عنوان کتاب : تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی نام ناشر : محلاتی جلد : 6 تعداد صفحات: 306
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 5)
الجزء السادس
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 6)
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 7)
كتاب الزكاة
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 8)
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 9)
كتاب الزكاة
[فصل في زكاة الأموال]
[فصل في شرائط وجوب الزكاة]
فصل في شرائط وجوب الزكاة التي وجوبها من ضروريات الدين و منكره مع العلم به كافر،بل في جملة من الأخبار أن مانع الزكاة كافر،و يشترط في وجوبها امور..
الأول:البلوغ،فلا تجب على غير البالغ في تمام الحول فيما يعتبر فيه الحول،و لا على من كان غير بالغ في بعضه فيعتبر ابتداء الحول من حين البلوغ،و أما ما لا يعتبر فيه الحول من الغلات الأربع فالمناط البلوغ قبل وقت التعلق(1)و هو انعقاد الحب و صدق الاسم على ما سيأتي.
بل تكفي مقارنة البلوغ لوقت التعلق،و لا تعتبر فيه القبلية الزمنية،فان روايات الباب المتواترة اجمالا و التي تدل على ان موضوع وجوب الزكاة هو مال البالغ اما بالدلالة الالتزامية السياقية أو المطابقية ناصة في كفاية المقارنة في الغلات الأربع التي لا يعتبر فيها الحول،على أساس ان تعلق الزكاة بها مرتبط بتوفر شروطها العامة من البلوغ و العقل و الحرية و الملك و التمكن من التصرف و النصاب،و من المعلوم انه يكفي في التعلق توفر تلك الشروط من حينه و مقارنا له،و لا يلزم أن يكون تعلقها بها متأخرا عنها زمانا.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 10)
……….
و أما ما يعتبر فيه الحول كالنقدين و الانعام الثلاثة.
فان قلنا بأن الحول شرط للوجوب فقط دون التعلق،بمعنى ان وقت التعلق هو وقت توفر الشروط العامة فيه،و أما وقت الوجوب فهو بعد انتهاء الحول فلا كلام حينئذ،لأن الحول شرط الوجوب دون التعلق،و تلك شرط للتعلق دون الوجوب،و لكن ذلك غير صحيح،فان ظاهر النصوص هو ان زمان التعلق هو زمان الوجوب فيه.
و أما إذا قلنا بأن وقت التعلق هو وقت الوجوب،بمعنى ان تعلق الزكاة به عبارة اخرى عن تعلق الوجوب،فعندئذ هل يعتبر الحول في ظل توفر الشروط العامة فيه من البداية إلى النهاية أو لا؟بل يكفي توفرها مقارنا لانتهاء الحول و لا يلزم أن تكون في تمام أمده؟
الظاهر هو الأول،بل لا اشكال فيه،لأن الروايات التي تنص على نفي الزكاة عن مال اليتيم تدل بالدلالة السياقية على أن موضوع وجوب الزكاة هو مال البالغ،و لكن قد يعتبر في وجوبها في بعض أصنافه شرط آخر زائدا على الشروط العامة كالحول،فان موضوع هذا الشرط في طول أمده المال الواجد للشروط العامة،و هو مال البالغ العاقل الحر المتمكن من التصرف البالغ حد النصاب،كما هو الحال في غيره من الشروط الخاصة كالسوم و عدم العامل.
و إن شئت قلت:ان المستفاد من نصوص هذه الشروط الخاصة ان اعتبارها انما هو بعد الفراغ عن توفر الشروط العامة في المرتبة السابقة،باعتبار أنها بمثابة الموضوع لها،و لا معنى لاعتبارها في فرض عدم توفرها،كيف فان اعتبار الزكاة في الشرع متقوم بوجودها،هذا اضافة إلى أن الروايات الكثيرة الواردة في الدين و الوديعة و مال الغائب تدل على ان صاحبها إذا أخذها و استولى عليها وجبت الزكاة فيها شريطة مضى الحول عليها بعد الأخذ و وقوعها في يده.
منها:قوله عليه السّلام في صحيحة أبي محمود:«إذا أخذهما-الوديعة و الدين-
و منها:قوله عليه السّلام في موثقة اسحاق بن عمار:«…لا،أي(لا يجب الزكاة إذا جاء)حتى يحول عليه الحول في يده» 2.و منها غيرهما.
و على هذا فتعلق وجوب الزكاة بالانعام الثلاثة و كذلك بالنقدين مشروط زائدا على الشروط العامة بمضى الحول عليها في ظل توفرها طوال الحول،فإذا ملك الصبي من النقدين أو الانعام الثلاثة بمقدار النصاب،و بعد ستة أشهر -مثلا-صار بالغا لم يحسب مبدأ الحول من وقت الملك،بل يحسب من وقت البلوغ،و هذا بخلاف الغلات الأربع،فان تعلقه بها لا يتوقف على شرط آخر زائدا عليها،هذا من ناحية.
و من ناحية اخرى،قيل:بعدم اعتبار البلوغ في وجوب الزكاة في الغلات الأربع خاصة،بل نسب ذلك إلى المشهور بين المتقدمين،و قد يستدل على ذلك بقوله عليه السّلام في صحيحة زرارة و محمد بن مسلم:«قالا:ليس على مال اليتيم في الدين و المال الصامت شيء،فاما الغلات فعليها الصدقة واجبة» 3،بدعوى:
انه ينص على وجوب الزكاة في الغلات،و به يقيد اطلاق الروايات الدالة على عدم وجوب الزكاة في مال اليتيم بغير الغلات،و لكنه معارض بما هو أقوى منه و هو قوله عليه السّلام في صحيحة أبي بصير:«ليس في مال اليتيم زكاة،و ليس عليه صلاة،و ليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة،و ان بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة و لا عليه لما يستقبل حتى يدرك،فإذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة،و كان عليه مثل ما على غيره من الناس» 4،باعتبار انه ناص في نفي الزكاة،فيتقدم على الأول الظاهر في الوجوب تطبيقا لتقديم النص على
1) <page number=”11″ />الوسائل باب:6 من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث:1.
2) الوسائل باب:5 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:2.
3) الوسائل باب:1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:2.
4) الوسائل باب:1 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:11.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 12)
الثاني:العقل،فلا زكاة في مال المجنون في تمام الحول أو بعضه و لو أدوارا،بل قيل:إن عروض الجنون آنا مّا يقطع الحول لكنه مشكل(1)بل لا بد من صدق اسم المجنون و أنه لم يكن في تمام الحول عاقلا،و الجنون آنا مّا بل ساعة و أزيد لا يضر لصدق كونه عاقلا.
الظاهر.
الظاهر انقطاع الحول به،بتقريب ان النتيجة من ضم الروايات النافية لوجوب الزكاة عن مال المجنون،و هي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج و معتبرة موسى بن بكر إلى الروايات الدالة على وجوبها في مال البالغ هي:ان موضوع وجوب الزكاة و هو مال البالغ مقيد بقيد عدمي،أي لا يكون مجنونا، و حيث قد دل الدليل على ان تعلق الزكاة به إذا كان من النقدين أو الانعام الثلاثة مشروط بأن يحول عليه الحول،فعليه إذا كان مال البالغ الذي لا يكون مجنونا، من أحد النقدين أو الانعام الثلاثة و حال عليه الحول و جبت الزكاة عليه شرطية أن يظل الموضوع باقيا على قيده طوال الحول كاملا،باعتبار ان الروايات التي تنص على اعتبار الحول و هو مضي أحد عشر شهرا ظاهرة في مضي تمام أيام تلك الشهور عليه بلا نقصان،فلو انقلب الموضوع إلى موضوع آخر مباين له و هو البالغ المجنون انقطع الحول من حين الانقلاب بانعدام موضوعه،فلا يكون مشمولا لرواياته،لفرض ان موضوعه مال البالغ الذي لا يكون مجنونا لا مال البالغ المجنون،فإذا استعاد عقله بعد يوم أو أقل أو أكثر فالحاق الباقي بالماضي بحاجة إلى دليل خاص،و النصوص العامة للحول لا تعم الناقص،لأن الحول اسم لفترة خاصة من الزمن و هي الفترة المتصلة المحددة بحدين هما المبدأ و المنتهى كالشهر و الأسبوع و اليوم،و لا ينطبق على الناقص و لو بيوم واحد أو أقل،باعتبار ان التطبيق لا بد أن يكون بالنظر الدقي العقلي،و اطلاق الحول على المجموع من الماضي و الباقي و تكميل الناقص بضم يوم آخر إليه
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 13)
الثالث:الحرية،فلا زكاة على العبد و إن قلنا بملكه من غير فرق بين القنّ و المدبر و أم الولد و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤد شيئا من مال الكتابة،و أما المبعض فيجب عليه إذا بلغ ما يتوزع على بعضه الحرّ النصاب(1).
بحاجة إلى دليل يدل على ان المراد من الحول في المقام أعم منه.
و على هذا فإذا جن البالغ أثناء الحول و لو يوما واحدا أو أقل انقطع الاتصال بين الشهور المعتبر في تكوين الحول و هو مضي أحد عشر شهرا بالكامل،فلو مضى عشرة شهور و تسعة و عشرين يوما لم يكف،إذ لم يمض أحد عشر شهرا كاملا.
فالنتيجة:ان ما دل على اعتبار مضي أحد عشر شهرا في وجوب الزكاة في النقدين و الانعام الثلاثة ظاهر في مضي هذه الفترة من الزمن عليها،فإذا كانت أقل لم ينطبق عليها تلك الفترة لكي تجب الزكاة.
فيه:ان شمول اطلاق الدليل للمكلف بلحاظ ان بعضه حر لا يخلو عن اشكال بل منع،فانه ان صدق عليه عنوان المملوك لم يكن مشمولا لإطلاقه و الاّ فلا مانع من الشمول باعتبار ان الخارج من اطلاق دليل وجوب الزكاة انما هو عنوان المملوك بمقتضى النصوص الدالة على انه لا زكاة في ماله،و نتيجة ذلك ان موضوع العام بعد هذا التقييد هو مال البالغ الذي لا يكون مملوكا،و بما انه لا يصدق على المبعض عنوان المملوك فهو مشمول للعام.
أو فقل ان موضوع العام غير مقيد بعنوان وجودي كعنوان الحر،بل هو مقيد بعنوان عدمي كعدم المملوك،و عليه فكل فرد لا يصدق عليه عنوان المخصص فهو داخل في العام و محكوم بحكمه،و على هذا فتجب الزكاة على المبعض إذا بلغ مجموع أمواله حد النصاب و إن لم يبلغ ما بازاء بعضه الحر إذا وزعت.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 14)
الرابع:أن يكون مالكا،فلا تجب قبل تحقق الملكية كالموهوب قبل القبض و الموصى به قبل القبول(1)أو قبل القبض،و كذا في القرض لا تجب إلا بعد القبض.
الخامس:تمام التمكن من التصرف،فلا تجب في المال الذي لا يتمكن المالك من التصرف فيه بأن كان غائبا و لم يكن في يده و لا في يد وكيله،و لا في المسروق و المحجور و المدفون في مكان منسي و لا في المرهون و لا في الموقوف و لا في المنذور التصدق به(2)،و المدار في
الظاهر ان ملكيته لا تتوقف على القبول بل تحصل بصرف الوصية بالفك و التمليك،و تمام الكلام في كتاب الوصية.
ما ذكره الماتن قدّس سرّه و ان كان صحيحا،الاّ ان عليه أن يبين ان ملاك المنع عن التصرف في المنذور التصدق غير ملاك المنع عنه في المرهون و الموقوف.
بيان ذلك:ان المال المنذور ليس متعلقا لحق الغير حيث ان وجوب الوفاء بالنذر حكم تكليفي لا أنه حق للغير،فعدم جواز تصرف الناذر فيه انما هو من جهة انه مناف للوفاء بالنذر الواجب عليه فعلا،و اما عدم جواز التصرف في المرهون و الموقوف فانما هو من جهة انه مناف لحق الغير،هذا من ناحية.
و من ناحية أخرى ان الخارج من اطلاق دليل وجوب الزكاة ليس هو عنوان عدم التمكن من التصرف بل عناوين خاصة كالمال المدفون في مكان نسي صاحبه ذلك المكان،و المال الذي يغيب صاحبه عنه،و المال الذي يغيب عن صاحبه،و الوديعة،و الدين،و على هذا الأساس فهل يمكن التعدي عن مورد تلك العناوين الخاصة إلى سائر الموارد كالمال المرهون و الموقوف و المنذور التصدق به،أو لا؟الظاهر انه لا مانع من التعدي،و ذلك من جهتين..
إحداهما:ان العرف لا يرى خصوصية لكون عدم التمكن من التصرف ناشئا من نسيان مكان دفن المال،أو كونه غائبا عن صاحبه و بالعكس،أو وديعة،
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 15)
……….
أو دينا،بل يرى على أساس مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية ان المعيار انما هو بعدم تمكن المالك من التصرف فيه مهما كان سببه،و عليه فلا فرق بين كونه خارجا عن سلطانه تكوينا أو تشريعا.
و نتيجة ذلك:ان المتفاهم العرفي من تلك العناوين المأخوذة في ألسنة الروايات على أساس تلك المناسبات الارتكازية الضابط العام و هو عدم تعلق وجوب الزكاة بالمال الذي لا يكون تحت سلطان المالك و تصرفه عقلا و شرعا.
و الاخرى:ان الروايات الكثيرة الواردة في الدين و الوديعة و مال الغائب تنص بمختلف الصيغ على اناطة وجوب الزكاة بكون المال في يد صاحبه و تحت تصرفه متى شاء.
منها:قوله عليه السّلام في صحيحة أبي محمود:«إذ أخذهما-الدين و الوديعة-ثم يحول عليه الحول يزكى» 1فانه يدل على انه لا زكاة فيهما في فرض عدم الأخذ و ان كان متمكنا منه.
و منها:قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:«لا صدقة على الدين و لا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك» 2فانه يدل على ان المناط في وجوب الزكاة وقوعه في يده،فما لم يقع فلا زكاة و إن كان متمكنا من ذلك.
و منها:قوله عليه السّلام في موثقة اسحاق بن عمار:«يعزل حتى يجيء،قلت:
فعلى ماله زكاة،قال:لا حتى يجيء» 3فانه يدل على عدم وجوب الزكاة ما دام هو غائب و إن كان متمكنا من المجيء و الحضور.
و منها:صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال:«سألته عن الدين يكون على القوم المياسير إذا شاء قبضه صاحبه هل عليه زكاة؟قال:لا حتى يقبضه و يحول عليه الحول» 4.
1) <page number=”15″ />الوسائل باب:6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:1.
2) الوسائل باب:5 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:6.
3) الوسائل باب:5 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:2.
4) الوسائل باب:6 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:15.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 16)
التمكن على العرف(1)،و مع الشك يعمل بالحالة السابقة(2)،و مع عدم و هذه الصحيحة و إن كان موردها الدين و صاحبه ما دام لم يقبضه لم يملك،الاّ ان هذه الخصوصية لا تصلح أن تكون فارقة بينه و بين الوديعة و نحوها،على أساس ان الملك كالتمكن من شروط الوجوب في مرحلة الاعتبار،و الاتصاف في مرحلة المبادئ،و لا يكون المكلف مسئولا أمامها باعتبار انه لا يوجد وجوب قبل تحققها فكيف يكون محركا و باعثا على ايجادها،و على هذا فصاحب الوديعة ما دام لم يصل إليها و لم يقبضها لم يتمكن من التصرف فيها و لا يجب عليه تحصيل التمكن بترتيب مقدمات للوصول إليها و أخذها كما لا يجب على الغائب الحضور و إن كان متمكنا منه،و لا على صاحب الدين أن يأخذه من المدين و يقبضه.
فالنتيجة:ان المستفاد من تلك الروايات الكثيرة بمختلف الألسنة ان المعيار في وجوب الزكاة انما هو تمكن صاحب النصاب من التصرف فيه متى شاء و أراد،و أما إذا لم يتمكن كذلك فلا زكاة و إن كان قادرا على ايجاده،الاّ أنه من ايجاد الموضوع فلا مبرر لوجوبه ثم انه لا فرق بين أن يكون المنع من التصرف تكوينيا أو تشريعيا.
قد عرفت مما تقدم معيار المدار فيه.
هذا إذا كانت الشبهة موضوعية،فانه حينئذ ان كانت الحالة السابقة عدم المانع فتستصحب تلك الحالة،و ان كانت وجود المانع فيستصحب بقاء وجوده،و ان كانت مسبوقة بحالتين متضادتين كانتا مجهولتي التاريخ لم يجر استصحاب البقاء في شيء منهما،لا من جهة المعارضة بل من جهة ابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد.
مثال ذلك:إذا كان يعلم بأن هذا المال كان تحت تصرفه و سلطانه في زمان و خارجا عنه في زمان آخر،و شك في المتقدم و المتأخر منهما،فاذن كل من الحادثين مردد بين فردين طوليين،فالحادث الأول ان وجد في الساعة
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 17)
……….
الاولى من النهار-مثلا-كان يقطع بارتفاعه في الساعة الثانية،و إن وجد في الساعة الثانية منه كان يقطع ببقائه،و كذلك الحال في الحادث الثاني،فاذن لا شك في بقاء شيء من الفردين الطوليين حتى يستصحب بقاؤه.
نعم،ان الشك في بقاء الجامع بينهما و إن كان ثابتا الاّ أنه ليس موضوعا للأثر الشرعي لكي يستصحب بقاؤه،فان الأثر الشرعي مترتب على الفرد،و هو مردد بين ما هو مقطوع الارتفاع و ما هو مقطوع البقاء،فلا يمكن استصحابه،لأنه من الاستصحاب في الفرد المردد فيكون فاقدا لأحد أركانه و هو الشك في البقاء،و على ذلك فيرجع إلى أصالة البراءة عن وجوب الزكاة حيث لا يمكن التمسك باطلاق الدليل لإثبات وجوبها لأن الشبهة موضوعية.
و أما إذا كانت الشبهة مفهومية كما إذا شك في أن المراد من التمكن الذي هو شرط في وجوب الزكاة هل هو خصوص التمكن من التصرف تكوينا،أو الأعم منه تشريعا بسبب الشك في سعة مفهوم التمكن و ضيقه،فيكون مرد ذلك إلى الشك في تقييد وجوب الزكاة بقيد زائد و هو التمكن الشرعي،و عليه فتدخل المسألة في كبرى مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين،لأن تقييد وجوب الزكاة بالتمكن من التصرف تكوينا معلوم،و الشك انما هو في تقييده بالتمكن منه تشريعا.
و ان شئت قلت:ان الأصل الموضوعي في المسألة لإثبات ان كلمة التمكن موضوعة للمعنى الأعم أو الأخص و إن كان غير موجود،و لكن بما أن مرجع هذا الشك إلى الشك في التقييد الزائد فلا مانع من الرجوع إلى اطلاق أدلة وجوب الزكاة و تقييده بالمتيقن و هو عدم التمكن من التصرف تكوينا،و في الزائد يرجع إلى اطلاقها،على أساس ان المخصص المنفصل إذا كان مجملا مفهوما و دار أمره بين السعة و الضيق كان حجة في المقدار المتيقن،و في الزائد يرجع إلى عموم العام،و ما نحن فيه من هذا القبيل.
و مع الاغماض عن ذلك يرجع إلى الأصل العملي كاستصحاب عدم
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 18)
العلم بها فالأحوط الإخراج(1).
السادس:النصاب كما سيأتي تفصيله.
[مسألة 1:يستحب للولي الشرعي إخراج الزكاة في غلات غير البالغ يتيما كان أو لا ذكرا كان أو أنثى]
[2613]مسألة 1:يستحب للولي الشرعي إخراج الزكاة في غلات غير البالغ يتيما كان أولا ذكرا كان أو أنثى،دون النقدين،و في استحباب إخراجها من مواشيه إشكال،و الأحوط الترك،نعم إذا اتجر الولي بماله يستحب إخراج زكاته أيضا،و لا يدخل الحمل في غير البالغ فلا يستحب إخراج زكاة غلاته و مال تجارته،و المتولي لإخراج الزكاة هو الولي و مع غيبته يتولاه الحاكم الشرعي،و لو تعدد الولي جاز لكل منهم ذلك،و من سبق نفذ عمله،و لو تشاحوا في الإخراج و عدمه قدّم من يريد الإخراج،و لو لم يؤد الولي إلى أن بلغ المولّى عليه فالظاهر ثبوت الاستحباب بالنسبة إليه.
[مسألة 2:يستحب للولي الشرعي إخراج زكاة مال التجارة للمجنون دون غيره]
[2614]مسألة 2:يستحب للولي الشرعي إخراج زكاة مال التجارة للمجنون دون غيره من النقدين كان أو من غيرهما.
[مسألة 3:الأظهر وجوب الزكاة على المغمى عليه في أثناء الحول]
[2615]مسألة 3:الأظهر وجوب الزكاة على المغمى عليه في أثناء الحول، و كذا السكران،فالإغماء و السكر لا يقطعان الحول فيما يعتبر فيه و لا ينافيان الوجوب إذا عرضا حال التعلق في الغلات.
[مسألة 4:كما لا تجب الزكاة على العبد كذا لا تجب على سيده فيما ملكه على المختار من كونه مالكا]
[2616]مسألة 4:كما لا تجب الزكاة على العبد كذا لا تجب على سيده فيما ملكه على المختار من كونه مالكا،و أما على القول بعدم ملكه فيجب عليه مع التمكن العرفي من التصرف فيه(2).
جعل التقييد الزائد المشكوك فيه،أو أصالة البراءة عنه.
ظهر مما سبق انه لا وجه لهذا الاحتياط سواء كانت الشبهة موضوعية أم كانت مفهومية.
مر الكلام في المراد من التمكن فراجع.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 19)
[مسألة 5:لو شك حين البلوغ في مجيء وقت التعلق من صدق الاسم و عدمه]
[2617]مسألة 5:لو شك حين البلوغ في مجيء وقت التعلق من صدق الاسم و عدمه أو علم تاريخ البلوغ و شك في سبق زمان التعلق و تأخره ففي وجوب الإخراج إشكال(1)لأن أصالة التأخر لا تثبت البلوغ حال التعلق، و لكن الأحوط الإخراج،و أما إذا شك حين التعلق في البلوغ و عدمه أو علم زمان التعلق و شك في سبق البلوغ و تأخره أو جهل التاريخين فالأصل عدم
و الأظهر عدم وجوب الزكاة فيما إذا علم بدخول وقت التعلق و جهل تاريخه الزمني،و انه متقدم على بلوغ المالك،أو متأخر عنه،لأن استصحاب عدم دخول وقت التعلق إلى وقت بلوغ المالك المعلوم تاريخه الزمني لا يجري لأنه لا يثبت تأخر دخول وقت التعلق الاّ بنحو مثبت.
و دعوى:انه و ان لم يثبت ذلك الاّ أنه لا مانع من جريانه فيه من جهة اخرى و هي ان موضوع وجوب الزكاة في المسألة بما انه مركب من بلوغ المالك في زمان و دخول وقت التعلق فيه،و الأول محرز بالوجدان،و الثاني مشكوك فيه،و لا مانع من استصحاب عدم دخول وقته في زمان بلوغ المالك و يترتب عليه نفي الموضوع بنفي أحد جزأيه.
مدفوعة بأن الموضوع و إن كان مركبا من الأمرين المذكورين،و لكن ذلك الموضوع بما أنه قابل للوجود في أي زمان،و هذا يعني أن نفي الوجوب عنه يتوقف على أن لا يوجد في شيء من الأزمنة التي مرت على هذا المال باعتبار أن وجوده في أي وقت يكفى للحكم بوجوب الزكاة فيه،فاستصحاب عدم دخول وقت التعلق في زمان بلوغ المالك لا ينفى الاّ وجود الموضوع المركب في تلك الفترة من الزمن،مع ان الوجوب مترتب على صرف وجود الموضوع القابل للانطباق على فترات طولية من الزمن،و من المعلوم انه لا يكفى لنفي الحكم نفي حصة من وجود الموضوع و هي وجوده في واحدة من تلك الفترات الاّ بنحو مثبت،باعتبار ان انتفاء صرف وجود الجامع على نفي الحصة
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 20)
……….
عقلي،و لا يجدي في جريان هذا الاستصحاب ضم الحصة المنفية به من صرف وجود الموضوع إلى الحصة الاخرى من صرف وجوده التي هي منتفية وجدانا الاّ على نحو مثبت،ضرورة ان انتفاء صرف وجود الطبيعي الجامع على نفي فرده بما أنه عقلي فلا يمكن اثباته بالاستصحاب،و سوف نشير إليه أيضا عن قريب.
نعم،لا مانع من جريانه في موارد الشك في أصل دخول وقت التعلق بمفاد كان التامة،فان استصحاب عدم دخول الوقت في تمام الأزمنة إلى الوقت الحاضر معناه نفي صرف وجود الموضوع المركب رأسا.
ثم ان هذه النكتة نكتة عامة في كل مورد يكون موضوع الحكم فيه مركبا من أمرين،فانه إذا علم بوجود أحدهما و شك في وجود الآخر،فان كان الشك في وجوده بمفاد كان التامة لا مانع من استصحاب عدمه بمفاد ليس التامة،و إن كان الشك في وجوده في فترة خاصة من الزمن و هي زمن وجود الجزء الآخر مع العلم بأصل وجوده لم يجر الاستصحاب لأن زمن الآخر ان لوحظ على نحو الموضوعية فلا حالة سابقة له،و إن لوحظ على نحو الطريقية الصرفة إلى واقع زمانه كما هو المفروض،فحينئذ و إن كانت له حالة سابقة،الاّ أن نفي وجوده في تلك الفترة الخاصة بالاستصحاب لا يمكن الا بنحو مثبت-كما مر-و لا فرق في ذلك بين أن يجري الاستصحاب في الجزء المشكوك و احراز الموضوع بضمه إلى ثبوت الجزء الآخر،أو لا يجري،فانه على كلا التقديرين لا يجري استصحاب عدم تحققه في زمن وجود الجزء الآخر.
و على ضوء هذا الأساس لا فرق بين استصحاب عدم دخول وقت التعلق في زمن بلوغ المالك و استصحاب عدم بلوغه في زمن دخول الوقت،لأن ملاك عدم الجريان في كليهما واحد،و هو ما مر.
و أما استصحاب عدم البلوغ المعلوم تاريخه في مفروض المسألة،فهو أيضا لا يجري لا بلحاظ عمود الزمان و امتداده فلعدم الشك فيه،و لا بلحاظ
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 21)
الوجوب(1)،و أما مع الشك في العقل فإن كان مسبوقا بالجنون و كان الشك في حدوث العقل قبل التعلق أو بعده فالحال كما ذكرنا في البلوغ زمان الحادث الآخر و هو زمان دخول وقت التعلق في المقام تطبيقا لنفس ما مر.
في اطلاقه اشكال بل منع،لأن عدم الوجوب في الصورة الاولى و هي ما إذا كان تاريخ التعلق معلوما و تاريخ البلوغ مجهولا مستند إلى الأصل الحكمي و هو أصالة البراءة عن الوجوب دون الأصل الموضوعي و هو استصحاب عدم تحقق البلوغ إلى زمان التعلق،فانه لا يجرى لعين ما تقدم في عكس هذه الصورة و هو ما إذا كان تاريخ البلوغ معلوما و تاريخ وقت التعلق مجهولا،و أما استصحاب عدم دخول وقت التعلق المعلوم تأريخه الزمني فهو أيضا لا يجري تطبيقا لما مر في استصحاب عدم بلوغ المالك المعلوم تاريخه في عكس هذه الصورة.و لا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم التعلق إلى واقع زمان البلوغ،لأنه لما كان مرددا بين زمان تحقق فيه التعلق جزما،و زمان لم يتحقق فيه التعلق كذلك،فهذا من الاستصحاب في الفرد المردد،و هو غير جار.
نعم انه في الصورة الثانية و هي ما إذا كان تاريخ كليهما مجهولا مستند إلى الأصل الحكمي و هو أصالة البراءة،على أساس ما مر من أن الاستصحاب الموضوعي و هو استصحاب عدم حدوث كل من الحادثين إلى واقع زمان الحادث الآخر لا يجرى في نفسه لابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد،لا أنه يجري في كل منهما في نفسه و لكن يسقط بالتعارض،فاذن لا محالة تنتهي النوبة إلى الأصل الحكمي و هو أصالة البراءة عن الوجوب أو استصحاب عدمه.
و إن شئت قلت:أن هنا ثلاث صور..
الاولى:أن يشك في أصل تحقق التعلق في زمان البلوغ بمفاد كان التامة، سواء أ كان زمان البلوغ معينا،أم كان مرددا بين زمانين طوليين،كما إذا علم بأنه صار بالغا و لكن لا يدري ان بلوغه كان في اليوم الأول من هذا الشهر مثلا أو في
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 22)
من التفصيل(1)،و إن كان مسبوقا بالعقل فمع العلم بزمان التعلق و الشك في زمان حدوث الجنون فالظاهر الوجوب،و مع العلم بزمان حدوث الجنون و الشك في سبق التعلق و تأخره فالأصل عدم الوجوب،و كذا مع الجهل بالتاريخين،كما أن مع الجهل بالحالة السابقة و أنها الجنون أو العقل كذلك.
[مسألة 6:ثبوت الخيار للبائع و نحوه لا يمنع من تعلق الزكاة إذا كان في تمام الحول]
[2618]مسألة 6:ثبوت الخيار للبائع و نحوه لا يمنع من تعلق الزكاة إذا كان في تمام الحول،و لا يعتبر ابتداء الحول من حين انقضاء زمانه بناء على اليوم الخامس منه و لكنه شاك في التعلق من اليوم الأول إلى اليوم الخامس بمفاد كان التامة،و في هذه الصورة يرجع إلى استصحاب عدم التعلق إلى زمان البلوغ، و معناه نفي صرف وجود الموضوع المركب رأسا لا حصة منه،و كذلك الحال إذا كان الأمر بالعكس و بذلك يظهر أن ما ذكره الماتن قدّس سرّه في هذه المسألة من أن المرجع في كل صورها الأصل الحكمي لا يتم باطلاقه،حيث ان المرجع في هذه الصورة الأصل الموضوعي.
الثانية:أن يكون تاريخ أحدهما معلوما و الآخر مجهولا،و قد تقدم حكم هذه الصورة بكلا شقّيها فلا حاجة إلى الاعادة.
الثالثة:أن يكون تاريخ كليهما مجهولا،و يظهر حكم هذه الصورة أيضا مما مر.
و ملخصه:ان استصحاب عدم كل من الحادثين في زمن الآخر لا يجري، أما لعدم الحالة السابقة له إذا لوحظ زمن الآخر على نحو الموضوعية،أما لابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد إذا لوحظ على نحو الطريقية الصرفة،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم انه لا مانع من جريانه من هذه الناحية فمع ذلك لا يجري الاّ على القول بالأصل المثبت كما تقدم.
مر الكلام في الشك في البلوغ،و أما الشك في العقل في وقت التعلق،
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 23)
……….
فمرة يقع الكلام فيما إذا كان العقل مسبوقا بالجنون،و اخرى فيما إذا كان ملحوقا به،بأن يكون الجنون مسبوقا بالعقل.
أما الأول،ففيه صور..
الاولى:أن يشك في حدوث العقل بمفاد كان التامة في زمان تعلق وجوب الزكاة سواء أ كان زمانه معلوما و معينا أم كان مجهولا و مرددا بين زمانين طوليين،فانه يشك في حدوثه في طول ذلك الزمان،و في هذه الصورة يستصحب بقاء الجنون إلى زمان التعلق،و يترتب عليه عدم الوجوب.
الثانية:أن يعلم بأن المالك عاقل و لكن يشك في أنه عاقل في وقت التعلق أولا،و في هذه الصورة.
مرة يكون تاريخ حدوث العقل معلوما و تاريخ التعلق مجهولا.
و اخرى يكون بالعكس.
و ثالثة يكون تاريخ كليهما مجهولا.فعلى الأول لا يجري استصحاب عدم التعلق إلى زمان العقل لعدم ترتب أثر شرعي عليه الاّ على القول بالأصل المثبت.
و دعوى:انه لا مانع من جريان هذا الاستصحاب لأنه ينفى موضوع الوجوب الذي هو مركب من وجود العقل في زمان و التعلق فيه،و هذا يكفي في جريانه حيث ان الاستصحاب قد يثبت الأثر الشرعي باثبات موضوعه،و قد ينفيه بنفيه.
مدفوعة:بأن موضوع الوجوب و إن كان مركبا من تعلق الزكاة بالمال و لا يكون صاحبه مجنونا،و لكن هذا الموضوع صرف وجود الطبيعي القابل للانطباق على قطعات طولية من الزمان،و لا يكفى في نفيه نفي حصة من وجود ذلك الموضوع و هي وجوده في واحدة من تلك القطعات، إذ لا يترتب نفي الطبيعي على نفي فرده الاّ على القول بكونه مثبتا، و تخيّل ان فردا من هذا الموضوع و هو حصة من التعلق في زمان وجود
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 24)
……….
العقل في المقام منفي بالاستصحاب،و فردا آخر منه و هو حصة اخرى من التعلق قبل زمان وجوده،منفي بالوجدان لأنه يعلم وجدانا بعدم التعلق قبل ذلك الزمان،و بضم الوجدان إلى الأصل ينفى الموضوع و هو الطبيعي الجامع فينفى الحكم،خاطئ لأن ترتب نفي صرف وجود الطبيعي على نفي أحد فرديه بالوجدان،و نفي الآخر بالتعبد لا يمكن الاّ بناء على الأصل المثبت،حيث ان هذا الترتب عقلي،و من هنا لا شبهة في جريان استصحاب بقاء الكلي في القسم الثاني،و لا يعارض باستصحاب عدم حدوث الفرد الطويل إذ لا يترتب عليه نفي الكلي،كما أنه لا يمكن نفيه بضم استصحاب عدم الفرد الطويل إلى وجدانية عدم بقاء الفرد القصير في الزمان الثاني الاّ على القول بالأصل المثبت.
فالنتيجة:ان هذا الاستصحاب لا يجري،و أما استصحاب عدم العقل فهو أيضا لا يجري،إما بلحاظ عمود الزمان فلأنه لا شك فيه،و أما بلحاظ زمان التعلق فان كان ملحوظا قيدا لعدم العقل بحيث يريد أن يثبت عدم العقل في زمان التعلق بما هو زمان التعلق الذي يكون مرده إلى التقييد بين الجزءين فلا حالة سابقة له لأن عدم العقل المقيد بزمان التعلق ليس له بما هو مقيد سابق زمني لكي يستصحب،و بنفسه و إن كان له حالة سابقة و لكن استصحابه لا يثبت التقيد الاّ على القول بالأصل المثبت،و إن كان ملحوظا للإشارة إلى واقع زمانه باعتبار انه لا طريق لنا إلى الاشارة إليه الاّ بعنوان زمان التعلق من دون أخذه في مصب التعبد الاستصحابي،فبما أنه مردد بين زمان كان المالك عاقلا فيه جزما و زمان لم يكن المالك عاقلا فيه كذلك،فلا يكون الشك في عدم كونه عاقلا فيه متمحضا في البقاء،فمن أجل ذلك يكون الاستصحاب فيه من الاستصحاب في الفرد المردد،و هو غير جار تطبيقا لذلك،و مع الاغماض عن ذلك فأيضا لا يجري الاّ بنحو مثبت كما مر،فاذن تنتهى النوبة إلى الأصل الحكمي و هو أصالة البراءة عن الوجوب.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 25)
……….
و على الثاني لا يجري استصحاب عدم العقل إلى زمان التعلق تطبيقا لنفس ما تقدم في الفرض الأول من هذه الصورة-أي الثانية- حرفا بحرف،و أما استصحاب عدم دخول وقت التعلق في زمان حدوث العقل فيظهر مما مر أنه لا يجري،اما لعدم الحالة السابقة له،أو لابتلائه بمانع الاستصحاب في الفرد المردد،و مع الاغماض عن ذلك أنه لا يجري أيضا لعدم أثر له الاّ على نحو مثبت،فينتهي الأمر حينئذ إلى الأصل الحكمي.
و على الثالث:فبما أن زمان الشك في كل منهما مردد بين زمانين فلا يجري استصحاب عدم كل منهما إلى واقع زمان الآخر لعدم تمامية أركانه الذي منها الشك في البقاء كما عرفته.
و إن شئت قلت:ان زمان الحادث الآخر إن لوحظ على نحو الموضوعية بأن يكون المستصحب هو العدم،أي عدم كل منهما المقيد بزمان الحادث الآخر فليست له حالة سابقة لكي يستصحب بقاؤها،و إن لوحظ على نحو المعرفية الصرفة إلى واقع زمان الحادث الآخر و بما أنه مردد بين زمانين فيكون عدمه متيقنا في أحدهما،و وجوده في الآخر،فلا تتم أركان الاستصحاب حتى يجري لابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد،و مع تسليم ذلك فانه أيضا لا يجري الاّ على القول بالأصل المثبت كما تقدم.فاذن يكون المرجع في المسألة أصالة البراءة عن وجوب الزكاة،هذا كله فيما إذا كانت الحالة السابقة الجنون.
و أما إذا كانت الحالة السابقة العقل،فمرة يشك في حدوث الجنون في وقت التعلق،و اخرى يعلم بحدوثه و لكن يشك في أنه حدث قبل وقت التعلق، أو بعده.
و في الصورة الاولى:يرجع إلى استصحاب عدم حدوثه إلى وقت التعلق، و به يحرز موضوع الوجوب بضم الوجدان إلى الاستصحاب،فان كونه مال
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 26)
……….
البالغ محرز بالوجدان،و لا يكون مجنونا،بالاستصحاب،و يترتب عليه حينئذ وجوب الزكاة.
و في الصورة الثانية..فمرة:يكون تاريخ حدوث الجنون معلوما و تاريخ التعلق مجهولا.
و اخرى:بعكس ذلك.
و ثالثة:يكون تاريخ كليهما مجهولا.
فعلى الأول:لا يجري استصحاب عدم دخول وقت تعلق الزكاة في زمان حدوث الجنون تطبيقا لما تقدم من أنه لا يترتب على نفي الحصة نفي الطبيعي الجامع الذي هو الموضوع للوجوب.
و دعوى:ان هذا الاستصحاب و إن لم يجر،الاّ أنه لا مانع من استصحاب بقاء العقل إلى زمان التعلق،و يترتب عليه وجوب الزكاة.
مدفوعة بأن زمان التعلق ان لوحظ بنحو الموضوعية،بأن يكون المستصحب بقاء العقل المقيد بزمان التعلق لم تكن له حالة سابقة، لكي تستصحب،و إن لوحظ بنحو المعرفية الصرفة إلى واقع زمان التعلق فهو مردد بين زمان يكون المالك عاقلا فيه جزما،و زمان يكون مجنونا فيه كذلك،فلا شك حينئذ في بقاء شيء لكي يجري الاستصحاب،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم جريان استصحاب بقاء العقل في وقت التعلق و عدم حدوث الجنون فانه لا يعارض باستصحاب عدم دخول وقت التعلق في زمان العقل،لما مر من أنه لا يجري في نفسه لعدم أثر له الاّ بنحو مثبت.
فالنتيجة:ان المرجع في هذا الفرض هو أصالة البراءة عن وجوب الزكاة.
و على الثاني:لا مانع من استصحاب عدم حدوث الجنون إلى وقت التعلق،و يترتب عليه وجوب الزكاة،لأن موضوعه و هو مال البالغ الذي لا يكون
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 27)
……….
مجنونا محرز بضم الاستصحاب إلى الوجدان،لأن الجزء الأول محرز بالوجدان،و الثاني محرز بالتعبد الاستصحابي،و لا يجري استصحاب عدم التعلق إلى زمان حدوث الجنون بنفس ما مر من أنه استصحاب في الفرد المردد.
هذا إضافة إلى أنه لا أثر له الاّ بناء على حجية الأصل المثبت،فاذن لا معارض له.
و على الثالث:فلا يجري استصحاب عدم حدوث كل منهما في زمان الآخر في نفسه،أما لابتلائه بمانع الاستصحاب في الفرد المردد،أو لعدم الحالة السابقة له.و مع الاغماض عن ذلك،لا أثر له الا بنحو مثبت كما مر.
فالنتيجة:أن هذه المسألة تتضمن ثلاثة عناصر..
العنصر الأول:يتمثل في البلوغ و صور الشك في تحققه في زمن دخول وقت التعلق.
العنصر الثاني:يتمثل في العقل و صور الشك في حدوثه في زمن دخول الوقت.
العنصر الثالث:يتمثل في الجنون و صور الشك في حدوثه في ذلك الوقت.
و الناتج من البحوث فيها هو عدم وجوب الزكاة في كل من صور الشك في العنصر الأول و الثاني،سواء أ كان الشك في صرف وجودهما في زمان دخول الوقت،أم كان في وجودهما الخاص فيه،و أما في العنصر الثالث فإن كان الشك في حدوث الجنون بمفاد كان التامة في زمن دخول الوقت وجبت الزكاة بمقتضى استصحاب بقاء العقل فيه،بلا فرق بين أن يكون زمن دخول الوقت معلوما أو مجهولا مرددا بين زمانين،و كذلك إذا شك في حدوث وجوده الخاص في الزمن المذكور شريطة أن يكون تاريخ ذلك الزمن معلوما معينا بعين ما مر من الملاك و هو استصحاب بقاء العقل فيه و عدم حدوث الجنون، و أما في سائر صوره فلا تجب الزكاة.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 28)
المختار من عدم منع الخيار من التصرف،فلو اشترى نصابا من الغنم أو الإبل مثلا و كان للبائع الخيار جرى في الحول من حين العقد لا من حين انقضائه.
[مسألة 7:إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أزيد يعتبر بلوغ النصاب في حصة كل واحد]
[2619]مسألة 7:إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أزيد يعتبر بلوغ النصاب في حصة كل واحد،فلا تجب في النصاب الواحد إذا كان مشتركا.
[مسألة 8:لا فرق في عدم وجوب الزكاة في العين الموقوفة بين أن يكون الوقف عاما أو خاصا]
[2620]مسألة 8:لا فرق في عدم وجوب الزكاة في العين الموقوفة بين أن يكون الوقف عاما أو خاصا،و لا تجب في نماء الوقف العام(1)،و أما في نماء الوقف الخاص فتجب على كل من بلغت حصته حد النصاب.
[مسألة 9:إذا تمكن من تخليص المغصوب أو المسروق أو المحجور بالاستعانة بالغير أو البينة أو نحو ذلك بسهولة]
[2621]مسألة 9:إذا تمكن من تخليص المغصوب أو المسروق أو المحجور بالاستعانة بالغير أو البينة أو نحو ذلك بسهولة فالأحوط(2)إخراج زكاتها،و كذا لو مكّنه الغاصب من التصرف فيه مع بقاء يده عليه أو تمكن من أخذه سرقة،بل و كذا لو أمكن تخليصه ببعضه مع فرض انحصار طريق التخليص بذلك أبدا،و كذا في المرهون إن أمكنه فكه بسهولة.
في التخصيص اشكال بل منع،إذ لا فرق بين الوقف العام و الخاص، فان المعيار في ذلك هو أن الوقف إذا كان على نحو المصرف،كما إذا وقف شخص بساتينه-مثلا-على أن يصرف نماؤها على فقراء البلد،أو على ذريته لم تجب الزكاة فيه لعدم الملك،و إذا كان على نحو الملك كما إذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا لذريته أو لعلماء البلد وجبت الزكاة على حصة كل واحد منهم إذا بلغت حد النصاب.نعم،إذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للعنوان كالوقف على العلماء أو السادة أو الفقراء فلا زكاة فيه.
في الاحتياط اشكال بل منع لما مر من أن عدم المانع من التصرف عقلا و شرعا في المال البالغ حد النصاب يكون من شروط الاتصاف و الوجوب،
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 29)
[مسألة 10:إذا أمكنه استيفاء الدين بسهولة و لم يفعل لم يجب اخراج زكاته]
[2622]مسألة 10:إذا أمكنه استيفاء الدين بسهولة و لم يفعل لم يجب اخراج زكاته،بل و إن أراد المديون الوفاء و لم يستوف اختيارا مسامحة أو فرارا من الزكاة،و الفرق(1)بينه و بين ما ذكر من المغصوب و نحوه أن الملكية حاصلة في المغصوب و نحوه بخلاف الدين فإنه لا يدخل في ملكه إلا بعد قبضه.
[مسألة 11:زكاة القرض على المقترض بعد قبضه لا المقرض]
[2623]مسألة 11:زكاة القرض على المقترض بعد قبضه لا المقرض فلو اقترض نصابا من أحد الأعيان الزكوية و بقي عنده سنة وجب عليه الزكاة،نعم يصح أن يؤدي المقرض عنه تبرعا،بل يصح تبرع الأجنبي أيضا،و الأحوط الاستئذان من المقترض في التبرع عنه و إن كان الأقوى عدم اعتباره،و لو شرط في عقد القرض أن يكون زكاته على المقرض فإن قصد أن يكون خطاب الزكاة متوجها إليه لم يصح،و إن كان المقصود أن يؤدي عنه صح.
[مسألة 12:إذا نذر التصدق بالعين الزكوية]
[2624]مسألة 12:إذا نذر التصدق بالعين الزكوية فإن كان مطلقا غير موقت و لا معلقا على شرط لم تجب الزكاة فيها و إن لم تخرج عن ملكه بذلك لعدم التمكن من التصرف فيها سواء تعلق بتمام النصاب أو بعضه.نعم،لو كان النذر بعد تعلق الزكاة وجب إخراجها أولا ثم الوفاء بالنذر(2)،و إن كان موقتا ما فلا يجب عليه رفع المانع و ان تمكن منه.
لا قيمة لهذا الفرق في المقام إذ كما ان الملك من شروط الوجوب و الاتصاف كذلك التمكن من التصرف،و كما لا يكون المكلف مسئولا امام الأول حيث لا وجوب قبل تحققه حتى يكون محركا و باعثا،كذلك امام الثاني بنفس الملاك.
هذا إذا كان متعلقه كليا في الذمة،أو كليا في المعين شريطة أن لا يستوعب تمام النصاب،و أما إذا كان متعلقه عين المال الزكوي فحينئذ إن كان
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 30)
قبل الحول و و فى بالنذر فكذلك لا تجب الزكاة إذا لم يبق بعد ذلك مقدار النصاب،و كذا إذا لم يف به و قلنا بوجوب القضاء بل مطلقا لانقطاع الحول بالعصيان(1)،نعم،إذا مضى عليه الحول من حين العصيان وجبت على تعلق الزكاة بالعين على نحو الاشاعة فلا يصح نذره،لأن متعلقه مال مشترك بين الناذر و غيره،و إن كان تعلقها بها على نحو الكلي في المعين صح شريطة أن لا يكون المنذور مستوعبا لتمام النصاب،و أما إذا كان تعلقها بها على نحو الشركة في المالية بنسبة معينة تتمثل في مالية شيء خاص و إن كان خارجا عن النصاب كما في الإبل و البقر فهي لا تمنع المالك من التصرف في الزائد،بل في كل النصاب كما سوف يأتي بيانه في ضمن البحوث القادمة.
نعم،ان زكاة الغلات تختلف عن زكاة الأنعام و النقدين،فان روايات الاولى ظاهرة في أن تعلقها بها على نحو الاشاعة في العين،و أما روايات زكاة النقدين فهي ظاهرة في أن تعلقها بهما على نحو الكلي في المعين،و كذلك روايات زكاة الغنم،و أما روايات زكاة الابل و البقر فلا تكون ظاهرة في الشركة في العين على نحو الاشاعة،و لا على نحو الكلي في المعين،و أما الشركة في المالية بنسبة معينة تتمثل في مالية شيء خاص فلا بد من حملها عليها بقرينة الروايات الكثيرة التي تنص بمختلف الألسنة على ان اللّه تعالى جعل للفقراء في مال الأغنياء ما يكتفون به،و في بعضها انه تعالى اشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال،و تمام الكلام في محله،و على هذا فالنذر المتعلق بالنصاب بعد وجوب الزكاة يختلف باختلاف الأموال الزكوية فإذا كان متعلقه الإبل أو البقر فالظاهر انه صحيح و إن تعلق بتمام النصاب،لأنه لم يتعلق بالمال المشترك بين الناذر و غيره،و إذا كان الغنم أو النقدين و كان كل النصاب لم يصح لأنه تعلق بالمال المشترك.نعم،إذا كان بالزائد على مقدار الزكاة صح،و أما في الغلات فهو غير صحيح و إن كان متعلقه بعض النصاب.
فيه اشكال بل منع،فان الحول انما ينقطع بوجوب الوفاء بالنذر فعلا
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 31)
القول بعدم وجوب القضاء،و كذا إن كان موقتا بما بعد الحول فإنّ تعلق النذر به مانع عن التصرف فيه(1)،و أما إن كان معلقا على شرط فإن حصل المعلق عليه قبل تمام الحول لم تجب،و إن حصل بعده وجبت،و إن حصل مقارنا باعتبار انه مانع من التصرف في المنذور،و قد مر ان وجوب الزكاة مشروط بالتمكن من التصرف في النصاب طول الحول،و بما ان وجوب الوفاء بالنذر في أثناء الحول مانع من التصرف فيكون قاطعا للحول.نعم،بناء على عدم وجوب القضاء في المقام كما هو الصحيح يبدأ الحول بانتهاء وقت وجوب الوفاء بالنذر،و هو وقت العصيان،و على هذا فمبدأ الحول يكون مقارنا للعصيان،لا أنه قاطع للحول،فان القاطع انما هو وجوب الوفاء بالنذر،فما دام ذلك الوجوب موجودا و فعليا لا يتوفر ما هو شرط لوجوب الزكاة و اتصافها بالملاك،و انما يتوفر ذلك بعد انتهاء وجوب الوفاء بالنذر بانتهاء موضوعه و هو الوقت.
هذا مبني على أن يكون وجوب الوفاء فعليا و الواجب موقتا بوقت متأخر،و لكن الأمر ليس كذلك،فان ما هو فعلي التزام الناذر بالوفاء بالنذر في الوقت المتأخر لا وجوب الوفاء به شرعا،لأن الوقت كما انه قيد للواجب كذلك قيد للوجوب أيضا،لما ذكرناه في علم الاصول من أن قيد الواجب إذا كان غير اختياري فلا بد من أخذه قيدا للوجوب أيضا،إذ لا يمكن أن يكون الوجوب مطلقا و فعليا،و الاّ لزم أن يكون محركا للمكلف نحو الاتيان بالواجب المقيد بهذا القيد غير المقدور،و أما الالتزام بأنه مشروط به على نحو الشرط المتأخر فهو و إن كان ممكنا في عالم الاعتبار و الجعل،الاّ أنه بحاجة إلى قرينة تدل عليه، و على هذا فإذا كان النذر موقتا بما بعد الحول لم يكن مانعا منه،فإذا تم الحول وجب اخراج الزكاه،و حينئذ فان جاء وقت الوفاء بالنذر فان بقي موضوعه وجب الوفاء به،و الا ينتفى بانتفاء موضوعه،و من هنا يظهر حال ما إذا كان النذر معلقا على شرط فانه ما دام لم يتحقق شرطه فلا وجوب.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 32)
لتمام الحول ففيه إشكال(1)و وجوه ثالثها التخيير بين تقديم أيهما شاء، و رابعها القرعة.
[مسألة 13:لو استطاع الحج بالنصاب فإن تم الحول قبل سير القافلة و التمكن من الذهاب وجبت الزكاة أوّلا]
[2625]مسألة 13:لو استطاع الحج بالنصاب فإن تم الحول قبل سير القافلة و التمكن من الذهاب وجبت الزكاة أوّلا(2)،فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب و إلا فلا،و إن كان مضي الحول متأخرا عن سير القافلة وجب الحج و سقط وجوب الزكاة،نعم لو عصى و لم يحج وجبت بعد تمام
بل الظاهر انه لا اشكال في وجوب الزكاة في المسألة،لأن وجوب الوفاء بالنذر انما يصلح أن يكون مانعا عن تحقق موضوع وجوب الزكاة، و شرطه العام إذا كان في أثناء الحول،و أما إذا كان مقارنا لانتهاء الحول فلا يكون مانعا،و لا يصلح أن يكون مزاحما لوجوبها،بل لا بد من تقديم وجوب الزكاة على وجوب الوفاء بالنذر،لما ذكرناه في الاصول من أن وجوب الوفاء بالنذر أو الشرط أو العهد أو نحو ذلك من الالتزامات المفروضة من قبل نفس المكلف لا يصلح أن يزاحم وجوبا شرطه اللّه تعالى،لما ورد في لسان أدلته من:«ان شرط اللّه قبل شرطكم»و هذا يعني ان التكاليف و الالتزامات المفروضة من قبل نفس المكلف لا تصلح أن تزاحم التكاليف و الالتزامات المفروضة من قبل اللّه تعالى.
و نتيجة ذلك:ان وجوب الوفاء بالنذر مقيد بعدم وجوب الزكاة لا بعدم الاشتغال بمتعلقه لبا،فيكون صرف وجوبها رافعا لوجوب الوفاء به و واردا عليه.
هذا فيما إذا لم يوجب اخراج الزكاة هدم الاستطاعة،و الاّ سقط وجوبها بسقوط شرطه و هو التمكن من التصرف فيه،و حيث ان وجوب الحج متحقق من حين تحقق الاستطاعة كما هو الصحيح فيكون مانعا من التصرف باعتبار لزوم الحفاظ على الاستطاعة و عدم جواز تفويتها لتمامية ملاك وجوب الحج من هذه الناحية،فلا يجوز تفويته،فإذا استطاع المكلف بالنصاب أثناء الحول تحقق وجوب الحج فعلا كما هو مقتضى ظاهر الآية الشريفة و الروايات
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 33)
الحول(1)،و لو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول وجب الزكاة أوّلا لتعلقها بالعين بخلاف الحج.
مشروطا بشرط متأخر و هو مجيء يوم عرفة،و قد ذكرنا في علم الاصول أنه لا مانع من الالتزام بالشرط المتأخر بالنسبة إلى الحكم في مرحلة الجعل و الاعتبار.
نعم،لا يمكن الالتزام به بالنسبة إلى اتصاف المتعلق بالملاك في مرحلة المبادي،فيوم عرفة شرط لوجوب الحج على نحو الشرط المتأخر لا لاتصافه بالملاك،و لكن فعلية وجوبه و كون المكلف مسئولا أمام تهيئة تمام مقدماته للوصول إلى الميقات و اهتمام الشارع بانجازه و الاتيان به بلسان ان تاركه يموت يهوديا أو نصرانيا تكشف عن ان ملاكه تام في وقته على نحو يجب على المكلف تحصيل القدرة عليه و الحفاظ بها قبل دخوله،و على هذا فلا يجوز التصرف في النصاب على نحو يؤدي إلى هدم الاستطاعة و تفويتها و لو كان ذلك باخراج الزكاة منه.
و إن شئت قلت:ان المعيار انما هو بحصول الاستطاعة بالنصاب قبل تمام الحول فان حصلت وجب التحفظ عليها و سقط وجوب الزكاة بسقوط شرطه، و لا أثر حينئذ لكون سير القافلة قبل تمامية الحول أو بعدها أو مقارنا لها،فانه على جميع التقادير يجب على المستطيع أن يحافظ على استطاعته و يحرم عليه تفويتها،و مع هذا لا يتمكن من التصرف فيه بما ينافي استطاعته.
هذا انما يتم إذا كان بين وجوب الحج و وجوب الزكاة تزاحم، و حينئذ بما ان الأول أهم من الثاني جزما أو احتمالا قدم عليه،و لكن إذا عصى المكلف و ترك الأول فلا مانع من وجوب الثاني على القول بامكان الترتب،و أما بناء على ما مر من أن وجوب الحج لدى تحقق الاستطاعة بما انه فعلي فهو يقتضى التحفظ عليها و يمنع المالك المستطيع من أن يتصرف في النصاب بما ينافي استطاعته و يؤدي إلى تفويتها،فإذا كان ممنوعا من التصرف فيه سقط وجوب الزكاة بسقوط موضوعه و هو التمكن من التصرف،فيكون صرف
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 34)
[مسألة 14:لو مضت سنتان أو أزيد على ما لم يتمكن من التصرف فيه]
[2626]مسألة 14:لو مضت سنتان أو أزيد على ما لم يتمكن من التصرف فيه بأن كان مدفونا و لم يعرف مكانه أو غائبا أو نحو ذلك(1)ثم تمكن منه استحب زكاته لسنة،بل يقوى(2)استحبابها بمضي سنة واحدة أيضا.
[مسألة 15:إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو بعد مضي الحول متمكنا فقد استقر الوجوب]
[2627]مسألة 15:إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو بعد مضي الحول متمكنا فقد استقر الوجوب فيجب الأداء إذا تمكن بعد ذلك،و إلا فإن كان مقصرا يكون ضامنا،و إلا فلا.
[مسألة 16:الكافر تجب عليه الزكاة لكن لا تصح منه إذا أداها]
[2628]مسألة 16:الكافر تجب عليه الزكاة لكن لا تصح منه إذا أداها(3).
وجوب التحفظ بها رافعا لوجوبها برفع موضوعه،و الفرض أنه لا يسقط بتأخير الحج عن السنة الاولى و تركه فيها عالما ملتفتا إلى الحكم الشرعي،بل يجب عليه ذلك في السنة القادمة أيضا،و عليه فلا فرق بين السنة الاولى و الثانية،كما انه لا فرق بين القول بفورية وجوب الحج كما هو المشهور و القول بعدم فورية وجوبه كما هو غير بعيد،فانه على كلا القولين لا يسقط وجوب التحفظ على الاستطاعة و عدم جواز تفويتها بتأخير الحج عن السنة الاولى،غاية الأمر انه آثم على القول الأول دون الثاني.
في ثبوت الاستحباب في غير مورد النص اشكال بل منع،لأن مورد النص هو المال المدفون،و المال الذي يغيب عن مالكه،و التعدي عنه إلى سائر الموارد بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه لا في نفس النص و لا من الخارج.
في القوة اشكال بل منع،لأن مورد النص في الأول مضي ثلاث سنوات،و في الثاني خمس سنوات،و التعدي عنه إلى مضي سنة واحدة بحاجة إلى دليل.
على الأحوط،و قد مر في كتاب الصوم ان اثبات مانعية الكفر عن صحة العبادة في غاية الاشكال،فمن أجل ذلك تكون المسألة مبنية على الاحتياط.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 35)
نعم للإمام عليه السّلام أو نائبه أخذها منه قهرا،و لو كان قد أتلفها فله أخذ عوضها منه.
[مسألة 17:لو أسلم الكافر بعد ما وجبت عليه الزكاة سقطت عنه و إن كانت العين موجودة]
[2629]مسألة 17:لو أسلم الكافر بعد ما وجبت عليه الزكاة سقطت عنه و إن كانت العين موجودة،فإن الإسلام يجبّ ما قبله(1).
[مسألة 18:إذا اشترى المسلم من الكافر تمام النصاب بعد تعلق الزكاة وجب عليه إخراجها]
[2630]مسألة 18:إذا اشترى المسلم من الكافر تمام النصاب بعد تعلق الزكاة وجب عليه إخراجها.
هذا ليس من أجل ذلك النص،فانه و إن كان مشهورا الاّ أنه ساقط سندا،بل من أجل ان ذلك المضمون ثابت في الشريعة المقدسة بالبناء القطعي من النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله في طول بعثته،فانه لم ينقل منه صلّى اللّه عليه و آله و لو في مورد واحد أنه أمر الكافر بعد اسلامه بقضاء العبادات التي منها الزكاة،فلو كان قضاؤها واجبا عليه بعد الإسلام لشاع بين المسلمين.
ثم ان مضمون ذلك الحديث بمناسبة الحكم و الموضوع مختص بالأحكام الابتدائية المجعولة في الشريعة المقدسة و لا يعم الأحكام العقلائية الامضائية،على أساس ان ثبوت هذا الحكم منوط بتوفر أمرين..
أحدهما:أن يكون في الجب امتنان على الأمة.
و الآخر:أن يكون الحكم مرتبطا بالاسلام حتى يكون نفيه بيده.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 36)
[فصل في الأجناس التي تتعلق بها الزكاة]
فصل في الأجناس التي تتعلق بها الزكاة تجب في تسعة أشياء:الأنعام الثلاثة،و هي الإبل و البقر و الغنم، و النقدين و هما الذهب و الفضة،و الغلات الأربع و هي الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب،و لا تجب فيما عدا ذلك على الأصح.
نعم،يستحب إخراجها من أربعة أنواع اخر..
أحدها:الحبوب مما يكال أو يوزن كالأرز و الحمّص و الماش و العدس و نحوها،و كذا الثمار كالتفاح و المشمش و نحوهما دون الخضر و البقول كالقتّ و الباذنجان و الخيار و البطيخ و نحوها.
الثاني:مال التجارة على الأصح.
الثالث:الخيل الإناث دون الذكور و دون البغال و الحمير و الرقيق.
الرابع:الأملاك و العقارات التي يراد منها الاستنماء كالبستان و الخان و الدكان و نحوها(1).
[مسألة 1:لو تولد حيوان بين حيوانين يلاحظ فيه الاسم في تحقق الزكاة و عدمها]
[2631]مسألة 1:لو تولد حيوان بين حيوانين يلاحظ فيه الاسم في تحقق الزكاة و عدمها،سواء كانا زكويين أو غير زكويين أو مختلفين،بل سواء كانا محللين أو محرمين أو مختلفين مع فرض تحقق الاسم حقيقة لا أن يكون بمجرد الصورة،و لا يبعد ذلك فإن اللّه قادر على كل شيء.
على الأحوط الأولى،إذ لا دليل على استحباب الزكاة فيها،و أما الروايات التي تنص على ثبوت الزكاة في أموال التجارة فلا تشمل الانتفاع و الاستنماء منها لأنها غير داخلة في أموال التجارة.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 37)
[فصل في زكاة الأنعام الثلاثة]
فصل في زكاة الأنعام الثلاثة و يشترط في وجوب الزكاة فيها مضافا إلى ما مرّ من الشرائط العامة امور..
[الأول:النصاب]
الأول:النصاب،و هو في الإبل اثنا عشر نصابا..
الأول:الخمس،و فيها شاة.
الثاني:العشر،و فيها شاتان.
الثالث:خمسة عشر،و فيها ثلاث شياه.
الرابع:العشرون،و فيها أربع شياه.
الخامس:خمس و عشرون،و فيها خمس شياه.
السادس:ست و عشرون،و فيها بنت مخاض و هي الداخلة في السنة الثانية.
السابع:ست و ثلاثون،و فيها بنت لبون و هي الداخلة في السنة الثالثة.
الثامن:ست و أربعون،و فيها حقة و هي الداخلة في السنة الرابعة.
التاسع:إحدى و ستون،و فيها جذعة و هي التي دخلت في السنة الخامسة.
العاشر:ست و سبعون،و فيها بنتا لبون.
الحادي عشر:إحدى و تسعون،و فيها حقتان.
الثاني عشر:مائة و إحدى و عشرون،و فيها في كل خمسين حقة،و في
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 38)
كل أربعين بنت لبون بمعنى أنه يجوز أن يحسب أربعين أربعين و في كل منها بنت لبون،أو خمسين خمسين و في كل منها حقة،و يتخير بينهما مع المطابقة لكل منهما أو مع عدم المطابقة لشيء منهما،و مع المطابقة لأحدهما الأحوط(1)مراعاتها،
بل الأقوى ذلك لأن المتفاهم العرفي من قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة و غيرها:«فإن زادت على العشرين و المائة واحدة ففي كل خمسين حقة،و في كل أربعين ابنة لبون» 1الضابط العام،و هو ان الابل إذا كثرت و تجاوزت عن المائة و العشرين فلها نصابان..
أحدهما:بعدد خمسين خمسين و زكاته حقة.
و الآخر:بعدد أربعين أربعين و زكاته ابنة لبون.و قوله عليه السّلام في الصحيحة:
«فان زادت على العشرين و المائة واحدة…» 2بيان أدنى مرتبة من مراتب الضابط العام لهذا النصاب،و لا موضوعية للزيادة الواحدة،و يدل على ذلك اطلاق قوله عليه السّلام في ذيل صحيحتي أبي بصير و عبد الرحمن بن الحجاج:«فإذا كثرت الابل ففي كل خمسين حقة» 3.
ثم ان جعل النصابين المتفاوتين للزائد على المائة و العشرين من الابل لا يمكن أن يكون جزافا،فلا محالة يكون مبنيا على نكتة تبرر ذلك،و تلك النكتة ليست الا اهتمام المولى بحقوق الفقراء و عدم ورود النقص عليها و لو نسبيا، و من هنا يظهر انه لا يمكن حمل الروايات على التخيير باعتبار ان فيه رعاية لحال المالك دون الفقراء،و هذا لا ينسجم مع تشريع الزكاة.
و على هذا الأساس،فإذا كثر عدد الإبل لدى المالك و بلغ عددا يكون كل
1) <page number=”38″ />الوسائل باب:2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
2) الوسائل باب:2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
3) الوسائل باب:2 من ابواب زكاة الأنعام الحديث:2 و 4.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 39)
……….
من النصابين عادا له كمائتين-مثلا-فله الخيار أن يحسب العدد بكل خمسين خمسين فيخرج أربع حقق أو يحسب بكل أربعين أربعين فيخرج خمس بنات لبون،و إن لم يكن كل منهما عادا له تعين الأخذ بما هو عاد للجميع دون الآخر، و الا تعين الأخذ بما هو أكثر عادا و استيعابا،و تؤكد ذلك امور..
الأول:ان الزكاة تزيد بزيادة المال على نسبة معينة.
الثاني:ان مقدار الزكاة المجعولة في كل أربعين أقل من مقدارها في كل خمسين،و في هذا رعاية لحق الفقراء و تأكيد له،فاذن لا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار في مقام التطبيق.
الثالث:إذا زاد عدد الابل على المائة و العشرين واحدة و حينئذ فان اختار تطبيق نصاب خمسين خمسين عليها لزم عدم الفرق بينه و بين النصاب في المرتبة السابقة،مع ان مقتضى جعل النصاب لمرتبة أعلى انه لا يشترك مع النصاب في المرتبة دونها،و هذا لا ينسجم مع زيادة حق الفقراء كل ما زاد المال، و لا يمكن أن تكون الزكاة ذلك العدد الجامع بين حقتين و ثلاث بنات لبون،و الاّ لزم كون التخيير بينهما من التخيير بين الأقل و الأكثر،و نتيجة ذلك ان عدد الابل إذا بلغ مأئة و خمسين تعلقت الزكاة بالمجموع،و هي ثلاث حقق لكل خمسين حقه،دون الجامع بينها و بين ثلاث بنات لبون،و الاّ لكان لازمه التخيير بين الأقل و الأكثر.كما ان الزكاة المجعولة للمائة و الواحدة و العشرين و ما زاد ثلاث بنات لبون لا الجامع بينها و بين حقتين،و الاّ لكان من التخيير بين الأقل و الأكثر،و إذا بلغ عدد الابل مأئة و ستين فزكاته أربع بنات لبون لا ثلاث حقق و لا الجامع بينهما.نعم،إذا بلغ عدد الإبل مأتين فالمالك مخير بين اخراج أربع حقق بحساب خمسين خمسين،و اخراج خمس بنات لبون بحساب أربعين أربعين، لأن الزكاة المجعولة لذلك العدد هو الجامع بينهما باعتبار انه لا تفاوت لإحداهما على الاخرى في المالية،فالمالك مخير بينهما في مقام العمل و التطبيق.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 40)
……….
فالنتيجة:ان هاهنا ثلاث صور..
الاولى:أن يكون كل من الخمسين و الأربعين عادا للجميع.
الثانية:أن يكون أحدهما المعين عادا له دون الآخر.
الثالثة:أن يكون أحدهما أكثر عادا و استيعابا من الآخر.
و في الصورة الاولى يكون المالك مخيرا بينهما في مقام التطبيق.و في الثانية يتعين الأخذ بالعاد.و في الثالثة يتعين الأخذ بما هو أكثر استيعابا.
و أما اقتصار صحيحة أبي بصير و ابن الحجاج على الخمسين فقط للزائد على المائة و العشرين فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها و تقييده بصحيحة زرارة الناصة في جعل النصابين للزائد عليهما،أحدهما الخمسون،و الآخر الأربعون.
و دعوى:ان مقتضاهما تعين تطبيق الخمسين على المائة و الواحدة و العشرين باعتبار أن موردهما ذلك.
مدفوعة:بأن لسانهما غير لسان صحيحة زرارة،فان الوارد فيهما قوله عليه السّلام:«فإذا كثرت الابل ففي كل خمسين حقة» 1و هو جامع بين عدد المائة و الواحدة و العشرين و ما فوق نصا،و الوارد في الصحيحة قوله عليه السّلام:«فان زادت على العشرين و المائة واحدة…» 2فانه ليس نصا في الجامع الاّ أن تكون الواحدة ملحوظة لا بشرط كما هو الظاهر.هذا اضافة إلى أن الصحيحتين تدلان على نفي نصاب آخر و هو عدد الأربعين بالاطلاق الناشي من السكوت في مقام البيان، و من المعلوم ان هذا الاطلاق لا يصلح أن يعارض صحيحة زرارة الناصة على جعل نصابين للزائد على العشرين و المائة.
فالنتيجة:بعد هذا التقييد انه لا معارض لما ذكرناه من تعين الأخذ بما هو عاد للجميع،أو بما هو أكثر استيعابا من الآخر.
1) <page number=”40″ />الوسائل باب:2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:2.
2) الوسائل باب:2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 41)
بل الأحوط(1)مراعاة الأقل عفوا،ففي المائتين يتخير بينهما لتحقق المطابقة لكل منهما،و في المائة و خمسين الأحوط(2)اختيار الخمسين،و في المائتين و أربعين الأحوط اختيار الأربعين،و في المائتين و ستين يكون الخمسون أقل عفوا،و في المائة و أربعين يكون الأربعون أقل عفوا.
[مسألة 1:في النصاب السادس إذا لم يكن عنده بنت مخاض يجزئ عنها ابن اللبون]
[2632]مسألة 1:في النصاب السادس إذا لم يكن عنده بنت مخاض يجزئ عنها ابن اللبون،بل لا يبعد(3)إجزاؤه عنها اختيارا أيضا،و إذا لم يكونا معا عنده تخير في شراء أيهما شاء.
و أما في البقر فنصابان..
الأول:ثلاثون،و فيها تبيع أو تبيعة(4)و هو ما دخل في السنة الثانية.
الثاني:أربعون،و فيها مسنة و هي الداخلة في السنة الثالثة،و فيما زاد
بل هو الأقوى كما مر.
بل هو الأقوى كما عرفت،و به يظهر حال ما بعده.
بل هو بعيد،فان صحيحتي زرارة و أبي بصير تنصان على ان اجزاء ابن لبون انما هو فيما إذا لم يكن عنده بنت مخاض،و الاّ فلا يجزئ لأن قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس و ثلاثين،فان لم يكن عنده ابنة مخاض فابن لبون ذكر» 1ناص في ذلك،و مثله قوله عليه السّلام في صحيحة أبي بصير.
فالنتيجة:ان إجزاء ابن لبون عن ابنة مخاض مشروط بعدم التمكن منها، و بهما نقيد اطلاق سائر الروايات المقتضي لعدم وجوب ابن لبون إذا لم يكن عنده بنت مخاض.
في التخيير اشكال بل منع،و الأقوى اختيار التبيع و تنص عليه
1) <page number=”41″ />الوسائل باب:2 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 42)
يتخير(1)بين عدّ ثلاثين ثلاثين و يعطي تبيعا أو تبيعة،و أربعين أربعين و يعطي مسنة.
و أما في الغنم فخمسة نصب..
الأول:أربعون،و فيها شاة.
الثاني:مائة و إحدى و عشرون،و فيها شاتان.
الثالث:مائتان و واحدة،و فيها ثلاث شياه.
الرابع:ثلاثمائة و واحدة،و فيها أربع شياه.
الخامس:أربعمائة فما زاد،ففي كل مائة شاة(2).
و ما بين النصابين في الجميع عفو،فلا يجب فيه غير ما وجب بالنصاب السابق.
صحيحة الفضلاء،و لا دليل على التخيير بينه و بين التبيعة و إن كان مشهورا.
في اطلاقه اشكال بل منع،و الصحيح فيه ما مر في نصاب الإبل من إن كل من النصابين إذا كان عادا للجميع كالمائة و العشرين تخير بين العدّ بثلاثين ثلاثين و العدّ بأربعين أربعين و إن كان أحدهما عادا دون الآخر تعين الأخذ بالعاد،و الاّ تعين الأخذ بالأكثر عادا و استيعابا.
هذا هو المشهور بين الأصحاب،و تنص على ذلك صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام في الشاة:«في كل أربعين شاة شاة،و ليس فيما دون الأربعين شيء،ثم ليس فيها حتى تبلغ عشرين و مأئة،فإذا بلغت عشرين و مأئة ففيها مثل ذلك شاة واحدة،فإذا زادت على مأئة و عشرين ففيها شاتان، و ليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مأتين،فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه،ثم ليس فيها شيء أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة،فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه،فإذا
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 43)
[2633]مسألة 2:البقر و الجاموس جنس واحد،كما أنه لا فرق في الإبل بين العراب و البخاتي،و في الغنم بين المعز و الشاة و الضأن،و كذا لا فرق بين الذكر و الانثى في الكل.
زادت واحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة،فإذا تمت أربعمائة كان على كل مأئة شاة و سقط الأمر الأول،و ليس على ما دون المائة بعد ذلك شيء…
فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على هذا القول.و في مقابله قول آخر و هو اسقط النصاب الرابع و الغاه من الحساب،و قد اختاره جماعة و استدلوا عليه بصحيحة محمد بن قيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ليس في ما دون الأربعين من الغنم شيء،فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين و مأئة،فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين،فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة،فإذا كثرت الغنم ففي كل مأئة شاة» 2.
بتقريب أنها تدل على الغاء النصاب الرابع و هو ما إذا زادت على ثلاثمائة واحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة،من جهة أنها تنص على ان الغنم إذا كثرت و تجاوزت ثلاثمائة و بلغت أربعمائة فما زاد ففي كل مأئة شاة،فاذن تقع المعارضة بينها و بين الصحيحة المتقدمة فان هذه الصحيحة تدل على الغاء النصاب الرابع،و الصحيحة المتقدمة تدل على ثبوته،فمن أجل ذلك تحمل هذه الصحيحة على التقية باعتبار أنها موافقة للعامة،هذا.
و الصحيح انه لا معارضة بينهما بنكتة ان الصحيحة الاولى تنص على النصاب الرابع كغيره من أقسام النصاب،و أما هذه الصحيحة فهي تدل على الغاء هذا النصاب بالاطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان.و من المعلوم ان هذا
1) <page number=”43″ />الوسائل باب:6 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
2) الوسائل باب:6 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:2.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 44)
[2634]مسألة 3:في المال المشترك إذا بلغ نصيب كل منهم النصاب وجبت عليهم،و إن بلغ نصيب بعضهم وجبت عليه فقط،و إن كان المجموع نصابا و كان نصيب كل منهم أقل لم يجب على واحد منهم.
[مسألة 4:إذا كان مال المالك الواحد متفرقا و لو متباعدا يلاحظ المجموع]
[2635]مسألة 4:إذا كان مال المالك الواحد متفرقا و لو متباعدا يلاحظ المجموع،فإذا كان بقدر النصاب وجبت،و لا يلاحظ كل واحد على حدة.
[مسألة 5:أقل أسنان الشاة التي تؤخذ في الغنم و الإبل من الضأن الجذع]
[2636]مسألة 5:أقل أسنان الشاة التي تؤخذ في الغنم و الإبل من الضأن الجذع،و من المعز الثنيّ(1)،و الأول ما كمل له سنة واحدة و دخل في الثانية، و الثاني ما كمل له سنتان و دخل في الثالثة،و لا يتعين(2)عليه أن يدفع الزكاة من النصاب بل له أن يدفع شاة اخرى سواء كانت من ذلك البلد أو غيره و إن كانت أدون قيمة من أفراد ما في النصاب،و كذا الحال في الإبل و البقر،فالمدار في الجميع الفرد الوسط من المسمى لا الأعلى و لا الأدنى(3)،و إن كان لو الاطلاق لا يصح أن يعارض نص الصحيحة الاولى،فلا بد من تقييد اطلاقها بها.
فالنتيجة انه لا معارضة بينهما لكي يرجع إلى مرجحات بابها.
هذا التحديد و إن كان مشهورا إلا أنه لا دليل عليه،فالأظهر ان المعيار انما هو بصدق الشاة تطبيقا لإطلاق روايات المسألة.
نعم،قد ورد اعتبار هذا التحديد في الهدي في صحيحتي عبد اللّه بن سنان و حماد دون المقام.
بل لا يبعد التعين لأن الظاهر من الروايات التي تنص على ان زكاة أربعين شاة شاة واحدة،و زكاة ماءة واحدى و عشرين شاة شاتان و هكذا هو أن الزكاة جزء من ذلك بنحو الكلي في المعين،فاذن الاكتفاء بشاة اخرى خارجة عن النصاب عوضا عن الزكاة فيه بحاجة إلى دليل.
الظاهر كفاية الفرد الأدنى شريطة صدق اسم الشاة،أو التبيع،أو
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 45)
تطوع بالعالي أو الأعلى كان أحسن و زاد خيرا،و الخيار للمالك لا الساعي أو الفقير فليس لهما الاقتراح عليه،بل يجوز للمالك أن يخرج من غير جنس الفريضة بالقيمة السوقية من النقدين أو غيرهما(1)،و إن كان الإخراج من العين أفضل.
[مسألة 6:المدار في القيمة على وقت الأداء]
[2637]مسألة 6:المدار في القيمة على وقت الأداء سواء كانت العين المسنة،أو ابنة مخاض،أو ابنة لبون،أو حقة،أو جذعة عليه على أساس ان مقتضى اطلاق الروايات التي تتمثل تلك العناوين باسم الزكاة،ان العبرة انما هي بصدقها حيث ليس في تلك الروايات ما يؤكد على ان المالية فيها ملحوظة بنسبة معينة.
نعم،ظاهر الروايات التي تتمثل زكاة الغنم ان نسبتها إليه نسبة الكلي في المعين،لا نسبة معينة من المال،فاذن المعيار انما هو بصدق الكلي و هو يصدق على أدنى فرده.و أما الروايات التي تتمثل زكاة الإبل و البقر فهي لا تدل على ذلك أيضا،فمن أجل ذلك يكفى اخراج أدنى فرد من أفراد الشياه،أو التبيع،أو المسنة،أو ابنة مخاض،أو نحوها شريطة صدق الاسم عليها.
نعم،ان المالية فيها ملحوظة في الجملة بلحاظ مراتب النصاب دون كل مرتبة.
في كفاية ذلك اشكال بل منع،لأن إجزاء غير الواجب عن الواجب بحاجة إلى دليل،و لا فرق فيه بين أنواع الأموال الزكوية،إذ مقتضى الأدلة ان الواجب على المالك اخراج الزكاة من كل جنس من جنسه المحدد له،و أما الاكتفاء بالبدل و هو القيمة من غير الجنس فهو بحاجة إلى دليل،و قد دل الدليل على ذلك إذا كان البدل من النقدين كصحيحة على ابن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال:«سألته عن الرجل يعطي عن زكاته عن الدراهم دنانير،و عن الدنانير دراهم بالقيمة،أ يحل ذلك؟قال:لا بأس به» 1.
1) <page number=”45″ />الوسائل باب:14 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:2.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 46)
موجودة أو تالفة(1)لا وقت الوجوب،ثم المدار على قيمة بلد الإخراج إن كانت العين تالفة،و إن كانت موجودة فالظاهر أن المدار على قيمة البلد الذي هي فيه.
بتقريب ان موردها و إن كانت زكاة الدراهم و الدنانير،الا ان العرف بمناسبة الحكم و الموضوع لا يفهم خصوصية لهما،فإذا جاز اعطاء زكاة الدراهم دنانير و بالعكس جاز إعطاء زكاة غيرهما أيضا بالدراهم أو الدنانير.
نعم،لا يمكن التعدي إلى كفاية اعطاء القيمة مطلقا.
و أما صحيحة البرقي قال:«كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام:هل يجوز ان أخرج عما يجب في الحرث من الحنطة أو الشعير،و ما يجب على الذهب دراهم قيمته ما يسوى،أم لا يجوز الاّ أن يخرج من كل شيء ما فيه؟فأجاب:
أيّما تيسر يخرج» 1فهي لا تدل على كفاية اعطاء الزكاة من جنس آخر عوضا عنها مطلقا و إن كان من غير النقدين،بل الظاهر من قوله عليه السّلام:«أيّما تيسّر يخرج» تيسر الأمرين المذكورين في السؤال و هما اخراج القيمة المتمثلة في الدراهم فقط،و اخراج الزكاة عن جنس ما فيه،فلا اطلاق له،و لا أقل من الاجمال.
فالنتيجة:ان الواجب اخراج زكاة كل شيء من جنسه،و لا يجوز اخراجها من جنس آخر عوضا عنها الاّ إذا كان ذلك الجنس من النقدين.
في اطلاقه اشكال بل منع،فانه إذا تلفت العين و كان تلفها موجبا للضمان فالمعيار انما هو بقيمة يوم التلف،حيث انه يوم اشتغال العهدة بالمثل أو القيمة بلا فرق في ذلك بين حالتي الافراز و عدمه،كما ان المعيار في الضمان ضمان قيمة بلد العين التالفة لا بلد الأداء.
نعم،إذا كانت العين موجودة في بلد فالعبرة انما هي بقيمتها فيه وقت الأداء.
1) <page number=”46″ />الوسائل باب:14 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 47)
[2638]مسألة 7:إذا كان جميع النصاب في الغنم من الذكور يجوز(1)دفع الانثى و بالعكس،كما أنه إذا كان الجميع من المعز يجوز أن يدفع من
في الجواز اشكال و لا يبعد عدمه الاّ أن يكون ذلك باذن الحاكم الشرعي،لما مر من ان الظاهر من الروايات ان الزكاة جزء من النصاب فإذا كان النصاب كله ذكرا في الخارج فالزكاة جزء من أجزائه،و إذا كان كله معزا فالزكاة جزء منه،و إذا كان كله ضأنا فالزكاة جزء من و هكذا،و على هذا فاعطاء الضأن بدل المعز و بالعكس،أو الانثى بدل الذكر و بالعكس فبما انه نوع معاوضة و تبديل فيحتاج إلى امضاء من بيده الأمر و هو الفقيه الجامع للشرائط.
و دعوى:ان الضأن و المعز جنس واحد و كذلك الذكر و الانثى من كل منهما،و عليه فاجزاء اعطاء كل منهما عن الآخر يكون على القاعدة.
مدفوعة:بأنها مبنية على تعلق الزكاة بمالية ذلك الجنس بنسبة معينة من دون خصوصية للأفراد.و لكن قد مر أن الأمر ليس كذلك و ان الزكاة المتعلقة بالغنم في مثل قوله عليه السّلام:«في كل أربعين شاة…» 1تنحل بانحلال أفراده في الخارج،فكل فرد بلغ النصاب كانت زكاته جزءا من ذلك الفرد،فاذن اعطاؤه من فرد آخر عوضا عنه بحاجة إلى إمضاء ذلك،و من هذا القبيل الجاموس و البقر فانهما و إن كانا من جنس واحد،الاّ ان الزكاة مرتبطة بالمال البالغ حد النصاب في الخارج،فإذا كان ذلك المال من أحد فردي ذلك الجنس كالبقر مثلا فالزكاة في النصاب الأول تبيع من هذا الفرد،و اعطاء التبيع من فرد آخر منه و هو الجاموس بما انه تبديل فهو بحاجة إلى اذن من له ولاية عليه و به يظهر حال الابل.
نعم،تختلف زكاة الغنم عن زكاة البقر و الجاموس و الإبل في نقطة و هي ان زكاة الغنم جزء واحد من آحاد النصاب على نحو الكلي في المعين تطبيقا لما
1) <page number=”47″ />الوسائل باب:6 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 48)
الضأن و بالعكس و إن اختلفت في القيمة،و كذا مع الاختلاف يجوز الدفع من أيّ الصنفين شاء،كما أن في البقر يجوز أن يدفع الجاموس عن البقر و بالعكس،و كذا في الإبل يجوز دفع البخاتي عن العراب و بالعكس تساوت في القيمة أو اختلفت.
[مسألة 8:لا فرق بين الصحيح و المريض و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في الدخول في النصاب و العدّ منه]
[2639]مسألة 8:لا فرق بين الصحيح و المريض و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في الدخول في النصاب و العدّ منه،لكن إذا كانت كلها صحاحا لا يجوز دفع المريض،و كذا لو كانت كلها سليمة لا يجوز دفع المعيب،و لو كانت كل منها شابا لا يجوز دفع الهرم،بل مع الاختلاف أيضا الأحوط(1)إخراج الصحيح من غير ملاحظة التقسيط،نعم لو كانت كلها مراضا أو معيبة أو هرمة مر من ظهور رواياتها في ذلك.و أما زكاة البقر و الجاموس فبما أنها معنونة في النصاب الأول بعنوان التبيع،و في الثاني بعنوان المسنة فلا تكون رواياتها ظاهرة في أنها واحد من آحاد النصاب،إذ قد لا يكون النصاب مشتملا على التبيع أو المسنة،و كذلك الحال في الإبل،و نتيجة ذلك ان المالك مخير بين اعطاء التبيع زكاة في نصاب البقر من نفس النصاب أو من الخارج شريطة أن يكون من صنف النصاب لا من صنف آخر كالجاموس لفرض انه زكاة ذلك الصنف دون غيره،و ظاهر الروايات ان زكاة كل صنف لا بد أن تخرج من ذلك الصنف الاّ ما خرج بالدليل كما في زكاة الإبل.
لكن الأقوى جواز اخراج المعيب أو المريض في زكاة الغنم إذا كان النصاب مشتملا عليه لأن زكاته واحد من آحاد النصاب على نحو الكلي في المعين،و يجب على المالك اخراج ذلك من النصاب مخيرا في تطبيقه على أي فرد منها شاء و إن كان ذلك الفرد معيبا أو مريضا لإطلاق روايات الباب من هذه الناحية و عدم التقييد بالفرد الصحيح،و أما في زكاة البقر فالواجب هو اخراج التبيع في النصاب الأول و المسنة في النصاب الثاني،و مقتضى اطلاق الروايات
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 49)
يجوز الإخراج منها.
[الشرط الثاني:السوم طول الحول]
الشرط الثاني:السوم طول الحول،فلو كانت معلوفة و لو في بعض الحول لم تجب فيها و لو كان شهرا بل اسبوعا.
نعم،لا يقدح في صدق كونها سائمة في تمام الحول عرفا علفها يوما أو يومين،و لا فرق في منع العلف عن وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار أو بالاضطرار لمنع مانع من السوم من ثلج أو مطر أو ظالم غاصب أو نحو ذلك، و لا بين أن يكون العلف من مال المالك أو غيره بإذنه أو لا بإذنه،فإنها تخرج بذلك كله عن السوم،و كذا لا فرق بين أن يكون ذلك بإطعامها لعلف المجزوز أو بإرسالها لترعى بنفسها في الزرع المملوك،نعم لا تخرج عن صدق السوم باستئجار المرعى أو بشرائه(1)إذا لم يكن مزروعا،كما أنها لا تخرج عنه بمصانعة الظالم على الرعي في الأرض المباحة.
جواز اخراج ذلك و إن كان مريضا أو معيبا أو هرما شريطة صدق هذا العنوان، و لا فرق فيه بين أن يكون النصاب مشتملا على ذلك أو لا،و من هنا يظهر حال زكاة الابل.
الظاهر ان هذا هو الصحيح،إذ مجرد استئجار المرعى أو شرائه لا ينافي صدق السوم و الرعي.
و دعوى:ان العلف إذا كان مملوكا كان موجبا للخروج عن صدق السوم.
مدفوعة:بأن مجرد كون العلف مملوكا لا يكفى في الخروج عن صدق السوم ما لم تكن هناك ملابسات اخرى كبذل الجهد و العمل في سبيل احياء المرعى للأنعام و ازدهاره بالأشجار و الأخشاب و الكلاء بغرض رعيها فيه،فانه إذا كانت هناك تلك الملابسات لم يبعد صدق المعلوفة عليها على أساس ان تربية الأنعام حينئذ مستندة إلى بذل جهده و قيامه بالأعمال الاستثمارية و الانتفاعية لها،و أما إذا كانت مرسلة إلى مرعاها و كان رعيها من الثروات
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 50)
[الشرط الثالث:أن لا يكون عوامل]
الشرط الثالث:أن لا يكون عوامل و لو في بعض الحول بحيث لا يصدق عليها أنها ساكنة فارغة عن العمل طول الحول،و لا يضر إعمالها يوما أو يومين في السنة كما مر في السوم.
[الشرط الرابع:مضي الحول عليها جامعة للشرائط]
الشرط الرابع:مضي الحول عليها جامعة للشرائط،و يكفي الدخول في الشهر الثاني عشر(1)فلا يعتبر تمامه فبالدخول فيه يتحقق الوجوب، الطبيعية و لا تكون مستندة إليه فهي سائمة و إن كان المرعى له استئجارا أو شراء.
و تنص على ذلك صحيحة زرارة قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبها شيء؟فقال:لا،ليس على ما يعلف شيء،انما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل،فأما ما سوى ذلك فليس فيه شيء…» 1فانها تدل على ان وجوب الزكاة مشروط بأمرين..
أحدهما:أن تكون مرسلة في مرعاها و مطلقة فيه.
و الآخر:أن تكون ذلك في طول العام،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون المرعى مستأجرا أو مشترى أو مباحا،و بذلك يظهر حال أن لا تكون من العوامل فان المعيار فيه عدم صدق هذا العنوان عليه طول السنة.
هذا هو الصحيح لنص قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة و محمد بن مسلم:
«إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول و وجبت عليه فيها الزكاة…» 2
فانه يحدّد الحول و يبين المراد منه في الروايات و يؤكد ان الحول يتم بدخول الشهر الثاني عشر،و عليه فتكون الصحيحة حاكمة على روايات الحول و مبينة للمراد و مفسرة له،فاذن لا تنافي بينهما لكي يستشكل في كيفية الجمع و التوفيق بينهما.ثم ان الشهر القمري اسم لفترة من الزمن الطويل المحدد،و تبدأ بدايته
1) <page number=”50″ />الوسائل باب:7 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:3.
2) الوسائل باب:12 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:2.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 51)
بل الأقوى استقراره أيضا فلا يقدح فقد بعض الشروط قبل تمامه،لكن الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الأول،فابتداء الحول الثاني إنما هو بعد تمامه.
[مسألة 9:لو اختلّ بعض الشروط في أثناء الحول قبل الدخول في الثاني عشر بطل الحول]
[2640]مسألة 9:لو اختلّ بعض الشروط في أثناء الحول قبل الدخول في الثاني عشر بطل الحول كما لو نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو عاوضها بغيرها و إن كان زكويا من جنسها،فلو كان عنده نصاب من الغنم مثلا و مضى ستة أشهر فعاوضها بمثلها و مضى عليه ستة أشهر اخرى لم تجب عليه الزكاة،بل الظاهر بطلان الحول بالمعاوضة و إن كانت بقصد الفرار من الزكاة(1).
بخروج القمر من المحاق شريطة امكان الرؤية بالعين المجردة و تنتهى نهايته بطلوع هلال الشهر التالي،و لا يصح اطلاقه على جزء من ذلك الزمن و لا على نصفه أو ثلثه أو ثلثيه أو أكثر،و على هذا فقوله عليه السّلام في الصحيحة:«إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال الحول»انما هو باعتبار ان الشهر الثاني عشر آخر الحول و بصرف دخوله يتم الحول عناية بلحاظ انه يوجد بوجود جزئه الأول و ينتهى بانتهاء جزئه الأخير كاليوم و نحوه،و على هذا فيتم الحول كذلك بصرف دخوله و ينتهى بانتهائه،فاذن لا مجال للقول في ان الشهر الثاني عشر هل هو داخل في الحول الأول أو في الحول الثاني؟بداهة ان الحول الأول لا يتم حقيقة الا بانتهاء الشهر الحادي عشر.
هذا هو الصحيح،فان الروايات الدالة على ان ذلك لا يجدي في المنع عن الزكاة معارضة بروايات اخرى أقوى و أصرح منها دلالة كصحيحتي علي بن يقطين و هارون بن الخارجة و غيرهما و لا سيما بقرينة تعليل عدم الوجوب فيها بأن المنفعة قد ذهبت فلذلك لا يجب عليه الزكاة،فلا تكون المعارضة بينهما مستقرة و لا بد حينئذ من رفع اليد عن ظهور الطائفة الاولى في
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 52)
[مسألة 10:إذا حال الحول مع اجتماع الشرائط فتلف من النصاب شيء]
[2641]مسألة 10:إذا حال الحول مع اجتماع الشرائط فتلف من النصاب شيء فإن كان لا بتفريط من المالك لم يضمن،و إن كان بتفريط منه و لو بالتأخير مع التمكن من الأداء ضمن بالنسبة(1)،نعم لو كان أزيد من النصاب الوجوب و حمله على الندب بقرينة نص الطائفة الثانية في عدم الوجوب،هذا اضافة إلى امكان حملها على الفرار بعد الحول بقرينة موثقة زرارة قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ان أباك قال:من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤديها،فقال:صدق أبي ان عليه أن يؤدي ما وجب عليه،و ما لم يجب عليه فلا شيء عليه منه،ثم قال لي:أ رأيت لو أن رجلا اغمي عليه يوما ثم مات فذهبت صلاته أ كان عليه و قد مات أن يؤديها؟قلت:لا،قال:الاّ أن يكون أفاق من يومه،ثم قال لي:أ رأيت لو أن رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه أ كان يصام عنه؟قلت:لا،قال:
كذلك الرجل لا يؤدي عن ماله الاّ ما حل عليه» 1فان لسان هذه الموثقة لسان الحكومة و بيان المراد من الروايات التي تنص على أن من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤديها.
فيه اشكال بل منع،لأنه مبني على أن يكون تعلق الزكاة بالنقدين و الأنعام الثلاثة على نحو الاشاعة في العين،و لكن الأمر ليس كذلك بل تعلق الزكاة بها يختلف باختلافها،ففي النقدين و الغنم كانت على نحو الكلي في المعين،و في الابل و البقر كانت على نحو الشركة في المالية بنسبة معينة تتمثل تلك النسبة في مالية شيء خاص عوضا عنها،فمن أجل ذلك إذا تلف من النصاب شيء لم يرد نقص على الزكاة كما إذا تلف من نصاب النقدين أو الانعام الثلاثة،بل لو تلف تمام النصاب في الابل أو البقر لم يرد نقص على الزكاة سواء أ كان التلف بتفريط من المالك أم لا باعتبار ان الزكاة متمثلة في مالية شيء خاص بدلا عن النسبة الخاصة في مالية النصاب و تمام الكلام في محله.
1) <page number=”52″ />الوسائل باب:11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:5.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 53)
و تلف منه شيء مع بقاء النصاب على حاله لم ينقص من الزكاة شيء و كان التلف عليه بتمامه مطلقا على إشكال(1).
[مسألة 11:إذا ارتد الرجل المسلم فإما أن يكون عن ملة أو عن فطرة]
[2642]مسألة 11:إذا ارتد الرجل المسلم فإما أن يكون عن ملة أو عن فطرة، و على التقديرين إما أن يكون في أثناء الحول أو بعده،فإن كان بعده وجبت الزكاة سواء كان عن فطرة أو ملة و لكن المتولي لإخراجها الإمام عليه السّلام أو نائبه(2)،و إن كان في أثنائه و كان عن فطرة انقطع الحول و لم تجب الزكاة و استأنف الورثة الحول لأن تركته تنتقل إلى ورثته،و إن كان عن ملة لم ينقطع
ظهر انه لا اشكال في ان التلف كله على المالك.
فيه:أنه مبني على ان الإسلام شرط في صحة العبادة،و قد تقدم الاشكال فيه،و مع الاغماض عن ذلك لا مانع من تصدي الإمام أو نائبه لإخراج الزكاة ولاية بعد امتناعه و تعذره منه.
و دعوى:ان تولي الامام أو نائبه لا ينفع في تقرب الكافر بعد البناء على تعذره.
غريبة جدا لأن تولي الامام أو نائبه باخراج الزكاة الذي كان واجبا عليه ولاية انما هو بقصده التقرب بنفسه إلى اللّه وحده لا بقصد تقرب الكافر به لكي يقال انه متعذر،ضرورة انه يقوم باخراجها و دفعها بداعي الأمر المتوجه إليه به ولاية بعد تعذره على المولى عليه،و لا يمكن أن يأتي به بقصد الأمر المتوجه إليه لفرض سقوطه عنه بالتعذر،نظير النائب فانه لا يأتي بالعبادة بداعي الأمر المتوجه إلى المنوب عنه لسقوطه عنه جزما اما بموته أو عجزه،بل يأتي بداعي الأمر المتوجه إليه،و لا فرق في ذلك بين المرتد الفطري و الملي.
و أما ما قيل:من ان المرتد إذا كان فطريا يتولى وارثه اخراج الزكاة و دفعها باعتبار ان أمواله انتقلت إليه بعد الارتداد،فلا يمكن المساعدة عليه لأن أمواله و إن انتقلت إليه بالارتداد فطريا الاّ أن ذلك لا توجب توليته على اخراج زكاتها
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 54)
و وجبت بعد حول الحول لكن المتولي الإمام عليه السّلام أو نائبه(1)إن لم يتب،و إن تاب قبل الإخراج أخرجها بنفسه،و أما لو أخرجها بنفسه قبل التوبة لم تجزئ عنه(2)إلا إذا كانت العين باقية في يد الفقير فجدد النية(3)أو كان الفقير القابض عالما بالحال فإنه يجوز له الاحتساب عليه لأنه مشغول الذمة بها إذا قبضها مع العلم بالحال و أتلفها أو تلفت في يده،و أما المرأة فلا ينقطع الحول بردّتها مطلقا.
ولاية عليه بعد تعذره عنه،لأن الولاية انما هي ثابتة لمن تتعلق الزكاة بماله و ملكه،على أساس ان الخطاب بالأداء و الاخراج متوجه إليه،و لا دليل على ثبوتها لمن انتقل المال إليه بارث أو سبب آخر و على هذا فإذا ملك الانسان من النقدين أو الانعام الثلاثة بمقدار النصاب و حال عليه الحول و وجبت الزكاة ثم ارتد فطريا و في هذه الحالة و ان انتقل النصاب إلى وارثه الاّ أن تولية اخراج زكاته الواجبة على المرتد ولاية غير ثابت و لا دليل عليه،فإذا قام بهذا العمل لا بد أن يكون باذن من الحاكم الشرعي.
مر أن ذلك مبني على اعتبار الإسلام في صحة العبادة،و لكن قد عرفت الاشكال فيه،فمن أجل ذلك كان الأحوط و الأجدر به وجوبا أن يكون ذلك باذن المرتد الا إذا كان ممتنعا.
على اشكال فيه كما مر.
فيه انه بناء على تعذر الدفع و التعيين من الكافر لا أثر لتجديد النية منه،و لا تتعين الزكاة بالعين الباقية في يد الفقير بذلك.
و إن شئت قلت:ان الزكاة عبادة و هي متقومة بنية القربة و الاخلاص و بناء على ان صدور تلك النية من الكافر متعذر،فلا فرق بين أن يكون ذلك في ضمن اخراج الزكاة و دفعها إلى الفقير،أو في ضمن ابقاء العين في يده زكاة، فكما ان الأول لا يمكن فكذلك الثاني،إذ معنى تجديدها انه ينوي بقاء العين
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 55)
[مسألة 12:لو كان مالكا للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا فحال عليه أحوال]
[2643]مسألة 12:لو كان مالكا للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا فحال عليه أحوال فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه حينئذ عن النصاب،و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلا لم تجب إلا زكاة سنة واحدة لنقصانه حينئذ عنه(1)،و لو كان عنده أزيد من النصاب كأن كان في يده زكاة قربة إلى اللّه وحده،و بذلك يظهر انه لا يمكن له الاحتساب على الفقير أيضا إذا كانت ذمته مشغولة بماله بنفس ما مر،و أما إذا قبضه الفقير منه مع علمه بأنه كافر و لا يصح دفع الزكاة منه و أتلفه أو تلف في يده فهو ضامن للتالف تطبيقا لما مر.نعم إذا كان جاهلا به فاتلفه فلا يكون ضامنا لمكان انه سلطه عليه.
هذا إذا كان النصاب من النقدين و الغنم،لما مر من أن تعلق الزكاة بهما على نحو الكلي في المعين فإذا كان مالكا لأربعين شاة فواحدة منها زكاة و الباقي في ملك المالك تسعة و ثلاثون شاة و هي أقل من النصاب،و لا فرق فيه بين أن يدفع الزكاة للفقير أو لا،كما انه لا فرق بين أن تكون الزكاة ملكا للفقير أو متعلقة لحقه،أما على الأول فظاهر،و أما على الثاني فلأن المالك حينئذ و إن كان مالكا للنصاب تماما الاّ أنه ممنوع من التصرف في الكل فيكون فاقدا لأحد شروط الوجوب و هو التمكن من التصرف.
و أما إذا كان النصاب من الابل و البقر فقد يتوهم ان وجوب الزكاة فيهما مجرد تكليف و لا تكون متعلقة بالعين لا على نحو الاشاعة و لا على نحو الكلي في المعين،و على هذا فإذا كان عنده خمس من الابل كانت زكاته شاة،و حيث أنها خارجة عن النصاب و لا تكون جزءا منه فلا يكون النصاب ناقصا في العام القادم سواء أخرج زكاته أم لا.
و لكن هذا التوهم لا أساس له،فان نسبة المالية في زكاة الابل و البقر ملحوظة و يدل على ذلك أمران..
أحدهما:ان مالية زكاتهما تختلف باختلاف النصاب لهما،و تتفاوت
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 56)
عنده خمسون شاة و حال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين إلى أن ينقص عن النصاب،فلو مضى عشر سنين في المثال المفروض وجب عشرة،و لو مضى أحد عشر سنة وجب أحد عشر شاة،و بعده لا يجب عليه شيء لنقصانه عن الأربعين،و لو كان عنده ست و عشرون من الإبل و مضى عليه سنتان وجب عليه بنت مخاض للسنة الاولى و خمس شياه للثانية،و إن مضى ثلاث سنوات وجب للثالثة أيضا أربع شياه(1)،و هكذا إلى أن ينقص من خمسة فلا تجب.
بتفاوته و هذا دليل على أن نسبة المالية ملحوظة.
و الآخر:ان الروايات التي تنص مرة بلسان:«ان اللّه تعالى أشرك الفقراء مع الأغنياء في أمواله»و اخرى بلسان:«انه تعالى جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به»تدل على ان اللّه تعالى جعل للفقراء حصة في أموال الأغنياء.
و نتيجة هذين الأمرين:ان تعلق الزكاة بهما يكون على نحو الشركة في المالية، و لكن روايتهما الخاصة تعين نسبة هذه الشركة في كل مرتبة من مراتب نصابهما الخاصة في مال معين من شاة واحدة و شاتين و ثلاث شياه و هكذا،و في ضوء ذلك إذا ملك خمسا من الإبل فبما ان زكاتها شاة فيكون الباقي في ملكه أقل من مالية الخمسة من الآبال الموجودة عنده،فلا يكون الموجود بقدر النصاب لكي تتكرر زكاته،و من هنا يجوز أن يبيع النصاب و يدفع زكاته من نفس ثمنه،أو يشترى به شاة أو أكثر و يدفعها بعنوان الزكاة.
هذا هو الصحيح،و ما قيل من أن ذلك مبني على أن لا يكون في النصاب ابل تساوي قيمتها بنت مخاض و خمس شياه و الاّ وجب خمس شياه للسنة الثالثة على أساس انه ينقص في السنتين الأوليين من الست و العشرين ابل واحدة و هي التي تساوي قيمتها بنت مخاض و خمس شياه،و بقي في ملكه في السنة الثالثة خمس و عشرون من الابل،فلا يمكن المساعدة عليه:
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 57)
……….
أما أولا:فلأن لازم ذلك تقييد وجوب الخمس من الشياه في السنة الثالثة بما إذا لم تكن في النصاب ابل تساوي قيمتها قيمة اثنتين من بنت مخاض و الاّ لم ينقص من نصاب الست و العشرين.
و ثانيا:ان المعيار انما هو بكون تعلق الزكاة بالنصاب نقصا فيه على اختلاف أفراده،فإذا كان عنده ست و عشرون من الابل فزكاتها بنت مخاض و هي تنقص من ذلك النصاب بأدنى مالية فردها،فلا يكون مالكا في السنة الثانية ذلك النصاب الخاص في الخارج بماله من المالية و إن كانت فيه ابل أو أكثر تساوي قيمتها ثلاث بنات مخاض أو اثنتين منها،لأن النقص الوارد بسبب تعلق الزكاة بالنصاب يلحظ في مالية كل فرد من أفراده في الخارج بحده الفردي و بقطع النظر عن فرد آخر و إن كان في بعض أفراد النصاب ما تساوي قيمته أكثر من فرد واحد،لأن العبرة ليست بالقيمة و المالية مطلقا،بل العبرة انما هي بمالية كل نصاب بحده،و وجود ابل فيه تساوي قيمتها اثنتين من بنت مخاض أو بنت مخاض و خمس شياه لا تدارك النقص الوارد عليه بسبب تعلق الزكاة به لفرض انه وارد عليه مع وجود هذا الإبل فيه،فلا تبقى نفس النصاب و هو ست و عشرون من الابل بماله من المالية في السنة الثانية،لأنه بتعلق بنت مخاض به ينقص من الست و العشرين بقدر ماليتها على الرغم من وجود ابل فيه تساوي قيمتها اثنتين من بنت مخاض باعتبار ان المعيار انما هو بمالية شخص هذا النصاب في الخارج لا بالجامع بينه و بين غيره لكي يقال ان الجامع ينطبق عليه في السنة الثانية أيضا،كما انه لا يبقى شخص نصاب الخمس و العشرين من الابل بماله من المالية في السنة الثالثة لأنه بتعلق خمس شياه بنفس هذا النصاب الموجود في الخارج ينقص بقدر ماليتها على الرغم من وجود ابل فيه تساوي قيمتها بنت مخاض و خمس شياه،بملاك ان النصاب الذي ينقص من ماليته بتعلق الزكاة به لا ينطبق على شخص ذلك النصاب في السنة القادمة،بل ينطبق على نصاب آخر دونه في المرتبة.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 58)
[مسألة 13:إذا حصل لمالك النصاب في الأنعام ملك جديد إما بالنتاج و إما بالشراء أو الإرث أو نحوها]
[2644]مسألة 13:إذا حصل لمالك النصاب في الأنعام ملك جديد إما بالنتاج و إما بالشراء أو الإرث أو نحوها فإن كان بعد تمام الحول السابق قبل الدخول في اللاحق فلا إشكال في ابتداء الحول للمجموع إن كمل بها النصاب اللاحق،و أما إن كان في أثناء الحول فإما أن يكون ما حصل بالملك الجديد بمقدار العفو و لم يكن نصابا مستقلا و لا مكملا لنصاب آخر و إما أن يكون نصابا مستقلا و إما أن يكون مكملا للنصاب،أما في القسم الأول فلا شيء عليه كما لو كان له هذا المقدار ابتداء،و ذلك كما لو كان عنده من الإبل خمسة فحصل له في أثناء الحول أربعة اخرى أو كان عنده أربعون شاة ثم حصل له أربعون في أثناء الحول،و أما في القسم الثاني فلا يضم الجديد إلى السابق بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده كما لو كان عنده خمس من الإبل ثم بعد ستة أشهر ملك خمسة اخرى فبعد تمام السنة الاولى يخرج شاة،و بعد تمام السنة للخمسة الجديدة أيضا يخرج شاة و هكذا،و أما في القسم الثالث فيستأنف حولا واحدا بعد انتهاء الحول الأول(1)،و ليس على الملك الجديد في بقية الحول الأول شيء،و ذلك كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر فملك في أثناء حولها أحد عشر،أو كان عنده ثمانون من الغنم فملك في أثناء حولها اثنين و أربعين،و يلحق بهذا القسم على الأقوى ما لو كان الملك الجديد نصابا مستقلا و مكملا للنصاب اللاحق كما لو كان عنده من الإبل عشرون فملك في الأثناء ستة اخرى أو كان عنده خمسة ثم ملك أحد و عشرين،و يحتمل إلحاقه بالقسم الثاني.
فيه اشكال بل منع،و الأظهر الغاء ما مضى من الحول على النصاب الأول و البدء بالحول للمجموع الذي هو نصاب جديد من حين تحقق ملك
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 59)
……….
الزائد،فإذا كان الانسان يملك اثنتين و عشرين ناقة لمدة ستة أشهر من بداية أول محرم-مثلا-ثم زادت ابله و أصبحت على رأس ستة أشهر اخرى ستا و عشرين كأول رجب-مثلا-كان مبدأ الحول من بداية شهر رجب لا من بداية محرم و لا من المحرم الثاني.
و النكتة في ذلك ان محتملات المسألة متعددة،و هي كلها ترتكز على نقطة واحدة،و هي ان العين الواحدة لا تدخل في نصابين في سنة واحدة، و ينص على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«لا يزكى المال من وجهين في عام واحد…» 1و على ضوء ذلك يعلم اجمالا بكذب أحد دليلي جعل الزكاة في هذين النصابين،فلذلك تقع المعارضة بينهما فيسقطان من جهة المعارضة، فاذن لا دليل على جعل الزكاة للنصاب الأول و لا للثاني،و لكن بما انا نعلم بجعلها في الواقع لأحد النصابين إذ لا يحتمل عدم جعلها لشيء منها غاية الأمر ان الدليل على ذلك قاصر في مقام الاثبات من جهة المعارضة،فمن أجل ذلك تتعدد محتملات المسألة حول الزكاة المجعولة في الواقع لأحدهما،و هل أنها مجعولة في النصاب الأول أو الثاني،أو أحدهما،أو على النسبة؟فهناك أربعة احتمالات..
الاحتمال الأول:أنها مجعولة على النسبة،فإذا ملك اثنتين و عشرين ناقة في أول محرم و زادت أربع اخرى في أول رجب،ففي أول ذي الحجة تم حول النصاب الأول و عليه أربع شياه،و في أول رجب تم حول النصاب الثاني و عليه ستة أجزاء من ستة و عشرين جزءا من بنت مخاض،و في أول محرم الثالث يجب عليه عشرون جزءا من ستة و عشرين جزءا من بنت مخاض و هكذا.
و هذا الاحتمال ساقط،أما أولا:فلأنه مبني على أن يكون تعلق الزكاة بالأنعام على نحو الشركة في العين،و قد تقدم ان تعلقها بها ليس كذلك،و من هنا لا يمنع من التصرف فيها.
1) <page number=”59″ />الوسائل باب:7 من أبواب من تجب عليه الزكاة الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 60)
……….
و ثانيا:ان روايات زكاة الأنعام تنص على ان الزكاة لا تقسط على أجزاء النصاب بالنسبة و قد ورد بمختلف الألسنة على نفي الزكاة عما بين النصابين في مجموعة كبيرة منها،فمرة بلسان أنه:«ليس في الغنم بعد الأربعين شيء حتى تبلغ مائة و إحدى و عشرين»و اخرى بلسان أنه:«ليس في النيف شيء»و ثالثة بلسان أنه:«ليس على النيف شيء،و لا على الكسور شيء»و هكذا،و مع هذا فكيف يمكن الالتزام بهذا التقسيط و التوزيع على أجزاء النصاب كلا.
الاحتمال الثاني:أنها مجعولة في أحد النصابين على البدل،و لكن ذلك الاحتمال غير محتمل جزما،لأنه ان أريد به أحدهما المفهومي،فلا موطن له الا الذهن،فلا يصلح أن يكون متعلقا للزكاة،لأنها انما تعلقت بالعين الخارجية شريطة توفر شروطها.و إن أريد به أحدهما المصداقي و هو الفرد المردد،فهو غير معقول و لا واقع له في الخارج.
الاحتمال الثالث:أنها موضوعه في النصاب الثاني،و التقريب الفني لذلك:ان الشارع قد وضع الزكاة في الأنعام الثلاثة في كل نصاب شريطة أن لا يندك في نصاب آخر فوقه و لا يصبح جزءا له،و الاّ فالعبرة انما هي بذلك النصاب باعتبار انه متحقق فعلا دون الأول،و لا يبعد استفادة ذلك من روايات الباب حيث ان الظاهر منها عرفا ان كل نصاب بعنوانه الخاص موضوع لوجوب الزكاة شريطة أن يبقى كذلك طول الحول،فإذا ملك عشرين ناقة لمدة ستة أشهر أو أكثر بسبب من الأسباب،ثم نقصت ابله و أصبحت خمس عشرة ناقة انعدم النصاب الأول و وجد نصاب آخر دونه،و عليه فيبدأ الحول الجديد من حين النصاب الثاني،و كذلك إذا ملك ثلاثا و عشرين ناقة لمدة ستة أشهر ثم زادت و أصبحت على رأس ستة أشهر اخرى ستا و عشرين ناقة فان النصاب الأول يندك في الثاني و يصبح جزءا له و لا يبقى بعنوانه الخاص طول السنة الذي هو معتبر في تعلق الزكاة به،و في مثل هذه الحالة لا يقال انه مالك لنصابين،بل
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 61)
……….
هو مالك لنصاب واحد و هو النصاب السادس،فلا يكون النصاب الأول مشمولا لروايات الباب حينئذ لانتفائه بسبب اندكاكه في ضمن النصاب الحالي.
و على هذا فبطبيعة الحال يكون مبدأ الحول من بداية تحقق النصاب الثاني،و أما ما مر على النصاب الأول من الفترة الزمنية فيلغى،و لا فرق فيه بين أن يكون عدم بقاء النصاب من جهة اندكاكه في النصاب الثاني،أو من جهة انتفاء الموضوع نهائيا،و على كلا التقديرين فلا قيمة له.
و إن شئت قلت:ان الروايات التي تتضمن بيان مراتب النصاب التصاعدية في الابل و البقر و الغنم و إن كانت لا تتضمن نصا حكم التداخل بين هذه المراتب و اندكاك المرتبة الدانية في المرتبة العالية،الاّ ان الظاهر منها عرفا ان كل نصاب بعنوانه الخاص موضوع لوجوب الزكاة شريطة بقائه كذلك إلى انتهاء أمد الحول.
الاحتمال الرابع:أنها موضوعة في النصاب الأول.
بدعوى:ان الشارع جعل وجوب الزكاة في كل نصاب مشروطا بعدم تقدم ما يقتضي جعل وجوب الزكاة فيه و هو النصاب الأول باعتبار انه يقتضي جعل وجوب الزكاة فيه شريطة أن يبقى إلى أن يتم الحول،بمعنى ان فعلية وجوبها منوطة ببقائه إلى أن يكمل الحول،و حيث ان وجوب الزكاة في الثاني مشروط بعدم جعل وجوبها في الأول فيكون جعله فيه رافعا لوجوبها في الثاني بارتفاع موضوعه،فإذا كان يملك اثنين و عشرين ابلا لمدة ستة أشهر ثم زادت ابله و أصبحت على رأس ستة أشهر اخرى ستة و عشرين ابلا كان جعل وجوب الزكاة في النصاب الأول رافعا لموضوع وجوبها في النصاب الثاني و واردا عليه، و لازم ذلك هو استيناف الحول للثاني بعد انتهاء الحول الأول،و لكن لا يمكن الالتزام بهذا الاحتمال.
أما أولا:فلأن المستفاد من مجموعة من الروايات ان الزكاة لم تجعل على الانعام الاّ بعد حلول الحول عليها،كما أنها لم تجعل على العوامل منها
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 62)
……….
جعلت على السائمة الراعية.
منها:قوله عليه السّلام في صحيحة الفضلاء:«ليس على العوامل من الابل و البقر شيء…إلى أن قال:و كل ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه فيه..» 1
فانه ناص في نفي الزكاة و عدم جعلها قبل حلول الحول.
و منها:قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«ليس في صغار الابل شيء حتى يحول عليها الحول من يوم تنتج» 2.و منها غير ذلك.
فالنتيجة:ان الحول كالسوم و عدم العامل من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ،و الوجوب في مرحلة الجعل و الاعتبار،فلا مقتضي لجعل الوجوب قبل اكمال الحول لكي يكون جعل وجوب الزكاة في النصاب الثاني مشروطا بعدم جعل وجوبها في الأول.و على هذا فان أريد من هذا الاشتراط أن وجوب الزكاة في الثاني مشروط بعدم وجوبها في الأول.
فيرد عليه:انه لا وجوب قبل الحول حتى يكون عدمه شرطا.و إن أريد ان اقتضاء النصاب الثاني لجعل الوجوب فيه مشروط بعدم اقتضاء النصاب الأول لجعله فيه في نفسه فمعناه ان صلاحية كون النصاب الثاني موضوعا للحكم منوطة بعدم صلاحية النصاب الأول لذلك،و لكن يرد عليه أن كلا منهما في نفسه صالح للموضوعية لو لا الآخر فلا ترجيح في البين.
و ثانيا:مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان هذا ممكن في مقام الثبوت،الا أنه في مقام الاثبات بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه.أما روايات الباب فلا تشمل هذه الصورة من جهة المعارضة،و لا يوجد دليل آخر على ذلك.و أما ما ورد من ان المال الواحد لا يزكى مرتين في عام واحد،فهو لا يدل الاّ على ان الزكاة لم تجعل في كلا النصابين المذكورين معا،أما أنها مجعولة في الأول أو في الثاني فهو ساكت عن ذلك.
1) <page number=”62″ />الوسائل باب:8 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
2) الوسائل باب:9 من أبواب زكاة الأنعام الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 63)
……….
فالنتيجة في نهاية المطاف ان الأظهر هو الاحتمال الثالث و إن كانت رعاية الاحتياط بالجمع بينه و بين الاحتمال الرابع أولى و أجدر.هذا كله فيما إذا كان الزائد مكملا للنصاب فقط كما في الأمثلة المتقدمة.
و أما إذا كان اضافة إلى ذلك نصابا مستقلا أيضا،كما إذا كان يملك عشرين ناقة لمدة ستة أشهر ثم زادت ابله و أصبحت على رأس ستة أشهر اخرى ستا و عشرين ناقة،فهل هو ملحق بالقسم الثاني،و هو ما إذا كان الزائد نصابا مستقلا،أو الثالث؟و لا يبعد الحاقه بالثالث تطبيقا لنفس ما تقدم،و احتمال الحاقه بالقسم الثاني بعيد باعتبار ان الزائد و هو ست ناقة و إن كان نصابا مستقلا بقطع النظر عن ملك عشرين ناقة الاّ أنه بلحاظ كونه زائدا على عشرين مكمل للنصاب الآخر و هو الست و العشرون و زكاته بنت مخاض باعتبار ان النصاب الأول قد اندك فيه.
نعم،لو كان الزائد خمس ناقة لكان نصابا مستقلا و مكملا لنصاب آخر صورة باعتبار أن الابل ما لم تبلغ ستا و عشرين ففي كل خمسة منها شاة،و لذا لا ثمرة لكونه مكملا للنصاب الآخر،و به يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه.
و دعوى:ان بين وجوب الزكاة في النصاب الأول و وجوبها في النصاب الثاني تزاحم،و عندئذ لا بد من تقديم الأول على الثاني على أساس لزوم تقديم الأسبق زمانا في باب التزاحم لأنه من أحد مرجحات هذا الباب.
مدفوعة..أولا:ان المقام غير داخل في باب التزاحم،بل هو داخل في باب التعارض باعتبار ان جعل الزكاة لكلا النصابين معا لا يمكن على أساس ما ورد من ان العين الواحدة لا تزكى مرتين في سنة واحدة،فانه يوجب العلم الإجمالي بأن المجعول هو وجوب الزكاة في أحدهما دون الآخر،فاذن تقع المعارضة بين اطلاق دليليهما،و مع هذا لا يعقل أن يكون المقام من باب التزاحم لأنه مبني على كون كلا الحكمين مجعولا في الشريعة المقدسة بدون أي تناف بينهما في هذه المرحلة،و لكن قد يقع التنافي بينهما في مرحلة
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 64)
[مسألة 14:لو أصدق زوجته نصابا و حال عليه الحول وجب عليه الزكاة]
[2645]مسألة 14:لو أصدق زوجته نصابا و حال عليه الحول وجب عليه الزكاة،و لو طلقها بعد الحول قبل الدخول رجع نصفها إلى الزوج و وجب عليها زكاة المجموع في نصفها،و لو تلف نصفه يجب إخراج الزكاة من النصف الذي رجع الى الزوج(1)و يرجع بعد الإخراج عليها بمقدار الامتثال من جهة ضيق قدرة المكلف و عدم تمكنه من الجمع بينهما في هذه المرحلة،و هذا الضابط لا ينطبق على المقام.
و ثانيا:مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان المقام داخل في باب التزاحم، الاّ انا قد حققنا في علم الاصول ان الأسبق زمانا ليس من أحد مرجحات باب التزاحم بنفسه.نعم،قد يكون ملازما لمرجح آخر على تفصيل ذكرناه هناك، فاذن لا موجب لتقديم النصاب الأول على الثاني حتى على القول بأن المقام داخل في مسألة التزاحم.
في اخراج الزكاة منه اشكال بل منع،لأنه إذا تعين كونه للزوج كما هو المفروض في المسألة باعتبار ان تعلق الزكاة بالمهر لا يمنع من التصرف فيه بتقسيمه بينها و بين زوجها بملاك ان تعلقها به يكون على نحو الكلي في المعين و هو لا يمنع من التصرف في العين ما دام يبقى منها ما يفي بالزكاة، و عندئذ فبطبيعة الحال تكون الزكاة في نصف الزوجة،فإذا تلف ذلك النصف عندها فان كان بدون تفريط و مسامحة منها في اخراج الزكاة فلا ضمان عليها، و إن كان مع التفريط و التسامح فضمانها عليها،و حينئذ فلا بد أن تخرج عن عهدة ضمانها بالقيام بأدائها من مالها لا من مال زوجها.
و إن شئت قلت:ان تلف النصف ان كان قبل القسمة و افراز حصة الزوج تتضيق دائرة الزكاة في حصة باقية من الزوجة و تنطبق عليها لا على الأعم منها و من حصة الزوج كما في زكاة النقدين و الغنم و إن كان التالف عندئذ مشتركا بينهما بنسبة النصف على نحو الاشاعة غاية الأمر ان كان التلف بتفريط منها فقد
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 65)
الزكاة،هذا إن كان التلف بتفريط منها،و أما إن تلف عندها بلا تفريط فيخرج نصف الزكاة من النصف الذي عند الزوج(1)لعدم ضمان الزوجة حينئذ لعدم ضمنت حصة الزوج،و حينئذ فان اعطت الزكاة من الباقي لم يرد نقص على حصة الزوج منه،و إن كان بعد القسمة فالتالف نصفها،و لكن لا معنى حينئذ لوجوب اخراج الزكاة من نصف الزوج،بل الزكاة عليها ان كان التلف بتفريط منها،و الاّ فلا شيء عليها،فاذن الجمع بين كون التالف نصفها المعين فقط و بين وجوب اخراج الزكاة من نصف الزوج المعين جمع بين أمرين متنافيين،فان مقتضى الأول كون الزكاة على ذمتها ان كان التلف بتفريط منها،و الاّ فلا شيء عليها.و مقتضى الثاني ان النصف لم ينتقل إلى الزوج بل ظل باقيا في ملكها و هو خلف.
فالنتيجة:انه بناء على ما هو الصحيح من أن تعلق الزكاة بالنقدين و الأنعام الثلاثة ليس على نحو الاشاعة،بل على نحو الكلي في المعين في النقدين و الغنم،و على نحو الشركة في المالية بكيفية خاصة في الابل و البقر كما مر،ان المهر إذا كان من أحد هذه الأعيان و كان بقدر النصاب و حال عليه الحول عند الزوجة وجبت زكاته عليها،و حينئذ فإذا طلقها زوجها قبل الدخول انتقل نصف المهر إليه و تتمثل زكاته في النصف الباقي و هو نصف الزوجة باعتبار ان نسبتها إلى النصاب لما كانت نسبة الكلي في المعين فمتى نقص من النصاب تتضيق دائرة الكلي في مقام التطبيق بلا فرق بين أن يكون ذلك قبل القسمة أو بعدها، و عليه فإذا تلف نصفها تلفت الزكاة الواجبة عليها المتعينة فيه،و لا معنى لانتقالها حينئذ إلى نصف الزوج.نعم،لو كان تعلقها بها على نحو الاشاعة في العين،فإذا انتقل نصفه إلى الزوج انتقل مع نصف الزكاة فيه،و على هذا فما في المتن من أنه إذا تلف نصف الزوجة أخرج الزكاة من نصف الزوج لا يتم حتى على هذا القول،أي القول بالاشاعة.
هذا انما يتم إذا كان تعلق الزكاة بالمهر على نحو الاشاعة،فحينئذ إذا
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 66)
تفريطها،نعم يرجع الزوج حينئذ أيضا عليها بمقدار ما أخرج.
[مسألة 15:إذا قال رب المال:لم يحل على مالي الحول؛يسمع منه بلا بينة و لا يمين]
[2646]مسألة 15:إذا قال رب المال:لم يحل على مالي الحول؛يسمع منه بلا بينة و لا يمين،و كذا لو ادعى الإخراج أو قال:تلف مني ما أوجب النقص عن النصاب(1).
[مسألة 16:إذا اشترى نصابا و كان للبائع الخيار]
[2647]مسألة 16:إذا اشترى نصابا و كان للبائع الخيار فإن فسخ قبل تمام الحول فلا شيء على المشتري و يكون ابتداء الحول بالنسبة إلى البائع من حين الفسخ،و إن فسخ بعد تمام الحول عند المشتري وجب عليه الزكاة، و حينئذ فإن كان الفسخ بعد الإخراج من العين ضمن للبائع قيمة ما أخرج، و إن أخرجها من مال آخر أخذ البائع تمام العين(2)،و إن كان قبل الإخراج فللمشتري أن يخرجها من العين و يغرم للبائع ما أخرج و أن يخرجها من مال آخر و يرجع العين بتمامها إلى البائع.
تلف نصف المهر تلف مع الزكاة فيه بالنسبة و بقى الباقي منها في النصف الآخر.
و أما بناء على أن تعلقها به على نحو الكلي في المعين كما بنى عليه الماتن قدس سره في زكاة النقدين و الأنعام الثلاثة جميعا،فإذا تلف نصفه تبقى الزكاة كلها في النصف الباقي،فما ذكره قدس سره لا ينسجم مع مسلكه في كيفية تعلق الزكاة بها.
كل ذلك للنص الخاص في المسألة،و اطلاقه يشمل جميع صور دعوى فقد الشرط.
هذا إذا كان مع التراضي و المصالحة،و الاّ فمقتضى القاعدة ان المشتري إذا أخرج الزكاة من مال آخر باذن من ولي الأمر عوضا عن زكاة المبيع فقد انتقلت الزكاة إليه و حينئذ فإذا فسخ البائع البيع انتقل إليه المبيع عينا ما عدا مقدار زكاته لأن هذا المقدار باعتبار انتقاله إلى الفقراء يعدّ تالفا فينتقل إليه بدله، و لا فرق فيه بين أن يبقى ذلك المقدار في ملك الفقراء أو ينتقل منه إلى ملك آخر بمعاوضة اخرى،فانه على كلا التقديرين لا ينتقل إلى البائع حتى فيما إذا
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 67)
……….
كان منتقلا إلى ملك المشتري،فان الفسخ انما يوجب انتقال المبيع من ملك المشتري إلى ملك البائع مرة اخرى إذا كان سبب الملك هو البيع الواقع بينهما، فإذا زال ذلك السبب رجع كل من المبيع و الثمن إلى موقعه الأصلي.
و أما إذا كان سبب ملكة معاوضة اخرى كما هو الحال بالنسبة إلى مقدار الزكاة فلا موجب لانتقاله إلى ملك البائع ضرورة انه يتبع سببه حدوثا و بقاء، و على هذا فبطبيعة الحال ينتقل بدله إلى البائع من المثل أو القيمة،و له أن يطالب المشتري به،و به يظهر حال ما بعده.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 68)
[فصل في زكاة النقدين]
فصل في زكاة النقدين و هما الذهب و الفضة،و يشترط في وجوب الزكاة فيهما مضافا إلى ما مر من الشرائط العامة امور..
الأول:النصاب،ففي الذهب نصابان..
الأول:عشرون دينارا،و فيه نصف دينار(1)،و الدينار مثقال شرعي و هو ثلاثة أرباع الصيرفي،فعلى هذا النصاب الأول بالمثقال الصيرفي خمسة عشر مثقالا،و زكاته ربع المثقال و ثمنه.
و الثاني:أربعة دنانير،و هي ثلاث مثاقيل صيرفية،و فيه ربع العشر أي من أربعين واحد فيكون فيه قيراطان إذ كل دينار عشرون قيراطا،ثم إذا زاد أربعة فكذلك،و ليس قبل أن يبلغ عشرين دينارا شيء كما أنه ليس بعد العشرين قبل أن يزيد أربعة شيء،و كذا ليس بعد هذه الأربعة شيء إلا إذا زاد أربعة اخرى و هكذا،و الحاصل أن في العشرين دينارا ربع العشر و هو نصف دينار،و كذا في الزائد إلى أن يبلغ أربعة و عشرين و فيها ربع عشره و هو نصف دينار و قيراطان،و كذا في الزائد إلى أن يبلغ ثمانية و عشرين
على الأحوط،فإن الروايات الكثيرة و إن كانت تنص على ذلك.
منها:صحيحة الحلبي قال:«سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الذهب و الفضة ما
و منها:صحيحة محمد بن مسلم قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الذهب كم فيه من الزكاة؟قال:إذا بلغ قيمته مائتي درهم فعليه الزكاة» 2.
و منها:صحيحة الحسين بن يسار عن ابي الحسن عليه السّلام في حديث قال:
«في الذهب في كل عشرين دينارا نصف دينار،فان نقص فلا زكاة فيه» 3.
و منها:موثقة سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:«و من الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار،و إن نقص فليس عليك شيء» 4.و هكذا حيث أنها واضحة الدلالة على أن أدنى حد نصاب الذهب عشرون دينارا و فيه نصف دينار.
و لكن في مقابلها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا:
«في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال…إلى أن قال:و ليس في أقل من أربعين مثقالا شيء» 5.
و صحيحة زرارة قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل عنده مائة درهم و تسعة و تسعون درهما و تسعة و ثلاثون دينارا أ يزكّيهما؟فقال:لا،ليس عليه شيء من الزكاة في الدراهم و لا في الدنانير حتى يتم أربعون دينارا و الدراهم مائتي درهم…الحديث» 6.و بما أنهما ناصتان في نفي الزكاة عن أقل من أربعين مثقالا و تلك الروايات ظاهرة في وجوبها في الأقل فيكون مقتضى الجمع العرفي الدلالي بينهما هو حمل الروايات المذكورة على الاستحباب،و قد اعترف جماعة من المحققين ان هذا هو مقتضى الجمع العرفي بينهما،و لكن لا
1) <page number=”69″ />الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:1.
2) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:2.
3) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:3.
4) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:4.
5) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:13.
6) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:14.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 70)
……….
مجال للأخذ به لوجوه..
الأول:ان حد النصاب في الذهب عشرون مثقالا اجماعي بين الأصحاب،و عليه فالصحيحتان بما أنهما مخالفتان للإجماع فلا بد من طرحهما باعتبار أنهما حينئذ تدخلان في الروايات المخالفة للكتاب و السنة مدلولا و روحا.
و الجواب أولا:ان الاجماع غير ثابت في المسألة حيث نقل فيها الخلاف عن جماعة من المتقدمين.
و ثانيا:مع الاغماض عن ذلك و تسليم انه لا خلاف فيها،الاّ أنا ذكرنا غير مرة ان حجية الاجماع و كشفه عن ثبوت المسألة في زمان المعصومين عليهم السّلام و وصولها إلينا يدا بيد منوط بتوفر أمرين فيه..
أحدهما:ثبوته بين المتقدمين جميعا الذين يكون عصرهم في نهاية المطاف متصلا بعصر أصحاب الأئمة عليهم السّلام.
و الآخر:عدم وجود ما يصلح أن يكون مدركا للمسألة.
و كلا الأمرين غير متوفر.
أما الأمر الأول:فقد تقدم أنه لا طريق لنا إلى احراز الاجماع بينهم و استنادهم في المسألة إليه.
و أما الثاني:فالظاهر ان مدرك المسألة لدى كلهم أو لا أقل لدى جلهم الروايات المتقدمة،و تقديمها على الصحيحتين بأحد هذه الوجوه.
الثاني:ان اعراض الأصحاب عنهما يؤدي إلى سقوطهما عن الاعتبار و عدم صلاحيتهما للمعارضة.
و الجواب:ان الاعراض عن رواية انما يوجب سقوطهما عن الاعتبار شريطة توفر أمرين فيه أيضا..
أحدهما:أن يكون الاعراض من قدماء الأصحاب جميعا.
الثاني:أن لا يكون في المسألة ما يحتمل أن يكون منشئا للاعراض.و كلا
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 71)
……….
الأمرين غير متوفر في المقام.
أما الأمر الأول:فلأنه لا طريق لنا إلى احراز اعراضهم عنهما في المسألة، غاية الأمر قد نقل عنهم الفتوى فيها على خلافهما،و مجرد ذلك لا يدل على أنهم قد أعرضوا عنهما،إذ يحتمل أن يكون فتواهم على الخلاف مستندا إلى وجه آخر و ترجيحه عليهما.
و أما الأمر الثاني:فلأن منشأ اعراضهم عنهما لعله تقديم تلك الروايات عليهما بوجه من الوجوه.
الثالث:ان الروايات في المسألة بظاهرها متعارضة،فاذن لا بد من ترجيح تلك الروايات على الصحيحتين،اما من جهة شهرتها عملا و رواية،أو من جهة أنها روايات كثيرة تبلغ حد التواتر اجمالا و حينئذ فتدخلان في الروايات المخالفة للسنة و تسقطان عن الحجية.
و الجواب:انه لا معارضة بين النص و الظاهر،فان الروايات المذكورة ظاهرة في وجوب الزكاة في الأقل من أربعين مثقالا و هما ناصتان في نفي وجوبهما عما دون الأربعين و عليه و إن سلمنا بلوغ تلك الروايات حد التواتر اجمالا الاّ أنه مع ذلك لا بد من رفع اليد عن ظهورها بقرينة نص الصحيحتين، و مع الاغماض عن ذلك و تسليم المعارضة بينهما لكن الصحيح أنها لم تبلغ من الكثرة بدرجة التواتر لكي يوجب سقوطهما عن الحجية،و أما الشهرة العملية فهي لا تكون من مرجحات باب المعارضة،و أما الشهرة الروائية فان وصلت إلى حد التواتر فهو و الاّ فلا قيمة لها،فاذن تسقطان معا من جهة المعارضة.
فالنتيجة عدم ثبوت الزكاة فيما دون الأربعين باعتبار أنه مورد المعارضة بينهما،و أما ثبوت الزكاة في الأربعين و ما فوق فهو مدلولها الايجابي و لا معارضة فيه.
فالنتيجة:ان مقتضى الصناعة عدم وجوب الزكاة فيما دون الأربعين، و لكن مع ذلك فالأحوط و الأجدر وجوبا اخراج الزكاة عما دون الأربعين
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 72)
و فيها نصف دينار و أربع قيراطات و هكذا،و على هذا فإذا أخرج بعد البلوغ إلى عشرين فما زاد من كل أربعين واحدا فقد أدى ما عليه،و في بعض الأوقات زاد على ما عليه بقليل،فلا بأس باختيار هذا الوجه من جهة السهولة.
و في الفضة أيضا نصابان..
الأول:مائتا درهم،و فيها خمس دراهم.
و الثاني:أربعون درهما،و فيها درهم،و الدرهم نصف المثقال الصيرفي و ربع عشره،و على هذا فالنصاب الأول مائة و خمسة مثاقيل صيرفية،و الثاني أحد و عشرون مثقالا،و ليس فيما قبل النصاب الأول و لا فيما بين النصابين شيء على ما مر،و في الفضة أيضا بعد بلوغ النصاب إذا أخرج من كل أربعين واحدا فقد أدّى ما عليه و قد يكون زاد خيرا قليلا.
الثاني:أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة سواء كان بسكة الإسلام أو الكفر بكتابة أو غيرها بقيت سكتهما أو صارا ممسوحين بالعارض(1)، شريطة أن لا يقل عن العشرين.
هذا يتم لو لم يقدح المسح في صدق الدينار و الدرهم حيث ان المعيار في وجوب الزكاة على ضوء نصوص الباب انما هو بصدقهما،و أما التقييد بالصامت المنقوش في صحيحة علي بن يقطين فالظاهر منه المسكوك بسكة المعاملة و هو الدرهم و الدينار الرائجان في السوق إذ لا يحتمل خصوصية للنقش و القرينة على ذلك ان في نفس الصحيحة جعل سبائك الذهب و نقار الفضة في مقابل الصامت المنقوش بقوله عليه السّلام:«كل ما لم يكن ركازا فليس عليك فيه شيء،قال:قلت:و ما الركاز؟قال:الصامت المنقوش ثم قال:إذا أردت ذلك فاسبكه فانه ليس في سبائك الذهب و نقار الفضة شيء من الزكاة» 1،فانه
1) <page number=”72″ />الوسائل باب:8 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:2.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 73)
و أما إذا كانا ممسوحين بالأصالة(1)فلا تجب فيهما إلا إذا تعومل بهما يدل على انه لا موضوعية للمنقوش بما هو،فالعبرة انما هي بالمسكوك بسكة المعاملة في مقابل السبائك و النقار منهما.
في الفرق بين الممسوح بالعارض و الممسوح بالأصل اشكال بل منع،فان المسح ان كان مانعا عن صدق الدرهم و الدينار فلا فرق بين أن يكون بالأصل أو العارض،و إن لم يكن مانعا فأيضا كذلك،فما في المتن من البناء على وجوب الزكاة في الممسوح بالعارض و عدم وجوبها في الممسوح بالأصل فلا مبرر له.
و دعوى:ان وجوب الزكاة في الممسوح بالعارض يبتني على الاستصحاب و عدم وجوبها في الممسوح بالأصل يبتني على أصالة البراءة.
مدفوعة أولا:ان المعيار في وجوب الزكاة و عدم وجوبها انما هو بصدق الدرهم و الدينار،و عدم الصدق،و قد مر أن المسح لا يمنع عن الصدق و ان النقش لا يكون من مقومات مسمى الدرهم و الدينار.
و ثانيا:ان الاستصحاب المذكور بما أنه استصحاب تعليقي أي لو كان ذلك درهما أو دينارا فعلا و حال عليه الحول وجبت الزكاة فيه،و الآن كما كان فلا يكون حجة كما حققناه في علم الاصول.
و ثالثا:ان الاستصحاب التعليقي لو جرى في مسألة فانما يجري إذا كان الموضوع محفوظا فيها،لا في مثل المقام،فان الشك في بقاء الحكم فيه انما هو من جهة الشك في سعة مفهوم الموضوع و ضيقه وضعا بمعنى انه لا يدري ان الدرهم أو الدينار موضوع لمعنى وسيع يعم الممسوح أيضا أو لمعنى ضيق لا يعمه،و في مثل ذلك لا يمكن اثبات انه موضوع لمعنى وسيع بالأصل،و حينئذ فيكون الشك في اعتبار خصوصية زائدة في موضوع وجوب الزكاة و هي كونه منقوشا فتدخل في كبرى مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين،فالمرجع فيها اصالة البراءة عن الخصوصية الزائدة أو استصحاب عدمها.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 74)
فتجب على الأحوط(1)،كما أن الأحوط ذلك أيضا إذا ضربت للمعاملة فالنتيجة:ان الموضوع أعم من الممسوح و غيره بلا فرق بين الممسوح بالعرض و الممسوح بالأصل.
لا بأس بتركه فان الدرهم أو الدينار إذا لم يصدق على الممسوح فلا قيمة بالمعاملة به لأن موضوع وجوب الزكاة الدرهم و الدينار شريطة أن يكونا موضوعين للمعاملة،لا كل شيء تعومل به و إن لم يكن من الدرهم أو الدينار، فإذا لم يصدق على الممسوح بالأصالة الدرهم أو الدينار فلا أثر للمعاملة به.
و بذلك يظهر حال ما بعده من الاحتياط،غاية الأمر ان المتفاهم العرفي من الروايات التي تنص على وجوب الزكاة في الدرهم و الدينار إذا بلغ حد النصاب بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية انه انما هو بملاك التعامل بهما نوعا لا فعلا،فلا يضر هجر التعامل ببعض أصنافهما في بعض الأزمنة،فانه بذلك لا يخرج عن صدق التعامل النوعي بهما.
و إن شئت قلت:ان كلمة التعامل بهما و إن لم ترد صريحا في شيء من روايات الباب الا أنه قد ورد فيها ما يدل على ذلك و إليك نص تلك الروايات.
منها:صحيحة عمر بن يزيد قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل فر بماله من الزكاة فاشترى به أرضا أو دارا أ عليه فيه شيء؟فقال:لا،و لو جعله حليا أو نقرا فلا شيء عليه،و ما منع نفسه من فضله أكثر مما منع من حق اللّه الذي يكون فيه» 1.فان قوله عليه السّلام:«و ما منع نفسه من فضله أكثر»يدل على ان وجوب الزكاة فيهما انما هو بملاك الاتجار بهما و التعامل الخارجي كالبيع و الشراء و نحوهما بغاية الانتفاع.
و منها:صحيحة هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قلت له:ان أخي يوسف ولي لهؤلاء القوم أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة و انه جعل ذلك
1) <page number=”74″ />الوسائل باب:11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 75)
……….
المال حليا أراد أن يفر به من الزكاة أ عليه الزكاة؟قال:ليس على الحلي زكاة و ما أدخل على نفسه من النقصان في وضعه و منعه نفسه فضله أكثر مما يخاف من الزكاة» 1فانه يستفاد منها عرفا بمناسبه الحكم و الموضوع الارتكازية ان مناط وجوب الزكاة فيهما انما هو التعامل و الاتجار بهما نوعا للاغتنام،و هذا بخلاف ما إذا جعل منهما حليا و لو بنفس ما لهما من الهيئة و الشكل،لأن الحلي منهما خارج عن مورد الزكاة باعتبار ان موردها الدرهم و الدينار الموضوعين للتعامل النوعي،فإذا جعلهما حليا خرجا عما وضعا له و يبقى ساكنا و لا ينتفع به كما علل به في الروايات.
فالنتيجة ان المعيار في وجوب الزكاة فيهما انما هو بالتعامل النوعي بهما، فإذا جعلهما حليا فقد تغيرا عن وضعهما المعد للتعامل النوعي حيث ان الحلي قد وضع للزينة نوعا دون التعامل.
و من هنا لو كان عنده نصاب من الذهب أو الفضة من دون أن يقوم بالعمل و الاتجار بهما بل يبقى ساكنا لديه طول السنة فلا شبهة في وجوب الزكاة عليه.و تنص على ذلك صحيحة علي ابن يقطين قال:«سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المال الذي لا يعمل به و لا يقلب؟قال:تلزمه الزكاة في كل سنة إلا أن يسبك» 2فانها تدل على وجوب الزكاة فيه و إن لم يستعمل للتعامل و الاتجار به طول السنة شريطة أن يبقى على وضعه المعد للتعامل بدون أن يقع عليه تغيير كوقوعه حليا للمرأة،و تؤكد ذلك الروايات التي تنص على جواز جعل النصاب سبائك الذهب و نقار الفضة بنية الفرار من الزكاة بنكتة أنها تدل على انه لا خصوصية للدينار بما هو ذهب و للدرهم بما هو فضة،و انما لهما خصوصية بما هما دينار و درهم اللذان يكونان أساسا لكل أنواع التعامل،فإذا غير الدينار بالسبائك و الدرهم بالنقار خرجا عن هذا الوصف.
1) <page number=”75″ />الوسائل باب:11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:4.
2) الوسائل باب:13 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 76)
و لم يتعامل بهما،أو تعومل بهما لكنه لم يصل رواجهما إلى حدّ يكون دراهم أو دنانير،و لو اتخذ الدرهم أو الدينار للزينة فإن خرج عن رواج المعاملة لم تجب فيه الزكاة(1)و إلا وجبت.
الثالث:مضي الحول بالدخول في الشهر الثاني عشر جامعا للشرائط التي منها النصاب،فلو نقص في أثنائه عن النصاب سقط الوجوب،و كذا لو تبدل بغيره من جنسه أو غيره،و كذا لو غيّر بالسبك سواء كان التبديل أو السبك بقصد الفرار من الزكاة أو لا على الأقوى،و إن كان الأحوط(2)الإخراج على الأول،و لو سبك الدراهم أو الدنانير بعد حول الحول لم تسقط الزكاة و وجب الإخراج بملاحظة الدراهم و الدنانير إذا فرض نقص القيمة بالسبك.
[مسألة 1:لا تجب الزكاة في الحلي و لا في أواني الذهب و الفضة]
[2648]مسألة 1:لا تجب الزكاة في الحلي(3)و لا في أواني الذهب و الفضة
في اطلاقه اشكال بل منع،فان الخروج عن رواج المعاملة ان كان بالخروج عن مسمى الدرهم و الدينار بسبب ما ورد عليه من التغيير صح ما ذكره من عدم وجوب الزكاة فيه لعدم الموضوع له حينئذ،و إن كان من جهة ترك المعاملة بهما لسبب من الأسباب و لو من جهة اتخاذهما زينة للبيت،كمن يرغب أن يجعل في بيته معرضا منهما و يجمع بغرض اشباع رغبته بذلك لا بغرض التعامل بهما فالأظهر وجوب الزكاة،لأن المعيار في وجوبها انما هو بالتعامل بنوع الدرهم أو الدينار و إن كان بعض أفراده مهجورا.
فيه ان الاحتياط و إن كان استحبابيا الاّ أنه ضعيف و لا منشأ له أصلا،إذ مضافا إلى الروايات التي تنص على جواز الفرار من الزكاة بتبديل النصاب بغيره أو التغيير بالسبك أو نحوه كما تقدم في المسألة(9)من(فصل زكاة الأنعام)انه لا مقتضى لعدم جواز التصرف في النصاب و تبديله أو اتلافه قبل اكمال الحول حيث لا وجوب قبله و لا مقتضى له لكي يكون مانعا عن التصرف فيه و تغييره.
هذا هو الصحيح و ذلك لأن النسبة بين الروايات التي تدل على نفي
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 77)
و إن بلغت ما بلغت،بل عرفت سقوط الوجوب عن الدرهم و الدينار إذا اتخذا للزينة و خرجا عن رواج المعاملة بهما،نعم في جملة من الأخبار أن زكاتها إعارتها.
[مسألة 2:لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد منها و الرديء]
[2649]مسألة 2:لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد منها و الرديء بل تجب إذا كان بعض النصاب جيدا و بعضه رديئا،و يجوز الإخراج من الزكاة عن الحلي و الروايات التي تدل على وجوب الزكاة في الدراهم و الدنانير و إن كانت عموما من وجه لأن مقتضى اطلاق الطائفة الاولى نفي الزكاة عن الحلي و إن كان من الدرهم و الدينار،و مقتضى اطلاق الطائفة الثانية وجوب الزكاة فيهما و إن كانا حليا،فيكون مورد الالتقاء بين الطائفتين الحلي إذا كان من الدرهم أو الدينار شريطة أن يبلغ حد النصاب،فان مقتضى اطلاق الطائفة الاولى نفي الزكاة عنه و مقتضى اطلاق الطائفة الثانية اثباتها فيه،و لكن لا بد من تقديم الطائفة الاولى على الثانية في مورد الالتقاء لوجهين..
الأول:ان لسان الطائفة الاولى لسان الاستثناء و مفادها عرفا نفي الزكاة التي تفرض و تجعل في الشريعة المقدسة للدراهم و الدنانير عن حصة خاصة منهما و هي الحلي إذا كان منهما،و بما أنه لا يحتمل لدى العرف أن يكون نفي الزكاة عن هذه الحصة منهما و هي الحلي نفيا ابتدائيا فلا محالة يكون لها ظهور عرفي في أن نفيها عنها نفي استثنائي،فتدل على أنها مستثناة حكما من وجوب الزكاة المجعولة في الشريعة المقدسة لطبيعي الدراهم و الدنانير.
و إن شئت قلت:ان لسان هذه الطائفة لسان حديث لا ضرر،فكما انه ناظر إلى أدلة الأحكام الأولية و يدل على نفيها إذا كانت ضررية فكذلك لسانها فانه ناظر إلى أدلة وجوب الزكاة في الدراهم و الدنانير و يدل على نفي وجوبها عنهما شريطة أن تكونا حلية.
فالنتيجة:ان الطائفة الاولى تتقدم على الطائفة الثانية في مورد الالتقاء
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 78)
……….
بلسان الحكومة.
الثاني:ان تقديم الطائفة الثانية على الاولى يؤدي إلى الغاء عنوان الحلي نهائيا دون العكس،حيث ان لازم هذا التقديم وجوب الزكاة في الدراهم و الدنانير مطلقا و إن كانتا متخذتين للحلي،و عليه فيكون وجود الحلي منهما و عدم وجوده على حد سواء،و هذ خلاف ظهوره العرفي في الموضوعية،فمن أجل هذه النكتة العرفية،لا بد من تقديم الطائفة الاولى على الثانية في مورد الالتقاء.
و تخريج ذلك فنيا:ان الطائفة الاولى ظاهرة في موضوعية عنوان الحلي و دخالته في الحكم و هذا الظهور ظهور عرفي لا يتوقف على شيء،و لها ظهور آخر و هو ظهورها في اطلاق هذا العنوان و شموله لما إذا كان درهما أو دينارا بالغا حد النصاب،و الطائفة الثانية ظاهرة في كون الدرهم و الدينار دخيلا على نحو تمام الموضوع في الحكم و هو وجوب الزكاة بالاطلاق و مقدمات الحكمة، و حيث ان التعارض في مورد الالتقاء و الاجتماع بين ظهور الطائفة الاولى في موضوعية العنوان و دخالته في الحكم و ظهور الطائفة الثانية في الاطلاق الناشئ من مقدمات الحكمة فيصلح الأول أن يكون قرينة على تقييد اطلاق الثاني و مانعا عن تمامية مقدمات الحكمة دون العكس،فانه لو قيد الحلي بغير الدرهم و الدينار كان ذلك إلغاء لموضوعية عنوان الحلي رأسا إذ حينئذ لا فرق بين الحلي و غيره لأن الزكاة لا تجب في غير الدراهم و الدنانير و إن كان حليا،مع ان الطائفة الاولى ظاهرة عرفا في موضوعيته و دخالته في الحكم.
و بكلمة اخرى ان التعارض في مورد الاجتماع ليس بين اطلاق الطائفة الاولى و اطلاق الطائفة الثانية لكي يقال انه لا وجه لترجيح اطلاق الاولى على الثانية،بل هما معا يسقطان فيه و يرجع إلى العام الفوقي و هو ما دل على وجوب الزكاة في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالا،و في الفضة إذا بلغ مائتي درهما،بل التعارض فيه انما هو بين ظهور الأولى في موضوعية عنوان الحلي و دخله في
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 79)
الرديء و إن كان تمام النصاب من الجيد،لكن الأحوط(1)خلافه بل يخرج الجيد من الجيد و يبعض بالنسبة مع التبعيض(2)،و إن أخرج الجيد عن الجميع فهو أحسن،نعم لا يجوز(3)دفع الجيد عن الرديء بالتقويم بأن الحكم،و اطلاق الثانية له،و لا يمكن الحفاظ على هذا الظهور الاّ بتقديمه على ظهور الطائفة الثانية في الاطلاق،و نتيجة ذلك ان هذا الظهور مرتبط بكون الحلي درهما أو دينارا و متمثل فيه،و الاّ فلا موضوعية له،فمن أجل ذلك يكون هذا الظهور بمثابة ظهور الخاص بالنسبة إلى العام في مورد الالتقاء و الاجتماع.
فالنتيجة:ان ما ذكرناه في وجه تقديم الطائفة الاولى على الثانية ضابط عام ينطبق على كل دليلين يكون أحدهما ظاهرا عرفا في موضوعية عنوان مأخوذ في لسانه و الآخر يكون ظاهرا في كون العنوان المأخوذ فيه دخيلا في الحكم على نحو تمام الموضوع بالاطلاق و مقدمات الحكمة،فانه حينئذ لا بد من تقديم الأول على الثاني في مورد الالتقاء و الاجتماع تطبيقا لما تقدم.
فاذن لا تجب الزكاة في الحلي و إن كان درهما أو دينارا،و يؤيد ذلك بعض الروايات أيضا.
بل هو الأقوى،لما مر من ان تعلق الزكاة بالعين في النقدين يكون على نحو الكلي في المعين فإذا كان النصاب جميعا من الجيد فالزكاة جزء واحد من آحاد هذا النصاب،و عليه فكفاية اخراج الرديء عوضا عن الجيد بحاجة إلى دليل،و مقتضى القاعدة عدم الكفاية،و ما دل على كفاية دفع القيمة عوضا عن الزكاة شريطة أن تكون القيمة نقدا لا يشمل المسألة.
فيه انه مبني على أن يكون تعلق الزكاة بالعين في النقدين على نحو الاشاعة،و لكن قد مر أنه على نحو الكلي في المعين،و على هذا فلا يبعد كفاية الرديء باعتبار أنه أحد أجزاء النصاب و إن كانت رعاية الاحتياط باخراج الجيد أولى و أجدر.
بل الظاهر انه يجوز،لما مر من كفاية دفع الزكاة قيمة من النقدين،فإذا
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 80)
يدفع نصف دينار جيد يسوي دينارا رديئا عن دينار،إلا إذا صالح الفقير بقيمة في ذمته ثم احتسب تلك القيمة عما عليه من الزكاة فإنه لا مانع منه،كما لا مانع من دفع الدينار الرديء عن نصف دينار جيد إذا كان فرضه ذلك.
[مسألة 3:تتعلق الزكاة بالدراهم و الدنانير المغشوشة إذا بلغ خالصهما النصاب]
[2650]مسألة 3:تتعلق الزكاة بالدراهم و الدنانير المغشوشة إذا بلغ خالصهما النصاب(1)،و لو شك في بلوغه و لا طريق للعلم بذلك و لو فرضنا ان قيمة الدينار الردي نصف قيمة الدينار الجيد كفى اعطاء نصف الدينار من الجيد قيمة عن تمام الدينار من الرديء،لأنه من اعطاء قيمة الزكاة نقدا،و قد تقدم ان المستفاد عرفا مما دل على جواز اعطاء القيمة نقدا بمناسبه الحكم و الموضوع جوازه مطلقا و لا يختص ذلك بمورده،و من هنا يظهر جواز دفع الرديء عن الجيد قيمة تطبيقا لنفس الملاك.
كفاية ذلك في وجوب الزكاة لا تخلو عن اشكال بل منع،لأن الغش ان كان قليلا على نحو لا يمنع عن صدق الذهب أو الفضة عليه فالظاهر وجوب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب و إن كان خالصه غير بالغ له،كما إذا كان يملك عشرين دينارا مغشوشا و لكن غشه كان قليلا على نحو لا يمنع عن صدق الدينار عليه، ففي مثل ذلك تجب الزكاة فيه و إن لم يبلغ خالصه النصاب،و أما إذا كان كثيرا بدرجة يمنع عن صدق الاسم فلا تجب الزكاة فيه و إن بلغ خالصه النصاب باعتبار أن الزكاة انما تجب في الدرهم أو الدينار إذا بلغ النصاب،و الفرض أنّه لا يصدق على الخالص منه،و معه لا موضوع لوجوب الزكاة فان ما كان بصورة الدرهم أو الدينار فلا يصدق عليه الاسم،و ما يصدق فلا يكون دينارا أو درهما.
قد يقال:ان مقتضى القاعدة و إن كان ذلك،الاّ ان رواية زيد الصائغ قال:
«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:اني كنت في قرية من قرى خراسان يقال لها بخارى فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضة و ثلث مسا و ثلث رصاصا و كانت تجوز عندهم و كنت أعملها و أنفقها…إلى أن قال:إن كنت تعرف أن فيها من الفضة
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 81)
للضرر لم تجب(1)،و في وجوب التصفية و نحوها للاختبار إشكال أحوطه ذلك،و إن كان عدمه لا يخلو عن قوة.
[مسألة 4:إذا كان عنده نصاب من الجيد لا يجوز أن يخرج عنه من المغشوش]
[2651]مسألة 4:إذا كان عنده نصاب من الجيد لا يجوز أن يخرج عنه من المغشوش إلا إذا علم اشتماله على ما يكون عليه من الخالص و إن كان المغشوش بحسب القيمة يساوي ما عليه إلا إذا دفعه بعنوان القيمة(1)إذا كان للخليط قيمة.
الخالصة ما يجب عليك فيه الزكاة فزكّ ما كان لك فيها من الفضة الخالصة-من فضة-و دع ما سوى ذلك من الخبيث..الحديث» 1،تنص على وجوب زكاة الخالص إذا بلغ النصاب.
و الجواب:ان الرواية و إن كانت تامة دلالة الاّ أنها ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد عليها.
و دعوى:ان ضعفها منجبر بعمل المشهور…
مدفوعة:بما حققناه في علم الاصول،و قد أشرنا إلى ذلك في بعض موارد هذا الكتاب أيضا.
بل و أن كان له طريق للعلم به و لم يكن ضرر فمع ذلك لا يجب عليه تحصيل العلم لأن الشبهة موضوعية و لا يجب فيها الفحص و الاختبار،و لا يوجد دليل في المقام على وجوب ذلك.
و لكن لا بد أن يكون ذلك باذن الحاكم الشرعي حيث ان كفاية دفع القيمة عوضا عن الزكاة تتوقف على اذن منه و امضائه الاّ إذا كانت القيمة من أحد النقدين،و بما ان المغشوش في المقام لا يكون منه فلا محالة يكون دفعه عوضا عن الزكاة بحاجة إلى القبول و الامضاء.
1) <page number=”81″ />الوسائل باب:7 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 82)
[مسألة 5:و كذا إذا كان عنده نصاب من المغشوش لا يجوز أن يدفع المغشوش]
[2652]مسألة 5:و كذا إذا كان عنده نصاب من المغشوش لا يجوز(1)أن يدفع المغشوش إلا مع العلم على النحو المذكور.
[مسألة 6:لو كان عنده دراهم أو دنانير بحد النصاب و شك في أنه خالص أو مغشوش]
[2653]مسألة 6:لو كان عنده دراهم أو دنانير بحد النصاب و شك في أنه خالص أو مغشوش فالأقوى عدم وجوب الزكاة و إن كان أحوط.
[مسألة 7:لو كان عنده نصاب من الدراهم المغشوشة بالذهب أو الدنانير المغشوشة بالفضة لم يجب عليه شيء]
[2654]مسألة 7:لو كان عنده نصاب من الدراهم المغشوشة بالذهب أو الدنانير المغشوشة بالفضة لم يجب عليه شيء إلا إذا علم ببلوغ أحدهما أو كليهما حدّ النصاب(2)فيجب في البالغ منهما أو فيهما،فإن علم الحال فهو و إلا وجبت التصفية(3)،و لو علم أكثرية أحدهما مرددا و لم يمكن العلم
بل الظاهر الجواز شريطة أن يكون غشه قليلا على نحو لا يضر بصدق الدرهم أو الدينار عليه،فانه عندئذ تكون الزكاة متعلقة بنفس النصاب، و بما أن نسبتها إليه نسبة الكلي في المعين فيجوز اخراجها منه باعتبار أنها واحدة من آحاد أجزائه،بل كفاية اخراجه بعنوان القيمة بحاجة إلى الإذن و القبول من الحاكم الشرعي،و إن كان غشه كثيرا على نحو يمنع عن صدق الدرهم أو الدينار عليه لم تتعلق الزكاة به و إن بلغ خالصه النصاب،لما مر من أن موضوع الزكاة هو الدرهم و الدينار الرائجين في الأسواق بشكل عام لا الذهب و الفضة مطلقا و إن كانا غير مسكوكين بسكة المعاملة،و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.
مر أن ذلك لا يكفى في وجوب الزكاة،فالعبرة انما هي بصدق الدرهم أو الدينار عليه،فإن صدق كفى في وجوب الزكاة فيه و إن لم يبلغ خالصه النصاب،و إن لم يصدق لا يكفى في وجوبها بلوغ خالصه النصاب.
في الوجوب اشكال بل منع،إذ لا مقتضي له لما مر ان الدرهم أو الدينار إن كان يصدق على المغشوش وجبت زكاته و إن لم يبلغ الخالص منه النصاب و إن كان لا يصدق لم تجب و إن بلغ الخالص حد النصاب و به يظهر
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 83)
وجب إخراج الأكثر من كل منهما،فإذا كان عنده ألف و تردد بين أن يكون مقدار الفضة فيها أربعمائة و الذهب ستمائة و بين العكس أخرج عن ستمائة ذهبا و ستمائة فضة،و يجوز أن يدفع بعنوان القيمة ستمائة عن الذهب و أربعمائة عن الفضة بقصد ما في الواقع.
[مسألة 8:لو كان عنده ثلاثمائة درهم مغشوشة و علم أن الغش ثلثها مثلا على التساوي في أفرادها]
[2655]مسألة 8:لو كان عنده ثلاثمائة درهم مغشوشة و علم أن الغش ثلثها مثلا على التساوي في أفرادها يجوز له أن يخرج خمسة دراهم من الخالص و أن يخرج سبعة و نصف من المغشوش،و أما إذا كان الغش بعد العلم بكونه ثلثا في المجموع لا على التساوي فيها فلا بد من تحصيل العلم بالبراءة إما بإخراج الخالص و إما بوجه آخر.
[مسألة 9:إذا ترك نفقة لأهله مما يتعلق به الزكاة و غاب و بقي إلى آخر السنة بمقدار النصاب لم تجب عليه]
[2656]مسألة 9:إذا ترك نفقة لأهله مما يتعلق به الزكاة و غاب و بقي إلى آخر السنة بمقدار النصاب لم تجب عليه إلا إذا كان متمكنا من التصرف فيه طول الحول مع كونه غائبا.
[مسألة 10:إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة و كان كلها أو بعضها أقل من النصاب]
[2657]مسألة 10:إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة و كان كلها أو بعضها أقل من النصاب فلا يجبر الناقص منها بالجنس الآخر،مثلا إذا كان عنده تسعة عشر دينارا و مائة و تسعون درهما لا يجبر نقص الدنانير بالدراهم و لا العكس.
حال ما بعده كما انه يظهر بذلك حال المسألة الآتية.
فائدة:نتائج بحوث زكاة النقدين تتمثل في أربعة عناصر رئيسية..
العنصر الأول:ان نسبة الزكاة فيهما نسبة الكلي في المعين لا نسبة الشركة في المالية،و لا في العين،و يترتب عليه جواز تصرف المالك فيها قبل اخراج الزكاة شريطة أن يبقى منهما بمقدار يفي بالزكاة.
العنصر الثاني:اعتبار بلوغهما النصاب في وجوب الزكاة،أما في الذهب
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 84)
……….
فهو عشرون مثقالا شرعيا على المشهور المساوي لخمسة عشر مثقالا صيرفيا، و أما في الفضة فهو مائتا درهم كذلك.
العنصر الثالث:ان موضوع وجوب الزكاة فيهما الدرهم و الدينار المسكوكين بسكة المعاملة الرائجة نوعا.
العنصر الرابع:اعتبار الحول في وجوب الزكاة فيهما.
و بحوث هذا الفصل جميعا ترتبط بهذه العناصر الأربعة و تدور حولها سعة و ضيقا.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 85)
[فصل في زكاة الغلات الأربع]
فصل في زكاة الغلات الأربع و هي كما عرفت الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و في إلحاق السلت الذي هو كالشعير في طبعه و برودته و كالحنطة في ملاسته و عدم القشر له إشكال فلا يترك الاحتياط فيه،كالإشكال في العلس الذي هو كالحنطة بل قيل:إنه نوع منها في كل قشر حبتان،و هو طعام أهل صنعاء،فلا يترك الاحتياط(1)فيه أيضا،و لا تجب الزكاة في غيرها،و إن كان يستحب
لا بأس بتركه،لأن السلت في خاصته و إن كان كالشعير و في ملاسته و عدم القشر كالحنطة الاّ أنه مع ذلك لا يصدق عليه عنوان الحنطة و لا الشعير الا بالعناية و المجاز بل الظاهر انه نوع ثالث من الحبوب حقيقة اسما و صورة حيث ان حبه طويل و نحيف و يميل إلى السواد و لا يشبه الحنطة أو الشعير في الكم و الكيف معا.
و دعوى:ان أهل اللغة قد صرحوا بأن السلت نوع من الشعير و العلس نوع من الحنطة.
مدفوعة..أولا:ان قول أهل اللغة لا يكون حجة.
و ثانيا:ان كلماتهم مختلفة في تفسيرهما.
و ثالثا:ان هذا التفسير لا يدل على ان السلت مصداق للشعير حقيقة و العلس مصداق للحنطة كذلك،بل هو مبني على نوع من الاشتراك في الخاصة و التشابه في الصورة في الجملة.
و إن شئت قلت:انه لا دليل على ان السلت فرد من أفراد الشعير حقيقة و العلس فرد من أفراد الحنطة كذلك،بل الظاهر من تسمية كل منهما باسم
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 86)
……….
خاص في مقابل اسمي الحنطة و الشعير ان الأول مغاير للشعير و الثاني مغاير للحنطة،و تؤكد هذه المغايرة الروايات الآمرة بالزكاة في سائر الحبوب المحمولة على الاستحباب منها السلت و العلس.
فالنتيجة انه لو لم يثق الانسان بالمغايرة و لم يتأكد بها لم يثق جزما بالاتحاد و كون السلت مصداقا للشعير حقيقة و العلس مصداقا للحنطة كذلك، فلا أقل من الشك و المرجع حينئذ يكون أصالة البراءة عن وجوب الزكاة فيهما و إن كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر.
و أما سائر الحبوب كالأرز و السمسم و الذرة و نحوها،فالروايات فيها و إن كانت ظاهرة في وجوب الزكاة.
منها قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:«البرّ و الشعير و الذرة و الدخن و الأرز و السلت و العدس و السمسم كل هذا يزكّى و أشباهه» 1،و منها غيرها،الاّ أنه لا بد من رفع اليد عن ظهورها في الوجوب بقرينة نص الروايات الكثيرة في نفي وجوبها عن غير الغلات الأربع من الحبوب،و أما النصاب فقد وردت فيه روايات كثيرة تبلغ حد التواتر اجمالا و تنص على أنه خمسة أوسق و الوسق ستون صاعا.
منها:موثقة زرارة و بكير عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«و أما ما انبت الأرض من شيء من الأشياء فليس فيه زكاة الاّ في أربعة أشياء،البرّ،و الشعير،و التمر، و الزبيب،و ليس في شيء من هذه الأربعة الأشياء شيء حتى تبلغ خمسة أوساق،و الوسق ستون صاعا و هو ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلّى اللّه عليه و آله،فان كان من كل صنف خمسة أوساق غير شيء و إن قل فليس فيه شيء و إن نقص البرّ و الشعير و التمر و الزبيب أو نقص من خمسة أوساق صاع أو بعض صاع فليس فيه شيء- الحديث» 2.
1) <page number=”86″ />الوسائل باب:9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث:4.
2) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الغلات الحديث:8.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 87)
……….
و منها:صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ليس فيما دون خمسة أوساق شيء و الوسق ستون صاعا» 1.
و منها:صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ليس في النخل صدقة حتى يبلغ خمسة أوساق،و العنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أوساق زبيبا» 2.
و منها:موثقة أبي بصير و الحسن بن شهاب قالا:«قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:
ليس في أقل من خمسة أوساق زكاة،و الوسق ستون صاعا» 3.
و منها:غيرها.
و هذه الروايات تنص على أن أدنى حد النصاب في الغلات الأربع خمسة أوساق،و كل وسق ستون صاعا،و في بعضها قد قيد الصاع بصاع النبي صلّى اللّه عليه و آله على أساس ان الصاع يختلف باختلاف البلدان و الأزمنة كما يظهر من الروايات و قد أشرنا إليه في باب الصوم في مسألة تحديد الكفارة.
و في مقابل هذه الروايات روايات اخرى تدل على ان الحد الأدنى للنصاب أقل من ذلك.
منها:صحيحة عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته في كم تجب الزكاة من الحنطة و الشعير و الزبيب و التمر؟قال:في ستين صاعا» 4.و في بعضها تحديده بالبلوغ و سقين،و في الآخر انه لا حد لأدناه.و العمدة منها الصحيحة،و مع هذا فهي لا تصلح ان تعارض تلك الروايات.
أما أولا:فلأنها ناصة في تحديد مدلولها اثباتا و نفيا دون الصحيحة،فمن أجل ذلك تمتاز عنها في الأقوائية و الصراحة،فتصلح أن تكون قرينة عرفا لحمل الوجوب في الصحيحة على الثبوت الاستحبابي.
1) <page number=”87″ />الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الغلات الحديث:6.
2) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الغلات الحديث:7.
3) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الغلات الحديث:9.
4) الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الغلات الحديث:10.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 88)
إخراجها من كل ما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن من الحبوب كالماش و الذرة و الأرز و الدخن و نحوها إلا الخضر و البقول،و حكم ما يستحب فيه حكم ما يجب فيه في قدر النصاب و كمية ما يخرج منه و غير ذلك.
و يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات أمران..
الأول:بلوغ النصاب و هو بالمنّ الشاهي-و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا-مائة و أربعة و أربعون منا إلاّ خمسة و أربعين مثقالا،و بالمن التبريزي الذي هو ألف مثقال مائة و أربعة و ثمانون منا و ربع منّ و خمسة و عشرون مثقالا،و بحقة النجف في زماننا سنة 1326-و هي تسعمائة و ثلاثة و ثلاثون مثقالا صيرفيا و ثلث مثقال-ثمان وزنات و خمس حقق و نصف إلاّ ثمانية و خمسين مثقالا و ثلث مثقال،و بعيار الإسلامبول-و هو مائتان و ثمانون مثقالا-سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالا، و لا تجب في الناقص عن النصاب و لو يسيرا كما أنها تجب في الزائد عليه يسيرا كان أو كثيرا.
الثاني:التملك بالزراعة فيما يزرع أو انتقال الزرع إلى ملكه قبل و ثانيا:مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان المعارضة بينهما مستقرة و لا يمكن الجمع العرفي الدلالي،و حينئذ فلا بد من طرح الصحيحة لأنها داخلة في الروايات المخالفة للسنة،فلا تكون حجة،و بذلك يظهر حال سائر الروايات على تقدير تماميتها سندا تطبيقا لما تقدم.
فالنتيجة ان النصاب خمسة أوساق و كل وسق ستون صاعا،و كل صاع أربعة أمداد لما سبق من ان صاع النبي صلّى اللّه عليه و آله أربعة أمداد،و كل مد مائة و أربعة و خمسون مثقالا صيرفيا و ثلثا مثقال و نصف ثمن المثقال على أساس ان كل مد رطلان و ربع بالعراقي،فيكون الصاع تسعة أرطال بالعراقي المساوية لستمائة
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 89)
وقت تعلق الزكاة(1)،و كذا في الثمرة كون الشجر ملكا له إلى وقت التعلق أو انتقالها إلى ملكه منفردة أو مع الشجر قبل وقته.
[مسألة 1:في وقت تعلق الزكاة بالغلات خلاف]
[2658]مسألة 1:في وقت تعلق الزكاة بالغلات خلاف،فالمشهور على أنه في الحنطة و الشعير عند انعقاد حبهما،و في ثمر النخل حين اصفراره و احمراره،و في ثمرة الكرم عند انعقادها حصرما،و ذهب جماعة إلى أن المدار صدق أسماء المذكورات من الحنطة و الشعير و التمر و صدق اسم العنب في الزبيب،و هذا القول لا يخلو عن قوة(2)و إن كان القول الأول أحوط،بل الأحوط مراعاة الاحتياط مطلقا إذ قد يكون القول الثاني أوفق بالاحتياط.
[مسألة 2:وقت تعلق الزكاة و إن كان ما ذكر على الخلاف السالف]
[2659]مسألة 2:وقت تعلق الزكاة و إن كان ما ذكر على الخلاف السالف إلا أن المناط في اعتبار النصاب هو اليابس من المذكورات(3)،فلو كان و أربعة عشر مثقالا صيرفيا و ربع مثقال،و هذا منطبق على ما ذكره الماتن قدّس سرّه.
بل يكفى التقارن حيث لا موجب لاعتبار القبلية زمانا.ثم ان اعتبار هذا الشرط لا يحتاج إلى دليل،بل هو مقتضى القاعدة لأن الانسان إذا ملك النصاب بالشراء أو الهبة أو الإرث بعد التعلق لم تجب الزكاة عليه لأنها لم تتعلق بملكه و انما تعلقت بملك غيره،و من هنا لا ينتقل إليه من النصاب مقدار الزكاة.
بل هو الظاهر من نصوص الباب،فانها تنص على أن تعلق الزكاة بالغلات الأربع من حين صدق اسمها عليها كالحنطة و الشعير و التمر و العنب، و لا يظهر منها ان تعلقها بالحنطة و الشعير من حين انعقاد حبهما و إن لم يصدق عليه اسم الحنطة أو الشعير،و بالتمر من حين اصفراره،و بالعنب من حين انعقاده حصرما على الرغم من عدم صدق التمر و العنب عليهما من هذا الحين.
على المشهور،و لكن الأظهر ان اعتباره من زمان التعلق في الحنطة
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 90)
الرطب منها بقدر النصاب لكن ينقص عنه بعد الجفاف و اليبس فلا زكاة.
[مسألة 3:في مثل البر بن و شبهه من الدقل الذي يؤكل رطبا]
[2660]مسألة 3:في مثل البر بن و شبهه من الدقل الذي يؤكل رطبا،و إذا لم يؤكل إلى أن يجف يقلّ تمره أو لا يصدق على اليابس منه التمر أيضا و الشعير و التمر.
نعم،في خصوص الزبيب يختلف زمان التعلق عن زمان اعتبار النصاب فيه،فان زمان التعلق هو زمان صدق العنب،و زمان اعتبار النصاب فيه هو ما إذا صار زبيبا،و يدل عليه ذيل صحيحة سعد بن سعد الأشعري قال:«سألت أبا الحسن عليه السّلام عن أقل ما تجب فيه الزكاة من البرّ و الشعير و التمر و الزبيب؟فقال:
خمسة أوساق بوسق النبي صلّى اللّه عليه و آله.فقلت:كم الوسق؟قال:ستون صاعا.قلت:
و هل على العنب زكاة أو انما يجب عليه إذا صيّره زبيبا؟قال:نعم إذا خرصه أخرج زكاته» 1.بتقريب أنه ينص على ان تعلق الزكاة من حين صدق العنب شريطة أن يبلغ النصاب إذا صار زبيبا.
فالنتيجة ان الزبيب يختلف عن الحنطة و الشعير و التمر،و أما ما هو المشهور من ان المعيار انما هو ببلوغ اليابس منها حد النصاب فلا دليل عليه في الحنطة و الشعير و التمر غير دعوى الاجماع في المسألة.و لكن لا قيمة لهذه الدعوى،فان تحقق الاجماع في المسألة على نحو يكون الانسان واثقا و متأكدا على ثبوت حكمها في زمان المعصومين عليهم السّلام و وصوله إلينا بالإجماع طبقة بعد طبقة لا يمكن تيسره كما مر تفصيله غير مرة.
فالنتيجة:ان وقت التعلق هو وقت النصاب في الثلاثة الاولى،فإذا بلغت النصاب تعلقت الزكاة بها سواء أ كانت يابسة أم رطبة.
و لكن قد يقال:ان مقتضى صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في حديث قال:«سألته عن الزكاة في الحنطة و الشعير و التمر
1) <page number=”90″ />الوسائل باب:1 من أبواب زكاة الغلات الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 91)
المدار فيه على تقديره يابسا،و تتعلق به الزكاة إذا كان بقدر يبلغ النصاب بعد جفافه(1).
[مسألة 4:إذا أراد المالك التصرف في المذكورات بسرا أو رطبا]
[2661]مسألة 4:إذا أراد المالك التصرف في المذكورات بسرا أو رطبا و الزبيب متى تجب على صاحبها؟قال:إذا صرم و إذا خرص» 1ان وقت الوجوب هو وقت جفافها و قطعها و تعيين الزكاة فيها لا وقت صدق تلك العناوين عليها.
و الجواب:انه لا ظهور للصحيحة في أن الصرم شرط و ذلك لأمرين..
أحدهما:ان في نفس هذه الصحيحة دلالة على ان أصل تعلق الزكاة بالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب أمر مفروغ عنه،و عليه فلا محالة يكون السؤال عن وجوب اخراجها لا عن أصل وجوبها و تعلقها بها و تؤكد ذلك سائر الروايات التي تنص على أنها تتعلق بها من حين صدق عناوينها.
و الآخر:انه لا يمكن أن يكون الخرص شرطا للوجوب في عرض الصرم،لأن الصرم لو كان شرطا له فلا يمكن أن يكون الخرص شرطا على أساس انه متقدم عليه زمانا،و لو كان العكس فبالعكس فلا يمكن أن يكون كلاهما معا شرطا،فاذن لا مناص من الالتزام بأن الصرم شرط للواجب دون الوجوب و الاتصاف،و على هذا فلا محالة يكون المراد بالخرص هنا تعيين الزكاة خارجا لا تعيينها تخمينا قبل التصفية و الاجتذاذ.
فالنتيجة ان الصحيحة لو لم تكن ظاهرة في ان الصرم شرط للواجب دون الوجوب لم تكن ظاهرة في انه شرط للوجوب و الاتصاف فلا أقل من الاجمال فلا تكون حجة.
هذا مبني على المشهور،و أما بناء على ما هو الصحيح-كما مر- فالمناط انما هو ببلوغه النصاب حينما كان يصدق عليه التمر و إن كان رطبا لا بعد الجفاف.
1) <page number=”91″ />الوسائل باب:52 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 92)
أو حصرما أو عنبا بما يزيد على المتعارف فيما يحسب من المؤن وجب عليه ضمان حصة الفقير(1)،كما أنه لو أراد الاقتطاف كذلك بتمامها وجب عليه أداء الزكاة حينئذ بعد فرض بلوغ يابسها النصاب(2).
هذا على المشهور من أن تعلق الزكاة في ثمر النخل من حين كونه بسرا أو رطبا،و تعلقها بثمر الكرم من حين انعقاده حصرما،و أما بناء على ما قويناه من أن تعلقها في الأول من حين صدق التمر عليه،و في الثاني من حين صدق العنب فلا ضمان عليه إذا كان تصرفه في الأول من حين كونه بسرا و في الثاني من حين كونه حصرما لأنه حينئذ ليس تصرفا في المال المشترك بينه و بين الفقير حتى يضمن حصة الفقير لفرض عدم تعلق الزكاة بهما من ذلك الحين.
ثم ان تعلق وجوب الزكاة بالعنب مشروط بشرط متأخر و هو بلوغه حد النصاب إذا صار زبيبا،و الشرط المتأخر و إن كان ممكنا ثبوتا في مرحلة الجعل و الاعتبار،الاّ أن وقوعه بحاجة إلى دليل،و قد دلت صحيحة سعد بن سعد الأشعري المتقدمة على ذلك.و أما في الحنطة و الشعير فبما أنهما تصدقان على الحبة بعد انعقادها و إن كانت رطبة فلا يكون تعلق الزكاة بها مشروطا بشرط متأخر و هو بلوغ يابسهما حد النصاب،فانه بحاجة إلى دليل و لا يوجد دليل عليه كما مر،بل مقتضى اطلاق الروايات التي تنص على أن أقل ما تجب فيه الزكاة من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب خمسة أوساق من دون تقييد الحنطة و الشعير فيها باليابس منهما عدم اعتبار هذا الشرط،و قد مر أن هذه الروايات تدل على أن تعلق وجوب الزكاة بالحبة بعد انعقادها مرتبط بصدق الحنطة و الشعير عليها مشروطا ببلوغها حد النصاب و هو خمسة أوساق على نحو الشرط المقارن،فالمعيار انما هو بصدقهما و إن كانتا رطبتين،و كذلك الحال في التمر فان وقت تعلق الزكاة فيه مقارن لبلوغه النصاب و مشروط به بنحو الشرط المقارن تطبيقا لنفس ما تقدم.
مرّ أن هذا انما يتم في الزبيب فقط،و أما في الحنطة و الشعير و التمر
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 93)
[مسألة 5:لو كانت الثمرة مخروصة على المالك فطلب الساعي من قبل الحاكم الشرعي الزكاة منه قبل اليبس]
[2662]مسألة 5:لو كانت الثمرة مخروصة على المالك فطلب الساعي من قبل الحاكم الشرعي الزكاة منه قبل اليبس لم يجب(1)عليه القبول بخلاف ما لو بذل المالك الزكاة بسرا أو حصرما مثلا فإنه يجب على الساعي القبول.
فقد عرفت ان تعلق الزكاة بها مشروط ببلوغها النصاب على نحو الشرط المقارن،فإذا بلغت الحبة في زمان صدق الحنطة أو الشعير عليها قدر النصاب كفى في تعلق وجوب الزكاة بها و إن قلت عنه إذا يبست.
في عدم الوجوب اشكال بل منع،حتى على المشهور من أن وقت اخراج الزكاة متأخر عن وقت المتعلق،و الأظهر الوجوب إذا طلب الساعي بعد التعلق شريطة أن يكون ذلك من قبل الحاكم الشرعي من باب ولايته عليها لا صرف ابراز الطلب،فانه حينئذ ليس للمالك حق الامتناع عن الأداء،لأن تأخير وقت الإخراج عن وقت التعلق انما هو من باب الارفاق على المالك،بمعنى انه غير ملزم باخراجها من حين التعلق،بل يجوز له التأخير إلى حين التصفية في الغلة و الاجتذاذ في التمر و الاقتطاف في العنب،و ليس ذلك حقا له بحيث لا تجوز مزاحمته فيه،و من هنا يجوز للمالك اخراجها من حين التعلق إذا أراد،و لا يجب عليه التأخير،و على هذا فإذا تعلقت الزكاة بالغلات الأربع فان طلبها الساعي من قبل الحاكم الشرعي ولاية وجب على المالك اخراجها باعتبار أنها ملك الفقراء و أمرها بيد الحاكم الشرعي لمكان ولايته.الاّ أن يقال ان مقتضى الدليل الدال على تأخر وقت الاخراج هو قصر ولاية الحاكم على المطالبة قبل ذلك الوقت لا قصر سلطنة المالك عن اخراجها من النصاب و تفريغ ماله عنها.
و الجواب..أولا:ما تقدم من أنه لا دليل على ذلك ما عدا دعوى الاجماع في المسألة و هي غير تامة كما مر.
و ثانيا:انه على تقدير ثبوت الاجماع،فالمتيقن منه ان المالك غير ملزم
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 94)
[مسألة 6:وقت الإخراج الذي يجوز للساعي مطالبة المالك فيه و إذا أخرها عنه ضمن]
[2663]مسألة 6:وقت الإخراج الذي يجوز للساعي مطالبة المالك فيه و إذا أخرها عنه ضمن،عند تصفية الغلة و اجتذاذ التمر و اقتطاف الزبيب، فوقت وجوب الأداء(1)غير وقت التعلق.
[مسألة 7:يجوز للمالك المقاسمة مع الساعي مع التراضي بينهما قبل الجذاذ]
[2664]مسألة 7:يجوز للمالك المقاسمة مع الساعي مع التراضي بينهما قبل الجذاذ(2).
[مسألة 8:يجوز للمالك دفع الزكاة و الثمر على الشجر قبل الجذاذ منه أو من قيمته]
[2665]مسألة 8:يجوز للمالك دفع الزكاة و الثمر على الشجر قبل الجذاذ منه أو من قيمته.
[مسألة 9:يجوز دفع القيمة حتى من غير النقدين]
[2666]مسألة 9:يجوز(3)دفع القيمة حتى من غير النقدين من أي بالاخراج من حين التعلق لا أن ولاية الحاكم قاصرة.
فالنتيجة:ان الساعي إذا طلب الزكاة من المالك بعد التعلق من قبل الحاكم الشرعي ولاية وجب عليه القبول حتى على القول المشهور فضلا عما قويناه.
مر انه لا دليل على أن للأداء وقتا معينا بحيث لا يحق لأي واحد حتى الحاكم الشرعي الزام المالك بالاخراج قبلها،بل وقته يبدأ بوقت التعلق،فإذا تعلقت الزكاة بالغلات جاز للمالك أن يقوم بالافراز و التقسيم و تعيين حصة الزكاة و تسليمها إلى الفقراء أو إلى الحاكم الشرعي،كما ان للحاكم الشرعي أن يطالب منه التسليم،فإذا طلب لا يحق له الامتناع.
فالنتيجة:انه لا يجوز تأخير دفع الزكاة بعد التصفية و الاجتذاذ و الاقتطاف لا ان ذلك الوقت هو وقت وجوب الأداء،بل وقته موسع يدخل من حين التعلق.
هذا بناء على المشهور من أن تعلق الزكاة بثمر النخل من حين اصفراره أو احمراره قبل صدق التمر عليه،و لكن قد مر ان تعلقها بثمره من حين صدق التمر،و عليه فلا موضوع للمقاسمة قبل ذلك،و به يظهر حال المسألة الآتية.
في الجواز اشكال بل منع،لأن مقتضى القاعدة عدم الجواز مطلقا
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 95)
جنس كان،بل يجوز أن تكون من المنافع كسكنى الدار مثلا و تسليمها بتسليم العين إلى الفقير.
[مسألة 10:لا تتكرر زكاة الغلات بتكرر السنين إذا بقيت أحوالا]
[2667]مسألة 10:لا تتكرر زكاة الغلات بتكرر السنين إذا بقيت أحوالا، فإذا زكّى الحنطة ثم احتكرها سنين لم يجب عليه شيء،و كذا التمر و غيره.
[مسألة 11:مقدار الزكاة الواجب إخراجه في الغلات هو العشر فيما سقي بالماء الجاري أو بماء السماء]
[2668]مسألة 11:مقدار الزكاة الواجب إخراجه في الغلات هو العشر فيما سقي بالماء الجاري أو بماء السماء أو بمصّ عروقه من الأرض كالنخل و الشجر بل الزرع أيضا في بعض الأمكنة،و نصف العشر فيما سقي بالدلو و الرشاء و النواضح و الدوالي و نحوها من العلاجات،و لو سقي بالأمرين فمع صدق الاشتراك في نصفه العشر و في نصفه الآخر نصف العشر،و مع غلبة الصدق لأحد الأمرين فالحكم تابع لما غلب(1)،و لو حتى من النقدين،حيث ان تبديل عين الزكاة بغيرها بحاجة إلى دليل و قد تقدم انه لا دليل عليه الاّ في خصوص ما إذا كانت القيمة من النقدين.
نعم،قد ادعى الاجماع على الجواز في المسألة،و لكن اثبات هذا الحكم بالإجماع المدعى فيها في غاية الاشكال و المنع.
في اطلاقه اشكال بل منع،لأن نسبة الغلبة إذا كانت نسبة ضئيلة على نحو لا تمنع عن صدق الاشتراك فالحكم النصف و النصف و إن كانت كثيرة على نحو تمنع عن صدق الاشتراك فالحكم كما ذكره الماتن قدّس سرّه.و على الجملة فما دل على ان ما سقته السماء ففيه العشر،و ما سقي بالدوالي ففيه نصف العشر لا يشمل صورة الاشتراك،لأن اطلاق الأول معارض مع اطلاق الثاني في هذه الصورة،و المرجع فيه حينئذ صحيحة معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
«فيما سقت السماء و الأنهار أو كان بعلا فالعشر،فأما ما سقت السواني و الدوالي فنصف العشر،فقلت له:فالأرض تكون عندنا تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 96)
……….
و تسقى سيحا،فقال:إنّ ذا ليكون عندكم كذلك،قلت:نعم،قال:النصف و النصف،نصف بنصف العشر،و نصف بالعشر،فقلت:الأرض تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء(و)فتسقى السقية و السقيتين سيحا،قال:و كم تسقى السقية و السقيتين سيحا؟قلت:في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة و قد مكث قبل ذلك في الأرض ستة أشهر سبعة أشهر،قال:نصف العشر» 1.
فان المستفاد منها عرفا ان الزرع إذا كان يسقى بالدوالي في مدة و يسقى سيحا في مدة اخرى لا تقل عن الاولى في طول مدة فصل زرع الحنطة و الشعير على نحو يصدق عرفا انه سقي بهما معا و إن كان زمان السقي بأحدهما أكثر من الآخر فالمعيار انما هو بصدق السقي بهما و إن كان أحدهما أغلب من الآخر بنسبة ضئيلة،إذ حمل اطلاق الصحيحة على صورة تساوي السقيين عددا أو زمانا حمل على فرد نادر،و حيث ان المنساق من جواب الامام عليه السّلام عن السؤال الأول في الصحيحة هو السقي بهما معا،فيكون منصرفا عما إذا كان السقي بالسيح بنسبة ضئيلة،فمن أجل ذلك سأله ثانيا بقوله:«تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتسقى السقية و السقيتين سيحا»ثم قال الامام عليه السّلام:«كم تسقى السقية و السقيتين سيحا»قال الراوي:«في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة»فأجاب عليه السّلام:«فيه نصف العشر…».فان المتفاهم العرفي من الجوابين عن السؤالين في الصحيحة بعد تحديد نسبة السقية و السقيتين فيها بمناسبة الحكم و الموضوع الضابط العام للمسألة،و هو أن السقي بكل منهما إذا كان بنسبة معتد بها على نحو لو اكتفى بأحدهما و ترك الآخر انعدم الزرع،و حينئذ تجب النصف و النصف، و إذا كان السقي بأحدهما بنسبة غير معتد بها بحيث لو تركه لا يؤثر فيه،و لو أثر لكان تأثيره كالمعدوم كان حاله حال الأمطار الفصلية بالقياس إلى ما يسقى سيحا أو بالدوالي،حيث انه لا يكون مؤثرا في تغيير الزرع عما كان يوصف به عرفا من كونه سقي سيحا أو بالدوالي فيلحقه حكم الاسم الذي يطلق عليه في
1) <page number=”96″ />الوسائل باب:6 من أبواب زكاة الغلات الحديث:1.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 97)
……….
العرف.
و بكلمة اخرى:ان الأرض المزروعة على نوعين..
أحدهما:ما سقته السماء أو السيح.
و الآخر:ما سقته الدوالي أو السواني.
و إن شئت عبر عن الأول بالسقي بدون علاج،و عن الثاني مع علاج، و لكل منهما حكمه،و على هذا الأساس فان سقى بكل منهما بين فترة و اخرى، فان كان على نحو يؤثر في تغيير الاسم عرفا بحيث لا يصدق عليه لا الاسم الأول و لا الثاني كان حكمه مشتركا بين القسمين على نسبة واحدة،و لا فرق في ذلك بين أن يكون السقي بهما على نحو التساوي عددا أو زمانا،أو لا،فان المعيار انما هو بالصدق العرفي.و إن كان على نحو لا يؤثر في تغييره بنظر العرف كما إذا كان السقي به بنسبة قليلة غير معتد بها كالأمطار الفصلية التي لا تؤثر في تغيير الزرع من الأرض عما كان عليه من الاسم و الوصف و هو ما سقاه سيحا و ما سقاه بالدوالي.و الصحيحة ناظرة إلى بيان ذلك الضابط العام.
بقي هنا شيء:و هو ان المتفاهم العرفي من روايات الباب اناطة العشر بالسقي المباشر بدون علاج كالسقي بماء النهر أو المطر أو العين،فان الماء يصل إلى الزرع بطبعه لو خلي و سبيله و جعله معدا للجري على الزراعة و لو بسدّ سبيله المتعارف و اصلاح مجراه و ازالة الموانع عن وصوله إليها و غير ذلك من المقدمات التي لا بد من توفيرها في تحقق الايصال و حصول السقي،إذ عادة لا يمكن ايصال الماء إلى مزرعة من النهر أو العين بدون توفير تلك المقدمات، و بعد توفيرها فايصاله إليها و سقيها به لا يحتاج إلى مئونة و علاج،و اناطة نصف العشر بالسقي مع العلاج حيث ان الماء لم يصل إلى الزرع بطبعه بل بحاجة إلى استعمال آلة كالدوالي و نحوها و ايصاله إليه بواسطتها.
فالنتيجة:ان المعيار العام لذلك هو ان ايصال الماء إلى الزرع و سقيه به ان كان بطبعه و بدون علاج و مئونة ففيه العشر،و إن لم يكن بطبعه بل بحاجة إلى
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 98)
شك في صدق الاشتراك أو غلبة صدق أحدهما فيكفي الأقل و الأحوط الأكثر.
[مسألة 12:لو كان الزرع أو الشجر لا يحتاج إلى السقي بالدوالي]
[2669]مسألة 12:لو كان الزرع أو الشجر لا يحتاج إلى السقي بالدوالي و مع ذلك سقي بها من غير أن يؤثر في زيادة الثمر فالظاهر وجوب العشر، و كذا لو كان سقيه بالدوالي و سقي بالنهر و نحوه من غير أن يؤثر فيه فالواجب نصف العشر.
[مسألة 13:الأمطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه]
[2670]مسألة 13:الأمطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه إلا إذا كانت بحيث لا حاجة معها إلى الدوالي أصلا(1)،أو كانت بحيث توجب صدق الشركة فحينئذ يتبعهما الحكم.
[مسألة 14:لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلا عبثا أو لغرض فزرعه آخر و كان الزرع يشرب بعروقه]
[2671]مسألة 14:لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلا عبثا أو لغرض فزرعه آخر و كان الزرع يشرب بعروقه فالأقوى العشر،و كذا إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع ثم بدا له أن يزرع زرعا يشرب بعروقه بخلاف ما إذا أخرجه لغرض الزرع الكذائي،و من ذلك يظهر حكم ما إذا أخرجه لزرع فزاد و جرى على أرض اخرى.
[مسألة 15:إنما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة]
[2672]مسألة 15:إنما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة،بل ما يأخذه باسم الخراج أيضا(2)،بل ما يأخذه العمال زائدا آلة بها يوصل الماء إلى الزرع و يسقيه ففيه نصف العشر.
هذا من جهة ان ما سقته السماء ففيه العشر يصدق عليه،و به يظهر حال المسألة الآتية.
في استثناء ذلك من العين الزكوية اشكال بل منع،فان المستثنى منها انما هو حصة السلطان باسم المقاسمة التي تؤخذ من نفس العين،بل هي غير مملوكة للزارع من الأول،فاذن يكون استثناؤها من باب التخصص و على
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 99)
……….
القاعدة،لا من باب التخصيص لكي يحتاج إلى دليل،و هذا بخلاف ما وضع من قبل السلطان على الأراضي باسم الخراج من كمية خاصة من النقود،فانه لا دليل على استثنائه من العين الزكوية،فان النصوص الواردة في تلك الأراضي قاصرة الدلالة على استثناء ما يعادل الخراج من الزكاة.
منها:صحيحة أبي بصير و محمد بن مسلم جميعا عن أبي جعفر عليه السّلام أنهما قالا له:«هذه الأرض التي يزارع أهلها ما ترى فيها؟فقال:كل أرض دفعها إليك السلطان فما حرثته فيها فعليك مما أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه،و ليس على جميع ما أخرج اللّه منها العشر،انما عليك العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمتك لك» 1،فان موردها المقاسمة و هي حصة من حاصل الزرع التي وضعها السلطان في الأرض التي دفعها إلى الزارع،و قد مر أن تلك الحصة التي هي باسم المقاسمة لا تدخل في ملك الزارع من الأول،فمن أجل ذلك يكون استثناؤها من الزكاة على القاعدة،و هذا بخلاف الخراج فانه عبارة عن كمية خاصة من النقود التي وضعت على الأرض باسم الخراج و لا يرتبط بحاصل الزرع.أو فقل انه نوع ضريبة توضع من قبل السلطان على الأرض و لا صلة له بنمائها و حاصلها فانه كلا ملك للزارع و لا موجب لخروج ما يعادل الخراج من الحاصل عن ملكه.
و منها:قوله عليه السّلام في صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر:«و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الامام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر قبل ارضها و نخلها و الناس يقولون لا تصلح قبالة الأرض و النخل إذا كان البياض أكثر من السواد و قد قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر و عليهم في حصصهم العشر و نصف العشر» 2.
بدعوى:انه ينص على استثناء الخراج و اخراجه قبل الزكاة،لأن
1) <page number=”99″ />الوسائل باب:7 من أبواب زكاة الغلات الحديث:1.
2) الوسائل باب:72 من أبواب جهاد العدو و ما يناسبه الحديث:2.
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۶ 100)
……….
قوله عليه السّلام:«و عليهم في حصصهم العشر و نصف العشر»ناص في نفي الزكاة عن الخراج و تخصيصها بحصص الزارعين.
و منها:غيرها.
و الجواب:ان ظاهر الصحيحة هو ان القبالة التي وضعت على الأرض انما وضعت بحصة من حاصل الزرع و هذا مما يسمى لدى الفقهاء بالمقاسمة،فلا تعم الخراج،و قد تقدم ان حصة السلطان المسماة بالمقاسمة لا تدخل في ملك الزارع و المتقبل حتى تجب عليه زكاتها،لأنها من الأول تدخل في ملك السلطان،و القرينة على ذلك تخصيص وجوب الزكاة على المتقبلين بحصصهم فانه يدل على ان القبالة الموضوعة على الأرض عبارة عن حصة من حاصل الزرع فيها،فاذن لا تعم الصحيحة الخراج لما مر من أنه عبارة عن كمية من النقود الموضوعة على الأرض من الدراهم أو الدنانير بعنوان الضريبة عليها، و ليس عبارة عن جعل حصة من حاصل الزرع للدولة،فالحاصل تماما ملك للزارع،و مع التنزل عن ذلك و فرض عدم ظهور الصحيحة فيه،فلا شبهة في أنها ليست ظاهرة في ان القبالة فيها أعم من الخراج.
فالنتيجة:انه لا دليل على استثناء ما يعادل الخراج من العين الزكوية،و أما دعوى الاجماع على استثناء الخراج كالمقاسمة.
فيرد عليها..أولا:ان الاجماع غير ثابت.
و ثانيا:على تقدير ثبوته فلا طريق لنا إلى احرازه.
و ثالثا:على تقدير احرازه الاّ أن هذا الاجماع في المسألة لا يكون تعبديا لاحتمال أن يكون مدرك الحكم فيها تلك الصحيحة و نحوها.
إلى هنا قد ظهر ان حصة السلطان المجعولة على الأرض ان كانت على وجه المقاسمة فاستثناؤها من العين الزكوية يكون على القاعدة،و تؤكد على ذلك الصحيحتان المتقدمتان،و ان كانت على وجه الخراج فلا موضوع للاستثناء حيث ان الخراج ليس حصة من حاصل الأرض،بل هو متمثل في