آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۴
جلد
4
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۴
جلد
4
عنوان کتاب : تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی
نام ناشر : محلاتی
جلد : 4
تعداد صفحات: 482
فصل في أحكام الجماعة
[1923]مسألة 1:الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الاوليين من الإخفاتية إذا كان فيهما مع الإمام،و إن كان الأقوى الجواز(1)مع
في القوة اشكال بل منع فإن مقتضى الروايات الكثيرة الناهية عن القراءة خلف الامام في الركعتين الاوليين من الصلوات الاخفاتية هو الحرمة، و ليس في مقابلها روايات يمكن رفع اليد عنها بسببها إلاّ روايتين قد يزعم دلالتهما على الجواز،احداهما:قوله عليه السّلام في صحيحة سليمان بن خالد:(لا ينبغي له أن يقرأ،يكله إلى الامام..) 1بدعوى أن كلمة(لا ينبغى)ناصة في الجواز مع الكراهة، فتكون قرينة على رفع اليد عن ظهور تلك الروايات في الحرمة.
و الأخرى:قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن يقطين:(إن قرأت فلا بأس و إن سكت فلا بأس…) 2فإنه حيث كان نصا في جواز قراءة المأموم فيصلح أن يكون قرينة على رفع اليد عن ظهور النهي فيها في الحرمة.
و الجواب..أما عن الأول:فلأن كلمة(لا ينبغى)ليست ناصة في الكراهة، فإنها اما أن تكون ظاهرة في الجامع بين الحرمة و الكراهة،أو ظاهرة في خصوص الكراهة.
فالنتيجة:أن الرواية مجملة فلا تصلح أن تعارض تلك الروايات،هذا اضافة إلى أن الصحيحة ظاهرة في النهي عن القراءة بنية الجزئية،و لا شبهة في أنها محرمة
الكراهة(1)،و يستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح و التحميد و الصلاة على محمد و آله،و أما في الاوليين من الجهرية فإن سمع صوت الإمام و لو همهمة وجب عليه ترك القراءة(2)،بل الأحوط و الأولى الإنصات،و إن كان
في الكراهة اشكال بل منع،و قد تقدم أن النهي في تلك الروايات نهي تشريعي لا ذاتي لكي يكون قابلا للحمل على الكراهة.
في اطلاقه اشكال بل منع،لأن ترك القراءة الواجب على المأموم عند سماع صوت الامام هو الترك بنية الجزئية،فإن الظاهر من الروايات الناهية عن القراءة خلف الامام في الفريضة عند سماع صوته بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو حرمتها ناويا بها الجزئية لا مطلقا و إن كان ناويا بها تلاوة القرآن أو التسبيح أو التحميد،و عليه فيكون النهي عنها تشريعيا لا ذاتيا،إذ لا يحتمل أن تكون تلاوتها بنية تلاوة مطلق القرآن محرمة.و على هذا فقوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:(إن كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئا في الاوليين و انصت لقراءته) 1يدل على
الأقوى جواز الاشتغال بالذكر و نحوه،و أما إذا لم يسمع حتى الهمهمة جاز له القراءة(1)بل الاستحباب قوي،لكن الأحوط القراءة بقصد القربة
بل جاز حتى بقصد أن تكون جزءا من صلاته،و النكتة فيه ما عرفت من أن النهي عن القراءة في حالة سماع صوت الامام نهي تشريعى،و عليه فبطبيعة الحال يكون الأمر بها في حالة عدم سماع صوته و لو همهمة إنما هو لرفع هذا النهى،و معنى ذلك أن المأموم إذا سمع صوت الامام و لو همهمة لم تجز القراءة بقصد الأمر و الجزئية إلاّ تشريعا،و إذا لم يسمع صوته كذلك جاز له القراءة بقصد أنها جزء صلاته،كما جاز له أن يقصد بها تلاوة القرآن،هذا هو ظاهر الروايات في
المطلقة لا بنية الجزئية،و إن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا،و أما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات(1)مخيرا بينهما،سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته،أو لم يسمع.
[1924]مسألة 2:لا فرق في عدم السماع بين أن يكون من جهة البعد أو من جهة كون المأموم أصم أو من جهة كثرة الأصوات أو نحو ذلك.
تقدم حكمهما من حيث الجهر و الاخفات للإمام أو المأموم أو المنفرد في باب القراءة.
[1925]مسألة 3:إذا سمع بعض قراءة الإمام فالأحوط الترك مطلقا.
[1926]مسألة 4:إذا قرأ بتخيل أن المسموع غير صوت الإمام ثم تبين أنه صوته لا تبطل صلاته،و كذا إذا قرأ سهوا في الجهرية.
[1927]مسألة 5:إذا شك في السماع و عدمه أو أن المسموع صوت الإمام أو غيره فالأحوط الترك،و إن كان الأقوى الجواز.
[1928]مسألة 6:لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام و إن كان الأحوط ذلك،و كذا لا تجب المبادرة إلى القيام حال قراءته،فيجوز أن يطيل سجوده و يقوم بعد أن يقرأ الإمام في الركعة الثانية بعض الحمد(1).
[1929]مسألة 7:لا يجوز أن يتقدم المأموم على الإمام في الأفعال(2)،بل
هذا إذا لم تكن اطالة السجود بحد يخلّ بمتابعة الامام و إلاّ بطلت جماعته و أصبح منفردا،و لا يجوز له الائتمام به ثانيا كما مرّ.
فيه أن المراد ليس هو عدم الجواز التكليفي المساوق للحرمة،بل عدم الجواز الشرطي بمعنى أن المتابعة شرط في صحة الجماعة و التقدم مانع عنها.
نعم،لو تقدم المأموم على الامام في الافعال بانيا على أنه مشروع من قبل الشرع مع علمه بأنه غير مشروع فيه كان محرما تشريعا،و أما لو تقدم لا بنية أنه من الشرع فلا يكون محرما غاية الأمر تبطل جماعته لا صلاته منفردا إلاّ إذا تورط بزيادة ركن أو نقصانه.و بكلمة أخرى:أن متابعة المأموم للإمام في الأفعال كالركوع و السجود و القيام و الجلوس من الشروط المقومة لمفهوم الائتمام و الاقتداء،و لا يتوقف اثباتها على دليل خارجى،و على هذا الأساس فإذا ترك المتابعة عامدا و ملتفتا إلى أنها شرط في صحة الائتمام فلا شبهة في بطلانه،و إذا تركها عامدا و لكن كان جاهلا بأنها شرط في صحته فأيضا بطل الائتمام،و إذا كان تركها غفلة
……….
يجب متابعته بمعنى مقارنته أو تأخره عنه تأخرا غير فاحش،و لا يجوز التأخر الفاحش.
[1930]مسألة 8:وجوب المتابعة تعبدى و ليس شرطا في الصحة،فلو تقدم أو تأخر فاحشا عمدا أثم(1)و لكن صلاته صحيحة،و إن كان الأحوط الإتمام و الإعادة خصوصا إذا كان التخلف في ركنين بل في ركن،نعم لو تقدم أو تأخر على وجه تذهب به هيئة الجماعة بطلت جماعته(2).
[1931]مسألة 9:إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود و المتابعة،و لا يضر زيادة الركن حينئذ لأنها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك،و إن لم يعد أثم و صحت
مرّ آنفا وجوب المتابعة وجوب شرطي و ليس تعبديا و تركها بالتقدم أو التأخر لا يوجب الاثم و لا بطلان الصلاة،و إنما يوجب بطلان الجماعة فحسب، و من هنا يظهر انه لا منشأ لما ذكره الماتن قدّس سرّه من الاحتياط بالاتمام و الاعادة و إن كان الاحتياط استحبابيا إذ لا يحتمل أن تكون المتابعة شرطا للصلاة ضرورة أنها شرط للجماعة،و لا فرق في ذلك بين أن يكون التخلف في ركنين أو ركن واحد،و لا خصوصية للأول.
ظهر مما مرّ أن التقدم على الامام أو التأخر عنه في الافعال إن كان عن عمد و التفات فالائتمام باطل و إن كان مرة واحدة على أساس أن المتابعة شرط مقوم للائتمام من البداية إلى النهاية،و إن كان عن سهو و غفلة لم يبطل الائتمام إذا التحق بالامام و تدارك ما فات بعد التذكر للنص كما تقدم.
صلاته(1)،لكن الأحوط إعادتها بعد الإتمام،بل لا يترك الاحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب(2)و لم يتابع مع الفرصة لها،و لو ترك المتابعة حينئذ سهوا أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الإعادة و إن كان الرفع قبل الذكر هذا،و لو رفع رأسه عامدا لم يجز له المتابعة،و إن تابع عمدا بطلت صلاته للزيادة العمدية،و لو تابع سهوا فكذلك،إذا كان ركوعا أو في كل من السجدتين،و أما في السجدة الواحدة فلا.
[1932]مسألة 10:لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا ثم عاد إليه للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حد الركوع فالظاهر بطلان الصلاة لزيادة الركن من غير أن يكون للمتابعة،و اغتفار مثله غير معلوم، و أما في السجدة الواحدة إذا عاد إليها و رفع الإمام رأسه قبله فلا بطلان لعدم كونه زيادة ركن و لا عمدية،لكن الأحوط الإعادة بعد الإتمام.
[1933]مسألة 11:لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة فتخيل أنها الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية،
تقدم أن وجوب العود وجوب شرطي فإن لم يعد فالائتمام باطل و لا إثم عليه.
فيه اشكال بل منع و لا منشأ لهذا الاحتياط لأن اعادة الذكر الفائت غير ممكنة و بما أن فوته كان مستندا الى الغفلة و السهو دون العمد فيكون مشمولا لحديث(لا تعاد).و أما اعادة الركوع لمتابعة الامام فهي إنما تكون من أجل المتابعة و عدم الاخلال بها و لا تكون اعادة للركوع الصلاتي و المفروض انه قد تحقق و لا يمكن تحققه مرة ثانية.و من المعلوم أن الركوع من أجل المتابعة ليس من الصلاة و لا ذكر فيه فإن الذكر إنما يجب في الركوع الصلاتي دون غيره.
و إن تخيل أنها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان أنها الأولى حسبت متابعة،و الأحوط إعادة الصلاة في الصورتين بعد الإتمام(1).
[1934]مسألة 12:إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمدا لا يجوز له المتابعة(2)لاستلزامه الزيادة العمدية،و أما إذا كانت سهوا وجبت
فيه ان الاحتياط ضعيف لأن صحة الصلاة في المسألة تكون على القاعدة حيث ان المأموم قد أتى بالسجدة في كلتا الصورتين ناويا بها القربة غاية الأمر أنه قصد بها في الصورة الأولى عنوان المتابعة و في الأخرى عنوان السجدة الثانية ثم انكشف له أن ما أتى به من السجدة بعنوان المتابعة هو الثانية،و ما أتى به بعنوان الثانية هو المتابعة لأنّ الانطباق قهري و التخلف انما هو في شيء خارج عن المأمور به و هو عنوان المتابعة و عنوان الثانية باعتبار انهما ليسا من العناوين القصدية.
بل لا يسوغ له الائتمام به و المتابعة ثانيا في نفسه لأنه بركوعه أو سجوده قبل الامام عمدا فقد انفرد و لا دليل على مشروعية الاقتداء به مرة ثانية بعد الانفراد لما مرّ من أن اقتداء الانسان في اثناء صلاته بالامام بعد الانفراد غير مشروع،فإذن ليس عدم الجواز من جهة أن المتابعة تستلزم الزيادة العمدية،بل من جهة انه لا دليل على مشروعية هذا الائتمام.نعم إذا ركع المأموم أو سجد قبل الامام سهوا ثم تفطن إلى ذلك و الامام لا يزال قائما أو جالسا أتى بالذكر ثم رفع رأسه و التحق بالامام و ركع معه أو سجد ثانية و لا ذكر عليه في هذا الركوع أو السجود المكرر من أجل المتابعة لما تقدم من انه ليس من الصلاة،كما أنه بإمكانه في هذه الحالة أن يبني على أنه منفرد و بطلت جماعته،و إذا صنع ذلك لم يكن آثما كما مرّ،و أما إذا تفطن إلى ذلك و الامام يهوي إلى الركوع أو السجود فبإمكانه أن يبقى على حاله و يواصل صلاته مع الامام،كما أن بإمكانه أن يبنى على الانفراد
المتابعة(1)بالعود إلى القيام أو الجلوس ثم الركوع أو السجود معه، و الأحوط الإتيان بالذكر في كل من الركوعين أو السجودين بان يأتي بالذكر ثم يتابع و بعد المتابعة أيضا يأتي به،و لا بأس بتركه و لو ترك المتابعة عمدا أو سهوا لا تبطل صلاته و إن أثم في صورة العمد(2)،نعم لو كان ركوعه قبل الإمام في حال قراءته فالأحوط البطلان مع ترك المتابعة(3)،
تقدم عدم وجوبها في المسألة(7)غاية الأمر إن عاد فالاقتداء صحيح و لا شيء عليه،و إن لم يعد بطلت جماعته و صار منفردا.
مرّ أنه لا إثم فيها أيضا.
بل الأقوى ذلك،فإنه إذا تفطن بعد ركوعه و لم يقم للالتحاق بإمامه الذي هو في حال القراءة عامدا بطلت صلاته جماعة و منفردا،اما جماعة فلأنّه بنى على ترك المتابعة و الائتمام،و اما منفردا فمن جهة أنه تارك للقراءة عن عمد و التفات و لم يكن آتيا بها و لا ببدلها و هو قراءة الامام.
فالنتيجة:إن البطلان إنما هو من جهة ترك القراءة عن عمد و التفات،لا من جهة ترك المتابعة فإنه يوجب بطلان الصلاة جماعة لا منفردا،و بذلك يظهر حال ما بعده.
كما أنه الأقوى إذا كان ركوعه قبل الإمام عمدا في حال قراءته،لكن البطلان حينئذ إنما هو من جهة ترك القراءة و ترك بدلها و هو قراءة الإمام، كما أنه لو رفع رأسه عامدا قبل الإمام و قبل الذكر الواجب بطلت صلاته من جهة ترك الذكر.
[1935]مسألة 13:لا يجب تأخر المأموم أو مقارنته مع الإمام في الأقوال، فلا تجب فيها المتابعة سواء الواجب منها و المندوب و المسموع منها من الإمام و غير المسموع،و إن كان الأحوط التأخر خصوصا مع السماع و خصوصا في التسليم(1)،و على أي حال لو تعمد فسلّم قبل الإمام لم تبطل صلاته،و لو كان سهوا لا يجب إعادته بعد تسليم الامام،هذا كله في غير تكبيرة الإحرام و أما فيها فلا يجوز التقدم على الإمام،بل الأحوط
لا خصوصية فيه بل مقتضى النصوص انه يجوز للمأموم أن يسلم قبل الامام عن اقتضاء الحاجة أو سهوا،بل يجوز عن عمد و التفات و لكن ينفرد المأموم عند الامام حينئذ قهرا في تمام هذه الصور على أساس انه خرج عن الصلاة فينتفي الائتمام بانتفاء موضوعه،و بذلك يمتاز التسليم عن سائر الاقوال في الصلاة فإن التقدم فيها أو التأخر عنها لا يضر بالائتمام للسيرة العملية القطعية الجارية بين المسلمين من زمن التشريع الى زماننا هذا،فلو كان التقدم أو التأخر فيها مضرا بالائتمام كما كان كذلك في الأفعال لأشير إليه في ضمن نصوص الباب تصريحا أو تلويحا على أساس أنه أمر مغفول عنه عن الاذهان العامة مع كثرة الابتلاء به.
فالنتيجة:انه لا فرق بين التسليم و سائر الاقوال من هذه الناحية،بل لو قلنا بعدم جواز ذلك في سائر الاقوال لنقول بالجواز في التسليم للنصوص الخاصة.نعم لا يجوز التقدم على الامام في تكبيرة الاحرام لأنه ينافي مفهوم الاقتداء و الائتمام به.
تأخره عنه بمعنى أن لا يشرع فيها إلا بعد فراغ الإمام منها،و إن كان في وجوبه تأمل.
[1936]مسألة 14:لو أحرم قبل الإمام سهوا أو بزعم أنه كبّر كان منفردا، فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة و أتمّها أو قطعها.
[1937]مسألة 15:يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع و السجود أزيد من الإمام،و كذا إذا ترك بعض الأذكار المستحبة يجوز له الإتيان بها مثل تكبير الركوع و السجود و«بحول اللّه و قوته»و نحو ذلك.
[1938]مسألة 16:إذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم الذي يقلّد من يوجبها أو يقول بالاحتياط الوجوبي أن يتركها،و كذا إذا اقتصر في التسبيحات على مرة مع كون المأموم مقلّدا لمن يوجب الثلاث و هكذا.
[1939]مسألة 17:إذا ركع المأموم ثم رأى الإمام يقنت في ركعة لا قنوت فيها يجب عليه العود إلى القيام(1)لكن يترك القنوت،و كذا لو رآه جالسا يتشهد في غير محله عليه الجلوس معه لكن لا يتشهد معه،و كذا في نظائر ذلك.
[1940]مسألة 18:لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة غير القراءة في الأوّلتين إذا ائتمّ به فيهما،و أما في الأخيرتين فلا يتحمل عنه بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد(2)أو يأتي بالتسبيحات و إن قرأ الإمام فيهما و سمع قراءته،و إذا لم يدرك الأوّلتين مع الإمام وجب عليه القراءة
تقدم أن هذا الوجوب شرطي لا تعبدى،فلو لم يعد لم يأثم.
قد مرّ تفصيل المسألة في باب القراءة.
فيهما لأنهما أوّلتا صلاته،و إن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر على الحمد و ترك السورة و ركع معه،و أما إذا أعجله عن الحمد أيضا فالأحوط إتمامها و اللحوق به في السجود أو قصد الانفراد(1)،و يجوز له قطع الحمد
بل يتعين عليه قصد الانفراد و ذلك لأنّه لا دليل على كفاية التحاق المأموم بالامام في السجود،بل هي في حالات خاصة كالائتمام به و هو يكبر تكبيرة الاحرام أو قائم يقرأ في الركعة الأولى أو الثانية أو بعد اتمام القراءة و قبل الهوي إلى الركوع أو راكع قبل أن يرفع رأسه،فما لم يرفع الامام رأسه من الركوع يسوغ الائتمام به في الركعتين الاوليين و كذلك في الركعتين الأخيرتين،و أما إذا رفع رأسه من الركوع فتفوت الفرصة للائتمام فلا يسوغ الدخول في صلاة الجماعة في هذه الحالة،فإذا أدرك الامام فيها فله أن ينتظر إلى أن يقوم الامام لركعة أخرى،كما أن له أن يقوم بالصلاة منفردا،و أما إذا أدرك الامام في الركعتين الأخيرتين قائما و يسبح فيسوغ له الاقتداء به في هذه الحالة شريطة أن يقرأ الفاتحة و يدرك الامام قبل رفع رأسه من الركوع،و حينئذ فإذا قرأ الفاتحة و ركع الامام و خشي أن تفوته متابعة الامام في الركوع إذا قرأ السورة تركها و ركع،و إذا كان يقرأ الفاتحة و ركع الامام و خشي أن تفوته متابعة الامام في الركوع إذا أكمل الفاتحة فلا يسوغ له أن يكملها و يلتحق بالامام في السجود و يتابعه فيه على أساس أن الاقتداء بالامام في الركعتين الأخيرتين حال القيام إنما يصح كما مرّ شريطة أن يقرأ بنفسه و يدرك الامام في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه،و إذا لم يكن بإمكانه أن يكمل القراءة و يدرك الامام قبل أن يرفع رأسه من الركوع بطل الاقتداء به حينئذ و يكون الرجل منفردا إذ لا دليل على كفاية الالتحاق به في السجود في صحة الاقتداء بأن يكمل القراءة و يدرك الامام فيه إذا لم يكن بإمكانه أن يكملها و يدركه في الركوع،و على هذا فلو صنع ذلك بطلت جماعته و صحت صلاته منفردا شريطة عدم الاخلال بها
و الركوع معه(1)،لكن في هذه لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة.
بل يتعين العكس و هو عدم جواز قطع الحمد مقدمة للركوع مع الامام و إلاّ فمعناه جواز ترك القراءة عن عمد و التفات،لما مرّ من أن وجوب متابعة الامام وجوب شرطي و لا يكون المأموم ملزما بها شرعا لا حدوثا و لا بقاء،فلا معارض لدليل وجوب القراءة حينئذ،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن وجوب المتابعة وجوب تعبدي فيكون المأموم ملزما بالعمل بها و إن لم يعمل أثم.إلاّ انكم عرفتم انه غير ثابت بدليل لفظي لكي يمكننا التمسك باطلاقه في مثل المقام و يصلح وقتئذ أن يكون طرفا للمعارضة لدليل وجوب القراءة،بل هو مقتضى مفهوم الائتمام فانه يستدعي وجوب متابعة الامام في الصلاة المأمور بها و هي الصلاة الواجدة لأجزائها و شروطها منها القراءة،و من المعلوم أنه لا يقتضي وجوب المتابعة مطلقا حتى فيما إذا لزم منه ترك القراءة فيها عالما عامدا لأنه خلف الفرض باعتبار أنها ليست بالصلاة المأمور بها للمأموم.
و إن شئت قلت:ان الواجب على المأموم طبيعي الصلاة مع القراءة،و هو مخيّر بين أفراده الطولية و العرضية،و على هذا فكما أن بإمكانه القيام بإتيانها مع القراءة منفردا فكذلك بإمكانه القيام باتيانها معها ائتماما،فإذا أراد الاتيان بها كذلك جماعة وجب عليه متابعة الامام في افعالها فيكون وجوب المتابعة متفرع على ارادته الاتيان بالصلاة مع القراءة التي هي وظيفته،و أما الصلاة بدون القراءة مع التمكن منها فهي ليست وظيفة له و مأمورا بها في حقه،فلا يكون ائتمامه به فيها مشروعا إلاّ تشريعا لكي تجب متابعته.
فالنتيجة:أن وجوب متابعة الامام في صلاة الجماعة بما أنه وجوب شرطي فلا يصلح أن يعارض أدلة وجوب الأجزاء و شروطها إذا كان المأموم متمكنا منها
[1941]مسألة 19:إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمل عنه القراءة فيها و وجب عليه القراءة في ثالثة الإمام الثانية له،و يتابعه في القنوت في الاولى منه و في التشهد،و الأحوط التجافي فيه(1)،كما أن الأحوط التسبيح عوض التشهد(2)و إن كان الأقوى جواز التشهد بل استحبابه أيضا،و إذا أمهله الإمام في الثانية له للفاتحة و السورة و القنوت أتى بها،و إن لم يمهله ترك
هذا ينافي ما ذكره قدّس سرّه في المسألة(9)من فصل(مستحبات الجماعة و مكروهاتها)من استحباب التجافى.و الصحيح هو ما ذكره هناك،لا من جهة حمل الأمر بالتجافي الوارد في قوله عليه السّلام في صحيحة ابن الحجاج:(يتجافى و لا يتمكن من القعود..) 1و قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبى:(من أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه يتجافى و أقعى إقعاء و لم يجلس متمكنا..) 2على الاستحباب بقرينة موثقة الحسين بن المختار و داود بن الحصين،و ذلك لأنّ الموثقة ليست في مقام البيان من هذه الجهة،فإنها تدل على أن المأموم يتشهد في الأولى له و الثانية للإمام،كما انه يتشهد في الثانية له و لا تدل على كيفية جلوسه في الثانية للإمام،بل من جهة انه لا يمكن أن يكون الأمر فيهما بالتجافي أمرا وجوبيا لوضوح أن وجوبه لا يخلوا من أن يكون نفسيا أو شرطيا و كلاهما غير محتمل،أما الأول فهو واضح، و أما الثاني فأيضا كذلك إذ لا يحتمل أن يكون التجافي شرطا في صحة الائتمام و الجماعة،فإن ما يحتمل أن يكون شرطا في صحة الجماعة هو طبيعي الجلوس على أساس أن المتابعة تتوقف عليه لا على الكيفية الخاصة منه،فإذن لا محالة يكون الأمر به فيهما استحبابيا و لا يمكن أن يكون وجوبيا.
بل الأحوط التشهد و هو بركة كما في موثقة الحسين بن المختار،و أما التسبيح فلم يرد في شيء من الروايات.نعم هو معروف و مشهور بين الاصحاب.
القنوت،و إن لم يمهله للسورة تركها،و إن لم يمهله لإتمام الفاتحة أيضا فالحال كالمسألة المتقدمة(1)من أن يتمها و يلحق الإمام في السجدة أو ينوي الانفراد أو يقطعها و يركع مع الإمام و يتم الصلاة و يعيدها.
[1942]مسألة 20:المراد بعدم إمهال الإمام المجوّز لترك السورة ركوعه قبل شروع المأموم فيها أو قبل إتمامها و إن أمكنه إتمامها قبل رفع رأسه من الركوع،فيجوز تركها بمجرد دخوله في الركوع و لا يجب الصبر إلى أواخره،و إن كان الأحوط قراءتها ما لم يخف فوت اللحوق في الركوع(2)، فمع الاطمئنان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها لا يتركها و لا يقطعها.
[1943]مسألة 21:إذا اعتقد المأموم إمهال الإمام له في قراءتها فقرأها و لم يدرك ركوعه لا تبطل صلاته،بل الظاهر عدم البطلان إذا تعمد ذلك(3)،بل إذا تعمد الإتيان بالقنوت مع علمه بعدم درك ركوع الإمام فالظاهر عدم البطلان.
[1944]مسألة 22:يجب الإخفات في القراءة خلف الإمام و إن كانت الصلاة جهرية(4)سواء كان في القراءة الاستحبابية كما في الأوّلتين مع
قد ظهر الحال فيها مما مرّ في المسألة المتقدمة.
بل هو الأقوى إذ لا موجب لسقوطها في مفروض المسألة.
بل البطلان جماعة و الصحة منفردا إذا لم يأت بما ينافي صلاة المنفرد سهوا و عمدا،و به يظهر حال ما بعده.
فيه ان هذا الوجوب ليس وجوبا تعبديا،بل هو وجوب شرطي و إنما الكلام في انه شرط لصحة الصلاة كما هو الحال في الصلوات الجهرية و الاخفاتية أو انه شرط لصحة صلاة الجماعة،الظاهر هو الثاني و النكتة فيه ان الاخفات في
عدم سماع صوت الإمام أو الوجوبية كما إذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين، و لو جهر جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته(1).
أي منفردا،و أما جماعة فالظاهر هو البطلان لأن حديث(لا تعاد)لا
نعم لا يبعد استحباب الجهر بالبسملة(1)كما في سائر موارد وجوب الإخفات.
[1945]مسألة 23:المأموم المسبوق بركعة يجب عليه التشهد في الثانية منه الثالثة للإمام،فيختلف عن الإمام و يتشهد ثم يلحقه في القيام أو في الركوع إذا لم يمهله للتسبيحات،فيأتي بها و يكتفي بالمرة و يلحقه في الركوع أو السجود(2)،و كذا يجب عليه التخلف عنه في كل فعل وجب
في ثبوت الاستحباب اشكال و لا يبعد عدم ثبوته.نعم قد ثبت استحباب الجهر بها للمنفرد و الامام في الصلوات الاخفاتية،و أما استحبابه للمأموم الواجب عليه الاخفات في القراءة فلا دليل عليه.
في كفاية الالتحاق بالامام في السجود اشكال،و لا يبعد عدم الكفاية، فإن المأموم إذا تخلف عن الامام في التشهد،كما إذا قام الامام إلى الركعة الرابعة و المأموم يتشهد و يسرع للنهوض إلى القيام،فحينئذ إذا أدرك الامام في القيام قبل أن يركع لم يقع خلل في متابعة الامام و إذا لم يدركه في القيام و لكن أدركه في
عليه دون الإمام من ركوع أو سجود أو نحوهما،فيفعله ثم يلحقه إلا ما عرفت من القراءة في الاوليين.
[1946]مسألة 24:إذا أدرك المأموم الإمام في الأخيرتين فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه وجب عليه قراءة الفاتحة و السورة إذا أمهله لهما، و إلاّ كفته الفاتحة على ما مر،و لو علم أنه لو دخل معه لم يمهله لإتمام الفاتحة أيضا فالأحوط عدم الإحرام إلا بعد ركوعه(1)،فيحرم حينئذ و يركع معه و ليس عليه الفاتحة حينئذ.
[1947]مسألة 25:إذا حضر المأموم الجماعة و لم يدر أن الإمام في
بل هو المتعين فإنه مع العلم بأن الامام لا يمهله لإتمام الفاتحة و ليس بإمكانه ادراكه قبل رفع رأسه من الركوع لا يمكن أن ينوي الائتمام حتى برجاء ادراك الامام في الركوع لفرض انه جازم بعدم الادراك.
الاوليين أو الأخيرتين قرأ الحمد و السورة بقصد القربة(1)،فإن تبين كونه في الأخيرتين وقعت في محلها،و إن تبين كونه في الاوليين لا يضره ذلك.
[1948]مسألة 26:إذا تخيل أن الامام في الاوليين فترك القراءة ثم تبين أنه في الأخيرتين فإن كان التبين قبل الركوع قرأ و لو الحمد فقط و لحقه،و إن كان بعده صحت صلاته،و إذا تخيل أنه في إحدى الأخيرتين فقرأ ثم تبين كونه في الاوليين فلا بأس،و لو تبين في أثنائها لا يجب إتمامها.
[1949]مسألة 27:إذا كان مشتغلا بالنافلة فاقيمت الجماعة و خاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة و لو كان بفوت الركعة الاولى منها جاز له قطعها،بل استحب ذلك و لو قبل إحرام الإمام للصلاة(2)،و لو كان
على الأحوط،و لا يبعد عدم وجوب قراءتهما و ذلك لأنّ مقتضى الدليل العام الأولى وجوب القراءة على كل مصل مثل قوله عليه السّلام:(لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب) 1و نحوه و قد خرج عن عموم هذا الدليل المصلي المقتدي بإمام في الركعتين الأوليين،فيكون موضوع الدليل المخصص مركب من أمرين:أحدهما الصلاة خلف إمام،و الآخر أن يكون ذلك الامام في الركعتين الأوليين،و الأمر الأول محرز بالوجدان و الثاني بالاستصحاب،فإن ذلك الامام قد دخل في الركعتين الأوليين جزما،و لكن يشك في انه في زمان الاقتداء به قد خرج عنهما أو لا،فلا مانع من استصحاب بقائه فيهما إلى هذا الزمان،فإذن يكون الموضوع بكلا جزأيه محرزا لأنّ كون صلاته خلف الامام معلوم بالوجدان و كون الامام في الركعتين الأوليين في ذلك الزمان معلوم بالتعبد،و يترتب عليه سقوط القراءة عنه و عدم وجوبها،و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط الاتيان بها برجاء ادراك الواقع.
بل يستحب إذا بدأ المقيم في الاقامة بمقتضى صحيحة عمر بن يزيد و صحيحة حماد بن عيسى.
مشتغلا بالفريضة منفردا و خاف من إتمامها فوت الجماعة استحب له العدول بها إلى النافلة و إتمامها ركعتين إذا لم يتجاوز محل العدول بأن دخل في ركوع الثالثة،بل الأحوط عدم العدول إذا قام للثالثة و إن لم يدخل في ركوعها(1)،و لو خاف من إتمامها ركعتين فوت الجماعة و لو الراكعة الاولى منها جاز له القطع بعد العدول إلى النافلة على الأقوى(2)،و إن كان
لكن الأظهر جواز العدول ما لم يدخل في ركوع الركعة الثالثة و ذلك لإطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة سليمان بن خالد:(فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام و ليكن ركعتان تطوعا) 1فانه يشمل حتى فيما إذا قام المصلي للركعة الثالثة على أساس أنه في هذه الحالة متمكن من إتمام هذه الصلاة ركعتين تطوعا فيصح توجيه الأمر بالصلاة اليه بنكتة أن هذا الأمر ليس أمرا باحداث ركعتين نافلة،بل بإتمام الصلاة التي بيده تطوعا،و على هذا فلا فرق بين كون المصلي في الركعة الأولى أو الثانية أو في القيام للثالثة فإنه كما يكون متمكنا في الحالتين الأوليين من اتمام الصلاة ركعتين تطوعا كذلك في الحالة الثالثة فإنه يجلس و ينوي العدول إلى النافلة و يسلم،و يصدق عليه إنه أتم صلاته ركعتين تطوعا.نعم إذا دخل في ركوع الثالثة فقد فات محل العدول فلا يتمكن منه لاستلزامه زيادة الركوع في النافلة و هي مبطلة لها،هذا من ناحية و من ناحية أخرى أنه لا بأس بأن يقوم المصلي بقطع الفريضة للدخول في الجماعة باعتبار انه لا دليل على عدم جواز القطع غير دعوى الاجماع و لا اجماع في المقام،هذا اضافة إلى ما ذكرناه في محله من المناقشة في كشف الاجماع بشكل عام عن ثبوت حكم المسألة في زمن المعصومين عليهم السّلام.
هذا هو الصحيح لأن مشروعية العدول و ان كانت بحاجة إلى دليل إلاّ أن الدليل في المقام موجود و هو صحيحة سليمان بن خالد و موثقة سماعة على
الأحوط عدم قطعها بل إتمامها ركعتين،و إن استلزم ذلك عدم إدراك الجماعة في ركعة أو ركعتين،بل لو علم عدم إدراكها أصلا إذا عدل إلى النافلة و أتمها فالأولى و الأحوط عدم العدول و إتمام الفريضة(1)ثم إعادتها جماعة إن أراد و أمكن.
[1950]مسألة 28:الظاهر عدم الفرق في جواز العدول من الفريضة إلى النافلة لإدراك الجماعة بين كون الفريضة التي اشتغل بها ثنائية أو غيرها(2)،
بل هو الأقوى لأن مشروعية العدول إنما هي لإدراك الجماعة و اما مع عدم الادراك فلا دليل عليه،و الصحيحة ظاهرة في انه اذا عدل الى النافلة و أتمها تمكن من ادراك الجماعة،و اما اذا عدل اليها و أتمها فلا يتمكن من ادراكها فلا يكون مشمولا لها و لا تدل على جواز العدول في هذه الصورة.
فيه ان الفرق غير بعيد لما عرفت في المسألة المتقدمة من ان الملاك المبرر لجواز العدول من الفريضة الى النافلة انما هو ادراك فضيلة الجماعة و المفروض ان الفريضة إذا كانت ثنائية فلا فرق في ادراكها بين اتمامها فريضة أو
و لكن قيل بالاختصاص بغير الثنائية.
[1951]مسألة 29:لو قام المأموم مع الإمام إلى الركعة الثانية أو الثالثة مثلا فذكر أنه ترك من الركعة السابقة سجدة أو سجدتين أو تشهدا أو نحو ذلك وجب عليه العود للتدارك،و حينئذ فإن لم يخرج عن صدق الاقتداء و هيئة الجماعة عرفا فيبقى على نية الاقتداء(1)،و إلا فينوي الانفراد.
[1952]مسألة 30:يجوز للمأموم الإتيان بالتكبيرات الست الافتتاحية قبل تحريم الإمام ثم الإتيان بتكبيرة الإحرام بعد إحرامه و إن كان الإمام تاركا لها.
[1953]مسألة 31:يجوز اقتداء أحد المجتهدين أو المقلدين أو المختلفين بالآخر مع اختلافهما في المسائل الظنية المتعلقة بالصلاة إذا لم يستعملا محل الخلاف و اتحدا في العمل،مثلا إذا كان رأي أحدهما
هذا فيما اذا ادرك الامام في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه و الاّ فينوي الانفراد.
اجتهادا أو تقليدا وجوب السورة و رأي الآخر عدم وجوبها يجوز اقتداء الأول بالثاني إذا قرأها و إن لم يوجبها،و كذا إذا كان أحدهما يرى وجوب تكبير الركوع أو جلسة الاستراحة أو ثلاث مرات في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين يجوز له الاقتداء بالآخر الذي لا يرى وجوبها لكن يأتي بها بعنوان الندب،بل و كذا يجوز مع المخالفة في العمل أيضا(1)فيما
هذا فيما اذا كان الاختلاف بينهما فيما يعذر فيه الجاهل،كما اذا رأى الامام كفاية التسبيحات مرة واحدة في الركعتين الأخيرتين اجتهادا او تقليدا،و رأى المأموم وجوب قراءتها ثلاث مرات كذلك،فإن الامام إذا قرأها مرة واحدة كان معذورا فيجوز الاقتداء به حينئذ باعتبار أن صلاته صحيحة في الواقع بمقتضى حديث(لا تعاد)فلا تجب عليه اعادتها اذا انكشف الخلاف و ظهر أن الواجب في الواقع هو قراءة التسبيحات ثلاث مرات اما اجتهادا او تقليدا،و اذا كان الاختلاف بينهما فيما لا يعذر فيه الجاهل لم يجز الاقتداء به،كما اذا علم المأموم ان الامام يرى اجتهادا أو تقليدا أن وظيفة الجريح أو الكسير اذا كان الجرح او الكسر مجبورا و كانت جبيرته نجسة وضع خرقة طاهرة و المسح عليها،و المأموم يرى أن وظيفته التيمم في هذه الحالة،أو أن الامام يرى جواز الوضوء بماء الورد بخلاف المأموم، مع ان الوضوء مما لا يعذر فيه الجاهل،فلا يجوز للمأموم أن يقتدي به إذا تأكد أنه توضأ على النحو الذي يراه باطلا،بل لا يجوز إذا لم يتأكد بأنه توضأ على النحو الذي يراه صحيحا باعتبار إنه لم يحرز صحة صلاته حينئذ في الواقع،فإنّ المأموم ما دام لم يتأكد بصحة صلاة الامام في الواقع و احتمل بطلانها فيه كما اذا احتمل انه توضأ بماء الورد و لا دافع لهذا الاحتمال،فلا يسوغ له الائتمام به فلو أتم و الحال هذه لم يحرز فراغ ذمته عن الصلاة لاحتمال ان صلاة الامام باطلة في الواقع فلا تكفي قراءته عن قراءته.
عدا ما يتعلق بالقراءة في الركعتين الأوليين التي يتحملها الإمام عن المأموم فيعمل كل على وفق رأيه،نعم لا يجوز اقتداء من يعلم وجوب شيء بمن لا يعتقد وجوبه مع فرض كونه تاركا له(1)لأن المأموم حينئذ عالم ببطلان صلاة الإمام فلا يجوز له الاقتداء به،بخلاف المسائل الظنية حيث إن معتقد كل منهما حكم شرعي ظاهري في حقه فليس لواحد منهما الحكم ببطلان صلاة الآخر(2)بل كلاهما في عرض واحد في كونه حكما شرعيا،و أما فيما يتعلق بالقراءة في مورد تحمل الإمام عن المأموم و ضمانه له فمشكل(3)لأن الضامن حينئذ لم يخرج عن عهدة الضمان بحسب معتقد
ظهر أن الضابط العام في جواز الاقتداء و عدم جوازه ما مرّ،و لا فرق فيه بين أن يعلم المأموم ان الامام يرى كفاية التسبيحات مرة واحدة بالعلم الوجداني أو بالعلم التعبدى،فانه على كلا التقديرين يكون الامام معذورا و كانت صلاته صحيحة في الواقع بمقتضى حديث(لا تعاد).و اذا انكشف الخلاف لم تجب عليه اعادتها بلا فرق بين أن يكون جهله بالواقع بسيطا أو مركبا،و به يظهر حال ما في المتن من الفرق بين العلم و العلمي.
فيه إشكال بل منع،لما مرّ من أن موضوع جواز الائتمام صحة صلاة الامام واقعا و لو بلحاظ حديث(لا تعاد)،و لا يكفي في جوازه صحتها عند الامام ظاهرا مع بطلانها عند المأموم،كما إذا كان الاختلاف بينهما فيما لا يعذر فيه الجاهل على ما مرّ تفصيله في صدر هذه المسألة.
بل الظاهر أنه لا إشكال في عدم جواز الاقتداء بمن يرى المأموم
المضمون عنه،مثلا إذا كان معتقد الإمام عدم وجوب السورة و المفروض أنه تركها فيشكل جواز اقتداء من يعتقد وجوبها به،و كذا إذا كان قراءة الإمام صحيحة عنده و باطلة بحسب معتقد المأموم من جهة ترك إدغام لازم أو مدّ لازم أو نحو ذلك،نعم يمكن أن يقال بالصحة إذا تداركها المأموم بنفسه(1)كأن قرأ السورة في الفرض الأول أو قرأ موضع غلط الإمام صحيحا،بل يحتمل أن يقال:إن القراءة في عهدة الإمام و يكفي خروجه عنها باعتقاده لكنه مشكل،فلا يترك الاحتياط بترك الاقتداء(2).
في الصحة اشكال بل منع فانه لا دليل على مشروعية الائتمام بإمام يعلم المأموم بأنه لا يقرأ السورة في الصلاة باعتبار أنه لا يرى وجوبها،أو يعلم بأنه لا يحسن القراءة مع بنائه على تدارك السورة بنفسه أو موضع الغلط،و أما صحيحة زرارة و الفضيل المتقدمة فقد مرّ أنه لا اطلاق لها بالنسبة إلى شمول هذه الحالات و لا تدل على مشروعية الائتمام فيها،و الدليل الآخر على جواز الائتمام بإمام و التعويل عليه في بعض القراءة و الاتيان ببعضها الآخر بنفسه غير موجود،و عليه فلو صنع ذلك لبطلت صلاته لا جماعته فحسب،لأنّه تارك للقراءة عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعى.نعم لو كان غافلا أو جاهلا بالحال صحت صلاته بمقتضى حديث (لا تعاد).
فالنتيجة:انه لا دليل على جواز الاقتداء في هذا الفرض.
بل هو الأقوى باعتبار انه لا دليل على كفاية صحة قراءة الامام عنده اجتهادا أو تقليدا في جواز الاقتداء به إذا كانت باطلة عند المأموم على أساس ما
[1954]مسألة 32:إذا علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة من الجهات ككونه على غير وضوء أو تاركا لركن أو نحو ذلك لا يجوز له الاقتداء به و إن كان الإمام معتقدا صحتها من جهة الجهل أو السهو أو نحو ذلك.
[1955]مسألة 33:إذا رأى المأموم في ثوب الإمام أو بدنه نجاسة غير معفو عنها لا يعلم بها الإمام لا يجب عليه إعلامه،و حينئذ فإن علم أنه كان سابقا عالما بها ثم نسيها لا يجوز له الاقتداء به لأن صلاته حينئذ باطلة واقعا و لذا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا تذكر بعد ذلك،و إن علم كونه جاهلا بها يجوز الاقتداء لأنها حينئذ صحيحة و لذا لا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا علم بعد الفراغ،بل لا يبعد جوازه إذا يعلم المأموم أن الإمام جاهل أو ناس و إن كان الأحوط الترك في هذه الصورة،هذا و لو رأى شيئا هو نجس في اعتقاد المأموم بالظن الاجتهادي و ليس بنجس عند الإمام أو شك في أنه نجس عند الإمام أم لا بأن كان من المسائل الخلافية فالظاهر جواز الاقتداء مطلقا سواء كان الإمام جاهلا أو ناسيا أو عالما.
[1956]مسألة 34:إذا تبين بعد الصلاة كون الإمام فاسقا أو كافرا أو غير متطهر أو تاركا لركن مع عدم ترك المأموم له أو ناسيا لنجاسة غير معفو عنها في بدنه أو ثوبه انكشف بطلان الجماعة،لكن صلاة المأموم صحيحة إذا لم يزد ركنا أو نحوه مما يخل بصلاة المنفرد للمتابعة،و إذا تبين ذلك في الأثناء نوى الانفراد و وجب عليه القراءة مع بقاء محلها،و كذا لو تبين كونه
امرأة و نحوها ممن لا يجوز إمامته للرجال خاصة أو مطلقا كالمجنون و غير البالغ إن قلنا بعدم صحة إمامته،لكن الأحوط إعادة الصلاة في هذا الفرض بل في الفرض الأول و هو كونه فاسقا أو كافرا(الخ).
[1957]مسألة 35:إذا نسي الإمام شيئا من واجبات الصلاة و لم يعلم به المأموم صحت صلاته(1)حتى لو كان المنسي ركنا إذا لم يشاركه في نسيان ما تبطل به الصلاة،و أما إذا علم به المأموم نبّهه عليه ليتدارك إن بقي محله،و إن لم يمكن أو لم يتنبه أو ترك تنبيهه حيث إنه غير واجب عليه وجب عليه نية الانفراد(2)إن كان المنسي ركنا أو قراءة في مورد تحمل الإمام مع بقاء محلها بأن كان قبل الركوع،و إن لم يكن ركنا و لا قراءة أو كانت قراءة و كان التفات المأموم بعد فوت محل تداركها كما بعد الدخول في الركوع فالأقوى جواز بقائه على الائتمام(3)،و إن كان الأحوط الانفراد
في اطلاقه اشكال بل منع،فإن المنسي إن كان ركنا صحت صلاته منفردا و إن كان غيره صحت جماعة.
هذا إذا كان المنسي ركنا و أما إذا كان قراءة فإن تمكن من الاتيان بها و ادراك الامام في الركوع لم تجب نية الانفراد،و إن لم يتمكن من ادراكه فيه انفرد قهرا.
في القوة اشكال بل منع إذا كان الجزء المنسي هو القراءة،فإن المأموم إذا تنبه في الركوع ان الامام نسي القراءة فلا محالة يشك في صحة هذا الائتمام و لا يمكن احراز صحته بحديث(لا تعاد)لأنّ مورده الصلاة،و لا يدل على صحة الجماعة،و أما صحة صلاته منفردا فهي غير بعيدة باعتبار أن المأموم أيضا تارك للقراءة عن عذر و غفلة حيث انه لو كان ملتفتا إلى نسيان الامام لها قبل الركوع كان
أو الإعادة بعد الإتمام.
[1958]مسألة 36:إذا تبين للإمام بطلان صلاته من جهة كونه محدثا أو تاركا لشرط أو جزء ركن أو غير ذلك فإن كان بعد الفراغ لا يجب عليه إعلام المأمومين،و إن كان في الأثناء فالظاهر وجوبه(1).
[1959]مسألة 37:لا يجوز الاقتداء بإمام يرى نفسه مجتهدا و ليس بمجتهد مع كونه عاملا برأيه،و كذا لا يجوز الاقتداء بمقلد لمن ليس أهلا للتقليد إذا كانا مقصرين في ذلك بل مطلقا على الأحوط(2)،إلا إذا علم أن صلاته موافقة للواقع من حيث إنه يأتي بكل ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء و الشرائط و يترك كل ما هو محتمل المانعية،لكنه فرض بعيد لكثرة ما يتعلق بالصلاة من المقدمات و الشرائط و الكيفيات و إن كان آتيا بجميع أفعالها و أجزائها،و يشكل حمل فعله على الصحة مع ما علم منه من بطلان
في الوجوب اشكال بل منع إذ لا دليل عليه،فإن صلاة المأموم إذا كانت صحيحة منفردا فلا فرق بين أن يعلم الامام ببطلان صلاته بعد الفراغ منها أو في الأثناء،فلا مقتضي حينئذ لوجوب الاعلام.نعم لو كان ترك الاعلام مؤديا إلى بطلان صلاة المأموم بزيادة ركن أو نحوها فالأحوط اعلامه.
لكن الأظهر جواز الاقتداء إذا كان قاصرا في ذلك شريطة أن يكون الاختلاف بين الامام و المأموم فيما يعذر فيه الجاهل،لا فيما لا يعذر على تفصيل قد مرّ في المسألة(31).و أما إذا شك في أن الاختلاف بينهما من قبيل الأول أو الثاني فلا يجوز الاقتداء به لعدم احراز صحة صلاته.
اجتهاده أو تقليده.
[1960]مسألة 38:إذا دخل الإمام في الصلاة معتقدا دخول الوقت و المأموم معتقد عدمه أو شاك فيه لا يجوز له الائتمام في الصلاة،نعم إذا علم بالدخول في أثناء صلاة الإمام جاز له الائتمام به(1)،نعم لو دخل الإمام نسيانا من غير مراعاة للوقت أو عمل بظن غير معتبر لا يجوز الائتمام به و إن علم المأموم بالدخول في الأثناء لبطلان صلاة الإمام حينئذ واقعا، و لا ينفعه دخول الوقت في الأثناء في هذه الصورة لأنه مختص بما إذا كان عالما أو ظانا بالظن المعتبر.
في جواز الائتمام اشكال بل منع على أساس أن المأموم معتقد ببطلان صلاة الامام،إذ لا يكفي في صحتها دخول الوقت في الأثناء،و قد مرّ أنه يعتبر في جوازه صحة صلاة الامام في الواقع.
و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن دخول الوقت في الأثناء يكفي في صحتها كما هو مقتضى قوله عليه السّلام في مرسلة ابن أبي عمير:(إذا صليت و انت ترى أنك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد أجزأت عنك…) 1فمع هذا يكون جواز الاقتداء به في تلك الصلاة بحاجة إلى دليل و لا اطلاق في أدلة الاقتداء لمثل المقام لأنّ عمدتها صحيحة زرارة و الفضيل المتقدمة،و قد سبق ان اطلاقها افرادي فقط لا احوالي أيضا،فلا تدل على جواز الاقتداء بإمام قد بدأ في صلاته قبل الوقت و قد دخل الوقت عليه في الاثناء، و عليه فالمرسلة على تقدير اعتبارها لا تصلح أن تكون فارقا بين الصورتين في المسألة.
فصل في شرائط إمام الجماعة يشترط فيه امور:البلوغ،و العقل،و الإيمان،و العدالة،و أن لا يكون ابن زنا،و الذكورة إذا كان المأمومون أو بعضهم رجالا،و أن لا يكون قاعدا للقائمين،و لا مضطجعا للقاعدين،و لا من لا يحسن القراءة بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتى اللحن في الإعراب و إن كان لعدم استطاعته غير ذلك.
[1961]مسألة 1:لا بأس بإمامة القاعد للقاعدين،و المضطجع لمثله، و الجالس للمضطجع(1).
في جواز ائتمام الناقص خلقة بمثله و الكامل بالناقص و بالعكس اشكال بل منع إلاّ في موردين:أحدهما ائتمام القاعد بالقائم،و الآخر ائتمام الجالس بالجالس أما عدم جواز الائتمام مع الاختلاف في افعال الصلاة زيادة و نقيصة و كما و كيفا فهو على القاعدة لما مرّ من أن مفهوم الائتمام متقوم بتبعية المأموم للإمام في تلك الأفعال قياما و قعودا و ركوعا و سجودا،فلا يتحقق الائتمام إلاّ إذا تابع المأموم الامام في افعاله،فيركع بركوعه و يسجد بسجوده و يقوم بقيامه و يجلس بجلوسه،و معنى المتابعة أن لا يسبقه في أي فعل من الأفعال الواجبة في الصلاة سواء أ كان من الأركان أم كان من غيرها.هذا اضافة إلى أنه لا اطلاق في أدلة مشروعية الجماعة لكي تشمل مثل هذه الحالات باطلاقها.
[1962]مسألة 2:لا بأس بإمامة المتيمم للمتوضئ،و ذي الجبيرة لغيره، و مستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره،بل الظاهر جواز إمامة المسلوس و المبطون لغيرهما فضلا عن مثلهما،و كذا إمامة المستحاضة للطاهرة.
[1963]مسألة 3:لا بأس بالاقتداء بمن لا يحسن القراءة في غير المحل الذي يتحملها الإمام عن المأموم كالركعتين الأخيرتين على الأقوى،و كذا لا بأس بالائتمام بمن لا يحسن ما عدا القراءة من الأذكار الواجبة و المستحبة التي لا يتحملها الإمام عن المأموم إذا كان ذلك لعدم استطاعته غير ذلك.
[1964]مسألة 4:لا يجوز إمامة من لا يحسن القراءة لمثله إذا اختلفا في المحل الذي لم يحسناه،و أما إذا اتحدا في المحل فلا يبعد الجواز و إن كان
1
و أما ائتمام الجالس بالجالس فهو إن كان لا قصور فيه من ناحية المتابعة و لكن مع ذلك يكون جوازه بحاجة إلى دليل خاص لما مرّ من أنه لا اطلاق في أدلة مشروعية الجماعة لمثل هذه الحالة،و قد دلت على جوازه مجموعة من النصوص،منها:قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:(يتقدمهم الامام بركبتيه و يصلّي بهم جلوسا و هو جالس).
2
فالنتيجة:أن جواز ائتمام الناقص بالكامل و الناقص بمثله بحاجة إلى دليل خاص،و إلاّ فمقتضى القاعدة عدم الجواز.
الأحوط العدم(1)،بل لا يترك الاحتياط مع وجود الإمام المحسن،و كذا لا يبعد جواز إمامة غير المحسن لمثله مع إختلاف المحل أيضا إذا نوى الانفراد عند محل الاختلاف،فيقرأ لنفسه بقية القراءة(2)لكن الأحوط العدم،بل لا يترك مع وجود المحسن في هذه الصورة أيضا.
[1965]مسألة 5:يجوز الاقتداء بمن لا يتمكن من كمال الإفصاح
بل هو الأقوى مطلقا حتى مع عدم وجود الامام المحسن،لما مرّ من أنه لا اطلاق لأدلة مشروعية الجماعة للمراتب النازلة من الصلاة التي تكون فاقدة لجزء من أجزائها أو شرط من شروطها أو شروط المصلي إلاّ فيما ورد فيه دليل خاص على المشروعية،و على هذا الأساس فإذا كانت قراءة الامام غير صحيحة لم يجز الاقتداء به باعتبار أن المأموم إنما يعول على الامام فيها و حينئذ لا بد أن تكون قراءته صحيحة حتى تعوض عن قراءة المأموم،و اذا كانت باطلة فليس بإمكانه أن يعول فيها عليه لأنّ ذلك بحاجة إلى دليل،و أما الأدلة العامة فقد عرفت أنه لا اطلاق لها لمثل هذه الحالات،و الدليل الخاص في المسألة غير متوفر،و لا فرق فيه بين أن تكون قراءة المأموم صحيحة أو غير صحيحة،كما أنه لا فرق بين أن يكون موضع عدم الصحة متحدا بين الامام و المأموم أو لا،باعتبار أن كل ذلك بحاجة إلى دليل نعم أن كل شخص مأمور بما تيسر له من القراءة دون الأكثر،و أما كفايته عن آخر فهي بحاجة إلى دليل،و بذلك يظهر حال ما بعده.
تقدم عدم مشروعية الجماعة مع نية الانفراد من الأول في اثناء الصلاة و أما في المسألة فإن كان ناويا للانفراد من الأول في قراءة البقية ثم الاقتداء ثانيا و يواصل فيه فهو مضر بالجماعة من ناحيتين:احداهما من ناحية نية الانفراد من الأول،و الثانية من ناحية ان الاقتداء بعد الانفراد في اثناء الصلاة لا يكون مشروعا و إلاّ فهو مضر بها من ناحية واحدة.
بالحروف أو كمال التأدية إذا كان متمكنا من القدر الواجب فيها و إن كان المأموم أفصح منه.
[1966]مسألة 6:لا يجب على غير المحسن الائتمام بمن هو محسن،و إن كان هو الأحوط،نعم يجب ذلك على القادر على التعلم إذا ضاق الوقت عنه كما مر سابقا(1).
[1967]مسألة 7:لا يجوز إمامة الأخرس لغيره و إن كان ممن لا يحسن، نعم يجوز إمامته لمثله(2)،و إن كان الأحوط الترك خصوصا مع وجود غيره، بل لا يترك الاحتياط في هذه الصورة.
[1968]مسألة 8:يجوز إمامة المرأة لمثلها(3)،و لا يجوز للرجل و لا
قد مرّ في المسألة(1)من اوائل فصل الجماعة أن هذا الوجوب عقلي لا شرعي.
مرّ عدم جوازه فانه بحاجة إلى دليل،و لا فرق فيه بين وجود غيره و عدم وجوده.
في الجواز اشكال و لا يبعد عدم جوازها و ذلك لأنّ النصوص الواردة في المسألة تصنف إلى ثلاث مجموعات:
الأولى:ما دل على عدم جواز امامتها،منها:صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:(قلت:المرأة تؤم النساء قال:لا،إلاّ على الميّت..الحديث).
1
الثانية:ما دل على جواز امامتها..
منها:صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال:(سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة و التكبير فقال:قدر ما تسمع…).
2
و منها:موثقة سماعة بن مهران قال:(سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تؤم النساء فقال:لا بأس) 3.
……….
1
و على هذا فمقتضى القاعدة حمل النهي في المجموعة الأولى على الكراهة بقرينة نص المجموعة الثانية في الجواز.
للخنثى.
[1969]مسألة 9:يجوز إمامة الخنثى للأنثى(1)دون الرجل،بل و دون الخنثى.
[1970]مسألة 10:يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ(2).
[1971]مسألة 11:الأحوط عدم إمامه الأجذم و الأبرص و المحدود بالحد الشرعي بعد التوبة و الأعرابي إلا لأمثالهم بل مطلقا،و إن كان الأقوى الجواز في الجميع مطلقا(3).
و لكن يشكل ذلك من جهة أخرى و هي أن الامام ان كان رجلا في الواقع وجب على المرأة أن تقف خلفه سواء أ كانت واحدة أم متعددة،و إن كان امرأة فمضافا إلى ما مرّ من الاشكال في امامتها،وجب عليها أن تقوم في وسطهن، فإذن يدور أمر الامام في المسألة بين محذورين من جهة الموقف فلا يدري أن الواجب عليه أن يقوم أمامهن أو وسطهن،فمن أجل ذلك ليس بإمكان الخنثى امامة الانثى.
في الجواز اشكال و الأظهر عدمه،فإن الروايات في امامة غير البالغ متعارضة على أساس أن الطائفة الآمرة بجواز ائتمام الناس به ارشاد إلى مشروعية امامته،و الطائفة الناهية عن الاقتداء به ارشاد الى عدم مشروعية امامته فتسقطان من جهة المعارضة فالمرجع هو أصالة عدم المشروعية لعدم اطلاق في البين لكي يكون هو المرجع،فالضابط العام أن في كل مورد شك في مشروعية الائتمام فمقتضى الأصل عدمها لأنّ المشروعية بحاجة إلى دليل.
في القوة اشكال بل منع،أما في الأجذم و الأبرص فان الروايات فيهما متعارضة حيث ان مقتضى صحيحة أبي بصير عدم جواز الائتمام بهما،و مقتضى
……….
……….
[1972]مسألة 12:العدالة ملكة الاجتناب عن الكبائر و عن الإصرار على الصغائر(1)و عن منافيات المروّة الدالة على عدم مبالاة مرتكبها بالدين، و يكفي حسن الظاهر الكاشف ظنا عن تلك الملكة(2).
[1973]مسألة 13:المعصية الكبيرة هي كل معصية ورد النص بكونها كبيرة كجملة من المعاصي المذكورة في محلها،أو ورد التوعيد بالنار عليه في الكتاب أو السنة صريحا أو ضمنا،أو ورد في الكتاب أو السنة كونه أعظم من إحدى الكبائر المنصوصة أو الموعود عليها بالنار،أو كان عظيما في أنفس أهل الشرع.
[1974]مسألة 14:إذا شهد عدلان بعدالة شخص كفى في ثبوتها(3)إذا لم
تفسير العدالة بالملكة في غير محله،فالصحيح أن العدالة عبارة عن الاستقامة على الدين و نهجه المبين و صراطه المستقيم شريطة أن تكون هذه الاستقامة سجيّة ثانية للعادل كالعادة.
لا يعتبر في حجية حسن الظاهر و كاشفيته عن الاستقامة على جادة الشريعة المقدسة أن يفيد الظن الشخصي بها،فإن حجيته بملاك الوثوق و الاطمئنان النوعي لأنّ المقصود من حسن الظاهر الذي هو طريق اليها هو أن يكون معروفا لدى الناس بالاستقامة في الدين و الصلاح،فإن ذلك دليل على العدالة و إن لم يفد الوثوق و الاطمئنان بها.
بل يكفي في ثبوتها شهادة عدل واحد،بل ثقة واحدة بناء على ما هو الصحيح من عدم اختصاص دليل حجية اخبار الثقة بالاحكام الشرعية،بل يعم الموضوعات الخارجية أيضا.
يكن معارضا بشهادة عدلين آخرين،بل و شهادة عدل واحد بعدمها(1).
[1975]مسألة 15:إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته و حصل الاطمئنان كفى،بل يكفي الاطمئنان إذا حصل من شهادة عدل واحد(2)، و كذا إذا حصل من اقتداء عدلين به أو من اقتداء جماعة مجهولين به، و الحاصل أنه يكفي الوثوق و الاطمئنان للشخص من أيّ وجه حصل بشرط كونه من أهل الفهم و الخبرة و البصيرة(3)و المعرفة بالمسائل لا من الجهال، و لا ممن يحصل له الاطمئنان و الوثوق بأدنى شيء كغالب الناس.
[1976]مسألة 16:الأحوط أن لا يتصدى للإمامة من يعرف نفسه بعدم
قد يتوهم أنه ينافي ما بنى عليه الماتن قدّس سرّه من الاشكال في حجية شهادة عدل واحد و لكن الظاهر انه لا تنافي بينهما،فإن مقصوده قدّس سرّه أن البينة اذا قامت على عدالة شخص و شهد عدل واحد بعدم عدالته لم تثبت عدالته باعتبار أن شهادة عدل واحد ان كانت حجة في الواقع فهي تعارض البينة فتسقطان معا، و إن لم تكن حجة فالعدالة ثابتة،و بما إنا لا ندري أنها حجة في الموضوعات أو لا فلا نعلم بثبوت العدالة.
مرّ كفاية شهادة عدل واحد بل ثقة واحدة و إن لم يحصل الاطمئنان منها.
في الاشتراط اشكال بل منع لأنّ الشخص إذا كان واثقا و مطمئنا بعدالة زيد-مثلا-كفى و إن لم يكن من أهل الفهم و الخبرة على أساس أن حجية الاطمئنان ذاتية كحجية العلم فلا يتوقف ثبوتها على دليل،و من هنا لا فرق بين أن يحصل من سبب عادي أو غير عادي باعتبار انه غير ملتفت إلى أن السبب الموجب له غير عادي و إلاّ لزال اطمئنانه.
العدالة و إن كان الأقوى جوازه(1).
[1977]مسألة 17:الإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره(2) و إن كان غيره أفضل منه،لكن الأولى له تقديم الأفضل،و كذا صاحب المنزل أولى من غيره المأذون في الصلاة،و إلا فلا يجوز بدون إذنه، و الأولى أيضا تقديم الأفضل،و كذا الهاشمي أولى من غيره المساوي له في الصفات.
و لكن ليس للإمام حينئذ ترتيب احكام الجماعة كرجوعه إلى المأموم لدى الشك في عدد الركعات إذا كان المأموم حافظا،و الاعتماد عليه،و لا يبني على الأكثر لأنّ الظاهر من الروايات التي تنص على اعتبار عدالة الامام هو أنها شرط واقعي لا علمي فإذا كان الامام فاسقا في الواقع فلا ائتمام إلاّ صورة،و مجرد كون المأموم معتقدا عدالته لا يجدي في الواقع و لا يجعل الصلاة خلفه من الصلاة خلف العادل،غاية الأمر انه معذور في خصوص الائتمام به و بتبعه ترك القراءة تعويلا على قراءة الامام،فمن أجل ذلك يحكم بصحة صلاته منفردا على أساس حديث(لا تعاد)،و الامام بما أنه يرى نفسه فاسقا يكون أسوأ حالا منه،و ليس بإمكانه ترتيب احكام الجماعة و لو ظاهرا.
فالنتيجة:أن الامام إذا كان فاسقا في الواقع،فالموجود هو صورة الجماعة لا واقعها،و ليس بإمكان كل من الامام و المأموم ترتيب احكام الجماعة و إن كان المأموم معذورا إذا كان جاهلا بفسقه و معتقدا بعدالته.
ما ذكره في هذه المسألة و ما بعدها من الترجيحات و الأولويات كأولوية امام الراتب في المسجد و كذا الأفضل و الهاشمي و الافقه و الأورع و الأجود قراءة و الأسن و نحو ذلك جميعا من غيرهم مبني على قاعدة التسامح في أدلة السنن و لا دليل عليها،فمن أجل ذلك لا حاجة إلى التعرض لهذه الفروع تفصيلا.
[1978]مسألة 18:إذا تشاحّ الأئمة رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض دنيوي رجح من قدّمه المأمومون جميعهم تقديما ناشئا عن ترجيح شرعي لا لأغراض دنيوية،و إن اختلفوا فأراد كل منهم تقديم شخص فالأولى ترجيح الفقيه الجامع للشرائط خصوصا إذا انضم إليه شدة التقوى و الورع، فإن لم يكن أو تعدد فالأولى تقديم الأجود قراءة ثم الأفقه في أحكام الصلاة،و مع التساوي فيها فالأفقه في سائر الأحكام غير ما للصلاة،ثم الأسنّ في الإسلام،ثم من كان أرجح في سائر الجهات الشرعية،و الظاهر أن الحال كذلك إذا كان هناك أئمة متعددون،فالأولى للمأموم اختيار الأرجح بالترتيب المذكور،لكن إذا تعدد المرجح في بعض كان أولى ممن له ترجيح من جهة واحدة،و المرجحات الشرعية مضافا إلى ما ذكر كثيرة لا بد من ملاحظتها في تحصيل الأولى،و ربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور،مع أنه يحتمل اختصاص الترتيب المذكور بصورة التشاح بين الأئمة أو بين المأمومين لا مطلقا،فالأولى للمأموم مع تعدد الجماعة ملاحظة جميع الجهات في تلك الجماعة من حيث الإمام و من حيث أهل الجماعة من حيث تقواهم و فضلهم و كثرتهم و غير ذلك ثم اختيار الأرجح فالأرجح.
[1979]مسألة 19:الترجيحات المذكورة إنما هي من باب الأفضلية و الاستحباب لا على وجه اللزوم و الإيجاب حتى في أولوية الإمام الراتب الذي هو صاحب المسجد،فلا يحرم مزاحمة الغير له(1)و إن كان مفضولا
هذا إذا لم يترتب عليها عنوان ثانوي كهتك حرمته أو تفويت حقه أو نحو ذلك،و إلاّ لم تجز.
من سائر الجهات أيضا إذا كان المسجد وقفا لا ملكا له و لا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة.
[1980]مسألة 20:يكره إمامة الأجذم و الأبرص و الأغلف المعذور في ترك الختان(1)،و المحدود بحد شرعي بعد توبته،و من يكره المأمومون إمامته،و المتيمم للمتطهر،و الحائك و الحجام و الدباغ إلا لأمثالهم،بل الأولى عدم إمامة كل ناقص للكامل،و كل كامل للأكمل.
تقدم في المسألة(11)من هذا الفصل عدم جواز امامة الأجذم و الأبرص و المحدود بحد شرعى،و أما الأغلف المعذور فالظاهر انه لا مانع من الائتمام به،فإن النهي عنه قد ورد في روايتين كلتاهما ضعيفة من ناحية السند.
فصل في مستحبات الجماعة و مكروهاتها أما المستحبات فأمور:
أحدها:أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلا واحدا(1)، و خلفه إن كانوا أكثر،و لو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام على الجانب الأيمن بحيث يكون سجودها محاذيا لركبة الإمام أو قدمه،و لو كنّ أزيد وقفن خلفه،و لو كان رجلا واحدا و امرأة واحدة أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام و الامرأة خلفه،و لو كان رجالا و نساء اصطفوا خلفه و اصطفت النساء خلفهم،بل الأحوط مراعاة المذكورات هذا إذا كان الإمام رجلا،و أما في جماعة النساء فالأولى وقوفهن صفا واحدا أو أزيد من غير أن تبرز إمامهن من بينهن.
الثاني:أن يقف الإمام في وسط الصف.
الثالث:أن يكون في الصف الأول أهل الفضل ممن له مزية في العلم
تقدم أن الأظهر وجوب ذلك،نعم إذا كان المأموم امرأة فهي مخيرة بين أن تقف وراء الامام و أن تقف خلفه على الجانب الأيمن بحيث يكون سجودها مع ركبته أو بحذاء قدميه،و قد دلت على ذلك مجموعة من الروايات كصحيحة هشام بن سالم و موثقة فضيل بن يسار و موثقة غياث.
و الكمال و العقل و الورع و التقوى،و أن يكون يمينه لأفضلهم في الصف الأول فإنه أفضل الصفوف.
الرابع:الوقوف في القرب من الإمام.
الخامس:الوقوف في ميامن الصفوف فإنها أفضل من مياسرها،هذا في غير صلاة الجنازة،و أما فيها فأفضل الصفوف آخرها.
السادس:إقامة الصفوف و اعتدالها و سدّ الفرج الواقعة فيها و المحاذاة بين المناكب.
السابع:تقارب الصفوف بعضها من بعض بأن لا يكون ما بينها أزيد من مقدار مسقط جسد الإنسان إذا سجد.
الثامن:أن يصلي الإمام بصلاة أضعف من خلفه بأن لا يطيل في أفعال الصلاة من القنوت و الركوع و السجود إلا إذا علم حبّ التطويل من جميع المأمومين.
التاسع:أن يشتغل المأموم المسبوق بتمجيد اللّه تعالى بالتسبيح و التهليل و التحميد و الثناء إذا أكمل القراءة قبل ركوع الإمام،و يبقي آية من قراءته ليركع بها.
العاشر:أن لا يقوم الإمام من مقامه بعد التسليم بل يبقى على هيئة المصلي حتى يتمّ من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين لو كان الإمام مسافرا،بل هو الأحوط،و يستحب له أن يستنيب من يتمّ بهم الصلاة عند مفارقته لهم،و يكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد،بل الأولى عدم استنابة من لم يشهد الإقامة.
الحادي عشر:أن يسمع الإمام من خلفه القراءة الجهرية و الأذكار ما لم يبلغ العلوّ المفرط.
الثاني عشر:أن يطيل ركوعه إذا أحسّ بدخول شخص ضعف ما كان يركع انتظارا للداخلين ثم يرفع رأسه و إن أحسّ بداخل.
الثالث عشر:أن يقول المأموم عند فراغ الإمام من الفاتحة:«الحمد للّه ربّ العالمين».
الرابع عشر:قيام المأمومين عند قول المؤذن:«قد قامت الصلاة».
و أما المكروهات فأمور أيضا:
أحدها:وقوف المأموم وحده في صفّ وحده مع وجود موضع في الصفوف،و مع امتلائها فليقف آخر الصفوف أو حذاء الإمام.
الثاني:التنفّل بعد قول المؤذن:«قد قامت الصلاة»بل عند الشروع في الإقامة.
الثالث:أن يخصّ الإمام نفسه بالدعاء إذا اخترع الدعاء من عند نفسه،و أما إذا قرأ بعض الأدعية المأثورة فلا.
الرابع:التكلم بعد قول المؤذن:«قد قامت الصلاة»بل يكره في غير الجماعة أيضا كما مرّ إلاّ أن الكراهة فيها أشد إلا أن يكون المأمومون اجتمعوا من أماكن شتى و ليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض:
تقدم يا فلان.
الخامس:إسماع المأموم الإمام ما يقوله بعضا أو كلا.
السادس:ائتمام الحاضر بالمسافر و العكس مع إختلاف صلاتهما قصرا و تماما،و أما مع عدم الاختلاف كالائتمام في الصبح و المغرب فلا كراهة،و كذا في غيرهما أيضا مع الاختلاف كما لو ائتم القاضي بالمؤدّي أو العكس،و كما في مواطن التخيير إذا اختار المسافر التمام،و لا يلحق نقصان الفرضين بغير القصر و التمام بهما في الكراهة كما إذا ائتم الصبح بالظهر أو
المغرب أو هي بالعشاء أو العكس.
[1981]مسألة 1:يجوز لكل من الإمام و المأموم عند انتهاء صلاته قبل الآخر بأن كان مقصرا و الآخر متما أو كان المأموم مسبوقا أن لا يسلّم و ينتظر الآخر حتى يتم صلاته و يصل إلى التسليم فيسلّم معه خصوصا للمأموم إذا اشتغل بالذكر و الحمد و نحوهما إلى أن يصل الإمام،و الأحوط الاقتصار على صورة لا تفوت الموالاة(1)،و أما مع فواتها ففيه إشكال من غير فرق بين كون المنتظر هو الإمام أو المأموم.
[1982]مسألة 2:إذا شك المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الإتيان بأخرى إذا لم يتجاوز المحل(2).
بل هو المتعين إذ مع فوت الموالاة و مضي فترة طويلة تذهب صورة الصلاة نهائيا،فلا صلاة حينئذ،و لكن الكلام في صغرى هذه الكبرى،و الظاهر عدم تحققها في المسألة و لا سيّما مع اشتغال المصلي بالذكر و الحمد.
هذا فيما إذا لم يعلم بالمتابعة للإمام،و إلاّ فوظيفته الرجوع إليه عند الشك إذا كان حافظا كما هو المفروض،لا العمل بما هو مقتضى القاعدة على أساس ما دل من أن لكل من الامام و المأموم إذا شك و كان الآخر حافظا أن يرجع إليه،و اما مع عدم العلم بالمتابعة فتكون وظيفته العمل بالقاعدة باعتبار أن ما دل على أن الشاك منهما يرجع إلى الحافظ يختص بصورة العلم بالمتابعة على أساس أن الصلاة التي يتبع فيها المأموم الامام مشتركة بينهما في الأفعال و الأقوال،فإذا كان أحدهما حافظا للركعات أو السجدات أو الركوعات و الآخر شاك فيها يرجع إلى الحافظ عليها باعتبار أن حفظه لها طريق شرعا له أيضا و يكشف عن أن شكه كلا شك و لا أثر له حيث أن شكه في الاتيان بها يرجع إلى شكه في اتيان صاحبه
[1983]مسألة 3:إذا اقتدى المغرب بعشاء الإمام و شك في حال القيام أنه في الرابعة أو الثالثة ينتظر حتى يأتي الإمام بالركوع و السجدتين حتى يتبين له الحال،فإن كان في الثالثة أتى بالبقية و صحت الصلاة،و إن كان في الرابعة يجلس و يتشهد و يسلّم ثم يسجد سجدتي السهو لكل واحد من الزيادات(1)من قوله:«بحول اللّه»و القيام و للتسبيحات إن أتى بها أو ببعضها.
[1984]مسألة 4:إذا رأى من عادل كبيرة لا يجوز الصلاة خلفه إلا أن يتوب مع فرض بقاء الملكة(2)فيه،فيخرج عن العدالة بالمعصية و يعود
على الأحوط إلاّ في موارد خاصة كما سيأتي.
هذا مبني على تفسير العدالة بالملكة،و لكن قد مرّ أن هذا التفسير غير صحيح،و الصحيح أنها عبارة عن الاستقامة على الشريعة الاسلامية المقدسة شريطة أن تكون الاستقامة طبيعة ثانية للعادل،و عليه فإن تاب حقيقة رجع اليها و علم أن صدور المعصية منه كان اتفاقيا و لا يكشف عن زوال استقامته،و إن لم يتب فلا كاشف عن استقامته على الشرع،و هذا بخلاف ما إذا كانت عبارة عن الملكة النفسانية فإنها لا تزول بصدور المعصية عن صاحبها مرة واحدة.
إليها بمجرد التوبة.
[1985]مسألة 5:إذا رأى الإمام يصلي و لم يعلم أنها من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به(1)،و كذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي لا يصح اقتداء اليومية بها،و إن علم أنها من اليومية لكن لم يدر أنها أية صلاة من الخمس أو أنها أداء أو قضاء أو أنها قصر أو تمام لا بأس بالاقتداء،و لا يجب إحراز ذلك قبل الدخول كما لا يجب إحراز أنه في أي ركعة كما مر.
[1986]مسألة 6:القدر المتيقن من اغتفار زيادة الركوع للمتابعة سهوا زيادته مرة واحدة في كل ركعة،و أما إذا زاد في ركعة واحدة أزيد من مرة كأن رفع رأسه قبل الإمام سهوا ثم عاد للمتابعة ثم رفع أيضا سهوا ثم عاد فيشكل الاغتفار،فلا يترك الاحتياط حينئذ بإعادة الصلاة بعد الإتمام(2)، و كذا في زيادة السجدة القدر المتيقن اغتفار زيادة سجدتين في ركعة،و أما إذا زاد أربع فمشكل.
هذا لا من جهة عدم مشروعية الجماعة في النوافل لما تقدم في أول فصل الجماعة في المسألة(2)من الاشكال فيه بل المنع،و إن كان الأجدر و الأحوط تركها فيها،بل من جهة أن الاقتداء في الصلوات اليومية بالنوافل بحاجة إلى دليل و صحيحة زرارة و الفضيل لا اطلاق لها بالنسبة إلى هذه الحالة و امثالها.
لا يبعد الاغتفار لأنّ الظاهر من نصوص الباب هو الترخيص في اعادة طبيعي الركوع و السجود مع الامام المنطبق على أكثر من واحد حيث لم يقيده بالمرة،و مع ذلك كان الاحتياط أجدر و أولى.ثم إن اغتفار زيادة الركوع أو السجود أكثر من مرة إذا كان أحدهما قبل ركوع الامام و الآخر بعده،فلا اشكال فيه للنص، و لكن ذلك خارج عن محل كلام الماتن قدّس سرّه.
[1987]مسألة 7:إذا كان الإمام يصلي أداء أو قضاء يقينيا و المأموم منحصرا بمن يصلي احتياطيا يشكل إجراء حكم الجماعة من اغتفار زيادة الركن.و رجوع الشاك منهما إلى الآخر و نحوه(1)لعدم إحراز كونها صلاة، نعم لو كان الإمام أو المأموم أو كلاهما يصلي باستصحاب الطهارة لا بأس بجريان حكم الجماعة لأنه و إن كان لم يحرز كونها صلاة واقعية لاحتمال
في اطلاقه اشكال بل منع لأنّ الامام لا يمكن أن يرجع إلى المأموم لعدم احراز ان صلاته صلاة واقعية لاحتمال أنها صورة الصلاة،و معها لا جماعة في الواقع إلاّ صورة و اسما.و أما المأموم فيجوز له أن يرجع إلى الامام إذا عرض عليه الشك كما يجوز له أن يعيد الركوع أو السجود مع الامام إذا رفع رأسه من الركوع قبله أو ركع كذلك لأنّ صلاته في الواقع لا تخلو من أن تكون صلاة حقيقة و مأمورا بها في الواقع أو صورة الصلاة و لا واقع لها و لا أمر بها،فعلى الأول يسوغ له الرجوع إلى الامام و اعادة الركوع أو السجود معه واقعا،و كذلك على الثانى،غاية الأمر أنه صورة الرجوع إلى الامام و صورة الزيادة بلا واقع لهما،و لا فرق في ذلك بين كون الأمر بالاحتياط أمرا استحبابيا ظاهريا أو ارشاديا باعتبار أن الأمر على كلا التقديرين متعلق بالاحتياط لا بالصلاة لكي تكون الصلاة بنفسها متعلقة للأمر الشرعي الظاهري كما هو الحال في موارد الاستصحاب أو قاعدة التجاوز و يحكم بصحتها ظاهرا و يترتب عليها حينئذ احكام الجماعة،فإن الأمر الاحتياطي و إن كان مولويا فهو متعلق بالاحتياط لا بذات الصلاة كما هو الحال إذا كان إرشاديا بحكم العقل،فعندئذ إن كان الاحتياط مطابقا للواقع فصلاته صلاة واقعية و إلاّ فصورة الصلاة و لا واقع لها،فمن أجل ذلك لم يحرز الامام أن صلاته الاحتياطية صلاة واقعية لكي يكون بإمكانه الرجوع إليه عند الشك و التردد و هو حافظ.و بذلك يظهر حال ما بعده.
كون الاستصحاب مخالفا للواقع إلا أنه حكم شرعي ظاهري،بخلاف الاحتياط فإنه إرشادي و ليس حكما ظاهريا،و كذا لو شك أحدهما في الإتيان بركن بعد تجاوز المحل فإنه حينئذ و إن لم يحرز بحسب الواقع كونها صلاة لكن مفاد قاعدة التجاوز أيضا حكم شرعي فهي في ظاهر الشرع صلاة.
[1988]مسألة 8:إذا فرغ الإمام من الصلاة و المأموم في التشهد أو في السلام الأول لا يلزم عليه نية الانفراد(1)بل هو باق على الاقتداء عرفا.
[1989]مسألة 9:يجوز للمأموم المسبوق بركعة أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الإمام التي هي ثالثته و ينفرد،و لكن يستحب له أن يتابعه في التشهد متجافيا إلى أن يسلّم(2)ثم يقوم إلى الرابعة.
[1990]مسألة 10:لا يجب على المأموم الإصغاء إلى قراءة الإمام(3)في الركعتين الاوليين من الجهرية إذا سمع صوته،لكنه أحوط.
بل ينفرد قهرا إذا كان التأخير بقدر يمنع عن صدق المتابعة و الائتمام و إلاّ بقي على الائتمام كذلك و لا يتوقف على القصد و النية.
ثم إن الامام إذا فرغ من الصلاة و كان المأموم في ابتداء التشهد فلا يبعد صدق الانفراد عرفا و عدم المتابعة.
هذا ينافي ما ذكره قدّس سرّه في المسألة(19)من فصل:احكام الجماعة،كما أشرنا إليه هناك أيضا،و ذكرنا أن الصحيح هو ما ذكره هنا.
تقدم في المسألة(1)من فصل:احكام الجماعة،أن وجوب الاصغاء و الاستماع على المأموم وجوبا تكليفيا و نفسيا غير محتمل،و أما وجوبه بمعنى حرمة القراءة عليه تشريعا في مفروض المسألة فهو ثابت.
[1991]مسألة 11:إذا عرف الإمام بالعدالة ثم شك في حدوث فسقه جاز له الاقتداء به عملا بالاستصحاب،و كذا لو رأى منه شيئا و شك في أنه موجب للفسق أم لا.
[1992]مسألة 12:يجوز للمأموم مع ضيق الصف أن يتقدم إلى الصف السابق أو يتأخر إلى اللاحق إذا رأى خللا فيهما،لكن على وجه لا ينحرف عن القبلة فيمشي القهقهرى.
[1993]مسألة 13:يستحب انتظار الجماعة إماما أو مأموما،و هو أفضل من الصلاة في أول الوقت منفردا(1)،و كذا يستحب اختيار الجماعة مع التخفيف على الصلاة فرادى مع الإطالة.
[1994]مسألة 14:يستحب الجماعة في السفينة الواحدة و في السفن المتعددة للرجال و النساء،و لكن تكره الجماعة في بطون الأودية.
[1995]مسألة 15:يستحب اختيار الإمامة على الاقتداء فللإمام إذا أحسن بقيامه و قراءته و ركوعه و سجوده مثل أجر من صلى مقتديا به،و لا ينقص من أجرهم شيء.
[1996]مسألة 16:لا بأس بالاقتداء بالعبد إذا كان عارفا بالصلاة و أحكامها.
في الاستحباب اشكال،فإن الأمر اذا دار بين ادراك فضيلة أول الوقت و بين ادراك فضيلة الجماعة فالحكم بتقديم الأول على الثاني أو بالعكس مشكل فإنه بحاجة إلى مرجح من احراز أن احدهما أهم من الآخر،أو لا أقل محتمل الأهمية،و بما أنه قد ورد ما يكشف عن اهتمام الشارع و ترغيبه الأكيد على كل واحد منهما فلا يكون بإمكاننا احراز أن الأول أهم من الثاني أو بالعكس.
[1997]مسألة 17:الأحوط ترك القراءة في الاوليين من الإخفاتية،و إن كان الأقوى الجواز مع الكراهة كما مر(1).
[1998]مسألة 18:يكره تمكين الصبيان من الصف الأول-على ما ذكره المشهور-و إن كانوا مميزين.
[1999]مسألة 19:إذا صلى منفردا أو جماعة و احتمل فيها خللا في الواقع و إن كانت صحيحة في ظاهر الشرع يجوز بل يستحب أن يعيدها منفردا أو جماعة،و أما إذا لم يحتمل فيها خللا فإن صلى منفردا ثم وجد من يصلّي تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة إماما كان أو مأموما،بل لا يبعد جواز إعادتها جماعة إذا وجد من يصلي غير تلك الصلاة كما إذا صلى الظهر فوجد من يصلي العصر جماعة،لكن القدر المتيقن الصورة الاولى،و أما إذا صلى جماعة إماما أو مأموما فيشكل استحباب إعادتها(2)، و كذا يشكل إذا صلى اثنان منفردا ثم أرادا الجماعة فاقتدى أحدهما بالآخر من غير أن يكون هناك من لم يصلّ(3).
قد مرّ في المسألة(1)من فصل:أحكام الجماعة،أنه يجوز للمأموم إذا لم يسمع قراءة الامام و لو همهمة أن يقرأ القراءة بنية الجزئية من دون أن تكون مكروهة.
بل الأظهر عدم الجواز إذا اعادها مأموما لعدم الدليل عليه،و أما إذا اعادها اماما فالأقوى جوازها بمقتضى اطلاق صحيحة ابن بزيع بلا فرق فيه بين من صلى جماعة اماما كان أو مأموما.
بل الأظهر عدم جواز ذلك لأنّ الروايات التي تنص على جواز اعادة الصلاة جماعة لا تشمل هذه المسألة،باعتبار أن موردها جميعا انعقاد الجماعة من
[2000]مسألة 20:إذا ظهر بعد إعادة الصلاة جماعة أن الصلاة الاولى كانت باطلة يجتزئ بالمعادة.
[2001]مسألة 21:في المعادة إذا أراد نية الوجه ينوي الندب لا الوجوب على الأقوى(1).
بل جزما،لأنّ الأمر الوجوبي قد سقط يقينا بالامتثال الأول،و الاعادة مستحبة بمقتضى النصوص المصرحة بها.
فصل في الخلل الواقع في الصلاة أي الاخلال بشيء مما يعتبر فيها وجودا أو عدما
[2002]مسألة 1:الخلل إما أن يكون عن عمد أو عن جهل أو سهو أو اضطرار(1)أو إكراه أو بالشك،ثم إما أن يكون بزيادة أو نقيصة،و الزيادة إما بركن أو غيره و لو بجزء مستحب كالقنوت في غير الركعة الثانية(2)أو فيها في غير محلها أو بركعة،و النقيصة إما بشرط ركن كالطهارة من الحدث
فيه اشكال و الصحيح أن يقال:أن الخلل في الصلاة أما عن عمد و التفات إلى حكم شرعى،أو عن غفلة و نسيان،أو عن جهل،فإن هذا التقسيم يعم جميع الأقسام من دون تداخل بعضها في بعضها الآخر،كما هو الحال في تقسيم الماتن قدّس سرّه باعتبار انه جعل الاضطرار و الاكراه في مقابل العمد مع انهما من اقسامه.
فيه انه لا يتصور الجزء المستحب للصلاة،فإن معنى كون شيء جزءا لها هو انه قد تعلق الأمر الصلاتي به لأنّ الجزئية منتزعة منه،و معنى كونه مستحبا أنه لا يكون الأمر الصلاتي متعلقا به،فهما في طرفي النقيض فلا يجتمعان في شيء واحد،و من هنا يظهر انه لا أثر لزيادته و لو عامدا عالما بالحكم لأنها ليست زيادة في الصلاة إلا إذا كانت زيادته بنية كونها من الصلاة فعندئذ إذا كانت عن عمد و التفات أوجبت بطلانها.
و القبلة،أو بشرط غير ركن،أو بجزء ركن أو غير ركن،أو بكيفية كالجهر و الإخفات و الترتيب و الموالاة(1)،أو بركعة.
[2003]مسألة 2:الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة بأقسامه(2)من
في جعل ذلك في مقابل الشرط اشكال بل منع،فإنها من اقسام الشرط،غاية الأمر أن الشرط قد يكون شرطا للصلاة مباشرة كالطهارة من الحدث أو الخبث و استقبال القبلة و قد يكون شرطا للجزء كذلك و في نهاية المطاف يرجع إلى الصلاة كالجهر و الخفت و نحوهما.
بطلانها بالاخلال العمدي في الأمور المستحبة فيها محل اشكال بل منع إلاّ إذا كان بنية كونها من الصلاة كما مرّ.ثم إن المصلي إذا زاد في صلاته عامدا و ملتفتا إلى أن ذلك غير جائز بطلت صلاته بلا فرق فيه بين الاجزاء و الشرائط و الاركان و غيرها،و تتحقق الزيادة في الحالات التالية..
الأولى:أن يكون الزائد من الأركان،كما إذا ركع المصلي ركوعين في ركعة واحدة عامدا و عالما بأن ذلك غير جائز،أو سجد أربع سجدات فيها كذلك،و لا فرق فيه بين أن يأتي المصلي بالزائد بنية كونه من الصلاة أو لا،و على كلا التقديرين تبطل الصلاة،أما على التقدير الأول فظاهر بمقتضى قوله عليه السّلام في معتبرة أبي بصير:
(من زاد في صلاته فعليه الاعادة…) 1و اما على التقدير الثاني فمقتضى القاعدة و ان كان عدم بطلان الصلاة به باعتبار ان المصلي لم يزد في صلاته شيئا حتى يكون مشمولا لقوله عليه السّلام:(من زاد في صلاته فعليه الاعادة)لأنّ الزيادة متقومة بأن يكون الاتيان بالزائد بنية انه منها،و أما إذا كان الاتيان به بعنوان آخر فلا يتحقق عنوان الزيادة،و لكن مع ذلك لا بد من الالتزام بالبطلان فيه بمقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر:(يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب و يركع و ذلك زيادة في الفريضة و لا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة) 2،فإنه يدل على أن سجدة التلاوة
الزيادة و النقيصة حتى بالإخلال بحرف من القراءة أو الأذكار أو بحركة أو بالموالاة بين حروف كلمة أو كلمات آية أو بين بعض الأفعال مع بعض، و كذا إذا فاتت الموالاة سهوا أو اضطرارا لسعال أو غيره و لم يتدارك بالتكرار متعمدا.
[2004]مسألة 3:إذا حصل الإخلال بزيادة أو نقصان جهلا بالحكم فإن
كان بترك شرط ركن كالإخلال بالطهارة الحدثية أو بالقبلة بأن صلى مستدبرا أو إلى اليمين أو اليسار أو بالوقت بأن صلى قبل دخوله أو بنقصان ركعة أو ركوع أو غيرهما من الأجزاء الركنية أو بزيادة ركن بطلت الصلاة، و إن كان الإخلال بسائر الشروط أو الأجزاء زيادة أو نقصا فالأحوط الالحاق بالعمد في البطلان،لكن الأقوى إجراء حكم السهو عليه(1).
[2005]مسألة 4:لا فرق في البطلان بالزيادة العمدية بين أن يكون في ابتداء النية أو في الأثناء و لا بين الفعل و القول و لا بين الموافق لأجزاء الصلاة و المخالف لها و لا بين قصد الوجوب بها و الندب(2)،نعم لا بأس
هذا في غير الجاهل المقصر الملتفت،كالجاهل القاصر أعم من الملتفت و غيره و الجاهل المقصر غير الملتفت لما تقدم في فصل:إذا صلّى في النجس،بشكل موسع من أن حديث(لا تعاد)يشمل باطلاقه الناسي و الجاهل بتمام أقسامه إلاّ الجاهل المقصر الملتفت،على أساس أن المتفاهم العرفي منه بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو عدم وجوب اعادة الصلاة على من أتى بها حسب ما يراه وظيفته الشرعية اجتهادا أو تقليدا أو اعتقادا أو نسيانا،و هذا بخلاف الجاهل المقصر الملتفت كالجاهل بوجوب السورة مثلا في الصلاة قبل الفحص،فإنه يرى أن وظيفته الفحص،فإذا دخل وقت الصلاة قبل الفحص وجب عليه الاحتياط و الاتيان بها مع السورة،و أما إذا أتى بها قبل الفحص تاركا للسورة فيعلم انه على خلاف وظيفته الشرعية و مثله لا يمكن أن يكون مشمولا للحديث، فحاله حال العالم بالحكم من هذه الناحية.
قد يستشكل بان الاتيان بشيء بقصد الندب لا ينسجم مع قصد كونه من الصلاة فإنه مبني على تصوير الجزء المستحبي لكي يمكن الاتيان به بقصد الجزئية.
بما يأتي به من القراءة و الذكر في الأثناء لا بعنوان أنه منها ما لم يحصل به المحو للصورة،و كذا لا بأس بإتيان غير المبطلات من الأفعال الخارجية المباحة كحك الجسد و نحوه إذا لم يكن ماحيا للصورة.
[2006]مسألة 5:إذا أخلّ بالطهارة الحدثية ساهيا بأن ترك الوضوء أو الغسل أو التيمم بطلت صلاته و إن تذكر في الأثناء،و كذا لو تبين بطلان أحد هذه من جهة ترك جزء أو شرط.
[2007]مسألة 6:إذا صلى قبل دخول الوقت ساهيا بطلت،و كذا لو صلى إلى اليمين أو اليسار أو مستدبرا فيجب عليه الإعادة أو القضاء(1).
هذا في الجاهل بالحكم من الأساس و هو الجاهل بأن الشارع أوجب الصلاة إلى القبلة أو كان عالما بهذا الحكم من البداية و لكنه نسيه حين الصلاة،و أما في الجاهل بالموضوع أو الناسي أو المخطى في اعتقاده فلا بد من التفصيل بين الوقت و خارجه،فإن اتضح له الحال قبل ذهاب الوقت وجبت الاعادة،و إن اتضح له الحال بعد ذهابه لم تجب،و قد مرّ تفصيل ذلك في المسألة(1)من أحكام
[2008]مسألة 7:إذا أخلّ بالطهارة الخبثية في البدن أو اللباس ساهيا بطلت(1)،و كذا إن كان جاهلا بالحكم(2)أو كان جاهلا بالموضوع و علم
على الأحوط وجوبا على أساس أن الروايات في المسألة متعارضة، فإن مجموعة منها تؤكد على وجوب الاعادة في المسألة،و مجموعة أخرى منها تؤكد على عدم الوجوب،و حينئذ فإن أمكن الجمع العرفي بينهما بحمل الأمر بالاعادة في الأولى على الاستحباب بقرينة نص الثانية في الصحة فهو،و إلاّ فهما متعارضتان فتسقطان من جهة المعارضة فالمرجع هو اصالة البراءة عن شرطية طهارة البدن أو اللباس في هذه الحالة بناء على ما هو الصحيح من أنها المرجع في مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين.
و دعوى:انه لا بد من تقديم المجموعة الأولى على الثانية لأمرين..
أحدهما:أن الأولى روايات مشهورة بين الاصحاب بخلاف الثانية.
و الآخر:أن الأولى مخالفة للعامة و الثانية موافقة لهم…
غير صحيحة:فإن الأولى مشهورة عملا لا رواية،و الشهرة العملية لا تكون من المرجحات في باب المعارضة لأنها لا تبلغ من الكثرة بدرجة التواتر اجمالا، كما أن المجموعة الثانية لا تكون موافقة للعامة باعتبار أنهم مختلفون في المسألة، و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط فيها.
هذا في الجاهل المقصر الملتفت،و أما الجاهل القاصر أو المقصر غير الملتفت و هو الجاهل المركب فالأظهر صحة صلاته بمقتضى حديث(لا تعاد)لما حققناه في(فصل:إذا صلّى في النجس)من شمول الحديث باطلاقه الجاهل المقصر غير الملتفت بشكل موسع.
في الأثناء مع سعة الوقت(1)،و إن علم بعد الفراغ صحت،و قد مر التفصيل سابقا.
[2009]مسألة 8:إذا أخلّ بستر العورة سهوا فالأقوى عدم البطلان و إن كان هو الأحوط،و كذا لو أخلّ بشرائط الساتر عدا الطهارة من المأكولية و عدم كونه حريرا أو ذهبا و نحو ذلك.
[2010]مسألة 9:إذا أخلّ بشرائط المكان سهوا فالأقوى عدم البطلان و إن كان أحوط فيما عدا الاباحة(2)بل فيها أيضا إذا كان هو الغاصب.
[2011]مسألة 10:إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه سهوا إما لنجاسته أو كونه من المأكول أو الملبوس لم تبطل الصلاة و إن كان هو الأحوط(3)و قد مرت هذه المسائل في مطاوي الفصول السابقة.
[2012]مسألة 11:إذا زاد ركعة أو ركوعا أو سجدتين من ركعة أو تكبيرة
على الأحوط وجوبا،لأنّ الروايات التي تنص على بطلان الصلاة فيما إذا علم المصلي بالنجاسة في اثنائها معارضة بما دل على عدم البطلان و بعد سقوطهما بالمعارضة فالمرجع هو اطلاق ما دل على عدم مانعية النجاسة المجهولة،و لكن مع هذا فالاحتياط لا يترك.
تقدم في(فصل:شرائط لباس المصلى)أن الأظهر عدم اشتراط اباحة الساتر في الصلاة،و لكن على تقدير الاشتراط إذا كان الناسي هو الغاصب فلا يبعد البطلان على أساس أن تصرفه فيه بما أنه مستند إلى سوء اختياره فهو مبغوض، و من المعلوم أن مبغوضيته تمنع عن صحة الصلاة المتقيدة به.
مرّ الكلام في ذلك مفصلا في(فصل:السجود).
الإحرام سهوا بطلت الصلاة(1)،نعم يستثنى من ذلك زيادة الركوع أو
في اطلاق ذلك اشكال بل منع،أما زيادة تكبيرة الاحرام سهوا فمقتضى اطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة أبي بصير:(من زاد في صلاته فعليه الاعادة)و إن كان بطلان الصلاة بها،إلاّ أن مقتضى حديث(لا تعاد)عدم البطلان على أساس أن تكبيرة الاحرام بما أنها غير داخلة في عقد المستثنى للحديث فهي داخلة في عقد المستثنى منه،غاية الأمر أن بطلان الصلاة بتركها سهوا إنما هو للنص الخاص في المسألة،و أما بطلانها بزيادتها كذلك فلا دليل عليه.و أما إطلاق صحيحة أبي بصير فهو محكوم بحديث(لا تعاد).و أما ما هو المشهور من تفسير الركن بما يبطل الصلاة زيادة و نقيصة فهو لا يبتني على نكتة عرفية،فإن كلمة (الركن)لم ترد في شيء من الروايات و إنما تطلق هذه الكلمة على كل جزء أو شرط ثبت بالنص الخاص أن الاخلال به عمدا و سهوا يوجب البطلان،و على هذا فلا بد من النظر إلى النص الدال عليه.
و أما في التكبيرة فقد دل دليل خاص على أن الصلاة تبطل بتركها عمدا و سهوا،و أما بالنسبة إلى زيادتها سهوا فلا دليل على البطلان،و عندئذ فلا مانع من التمسك بحديث(لا تعاد)لإثبات أن الاخلال بها زيادة اذا كان عن غفلة أو سهو لا يضر.هذا اضافة إلى أن هذا التفسير لا ينسجم مع معنى الركن عرفا،فإن معناه أن حقيقة الصلاة متقومة به و تنتفي بانتفائه،و أما ان زيادته مضرة بها أو لا فهي لا ترتبط بمعناه العرفى،و تابعة للدليل.
و أما الركوع،فلا شبهة في أن نقيصته توجب بطلان الصلاة بل لا صلاة بدونه و أما بطلانها بزيادته فهو ليس على القاعدة بل بحاجة إلى دليل،و قد دل عليه حديث(لا تعاد)،هذا اضافة إلى اطلاق صحيحة أبي بصير المتقدمة.
و أما السجود،فالحال فيه هو الحال في الركوع.
……….
السجدتين في الجماعة،و أما إذا زاد ما عدا هذه من الأجزاء غير الأركان كسجدة واحدة أو تشهد أو نحو ذلك مما ليس بركن فلا تبطل بل عليه سجدتا السهو(1)،و أما زيادة القيام الركني فلا تتحقق إلا بزيادة الركوع أو بزيادة تكبيرة الإحرام،كما أنه لا تتصور زيادة النية بناء على أنها الداعي(2)
على الأحوط لعدم الدليل على وجوبهما لكل زيادة سهوية في الصلاة.
تقدم ان النية في العبادات تقسم الى عناصر ثلاثة..
الأول:نية القربة و هي اضافة العبادة الى المولى سبحانه و تعالى،و مقومة لها و مقارنة معها من البداية الى النهاية و لو ارتكازا.
الثاني:الخلوص في النية،و هو عبارة عن عدم الرياء،و دخيل في صحتها.
الثالث:ان ينوي المصلي الاسم الخاص و العنوان المخصوص للصلاة التي يريد ان يصلّيها المميز لها شرعا عن سائر الصلوات.فالعنصران الأول و الثالث
بل على القول بالإخطار لا تضرّ زيادتها.
[2013]مسألة 12:يستثنى من بطلان الصلاة بزيادة الركعة ما إذا نسي المسافر سفره أو نسي أن حكمه القصر فإنه لا يجب القضاء إذا تذكر خارج الوقت،و لكن يجب الإعادة إذا تذكر في الوقت كما سيأتي إن شاء اللّه.
[2014]مسألة 13:لا فرق في بطلان الصلاة بزيادة ركعة بين أن يكون قد تشهد في الرابعة ثم قام إلى الخامسة أو جلس بمقدارها كذلك أو لا(1)، و إن كان الأحوط في هاتين الصورتين إتمام الصلاة لو تذكر قبل الفراغ ثم إعادتها.
[2015]مسألة 14:إذا سها عن الركوع حتى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته و إن تذكر قبل الدخول فيها رجع و أتى به و صحت صلاته،و يسجد سجدتي السهو لكل زيادة(2)،و لكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة لو كان التذكر بعد الدخول في السجدة الاولى.
[2016]مسألة 15:لو نسي السجدتين و لم يتذكر إلاّ بعد الدخول في الركوع من الركعة التالية بطلت صلاته،و لو تذكر قبل ذلك رجع و أتى بهما و أعاد ما فعله سابقا مما هو مرتب عليهما بعدهما،و كذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الأخيرة حتى سلّم و أتى بما يبطل الصلاة عمدا و سهوا كالحدث و الاستدبار و إن تذكر بعد السلام قبل الإتيان بالمبطل فالأقوى
ظهر حكم ذلك مما تقدم.
على الاحوط فيها و فيما بعدها من المسائل.
أيضا البطلان(1)لكن الأحوط التدارك ثم الإتيان بما هو مرتب عليهما ثم إعادة الصلاة،و إن تذكر قبل السلام أتى بهما و بما بعدهما من التشهد و التسليم و صحت صلاته و عليه سجدتا السهو لزيادة التشهد أو بعضه و للتسليم المستحب.
[2017]مسألة 16:لو نسي النية أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته سواء تذكر في الأثناء أو بعد الفراغ فيجب الاستئناف،و كذا لو نسي القيام حال تكبيرة الإحرام،و كذا لو نسي القيام المتصل بالركوع بأن ركع لا عن
في القوة اشكال بل منع على أساس ان السلام بما انه جزء أخير للصلاة فهو مخرج عنها اذا أتى به المصلي في موضعه الشرعى،و اما اذا أتى به في غير موضعه الشرعي فان كان عامدا و ملتفتا الى عدم جواز ذلك بطلت صلاته،و ان كان سهوا و من غير التفات فحاله حال سائر اجزاء الصلاة،و حيث انه ليس من الاركان فيكون مشمولا لإطلاق حديث(لا تعاد)و مقتضاه أنه لا يكون مانعا.هذا اضافة الى انه قد ورد في مجموعة من النصوص الخاصة ان المصلي اذا نسي ركعة و سلم و انصرف ثم فطن فعليه أن يأتي بها،منها:صحيحة العيص قال:(سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسى ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع،قال:
يقوم فيركع و يسجد سجدتين) 1فانها تنص و تؤكد على أن المصلي اذا سلّم في اثناء الصلاة سهوا و في غير محله لم يكن مانعا عن صحة صلاته و له أن يتمها بالاتيان بالأجزاء الباقية.و ما ورد في بعض الروايات من أن المصلي اذا سلّم فقد انصرف، فلا اطلاق له حتى فيما اذا سلم في اثناء صلاته سهوا،فانه في مقام بيان أن التسليم بما انه الجزء الأخير من الصلاة فاذا أتى به المصلي فقد تمت صلاته و فرغ منها، فاذن تحقق الانصراف بالتسليم ليس لخصوصية فيه،بل على اساس انه الجزء الأخير من الصلاة.
قيام(1).
[2018]مسألة 17:لو نسي الركعة الأخيرة فذكرها بعد التشهد قبل التسليم قام و أتى بها،و لو ذكرها بعد التسليم الواجب قبل فعل ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا قام و أتم(2)،و لو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس من غير
قد مر في المسألة(7)من(فصل:القيام)ان القيام المتصل بالركوع ليس بركن في نفسه في مقابل الركوع،بل هو مقوم له،فان هيئة الركوع عن قيام ركوع لا مطلق الهيئة،و على هذا فهذه المسألة داخلة في مسألة ترك الركوع سهوا، فانه إن التفت بعد أن سجد السجدة الثانية بطلت صلاته و وجب عليه أن يعيدها من جديد،و إن تذكر قبل أن يأتى بالسجدة الثانية قام منتصبا و ركع و أتم صلاته و لا اعادة عليه،بلا فرق بين أن يدخل في السجدة الأولى أو لا.و اذا كان قد دخل في السجدة الأولى الغى تلك السجدة من الحساب و لا تضر زيادتها بعد أن كانت سهوية.
فيه ان الظاهر عدم الفرق بين هذه المسألة و المسألة(15)المتقدمة، فان مقتضى القاعدة هو صحة الصلاة في كلتا المسألتين و عدم مانعية السلام السهوي في غير محله بمقتضى حديث(لا تعاد)،غير أن هذه المسألة مورد النصوص الكثيرة الدالة على ان المصلي اذا نسي ركعة و سلم ثم فطن أنها الثلاث يبني على صلاته و يصلي ركعة،و لكن يستفاد منها حكم المسألة المتقدمة أيضا على أساس أن هذه النصوص تدل على أن المصلي اذا سلّم في غير محله سهوا لم يضر.و من المعلوم انه لا فرق في السلام في غير محله سهوا بين أن يكون قبل ركعة تماما و أن يكون قبل سجدتين منها بعد ركوعها،فإذن حكم الماتن قدّس سرّه بالبطلان في هذا الفرق في المسألة المتقدمة و بالصحة في هذه المسألة لا يبتني على أصل.نعم لو قلنا بأن مقتضى القاعدة هو بطلان الصلاة بالسلام في غير محله باعتبار انه مانع
فرق بين الرباعية و غيرها،و كذا لو نسي أزيد من ركعة.
[2019]مسألة 18:لو نسي ما عدا الأركان من أجزاء الصلاة لم تبطل صلاته،و حينئذ فإن لم يبق محل التدارك وجب عليه سجدتا السهو للنقيصة(1)،و في نسيان السجدة الواحدة و التشهد يجب قضاؤهما أيضا بعد الصلاة(2)قبل سجدتي السهو،و إن بقي محل التدارك وجب العود
هذا مبني على وجوب سجدتي السهو لكل نقيصة و لكنه غير ثابت إلا في موارد خاصة و سيأتي بيانها في موضعها،و بذلك يظهر حال الموارد الآتية.
فيه ان الأظهر هو تخيير المصلي بين أن يأتي بالسجدة قبل التسليم اذا تفطن بالحال و أن يأتي بها بعده،و ذلك على اساس اختلاف الروايات الواردة في المسألة و هي على مجموعتين:
احداهما:تؤكد على الاتيان بها بعد الفراغ من الصلاة.
و الأخرى:تؤكد على الاتيان بها في اثناء الصلاة و قبل التسليم.
فالمعارضة بينهما في ظرف تدارك السجدة بعد اتفاقهما على أصل وجوب الاتيان بها في غير محلها،لكن المجموعة الأولى تدل على أن محل تداركها خارج الصلاة،و المجموعة الثانية تدل على أن محله قبل التسليم،و لا وجه لترجيح الأولى على الثانية بعمل المشهور بها دون الثانية،فإن عمل المشهور لا يكون من
للتدارك ثم الإتيان بما هو مرتب عليه مما فعله سابقا و سجدتا السهو لكل زيادة،و فوت محل التدارك إما بالدخول في ركن بعده على وجه لو تدارك المنسي لزم زيادة الركن و إما بكون محله في فعل خاص جاز محل ذلك الفعل كالذكر في الركوع و السجود إذا نسيه و تذكر بعد رفع الرأس منهما و إما بالتذكر بعد السلام الواجب(1)،فلو نسي القراءة أو الذكر أو بعضهما أو الترتيب فيهما أو إعرابهما أو القيام فيهما أو الطمأنينة فيه و ذكر بعد
مرّ عدم فوت المحل بذلك،فإن السلام حينئذ قد وقع في غير محله، فلا يكون مخرجا و لا مانعا عن تدارك المنسي بمقتضى حديث(لا تعاد).
الدخول في الركوع فات محل التدارك فيتم الصلاة و يسجد سجدتي السهو للنقصان إذا كان المنسي من الأجزاء لا لمثل الترتيب و الطمأنينة مما ليس بجزء،و إن ذكر قبل الدخول في الركوع رجع و تدارك و أتى بما بعده و سجد سجدتي السهو لزيادة ما أتى به من الأجزاء،نعم في نسيان القيام حال القراءة أو الذكر و نسيان الطمأنينة فيه لا يبعد فوت محلهما قبل الدخول في الركوع أيضا لاحتمال كون القيام واجبا حال القراءة لا شرطا فيها(1)و كذا كون الطمأنينة واجبة حال القيام لا شرطا فيه،و كذا الحال في الطمأنينة حال التشهد و سائر الأذكار،فالأحوط العود و الإتيان بقصد الاحتياط و القربة لا بقصد الجزئية،و لو نسي الذكر في الركوع أو السجود أو الطمأنينة حاله و ذكر بعد رفع الرأس منهما فات محلهما،و لو تذكر قبل
تقدم أن القيام شرط لها كالذكر في حال الركوع و السجود،لا أنه واجب فيها،فإن شروط الصلاة على نوعين:أحدهما شروط لها مباشرة كاستقبال القبلة و طهارة البدن و اللباس و الطهارة من الحدث،و الآخر شروط لأجزائها كذلك كالقيام و الطمأنينة و الذكر في حال الركوع و السجود،و على هذا فإذا ترك القيام حال القراءة نسيانا و قرأ جالسا و تفطن بعد أن أكمل القراءة و قبل أن يركع فلا يجب عليه التدارك،بل يواصل في صلاته على أساس حديث(لا تعاد)فإن مقتضاه أن شرطية القيام للقراءة مختصة بحال الذكر فلا يكون شرطا في حال النسيان،و كذلك إذا ترك الطمأنينة حال القراءة غفلة فقرأ غير مستقر و بعد أن أكمل القراءة و قبل أن يركع تفطن بالحال لم يجب عليه التدارك بمقتضى حديث(لا تعاد).و من هذا القبيل ترك الطمأنينة حال الركوع و السجود و التشهد،و بذلك يظهر حال ما في المتن.
الرفع أو قبل الخروج عن مسمّى الركوع وجب الإتيان بالذكر،و لو كان المنسي الطمأنينة حال الذكر فالأحوط إعادته بقصد الاحتياط و القربة(1)، و كذا لو نسي وضع أحد المساجد حال السجود(2)،و لو نسي الانتصاب من الركوع و تذكر بعد الدخول في السجدة الثانية فات محله،و أما لو تذكر قبله فلا يبعد وجوب العود إليه(3)لعدم استلزامه إلا زيادة سجدة واحدة
لكن الأقوى عدم وجوب الاعادة،فإن الطمأنينة شرط للذكر،فإذا تركها في حاله نسيانا فذكر غير مستقر و مطمئن و تفطن بعد اكمال الذكر لم يجب عليه التدارك بملاك حديث(لا تعاد).و من هذا القبيل ما إذا ترك الذكر في السجدة الثانية نسيانا حتى رفع رأسه منها فلا يجوز له أن يتدارك لأنّه إن أتى بالذكر بدون سجود فلا أثر له لأنّ الواجب إنما هو الذكر في السجود و إن سجد مرة ثالثة و أتى بالذكر فيها فهي ليست جزءا لها لأنّ الجزء إنما هو السجدة الأولى و الثانية دون الثالثة.
فيه اشكال و الأظهر التفصيل في المسألة،فإن وضع المساجد كالكفين و الابهامين و الركبتين إن كان من شروط السجود و واجباته لم يجب على المصلي أن يتداركه على أساس حديث(لا تعاد)،فإنه إن تداركه وحده فلا قيمة له،و إن تداركه باعادة السجدة فأيضا كذلك،لأنّ هذه السجدة ليست بمأمور بها لا بعنوان السجدة الأولى و لا بعنوان الثانية،و إن كان من شروط الصلاة و واجباتها مباشرة وجب عليه أن يتداركه بأن يسجد مرة أخرى بصورة صحيحة حيث أن سجوده الأول على أساس عدم وضع بعض المساجد على ما يصلي عليه ناقص و غير صحيح،و بما أنه قابل للتدارك فلا يكون مشمولا لحديث(لا تعاد)فإذن لا بد من التدارك.
الظاهر أن محله يفوت إذا خرج عن حد الركوع بالهوي إلى السجود
و ليست بركن،كما أنه كذلك لو نسي الانتصاب من السجدة الاولى و تذكر بعد الدخول في الثانية(1)،لكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة و لو نسي
بل الأمر ليس كذلك،فإن الواجب على المصلي أن يرفع رأسه من السجدة الأولى منتصبا معتدلا في جلوسه و مستقرا ثم يهوي إلى السجدة الثانية، فإذا ترك الاعتدال و الانتصاب في جلوسه نسيانا بعد أن رفع رأسه من السجدة الأولى ثم دخل في السجدة الثانية و تفطن فيها فقد فات محله و لا يمكن أن يتدارك لأنّه إن رفع رأسه من السجدة الثانية معتدلا منتصبا في جلوسه و مطمئنا فهو ليس مصداقا للواجب لأنّ الواجب هو الاعتدال و الانتصاب فيه بعد أن رفع رأسه من السجدة الأولى،و هذا يعني أن الواجب هو الاعتدال و الانتصاب في الجلوس مطمئنا بين السجدتين الواجبتين فإذا رفع المصلي رأسه من السجدة الثانية معتدلا
الطمأنينة حال أحد الانتصابين احتمل فوت المحل و إن لم يدخل في السجدة(1)كما مر نظيره،و لو نسي السجدة الواحدة أو التشهد و ذكر بعد
هذا هو الأظهر و ذلك لأنّ المنسىّ إن كان الطمأنينة في الانتصاب و الاعتدال القيامي بعد رفع الرأس من الركوع فقد مرّ أن محله يفوت بالخروج عن حد الركوع و إن لم يصل إلى حد السجود فضلا عما هو من شروطه و هو الطمأنينة، نعم على القول بأنه لا يفوت محل القيام الانتصابي إلا بالدخول في السجدة الثانية فحينئذ هل يفوت محل الطمأنينة فيه بالدخول في السجدة الأولى أو بالخروج عن حد الركوع و إن لم يدخل فيها،الظاهر هو الثاني و إن محلها يفوت بمجرد الخروج عن حد الركوع و إن لم يصل إلى حد السجود لأنها بنفسها غير قابلة للتدارك،و أما تداركها باعادة القيام معتدلا منتصبا بلا مبرر،على أساس أن مقتضى حديث(لا تعاد)صحة ذلك القيام باعتبار أن الفائت إنما هو شرطه و هو الطمأنينة،و بما أنه كان عن نسيان فمقتضى الحديث عدم وجوب الاعادة.
و إذا كان المنسي الطمأنينة في الانتصاب و الاعتدال الجلوسي بعد رفع الرأس من السجدة الأولى،كما إذا جلس المصلي بعده معتدلا منتصبا لكن غير
الدخول في الركوع أو بعد السلام فات محلهما(1)،و لو ذكر قبل ذلك تداركهما،و لو نسي الطمأنينة في التشهد فالحال كما مر(2)من أن الأحوط
تقدم عدم فوت المحل به لأنّ السلام في غير محله لا يكون مانعا بمقتضى الحديث.
قد مرّ أن الأظهر عدم وجوب الاعادة لأنّ المنسي هو شرط التشهد فيكون مشمولا للحديث،و من هنا يظهر انه لا وجه للاحتياط و لا سيما الاحتياط باعادة الصلاة.
ثم إن بإمكاننا أن نحدد عدة ضوابط لحالات امكان التدارك و عدم امكانه:
الأولى:ان كل ما كان من واجبات الصلاة كأجزائها و شروطها مباشرة فإذا لم يفت محله فهو قابل للتدارك في الفروض التالية:
1-إذا نسي المصلي الركوع و تذكر قبل أن يسجد السجدة الثانية من هذه الركعة،فإنه يقوم منتصبا ثم يأتي بالركوع و ما بعده و يواصل صلاته.
2-إذا نسي السجدتين و تذكر قبل أن يدخل في الركعة الأخرى رجع و أتى بهما و بما بعدهما إلى أن يتم صلاته.
3-إذا نسي فاتحة الكتاب أو السورة و تفطن قبل أن يركع،فإنه يأتي بها ثم يركع و يواصل في صلاته.
4-إذا نسي السجدة الثانية و تفطن قبل أن يدخل في الركعة اللاحقة رجع و أتى بها و بما بعدها.
و أما إذا فات محله بالدخول في السجدة الثانية أو الركعة اللاحقة،فإن كان
الاعادة بقصد القربة و الاحتياط،و الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة لاحتمال كون التشهد زيادة عمدية حينئذ خصوصا إذا تذكر نسيان الطمأنينة فيه بعد القيام.
[2020]مسألة 19:لو كان المنسي الجهر أو الاخفات لم يجب التدارك بإعادة القراءة أو الذكر على الأقوى،و إن كان أحوط إذا لم يدخل في الركوع.
فصل في الشك و هو إما في أصل الصلاة و أنه هل أتى بها أم لا و إما في شرائطها و إما في أجزائها و إما في ركعاتها.
[2021]مسألة 1:إذا شك في أنه هل صلى أم لا فإن كان بعد مضيّ الوقت لم يلتفت و بنى على أنه صلى سواء كان الشك في صلاة واحدة أو في الصلاتين،و إن كان في الوقت وجب الإتيان بها كأن شك في أنه صلى صلاة الصبح أم لا أو هل صلى الظهرين أم لا أو هل صلى العصر بعد العلم بأنه صلى الظهر أم لا،و لو علم أنه صلى العصر و لم يدر أنه صلى الظهر أم لا فيحتمل جواز البناء على أنه صلاها،لكن الأحوط الإتيان بها،بل لا يخلو عن قوة(1)،بل و كذلك لو لم يبق إلا مقدار الاختصاص بالعصر
هذا هو الظاهر،فإن قاعدة التجاوز لا تجري إذ لا دليل على أن محل الظهر شرعا قبل العصر،فإنه لو كان ثابتا فمعناه أن صحتها مشروطة بالاتيان بالعصر،مع أن الأمر ليس كذلك جزما.و أما قوله عليه السّلام:«إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا إلاّ أن هذه قبل هذه…» 1فهو لا يدل على أن مكان صلاة الظهر شرعا قبل صلاة العصر،بل هو في مقام بيان اعتبار الترتيب بينهما طولا،و دلالته على اعتبار قبلية الظهر للعصر لا بعدية العصر للظهر،هذا إضافة إلى أن هذه الرواية ضعيفة سندا،فإن في سندها قاسم بن عروة و لم يثبت توثيقه،
و علم أنه أتى بها و شك في أنه أتى بالظهر أيضا أم لا فإن الأحوط الاتيان بها(1)،و إن كان احتمال البناء على الاتيان بها و إجراء حكم الشك بعد
بل هو الأقوى و لكن بنية ما في الذمة أو العصر رجاء لما مر من أن المصلي إذا علم باتيان صلاة باسم العصر و شك في الاتيان بالظهر انقلبت ظهرا إن لم يكن آتيا بها في الواقع بمقتضى قوله عليه السّلام:«أربع مكان أربع» 1و الاّ صحت عصرا، و بما أنه لا يدري أنه أتى بالظهر قبل العصر أو لا،فيجب عليه الاتيان بصلاة باسم العصر رجاء أو بقصد ما في الذمة.
و مع الاغماض عن ذلك و تسليم عدم الانقلاب فأيضا لا مانع من الاتيان بصلاة الظهر في مفروض المسألة في الوقت الاختصاصي للعصر على أساس أن معنى الوقت الاختصاصي لكل منهما هو عدم جواز مزاحمة صاحبة الوقت بغيرها فيه لا بمعنى عدم صالحيته لغيرها في نفسه،و السبب فيه ان اختصاص كل من صلاتي الظهر و العصر بمقدار أربع ركعات من الوقت بين المبدأ و المنتهى إنما هو مستفاد من النصوص التي تؤكد على أن وقت كلتا الصلاتين جميعا يدخل بزوال
مضي الوقت هنا أقوى من السابق،نعم لو بقي من الوقت مقدار الاختصاص بالعصر و علم بعدم الاتيان بها أو شك فيه و كان شاكا في الاتيان بالظهر وجب الاتيان بالعصر،و يجري حكم الشك بعد الوقت بالنسبة إلى الظهر(1)لكن الأحوط قضاء الظهر أيضا.
فيه إشكال بل منع،فإنه مبني على تفسير الوقت الاختصاصي بعدم صلاحيته في نفسه لغير صاحبة الوقت و إن لم تكن مزاحمة من قبلها.و لكن قد مر أنه لا دليل على هذا التفسير إذ لا يستفاد من أدلة اعتبار الترتيب أكثر من الاختصاص بمعنى عدم المزاحمة،فإذن لا يجري على الشك في الاتيان بالظهر حكم الشك بعد الوقت،و هل يجري عليه حكم الشك بعد التجاوز عن المحل؟قد يقال بالجريان،بدعوى أن المستفاد من الأدلة أن محل الظهر شرعا هو قبل ذلك الوقت حيث لا تجوز مزاحمة العصر فيه.
و الجواب:أنه قد ظهر مما مر أن الدليل الخاص على الوقت الاختصاصي لكل من الظهر و العصر غير موجود،و إنما يستفاد ذلك من أدلة الترتيب،و قد عرفت أنها لا تقتضي أكثر من عدم جواز مزاحمة كل منها للأخرى فيه مع كون الوقت في ذاته مشتركا بينهما و صالحا للإتيان بكل منهما فيه،و من المعلوم إن هذه الأدلة لا تقتضي أن محل الظهر شرعا قبل هذا الوقت،إذ لو كانت مقتضية لذلك فمعناه اختصاص هذا الوقت به ذاتا و عدم صلاحيته لغير صاحبته،مع ان الأمر ليس كذلك.
و إن شئت قلت:إن المراد من محل الظهر هو زمانه الذي يمكن الاتيان بها فيه،و الفرض انه لا دليل على تقييده بما قبل ذاك الوقت،و المزاحمة لا تقتضي التقييد،فإذن لا تجري قاعدة التجاوز في المقام أيضا،فيرجع حينئذ إلى أصالة
[2022]مسألة 2:إذا شك في فعل الصلاة و قد بقي من الوقت مقدار ركعة فهل ينزّل منزلة تمام الوقت أو لا؟وجهان أقواهما الأول(1)،أما لو بقي أقلّ من ذلك فالأقوى كونه بمنزلة الخروج.
[2023]مسألة 3:لو ظنّ فعل الصلاة فالظاهر أن حكمه حكم الشك في التفصيل بين كونه في الوقت أو في خارجه،و كذا لو ظن عدم فعلها.
[2024]مسألة 4:إذا شك في بقاء الوقت و عدمه يلحقه حكم البقاء.
[2025]مسألة 5:لو شك في أثناء صلاة العصر في أنه صلى الظهر أم لا فإن كان في الوقت المختص بالعصر بنى على الاتيان بها(2)و إن كان في الوقت المشترك عدل إلى الظهر بعد البناء على عدم الاتيان بها.
هذا في صلاة الغداة باعتبار أنها مورد الرواية التي تنص على أن من أدرك ركعة من الصلاة في الوقت فقد أدرك الصلاة،فيكون الوقت التنزيلي كالوقت الحقيقي،و أما في سائر الصلوات اليومية فهو يتوقف على عموم التنزيل،و حيث لا عموم له فالتعدي عن مورده إلى سائر الموارد بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه لا في الداخل و لا في الخارج.
و دعوى القول بعدم الفصل،لا تصلح أن تكون قرينة عليه باعتبار أن قرينيته تتوقف على كونه حجة،و ليس بإمكاننا إثبات حجيته حيث أنها لا تزيد عن دعوى الاجماع في المسألة.
في البناء إشكال بل منع،و قد مرّ أنه لا دليل عليه لا بملاك قاعدة الحيلولة و لا بملاك قاعدة التجاوز،فيكون المرجع في المسألة هو أصالة البراءة عن وجوب قضائها كما عرفت.
[2026]مسألة 6:إذا علم أنه صلى إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر و لم يدر المعين منها يجزئه الاتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمة(1) سواء كان في الوقت أو في خارجه،نعم لو كان في وقت الاختصاص في العصر يجوز له البناء على أن ما أتى به هو الظهر فينوي فيما يأتي به العصر،و لو علم أنه صلى إحدى العشاءين و لم يدر المعين منهما وجب الاتيان بهما سواء كان في الوقت أو في خارجه،و هنا أيضا لو كان في وقت الاختصاص بالعشاء بنى على أن ما أتى به هو المغرب و أن الباقي هو العشاء(2).
بل يأتي بها ناويا العصر باعتبار أن الصلاة المأتي بها إن كانت في الواقع ظهرا فالثانية عصر،و إن كانت عصرا انقلبت ظهرا على أساس قوله عليه السّلام:
«إنما هي أربع مكان أربع»، 1و على كلا التقديرين فالباقي في ذمته هو صلاة العصر، و بذلك يظهر حال ما إذا كان الشك في ذلك في وقت الاختصاص بالعصر،لأن الصلاة المأتي بها ظهر على كلا التقديرين اما بالذات أو بالانقلاب،فإذن يكون الباقي في عهدته هو صلاة العصر.
هذا في الوقت المختص كما هو المفروض و ذلك لاستصحاب عدم الاتيان بصلاة العشاء و لا يعارضه استصحاب عدم الاتيان بصلاة المغرب لعدم أثر له باعتبار أن الشك إنما هو في الاتيان بالعشاء في وقتها المختص،و معه يكون مأمورا بالاتيان بها،و الفرض ان استصحاب عدم الاتيان بالمغرب لا يثبت أنه أتى بالعشاء الاّ على القول بالأصل المثبت،كما أنه لا يثبت عنوان الفوت،فإذن يرجع إلى أصالة البراءة عن وجوب قضائه.و أما إذا كان في الوقت المشترك فمقتضى العلم الإجمالي هو الاحتياط بالجمع بين المغرب و العشاء بعد سقوط الاستصحابين بالمعارضة.
[2027]مسألة 7:إذا شك في الصلاة في أثناء الوقت و نسي الاتيان بها وجب عليه القضاء إذا تذكر خارج الوقت،و كذا إذا شك و اعتقد أنه خارج الوقت ثم تبين أن شكه كان في أثناء الوقت،و أما إذا شك و اعتقد أنه في الوقت فترك الاتيان بها عمدا أو سهوا ثم تبين أن شكه كان خارج الوقت فليس عليه القضاء.
[2028]مسألة 8:حكم كثير الشك في الاتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل بين كونه في الوقت و خارجه،و أما الوسواسي فالظاهر أنه يبني على الاتيان و إن كان في الوقت.
[2029]مسألة 9:إذا شك في بعض شرائط الصلاة فإما أن يكون قبل الشروع فيها أو في أثنائها أو بعد الفراغ منها،فإن كان قبل الشروع فلا بد من إحراز ذلك الشرط و لو بالاستصحاب و نحوه من الأصول و كذا إذا كان في الأثناء(1)،و إن كان بعد الفراغ منها حكم بصحتها و إن كان يجب إحرازه
في اطلاقه اشكال بل منع،فإن أحرز الشرط في الأثناء تارة لا يتوقف على قطع الصلاة التي هو فيها لتمكنه من احرازه بدون ذلك،و أخرى يتوقف على قطعها و اعادتها ثانية،و الأول كما إذا كان المصلي محرزا للشرط فعلا بأن رأى من نفسه انه مستقبل القبلة و لكن شك في أنه كان كذلك في الأجزاء السابقة أيضا أو لا،فلا مانع حينئذ من التمسك بقاعدة التجاوز و احراز صحتها بها تطبيقا للقاعدة، أو انه شك أثناء الصلاة في الطهارة فعلا و كانت لها حالة سابقة فيتمسك باستصحاب بقائها لإحرازها.و الثاني كما إذا شك في الطهارة الحدثية مع عدم
للصلاة الأخرى،و قد مر التفصيل في مطاوي الأبحاث السابقة.
[2030]مسألة 10:إذا شك في شيء من أفعال الصلاة فإما أن يكون قبل الدخول في الغير المرتب عليه و إمّا أن يكون بعده،فإن كان قبله وجب الاتيان كما إذا شك في الركوع و هو قائم أو شك في السجدتين أو السجدة الواحدة و لم يدخل في القيام أو التشهد،و هكذا لو شك في تكبيرة الاحرام و لم يدخل فيما بعدها أو شك في الحمد و لم يدخل في السورة أو فيها و لم يدخل في الركوع أو القنوت،و إن كان بعده لم يلتفت و بنى على أنه أتى به من غير فرق بين الأولتين و الأخيرتين على الأصح،و المراد بالغير مطلق الغير المترتب على الأول كالسورة بالنسبة إلى الفاتحة فلا يلتفت إلى الشك فيها و هو آخذ في السورة بل و لا إلى أول الفاتحة أو السورة و هو في آخرهما و لا إلى الآية و هو في الآية المتأخرة بل و لا إلى أول الآية و هو في
آخرها،و لا فرق بين أن يكون ذلك الغير جزءا واجبا أو مستحبا(1) كالقنوت بالنسبة إلى الشك في السورة،و الاستعاذة بالنسبة إلى تكبيرة الإحرام،و الاستغفار بالنسبة إلى التسبيحات الأربعة،فلو شك في شيء من المذكورات بعد الدخول في أحد المذكورات لم يلتفت كما أنه لا فرق في
بل الظاهر هو الفرق بين الجزء الواجب و المستحب لما حققناه في الأصول من أن قاعدة التجاوز في الصلاة لا تنطبق الاّ على أجزائها دون مقدماتها و المستحبات فيها فإذا شك المصلي في جزء منها و تجاوز مكانه المقرر له شرعا فيها تبعا لترتيبها و دخل في جزء آخر واجب يليه بلا فصل مضى و لم يعتن بشكه، فإذا شك في تكبيرة الاحرام و هو في القراءة مضى و لم يعتن به،و إذا شك في القراءة و هو في الركوع فلا قيمة له،و إذا شك فيها و هو في القنوت فلا بد من الاعتناء لعدم صدق التجاوز عن مكانها المقرر لها شرعا،و إذا شك في الركوع و هو في السجود يمضى و لا يعتني،و اذا شك فيه و هو يهوي إلى السجود و لم يصل إلى حده بعد فلا بد من الاعتناء كما أنه إذا شك في القراءة و هو يهوي إلى الركوع و لم يصل إليه بعد لزم الاعتناء.
فالنتيجة:ان المعتبر في قاعدة التجاوز أمور:
الأول:أن يكون الشك في الوجود.
الثاني:أن يتجاوز عن مكانه المقرر له شرعا و هو لا يتحقق الاّ بالدخول في الواجب المترتب عليه و لا يكفي الدخول في الأمر المستحب لعدم تحقق عنوان التجاوز به،كما أنه لا يكفي الدخول في مقدمات الأجزاء كالهوي و النهوض و ما شاكلهما بعين الملاك المذكور.
الثالث:احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل،و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه في هذه المسألة من الفروع.
المشكوك فيه أيضا بين الواجب و المستحب،و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون ذلك الغير من الأجزاء أو مقدماتها فلو شك في الركوع أو الانتصاب منه بعد الهوي للسجود لم يلتفت،نعم لو شك في السجود و هو آخذ في القيام وجب عليه العود،و في إلحاق التشهد به في ذلك وجه إلا أن الأقوى خلافه،فلو شك فيه بعد الأخذ في القيام لم يلتفت،و الفارق النص الدال على العود في السجود فيقتصر على مورده و يعمل بالقاعدة في غيره.
[2031]مسألة 11:الأقوى جريان الحكم المذكور في غير صلاة المختار فمن كان فرضه الجلوس مثلا و قد شك في أنه هل سجد أم لا و هو في حال الجلوس الذي هو بدل عن القيام لم يلتفت(1)،و كذا إذا شك في التشهد،
بل الأظهر هو الالتفات و تدارك الجزء المشكوك لعدم جريان قاعدة التجاوز فيه حيث أن المصلي إذا رأى نفسه في حال الجلوس و شك في أنه سجد أم لا لم يصدق انه تجاوز عن مكان الجزء المشكوك المقرر له شرعا و دخل في الجزء الآخر المترتب عليه تبعا للترتيب و التنسيق بين أجزاء الصلاة جعلا و تشريعا باعتبار أنه احتمل أن هذا الجلوس هو الجلوس الواجب بين السجدتين لا بعدهما، فلا يكون هنا ما يبرر كون هذا الجلوس هو الجلوس الواجب المترتب عليهما، و على هذا فلا ملاك للقاعدة في المقام.
و إن شئت قلت:ان الملاك المبرر لحكم الشارع بحجية القاعدة المتمثلة بالبناء على الاتيان بالمشكوك و جعل الشك فيه كلا شك أمارية حالة المصلي و كاشفيتها عن الاتيان به على أساس أنه في مقام الامتثال و الانقياد،فاحتمال أنه تارك له عمدا غير محتمل لأنه خلف الفرض و احتمال السهو و الغفلة خلاف الأصل لأنه نادر،و نتيجة ذلك أن المصلي إذا دخل في القراءة و شك في أنه كبّر أم لا فيمضي و لا يعتني بشكه لأن حالته في هذا المقام تكشف عن أنه كبّر و دخل في
نعم لو لم يعلم أنه الجلوس الذي هو بدل عن القيام أو جلوس للسجدة أو للتشهد وجب التدارك لعدم إحراز الدخول في الغير حينئذ.
[2032]مسألة 12:لو شك في صحة ما أتى به و فساده لا في أصل الإتيان فإن كان بعد الدخول في الغير فلا إشكال في عدم الالتفات،و إن كان قبله فالأقوى عدم الالتفات أيضا،و إن كان الأحوط الإتمام و الاستئناف(1)إن كان من الأفعال،و التدارك إن كان من القراءة أو الأذكار ما عدا تكبيرة الإحرام(2).
لا منشأ لهذا الاحتياط و إن كان استحبابيا،إذ لا فرق في جريان قاعدة الفراغ بين الصورتين أصلا على أساس ان العبرة فيه إنما هو بكون الشك في صحة العمل أو فساده بعد الفراغ منه شريطة احتمال الالتفات و الا ذكرية حين العمل.
و من المعلوم ان الفراغ منه لا يتوقف على الدخول في الغير،فإذن لا وجه للجزم في الصورة الأولى دون الثانية مع ان ملاك الجريان و توفر شروطه في كلتا الصورتين على نسبة واحدة.
في الاستثناء اشكال بل منع حيث لا فرق في إمكان التدارك بينها و بين سائر الأذكار،فإن تدارك الجميع بنية الجزم بالوجوب لا يمكن لأنه تشريع و محرم.و أما بنية الأعم من الذكر الواجب و المستحب فلا مانع،فكما يمكن الاتيان