فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰

جلد

10

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰ صفحه 4

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – ج ۱۰

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 301)


……….

احتمل المكلف أنه حين العمل كان ملتفتا الى ما يعتبر فيه دون مثل المقام، فإنها كانت غافلة عن حيضها حال العمل، و بعده شعرت به، و شكت في أنه حدث قبل العمل أو بعده أو اثناءه، و في هذه الحالة لا تجرى القاعدة، بل من جهة استصحاب عدم حدوثه حال العمل.

قد يقال – كما قيل – إن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم الطواف في واقع زمان يكون ذلك زمان عدم الحيض، و يترتب عليه نفي الحكم بنفي أحد جزئي الموضوع المركب.

و قد أجاب عن ذلك السيد الاستاذ قدّس سرّه بوجهين:

أحدهما: انه لا يثبت وقوعه في زمان الحيض الاّ بنحو مثبت، و بدونه لا اثر له.

و الآخر: أن الموضوع بما أنه مركب من جزءين، أحدهما وجود الطواف، و الآخر عدم الحدث كالحيض مثلا، و حينئذ فان كان المستصحب عدم وجود الطواف في نفسه بمفاد كان التامة فلا شك فيه حتى يستصحب عدمه، و إن كان المستصحب عدم وجوده المقيد بزمان الحادث الآخر و هو عدم الحيض في المقام، فيرده:

أولا: انه لا حالة سابقة للمقيد لكي يستصحب.

و ثانيا: ان وجوده المقيد بما هو مقيد ليس موضوعا للحكم حتى ينتفي بنفيه، فان الموضوع مركب لا مقيد.

و لكن كلا الوجهين غير تام، اما الوجه الأول؛ فلأن الغرض من هذا الاستصحاب ليس اثبات وقوع الطواف في زمان الحيض، لكي يقال إنه مثبت، بل الغرض منه نفي الموضوع المركب بنفي أحد جزأيه، و المفروض انه ينفى ذلك.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 302)


……….

و أما الثاني: فلأن ما هو معلوم وجدانا صرف وجود الطواف، و أما وجود الحصة منه في واقع زمان لا طريق لنا الى الاشارة اليه الاّ بعنوان زمان عدم الحيض بدون أن يكون ذلك العنوان مأخوذا في مصب التعبد الاستصحابي، فهو مشكوك فيه، فلا مانع من استصحاب عدم وجودها فيه، و حينئذ يكون المنفي نفس جزء الموضوع المركب، فينتفي الحكم بانتفائه، و على ضوء هذه النكتة يجري استصحاب بقاء أحد جزأيه الى واقع زمان الجزء الآخر، كاستصحاب بقاء الجزء الأول المقيد بكونه في زمان الجزء الآخر، لأن استصحاب بقاء الجزء الأول المقيد بكونه في زمان الجزء الآخر، لأن الاستصحاب فيه مضافا الى انه لا يجري في نفسه لعدم حالة سابقة له، أن الموضوع للحكم مركب لا مقيد، بل المقصود اثبات الجزء الأول في واقع زمان يكون ذلك زمان الجزء الآخر، فالنتيجة أن ما ذكره قدّس سرّه من الحل لا يتم.

و الصحيح في حل هذا الاشكال أن يقال: إن موضوع الحكم صرف وجود المركب من ذاتي الجزءين في الخارج بدون أخذ أي عنوان زائد فيه، و على هذا الأساس يكون الموضوع في المقام صرف وجود الطواف و صرف عدم الحيض خارجا بدون تقييد أحدهما بالآخر، فاذا تحقق ذلك الموضوع في أي زمن من الأزمنة ترتب عليه حكمه، و حينئذ فلا يمكن نفي الحكم عن هذا الموضوع الاّ بنفيه، و من الواضح أنه لا يمكن نفيه بنفي فرده بالاستصحاب الاّ بنحو مثبت، فان المستصحب في المقام هو عدم وجود حصة من الطواف و هي الحصة في واقع زمان يكون ذلك زمان الحادث الآخر، و هو عدم الحيض من جهة الشك في وجودها فيه، و هي بما أنها فرد من طبيعي جزء الموضوع، فلا يمكن نفي الطبيعي بنفي فرده، فانه مثبت، فمن أجل ذلك لا يصلح أن يعارض

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 303)


[مسألة 294: إذا دخلت المرأة مكة و كانت متمكنة من اعمال العمرة و لكنها أخرتها الى أن حاضت حتى ضاق الوقت مع العلم و العمد]

(مسألة 294): إذا دخلت المرأة مكة و كانت متمكنة من اعمال العمرة و لكنها أخرتها الى أن حاضت حتى ضاق الوقت مع العلم و العمد فالظاهر فساد عمرتها و الأحوط‍‌ أن تعدل الى حج الافراد (1) و لا بد لها من اعادة الحج في السنة القادمة.

[مسألة 295: الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة]

(مسألة 295): الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة (2) فيصح بغير طهارة و لكن صلاته لا تصح الا عن طهارة.

استصحاب بقاء الجزء الأول و هو عدم الحيض في المقام الى واقع زمان يكون ذلك زمان الجزء الآخر و هو الطواف.

فالنتيجة: انه لا يترتب على استصحاب نفي الفرد نفي الطبيعي، بدون فرق في ذلك بين الأفراد الطولية و الأفراد العرضية، كما في القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي، فان الأثر الشرعي اذا كان مترتبا على الطبيعي الجامع فلا يمكن نفيه بضم استصحاب عدم تحقق الفرد الطويل الى عدم بقاء الفرد القصير وجدانا في الزمن الثاني الاّ بنحو مثبت، هذا اضافة الى أن استصحاب عدم الطواف في واقع زمان يكون ذلك الزمان زمان الحيض من الاستصحاب في الفرد المردد و هو باطل لان واقع ذلك الزمان مردد بين زمان نعلم بعدم الطواف فيه و زمان نعلم بثبوته فيه على تفصيل ذكرناه في محله.

(1)تقدم الكلام فيها موسعا في المسألة (4) من (فصل صورة حج التمتع) فلا نعيد.

(2)و تنص عليه جملة من الروايات:

منها: صحيحة محمد بن مسلم: سألت أحدهما عليهما السّلام: «عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهور؟ قال: يتوضأ و يعيد طوافه، و إن كان تطوعا توضأ و صلى ركعتين»1.


 

(1)) <page number=”303″ />الوسائل: الباب 38 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 304)


[مسألة 296: المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور و المسلوس]

(مسألة 296): المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور (1) و المسلوس (2) اما المبطون فالأحوط‍‌ ان يجمع مع التمكن بين الطواف بنفسه و الاستنابة (3)

و منها: صحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل طاف تطوعا و صلّى ركعتين و هو على غير وضوء، فقال: يعيد الركعتين، و لا يعيد الطواف»1.

و منها: موثقة عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «قلت له: رجل طاف على غير وضوء، فقال: إن كان تطوعا فليتوضأ و ليصل»2.

و منها: موثقته الأخرى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: اني اطوف طواف النافلة و أنا على غير وضوء، قال: توضأ و صل و إن كنت متعمدا»3.

و هذه الروايات واضحة الدلالة على أن صحة الطواف المندوب غير مشروطة بالطهارة، فلو جاز دخول الجنب أو الحائض في المسجد لجاز أن يطوف تطوعا.

(1)فيه ما تقدم منا في المسألة (30) في الجزء الأول من تعاليق مبسوطة في (فصل أحكام الجبائر) من أن الوضوء الجبيري رافع للحدث كالوضوء التام، فاذا أتى به المكلف جاز له الاتيان بكل ما هو مشروط‍‌ بالطهارة، كالصلاة و نحوها على تفصيل هناك.

(2)تقدم في (فصل: في حكم دائم الحدث) أن وضوء المسلوس و المبطون رافع للحدث، و لا ينتقض بما يخرج منهما قهرا ما لم يحدثا بحدث آخر من نوم أو نحوه على تفصيل هناك.

(3)لا بأس بتركه و إن كان أولى و أجدر، لأن الروايات التي تنص على أن المبطون يطاف عنه و يرمى عنه، فلا بد من حملها على العاجز عنهما، اذ لا يحتمل أن يكون مجرد البطن موجبا لذلك، و من هذه الروايات صحيحة معاوية


 

(1)) <page number=”304″ />الوسائل: الباب 38 من أبواب الطواف، الحديث: 7.
(2)) الوسائل: الباب 38 من أبواب الطواف، الحديث: 8.
(3)) الوسائل: الباب 38 من أبواب الطواف، الحديث: 9.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 305)


……….

ابن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «إنه قال: المبطون و الكسير يطاف عنهما و يرمى عنهما»1.

و منها: صحيحته الأخرى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: الكسير يحمل فيطاف به، و المبطون يرمي و يطاف عنه و يصلى عنه»2.

و منها: صحيحة حبيب الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يطاف عن المبطون و الكسير»3.

و هذه الروايات و إن كانت مطلقة و لم تقيد الاستنابة بالعجز، الاّ أن هناك قرائن على هذا التقييد.

الأولى: ما ذكرناه من أن وضوءه كوضوء المكلف العادي، فلا ينتقض بما يصدر منه قهرا ما لم يصدر منه حدث آخر، و من هنا يجوز له أن يأتي به بكل ما هو مشروط‍‌ بالطهارة كالصلاة و الطواف و نحوهما، فاذا كان الأمر كذلك لم يجز له الاستنابة في طوافه و صلاته كالمكلف العادي.

الثانية: ان الرمي لا يكون مشروطا بها، فلو كان قادرا عليه بنفسه لم يجز له الاستنابة فيه، فاذن دلالة الروايات على الاستنابة فيه قرينة على أنه غير قادر عليه.

الثالثة: ان اشتراك المبطون مع الكسير في الحكم يؤكد أن المراد منه هو العاجز، كما ان المراد من الكسير ذلك.

فالنتيجة: ان هذه الروايات انما هي في مقام بيان وظيفة العاجز، سواء أ كان مبطونا أم مكسورا أم غير ذلك، فاذن يكون المبطون كالمسلوس و المجبور.


 

(1)) <page number=”305″ />الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث: 6.
(3)) الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 306)


و أما المستحاضة فالأحوط‍‌ لها (1) ان تتوضأ لكل من الطواف و صلاته ان كانت الاستحاضة قليلة و ان تغتسل غسلا واحدا لهما و تتوضا لكل منهما ان كانت الاستحاضة متوسطة و أما الكثيرة فتغتسل لكل منهما من دون حاجة الى الوضوء ان لم تكن محدثة بالاصغر، و الا فالأحوط‍‌ ضم الوضوء الى الغسل.

(1)بل هو غير بعيد، لأن الاستحاضة بما أنها حدث و هي مستمرة، فمقتضى القاعدة عدم تمكنها من الطواف، باعتبار أنه مشروط‍‌ بالطهارة، و لكن صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن المستحاضة أ يطأها زوجها؟ و هل تطوف بالبيت‌؟… الى أن قال: تصلي كل صلاتين بغسل واحد، و كل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها، و لتطف بالبيت»1 تدل على أن كل ما يكون مسوغا للصلاة يكون مسوغا للطواف أيضا، و على هذا فان كانت استحاضتها صغرى، فوظيفتها أن تتوضأ لكل ما هو مشروط‍‌ بالطهارة، و من ذلك الطواف و صلاته، و إن كانت وسطى، فوظيفتها أن تغتسل في كل يوم و ليلة مرة واحدة، و تتوضأ لكل ما هو مشروط‍‌ بالطهارة، و على هذا فاذا أرادت الطواف فعليها أن تتوضأ وضوءا من أجل الطواف، و وضوءا من أجل صلاته، و لا يجب عليها الغسل من أجلهما.

و دعوى: وجوبه بتقريب أن كفاية غسل واحد في اليوم و الليلة إنما هي بالنسبة الى الفرائض اليومية، و أما اذا ارادت الاتيان بغيرهما مما هو مشروط‍‌ بالطهارة، فعليها أن تغتسل مرة ثانية من أجل الاتيان به.

مدفوعة: بان الظاهر من الروايات أن عليها غسلا واحدا في أربع و عشرين ساعة، و بما أن وجوبه عليها في هذه الفتره الزمنية الطويلة لا يمكن أن


 

(1)) <page number=”306″ />الوسائل: الباب 91 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 307)


……….

يكون بلا مبرر و جزافا، فلا محالة يكون مبرره أنه رافع لحدثها الأكبر في هذه الفترة، و بعد الغسل اذا ارادت الاتيان بما هو مشروط‍‌ بالطهارة فعليها أن تتوضأ و تأتي به سواء أ كان ذلك الصلاة أم كان غيرها كالطواف، فلا مقتضى حينئذ للغسل من أجل الطواف. و إن كانت كبرى فعليها أن تغتسل لكل من الطواف و صلاته، و كفاية غسل واحد للصلاتين المترتبتين كالظهرين و العشاءين لا تكون قرينة على كفاية ذلك للطواف و صلاته معا، لأن الكفاية للصلاتين قد ثبتت بالنص، و الاّ فمقتضى القاعدة عدم الكفاية، و لا نص في المقام، و حينئذ فمقتضى القاعدة فيه وجوب الغسل لكل منهما، و لا يمكن التعدي عن مورد النص الى غيره بدون قرينة، باعتبار أن الحكم في مورده يكون على خلاف القاعدة. و أما الصحيحة المذكورة فتدل على أن الطواف بحاجة الى الغسل كالصلاة، و لا تدل على أنه يكفي لصلاته أيضا.

فالنتيجة: ان وجوب الغسل لكل منها لو لم يكن أقوى فلا شبهة في أنه أحوط‍‌.

قد تسأل أن مقتضى قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة نعيم الصحاف: «فان عليها أن تغتسل في كل يوم و ليلة ثلاث مرات، و تحتشى و تصلى و تغتسل للفجر، و تغتسل للظهر و العصر، و تغتسل للمغرب و العشاء الآخرة، قال: و كذلك تفعل المستحاضة، فانها اذا فعلت ذلك اذهب اللّه بالدم عنها»1 ، ان المستحاضة اذا فعلت ما يجب عليها أن تفعله من أجل الصلوات اليومية طهرت من حدث الدم.

و الجواب أولا: ان ذلك لو تم فانما يتم في الاستحاضة الكبرى، باعتبار أنها موردها.


 

(1)) <page number=”307″ />الوسائل: الباب 1 من أبواب الاستحاضة، الحديث: 7.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 308)


[الثالث: من الامور المعتبرة في الطواف: الطهارة من الخبث ]

الثالث: من الامور المعتبرة في الطواف:

الطهارة من الخبث (1)، فلا يصح الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس، و النجاسة المعفو عنها في الصلاة كالدم الاقل من الدرهم لا تكون معفوا عنها في الطواف على الأحوط‍‌.

و ثانيا: ان قوله عليه السّلام: «أذهب اللّه بالدم عنها» مجمل مردد بين أنها طهرت مطلقا اذا فعلت ما هو وظيفتها من الأغسال، أو أنها طهرت للصلوات اليومية فحسب، فلا ظهور له في الأول، هذا اضافة الى أن الروايات التي تنص على الجمع بين الظهرين و العشاءين تارة بلسان الجمع، و أخرى بلسان تؤخر هذه و تقدم هذه، تدل على ان اتيانها بما عليها من الأغسال لا يوجب كونها مطهرة مطلقا، و من هنا اذا لم تجمع المستحاضة بين الظهرين و العشاءين، وجبت عليها خمسة أغسال.

(1)على الأحوط‍‌، لأن الروايات التي استدل بها على اعتبار الطهارة من الخبث فيه بأجمعها ضعيفة سندا.

منها: رواية يونس بن يعقوب، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رأيت في ثوبي شيئا من الدم و أنا أطوف، قال فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله، ثم عد فابن على طوافك»1 ، و هذه الرواية و إن كانت تامة دلالة، الاّ أنها ضعيفة سندا، فان في طريق الصدوق الى يونس بن يعقوب حكم بن مسكين، و هو ممن لم يثبت توثيقه، و لا يجدي مجرد كونه من رجال كامل الزيارات.

و منها: روايته الأخرى، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يرى في ثوبه الدم و هو في الطواف، قال: ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه، ثم يخرج و يغسله، ثم يعود فيتم طوافه»2 و هي أيضا ضعيفة سندا، فان في سندها محسن بن أحمد، و هو لم يثبت توثيقه.


 

(1)) <page number=”308″ />الوسائل: الباب 52 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 52 من أبواب الطواف، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 309)


[مسألة 297: لا بأس بدم القروح و الجروح فيما يشق الاجتناب عنه]

(مسألة 297): لا بأس بدم القروح و الجروح فيما يشق الاجتناب عنه (1) و لا تجب ازالته عن الثوب و البدن في الطواف كما لا بأس بالمحمول المتنجس و كذلك نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه.

نعم مقتضى مرسلة ابن أبي نصر عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «قلت له: رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله، فطاف في ثوبه، فقال: اجزأه الطواف، ثم ينزعه و يصلّي في ثوب طاهر»1 ، عدم مانعية النجاسة عن صحة الطواف، و لكن بما أنها مرسلة فلا يمكن الاعتماد عليها.

و منها: رواية حبيب بن مظاهر، قال: «ابتدأت في طواف الفريضة، فطفت شوطا واحدا فاذا انسان قد أصاب أنفى فادماه، فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام، فقال: بئس ما صنعت، كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت – الحديث»2 و هذه الرواية أيضا لا يمكن الاعتماد عليها، إما من أجل أنها مرسلة اذا كان المراد من حبيب بن مظاهر هو الذي كان من أصحاب الحسين عليه السّلام في واقعة الطف و استشهد فيه كما طبق عليه صاحب الوسائل قدّس سرّه، لأن حماد بن عثمان الذي هو من أصحاب الصادق عليه السّلام لا يمكن أن يروي عنه بلا واسطة و إن كان غيره فهو مجهول.

فالنتيجة: ان اعتبار الطهارة من الخبث في صحة الطواف مبني على الاحتياط‍‌، و إن كان عدم الاعتبار لا يخلو عن قوة.

(1)بل مطلقا، لما مر من أنه لا دليل على اعتبار طهارة البدن و الثوب في صحة الطواف، و على تقدير اعتبارها في صحته، فالأظهر عدم الفرق بين دم القروح و الجروح، و بين غيره من النجاسة، لأن دليل العفو عنه مختص بالصلاة، و لا يشمل الطواف، و يؤيد ذلك اطلاق رواية يونس بن يعقوب المتقدمة و غيرها.


 

(1)) <page number=”309″ />الوسائل: الباب 52 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 41 من أبواب الطواف، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 310)


[مسألة 298: اذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه]

(مسألة 298): اذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه، فلا حاجة إلى اعادته، و كذلك تصح صلاة الطواف إذا لم يعلم بالنجاسة إلى ان فرغ منها (1).

[مسألة 299: إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد طوافه صح طوافه على الأظهر]

(مسألة 299): إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد طوافه صح طوافه على الأظهر (2)، و ان كانت اعادته احوط‍‌، و اذا تذكرها بعد صلاة الطواف اعادها (3).

(1)اما الطواف فقد مر أنه لا دليل على أن النجاسة مانعة عنه حتى في صورة العلم بها فضلا عن الجهل.

و اما الصلاة فلأن النجاسة و إن كانت مانعة عنها، الاّ أن مقتضى اطلاق حديث لا تعاد ان مانعيتها علمية لا واقعية، هذا اضافة الى الروايات الخاصة التي تنص على الفرق بين العلم بها و الجهل.

(2)مر الاشكال بل المنع في أصل مانعية النجاسة عن الطواف، و على تقدير تسليم أنها مانعة، فمقتضى حديث الرفع عدمها في حالة النسيان.

(3)على الأحوط‍‌، لما ذكرناه في بحث الفقه من أن الروايات التي تنص على وجوب اعادة الصلاة إذا صلاها في ثوب أو بدن نجس ناسيا النجاسة، معارضة بالرواية التي تنص على الصحة و عدم وجوب الاعادة، و بعد سقوطهما بالتعارض يرجع الى أصالة البراءة عن جزئية المنسي أو شرطيته.

و دعوى: أن الروايات الدالة على الاعادة روايات معروفة و مشهورة، و ما دل على عدم الاعادة رواية شاذة فلا تصلح أن تعارضها.

مدفوعة: بان شهرتها لم تبلغ الى حد التواتر، و بدون ذلك فلا أثر لها.

فالنتيجة: ان مقتضى القاعدة نظريا عدم وجوب الاعادة، و لكن مع هذا فالاحتياط‍‌ لا يترك.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 311)


[مسألة 300: إذا لم يعلم بنجاسة بدنه او ثيابه، و علم بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من الطواف]

(مسألة 300): إذا لم يعلم بنجاسة بدنه او ثيابه، و علم بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من الطواف فان كان معه ثوب طاهر مكانه طرح الثوب النجس و أتم طوافه في ثوب طاهر و ان لم يكن معه ثوب طاهر فان كان ذلك بعد إتمام الشوط‍‌ الرابع من الطواف قطع طوافه و لزمه الاتيان بما بقي منه بعد ازالة النجاسة و ان كان العلم بالنجاسة أو طروها عليه قبل اكمال الشوط‍‌ الرابع قطع طوافه و أزال النجاسة و يأتي بطواف كامل بقصد الاعم من التمام و الاتمام على الأحوط‍‌ (1).

[الرابع: الختان للرجال ]

الرابع: الختان للرجال، و الأحوط‍‌ بل الأظهر اعتباره في الصبي المميز أيضا إذا أحرم بنفسه. و أما إذا كان الصبي غير مميز أو كان احرامه من وليّه فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر و ان كان الاعتبار أحوط‍‌ (2).

[مسألة 301: إذا طاف المحرم غير مختون بالغا كان أو صبيا مميزا فلا يجتزى بطوافه]

(مسألة 301): إذا طاف المحرم غير مختون بالغا كان أو صبيا مميزا فلا يجتزى بطوافه فان لم يعده مختونا فهو كتارك الطواف يجري فيه ماله من الأحكام الآتية.

(1)يظهر حكم هذه المسألة مما تقدم، و مع الاغماض عما ذكرناه، و تسليم أن النجاسة مانعة عن الطواف، فلا وجه للتفصيل بين أن يكون طرو النجاسة بعد الشوط‍‌ الرابع أو قبله، و قد تقدم ان الأظهر عدم بطلان الطواف بصدور الحدث اثناءه، بدون فرق بين أن يكون قبل تجاوز النصف أو بعده.

(2)لا بأس بتركه، لأن الروايات التي تنص على اعتبار الختان في صحة الطواف لا تشمل الصبي غير المميز، لأن مورد اكثرها الرجل، و في بعضها التفصيل بينه و بين المرأة.

نعم هنا رواية واحدة لا يكون موردها الرجل، و هي صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: الاغلف لا يطوف بالبيت، و لا بأس أن تطوف

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 312)


[مسألة 302: إذا استطاع المكلف و هو غير مختون]

(مسألة 302): إذا استطاع المكلف و هو غير مختون فان امكنه الختان و الحج في سنة الاستطاعة وجب ذلك، و إلا أخر الحج إلى السنة القادمة (1) فان لم يمكنه الختان أصلا لضرر أو حرج أو نحو ذلك فاللازم عليه الحج، لكن الأحوط‍‌ ان يطوف بنفسه في عمرته و حجه و يستنيب أيضا من يطوف عنه (2) و يصلي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.

[الخامس: ستر العورة حال الطواف على الأحوط‍‌ ]

الخامس: ستر العورة حال الطواف على الأحوط‍‌ (3)

المرأة»1 فانها و إن كانت تشمل الصبي أيضا باعتبار أن الاغلف يعم البالغ و غيره، الاّ أن نهيه عن الطواف بالبيت بنفسه يدل على اختصاصها بمن يكون مأمورا به مباشرة، و بما أن الصبي غير المميز لا يكون مأمورا بالطواف مباشرة، فلا يكون مشمولا لها.

فالنتيجة: ان المستفاد من الروايات أن الختان شرط‍‌ في صحة الطواف للبالغ و الصبي المميز، و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

(1)و تدل عليه معتبرة حنان بن سدير، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن نصراني أسلم و حضر الحج، و لم يكن اختتن، أ يحج قبل أن يختتن‌؟ قال: لا، و لكن يبدأ بالسنة»2 ، هذا اضافة الى أن ذلك مقتضى القاعدة حيث أنه لا يتمكن من الحج في هذه السنة لعدم تمكنه من الختان فيها الذي هو من شروط‍‌ صحته.

(2)هذا هو الأقوى، و ذلك لأن احتمال سقوط‍‌ الحج عنه غير محتمل، كما أن احتمال سقوط‍‌ شرطية الختان خلاف اطلاق دليله، فاذن لا محالة تكون وظيفته الاستنابة، باعتبار أنه عاجز عن الطواف، و مع ذلك فالأولى و الأجدر به أن يطوف بنفسه أيضا.

(3)هذا، و لكن الأقوى عدم اعتباره، لعدم الدليل عليه.


 

(1)) <page number=”312″ />الوسائل: الباب 33 من أبواب مقدمات الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 33 من أبواب مقدمات الطواف، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 313)


و يعتبر في الساتر الاباحة. و الأحوط‍‌ اعتبار جميع شرائط‍‌ لباس المصلي فيه (1).

نعم قد يستدل على ذلك تارة بالنبوي المعروف: «الطواف بالبيت صلاة» و أخرى بالروايات الناهية عن الطواف عريانا، و لكن لا يمكن الاستدلال بشيء منهما. اما النبوي، فهو غير ثابت من طرقنا، فلذلك لا يمكن الاعتماد عليه و أما الروايات الناهية فهي بأجمعها ضعيفة من ناحية السند، فلا يمكن الاعتماد على شيء منها، هذا اضافة الى أن اعتبار الستر في صحة الطواف شيء، و النهي عن الطواف عريانا شيء آخر، اذ قد يكون الشخص مكشوف العورة و مع ذلك لا يصدق عليه أنه عريان، كما اذا كان عليه لباس قصير أو فيه ثقب يظهر منه عورته، و قد يكون مستور العورة و مع ذلك يصدق عليه أنه عريان، كما اذا ستر عورته بيده أو بطين أو حشيش أو خرقة.

فالنتيجة: أن هذه الروايات ضعيفة سندا و دلالة.

(1)لا بأس بتركه، لما مر من أنه لا دليل على أن الطائف اذا كان مكشوف العورة بطل طوافه، أو فقل أن كون ستر العورة شرطا في صحة الطواف بحاجة الى دليل و لا دليل عليه.

و أما مع الاغماض عن ذلك، و تسليم ان الستر شرط‍‌ فيه، فهل يعتبر أن يكون مباحا؟ الأظهر عدم اعتبار الاباحة فيه، لما ذكرناه في الستر الصلاتي من أن الأقوى عدم اعتبار شرطية اباحته في صحة الصلاة، فلو كان مغصوبا لم تمنع غصبيته عن صحتها، باعتبار أن الستر قيد للصلاة، و هو خارج عنها، و ليس من واجباتها، و التقيّد به داخل فيها، و عليه فاذا تعلق به النهي فقد تعلق بذات القيد دون التقيد به، لأنه أمر معنوي لا واقع موضوعي له لكي يتعلق به النهي، و من الواضح أن تعلق النهي بذات القيد لا يمنع عن الانطباق، على أساس أن الحرام لا يكون متحدا مع الواجب خارجا، و هذا البيان ينطبق على المقام حرفيا، و من

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 314)


……….

هنا يظهر الحال فيما اذا كان غير الساتر مغصوبا، فانه على تقدير تسليم أن غصبيّة الساتر مانعة عن الصحة، فلا تمنع غصبية غيره عنها، باعتبار أن غير الساتر لا يكون قيدا للواجب.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 315)


[واجبات الطواف]

واجبات الطواف تعتبر في الطواف أمور سبعة:

الاول: الابتداء من الحجر الأسود (1)، و الأحوط‍‌ الأولى أن يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر و يكفي في الاحتياط‍‌ أن يقف دون الحجر بقليل فينوي الطواف من الموضع الذي تتحقق فيه المحاذاة واقعا على أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية.

الثاني: الانتهاء في كل شوط‍‌ بالحجر الأسود و يحتاط‍‌ في الشوط‍‌ الأخير بتجاوزه عن الحجر بقليل على أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية.

الثالث: جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال الطواف، فاذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الاركان أو لغيره أو ألجأه الزحام الى استقبال الكعبة أو استدبارها أو جعلها على اليمين فذلك المقدار لا يعد من الطواف (2) و الظاهر أن العبرة في جعل الكعبة على اليسار بالصدق العرفي

(1)بأن يقف الى جانب الحجر، محاذيا له، قريبا منه، أو بعيدا عنه، مراعيا أن تكون الكعبة الشريفة الى جانبه الأيسر، ثم ينوي طواف العمرة أو الحج، و تدل على ذلك مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود الى الحجر الأسود»1.

(2)فان الواجب هو أن يطوف حول الكعبة سبع مرات يراعى في تمام


 

(1)) <page number=”315″ />الوسائل: الباب 31 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 316)


كما يظهر ذلك من طواف النبي صلّى اللّه عليه و آله راكبا، و الاولى المداقة في ذلك و لا سيما عند فتحي حجر اسماعيل و عند الاركان.

الرابع: إدخال حجر اسماعيل في المطاف بمعنى أن يطوف حول الحجر من دون أن يدخل فيه (1).

الخامس: خروج الطائف عن الكعبة و عن الصفة التي في أطرافها المسماة بشاذروان (2).

السادس: ان يطوف بالبيت سبع مرات (3)

أحوال الطواف ان تكون الكعبة الشريفة في جانبه الأيسر مبتدئا في كل مرة بالحجر و منتهيا في كل مرة اليه، فاذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان، أو لغيره، أو الجأه الزحام الى استقبال الكعبة، أو استدبارها، أو جعلها على اليمين، فذلك المقدار الذي خطى مستقبل الكعبة لا يعد من الطواف، فيعيد من حيث انحرف، و لا يقصد بوضع الكعبة على اليسار أن ينحرف الطائف كتفه الأيسر عند مروره بالأركان، لكي يكون محاذيا لبناء الكعبة، فان هذه التدقيقات غير واجبة جزما لأن المقصود من جعل الكعبة على يساره تحديد و جهة سير الطائف كما هو ظاهر.

(1)تدل عليه جملة من الروايات، و منها صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة.

(2)لا وجود له في زماننا هذا حتى نتكلم عن حكمه. نعم لو كان موجودا و شك في أنه من البيت فالأحوط‍‌ وجوبا أن يكون الطواف من خارجه.

(3)تنص عليه طوائف من الروايات التي تبلغ مجموعها من الكثرة حد التواتر اجمالا.

منها: الروايات البيانية الواردة في كيفية الحج و واجباته.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 317)


متواليات عرفا (1) و لا يجزي الأقل من السبع، و يبطل الطواف بالزيادة على السبع عمدا كما سيأتي.

[مسألة 303: اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين الكعبة و مقام ابراهيم عليه السّلام]

(مسألة 303): اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين الكعبة و مقام ابراهيم عليه السّلام و يقدّر هذا الفاصل بستة و عشرين ذراعا و نصف ذراع، و بما ان حجر اسماعيل داخل في المطاف فمحل الطواف من الحجر لا يتجاوز ستة أذرع و نصف ذراع و لكن الظاهر كفاية الطواف في الزائد على هذا المقدار أيضا (2) و لا سيما لمن لا يقدر على الطواف في الحد المذكور أو انه حرج عليه و رعاية الاحتياط‍‌ مع التمكن أولى.

و منها: الروايات الواردة في الشك في عدد الأشواط‍‌.

و منها: الروايات الآمرة بوجوب الاعادة اذا زاد شوطا على سبعة أشواط‍‌.

و منها: الروايات الواردة في القران بين اسبوعين، و منها غيرها. فمن أجل ذلك يكون الطواف حول البيت سبع مرات أمرا مفروغا عنه و متسالما عليه.

(1)هذا هو المتفاهم العرفي من الروايات التي تنص على أن الطواف مركب من سبعة أشواط‍‌، و هو عمل واحد مركب، و من الواضح أن وحدته بنظر العرف متقومة بالتوالي بين اجزائه و واجباته.

فالنتيجة: ان مقتضى القاعدة اعتبار التوالي بين اشواط‍‌ الطواف. نعم هناك مستثنيات من مقتضى هذه القاعدة بدليل خاص.

منها: ما اذا حاضت المرأة في اثناء الطواف، فانها تقطع طوافها، و تأتي بالباقي بعد الظهر، و منها غير ذلك مما يأتي في ضمن البحوث القادمة.

(2)هذا هو الصحيح، فان ما هو المشهور بين الأصحاب من وجوب كون الطواف بين الكعبة و المقام مراعيا تلك المسافة في جميع اطراف البيت، لا دليل عليه الاّ رواية محمد بن مسلم، قال: «سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 318)


……….

خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت، قال: كان الناس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يطوفون بالبيت و المقام، و انتم اليوم تطوفون ما بين المقام و بين البيت، فكان الحد موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف، و الحد قبل اليوم و اليوم واحد قدر ما بين المقام و بين البيت من نواحي البيت كلها، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد، لأنه طاف في غير حدّ و لا طواف له»1 و هذه الرواية و إن كانت واضحة الدلالة، الاّ أنها ضعيفة سندا، فان في سندها ياسين الضرير، و هو ممن لم يثبت توثيقه، فمن أجل ذلك لا يمكن الاعتماد عليها في تقييد اطلاقات الروايات التي تدل على أن وظيفة المكلف الطواف حول البيت بدون أن تحدد المطاف بمسافة معينة و محددة، و مقتضى اطلاق تلك الروايات أن المعيار انما هو بصدق الطواف حول البيت عرفا، و من المعلوم أنه يصدق و إن كان من خلف المقام.


 

(1)) <page number=”318″ />الوسائل: الباب 28 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 319)


[الخروج عن المطاف الى الداخل أو الخارج]

الخروج عن المطاف الى الداخل أو الخارج

[مسألة 304: إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة بطل طوافه و لزمته الاعادة]

(مسألة 304): إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة بطل طوافه و لزمته الاعادة (1)، و الاولى إتمام الطواف ثم إعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف.

(1)تدل على ذلك جملة من الروايات:

منها: صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فيمن كان يطوف بالبيت، فيعرض له دخول الكعبة، فدخلها، قال: يستقبل طوافه»1.

و منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل طاف بالبيت ثلاثة اشواط‍‌، ثم وجد من البيت خلوه فدخله، كيف يصنع‌؟ قال: يعيد طوافه، و خالف السنة»2 ، و منها غيرهما، و مقتضى اطلاق هذه الروايات أن الدخول في البيت يوجب بطلان الطواف، و وجوب استينافه من الأول، كما أن مقتضى اطلاق الصحيحة الأولى عدم الفرق بين أن يكون الدخول قبل تجاوز النصف أو بعده.

و أما في الصحيحة الثانية و إن فرض الدخول فيه قبل تجاوز النصف، الاّ أن ذلك لما كان في كلام السائل لا في كلام الإمام عليه السّلام فلا يدل على الاختصاص، بل المتفاهم العرفي منها عدم الفرق بين أن يكون الدخول قبل تجاوز النصف أو بعده، و مع التنزل عن ذلك فالصحيحة ساكتة عن حكم الدخول بعد التجاوز من النصف، فالمرجع فيه حينئذ هو اطلاق الصحيحة الأولى، و عليه فما هو


 

(1)) <page number=”319″ />الوسائل: الباب 41 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 41 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 320)


[مسألة 305: إذا تجاوز عن مطافه إلى الشاذروان بطل طوافه]

(مسألة 305): إذا تجاوز عن مطافه إلى «الشاذروان» بطل طوافه (1) بالنسبة إلى المقدار الخارج عن المطاف و الاحوط‍‌ اتمام الطواف بعد تدارك ذلك المقدار ثم اعادته و الأحوط‍‌ ان لا يمد يده على طوافه من جانب «الشاذروان» إلى جدار الكعبة لاستلام الاركان أو غيره (2).

[مسألة 306: إذا دخل الطائف حجر اسماعيل بطل الشوط‍‌ الذي وقع ذلك فيه فلا بد من اعادته]

(مسألة 306): إذا دخل الطائف حجر اسماعيل بطل الشوط‍‌ الذي وقع ذلك فيه فلا بد من اعادته (3)، و الأولى اعادة الطواف بعد إتمامه،

المشهور بين الأصحاب من التفصيل بين ما اذا كان الدخول في البيت بعد تجاوز النصف، و ما اذا كان قبله، فعلى الأول صحيح، و على الثاني باطل، لا أصل له.

(1)هذا اذا كان واثقا بأن الشاذروان من البيت، و أما اذا كان شاكا في أنه من البيت أو لا، فالحكم بالبطلان يكون مبنيا على الاحتياط‍‌.

ثم إن الظاهر بطلان الشوط‍‌ الذي طاف فوق الشاذروان دون بقية الأشواط‍‌، اذ لا دليل على بطلان البقية، و الروايات التي تنص على بطلان الطواف بدخول الكعبة لا تشمل المقام، فاذن يجب اعادة ذلك الشوط‍‌ فحسب.

(2)لا بأس بتركه، لأن الواجب الطواف حول البيت، و هو لا يمنع عن صدق ذلك عرفا.

(3)تدل عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت: رجل طاف بالبيت، فاختصر شوطا واحدا في الحجر، قال: يعيد ذلك الشوط‍‌»1.

و منها: صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحجر، قال: يقضي ما اختصر من طوافه»2.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: من اختصر في الحجر الطواف، فليعد طوافه من الحجر الأسود الى الحجر الأسود»3.

ثم انه لا معارضة بين الصحيحتين الأوليين و الصحيحة الثالثة، فان


 

(1)) <page number=”320″ />الوسائل: الباب 31 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 31 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 31 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 321)


هذا مع بقاء الموالاة، و أما مع عدمها فالطواف محكوم بالبطلان و ان كان ذلك عن جهل أو نسيان (1)، و في حكم دخول الحجر التسلق على حائطه على الأحوط‍‌ (2)، بل الأحوط‍‌ أن لا يضع الطائف يده على حائط‍‌ الحجر أيضا.

[مسألة 307: إذا خرج الطائف من المطاف الى الخارج قبل تجاوزه النصف من دون عذر]

(مسألة 307): إذا خرج الطائف من المطاف الى الخارج قبل تجاوزه النصف من دون عذر فان فاتته الموالاة العرفية بطل طوافه و لزمته اعادته، و ان لم تفت الموالاة أو كان خروجه بعد تجاوز النصف فالأحوط‍‌ إتمام الطواف ثم اعادته (3).

مقتضى الأوليين أن كل شوط‍‌ اذا اختصر الطائف في الحجر فلا بد من اعادته، و ظاهر الصحيحة الثالثة أنه أتى بجميع الأشواط‍‌ في الحجر، فمن أجل ذلك تجب عليه اعادة الجميع.

و إن شئت قلت: ان الصحيحة تنص على وجوب اعادة ما أتى به في الحجر من الطواف، فان كان تمام الاشواط‍‌ فعليه اعادة التمام، و إن كان بعضها فعليه اعادة ذلك البعض.

(1)لإطلاق الروايات.

(2)لا بأس بتركه، لأن التسلق لا يكون دخولا في الحجر، و الممنوع انما هو دخول الطائف فيه.

(3)بل الأظهر اعادة الطواف من جديد اذا فاتت الموالاة، و إن كان الخروج بعد تجاوز النصف، و ذلك لأن الطواف كالصلاة عمل واحد عرفا، غاية الأمر أن الصلاة مركبة من الأقوال و الافعال، و الطواف مركب من سبعة اشواط‍‌ حول البيت، فكما ان الموالاة معتبرة بين أجزاء الصلاة و واجباتها، فكذلك بين اشواط‍‌ الطواف، لأن وحدة العمل المركب عرفا متقومة بها، و على هذا فاذا خرج

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 322)


……….

الطائف عن المطاف بدون عذر مسوغ عامدا و ملتفتا، فتارة يقع الكلام فيه بالنظر الى مقتضى القاعدة، و أخرى بالنظر الى مقتضى الروايات.

اما الكلام في الأول: فان كانت فترة الخروج يسيره بنحو لا تضر بالموالاة، فيرجع و يبني على ما تقدم منه من الأشواط‍‌، و لا شيء عليه، على أساس أن المعتبر في صحة الطواف مضافا الى شروطه العامة و الطهارة من الحدث الموالاة العرفية بين اجزائه، فاذا فرض أن فترة الخروج بمقدار لا تفوت به الموالاة عرفا، فلا موجب للبطلان، و لا فرق في ذلك بين ان يكون الخروج من المطاف قبل الشوط‍‌ الرابع أو بعده، كما أنه لا فرق فيه بين الطواف الواجب و المندوب و إن طالت مدة الخروج الى المقدار الذي تفوت معه الموالاة بطل الطواف، و لا فرق في ذلك أيضا بين أن يكون الخروج قبل الشوط‍‌ الرابع أو بعده، كما أنه لا فرق فيه بين الطواف الواجب و المندوب، بل الأمر كذلك اذا خرج من المطاف من أجل عذر كالوضوء أو الغسل أو التطهير من الخبث، فان فترة الخروج إن طالت الى مدة تفوت معها الموالاة بطل الطواف، و الاّ فلا موجب لبطلانه بدون فرق بين الطواف الواجب و المندوب، و بين أن يكون خروجه قبل انتهاء الشوط‍‌ الرابع أو بعده.

و اما الكلام في الثاني: فعمدة الروايات في المسألة صحيحة أبان بن تغلب عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل طاف شوطا أو شوطين، ثم خرج مع رجل في حاجته، قال: إن كان طواف نافلة بنى عليه، و إن كان طواف فريضة لم يبن»1

و هذه الصحيحة تنص على أن خروج الطائف من المطاف بدون عذر شرعي إن كان في الطواف الواجب كان مبطلا له، و إن كان في المندوب لم يبطل، و مقتضى


 

(1)) <page number=”322″ />الوسائل: الباب 41 من أبواب الطواف، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 323)


……….

اطلاقها عدم الفرق بين أن تكون فترة الخروج بمقدار تفوت به الموالاة و بين أن لا تكون بهذا المقدار، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى أن مورد السؤال في الصحيحة و إن كان خروج الطائف من المطاف بعد شوط‍‌ أو شوطين، الاّ أن المتفاهم العرفي من جواب الإمام عليه السّلام عدم خصوصية لذلك، بقرينة أن تركيز الإمام عليه السّلام في مقام الجواب على الفرق بين الطواف الواجب و المندوب، لا على كون الخروج قبل اكمال الشوط‍‌ الرابع، يدل على أن المانع عن صحة الطواف انما هو الخروج اثناء الطواف بدون عذر، سواء أ كان قبل اكمال الشوط‍‌ الرابع، أم كان بعده.

و بكلمة: أن خروج الطائف عن المطاف بعد اكمال شوط‍‌ او شوطين انما هو وارد في موضوع سؤال السائل دون جواب الإمام عليه السّلام فانه ناظر الى الفرق بين الطواف الواجب و المندوب، و احتمال اختصاص هذا الفرق بمورد السؤال فحسب بعيد جدا عن المرتكز العرفي.

فالنتيجة: ان المتفاهم منه عرفا أن الطواف إن كان فريضة فالخروج اثناؤه مبطل، و إن كان بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع، و إن كان نافلة لم يكن مبطلا.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن لمورد السؤال في الصحيحة خصوصيّة، الاّ أن لازم ذلك هو التفصيل بين خروج الطائف عن المطاف بعد شوط‍‌ أو شوطين، و خروجه عنه بعد ثلاثة اشواط‍‌، لا التفصيل بين خروجه عنه قبل اكمال الشوط‍‌ الرابع و بعده – كما هو المشهور بين الأصحاب -.

و دعوى: أنه لا خصوصية لخروجه بعد شوط‍‌ أو شوطين الاّ بلحاظ‍‌ أنه قبل الشوط‍‌ الرابع.

مدفوعة: بأنه اذا لم تكن للخروج بعد شوط‍‌ أو شوطين خصوصية لدى

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 324)


……….

العرف، لم تكن له خصوصية بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع أيضا، اذ مقتضى القاعدة انه لا فرق بين أن يكون الخروج بعد شوط‍‌ أو شوطين، أو يكون بعد الشوط‍‌ الرابع، على أساس أن الخروج في الجميع يكون اثناء الطواف، كما هو الحال في غيره من الواجبات، كالصلاة و نحوها، اذ لا فرق في بطلان الصلاة بين أن يقطعها المصلي بعد تكبيرة الإحرام، أو بعد الركوع، أو بعد الركعة الثالثة.

و في مقابل هذه الصحيحة طائفتان من الروايات:

الأولى: متمثلة في رواية صفوان الجمال، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

«الرجل يأتي أخاه و هو في الطواف، فقال: يخرج معه في حاجته، ثم يرجع و يبني على طوافه»1 فانها تدل على أن خروج الطائف من المطاف من أجل الحاجة لا يكون مبطلا للطواف، فاذن تكون منافية للصحيحة المتقدمة.

و الجواب أولا: ان رواية صفوان ضعيفة سندا، لأن في طريق الصدوق اليه موسى بن عمرو هو ممن لم يثبت توثيقه، و مجرد أنه من رجال كامل الزيارات لا يجدي.

و ثانيا: مع تسليم كونها تامة سندا، الاّ أنها لا تصلح أن تعارض الصحيحة باعتبار أنها أخص منها، و تتقدم عليها تطبيقا لقاعدة حمل المطلق على المقيد.

فالنتيجة: تقييد مورد رواية صفوان بالطواف المندوب. و قد يجمع بينهما بحمل الصحيحة على ما اذا كان الخروج قبل تجاوز النصف، و رواية صفوان على ما اذا كان بعده.

و لكن يرد عليه: أن هذا الجمع ليس بجمع عرفي، لأن الجمع العرفي بين الدليلين مرتبط‍‌ بأخصية أحدهما أو أظهريته، أو نصوصيته، و شيء منها غير


 

(1)) <page number=”324″ />الوسائل: الباب 42 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 325)


……….

موجود في المقام، فاذن يكون هذا الجمع جمعا تبرعيا فلا يكون حجة.

و هاهنا روايات اخرى تنص على جواز قطع الطواف و الخروج من المطاف اختيارا لحاجة، ثم اذا رجع بنى على ما أتى به، و لكنها بأجمعها ضعيفة سندا أيضا، فلا يمكن الاعتماد عليها.

فالنتيجة: ان الطائف اذا خرج من المطاف عامدا و ملتفتا و بدون عذر شرعي، فالأظهر بطلان طوافه و إن كان خروجه بعد الشوط‍‌ الرابع، و عليه أن يستأنف طوافا جديدا. نعم إذا كان خروجه عن المطاف بعد الشوط‍‌ الرابع فالأحوط‍‌ استحبابا أن يقصد به الأعم من التكميل و الاستئناف حسب ما هو المطلوب منه واقعا.

الثانية: صحيحة حمران بن أعين عن ابي جعفر عليه السّلام، قال: «سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده، فطاف منه خمسة أشواط‍‌، ثم غمزه بطنه، فخاف أن يبدره، فخرج الى منزله، فنقض ثم غشي جاريته، قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه، و يستغفر اللّه و لا يعود، و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط‍‌، ثم خرج فغشي فقد أفسد حجه، و عليه بدنة و يغتسل ثم يعود فيطوف اسبوعا»1 بتقريب أنها تدل على التفصيل بين ما اذا كان خروج الطائف من المطاف قبل الشوط‍‌ الرابع، و ما اذا كان بعده، فعلى الأول يبطل طوافه، و عليه أن يستأنف طوافا جديدا، و على الثاني لا يبطل فعليه أن يكمل ما بقي من طوافه.

و الجواب: ان موردها الجماع، و له أحكام خاصة في باب الحج، لا تترتب تلك الأحكام على غيره من الأحداث كالحيض و النفاس و الحدث


 

(1)) <page number=”325″ />الوسائل: الباب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 326)


[مسألة 308: اذا أحدث اثناء طوافه جاز له أن يخرج و يتطهر ثم يرجع و يتم طوافه]

(مسألة 308): اذا أحدث اثناء طوافه جاز له أن يخرج و يتطهر ثم يرجع و يتم طوافه على ما تقدم (1)

الأصغر، بل و الاستمناء، فمن أجل ذلك لا يمكن التعدي عن موردها الى سائر الموارد، هذا اضافة الى أن مورد الصحيحة لا ينطبق على ما هو المعروف بين الأصحاب، من أن الطائف اذا أحدث اثناء الطواف، فان كان قبل بلوغ النصف بطل طوافه، و عليه أن يتوضأ و يستأنف طوافا جديدا، و إن كان بعده توضأ و أكمل ما بقي من طوافه، و ذلك لأن الصحيحة تفصل بين ما اذا كان الجماع بعد الشوط‍‌ الخامس، و ما اذا كان بعد الشوط‍‌ الثالث، فعلى الأول لا يبطل الطواف به، و عليه أن يغتسل و يكمل ما بقي عليه من الشوطين، و على الثاني يبطل الطواف به، و عليه أن يستأنف طوافا جديدا بعد الغسل، و اما اذا كان الجماع بعد تجاوز النصف، كما اذا كان بعد الشوط‍‌ الرابع و قبل الخامس فالصحيحة ساكتة عن حكمه. لحد الآن قد تبين أن من خرج من المطاف عامدا و عالما و بدون عذر شرعي بطل طوافه، سواء أطالت فترة خروجه الى حد تفوت به الموالاة أم لا، و سواء أ كان ذلك بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع أم كان قبله.

(1)تقدم ان صدور الحدث أثناء الطواف لا يوجب بطلانه و إن كان قبل الشوط‍‌ الرابع اذا كانت مدة الخروج للتوضؤ يسيرة بنحو لا تضر بالموالاة، و اما اذا كانت كثيرة بنحو تفوت بها الموالاة، فالأظهر بطلانه و إن كان الحدث بعد الشوط‍‌ الرابع، و قد مر أنه لا دليل على ما هو المشهور من التفصيل ما عدا مرسلة جميل عن بعض اصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يحدث في طواف الفريضة، و قد طاف بعضه، قال: يخرج و يتوضأ، فان كان جاز النصف بنى على طوافه، و إن كان أقل من النصف أعاد الطواف»1 و هي مما لا يمكن الاعتماد


 

(1)) <page number=”326″ />الوسائل: الباب 40 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 327)


و كذلك الخروج لإزالة النجاسة من بدنه أو ثيابه (1) و لو حاضت المرأه اثناء طوافها وجب عليها قطعه و الخروج من المسجد الحرام فورا، و قد مرّ حكم طواف هؤلاء في شرائط‍‌ الطواف.

[مسألة 309: إذا التجأ الطائف الى قطع طوافه و خروجه عن المطاف لصداع أو وجع في البطن أو نحو ذلك]

(مسألة 309): إذا التجأ الطائف الى قطع طوافه و خروجه عن المطاف لصداع أو وجع في البطن أو نحو ذلك فان كان ذلك قبل اتمامه الشوط‍‌ الرابع بطل طوافه و لزمته اعادته و إن كان بعده فالأحوط‍‌ أن يستنيب للمقدار الباقي (2) و يحتاط‍‌ بالاتمام و الاعادة بعد زوال العذر.

عليها من جهة ارسالها، و على هذا فالمعيار في بطلان الطواف في المسألة انما هو بالاخلال بالموالاة، فان طالت فترة الخروج من أجل الوضوء الى أن تفوت بها الموالاة بطل، و الاّ صح، بدون فرق في ذلك بين أن يكون صدور الحدث منه قبل الشوط‍‌ الرابع أو بعده، و إن كان الأحوط‍‌ استحبابا أن يكمل الطواف أولا، ثم يأتي بطواف كامل من جديد، على تفصيل تقدم في المسألة (285) من شرائط‍‌ الطواف.

(1)تقدم في الشرط‍‌ الثالث للطواف أن الروايات التي تدل على شرطية طهارة البدن و الثوب في صحة الطواف بأجمعها ضعيفة من ناحية السند، و من هنا تكون شرطيتها مبنية على الاحتياط‍‌، و على هذا فاذا خرج من المطاف لتطهير ثوبه أو بدنه من النجاسة، فان طالت مدة التطهير الى أن تختل بها الموالاة بطل طوافه، و عليه أن يستأنف الطواف من جديد، و الاّ فيأتي بما بقى عليه من الأشواط‍‌ بل الأحوط‍‌ وجوبا أن يستأنف بطواف كامل من جديد، هذا بدون فرق بين ان يكون خروجه قبل الشوط‍‌ الرابع أو بعده.

(2)بل الأظهر البطلان بدون فرق بين أن يكون قبل تجاوز النصف أو بعده، لأن عمدة الدليل على ذلك صحيحة الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال :

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 328)


[مسألة 310: يجوز للطائف أن يخرج من المطاف لعيادة مريض أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد اخوانه المؤمنين]

(مسألة 310): يجوز للطائف أن يخرج من المطاف لعيادة مريض أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد اخوانه المؤمنين و لكن تلزمه الاعادة اذا كان الطواف فريضة و كان ما أتى به شوطا أو شوطين (1)، و أما اذا كان خروجه بعد ثلاثة أشواط‍‌ فالأحوط‍‌ أن يأتي بعد رجوعه بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام و الاتمام.

اذا طاف الرجل بالبيت ثلاثة اشواط‍‌، ثم اشتكى، أعاد الطواف، يعني الفريضة»1

فانها على ما في الوسائل و إن كانت مشتملة على كلمة (ثلاثة) الاّ أن المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية، أنه لا موضوعية لها، و أخذها في موضوع الحكم في لسان الدليل انما هو بعنوان المعرفية الصرفة، للإشارة الى أن خروجه من المطاف انما يكون اثناء الطواف، و على هذا فالصحيحة تدل على أن خروج الطائف من المطاف لأجل طرو مرض مفاجئ كالصداع في الرأس، او الوجع في البطن، أو نحو ذلك يوجب الغاء ما أتى به، و يستأنف طوافا جديدا، و إن كان ذلك بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن تطول مدة الخروج الى أن تفوت بها الموالاة، و بين أن لا تطول كذلك، هذا اضافة الى أن كلمة (ثلاثة) غير موجودة في رواية الكافي، فان الموجود فيها (اشواطا) فاذن لم يثبت صدور هذه الكلمة من الامام عليه السّلام، و على هذا فالرواية لا تدل على هذا التفصيل، و مع ذلك فالأحوط‍‌ استحبابا اذا كان الخروج بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع، أن يأتي بطواف كامل يقصد به التكميل و الاستيناف حسب ما هو المطلوب منه واقعا.

(1)فيه أنه لا وجه لهذا التقييد، لما مر من أنه لا خصوصية للخروج من المطاف بعد شوط‍‌ أو شوطين من أجل حاجة، كعيادة مريض، أو قضاء حاجة،


 

(1)) <page number=”328″ />الوسائل: الباب 45 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 329)


[مسألة 311: يجوز الجلوس اثناء الطواف للاستراحة]

(مسألة 311): يجوز الجلوس اثناء الطواف للاستراحة (1) و لكن لا بد أن يكون مقداره بحيث لا تفوت به الموالاة، العرفية، فان زاد على ذلك بطل طوافه و لزمه الاستيناف (2).

بل المعيار انما هو بكون الطواف فريضة أو نافلة، فان كان فريضة بطل بالخروج على الأظهر، و إن كان بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع، و إن لم تفت به الموالاة.

(1)تدل عليه صحيحة علي بن رئاب، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

«الرجل يعيى في الطواف، أله أن يستريح‌؟ قال: نعم، يستريح ثم يقوم، فيبني على طوافه في فريضة أو غيرها، و يفعل ذلك في سعيه و جميع مناسكه»1.

(2)لما مر من أن وحدة الطواف المركب من سبعة اشواط‍‌ حول البيت متقومة بالموالاة بينها فاذا فاتت الموالاة بطل الطواف.


 

(1)) <page number=”329″ />الوسائل: الباب 46 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 330)


[النقصان في الطواف]

النقصان في الطواف

[مسألة 312: اذا نقص من طوافه عمدا]

(مسألة 312): اذا نقص من طوافه عمدا (1) فان فاتت الموالاة بطل طوافه و إلا جاز له الاتمام ما لم يخرج من المطاف، و قد تقدم حكم الخروج من المطاف متعمدا.

[مسألة 313: إذا نقص من طوافه سهوا فان تذكره قبل فوات الموالاة و لم يخرج بعد من المطاف]

(مسألة 313): إذا نقص من طوافه سهوا فان تذكره قبل فوات الموالاة و لم يخرج بعد من المطاف (2)

(1)لذلك صورتان:

الأولى: ان يكون ذلك عامدا و عالما و لا يزال هو في المطاف، و حينئذ فما دام لم تمض عليه فترة زمنية طويلة تفوت بها الموالاة عرفا جاز له أن يكمل ما نقص من طوافه، و يكتفى بذلك، و اذا مضت عليه فترة كذلك بطل ما أتى به من الأشواط‍‌، من جهة عدم امكان تكميله بالاتيان بما نقص، فمن أجل ذلك يجب عليه الاتيان بطواف جديد.

الثانية: أن يكون ذلك عامدا و ملتفتا أيضا، و لكن مع فرض خروجه من المطاف، و حينئذ يبطل طوافه، لما مر من أن خروج الطائف من المطاف عامدا و ملتفتا موجب لبطلانه، و على هذا فيجب عليه أن يستأنف الطواف من جديد و لا يكتفي بتكميل ما أتى به.

(2)لا إشكال في صحة الطواف في هذه الصورة، و هي ما اذا صدر النقصان منه سهوا، و تذكر ذلك قبل خروجه من المطاف، و بعد فترة قصيرة من الزمن التي لا تضر بالموالاة، و حينئذ فيأتي بالباقى، و يصح طوافه، بل قد مر أنه اذا صدر منه النقصان عمدا، و هو لا يزال في المطاف، فما دام لم تمض عليه فترة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 331)


أتى بالباقى و صح طوافه. و أما إذا كان تذكره بعد فوات الموالاة أو بعد خروجه من المطاف فان كان المنسي شوطا واحدا أتى به و صح طوافه أيضا و ان لم يتمكن من الاتيان به بنفسه و لو لأجل أن تذكره كان بعد إيابه إلى بلده، استناب غيره (1)، و إن كان المنسي اكثر من شوط‍‌ واحد و أقل من أربعة رجع و أتم ما نقص و الأولى إعادة الطواف بعد الاتمام، و ان كان المنسي أربعة أو أكثر فالأحوط‍‌ الاتمام (2) ثم الاعادة.

تفوت بها الموالاة عرفا، جاز له أن يكمل ما نقص.

(1)تدل عليه صحيحة الحسن بن عطية، قال: «سألته سليمان بن خالد و أنا معه، عن رجل طاف بالبيت ستة اشواط‍‌، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و كيف طاف ستة اشواط؟ قال: استقبل الحجر، و قال: اللّه اكبر و عقد واحدا، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

يطوف شوطا، فقال سليمان؛ فانه فاته ذلك حتى أتى أهله، قال: يأمر من يطوف عنه»1 فانها تتضمن أمرين:

الأول: ان الطواف لا يبطل بالنقص السهوي و إن فاتت الموالاة.

الثاني: وجوب الاتيان بالناقص مباشرة اذا أمكن، و الاّ فعليه الاستنابة.

(2)بل هو الأقوى، لإطلاق موثقة اسحاق بن عمار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طاف بالبيت، ثم خرج الى الصفا فطاف بين الصفا و المروة، فبينما هو يطوف اذ ذكر انه قد ترك بعض طوافه بالبيت، قال: يرجع الى البيت، فيتم طوافه، ثم يرجع الى الصفا و المروة فيتم ما بقي»2 ، فانه يعم ما اذا كان المنسي أربعة أشواط‍‌ أو أكثر، لصدق البعض عليه، بل المستفاد من الموثقة عرفا بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية، ان النسيان لا يوجب البطلان و إن كان التذكر بعد فوت الموالاة، فان مقتضى اطلاق الموثقة و نص الصحيحة سقوط‍‌ شرطية الموالاة في حال النسيان.


 

(1)) <page number=”331″ />الوسائل: الباب 32 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 32 من أبواب الطواف، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 332)


……….

و لمزيد التعرف على ما تقدم نذكر فيما يلي صورا:

الصورة الأولى: ان الطائف اذا خرج من المطاف عامدا و عالما، سواء أ كان لحاجة عرفية أم لا، بطل طوافه بمقتضى صحيحة أبان بن تغلب المتقدمة، و إن كان خروجه بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع على الأظهر، و حينئذ فيجب عليه أن يأتي بطواف جديد، و لا يكفي بتكميل ما أتى به، و لا فرق في ذلك بين أن تكون فترة الخروج طويلة الى مقدار تفوت به الموالاة عرفا، و بين أن لا تكون كذلك.

الصورة الثانية: اذا خرج عن المطاف متعمدا لقضاء حاجة مؤمن، أو لطرو مرض مفاجئ كالصداع، أو وجع البطن، أو غير ذلك، بطل طوافه بمقتضى صحيحة الحلبي المتقدمة، هذا بدون فرق بين أن يكون الخروج قبل اكمال الشوط‍‌ الرابع أو بعده على الأظهر، و كانت فترة الخروج قصيرة أو طويلة تفوت بها الموالاة عرفا، و إن كان الأحوط‍‌ استحبابا أن يأتي بطواف جديد يقصد بها التكميل و الاستيناف حسب ما هو المطلوب واقعا اذا كان خروجه بعد الشوط‍‌ الرابع.

الصورة الثالثة: اذ اخرج من المطاف نسيانا و باعتقاد أنه اكمل الطواف، و تذكر بعد فترة يسيرة، لا تضر بالموالاة، أو فترة طويلة تضربها، كفاه أن يرجع و يتم طوافه بتكميله سبعة أشواط‍‌، و لا يجب عليه استئناف طواف جديد، هذا بدون فرق بين أن يكون بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع، أو قبله و تدل عليه عدة من الروايات منها صحيحة الحسن بن عطية، و موثقة اسحاق بن عمار المتقدمتين و منها غيرهما.

الصورة الرابعة: اذا طرأ حيض أو حدث آخر من الطائف اثناء الطواف، لم يوجب بطلانه على أساس أن الطهارة من الحدث شرط‍‌ لأجزائه لا للأكوان

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 333)


……….

المتخللة بينها، و لا دليل على أن صدور الحدث منه في الاثناء مبطل، و إن كان قبل اكمال الشوط‍‌ الرابع.

و أما اذا خرج من المطاف، فان كان الحدث حيضا لم يوجب بطلان الطواف و إن طالت مدة الخروج الى زمان انقطاع الحيض، فان للحائض حينئذ أن تغتسل و ترجع الى المطاف، و تكمل ما أتت به من الأشواط‍‌، و لا فرق في ذلك بين أن يكون حدوث الحيض قبل الشوط‍‌ الرابع، أو بعده، و تنص عليه صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة، و إن كان غير الحيض كالبول أو الغائط‍‌ أو الريح، فان طالت مدة الخروج من أجل الوضوء الى أن تفوت بها الموالاة، بطل ما أتى به من الأشواط‍‌ و إن كان بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع، و عليه استئنافه من جديد، و ان لم تطل مدته الى هذا المقدار كفى أن يكمل ما أتى به و إن كان قبل الشوط‍‌ الرابع، و ذلك لعدم الدليل على أن الخروج من المطاف من أجل الوضوء مبطل و إن لم تضر بالموالاة.

الصورة الخامسة: اذا غمز بطنه، و خاف أن يبدره، فخرج من المطاف الى منزله، لم يكن خروجه هذا موجبا لبطلان طوافه و استينافه عليه من جديد، بدون فرق فيه بين أن يكون خروجه قبل اكمال الشوط‍‌ الرابع أو بعده، و تنص عليه صحيحة حمران بن أعين المتقدمة، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن تطول مدة الخروج الى ان تفوت بها الموالاة، و بين أن لا تطول كذلك. نعم اذا جامع امرأته اثناء الخروج، فان كان بعد الشوط‍‌ الخامس لم يوجب بطلان ما أتى به من الأشواط‍‌، بل عليه حينئذ أن يكمل ما أتى به، و إن كان بعد الشوط‍‌ الثالث بطل، و عليه أن يستأنف طوافا جديدا.

الصورة السادسة: اذا رأى الطائف نجاسة في بدنه، أو ملابسه، و خرج

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 334)


……….

من أجل تطهيرها، فالأحوط‍‌ و الأجدر به وجوبا اذا طهّر و رجع أن يستأنف طوافا جديدا، يقصد به الأعم من التكميل و الاستئناف، حسب ما هو المطلوب منه في الواقع، و ذلك لأن شرطية الطهارة من الخبث في صحة الطواف لما كانت مبنية على الاحتياط‍‌، فعندئذ إن كانت في الواقع شرطا لا بأس بخروجه من أجل تحصيل هذا الشرط‍‌، ثم الرجوع و البناء على ما أتى به، و تنص عليه رواية يونس المتقدمة، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن تكون مدة الخروج للتطهير طويلة الى أن تفوت بها الموالاة، و بين أن لا تكون كذلك، كما أن مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون الخروج بعد اكمال الشوط‍‌ الرابع أو قبله، و أما اذا لم تكن في الواقع شرطا، فيكون الخروج من أجله مبطلا، لأنه داخل في الخروج العمدي بدون عذر شرعي.

الصورة السابعة: يجوز للطائف الجلوس اثناء الطواف للاستراحة، و لا يضر ذلك بطوافه، شريطة أن لا تطول مدة الاستراحة الى أن تفوت بها الموالاة، و تدل عليه صحيحة علي بن رئاب المتقدمة، بل لا مانع من جلوسه أثناء الطواف عامدا من دون أن يكون للاستراحة، و لا يضر بطوافه اذا لم تفت به الموالاة.

الصورة الثامنة: قد تسأل ان الطائف في خروجه عن المطاف عامدا في الطواف الفريضة هل يعتبر آثما؟

و الجواب: انه لا يعتبر آثما اذ لا دليل على حرمة ابطال الطواف و الغائه.

الصورة التاسعة: ان الطائف اذا خرج من المطاف، و دخل الكعبة بطل طوافه رأسا، و عليه استئنافه من جديد، و اذا دخل في حجر اسماعيل بطل ذلك الشوط‍‌ فحسب، دون غيره، و عليه اعادته فقط‍‌، كل ذلك للنص الخاص كما تقدم.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 335)


……….

الصورة العاشرة: إذا نقص من طوافه عامدا و ملتفتا، و هو لا يزال في المطاف، فما دام لم تمض عليه فترة طويلة تفوت بها الموالاة عرفا، كان له أن يكمل ما نقص، و يكتفي بذلك، و اذا مضت عليه فترة طويلة تفوت معها الموالاة، بطل طوافه، و عليه أن يستأنف طوافا جديدا.

الصورة الحادية عشر: إذا كان الطواف مستحبا، جاز للطائف أن يقطعه و يخرج من المطاف عامدا و ملتفتا لحاجة من الحاجات، ثم يرجع و يبني على ما أتى به، فيكمله و يصح طوافه، و لا شيء عليه للنص، على ما تقدم.

الصورة الثانية عشر: يعتبر في الطواف أن يكون بخطوات الطائف المختارة، فلو حملته كثرة الزحام حملا على نحو ترتفع رجلاه من الأرض، و اتفق ذلك في مسافة من المطاف، لم يكف، لأنه في تلك المسافة محمول على الزحام، و يطاف به، لا أنه يطوف بنفسه، و المفروض أن وظيفته الطواف بخطواته مباشرة، و على هذا فاذا اتفق له ذلك وجب عليه أن يلغي تلك المسافة التي انتقل فيها محمولا لا مشيا على الأقدام، و يعود الى المكان الذي حملته كثرة الزحام، و يواصل طوافه منه، و إذا تعذر عليه الرجوع كذلك، أمكنه أن يسير نحوه بدون أن يقصد الطواف الى أن يصل الى ذلك المكان، فينوي الطواف، كما يمكنه أن يخرج من المطاف رأسا، و يستأنف طوافا جديدا.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 336)


[الزيادة في الطواف]

الزيادة في الطواف للزيادة في الطواف خمس صور:

الاولى: ان لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف الذي بيده أو لطواف آخر، ففي هذه الصورة لا يبطل الطواف بالزيادة (1).

الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف أو في أثنائه الاتيان بالزائد على أن يكون جزءا من طوافه الذي بيده و لا اشكال في بطلان طوافه حينئذ و لزوم اعادته (2).

(1)فيه أنه لا زيادة في هذه الصورة حتى تكون مبطلة، لأنها متقومة بأن يأتي بالزائد بقصد كونه من واجبات المزيد فيه و اجزائه، فاذا أتى بالشوط‍‌ الثامن بقصد كونه من واجبات الطواف و اجزائه فهذا زيادة فيه و مبطلة له، و الاّ فلا موضوع لها.

(2)تدل عليه صحيحة أبي بصير، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل طاف بالبيت ثمانية اشواط‍‌ المفروض، قال: يعيد حتى يثبته»1 و معتبرة عبد اللّه بن محمد عن أبي الحسن عليه السّلام: «قال: الطواف المفروض اذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة اذا زدت عليها، فعليك الاعادة، و كذلك السعي»2 ، فالمستفاد منهما أن الزيادة في الطواف مبطلة بدون فرق بين أن تكون زيادة شوط‍‌ أو أقل أو أكثر، فان مورد الرواية الأولى و إن كانت زيادة شوط‍‌، الاّ أن العرف لا يفهم منها خصوصية، هذا اضافة الى أن الرواية الثانية مطلقة، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين كون الزيادة بمقدار شوط‍‌ أو أقل.


 

(1)) <page number=”336″ />الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 11.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 337)


الثالثة: أن يأتي بالزائد على أن يكون جزءا من طوافه الذي فرغ منه بمعنى أن يكون قصد الجزئية بعد فراغه من الطواف، و الأظهر في هذه الصورة أيضا البطلان (1).

الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر و يتم الطواف الثانى، و الزيادة في هذه الصورة و إن لم تكن متحققة حقيقة إلا أن الأحوط‍‌ بل الأظهر فيها البطلان (2) و ذلك من جهة القران بين الطوافين في الفريضة.

(1)هذا هو الصحيح، حيث ان الطواف مركب من سبعة أشواط‍‌، فاذا قصد الطائف أن يجعله اكثر من ذلك بطل طوافه، سواء أ كان قاصدا ذلك من البداية بأن يطوف قاصدا أن يجعله اكثر من سبعة اشواط‍‌، أو تجدد له القصد في الأثناء، ثم انه لا فرق في بطلان الطواف بالزيادة بين العالم و الجاهل بالحكم، لإطلاق النص.

(2)بيان ذلك: ان الروايات الواردة في المسألة على ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى: تدل على عدم جواز القران في الطواف و بطلانه به:

منها: صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: «سأل رجل أبا الحسن عليه السّلام: عن الرجل يطوف الأسباع جميعا فيقرن، فقال: لا، الاّ اسبوع و ركعتان، و انما قرن ابو الحسن عليه السّلام لأنه كان يطوف مع محمد بن ابراهيم لحال التقية»1 و مثلها روايته الأخرى2.

و هذه الطائفة ظاهرة في الإرشاد الى مانعية القران، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين الطواف الواجب و المستحب.

الطائفة الثانية: تنص على كراهة القران:

منها: صحيحة عمر بن يزيد، قال: «سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول: انما يكره


 

(1)) <page number=”337″ />الوسائل: الباب 36 من أبواب الطواف الحديث: 7.
(2)) الوسائل: الباب 36 من أبواب الطواف الحديث: 6.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 338)


……….

القران في الفريضة، فأما النافلة فلا، و اللّه ما به بأس»1.

و منها: صحيحة زرارة، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «انما يكره أن يجمع الرجل بين الاسبوعين و الطوافين في الفريضة، و أما في النافلة فلا بأس»2.

و منها: موثقة طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليه السّلام: «انه كان يكره أن ينصرف في الطواف الاّ على وتر من طوافه»3.

و هذه الطائفة و إن كانت ناصة في الكراهة، الاّ أنها لا تدل على الحرمة،

لأن الظاهر من كلمة (كراهة) عرفا هو المعنى الجامع بين الحرمة و الكراهة المصطلحة، لا خصوص الحرمة، و لا أقل من الاجمال، فدعوى ظهورها في خصوص الحرمة لا شاهد عليها من العرف العام.

الطائفة الثالثة: تدل على جواز القران:

منها: صحيحة زرارة، قال: «ربما طفت مع ابي جعفر عليه السّلام و هو ممسك بيدي الطوافين و الثلاثة، ثم ينصرف و يصلى الركعات ستا»4.

و منها: صحيحة علي بن جعفر عن ابي الحسن موسى عليه السّلام: «قال: يضم اسبوعين و ثلاثة، ثم يصلي لها، و لا يصلى عن أكثر من ذلك»5 و منها غيرهما.

و بعد ذلك نقول ان المراد من الكراهة في الطائفة الثانية بقرينة استثناء طواف النافلة عنها بقوله عليه السّلام: «فلا بأس – و ما به بأس» هو حرمة القران في الفريضة، و البأس به فيها، و حيث ان نسبة الطائفة الثانية الى الطائفة الأولى و الثالثة نسبة المقيد الى المطلق، فتقيد اطلاق الطائفة الأولى بطواف الفريضة، و اطلاق الطائفة الثالثة بطواف النافلة.


 

(1)) <page number=”338″ />الوسائل: الباب 36 من أبواب الطواف الحديث: 4.
(2)) الوسائل: الباب 36 من أبواب الطواف الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 37 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(4)) الوسائل: الباب 36 من أبواب الطواف الحديث: 2.
(5)) الوسائل: الباب 36 من أبواب الطواف الحديث: 13.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 339)


الخامسة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر و لا يتم الطواف الثاني من باب الاتفاق فلا زيادة و لا قران إلا انه قد يبطل الطواف فيها لعدم تأتي قصد القربة و ذلك فيما إذا قصد المكلف الزيادة عند ابتدائه بالطواف أو في اثنائه مع علمه بحرمة القران و بطلان الطواف به فانه لا يتحقق قصد القربة حينئذ (1) و ان لم يتحقق القران خارجا من باب الاتفاق.

[مسألة 314: إذا زاد في طوافه سهوا فان كان الزائد أقل من شوط‍‌ قطعه و صح طوافه]

(مسألة 314): إذا زاد في طوافه سهوا فان كان الزائد أقل من شوط‍‌ قطعه و صح طوافه. و ان كان شوطا واحدا أو أكثر فالأحوط‍‌ أن يتم الزائد و يجعله طوافا كاملا (2) بقصد القربة المطلقة.

فالنتيجة: ان مانعية القران في الفريضة لو لم تكن اقوى فلا شبهة في أنها أحوط‍‌.

(1)فانه اذا بنى على القران من الأول فقد علم بعدم الأمر به، و معه لا يتمكن من قصد القربة و إن تبدل عزمه على عدم القران بعد الفراغ منه، و هذا بخلاف ما اذا نوى القران بعد الفراغ من الطواف الأول، و أتى بشوط‍‌ واحد أو اكثر بقصد الطواف الآخر، ثم بنى على العدم، فانه لا موجب لفساد الأول، لا من جهة القران لعدم تحققه، و لا من جهة الزيادة لفرض أنه لم يأت به بقصد كونه جزءا من طوافه الأول، بل أتى به بقصد كونه جزءا من طواف آخر.

(2)بل على الأقوى فيه و فيما اذا أتى شوطا آخر بدون أن يقصد ضمه الى طوافه الأول، بل كعمل مستقل، بيان ذلك يتطلب النظر الى روايات المسألة، و هي على طوائف:

الطائفة الأولى: و هي متمثلة في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «سمعته يقول: من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا، ثم ليصل ركعتين»1 فانها تنص على أن الطائف


 

(1)) <page number=”339″ />الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 340)


……….

اذا دخل في الشوط‍‌ الثامن وجب عليه أن يتم أربعة عشر شوطا، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق في وجوب الاتمام عليه بين أن اكمل الشوط‍‌ الثامن و فرغ منه، أو لم يكمله.

الطائفة الثانية: الروايات التي تنص على أن من سها و طاف ثمانية اشواط‍‌ فعليه أن يكمل أربعة عشر شوطا.

منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «قال: ان في كتاب علي عليه السّلام اذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط‍‌ الفريضة، فاستيقن ثمانية، أضاف اليها ستا، و كذلك اذا استيقن انه سعى ثمانية أضاف اليها ستا»1.

و منها: صحيحته الأخرى عن أحدهما عليهما السّلام قال: «قلت له: رجل طاف بالبيت فاستيقن أنه طاف ثمانية أشواط‍‌، قال: يضيف اليها ستة، و كذلك اذا استيقن انه طاف بين الصفا و المروة ثمانية فليضف اليها ستة»2 و منها غيرهما.

و هذه الطائفة تدل على أنه اذا زاد شواطا واحدا سهوا فعليه أن يضيف اليه ستا.

الطائفة الثالثة: تدل على أنه اذا طاف ثمانية اشواط‍‌ أضاف اليها ستة:

منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السّلام، قال: «سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية اشواط‍‌، قال: يضيف اليها ستة»3.

منها: صحيحة رفاعة: «قال: كان علي عليه السّلام يقول: إذا طاف ثمانية فليتم أربعة عشر – الحديث»4.

و منها: صحيحة أبي أيوب: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طاف بالبيت ثمانية اشواط‍‌ طواف الفريضة، قال: فليضم اليها ستا – الحديث»5.

و هذه الطائفة مطلقة، و باطلاقها تشمل الزيادة العمدية و السهوية معا.


 

(1)) <page number=”340″ />الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 10.
(2)) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 12.
(3)) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 8.
(4)) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 9.
(5)) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 13.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 341)


……….

الطائفة الرابعة: الروايات التي تحكي عن فعل علي عليه السّلام.

منها: صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: ان عليا عليه السّلام طاف ثمانية اشواط‍‌، فزاد ستة، ثم ركع اربع ركعات»1.

و منها: صحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السّلام: «قال: ان عليا عليه السّلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة و بنى على واحد، و أضاف اليه ستا، ثم صلى ركعتين خلف المقام، ثم خرج الى الصفا و المروة، فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى الركعتين اللتين ترك في المقام الأول»2 ، فانهما تدلان على وجوب الاتمام اذا زاد شوطا كاملا.

ثم انه لا بد من حملها على أنه عليه السّلام طاف شوطا آخر عامدا و ملتفتا كعمل مستقل على أساس أن الحمل على السهو، أو الأعم منه و من العمد مناف لعصمته عليه السّلام، فاذن تدل هذه الطائفة على أنه عليه السّلام أضاف شوطا آخر بدون أن يقصد ضمه الى طوافه الأول و كونه جزءا منه، بل كعمل مستقل، فلا يضر بصحته، و إذا اضاف شوطا آخر كذلك وجب أن يكمله أربعة عشر شوطا.

الطائفة الخامسة: متمثلة في صحيحة أبي بصير، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط‍‌ المفروض، قال: يعيد حتى يثبته»3 ، فانها تدل على بطلان الطواف بزيادة شوط‍‌، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون الزيادة عمدية أو سهوية، و بين أن يقصد ضم الزائد الى طوافه الأول أو لا.

الطائفة السادسة: متمثلة في صحيحة عبد اللّه بن محمد عن ابي الحسن عليه السّلام: «قال: الطواف المفروض اذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة، اذا


 

(1)) <page number=”341″ />الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 6.
(2)) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 7.
(3)) الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 342)


……….

زدت عليها فعليك الاعادة، و كذلك السعي»1 ، و هذه الصحيحة ظاهرة في الزيادة العمدية بقرينة جعل الزيادة فيه كالزيادة في الصلاة، و حيث إنّ‌ الزيادة المبطلة للصلاة هي التي يقصد المصلي ضمها الى صلاته، و كونها جزءا منها، فبطبيعة الحال تكون الزيادة المبطلة للطواف أيضا كذلك. نعم قد ورد في النص أن زيادة السجدة فيها مبطلة مطلقا و إن لم يقصد كونها جزءا لها، و قد الحق الركوع بها أيضا، و لكن لا يمكن التعدي عن مورده الى سائر اجزاء الصلاة فضلا عن الطواف.

و بعد ذلك نقول: ان الطائفة الأخيرة تصلح أن تكون مقيدة لإطلاق الطائفة الثالثة بما اذا لم يقصد الطائف ضم الشوط‍‌ الزائد الى طوافه الأول و كونه جزءا منه، سواء أتى به كعمل مستقل، أم كان متوهما أنه لم يأت بسبعة أشواط‍‌ فطاف شوطا آخر، ثم ظهر أنه أتى بثمانية أشواط‍‌، فان ذلك لا يبطل طوافه الأول، فاذن تختص الطائفة الثالثة بما اذا أتى بشوط‍‌ آخر عامدا كعمل مستقل، أو ساهيا، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى ان الطائفة الثانية تصلح أن تكون مقيدة للطائفة الخامسة بما اذا لم يطف بالبيت ثمانية أشواط‍‌ سهوا، و الاّ فعليه اكمال الزائد اسبوعا آخر لا الاعادة، كما أن الطائفة الرابعة تقيد اطلاق الطائفة الخامسة بما اذا لم يأت بالشوط‍‌ الزائد كعمل مستقل، و الاّ فلا موجب للبطلان و وجوب الاعادة.

و على ضوء هذا ترتفع المعارضة بين الطائفة الثالثة و الطائفة الخامسة نهائيا، لأن الطائفة الثالثة تدل على أن من طاف ثمانية أشواط‍‌ فعليه أن يتم اربعة عشر شوطا، و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون ذلك عمديا أو سهويا، كما أنه


 

(1)) <page number=”342″ />الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 11.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 343)


……….

على الأول لا فرق بين أن يكون اتيانه بقصد ضمه الى طوافه المتقدم و كونه جزءا له، أو بقصد كونه عملا مستقلا. و الطائفة الخامسة تدل على أن من طاف ثمانية اشواط‍‌ فعليه الاعادة، و مقتضى اطلاقها وجوب الاعادة في تمام هذه الصور، و بعد تقييد اطلاق كل منهما بالطائفة الأولى و الثانية و الرابعة، يختص مورد الطائفة الثالثة بما اذا اتى بالشوط‍‌ الزائد كعمل مستقل أو سهوا، و يختص مورد الطائفة الثالثة بما اذا اتى بالشوط‍‌ الزائد كعمل مستقل أو سهوا، و يختص مورد الطائفة الخامسة بما اذا اتى به بقصد ضمه الى طوافه الأول و كونه جزءا له، فاذن يكون مورد كل منهما بلحاظ‍‌ الارادة الجدية غير مورد الأخرى كذلك.

و من ناحية ثالثة أن الطائفة الثانية تقيد اطلاق الطائفة الأولى بما اذا أكمل الشوط‍‌ الثامن.

فالنتيجة: ان من أكمل شوطا آخر فعليه أن يضيف اليه ستة أشواط‍‌، دون من لم يكمل. و لمزيد من التعرف لحكم المسألة تطبيقيا نذكر فيما يلي أمورا:

الأول: ان من طاف سبعة أشواط‍‌، و زاد شوطا آخر، فان كان سهوا، أو كان كعمل مستقل غير مربوط‍‌ بطوافه الأول، فعليه أن يضيف ستة أشواط‍‌ أخرى اليه، و إن كان بقصد ضمه الى طوافه المتقدم و جعله جزءا له بطل طوافه الأول، و عليه استئناف الطواف الكامل من جديد.

الثاني: ان وجوب الاتمام و الاضافة انما هو فيما اذا أكمل الشوط‍‌ الزائد، و أما اذا لم يكمل بأن كان في اثنائه، فله أن يقطعه و يخرج من المطاف.

الثالث: ان ظاهر هذه الروايات هو وجوب الاتمام و الاضافة.

و دعوى: أن الأمر بالاضافة و الاتمام بما أنه ورد في مقام توهم الحظر فلا يدل على أكثر من المشروعية و جوازها، و عدم بطلان الطواف الأول.

مدفوعة: بان المقام ليس من موارد توهم الحظر، لوضوح أنه لا يختلج في البال الحظر و المنع عن الاتمام و الاضافة.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 344)


……….

و دعوى: أن المقام انما هو من موارد توهم الحظر من جهة محذور القران بين الطوافين.

مدفوعة: بأن القران أمر قصدي، بأن يقصده الطائف من البداية، أو بعد الفراغ من الطواف الأول، و المفروض في المقام أنه لا يكون قاصدا للقران، لا من البداية، و لا بعد الفراغ منه، لأنه أتى بشوط‍‌ آخر إما سهوا، أو كعمل مستقل، فاذا أتى به سهوا أو كعمل مستقل تحقق موضوع وجوب الاتمام و الاضافة شرعا، و اين هذا من القران الممنوع من قبل الشرع، و يؤكد ما ذكرناه من أن مقتضى الجمع العرفي بين الطائفة الأولى و الطائفة الثانية ان الاتمام انما يجب اذا تم الشوط‍‌ الزائد، و أما اذا دخل فيه و لم يتم بعد فلا يجب عليه الإتمام و الاضافة، بل له أن يقطعه و يخرج من المطاف.

و تؤيد ذلك رواية ابي كهمس، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط‍‌، قال: ان ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه، و قد اجزأ عنه، و إن لم يذكر حتى بلغه فليتم أربعة عشر شوطا، و ليصل أربع ركعات»1 ، فانها ناصة في المطلوب، و لكن بما أنها ضعيفة سندا فلا يمكن الاستدلال بها.

فالنتيجة: ان وجوب الاضافة لو لم يكن أقوى فلا شبهة في أنه أحوط‍‌.

الرابع: ان الواجب هل هو الطواف الأول، أو الثاني، أو كلاهما؟ و لا يبعد الأخير، لأن الأول واجب ذاتا، و احتمال أن وجوبه مشروط‍‌ بعدم الاتيان بشوط‍‌ آخر سهوا أو كعمل مستقل غير محتمل، لعدم الدليل عليه، و هذه الروايات لا تدل على ذلك، و أما الثاني فلأن الواجب انما هو تكميله بمقتضى الروايات المتقدمة لا من البداية، و أما ما قيل من أن قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة: «إن عليا عليه السّلام طاف طواف الفريضة ثمانية، فترك سبعة و بنى على واحد


 

(1)) <page number=”344″ />التهذيب: ج 5، 371/114.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 345)


……….

و أضاف اليه ستا – الحديث»1. يدل على أن الواجب هو الثاني دون الأول، بدعوى أن معنى قوله عليه السّلام: «فترك سبعة» يعني رفع اليد عنها و ألغاها، و بنى على الاتيان بطواف جديد، فلا يمكن المساعدة عليه، فان الظاهر أنه عليه السّلام أراد فصل الشوط‍‌ الواحد عن السبعة في مقابل ضمه اليه، و هذا يعني أنه جعل السبعة مستقلة، و بنى على شوط‍‌ واحد منفصلا عنها و يكمله باضافة ستة اشواط‍‌ اليه، و يؤكد أن معنى ترك السبعة ليس الغاءها قوله عليه السّلام في ذيل الصحيحة: «فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى الركعتين اللتين ترك في المقام الأول»، فانه ناص في أن كلا الطوافين صحيح، و الاّ فلا مقتضى لأن يصلي بعد السعي ركعتين، و على هذا فلو كانت الصحيحة ظاهرة في الالغاء، فلا بد من رفع اليد عن ظهورها في ذلك بقرينة ذيلها.

الخامس: ان المكلف مخير بين الاتيان بأربع ركعات بعد الطوافين، او ركعتين بعدهما و ركعتين أخريين بعد السعي، و ذلك لنص صحيحة زرارة المتقدمة.


 

(1)) <page number=”345″ />الوسائل: الباب 34 من أبواب الطواف، الحديث: 7.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 346)


[الشك في عدد الأشواط‍‌]

الشك في عدد الأشواط‍‌

[مسألة 315: اذا شك في عدد الأشواط‍‌ بعد الفراغ من الطواف و التجاوز من محله لم يعتن بالشك]

(مسألة 315): اذا شك في عدد الأشواط‍‌ بعد الفراغ من الطواف و التجاوز من محله لم يعتن بالشك (1)، كما إذا كان شكه بعد دخوله في صلاة الطواف.

[مسألة 316: إذا تيقن بالسبعة و شك في الزائد]

(مسألة 316): إذا تيقن بالسبعة و شك في الزائد كما إذا احتمل أن يكون الشوط‍‌ الأخير هو الثامن لم يعتن بالشك و صح طوافه (2) إلا أن يكون شكه هذا قبل تمام الشوط‍‌ الأخير فان الأظهر حينئذ بطلان الطواف.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لما ذكرناه في محله من أن قاعدتي الفراغ و التجاوز قاعدتان عقلائيتان، فلا تختصان بواجب دون واجب آخر، و على هذا فاذا شك في صحة الطواف بعد الفراغ منه بنى على صحته تطبيقا لقاعدة الفراغ شريطة احتمال أنه كان ملتفتا و متذكرا حين العمل الى ما يعتبر فيه، و الاّ لم تجر، و لا يعتبر في جريانها الدخول في الغير، و أما اذا شك في عدد الأشواط‍‌ بمفاد كان التامة، فان كان بعد الدخول في صلاته فتجري قاعدة التجاوز، و الاّ فلا.

(2)حيث ان جريانها منوط‍‌ بالدخول في غيره المترتب عليه و تدل عليه صحيحة الحلبي، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية، فقال: اما السبعة فقد استيقن، و إنما وقع و همه على الثامن، فليصل ركعتين»1 ، فانها ظاهرة في أنه أكمل الأشواط‍‌ جميعا، و شك بعد اكمالها في أنها سبعة أو أكثر، مع عدم احتمال النقصان فيها، و تدل على أن طوافه صحيح، و لا يعتنى بشكه و إن لم يدخل بعد


 

(1)) <page number=”346″ />الوسائل: الباب 35 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 347)


و الأحوط‍‌ إتمامه رجاء و إعادته (1).

في ركعتي الطواف، بل و إن لم يخرج بعد عن المطاف.

(1)فيه ان الاحتياط‍‌ و إن كان استحبابيا، الاّ أنه لا مبرر له، و ذلك لأن الروايات الكثيرة تنص على البطلان و وجوب الإعادة:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل لم يدر أ ستّة طاف أو سبعة، قال: يستقبل»1.

و منها: صحيحة منصور بن حازم، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني طفت فلم أدر أ ستّة طفت أم سبعة، فطفت طوافا آخر، فقال عليه السّلام: هلا استأنفت، قلت:

طفت و ذهبت، قال: ليس عليك شيء»2.

و منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل لم يدر ستة طاف أو سبعة، قال: يستقبل»3.

و منها: صحيحة منصور بن حازم، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل طاف طواف الفريضة، فلم يدر ستة طاف أم سبعة، قال: فليعد طوافه، قلت:

ففاته، قال: ما أرى عليه شيئا، و الاعادة أحب إلي و أفضل»4.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار، قال: «سألته عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة، فلم يدر ستّة طاف أم سبعة، قال: يستقبل، قلت: ففاته ذلك، قال: ليس عليه شيء»5.

و منها: صحيحة حنان بن سدير، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما تقول في رجل طاف فاوهم، قال: طفت أربعة أو طفت ثلاثة، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اي الطوافين كان، طواف نافلة أم طواف فريضة‌؟ قال: إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه، و ليستأنف، و إن كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثة و هو في شك من الرابع


 

(1)) <page number=”347″ />الوسائل: الباب 33 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 33 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 33 من أبواب الطواف، الحديث: 9.
(4)) الوسائل: الباب 33 من أبواب الطواف، الحديث: 8.
(5)) الوسائل: الباب 33 من أبواب الطواف، الحديث: 10.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 348)


……….

انه طاف، فليبن على الثلاثة، فانه يجوز له»1. ثم ان هذه الروايات تتضمن أمورا:

الأول: ان يكون حافظا لعدد أشواط‍‌ الطواف بكاملها، و لو شك فيه بطل طوافه، بدون فرق بين أن يشك في أنها ستة أو سبعة أو أقل و هذا المعنى هو المستفاد من مجموع روايات الباب.

الثاني: ان الشك في أنها ستة أو سبعة انما يكون مبطلا بمقتضى الروايات المتقدمة اذا لم يفت محل تداركه، و أما اذا فات، كما اذا كان الطائف جاهلا بأن وظيفته الاعادة عند الشك في أنها ستة أو سبعة، و ترك الاعادة الى أن مضى شهر ذي الحجة، ثم علم بالحكم فلا شيء عليه، و يصح حجه بنص صحيحتي منصور و معاوية المتقدمتين.

و دعوى: بطلان الحج بترك الطواف عامدا سواء أ كان عالما بالحكم أم كان جاهلا به، و المفروض ان الطائف في المقام ترك الطواف متعمدا الى أن فات محله، و نتيجة ذلك بطلان حجه.

مدفوعة: بأن الحج و إن كان يبطل بترك الطواف متعمدا و إن كان التارك جاهلا بالحكم، الاّ أن مورد الروايات الدالة على ذلك هو ترك الطواف، و لا يشمل المقام، و هو ما اذا طاف و لكنه لا يدري أنه طاف سبعة اشواط‍‌ أو ستة، و الروايات المتقدمة الان و إن دلت على بطلان الطواف بذلك و وجوب الاعادة، الاّ أن ذلك انما هو اذا لم يفت وقت تداركه، و الاّ فهو محكوم بالصحة، لنص الصحيحتين المذكورتين.

الثالث: ان الشك اذا كان في عدد اشواط‍‌ الطواف المندوب بنى على الأقل، و يكمل و لا شيء عليه، مثلا اذا شك في أنها ستة أو سبعة بنى على الستة،


 

(1)) <page number=”348″ />الوسائل: الباب 33 من أبواب الطواف، الحديث: 7.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 349)


[مسألة 317: اذا شك في عدد الأشواط‍‌]

(مسألة 317): اذا شك في عدد الأشواط‍‌ كما إذا شك بين السادس و السابع أو بين الخامس و السادس و كذلك الأعداد السابقة حكم ببطلان طوافه (1) و كذلك إذا شك في الزيادة و النقصان معا كما اذا شك في أن شوطه الاخير هو السادس أو الثامن (2).

و يضم اليها شوطا آخر، و يصح طوافه، و يكفى في ضبط‍‌ عدد الأشواط‍‌ أن يكون الطائف واثقا بعددها و لو اتكالا على رفيقه الذي يشاركه في الطواف، و من هنا يظهر أنه لا بد من تقييد اطلاق صحيحة رفاعة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «انه قال في رجل لا يدري ستّة طاف أو سبعة، قال: يبنى على يقينه»1 بالروايات المتقدمة التي تنص على الفرق بين الطواف الواجب و الطواف المندوب، و حملها على الطواف المندوب، باعتبار أن الشاك فيه مأمور بالبناء على الأقل.

(1)للروايات المتقدمة.

(2)هذا هو صورة الشك في الزيادة و النقيصة، و الظاهر بطلان الطواف به، و تدل عليه صحيحة الحلبي، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام» عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة، فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية‌؟ فقال: اما السبعة فقد استيقن، و انما وقع وهمه على الثامن، فليصل ركعتين»2 بتقريب أن كلمة (إنما) بلحاظ‍‌ أنها من أداة الحصر فتدل على انتفاء الحكم المحصور عن غير الموضوع المحصور به، و حيث ان الموضوع المحصور به في الصحيحة هو الشك في الثامن مع التيقن في السابع، فيكون الحصر بنفسه قرينة على أن المحصور طبيعي الحكم لا شخص حكم ذلك الموضوع بالخصوص، و الاّ فلا معنى لحصره حينئذ، لأن حكم كل موضوع مختص به، بدون حاجة الى مئونة زائدة، فاذن تدل الصحيحة بمقتضى اداة الحصر على أن المحصور طبيعي الحكم،


 

(1)) <page number=”349″ />الوسائل: الباب 33 من أبواب الطواف، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 35 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 350)


[مسألة 318: إذا شك بين السادس و السابع و بنى على السادس جهلا منه بالحكم و أتم طوافه لزمه الاستيناف]

(مسألة 318): إذا شك بين السادس و السابع و بنى على السادس جهلا منه بالحكم و أتم طوافه لزمه الاستيناف و ان استمر جهله إلى ان فاته زمان التدارك لم تبعد صحة طوافه (1).

[مسألة 319: يجوز للطائف أن يتكل على احصاء صاحبه في حفظ‍‌ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين من عددها]

(مسألة 319): يجوز للطائف أن يتكل على احصاء صاحبه في حفظ‍‌ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين من عددها (2).

[مسألة 320: إذا شك في الطواف المندوب يبني على الأقل و صح طوافه]

(مسألة 320): إذا شك في الطواف المندوب يبني على الأقل و صح طوافه (3).

و مقتضى ذلك نفى الطبيعي بانتفاء المحصور به، و نتيجة ذلك بطلان الطواف و عدم صحته اذا كان الشك في السابع و السادس و الثامن، و كذلك في غير هذه الحالة من الحالات الأخرى للشك، و تؤيد ذلك رواية أبي بصير، قال: «قلت له:

رجل طاف بالبيت طواف الفريضة، فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية‌؟ قال:

يعيد طوافه حتى يحفظ‍‌ – الحديث»1.

(1)الأمر كما افاده قدّس سرّه و قد مر تفصيل ذلك في المسألة (316).

(2)هذا شريطة أن يحصل له الوثوق و الاطمئنان بصحة احصاء صاحبه الذي يشاركه في الطواف، و مطابقته للواقع، و الاّ فلا يصح الاتكال عليه، اذ لا يحتمل أن يكون لإحصائه موضوعية.

و أما صحيحة سعيد الأعرج، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطواف أ يكتفي الرجل باحصاء صاحبه‌؟ فقال: نعم»2 فلا اطلاق لها، لأن المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية ان الاكتفاء به انما هو على اساس حصول الوثوق و الاطمئنان بصحة احصائه، اذ من غير المحتمل أن يكتفي به و يتكل عليه تعبدا، بدون أن يحصل له الوثوق و الاطمئنان بعددها.

(3)لعدة من الروايات المعتبرة، و قد تقدمت الاشارة الى بعضها.


 

(1)) <page number=”350″ />الوسائل: الباب 33 من ابواب الطواف، الحديث: 11.
(2)) الوسائل: الباب 66 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 351)


[مسألة 321: إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمدا مع العلم بالحكم أو مع الجهل به و لم يتمكن من التدارك قبل الوقوف بعرفات]

(مسألة 321): إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمدا مع العلم بالحكم أو مع الجهل به و لم يتمكن من التدارك قبل الوقوف بعرفات بطلت عمرته و عليه إعادة الحج من قابل و قد مرّ أن الأظهر بطلان إحرامه أيضا (1) لكن الأحوط‍‌ أن يعدل إلى حج الافراد و يتمه بقصد الأعم من الحج و العمرة المفردة و إذا ترك الطواف في الحج متعمدا و لم يمكنه التدارك بطل حجه و لزمته الاعادة من قابل و إذا كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنة أيضا (2).

[مسألة 322: إذا ترك الطواف نسيانا وجب تداركه بعد التذكر]

(مسألة 322): إذا ترك الطواف نسيانا وجب تداركه بعد التذكر فان تذكره بعد فوات محله قضاه و صح حجه، و الأحوط‍‌ إعادة السعي بعد قضاء الطواف (3). و إذا تذكره في وقت لا يتمكن من القضاء أيضا كما إذا تذكره بعد رجوعه إلى بلده وجبت عليه الاستنابة و الاحوط‍‌ أن يأتي النائب بالسعي أيضا بعد الطواف.

(1)بل هو الظاهر، و لا منشأ للاحتياط‍‌ بالعدول الى حج الافراد، و قد تقدم أن بطلان الواجب بترك جزئه متعمدا يكون على القاعدة، باعتبار أنه لا ينطبق على الفرد المأتي به الفاقد له، بدون فرق بين أن يكون فاقدا عن عمد و التفات، أو عن جهل، و تدل على البطلان أيضا في صورة الجهل صحيحة علي بن يقطين المتقدمة1 ، فانها باطلاقها تعم طواف العمرة أيضا، اذ لا يكون فيها ما يدل على اختصاصها بطواف الحج فحسب.

(2)لدلالة صحيحة علي بن يقطين على ذلك.

(3)لا بأس بتركه و إن كان أولى و أجدر، و ذلك لأن روايات الباب تنص على وجوب اتمام الطواف متى تذكر، إما بنفسه و مباشرة، و اما بالاستنابة، بدون


 

(1)) <page number=”351″ />الوسائل: الباب 56 من ابواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 352)


……….

أن يكون فيها ما يشعر باعادة السعي فضلا عن الظهور و الدلالة، و نذكر فيما يلي عددا من هذه الروايات:

منها: موثقة اسحاق بن عمار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا و المروة، فبينما هو يطوف اذ ذكر أنه ترك من طوافه بالبيت، قال: يرجع الى البيت، فيتم طوافه، ثم يرجع الى الصفا و المروة، فيتم ما بقى، قلت: فانه بدأ بالصفا و المروة قبل أن يبدأ بالبيت، فقال: يأتى البيت فيطوف به، ثم يستأنف طوافه بين الصفا و المروة، قلت: فما فرق بين هذين‌؟ قال: لأن هذا قد دخل في شيء من الطواف، و هذا لم يدخل في شيء منه»1

فانها تدل على وجوب اتمام الطواف اذا تذكر اثناء السعي، ثم يتم السعي، و لا تدل على وجوب استئناف السعي من جديد، بل تنص على عدم وجوبه في هذه الحالة، و انما يجب استينافه في حالة أخرى، و هي ما بدأ بالصفا و المروة قبل أن يبدأ بالبيت.

و منها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه، قال: «سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده، و واقع النساء، كيف يصنع‌؟ قال: يبعث بهدي إن كان تركه في حج بعث به في حج، و إن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة، و وكّل من يطوف عنه ما تركه من طوافه»2 فانها تدل على عدم بطلان الحج بترك الطواف نسيانا حتى بعد فوت وقت التدارك، كما اذا تذكر بعد مضي شهر ذي الحجة، و حينئذ فوظيفته إما أن يقوم بنفسه للإتيان به مباشرة، أو يوكل من يطوف عنه و ما تركه من طوافه.

و منها: صحيحة هشام بن سالم، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عمن نسي


 

(1)) <page number=”352″ />الوسائل باب: 63 من أبواب الطواف الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 353)


……….

زيارة البيت حتى رجع الى أهله، فقال: لا يضره اذا كان قد قضى مناسكه»1

فانها تنص على صحة الحج و عدم بطلانه بنسيان الطواف، و إن تذكر بعد مضى شهر ذي الحجة و رجوعه الى أهله.

و دعوى: ان المراد من زيارة البيت في الصحيحة هو طواف النساء دون طواف الحج، و عليه فلا تدل الصحيحة على عدم بطلان الحج بنسيان طوافه، لأن عدم بطلانه بنسيان طواف النساء يكون على القاعدة، باعتبار أنه واجب مستقل، و ليس من واجبات الحج.

مدفوعة: بأن الظاهر من زيارة البيت هو طواف الحج، لأنه المعهود منها، دون طواف النساء، فان ارادته منها بحاجة الى عناية زائدة.

فالنتيجة: ان هذه الروايات لا تدل على اعادة السعي بعد قضاء الطواف و لمزيد من التعرف على حكم المسألة نظريا و تطبيقيا نذكر فيما يلي أمورا:

الأول: ان نسيان الطواف لا يوجب بطلانه، بدون فرق بين طواف العمرة و طواف الحج.

الثاني: ان المنسي اذا كان طواف العمرة، فان تذكر في وقت يتمكن من الاتيان به في ذلك الوقت، بدون أن يفوت منه الوقوف بعرفات، وجب عليه ذلك، و الاّ فعليه أن يقضيه بعد اعمال منى، و اذا كان طواف الحج، فان تذكر قبل الخروج من مكة وجب الاتيان به، و أما اذا تذكر بعد الرجوع الى بلدته، فهل يجوز له الاستنابة مع تمكنه من القيام به بنفسه و مباشرة فيه وجهان: و لا يبعد الأول، و ذلك لإطلاق صحيحة علي بن جعفر المتقدمة، فان مقتضاه جواز الاستنابة و إن كان متمكنا منه بنحو المباشرة، اذ لو كان جواز الاستنابة مشروطا


 

(1)) <page number=”353″ />الوسائل: الباب 19 من أبواب العود الى منى، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 354)


……….

بالعجز لم تسكت الصحيحة عنه، مع كونها في مقام البيان، فالسكوت قرينة على الاطلاق و عدم الاشتراط‍‌.

و بكلمة: ان مقتضى القاعدة و إن كان هو الاشتراط‍‌، الاّ أن ذلك فيما اذا لم يكن نص على الخلاف، و بما أن النص على الخلاف في المقام موجود، و هو اطلاق الصحيحة، فلا بد من رفع اليد عن مقتضى القاعدة، و تقييد اطلاقها بغير المقام، و مع هذا فالاحتياط‍‌ اجدر.

الثالث: ان على الناسي للطواف اذا استمتع بأهله جماعا هديا، و حينئذ فاذا تذكر، فان كان تذكره في بلده و كان المنسي طواف الحج، بعث بهديه الى منى و يذبح فيه، و إن كان طواف العمرة بعث بهديه الى مكة و يذبح فيها، و اذا تذكر و كان في مكة المكرمة، فان كان المنسي طواف الحج بعث به الى منى، و إن كان طواف العمرة ذبحه في مكة، و مورد الصحيحة و إن كان الفرض الأول، الاّ أن من الواضح أنه لا خصوصية له، فان الكفارة مستندة الى ان النساء لم تحل له بعد.

الرابع: انه اذا تذكر و كان في مكة، فان كان بعد شهر ذي الحجة، فهل عليه أن يحرم للطواف المنسي‌؟

و الجواب: انه لا يجب عليه الاحرام من أجله، لعدم الموجب له حيث إنه ظل على احرامه بالنسبة إلى النساء و الطيب، و حينئذ فاذا طاف حل له الطيب، و اذا طاف بعده طواف النساء حل له النساء، و أما اذا تذكر و هو في بلده فحينئذ إن استناب شخصا لأن يطوف عنه فعلى النائب أن يحرم، و ان كانت استنابته في شهر ذي الحجة، اذ لا يجوز له أن يدخل مكة بدون احرام، و إن قام بالطواف نفسه، فحينئذ إن كان رجوعه في شهر ذي الحجة لم يجب عليه الاحرام من جديد، باعتبار أن لكل شهر عمرة، و المفروض أنه لم يمض شهر عن احرامه

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 355)


……….

الأول، و لا يوجد دليل على أن قضاء الطواف المنسي بحاجة الى احرام جديد، و إن كان رجوعه بعد شهر ذي الحجة وجب عليه الاحرام، لا من أجل الطواف، بل من أجل أنه لا يجوز له الدخول في مكة في شهر آخر بدون إحرام.

و دعوى: أنه محرم، و لم يخرج بعد عن الإحرام، فلا معنى لإحرامه ثانيا، لأنه تحصيل للحاصل.

مدفوعة: بأنه خرج عن الاحرام بالانتهاء من النسك و الفراغ منها، و انما بقي عليه بعض أحكامه، كحرمة الطيب و النساء أو فقل انه بقى على احرامه نسبيا لا مطلقا، و عليه فلا مانع من احرامه ثانيا لعمرة مفردة، غاية الأمر أنه لا تترتب عليه حرمة الطيب و النساء فحسب، و أما سائر المحرمات فهي مترتبة عليه بل تترتب عليه حرمتهما أيضا نسبيا.

الخامس: انه اذا دخل في مكة في آخر يوم ذي الحجة، و لكنه لا يتمكن من الاتيان بالطواف الاّ في أول شهر محرم، فهل يجب عليه أن يحرم حين دخوله في مكة‌؟

و الجواب: انه لا يجب، لأنه دخل في نفس الشهر الذي احرم فيه لا في شهر آخر، و المعيار في وجوب الإحرام و عدم وجوبه انما هو بزمان الدخول في مكة، لا بزمان العمل.

السادس: انه ليس لقضاء الطواف المنسي وقت محدد، لعدم الدليل على ذلك، كما أنه لا دليل على أنه لا بد من الاتيان به في السنة القادمة في أيام الحج، بل له الاتيان به في أي وقت أراد و شاء في طول السنة.

السابع: ان المنسي اذا كان بعض الطواف دون الكل، وجب تدارك ذلك البعض، سواء أ كان بالأصالة أو بالاستنابة، و سواء أ كان تذكره في مكة أم في بلده،

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 356)


[مسألة 323: إذا نسي الطواف حتى رجع إلى بلده و واقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى]

(مسألة 323): إذا نسي الطواف حتى رجع إلى بلده و واقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي طواف الحج و إلى مكة ان كان المنسي طواف العمرة و يكفي في الهدي أن يكون شاة (1).

[مسألة 324: إذا نسي الطواف و تذكره في زمان يمكنه القضاء قضاه باحرامه الاول]

(مسألة 324): إذا نسي الطواف و تذكره في زمان يمكنه القضاء قضاه باحرامه الاول من دون حاجة الى تجديد الاحرام.

نعم، إذا كان قد خرج من مكة و مضى عليه شهر أو أكثر لزمه الاحرام لدخول مكة كما مرّ (2).

[مسألة 325: لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفا عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه]

(مسألة 325): لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفا عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه (3).

و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة: «و وكل من يطوف عنه ما تركه من طوافه»1.

(1)هذا باعتبار أن الوارد في لسان الروايات المعتبرة الهدي، و هو يعم الشاة، و محل ذبحها منى إن كان المنسي طواف الحج، و مكة إن كان طواف العمرة، كما مر في المسألة المتقدمة.

(2)مر تفصيل ذلك في المسألة (322).

(3)هذا لإطلاق ما دل على حرمة الطيب على المحرم قبل أن يطوف حول البيت، و هذا لا ينافي وجوب الإحرام عليه من جديد اذا رجع الى مكة من أجل قضاء الطواف بعد شهر، باعتبار أنه صار محلا بعد الذبح و الحلق او التقصير في منى، و انما يبقى عليه حرمة الطيب فقط‍‌، لأن حليته مرتبطة بالطواف، و على هذا فاذا نسي طواف الحج و رجع الى بلده، ثم تذكر فحينئذ إن جاء الى مكة من أجل قضاء الطواف، فان كان بعد شهر وجب عليه الإحرام


 

(1)) <page number=”356″ />الوسائل: الباب 58 من ابواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 357)


[مسألة 326: إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه لمرض أو كسر و أشباه ذلك لزمته الاستعانة بالغير في طوافه]

(مسألة 326): إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه لمرض أو كسر و أشباه ذلك لزمته الاستعانة بالغير في طوافه و لو بأن يطوف راكبا على متن رجل آخر، و إذا لم يتمكن من ذلك أيضا وجبت عليه الاستنابة فيطاف عنه (1)

لدخول مكة كما تقدم، و إن كان في شهر ذي الحجة لم يجب عليه الإحرام كما مر، و كذلك الحال في طواف النساء إذا نسى.

(1)تدل على هذا الترتيب عدة روايات:

منها: صحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: المريض المغلوب و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف به»1 ، فان هذا التفصيل يدل على الفرق بين الرمي و الطواف، باعتبار أن المريض اذا لم يقدر على الرمي رمي عنه، و أما بالنسبة الى الطواف إذا لم يقدر عليه بخطواته المختاره فيطاف به راكبا أو محمولا على متن انسان، و اذا لم يقدر على ذلك أيضا فعليه الاستنابة.

و منها: صحيحة صفوان بن يحيى، قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المريض يقدم مكة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت، و لا بين الصفا و المروة، قال:

يطاف به محمولا يخط‍‌ الارض برجليه حتى تمس الأرض قدميه في الطواف، ثم يوقف به في اصل الصفا و المروة اذا كان معتلا»2.

و منها: صحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «سألته عن الرجل يطاف به و يرمى عنه، قال: فقال: نعم، اذا كان لا يستطيع»3.

و منها: موثقة اسحاق بن عمار، قال: سألت ابا الحسن موسى عليه السّلام: «عن المريض يطاف عنه بالكعبة، قال: لا، و لكن يطاف به»4 ، و مثلها موثقته الأخرى5.


 

(1)) <page number=”357″ />الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(4)) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 7.
(5)) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 358)


……….

و منها: صحيحة الربيع بن خيثم قال: «شهدت ابا عبد اللّه عليه السّلام و هو يطاف به حول الكعبة في محمل و هو شديد المرض، فكان كلّما بلغ الركن اليماني امرهم فوضعوه بالأرض، فاخرج يده من كوّة المحمل حتى يجرها على الأرض، ثم يقول: ارفعوني، فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط‍‌، قلت له: جعلت فداك يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ان هذا يشق عليك، فقال: اني سمعت اللّه عز و جل يقول: ليشهدوا منافع لهم، فقلت: منافع الدنيا أو منافع الآخرة، فقال: الكل»1

و هذه الروايات تدل على أنه ما دام يمكن ان يطاف بالمريض فلا يصل الدور الى أن يطاف عنه، فاذن لا يصل الدور الى الاستنابة الاّ اذا تعذرت المرتبة الثانية أيضا.

فالنتيجة: ان المستفاد من الروايات أن الواجب على الطائف أولا الطواف حول البيت بخطواته المختارة مباشرة، و إن لم يتمكن من ذلك فبالاستعانة بالغير و لو محمولا، و إن لم يتمكن من ذلك أيضا فبالاستنابة.

و اما صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: الصبيان يطاف بهم و يرمى عنهم، قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا كانت المرأة مريضة لا تعقل يطاف بها أو يطاف عنها»2 فلا تدل على التخيير، لأنها ليست في مقام البيان من هذه الناحية، بل هي في مقام بيان أن وظيفتها في هذه الحالة إما الاستعانة بالغير في طوافها، او الاستنابة فيه، أما أنها التخيير أو تقديم الأولى على الثانية فليست ناظرة الى ذلك.

و مع الاغماض عن ذلك، و تسليم أنها ظاهرة في التخيير بينهما، و لكن لا بد من رفع اليد عن ظهورها فيه بالروايات المتقدمة، و لا سيما موثقتي اسحاق


 

(1)) <page number=”358″ />الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 8.
(2)) الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 9.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 359)


و كذلك الحال بالنسبة إلى صلاة الطواف فيأتي المكلف بها مع التمكن و يستنيب لها مع عدمه (1)، و قد تقدم حكم الحائض و النفساء في شرائط‍‌ الطواف.

ابن عمار المتقدمتين، فانهما ناصتان على عدم كفاية الاستنابة مع التمكن من الطواف بالاستعانة بالغير.

و اما الروايات التي تدل على جواز الاستنابة مطلقا، كصحيحة حريز بن عبد اللّه عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: المريض المغلوب و المغمى عليه يرمى عنه، و يطاف به»1 و صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: «المبطون و الكسير يطاف عنهما و يرمى عنهما»2 و غيرهما، فلا بد من تقييد اطلاقها بالروايات المتقدمة، و حملها على المريض الذي لا يمكن أن يطاف به.

(1)هذا باعتبار أن الصلاة ليست كالطواف، فان المكلف اذا لم يقدر على الطواف مباشرة فوظيفته أن يطوف محمولا على متن انسان، و اذا لم يقدر على ذلك أيضا فوظيفته الاستنابة، و اما الصلاة فان تمكن منها مباشرة فهو، و الاّ فعليه الاستنابة، و لا يتصور فيها مرتبة اخرى قبل مرتبة الاستنابة.


 

(1)) <page number=”359″ />الوسائل: الباب 47 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 360)


[الثالث من واجبات عمرة التمتع صلاة الطواف]

صلاة الطواف و هي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع و هي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف (1) و صورتها كصلاة الفجر و لكنه مخير في قراءتها بين الجهر و الاخفات، و يجب الاتيان بها قريبا من مقام إبراهيم «ع» و الأحوط‍‌ بل الأظهر لزوم الاتيان بها خلف المقام، فان لم يتمكن فيصلي في أي مكان من المسجد مراعيا الأقرب فالأقرب إلى المقام على الأحوط‍‌ هذا في طواف الفريضة، أما في الطواف المستحب فيجوز الاتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختيارا.

(1)يقع الكلام هنا في أمور:

الأول: في أصل وجوب صلاة الطواف شرعا.

الثاني: في وجوب الاتيان بها بعد الطواف.

الثالث: في وجوب الاتيان بها خلف المقام.

الرابع: في تعيين وظيفة من لم يتمكن من الاتيان بها خلف المقام.

اما الأمر الأول: و هو وجوب صلاة الطواف، فلا اشكال فيه، و تدل عليه الروايات المتعددة بمختلف الألسنة، و هي لا يبعد أن تبلغ من الكثرة حد التواتر اجمالا، فمن أجل ذلك لا شبهة في أصل وجوبها، و لا كلام فيه، كما أن مقتضى تلك الروايات هو أن المكلف مخير في القراءة فيها بين الجهر و الاخفات، اذ تعيين كل منهما بحاجة الى قرينة، و لا قرينة فيها على تعيين أحدهما.

و أما الأمر الثاني: فتنص عليه الروايات الكثيرة:

منها: الروايات البيانية.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 361)


……….

و منها: صحيحة محمد بن مسلم، قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و فرغ من طوافه حين غربت الشمس، قال: وجبت عليه تلك الساعة الركعتان، فليصلهما قبل المغرب»1.

و منها: معتبرة رفاعة، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يطوف الطواف الواجب بعد العصر، أ يصلى الركعتين حين يفرغ من طوافه‌؟ فقال: نعم، أما بلغك قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يا بني عبد المطلب، لا تمنعوا الناس من الصلاة بعد العصر، فتمنعوهم من الطواف»2.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم، فصلّ‌ ركعتين – إلى أن قال -: و هاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره لك أن تصليهما في أي الساعات شئت عند طلوع الشمس و عند غروبها، و لا تؤخّرها ساعة تطوف و تفرغ فصلهما»3.

و منها: صحيحة منصور بن حازم عن ابي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «سألته عن ركعتي طواف الفريضة، قال: لا تؤخرها ساعة اذا طفت فصل»4 و منها غيرها.

و أما الأمر الثالث: فتنص عليه عدة روايات:

منها: صحيحة ابراهيم بن ابي محمود، قال: «قلت للرضا عليه السّلام: أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام، حيث هو الساعة، أو حيث كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال: حيث هو الساعة»5.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار، قال: «قال ابو عبد اللّه عليه السّلام: اذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم عليه السّلام فصل ركعتين، و اجعله إماما، و اقرأ في الأولى منهما سورة التوحيد – قل هو اللّه أحد – و في الثانية – قل يا أيها الكافرون – ثم


 

(1)) <page number=”361″ />الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(4)) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 5.
(5)) الوسائل: الباب 71 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 362)


……….

تشهد، و احمد اللّه واثن عليه، و صل على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و اسأله أن يتقبل منك – الحديث»1.

و منها: صحيحة ابي بصير، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام، و قد قال اللّه تعالى:(وَ اتَّخِذُوا مِنْ‌ مَقٰامِ‌ إِبْرٰاهِيمَ‌ مُصَلًّى) حتى ارتحل، قال: إن كان ارتحل فإني لا أشق عليه، و لا آمره أن يرجع، و لكن يصلي حيث يذكر»2 بتقريب أنها ظاهرة في أن وظيفة المكلف هي الصلاة خلف المقام، و لكنه اذا نسيها حتى ارتحل من مكة يصلي حيث ذكر.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل نسي الركعتين خلف مقام ابراهيم عليه السّلام فلم يذكر حتى ارتحل من مكة، قال: فليصلهما حيث ذكر، و إن ذكرهما و هو في البلد فلا يبرح حتى يقضيهما»3 ، بتقريب أنها تدل على أن الوظيفة هي الصلاة خلف المقام اذا نسي و ارتحل من مكة، فحينئذ يصلي متى تذكر.

و هنا روايات أخرى تدل على وجوب الصلاة عند المقام أو فيه:

منها: صحيحة عبيد بن زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل طاف طواف الفريضة، و لم يصل الركعتين حتى طاف بين الصفا و المروة، ثم طاف طواف النساء، فلم يصل الركعتين حتى ذكر بالأبطح، يصلي أربع ركعات‌؟ قال: يرجع فيصلي عند المقام أربعا»4.

و منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سئل عن رجل طاف طواف الفريضة، و لم يصل الركعتين حتى طاف بين الصفا و المروة، ثم


 

(1)) <page number=”362″ />الوسائل: الباب 71 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 10.
(3)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 18.
(4)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 7.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 363)


……….

طاف طواف النساء، و لم يصل لذلك الطواف حتى ذكر و هو بالأبطح، قال: يرجع الى المقام فيصلى ركعتين»1.

و منها: صحيحة ابي الصباح الكناني، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلي الركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام في طواف الحج و العمرة، فقال:

إن كان في البلد صلّى ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام، فإن اللّه عز و جل يقول:


وَ اتَّخِذُوا مِنْ‌ مَقٰامِ‌ إِبْرٰاهِيمَ‌ مُصَلًّى و إن كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع»2.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «اذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم فصل ركعتين – الحديث»3 و منها غيرها.

و غير خفي أن الصحاح الأولى من الروايات الأخيرة الآمرة بالصلاة عند المقام، فلا اطلاق لها من هذه الناحية، لأنها في مقام بيان حكم موضوع آخر و هو الناسي للصلاة، لا في مقام بيان موضعها، و على تقدير تسليم أنها مطلقة فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها بالروايات المتقدمة الدالة على ايقاعها خلف المقام. و من هنا يظهر حال الصحيحة الأخيرة منها، فإنها و إن كانت مطلقة من هذه الناحية، الا أنه لا بد من رفع اليد عن اطلاقها بتلك الروايات.

و أما الأمر الرابع: و هو ما اذا لم يتمكن من الصلاة خلف المقام، فالأظهر ان وظيفته الاتيان بها في أي موضع من مواضع المسجد شاء، و إن كان الأحوط‍‌ و الأجدر به مراعاة الأقرب الى المقام فالأقرب، فههنا أمران:

الأول: عدم سقوط‍‌ صلاة الطواف بسقوط‍‌ شرطها و هو خلف المقام.


 

(1)) <page number=”363″ />الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 16.
(3)) الوسائل: الباب 71 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 364)


……….

الثاني: جواز الاتيان بها في هذه الحالة في أي موضع من مواضع المسجد شاء، و لا يلزم أن يكون في طرف يمين المقام أو يساره.

أما الأمر الأول: فالروايات الواردة في نسيان صلاته الى أن ارتحل من مكة، ثم تذكر، الآمرة بالاتيان بها حيث ما يذكر، ناصة في عدم سقوطها بسقوط‍‌ شرطها، بل يظهر منها أن عدم سقوطها بعدم التمكن من الاتيان بها خلف المقام أمر مفروغ عنه.

فالنتيجة: ان الروايات الدالة على أن من ترك صلاة الطواف نسيانا أو جهلا، فان تمكن بعد التذكر أو العلم من الرجوع الى المسجد و الصلاة خلف المقام وجب ذلك، و اذا تعذر العود أو فيه مشقة صلاها في مكانه.

و تؤكد ذلك صحيحة الحسين بن عثمان، قال: «رأيت ابا الحسن موسى عليه السّلام يصلي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد»1 فان مقتضاها عدم اعتبار وقوع الصلاة خلف المقام، و بما أنها في مقام الحكاية عن فعل الإمام عليه السّلام فلا اطلاق لها لكي تصلح أن تعارض الروايات المتقدمة الظاهرة في شرطية وقوعها خلف المقام، هذا اضافة الى أنها لو سقطت عن العاجز عن ايقاعها خلف المقام لشاع ذلك بين الأصحاب و اشتهر، مع أنه لا قائل به من المسلمين عامة.

و أما الأمر الثاني: فلأن الشرط‍‌ انما هو ايقاعها خلف المقام، و اذا لم يتمكن منه فلا دليل على وجوب ايقاعها في يمينه أو يساره مع مراعاة الأقرب فالأقرب، و لو شك فيه فالمرجع اصالة البراءة، و حينئذ فيجوز له أن يصليها في أي موضع من مواضع المسجد شاء، و مع هذا فالأولى و الأجدر به مراعاة


 

(1)) <page number=”364″ />الوسائل: الباب 75 من أبواب الطواف، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 365)


[مسألة 327: من ترك صلاة الطواف عالما عامدا بطل حجه]

(مسألة 327): من ترك صلاة الطواف عالما عامدا بطل حجه لاستلزامه فساد السعي المترتب عليها (1).

الأقرب فالأقرب الى المقام، هذا كله في طواف الفريضة، و أما الطواف المندوب فيجوز ايقاع صلاته في أي نقطة من المسجد شاء، و تدل عليه مجموعة من الروايات:

منها: موثقة اسحاق بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كان أبي يقول: من طاف بهذا البيت اسبوعا، و صلّى ركعتين في أي جوانب المسجد شاء، كتب اللّه له ستة آلاف حسنة – الحديث»1.

و منها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام، قال:

«سألته عن الرجل يطوف بعد الفجر، فيصلي الركعتين خارجا من المسجد، قال:

يصلي بمكة لا يخرج منها، الاّ أن ينسى فيصلي اذا رجع في المسجد – اي ساعة أحب – ركعتي ذلك الطواف»2 و لكن لا بد من تقييد اطلاقهما بالطواف المندوب بسبب الروايات التي تنص على اشتراط‍‌ صلاة الطواف الفريضة بايقاعها خلف المقام.

(1)بل فساد الطواف أيضا، و تقريب ذلك: ان الروايات البيانية الواردة في بيان واجبات العمرة و الحج تنص على أن صلاة الطواف واجبة، سواء أ كانت من واجبات نفس العمرة و الحج أم كانت من واجبات اجزائهما، كالطواف، و على كلا التقديرين فبطلان الطواف بتركها عالما عامدا يكون على القاعدة، على أساس أن صحة الطواف مشروطة بوجود الصلاة بعدها بملاك ارتباطية اجزاء الحج و العمرة.

و بكلمة: ان صلاة الطواف ليست بواجبة مستقلة اثناء العمرة و الحج، بل هي جزء منهما، إما بالمباشرة أو الواسطة، و حيث ان اجزاء الواجب الواحد


 

(1)) <page number=”365″ />الوسائل: الباب 73 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 73 من أبواب الطواف، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 366)


[مسألة 328: تجب المبادرة الى الصلاة بعد الطواف]

(مسألة 328): تجب المبادرة الى الصلاة بعد الطواف بمعنى أن لا يفصل بين الطواف و الصلاة عرفا (1).

ارتباطية، فبطبيعة الحال صحة كل جزء من اجزائه مشروطة بوجود الجزء الآخر، بدون فرق فيه بين الجزء السابق و اللاحق، و هذا يعني كما أن صحة الجزء السابق مشروطة بوجود الجزء اللاحق، كذلك العكس. و من هنا يظهر أن مرد الوجوه الثلاثة التي ذكرها السيد الاستاذ قدّس سرّه لإثبات فساد السعي الى وجه واحد، و هو ما عرفت، و الاختلاف بينها إنما هو في التعبير لا في المضمون و المؤدى، لأن مرجع الكل الى معنى واحد.

(1)يظهر ذلك من جملة من الروايات:

منها: صحيحة محمد بن مسلم، قال: «سألت ابا جعفر عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و فرغ من طوافه حين غربت الشمس، قال: وجبت عليه تلك الساعة الركعتان، فليصلهما قبل المغرب»1.

و منها: صحيحة رفاعة، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يطوف الطواف الواجب بعد العصر، أ يصلي الركعتين حين يفرغ من طوافه، فقال: نعم، أما بلغك قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا بني عبد المطلب لا تمنعوا الناس من الصلاة بعد العصر فتمنعوهم من الطواف»2.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم، فصل ركعتين، الى ان قال: و هاتان الركعتان هما الفريضة، ليس يكره لك أن تصليهما في أي الساعات شئت، عند طلوع الشمس و عند غروبها، و لا تؤخرها ساعة تطوف و تفرغ فصلهما»3.

و منها: صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «سألته عن ركعتي طواف الفريضة، قال: لا تؤخرها ساعة اذا طفت فصل»4 ، و منها غيرها،


 

(1)) <page number=”366″ />الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(4)) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 367)


[مسألة 329: إذا نسي صلاة الطواف و ذكرها بعد السعي أتى بها]

(مسألة 329): إذا نسي صلاة الطواف و ذكرها بعد السعي أتى بها (1)

فان تلك الروايات ظاهرة في عدم جواز تأخير الصلاة عن الطواف عرفا، و في مقابلها صحيحة علي بن يقطين، قال: «سألت ابا الحسن عليه السّلام عن الذي يطوف بعد الغداة و بعد العصر، و هو في وقت الصلاة أ يصلي ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة، قال: لا»1 ، فانها تدل على جواز التأخير و عدم وجوب المبادرة الى صلاة الطواف، فاذن تصلح ان تعارض الروايات المتقدمة.

و الجواب: ان الصحيحة ناظرة الى عدم وقوع صلاة الطواف في وقت الغداة و العصر، و لا نظر لها الى جواز تأخيرها عامدا و ملتفتا و بدون أي سبب، و عليه فلا تصلح أن تعارض تلك الروايات الظاهرة في عدم جواز التأخير، هذا اضافة الى أنها محكومة بصحيحة محمد بن مسلم، قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و فرغ من طوافه حين غربت الشمس، قال:

وجبت عليه تلك الساعة الركعتان فليصلهما قبل المغرب»2 ، باعتبار أنها ناصة في جواز الاتيان بها في وقت الفريضة، و لا سيّما بناء على ما قويناه، من أن وقت صلاة المغرب يدخل بغروب قرص الشمس عن الأفق كاملا، و حينئذ فتصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن ظهور صحيحة علي بن يقطين، و حملها على الكراهة تطبيقا لحمل الظاهر على النص، أو لا أقلّ‌ من حمل المطلق على المقيد، حيث ان صحيحة محمد بن مسلم خاصة بطواف الفريضة، و صحيحة علي بن يقطين عامة لطواف الفريضة و النافلة.

و مع الإغماض عن ذلك و تسليم التعارض بينهما فتسقطان معا من جهة المعارضة، و يرجع حينئذ الى الروايات المطلقة، فان مقتضى اطلاقها جواز الاتيان بها في وقت الفريضة.

(1)تدل عليه جملة من الروايات:


 

(1)) <page number=”367″ />الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 11.
(2)) الوسائل: الباب 76 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 368)


و لا تجب إعادة السعي بعدها و إن كانت الاعادة أحوط‍‌، و إذا ذكرها في اثنا السعي قطعه و أتى بالصلاة في المقام ثم رجع و أتم السعي حيثما قطع (1)

منها: موثقة عبيد بن زرارة قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة، و لم يصل الركعتين حتى ذكر و هو بالأبطح يصلي أربعا، قال:

يرجع فيصلي عند المقام أربعا»1 و مثلها موثقته الأخرى2.

و منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سئل عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصل الركعتين حتى طاف بين الصفا و المروة، ثم طاف طواف النساء، و لم يصل لذلك الطواف حتى ذكر و هو بالأبطح، قال: يرجع الى المقام فيصلي ركعتين»3 فان هذه الروايات واضحة الدلالة على وجوب الرجوع الى المقام، و الصلاة عنده اذا تذكر في الطريق الى منى و قبل الوصول اليه، ثم ان الظاهر منها عرفا أنه لا موضوعية للأبطح فان المعيار في وجوب الرجوع الى المقام انما هو بالتذكر في مكان قريب لا تكون فيه مشقة أو حرج عادة.

(1)تنص عليه مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «انه قال في رجل طاف طواف الفريضة، و نسي الركعتين حتى طاف بين الصفا و المروة ثم ذكر، قال: يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين، ثم يعود الى مكانه»4.

و منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام، قال: «سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلي الركعتين حتى يسعى بين الصفا و المروة خمسة اشواط‍‌، أو أقل من ذلك، قال: ينصرف حتى يصلي الركعتين، ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتم سعيه»5.


 

(1)) <page number=”368″ />الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 6.
(2)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 7.
(3)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 5.
(4)) الوسائل: الباب 77 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(5)) الوسائل: الباب 77 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 369)


و إذا ذكرها بعد خروجه من مكة لزمه الرجوع و الاتيان بها في محلها (2)

(2)في اطلاقه اشكال، بل منع، و الصحيح هو التفصيل بين ما اذا خرج عن مكة مسافة قليلة، و ما اذا خرج منها مسافة كثيرة، فعلى الأول انه مخير بين أن يرجع الى مكة و يصليهما خلف المقام، و بين أن يأمر غيره ليصليهما عنه، و تدل عليه صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فيمن نسي ركعتي الطواف حتى ارتحل من مكة، قال: إن كان قد مضى قليلا فليرجع فليصلّهما، أو يأمر بعض الناس فليصلّهما عنه»1 بتقريب أنها واضحة الدلالة على تخيير من خرج من مكة بمسافة قليلة ناسيا صلاة الطواف بين الرجوع بنفسه الى مكة و الصلاة عند المقام و بين الاستنابة، و في مقابلها روايات أخرى.

منها: صحيحة ابي الصباح الكناني، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام في طواف الحج و العمرة، فقال: إن كان بالبلد صلّى ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام، فان اللّه عز و جل يقول:

وَ اتَّخِذُوا مِنْ‌ مَقٰامِ‌ إِبْرٰاهِيمَ‌ مُصَلًّى و إن كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع»2.

و منها: صحيحة أبي بصير، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتى طواف الفريضة خلف المقام، و قد قال اللّه تعالى: وَ اتَّخِذُوا مِنْ‌ مَقٰامِ‌ إِبْرٰاهِيمَ‌ مُصَلًّى حتى ارتحل، قال: إن كان ارتحل فانى لا أشق عليه، و لا آمره أن يرجع، و لكن يصلي حيث يذكر»3.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل نسي الركعتين خلف مقام ابراهيم عليه السّلام، فلم يذكر حتى ارتحل من مكة قال: فليصلّهما حيث ذكر، و إن ذكرهما و هو في البلد فلا يبرح حتى يقضيهما»4.


 

(1)) <page number=”369″ />الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 16.
(3)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 10.
(4)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 18.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 370)


فان لم يتمكن من الرجوع أتى بها في أي موضع ذكرها فيه (1).

نعم، إذا تمكن من الرجوع الى الحرم رجع إليه و أتى بالصلاة فيه على الأحوط‍‌ الأولى و حكم التارك لصلاة الطواف جهلا حكم الناسي و لا فرق في الجاهل بين القاصر و المقصر.

و لكن لا بد من تقييد اطلاق هذه الروايات بالرواية الأولى تطبيقا لقاعدة حمل المطلق على المقيد.

فالنتيجة: أن من نسي صلاة الطواف و خرج عن مكة، فان كان بمسافة قليلة فعليه أن يرجع بنفسه أو يستنيب، و لا يجوز له أن يصلي في مكانه، و ان كان بمسافة كثيرة أو بعد رجوعه الى بلده يصلي حيث يذكر.

(1)مر أن الاتيان بها في موضع ذكرها لا يكون مقيدا بعدم التمكن من الرجوع، بل يجوز ذلك مع التمكن منه أيضا، اذا كان بعيدا عن مكة او كان في بلده، كما هو مقتضى الجمع بين الصحيحة الأولى و الصحاح الأخرى.

بقيت هنا مسألة: و هي ان من نسي صلاة طواف العمرة و أحرم للحج و ذهب الى عرفات، و وصل في الطريق الى منى، ثم تذكر، فهل يجب عليه الرجوع الى مكة و الصلاة خلف المقام أو الاستنابة أو لا؟ فيه وجهان: و لا يبعد الوجه الأول، و ذلك لأن صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «انه سأله عن رجل نسي أن يصلي الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام ابراهيم حتى أتى منى، قال: يصليهما بمنى»1 تدل على أن وظيفته الاتيان بهما في منى و عدم الرجوع الى مكة، و صحيحة أحمد بن عمر الحلال قال: «سألت ابا الحسن عليه السّلام عن رجل نسي ان يصلي ركعتي طواف الفريضة، فلم يذكر حتى أتى منى، قال:

يرجع الى مقام ابراهيم فيصليهما»2 ، تدل على أن وظيفته الرجوع و الصلاة خلف المقام، فاذن يقع التعارض بينهما، و بما أنه لا ترجيح في البين لإحداهما


 

(1)) <page number=”370″ />الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 8.
(2)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 12.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 371)


……….

على الأخرى، فتسقطان معا من جهة المعارضة، و يرجع حينئذ الى اطلاق صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة الدالة على أن من نسي صلاة الطواف و خرج من مكة بمسافة قليلة فعليه أن يرجع إما بنفسه أو بنائبه، و حيث ان المسافة بين مكة و منى مسافة قليلة عرفا، فاذا خرج من مكة و وصل الى منى صدق عرفا أنه خرج منها بمسافة قليلة، و عليه حينئذ أن يرجع بنفسه، أو يستنيب.

و دعوى: أن صحيحة أحمد بن عمر قد قيد اطلاقها بما اذا لم يكن في الرجوع مشقة و عسر بقرينة قوله عليه السّلام في صحيحة أبي بصير المتقدمة «فاني لا أشق عليه و لا آمره أن يرجع»1 فانه يدل على عدم وجوب الرجوع اذا كان فيه مشقة و عسر، و حينئذ فتنقلب النسبة بين صحيحة أحمد و صحيحة عمر بن يزيد من التباين الى عموم مطلق.

مدفوعة: بأن المراد من المشقة في قوله عليه السّلام: «لا اشق عليه» هو المشقة النوعية، حيث إن في التكليف بالرجوع الى مكة ثانيا للصلاة خلف المقام مشقة نوعية، و هي التي تدعو المولى الى عدم الأمر به مطلقا، فان المتفاهم العرفي منه ذلك، دون المشقة الشخصية التي لا تتحمل عادة، اذ أن ذلك لا ينسجم مع اطلاق قوله عليه السّلام: «و لا آمره أن يرجع…» لوضوح أنه ليس في الرجوع دائما مشقة، فاذن عدم الأمر به مطلقا قرينة على أن المراد من المشقة المشقة النوعية، باعتبار أن في التكليف بالرجوع الى المقام و الصلاة خلفه مشقة نوعا، و حيث لا تكون في الرجوع إلى المقام من المسافة القليلة كمنى مشقة عادة و نوعا، فلا يكون لصحيحة أحمد اطلاق من هذه الناحية حتى تقيد اطلاقها بصحيحة ابي بصير.


 

(1)) <page number=”371″ />الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 10.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 372)


……….

و ثانيا: قد مر أن اطلاق صحيحة أبي بصير قد قيد بصحيحة عمر بن يزيد المتقدمة الدالة على أنه اذا تذكر بعد الخروج من مكة بمسافة قليلة فعليه أن يرجع، أو يأمر من يصلي عنه، و لا يجوز له أن يصلي في مكانه، فاذن يختص موردها بمن خرج من مكة مسافة كثيرة، أو رجع الى بلده ثم تذكر، فان وظيفته أن يصلي في مكان ذكرها فيه دون الرجوع أو الاستنابة، و على هذا فالصحيحة لا تصلح أن تكون مقيدة لإطلاق صحيحة أحمد بن عمر، لعدم اشتراكهما في المورد، لأن مورد صحيحة احمد من خرج من مكة الى منى، و هو مسافة قليلة، فوظيفته الرجوع إن أمكن، و الاّ فالاستنابة، و مورد صحيحة ابي بصير من خرج منها الى مسافة كثيرة، أو وصل الى بلده ثم تذكر، فان وظيفته الصلاة في موضعه.

فالنتيجة: أنه لا يمكن أن تكون صحيحة أبي بصير مقيدة لإطلاق صحيحة أحمد.

و ثالثا: مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن مورد صحيحة أحمد لا يكون مشمولا لإطلاق صحيحة عمر بن يزيد الأولى، بدعوى أن المسافة بين مكة و منى ليست بقليلة حتى تكون مشمولة له، الاّ أنه مع ذلك لا يمكن تقييد اطلاق صحيحة أحمد بصحيحة أبي بصير، بل العكس هو المتعين، باعتبار ان نسبة الأولى الى الثانية نسبة المقيد الى المطلق، لأن موردها خاص، و هو ارتحال الحاج من مكة الى منى، فانها تدل على أن من نسى صلاة الطواف و ارتحل من مكة الى منى ثم تذكر، وجب عليه أن يرجع الى مكة من أجل الصلاة، و أما مورد الصحيحة الثانية فهو أعم من أن يكون ارتحاله من مكة الى منى، أو الى بلده أو بلد آخر، و تدل على عدم وجوب الرجوع اليها ثانيا للإتيان بالصلاة خلف المقام، بل يكفي الاتيان بها في أي موضع ذكرها فيه، فاذن لا بد من رفع اليد عن

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 373)


……….

اطلاقها بقرينه الصحيحة الأولى تطبيقا لقاعدة حمل المطلق على المقيد، هذا بلا فرق بين أن يكون المراد من المشقة في صحيحة أبي بصير المشقة النوعية أو الشخصية.

و رابعا: مع الاغماض عن كل ذلك، فقد ذكرنا في علم الأصول أن كبرى انقلاب النسبة غير تامة، فانه على تقدير تسليم تقييد اطلاق صحيحة أحمد بصحيحة أبي بصير، فهو لا يوجب انقلاب النسبة بينها و بين صحيحة عمر بن يزيد الأخيرة، بل هي باقية على حالها و هي التباين، فتسقطان معا حينئذ من جهة المعارضة، و يرجع في موردها الى اطلاق صحيحة أخرى لعمر بن يزيد المتقدمة.

ثم إنه قد تسأل أن صحيحة عمر بن يزيد الأولى هل هي ظاهرة في التخيير بين الرجوع الى مكة للإتيان بصلاة الطواف بنفسه و مباشرة، و بين الاستنابة فيها مع فرض التمكن من الرجوع اليها بنفسه، أو لا بد من حمل الاستنابة فيها على صورة عدم التمكن من الرجوع اليها كذلك.

و الجواب: إنها ظاهرة في التخيير على أساس ظهور كلمة (أو) فيه، و حملها على الترتيب خلاف الظاهر، و بحاجة الى قرينة، و لا قرينة عليه لا في نفس الصحيحة و لا من الخارج، أو فقل: إن تقييد وجوب الاستنابة فيها بعدم التمكن من الرجوع بنفسه بحاجة الى قرينة، و لا قرينة على ذلك فيها.

فالنتيجة: أنه لا شبهة في ظهورها في التخيير، و تؤكد ذلك صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام، قال: «سألته عن رجل نسي أن يصلي الركعتين، قال: يصلى عنه»1.

و صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: من نسي أن يصلي


 

(1)) <page number=”373″ />الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 374)


……….

ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكة، فعليه أن يقضي أو يقضي عنه وليه، أو رجل من المسلمين»1 فان مقتضى اطلاقهما جواز أن يصلى عنه و إن كان متمكنا منه، غاية الأمر ان اطلاقهما مقيد بمفهوم صحيحة عمر بن يزيد الذي ينص على أن من ارتحل من مكة بمسافة كثيرة فلا تكون وظيفته التخيير و حملها على الخروج من مكة بمسافة قليلة، و لكن مع هذا فالأحوط‍‌ و الأجدر به وجوبا أن يرجع بنفسه الى مكة للإتيان بالصلاة خلف المقام إن أمكن، و الاّ فعليه الاستنابة.

و نتيجة ما ذكرناه حول المسألة أمور:

الأول: انه لا فرق فيما ذكرناه بين صلاة طواف الحج، و صلاة طواف العمرة.

الثاني: ان الناسي لصلاة الطواف اذا خرج من مكة و طوى مسافة قليلة، ثم تذكر فعليه أن يرجع و يأتي بها مباشرة، أو يستنيب من يقوم بالاتيان بها عنه، و الأحوط‍‌ وجوبا أن تكون الاستنابة في حالة عجزه عن التمكن من القيام بها.

الثالث: ان هاهنا قاعدتين:

الأولى: ان من خرج من مكة و مشى مسافة قريبة فحكمه ما مر.

الثانية: ان من خرج منها و مشى مسافة طويلة، أو وصل الى بلده، ثم تذكر فوظيفته أن يصلي في مكانه، و لا يجب عليه الرجوع و لا الاستنابة.

الرابع: ان من خرج من مكة ناسيا ركعتي الطواف، و وصل الى منى، ثم تذكر، فهل هو داخل في القاعدة الأولى و من عناصرها، أو أنه داخل في الثانية‌؟ الظاهر أنه داخل في الأولى، لأن قوله عليه السّلام في صحيحة عمر بن يزيد: «ان كان قد مضى قليلا» يصدق على من ارتحل من مكة و مضى الى منى، باعتبار أنه قليل


 

(1)) <page number=”374″ />الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 13.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 375)


[مسألة 330: إذا نسي صلاة الطواف حتى مات وجب على الوليّ‌ قضاؤها]

(مسألة 330): إذا نسي صلاة الطواف حتى مات وجب على الوليّ‌ قضاؤها (1).

بالنسبة الى الحاج الجائي من البلاد النائية.

الخامس: ان صحيحة أحمد بن عمر معارضة بصحيحة عمر بن يزيد فتسقطان من جهة المعارضة، و المرجع حينئذ هو اطلاق صحيحة أخرى لعمر ابن يزيد، و مع الاغماض عنه فالمرجع في المسألة أصالة الاشتغال، باعتبار أن ذمته مشغولة بالصلاة، و لا يعلم بالبراءة عنها الاّ اذا رجع و صلّى خلف المقام بنفسه أو بنائبه تطبيقا لقاعدة أن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية.

السادس: انه لا يمكن تقييد اطلاق صحيحة احمد بصحيحة ابي بصير، و على تقدير التقييد فلا تنقلب النسبة بينها و بين صحيحة عمر بن يزيد من التباين الى عموم مطلق، على أساس ما حققناه في الأصول من عدم صحة كبرى انقلاب النسبة.

(1)لصحيحة ابن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام، قال: يقضي عنه أولى الناس بميراثه – الحديث»1 فانها باطلاقها تعم صلاة الطواف أيضا. هذا كله في الناسي.

و اما الجاهل بأصل الحكم أو بالخصوصيات المعتبرة في صحتها، كما اذا صلى في غير مقام ابراهيم عليه السّلام، أو صلّى في النجس، فهل حكمه حكم الناسي‌؟ الظاهر أن حكمه حكم الناسي و إن كان مقصرا، و ذلك لإطلاق صحيحة جميل ابن دراج عن أحدهما عليهما السّلام: «ان الجاهل في ترك الركعتين عند مقام ابراهيم بمنزلة الناسي»2 فانها باطلاقها تشمل الجاهل المقصر أيضا.

فالنتيجة: ان الطواف يمتاز عن صلاته، فان تركه اذا كان عن جهل أوجب البطلان – كما تقدم – دون ترك صلاته كذلك، هذا اضافة الى عموم حديث لا


 

(1)) <page number=”375″ />الوسائل: الباب 23 من أحكام شهر رمضان، الحديث: 5.
(2)) الوسائل: الباب 74 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 376)


[مسألة 331: إذا كان في قراءة المصلي لحن فان لم يكن متمكنا من تصحيحها فلا إشكال في اجتزائه بما يتمكن منه في صلاة الطواف و غيرها]

(مسألة 331): إذا كان في قراءة المصلي لحن فان لم يكن متمكنا من تصحيحها فلا إشكال في اجتزائه بما يتمكن منه في صلاة الطواف و غيرها و أما إذا تمكن من التصحيح لزمه ذلك فان أهمل حتى ضاق الوقت عن تصحيحها فالأحوط‍‌ أن يأتي بصلاة الطواف حسب امكانه و أن يصليها جماعة (1) و يستنيب لها أيضا.

[مسألة 332: إذا كان جاهلا باللحن في قراءته و كان معذورا في جهله صحت صلاته]

(مسألة 332): إذا كان جاهلا باللحن في قراءته و كان معذورا في جهله (2) صحت صلاته و لا حاجة إلى الاعادة حتى إذا علم بذلك بعد الصلاة، و أما إذا لم يكن معذورا فاللازم عليه إعادتها بعد التصحيح (3) و يجري عليه حكم تارك صلاة الطواف نسيانا.

تعاد، لما ذكرناه في محله من أنه يعم الناسي و الجاهل و إن كان مقصرا، شريطة أن يكون مركبا، و أما اذا كان بسيطا و كان مقصرا فلا يشمله الحديث.

(1)هذا هو المتعين، و ذلك لان قراءته إن كانت صحيحة تخيّر بين أن يصليها فرادى و أن يصليها جماعة، و أما اذا لم تكن صحيحة و تسامح في تصحيحها و تساهل إلى أن ضاق الوقت فحينئذ يتعين عليه أن يصليها جماعة إذا أمكن، و إلاّ فعليه أن يصلي فرادى، و الأحوط‍‌ أن يستنيب من يصلي عنه أيضا. نعم اذا لم يكن متمكنا من تصحيحها، كما إذا كان في قراءته لحن ذاتا لم يجب عليه أن يصليها جماعة، بل يكفي أن يصليها فرادى.

(2)بل و إن لم يكن معذورا شريطة أن يكون جهله مركبا، لما ذكرناه في (فصل الصلاة في النجس) في مبحث الطهارة أن حديث لا تعاد يعم الجاهل المركب و إن كان مقصرا. نعم، لا يعم الجاهل البسيط‍‌ اذا كان مقصرا، على تفصيل تقدم هناك.

(3)هذا اذا كان جهله بسيطا، و أما اذا كان مركبا فلا تجب عليه الاعادة كما مر.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 377)


[الرابع من واجبات عمرة التمتع السعي]

السعي و هو الرابع من واجبات عمرة التمتع و هو أيضا من الأركان، فلو تركه عمدا بطل حجة سواء في ذلك العلم بالحكم و الجهل به (1)، و يعتبر فيه قصد القربة، و لا يعتبر فيه ستر العورة و لا الطهارة من الحدث أو الخبث و الأولى رعاية الطهارة فيه (2).

(1)لأن بطلان الحج بترك السعي يكون على القاعدة، باعتبار أن المأمور به حينئذ لا ينطبق على الفرد المأتي به في الخارج الفاقد له، هذا بدون فرق بين أن يكون تركه عامدا و ملتفتا أو جاهلا أو ناسيا، لأن الصحة بحاجة الى دليل، و قد دل الدليل على أن تركه نسيانا لا يوجب البطلان، فاذا تذكر وجب عليه قضاؤه بنفسه و مباشرة إن أمكن، و الاّ فبنائبه، و أما اذا تركه متعمدا و إن كان جاهلا بالحكم، فلا دليل على الصحة، بل مضافا الى أن بطلانه مقتضى القاعدة، تدل عليه أيضا مجموعة من الروايات.

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل ترك السعي متعمدا قال: «عليه الحج من قابل»1 و منها صحيحته الثانية2 ، و الثالثة3.

(2)الأمر كما افاده قدّس سرّه، أما الطهارة الخبثية فلا يوجد أي دليل على اعتبارها، و أما الطهارة الحدثية، فقد دلت على عدم اعتبارها صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال لا بأس أن تقضى المناسك كلها على غير وضوء الاّ الطواف، فان فيه صلاة، و الوضوء أفضل على كل حال»4 و لكن بازائها


 

(1)) <page number=”377″ />الوسائل: الباب 7 من أبواب السعي، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 7 من أبواب السعي، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 7 من أبواب السعي، الحديث: 3.
(4)) الوسائل: الباب 15 من أبواب السعي، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 378)


[مسائل ]
[مسألة 333: محل السعي إنما هو بعد الطواف و صلاته]

(مسألة 333): محل السعي إنما هو بعد الطواف و صلاته (1)، فلو قدّمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الاعادة بعدهما و قد تقدم حكم من نسي الطواف و تذكره بعد سعيه.

روايات أخرى تدل على اعتبار الطهارة فيه.

منها: موثقة ابن فضال، قال: «قال أبو الحسن عليه السّلام: لا تطوف و لا تسعى الاّ بوضوء»1.

و منها: صحيحة علي بن جعفر عليه السّلام عن أخيه، قال: «سألته عن الرجل يصلح أن يقضى شيئا من المناسك و هو على غير وضوء، قال: لا يصلح الاّ على وضوء»2.

و منها: صحيحة الحلبي، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تطوف بين الصفا و المروة و هي حائض، قال: لا، ان اللّه يقول: إِنَّ‌ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ‌ مِنْ‌ شَعٰائِرِ اللّٰهِ‌»3.

و لكن هذه الروايات لا تصلح أن تعارض صحيحة معاوية، لأنها ناصة في عدم اعتبار الطهارة فيه، و تلك الروايات ظاهرة في اعتبارها، فاذن لا بد من رفع اليد عن ظهورها تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على النص، هذا اضافة الى أن صحيحة الحلبي لا تدل على اعتبارها فيه، فانها تدل على أن الحيض مانع، و لا ملازمة بين الأمرين، على أنه لا بد من حملها على الأفضل بقرينة الروايات الدالة على ترخيص الحائض في السعي و هي حائض.

(1)هذا مما لا شبهة فيه، اذ مضافا الى أن سيرة المسلمين قد جرت على ذلك من لدن عصر النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله الى زماننا هذا فقد نصت عليه الروايات الكثيرة، منها الروايات البيانية الواردة في تفصيل واجبات الحج و العمرة كما


 

(1)) <page number=”378″ />الوسائل: الباب 15 من أبواب السعي، الحديث: 7.
(2)) الوسائل: الباب 15 من أبواب السعي، الحديث: 8.
(3)) الوسائل: الباب 87 من أبواب الطواف، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 379)


[مسألة 334: يعتبر في السعى النية بأن يأتي به عن العمرة إن كان في العمرة و عن الحج إن كان في الحج]

(مسألة 334): يعتبر في السعى النية بأن يأتي به عن العمرة إن كان في العمرة و عن الحج إن كان في الحج قاصدا به القربة إلى اللّه تعالى (1).

و كيفا و ترتيبا، و منها الروايات الواردة فيمن قدم السعي على الطواف، كصحيحة منصور بن حازم، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا و المروة، قال: يرجع فيطوف بالبيت، ثم يستأنف السعي، قلت: ان ذلك قد فاته، قال: عليه دم، ألا ترى أنك اذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن تعيد على شمالك»1.

و صحيحته الأخرى، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت، قال: يطوف بالبيت ثم يعود الى الصفا و المروة، فيطوف بينهما»2 و موثقة اسحاق بن عمار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طاف بالكعبة، ثم خرج فطاف بين الصفا و المروة، فبينما هو يطوف اذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت، قال: يرجع الى البيت فيتم طوافه، ثم يرجع الى الصفا و المروة، فيتم ما بقى، قلت: فانه بدأ بالصفا و المروة قبل أن يبدأ بالبيت، فقال:

يأتى البيت فيطوف به، ثم يستأنف طوافه بين الصفا و المروة، قلت: فما فرق بين هذين، قال: لأن هذا قد دخل في شيء من الطواف، و هذا لم يدخل في شيء منه»3. فان هذه الروايات واضحة الدلالة على اعتبار الترتيب بين السعي و الطواف، و أن محل الأول بعد الثاني، فلو قدمه عليه لأخل بالترتيب، و لا ينطبق عليه السعي المأمور به، و الرواية الأخيرة و هي الموثقة تدل على أن من بدأ بالسعي قبل الطواف حول البيت بطل سعيه، و وجب عليه استئنافه بعد الطواف، و أما من بدأ به في اثناء الطواف، ثم تذكر ما تركه منه، فلا يبطل بل عليه أن يقطع سعيه و يرجع و يكمل ما تركه من طوافه، ثم يأتي و يكمل ما بقي من سعيه.

(1)هذا باعتبار أنه من الأجزاء الرئيسية للحج و العمرة، و قد تقدم أن كل


 

(1)) <page number=”379″ />الوسائل: الباب 63 من أبواب الطواف، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 63 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 63 من أبواب الطواف، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 380)


[مسألة 335: يبدأ بالسعي من أول جزء من الصفا]

(مسألة 335): يبدأ بالسعي من أول جزء من الصفا (1) ثم يذهب بعد ذلك إلى المروة و هذا يعد شوطا واحدا ثم يبدأ من المروة راجعا الى الصفا الى أن يصل اليه فيكون الاياب شوطا آخر، و هكذا يصنع الى أن يختم السعي بالشوط‍‌ السابع في المروة، و الأحوط‍‌ لزوما اعتبار الموالاة (2) بأن لا يكون فصل معتد به بين الاشواط‍‌.

عبادة متقومة بالنية، و نقصد بها أن تتوفر فيها العناصر التالية:

الأول: نية القربة.

الثاني: نية الخلوص، و نقصد بها عدم الرياء.

الثالث: قصد الاسم الخاص المميز لها شرعا.

و هذه العناصر الثلاثة كما أنه لا بد من توفرها في العبادات المستقلة كالصلاة و الصيام و الحج و غيرها، كذلك لا بد من توفرها في اجزائها العبادية كالسعي و نحوه، فان صحته مرتبطة بتوفر تلك العناصر فيه، و هذا يعني أن من أتى به فعليه أن ينوي مضافا الى القربة و الخلوص كونه من عمرة التمتع، أو الحج، أو العمرة المفردة، كما هو الحال في الطواف و صلاته و غيرهما من أجزاء الحج و العمرة.

(1)صورته على النحو التالي: ينوي المكلف السعي بين الصفا و المروة متقربا الى اللّه تعالى و مخلصا لعمرة التمتع من حجة الإسلام، بادئا من الصفا و منتهيا الى المروة، ثم يعود من المروة الى الصفا، ثم من الصفا الى المروه و هكذا حتى يسير بينهما سبع مرات ذاهبا من الصفا الى المروة أربع مرات و من المروة الى الصفا ثلاث مرات، و يسمى كل مرة شوطا، و يكون ختامه عند المروة.

(2)بل هو الأظهر، و لا يحتاج اعتبارها فيه الى دليل خارجي، بل يكفي كونه عملا واحدا مركبا من سبعة اشواط‍‌، و من الواضح أن وحدة ذلك العمل

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 381)


……….

عرفا متقومة بالموالاة بين هذه الأشواط‍‌.

و بكلمة: ان المتبادر في الأذهان من الروايات البيانية و غيرها اعتبار الموالاة بين اجزائه المعينة المحددة، كما هو الحال في الطواف.

و أما الروايات الدالة على جواز الجلوس أثناء السعي:

فمنها: صحيحة الحلبي، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن الرجل يطوف بين الصفا و المروة، أ يستريح‌؟ قال: نعم، إن شاء جلس على الصفا و المروة و بينهما فليجلس»1.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار في حديث: «انه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

يجلس على الصفا و المروة، قال: نعم»2 ، فلا تدل على عدم اعتبارها بين الأشواط‍‌، لأن الجلوس بقدر الاستراحة لا يضر بالموالاة بينها عرفا.

و أما ما ورد في صحيحة عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه عن ابي عبد اللّه عليه السّلام:

«قال: لا يجلس بين الصفا و المروة الاّ من جهد»3. من النهي عن الجلوس بينهما، فهو محمول على الكراهة بقرينة الروايات المتقدمة الناصة في جواز الجلوس بينهما.

فالنتيجة: ان الأظهر اعتبار الموالاة فيه عرفا، و اما الجلوس اثناؤه على الصفا و المروة، أو بينهما فهو لا يضر بالموالاة العرفية.

و أما الروايات الواردة فيمن نقص سهوا من طوافه و تذكر اثناء السعى، و من نسي صلاته و تذكر بعد الشروع في السعي الدالة على أنه يقطع سعيه و يرجع و يتم طوافه، أو يصلي ثم يأتي فيكمل سعيه، فلا تصلح أن تكون قرينة على عدم اعتبار الموالاة فيه مطلقا، فانه مضافا إلى امكان المناقشة في أن هذا


 

(1)) <page number=”381″ />الوسائل: الباب 20 من أبواب السعي، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 20 من أبواب السعي، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 20 من أبواب السعي، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 382)


[مسألة 336: لو بدأ بالمروة قبل الصفا فان كان في شوطه الأول الغاه و شرع من الصفا]

(مسألة 336): لو بدأ بالمروة قبل الصفا فان كان في شوطه الأول الغاه و شرع من الصفا و ان كان بعده ألغى ما بيده و استأنف السعي من الأول (1).

[مسألة 337: لا يعتبر في السعي المشي راجلا فيجوز السعي راكبا على حيوان أو على متن انسان أو غير ذلك]

(مسألة 337): لا يعتبر في السعي المشي راجلا فيجوز السعي راكبا على حيوان أو على متن انسان أو غير ذلك، و لكن يلزم على المكلف أن يكون ابتداء سعيه من الصفا و اختتامه بالمروة.

المقدار من الفصل الزمني بين اشواطه لا يضر بالموالاة العرفية، لا يمكن التعدي عن موردها الى سائر الموارد و الحكم بجواز القطع مطلقا و إن كان عن عمد و اختيار و بفترة زمنية مخلة بالموالاة، و كذلك ما دل على جواز قطعه اذا دخل وقت الفريضة، فانه مضافا الى أن مقدار وقت أداء الفريضة لا يضر بالموالاة العرفية، كما هو الحال في الطواف لا يمكن التعدي عن مورده الى سائر الموارد.

لحد الآن قد تبين أن الأظهر كون الاخلال بالموالاة العرفية عامدا و ملتفتا و بدون عذر شرعي مبطل الا ما قام الدليل على عدم البطلان.

(1)الأمر كما أفاده قدّس سرّه لدلالة مجموعة من الروايات على ذلك:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى، و يبدأ بالصفا قبل المروة»1 ، فانها ظاهرة في الغاء ما أتى به من الأشواط‍‌، و البدء بالصفا قبل المروة.

و منها: صحيحته الأخرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث: «قال: و إن بدأ بالمروة فليطرح ما سعى و يبدأ بالصفا»2 ، و مثلهما صحيحته الثالثة3.

و في مقابلها روايتان قد يتوهم انهما تدلان على أن الملغى هو الشوط‍‌ الأول فحسب دون الثاني و الثالث:


 

(1)) <page number=”382″ />الوسائل: الباب 10 من أبواب السعي، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 10 من أبواب السعي، الحديث: 2.
(3)) الوسائل: الباب 10 من أبواب السعي، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 383)


……….

إحداهما: رواية علي بن ابي حمزة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا، قال: يعيد، ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء أراد أن يعيد الوضوء»1 ، بتقريب أن المكلف حين الوضوء اذا بدأ بغسل يده اليسرى ثم اليمنى كان الملغى هو غسل اليسرى فحسب دون اليمنى، لعدم الموجب لإلغائه.

و الأخرى: رواية علي الصائغ، قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا، قال: يعيد، ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه كان عليه أن يبدأ بيمينه ثم يعيد على شماله»2 ، فانها كالأولى في الدلالة و الظهور، و لكن بما أن الروايتين ضعيفتان سندا، فلا تصلحان للمعارضة مع الطائفة الاولى، أما الرواية الأولى فمن جهة ان في سندها علي بن أبي حمزة، و هو ممن لم يثبت توثيقه، و أما الثانية فلأن في سندها اسماعيل بن مرار، و هو كذلك، و مجرد كونه من رجال كامل الزيارات لا يكفي.

و مع الاغماض عن سندهما فلا دلالة لهما، لأن الظاهر منهما ان التشبيه بلحاظ‍‌ عدم الاكتفاء بغسل الشمال قبل اليمين، و أنه ملغى، بلا نظر لهما الى حكم غسل اليمين، و هذا يعني انهما تدلان على أن من بدأ بغسل يساره أولا، ثم يمينه فعليه أن يلغى الأول فقط‍‌ دون الثاني، اذ كما يحتمل ذلك يحتمل أن يكون مدلولهما الغاء كليهما، و استئناف الوضوء من الأول، و حيث إنهما لا تدلان على ذلك فيرجع الى مقتضى القاعدة، و من الطبيعي ان مقتضى القاعدة عدم وجود مبرر لإلغاء غسل اليمين.

فالنتيجة: أن هاتين الروايتين ساقطتان سندا و دلالة.


 

(1)) <page number=”383″ />الوسائل: الباب 10 من أبواب السعي، الحديث: 4.
(2)) الوسائل: الباب 10 من أبواب السعي، الحديث: 5.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 384)


[مسألة 338: يعتبر في السعي أن يكون ذهابه و ايابه فيما بين الصفا و المروة من الطريق المتعارف]

(مسألة 338): يعتبر في السعي أن يكون ذهابه و ايابه فيما بين الصفا و المروة من الطريق المتعارف فلا يجزئ الذهاب أو الاياب من المسجد الحرام أو أيّ‌ طريق آخر.

نعم، لا يعتبر أن يكون ذهابه و إيابه بالخط‍‌ المستقيم (1).

[مسألة 339: يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها]

(مسألة 339): يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند الاياب من المروة لم يجزئه ذلك (2)، و لا بأس بالالتفات الى اليمين او اليسار أو الخلف عند الذهاب أو الاياب.

[مسألة 340: يجوز الجلوس على الصفا أو المروة أو فيما بينهما للاستراحة]

(مسألة 340): يجوز الجلوس على الصفا أو المروة أو فيما بينهما للاستراحة، و إن كان الأحوط‍‌ ترك الجلوس فيما بينهما (3).

(1)هذا هو الظاهر و المتفاهم العرفي من الآية الكريمة و الروايات، لأن المعيار في ذلك انما هو بصدق السعي بين الصفا و المروة عرفا، فاذا صدق كفى و إن لم يكن بالخط‍‌ المستقيم، حيث إن الواجب على المكلف السير بين الصفا و المروة بادئا من الصفا مستقبلا المروة، ثم يعود من المروة مستقبلا الصفا، و هكذا. و إن لم يكن بالخط‍‌ المستقيم، فان المعتبر في السعي من كل منهما الى الآخر أن يكون مستقبلا في مقابل أن يكون مستدبرا، أو يمينا، أو يسارا.

(2)لأن المتفاهم العرفي من الآية الشريفة و الروايات أن المأمور به السعي المتعارف بين الصفا و المروة مستقبلا من كل منهما الآخر عرفا، و لا يجوز السعي من كل منهما مستدبرا الآخر، أو يمينا أو شمالا. نعم لا بأس بأن يلتفت الساعي اثناء السعي يمينا و يسارا، لأنه لا يضر بالاستقبال العرفي.

(3)فيه أن الاحتياط‍‌ و إن كان استحبابيا، الاّ أنه لا منشأ له، لنص قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي: «نعم إن شاء جلس على الصفا و المروة و بينهما

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 385)


……….

فليجلس»1 في الجواز، و قد تقدم في المسألة (335) أن النهي في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه2 عن الجلوس بينهما إلاّ من جهد محمول على الكراهة تطبيقا لقاعدة حمل الظاهر على النص. ثم ان الظاهر من الآية الشريفة و الروايات أن الواجب هو السعي بين الصفا و المروة، و أما الصعود الى الجبل فهو غير واجب، و لا يوجد دليل عليه.


 

(1)) <page number=”385″ />الوسائل: الباب 20 من ابواب السعي، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 20 من ابواب السعي، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 386)


[احكام السعي]

احكام السعي تقدم أن السعي من أركان الحج فلو تركه عمدا عالما بالحكم أو جاهلا به أو بالموضوع الى زمان لا يمكنه التدارك قبل الوقوف بعرفات بطل حجه و لزمته الاعادة من قابل و الأظهر أنه يبطل إحرامه أيضا (1) و إن كان الأحوط‍‌ الاولى العدول الى الافراد و إتمامه بقصد الاعم منه و من العمرة المفردة.

[مسألة 341: لو ترك السعي نسيانا أتى به حيث ما ذكره، و ان كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج]

(مسألة 341): لو ترك السعي نسيانا أتى به حيث ما ذكره، و ان كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج فان لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيه حرج و مشقة لزمته الاستنابة و يصح حجه في كلتا الصورتين (2).

(1)بل هو الظاهر لأن الإحرام جزء من الحج و العمرة، و لا يعقل بطلان الحج أو العمرة مع عدم بطلان الإحرام، لأنه خلف فرض كونه جزءا منه. و به يظهر حال ما بعده.

(2)تدل على الصحة مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: رجل نسي السعي بين الصفا و المروة، قال: يعيد السعي، قلت: فانه خرج، قال: يرجع فيعيد السعي، ان هذا ليس كرمي الجمار، ان الرمي سنة، و السعي بين الصفا و المروة فريضة – الحديث»1.

و منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن رجل


 

(1)) <page number=”386″ />الوسائل: الباب 8 من أبواب السعي، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 387)


……….

نسي أن يطوف بين الصفا و المروة، قال: يطاف عنه»1 ، بتقريب أن الظاهر منهما ان السعي واجب على الناس بعد تذكره بوجوب مستقل، لا بملاك أنه جزء من الحج أو العمرة، باعتبار أن مقتضى اطلاقهما وجوبه عليه و إن كان بعد مضي شهر ذي الحجة، فاذن وجوبه بعد خروج الوقت لا محالة يكون وجوبا جديدا، لأن وجوبه الأول وجوب ضمني قد سقط‍‌ عنه بسقوط‍‌ موضوعه و هو الوقت، و هذا الوجوب الجديد الذي هو بديل للوجوب الأول لا يمكن أن يكون وجوبا ضمنيا، لفرض أنه واجب بعد خروج الوقت، فاذن لا محالة يكون مقتضى اطلاقهما أن وجوبه بعد الوقت وجوب مولوي مستقل و من هنا لو تركه عامدا و ملتفتا لم يضر بعمله.

و بكلمة: أن الأمر بالاعادة إن كان في الوقت فهو إرشاد الى بقاء الأمر الأول و عدم سقوطه، و إن كان خارج الوقت فهو أمر مولوي مستقل لأن الأمر الأول قد سقط‍‌ بسقوط‍‌ وقته، و لا مانع من أن يراد من الأمر بالاعادة في صحيحة معاوية المتقدمة الأعم من الأمر المولوي و الأمر الارشادي، بمعنى أنه ان كان في الوقت فهو ارشادي، و إن كان في خارج الوقت فهو مولوي. هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى، ان اطلاق الصحيحة الأولى قد قيد بالتمكن من الاعادة، و عدم كونها حرجية، و اطلاق الصحيحة الثانية قد قيد بجواز قيام الناسي بنفسه بعد التذكر بعملية الاعادة، إذ لا يحتمل أن تكون الاستنابة واجبة عليه تعيينا، فههنا حالتان:

الحالة الأولى: ان الناسي اذا لم يتمكن بعد التذكر من القيام المباشر بعملية الاعادة، فما هو وظيفته‌؟

الثانية: انه اذا تمكن من ذلك بدون الوقوع في حرج و مشقة،


 

(1)) <page number=”387″ />الوسائل: الباب 8 من أبواب السعي، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 388)


……….

فهل يكفي أن يستنيب‌؟

أما في الحالة الأولى فوظيفته الاستنابة بمقتضى الصحيحة الثانية و عدم معارضتها بالصحيحة الأولى، لما مر من أن اطلاقها قد قيد بغير هذه الحالة.

و اما في الحالة الثانية فقد يقال بوقوع التعارض فيها بين اطلاق الأولى و اطلاق الثانية، فان مقتضى اطلاق الأولى وجوب الاعادة عليه تعيينا، و مقتضى اطلاق الثانية أنه مخير بين قيامه بها مباشرة و بين الاستنابة.

و قد أجيب عن ذلك، بأن النسبة بين الصحيحة الأولى و الثانية تنقلب من التباين الى عموم مطلق بعد تقييد اطلاق الأولى بالتمكن من الاعادة و عدم كونها حرجية، و حينئذ فتصلح الأولى أن تكون مقيدة لإطلاق الثانية بعدم تمكنه من الاعادة.

فالنتيجة: أن من تمكن منها مباشرة فلا يصل الدور الى الاستنابة.

و لكن هذا الجواب غير صحيح، لأنه مبني على تمامية كبرى انقلاب النسبة، و قد ذكرنا في علم الأصول أن هذه الكبرى غير تامة، فاذن تظل النسبة بينهما ثابتة و لا تنقلب.

و الصحيح في الجواب أن يقال، أولا؛ انه لا ظهور عرفا للصحيحة الثانية في الاطلاق، فان قوله عليه السّلام فيها: «يطاف عنه…» مجمل، فلا ظهور له في صحة السعي عنه مطلقا حتى في فرض تمكنه من القيام به مباشرة، اذ كما يحتمل ذلك يحتمل اختصاصها بحالة عدم التمكن، فلا دلالة له على الاطلاق حتى تصلح أن تكون معارضة لإطلاق الصحيحة الأولى.

و ثانيا: مع الاغماض عن ذلك، و تسليم أنها مطلقة، فعندئذ تقع المعارضة بينهما، و بما أنه لا ترجيح لإحداهما على الأخرى فتسقطان معا من جهة

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 389)


……….

المعارضة، فالمرجع حينئذ أصالة عدم مشروعية الاستنابة في حالة التمكن، و هذا يعني عدم سقوط‍‌ الواجب عن ذمته بفعل غيره.

و لمزيد من التوضيح و التعرف على حكم المسألة نذكر فيما يلي عددا من الحالات:

الأولى: ان من ترك السعي نسيانا في عمرة التمتع، و تذكر بعد التقصير، و قبل أن يحرم للحج وجب عليه الاتيان به، و لا تجب عليه اعادة التقصير و إن كانت أولى.

الثانية: نفس الصورة الأولى، و لكن كان تذكره بعد الاحرام للحج، و حينئذ فإن تمكن من السعي و ادراك الموقف وجب عليه ذلك، و الاّ فيستنيب، و إن لم يتمكن من الاستنابة أيضا، فعليه أن يقضيه بعد أعمال الحج.

و قد تسأل: أن في الفرض الأول، و هو فرض تمكنه من السعي و ادراك الموقف، فهل يكشف ذلك عن بطلان احرامه للحج أو لا؟

و الجواب: أنه يكشف عن بطلانه، على أساس أنه لا يصح احرام الحج قبل الفراغ من أعمال العمرة، و بما أن تذكره كان في وقت يتمكن من اتمام العمرة بدون أن يوجب تفويت الموقف فيكون كاشفا عن ان احرامه كان قبل اكمال العمرة فيبطل.

الثالثة: ما اذا تذكر في اثناء اعمال الحج أو بعد الانتهاء منها، و قبل خروجه من مكة وجب عليه أن يقضيه، و أما عمرته فهي محكومة بالصحة كما تقدم.

الرابعة: ما اذا تذكر بعد خروجه من مكة، أو بعد رجوعه الى بلده، فانه يجب عليه الرجوع إن امكن، و الاّ فيستنيب.

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 390)


[مسألة 342: من لم يتمكن من السعي بنفسه و لو بحمله على متن إنسان أو حيوان و نحو ذلك]

(مسألة 342): من لم يتمكن من السعي بنفسه و لو بحمله على متن إنسان أو حيوان و نحو ذلك، استناب غيره فيسعى عنه و يصح حجه (1).

الخامسة: ما اذا ترك السعي نسيانا في الحج، فان تذكر قبل أن يخرج من مكة وجب عليه الاتيان به، و ان تذكر بعد أن يخرج من مكة وجب عليه أن يرجع الى مكة، و يأتي بالسعي ان أمكن، و الاّ فيستنيب.

السادسة: ان الأمر بالاعادة إن كان في الوقت فهو ارشاد الى أنه جزء من الحج أو العمرة، غاية الأمر ان الموالاة بينه و بين سائر الأجزاء و الواجبات في حالة النسيان غير معتبرة، و إن كان في خارج الوقت فهو أمر مولوي مستقل، و هذا يعني أن السعي حينئذ واجب مستقل، لا انه جزء الواجب لفرض أن الواجب موقت بوقت معين، و ينتهي بانتهاء ذلك الوقت، فلا يعقل بقاؤه بعد خروج الوقت، و الاّ لزم الخلف. هذا اضافة الى أنه لو كان جزء الواجب فلازمه بطلانه لدى تركه عامدا و ملتفتا، مع أن ظاهر الروايات هو الصحة.

السابعة: ان وجوب الاستنابة في السعي عنه إنما هو في فرض عدم تمكنه من القيام به مباشرة، و أما مع التمكن منه فلا يصل الدور الى النيابة.

(1)هذا على أساس أن السعي ذات مراتب طولية:

الأولى: أن يسعى المكلف بنفسه و بخطواته المختارة، و بدون الاتكال على غيره.

الثانية: أن يسعى مع الاتكال على غيره، كما اذا سعى محمولا على متن انسان.

الثالثة: ان يستنيب في السعي عنه، و هذه المراتب لما كانت طولية فلا يصل الدور الى المرتبة الثانية الاّ بعد العجز عن الأولى و هكذا، فان ذلك مما تقتضيه القاعدة، و لا يحتاج الى دليل خاص في المسألة، لأن المكلف ما دام متمكنا من القيام بالعمل مباشرة و لو بالاتكال على غيره، فلا يصل الدور الى

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 391)


[مسألة 343: الأحوط‍‌ أن لا يؤخر السعي عن الطواف و صلاته بمقدار يعتد به من غير ضرورة]

(مسألة 343): الأحوط‍‌ أن لا يؤخر السعي عن الطواف و صلاته بمقدار يعتد به من غير ضرورة كشدة الحر أو التعب و إن كان الأقوى جواز تأخيره الى الليل (1).

الاستنابة، باعتبار أن سقوط‍‌ الواجب عن ذمة شخص بفعل غيره بحاجة الى دليل، و الاّ فمقتضى الأصل عدم السقوط‍‌، هذا اضافة الى أن الروايات الدالة على وجوب الطواف بتمام مراتبه الطولية يشمل باطلاقها السعي بين الصفا و المروة أيضا، باعتبار أنه طواف حقيقة، و قد أطلق عليه الطواف في الآية الشريفة و الروايات. هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى أن صحيحة صفوان بن يحيى، قال: «سألت ابا الحسن عليه السّلام عن الرجل المريض يقدم مكة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت، و لا بين الصفا و المروة، قال: يطاف به محمولا يخط‍‌ الأرض برجليه حتى تمس الأرض قدميه في الطواف، ثم يوقف به في أصل الصفا و المروة اذا كان معتلا»1 ناصة في ذلك.

فالنتيجة: ان السعي كالطواف حول البيت في وجوبه على المكلف بكل مراتبه الطولية ترتيبا.

(1)هذا هو الصحيح، تدل عليه صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «سألته عن الرجل يقدم مكة و قد اشتد عليه الحر، فيطوف بالكعبة، و يؤخر السعي الى أن يبرد، فقال: لا باس به، و ربما فعلته، و قال: و ربما رأيته يؤخر السعي الى الليل»2 بتقريب أن مقتضى اطلاقها جواز التأخير من جهة شدة الحر مطلقا، و إن لم يكن تحملها حرجيا، و من الواضح أن شدة الحر اذا كانت كذلك فهي من الدواعي للتأخير، لا من مسوغاته شرعا، و نتيجة ذلك


 

(1)) <page number=”391″ />الوسائل باب: 47 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 60 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 392)


نعم، لا يجوز تأخيره الى الغد في حال الاختيار (1).

[مسألة 344: حكم الزيادة في السعى حكم الزيادة في الطواف فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم و عمد]

(مسألة 344): حكم الزيادة في السعى حكم الزيادة في الطواف فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم و عمد (2) على ما تقدم في الطواف. نعم إذا كان جاهلا بالحكم فالأظهر عدم بطلان السعي بالزيادة و ان كانت الاعادة أحوط‍‌.

جواز تأخيره الى الليل مطلقا، و إن لم يكن هناك عذر شرعي.

و صحيحة محمد بن مسلم، قال: «سألت أحدهما عليهما السّلام عن رجل طاف بالبيت فأعيى، أ يؤخر الطواف بين الصفا و المروة‌؟ قال: نعم»1 ، بتقريب أن مقتضى اطلاقها جواز التأخير من جهة التعب مطلقا، و إن لم يكن تحمله حرجيا، و نتيجة ذلك عدم اعتبار الموالاة بين الطواف و صلاته، و بين السعي، فالحاصل ان جواز تأخير السعي في الصحيحتين و إن كان معلقا على شدة الحر و التعب، الاّ أن مقتضى اطلاقهما جوازه، و إن لم يكن تحملهما حرجيا، و لازم ذلك جواز تأخيره الى الليل بدون أي عذر شرعي.

(1)للنص الخاص، و هو صحيحة العلاء بن رزين، قال: «سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى، أ يؤخر الطواف بين الصفا و المروة الى غد؟ قال: لا»2 ، فانها تدل على عدم جواز التأخير الى الغد بوضوح.

(2)تنص على ذلك مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: إن طاف الرجل بين الصفا و المروة تسعة اشواط‍‌ فليسع على واحد و ليطرح ثمانية، و إن طاف بين الصفا و المروة ثمانية اشواط‍‌ فليطرحها و ليستأنف السعي – الحديث»3

فانها واضحة الدلالة على أن الزيادة مبطلة.


 

(1)) <page number=”392″ />الوسائل: الباب 60 من أبواب الطواف، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 60 من أبواب الطواف، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 12 من أبواب السعي، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 393)


……….

و منها: صحيحة عبد اللّه بن محمد عن ابي الحسن عليه السّلام: «قال: الطواف المفروض اذا زدت عليه مثل الصلاة، فاذا زدت عليها فعليك الاعادة، و كذا السعي»1 ، فانها تدل بوضوح على بطلان السعي بالزيادة فيه كالصلاة المفروضة.

ثم ان الصحيحة الأولى مطلقة، و تعم باطلاقها العالم و الجاهل معا، و أما الصحيحة الثانية فهي ظاهرة في الاختصاص بالزيادة عن علم و عمد، بقرينة جعل الزيادة فيه كالزيادة في الصلاة، و بما ان الزيادة المبطلة للصلاة هي الزيادة فيها عامدا و ملتفتا، فتكون الزيادة المبطلة للسعي أيضا كذلك.

و أما الصحيحة الأولى فلا بد من تقييد اطلاقها بالروايات التالية:

منها: صحيحة هشام بن سالم، قال: «سعيت بين الصفا و المروة أنا و عبيد اللّه بن راشد، فقلت له: تحفظ‍‌ علي، فجعل يعد ذاهبا و جائيا شوطا واحدا فبلغ مثل ذلك فقلت له: كيف تعد؟ قال: ذاهبا و جائيا شوطا واحدا، فاتممنا أربعة عشر شوطا، فذكرنا لأبي عبد اللّه عليه السّلام، فقال: قد زادوا على ما عليهم و ليس عليهم شيء»2.

و منها: صحيحة جميل بن دراج، قال: «حججنا و نحن صرورة فسعينا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطا، فسألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك، فقال: لا بأس سبعة لك و سبعة تطرح»3.

و منها: صحيحة معاوية بن عمار: «قال: من طاف بين الصفا و المروة خمسة عشر شوطا طرح ثمانية و اعتد بسبعة – الحديث»4 فان هذه الروايات تصلح ان تكون مقيدة لإطلاق الصحيحة الأولى، بتقريب انها تدل على ان


 

(1)) <page number=”393″ />الوسائل: الباب 12 من أبواب السعي، الحديث: 2.
(2)) الوسائل: الباب 11 من أبواب السعي، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 13 من أبواب السعي، الحديث: 5.
(4)) الوسائل: الباب 13 من أبواب السعي، الحديث: 4.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 394)


……….

الزيادة في السعي لا تكون مبطلة، و مورد هذه الروايات و إن كانت الزيادة فيه بسبعة اشواط‍‌ أو اكثر الا أن المتفاهم العرفي منها ان الزيادة بما هي زياده، لا تكون مبطلة سواء أ كانت قليلة أم كانت كثيرة اذا كان الساعي جاهلا بالحكم، لأن المعيار انما هو بصرف وجود الزيادة فانه ان كان عن عمد كان مبطلا و الا فلا و لا عبرة بالكثرة.

و بكلمة: ان محتملات هذه الروايات متمثلة في أمرين:

احدهما: ان السبعة الأولى باطلة و الثانية صحيحة و هذا يعني ان المكلف اذا زاد على السبعة بطلت السبعة دون الزائد و اذا اكمل الزائد الى السبعة صح.

و الآخر: ان السبعة الأولى صحيحة و الثانية ملغية و هذا يعني أن المكلف اذا زاد على السبعة فالزائد ملغي و بعد ذلك نقول ان الأظهر من هذين المحتملين المحتمل الأخير اذ مضافا الى امكان دعوى ان ذلك هو المتفاهم العرفي من تلك الروايات يشهد عليه قوله عليه السّلام في صحيحة هشام بن سالم «قد زادوا على ما عليهم و ليس عليهم شيء» فان المتبادر منه ان الزائد لا يضر بما عليهم و انه ملغي و يؤكد ذلك أيضا قوله عليه السّلام في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج الآتية: «ان كان خطأ اطرح واحدا و اعتدّ بسبعة»1 باعتبار أن الجاهل المركب و الجاهل البسيط‍‌ المعذور ملحق بالخاطئ من هذه الناحية كما أن الجاهل البسيط‍‌ المقصر ملحق بالعامد الملتفت.

كما انه لا بد من تقييد اطلاقها بصحيحة الحجاج أيضا بصورة ما اذا كانت الزيادة عمدية.

فالنتيجة: ان الزيادة في السعي اذا كانت عن عمد و التفات الى الحكم الشرعي كانت مبطلة، و أما اذا كانت عن جهل فلا تكون مبطلة.


 

(1)) <page number=”394″ />الوسائل: الباب 13 من ابواب السعي، الحديث: 3.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 395)


[مسألة 345: إذا زاد في سعيه خطأ صح سعيه]

(مسألة 345): إذا زاد في سعيه خطأ صح سعيه (1) و لكن الزائد إذا كان شوطا كاملا يستحب له أن يضيف اليه ستة أشواط‍‌ (2) ليكون سعيا كاملا غير سعيه الاول فيكون انتهاؤه الى الصفا و لا بأس بالاتمام رجاء إذا كان الزائد أكثر من شوط‍‌ واحد.

(1)و تنص عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي ابراهيم عليه السّلام:

«في رجل سعى بين الصفا و المروة ثمانية اشواط‍‌، ما عليه‌؟ فقال: إن كان خطأ اطرح واحدا و اعتد بسبعة»1.

فانها تنص بالمنطوق على عدم بطلان الطواف بالزيادة خطأ، و بالمفهوم على بطلان الطواف بها اذا كانت متعمدا.

(2)تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في حديث الطواف: «قال: و كذا اذا استيقن انه سعى ثمانية أضاف اليها ستا»2 و مثلها صحيحته الأخرى3.

ثم انهما تدلان على أمرين:

أحدهما: عدم بطلان الطواف بالزيادة السهوية.

و الآخر: ان الزيادة اذا كانت شوطا واحدا أضاف اليه ستا حتى يصير المجموع طوافا كاملا، و بما أن الطواف الأول صحيح فالثاني لا محالة يكون مستحبا، هذا مما لا اشكال فيه، و انما الاشكال في أن الزيادة اذا كانت اكثر من شوط‍‌ واحد فهل يستحب تكميله طوافا كاملا أو لا؟

فيه وجهان: و لا يبعد الوجه الأول، لأن المتفاهم العرفي منهما بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أنه لا خصوصية لكون الزائد شوطا واحدا و لا موضوعية له عرفا.


 

(1)) <page number=”395″ />الوسائل: الباب 13 من أبواب السعي، الحديث: 3.
(2)) الوسائل: الباب 13 من أبواب السعي، الحديث: 1.
(3)) الوسائل: الباب 13 من أبواب السعي، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 396)


[مسألة 346: إذا نقص من أشواط‍‌ السعي عامدا عالما بالحكم أو جاهلا به و لم يمكنه تداركه الى زمان الوقوف بعرفات]

(مسألة 346): إذا نقص من أشواط‍‌ السعي عامدا عالما بالحكم أو جاهلا به و لم يمكنه تداركه الى زمان الوقوف بعرفات فسد حجه و لزمته الاعادة من قابل، و الظاهر بطلان إحرامه (1) أيضا،

و إن كان الاولى العدول الى حج الافراد و إتمامه بنية الاعم من الحج و العمرة المفردة. و أما إذا كان النقص نسيانا فان كان بعد الشوط‍‌ الرابع (2) وجب عليه تدارك الباقي حيث ما تذكر و لو كان ذلك بعد الفراغ من أعمال الحج، و تجب عليه الاستنابة لذلك إذا لم يتمكن بنفسه من التدارك أو تعسّر عليه ذلك و لو لأجل أن تذكره كان بعد رجوعه الى بلده، و الأحوط‍‌ حينئذ أن يأتي النائب بسعي كامل ينوي به فراغ ذمة المنوب عنه بالاتمام أو بالتمام.

و أما إذا كان نسيانه قبل تمام الشوط‍‌ الرابع فالأحوط‍‌ أن يأتي بسعي كامل يقصد به الاعم من التمام و الاتمام، و مع التعسر يستنيب لذلك.

و دعوى: أن السعي بما أنه لا يكون مستحبا في نفسه فلا بد من الاقتصار على موردهما، و التعدي بحاجة الى قرينة.

مدفوعة: بأن الأمر و إن كان كذلك، الاّ أنه لا مانع من الالتزام باستحباب التكميل مطلقا، حتى فيما اذا كان الزائد اكثر من شوط‍‌ واحد، و القرينة على هذا التعدي هو ظهورهما عرفا في عدم خصوصية لموردهما.

(1)بل لا شبهة فيه، لفرض انه جزء الحج و العمرة، فاذا بطل الحج و العمرة لم يبق مجال لبقاء الاحرام، و الاّ لزم الخلف، و قد تقدم أن بطلان الحج أو العمرة بترك السعي عامدا و ملتفتا يكون على القاعدة، هذا، مضافا الى النصوص الدالة على ذلك.

(2)فيه أنه لا وجه لهذا التقييد، حيث لم يرد ذلك في شيء من روايات الباب، و هي على طائفتين:

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 397)


……….

الطائفة الأولى: يكون موردها نسيان أصل السعي، و تنص على وجوب اعادته حيث يذكر و إن كان بعد الخروج من مكة.

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: رجل نسي السعي بين الصفا و المروة، قال: يعيد السعي، قلت: فاته ذلك حتى خرج، قال: يرجع فيعيد السعي، ان هذا ليس كرمي الجمار، ان الرمي سنة و السعي بين الصفا و المروة فريضة – الحديث»1.

و منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام، قال: «سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة، قال: يطاف عنه»2.

و منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، قال: «سألت ابا ابراهيم عليه السّلام عن رجل كانت معه امرأة فقدمت مكة و هي لا تصلي، فلم تطهر الى يوم التروية، فطهرت و طافت بالبيت و لم تسع بين الصفا و المروة حتى شخصت الى عرفات، هل تعتد بذلك الطوف أو تعيد قبل الصفا و المروة، قال: تعتدّ بذلك الطواف الأول و تبني عليه»3 فان هذه الروايات تنص على وجوب الاتيان بالسعي متى تذكر، و لا تدل على وجوب اعادة الحج أو العمرة.

الطائفة الثانية: يكون موردها نسيان شوط‍‌ واحد، و تدل على وجوب الاتيان بذلك الشوط‍‌ فقط‍‌ متى تذكر.

منها: صحيحة سعيد بن يسار، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل متمتع سعى بين الصفا و المروة ستة أشواط‍‌، ثم رجع الى منزله و هو يرى أنه قد فرغ منه و قلم أظافره و أحل، ثم ذكر انه سعى ستة أشواط‍‌، فقال لي يحفظ‍‌ انه قد


 

(1)) <page number=”397″ />الوسائل: الباب 8 من أبواب السعي، الحديث: 1.
(2)) الوسائل: الباب 8 من أبواب السعي، الحديث: 3.
(3)) الوسائل: الباب 61 من أبواب الطواف، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 398)


……….

سعى ستة أشواط‍‌، فان كان يحفظ‍‌ أنه قد سعى ستة أشواط‍‌ فليعد و ليتم شوطا و ليرق دما، فقلت: دم ما ذا؟ قال: بقرة، قال: و ان لم يكن حفظ‍‌ أنه قد سعى ستة، فليعد فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط‍‌، ثم ليرق دم بقرة»1.

و هذه الصحيحة تدل على أمرين:

أحدهما: أن المنسيّ‌ ان كان شوطا واحدا وجب الإتيان به فقط‍‌ حيثما تذكر.

و الآخر: انه اذا لم يكن حافظا عدد المنسي و لم يعلم أنه سعى ستة أشواط‍‌ أو أقل بطل سعيه، و لزمته اعادته.

و قد تسأل: عن ان المنسي اذا كان اكثر من شوط‍‌، و كان حافظا للعدد، فهل يمكن التعدي عن موردها اليه‌؟ فيه وجهان:

و الجواب: انه لا يبعد التعدي، لأن المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية انه لا خصوصية لكون المنسي شوطا واحدا، و على هذا فلا فرق بين أن يكون النسيان بعد تجاوز النصف أو قبله.

و بكلمة: أنه لا دليل على هذا التفصيل، فانه إن قلنا بالتعدي عن مورد هذه الصحيحة الى سائر الموارد، فلا فرق حينئذ بين أن يكون النسيان قبل التجاوز أو بعده، و إن لم نقل بالتعدي فايضا لا فرق بينهما.

و دعوى: أن الفارق بينهما الاجماع فانه قد ادعي على الصحة اذا كان النسيان بعد التجاوز عن النصف، و لا اجماع فيما اذا كان النسيان قبل التجاوز عنه.

مدفوعة: بما ذكرناه غير مرة من أنه لا يمكن الاعتماد على الاجماع الاّ


 

(1)) <page number=”398″ />الوسائل: الباب 14 من أبواب السعي، الحديث: 1.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 399)


[مسألة 347: إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع نسيانا فاحل لاعتقاده الفراغ من السعي]

(مسألة 347): إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع نسيانا فاحل لاعتقاده الفراغ من السعي فالأحوط‍‌ بل الاظهر لزوم التكفير عن ذلك ببقرة (1)، و يلزمه إتمام السعي على النحو الذي ذكرناه.

بشروط‍‌، و هي غير متوفرة كما أشرنا اليه في غير مورد.

(1)هذا هو الصحيح، و تدل عليه صحيحة سعيد بن يسار المتقدمة، و تؤيد ذلك رواية ابن مسكان1. و هل يمكن التعدي عن موردها الى سائر الموارد كقص الشعر أو نحوه‌؟ فيه وجهان: و لا يبعد الوجه الأول، لأن المتفاهم العرفي من الصحيحة أنه لا خصوصية لموردها الا بلحاظ‍‌ كونه وسيلة للإحلال، و على هذا فلا فرق بينه و بين قص الشعر او نحوه، باعتبار أن كل ذلك وسيلة له.

و بكلمة: ان المنظور فيها ليس تقليم الاظفار بعنوانه و اسمه، أي بنحو الموضوعية بل بعنوان أنه وسيلة و موضوع للإحلال. و من الواضح أن هذه الجهة مشتركة بينه و بين قص الشعر أو نحوه.

و دعوى: أنه لا كفارة في موارد الخطأ في غير الصيد، فاذن لا يمكن الأخذ بمضمون هذه الصحيحة التي تنص على ثبوت الكفارة في موارد الاشتباه و الخطأ.

مدفوعة: بأن مقتضى الاطلاقات و إن كان كذلك، الاّ أن هذه الصحيحة تكون مقيدة لها بغير موردها تطبيقا لقاعدة حمل المطلق على المقيد.

فالنتيجة: أنه لا مانع من ثبوت الكفارة في موردها، و أما العمل الجنسي و هو الجماع في المقام خطأ فلا دليل على ترتب الكفارة عليه، الاّ رواية عبد اللّه ابن مسكان، قال: «سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة ستة أشواط‍‌ و هو يظن أنها سبعة، فذكر بعد ما أحل، و واقع النساء أنه انما طاف ستة


 

(1)) <page number=”399″ />الوسائل: الباب 14 من ابواب السعي، الحديث: 2.

 

تعالیق مبسوطة علی مناسک الحج – جلد ۱۰ 400)


……….

أشواط‍‌، قال: عليه بقرة يذبحها و يطوف شوطا آخر»1 و هذه الرواية و إن كانت تامة دلالة، الاّ أنها ضعيفة سندا، فان في سندها محمد بن سنان و هو لم يثبت توثيقه.

نعم، لو قلم اظفاره أو قص شعره غافلا عن كونه محرما باحرام الحج أو العمرة لم يكن مشمولا لإطلاق الصحيحة، و عليه فلا كفارة فيه.


 

(1)) <page number=”400″ />الوسائل: الباب 14 من أبواب السعي، الحديث: 2.

 

Pages: 1 2 3 4 5 6 7
Pages ( 4 of 7 ): «1 ... 3 4 5 ... 7»