فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰

جلد

10

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰ صفحه 2

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 101)


[حج الافراد]

حج الافراد مرّ عليك أن حج التمتع يتألف من جزءين، هما: عمرة التمتع و الحج، و الجزء الأوّل منه متصل بالثاني، و العمرة تتقدم على الحج.

أما حج الأفراد فهو عمل مستقل في نفسه واجب – كما علمت – على من يكون الفاصل بين منزله و بين المسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخا و فيما اذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضا.

و عليه فاذا تمكن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما يتمكن منه خاصة، و إذا تمكن من أحدهما في زمان و من الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت، و إذا تمكن منهما في وقت واحد وجب عليه – حينئذ – الاتيان بهما و المشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحج على العمرة المفردة و هو الأحوط‍‌.

[مسألة 158: يشترك حج الافراد مع حج التمتع في جميع أعماله، و يفترق عنه في امور]

(مسألة 158): يشترك حج الافراد مع حج التمتع في جميع أعماله، و يفترق عنه في امور (1):

أولا: يعتبر اتصال العمرة بالحج في حج التمتع و وقوعهما في سنة واحدة – كما مر – و لا يعتبر ذلك في حج الافراد.

(1)الفوارق بين الحجّتين:

الاول: ان صحة حج التمتع ترتبط‍‌ بوقوع العمرة قبله، و بصورة صحيحة، بمعنى انهما مترابطان ثبوتا و سقوطا، صحة و فسادا، بينما لا ترتبط‍‌ صحة حج

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 102)


ثانيا: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع – كما مر – و لا يعتبر شيء من ذلك في حج الافراد.

ثالثا: لا يجوز تقديم الطواف و السعي على الوقوفين في حج التمتع مع الاختيار، و يجوز ذلك في حج الافراد.

رابعا: ان احرام حج التمتع يكون بمكة، و أما الاحرام في حج الافراد فهو من أحد المواقيت الآتية.

خامسا: يجب تقديم عمرة التمتع (1) على حجه، و لا يعتبر ذلك في حج الافراد.

الافراد بوقوع العمرة المفردة قبله و بصورة صحيحة، و لعل هذا هو المقصود من اتصال العمرة بالحج في حج التمتع في المتن.

الثاني: يعتبر في حج التمتع الذبح أو النحر، بينما لا يعتبر ذلك في حج الافراد. نعم اذا صحب المؤدّي لحج الافراد هديا معه وقت الاحرام و يسوقه في حجه، وجب عليه أن يضحّي بذلك الهدي يوم العيد و يسمى الحج حينئذ بحج القران، باعتبار أن الحاج يقرن معه الهدي.

الثالث: لا يجوز تقديم الطواف و السعي على الوقوفين في حج التمتع مع الاختيار، بينما يجوز ذلك في حج الافراد.

الرابع: ان موضع احرام حج التمتع يكون بمكة، و يقصد بمكة هنا البلدة على امتدادها، فالأحياء الجديدة التي تشكل الامتداد الحديث لمكة و تعتبر جزءا منها عرفا يجوز الاحرام فيها، و لا يجوز الاحرام في بلدة أو قرية أخرى لها عنوانها المتميز و إن اتصلت بمكة عن طريق توسع العمران، و أما موضع احرام حج الافراد فهو من أحد المواقيت الخمسة.

(1)فيه ان هذا ليس مائزا خامسا بينهما، لأنه داخل في المائز الأول.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 103)


سادسا: لا يجوز بعد احرام حج التمتع الطواف المندوب على الأحوط‍‌ (1) الوجوبي، و يجوز ذلك في حج الافراد.

[مسألة 159: اذا احرم لحج الأفراد ندبا جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتع إلا فيما إذا لبّى بعد السعي]

(مسألة 159): اذا احرم لحج الأفراد ندبا جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتع إلا فيما إذا لبّى بعد السعي، فليس له العدول – حينئذ – إلى التمتع (2).

[مسألة 160: إذا أحرم لحج الأفراد، و دخل مكة جاز له ان يطوف بالبيت ندبا]

(مسألة 160): إذا أحرم لحج الأفراد، و دخل مكة جاز له ان يطوف بالبيت ندبا، و لكن يجب عليه التلبية (3)، بعد الفراغ من صلاة الطواف على الأحوط‍‌.

(1)لكن الأظهر جوازه، فان ما دل على عدم الجواز محكوم بما دل على الجواز، و سيأتي بيانه في احرام الحج.

(2)للنصوص الخاصة الدالة على جواز العدول الى عمرة التمتع اذا لم يلبّ‌، و أما اذا لبى بعد السعي و قبل التقصير فلا يجوز له العدول.

(3)في الوجوب اشكال، و لا يبعد عدمه، لأن الأصل فيه معتبرة معاوية ابن عمار قال: «سألته عن المفرد للحج، هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة‌؟ قال: نعم، ما شاء، و يجدد التلبية بعد الركعتين، و القارن بتلك المنزلة، يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية»1 و لكن دلالة هذه المعتبرة على وجوب التلبية لا تخلو عن اشكال، فان الظاهر منها عرفا بمناسبه الحكم و الموضوع الارتكازية استحبابها، لأنها لا تدل على ان الطواف المندوب بعد طواف الفريضة مبطل للإحرام، و الاّ لدلّت على بطلان الطواف أيضا، مع أنها لا تدل عليه، فاذن لا بد من حمل الأمر بالتلبية على الاستحباب، اذ احتمال أنها واجبة تعبدا غير محتمل عرفا.

نعم، لا بأس بالاحتياط‍‌.


 

(1)) <page number=”103″ />الوسائل: الباب 16 من أبواب اقسام الحج، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 104)


[حج القران]

حج القران

[مسألة 161: يتحد هذا العمل مع حج الافراد في جميع الجهات، غير ان المكلف يصحب معه الهدي وقت الاحرام]

(مسألة 161): يتحد هذا العمل مع حج الافراد في جميع الجهات، غير ان المكلف يصحب معه الهدي وقت الاحرام، و بذلك يجب الهدي عليه و الاحرام في هذا القسم من الحج، كما يكون بالتلبية يكون بالاشعار أو بالتقليد، و إذا أحرم لحج القران لم يجز له العدول الى حج التمتع.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 105)


[البحث في واجبات عمرة التمتع]

[الأول من واجبات عمرة التمتع الإحرام ]

[مواقيت الاحرام]

مواقيت الاحرام هناك اماكن خصصتها الشريعة الاسلامية المطهرة للإحرام منها و يجب ان يكون الاحرام من تلك الاماكن و يسمى كل منها ميقاتا، و هي عشرة:

[1 – مسجد الشجرة ]

1 – مسجد الشجرة (1)، و يقع قريبا من المدينة المنورة و هو ميقات أهل المدينة، و كل من أراد الحج عن طريق المدينة، و يجوز الاحرام من خارج المسجد محاذيا له من اليسار أو اليمين، و الأحوط‍‌ الاحرام من نفس المسجد مع الامكان.

[مسألة 162: لا يجوز تأخير الاحرام من مسجد الشجرة الى الجحفة إلا لضرورة]

(مسألة 162): لا يجوز تأخير الاحرام من مسجد الشجرة الى الجحفة إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع.

(1)الظاهر من الروايات ان سعة الميقات في هذه المنطقة طولا من المسجد الى البيداء بمسافة ميل، و أما عرضا فلا تكون محددة شرعا، و لكن لا تترتب على ذلك ثمرة عملية أيضا، فان الاحرام عن يمين المسجد و يساره يجوز على كلا التقديرين سواء أ كان قريبا من المسجد أم كان بعيدا عنه، و نتيجة ذلك أنه يجوز الإحرام من أي جزء من تلك المسافة طولا و إن كان الاحرام من البيداء افضل و أولى، و كذلك عرضا أي يمين هذه المسافة الطويلة أو يسارها قريبا كان أم بعيدا. و يبعد ذي الحليفة عن مكة حوالي أربعمائة و اربعة و ستين كيلومترا على ما يقال.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 106)


[2 – وادي العقيق ]

2 – وادي العقيق، و هو ميقات اهل العراق و نجد، و كل من مرّ عليه من غيرهم، و هذا الميقات له أجزاء ثلاثة (1): (المسلخ) و هو اسم لأوله و (الغمرة) و هو اسم لوسطه، و (ذات عرق) و هو اسم لآخره، و الأحوط‍‌ الأولى أن يحرم المكلف قبل أن يصل ذات عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.

[مسألة 163: يجوز الاحرام في حال التقية قبل ذات عرق سرا من غير نزع الثياب إلى ذات عرق]

(مسألة 163): يجوز الاحرام في حال التقية قبل ذات عرق سرا من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فاذا وصل ذات عرق نزع ثيابه و لبس ثوبي الاحرام هناك.

(1)في تعيينها و ترتيبها اشكال، بل منع، و الصحيح أنها متمثلة في الاجزاء التالية:

أولها: بريد البعث.

و أوسطها: المسلخ.

و آخرها: بريد أوطاس.

و أما الغمرة و ذات العرق فهما داخلان في هذه المسافة و يجوز الاحرام منهما.

فالنتيجة: ان المستفاد من مجموع روايات الباب بضم بعضها الى بعض أن العقيق الذي هو ميقات لأهل العراق محدد من حيث المبدأ ببريد البعث و المنتهى ببريد أوطاس و المسلخ بينهما، و أما غمرة فهل هي نهاية العقيق و تنتهى بانتهاء بريد أوطاس، أو أن نهايته بريد أوطاس بعد غمرة، فلا يمكن استفادة ذلك من الروايات، فاذن تطبيق ذلك خارجا يتطلب الرجوع الى أهل الخبرة من المنطقة و السؤال عنهم. و تفصيله في (الثاني) من (فصل: في المواقيت) الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 107)


[3 – الجحفة ]

3 – الجحفة (1)، و هي ميقات أهل الشام و مصر و المغرب و كل من يمر عليها من غيرهم اذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.

[4 – يلملم ]

4 – يلملم، و هو ميقات أهل اليمن (2)، و كل من يمرّ من ذلك الطريق، و يلملم اسم لجبل.

[5 – قرن المنازل ]

5 – قرن المنازل، و هو ميقات أهل الطائف (3)، و كل من يمرّ من ذلك الطريق و لا يختص بالمسجد فأي مكان يصدق عليه انه من قرن المنازل جاز له الاحرام منه، فان لم يتمكن من احراز ذلك فله ان يتخلص بالاحرام قبلا بالنذر كما هو جائز اختيارا.

[6 – مكة ]

6 – مكة (4)، و هي ميقات حج التمتع.

(1)و هي قرية كانت معمورة سابقا و خربت و تبعد عن مكة بمائتين و عشرين كيلومترا تقريبا على ما يقال.

(2)قيل: انه جبل من جبال تهامة، و قيل: انه واد، و على كل تقدير يجوز الاحرام منه، أو من النقطة المحاذية له.

(3)قيل: انه قرية تقع في جبل مشرف على عرفات و يبعد عن مكة المكرمة تسعين كيلومترا تقريبا، و قيل: انه اسم للوادي كله، و على كلا التقديرين يجوز الاحرام للسائرين من الطائف الى مكة برا من نقطة في الطريق العام محاذية لقرية في الجبل، و قد شيد على تلك النقطة مسجد، و هذه النقطة اما ميقات أو محاذية له.

(4)و الأحوط‍‌ وجوبا الاحرام من مكة القديمة في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

و لكن الأظهر جواز الاحرام لحج التمتع من مكة من أي موضع شاء، و نقصد بمكة هنا البلدة على امتدادها، فالأحياء الجديدة التي تشكل الامتداد الحديث لمكة و تعتبر جزء منها عرفا يجوز الاحرام فيها.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 108)


[7 – المنزل الذي يسكنه المكلف ]

7 – المنزل الذي يسكنه المكلف، و هو ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكة، فانه يجوز له الاحرام من منزله، و لا يلزم عليه الرجوع إلى المواقيت.

[8 – الجعرانة ]

8 – الجعرانة: و هي ميقات أهل مكة لحج القران و الافراد، و في حكمهم من جاور مكة بعد السنتين فانه بمنزلة أهلها، و أما قبل ذلك فحكمه كما تقدم في المسألة (146).

[9 – محاذاة مسجد الشجرة ]

9 – محاذاة مسجد الشجرة (1)، فانّ‌ من أقام بالمدينة شهرا أو نحوه

نعم، لا يجوز الاحرام من بلدة أو قرية أخرى لها عنوانها المتميز و إن اتصلت بمكة عن طريق توسع العمران كمنى مثلا فانها بلدة مستقلة لها عنوانها المتميز و إن اتصلت بمكة، فيبقى كل منهما بلدا خاصا، و لا يكون المجموع بلدا واحدا. نعم، قد يكون اتصال البلد الكبير بالصغير يؤدي الى اندماج الصغير و انصهاره فيه عرفا، بحيث لا يبقى عنوانه الخاص اجتماعيا، و يعتبر الكل بلدا واحدا عرفا، فعندئذ يصبح البلد الصغير جزءا من البلد الكبير، فيكون كأحد احيائه.

و يدل على جواز الإحرام من مكة على امتدادها اطلاق روايات الباب و عدم قرينة على تقييده بالاحرام من مكة القديمة، و اما الروايات التي تنص على وجوب قطع التلبية في العمرة المفردة عند مشاهدة بيوت مكة القديمة لا تدل على تقييد اطلاق تلك الروايات، اذ لا ظهور فيها في أن جميع أحكام مكة أحكام لمكة القديمة، بل إنها في مقابل الروايات التي تدل على وجوب قطع التلبية في عمرة التمتع عند دخول الحرم.

(1)بل الأظهر صحة الاحرام من محاذاة كل المواقيت الخمسة، لأن مورد النص و إن كان محاذاة مسجد الشجرة، الاّ أن المتفاهم العرفي منه عدم

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 109)


و هو يريد الحج، ثم بدا له ان يخرج في غير طريق المدينة، فاذا سار ستة اميال كان محاذيا للمسجد، و يحرم من محل المحاذاة، و في التعدي عن محاذاة مسجد الشجرة إلى محاذاة غيره من المواقيت بل عن خصوص المورد المذكور اشكال، بل الظاهر عدم التعدي إذا كان الفصل كثيرا.

[10 – أدنى الحلّ‌ ]

10 – أدنى الحلّ‌ و هو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو الافراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة و أراد الاتيان بها، و الأفضل أن يكون من الحديبية، أو الجعرانة، أو التنعيم.

خصوصية لها، فاذن كما يصح الإحرام من أحد المواقيت الخمسة كذلك يصح من المكان المحاذي لأحدها، و تتحقق المحاذاة بأن يصلى المسافر الى نقطة لو اتجه فيها الى مكة المكرمة لكان الميقات واقعا في طرف يمينه أو يساره، و لا فرق بين أن تكون المحاذاة من نقطة بعيدة بدرجة لا تضر بصدق المحاذاة عرفا، أو من نقطة قريبة جدا، كما اذا أحرم من نقطة في طرف يمين المسجد أو يساره.

و بكلمة: ان مورد النص و إن كان صحة الاحرام من محاذاة الشجرة، الاّ أن المتفاهم العرفي منه بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن المحاذاة تمام الموضوع للحكم، و لا دخل لعنوان الشجرة الاّ باعتبار أنها ميقات، و قد جاء النص بهذا اللسان، في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام: «قال: من أقام بالمدينة شهرا و هو يريد الحج، ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه، فليكن احرامه من مسيرة ستة أميال، فيكون حذاء الشجرة من البيداء»1 فان المتفاهم منه عرفا أن من يخرج من غير طريق أهل المدينة فعليه أن يحرم من مسير ستة أميال، باعتبار أنه النقطة المحاذية للشجرة، و لا يرى العرف موضوعية للشجرة، و مثله صحيحته الأخرى2.


 

(1)) <page number=”109″ />الوسائل: الباب 7 من ابواب المواقيت، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 7 من ابواب المواقيت، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 110)


[أحكام المواقيت]

أحكام المواقيت

[مسألة 164: لا يجوز الاحرام قبل الميقات و لا يكفي المرور عليه محرما]

(مسألة 164): لا يجوز الاحرام قبل الميقات و لا يكفي المرور عليه محرما، بل لا بد من الاحرام من نفس الميقات، و يستثنى من ذلك موردان:

1 – أن ينذر الاحرام قبل الميقات، فانه يصح و لا يلزمه التجديد في الميقات (1)، و لا المرور عليه، بل يجوز له الذهاب إلى مكة من طريق لا يمر بشيء من المواقيت و لا فرق في ذلك بين الحج الواجب و المندوب و العمرة المفردة. نعم إذا كان إحرامه للحج فلا بد من أن يكون إحرامه في اشهر الحج، كما تقدم.

2 – إذا قصد العمرة المفردة في رجب، و خشي عدم إدراكها – إذا أخر الاحرام إلى الميقات – جاز له الاحرام قبل الميقات (2)، و تحسب له عمرة رجب و إن أتى ببقية الأعمال في شعبان، و لا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة و المندوبة.

[مسألة 165: يجب على المكلف اليقين بوصوله الى الميقات و الاحرام منه]

(مسألة 165): يجب على المكلف اليقين بوصوله الى الميقات و الاحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة شرعية، و لا يجوز له الاحرام عند الشك في الوصول الى الميقات.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه و قد فصلنا الكلام فيه في (فصل: في احكام المواقيت) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)للنص الخاص، و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين العمرة الواجبة و المندوبة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 111)


[مسألة 166: لو نذر الاحرام قبل الميقات و خالف و أحرم من الميقات لم يبطل إحرامه]

(مسألة 166): لو نذر الاحرام قبل الميقات و خالف و أحرم من الميقات لم يبطل إحرامه، و وجبت عليه كفارة مخالفة النذر، إذا كان متعمدا.

[مسألة 167: كما لا يجوز تقديم الاحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه]

(مسألة 167): كما لا يجوز تقديم الاحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة، أن يتجاوز الميقات اختيارا إلا محرما، حتى إذا كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب العود اليه مع الامكان (1).

نعم إذا لم يكن المسافر قاصدا لما ذكر لكن لما وصل حدود الحرم أراد أن يأتي بعمرة مفردة جاز له الاحرام من ادنى الحل.

[مسألة 168: إذا ترك المكلف الاحرام من الميقات عن علم و عمد حتى تجاوزه]

(مسألة 168): إذا ترك المكلف الاحرام من الميقات عن علم و عمد حتى تجاوزه، ففي المسألة صور:

الاولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع و الاحرام منه سواء أ كان رجوعه من داخل الحرم أو كان من خارجه، فان أتى بذلك صح عمله من دون اشكال (2).

(1)هذا شريطة أن لا يجتاز عن الميقات الأمامي، و أما اذا اجتاز منه ثم ندم أو انتبه بالحال، فلا يبعد عدم وجوب الرجوع الى الميقات الأول، و كفاية الرجوع الى الميقات الأمامي و الإحرام منه، و ذلك لإطلاق صحيحة الحلبي1 ، فانها تشمل باطلاقها العالم العامد أيضا، و توضيح ذلك في المسألة (3) من (فصل: في أحكام المواقيت) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)الأمر كما افاده قدّس سرّه.

نعم، اذا لم يرجع الى الميقات و الحال هذه مع تمكنه من الرجوع عامدا


 

(1)) <page number=”111″ />الوسائل: الباب 1 من ابواب المواقيت، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 112)


الثانية: أن يكون المكلف في الحرم، و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات، لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع إلى خارج الحرم (1) و الاحرام من هناك.

الثالثة: أن يكون في الحرم و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات أو إلى خارج الحرم و لو من جهة خوفه فوات الحج و في هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه.

الرابعة: أن يكون خارج الحرم، و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات، و في هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه أيضا (2).

و قد حكم جمع من الفقهاء بفساد العمرة في الصور الثلاث الأخيره، و لكن الصحة فيها لا تخلو من وجه و إن ارتكب المكلف محرما بترك الاحرام من الميقات، لكن الأحوط‍‌ مع ذلك اعادة الحج عند التمكن منها و أما إذا لم يأت المكلف بوظيفته في هذه الصور الثلاث و أتى بالعمرة فلا شك في فساد حجه.

[مسألة 169: إذا ترك الاحرام عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات فللمسألة كسابقتها صور أربع]

(مسألة 169): إذا ترك الاحرام عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات فللمسألة كسابقتها صور أربع:

الصورة الاولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات فيجب عليه الرجوع و الاحرام من هناك (3).

و ملتفتا بطل عمله، و عليه اعادته في السنة القادمة.

(1)لا يبعد وجوب الابتعاد عن الحرم بالمقدار الذي يمكنه، و الاحرام من هناك.

(2)بل الأحوط‍‌ و الأولى به الابتعاد من مكانه بالمقدار الذي يمكنه.

(3)و الاّ بطل عمله.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 113)


الصورة الثانية: أن يكون في الحرم، و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات لكن امكنه الرجوع إلى خارج الحرم و عليه حينئذ الرجوع إلى الخارج و الاحرام منه، و الاولى في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن (1) ثم الاحرام من هناك.

الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم و لم يمكنه الرجوع إلى الخارج، و عليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه، و إن كان قد دخل مكة.

الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم و لم يمكنه الرجوع إلى الميقات، و عليه في هذه الصورة أن يحرم من محله (2).

و في جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، و في حكم تارك الاحرام من أحرم قبل الميقات أو بعده و لو كان عن جهل او نسيان.

[مسألة 170: إذا تركت الحائض الاحرام من الميقات لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم]

(مسألة 170): إذا تركت الحائض الاحرام من الميقات لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم فعليها كغيرها الرجوع إلى الخارج و الاحرام منه إذا لم تتمكن من الرجوع إلى الميقات، بل الأحوط‍‌ لها في هذه الصورة أن تبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن (3)، ثم تحرم على أن لا يكون ذلك مستلزما لفوات الحج، و فيما إذا لم يمكنها انجاز ذلك فهي و غيرها على حد سواء.

(1)بل لا يبعد وجوب ذلك كما مر.

(2)الأحوط‍‌ الأولى الابتعاد من مكانه بالمقدار الذي يمكنه.

(3)لا يبعد وجوب ذلك، لأن صحيحة معاوية1 لا تقصر عن الدلالة عليه، و موردها و إن كان الحائض الاّ أن العرف لا يرى خصوصية فيها جزما.


 

(1)) <page number=”113″ />الوسائل: الباب 14 من أبواب المواقيت، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 114)


[مسألة 171: إذا فسدت العمرة وجبت اعادتها مع التمكن]

(مسألة 171): إذا فسدت العمرة وجبت اعادتها مع التمكن، و مع عدم الاعادة و لو من جهة ضيق الوقت يفسد حجه. و عليه الاعادة في سنة اخرى.

[مسألة 172: قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما إذا أتى المكلف بها من دون احرام لجهل أو نسيان]

(مسألة 172): قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما إذا أتى المكلف بها من دون احرام لجهل أو نسيان و لكن هذا القول لا يخلو من اشكال و الأحوط‍‌ في هذه الصورة الاعادة (1) على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكن منها و هذا الاحتياط‍‌ لا يترك البتة.

[مسألة 173: قد تقدم ان النائي يجب عليه الاحرام لعمرته من احد المواقيت الخمسة الاولى]

(مسألة 173): قد تقدم ان النائي يجب عليه الاحرام لعمرته من احد المواقيت الخمسة الاولى، فان كان طريقه منها فلا اشكال، و ان كان طريقه لا يمر بها كما هو الحال في زماننا هذا، حيث ان الحجاج يردون جدة ابتداء، و هي ليست من المواقيت فلا يجزي الاحرام منها حتى إذا كانت محاذية لأحد المواقيت (2) على ما عرفت فضلا عن أن محاذاتها غير ثابتة،

(1)بل هو الأظهر، لأن مقتضى القاعدة البطلان، و الصحة بحاجة الى دليل، و لا دليل عليها ما عدا مرسلة جميل1 الواردة في الناسي و الجاهل، و لكن لا يمكن الاعتماد عليها.

(2)في عدم الاجزاء اشكال، و لا يبعد الاجزاء لو كانت محاذية لأحد المواقيت، الاّ أن محاذاتها غير ثابتة، و لهذا لا يصح للحاج أن يحرم منها مع تمكنه من الذهاب الى أحد المواقيت و الإحرام منه، و على هذا فمن يعلم أنه اذا وصل الى جدة لا يتمكن من الذهاب الى أحد المواقيت، فهل يجب عليه أن يحرم من مطار بلده بالنذر أو في منتصف الطريق في الطائرة‌؟

و الجواب: لا يبعد وجوبه على اساس أن الاحرام من جدة بالنذر انما هو


 

(1)) <page number=”114″ />الوسائل: الباب 20 من ابواب المواقيت، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 115)


بل المطمأن به عدمها فاللازم على الحاج حينئذ ان يمضي إلى احد المواقيت مع الامكان، او ينذر الاحرام من بلده أو من الطريق قبل الوصول إلى جدة بمقدار معتد به، و لو في الطائرة فيحرم من محل نذره و يمكن لمن ورد جدة بغير احرام ان يمضي الى – رابغ – الذي هو في طريق المدينة المنورة و يحرم منه بنذر باعتبار انه قبل الجحفة التي هي احد المواقيت،

وظيفة المضطر، و مع التمكن من الإحرام في الميقات أو قبله بالنذر، فلا يصل الدور الى الاحرام من جدة بالنذر، و من هنا يظهر أنه لا يجوز لمن كان في المدينة أن يذهب الى جدة جوا أو برا محلا بنية أن يحرم منها بالنذر، فان من كان يتمكن من الاحرام من الميقات كمسجد الشجرة مثلا، لا يجوز له الإحرام من جدة بالنذر.

و بكلمة: ان الاحرام من جدة بالنذر انما هو وظيفة المضطر، فاذا وصل الحاج الى جده جوا و لم يحرم بالنذر من مطار بلده أو في منتصف الطريق و هو في الطائرة إما غفلة أو باعتقاد أنه بعد الوصول الى جدة متمكن من الذهاب الى أحد المواقيت كالجحفة – مثلا – و الاحرام منه، أو بتخيل ان الاحرام من جدة جائز، ثم انه بعد الوصول انتبه بالحال من أن الاحرام منها غير جائز لمن كان متمكنا من الاحرام في أحد المواقيت أو قبله بالنذر، و لكن حيث انه فعلا لا يتمكن من الاحرام من أحد المواقيت، فعليه أن ينذر الاحرام منها فيحرم و يصح لأنها ان كانت قبل الميقات صح من جهة النذر، و إن كانت محاذيه له في الواقع صح من جهة المحاذاة، و ان كانت بعده صح من جهة أنه لا يتمكن من الذهاب إلى الميقات.

و قد تسأل ان من كان يعلم بأنه اذا وصل الى جدة فليس بامكانه الذهاب الى أحد المواقيت و الاحرام منه، و مع ذلك ترك الاحرام قبل الميقات بالنذر

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 116)


و إذا لم يمكن المضي إلى احد المواقيت، و لم يحرم قبل ذلك بنذر لزمه الاحرام من جدة بالنذر، ثم يجدد احرامه خارج الحرم قبل دخوله فيه (1).

عامدا و ملتفتا و سافر الى جدة جوا، فهل يصح احرامه بالنذر منها؟

و الجواب: ان مقتضى القاعدة عدم الصحة لأنه تارك للإحرام من الميقات عامدا و عالما، و كذلك قبله بالنذر، و اضطراره في الحال الى الاحرام من جدة، فبما أنه ناشئ من سوء اختياره فلا أثر له، و لا يكون مبررا للإحرام منها، و لكن مقتضى اطلاق النص كصحيحة الحلبي أن الصحة في هذه الحالة أيضا غير بعيدة.

و قد تسأل ان من يكون واثقا و مطمئنا بتمكنه بعد الوصول الى جدة من الذهاب الى أحد المواقيت و الاحرام منه، و حينئذ فاذا أحرم من مطار بلده بالنذر أو في منتصف الطريق و هو في الطائرة قبل الميقات و إن صح باعتبار أن عزم المكلف على التظليل حينما يحرم لا يضر بصحة احرامه، و لكن هل يعتبر مقصرا أو آثما؟

و الجواب: ان المحرم ان كان امرأة فلا شيء عليه، و إن كان رجلا كما هو مورد الكلام، فان كان بعد الإحرام متمكنا من ترك التظليل، و مع ذلك يستظل بركوبه الطائرة او بسقف السيارة أو بمظلة، اعتبر مقصرا و آثما، و إن لم يتمكن بعده من تركه و اضطر اليه لم يعتبر مقصرا و آثما، لأن التظليل قبل الاحرام لا يكون محرما عليه لا ملاكا و لا حكما، و بعده قد اضطر اليه، و هذا الاضطرار و إن كان باختياره الاّ انه ليس اضطرارا الى ارتكاب ما هو محرم و مبغوض عليه قبله، فالنتيجة انه يجوز للمسافر من طريق جدة أن ينذر الاحرام من مطار بلده أو في منتصف الطريق، و هو في الطائرة فيحرم مع أنه واثق بتمكنه بعد الوصول الى جدة من الذهاب الى أحد المواقيت و الاحرام منه.

(1)فيه انه لا مبرر لهذا التجديد، فان أدنى الحل ليس من أحد المواقيت

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 117)


[مسألة 174: تقدم ان المتمتع يجب عليه ان يحرم لحجه من مكة]

(مسألة 174): تقدم ان المتمتع يجب عليه ان يحرم لحجه من مكة، فلو احرم من غيرها عالما عامدا لم يصح احرامه، و ان دخل مكة محرما، بل وجب عليه الاستيناف من مكة مع الامكان و إلا بطل حجه.

[مسألة 175: إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة وجب عليه العود مع الامكان]

(مسألة 175): إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة وجب عليه العود مع الامكان، و إلا احرم في مكانه و لو كان في عرفات و صح حجه، و كذلك الجاهل بالحكم (1).

[مسألة 176: لو نسي إحرام الحج و لم يذكر حتى أتى بجميع اعماله صح حجه]

(مسألة 176): لو نسي إحرام الحج و لم يذكر حتى أتى بجميع اعماله صح حجه، و كذلك الجاهل.

لعمرة التمتع. نعم، ذكر جماعة من الفقهاء ان أدنى الحل من أحد المواقيت لعمرة التمتع، و ذلك لمن لم يمر بأحد المواقيت الأصلية و لا ما يحاذيها، و هو لا يخلو عن اشكال حتى مع تعقل هذا الفرض، فانه لو تحقق و وصل الى ادنى الحل فعليه أن يرجع الى أحد المواقيت و الاحرام منه ان أمكن و الاّ فمن خارج الحرم، و الأحوط‍‌ و الأجدر به الابتعاد عنه بما يمكنه و الاحرام من هناك، فالنتيجة انه لا دليل على انه من أحد مواقيت عمرة التمتع. فالصحيح أنه ميقات لحج الافراد و القران و للعمرة المفردة لمن كان في مكة و أراد الاتيان بالعمرة، او جاء من البلاد النائية كالمدينة المنورة من أجل أمر آخر، ثم بنى على الاتيان بها، فانه لا يجب عليه أن يرجع إلى أحد المواقيت و الإحرام منه، بل يحرم من أدنى الحل.

(1)للنصّ‌، و كذلك في المسألة الآتية.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 118)


[كيفية الاحرام]

كيفية الاحرام واجبات الاحرام ثلاثة امور:

[الأمر الأول: النية ]

الامر الاول: النية، و معنى النية، ان يقصد الاتيان بما يجب عليه في الحج أو العمرة متقربا به الى اللّه تعالى. و فيما إذا لم يعلم المكلف به تفصيلا وجب عليه قصد الاتيان به إجمالا، و اللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه شيئا فشيئا من الرسائل العملية. او ممن يثق به من المعلمين فلو أحرم من غير قصد بطل احرامه، و يعتبر في النية أمور (1):

1 – القربة، كغير الاحرام من العبادات.

2 – ان تكون مقارنة للشروع فيه.

3 – تعيين ان الاحرام للعمرة أو للحج، و أن الحج تمتع أو قران أو افراد، و انه لنفسه أو لغيره و أنه حجة الإسلام، او الحج النذرى؛ او الواجب بالافساد أو الندبي فلو نوى الاحرام من غير تعيين بطل احرامه.

(1)الصحيح في المقام أن يقال: ان النيّة التي تعتبر في العبادة تصنف الى أصناف ثلاثة:

الأول: نية القربة.

الثاني: نية الاخلاص.

الثالث: قصد الاسم الخاص المميز لها شرعا. و هذه الأمور الثلاثة لا بد أن تكون مقارنة للعبادة من أول جزئها الى آخرها، و صورتها – مثلا – أن يقول: احرم لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة الى اللّه تعالى، و اذا كان نائبا ذكر اسم المنوب عنه، و اذا كان الحج منذورا بدّل كلمة (حجة الإسلام) ب‍‌ (الحجة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 119)


[مسألة 177: لا يعتبر في صحة النية التلفظ‍‌ و لا الاخطار بالبال]

(مسألة 177): لا يعتبر في صحة النية التلفظ‍‌ و لا الاخطار بالبال، بل يكفي الداعي كما في غير الاحرام من العبادات.

[مسألة 178: لا يعتبر في صحة الاحرام العزم على ترك محرماته حدوثا و بقاء الا الجماع و الاستمناء]

(مسألة 178): لا يعتبر في صحة الاحرام العزم على ترك محرماته حدوثا و بقاء الا الجماع و الاستمناء (1)، فلو عزم من أول الاحرام في الحج، على ان يجامع زوجته أو يستمني قبل الوقوف بالمزدلفة، او تردّد في ذلك بطل احرامه على وجه، و أما لو عزم على الترك من أول الامر و لم يستمرّ عزمه، بان نوى بعد تحقق الاحرام الاتيان بشيء منهما لم يبطل احرامه.

[الامر الثاني: التلبية ]

الامر الثاني: التلبية، و صورتها ان يقول: «لبيك اللهمّ‌ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك» (2)،

المنذورة)، و إذا كان مندوبا بدّل كلمة (حجة الإسلام) ب‍‌ (الحجة المندوبة) و هكذا. فالنتيجة: انه اذا احرم فلا بد أن يكون احرامه لعبادة باسمها الخاص المميز لها شرعا، لعمرة التمتع أو المفردة او حج التمتع أو الافراد من حجة الإسلام أو الحج المندوب أو المنذور و هكذا، فاذا أحرم و لم يقصد احرامه لشيء منها بطل.

(1)في الاستثناء اشكال بل منع، و الأظهر عدم بطلان الحج بهما أيضا، و ستعرف وجه ذلك في ضمن البحوث الآتية، و على هذا فكما لا يعتبر في صحته العزم على عدم ارتكاب سائر المحرمات كذلك لا يعتبر فيها العزم على تركهما أيضا، بل لا يضر العزم على ارتكاب المحرمات و ممارستها حتى الجماع و الاستمناء، على أساس أن محرمات الاحرام خارجة عن الحج و العمرة، و ليست من واجباتهما لا جزء و لا قيدا، و تفصيل ذلك في المسألة (5) من (فصل: في كيفية الاحرام) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)هذه الصورة التي تتضمن أربع صيغ من التلبية هي مقتضى الجمع

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 120)


و الأحوط‍‌ الأولى اضافة هذه الجملة: «إنّ‌ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبيك»، و يجوز اضافة «لك» الى الملك، بان يقول: «و الملك لك لا شريك لك لبيك».

[مسألة 179: على المكلف ان يتعلم الفاظ‍‌ التلبية و يحسن اداءها بصورة صحيحة]

(مسألة 179): على المكلف ان يتعلم الفاظ‍‌ التلبية و يحسن اداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الاحرام في الصلاة و لو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر، فاذا لم يتعلم تلك الألفاظ‍‌، و لم يتيسر له التلقين يجب عليه التلفظ‍‌ بها بالمقدار الميسور، و الأحوط‍‌ في هذه الصورة الجمع بين الاتيان بالمقدار الذي يتمكن منه، و الاتيان بترجمتها، و الاستنابة لذلك.

[مسألة 180: الأخرس يشير الى التلبية بإصبعه، مع تحريك لسانه]

(مسألة 180): الأخرس يشير الى التلبية بإصبعه، مع تحريك لسانه، و الأولى ان يجمع بينها و بين الاستنابة.

[مسألة 181: الصبي غير المميز يلبى عنه]

(مسألة 181): الصبي غير المميز يلبى عنه (1).

[مسألة 182: لا ينعقد إحرام حج التمتع، و احرام عمرته، و احرام حج الافراد، و إحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية]

(مسألة 182): لا ينعقد إحرام حج التمتع، و احرام عمرته، و احرام حج الافراد، و إحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية، و أما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق بالاشعار أو التقليد و الاشعار مختص بالبدن (2)، و التقليد مشترك بين البدن و غيرها من أنواع الهدي،

بين الروايات الواردة في تحديد صيغها المعتبرة في انعقاد الاحرام كما و كيفا، و تفصيل ذلك في المسألة (6) من (فصل: في أحكام المواقيت) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(1)للنص الدال على أن الصبي اذا لم يحسن أن يلبّي لبّوا عنه و يطاف به، و يصلّى عنه، و يسعى به بين الصفا و المروة، و هكذا.

(2)في الاختصاص اشكال، ذكرنا وجهه في المسألة (15) من (فصل :

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 121)


و الأولى الجمع بين الاشعار و التقليد في البدن، و الأحوط‍‌ التلبية على القارن، و ان كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد. ثم ان الاشعار هو شق السنام الأيمن بأن يقوم المحرم من الجانب الأيسر من الهدي و يشق سنامه (1) من الجانب الأيمن، و يلطخ صفحته بدمه، و التقليد هو ان يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلى فيها (2).

[مسألة 183: لا يشترط‍‌ الطهارة عن الحدث الأصغر و الأكبر في صحة الاحرام]

(مسألة 183): لا يشترط‍‌ الطهارة عن الحدث الأصغر و الأكبر في صحة الاحرام، فيصح الاحرام من المحدث بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب و الحائض و النفساء و غيرهم.

[مسألة 184: التلبية بمنزلة تكبيرة الاحرام في الصلاة]

(مسألة 184): التلبية بمنزلة تكبيرة الاحرام في الصلاة، فلا يتحقق الاحرام إلا بها، أو بالاشعار أو التقليد لخصوص القارن، فلو نوى الاحرام و لبس الثوبين و فعل شيئا من المحرمات قبل تحقق الاحرام لم يأثم و ليس عليه كفارة.

[مسألة 185: الأفضل لمن حج عن طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء]

(مسألة 185): الأفضل لمن حج عن طريق المدينة تأخير التلبية (3) إلى البيداء، و لمن حج عن طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلا، و لمن

في مقدمات الاحرام) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة) فراجع.

(1)هذه الكيفية و إن كانت مشهورة بين الأصحاب، الاّ انها لا تخلو عن اشكال بل منع، على تفصيل ذكرناه في المسألة (15) من (فصل: في مقدمات الإحرام) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(2)هذا و إن كان مشهورا الاّ أن مقتضى الجمع بين الروايات كفاية تعليق مطلق شيء يكون علامة لكونها هديا، و تفصيل الكلام في المسألة (15) من (فصل مقدمات الاحرام) في الجزء التاسع من كتابنا (تعاليق مبسوطة).

(3)تقدم ان الروايات الآمرة بتأخير التلبية الى البيداء بمسافة ميل تدل

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 122)


حج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء، و لكن الأحوط‍‌ التعجيل بها مطلقا و يؤخر الجهر بها إلى المواضع المذكورة (1)، و البيداء بين مكة و المدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكة، و الرقطاء موضع يسمى مدعى دون الردم.

[مسألة 186: يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة]

(مسألة 186): يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة و لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم (2) إذا جاء من خارج الحرم، و عند مشاهدة الكعبة (3) ان كان قد خرج من مكة لإحرامها، و لمن حج بأي نوع من أنواع الحج قطعها عند الزوال من يوم عرفة.

[مسألة 187: اذا شك بعد لبس الثوبين، و قبل التجاوز من الميقات في انه قد أتى بالتلبية أم لا]

(مسألة 187): اذا شك بعد لبس الثوبين، و قبل التجاوز من الميقات في انه قد أتى بالتلبية أم لا بنى على عدم الاتيان، و إذا شك بعد الاتيان بالتلبية انه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحة.

[الامر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه ]

الامر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه، يتزر باحدهما و يرتدي بالآخر و يستثنى من ذلك الصبيان، فيجوز تأخير تجريدهم الى فخ (4)، كما تقدم.

على اتساع رقعة الميقات و أنه طولا بين المسجد و البيداء بمسافة ميل.

(1)فيه ان حمل الروايات الآمرة بتأخير التلبية على تاخير الجهر بها خلاف الظاهر جدا، و بحاجة الى قرينة، و لا قرينة على ذلك لا في نفس هذه الروايات و لا من الخارج.

(2)على الأحوط‍‌ وجوبا اذا كان جائيا من الخارج.

(3)بل عند مشاهده بيوت مكة القديمة على الأحوط‍‌ وجوبا.

(4)ذكرنا في مبحث المواقيت ان الظاهر هو تأخير احرامهم الى فخ، لا أن إحرامهم من الميقات و لكن يؤخر تجريد ثيابهم الى فخ.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 123)


[مسألة 188: لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي و ليس شرطا في تحقق الاحرام على الأظهر]

(مسألة 188): لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي و ليس شرطا في تحقق الاحرام على الأظهر، و الأحوط‍‌ ان يكون لبسهما على الطريق المألوف (1).

[مسألة 189: يعتبر في الازار ان يكون ساترا من السرّة إلى الركبة]

(مسألة 189): يعتبر في الازار ان يكون ساترا من السرّة إلى الركبة، كما يعتبر في الرداء ان يكون ساترا للمنكبين، و الأحوط‍‌ كون اللبس قبل النية و التلبية، فلو قدّمهما عليه اعادهما بعده (2).

[مسألة 190: لو أحرم في قميص جاهلا أو ناسيا نزعه و صح احرامه]

(مسألة 190): لو أحرم في قميص جاهلا أو ناسيا نزعه و صح احرامه، بل الأظهر صحة احرامه حتى فيما إذا احرم فيه عالما عامدا (3)، و اما اذا لبسه بعد الاحرام فلا اشكال في صحة احرامه، و لكن يلزم عليه شقه و اخراجه من تحت.

[مسألة 191: لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الاحرام و بعده]

(مسألة 191): لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الاحرام و بعده للتحفظ‍‌ من البرد أو الحر أو لغير ذلك.

(1)لا بأس بتركه، اذ لا يعتبر في لبسهما كيفية خاصة.

(2)على الأحوط‍‌ الأولى.

(3)الأمر كما افاده قدّس سرّه، لما مر من أن حقيقة الإحرام متمثلة في التلبية، فاذا لبى المكلف أصبح محرما و حرمت عليه اشياء معينة، منها لبس ملابسه الاعتيادية.

و أما لبس ثوبى الاحرام فهو واجب تعبدا و ليس من واجبات الإحرام و لا من شروط‍‌ صحته، فاذا لبى و هو في ملابسه الاعتيادية اصبح محرما، و حرمت عليه تلك الأشياء، غاية الأمر انه ترك واجبا في هذه الحالة و هو لبسه ثوبي الاحرام، و ارتكب محرما و هو كونه في ملابسه الاعتيادية، و لا يضر شيء منهما في صحة احرامه.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 124)


[مسألة 192: يعتبر في الثوبين نفس الشروط‍‌ المعتبرة في لباس المصلي]

(مسألة 192): يعتبر في الثوبين نفس الشروط‍‌ المعتبرة في لباس المصلي، فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، و لا من المذهّب (1)، و يلزم طهارتهما كذلك. نعم، لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة.

[مسألة 193: يلزم في الازار أن يكون ساترا للبشرة، غير حاك عنها]

(مسألة 193): يلزم في الازار أن يكون ساترا للبشرة، غير حاك عنها (2)، و الأحوط‍‌ اعتبار ذلك، في الرداء أيضا.

[مسألة 194: الأحوط‍‌ في الثوبين ان يكونا من المنسوج]

(مسألة 194): الأحوط‍‌ في الثوبين ان يكونا من المنسوج، و لا يكونا من قبيل الجلد و الملبد (3).

[مسألة 195: يختص وجوب لبس الإزار و الرداء بالرجال دون النساء]

(مسألة 195): يختص وجوب لبس الإزار و الرداء بالرجال دون النساء فيجوز لهن ان يحرمن في البستهن العادية على ان تكون واجدة للشرائط‍‌ المتقدمة.

(1)على الأحوط‍‌ في الجميع، اذ لا دليل عليه الاّ قوله عليه السّلام في صحيحة حريز: «كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه»1 ، و هو لا يدل على أن كل ثوب لا تصح الصلاة فيه لا يصح الإحرام فيه، لأنه ساكت عن حكم هذه الصورة، فيرجع فيها الى مقتضى القاعدة، و مقتضاها جواز الاحرام فيه كالثوب من غير المأكول و الحرير و المذهّب، هذا بقطع النظر عن كون لبسهما محرما على الرجال.

فالنتيجة ان لبس الحرير و الذهب و إن كان محرما على الرجال الاّ أنه ليس من محرمات الاحرام. نعم، يعتبر فيها الطهارة من الخبث.

(2)على الأحوط‍‌.

(3)على الأحوط‍‌ الأولى، اذ لا دليل على أن الثوبين لا بد أن يكونا من المنسوج الاّ دعوى عدم صدق الثوب على ما اذا كان من الجلد أو الملبد، و لكن


 

(1)) <page number=”124″ />الوسائل: الباب 27 من أبواب الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 125)


[مسألة 196: ان حرمة لبس الحرير و ان كانت تختص بالرجال و لا يحرم لبسه على النساء]

(مسألة 196): ان حرمة لبس الحرير و ان كانت تختص بالرجال و لا يحرم لبسه على النساء إلا أنه لا يجوز للمرأة ان يكون ثوباها من الحرير و الأحوط‍‌ ان لا تلبس شيئا من الحرير الخالص في جميع أحوال الاحرام (1).

[مسألة 197: إذا تنجس أحد الثوبين، أو كلاهما بعد التلبس بالاحرام]

(مسألة 197): إذا تنجس أحد الثوبين، أو كلاهما بعد التلبس بالاحرام، فالأحوط‍‌ المبادرة إلى التبديل أو التطهير.

[مسألة 198: لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام فلا بأس بالقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة]

(مسألة 198): لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام فلا بأس بالقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا بأس بتبديله على أن يكون البدل واجدا للشرائط‍‌.

لا أساس لهذه الدعوى، اذ لا شبهة في الصدق.

(1)بل على الأظهر، و تدل عليه صحيحة عيص بن القاسم، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين»1. و لكن لا بد من تقييد الحرير بالحرير الخالص، بقرينة ما ورد في جملة من الروايات من أن الحرير اذا كان خالصا لم يجز للمرأة المحرمة لبسه، و الاّ فلا مانع منه.


 

(1)) <page number=”125″ />الوسائل: الباب 34 من أبواب الاحرام، الحديث: 9.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 126)


[تروك الاحرام]

تروك الاحرام قلنا في ما سبق: ان الاحرام يتحقق بالتلبية أو الأشعار أو التقليد، و لا ينعقد الاحرام بدونها (1) و ان حصلت منه نية الاحرام فاذا احرم المكلف حرمت عليه أمور و هي خمسة و عشرون كما يلي:

(1) الصيد البري

(2) مجامعة النساء

(3) تقبيل النساء

(4) لمس المرأة

(5) النظر إلى المرأة

(6) الاستمناء

(7) عقد النكاح

(8) استعمال الطيب

(9) لبس المخيط‍‌ للرجال

(10) التكحل

(11) النظر في المرآة

(12) لبس الخف و الجورب للرجال

(13) الكذب و السبّ‌

(14) المجادلة

(15) قتل القمل و نحوه من الحشرات التي تكون على جسد الانسان

(16) التزيين

(17) الأدهان

(18) إزالة الشعر من البدن

(19) ستر الرأس للرجال و هكذا الارتماس في الماء حتّى على النساء

(20) ستر الوجه للنساء

(21) التظليل للرجال

(22) إخراج الدم من البدن

(23) التقليم

(24) قلع السن

(25) حمل السلاح.

(1)تقدم أن الحاج اذا أحرم للعمرة أو للحج حرمت عليه اشياء عديدة معينة، و هي تصنف الى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول مشترك بين الرجل المحرم و المرأة المحرمة، و هو كما يلى:

1 – صيد الحيوان البري في الحل و الحرم.

2 – الاستمتاع الجنسي.

3 – استعمال الطيب.

4 – الزينة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 127)


……….

5-الاستمناء.

6 – النظر الى صورته و هندامه في المرآة.

7 – عقد النكاح.

8 – اخراج الدم من البدن.

9 – الفسوق.

10 – الجدال.

11 – قتل هوام الجسد.

12 – التدهين.

13 – تقليم الأظفار.

14 – ازالة الشعر من البدن.

15 – الارتماس.

16 – حمل السلاح.

17 – قلع اشجار الحرم.

الصنف الثاني مختص بالرجال و هو كما يلي:

1 – لبس الثياب الاعتيادية.

2 – لبس الحذاء الساتر لتمام ظهر القدم، أو الجورب.

3 – ستر الرأس.

4 – التظليل بظل يتحرك بحركة المحرم، كسقف السيارة، أو الباخرة، أو الطائرة، أو مظلّة يحملها بيده و يستظل بها حال سيره، و أما الظل اذا كان ثابتا فلا مانع من الجلوس تحته أو السير فيه، كالسير تحت الجسور أو في النفق.

الصنف الثالث مختص بالنساء، و هو كما يلي:

1 – ستر الوجه.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 128)


[1 – الصّيد البرّي]

1 – الصّيد البرّي

[مسائل ]
[مسألة 199: لا يجوز للمحرم سواء كان في الحل أو الحرم صيد الحيوان البرّي أو قتله]

(مسألة 199): لا يجوز للمحرم (1) سواء كان في الحل أو الحرم صيد الحيوان البرّي أو قتله سواء كان محلل الأكل أم لم يكن كما لا يجوز له قتل الحيوان البرّي (2) و إن تأهل بعد صيده. و لا يجوز صيد الحرم مطلقا و إن كان الصائد محلا.

2-لبس القفازين.

3 – لبس الحرير الخالص.

4 – لبس الذهب للزينة.

(1)يدل على ذلك الكتاب و السنة، اما الكتاب فقوله تعالى: وَ حُرِّمَ‌ عَلَيْكُمْ‌ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ‌ حُرُماً1 و أما السنة فعدة روايات:

منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا تستحلن شيئا من الصيد و انت حرام، و لا أنت حلال في الحرم، و لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده، و لا تشير اليه فيستحل من أجلك، فان فيه فداء لمن تعمده»2.

(2)هذا من دون فرق بين أن يكون الحيوان محلل الأكل أو محرم الأكل، و تدل عليه الآية الشريفة، و هي قوله تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ‌ آمَنُوا لاٰ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ‌ حُرُمٌ‌3 ، فانها باطلاقها تشمل الحيوان المحلل الأكل و المحرم، و الروايات:

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي المتقدمة: «لا تستحلن شيئا من الصيد


 

(1)) <page number=”128″ />سورة المائدة، الآية: 96.
(2)) الوسائل: الباب 1 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(3)) سورة المائدة، الآية: 95.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 129)


[مسألة 200: كما يحرم على المحرم صيد الحيوان البري تحرم عليه الاعانة على صيده]

(مسألة 200): كما يحرم على المحرم صيد الحيوان البري تحرم عليه الاعانة على صيده. و لو بالاشارة، و لا فرق في حرمة الإعانة بين أن يكون الصائد محرما أو محلا (1).

[مسألة 201: لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البرّى و الاحتفاظ‍‌ به]

(مسألة 201): لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البرّى و الاحتفاظ‍‌ به، و إن كان اصطياده له قبل احرامه (2) و لا يجوز له أكل لحم الصيد، و إن كان الصائد محلا (3). و يحرم الصيد الذي ذبحه المحرم على المحل أيضا (4)،

و أنت حرام و لا أنت حلال في الحرم»1.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال في قوله عزّ و جلّ‌: لَيَبْلُوَنَّكُمُ‌ اللّٰهُ‌ بِشَيْ‌ءٍ مِنَ‌ الصَّيْدِ تَنٰالُهُ‌ أَيْدِيكُمْ‌ وَ رِمٰاحُكُمْ‌، قال: حشرت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عمرة الحديبية الوحوش حتى نالتها ايديهم و رماحهم»2.

و منها: صحيحته الأخرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: «اذا فرض على نفسه الحج ثم أتم التلبية فقد حرم عليه الصيد و غيره – الحديث»3 ، فانها تدل على حرمة الصيد و إن كان محرم الأكل.

(1)يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي الآنفة الذكر: «لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده، و لا تشر اليه فيستحل من أجلك، فان فيه فداء لمن تعمده»4.

(2)لإطلاق صحيحة الحلبي المشار اليها في المسألة السابقة.

(3)لصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا تأكل شيئا من الصيد و أنت محرم و إن صاده حلال»5.

(4)في الحرمة اشكال بل منع، و ذلك لأن عمدة الدليل على الحرمة موثقة


 

(1)) <page number=”129″ />الوسائل: الباب 1 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 1 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 1 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 7.
(4)) الوسائل: الباب 1 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(5)) الوسائل: الباب 2 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 130)


……….

اسحاق بن عمار عن جعفر عليه السّلام: «ان عليّا عليه السّلام كان يقول: اذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محل و لا محرم، و اذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل و لا محرم»1 ، فانها صريحة في أن الصيد الذي ذبحه المحرم ميتة فلا يجوز أكله لا للمحرم و لا للمحل، و في مقابلها عدة من الروايات:

منها: صحيحة الحلبي قال: «المحرم اذا قتل الصيد فعليه جزاؤه و يتصدق بالصيد على مسكين»2 ، فانها صريحة في أن الصيد الذي قتله المحرم حلال للمحل، لأن قوله عليه السّلام فيها: «و يتصدق بالصيد على مسكين» يدل على ذلك.

و منها: صحيحة منصور بن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أصاب من صيد أصابه محرم و هو حلال، قال: فليأكل منه الحلال، و ليس عليه شيء، و انما الفداء على المحرم»3 ، فانها ناصة في أن صيد المحرم حلال للمحل.

و منها: صحيحته الأخرى قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أصاب صيدا و هو محرم آكل منه و انا حلال‌؟ قال: انا كنت فاعلا، قلت له: فرجل أصاب مالا حراما، فقال: ليس هذا مثل هذا يرحمك اللّه إن ذلك عليه»4.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا أصاب المحرم الصيد في الحرم و هو محرم فانه ينبغي له أن يدفنه و لا يأكله أحد – الحديث»5 ، و هذه الصحيحة بما أنها تدل بمنطوقها على حرمة صيد المحرم في الحرم على المحل و المحرم، و بمفهومها على عدم حرمته في الحل على


 

(1)) <page number=”130″ />الوسائل: الباب 10 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 10 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 6.
(3)) الوسائل: الباب 3 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(4)) الوسائل: الباب 3 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.
(5)) الوسائل: الباب 3 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 131)


و كذلك ما ذبحه المحل في الحرم (1)،

المحل، تصلح أن تقيد اطلاق سائر الروايات بما إذا كان الصيد في الحل، فاذن يقع التعارض بينها و بين الموثقة، لا من جهة انقلاب النسبة من العموم المطلق الى التباين، لأنا لا نقول بالانقلاب – كما ذكرناه في علم الأصول – بل من جهة أن هذه الروايات غير قابلة للتقييد بها.

أما أولا: فلأن لازم هذا التقييد ان الصيد اذا كان في الحل لم يجز أكله للمحل، و اذا كان في الحرم جاز، و هذا باطل جزما.

و ثانيا: ان لازمه أن لا يبقى لها مورد أصلا، و تصبح لاغية، و هذا كما ترى، فمن أجل ذلك يقع التعارض بينهما، و بما أنه لا ترجيح في البين فتسقطان معا، فيرجع إلى العام الفوقي، و مقتضاه أنه حلال له.

و دعوى: أن الروايات مطلقة من جهة أن موته مستند الى ذبح المحرم، أو الى نفس الرمي و الصيد، و الموثقة خاصة بذبحه، فاذن لا بد من تقديم الموثقة عليها تطبيقا لحمل المطلق على المقيد.

مدفوعة: بأنه لا يحتمل أن تكون للذبح خصوصية، فان المعيار انما هو بتذكية المحرم، سواء أ كانت بالذبح أم كانت بالصيد و الرمي، و احتمال أن تذكية المحرم للصيد إن كانت بالذبح كان ميتة، و إن كانت بالرمي كان حلالا، غير محتمل جزما.

فالنتيجة: أن التعارض بينهما مستقر، و يسرى الى دليل حجيتهما، فلذلك تسقطان معا و يرجع الى العام الفوقي، و مقتضاه الحلية، و لكن مع هذا فالأحوط‍‌ و الأجدر به الاجتناب عنه.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه، فانه مقتضى ذيل الموثقة المتقدمة، و قد تسأل عن أن الموثقة تنص على أنه ميتة، و هل تجري عليه أحكام الميتة من النجاسة، و عدم جواز الصلاة فيه‌؟

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 132)


و الجراد ملحق بالحيوان البرّي (1)، فيحرم صيده و إمساكه و أكله.

[مسألة 202: الحكم المذكور انما يختص بالحيوان البرّي]

(مسألة 202): الحكم المذكور انما يختص بالحيوان البرّي، و أما صيد البحر كالسمك فلا بأس به (2)

و الجواب: أن الظاهر منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو أنها في مقام تنزيله منزلة الميتة، لا أنه ميتة واقعا، و من الواضح أن القدر المتيقن منه تنزيله منزلتها في حرمة أكله، دون ترتيب سائر آثار الميتة عليه.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه، فان الجراد على نوعين:

أحدهما: بحري يعيش في البحر، و لا اشكال في جواز صيده.

و الآخر: بري يعيش في البر دون البحر، و لا يجوز صيده، لأنه مضافا الى الآية الشريفة المتقدمة، يكون موردا لمجموعة من الروايات التي تنص على عدم جواز صيده.

(2)تدل عليه الآية الشريفة، و هي قوله تعالى: أُحِلَّ‌ لَكُمْ‌ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ‌ مَتٰاعاً لَكُمْ‌ وَ لِلسَّيّٰارَةِ‌1 و مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث: «قال:

و السمك لا بأس بأكله طرية و مالحة و يتزود، قال اللّه تعالى: أُحِلَّ‌ لَكُمْ‌ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ‌ مَتٰاعاً لَكُمْ‌ وَ لِلسَّيّٰارَةِ‌ – الحديث»2 ، فان مورد الصحيحة و إن كان السمك إلاّ أن من الواضح أنه لا خصوصية له عرفا الاّ باعتبار كونه من الحيوان البحري لا من جهة أنه سمك، و يدل عليه الاستشهاد بالآية الشريفة، و مثلها صحيحة حريز3.

و على هذا فالروايات التي تدل على حرمة الصيد مطلقا كصحيحة الحلبي المتقدمة و غيرها لا بد من تقييد اطلاقها بغير الصيد البحري.


 

(1)) <page number=”132″ />سورة المائدة، الآية: 96.
(2)) الوسائل: الباب 6 من ابواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 6 من ابواب تروك الاحرام، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 133)


……….

و مع الاغماض عن ذلك، و تسليم أنه لا دليل على حلية صيد الحيوان البحري، فمع هذا يجوز صيده، و ذلك لأن الأدلة من الآية الشريفة و الروايات التي تدل على حرمة صيد الحيوان البري تدل على عدم حرمة صيد الحيوان البحري في الجملة بمقتضى مفهوم الوصف، على أساس ما ذكرناه في علم الأصول من أن الوصف المذكور مع موصوفه في القضية يدل على المفهوم بنحو السالبة الجزئية، إذ لو كان الصيد البحري محرما كصيد البر و لو بفرد آخر من الحرمة و بجعل مستقل، لكان التقييد بالبري بلا فائدة و لغوا فاذن لا محالة يدل القيد على انتفاء الحكم بانتفائه في الجملة أي و لو عن بعض حالات الانتفاء، و على هذا الأساس فالآية الشريفة و الروايات تدلان على انتفاء الحرمة عن صيد البحر في الجملة، و بما أنه لا متيقن فيه لكي يتعين انتفاء الحرمة فيه و في الزائد يرجع الى اطلاق بعض الروايات الذي يكون مقتضاه الحرمة، فيعلم اجمالا بتقييد اطلاقه بغير صيد البحر في الجملة بدون تعيين، و هذا العلم الإجمالي مانع من التمسك باطلاقه عند الشك، فاذن يكون المرجع في حال الشك الأصل العملي، و هو اصالة البراءة عن حرمة صيد البحر، فالنتيجة في نهاية الشوط‍‌ اختصاص حرمة الصيد بالحيوان البري دون البحري.

هاهنا مسألتان: الأولى: قد تسأل عن أن بعض الحيوان الذي يعيش في الماء و في البر معا كبعض الطيور، فهل حكمه حكم الحيوان البري أو البحري‌؟

و الجواب: أن مقتضى القاعدة أن حكمه حكم الحيوان البحري، و ذلك لأن الآية الشريفة و الروايات تدلان على حرمة صيد الحيوان البري، و بما أنه مجمع لكلا العنوانين فلا يكون مشمولا لهما، اذ لا يصدق عليه أنه حيوان بري، بل هو بري و بحري معا، هذا، و لكن موثقة معاوية بن عمار تدل على أن حكمه

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 134)


……….

حكم الحيوان البري، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الجراد من البحر، و قال: كلّ‌ شيء أصله في البحر و يكون في البر و البحر فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه الجزاء كما قال اللّه عزّ و جل: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ‌ آمَنُوا لاٰ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ‌ حُرُمٌ‌ وَ مَنْ‌ قَتَلَهُ‌ مِنْكُمْ‌ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ‌ مٰا قَتَلَ‌ مِنَ‌ النَّعَمِ‌ يَحْكُمُ‌ بِهِ‌ ذَوٰا عَدْلٍ‌ مِنْكُمْ‌ هَدْياً بٰالِغَ‌ الْكَعْبَةِ‌ أَوْ كَفّٰارَةٌ‌ طَعٰامُ‌ مَسٰاكِينَ‌ أَوْ عَدْلُ‌ ذٰلِكَ‌ صِيٰاماً

الآية»1 ، بتقريب أنها تدل على ضابط‍‌ كلي و هو أن كل حيوان يعيش في البحر فقط‍‌ يجوز صيده، و كل حيوان يعيش في البر و البحر فلا يجوز قتله.

و أما قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار: «كل طير يكون في الآجام يبيض في البر و يفرخ في البر فهو من صيد البر، و ما كان من الطير يكون في البحر و يفرخ في البحر فهو من صيد البحر»2 فلا يكون منافيا للموثقة، لأنه لا يدل على أن الحيوان الذي يعيش في البحر و البر يجوز صيده، بل مقتضى اطلاق قوله عليه السّلام: «كل طير يكون في الآجام يبيض في البر و يفرخ في البر فهو من صيد البر»، و إن كان يعيش في البحر أيضا.

الثانية: قد تسأل أنه اذا اشتبه حيوان بين البري و البحري بالشبهة الموضوعية، فهل يحرم على المحرم صيده أو لا؟

و الجواب: أنه لا يحرم، و ذلك لأن موضوع عدم جواز الصيد هو الحيوان البري، و موضوع جوازه هو الحيوان البحري – كما في الآية الشريفة – و كلا الموضوعين معنون بعنوان وجودي، فاذا شك في مصداقه لم يجز التمسك بالآية الكريمة، لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فاذن يكون المرجع الأصل العملي، و هو أصالة البراءة عن حرمة صيده.


 

(1)) <page number=”134″ />الوسائل: الباب 6 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 6 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 135)


و المراد بصيد البحر ما يعيش فيه فقط‍‌، و اما ما يعيش في البر و البحر كليهما فملحق بالبري، و لا بأس بصيد ما يشك في كونه بريا على الاظهر، و كذلك لا بأس بذبح الحيوانات الأهلية، كالدجاج و الغنم و البقر و الإبل، و الدجاج الحبشي و ان توحشت (1)، كما لا بأس بذبح ما يشك في كونه اهليا (2).

و أما استصحاب عدم كونه بحريا، فمضافا الى أنه معارض باستصحاب عدم كونه بريا لا أثر له، لأنه لا يثبت أنه بري الاّ على نحو مثبت.

(1)ذلك لأن الوارد في لسان الروايات عنوان الإبل و البقر و الغنم و الدجاج، و يجوز للمحرم ذبح هذه الحيوانات و هو محرم، فاذن يكون المعيار انما هو بصدق هذه العناوين، و من الواضح أنها تصدق عليها و إن توحشت. نعم لو كان الوارد في لسان الروايات عنوان الحيوان الأهلي فالعبرة حينئذ إنما هي بصدق هذا العنوان، و بما أنه لا يصدق عليها في حالة توحشها فلا يترتب عليها حكمه في هذه الحالة.

(2)في عدم البأس اشكال بل منع، و ذلك لما مر من أن الوارد في لسان الروايات العناوين الخاصة كعنوان الإبل و البقر و الغنم و الدجاج دون عنوان الحيوان الاهلي، و ما ورد في بعض الروايات كقوله عليه السّلام في صحيحة حريز:

«المحرم يذبح ما حل للحلال في الحرم أن يذبحه و هو في الحل و الحرم جميعا»1 ، فانه عنوان مشير الى الحيوانات المذكورة، على أساس أنه لا يحل للمحل في الحرم الاّ ذبحها فحسب، و على هذا فتلك الروايات تكون مقيدة لإطلاق صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث: «قال: ثم اتق قتل الدواب كلها الاّ الأفعى و العقرب و الفأرة – الحديث»2 بغير تلك الأصناف، فاذن يكون موضوع حرمة القتل الدواب التي لا تكون ابلا و لا بقرا و لا شاة و لا


 

(1)) <page number=”135″ />الوسائل: الباب 82 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 81 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 136)


……….

دجاجا، و عليه فاذا شك في حيوان أنه غنم أو ذئب مثلا، فلا مانع من استصحاب عدم كونه غنما بنحو الاستصحاب في العدم الأزلي، و به يحرز أنه دابة و ليس بغنم، و الأول محرز بالوجدان و الثاني بالاستصحاب، و بضمه الى الوجدان يتحقق موضوع العام، فاذن لا مانع من التمسك به لإثبات عدم جواز ذبحه و قتله.

و دعوى: أن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم كونه ذئبا.

مدفوعة: بأنه لا يجري الاّ على نحو مثبت، هذا و نذكر فيما يلي مسألتين:

الأولى: قد تسأل أن قتل البغال و الحمير و الفرس و ذبحها هل يجوز أم لا، اذا دعت الحاجة اليه‌؟

و الجواب: انه لا يجوز لأنه مقتضى اطلاق صحيحة معاوية المتقدمة، و أما مورد الروايات السابقة فهو عنوان الإبل و البقر و الغنم و الدجاج فحسب دون غيرها، و قوله عليه السّلام في بعض الروايات: «و ما أحل للحلال أن يذبحه في الحرم و هو محرم في الحل و الحرم»1 ، فقد مرّ أنه مشير الى هذه الحيوانات دون الأعم منها، و يؤكد ذلك أن الغاية من جواز ذبح تلك الأصناف للمحل و المحرم انما هو الاستفادة من لحومها، و ذلك يقتضى الاختصاص بها.

الثانية: قد تسأل عن أن حرمة صيد الحيوان البري هل هي مختصة بالحيوان المحلل أكله، أو تعم المحرم أيضا، فيه وجهان:

و الجواب: أنها تعم المحرم أيضا، و ذلك لإطلاق جملة من الروايات:

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة: «ثم اتق قتل الدواب كلها»2 ، فانه يعم المأكول و غيره.

و منها: غيرها، و الآيات كقوله تعالى:


 

(1)) <page number=”136″ />الوسائل: الباب 82 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 82 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 137)


[مسألة 203: فراخ هذه الأقسام الثلاثة من الحيوانات البرية و البحرية، و الأهليه]

(مسألة 203): فراخ هذه الأقسام الثلاثة من الحيوانات البرية و البحرية، و الأهليه (1)، و بيضها تابعة للأصول في حكمها.


وَ حُرِّمَ‌ عَلَيْكُمْ‌ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ‌ حُرُماً


1

و قوله تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ‌ آمَنُوا لاٰ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ‌ حُرُمٌ‌، وَ مَنْ‌ قَتَلَهُ‌ مِنْكُمْ‌ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ‌ مٰا قَتَلَ‌ مِنَ‌ النَّعَمِ‌2 فانها مطلقة و باطلاقها تشمل الصيد المحلل أكله و المحرم.

و دعوى: أنه لا اطلاق لهما للصيد المحرم أكله، أما الآية الأولى فبقرينة أنها تقيد حرمة الصيد بحال الإحرام، فلو كان الصيد محرم الأكل لم يكن فرق بين حال الاحرام و حال الاحلال، لأن أكله محرم ذاتا.

و أما الثانية فبقرينة جعل الجزاء على قتل الصيد، بتقريب أن ما لا جزاء عليه فلا يكون قتله محرما، و بما أنه لا جزاء على قتل صيد محرم الأكل فلا مانع من قتله.

مدفوعة: أما في الآية الأولى، فلأن المراد من الصيد فيها هو الاصطياد لا الأكل منه، أو لا أقل من الاجمال و عدم الدلالة على الأعم. و أما في الآية الثانية، فلأن الجزاء منصوص في قتل كثير من الحيوان غير المأكول كالأرنب و غيره، هذا اضافة الى أنه لا ملازمة بين عدم الجزاء و جواز القتل، فالنتيجة: أنه لا بأس باطلاق الآيتين الشريفتين.

(1)الأمر في الحيوان البحرى كالسمك و الأهلي كالدجاج كما أفاده قدّس سرّه و أما في الحيوان البري الذي يكون صيده محرما على المحرم فهل بيضه و فرخه أيضا كذلك‌؟ فيه اشكال، و إن كان المعروف و المشهور بين الأصحاب الحرمة، بل ادعي عليه الاجماع و التسالم، و لكن اتمامه بالدليل مشكل. نعم قد يستدل على الحرمة بالأولوية، فان ما دل من الروايات على ثبوت الكفارة في كسر


 

(1)) <page number=”137″ />سورة المائدة، الآية: 96.
(2)) سورة المائدة، الآية: 95.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 138)


[مسألة 204: لا يجوز للمحرم قتل السباع إلا فيما إذا خيف منها على النفس]

(مسألة 204): لا يجوز للمحرم قتل السباع إلا فيما إذا خيف منها على النفس (1)، و كذلك إذا آذت حمام الحرم (2). و لا كفارة في قتل السباع حتى الأسد على الأظهر (3) بلا فرق بين ما جاز قتلها و ما لم يجز.

البيض و قتل الفرخ يدل على حرمتهما بالأولوية.

منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في قيمة الحمامة درهم، و في الفرخ نصف درهم، و في البيضة ربع درهم»1.

و الجواب: أن الأولوية ممنوعة، و لا ملازمة بين ثبوت الكفارة على شيء و بين حرمته و لا دليل عليها، فالنتيجة أن المسألة مبنية على الاحتياط‍‌.

(1)فيه أنه لا وجه لتقييد ذلك بالسباع، بل كل حيوان يخاف المحرم منه على نفسه جاز له قتله، سواء أ كان من السباع أم كان من غيره، و تدل على ذلك صحيحة عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن علي عليه السّلام: «قال:

يقتل المحرم كل ما خشيه على نفسه»2.

و رواية حريز: «قال: كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع و الحيات و غيرها فليقتله – الحديث»3 و أما اذا لم يخف منه على نفسه فلا يجوز له قتله، لإطلاق صحيحة معاوية المتقدمة، الاّ ما استثنى.

(2)للنص الخاص و هو صحيحة معاوية بن عمار: «أنه أتى أبو عبد اللّه فقيل له: إن سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شيء من حمام الحرم الاّ ضربه، فقال: فانصبوا له و اقتلوه فانه قد الحد»4 فان هذا التعليل يدل على أن قتلها انما يجوز اذا أذى لا مطلقا.

(3)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لأن الكفارة بحاجة الى دليل و لا دليل عليها،


 

(1)) <page number=”138″ />الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 81 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 7.
(3)) الوسائل: الباب 81 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(4)) الوسائل: الباب 42 من ابواب كفارات الصيد، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 139)


[مسألة 205: يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى و الأسود الغدر و كل حية سوء و العقرب و الفأرة]

(مسألة 205): يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى و الأسود الغدر و كل حية سوء و العقرب و الفأرة (1)، و لا كفارة في قتل شيء من ذلك.

و دعوى الاجماع لا قيمة لها، لما مر غير مرة من أنه لا طريق لنا الى اثباته صغرى و كبرى.

و أما رواية ابي سعيد المكاري قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل قتل أسدا في الحرم، قال: عليه كبش يذبحه»1. فمضافا الى ضعفها سندا، ان موردها خارج عن محل الكلام، لأن موردها قتل الأسد في الحرم، و محل الكلام انما هو قتله في حال الاحرام و إن كان خارج الحرم.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه الاّ في الحية، فانه لا يسوغ للمحرم قتلها الاّ إذا أرادته، و تدل على ذلك مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: «ثم اتق قتل الدواب كلها إلاّ الأفعى و العقرب و الفأرة، فأما الفأرة فانها توهي السقاء و تضرم على أهل البيت، و أما العقرب فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مد يده الى الحجر فلسعته فقال لعنك اللّه لا برا تدعينه و لا فاجرا، و الحية ان ارادتك فاقتلها، و إن لم تردك فلا تردها و الأسود الغدر فاقتله على كل حال، و ارم الغراب و الحداة رميا على ظهر بعيرك»2.

و منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «يقتل في الحرم و الاحرام الافعى و الأسود الغدر و كل حية سوء و العقرب و الفأرة و هي الفويسقة و يرجم الغراب و الحداة رجما – الحديث»3 ، فان مقتضى اطلاقها أنه يجوز للمحرم قتل هذه الحيوانات مطلقا.

و أما تقييد الحية في الصحيحة الأولى بما اذا أرادته، فالظاهر أن المراد


 

(1)) <page number=”139″ />الوسائل: الباب 39، من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 81، من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 81، من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 6.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 140)


[مسألة 206: لا بأس للمحرم ان يرمي الغراب و الحدأة]

(مسألة 206): لا بأس للمحرم ان يرمي الغراب و الحدأة (1)، و لا كفارة لو اصابهما الرمي و قتلهما.

منها غير الحية السوء و الأفعى و الأسود الغدر، فانها تريد الانسان على كل حال.

و أما قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة حسين بن ابي العلاء: «أقتل كل واحد منهن يريدك»1 ، فلا يكون مقيدا لإطلاق صدرها.

أما بالنسبة الى الفأرة و العقرب فلتصريح الإمام عليه السّلام بقتلهما مطلقا، و أما الأسود الغدر و الأفعى و الحية السوء فانها تريد الانسان طبعا، و حينئذ فلا تنافي بين صدرها و ذيلها، فان الظاهر من صدرها أنه في مقام أنه يجوز للمحرم رجلا كان أو امرأة قتل الحيوان الضار، و ذيلها في مقام بيان دفع الضرر عن نفسه.

(1)هذا هو الظاهر، فان الوارد في صحيحة معاوية المتقدمة و إن كان رمي المحرم الغراب و الحداة رميا و هو على ظهر بعيره، الاّ أنه لا يحتمل عرفا أن تكون لذلك خصوصية، فاذن العبرة إنما هي باطلاق صحيحة الحلبي الآنفة الذكر.

و أما ما ورد في معتبرة حنان بن سدير2 من تقييد الغراب بالأبقع، فمن المحتمل قويا أن يكون هذا التقييد بلحاظ‍‌ خصوصية فيه، و هي كونه شريرا، لا بلحاظ‍‌ اختصاص الحكم به، و لا أقلّ‌ من الاجمال، فاذن لا مقيد لإطلاق الروايات المتقدمة، كما أنه لا خصوصية للرمي عرفا، فان ذكره إنما هو باعتبار أن قتلهما غالبا انما يكون به لا من أجل أن فيه خصوصية، و لا كفارة على قتلهما لعدم الدليل.


 

(1)) <page number=”140″ />الوسائل: الباب 81، من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 81، من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 11.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 141)


[كفارات الصيد]

كفارات الصيد

[مسألة 207: في قتل النعامة بدنة، و في قتل بقرة الوحش بقرة]

(مسألة 207): في قتل النعامة بدنة، و في قتل بقرة الوحش بقرة، و في قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة (1)

(1)في التخيير بينهما اشكال بل منع. نعم، قد يستدل على التخيير بالبيان التالي، و هو أن هناك طائفتين من الروايات:

احداهما: تنص على أن في قتل حمار الوحش بقرة، كصحيحة حريز و نحوها.

و الأخرى: تنص على أن في قتله بدنة، و مقتضى اطلاق الأولى تعين البقرة، و مقتضى اطلاق الثانية تعين البدنة، فيسقط‍‌ الاطلاقان من جهة المعارضة، و يبقى وجوب كل من البقرة و البدنة في الجملة، أي بنحو القضية المهملة، و نتيجة ذلك التخيير.

و الجواب: أن بقاء وجوب كل منهما في الجملة بعد سقوط‍‌ الاطلاق عنهما بالتعارض بحاجة الى دليل، و لا دليل عليه.

قد يقال كما قيل: إن الأمر في المقام بما أنه يدور بين رفع اليد عن وجوب أحدهما بالمرة، أو رفع اليد عن اطلاق كل منهما فحسب مع الحفاظ‍‌ على أصل الوجوب في الكل، فيتعين الثاني.

و الجواب: ان ذلك ليس من الجمع العرفي بين الدليلين على أساس أنه مرتبط‍‌ إمّا بحكومة أحدهما على الآخر، أو بأخصيته، أو أظهريته، او نصوصيته، و شيء من ذلك غير موجود في المقام، فاذن يكون هذا الجمع من الجمع التبرعي، و لا قيمة له.

و دعوى: أن ذلك إما مبني على أن التعارض لما كان بين اطلاق كل من

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 142)


……….

الطائفتين، فالساقط‍‌ انما هو اطلاق كل منهما دون أصل الوجوب، لعدم الموجب له، أو مبني على أن دلالة كل منهما على أصل الوجوب بما أنها دلالة لفظية وضعية، و على تعينه دلالة اطلاقية بقرينة الحكمة، فتصلح الدلالة الوضعية لكل منها أن تكون قرينة على رفع اليد عن الدلالة الاطلاقية للأخرى بملاك الأظهرية، و على كلا التقديرين فالنتيجة في نهاية المطاف التخيير بينهما.

مدفوعة: بأن ذلك مبني على أن تكون الدلالة الأولى لكل منهما دلالة تصديقية مستقلة بلحاظ‍‌ الارادة الجدية، و مشمولة لدليل الحجية كذلك حتى تكون صالحة للقرينية أو المرجعية، فان أحد الدليلين المنفصلين انما يتقدم على الدليل الآخر بالجمع العرفي اذا كان مدلوله متعينا للقرينة في العرف العام بملاك الأخصية أو الأظهرية أو النصوصية، فانه حينئذ يكون كلا الدليلين المذكورين مشمولا لدليل الحجية من دون أن يسري التعارض اليه، و في المقام بما أن الدلالة الأولى في كل منهما ليست بدلالة مستقلة ناصة أو أظهر، بل هي دلالة ضمنية، اي في ضمن الدلالة الاطلاقية لهما، و هي الدلالة النهائية، فلا تكون مشمولة لدليل الحجية مستقلا، و انما تكون مشمولة له بتبع شموله للدلالة الاطلاقية، و حيث إنه لا يشمل الدلالة الاطلاقية من جهة المعارضة، فلا يشمل الدلالة الأولى أيضا، فاذن كيف يمكن أن تكون قرينة أو مرجعا؟

و بكلمة: أنه لا شبهة في أن لكل من الطائفتين ظهورا تصديقيا واحدا بلحاظ‍‌ الارادة الجدية لا ظهوران تصديقيان مستقلان، أحدهما في المعنى الوضعي، و الآخر في المعنى الاطلاقي، لكي لا يسقط‍‌ الظهور الأول بسقوط‍‌ الظهور الثاني بالتعارض، فالنتيجة أنه لا دليل على التخيير في المسألة، سواء أ كان بمعنى وجوب الجامع، أم كان بمعنى اشتراط‍‌ وجوب كل منهما بعدم الاتيان بالأخرى.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 143)


و في قتل الظبي و الأرنب شاة، و كذلك في الثعلب على الأحوط‍‌ (1).

و دعوى: أنه لا مانع من شمول دليل الحجية لكلتا الطائفتين معا على أساس أن حجية السند حجية مستقلة غير مربوطة بحجية الدلالة، و على هذا فمقتضى اطلاق دليل الحجية ثبوت القضيتين، شرعا، إحداهما أن في قتل حمار الوحش ناقة، و الأخرى أن في قتله بقرة، و حيث إنه لا يمكن الأخذ باطلاق كلتا القضيتين معا، كما أنه لا يمكن طرح كلتيهما كذلك، فلا بد من التصرف فيهما بتقييد كل منهما بعدم الأخرى، و تكون النتيجة حينئذ التخيير.

مدفوعة: بأن حجية السند و الدلالة مجعولة بجعل واحد بنحو الارتباط‍‌، و لا يمكن شمول دليل الحجية للسند مستقلا بدون أن يكون ناظرا الى دلالته و مفاده و الاّ لكان لغوا و جزافا، فمن أجل ذلك لا يمكن أن يكون دليل حجية السند غير ناظر الى دلالته و مفاده.

نعم، اذا ابتليت دلالته في مورد بالمعارض أو مانع آخر بنحو لا يمكن شمول دليل الحجية لها، فلا يمكن شموله للسند أيضا. مثلا بناء العقلاء على العمل باخبار الثقة عن وجوب شيء أو حرمة آخر نتيجة متحصلة من مجموع سنده و دلالته، فان معنى صدوره سندا أن مضمونه الذي يكون الخبر ظاهرا فيه و حاكيا عن ثبوته في الواقع باخبار الثقة عنه قد صدر عنه شرعا، فمن أجل ذلك لا يمكن أن يكون دليل حجية السند غير ناظر الى دلالته و ظهوره، لأن مرده الى أنه غير ناظر الى سنده أيضا، اذ معنى صدوره سندا – كما عرفت – أنه بما له من المضمون الذي يحكي عن ثبوته في الواقع و ظاهر فيه قد صدر، فاذن كيف يمكن التفكيك بين الأمرين‌؟ و تمام الكلام في علم الأصول.

(1)لا بأس بتركه و إن كان الأولى و الأجدر، باعتبار أنه لا دليل عليه غير بعض الروايات الضعيفة و دعوى الشهرة و الاجماع في المسألة، و لكن قد ذكرنا غير مرة أنه لا يمكن الاعتماد على الاجماع في المسألة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 144)


[مسألة 208: من اصاب شيئا من الصيد فان كان فداؤه بدنة و لم يجدها فعليه اطعام ستين مسكينا]

(مسألة 208): من اصاب شيئا من الصيد فان كان فداؤه بدنة و لم يجدها فعليه اطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مدّ (1)،

(1)هذا شريطة أن تكون قيمة الناقة وافية، و الاّ فلا يجب عليه الاّ بمقدار قيمة الناقة فحسب. و تنص على ذلك مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة محمد بن مسلم و زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في محرم قتل نعامة قال: «عليه بدنة، فان لم يجد فاطعام ستين مسكينا فان كانت قيمة البدنة اكثر من اطعام ستين مسكينا لم يزد على اطعام ستين مسكينا و إن كانت قيمة البدنة أقل من اطعام ستين مسكينا لم يكن عليه الا قيمة البدنة»1.

و منها: صحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن قوله تعالى:

أو عدل ذلك صياما، قال: عدل الهدي ما بلغ يتصدق به، فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما»2.

و هذه المجموعة تصلح أن تكون قرينة على تقييد اطلاق الروايات التي تدل على أن بدل البدنة التصدق باطعام ستين مسكينا بدون التقييد بأن قيمتها تكفى لذلك أو لا.

منها: صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل محرم أصاب نعامة، ما عليه‌؟ قال: عليه بدنة، فان لم يجد فليتصدق على ستين مسكينا، فان لم يجد فليصم ثمانية عشر يوما، قال: و سألته عن محرم أصاب بقرة ما عليه‌؟ قال: عليه بقرة، فان لم يجد فليتصدق على ثلاثين مسكينا، فان لم يجد فليصم تسعة أيام. قال: و سألته عن محرم أصاب ظبيا ما عليه‌؟ قال: عليه شاة، فان لم يجد فليتصدق على عشرة مساكين، فان لم يجد فليصم ثلاثة أيام»3 ، و هذه الصحيحة تدل على أن من لم يجد بدنة فعليه


 

(1)) <page number=”144″ />الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 9.
(2)) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 10.
(3)) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 6 و 7 و 8.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 145)


فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما (1)، و إن كان فداؤه بقرة و لم يجدها فليطعم ثلاثين مسكينا، فان لم يقدر صام تسعة أيام، و ان كان فداؤه شاة و لم يجدها فليطعم عشرة مساكين، فان لم يقدر صام ثلاثة ايام.

التصدق على ستين مسكينا، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن تكون قيمة البدنة وافية بذلك – كما هو الغالب – أو لا، و لكن لا بد من تقييد اطلاقها بصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة، باعتبار أنها ناصة في أن وجوب التصدق على ستين مسكينا انما هو في فرض وفاء قيمة البدنة بذلك، فاذن لا بد من رفع اليد عن اطلاقها تطبيقا لقاعدة حمل المطلق على المقيد.

(1)في بدلية ذلك عن الإطعام إشكال، و لا يبعد أن يكون بدله صيام شهرين، و ذلك لأن الروايات الواردة في المسألة تصنف الى ثلاثة أصناف.

الصنف الأول: ما يدل على أن بدل الاطعام صيام ثمانية عشر يوما، و هو مجموعة من الروايات.

منها: صحيحة علي بن جعفر المتقدمة1.

و منها: معتبرة ابي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم أصاب نعامة، قال: عليه بدنة – الى أن قال: فليصم ثمانية عشر يوما»2.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فان لم يجد ما يشتري به بدنة فاراد أن يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا، فان لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام – الحديث»3.

الصنف الثاني: ما يدل على أن بديل الإطعام أن يصوم الصائد لكل نصف صاع يوما، و هو متمثل في صحيحة ابي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:


 

(1)) <page number=”145″ />المصدر المتقدم.
(2)) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 12.
(3)) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 13.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 146)


……….

«اذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزاؤه من النعم دراهم، ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع، فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما»1 و هذه الصحيحة ظاهرة في وجوب صيام شهر، بقرينة جعل صوم كل يوم بديلا عن اطعام كل مسكين نصف صاع و هو مدان.

الصنف الثالث: ما يدل على ان بديله صيام شهرين، و هو متمثل في قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم: «فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما»2.

و بعد ذلك نقول إن لكل من هذه الاصناف الثلاثة دلالة ايجابية و دلالة سلبية، و الأولى بالنص و الثانية بالاطلاق، فان الصنف الأول يدل على وجوب صوم ثمانية عشر يوما بالنص، و على عدم وجوب الصوم الزائد بالاطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان، و الصنف الثاني يدل على وجوب صوم ثلاثين يوما بالنص، و على نفي الزائد بالاطلاق، و الصنف الثالث يدل على وجوب صوم شهرين بالنص، و على هذا فالصنف الثالث بدلالته الايجابية يصلح أن يكون قرينة على رفع اليد عن الدلالة الاطلاقية لكل من الصنفين الأولين تطبيقا لحمل الظاهر على الأظهر، و نتيجة ذلك أن بديل اطعام ستين مسكينا انما هو صوم شهرين، و من هنا يظهر أن ما في تقرير بحث السيد الاستاذ قدّس سرّه في المسألة من تقديم الصنف الأول على سائر الأصناف معللا بأنه ناص في اجزاء صوم ثمانية عشر يوما، و الباقي ظاهر في الوجوب، و حينئذ فلا بد من تقديمه على الباقى بملاك تقديم النص على الظاهر لا يتم، لوضوح أن


 

(1)) <page number=”146″ />الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 10.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 147)


……….

دلالته على اجزاء ذلك و عدم وجوب الزائد انما هي بالاطلاق الناشي من السكوت في مقام البيان لا بالنص.

و بكلمة: انه يدل على وجوب صيام ثمانية عشر يوما بالنص، و على عدم اعتبار الزائد بالاطلاق، و بما أن دلالة الصنف الثالث على وجوب الزائد يكون بالوضع فتقدم على الاطلاق.

ثم أن في المسألة رواية أخرى و هي رواية داود الرقى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء، قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما»1 فانها تدل على أن بدل البدنة سبع شياه، فعندئذ تكون معارضة للروايات المتقدمة التي تدل على أن بديل البدنة اطعام المساكين، و لكن الظاهر بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية العرفية أنه لا خصوصية لسبع شياه الاّ من جهة أنها تعدل قيمة البدنة، و المفروض أن الواجب عند تعذر البدنة دفع قيمتها الى المساكين، فمن أجل ذلك لا معارضة بينها و بين تلك الروايات، هذا اضافة الى أنها ضعيفة سندا.

قد تسأل عن أن هذه الكفارة هل هي مخيرة او مرتبة‌؟

و الجواب: لا يبعد كونها مرتبة، فان الآية الشريفة و هي قوله تعالى:


وَ مَنْ‌ قَتَلَهُ‌ مِنْكُمْ‌ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ‌ مٰا قَتَلَ‌ مِنَ‌ النَّعَمِ‌ – الى ان قال تعالى – هَدْياً بٰالِغَ‌ الْكَعْبَةِ‌ أَوْ كَفّٰارَةٌ‌ طَعٰامُ‌ مَسٰاكِينَ‌ أَوْ عَدْلُ‌ ذٰلِكَ‌ صِيٰاماً2 ظاهرة في التخيير بسبب ظهور كلمة (أو) فيه، و اكثر روايات الباب ظاهرة في الترتيب على أساس ظهور كلمة (فاء) فيه.


 

(1)) <page number=”147″ />الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 4.
(2)) سورة المائدة، الآية: 95.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 148)


[مسألة 209: إذا قتل المحرم حمامة و نحوها في خارج الحرم فعليه شاة]

(مسألة 209): إذا قتل المحرم حمامة و نحوها في خارج الحرم فعليه شاة، و في فرخها حمل أو جدي (1)

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر عليه السّلام المتقدمة: «فان لم يجد فليتصدق على ستين مسكينا، فان لم يجد فليصم ثمانية عشر يوما»1.

و منها: قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة و محمد بن مسلم المتقدمة: «فان لم يجد فاطعام ستين مسكينا… الخ»2 ، و مثلهما صحيحة ابي بصير و صحيحة ابى عبيدة و غيرهما.

و هذه الروايات لا تصلح أن تعارض الآية الشريفة، فتسقط‍‌. و لكن هناك رواية أخرى ظاهرة في أنها في مقام بيان المراد من الآية الشريفة و مفسرة لها، و هي صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن قوله تعالى: أو عدل ذلك صياما، قال: عدل الهدي ما بلغ يتصدق به، فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما»3 بتقريب أن الظاهر منها كون كلمة (أو) في الآية الشريفة انما هي لبيان عدل الكفارة، لا في مقام بيان التخيير بين خصالها.

(1)هذا اذا تحرك الفرخ، و ذلك لأن الروايات الدالة على أن فيه حملا و إن كانت مطلقة من هذه الناحية كصحيحة حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «المحرم اذا أصاب حمامة ففيها شاة، و إن قتل فراخه ففيه حمل، و إن وطئ البيض فعليه درهم»4 و غيرها، الاّ أن صحيحة سليمان بن خالد، قال: «قلنا لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل اغلق بابه على طائر، فقال: إن كان اغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة، و ان عليه لكل طائر شاة، و لكل فرخ حملا، و إن لم يكن يحرك فدرهم، و للبيض نصف درهم»5 تصلح أن تكون مقيدة لإطلاقها بما اذا تحرك الفرخ.


 

(1)) <page number=”148″ />الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 6.
(2)) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 9.
(3)) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 10.
(4)) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(5)) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 11.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 149)


و في كسر بيضها درهم على الأحوط‍‌ (1)، و إذا قتلها المحل في الحرم فعليه درهم، و في فرخها نصف درهم و في بيضها ربعه (2)،

(1)بل على الأظهر لأن صحيحة سليمان1 و إن دلّت على أن في البيض نصف درهم، الاّ أن دلالتها على نفي الزائد على النصف انما هي بالاطلاق الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان، على أساس ظهور حال المتكلم في أن ما لا يقوله لا يريده، و حيث أن دلالة سائر الروايات على اعتبار الزائد إنما هي بالظهور العرفي على أساس ظهور حال المتكلم في أن ما يقوله يريده، و هذه الدلالة بما أنها أقوى و أظهر من الدلالة الأولى فتتقدم عليها تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على الأظهر، و لا يمكن حمل الروايات التي تنص على أن في البيض درهم على البيض الذي فيه فرخ، و حمل الصحيحة التي تنص على أن فيه نصف درهم على البيض الذي لا يكون فيه فرخ، و ذلك لأن مقتضى نفس هذه الصحيحة أن في البيض الذي يكون فيه فرخ درهما و نصف، باعتبار أن الدرهم في الفرخ الذي لم يتحرك و النصف في كسر البيض، فمن أجل ذلك لا يمكن أن تكون هذه الصحيحة قرينة على ذلك الحمل.

و أما صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «سألته عن رجل كسر بيض حمام و في البيض فراخ قد تحرك، قال: عليه أن يتصدق عن كل فرخ قد تحرك بشاة و يتصدق بلحومها إن كان محرما، و إن كان الفرخ لم يتحرك تصدق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم»2 فاما ان تحمل على الاستحباب بقرينة الروايات التي تنص على أن في الفرخ حمل، أو أن الشاة من جهة كسر البيض و قتل الفرخ بعد التحرك معا.

(2)تدل على ذلك مجموعة من النصوص:


 

(1)) <page number=”149″ />المصدر السابق.
(2)) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 8.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 150)


و إذا قتلها المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين (1) و كذلك في قتل الفرخ و كسر البيض (2)، و حكم البيض اذا تحرك فيه الفرخ حكم الفرخ (3).

[مسألة 210): في قتل القطاة و الحجل و الدرّاج و نظيرها حمل قد فطم]

(مسألة 210): في قتل القطاة (4)

منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في قيمة الحمامة درهم، و في الفرخ نصف درهم، و في البيض ربع درهم»1 ، بعد حمل اطلاقها على المحل بقرينة ما دل من الروايات على أن على المحرم في قتل الحمامة شاة، و في فرخها حمل، و في بيضها درهم، و اما أن على المحل في قتل الحمامة درهم و في فرخها نصف درهم فانه منصوص في عدة روايات.

نعم أن في بيضها ربع درهم مستفاد من اطلاق النصوص دون النص الخاص.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه، للنصوص الخاصة التي تدل عليه:

منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم، أو شبهه يتصدق به، أو يطعمه حمام مكة، فان قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها»2.

(2)على الأحوط‍‌ الأولى، لعدم دليل على أن في قتل الأول و كسر الثاني في الحرم كفارتين، و مجرد أن في قتل الحمامة في الحرم كفارتين لا يدل على أن في قتل فرخها و كسر بيضها فيه أيضا كفارتين، فان ذلك بحاجة الى دليل.

(3)بل فيه كفارتان إحداهما في قتل الفرخ، و الأخرى في كسر البيض – كما تقدم -.

(4)تدل عليه صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «وجدنا في كتاب علي عليه السّلام في القطاة اذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن و أكل من الشجرة»3.


 

(1)) <page number=”150″ />الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 11 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 5 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 151)


و الحجل و الدرّاج و نظيرها حمل قد فطم (1) من اللبن و أكل من الشجر، و في العصفور و القبّرة و الصعوة مد من الطعام على المشهور و الأحوط‍‌ فيها حمل فطيم (2)، و في قتل جرادة واحدة تمرة (3)، و في اكثر من واحدة كف من الطعام، و في الكثير شاة (4).

(1)على الأحوط‍‌، فان الرواية الواردة فيها و هي رواية سليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «في كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام: من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم»1 ضعيفة من ناحية السند، فلا يمكن الاعتماد عليها و اطلاقها بالقطاة بحاجة الى قرينة.

(2)لا بأس بتركه، فان رواية سليمان بن خالد المتقدمة لو تمت سندا و قلنا بشمول قوله عليه السّلام: «أو نظيرهن»2 تلك الطيور و إن كانت أصغر حجما من الطيور في موردها، لكانت كفارتها شاة لا حملا، لأن الظاهر من الدم فيها هو دم الشاة، و إرادة الحمل منه بحاجة الى قرينة.

(3)تدل عليه عدة روايات:

منها: صحيحة معاوية عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: «ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله، قال: قلت: ما تقول في رجل قتل جرادة و هو محرم، قال: تمرة خير من جرادة»3.

و منها: صحيحة زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «في محرم قتل جرادة، قال:

يطعم تمرة، و تمرة خير من جرادة»4.

(4)تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم قتل جرادا، قال: كف من طعام، و إن كان اكثر فعليه دم شاة»5.


 

(1)) <page number=”151″ />الوسائل: الباب 5 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 5 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 37 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(4)) الوسائل: الباب 37 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 2.
(5)) الوسائل: الباب 37 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 6.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 152)


[مسألة 211: في قتل اليربوع و القنفذ و الضب و ما أشبهها جدي]

(مسألة 211): في قتل اليربوع و القنفذ و الضب و ما أشبهها جدي (1)، و في قتل العظاية كف من الطعام (2).

[مسألة 212: في قتل الزنبور متعمدا اطعام شيء من الطعام]

(مسألة 212): في قتل الزنبور متعمدا اطعام شيء من الطعام، و اذا كان القتل دفعا لإيذائه فلا شيء عليه (3).

[مسألة 213: يجب على المحرم ان ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد]

(مسألة 213): يجب على المحرم ان ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد، فان لم يتمكن فلا بأس بقتلها (4).

(1)للنص و هو صحيحة مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «في اليربوع و القنفذ و الضب اذا اصابه المحرم فعليه جدي، و الجدي خير منه، و انما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد»1 و التعليل فيها بقوله عليه السّلام: «و انما جعل… الخ» يدل على أن الحكم لا يختص بالحيوانات في موردها، بل يعم نظائرها أيضا.

(2)ينص عليه صحيح معاوية بن عمار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

محرم قتل عظاية، قال: كف من طعام»2.

(3)للنص و هو صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم قتل زنبورا، قال: إن كان خطاء فليس عليه شيء، قلت: لا بل متعمدا، قال: يطعم شيئا من طعام، قلت: إن ارادني، قال: إن ارادك فاقتله»3.

(4)تدل عليه صحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «على المحرم أن يتنكب الجراد اذا كان على طريقه، فان لم يجد بدا فقتل فلا بأس – فلا شيء عليه»4.


 

(1)) <page number=”152″ />الوسائل: الباب 6 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 7 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 8 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(4)) الوسائل: الباب 38 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 153)


[مسألة 214: لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى كل واحد منهم كفارة مستقلة]

(مسألة 214): لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى كل واحد منهم كفارة مستقلة (1).

[مسألة 215: كفارة اكل الصيد ككفارة الصيد نفسه]

(مسألة 215): كفارة اكل الصيد ككفارة الصيد نفسه، فلو صاده المحرم و أكله فعليه كفارتان (2).

(1)للنصوص الكثيرة الدالة على ذلك، و سوف نشير اليها في المسألة الآتية.

(2)تدل عليه مجموعة من الروايات، و هي على طوائف:

الأولى: تنص على أن كفارة الأكل كفارة الحيوان المصيد.

الثانية: تنص على أن كفارة الأكل شاة، بدون فرق بين أن تكون كفارة الحيوان المصيد أيضا شاة أو لا.

الثالثة: تنص على أن كفارة الأكل قيمته.

أما الطائفة الأولى فهي متمثلة في عدة روايات:

منها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام: «عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا و هم حرم ما عليهم، قال: على كل من أكل منهم فداء صيد كل إنسان منهم على حدته فداء صيد كاملا»1 فانها تدل على أمرين:

أحدهما: أن اكل الصيد موجب للكفارة.

و الآخر: أن كفارته نفس كفارة الصيد.

و منها: موثقة يونس بن يعقوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المضطر الى الميتة و هو يجد الصيد، قال: يأكل الصيد، قلت: إن اللّه عز و جل قد أحل له الميتة اذا اضطر اليها و لم يحل له الصيد، قال: تأكل من مالك أحب إليك أو ميتة، قلت: من مالى، قال: هو مالك و لأن عليك فداؤه – الحديث»2 بتقريب أن


 

(1)) <page number=”153″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 43، من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 154)


……….

قوله عليه السّلام: «و عليك فداؤه» ظاهر في أن على الأكل نفس فداء الصيد و إن كان مضطرا، و مثلها صحيحة منصور بن حازم1.

و أما الطائفة الثانية فهي متمثلة في عدة نصوص:

منها: صحيحة زرارة بن أعين، قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: «من نتف ابطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء، و من فعله متعمدا فعليه دم شاة»2.

و منها: معتبرة ابي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه، فقالت رفيقة لهم اجعلوا لي فيه بدرهم فجعلوا لها، فقال: على كل انسان منهم شاة»3 و تقريب الاستدلال بها أن جعل الكفارة على كل واحد منهم قرينة على أنهم جميعا أكلوا منه باعتبار أنه لا كفارة على الشراء فقط‍‌. و منها غيرهما.

و أما الطائفة الثالثة:

فمنها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «اذا اجتمع قوم على صيد و هم محرمون في صيده أو أكلوا منه فعلى كل واحد منهم قيمته»4.

و منها: صحيحته الاخرى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: «و أي قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فان على كل انسان منهم قيمته، فان اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك»5 و منها غيرهما.

و هذه الطائفة تنص على أن كفارة الصيد و كفارة أكله كلتيهما قيمة


 

(1)) <page number=”154″ />الوسائل: الباب 43، من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 7.
(2)) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 5.
(4)) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(5)) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 155)


……….

الحيوان المصيد، و لكن لا يمكن الأخذ بها من ناحية كفارة الصيد، لأنها معارضة بالروايات الكثيرة التي تنص على أن كفارة الصيد مختلفة كما و كيفا باختلاف الحيوان المصيد، و محل الصيد من الحل و الحرم، و هذه الروايات تبلغ من الكثرة حد التواتر الإجمالي، فمن أجل ذلك لا تصلح هذه الطائفة أن تعارض تلك الروايات من هذه الناحية باعتبار أنها داخلة في الأخبار المخالفة للسنة.

ثم ان الطائفة الثالثة من ناحية كفارة الأكل معارضة مع الطائفة الأولى، فان الأولى تدل على أن كفارة أكل الحيوان المصيد نفس كفارة صيده، و هذه الطائفة تدل على أن كفارة الأكل قيمته، يعنى ثمنه، و حينئذ فان قلنا بأن المراد من القيمة عرفا بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية ما يماثله، و لا موضوعية لعنوان القيمة، فلا تنافي بين الطائفتين، و لكن ذلك بعيد جدا، لأن الظاهر من العنوان المأخوذ في موضوع الحكم في لسان الدليل أنه دخيل في الموضوع، و حمله على أنه معرف بدون كونه دخيلا بحاجة الى قرينة، و لا قرينة في المقام، و على هذا فالمعارضة بينهما مستقرة، كما أن الطائفة الثانية معارضة مع كل من الطائفتين، أما مع الطائفة الأولى، فلأن عنوان فداء الصيد المأخوذ في لسانها مجرد معرف لآحاد أفراد الفداء كالناقة و البقرة و الشاة و غير ذلك، و على هذا فتقع المعارضة بينهما في كفارة الحيوان المصيد اذا لم تكن كفارته شاة، كما اذا كانت ناقة أو بقرة أو حملا أو غير ذلك، فان هذه الطائفة تدل باطلاقها على أن كفارة أكله نفس كفارة صيده، فان كانت ناقة فناقة، و إن كانت بقرة فبقرة و هكذا، و الطائفة الثانية تدل باطلاقها على أن كفارة أكله شاة و إن كان الحيوان المصيد ناقة أو بقرة أو غير ذلك. و من هنا يظهر أنه لا وجه لحمل الطائفة الثانية على خصوص ما اذا كانت كفارة الحيوان شاة كالحمام و الظبي و غيرهما بقرينة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 156)


……….

الطائفة الأولى، و ذلك لأن الطائفة الأولى لا تصلح أن تكون قرينة على هذا الحمل على أساس الجمع العرفي، لأن ملاك قرينية الجمع العرفي من الأخصية أو الأنصية أو الأظهرية غير موجود فيها، فالنتيجة ان التعارض بينهما ثابت. و أما مع الطائفة الثالثة فلأنها تدل على أن كفارة أكل الحيوان المصيد قيمته، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين انواعه و اقسامه، و هذه الطائفة تدل على أن كفارة أكله شاة، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين انواعه أيضا، فيكون التعارض بينهما بالتباين.

فالنتيجة ان هذه الطوائف الثلاث من الروايات قد سقطت من جهة معارضة بعضها مع بعضها الآخر، و حينئذ يكون المرجع في المقام الأصل العملي و هو أصالة البراءة عن وجوب الكفارة، دون التخيير بينها، لما ذكرناه غير مرة من أنه لا دليل على التخيير في امثال المقام، لأنه إما أن يكون مبنيا على أن اطلاق كل منها يسقط‍‌ بالتعارض و يكون المرجع حينئذ دلالة كل منها بنحو القضية المهملة، أو يكون مبنيا على أن دلالة كل منها بنحو القضية المهملة تصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن اطلاق الأخرى تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على الأظهر. و لكن قد تقدم في كفارة الصيد في المسألة (207) أن كلا من الأمرين غير تام، و سيأتي بيانه في ضمن المسائل الآتية أيضا. نعم، لو علم اجمالا بالعلم الوجداني بثبوت احدى هذه الكفارات الثلاث و لو من جهة العلم بصدور بعض هذه الطوائف عن المعصومين عليهم السّلام لكانت النتيجة وقتئذ التخيير.

فتحصل ان القول بالتخيير لا أساس له، و لكن مع هذا فالأحوط‍‌ و الأجدر وجوبا على المحرم اذا أكل من الصيد أن يكفر بكفارته رجلا كان أو امرأة.

و أما صحيحة أبان بن تغلب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم حجاج

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 157)


[مسألة 216: من كان معه صيد و دخل الحرم يجب عليه إرساله]

(مسألة 216): من كان معه صيد و دخل الحرم يجب عليه إرساله (1)،

محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها و أكلوها، فقال: عليهم مكان كل فرخ أصابوه و أكلوه بدنة يشتركون فيهن فيشترون على عدد الفراخ و عدد الرجال، قلت: فان منهم من لا يقدر على شيء قال: يقوّم بحساب ما يصيبه من البدن، و يصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوما»1 ، فالظاهر منها بمناسبة الحكم و الموضوع أنها في مقام بيان كفارة الأكل فقط‍‌ و لو بقرينة أن كفارة قتل الفرخ معلوم و أما اذا منعنا عن هذا الظهور و قلنا بأنها ظاهرة في أن كفارة القتل و الأكل معا الناقة، فمع ذلك تكون الرواية مخالفة للطوائف الثلاث، فتسقط‍‌ من جهة المعارضة و مع الاغماض عن ذلك فلا بد من الاقتصار على موردها و لا يمكن التعدي عنه.

(1)لأن الحرم مأمن حتى للحيوانات، فلا يجوز لأحد إمساكها و حبسها فيه، و عليه أن يطلق سراحها اذا مسكها، و تدل على ذلك الآية الشريفة و هي قوله تعالى:(وَ مَنْ‌ دَخَلَهُ‌ كٰانَ‌ آمِناً)2 ، بضميمة الروايات المفسرة لها.

منها: صحيحة معاوية بن عمار: «أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم، فقال: لا يمسّ‌ لأن اللّه عز و جل يقول: وَ مَنْ‌ دَخَلَهُ‌ كٰانَ‌ آمِناً»3.

و منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن ظبى دخل الحرم، قال: لا يؤخذ و لا يمس، ان اللّه تعالى يقول: و من دخله كان آمنا»4.

ثم إن مقتضى اطلاق الدليل عدم الفرق بين المحرم و غير المحرم في الحكم حيث ان هذا الحكم حكم الحرم.


 

(1)) <page number=”157″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 4.
(2)) آل عمران: 97.
(3)) الوسائل: الباب 36 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(4)) الوسائل: الباب 36 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 158)


فان لم يرسله حتى مات لزمه الفداء (1) بل الحكم كذلك بعد إحرامه (2)، و إن لم يدخل الحرم على الأحوط‍‌.

[مسألة 217: لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد و أكله بين العمد و السهو و الجهل]

(مسألة 217): لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد و أكله بين العمد و السهو و الجهل (3).

[مسألة 218: تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسيانا أو خطأ]

(مسألة 218): تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسيانا أو خطأ (4)،

(1)تدل عليه موثقة بكير بن اعين قال: «سألت ابا جعفر عليه السّلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم، فقال: إن كان حين أدخله خلى سبيله فلا شيء عليه، و إن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء»1.

(2)فيه: ان الامر و إن كان كذلك بالنسبة إلى حرمة امساكه، لما تقدم من أنه لا يجوز للمحرم امساك الصيد و الاحتفاظ‍‌ به، الاّ ان الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى الكفارة اذا مات عنده قبل أن يدخل الحرم، إذ لا دليل عليها و إن كانت مشهورة.

(3)للنصوص الخاصة، و بها تفترق كفارة الصيد عن سائر الكفارات، فان سائر الكفارات لا تثبت في صورة الجهل و الخطأ و السهو الاّ في بعض الموارد على تفصيل يأتي في محلها إن شاء اللّه تعالى.

(4)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لأن الروايات الواردة في المسألة على طائفتين:

إحداهما تدل على تكرر الكفارة بتكرر الصيد، و الأخرى تدل على عدم تكررها بتكرره.

أما الطائفة الأولى:

فمنها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في المحرم يصيب الصيد، قال: عليه الكفارة في كل ما أصاب»2 فانها تدل على وجوب


 

(1)) <page number=”158″ />الوسائل: الباب 36 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 47 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 159)


……….

الكفارة و ثبوتها في كل فرد من أفراد الاصابة.

و منها: صحيحته الأخرى قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام محرم أصاب صيدا، قال: عليه الكفارة، قلت: فان هو عاد، قال: عليه كلما عاد كفارة»1 و مقتضى اطلاقهما تكرر الكفارة بتكرر الصيد، سواء أ كان عامدا و ملتفتا أم كان جاهلا أو ناسيا.

و أما الطائفة الثانية:

فمنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: المحرم اذا قتل الصيد فعليه جزاؤه و يتصدق بالصيد على مسكين، فان عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه و ينتقم اللّه منه، و النقمة في الآخرة»2.

و منها: صحيحته الأخرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في محرم أصاب صيدا، قال: عليه الكفارة، قلت: فإن أصاب آخر، قال: اذا أصاب آخر فليس عليه كفارة و هو ممن قال اللّه عز و جل: وَ مَنْ‌ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ‌ اللّٰهُ‌ مِنْهُ‌»3.

ثم إن الظاهر من الطائفة الثانية هو اختصاصها بما اذا كانت الاعادة عن عمد و التفات بقرينة ما يترتب عليه من العقوبة و الانتقام، و لا تعم ما اذا كانت عن جهل يعذر فيه، أو نسيان أو خطأ، و على هذا الأساس فلا معارضة بين الطائفتين، فانه يحمل الطائفة الأولى على الطائفة الثانية تطبيقا لقاعدة حمل المطلق على المقيد.

فالنتيجة: ان تكرر الصيد إن كان عامدا و عالما بالحكم لم يوجب تكرر الكفارة عليه، و انما يوجب العقوبة و الانتقام في الآخرة، و إن كان خطأ أو نسيانا أو عن جهل يعذر فيه أوجب تكررها، و من هنا يظهر أن المناط‍‌ في وجوب


 

(1)) <page number=”159″ />الوسائل: الباب 47 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 48 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 48 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 160)


و كذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم (1)، أو من المحرم مع تعدد الاحرام (2)، و أما إذا تكرر الصيد عمدا من المحرم في إحرام واحد لم تتعدد الكفارة.

الكفارة مرة ثانية و عدم وجوبها انما هو بكون اعادة الصيد عمدية أو لا، فعلى الأول لا توجب الكفارة و انما توجب الاثم و على الثاني توجبها. و أما في الصيد الأول فلا فرق فيه بين أن يكون عمديا أو غير عمدي، فانه يوجب الكفارة على كل تقدير.

(1)الأمر كذلك، لأن مورد الروايات المتقدمة التي تنص على أن الاعادة اذا كانت عمدية لم توجب الكفارة مرة ثانية هو المحرم، و لا يعم المحل، فاذن تعدد الكفارة عليه بتعدد سببها يكون على القاعدة فلا يحتاج الى دليل.

(2)هذا هو الصحيح، لأن صحيحتي الحلبي المتقدمتين ظاهرتان بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية في تكرر الصيد في احرام واحد بقرينة جعل الكفارة في الصيد الأول و العقوبة في الصيد الثاني، و هذا بنفسه يدل على أن ذلك في احرام واحد، و أما إذا كان في احرامين:

أحدهما: في احرام العمرة.

و الآخر: في احرام الحج، فلا يكون مبرر لجعل كفارة الصيد في الأول دم حيوان، و في الثاني عقوبة أخروية التي هي أشد بمراتب من الكفارة المالية.

هذا اضافة إلى أنا لو سلمنا أن الصحيحتين المذكورتين مجملتان فالقدر المتيقن منهما ما إذا كان تكرر الصيد في احرام واحد، و أما إذا كان في احرامين فالمرجع هو عموم صحيحتي معاوية بن عمار المتقدمتين، لأن المقام حينئذ داخل في كبرى اجمال المخصص المنفصل، و تؤكد ذلك أن الظاهر من ضمير (عاد) في الآية الشريفة و صحيحتي الحلبي هو رجوعه الى شخص المحرم الذي أصاب الصيد الأول، لا الى طبيعي المحرم.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 161)


[2 – مجامعة النساء]

2 – مجامعة النساء

[مسألة 219: يحرم على المحرم الجماع اثناء عمرة التمتع، و اثناء العمرة المفردة، و اثناء الحج]

(مسألة 219): يحرم على المحرم الجماع اثناء عمرة التمتع، و اثناء العمرة المفردة، و اثناء الحج، و بعده قبل الاتيان بصلاة طواف النساء (1).

[مسألة 220: إذا جامع المتمتع اثناء عمرته قبلا أو دبرا عالما عامدا]

(مسألة 220): إذا جامع المتمتع اثناء عمرته قبلا أو دبرا عالما عامدا، فان كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته (2)، و وجبت عليه الكفارة، و هي على الأحوط‍‌ جزور، و مع العجز عنه بقرة، و مع العجز عنها شاة (3)،

(1)تدل على حرمة الاستمتاع بالمرأة جماعا اثناء مناسك الحج الآية الشريفة و الروايات، اما الآية فهي قوله تعالى:(الْحَجُّ‌ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ‌ فَمَنْ‌ فَرَضَ‌ فِيهِنَّ‌ الْحَجَّ‌ فَلاٰ رَفَثَ‌ وَ لاٰ فُسُوقَ‌ وَ لاٰ جِدٰالَ‌ فِي الْحَجِّ‌)1 فانها تنص على حرمة الرفث في الحج و تعم جميع أقسام الحج و عمرة التمتع أيضا، باعتبار أنها جزء الحج، و لا تعم العمرة المفردة على أساس أن أشهر الحج التي هي عبارة عن شوال و ذي القعدة و ذي الحجة تختص بالحج و عمرة التمتع، و أما العمرة المفردة فلا تكون مؤقتة بوقت معين، بل يجوز الاتيان بها في كل شهر طول السنة. و أما الروايات فسوف نشير اليها ضمن المسائل القادمة.

(2)للروايات التي تنص على ذلك و سوف نشير اليها فيما بعد.

(3)بل الأحوط‍‌ التخيير بينها دون الترتيب، لأن الترتيب و إن كان مشهورا الاّ أن استفادته من الروايات لا يمكن.

بيان ذلك: ان الروايات الواردة في المسألة تصنف الى ثلاثة أصناف:

الأول: صحيحة معاوية بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع


 

(1)) <page number=”161″ />البقرة: 197.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 162)


……….

وقع على امرأته قبل أن يقصر، قال: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجه – الحديث»1 و مثلها صحيحته الأخرى2.

الثاني: موثقة ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت: متمتع وقع على امرأته قبل أن يقصر، فقال: عليه دم شاة»3.

الثالث: صحيحة الحلبي: «انه سأل ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت و بالصفا و المروة و قد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه، قال:

عليه دم يهريقه، و إن جامع فعليه جزور أو بقرة»4.

و على هذا فمقتضى اطلاق الرواية الأولى تعين الجزور، و مقتضى الرواية الثالثة التخيير بين الجزور و بين البقرة، و حيث أن الرواية الأولى تدل على تعيين الجزور بالاطلاق الناشي من السكوت في مقام البيان، و هذه الرواية تدل على التخيير بينها و بين البقرة بالنص، فنرفع اليد عن اطلاق تلك بنص هذه تطبيقا لحمل الظاهر على النص.

ثم إن هذه الرواية، أي الرواية الأخيرة معارضة بالرواية الثانية، فان الرواية الثانية تدل بالاطلاق على أن كفارة الاستمتاع بالمرأة جماعا شاة تعيينا، و هذه الرواية تدل بالاطلاق على أن كفارته الجامع بين الجزور و البقر تعيينا، فاذن تسقطان معا من جهة المعارضة، و حينئذ يكون المرجع الأصل العملي و هو أصالة البراءة عن وجوب الكفارة.

و دعوى: أن الساقط‍‌ بالتعارض انما هو اطلاق كل من الروايتين لا أصل دلالتهما بنحو القضية المهملة.

مدفوعة: بما تقدم في المسألة (207) فراجع.

و مع هذا فالأحوط‍‌ و الأجدر به وجوبا أن يكفر مخيرا بين جزور أو بقرة


 

(1)) <page number=”162″ />الوسائل: الباب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 4.
(2)) الوسائل: الباب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 3.
(4)) الوسائل: الباب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 163)


و إن كان قبل الفراغ من السعي فكفارته كما تقدم، و لا تفسد عمرته أيضا على الأظهر (1)، و الأحوط‍‌ اعادتها قبل الحج مع الامكان، و إلا اعاد حجه في العام القابل.

[مسألة 221: إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو دبرا عالما عامدا قبل الوقوف بالمزدلفة]

(مسألة 221): إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو دبرا عالما عامدا قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفارة و الاتمام و اعادة الحج من عام قابل سواء كان الحج فرضا أو نفلا (2)

أو شاة، و كذلك الحال اذا كان الجماع قبل الفراغ من السعي بين الصفا و المروة، أو قبل الفراغ من صلاة الطواف، و الجامع أن يكون اثناء العمرة بأن يكون بعد الاحرام، سواء أ كان قبل التقصير أم كان قبل السعي أو الطواف أو صلاته، و ذلك لأن المتفاهم العرفي من الروايات المتقدمة بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن الكفارة انما هي على استمتاع المحرم بالمرأة جماعا اثناء العمرة، و لا يرى العرف خصوصية لكون العمل المذكور قبل الفراغ من الطواف أو بعده أو قبل السعي أو في اثنائه، لأن التقييد بما قبل التقصير في الروايات انما هو بلحاظ‍‌ أنه كان في حال الاحرام و لم يخرج منه بعد من دون خصوصية له.

(1)هذا هو الصحيح، و تدل على الصحة الروايات المتقدمة على أساس ما ذكرناه من أن العرف لا يفهم خصوصية لممارسة المحرم الاستمتاع بالمرأة جماعا قبل التقصير، هذا اضافة الى أن البطلان بحاجة الى دليل و لا دليل عليه ما عدا كونه مشهورا.

(2)هذا هو الصحيح، بيان ذلك يتطلب التكلم في المسألة عن جهات:

الأولى: وجوب اتمام الحج على كل من الرجل و المرأة.

الثانية: وجوب الاعادة عليهما في السنة القادمة.

الثالثة: وجوب التفريق بينهما.

الرابعة: وجوب الكفارة عليهما.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 164)


و كذلك المرأة إذا كانت محرمة و عالمة بالحال و مطاوعة له على الجماع و لو كانت المرأة مكرهة على الجماع لم يفسد حجها، و تجب على الزوج المكره كفارتان، و لا شيء على المرأة و كفارة الجماع بدنة مع اليسر، و مع العجز عنها شاة و يجب التفريق بين الرجل و المرأة في حجتهما، و في المعادة إذا لم يكن معهما ثالث إلى أن يرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع، و إذا كان الجماع بعد تجاوزه من منى الى عرفات لزم استمرار الفصل بينهما من ذلك المحل إلى وقت النحر بمنى، و الأحوط‍‌ استمرار الفصل إلى الفراغ من تمام أعمال الحج.

أما الجهة الأولى: فتدل عليها جملة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل محرم وقع على أهله، فقال: إن كان جاهلا فليس عليه شيء، و إن لم يكن جاهلا فإن عليه أن يسوق بدنة، و يفرق بينهما حتى يقضيا المناسك و يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا و عليه الحج من قابل»1.

و منها: صحيحة زرارة قال: «سألته عن محرم غشي امرأته و هي محرمة، قال: جاهلين أو عالمين، قلت: أجبني عن الوجهين معا، قال: الى أن قال: إن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه، و عليهما بدنة، و عليهما الحج من قابل، و اذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما، و يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا، قلت: فأيّ‌ الحجتين لهما، قال: الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا، و الأخرى عليهما عقوبة»2 و منها غيرهما.

و هذه الروايات تدل على أمور:

الأول: وجوب اتمام الحج.

الثاني: وجوب التفريق بينهما.


 

(1)) <page number=”164″ />الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 9.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 165)


……….

الثالث: وجوب الحج من قابل.

الرابع: إن الحجة الأولى هي الحجة الواجبة، و الحجة الثانية عقوبة.

و اما الجهة الثانية: فتدل عليها روايات كثيرة.

منها: الصحيحتان المتقدمتان.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «اذا وقع الرجل بامرأته دون مزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل»1.

و أما الجهة الثالثة: فتنص عليها أيضا عدة روايات.

منها: الصحيحتان المتقدمتان و منها غيرهما.

و اما الجهة الرابعة: فتدل عليها مجموعة كبيرة من الروايات:

منها: الصحيحتان السابقتان.

و منها: قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر: «فمن رفث فعليه بدنة ينحرها»2.

و منها: صحيحة أبي بصير أنه سأل الصادق عليه السّلام: «عن رجل واقع امرأته و هو محرم، قال: عليه جزور – الحديث»3 ، و منها غيرها.

و لتوضيح هذه المسألة نظريا و تطبيقيا نذكر فيما يلي عددا من المسائل:

الأولى: انه لا فرق فيما ذكرنا من الأحكام بين الرجل و المرأة، فكما يجب اتمام الحج على الرجل، فكذلك على المرأة و كذلك الحال في وجوب الحج من قابل، و في الكفارة.

الثانية: قد تسأل أن وجوب التفريق بينهما هل هو مختص بما إذا كان الجماع قبل الوقوف بالمشعر، أو يعم ما اذا كان بعده أيضا؟


 

(1)) <page number=”165″ />الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 4.
(3)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 13.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 166)


……….

و الجواب: انه يختص بما اذا كان قبل الوقوف بالمشعر، فان روايات الباب و إن لم تصرح به الاّ أن فيها ما يدل على ذلك، بقرينة أنه جعل في كثير من تلك الروايات الوصول الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا غاية للتفريق، و قد ورد في جملة منها: «يفرق بينهما حتى يفرغا من المناسك و حتى يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا»1 ، فان هذا التقييد يدل على أن العمل المذكور كان في الطريق الى الحج بعد الاحرام.

و في معتبرة محمد بن مسلم: «و يفرق بينه و بين أهله حتى يقضيا المناسك، و حتى يعود الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا، فقلت: أ رأيت إن اراد أن يرجعا في غير ذلك الطريق، قال: فليجتمعا اذا قضيا المناسك»2 فانه يدل على أن ما حدث بينهما كان في الطريق الى الحج، و على الجملة فهذه الروايات لو لم تكن ظاهرة في أن وجوب التفريق بين الرجل و المرأة انما هو اذا كان العمل الحادث بينهما قبل الوقوف بالمزدلفة فلا شبهة في عدم ظهورها في الاطلاق، و حينئذ تكون مجملة، و القدر المتيقن منها أن يكون قبل المزدلفة.

و تؤكد ذلك روايات أخرى:

منها: صحيحة معاوية بن عمار قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع على أهله، و لم يزر، قال: ينحر جزورا و قد خشيت ان يكون قد ثلم حجه إن كان عالما و إن كان جاهلا فلا شيء عليه، و سألته عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء، قال: عليه جزور سمينة، و إن كان جاهلا فليس عليه شيء – الحديث»3 بتقريب أنها تشمل باطلاقها ما إذا واقع أهله بعد الوقوف بالمشعر،


 

(1)) <page number=”166″ />الوسائل: الباب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 15.
(3)) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 167)


……….

كما أنها تدل باطلاقها الناشي من السكوت في مقام البيان على عدم وجوب التفريق، و حينئذ نرفع اليد عن اطلاقها بقرينة الروايات المتقدمة و نحملها على ما اذا كان العمل المذكور بعد الوقوف بالمزدلفة.

و منها: صحيحة عيص بن القاسم قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت قال: يهريق دما»1 فانها ظاهرة في أنه واقع أهله يوم النحر، و تدل باطلاقها على عدم وجوب التفريق بينهما.

فالنتيجة: ان وجوب التفريق مختص بما اذا كان الجماع قبل الوقوف بالمشعر لا مطلقا.

الثالثة: قد تسأل عن أن وجوب اعادة الحج في السنة القادمة هل هو من أحكام خصوص ممارسة المحرم الجماع بالمرأة قبل الوقوف بالمزدلفة، أو من أحكام ممارسته ذلك العمل مطلقا ما دام هو في الإحرام‌؟

و الجواب: انه من خصوص أحكام ممارسته العمل قبل الوقوف بها، و تدل على ذلك جملة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع على أهله و لم يزر، قال: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، و إن كان جاهلا فلا شيء عليه، و سألته عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء، قال: عليه جزور سمينة، و إن كان جاهلا فليس عليه شيء – الحديث»2.

و منها: صحيحة عيص بن القاسم3 المتقدمة، فان الظاهر منهما أن وقوعه على امرأته كان يوم النحر و بعد الوقوف بالمشعر، و قبل أن يزور البيت.


 

(1)) <page number=”167″ />الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 9 من ابواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 168)


……….

و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: اذا وقع الرجل بامرأته دون مزدلفة، أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل»1

بتقريب أن مقتضى مفهومها انتفاء وجوب الحج عنه في العام القابل بانتفاء شرطه، و هو استمتاع الرجل بامرأته جماعا دون المزدلفة، و نتيجة ذلك أنه إذا وقع عليها بعد الوقوف بها فعليه الكفارة فقط‍‌ دون اعادة الحج من قابل. هذا اضافة الى أن الروايات التي تدل على التفريق بينهما من مكان الحادث في الحجة الأولى و المعادة ظاهرة في اختصاص وجوب الحج من قابل بما إذا كان الحادث قبل الوقوف بالمزدلفة، أو لا أقل من اجمالها، و القدر المتيقن الاختصاص.

الرابعة: ان مقتضى اطلاق الروايات عدم الفرق بين أن تكون الحجة الأولى حجة الإسلام أو غيرها كالحج الواجب بالنذر أو الاجارة أو نحوها، بل تعم الحج المستحب أيضا على أساس أن موضوع الحكم في الروايات المحرم بدون فرق بين أن يكون احرامه لحجة الإسلام أو الحجة المنذورة أو المستأجرة أو المستحبة.

الخامسة: أن الحجة الأولى صحيحة و الثانية عقوبة، و تنص على ذلك صحيحة زرارة المتقدمة2 ، و أما صحيحة سليمان بن خالد قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في حديث: و الرفث فساد الحج»3 فلا تصلح أن تعارض صحيحة زرارة التي هي ناصة في الصحة، و عليه فلا بد من حمل الفساد فيها على الفساد العنائي و لو بلحاظ‍‌ أنه يوجب اعادة الحج من قابل.


 

(1)) <page number=”168″ />الوسائل باب: 6 من أبواب كفارات الاستمتاع الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 9.
(3)) الوسائل: الباب 2 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 169)


……….

السادسة: أنه لا فرق في ثبوت الكفارة بين أن يكون الجماع قبل الوقوف بالمزدلفة أو بعده، لإطلاق جملة من الروايات و نص صحيحتي معاوية و عيص المتقدمتين.

السابعة: أن المرأة اذا كانت مكرهة الى انتهاء العمل فلا كفارة عليها، و على الرجل كفارتان، و تدل عليها مجموعة من الروايات:

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة سليمان بن خالد: «و إن كانت المرأة لم تعن بشهوة و استكرهها صاحبها فليس عليها شيء»1.

و منها: قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار: «و إن كان استكرهها فعليه بدنتان – الحديث»2.

الثامنة: أن المقصود من التفريق بينهما أنهما لا يكونان مجتمعين في مكان واحد بدون أن يكون معهما ثالث، و تدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في المحرم يقع على أهله، فقال: يفرق بينهما و لا يجتمعان في خباء الا ان يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدي محله»3 ، و تؤيد ذلك مرفوعة أبان بن عثمان الى ابي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا:

«المحرم اذا وقع على أهله يفرق بينهما»4 يعني بذلك لا يخلوان و أن يكون معهما ثالث.

التاسعة: قد تسأل أنه إذا لم يتمكن من الناقة فهل عليه شاة أو بقرة‌؟

و الجواب: أن عليه شاة لصحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام في حديث قال: «فمن رفث فعليه بدنة ينحرها، و إن لم يجد فشاة – الحديث»5


 

(1)) <page number=”169″ />الوسائل: الباب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 7 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 5.
(4)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 6.
(5)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 170)


……….

و لا دليل على أن بديل البدنة بقرة ثم شاة. نعم قد يستدل على ذلك برواية خالد بياع القلانس قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أتى أهله و عليه طواف النساء، قال: عليه بدنة، ثم جاءه آخر فقال: عليك بقرة، ثم جاءه آخر فقال: عليك شاة، فقلت بعد ما قاموا: أصلحك اللّه كيف قلت عليه بدنة، فقال: أنت موسر و عليك بدنة، و على الوسط‍‌ بقرة، و على الفقير شاة»1.

و الجواب: أن الرواية ضعيفة سندا، فلا يمكن الاعتماد عليها، و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنها معتبرة، الاّ أنها لا تدل على الترتيب، بل تدل على أن البدنة على الموسر و البقرة على المتوسط‍‌ و الشاة على الفقير.

فالنتيجة: انه لا دليل على أن البقرة بديلة عن البدنة.

العاشرة: أنه لا دليل على التفصيل بين الموسر و المتوسط‍‌ و الفقير، لأن الدليل عليه منحصر برواية القلانسي المتقدمة، و قد مر انها ضعيفة سندا.

الحادية عشرة: ان وجوب الكفارة و وجوب الحج من قابل و التفريق بينهما جميعا مختصة بالعامد و الملتفت، و أما الجاهل بالحكم و الناسي فلا شيء عليهما، كما نصت على ذلك مجموعة من الروايات المتقدمة.

الثانية عشرة: الظاهر أنه لا فرق في استمتاع المحرم بالمرأة جماعا بين أن يكون بامرأته أو بامرأة اجنبية، فان مورد الروايات و إن كان الاول، الاّ أن العرف لا يفهم خصوصية منه.

الثالثة عشرة: قد تسأل عن أن غاية الافتراق هل هي يوم النفر، أو بلوغ الهدي مكانه أو قضاء المناسك و العود الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا؟ وجوه، و منشأ هذه الوجوه اختلاف الروايات في المسألة.


 

(1)) <page number=”170″ />الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 171)


……….

و هي تصنف الى ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى: تنص على أن الغاية منه بلوغ الهدي محلّه.

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «في المحرم يقع على أهله، فقال: يفرق بينهما و لا يجتمعان في خباء الاّ أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدي محله»1.

الطائفة الثانية: تنص على أن الغاية منه قضاء النسك و الوصول الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا.

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: «حتى يقضيا نسكهما و يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا – الحديث»2.

و منها: قوله عليه السّلام في صحيحة سليمان بن خالد: «و يفرق بينهما حتى يفرغا من المناسك، و حتى يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا»3.

الطائفة الثالثة: تنص على أن الغاية منه النفر من منى.

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي: «و يفرق بينهما حتى ينفر الناس و يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا»4.

ثم إن مقتضى الطائفة الأولى أن الغاية تتحقق ببلوغ الهدي محلّه، فاذا بلغ جاز اجتماعهما، سواء أ كانا واصلين الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا أم لا، و مقتضى الطائفة الثانية أنها تتحقق بتحقق أمرين: أحدهما قضاء المناسك للحج، و الآخر الوصول الى مكان العمل شريطة أن يرجعا من ذلك الطريق، و الاّ كفى قضاء المناسك. و مقتضى الطائفة الثالثة أنها تتحقق بتحقق أمرين: أحدهما


 

(1)) <page number=”171″ />الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 9.
(3)) الوسائل: الباب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(4)) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 14.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 172)


……….

النفر من منى، و الآخر العود الى المكان الذي مارسا فيه العمل.

ثم إن الظاهر أنه لا تنافي بين الطائفة الأخيرة و الثانية، فان المراد من المناسك إما خصوص مناسك الحج من رمي جمرة العقبة و الذبح أو النحر و الحلق أو التقصير و زيارة البيت، أو الأعم منها و من رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر. أما على الثاني فهما متفقتان في تحقق الغاية باعتبار أن إتمام مناسك منى انما هو بالنفر بعد زوال يوم الثاني عشر، و أما على الأول فالطائفة الثانية و إن كانت تنفى اعتبار عنصر آخر في تحقق الغاية غير اتمام المناسك و الوصول الى مكان العمل، الاّ أن ذلك لما كان بالاطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان لم تصلح أن تعارض الطائفة الأخيرة، فانها تنص على أن الغاية انما تتحقق بالنفر و الوصول الى المكان المذكور، و لا يكفي مجرد اتمام المناسك، فاذن لا بد من رفع اليد عن اطلاقها تطبيقا لحمل الظاهر على النص أو الأظهر.

و أما الطائفة الأولى فهي تدل على أن الغاية انما تتحقق ببلوغ الهدي، و بالاطلاق تنفى اعتبار عنصر زائد عليه، و بما أن الطائفة الثانية و الأخيرة تنصان على اعتبار عنصر زائد فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها.

فالنتيجة: ان غاية الافتراق بين الرجل و المرأة في الحجة الأولى و المعادة انما تتحقق بالنفر و الوصول الى مكان العمل، و هذا بدون فرق بين أن يكون مكان العمل قبل الوصول الى منى، اي حينما كانا يذهبان الى عرفات من مكة او من الميقات، كما اذا كان حجهما حج الإفراد أو القران، أو بعد الوصول اليه.

الرابعة عشرة: قد تسأل عن أن هذه الأحكام هل تجري على المولى و أمته اذا استمتع بها جماعا بعد الاحرام و قبل الوقوف بالمشعر؟

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 173)


[مسألة 222: إذا جامع المحرم امرأته عالما عامدا بعد الوقوف بالمزدلفة]

(مسألة 222): إذا جامع المحرم امرأته عالما عامدا بعد الوقوف بالمزدلفة، فان كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم و لكن لا تجب عليه الاعادة (1) و كذلك اذا كان جماعه قبل الشوط‍‌ الخامس من طواف النساء، و أما إذا كان بعده فلا كفارة عليه أيضا (2).

و الجواب: الظاهر أنها تجري عليهما أيضا على أساس أن ترتب تلك الأحكام على الرجل و المرأة مرتبط‍‌ بتوفر أمرين:

أحدهما: ان يكون ذلك العمل بعد الإحرام.

و الآخر: أن يكون قبل الوقوف بالمشعر، فإذا توفر الأمران ترتب عليهما تلك الأحكام، كانت المرأة المحرمة زوجة للرجل المحرم، أو أمة له، أو اجنبية، اذ لا يفهم العرف خصوصية لمورد الروايات.

(1)لما مرّ في المسألة السابقة من أن وجوب الاعادة و كذلك وجوب التفريق مختص بما إذا كان العمل قبل المشعر لا بعده.

(2)لصحيحة حمران بن اعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط‍‌ ثم غمزه بطنه، فخاف أن يبدره، فخرج إلى منزله، فنفض ثم غشى جاريته، قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقى عليه من طوافه، و يستغفر اللّه و لا يعود، و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط‍‌ ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه، و عليه بدنة، و يغتسل ثم يعود فيطوف اسبوعا»1 فانها تدل بوضوح على حكم المسألة بكلا شقيها، و أما قوله عليه السّلام: «فقد أفسد حجه» فالظاهر أن المراد من الافساد افساد الطواف لا افساد الحج لان افساد طواف النساء لا يستلزم افساد الحج.


 

(1)) <page number=”173″ />الوسائل: الباب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 174)


[مسألة 223: من جامع امرأته عالما عامدا في العمرة المفردة وجبت عليه الكفارة]

(مسألة 223): من جامع امرأته عالما عامدا في العمرة المفردة وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم و لا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي و اما إذا كان قبله بطلت عمرته أيضا (1)،

(1)في البطلان اشكال، و لا يبعد عدمه، لأن النصوص التي استدل بها على البطلان لا تخلو عن اشكال بل منع، و هي كما يلي:

منها: صحيحة بريد بن معاوية العجلي قال: «سألت ابا جعفر عليه السّلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة، فغشى أهله قبل أن يفرغ من طوافه و سعيه، قال: عليه بدنة لفساد عمرته، و عليه أن يقيم الى الشهر الآخر فيخرج الى بعض المواقيت فيحرم بعمرة»1 فانها و إن كانت في نفسها ظاهرة في فساد العمرة، الا أن هناك قرينة مانعة عن الأخذ بهذا الظهور، و هي أمره عليه السّلام الرجل المعتمر أن يقيم الى الشهر الآخر، ثم يخرج الى بعض المواقيت و يحرم لعمرة جديدة، و هذا يدل على صحة هذه العمرة، اذ لو كانت فاسدة جاز له الاتيان بعمرة أخرى في نفس ذلك الشهر، لأن العمرة الفاسدة وجودها كالعدم، فلا تمنع عن الاتيان بعمرة أخرى في شهرها على أساس أن المراد من قوله عليه السّلام: «لكل شهر عمرة» هو العمرة الصحيحة المأمور بها دون الأعم منها و من الفاسدة، و على هذا فالأمر بالاقامة في مكة الى شهر آخر و الاتيان بالعمرة فيه يدل على أمرين:

أحدهما: صحة العمرة الأولى.

و الآخر: أن وجوب الاتيان بالعمرة الجديدة انما هو من باب العقوبة، كما هو الحال في الحج، و يؤكد إن ذلك من باب العقوبة هو أمره عليه السّلام بالخروج الى بعض المواقيت، مع أن من كان في مكة و أراد الاتيان بالعمرة يخرج الى أدنى الحل و يحرم منه. فاذن لا بد من حمل الفساد فيها على الفساد عناية، بمعنى أن العمرة التي أتى المعتمر بالنساء في اثنائها ليست كالعمرة التي لم يأت بها في


 

(1)) <page number=”174″ />الوسائل: الباب 12 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 175)


……….

الأثر، فيكون اطلاق الفساد عليها كإطلاق الفساد على الحج في رواياته.

و منها: صحيحة مسمع عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «في الرجل يعتمر عمرة مفردة، ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة، ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا و المروة، قال: قد افسد عمرته، و عليه بدنة، و عليه أن يقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج الى الوقت الذي وقته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهله فيحرم منه و يعتمر»1.

و الجواب عنها هو الجواب عن الصحيحة الأولى. فالنتيجة أنه لا يبعد صحة العمرة الأولى و أما الثانية فالظاهر أنها عقوبة. هذا كله اذا كان الجماع قبل السعي.

و أما إذا كان بعده فالظاهر انه لا يوجب بطلان العمرة و إن قلنا به في الفرض الأول، لعدم الدليل، و الروايات على تقدير تمامية دلالتها على البطلان مختصة بالفرض الأول، و لا تشمل الفرض الثاني.

و أما الكفارة فالظاهر أنها ثابتة، لإطلاق مجموعة من الروايات الدالة على ثبوت الكفارة بالجماع قبل طواف النساء، فانها تشمل باطلاقها العمرة المفردة أيضا.

منها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: «سألت أبي جعفر بن محمد عليه السّلام عن رجل واقع امرأته قبل طواف النساء متعمدا ما عليه‌؟ قال: يطوف و عليه بدنة»2 فانها باطلاقها تعم العمرة المفردة أيضا.

و منها: صحيحة حمران بن أعين3 المتقدمة.


 

(1)) <page number=”175″ />الوسائل: الباب 12 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 7.
(3)) الوسائل: الباب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 176)


و وجبت عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت، و يحرم منه للعمرة المعادة، و الأحوط‍‌ اتمام العمرة الفاسدة أيضا (1).

[مسألة 224: من احلّ‌ من احرامه إذا جامع زوجته المحرمة وجبت الكفارة على زوجته]

(مسألة 224): من احلّ‌ من احرامه إذا جامع زوجته المحرمة وجبت الكفارة على زوجته، و على الرجل ان يغرمها و الكفارة بدنة (2).

[مسألة 225: إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسيانا صحت عمرته و حجه]

(مسألة 225): إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسيانا صحت عمرته و حجه، و لا تجب عليه الكفارة (3)،

(1)لا دليل عليه، و إن كان أولى و أجدر.

(2)لصحيحة ابي بصير قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أحل من احرامه و لا تحل امرأته فوقع عليها، قال: عليها بدنة يغرمها زوجها»1 ثم إن مورد الصحيحة الرجل المحرم الذي خرج عن احرامه و صار محلا، و هل يمكن التعدي منه الى مطلق المحل و إن لم يكن مسبوقا بالاحرام‌؟

و الجواب: لا يبعد التعدي، فان مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي أن ثبوت الحكم له بما أنه محل لا بما أنه صار محلا بعد الاحرام.

و بكلمة: ان المحل في مقابل المحرم، فاذا ثبت حكم له ثبت على أساس أنه محل سواء أ كان مسبوقا بالاحرام أم لا، فلا قيمة لسبقه به.

و دعوى: ان الحكم بما أنه يكون على خلاف القاعدة، فلا بد من الاقتصار على مورده و عدم جواز التعدي منه الى سائر الموارد.

مدفوعة: بأن الحكم و إن كان على خلاف القاعدة، الاّ أن العرف لا يحتمل خصوصية لمورده، و لا يرى أن ثبوته له بما أنه مسبوق بالاحرام لا بما أنه من افراد المحل.

فالنتيجة: ان الأظهر عدم اختصاص الحكم بمورد الرواية.

(3)للروايات الكثيرة التي تنص على ذلك، و قد تقدم بعضها.


 

(1)) <page number=”176″ />الوسائل: الباب 5 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 177)


و هذا الحكم يجري في بقية المحرمات (1) الآتية التي توجب الكفارة، بمعنى أن ارتكاب أيّ‌ عمل على المحرم لا يوجب الكفارة، إذا كان صدوره منه ناشئا عن جهل أو نسيان و يستثنى من ذلك موارد:

1 – ما اذا نسي الطواف في الحج و واقع أهله، أو نسي شيئا من السعي في عمرة التمتع و جامع أهله أو قلّم أظفاره بزعم أنه محل فأحلّ‌ لاعتقاده الفراغ من السعي، و ما إذا أتى أهله بعد السعي و قبل التقصير جاهلا بالحكم.

2 – من أمرّ يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان.

3 – ما إذا دهن عن جهل، و يأتي جميع ذلك في محالها.

(1)لقوله عليه السّلام في صحيحة عبد الصمد: «أي رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه»1 و قد استثني من هذه القاعدة موردان:

الأول: نسيان المكلف الطواف في الحج، أو بعض اشواط‍‌ السعي في عمرة التمتع فأحل و واقع أهله فان عليه الكفارة، و كذلك الحال اذا أتى أهله بعد السعي في عمرة التمتع و قبل التقصير جاهلا بالحكم.

الثاني: ما اذا أمرّ يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان أو اكثر بدون قصد و غافلا عن ذلك، فان عليه الكفارة.


 

(1)) <page number=”177″ />الوسائل: الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 178)


[3 – تقبيل النساء]

3 – تقبيل النساء

[مسألة 226: لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة]

(مسألة 226): لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة، فلو قبلها و خرج منه المني فعليه كفارة بدنه أو جزور (1)، و كذلك إذا لم يخرج منه المني على الأحوط‍‌ (2)،

(1)لصحيحة مسمع أبي سيار قال: «قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة ان قبل امرأته على غير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة، و إن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور، و يستغفر اللّه، و من مسّ‌ امرأته و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة، و من نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، و إن مس امرأته او لازمها من غير شهوة فلا شيء عليه»1 فانها تدل على أن المحرم اذا قبل امرأته بدون شهوة فعليه دم شاة، و إن كان بشهوة و أمنى فعليه جزور.

و في مقابلها صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته – الى أن قال -: قلت: المحرم يضع يده بشهوة قال: يهريق دم شاة، قلت: فان قبل قال: هذا أشد ينحر بدنة»2 ، و لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقها بقرينة الصحيحة الأولى التي تدل بمقتضى مفهومها على أن المحرم اذا قبل امرأته و إن كان بشهوة اذا لم يؤد الى الامناء فعليه دم شاة لا جزور.

(2)بل الأولى و الأجدر كما يظهر وجهه مما مر.


 

(1)) <page number=”178″ />الوسائل: الباب 12 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 179)


و أما إذا لم يكن التقبيل عن شهوة فكفارته شاة (1).

[مسألة 227: إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء امرأته المحرمة]

(مسألة 227): إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء امرأته المحرمة فالأحوط‍‌ ان يكفر بدم شاة (2).

(1)لقوله عليه السّلام في صحيحة مسمع المتقدمة: «و إن قبل امرأته بغير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة».

(2)بل هو الأقوى، و تدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: «سألته عن رجل قبل امرأته و قد طاف طواف النساء و لم تطف هي، قال: عليه دم يهريقه من عنده»1.

و دعوى: ان الحرام انما هو تقبيل الرجل المحرم امرأته، و أما إذا خرج عن الاحرام و أحل فلا مانع له من التقبيل و إن كان بشهوة و عليه فلا موجب للكفارة.

مدفوعة: بأن ذلك اجتهاد في مقابل النص، فان الصحيحة واضحة الدلالة على ثبوت الكفارة عليه.


 

(1)) <page number=”179″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 180)


[4 – مس النساء]

4 – مس النساء

[مسألة 228: لا يجوز للمحرم أن يمسّ‌ زوجته عن شهوة]

(مسألة 228): لا يجوز للمحرم أن يمسّ‌ زوجته عن شهوة، فان فعل ذلك لزمه كفارة شاة (1)، فإذا لم يكن المسّ‌ عن شهوة فلا شيء عليه (2).

(1)للنصوص الخاصة:

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة مسمع المتقدمة: «و من مسّ‌ امرأته و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة».

و منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته – الى أن قال: قلت: المحرم يضع يده بشهوة، قال:

يهريق دم شاة – الحديث»1 ، و منها غيرهما.

و لكن لا بد من تقييد اطلاقهما بعدم الامناء، و الا فعليه بدنة بمقتضى صحيحة معاوية الآتية.

(2)لقوله عليه السّلام في صحيحة مسمع: «و إن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شيء عليه»2.


 

(1)) <page number=”180″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 12 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 181)


[5 – النظر إلى المرأة و ملاعبتها]

5 – النظر إلى المرأة و ملاعبتها

[مسألة 229: إذا لاعب المحرم امرأته حتى يمني لزمته كفارة بدنة]

(مسألة 229): إذا لاعب المحرم امرأته حتى يمني لزمته كفارة بدنة (1)، و إذا نظر إلى امرأة اجنبية عن شهوة أو غير شهوة فامنى وجبت عليه الكفارة، و هي بدنة أو جزور على الموسر، و بقرة على المتوسط‍‌ و شاة على الفقير (2)،

(1)لصحيحة ابن الحجاج قال: «سألت ابا الحسن عليه السّلام: عن الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان، ما ذا عليهما؟ قال: عليهما جميعا الكفارة، مثل ما على الذي يجامع»1 فانها واضحة الدلالة على أن كفارته ناقة.

(2)لنص موثقة ابي بصير قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل محرم نظر الى ساق امرأته فأمنى، فقال: إن كان موسرا فعليه بدنة، و إن كان وسطا فعليه بقرة، و إن كان فقيرا فعليه شاة – الحديث»2.

و أما صحيحة زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل محرم نظر الى غير أهله، فانزل قال: عليه جزور أو بقرة، فان لم يجد فشاة»3 فهي ظاهرة في التخيير بين الجزور و البقرة، و الترتيب بينهما و بين الشاة مطلقا، اي سواء أ كان موسرا أم كان متوسطا أم فقيرا، و لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقها بقرينة نص الموثقة تطبيقا لحمل الظاهر على النص، و بذلك يظهر حال صحيحة معاوية بن عمار: «في محرم نظر الى غير أهله فأنزل، قال: عليه دم، لأنه نظر الى غير ما يحل


 

(1)) <page number=”181″ />الوسائل: الباب 14 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 182)


و إما إذا نظر اليها و لو عن شهوة و لم يمن فهو، و إن كان مرتكبا لمحرم إلا أنه لا كفارة عليه (1).

[مسألة 230: إذا نظر المحرم إلى زوجته عن شهوة فامنى وجبت عليه الكفارة]

(مسألة 230): إذا نظر المحرم إلى زوجته عن شهوة فامنى وجبت عليه الكفارة (2)،

له، و إن لم يكن انزل، فليتق اللّه و لا يعد و ليس عليه شيء»1 فان مقتضى اطلاقها أن عليه دم و إن كان موسرا أو وسطا، و لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقها بقرينة الموثقة المتقدمة، و حملها على أن عليه دم جزور اذا كان موسرا، و دم بقرة اذا كان متوسطا، و دم شاة اذا كان فقيرا.

(1)لنص صحيحة معاوية المتقدمة، هذا اضافة الى أن وجوب الكفارة بحاجة الى دليل، و لا دليل عليه فيما عدا صورة الامناء. ثم إن الظاهر من الصحيحة أن الكفارة مترتبة على النظر المحرم المؤدي الى الامناء، لا على مطلق النظر بقرينة التعليل فيها.

(2)في الوجوب اشكال، و لا يبعد عدمه، لأن صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن محرم نظر الى امرأته فأمنى، أو امذى و هو محرم، قال: لا شيء عليه، و لكن ليغتسل و يستغفر ربه، و إن حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى و هو محرم فلا شيء عليه، و إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه دم، و قال في المحرم ينظر الى امرأته أو ينزلها بشهوة حتى ينزل، قال: عليه بدنة»2 ، و إن دلت على ثبوت الكفارة في النظر المركز بشهوه المؤدي الى الإمناء، و كذلك قوله عليه السّلام في صحيحة ابي سيار: «يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة – الى أن قال: و من مس امرأته بيده و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة و من نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، و من مس امرأته او لازمها من


 

(1)) <page number=”182″ />الوسائل: الباب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 183)


……….

غير شهوة فلا شيء عليه»1 الاّ أنها محكومة بموثقة اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في محرم نظر الى امرأته بشهوة فأمنى، قال: ليس عليه شيء»2

على أساس أن الموثقة ناصة في نفي الكفارة، و على هذا فلا بد من رفع اليد عن ظهور صحيحتي معاوية و ابي سيار في ثبوت الكفارة تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على النص.

و دعوى: سقوط‍‌ الموثقة عن الحجية من جهة اعراض الأصحاب عنها و عدم عملهم بها.

مدفوعة: لما ذكرناه في علم الأصول من المناقشة في اعراض الأصحاب عن رواية معتبرة نظريا و تطبيقيا، فمن أجل ذلك لا قيمة لاعراضهم عنها.

و قد يقال – كما قيل -: ان الرواية محمولة على التقية من جهة أنها موافقة للقول المشهور بين العامة.

و الجواب: أن مجرد كون الرواية موافقة لمذهب العامة لا يدل على أنها صدرت تقية اذا لم يكن لها معارض، و المفروض أنها لا معارض لها، فان صحيحتي معاوية و أبي سيار لا تصلحان أن تعارضا الموثقة باعتبار امكان الجمع العرفي بينهما.

فالنتيجة ان مقتضى القاعدة نظريا عدم ثبوت الكفارة، و لكن مع ذلك فالأحوط‍‌ و الأجدر به وجوبا أن يكفر بدم ناقة أو جمل. نعم، لا شبهة في أنه محرم عليه، فان الاستمتاع بالمرأة محرم على الرجل المحرم جماعا و تقبيلا و لمسا بشهوة و نظرا مركزا مؤديا الى الإمناء، و لا يحرم عليه المس بدون شهوة، و لا النظر الى زوجته بدون امناء و إن كان بشهوة، و يحرم على المرأة المحرمة ما


 

(1)) <page number=”183″ />الوسائل: الباب 12 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 7.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 184)


و هي بدنة أو جزور و أما إذا نظر اليها بشهوة و لم يمن، أو نظر اليها بغير شهوة فامنى فلا كفارة عليه (1).

يناظر ذلك. و هل نظره الى زوجته المؤدي إلى الإمناء اذا لم يكن بدافع الشهوة حرام أو لا؟ لا تبعد حرمته بقرينة الأمر بالاستغفار في صدر صحيحة معاوية1.

(1)الأمر كما افاده قدّس سرّه. أما في صورة النظر الى امرأته بشهوة بدون الإمناء، فلا دليل عليها، بل تقييد وجوب الكفارة بالامناء في صحيحة ابي سيار2

المتقدمة يدل على عدمها في الجملة، و صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته بعد ما حلق و لم يطف و لم يسع بين الصفا و المروة، اطرحي ثوبك و نظر الى فرجها، قال: لا شيء عليه اذا لم يكن غير النظر»3 ، تدل على أن النظر الى امرأته بشهوة بدون الإمناء لا يوجب الكفارة، فان أمر الرجل امرأته او جاريته بنزع ثوبها و النظر الى فرجها لا محالة يكون من أجل الالتذاذ به و اشباع شهوته. ثم إن الظاهر منها جواز نظر الرجل الى امرأته بشهوة، شريطة أن لا يؤدي الى الإمناء.

فالنتيجة: انه لا دليل على حرمة مجرد نظر المحرم الى امرأته بشهوة، بل مقتضى اطلاق صحيحة محمد الحلبي، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم ينظر الى امرأته و هي محرمة، قال: لا بأس»4 جوازه، فانها تشمل باطلاقها ما اذا نظر إليهن بشهوة، و لا دليل على تقييده بما اذا لم يكن نظره إليهن كذلك، و به يختلف النظر عن المس، فانه لا يجوز للمحرم أن يمس زوجته بشهوة و إن لم يؤد الى الإمناء.

و أما صورة النظر اليها بدون شهوة المؤدي الى الامناء، فلأن صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة تدل على عدم الكفارة عليه بمقتضى صدرها، و تدل


 

(1)) <page number=”184″ />الوسائل: الباب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 17 من ابواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 17 من ابواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 4.
(4)) الوسائل: الباب 13 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 185)


[مسألة 231: يجوز استمتاع المحرم من زوجته في غير ما ذكر على الأظهر]

(مسألة 231): يجوز استمتاع المحرم من زوجته في غير ما ذكر على الأظهر (1)، إلا أن الأحوط‍‌ ترك الاستمتاع منها مطلقا.

عليه أيضا صحيحة الحلبي قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم يضع يده على امرأته، قال: لا بأس، قلت: فينزّلها من المحمل و يضمها اليه، قال: لا بأس، قلت:

فانه أراد أن ينزلها من المحمل فلما ضمّها اليه ادركته الشهوة، قال: ليس عليه شيء الاّ أن يكون طلب ذلك»1 ، فانها تدل بمقتضى ذيلها ان ادراك الشهوة قهرا اثناء العمل السائغ لا يوجب شيئا اذا لم يكن من الأول طالبا لها، بل يمكن ان يقال إنه اذا ادركته الشهوة في الاثناء قهرا و ظل عليها اختيارا الى أن أمنى فلا كفارة عليه، و ذلك لأن الكفارة بحاجة إلى دليل، و لا دليل عليها، لاختصاص الروايات بما اذا كان مسّها و حملها من الأول من أجل الشهوة. نعم اذا ادركته الشهوة و ظل عليها اختيارا فلا يبعد أن يكون ذلك محرما عليه.

(1)هذا هو الصحيح، لما مر من أن الروايات تدل على حرمة استمتاع المحرم بامرأته باستمتاعات معينة كالملاعبة معها المؤدية الى الامناء، و تقبيلها و إن كان بدون شهوة، و لمسها بشهوة، و النظر اليها مركزا المؤدي إلى الامناء، و أما مطلق الاستمتاع و الالتذاذ بها، فلا دليل على حرمته كالالتذاذ بصوتها أو نحو ذلك.


 

(1)) <page number=”185″ />الوسائل: الباب 17 من ابواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 186)


[6 – الاستمناء]

6 – الاستمناء

[مسألة 232: إذا عبث المحرم بذكره فأمنى فحكمه حكم الجماع]

(مسألة 232): إذا عبث المحرم بذكره فأمنى فحكمه حكم الجماع، و عليه فلو وقع ذلك في احرام الحج قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت الكفارة، و لزم إتمامه و اعادته في العام القادم (1)، كما انه لو فعل ذلك في عمرته المفردة قبل الفراغ من السعي بطلت عمرته (2) و لزمه الاتمام و الاعادة على ما تقدم، و كفارة الاستمناء كفارة الجماع.

(1)في الاعادة اشكال بل منع، لعدم الدليل، فان صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سألت ابا الحسن عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليها؟ قال: عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع»1 فانها لا تدل على اكثر من ثبوت الكفارة عليه. نعم، رواية اسحاق بن عمار عن أبى الحسن عليه السّلام قال: «قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى، قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم بدنة و الحج من قابل»2 تدل على ذلك، الاّ أنها ضعيفة سندا، فلا يمكن الاعتماد عليها لأن فيه صبّاح و هو مردد بين الثقة و غيره، و لا قرينة على أنه الثقة.

(2)في البطلان اشكال بل منع، فانه على تقدير تسليم بطلان العمرة المفردة بالجماع قبل السعي فلا دليل عليه في المقام، فان صحيحة عبد الرحمن لا تدل الاّ على الكفارة دون البطلان، و رواية اسحاق بن عمار3 موردها الحج، مضافا إلى أنها ضعيفة سندا.


 

(1)) <page number=”186″ />الوسائل: الباب 14 من ابواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 15 من ابواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.
(3)) المصدر السابق.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 187)


و لو استمنى بغير ذلك كالنظر و الخيال، و ما شاكل ذلك فامنى لزمته الكفارة (1)، و لا تجب اعادة حجه و لا تفسد عمرته على الأظهر، و ان كان الأولى رعاية الاحتياط‍‌.

(1)الأمر كما افاده قدّس سرّه فان الاستمناء بهذه الأمور و إن لم يكن مورد النص، الاّ أن الظاهر منه عدم خصوصية له، حيث ان الكفارة فيه مترتبة على الامناء، و لا موضوعية عرفا لسببه، فانه سواء أ كان ملاعبة المحرم مع زوجته بطلب الإمناء، أم كان التفكر و التخيل للعمل الجنسي بدافع الامناء، أم غير ذلك، فلا خصوصية لمورد النص.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 188)


[7 – عقد النكاح]

7 – عقد النكاح

[مسألة 233: يحرم على المحرم التزويج لنفسه، أو لغيره]

(مسألة 233): يحرم على المحرم التزويج لنفسه، أو لغيره، سواء أ كان ذلك الغير محرما أم كان محلا، و سواء أ كان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، و يفسد العقد في جميع هذه الصور (1).

(1)تدل على ذلك مجموعة من النصوص:

منها: صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: ليس للمحرم أن يتزوج و لا يزوج، فان تزوج أو زوج محلا فتزويجه باطل»1.

و منها: صحيحته الأخرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سمعته يقول: ليس ينبغي للمحرم أن يتزوج و لا يزوج محلا»2 ، و منها غيرهما.

هاهنا مسائل: الأولى: قد تسأل عن أن روايات الباب التي تنص على بطلان نكاح المحرم، فهل تدل على حرمته تكليفا أيضا أو لا؟

و الجواب: أنها لا تدل على حرمته كذلك، فان الظاهر منها الارشاد الى بطلان النكاح دون حرمته.

و بكلمة: أنه ليس لها ظهوران: أحدهما ظهورها في الإرشاد الى الحكم الوضعي، و الآخر ظهورها في الحكم التكليفي.

و دعوى: أن صحيحة عبد اللّه بن سنان بمقتضى صدرها تدل على الحكم التكليفي بقرينة أن قوله عليه السّلام: «فان تزوج أو زوج…»3 تفريع على صدرها، فلو كان المراد منه الحكم الوضعي لكان ذلك تفريعا على نفسه، فاذن لا بد من حمل الصدر على الحكم التكليفي.


 

(1)) <page number=”188″ />الوسائل: الباب 14 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 14 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 6.
(3)) الوسائل: الباب 14 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 189)


……….

مدفوعة: بأن قوله عليه السّلام: «فان تزوج» تعليل للنهي عن النكاح في الصدر، فيدل على أن علة النهي عنه بطلانه من المحرم في حالة الاحرام.

فالنتيجة: أنه ليس في شيء من هذه الروايات ما يصلح أن يكون دليلا على حرمته تكليفا.

الثانية: قد تسأل عن أن وكيل المحرم اذا زوج امرأة من غيره محلا كان أو محرما، فهل يبطل زواجه اذا كان التزويج في حال احرام الموكل‌؟

و الجواب: أنه يبطل باعتبار أن فعل الوكيل فعل الموكل و مستند اليه حقيقة، و لا فرق في ذلك بين أن يكون وكيلا من قبله قبل الإحرام أو بعده.

الثالثة: قد تسأل عن أن المحرم اذا تزوج بامرأة و هو محرم، فهل تحرم عليه مؤبدا؟

و الجواب: أنها تحرم عليه مؤبدا اذا تزوج بها عن عمد و علم بالحكم الشرعي، و تنص عليه صحيحة أديم بياع الهروي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في الملاعنة اذا لاعنها زوجها لم تحل له ابدا الى أن قال: «و المحرم اذا تزوج و هو يعلم أنه حرام عليه لم تحل له ابدا»1 ، و في مقابلها روايتان:

احداهما: معتبرة أديم الحر الخزاعي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: ان المحرم اذا تزوج و هو محرم فرق بينهما و لا يتعاودان ابدا»2 ، فان مقتضى اطلاقها أن المرأة محرمة عليه مؤبدا بدون فرق بين ان يكون عالما بالحكم أو جاهلا به، و لكن لا بد من تقييد اطلاقها بصورة ما إذا كان المحرم عالما بالحكم بمقتضى صحيحة بياع الهروي، فانها تدل بمنطوقها على حرمتها عليه مؤبدا اذا


 

(1)) <page number=”189″ />الوسائل: الباب 31 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 15 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 190)


[مسألة 234: لو عقد المحرم أو عقد المحلّ‌ للمحرم امرأة و دخل الزوج بها و كان العاقد و الزوج عالمين بتحريم العقد في هذا الحال]

(مسألة 234): لو عقد المحرم أو عقد المحلّ‌ للمحرم امرأة و دخل الزوج بها و كان العاقد و الزوج عالمين بتحريم العقد في هذا الحال فعلى كل منهما كفارة بدنة (1)، و كذلك على المرأة ان كانت عالمة بالحال.

[مسألة 235: المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد و الشهادة عليه]

(مسألة 235): المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد و الشهادة عليه، و هو الأحوط‍‌ (2)،

كان عالما بالحكم، و بمفهومها على عدم حرمتها عليه كذلك اذا كان جاهلا به.

و الثانية: صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «قال: قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ملك بضع امرأة و هو محرم قبل أن يحل، قضى أن يخلي سبيلها و لم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل، فاذا أحل خطبها إن شاء و إن شاء أهلها زوجوه، و إن شاءوا لم يزوجوه»1 فانها تدل على عدم حرمتها عليه مؤبدا، و إن كان عالما بالحكم، و لكن لا بد من تقييد اطلاقها بنفس تلك الصحيحة بغير صورة العلم بالحكم حرفا بحرف.

فالنتيجة: أن المحرم اذا تزوج بامرأة و هو محرم، فان كان عالما بالحكم حرمت عليه مؤبدا، و إن كان جاهلا به لم تحرم.

(1)تدل على ذلك موثقة سماعة بن مهران عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما و هو يعلم أنه لا يحل له، قلت: فان فعل فدخل بها المحرم، قال: إن كانا عالمين فان على كل واحد منهما بدنة، و على المرأة إن كانت محرمة بدنة، و إن لم تكن محرمة فلا شيء عليها الاّ أن تكون قد علمت أن الذي تزوجها محرم، فان كانت علمت ثم تزوجته فعليها بدنة»2 و به يظهر حال ما بعده.

(2)لا بأس بتركه لعدم دليل عليه غير كونه مشهورا بين الأصحاب.


 

(1)) <page number=”190″ />الوسائل: الباب 15، من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 21 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 191)


و ذهب بعضهم إلى حرمة أداء الشهادة على العقد السابق أيضا، و لكن دليله غير ظاهر (1).

[مسألة 236: الأحوط‍‌ ان لا يتعرض المحرم لخطبة النساء]

(مسألة 236): الأحوط‍‌ ان لا يتعرض المحرم لخطبة النساء (2).

نعم، لا بأس بالرجوع إلى المطلقة الرجعية، و بشراء الاماء، و ان كان شراؤها بقصد الاستمتاع، و الأحوط‍‌ أن لا يقصد بشرائه الاستمتاع حال الاحرام، و الأظهر جواز تحليل أمته، و كذا قبوله التحليل.

(1)بل لا دليل عليه ما عدا مرسلتين، هذا اضافة الى أن المراد من الشهود فيهما الحضور في مجلس العقد لا أداء الشهادة.

فالنتيجة انه لا مانع من أداء الشهادة، بل قد يكون واجبا لدفع ظلم، أو احقاق حق، أو غير ذلك.

(2)لكن الأظهر جواز ذلك، لعدم الدليل، كما يجوز له الرجوع الى المطلقة الرجعية أثناء العدة و شراء الإماء، لأن ما هو المحرم و هو التزويج في حال الاحرام لا يصدق على شيء منهما.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 192)


[8 – استعمال الطيب]

8 – استعمال الطيب

[مسألة 237: يحرم على المحرم استعمال الزعفران و العود و المسك و الورس و العنبر بالشّم و الدلك و الأكل]

(مسألة 237): يحرم على المحرم استعمال الزعفران و العود و المسك و الورس و العنبر بالشّم و الدلك و الأكل، و كذلك لبس ما يكون عليه أثر منها، و الأحوط‍‌ الاجتناب عن كل طيب (1).

(1)بل هو الأظهر، بيان ذلك: ان روايات المسألة على طائفتين:

الطائفة الأولى: تدل على حرمة استعمال مطلق الطيب بكل الوان الاستعمال من الدلك و الأكل و اللمس و الشم.

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: لا تمس شيئا من الطيب، و لا من الدهن في احرامك، و اتق الطيب في طعامك و امسك على انفك من الرائحة الطيبة، و لا تمسك عليه من الرائحة المنتنة، فانه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة»1 ، و مثلها صحيحته الأخرى2.

و منها: رواية حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «لا يمس المحرم شيئا من الطيب و لا الريحان و لا يتلذذ به فمن ابتلى بشيء من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعه من الطعام»3 و منها غيرها.

الطائفة الثانية: تدل على حرمة أنواع خاصة من الطيب على المحرم.

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: إنما يحرم عليك من الطيب أربعة اشياء: المسك و العنبر و الورس و الزعفران، غير أنه يكره للمحرم الادهان الطيبة الريح»4 فانها تنص على أن ما يحرم على المحرم استعماله من الطيب متمثل في هذه الانواع الأربعة، و بمفهوم الحصر على عدم


 

(1)) <page number=”192″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 8.
(3)) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 11.
(4)) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 14.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 193)


……….

حرمة استعمال غيرها من انواع الطيب و الرياحين. نعم انها تدل بحكم ذيلها على كراهة استعمال الأدهان الطيبة الريح على أساس أن المراد من قوله عليه السّلام:

«غير أنه يكره…» الكراهة المصطلحة في مقابل الحرمة بقرينة قوله عليه السّلام: «انما يحرم عليك…» لا الجامع بينهما، كما هو معناه العرفي و اللغوي.

و منها: صحيحة ابن ابي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «قال: الطيب المسك و العنبر و الزعفران و العود»1 ، فانها تشتمل على العود بدل الورس، بينما الصحيحة الأولى تشتمل على الورس بدل العود، فهما مختلفتان من هذه الناحية. و لكن يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما، فان الصحيحة الأولى تدل نصا على حرمة استعمال الورس حال الإحرام، و بحكم مفهومها تدل على عدم حرمة استعمال العود، و الصحيحة الثانية تدل نصا على حرمة استعمال العود، و بالاطلاق الناشي من السكوت في مقام البيان على عدم حرمة استعمال الورس، و حينئذ يكون نص كل منهما قرينة على رفع اليد عن اطلاق الأخرى تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على النص. و نتيجة ذلك أن ما يحرم على المحرم من الطيب خمسة أنواع منه، و هي المسك و العنبر و الزعفران و الورس و العود، لا مطلق الطيب.

ثم إنه قد يقال – كما قيل – إن الطائفة الثانية حاكمة على الطائفة الأولى و مفسرة للمراد من الطيب المحرم استعماله على المحرم و انحصاره في هذه الخمسة، و على هذا فيحمل النهي عن استعمال مطلق الطيب في الطائفة الأولى على الكراهة.

و لكن يمكن المناقشة فيه، اذ لا يبعد عرفا أن يكون اقتصار تلك الطائفة على الأنواع الخمسة المذكورة من الطيب على أساس أنها من أظهر انواعه


 

(1)) <page number=”193″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 15.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 194)


……….

المتداولة بين الناس من دون أن تكون لها خصوصية، لأن المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن حرمة استعمال تلك الأنواع على المحرم في حال الاحرام انما هي بملاك رائحتها الطيبة و الالتذاذ بها، اذ لا يحتمل عرفا ان استعمال الزعفران بما هو زعفران محرم على المحرم، بكل الوان الاستعمال و إن كان عديم الرائحة نهائيا، و كذلك الحال في سائر الأنواع المذكورة، فاذن بطبيعة الحال تكون حرمة استعماله على المحرم من جهة التذاذه برائحته الطيبة من دون أن تكون لإضافتها اليه بنظر العرف موضوعية، و على هذا فلا تنافي بين الطائفتين.

ثم ان هذه المناسبة الارتكازية تصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن ظهور مفهوم صحيحة معاوية في نفي الحرمة عن غيرها من أقسام الطيب و كل ما له رائحة طيبة.

فالنتيجة: ان المستفاد من مجموع روايات الباب على ضوء المناسبة المذكورة، ان المحرم ليس كالفرد العادي بأن يتزين و يتطيب و يلتذ بما شاء بل عليه أن يجتنب عن كل الوان التزين و التطيب في هذه الحالة، و هي حالة الاحرام و الاستجابة لدعوته تعالى. و بذلك يظهر أن قوله عليه السّلام في ذيل هذه الصحيحة:

«غير انه يكره للمحرم الادهان الطيبة الريح»1 غير ظاهر في الكراهة المصطلحة، هذا اضافة إلى أنه لا شبهة في حرمة التدهين على المحرم رجلا كان او امرأة و إن لم تكن فيه رائحة طيبة.

و يؤكد حرمة استعمال مطلق الطيب قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار في الطائفة الأولى «فانه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة»2 ، لأنه


 

(1)) <page number=”194″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 14.
(2)) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 8.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 195)


……….

ظاهر في موضوعية الالتذاذ بريح طيبة بدون خصوصية لأنواع الريح الطيبة و أقسامها.

و الحاصل: أن وجوب اجتناب المحرم عن استعمال كل نوع من أنواع الطيب و اقسامه لو لم يكن اقوى فلا شبهة في أنه أحوط‍‌. و لمزيد من التعرف بحال المسألة نظريا و تطبيقيا نذكر فيما يلي عددا من الأمور.

الأول: انه قد ورد في مجموعة من الروايات النهي عن مس الريحان:

منها: صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «لا تمس ريحانا و انت محرم، و لا شيئا فيه زعفران، و لا تطعم طعاما فيه زعفران»1 ، و مثلها صحيحته الأخرى2. و منها غيرها.

فان هذه الروايات واضحة الدلالة على حرمة استعمال الريحان على المحرم، و الريحان اسم خاص لنبت معروف في مقابل النعناع، و هو المتبادر منه لدى الاطلاق، الاّ أن المراد منه في روايات المقام بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية مطلق النبت ذو الرائحة الطيبة، اذ احتمال ان يكون لخصوص رائحة الريحان موضوعية في المقام، غير محتمل عرفا، و على ذلك فمقتضى هاتين الصحيحتين بضميمة مناسبة الحكم و الموضوع ان الممنوع على المحرم استعمال الرياحين اي النباتات ذو الرائحة الطيبة، و لكن لا بد من رفع اليد عن ظهورهما في الحرمة، و حملهما على الكراهة بقرينة روايتين اخريين:

احداهما: موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المحرم يأكل الأترج‌؟ قال: نعم، قلت: له رائحة طيبة، قال: الأترج طعام ليس هو من الطيب»3 ، فانها تدل على ضابط‍‌ كلي و هو أن كل ما كان من الطعام جاز


 

(1)) <page number=”195″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 10.
(3)) الوسائل: الباب 26 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 196)


……….

للمحرم استعماله و إن كان ذا رائحة طيبة.

و الثانية: صحيحة معاوية بن عمار قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا بأس أن تشم الإذخر و القيصوم و الخزامي و الشيح و اشباهه و أنت محرم»1 فانها تدل على جواز شم النبات الذي له رائحة طيبة للمحرم، فان قوله عليه السّلام: «و اشباهه» يشمل كل ما كان منها ذو ريح طيبة. نعم ما كان يتخذ منها مادة للطيب كالورد و الياسمين و غيرها، فالأحوط‍‌ و الأجدر به الاجتناب عنه، و إن كان عدم الوجوب لا يخلو عن قوة.

فالنتيجة: انه يجوز للمحرم رجلا كان او امرأة استعمال الرياحين – النباتات ذوات الروائح الطيبة – و إن كان الاحتياط‍‌ فيما يتخذ منها مادة للطيب في محله.

الثاني: قد تسأل عن أن امساك الأنف عن الرائحة الطيبة هل هو واجب أو لا؟

و الجواب: انه غير واجب، فان مقتضى اطلاق الموثقة المذكورة عدم وجوب الامساك على أساس أن الترخيص في الأكل عرفا ترخيص في الشم.

و أما قوله عليه السّلام في الصحيحة المذكورة و أشباهه يدل على جواز شم كل ما كان من النبات ذو ريح طيبة. نعم ورد في روايتين عن علي بن مهزيار الأمر بالامساك عن شم رائحة التفاح و النبق و الاترج حين أكلها، و لكن لا يمكن الاعتماد عليهما، لأن احداهما مرسلة، و الأخرى عن ابن ابي عمير لا عن الامام عليه السّلام.

فالنتيجة: انه لا دليل على وجوب الامساك عن الرائحة الطيبة لأنواع الفاكهة و بعض اقسام النبات.


 

(1)) <page number=”196″ />الوسائل: الباب 25 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 197)


[مسألة 238: لا بأس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة كالتفاح و السفرجل]

(مسألة 238): لا بأس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة كالتفاح و السفرجل، و لكن يمسك عن شمها حين الاكل على الأحوط‍‌ (1).

و أما قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة: «و امسك على انفك من الرائحة الطيبة»1 ، فلا يمكن الأخذ باطلاقه، بل لا بد من تقييده بخصوص رائحة الطيب بمقتضى الموثقة و الصحيحة المتقدمتين اللتين تدلان على جواز شم المحرم رجلا كان أم امرأة رائحة الرياحين و الفواكه.

و اما قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان: «لا تمس ريحانا و انت محرم»2 ، فقد مر أن المراد من الريحان فيها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو مطلق النبت ذي الريح الطيبة، لا خصوص الريحان في مقابل النعناع.

الثالث: قد تسأل عن أن الامساك على الأنف عن الرائحة النتنة هل هو حرام‌؟

و الجواب: انه حرام، و تدل على حرمته عدة من النصوص:

منها: قوله عليه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار: «لا تمس شيئا من الطيب في احرامك، و امسك على أنفك من الرائحة الطيبة، و لا تمسك عليه من الرائحة المنتنة – الحديث»3.

و منها: صحيحة الحلبي و محمد بن مسلم جميعا عن ابي عبد اللّه عليه السّلام:

«قال: المحرم يمسك على انفه من الريح الطيبة، و لا يمسك على انفه من الريح الخبيثة»4 و منها غيرهما.

(1)لا بأس بتركه كما مر وجهه و إن كان أولى و أجدر.


 

(1)) <page number=”197″ />الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 24 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.
(4)) الوسائل: الباب 24 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 198)


[مسألة 239: لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا و المروة]

(مسألة 239): لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا و المروة (1)، إذا كان هناك من يبيع العطور، و لكن الأحوط‍‌ لزوما (2) ان يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال و لا بأس بشم خلوق الكعبة و هو نوع خاص من العطر (3).

(1)للنص الخاص و هو صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سمعته يقول: لا بأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا و المروة من ريح العطارين و لا يمسك على أنفه»1.

(2)مر أنه غير لازم و إن كان أولى.

(3)للروايات الخاصة:

منها: صحيحة عبد اللّه بن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المحرم، قال: لا بأس و لا يغسله فانه طهور»2.

و منها: صحيحة يعقوب بن شعيب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة، قال: لا يضره، و لا يغسله»3 و منها غيرهما.

بقي هنا أمران:

الأوّل: انه اذا استعمل المحرم الطيب في الأكل جهلا، فهل عليه كفارة دم شاة، باعتبار أن الجهل لا ينافي التعمد، و المفروض أن المذكور في الصحيحة من أكل زعفرانا متعمدا فعليه دم، و ليس المذكور من أكل زعفرانا متعمدا عالما بالحكم، حتى لا يعم الجاهل‌؟

و الجواب: أنه لا كفارة عليه اذا كان جهله بالحكم مركبا، فانه في حكم الناسي، و أما اذا كان بسيطا، فان كان معذورا فيه لم يكن مشمولا لقوله عليه السّلام: «من


 

(1)) <page number=”198″ />الوسائل: الباب 20 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 21 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 21 من أبواب تروك الاحرام، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 199)


[مسألة 240: اذا استعمل المحرم متعمدا شيئا من الروائح الطيبة فعليه كفارة شاة على المشهور]

(مسألة 240): اذا استعمل المحرم متعمدا شيئا من الروائح الطيبة فعليه كفارة شاة على المشهور، و لكن في ثبوت الكفارة في غير الأكل اشكال، و ان كان الأحوط‍‌ التكفير.

[مسألة 241: يحرم على المحرم ان يمسك على أنفه من الروائح الكريهة]

(مسألة 241): يحرم على المحرم ان يمسك على أنفه من الروائح الكريهة (1).

نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص من ذلك.

أكل زعفرانا متعمدا»1 فان الظاهر من التعمد فيه التقصير، و بما أنه لا تقصير له فيه، فلا عقوبة عليه و لا كفارة، و أما إذا لم يكن معذورا فهو مشمول له، و عليه الكفارة. و أما استعماله في غير الأكل من الوان الاستعمال فلا دليل على وجوب الكفارة فيه، و إن كان عامدا و ملتفتا الى الحكم الشرعي.

الثاني: ان الصحيحة معارضة بصحيحة معاوية بن عمار: «في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج، قال: إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين، و إن كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه»2 بتقريب أنها تدل على أمرين:

أحدهما: وجوب الكفارة في استعمال الطيب في غير الأكل.

و الآخر: ثبوت الكفارة في حال الجهل.

و الجواب: ان الصحيحة اجنبية عن محل الكلام، لأن موردها التدهين، و هو محرم آخر من محرمات الإحرام غير الطيب، فاذن تكون الكفارة عليه لا على استعمال الطيب بقرينة ان دهن البنفسج ليس من الطيب. و بذلك يظهر حال الأمر الثاني و هو أن ثبوت الكفارة في حال الجهل انما هو على التدهين، لا على استعمال الطيب.

(1)تقدم أن الأمر كما أفاده قدّس سرّه.


 

(1)) <page number=”199″ />الوسائل: الباب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 200)


[9 – لبس المخيط‍‌ للرجال]

9 – لبس المخيط‍‌ للرجال

[مسألة 242: يحرم على المحرم أن يلبس القميص و القباء و السروال و الثوب المزرور مع شد أزراره و الدرع]

(مسألة 242): يحرم على المحرم أن يلبس القميص و القباء و السروال و الثوب المزرور مع شد أزراره و الدرع و هو كل ثوب يمكن ان تدخل فيه اليدان، و الأحوط‍‌ الاجتناب عن كل ثوب مخيط‍‌ (1)،

(1)لا بأس بتركه و إن كان أولى و أجدر، و ذلك لأنه لم يرد في لسان شيء من روايات الباب النهي عن لبس ثوب بعنوان أنه مخيط‍‌، و انما الوارد في لسانها النهي عن لبس المحرم الأثواب الاعتيادية الخاصة:

1 – القميص: و هو الثوب الذي يسلك في عنق الانسان، و كل ثوب يسلك في العنق يسمى قميصا.

2 – الدرع: و هو الثوب الذي له يدان، أو فتحتان على نحو يتيح للإنسان أن يدخل يديه فيهما، و كل ثوب يكون كذلك يسمى بالدرع، و هو محرم على المحرم و إن لم يسلك في العنق.

3 – العباءة: فان لبسها بالصورة الاعتيادية محرم على المحرم و إن لم يدخل يديه في يدي العباءة.

4 – السروال: و هو الثوب الذي تستر به العورة من الملابس الاعتيادية.

5 – الثوب المزرور: و هو الثوب الذي فيه أزرار يعقد بعضها ببعض، فانّ‌ لبسه محرم على المحرم حتى لو لم تكن له يدان، و لم يسلك في العنق، و ليس موضوع الحرمة وجود الأزرار فيه، بل استعمال تلك الأزرار بعقد بعضها بالبعض الآخر، و لبس هذه الأنواع الخمسة من الأثواب محرم على المحرم سواء كان صنعها من طريق الخياطة أم من طريق آخر. و أما اذا كان هناك ثوب

Pages: 1 2 3 4 5 6 7
Pages ( 2 of 7 ): «1 2 3 ... 7»