار عن أبى الحسن عليه السّلام قال: «قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى، قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم بدنة و الحج من قابل»2 تدل على ذلك، الاّ أنها ضعيفة سندا، فلا يمكن الاعتماد عليها لأن فيه صبّاح و هو مردد بين الثقة و غيره، و لا قرينة على أنه الثقة.
(2)في البطلان اشكال بل منع، فانه على تقدير تسليم بطلان العمرة المفردة بالجماع قبل السعي فلا دليل عليه في المقام، فان صحيحة عبد الرحمن لا تدل الاّ على الكفارة دون البطلان، و رواية اسحاق بن عمار3 موردها الحج، مضافا إلى أنها ضعيفة سندا.
و لو استمنى بغير ذلك كالنظر و الخيال، و ما شاكل ذلك فامنى لزمته الكفارة (1)، و لا تجب اعادة حجه و لا تفسد عمرته على الأظهر، و ان كان الأولى رعاية الاحتياط.
(1)الأمر كما افاده قدّس سرّه فان الاستمناء بهذه الأمور و إن لم يكن مورد النص، الاّ أن الظاهر منه عدم خصوصية له، حيث ان الكفارة فيه مترتبة على الامناء، و لا موضوعية عرفا لسببه، فانه سواء أ كان ملاعبة المحرم مع زوجته بطلب الإمناء، أم كان التفكر و التخيل للعمل الجنسي بدافع الامناء، أم غير ذلك، فلا خصوصية لمورد النص.
7 – عقد النكاح
(مسألة 233): يحرم على المحرم التزويج لنفسه، أو لغيره، سواء أ كان ذلك الغير محرما أم كان محلا، و سواء أ كان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، و يفسد العقد في جميع هذه الصور (1).
(1)تدل على ذلك مجموعة من النصوص:
منها: صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: ليس للمحرم أن يتزوج و لا يزوج، فان تزوج أو زوج محلا فتزويجه باطل»1.
و منها: صحيحته الأخرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سمعته يقول: ليس ينبغي للمحرم أن يتزوج و لا يزوج محلا»2 ، و منها غيرهما.
هاهنا مسائل: الأولى: قد تسأل عن أن روايات الباب التي تنص على بطلان نكاح المحرم، فهل تدل على حرمته تكليفا أيضا أو لا؟
و الجواب: أنها لا تدل على حرمته كذلك، فان الظاهر منها الارشاد الى بطلان النكاح دون حرمته.
و بكلمة: أنه ليس لها ظهوران: أحدهما ظهورها في الإرشاد الى الحكم الوضعي، و الآخر ظهورها في الحكم التكليفي.
و دعوى: أن صحيحة عبد اللّه بن سنان بمقتضى صدرها تدل على الحكم التكليفي بقرينة أن قوله عليه السّلام: «فان تزوج أو زوج…»3 تفريع على صدرها، فلو كان المراد منه الحكم الوضعي لكان ذلك تفريعا على نفسه، فاذن لا بد من حمل الصدر على الحكم التكليفي.
……….
(مسألة 234): لو عقد المحرم أو عقد المحلّ للمحرم امرأة و دخل الزوج بها و كان العاقد و الزوج عالمين بتحريم العقد في هذا الحال فعلى كل منهما كفارة بدنة (1)، و كذلك على المرأة ان كانت عالمة بالحال.
(مسألة 235): المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد و الشهادة عليه، و هو الأحوط (2)،
(1)تدل على ذلك موثقة سماعة بن مهران عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما و هو يعلم أنه لا يحل له، قلت: فان فعل فدخل بها المحرم، قال: إن كانا عالمين فان على كل واحد منهما بدنة، و على المرأة إن كانت محرمة بدنة، و إن لم تكن محرمة فلا شيء عليها الاّ أن تكون قد علمت أن الذي تزوجها محرم، فان كانت علمت ثم تزوجته فعليها بدنة»2 و به يظهر حال ما بعده.
(2)لا بأس بتركه لعدم دليل عليه غير كونه مشهورا بين الأصحاب.
و ذهب بعضهم إلى حرمة أداء الشهادة على العقد السابق أيضا، و لكن دليله غير ظاهر (1).
(مسألة 236): الأحوط ان لا يتعرض المحرم لخطبة النساء (2).
نعم، لا بأس بالرجوع إلى المطلقة الرجعية، و بشراء الاماء، و ان كان شراؤها بقصد الاستمتاع، و الأحوط أن لا يقصد بشرائه الاستمتاع حال الاحرام، و الأظهر جواز تحليل أمته، و كذا قبوله التحليل.
(1)بل لا دليل عليه ما عدا مرسلتين، هذا اضافة الى أن المراد من الشهود فيهما الحضور في مجلس العقد لا أداء الشهادة.
فالنتيجة انه لا مانع من أداء الشهادة، بل قد يكون واجبا لدفع ظلم، أو احقاق حق، أو غير ذلك.
(2)لكن الأظهر جواز ذلك، لعدم الدليل، كما يجوز له الرجوع الى المطلقة الرجعية أثناء العدة و شراء الإماء، لأن ما هو المحرم و هو التزويج في حال الاحرام لا يصدق على شيء منهما.
8 – استعمال الطيب
(مسألة 237): يحرم على المحرم استعمال الزعفران و العود و المسك و الورس و العنبر بالشّم و الدلك و الأكل، و كذلك لبس ما يكون عليه أثر منها، و الأحوط الاجتناب عن كل طيب (1).
(1)بل هو الأظهر، بيان ذلك: ان روايات المسألة على طائفتين:
الطائفة الأولى: تدل على حرمة استعمال مطلق الطيب بكل الوان الاستعمال من الدلك و الأكل و اللمس و الشم.
منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا تمس شيئا من الطيب، و لا من الدهن في احرامك، و اتق الطيب في طعامك و امسك على انفك من الرائحة الطيبة، و لا تمسك عليه من الرائحة المنتنة، فانه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة»1 ، و مثلها صحيحته الأخرى2.
و منها: رواية حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «لا يمس المحرم شيئا من الطيب و لا الريحان و لا يتلذذ به فمن ابتلى بشيء من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعه من الطعام»3 و منها غيرها.
الطائفة الثانية: تدل على حرمة أنواع خاصة من الطيب على المحرم.
منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: إنما يحرم عليك من الطيب أربعة اشياء: المسك و العنبر و الورس و الزعفران، غير أنه يكره للمحرم الادهان الطيبة الريح»4 فانها تنص على أن ما يحرم على المحرم استعماله من الطيب متمثل في هذه الانواع الأربعة، و بمفهوم الحصر على عدم
……….
……….
……….
……….
(مسألة 238): لا بأس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة كالتفاح و السفرجل، و لكن يمسك عن شمها حين الاكل على الأحوط (1).
(1)لا بأس بتركه كما مر وجهه و إن كان أولى و أجدر.
(مسألة 239): لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا و المروة (1)، إذا كان هناك من يبيع العطور، و لكن الأحوط لزوما (2) ان يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال و لا بأس بشم خلوق الكعبة و هو نوع خاص من العطر (3).
(1)للنص الخاص و هو صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سمعته يقول: لا بأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا و المروة من ريح العطارين و لا يمسك على أنفه»1.
(2)مر أنه غير لازم و إن كان أولى.
(3)للروايات الخاصة:
منها: صحيحة عبد اللّه بن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المحرم، قال: لا بأس و لا يغسله فانه طهور»2.
و منها: صحيحة يعقوب بن شعيب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة، قال: لا يضره، و لا يغسله»3 و منها غيرهما.
بقي هنا أمران:
الأوّل: انه اذا استعمل المحرم الطيب في الأكل جهلا، فهل عليه كفارة دم شاة، باعتبار أن الجهل لا ينافي التعمد، و المفروض أن المذكور في الصحيحة من أكل زعفرانا متعمدا فعليه دم، و ليس المذكور من أكل زعفرانا متعمدا عالما بالحكم، حتى لا يعم الجاهل؟
و الجواب: أنه لا كفارة عليه اذا كان جهله بالحكم مركبا، فانه في حكم الناسي، و أما اذا كان بسيطا، فان كان معذورا فيه لم يكن مشمولا لقوله عليه السّلام: «من
(مسألة 240): اذا استعمل المحرم متعمدا شيئا من الروائح الطيبة فعليه كفارة شاة على المشهور، و لكن في ثبوت الكفارة في غير الأكل اشكال، و ان كان الأحوط التكفير.
(مسألة 241): يحرم على المحرم ان يمسك على أنفه من الروائح الكريهة (1).
نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص من ذلك.
(1)تقدم أن الأمر كما أفاده قدّس سرّه.
9 – لبس المخيط للرجال
(مسألة 242): يحرم على المحرم أن يلبس القميص و القباء و السروال و الثوب المزرور مع شد أزراره و الدرع و هو كل ثوب يمكن ان تدخل فيه اليدان، و الأحوط الاجتناب عن كل ثوب مخيط (1)،
(1)لا بأس بتركه و إن كان أولى و أجدر، و ذلك لأنه لم يرد في لسان شيء من روايات الباب النهي عن لبس ثوب بعنوان أنه مخيط، و انما الوارد في لسانها النهي عن لبس المحرم الأثواب الاعتيادية الخاصة:
1 – القميص: و هو الثوب الذي يسلك في عنق الانسان، و كل ثوب يسلك في العنق يسمى قميصا.
2 – الدرع: و هو الثوب الذي له يدان، أو فتحتان على نحو يتيح للإنسان أن يدخل يديه فيهما، و كل ثوب يكون كذلك يسمى بالدرع، و هو محرم على المحرم و إن لم يسلك في العنق.
3 – العباءة: فان لبسها بالصورة الاعتيادية محرم على المحرم و إن لم يدخل يديه في يدي العباءة.
4 – السروال: و هو الثوب الذي تستر به العورة من الملابس الاعتيادية.
5 – الثوب المزرور: و هو الثوب الذي فيه أزرار يعقد بعضها ببعض، فانّ لبسه محرم على المحرم حتى لو لم تكن له يدان، و لم يسلك في العنق، و ليس موضوع الحرمة وجود الأزرار فيه، بل استعمال تلك الأزرار بعقد بعضها بالبعض الآخر، و لبس هذه الأنواع الخمسة من الأثواب محرم على المحرم سواء كان صنعها من طريق الخياطة أم من طريق آخر. و أما اذا كان هناك ثوب