فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۷

جلد

7

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۷ صفحه 2

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۷

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 101)


مزرع أو مسكن أو دكّان(1)أو خان أو غيرها،فيجب فيها الخمس.

و مصرفه مصرف غيره من الأقسام على الأصح،و في وجوبه في المنتقلة إليه من المسلم بغير الشراء من المعاوضات
في التعميم اشكال،و لا يبعد دعوى اختصاص قوله عليه السّلام في صحيحة عبيدة الحذاء:«أيّما ذمي اشترى من مسلم أرضا فان عليه الخمس» 1بالأرض الخالية سواء أ كانت للزراعة أم للمسكن أو للدكان أو نحو ذلك،لصدق انه اشترى أرضا من مسلم،و إن كان القدر المتيقن منها الأول،الاّ ان اطلاقها يشمل الباقي أيضا،و أما إذا اشترى دارا من مسلم أو دكانا أو خانا فلا يبعد دعوى انصراف النص عنه عرفا،حيث انه ليس شراء للأرض مباشرة،بل هو شراء للدار المشتملة على الأرض،فلا يقال عرفا انه اشترى أرضا.

و إن شئت قلت:ان للأرض اطلاقين..

أحدهما:في مقابل السماء.

و الآخر:في مقابل الدار و الدكان و الخان و ما شاكل ذلك.و الثاني هو الشائع عرفا في الاستعمالات الفقهية و غيرها.و دعوى ان الدار اسم لمجموع الأرض و البنيان و كذلك الخان و البستان و ما شابه ذلك،و كل منهما مقصود بالذات و ملحوظ بحياله في مقام الشراء من دون تبعية،و إن كانت صحيحة،فان من اشترى دارا كما أنه يلاحظ بنيانها كما و كيفا،كذلك يلاحظ أرضها سعة و ضيقا،و غيرها من الخصوصيات،الا أنها لا تثبت ان الأرض ملحوظة مستقلا بل هي ملحوظة في ضمن المجموع كسائر أجزائها،و نتيجة ذلك ان هذا الشراء شراء المجموع من حيث المجموع،لا شراء كل جزء،فانه في ضمن المجموع، فلا يصدق على شراء الدار عرفا شراء الأرض الا بالعناية.و من هنا يصح أن


 

1) <page number=”101″ />الوسائل باب:9 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 102)


إشكال(1)،فالأحوط اشتراط مقدار الخمس عليه في عقد المعاوضة،و إن كان القول بوجوبه في مطلق المعاوضات لا يخلو عن قوة.

و إنما يتعلق الخمس برقبة الأرض دون البناء و الأشجار و النخيل إذا كانت فيه،و يتخير الذمي بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها(2)،و مع عدم دفع قيمتها يتخير ولي الخمس بين أخذه و بين إجارته(3)،و ليس له قلع
يقال انه اشترى دارا أو دكانا لا أرضا،فمن أجل ذلك لا اطلاق للنص و ان الظاهر منه عرفا هو شراء الأرض بعنوانها و مباشرة،و بما ان شراء الدار أو نحوها ليس شراء لها الاّ ضمنا و بالعناية فلا يكون مشمولا له.

فيه ان الظاهر عموم الحكم لكل أرض انتقلت إليه من مسلم و إن لم يكن بالشراء،على أساس ان المتفاهم العرفي من النص في المسألة بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية عدم الموضوعية للشراء.

مر الاشكال في كفاية دفع القيمة و إن كان من النقدين،فاذن لا بد أن يكون دفعها باذن من الحاكم الشرعي.

فيه أن صحة الاجارة في حصة الامام عليه السّلام منوطة بأحد أمرين..

الأول:أن يحرز رضا الامام عليه السّلام بها.

الثاني:ان ولي الخمس يرى فيها مصلحة.و إن لم يحرز الرضا باعتبار أن أمرها بيده في زمن الغيبة،و اما صحتها في حصة السادة فهي مرتبطة بولايته عليها،و لا يبعد ثبوتها له،و لكن لا مطلقا بل هي تدور مدار المصلحة وجودا و عدما،فاذا رأى مصلحة في اجارتها و صرف الأجرة عليهم،فلا مانع منها.

و دعوى أن ولايته انما هي على القبض و الاقباض و الصرف عليهم لا اكثر،و اما التصرف فيها بايجار أو نحوه فهو بحاجة إلى دليل.

مدفوعة:بأن ولايته عليها تتبع وجود المصلحة،فان كانت هناك مصلحة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 103)


الغرس و البناء بل عليه إبقاؤهما بالأجرة،و إن أراد الذمي دفع القيمة و كانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء تقوّم مشغولة بها مع الأجرة فيؤخذ منه خمسها،و لا نصاب في هذا القسم من الخمس،و لا يعتبر فيه نية القربة(1)
في صرفها عليهم دون الحفظ أو الإيجار وجب الصرف عليهم عينا أو بدلا، و حينئذ فلا ولاية له على الحفظ أو الإيجار،و إن كانت هناك مصلحة في الايجار و صرف موارده عليهم فله ذلك،و إن كانت هناك مصلحة في كلا الأمرين فهو مخير بينهما،و من هنا لا شبهة في ثبوت ولايته على تبديلها بشيء آخر و صرف ذلك الشيء عليهم.

فيه اشكال بل منع،لأن الخمس إن كان من الواجب العبادي كما هو المعروف بين الفقهاء فلا فرق بين الخمس الواجب على الذمي و الخمس الواجب على غيره.

و دعوى ان الذمي بما أنه لا يتمكن من قصد القربة فمن أجل ذلك لا يعتبر في اخراجه الخمس من الأرض.

مدفوعة..أولا:لما ذكرناه في كتابي الصوم و الزكاة من الاشكال في اعتبار الإسلام في صحة العبادة.

و ثانيا:ان الخمس واجب عبادي و إن كان مشهورا،الاّ ان اثباته بالدليل مشكل جدا،و قد تقدم تفصيل ذلك في باب الزكاة،نعم مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنه معتبر فيه فعندئذ لا يعتبر فيه قصد القربة،بملاك ان الدليل على اعتباره لما كان هو الاجماع،فالقدر المتيقن انما هو اعتباره في حال التمكن لا مطلقا،فلو أدى المالك خمس ماله غافلا عن نية القربة، ثم بعد الأداء تذكر بالحال،فالظاهر هو الاجزاء و عدم وجوب الاعادة مرة ثانية، و كذلك الحال في المقام،فان المالك و هو الذمي بما انه لا يتمكن من

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 104)


حين الأخذ حتى من الحاكم،بل و لا حين الدفع إلى السادة.

[مسألة 40:لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت تبعا للآثار]

[2916]مسألة 40:لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت تبعا للآثار ثبت فيها الحكم لأنها للمسلمين،فإذا اشتراها الذمي وجب عليه الخمس و إن قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع(1)و أن المبيع هو الآثار و يثبت في الأرض حق الاختصاص للمشتري،و أما إذا قلنا بدخولها فيه فواضح،كما أنه
قصد القربة فالساقط انما هو وجوبه دون أصل وجوب الخمس،على أساس أن دليل وجوب الخمس من الآية الشريفة و الروايات مطلق،و مقتضى اطلاقه وجوبه مطلقا حتى في حال عدم تمكن المالك من قصد القربة،أو كونه ناسيا له، أو غافلا عنه،و لا دليل على تقييد اطلاقه بقصد القربة الاّ الاجماع المدعى في المسألة على اعتباره،و من المعلوم انه لا يصلح لتقييده الاّ في حال التمكن منه لا مطلقا،حيث لا اجماع الاّ في هذه الحال،و نتيجة ذلك انه لا مانع من التمسك باطلاقه في غير تلك الحال.

الظاهر انه قدّس سرّه اراد به عدم دخول رقبة الأرض في المبيع،و أن المشتري انما هو حق الاختصاص بها دون أصل الرقبة،كما إذا اشتراها الذمي ممن تكون علاقته بها بسبب عملية الاحياء،فانها بناء على ما قويناه لا تمنح المحيى الاّ حق الاختصاص بها دون الملك إذا كان تاريخها الزمني بعد الفتح، و على هذا فاذا باعها المحيى لها فقد باع حقه المتعلق بها لا أصل الرقبة،فانها ظلت باقية في ملك المسلمين،و لكن بما انه يصدق عليه شراء الأرض فيكون مشمولا لإطلاق النص.

و دعوى ان الشراء فيه منصرف إلى شراء نفس الرقبة فلا يعم شراء الحق المتعلق بها فقط.

مدفوعة:بأنه لا منشأ لهذا الانصراف،لأن نتيجة شراء الأرض تختلف

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 105)


كذلك إذا باعها منه أهل الخمس بعد أخذ خمسها فإنهم ما لكون لرقبتها و يجوز لهم بيعها.

[مسألة 41:لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقى على ملكية الذمي بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء إلى مسلم آخر]

[2917]مسألة 41:لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقى على ملكية الذمي بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء إلى مسلم آخر(1) كما لو باعها منه بعد الشراء أو مات و انتقلت إلى وارثه المسلم أو ردها إلى البائع بإقالة أو غيرها،فلا يسقط الخمس بذلك،بل الظاهر ثبوته أيضا لو كان للبائع خيار ففسخ بخياره.

باختلاف الموارد،فانه قد يمنح المشتري العلقة الملكية لها،و قد يمنحه العلقة الحقية بها،فاذا اشترى الأرض المفتوحة عنوة من الإمام عليه السّلام أو الحاكم الشرعي يمنحه العلقة الملكية لها،و إذا اشتراها من واحد من آحاد المسلمين يمنحه العلقة الحقية بها،و كذلك الحال في عملية الاحياء،فان من قام بها فان كان قبل تاريخ فتحها بيد المسلمين زمنيا أو قبل تاريخ تشريع الانفال كذلك فقد تمنح المحيى علاقة بها على مستوى الملك،و إن كان بعده تمنح علاقة بها على مستوى الحق،هذا و لكن لا تظهر الثمرة بين القولين في المقام.

هذا لإطلاق النص،نعم أن هنا مسألة أخرى،و هي أن الأرض بعد شراء الذمي إذا انتقلت منه إلى مسلم آخر،فإن كان ذلك المسلم ممن شملته أخبار التحليل انتقلت كل الأرض اليه و خمسها إلى عهدة الذمي، بلا فرق في ذلك بين أن يكون انتقالها إليه بالشراء أو الهبة أو الإرث أو نحو ذلك،هذا إذا كان الثمن كليا،و أما إذا كان شخصيا فينتقل خمسها إلى الثمن لا إلى عهدته،و إن لم يكن ممن شملته تلك الأخبار انتقلت إليه أربعة أخماسها دون الكل،لأن خمسها ملك لأصحابه،فتكون المعاملة بالنسبة إليه فضولية تتوقف صحتها على أحد أمور:إما امضاء الحاكم الشرعي لها،أو اعطاء الذمي خمسها من مال آخر ثم اجازته المعاملة،أو

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 106)


[مسألة 42:إذا اشترى الذمي الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس لم يصح]

[2918]مسألة 42:إذا اشترى الذمي الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس لم يصح(1)،و كذا لو اشترط كون الخمس على البائع،نعم لو شرط على البائع المسلم أن يعطي مقداره عنه فالظاهر جوازه.

[مسألة 43:إذا اشتراها من مسلم ثم باعها منه أو من مسلم آخر ثم اشتراها ثانيا]

[2919]مسألة 43:إذا اشتراها من مسلم ثم باعها منه أو من مسلم آخر ثم اشتراها ثانيا وجب عليه خمسان خمس الأصل للشراء أوّلا و خمس أربعة أخماس للشراء ثانيا(2).

اعطاء المشتري خمسها ثم الرجوع إلى الذمي و مطالبته ببدل الثمن الذي أخذه الذمي عوضا عن خمسها،و قد مر نظير ذلك في المسألة(39).

لأنه مخالف للسنة،و الشرط المخالف لها لا يكون نافذا،نعم لو شرط الذمي على البائع المسلم اعطاء مقدار من خمسها أو كله فلا مانع منه،لأنه شرط الفعل فيكون نافذا.

في اطلاقه اشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل بين ما إذا كان المشتري شيعيا و ما إذا لم يكن شيعيا،فعلى الأول يجب على الذمي أن يخمس كل الأرض ثانيا على أساس ان الأرض بكلّ اجزائها انتقلت منه إلى المشتري إذا كان شيعيا،و خمسها انتقل إلى عهدته و عليه فاذا اشترى الذمي الأرض من المشتري ثانيا ملكها بتمام اخماسها لفرض أنها كانت كذلك ملكا للمشتري، فاذن يجب عليه تخميسها كلا،و كذلك الحال اذا باعها منه ثانيا ثم اشتراها أيضا، و هكذا.و على الثاني يجب عليه أن يخمس أربعة أخماسها باعتبار أنها كانت ملكا للمشتري ثم انتقلت منه إلى الذمي،و أما خمسها فهو ملك لأصحابه، و كذلك اذا باعها الذمي ثانيا ثم اشتراها منه أيضا،فان المنتقل إليه أربعة اخماس الباقي من الأرض و هكذا فكلما كرر بيعها من مسلم ثم اشتراها منه نقص خمسها في كل مرة بالنسبة،شريطة أن لا يكون المشتري شيعيا كما هو

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 107)


[مسألة 44:إذا اشترى الأرض من المسلم ثم أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس]

[2920]مسألة 44:إذا اشترى الأرض من المسلم ثم أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس(1)،نعم لو كانت المعاملة مما يتوقف الملك فيه على القبض فأسلم بعد العقد و قبل القبض سقط عنه لعدم تمامية ملكه في حال الكفر(2).

المفروض،ففي الشراء الأول نقص الخمس بالنسبة إلى كل الأرض،و في الثاني نقص بالنسبة إلى أربعة أخماسها و هكذا.

قيل بالسقوط على أساس أن الإسلام يجبّ ما قبله،فإذا أسلم الكافر فهو غير مطالب شرعا بالواجبات من المالية كالزكاة و الخمس و نحوهما، و البدنية كالصلاة و الصيام و الحجّ و ما شاكلها و إن قلنا بأن الكفار مكلفون بالفروع أيضا كما هو الأظهر.

و لكن هذا القيل لا أصل له،فان الإسلام و إن كان يجبّ ما قبله و تنص على ذلك السيرة القطعية من النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله الجارية على عدم مطالبة الكافر إذا اسلم بقضاء الواجبات المالية و البدنية،و لم يرد و لا في مور واحد أن النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله أمر الكافر بعد اسلامه بقضاء تلك الواجبات مع كثرة دخول الكفار في الإسلام،الاّ انه لا يعم المقام على أساس ان الحكم فيه ثابت للذمي بما هو ذمي لا بما هو كافر،و حديث الجبّ يختص بالكافر بما هو كافر فلا يعم أحكام الذمي.

فالنتيجة:ان الحكم في المقام حكم خاص ثابت للكافر بعنوان الذمي، و هو تمام الموضوع من دون دخل جهة كفره فيه،هذا اضافة إلى أن نسبة هذا الدليل إلى دليل الجب نسبة الخاص إلى العام،فلا مناص حينئذ من التخصيص بغير مورده.

في العبارة مسامحة واضحة،و عليه أن يقول:في حال الذمة،بدل قوله

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 108)


[مسألة 45:لو تملك ذمي من مثله بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل القبض]

[2921]مسألة 45:لو تملك ذمي من مثله(1)بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل القبض ففي ثبوت الخمس وجهان،أقواهما الثبوت.

[مسألة 46:الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البائع على الذمي أن يبيعها بعد الشراء من مسلم]

[2922]مسألة 46:الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البائع على الذمي أن يبيعها بعد الشراء من مسلم(2).

في حال الكفر،باعتبار أن هذا الحكم حكم الذمة لا حكم الكفر،فإذا أسلم خرج عن الذمة.

فيه انه لا وجه لهذا التقييد،إذ لا فرق بين أن يكون تملك الذمي الأرض من ذمي أو معاهد أو حربي،فان المعيار انما هو باسلام الناقل قبل القبض شريطة أن يكون الملك متوقفا عليه،و لم يحصل بمجرد إنشاء العقد، و حينئذ فإذا أسلم الناقل قبل القبض و بعد إنشاء العقد صدق ان الذمي ملك الأرض من مسلم و إن كان إنشاء العقد قبل اسلامه،الاّ أنه لا أثر لمجرد الانشاء إذا لم يكن مملكا،فإذا وهب كافر حربي أرضا من ذمي ثم اسلم و بعد اسلامه قبض الذمي الأرض صدق انه ملكها من مسلم باعتبار أنها باقية في ملك الواهب،و بالقبض انتقلت من ملكه إلى ملك القابض،و عندئذ يتحقق موضوع وجوب الخمس.

هذا هو الصحيح لأن موضوع وجوب الخمس و هو ملك الذمي الأرض بالشراء قد تحقق،و شرط البيع عليه لا يمنع منه.

و دعوى ان هذا الشرط في نفسه محل اشكال بل منع لدى المشهور،فاذن لا أثر له لكي يمنع منه.

مدفوعة..أولا:بأنها مبنية على الخلط بين اشتراط البائع على المشتري أن يبيعه منه ثانيا،و بين اشتراطه عليه أن يبيعه من شخص آخر،فالاشكال عند المشهور انما هو في الأول دون الثاني،و الشرط في المقام من قبيل الثاني.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 109)


[مسألة 47:إذا اشترى المسلم من الذمي أرضا ثم فسخ بإقالة أو بخيار]

[2923]مسألة 47:إذا اشترى المسلم من الذمي أرضا ثم فسخ بإقالة أو بخيار ففي ثبوت الخمس وجه لكن الأوجه خلافه حيث إن الفسخ ليس معاوضة.

[مسألة 48:من بحكم المسلم بحكم المسلم]

[2924]مسألة 48:من بحكم المسلم بحكم المسلم.

[مسألة 49:إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذمي عليه وجب عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه و هكذا]

[2925]مسألة 49:إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذمي عليه وجب عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه و هكذا.

[السابع:ما يفضل عن مئونة سنته و مئونة عياله من أرباح التجارات و من سائر التكسبات]

السابع:ما يفضل عن مئونة سنته و مئونة عياله من أرباح التجارات و من سائر التكسبات من الصناعات و الزراعات و الإجارات حتى الخياطة و الكتابة و التجارة و الصيد و حيازة المباحات و أجرة العبادات الاستئجارية من الحج و الصوم و الصلاة و الزيارات و تعليم الأطفال و غير ذلك من الأعمال التي لها أجرة،بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة و إن لم تحصل بالاكتساب كالهبة و الهدية و الجائزة و المال الموصى به و نحوها،بل لا يخلو عن قوة(1).

و ثانيا:ان ما هو المشهور من الاشكال في صحة هذا الشرط لا أساس له، و مقتضى اطلاق دليل وجوب الوفاء بالشرط الصحة،بلا فرق بين الأول و الثاني، و بذلك يظهر حال المسائل الآتية.

هذا هو الصحيح،بيان ذلك:ان المال الواصل إلى الانسان على نوعين..

أحدهما:ما يصل اليه بالاكتساب و الجهد.

و الآخر:ما يصل إليه بدون ذلك.

أما الأول:فنقصد به ما يبذل الانسان في طريق الحصول عليه جهدا و عملا تجاريا أو مهنيا أو حرفيا،و يدل على وجوب الخمس فيه الكتاب و السنة.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 110)


……….

اما الكتاب فقوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ.. 1الخ،بتقريب ان الغنيمة لغة و عرفا عبارة عن الفائدة التي يستفيدها المرء،فاذا قيل:غنم رجل،كان المنساق منه أنه ربح،فتكون الغنيمة مساوقة عرفا للربح و الفائدة،و تخصيص وجوب الخمس بحصة خاصة من الغنيمة و هي غنائم دار الحرب دون سائر حصصها بحاجة إلى قرينة تدل على ذلك،و لا قرينة في البين لا في نفس الآية الشريفة و لا من الخارج،بل القرينة على العموم موجودة،و هي اطلاق الآية الشريفة.

نعم،انها في مرحلة التطبيق قد طبقت في زمن النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله على غنائم دار الحرب فقط،و لا شاهد على تطبيقها على سائر الغنائم،و لكن من المعلوم ان ذلك لا يدل على التخصيص في مرحلة التشريع و الجعل ضرورة أن مجرد عدم تطبيق وجوب خمس الغنيمة على سائر الغنائم و الفوائد في عصر التشريع لا يصلح أن يكون قرينة على عدم تشريعه في الشريعة المقدسة على أساس أن التطبيق يتبع ظروفه الملائمة له.

فالنتيجة:انه لا شبهة في اطلاق الآية الكريمة و دلالتها على جعل وجوب الخمس لمطلق الغنيمة و الفائدة،و يؤكد ذلك تفسير الغنيمة بالفائدة في صحيحة علي بن مهزيار التي جاءت بهذا النص:(فاما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام،قال اللّه تعالى:و اعلموا إنّما غنمتم من شيء فان للّه خمسه..إلى أن قال:فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها) 2.

و اما السنة:فهي متمثلة في روايات كثيرة تدل على وجوب الخمس بمختلف الألسنة.


 

1) <page number=”110″ />الانفال آية 41.
2) الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 111)


……….

منها:موثقة سماعة قال:«سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الخمس؟فقال:في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير» 1فإنها تنص على أن الخمس في كل فائدة يفيدها المرء سواء أ كانت بتجارته أم كانت بمهنته أو حرفته أو نحو ذلك.

و منها:قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«فأما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام» 2.

فالنتيجة في نهاية المطاف انه لا شبهة في وجوب الخمس في مطلق الفائدة و الغنيمة في الشريعة المقدسة،بل يظهر من بعض روايات أهل السنة المنقول عن صحيح البخاري و الترمذي أيضا ذلك.

و اما الثاني فنقصد به مالا يبذل الانسان في سبيل الحصول عليه جهدا و عملا من الأعمال المشار إليها آنفا،كالهبة و الهدية و الجائزة و ما شاكلها،و هل يجب فيه الخمس أو لا؟في المسألة قولان..

أحدهما:وجوبه فيه،و هذا القول هو الصحيح و ذلك لسببين.

الأول:ان الظاهر صدق الفائدة على المال الموهوب إذا قبضه الموهوب له،فانه إذا أعطى الواهب المال للموهوب له و أخذه ناويا به القبض و التملك، صدق انه افادها،و يتحقق به موضوع وجوب الخمس،فالنتيجة انه بالقبض و التملك يصدق عليه انه فائدة يستفيدها الموهوب له.

الثاني:قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«و الجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر» 3فانه يدل على وجوب الخمس في الجائزة،و هي باطلاقها تعم الهبة و الهديه،بل المال الموصى به للموصى له،باعتبار أنها لغة و عرفا عبارة عن عطية الانسان للإنسان،و هي معنى عام يشمل الجميع،و على هذا فالصحيحة تدل على وجوب الخمس في الكل شريطة أن تكون لها خطر و شأن،و أما إذا لم تكن فلا تدل على وجوب الخمس فيها،و عندئذ يرجع إلى


 

1) <page number=”111″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:6.
2) الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.
3) الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 112)


……….

اطلاقات الأدلة التي مقتضاها وجوب الخمس في كل فائدة يستفيدها المرء و إن كانت قليلة،باعتبار ان الصحيحة لا تنفى وجوب الخمس عما إذا كانت الجائزة قليلة،بل هي ساكتة فلا تمنع عن شمول الاطلاقات لها.

فالنتيجة عدم اختصاص وجوب الخمس بالفوائد المكتسبة من أنواع التجارات و الصناعات و الزراعات و المهن و الحرف و ما شاكل ذلك،بل يعم كل فائدة يستفيدها الانسان و إن لم تكن بالاكتساب و بذل الجهد و بذلك يظهر حال القول الآخر في المسألة و انه لا وجه له.

ثم ان المستثنى من خمس الفائدة أمران..

أحدهما:مئونة الاكتساب،و نقصد به المعنى العام الشامل للمهنة و الحرفة و الصنعة بشتى أنواعها و اشكالها،فالتاجر يستثنى من الفائدة كل ما يصرف عينه في طريق الحصول عليها كأجرة النقل و الانتقال و السفر و الدكان و الدلال و الحمال و الكاتب و العامل و الحارس و ما شاكل ذلك مما يرتبط بشؤون تجارته و لوازمها،و يخمس الباقي،و الصانع يستثنى منها كل ما يصرفه كذلك في طريق الوصول اليها بتشغيل معامله و مصانعه كأجرة المهندسين و الخبراء الفنيين و العمال و الكاتب و الحارس و الحمال و النقل و الانتقال و ما شابه ذلك، و الطبيب يستثنى من الفائدة كل ما يصرفه كذلك في سبيل الحصول عليها بإعمال مهنته كأجرة المطب و السيارة و الحارس و العامل و نحو ذلك مما تتطلبه عملية الطبابة،و المهندس يستثنى منها كل ما يصرفه كذلك في طريق الوصول إليها بالقيام بعملية الهندسة و ما تتطلبه تلك العملية من أجرة المكتب و الكاتب و الحارس و العامل و نحو ذلك مما يرتبط بشؤون هذه العملية و لوازمها.و بذلك يظهر حال النجار و الحداد و الخياط و غيرهم.و من هذا القبيل ما ورد من النقص على مالية الوسائل و الأدوات التي يمارس بها أصحاب المهن و الحرف و الصنعة بسبب استهلاكها بالاستعمال،فانه يستثنى من الفائدة في نهاية السنة و يخمس

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 113)



الباقي.

و نذكر لذلك فيما يلى عددا من الحالات التطبيقية مستمدة من واقع الحال في المسألة،لكي يتاح للمكلف معرفة الحكم الشرعي لكل حالة مماثلة:

الحالة الأولى:

1-تاجر ينشئ معملا للطباعة،أو مصنعا لصنع الأقمشة أو البلاستك،أو الأحذية أو ما شاكل ذلك،و يشتري بثمن مخمس المكائن و الوسائل و الأدوات للمعامل و المصانع،و في هذه الحالة يحسب التاجر في نهاية السنة ما انتجته المعامل و المصانع من الأرباح و الفوائد له،و ما ورد عليها من النقص على ماليتها بسبب استهلاكها بالاستعمال في طول السنة،فيستثنى النقص من الأرباح و الفوائد بالنسبة،و يخمس الباقي،فان كانت نسبة النقص اليها متمثلة في الربع استثنى منها الربع،و إن كانت في الأكثر،فالأكثر،و إن كانت في الأقل،فالأقل، و الوجه في ذلك أن موضوع وجوب الخمس الفائدة التي يستفيدها المرء و الغنيمة التي يغنمها في كل سنة،و من المعلوم أن ما يصرفه في سبيل الحصول عليها لا يصدق على ما يعادله من الربح فائدة عرفا،و انما تصدق الفائدة على الزائد عليه،و من هنا لو كان ما يصرفه فيه مساويا لما يحصل من الربح فلا يصدق انه استفاد و غنم،و بما أن النقص الوارد في مالية تلك الوسائل و الاسباب انما هو في سبيل الحصول على الفائدة و الغنيمة فبطبيعة الحال لا يصدق على ما يعادله من الربح عنوان الفائدة و الغنيمة عرفا،و من هنا لو كان النقص فيها مساويا للربح فلا يقال انه استفاد في هذه السنة و غنم،فالنتيجة انه لا فرق بين أن تتطلب مؤنة التجارة صرف نفس الأموال في سبيل الحصول على الفائدة،أو تتطلب استعمالها فيه المؤدى إلى الاستهلاك و النقص في ماليتها في نهاية المطاف،فان هذا النقص انما هو في طريق الحصول عليها،فمن أجل ذلك لا يصدق على ما يعادله من الربح فائدة عرفا،و كذلك الحال في السنة الثانية و الثالثة و هكذا تطبيقا

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 114)



لنفس ما تقدم في السنة الأولى.

2-طبيب يشتري بثمن مخمس محلا للطبابة و الأدوات التي يحتاج إليها في تطبيقها عمليا،ثم يواصل في مهنته طول مدة السنة،و في نهايتها يحاسب الناتج منها من الأرباح و الفوائد و ما ورد على تلك الأدوات من النقص و التلف في ماليتها،ثم يستثنى منها بنسبة النقص و يخمس الباقي،و كذلك الحال في السنة الثانية و الثالثة و هكذا تطبيقا لعين ما تقدم،و بذلك يظهر حكم امثاله من أصحاب المهن و الحرف كالمهندس و الصائغ و النجار و الحداد و الخياط و ما شاكلها.

الحالة الثانية:

و هي نفس الحالة الأولى،الاّ أن ثمن المكائن و الأدوات فيها يكون من أرباح أثناء السنة قبل اخراج خمسه،و في هذه الحالة بما أن ثمن المكائن و الأدوات الاستهلاكية من أرباح السنة فتعتبر نفس تلك المكائن و الأدوات ربحا للسنة الحالية،و حينئذ فيقومها بالقيمة الفعلية و يخرج خمسها و خمس الارباح الناتجة منها،و أما ما صرف من المال في سبيل الحصول عليها كاستهلاكها بالاستعمال الموجب لنقص قيمتها فهو من المؤونة.

و من هنا يظهر الفرق بين هذه الحالة و الحالة الأولى،فان النقص الوارد على المكائن و الأدوات بسبب استهلاكها بالاستعمال و التشغيل في الحالة الأولى يستثنى من الارباح الناتجة منها،و يخمس الباقي كما مر،و أما في الحالة الثانية فبما أن المكائن و الأدوات الاستهلاكية كلها من الأرباح و الفوائد،فالنقص الوارد على ماليتها بسبب استهلاكها بالاستعمال في أثناء السنة فهو من المؤونة،فلا يضمن خمسه،باعتبار أن هذا النقص و الاستهلاك إنما ورد في طريق الحصول عليها،لا أنه إتلاف للربح بلا موجب

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 115)



حتى يضمن خمسه.

الحالة الثالثة:

نفس الحالة أيضا،إلاّ أنه لا يعلم بأن ثمن المكائن و الأدوات الاستهلاكية مخمس أولا،و في هذه الحالة مرة يشك بأن الثمن من أرباح السنة الماضية بعد اخراج خمسها،أو أنه من أرباح هذه السنة،و لم يخرج خمسها بعد،و أخرى يعلم بمضى الحول على ثمنها،و لكن كان يشك في اخراج خمسه،و في كلا هذين الفرضين لا مانع من الرجوع إلى الاستصحاب.

أما في الفرض الأول،فلأنه يعلم بأن شخص هذا الثمن كان متعلقا للخمس،و يشك في بقائه فيه من جهة أنه إن كان من ارباح السنة الماضية فقد أخرج خمسه،و إن كان من أرباح هذه السنة فبقى فيه،و معه لا مانع من استصحاب بقائه،و لكن لا يترتب عليه أنه من ربح هذه السنة لكي يكون لازمه شرعا انتقاله إلى نفس الآلات و الأدوات المشتراة به الاّ على القول بالأصل المثبت،فاذن يكون الناتج من هذا الاستصحاب وجوب خمس نفس هذا الثمن.

و أما في الفرض الثاني،فالأمر واضح لأنه كان متيقنا بتعلق الخمس به و يشك في اخراجه منه،ففي مثل ذلك لا شبهة في جريانه،و يترتب عليه وجوب اخراج الخمس منه.و قد تحصل من ذلك انه لا فرق بين الفرضين في النتيجة و في كلا الفرضين يجب تخميس الثمن فقط دون المكائن و الأدوات الاستهلاكية.

الحالة الرابعة:

نفس الحالة أيضا الاّ أنه لا يعلم بأن الثمن الذي اشترى به المكائن و الآلات للمعامل و المصانع و غيرها قد حال عليه الحول،أو لا،فعلى الأول انتقل خمسه إلى ذمته،و على الثاني إلى بدله،و هو المكائن و الآلات في المقام،

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 116)


نعم،لا خمس في الميراث(1)إلا في الذي ملكه من حيث لا يحتسب فلا يترك
و في هذه الحالة لا مانع من الرجوع إلى استصحاب عدم مضي الحول عليه،و به يثبت شرعا انه ربح لم يمض عليه حول كامل،و الأول ثابت بالوجدان،و الثاني بالاستصحاب،و يترتب على ذلك شرعا انتقال خمسه إلى بدله،و حينئذ يجب عليه اخراج خمس المكائن و الآلات بقيمتها الحالية.

و الآخر:مئونة السنة الكاملة لنفسه و عائلته،و نقصد بها كل ما يصرفه الانسان في معاش نفسه و عائلته و متعلقاته على النحو اللائق بمكانته من مأكولاته و مشروباته و ملابسه و صدقاته و زياراته و هداياه و جوائزه و ضيافته و مخارج الزواج لنفسه و لأولاده ذكورا و اناثا،و أداء الحقوق الواجبة عليه بنذر أو كفارة أو عهد أو شرط أو غرامة أو أرش جناية أو دية،أو المستحبة و المسكن و الظروف و الفروش و سائر الأسباب و الوسائل التي يحتاج الانسان اليها، كالكتب و الخادم و السيارة و ما شاكل ذلك،كل ذلك شريطة أن تكون لائقة بمكانته الاجتماعية و مناسبة لحاله و مقامه،و أما إذا كان زائدا فهو ليس من المئونة،و يضمن خمسه،و سوف يأتي شرحه في ضمن البحوث القادمة.

و تدل على ذلك مجموعة من الروايات:

منها:قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«فكتب و قرأه علي بن مهزيار:عليه الخمس بعد مئونته و مئونة عياله» 1.

على الأظهر،و قد استدل على عدم وجوب الخمس فيه بوجوه..

الأول:ان الخمس لو كان واجبا فيه لاشتهر و بان على أساس كثرة الابتلاء به في كل عصر و زمن،بل في كل يوم،مع ان الروايات خالية عنه سؤالا و جوابا،


 

1) <page number=”116″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:4.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 117)


……….

و عدم تعرض الفقهاء له غير أبي الصلاح.

و الجواب:إن مسألة الخمس في الجملة و إن كانت ضرورية،الاّ ان سعة هذه المسألة و شموليتها لكل فائدة و غنيمة محل الخلاف بين الأصحاب،و لا تكون هذه المسألة بتمام حدودها الكمي و الكيفي واضحة كسائر العبادات، باعتبار أنها لما كانت مرتبطة بذوي القربى و هم اهل بيت النبي الاكرم صلّى اللّه عليه و آله و مجعولة لهم للحفاظ على مكانتهم عند اللّه تعالى و علو مقامهم في المجتمع كانت لها حساسية من مختلف الجوانب،فمن أجل ذلك لا تساعد الظروف لبيانها بكل حدودها وسعتها في كل وقت و زمن،و على هذا الأساس فمجرد خلو الروايات عن وجوب الخمس في الميراث خاصة لا يدل على عدم وجوبه فيه،لاحتمال الاكتفاء باطلاقات أدلته من الكتاب و السنة.

و أما عدم القائل من الفقهاء بوجوب الخمس فيه فلا يكشف عن عدم وجوبه في زمن الأئمة الأطهار عليهم السّلام و وصوله إليهم يدا بيد،على أساس ان جماعة منهم قد صرحوا بأن عدم وجوب الخمس فيه انما هو من جهة عدم صدق الفائدة عليه،و جماعة أخرى منهم قد استندوا إلى صحيحة علي بن مهزيار،بدعوى دلالتها على عدم وجوب الخمس فيه بملاك مفهوم الوصف.

فالنتيجة ان هذا الوجه لا يتم و إن كان لا بأس به للتأييد.

الثاني:ان تقييد وجوب الخمس في الميراث بغير المحتسب في صحيحة علي بن مهزيار 1يدل على نفي وجوبه عن الميراث المحتسب على أساس مفهوم الوصف.

و الجواب:انا قد ذكرنا في علم الأصول ان الوصف لا يدل على المفهوم، و القول به مبني على الخلط بين دلالته عليه و دلالته على أن موضوع الحكم في القضية حصة خاصة و هي الحصة المقيدة بهذا القيد دون الطبيعي الجامع،


 

1) <page number=”117″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 118)


……….

و الوصف انما يدل على الثاني دون الأول،على أساس ظهوره في الموضوعية و الاحترازية و عدم كونه لغوا و جزافا،و نتيجة ذلك انتفاء شخص الحكم في القضية بانتفائه من باب انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه و هو عقلي لا يرتبط بدلالة القضية على المفهوم أصلا،و على هذا فالصحيحة لا تدل على انتفاء وجوب الخمس عن الميراث المحتسب بملاك دلالتها على المفهوم.

الثالث:ان موضوع وجوب الخمس الفائدة و الغنيمة،و هي لا تصدق على الميراث،و غير خفى ان هذا الدليل بهذا المقدار من البيان لا يفى و لا يتم،إذ لا شبهة في أن الميراث فائدة يستفيد منها الوارث،و انما الكلام في ان موضوع وجوب الخمس هل هو مطلق الفائدة المالية التي وصلت إلى شخص و إن لم يكن وصولها مستندا إليه بنحو من الأنحاء،أو الفائدة المالية التي يكون وصولها مستندا إليه و لو بنحو الجزء الأخير من العلة التامة؟فعلى الأول يكون الميراث داخلا في موضوع وجوب الخمس،و على الثاني فلا،الظاهر من الأدلة هو الثاني فان قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها»يدل على ان موضوع وجوب الخمس الفائدة التي يكون ايجادها و إحداثها مستندا إلى فعل الشخص و لو بالواسطة، و كذلك قوله عليه السّلام في موثقة سماعة:«في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير» 1و نحوهما.

فالنتيجة:ان المستفاد من الأدلة ان موضوع وجوب الخمس الفائدة التي يستفيدها المرء و الغنيمة يغنمها،و هذا العنوان لا يصدق على الميراث،فانه و إن كان فائدة تصل إلى الوارث الاّ انه لا يصدق عليه انه فائدة يفيدها الوارث،بل هو فائدة أفادها اللّه تعالى للوارث،فمن أجل ذلك لا يجب الخمس فيه،و بذلك يفترق الميراث عن الهبة و الهدية و الجائزة و نحوها إذ يصدق على المال


 

1) <page number=”118″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث:6.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 119)


الاحتياط فيه(1)كما إذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالما به فمات(2)و كان هو الوارث له،و كذا لا يترك في حاصل الوقف الخاص(3)،
الموهوب انه فائدة يستفيدها الموهوب له بقبضه اياه،فانه لو لم يقبضه لم يكن فائدة له،و كذلك الحال في الهدية و الجائزة و نحوهما.

بل هو الأظهر،و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:

«و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن» 1.

في التقييد به اشكال بل منع،فانه بحاجة إلى دليل،و النص الوارد في المقام خال عنه لأنه انما يدل على وجوب الخمس في الميراث الذي لا يحتسب،أي لم يكن بالحسبان و التصور،و من المعلوم ان ذلك لا يتوقف على أن يكون الوارث جاهلا بوجود المورث و لم يكن في بلده،بل و إن كان عالما بوجوده و كان في بلدته،فمع ذلك لا مانع من تحققه،فان المعيار في ذلك انما هو بعدم كون وصول الميراث منه اليه في حسبانه و تصوره يوما من الأيام،اذ لا يحتمل عادة أنه يموت و يموت معه جميع من كان في مرتبة متقدمة عليه،و هو يظل حيا و وصل ميراثه إليه،ففي مثل ذلك اذا مات اتفاقا مع كل من معه من متعلقاته بسبب حادثة أرضية كالزلزلة أو نحوها،أو سماوية وقعت صدفة من دون أن يكون وقوعها مرجوا و وصل ميراثه إليه فهو مما لا يحتسب و مورد النص،فاذن لا وجه للتقييد بعدم العلم و لا بكونه في بلدة بعيدة،أو فقل:ان النص في المسألة يدل على التقييد بعدم كون الرحم أبا و لا ابنا له،و لا يدل على أكثر من ذلك.

بل هذا هو الأظهر على أساس ان الحاصل ملك للموقوف عليه تبعا للوقف،و لا يتوقف على القبض،و عندئذ فيدخل في الفائدة التي يستفيدها


 

1) <page number=”119″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 120)


بل و كذا في النذور(1)و الأحوط استحبابا ثبوته في عوض الخلع و المهر(2) و مطلق الميراث حتى المحتسب منه و نحو ذلك.

[مسألة 50:إذا علم أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب إخراجه]

[2926]مسألة 50:إذا علم أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب إخراجه سواء كانت العين التي تعلق بها الخمس موجودة فيها أو كان الموجود
المرء فيعمه اطلاق دليل وجوب الخمس،و كذلك الحال في الوقف العام شريطة القبض،باعتبار ان الموقوف عليه في هذا الوقف لا يملك الاّ به،و بذلك يفترق الوقف العام عن الوقف الخاص،فان المال الموقوف في الوقف الخاص اذا خرج عن ملك الواقف دخل في ملك الموقوف عليه مباشرة،و معه بطبيعة الحال يكون نماؤه له،و هذا بخلاف المال الموقوف في الوقف العام،فانه إذا خرج عن ملك الواقف دخل في ملك العنوان العام دون الأفراد،فكل فرد من افراده لا يملك نماءه الاّ بالقبض.

بل هو الأقوى لأن الفرد المنذور له يملك المال المنذور بالقبض،فاذا قبضه ملك،و حينئذ فيدخل في الفائدة،فيجب أن يخمس شريطة أن يبقى إلى نهاية سنة المئونة،فيكون حال هذه النذور حال الهبات و الهدايا.

فيه ان الأظهر وجوب الخمس في عوض الخلع،و اما في المهر فان كان بقدر شئون المرأة و مكانتها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيه،لأنه يكون حينئذ من المئونة،و إن كان ازيد من شئونها وجب الخمس في الزائد.

بيان ذلك:ان الظاهر عدم الفرق بينهما في صدق الفائدة عليهما عرفا.

و دعوى:أن عوض الخلع انما هو بازاء رفع الزوج يده عن زوجيّة المرأة و سلطانه عليها،و المهر انما هو بازاء ما تمنحه المرأة من اختيار بضعها و زمام أمرها بيده،فلذلك لا يصدق عليهما الفائدة و الغنيمة.

مدفوعة بأن المانع من صدق الفائدة ليس مطلق المعاوضة بين شيئين،

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 121)


……….

و انما هو المعادلة بين المالين بأن يصرف ألف دينار-مثلا-و يستفيد ما يعادل هذا المبلغ فقط،أو يعطى شخصا مبلغا و يأخذ منه ما يعادله من المال و هكذا، فانه حينئذ لا فائدة أصلا باعتبار انه بقدر ما استفاده من المال قد خسر بهذا القدر في طريق الوصول اليه،و بما أن في المسألة ليست المعادلة بين المالين في كلا الموردين،فلا مانع من صدق الفائدة عليهما.

أما في المورد الأول فلأن رفع الزوج يده عن زوجية المرأة و سلطانه عليها ليس بمال لدى العرف و العقلاء و إن كان يبذل بازائه المال،و عليه فما أخذه الزوج عن الزوجة من المال ازاء ذلك فائدة لدى العرف حيث لم يذهب من كيسه ما يعادله من المال فيجب خمسه.

و النكتة في ذلك ان موضوع وجوب الخمس هو الفائدة المالية و يدور وجوبه مدار صدقها وجودا و عدما،و لا فرق بين أن يكون تحصيلها بانفاق عمل و بذل جهد في سبيلها،أو برفع اليد عن سلطنته على زوجية امرأة،فان مجرد ان انفاق العمل و بذل الجهد مما له مالية لدى العرف و العقلاء و يبذلون المال بازائه لا يمنع عن صدق الفائدة عليه،بنكتة ان ترك الانفاق و البذل في سبيل الحصول على الفائدة لا يعد بنظر العرف خسارة حتى يكون الانفاق و البذل في سبيله تداركا لها،و كذلك رفع اليد عن زوجية المرأة و السلطنة عليها،فانه ليس بنظر العرف خسارة مالية حتى يمنع عن صدق الفائدة على ما أخذه الزوج ازاء ذلك من المال.

و اما المورد الثاني،فلأن المهر و إن كان عوضا عن منح المرأة بضعها باختيار الرجل و زمام أمرها بيده،و لكن بما أن سلطنتها على البضع ليست بمال لدى العرف و العقلاء،فلا يقال أنها صاحبة المال باعتبار وجدانها لهذه السلطنة و أنها غنية و ليست بفقيرة،فما تأخذه بازاء ذلك من المال باسم المهر فهو فائدة، و هذا نظير الأجير الذي يجعل زمام أمره بيد المستأجر في مدة الاجارة لقاء أجرة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 122)


……….

معينة،مع انه لا شبهة في صدق الفائدة عليها رغم انها عوض عن العمل الذي هو مملوك ذاتا للأجير و له مالية،و يبذل بازائه المال.

و دعوى أن المقام يفترق عن الاجارة فان في باب الاجارة سواء أ كان متعلقها عملا أم كان منفعة ليس له بقاء و قرار،و لا يمكن الحفاظ عليه،و من هنا لو لم ينتفع به لا المالك و لا غيره لكان تالفا،فمن أجل ذلك إذا أجر نفسه أو داره من زيد-مثلا-لقاء أجرة معينة صح أن يقال انه افاد و استفاد،و هذا بخلاف الزوجية،اذ للزوجة أن تحتفظ سلطنتها على نفسها و مالكيتها لأمرها،و بما أن لهذه السلطنة بقاء و ثباتا كما أن لها بدلا لدى العرف و العقلاء و هو المهر فلذلك لا يصدق عليه الفائدة.

مدفوعة بأنه لا فرق بين المقام و باب الاجارة،و ذلك لأن المهر انما هو بازاء الانتفاع من بضع المرأة،و الفرض انه ليس له بقاء و ثبات كالمنفعة و العمل في باب الاجارة،كما أن الأجير فيه يقوم بتمليك عمله أو منفعة داره لقاء أجر معين،كذلك المرأة في باب النكاح تقوم بتمليك منفعة بضعها لقاء مهر،فلا فرق،و لازم هذا التمليك في الأول ارتفاع سلطنة الأجير على نفسه أو ماله و انتقالها إلى المستأجر،و في الثاني ارتفاع سلطنة المرأة على بضعها و انتقالها إلى زوجها.

فالنتيجة ان المهر ليس في مقابل رفع الزوجة يدها عن سلطنتها على بضعها مباشرة،كما أن الاجر في باب الاجارة ليس بازاء رفع الأجير يده عن سلطنته على عمله مباشرة و إن كان ذلك لازم صحة الاجارة و النكاح في كلا البابين.

ثم ان منفعة الدار أو البضع أو الشخص و إن كانت مالا،و تبذل الأموال بازائها،و لكن مع ذلك تعد تلك الأموال المبذولة بازائها فائدة لصاحبها،على أساس انه اذا ترك الانتفاع بها لقاء مال لم يكن ذلك خسارة مالية له عرفا لكي

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 123)


عوضها،بل لو علم باشتغال ذمته بالخمس وجب إخراجه(1)من تركته
يمنع عن صدق الفائدة على المال المأخوذ بازائها،و على ضوء هذه النكتة فالمهر فائدة،هذا اضافة إلى أنه ليس في باب النكاح معاوضة حقيقة بين البضع و المهر.

و قد يستدل على عدم وجوب الخمس في المهر بالسيرة القطعية بين المتشرعة،و هي تكشف عن عدم وجوبه في الشرع،باعتبار أن المسألة لما كانت عامة البلوى بين الناس في كل الأعصار و الأزمان،فلو كان الخمس فيه واجبا لأصبح من الضروريات الفقهية.

و الجواب..أولا:ان المسألة ليست اتفاقية لدى الأصحاب،غاية الأمر انها مشهورة بين المتأخرين.

و ثانيا:مع الإغماض عن ذلك و تسليم ان السيرة بين المتأخرين جارية على عدم الوجوب الاّ انها انما تكون ذات قيمة اذا احرز اتصالها بزمان المتقدمين الذين يكون عصرهم متصلا بعصر أصحاب الأئمة عليهم السّلام حتى تكشف عن أنها وصلت إلينا من زمانهم عليهم السّلام يدا بيد و طبقة بعد طبقة،و من المعلوم انه لا طريق لنا الى احراز ذلك أصلا،فاذن لا قيمة لها،هذا.

و الصحيح في المقام أن يقال:ان المهر و إن كان فائدة،و لكن مع ذلك لا يجب على المرأة اخراج الخمس منه شريطة أن يكون بقدر شئونها و مكانتها في المجتمع،فانه حينئذ يكون من المؤونة المستثناة من الفوائد.

نعم،اذا كان زائدا على شئونها و مكانتها الاجتماعية وجب عليها أن تخمس الزائد،فاذن وجوب الخمس فيه و عدم وجوبه يدوران مدار كونه زائدا على مكانتها و مناسبة حالها و عدم كونه زائدا عليها،لا مدار صدق الفائدة عليه و عدم صدقها.

في الوجوب اشكال بل منع،لما يأتي في آخر الكتاب من أن

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 124)


مثل سائر الديون.

[مسألة 51:لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة(1)أو الصدقة]

[2927]مسألة 51:لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة(1)أو الصدقة
صحيحة سالم بن مكرم أبو خديجة ناصة في تحليل الميراث المتعلق للخمس للوارث،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن الميت ممن كان ملتزما بالخمس و لكن مات في أثناء السنة،أو كان غير ملتزم به و إن كان معتقدا،أو انه ممن كان لا يعتقد به،و على هذا فلا وجه للالتزام بوجوب اخراج الخمس في الفرض الأول دون الفرضين الأخيرين،و تمام الكلام في ذلك في محله.

فيه اشكال بل منع،و الأظهر وجوب الخمس فيه شريطة أن يملك المستحق زائد على مئونة السنة،و على هذا فبناء على ما قويناه من أن المستحق لا يملك الزائد على مئونة سنته و لو بالأخذ مرة واحدة،بل لو أخذ بمقدار مئونة السنة و لكن بقي منه شيء في نهاية السنة بسبب أو بآخر كشف عن انه لم يملكه من الأول،باعتبار ظهور روايات المؤونة في ان المستثنى من الخمس انما هو صرفها في أثناء السنة لا مقدارها و إن لم يصرفه؛لا موضوع للبحث عن هذه المسألة.

نعم،على القول بأن المستحق يملك الزائد على المؤونة يقع الكلام في تعلق الخمس به و عدمه،فذهب الماتن قدّس سرّه الى عدم التعلق،و قد يستدل عليه بأمرين..

أحدهما:ان المستحق للخمس او الزكاة لما كان مالكا له فدفعه إليه بما أنه دفع لما يطلبه و يملكه،فمن أجل ذلك يشكل صدق الفائدة عليه.

و الجواب..أولا:ان المالك انما هو الطبيعي الجامع دون الفرد المستحق، فانه لا يملكه الاّ بالقبض خارجا،و عليه فلا يكون دفع الخمس اليه دفع لما يطلبه و يملكه.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 125)


المندوبة(1)و إن زاد عن مئونة السنة،نعم لو نمت في ملكه ففي نمائها يجب كسائر النماءات.

[مسألة 52:إذا اشترى شيئا ثم علم أن البائع لم يؤد خمسه كان البيع بالنسبة إلى مقدار الخمس فضوليا]

[2928]مسألة 52:إذا اشترى شيئا ثم علم أن البائع لم يؤد خمسه كان البيع بالنسبة إلى مقدار الخمس فضوليا(2)،فإن أمضاه الحاكم رجع عليه بالثمن
و ثانيا:على تقدير تسليم انه مالك،الاّ ان ملكيته محدودة بمقتضى الروايات بمقدار مئونة السنة دون الأكثر،و عليه فدفع مقدار المؤونة اليه دفع لما يطلبه و يملكه،و أما دفع الزائد فلا يكون مصداقا له،و حينئذ فاذا ملك الزائد بالقبض فهو فائدة.

و ثالثا:مع الاغماض عن ذلك و تسليم انه مالك للزائد أيضا،الاّ ان لازم هذا كون الزائد فائدة و ان لم يدفع اليه،كما هو الحال في الدين و فيما يطلبه الأجير من المستأجر فانه فائدة قبل دفعه اليه شريطة أن يبقى بعد المؤونة.

و الآخر:ان تعلق الخمس بما ملك مستحقه من الخمس أو الزكاة يكون مردّه إلى تعلق ملكه بملكه،و هو تحصيل الحاصل.

و الجواب:ان ذلك مبني على أن الخمس ملك لآحاد فقراء السادة، و الزكاة ملك لآحاد فقراء غير السادة،و لكن الأمر ليس كذلك،فان المالك في كلا الموردين هو الطبيعي دون الآحاد،فاذن لا موضوع لهذا الاشكال.

فيه ان الظاهر تعلق الخمس بها شريطة أن تزيد على مؤنة السنة لمكان صدق الفائدة عليها حينئذ.

في اطلاقه اشكال بل منع،فان البيع انما يكون فضوليا بالنسبة إلى مقدار الخمس اذا لم يكن المشتري ممن شملته اخبار التحليل،فانه حينئذ تتوقف صحته على أحد أمور،و قد تقدم الاشارة اليها في ضمن البحوث السالفة منها المسألة(39)،و أما إذا كان المشتري ممن شملته تلك الأخبار فالبيع صحيح

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 126)


و يرجع هو على البائع إذا أداه،و إن لم يمض فله أن يأخذ مقدار الخمس من المبيع،و كذا إذا انتقل إليه بغير البيع من المعاوضات،و إن انتقل إليه بلا عوض يبقى مقدار خمسه على ملك أهله.

[مسألة 53:إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها لكنه أداه فنمت و زادت زيادة متصلة أو منفصلة]

[2929]مسألة 53:إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها لكنه أداه فنمت و زادت زيادة متصلة أو منفصلة وجب الخمس في ذلك النماء،و أما لو ارتفعت قيمتها السوقية من غير زيادة عينية لم يجب خمس تلك الزيادة لعدم صدق التكسب و لا صدق حصول الفائدة(1)،نعم لو باعها لم يبعد وجوب خمس تلك الزيادة من الثمن،هذا إذا لم تكن تلك العين من مال التجارة و رأس مالها كما إذا كان المقصود من شرائها أو إبقائها في ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو أجرتها أو نحو ذلك من منافعها،و أما إذا كان المقصود الاتجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن بيعها و أخذ قيمتها.

بالنسبة إلى الكل،و ينتقل الخمس إلى ذمة البائع.

في عدم الصدق اشكال،و لا يبعد الصدق،و لتوضيح ذلك نذكر فيما يلى عددا من الصور و الحالات في المسألة لكي يتاح للمكلف معرفة كل صورة و حالة مماثلة لهما.

الصورة الأولى:

رجل يغنم المال بالتداول و التكسب ببدل الجهد و انفاق العمل في سبيل ذلك،و نقصد بالتداول مجموع من عمليات التجارة التي تعم عقود المقايضة من بيع أو نحوه و الصناعات الاستنتاجية و الاستخراجية،و يقصد من وراء هذه العملية جمع المال و الثروة.و لهذه الصورة حالات..

الأولى:أن يكون التداول و الاتجار بالأرباح و الفوائد في أثناء السنة و قبل

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 127)


……….

أن يحول الحول عليها،كما اذا فرض انه وصل اليه مال كثير هدية و يجعله رأس مال له،و يقوم بعملية التجارة فيه.

الثانية:أن يكون بالارباح و الفوائد التي حال عليها الحول كملا من دون تخميسها،كما إذا لم يقم بتخميس ما افاده في السنة الأولى من تجارته و يواصل في التداول و الاتجار به.

الثالثة:أن يكون بالفوائد المخمسة،كما اذا خمّس ما افاده في نهاية السنة،ثم يواصل الاتجار به.

الرابعة:أن يكون بالفوائد المخلوطة من فوائد السنة و فوائد السنة الماضية غير المخمسة.

الخامسة:أن يكون بالفوائد المخلوطة من الفوائد المخمسة و غير المخمسة.

الصورة الثانية:

رجل يغنم المال بالعقود من بيع أو شراء و يقصد من وراء ذلك الحفاظ على عين المال بغرض الانتفاع به،كما اذا اشترى دارا للاستفادة من منافعها،أو اشترى أرضا بغاية الانتفاع منها في المستقبل بجعلها دارا أو دكانا أو ما شاكل ذلك،و لها أيضا نفس تلك الحالات حرف بحرف.

الصورة الثالثة:

رجل يغنم المال بالهبة او الهدية او الجائزة أو نحو ذلك.

اما الصورة الأولى:فالأظهر تعلق الخمس بارتفاع القيمة السوقية في كل حالاتها اما في الحالة الأولى فالأمر ظاهر،لان نفس الاعيان الباقية عنده في نهاية السنة بما أنها من ارباحها و فوائدها فهي بأنفسها متعلقة للخمس بمالها من ارتفاع قيمتها و اما في الحالة الثانية فلأن عين الفوائد التي جعلها من رءوس امواله و إن لم تبق عنده باعتبار ان التجارة بها تتطلب تبديلها باعيان و بدائل

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 128)


……….

أخرى،الاّ انه يجب عليه في هذه الحالة خمسان:

أحدهما:خمس تلك الفوائد بقيمتها وقت التبديل.

و الآخر:خمس فوائد هذه السنة منها زيادة قيمة الاعيان و البدائل الباقية عنده في نهاية السنة و ارتفاعها،و عليه فلا فرق بين هذه الحالة و الحالة الأولى في النتيجة فانها وجوب خمس كل الأعيان الموجودة الباقية عنده في نهاية السنة في كلتا الحالتين مثلا اذا كان رأس ماله عشرين ألف دينار غير مخمس و يواصل في الاتجار به،و في نهاية السنة اذا بلغ المجموع من رأس المال و الفوائد الحاصلة خمسين الف دينار وجب عليه أن يخمس كل الخمسين بالنتيجة،كما كان الأمر كذلك في الحالة الأولى،هذا اذا لم تكن المعاملة على عين الأموال،و اما إذا كانت المعاملة على عين تلك الأموال عنده و كانت باذن من الحاكم الشرعي،فعندئذ اذا ربح فيها يوزع الربح عليها بالنسبة، فما يوازي خمسها من الربح فهو تابع له في الملك،و ما يوازي أربعة أخماسها فهو تابع لها،و عليه ففي المثال المذكور يوزع الربح و هو ثلاثون ألف دينار على مجموع رأس ماله و هو عشرون ألف دينار بالنسبة،فما يوازي خمسه ستة آلاف دينار،و عليه فيكون الربح العائد إلى المالك أربعة و عشرين ألف دينار، فالنتيجة ان على المالك،في هذا الفرض ان يعطي اربعة آلاف دينار خمسا من رأس المال في مفروض المثال و ستة آلاف دينار من الارباح بعنوان فائدة الخمس ثم يخمس ما بقى عنده من الفائدة و هو اربعة و عشرون الف دينار فيبلغ مجموع ما يجب اخراجه على المالك فيه أربعة عشر ألف و ثمانمائة دينار و هذا البيان بعينه ينطبق على الحالة الأولى شريطة ارتفاع قيمة العين عنده.

و أما في الحالة الثالثة فيجب خمس كل ما افاد و حصل من الفوائد في نهاية السنة باستثناء رأس المال منها ارتفاع قيمة الأموال و البدائل الموجودة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 129)


……….

عنده فعلا لمكان صدق الفائدة عليه عرفا،و اما في الحالة الرابعة فيظهر حكمها مما مر في الحالة الأولى و الثانية،فان وظيفة المكلف في هذه الحالة اذا خمس كل الأموال الموجودة عنده فعلا في نهاية السنة بقيمتها الحالية فقد برئت ذمته جزما بلا فرق في ذلك بين أن تكون نسبة الاختلاط معلومة له أو مجهولة،و من هنا قلنا انه لا فرق بين الحالة الأولى و الثانية في النتيجة.

و اما في الحالة الخامسة،فان كانت نسبة الاختلاط معلومة استثنى من رءوس امواله مقدار المال المخمس على أساس قيمته وقت تبديله بمال آخر ثم يخمس الباقي كلا أعم من فوائد السنة و ما يعادل المال المخمس.

مثال ذلك:اذا كان مجموع رءوس أمواله عشرين ألف دينار-مثلا-و كان مقدار المخمس منه عشرة آلاف و الربح الحاصل من الاتجار بها طول السنة بلغ عشرين ألف دينار و في هذه الحالة يستثنى العشرة و يخمس كل الباقي المتمثل في ثلاثين ألف دينار،و بذلك تيقن بالبراءة،و إن كانت مجهولة استثنى من الأموال الموجودة عنده في نهاية السنة ما يعادل المقدار المتيقن من المال المخمس،و يخمس من تلك الأموال ما يعادل المقدار المتيقن من المال غير المخمس حتى يطمئن ببراءة ذمته منه،كما ان عليه أن يخمس الفوائد الحاصلة في هذه السنة الباقية عنده في نهايتها،هذا كله مما لا كلام فيه،و انما الكلام في أنه هل يجب الخمس في المقدار المشكوك كونه من المخمس أو غيره؟الظاهر الوجوب و ذلك للاستصحاب،بتقريب ان المالك كان يعلم بتعلق الخمس به و يشك في اخراجه منه،فلا مانع من استصحاب بقائه،و يترتب عليه وجوب خمسه و ضمانه إذا أتلفه بتبديله بشيء آخر.و في المقام بما ان المالك قد اتلفه فيضمن خمسه و يجب عليه حينئذ ان يخرج عن عهدته باخراج الخمس عما يعادل المال المشكوك من الأموال الموجودة عنده في نهاية السنة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 130)


……….

فعلا.

مثال ذلك:اذا كان رءوس أمواله عشرة آلاف دينار،و علم بأن أربعة منها مخمسة جزما و أربعة منها غير مخمسة كذلك،و اثنان منها مشكوك،و لا يعلم أنه مخمس أو لا،و في مثل هذه الحالة إذا قام المالك بالاتجار بها و استمر فيه الى نهاية السنة و بلغ في النهاية مجموع الأموال عنده فعلا أعم من رءوس أمواله و فوائدها عشرين ألف دينار،فيستثنى منها أربعة آلاف و يخمس الباقي كلا حتى يكون على يقين من براءة ذمته عن الخمس و يبقى الصافي عنده ست عشرة ألف و ثمانمائة دينار.

و اما الصورة الثانية:فلا اشكال في أن ارتفاع القيمة متعلق للخمس في الحالة الأولى على أساس أن العين بنفسها من فوائد السنة و أرباحها،و كذلك الأمر في الحالة الثانية،باعتبار أن نفس العين متعلقة للخمس،فاذا ارتفعت قيمتها فبطبيعة الحال ارتفعت بكل أخماسها، و نتيجة ذلك أن ما يوازى خمس العين من ارتفاع القيمة ملك لأهل الخمس تبعا له و ما يوازى اربعة اخماسها ملك للمالك لها تبعا و على هذا فيجب على المالك ان يخرج خمس العين بقيمتها الحالية ثم يخمس ما يوازى اربعة اخماسها من ارتفاع قيمتها و الفوائد التي نتجت من الاتجار بها في أثناء السنة.

مثال ذلك:اذا كانت العين التي هي رأس المال تعادل عشرة آلاف دينار ثم ارتفعت قيمتها و وصلت في نهاية السنة الى عشرين ألف،و الفوائد الناتجة من الاتجار بها عشرة آلاف ففي مثل ذلك يجب اخراج خمس العين بقيمتها فعلا و هو ما يعادل أربعة آلاف دينار ثم يخمس ارتفاع قيمة أربعة اخماسها مع الفوائد التي حصل عليها فيكون المجموع ثمانية عشر ألف دينار و خمسه ثلاثة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 131)


……….

آلاف و ستمائة دينار فاذن مجموع ما وجب اخراجه في المثال سبعة آلاف و ستمائة دينار و به يظهر الحكم في الحالة الأولى فالنتيجة ان ما ذكرناه ضابط عام ينطبق على كل ما يكون مماثلا لهذه الحالة هذا ظاهر،و انما الكلام في ارتفاع القيمة في الحالة الثالثة،هل هو متعلق للخمس أو لا؟فيه وجهان:و لا يبعد الوجه الأول،فان ارتفاع القيمة و إن كان لا واقع موضوعي له في الخارج، الاّ انه لما كان زيادة في مالية المال و يبذل العقلاء بازاء هذه الزيادة مالا فمن أجل ذلك لا يبعد صدق الفائدة عليه و إن لم يكن في اموال التجارة.فاذا اشترى دارا-مثلا-للاستفادة من ايجارها بألف دينار،ثم زادت قيمتها و اصبحت الفين أو أكثر فلا يبعد صدق الفائدة على هذه الزيادة،اذ لا نقصد بالفائدة الاّ الزيادة في المالية سواء أ كانت عينية أم كانت قيمية،و لا يتوقف هذا الصدق على بيعها بألفين،فان ماليتها زادت باعها أو لم يبعها،و لذلك تصدق الفائدة على هذه الزيادة في مال التجارة و إن لم يبعه،و ليس صدقها بملاك انه في معرض البيع و الشراء حتى يكون عنائيا،بل بملاك أنها نفع و ربح بنظر العرف و العقلاء فعلا.

و دعوى ان الظاهر من الفائدة و الغنيمة هو الزيادة في المال عينا و هي لا تتحقق بزيادة القيمة فانها ليست زيادة في المال و انما هي زيادة في مالية المال التي هي أمر اعتباري لا واقع له في الخارج و منتزعة من وجود الراغب و الباذل فيه.

مدفوعة بان المعيار في صدق الفائدة لدى العرف العام انما هو بزيادة مالية المال سواء أ كان منشأها زيادة عينية أم كان وجود الراغب له و الباذل،على أساس قانون العرض و الطلب.

فالنتيجة ان العبرة في صدق الفائدة و النفع انما هي بزيادة مالية المال

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 132)


……….

سواء أ كان منشأها الزيادة العينية أم كان منشأها زيادة الطلب و قلة العرض، باعتبار ان مالية المال لدى العرف و العقلاء توزن بمقياس القيمة عندهم التي تتبع غالبا مستوى المعادلة بين قانون العرض و الطلب،فان كانا متكافئين فالقيمة متعادلة،و إن كان الطلب اكثر ازدادت القيمة بمستوى الطلب،و إن كان الطلب أقل من العرض نقصت القيمة بذلك المستوى،و قد تصل الى أدنى مستواها اذا وصل الطلب الى ذلك المستوى،و على هذا فوجوب الخمس في زيادة القيمة و ارتفاعها في هذه الحالة أيضا لو لم يكن أظهر فلا شبهة في انه أحوط و أجدر، و بذلك يظهر حكم الحالة الرابعة،فان على المالك فيها أن يخمس الأموال الموجودة عنده فعلا بقيمتها الحالية،فاذا صنع ذلك برئت ذمته من الخمس بلا فرق بين أن يعلم نسبة الاختلاط بين الربح السابق و الربح في أثناء السنة، أو لا يعلم،فانه على كلا التقديرين اذا خمس الأموال الباقية عنده في نهاية السنة بقيمتها الفعلية كفى.و اما الحالة الخامسة فيظهر حكمها مما مر في الحالة الخامسة للصورة الأولى،و ملخصه ان المالك اذا علم بالنسبة تفصيلا استثنى المقدار المخمس من الأموال الباقية عنده في نهاية السنة و يخمس الباقي كلا،و إن لم يعلم بالنسبة كذلك استثنى المقدار المتيقن من المخمس منها و يخمس كل الباقي حينئذ حتى المقدار المشكوك للاستصحاب كما مر.

و اما الصورة الثالثة:فيظهر حكمها مما مر في الحالة الثالثة للصورة الثانية، فان المال الموهوب أو المهدى اذا زادت قيمته و ارتفعت في ملك الموهوب له صدق انه زاد في مالية ماله،فاذن لا يبعد صدق الفائدة عليها عرفا،فلذلك لو لم يكن وجوب الخمس فيها اظهر فلا أقلّ انه احوط و اجدر و بذلك يظهر حال كل ما ذكره الماتن قدّس سرّه في المسألة.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 133)


[مسألة 54:إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها السوقية و لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة ثم رجعت قيمتها إلى رأس مالها أو أقل]

[2930]مسألة 54:إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها السوقية و لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة ثم رجعت قيمتها إلى رأس مالها أو أقل قبل تمام السنة لم يضمن خمس تلك الزيادة لعدم تحققها في الخارج،نعم لو لم يبعها عمدا بعد تمام السنة و استقرار وجوب الخمس ضمنه(1).

هذا هو الأظهر على أساس أنه قد فوّت الخمس على أهله بتقصيره و تسامحه في اخراجه و ايصاله إلى اهله،و في مقابل ذلك دعويان..

احداهما:ان سبب الضمان و موضوعه شرعا و عرفا هو تلف المال عينا أو وصفا سواء أ كان بالاتلاف أم كان بحادث سماوي أو أرضي شريطة أن يكون ذلك مستندا إلى التقصير و التسامح،و اما نقصان القيمة و تنزيلها بسبب الاختلال في موازين المعادلة بين قانون العرض و الطلب،أو بسبب آخر،بما أنه ليس مصداقا لتلف المال لا عينا و لا وصفا،فلا يترتب عليه حكمه و هو الضمان،و من هنا يقال في العرف أن قيمته نقصت أو زادت،فلا يقال أنها تلفت،و على هذا فالمشتري و إن عصى في تأخير اخراج الخمس للتقصير و التسامح فيه،الا أنه لا يضمن ما ورد عليه من النقص في القيمة و المالية.

و الجواب:ان سبب الضمان عنصران..

أحدهما:اليد.

و الآخر:الإتلاف.

اما العنصر الأول فالواجب على صاحب اليد العادية أن يرد العين إلى مالكها إن كانت،و الاّ فبدلها من المثل أو القيمة،و اذا ارتفعت قيمتها في مدة ثم رجعت إلى مستواها الأول لم يضمن ارتفاع القيمة في مقابل ضمان العين لأن ضمانها من شئون ضمان العين،و ليس ضمانا آخر مستقلا باعتبار أن القيمة تتبع العين وجودا و عدما،و حدوثا و بقاء،فلا يصدق الاتلاف على رجوع قيمتها

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 134)


……….

و نقصها ما دامت العين باقية،لأن اتلافها انما هو باتلاف العين،و ليس اتلافا آخر في مقابل اتلافها،و النكتة في ذلك ان العين إذا كانت مغصوبة بنفسها فلا نظر لها إلى قيمتها الاّ في إطار العين،فاذن المعيار انما هو بالعين بمالها من المالية، و يدور الضمان مدارها،و لا موضوعية لارتفاع قيمتها الاّ في اطارها،فاذا نزلت فلا اثر لنزولها ما دامت العين باقية،فمن أجل هذه النكتة لا يكون الغاصب ضامنا لارتفاع قيمه العين المغصوبة إذا نزلت زائدا على ضمان العين،و اما العنصر الثاني فلأن تلف مال مالك محترم موجب للضمان سواء كان باتلاف الشخص اياه،أم كان بسبب حادث ارضى أو سماوي شريطة أن يكون مستندا إلى تقصيره و تسامحه،و لا فرق في ذلك بين اتلاف العين و اتلاف الصفة،كما أنه لا فرق بين أن تكون الصفة من الصفات الخارجية كالصحة أو نحوها،أو الاعتبارية لدى العرف و العقلاء كزيادة المالية على أصل ماليتها كما في المقام، فان الخمس فيه تعلق بزيادة قيمة العين و ارتفاعها لا بأصل قيمتها،فانه ملك خالص للمالك،و حيث ان اخراج الخمس من تلك الزيادة كان واجبا عليه و لكن أخره عامدا و ملتفتا إلى عدم جوازه إلى أن نقصت قيمتها و رجعت إلى مستواها الأول صدق انه قد فوت الخمس على أهله،و بما انه كان عن تقصير و تسامح فيتحقق به موضوع الضمان و هو تفويت مال الغير عينا أو صفة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي،و بذلك يفترق المقام عن ارتفاع قيمة العين المغصوبة التي هي تحت يد الغاصب،و قد مر انه لا يكون ضامنا له اذا رجعت و نقصت على أساس انه لا يصدق عليه التفويت هناك ما دامت العين باقية.

و الأخرى:ان الضمان في المسألة انما هو بالنسبة،بتقريب أن متعلق الخمس هو العين الخارجية على نحو الاشاعة،و على ذلك فالخمس تعلق بها بلحاظ ارتفاع قيمتها لا بلحاظ أصل القيمة.

مثال ذلك:اذا افترضنا ان نسبة ارتفاع القيمة إلى أصلها نسبة النصف بنحو

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 135)


……….

الاشاعة،كما إذا اشترى عينا بقيمة خمسين دينارا فزادت قيمتها و وصلت في نهاية السنة إلى مائة دينار،ففي مثل ذلك تعلق الخمس بعشر العين،بمعنى أن عشر كل جزء من اجزائها للإمام عليه السّلام و السادة،و تسعة أعشارها للمالك،و عليه فاذا رجعت قيمتها و نزلت بعد نهاية السنة إلى الخمسين وجب عليه اخراج العشر من الباقي،و هذا معنى الضمان بالنسبة.

فالنتيجة ان المراد بالضمان هنا ليس اشتغال الذمة بالبدل من المثل أو القيمة،بل المراد منه اخراج الخمس من الباقي بالنسبة.

و الجواب:ان الخمس قد تعلق بنفس زيادة مالية العين،لأنها بالنسبة على أساس صدق الفائدة عليها التي هي موضوع وجوب الخمس،و الفرض أنها كما تصدق على العين الخارجية و منفعتها كذلك تصدق على زيادة ماليتها في الخارج،و لا مقتضى لتخصيص متعلق الخمس بالاعيان الخارجية،ضرورة ان متعلقها بمقتضى الآية الكريمة و الروايات هو الفائدة و الغنيمة التي يفيدها المرء و يغنمها،و المفروض أنها تصدق على زيادة مالية تلك الأعيان.

و إن شئت قلت:ان الخمس في المقام تعلق بعنوان خاص مميز له عن غيره،و هو عنوان الزيادة في مالية المال،باعتبار صدق الفائدة عليها دون أصل ماليته فانه لم يكن متعلقا للخمس،كما إذا اشترى شخص مثلا شاة بقيمة خمسين دينارا للتجارة بها بثمن مخمس،ثم ارتفعت قيمتها أثناء السنة إلى أن وصلت في نهاية السنة إلى مأئة دينار-مثلا-و لم يخمس الزائد،و بعد ذلك رجعت قيمتها و نزلت إلى أن وصلت إلى مستواها السابق،ففي مثل ذلك يكون النقص بنظر العرف و العقلاء واردا على خصوص ارتفاع قيمتها و زيادة ماليتها لا على المالية المشتركة بينهما،فان الزيادة و النقيصة انما تلحظان بالنسبة إلى أصل المالية،فلا بد أن يكون الأصل محفوظا في المرتبة السابقة،و السبب في وراء ذلك أن هذه الزيادة و النقيصة ترتبطان بقانون العرض و الطلب غالبا،فان كانا

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 136)


[مسألة 55:إذا عمّر بستانا و غرس فيه أشجارا و نخيلا للانتفاع بثمرها و تمرها لم يجب الخمس في نمو تلك الأشجار و النخل]

[2931]مسألة 55:إذا عمّر بستانا و غرس فيه أشجارا و نخيلا للانتفاع بثمرها و تمرها لم يجب الخمس في نمو تلك الأشجار و النخل(1)،و أما
متكافئين كانت القيمة متعادلة و فرضنا أنها خمسون دينارا للشاة في المثال،و إن زاد الطلب على العرض زادت القيمة بنفس النسبة،و ان نقص نقصت كذلك، و عليه فتكون زيادة قيمة الشاة في المثال على قيمتها المتعادلة و رجوعها اليها مرة ثانية معلولين لزيادة الطلب على العرض و رجوعه ثانيا إلى التكافؤ معه،فاذن كيف يمكن القول بأن النقص وارد على ماليتها المطلقة بالنسبة.

فالنتيجة ان النقص تعلق بما تعلق به الخمس،و بما انه تعلق بماليتها المعنونة بعنوان خاص و مميز و هو عنوان الزيادة،فلا محالة تعلق النقص بها، فمن أجل ذلك ينتفي وجوب الخمس بانتفاء موضوعه.

في عدم الوجوب اشكال بل منع،و الأقوى الوجوب لمكان صدق الفائدة عليه شريطة أن يوجب زيادة في ماليتها،و قد تقدم انه لا شبهة على الظاهر في صدق الفائدة على الزيادة العينية و لا فرق في ذلك بين أن يكون غرس الأشجار و النخيل بغاية الاستفادة من منافعها و منتجاتها كأغصانها و أثمارها و غيرهما في اشباع حاجاته الذاتية و المؤن الشخصية حسب شئونه و مكانته فحسب،أو بغاية الاتجار و التداول بتلك المنافع و المنتجات منها لكي يخلق منفعة جديدة أو الاستفادة من أصولها في عملية البناء و غيرها مما لم تكن من المؤن،أو التجارة و المداولة بتلك الأصول حتى تخلق فوائد جديدة.و على الثاني يجب أن يخمس نموها في كل سنة ما دامت تظل و تنمو باعتبار أنه فائدة، و على الأول يجب أن يخمسه في كل سنة إلى أن تثمر،فانها اذا بلغت إلى هذا الحد أصبحت فعلا من المؤونة،فاذا نمت بعد ذلك كان نماؤها نماء المؤونة فلا

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 137)


……….

يكون موضوعا للخمس و هذا نظير ما إذا اشترى عددا من الشياه للانتفاع بلبنها و سائر منتجاتها في حاجاته المؤنية حسب مكانته،فانه يجب أن يخمس نموها كل سنة بملاك صدق الفائدة عليه كذلك إلى أن وصلت إلى حد الانتاج و الانتفاع بها،و في كل سنة وصلت إلى هذا الحد فيكون نماؤها بعد ذلك نماء المئونة،و لا يكون موضوعا للخمس و مشمولا لأدلته باعتبار ان النماء تابع للعين و من شئونها و مراتب وجودها،فاذا كانت العين من المؤونة فبطبيعة الحال تكون منها بتمام مراتبها و شئونها.

ثم ان الظاهر ان الماتن قدّس سرّه أراد من هذه المسألة الفرض الأول بقرينة ما تقدم منه قدّس سرّه في المسألة(53)من وجوب الخمس في الزيادة العينية في الفرض الثاني مطلقا،متصلة كانت أو منفصلة،و لكن على الماتن قدّس سرّه حينئذ أن يفصل في المسألة بما مر من وجوب الخمس في نمائها ما لم تصل إلى حد الانتفاع بها و الانتاج،على ما سيأتي في ضمن البحوث القادمة من أن المراد من المؤن المستثناة من دليل وجوب الخمس هو المؤن الفعليه لا الأعم منها و من الشأنية، و على هذا فالاشياء المذكورة ما لم تصل إلى حد الانتاج و الانتفاع بها لم تعد من المؤونة فعلا.

بقي هنا مسألة و هي ان من اشترى شاة مثلا في بداية شهر رجب للانتفاع بلبنها و سائر منتجاتها في حاجاتها الذاتية مباشرة في المستقبل،و بعد مضي عام عليها يجب أن يخمس نماءها ثم بعد مضي مدة كستة أشهر-مثلا-دخلت الشاة في المئونة بوصولها إلى حد الانتاج و الانتفاع بها فعلا،و في هذه الحالة هل يجب خمس نمائها في هذه المدة؟الظاهر الوجوب و ذلك لما سوف نشير إليه في ضمن البحوث القادمة من أن موضوع وجوب الخمس حصة خاصة من الفائدة و هي الفائدة التي تبقى و لم تصرف في المئونة طول السنة،و عليه فإذا لم يصرف ذلك النماء الحاصل لها في تلك المدة في المئونة أثناء السنة وجب

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 138)


إن كان من قصده الاكتساب بأصل البستان(1)فالظاهر وجوب الخمس في زيادة قيمته و في نمو أشجاره و نخليه.

[مسألة 56:إذا كان له أنواع من الاكتساب و الاستفادة كأن يكون له رأس مال يتجر به و خان يؤجره و أرض يزرعها و عمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو النجارة أو نحو ذلك]

[2932]مسألة 56:إذا كان له أنواع من الاكتساب و الاستفادة كأن يكون له رأس مال يتجر به و خان يؤجره و أرض يزرعها و عمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو النجارة أو نحو ذلك يلاحظ في آخر السنة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع(2)،فيجب عليه خمس ما حصل منها بعد خروج مئونته.

اخراج خمسه في نهاية السنة.

في التخصيص به اشكال بل منع،فان الأمر كذلك إذا كان قصده الاكتساب بمنافع البستان و منتجاته أيضا مع الحفاظ على عينه كما مر.

و إن شئت قلت:انه لا فرق بين أن يكون قصده الاكتساب بأصل البستان أو بمنافعه مع الحفاظ على أصله،فانه على كلا التقديرين يجب خمس نمو أشجاره و نخيله،و اما زيادة قيمته فقد تقدم انه لا يبعد وجوب خمسها على التقدير الثاني أيضا.

في اعتبار مجموع الفوائد و الأرباح المكتسبة من عملية اكتساب واحد،أو انواع من الاكتساب في فترة زمنية محددة بسنة فائدة واحدة،و وجوب اخراج خمسها في نهاية السنة اشكال بل منع.توضيح ذلك،إن في المسألة قولين..

أحدهما:ما اختاره جماعة منهم السيد الماتن قدّس سرّه من اعتبار مجموع الفوائد و الأرباح المكتسبة في فترة زمنية متمثلة في سنة فائدة واحدة،و لزوم اخراج خمسها بعد المؤونة في نهاية السنة بلا فرق في ذلك بين أن يكون مبدأ السنة من أول الشروع في الكسب أو من حين ظهور الربح.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 139)


……….

و الآخر:ان كل فائدة مكتسبة من عملية اكتساب واحد أو أنواع من الاكتساب موضوع مستقل لوجوب الخمس شريطة أن تبقى و لم تصرف في المئونة،و هذا القول هو الصحيح،و السبب في وراء ذلك أن مقتضى اطلاقات أدلة وجوب الخمس من الآية الشريفة و الروايات هو أن موضوعه الفائدة و الغنيمة التي يستفيدها المرء و يغنمها،و من الطبيعي انه ينحل بانحلال افراده، فيكون كل فرد موضوعا مستقلا لوجوب الخمس لمكان صدق الفائدة عليه، و اعتبار مجموع الفوائد و الأرباح في طول السنة بضم بعضها إلى بعضها الآخر طولا و عرضا فائدة واحدة بحاجة إلى عناية زائدة ثبوتا و اثباتا،و لا قرينة على ذلك.و في ضوء ذلك لو كنا نحن و هذه المطلقات لكان مقتضاها وجوب اخراج خمس كل فائدة فورا كخمس المعادن و الكنوز و الغوص و المال المختلط بالحرام و غيرها،إلاّ ان هناك روايات أخرى تنص على ان الخمس بعد المئونة، و المراد منها مؤنة الشخص حسب شئونه و مكانته الاجتماعية،كما ان المراد منها مئونة السنة،اذ تحديدها بمؤونة اليوم أو الأيام أو الشهر أو الشهور بحاجة إلى قرينة و الا فالظاهر منها لدى العرف و العقلاء هو مؤنة السنة على أساس ان المتعارف لدى التجار و رجال الأعمال هو انهم يحسبون في نهاية كل سنة من البدء بعملية التجارة ما يدير عليهم من الأرباح و الفوائد في هذه الفترة الزمنية الممتدة،و ما يبقى لديهم منها بعد مؤنتهم في تلك الفترة حسب مكانتهم و شئونهم،و على تقدير اجمال روايات المؤونة و عدم ظهورها في شيء فالمتيقن منها مئونة السنة باعتبار أنها أضبط.و على هذا فالناتج من ضم هذه الروايات إلى المطلقات ان موضوع وجوب الخمس حصة خاصة من الفائدة، و هي التي تبقى في نهاية السنة و لم تصرف في المئونة،فاذن كل فائدة يستفيدها المرء من عملية تجارة أو مهنة أو حرفة أو صنعة أو غير ذلك إذا ظلت باقية لديه في نهاية عامها و لم تصرف في مئونته طوال العام وجب عليه أن يخمسها

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 140)


……….

و يترتب على ذلك أمران..

أحدهما:ان التاجر اذا صرف في مئونته في الشهر الأول من رأس ماله المخمس على أساس عدم وجود ربح و فائدة عنده،و في الشهر الثاني ربح من تجارته و استفاد،فلا يحق له أن يستثنى ما صرفه في المؤونة في الشهر الأول من الربح في الشهر الثاني،لأن المستفاد من الأدلة أن كل ربح و فائدة إذا تحققت و لم تصرف في المؤونة طوال السنة و بقيت عنده وجب أن يخمسها،و لا دليل على أنه يستثنى ما صرفه في المؤونة سابقا من الربح المتحقق لاحقا،و بدون الدليل لا يمكن الالتزام بذلك لاستلزامه الخلف،باعتبار ان لازم صحة الاستثناء أن يحسب مبدأ سنة الربح من زمان الصرف لا من زمان تحققه،و نتيجة ذلك وجوب اخراج خمسه قبل اكمال سنته الواقعية و هو خلف.

نعم،يصح هذا الاستثناء على القول الأول شريطة أن يكون مبدأ السنة من زمان الشروع في الكسب لا من زمان ظهور الربح و وجود الفائدة،و إلاّ فلا يستثنى تطبيقا لما تقدم من محذور الخلف،أجل إذا كان الصرف في زمان تحقق الربح و الفائدة و لكن بما انه لا يفى بتمام مئونته،فمن أجل ذلك صرف فيها من رأس ماله المخمس أو مما استدانه للصرف فيها كان استثناء ما صرفه في المؤونة السابقة من الربح المتأخر على القاعدة.في ضوء هذا القول و بذلك تظهر الثمرة بين القولين في المسألة.

و الآخر:ان التاجر إذا جعل بداية شهر المحرم-مثلا-رأس سنته و قام بعملية التجارة من بيع أو شراء أو تصدير بضاعة إلى الخارج أو استيراد بضاعة أجنبية منه طوال مدة العام ففي مثل ذلك إذا فرض ان له في كل مدة و مدة فائدة كشهر أو شهرين،فعلى القول الثاني و هو المختار في المسألة لا يجب عليه أن يخمس فوائد الشهور المتأخرة في نهاية سنتها المجعولة و له أن يؤخر خمسها إلى نهاية سنتها الواقعية،و على القول الأول فبما أن مجموع فوائد الشهور تعتبر

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 141)


……….

فائدة واحدة فيجب عليه اخراج خمسها جميعا في نهاية السنة المجعولة،و به تظهر الثمرة بين القولين في المسألة أيضا.

و قد يستدل على القول الأول بقوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:

«فاما الغنائم و الفوائد فهي واجبة في كل عام» 1.

بدعوى:أنه يدل على اعتبار مجموع فواد العام بضم بعضها إلى بعضها الآخر فائدة واحدة و وجوب خمسها بعد المؤونة في نهاية العام.

و الجواب عن ذلك بوجهين..

الأول:ان الامام عليه السّلام في هذه الصحيحة انما هو في مقام بيان تخفيف كلفة وجوب الخمس و عبئه عن المؤمنين في سنته تلك بالنسبة إلى بعض الاشياء باسقاط خمسه كلا و الاكتفاء في بعضها الآخر بنصف السدس،و لكن استثنى من ذلك خمس الغنائم و الفوائد و حكم بعدم سقوطها فيها و وجوبه في كل عام، فاذن تكون الصحيحة في مقام بيان عدم سقوط خمس الغنائم و الفوائد في تلك السنة لا كلا و لا بعضا،في مقابل سقوط خمس غيرها من الأشياء اما كلا أو بعضا،و ليست في مقام بيان ان متعلق الخمس مجموع فوائد السنة بما هو المجموع،لا كل فائدة برأسها،و عليه فلا تدل الصحيحة على وجوب ملاحظة مجموع الفوائد في أثناء السنة فائدة واحدة.

الثاني:ان الغنائم و الفوائد بما أنها من الجمع المحلى باللام فلا تخلو اما أن تدل على العموم الافرادي،أو على الجنس إذا كان المراد من اللام لام الجنس كما هو غير بعيد،و لا تدل على العموم المجموعي.

فالنتيجة ان الصحيحة لا تدل على ان الموضوع لوجوب الخمس مجموع فوائد السنة بما هو المجموع،فاذن يكون المرجع هو الاطلاقات،و مقتضاها ان كل فائدة برأسها موضوع لوجوب الخمس مستقلا شريطة أن تبقى في نهاية


 

1) <page number=”141″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 142)


[مسألة 57:يشترط في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقراره]

[2933]مسألة 57:يشترط في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقراره(1)،فلو اشترى شيئا فيه ربح و كان للبائع الخيار لا يجب خمسه إلا بعد لزوم البيع و مضي زمن خيار البائع.

السنة و لم تصرف في المؤونة،و لكن تطبيق هذه النظرية على كل عناصرها عمليا في الخارج صعب جدا لكل كاسب و تاجر و صانع و أصحاب المهن و الحرف بأن يحسب لكل فائدة من مبدأ تاريخ حدوثها سنة كاملة ثم يخمسها إذا بقيت و لم تصرف في المئونة،فان ذلك بحاجة إلى ضبط تاريخ مبدأ حدوث كل فائدة و مراجعة ذلك حتى يعرف أن أية فائدة من الفوائد الطولية تظل باقية إلى نهاية السنة و أية فائدة منها قد صرفت في المؤونة،و من الطبيعي أن ذلك صعب جدا،بل فيه حرج شديد حيث انه بنفسه عمل يشغل البال،فمن أجل ذلك لا مانع من أن يجعل لمجموع الفوائد المكتسبة سنة واحدة و يخمس المجموع في نهاية السنة و إن لم تمر عليه سنة كاملة باعتبار ان الخمس تعلق بالفائدة من حين ظهورها شريطة أن تبقى و لم تصرف في المؤونة و لو باخراج خمسها من حين تحققها،فانه إذا اخرج خمسها من هذا الحين صدق أنها لم تصرف فيها و لو من باب السالبة بانتفاء الموضوع و تبديلها بموضوع آخر و هو الفائدة المخمسة.

في اطلاقه اشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل في المسألة،فان من اشترى دارا مثلا ببيع خياري إلى فترة زمنية معينة كسنتين أو أكثر،فان اشتراها بقيمة متعادلة و هي قيمتها بهذا البيع لدى العرف و العقلاء فلا فائدة فيه إلاّ إذا صار البيع لازما،فعندئذ تتحقق الفائدة،و إن اشتراها بأقل منها ففيه فائدة.

مثال ذلك:إذا كانت قيمة الدار بالبيع اللازم عشرة آلاف دينار،و بالبيع الخياري سبعة آلاف دينار،فان اشتراها بالسبعة فلا فائدة فيه عرفا إلاّ إذا صار

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 143)


[مسألة 58:لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله البائع فأقاله لم يسقط الخمس]

[2934]مسألة 58:لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله البائع فأقاله لم يسقط الخمس،إلا إذا كان من شأنه أن يقيله كما في غالب موارد بيع شرط الخيار إذا ردّ مثل الثمن.

[مسألة 59:الأحوط إخراج خمس رأس المال إذا كان من أرباح مكاسبه]

[2935]مسألة 59:الأحوط إخراج خمس رأس المال إذا كان من أرباح مكاسبه،فإذا لم يكن له مال من أول الأمر فاكتسب أو استفاد مقدارا و أراد أن يجعله رأس المال للتجارة و يتجر به يجب إخراج خمسه على الأحوط(1)ثم الاتجار به.

البيع لازما كما مر،و إن اشتراها بالخمسة ففيه فائدة حيث انه اشتراها بثمن أقل من قيمتها السوقية،و حينئذ يجب عليه أن يخمس تلك الفائدة في نهاية السنة شريطة أن تبقى و لم تصرف في المؤونة باعتبار أنها من فوائد هذه السنة، و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

و الأظهر عدم الوجوب إذا كانت مكانته تتطلب وجود رأس مال له يقوم فيه بعملية التجارة على نحو تكفى ارباحه لمئونته اللائقة بحاله و متطلبات حاجاته.و الوجه فيه أن المراد من المؤونة المستثناة من الخمس لدى العرف و العقلاء هو ما يتطلبه شئون الفرد في المجتمع من المسكن و المأكل و المشرب و الملبس و الخدم و المركب و الفرش و الظروف و نحوها،فان كل ذلك بما يليق بشأنه،و من هنا تختلف المؤونة باختلاف مكانة الأفراد و شئونهم الاجتماعية، و أما رأس المال للاتجار به و صرف أرباحه و فوائده في متطلبات حاجاته الذاتية حسب ما يليق به مقامه فهو انما يكون من المؤونة إذا تطلبت مكانته لدى الناس وجود رأس مال له يقوم فيه بالعمل بغاية الاستفادة من منافعه و فوائده لسدّ متطلبات حاجاته اللائقة بحاله،باعتبار ان اشتغاله كعامل مضاربة أو بناء أو صانع أو غير ذلك مهانة له،و في مثل هذه الحالة يكون رأس المال مئونة له

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 144)


……….

كسائر مؤنة و تحدده كما و كيفا متطلبات حاجاته المناسبة لحاله و مقامه.و على ضوء هذا الأساس لا فرق بين أن يكون رأس المال بمقدار مئونة سنته أو أكثر أو أقل،فان الضابط العام فيه انما هو كونه بمقدار يليق به،و يكفى ما ينتج منه من الأرباح و الفوائد لمتطلبات حاجاته اللائقة بحاله،و اما إذا لم تتطلب مكانة الفرد وجود رأس مال له و يقوم بالعمل فيه كتاجر و يستفيد من أرباحه و فوائده لإشباع حاجاته الذاتية،كما إذا لم يكن عمله كعامل مضاربة أو بناء أو نجار أو خياط أو غير ذلك نقصا و مهانة له عند الناس،فلا يكون رأس المال مئونة له،فلو جعل من ارباح السنة رأس مال له ليقوم فيه بالعمل كتاجر و ليصرف من ارباحه و فوائده في مئونته،فعليه أن يخمس ذلك في نهاية السنة،فانه لا يعتبر مئونة له عرفا كالمسكن و نحوه.و من هنا يظهر انه لا وجه للقول بأن رأس المال انما يكون مستثنى من الخمس إذا كان بقدر مئونة سنة الفرد،بلا فرق بين أن يكون شأنه يتطلب وجوده له أو لا،كما إذا لم يكن عمله كعامل مضاربة أو نحوها مخالفا لشئونه و مكانته،و ذلك لأن هذا القول مبني على نقطتين خاطئتين..

الأولى:انه لا وجه لتحديد رأس المال بقدر مئونة السنة لأن استثناء رأس المال من الخمس انما هو بملاك انه من المؤونة على أساس أن مكانة الشخص و شئونه الاجتماعية تتطلب وجود رأس مال له،و من الطبيعي أنها تحدده كما و كيفا بما يكفى ارباحه و فوائده لإشباع حاجاته اللائقة بحاله و إن كان أكثر من مئونة سنته،فاذن لا مبرر للتحديد بقدر مئونة السنة.

الثانية:انه لا مبرر لعدم الفرق بين ما يتطلب مقام الشخص وجود رأس مال له و ما لا يتطلبه،كما إذا لم يكن عمله كعامل في مهنة أو نحوها مخالفا لشأنه على أساس ان مكانته إذا لم تتطلب وجود رأس مال له فمع ذلك إذا جعل له رأس مال من ارباح السنة و اشتغل به كتاجر لإشباع حاجياته من أرباحه بدل اشتغاله كعامل فلا يكون من المؤونة حتى يكون مستثنى من الخمس.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 145)


……….

و إن شئت قلت:ان النص لم يرد على استثناء رأس المال بعنوانه من اطلاق دليل الخمس لكي نبحث عن مدى سعة مدلول ذلك النص و ضيقه، و انما يدور استثناؤه مدار كونه من المؤونة،و قد مر انه انما يكون منها إذا كان من متطلبات شئون الفرد و مكانته لا مطلقا.

فالنتيجة في نهاية الشوط ان استثناء رأس المال من اطلاق دليل وجوب الخمس انما هو بعنوان كونه من المؤونة كالمسكن و الملبس و الفرش و نحوها، لا بعنوان رأس المال،و قد تقدم ان اتصافه بالمئونة يرتبط بكونه من متطلبات مكانة الفرد،فمن أجل ذلك يختلف استثناؤه باختلاف الأفراد.

تبقى هنا مسألتان..

الأولى:ان من كان لديه رأس مال أكثر مما تتطلبه حاجاته الذاتية حسب مكانته و شئونه،فهل عندئذ يستثنى من رأس المال مقدار ما تتطلبه حاجاته المذكورة تطبيقا لما تقدم،أو لا؟الظاهر هو الاستثناء بالنسبة،فإذا كانت نسبة ما تتطلبه مكانته إلى مجموع رأس المال نسبة النصف يخمس نصفه لا كله،باعتبار أن أحدهما من المؤونة دون الآخر،كما إذا كانت عنده داران تكفى احداهما لحاجاته اللائقة بحاله،و الأخرى زائدة،فانه يجب عليه أن يخمس احداهما دون الأخرى،و إذا كانت النسبة الثلث أو الربع-مثلا-استثنى الثلث منه أو الربع و يخمس الباقي و هكذا.

الثانية:إذا كان له طريق آخر لإشباع حاجاته اللائقة بحاله كالهبات و الهدايا أو الجوائز الواصلة إليه على أساس ماله عند الناس من المكانة الاجتماعية،فمع ذلك إذا جعل لنفسه رأس مال من تلك الأموال ما يناسب حاله و شأنه و يقوم فيه بالعمل و الاتجار و يصرف ما يدير عليه من الأرباح و الفوائد في شئونه و اشباع حاجاته المناسبة له،فهل يستثنى ذلك من الخمس؟الظاهر هو الاستثناء شريطة أن يكون جعل رأس المال منها بهذه الغاية لا بغاية جمع الثروة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 146)


……….

و طلب زيادتها،فانه حينئذ يكون من المؤونة و مجرد أنه يتمكن من الاعاشة من طريق آخر لا يخرج عن كونه مئونة إذا عاش من ارباحه و فوائده فعلا،نظير من يتمكن من الاعاشة في مسكن للإيجار أو الوقف أو التبرع بدون حزازة،فمع ذلك إذا اشترى مسكنا بغاية السكنى فيه،فلا شبهة في انه من المؤونة شريطة أن يسكن فيه فعلا.

لحد الآن قد تبين ان كل فرد إذا كانت مكانته الاجتماعية مانعة عن العمل كعامل فله أن يجعل من فوائد أثناء السنة كالهبات أو الهدايا أو الجوائز أو نحوها رأس مال له بمقدار يكفى ما يدير عليه من الأرباح و الفوائد لسد متطلبات حوائجه الذاتية و شئونه الاجتماعية،و إن لم تكن مانعة عنه لم يحق له ذلك و لو صنع لم يكن من المؤونة لكي يكون مستثنى من الخمس،و لا فرق فيه بين الكاسب و التاجر و أصحاب المعامل و الصنائع و المهن و الحرف،فانه يتاح لكل أحد لا يليق بمكانته أن يعمل كعامل أن يهيئ له فرص العمل المناسب له بقدر ما يكفى عوائده و منتجاته لإشباع حوائجه العامة و الخاصة،و بذلك يظهر انه لا وجه للقول باستثناء رأس المال من اطلاق دليل وجوب الخمس مطلقا أو فيما إذا كان بمقدار المئونة،كما انه لا وجه للقول بعدم استثنائه أصلا.

و نذكر فيما يلى عددا من الحالات لذلك الضابط العام لكي يتاح للمكلف معرفة الحكم الشرعي فيها و في امثالها.

الأولى:طبيب بحاجة إلى ممارسة عمله لإشباع حاجاته و متطلباتها اللائقة بحاله على أساس أن عمله كصانع عند آخر لا يليق بشأنه و مكانته،و في هذه الحالة إذا كان عنده مال من أرباح السنة كهدية أو جائزة أو نحوها و يشتري بها الوسائل و الأدوات الطبية لممارسة عمله بها كطبيب و صرف ما نتج منها في مئونته اللائقة بمقامه فلا خمس فيها لأنها تعتبر مئونة له عرفا.نعم،إذا زاد ما حصل منها عن مئونة سنته فعليه أن يخمس من تلك الوسائل بالنسبة،كما إذا

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 147)


……….

جعل ممارسة عمله أكثر استيعابا لحالات المرضى في مجال التطبيق و تشخيص المرض الناجم عن مختلف العوامل الداخلية أو الخارجية و يوفر كل الوسائل الكفيلة لذلك،كعملية التحليل بمختلف شعبه و الأشعة و الناظور و ما شاكل ذلك،و من المعلوم أن هذه الوسائل المستعملة في مجال التطبيق بشتى اشكاله بما أنها تزيد عن المؤونة فيجب عليه خمس الزائد بالنسبة،و بذلك يظهر حال المهندس و غيره من الخبير الفنى تطبيقا لنفس ما تقدم.

الثانية:خياط يكون في أمس الحاجة إلى توفير الوسائل و الأدوات لممارسة عمله كخياط و مزاولته لإشباع متطلبات حاجاته و مئونة سنته اللائقة بحاله على أساس أن عمله كصانع خياط لا يليق به و بمكانته،و في هذه الحالة إذا كان لديه مال من أرباح السنة بسبب أو آخر يكفى لتوفير الوسائل و الأدوات لممارسة عمله،فإذا اشترى به تلك الوسائل و الأدوات و مارس عمله بها و صرف ما نتج منه من الأرباح في مئونته طول فترة العام فلا خمس فيها لأنها تعتبر مئونة له عرفا،و إذا زاد ما حصل منه من الفوائد عن مئونة سنته وجب عليه أن يخمس من تلك الوسائل و الأدوات بالنسبة،و به يظهر حال غيره من أصحاب الحرف كالنجار و الحداد و نحوهما تطبيقا لما تقدم.

الثالث:ان الطبيب أو المهندس أو الخياط إذا كان لديه أموال تكفى ارباحها لمئونة سنته بما يناسب شأنه و مكانته و لا يحتاج إلى ممارسة عمله و شغله لسدّها،ففي هذه الحالة هل تعتبر الوسائل و الأدوات التي وفرها من ارباح أثناء السنة لعمله و شغله مئونة و مستثناة من الخمس،أو لا؟الظاهر أنها لا تعتبر مئونة له عرفا باعتبار أنه ليس بحاجة إلى توفير هذه الوسائل و الأدوات لممارسة عمله و شغله كطبيب أو مهندس أو خياط لمئونته و متطلبات حاجاته، و مع هذا إذا وفر تلك الوسائل و الأدوات و مارس عمله بها لم تعتبر مئونة له عرفا.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 148)


[مسألة 60:مبدأ السنة التي يكون الخمس بعد خروج مئونتها حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكسب]

[2936]مسألة 60:مبدأ السنة التي يكون الخمس بعد خروج مئونتها حال الشروع في الاكتساب(1)فيمن شغله التكسب،و أما من لم يكن مكتسبا و حصل له فائدة اتفاقا فمن حين حصول الفائدة.

نعم،أنها تعتبر حينئذ مئونة لعمله و شغله كالطبابة أو الهندسة أو الخياطة أو ما شاكلها.

فالنتيجة أنها في هذه الحالة مئونة العمل دون مئونة الشخص و من هنا يظهر الفرق بين أن تكون عنده تجارة أو مصنع أو منجم قبل مهنته هذه تكفى ارباحها لمئونة سنته اللائقة بمقامه مهما زادت و توسعت في أثناء السنة بوقوع اتفاقات لم يكن متوقعا،فإنه عندئذ إذا وفر تلك الوسائل و الأدوات لممارسة عمله بها لم تعتبر مئونة له عرفا،و بين أن يكون عنده مال من أرباح أثناء السنة و يدور أمره بين أن يعمل كعامل مضاربة أو صانع و بين أن يوفر بذلك المال الوسائل و الأدوات ليمارس عمله بها و يصرف مما يحصل من ذلك من الأموال في مئونته،و بما أن الأول لا يليق بمكانته فيتعين الثاني، و عليه فتعتبر تلك الوسائل و الأدوات مئونة له عرفا و إن زادت ارباحها عن المؤونة بنسبة كبيرة،غاية الأمر تعتبر حينئذ من المؤونة بالنسبة و يخمس منها كذلك.

فيه اشكال بل منع،و الظاهر أن مبدأ السنة من حين ظهور الربح و الفائدة لا من حين الشروع في الاكتساب،بلا فرق في ذلك بين التجارة و الصناعة و المهنة و الحرفة،فإن بداية السنة في كل ذلك تبدأ من بداية ظهور الربح و الفائدة،و السبب في وراء ذلك ما تقدم من أن موضوع وجوب الخمس بمقتضى الآية الشريفة و الروايات هو الفائدة و الغنيمة التي يستفيدها المرء و يغنمها،و الناتج من ضم روايات المؤونة إليهما ان المستثنى من الفائدة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 149)


[مسألة 61:المراد بالمئونة-مضافا إلى ما يصرف في تحصيل الربح ما يحتاج إليه لنفسه و عياله في معاشه بحسب شأنه اللائق بحاله]

[2937]مسألة 61:المراد بالمئونة-مضافا إلى ما يصرف في تحصيل الربح(1)-ما يحتاج إليه لنفسه و عياله في معاشه بحسب شأنه اللائق بحاله في العادة من المأكل و الملبس،و ما يحتاج إليه لصدقاته و زياراته و هداياه و جوائزه و أضيافه،و الحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة أو أداء دين أو ارش جناية أو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطأ،و كذا ما يحتاج إليه من دابة أو جارية أو عبد أو أسباب أو ظرف أو فرش أو كتب،بل ما يحتاج إليه لتزويج أولاده أو ختانهم،و نحو ذلك مثل ما يحتاج إليه في المرض و في موت أولاده أو عياله إلى غير ذلك مما يحتاج إليه في معاشه،و لو زاد على ما يليق بحاله
و الغنيمة هو المؤونة،و بما ان المراد منها مئونة السنة فبطبيعة الحال يكون مبدؤها مبدأ الفائدة و الغنيمة،إذ لو كان مبدأ السنة اول الشروع في الكسب فحينئذ إذا كان الربح متأخرا عنه فلازمه استثناء المؤونة السابقة من الربح المتأخر،و هو خلاف ظاهر قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة…»فانه ينص على ان المؤونة مستثناة من الربح الموجود على أساس ظهور المؤونة في المؤونة الفعلية من جهة،و ظهور الاستثناء في استثناء نفس المؤونة منه من جهة أخرى لا الأعم مما يعادلها.

و إن شئت قلت:انه لم يرد في شيء من روايات الباب عنوان سنة التجارة أو الصناعة أو عام الربح لكي يمكن أن يكون مبدؤها من حين الشروع فيها،بل جاء في لسان الروايات هذا النص:«إن الخمس بعد المؤونة»و بما أنها ظاهرة في مئونة السنة فهي تحدد مبدأها بأول ظهور الفائدة و الغنيمة باعتبار أنها موضوع لوجوب الخمس و مئونة السنة مستثناة منها.

هذا هو الصحيح فان مئونة التجارة التي هي عبارة عما يصرف في سبيل الحصول على الفوائد و الغنائم كمصارف تصدير البضائع أو استيرادها من

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 150)


مما يعد سفها و سرفا بالنسبة إليه لا يحسب منها.

[مسألة 62:في كون رأس المال للتجارة مع الحاجة إليه من المؤونة إشكال]

[2938]مسألة 62:في كون رأس المال للتجارة مع الحاجة إليه من المؤونة إشكال،فالأحوط كما مر(1)إخراج خمسه أوّلا،و كذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه مثل آلات النجارة للنجّار و آلات النساجة للنسّاج و آلات الزراعة للزرّاع و هكذا،فالأحوط إخراج خمسها أيضا أوّلا.

بلاد أخرى،و المداولة بها،و أجرة الكاتب و الدلال و الحمال و الدكان و ما شاكل ذلك مستثناة منها،إذ مضافا إلى أن هذا الاستثناء يكون على القاعدة على أساس ان الفائدة لا تصدق الاّ على الباقي منها بعد تلك المصارف،قد دلت عليه مجموعة من النصوص،و أما مئونة الشخص و اللازمون له فهي تلحظ على حسب شئونه و مكانته من المسكن و الملبس و المأكل و المشرب و الفرش و الظروف و الخدم و المركبة و الهدايا و الجوائز و الزيارات و الصدقات و الضيافة و مصارف زواج أولاده و ما شاكل ذلك،فمن أجل هذا تختلف المؤونة كما و كيفا باختلاف الأفراد.

مر تفصيل ذلك في المسألة(59)،و منه يظهر حال الأدوات و الآلات التي يحتاج إليها صاحب كل مهنة في أعمالها تطبيقا على عناصرها في الخارج، فانه لا يجب عليه تخميسها شريطة توفر أمرين..

أحدهما:أن لا يكون له موارد أخرى سابقة تكفى لإشباع حاجاته حسب شئونه و مكانته كمعمل أو مصنع أو تجارة.

و الآخر:أن يكون اشتغاله كعامل نجار أو خياط أو مضارب نقصا عليه و مهانة،فان الناتج من توفرهما أن مكانته تتطلب توفير تلك الأدوات و الآلات له لكي يقوم بتطبيق مهنته عمليا كتأمين مئونته و سد متطلبات حاجاته اللائقة بحاله،فمن أجل ذلك تكون من المئونة.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 151)


[مسألة 63:لا فرق في المؤونة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول و المشروب و نحوهما و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه]

[2939]مسألة 63:لا فرق في المؤونة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول و المشروب و نحوهما و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه مثل الظروف و الفروش و نحوها،فإذا احتاج إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها و إن بقيت للسنين الآتية(1)أيضا.

[مسألة 64:يجوز إخراج المؤونة من الربح و إن كان عنده مال لا خمس فيه]

[2940]مسألة 64:يجوز إخراج المؤونة من الربح و إن كان عنده مال لا خمس فيه بأن لم يتعلق به أو تعلق و أخرجه فلا يجب إخراجها من ذلك بتمامها و لا التوزيع،و إن كان الأحوط التوزيع(2)،و الأحوط منه إخراجها بتمامها من المال الذي لا خمس فيه،و لو كان عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك مما لو لم يكن عنده كان من المؤونة لا يجوز احتساب قيمتها من
بل و ان استغنى الانسان عنها،فمع ذلك لا يجب اخراج خمسها، و سوف نشير إلى وجه ذلك في ضمن المسائل القادمة لدى تعرض الماتن قدّس سرّه حكم المؤونة في فرض الاستغناء عنها.

فيه ان الاحتياط ضعيف و لا منشأ له،فان اطلاق قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المئونة»محكم في المقام،و مقتضاه عدم الفرق بين وجود مال آخر عنده و عدم وجوده.

و دعوى انصرافه إلى صورة الحاجة لإخراج المؤونة من الربح لا أساس لها،ضرورة انه ليس في النص شيء يوهم هذا الانصراف فضلا عن الدلالة و الاقتضاء،كما انه لا أساس لدعوى ان التوزيع يكون مقتضى قاعدة العدل و الانصاف،لأن هذه القاعدة و إن كانت لا بأس بها في الجملة الاّ أن كون المقام من عناصر هذه القاعدة غير معلوم،هذا اضافة إلى أن اطلاق النص يمنع من تطبيقها عليه.

فالنتيجة انه لا منشأ للاحتياط و لو استحبابا.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 152)


المؤونة و أخذ مقدارها بل يكون حاله حال من لم يحتج إليها أصلا.

[مسألة 65:المناط في المؤونة ما يصرف فعلا لا مقدارها]

[2941]مسألة 65:المناط في المؤونة ما يصرف فعلا لا مقدارها،فلو قتر على نفسه لم يحسب له،كما أنه لو تبرع بها متبرع لا يستثنى له مقدارها على الأحوط،بل لا يخلو عن قوة.

[مسألة 66:إذا استقرض من ابتداء سنته لمئونته أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح]

[2942]مسألة 66:إذا استقرض من ابتداء سنته لمئونته أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح(1).

[مسألة 67:لو زاد ما اشتراه و ادّخره للمئونة من مثل الحنطة و الشعير و الفحم و نحوها مما يصرف عينه فيها يجب إخراج خمسه عند تمام الحول]

[2943]مسألة 67:لو زاد ما اشتراه و ادّخره للمئونة من مثل الحنطة و الشعير و الفحم و نحوها مما يصرف عينه فيها يجب إخراج خمسه عند تمام الحول،و أما ما كان مبناه على بقاء عينه و الانتفاع به مثل الفرش و الأواني و الألبسة و العبد و الفرس و الكتب و نحوها فالأقوى عدم الخمس فيها،نعم لو فرض الاستغناء عنها فالأحوط إخراج الخمس منها(2)،و كذا في حليّ النسوان إذا جاز وقت لبسهن لها.

لا يجوز ذلك لما مر في المسألة(60)من أن مقتضى نصوص المؤونة ان مبدأ السنة من حين ظهور الربح و الفائدة،و المؤونة مستثناة منها،و لا يجوز استثناؤها من الفائدة المتأخرة،و الا لزم أن لا يكون مبدأ السنة من حين ظهورها و تحققها و هو خلف فرض ظهور النصوص في ذلك.

نعم،ما ذكره الماتن قدّس سرّه مبنى على مسلكه من أن مبدأ السنة من حين الشروع في الاكتساب لا من حين ظهور الفائدة،و لكن المسلك غير تام.

فيه اشكال بل منع،و الأظهر عدم وجوب الخمس فيها إذا استغنى الانسان عنها،و النكتة في ذلك أن مقتضى اطلاقات أدلة الخمس من الكتاب و السنة،أن كل فائدة يستفيدها المرء و غنيمة يغنمها ففيها الخمس،و قد استثنى منها المؤونة بمقتضى رواياتها الناصة بأن كل فائدة تصبح مئونة فلا خمس

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 153)


……….

فيها،و أما إذا فرض الاستغناء عنها كما إذا كانت عنده دار-مثلا-و كان ساكنا فيها،ثم استغنى عنها بشراء دار أخرى أو بنائها،فحينئذ و إن كانت تلك الدار فائدة زائدة على المؤونة و لكن مع ذلك لا تكون مشمولة لإطلاق دليل وجوب الخمس على أساس ان مدلوله وجوبه في كل فائدة يستفيدها المرء و يوجدها شريطة أن لا تصبح مئونة،و الاّ لم تكن مشمولة له و إن استغنى عنها،باعتبار أنها حين ظهورها و افادتها لم تكن مشمولة له على أثر صيرورتها مئونة،و اما حين خروجها عن هذه الحالة و دخولها في حالة أخرى و هي حالة البقاء فلا تكون مشمولة له،فان الاطلاق غير ناظر إلى هذه الحالة.

و إن شئت قلت:ان للفائدة التي يستفيدها المرء حالتين..

الأولى:حالة حدوثها و ظهورها في الوجود و هي حالة افادتها.

الثانية:حالة بقائها في عمود الزمان،و موضوع اطلاقات أدلة وجوب الخمس هو الفائدة في الحالة الأولى لصدق أنها فائدة يستفيدها المرء و غنيمة يغنمها كما هو مقتضى الآية الشريفة و الروايات.

فالنتيجة ان موضوع وجوب الخمس على ضوء تلك الاطلاقات الفائدة و الغنيمة المعنونة بهذا العنوان فعلا و هو عنوان ما يستفيدها المرء و يغنمها،و اما الفائدة في الحالة الثانية فبما انه لا يصدق عليها ذلك العنوان فعلا فلا تكون موضوعا لوجوب الخمس و شموله للإطلاقات،إذ لا يصدق عليها أنها فائدة يستفيدها المرء و غنيمة يغنمها فعلا،بل كان يستفيدها و يغنمها،و على هذا الأساس فالفائدة التي يجعلها الانسان مئونة حيث أنها ليست متعلقة للخمس من حين الاستفادة و الاغتنام فاذا استغنى عنها فلا تكون مشمولة لإطلاقات أدلته لعدم صدق الاستفادة و الاغتنام عليها فعلا،بل كانت مستفادة و مغتنمة،و الفرض ان موضوع وجوب الخمس هو الفائدة المعنونة بهذا العنوان،و هذا يعني انه حصة خاصة من الفائدة و هي الفائدة التي ينطبق عليها هذا العنوان فعلا،و بما انه

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 154)


[مسألة 68:إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح سقط اعتبار المؤونة في باقية]

[2944]مسألة 68:إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح سقط اعتبار المؤونة في باقية(1)فلا يوضع من الربح مقدارها على فرض الحياة.

[مسألة 69:إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة و حصل في السنة اللاحقة]

[2945]مسألة 69:إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة و حصل في السنة اللاحقة لا يخرج مئونتها من ربح السنة اللاحقة(2).

[مسألة 70:مصارف الحج من مئونة عام الاستطاعة]

[2946]مسألة 70:مصارف الحج من مئونة عام الاستطاعة،فإذا استطاع في أثناء حول حصول الربح و تمكن من المسير بأن صادف سير الرفقة في ذلك العام احتسب مخارجه من ربحه،و أما إذا لم يتمكن حتى انقضى العام وجب عليه خمس ذلك الربح،فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة الآتية وجب و إلا فلا،و لو تمكن و عصى حتى انقضى الحول فكذلك على الأحوط(3)،
لا ينطبق على المؤونة بعد الاستغناء عنها فلا تكون مشمولة لإطلاق دليل وجوب الخمس.

هذا لا من جهة التخصيص في دليل المؤونة،بل من جهة انه لا موضوع لها بعد الموت حتى تكون مستثناة.

بل قد مر انه كما لا يخرج ذلك لا تخرج المؤونة السابقة من الفائدة المتأخرة في نفس السنة أيضا،كما إذا صرف التاجر من ماله المخمس في مئونته قبل ظهور الربح و الفائدة،أو استدان مالا و صرفه فيها قبل ذلك لم يجز له استثناؤه من الربح اللاحق،نعم إذا استدان جاز أداؤه منه،بل الأمر كذلك على الأظهر إذا كان الدين أو الصرف من مال آخر بعد الربح كما سوف نشير إليه.

بل على الأقوى لما مر من أن الناتج من ضم نصوص المؤونة إلى اطلاقات الأدلة من الكتاب و السنة هو أن كل فائدة استفادها المرء و غنيمة غنمها

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 155)


و لو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة،و أما المقدار المتمم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه إذا تمكن من المسير،و إذا لم يتمكن فكما سبق يجب إخراج خمسه(1).

[مسألة 71:أداء الدين من المؤونة إذا كان في عام حصول الربح أو كان سابقا]

[2947]مسألة 71:أداء الدين من المؤونة إذا كان في عام حصول الربح أو كان سابقا و لكن لن يتمكن من أدائه إلى عام حصول الربح(2)،و إذا لم
متعلقة للخمس شريطة أن لا يجعلها مئونة عينا أو منفعة،و لا فرق في ذلك بين أن يكون جعلها من المؤونة واجبا أو غير واجب،لأن مجرد وجوب ذلك لا يجعلها منها،لما مر من أن المراد من المؤونة هو صرف الفائدة في سد حاجاته عينا أو منفعة،و الا فلا تكون منها و إن كان صرفها فيها واجبا،إذ مجرد ذلك لا يمنع عن شمول الاطلاقات لها و وجوب اخراج خمسها.

بل و كذلك في فرض التمكن من المسير إذا تركه عصيانا كما مر،لأن المعيار في كون المتمم من المؤونة و عدم كونه منها إنما هو بالمسير الفعلي و عدمه،لا بالتمكن منه و عدم التمكن.

بل مع التمكن من الأداء أيضا لأنه من المؤونة في كل وقت و إن أخره إلى ذلك الوقت عامدا و ملتفتا إلى عدم جوازه،بل هو من أظهر مصاديقها،سواء أ كان الدين في سنة الفائدة أم كان قبلها،و سواء أ كان متمكنا من أداه أم لا،و لا فرق فيه بين أن يكون الدين للمئونة أو لغيرها غاية الأمر ان الدين إذا كان لغير المؤونة فأداؤه انما يكون منها شريطة أن لا يكون ما بازائه موجودا عنده،و أما إذا كان موجودا فحينئذ ان كان الدين مقارنا لظهور الفائدة أو متأخرا عنه و أدّاه من تلك الفائدة انتقل الخمس إلى ما بازائه من الأعيان و يجب خمسه بالقيمة الفعلية في نهاية السنة،سواء أ زادت أم نقصت،و إن كان متقدما على ظهورها

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 156)


……….

وجب تخميس الفائدة قبل أداء الدين،و لا ينتقل الخمس منها إلى ما بازائه،فانه بحاجة إلى دليل،و سنشير إلى وجه ذلك في ضمن المسائل في آخر كتاب الخمس.

تبقى هنا مسألة أخرى و هي ان الدين إذا كان للمئونة و كان بعد الربح، فهل يستثنى من الفائدة في نهاية السنة أو لا؟فيه قولان:الأظهر هو الثاني، و اختار جماعة منهم السيد الاستاذ قدّس سرّه الأول،و قد استدل عليه بوجوه..

الأول:عدم صدق الفائدة على ما يوازي منها الدين بنكتة ان المعيار عندهم في الفائدة و الخسران انما هو بلحاظ مجموع ما استفاد في أثناء السنة، فان زاد في نهاية السنة عن وجود رأس مال له في بدايتها فهو فائدة،و الاّ فلا، و بما أنهم لا يعتبرون ما وقع بازاء الدين للمئونة فائدة فيكون استثناؤه منها في نهاية السنة على القاعدة.

و الجواب:ان هذا الوجه لا يتم،فانه لا يتضمن ما يبرر عدم صدق الفائدة على ما يوازي الدين منها،بل الظاهر انه لا شبهة في صدق الفائدة على كل ما استفاده الكاسب في نهاية السنة و إن كان مدينا للمئونة،ضرورة ان وجود الدين لا يمنع عن صدق الفائدة على الكل بدون استثناء ما يوازي الدين،و قد تقدم ان الناتج من ضم روايات استثناء المؤونة من الفوائد و الغنائم إلى اطلاقات أدلة وجوب الخمس فيها هو أن موضوعه حصة خاصة من الفائدة،و هي الفائدة التي تبقى في نهاية السنة و لم تصرف في المؤونة،و الفرض صدق هذا العنوان على كل الفائدة في نهاية السنة في مفروض المسألة بدون استثناء.

و إن شئت قلت:ان ظاهر قوله عليه السّلام في روايات المؤونة الذي جاء بهذا النص:«الخمس بعد المؤونة» 1هو أن المؤونة مستثناة من نفس ما تعلق به الخمس و هو الفائدة و الغنيمة،و هذا يعني ان كل ما أفاده الكاسب في أثناء السنة


 

1) <page number=”156″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 157)


……….

من الفائدة و الغنيمة فما صرفه منه في المؤونة فهو مستثنى من الخمس،و ما يبقى منه و لم يصرف فيها ففيه الخمس،هذا هو مدلول روايات استثناء المؤونة من الفوائد و الغنائم التي هي موضوع وجوب الخمس،و أما إذا صرف الكاسب في المؤونة من رأس ماله المخمس،أو استدان شيئا و صرفه فيها لا من الفائدة عنده،فلا دليل على استثناء ما يوازيه منها،فان روايات المؤونة لا تدل على ذلك،و لا يوجد دليل آخر ينص على هذا الاستثناء.

فالنتيجة ان من صرف في مئونته و سد حاجاته اللائقة بحاله من مال آخر عنده المخمس،أو استدان مالا و صرفه فيها و لم يصرف من نفس ما استفاده من الفائدة فيها،فاستثناء ما يوازيه من الفائدة في نهاية السنة و تخميس الباقي بحاجة إلى دليل،و روايات استثناء المؤونة بما أنها ظاهرة في أن المستثنى هو المؤونة من نفس الفائدة فلا تشمل ذلك،و الدليل الآخر غير موجود،و الصرف المذكور لا يمنع عن صدق الفائدة على ما يوازيه منها،لعدم العلاقة بين الأمرين، فان المبرر لصدق الفائدة على كل ما أفاده في نهاية السنة انما هو بقاؤه كذلك في النهاية و عدم صرف شيء منه في المؤونة،و اما الصرف من مال آخر فيها فهو لا يرتبط بذلك،و لا يمنع عن الصدق،و الفرض أن موضوع وجوب الخمس هو الفائدة التي يستفيدها طول مدة السنة و تبقى في نهايتها و لم تصرف في المؤونة.

و دعوى ان موضوع وجوب الخمس هو الزائد على مئونة السنة،و هذا العنوان لا يصدق على ما يوازى الدين من الفائدة..

مدفوعة..أولا:بأن موضوع وجوب الخمس عنوان ما استفاده الناس و الغنيمة على ما مر،و ليس لعنوان الزائد على المؤونة عين و لا أثر في الروايات المعتبرة.

و ثانيا:ان الدين للمئونة أو الصرف من مال آخر فيها لا يمنع عن صدق

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 158)


……….

الزائد عليها في نهاية السنة إذا بقيت،نعم،ان استثناء ذلك من الفائدة في نهاية السنة انما يتم على أحد تقديرين..

الأول:أن يكون موضوع وجوب الخمس هو الفائدة الزائدة على رأس المال الموجود عند التاجر في بداية السنة،و عندئذ فاذا صرف من رأس ماله المخمس في مئونته لا من الفائدة عنده لم يصدق عنوان الزائد على ما يوازيه من الفائدة،و كذلك الحال في الدين.

الثاني:أن يكون المراد من المؤونة المستثناة من الفائدة و الغنيمة مقدارها و إن لم يصرف خارجا في شيء.

و لكن كلا التقديرين خاطئ جدا،و لا واقع موضوعي له.اما التقدير الأول فليس في أدلة الخمس منه عين و لا أثر،لما مر من ان المستفاد منها ان موضوع وجوب الخمس هو الفائدة التي يستفيدها المرء،فإذا صرف منها في المؤونة،فان بقى شيء منها بعد ذلك وجب عليه أن يخمسه و الاّ فلا شيء عليه، و أما التقدير الثاني فقد تقدم موسعا ان روايات المؤونة ظاهرة في المؤونة الفعلية لا الأعم منها و من مقدارها و إن لم يصرف.

الثاني:ان سيرة المتشرعة جارية على استثناء التاجر ما صرفه في مئونة سنته من الدين أو المال الآخر المخمس من الفائدة عنده في نهاية السنة شريطة أن يكون ذلك بعد ظهورها،فيلاحظ مجموع الناتج من عملية تجارية له في نهاية العام و استثناء ما صرف في المؤونة منه،سواء أ كان من نفس الناتج أم كان من مال آخر عنده أو دين و يخمس الباقي.

و الجواب:انه لا سيرة من المتشرعة في المسألة على ذلك بنحو تكشف عن ثبوته في زمن المعصومين عليهم السّلام و وصوله إلينا طبقة بعد طبقة،ضرورة أن ثبوتها كذلك غير محتمل جزما،و إلاّ كانت المسألة قطعية في الفقه،مع أنها

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 159)


……….

خلافية،و أما عمل الناس و عدم تقيدهم بملاحظة أنهم قد صرفوا في مؤنهم من نفس الفوائد و الغنائم،أو من أموال أخرى،فلا قيمة له لأنه اما مبني على فتوى جماعة من الفقهاء،أو على التساهل و التسامح،و من هنا كان عملهم في الخارج جاريا على عدم الفرق بين أن يكون ذلك قبل ظهور الربح أو بعده،مع أن جماعة منهم يقولون بالفرق بين الحالتين.

الثالث:ان قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة» 1يشمل كل ما يصرف في المؤونة في العام سواء أ كان من نفس الفائدة،أو بدلها من دين أو مال مخمس، و الاّ لزم عدم استثناء ما يصرف في المؤونة قبل ظهور الفائدة،مع أنه مستثنى منها.

و الجواب:ما تقدم من أن قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة»ظاهر،بل ناص في أن المؤونة مستثناة من نفس الفائدة التي هي الموضوع لوجوب الخمس بمقتضى الكتاب و السنة،و روايات المؤونة تقيد موضوع وجوب الخمس و تجعله حصة خاصة من الفائدة،و هي الفائدة التي تظل باقية في نهاية العام و لم تصرف في المؤونة،و من المعلوم أن هذا التقييد و التخصيص انما هو إذا كان المصروف في المؤونة من نفس الفائدة،و أما إذا كان من مال آخر عنده، أو من دين فهو لا يرتبط بالفائدة،و لا يوجب تقييدها بالقيد المذكور باعتبار صدق الفائدة على ما يوازيه منها في نهاية العام و عدم صرفه في المؤونة،أو فقل أن قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة»ظاهر في أن المستثنى هو المؤونة من نفس الفائدة،و أما إذا لم تكن المؤونة منها بل كانت من مال آخر،فلا يدل قوله عليه السّلام على استثنائه منها.فاذن لا يمكن أن يكون قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة»يعم كل ما يصرف فيها و إن كان دينا أو مالا آخر عنده،كيف فانه قيد للموضوع و هو الفائدة،و منه يظهر حال ما إذا صرف في المؤونة قبل ظهور الفائدة،هذا اضافة


 

1) <page number=”159″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 160)


……….

الى أنه مبني على القول بأن مبدأ السنة من حين الشروع في الاكتساب،و قد مر بطلانه.

فالنتيجة في نهاية المطاف ان الأظهر عدم جواز استثناء ما يصرفه المالك في المؤونة من مال آخر عنده أو دين،من الفائدة في نهاية السنة و إن كان الصرف حين ظهورها،و عليه فالأظهر عدم الفرق بين أن يكون الصرف قبل ظهور الفائدة أو بعدها.

محاولة:

قد يتوهم كما أن للمالك ولاية على صرف الفوائد و الأرباح أثناء السنة في كل متطلبات حاجاته حسب شئونه و مكانته سعة و ضيقا،و على المداولة بها بتصديرها إلى بلدة أخرى و مكان آخر،و استيراد بضائع أخرى بدلها بغرض خلق منفعة جديدة،أو بيعها في بلدته و شراء شيء آخر بدلها بنفس ذلك الغرض،كذلك له ولاية على أن يستقرض عليها أو يصرف من مال آخر عنده فيها عوضا عنها،و عندئذ يكون الاستثناء على القاعدة،باعتبار أن ما صرفه حينئذ بذلك القصد و النية يصبح فائدة.

و الجواب:ان ولاية المالك في النحو الأول من التصرف في الفوائد و الأرباح و إن كانت ثابتة شريطة أن لا يكون مبنيا على التساهل و التسامح و تفريط حقوق الآخرين،إلاّ أنه لا دليل على ولايته في النحو الثاني من التصرف فيها،إذ لا يستفاد من اطلاقات أدلة وجوب الخمس في الفوائد و الغنائم المتوجهة إلى المالك بعد ضمّها إلى روايات استثناء المؤونة منها أكثر من ثبوت ولايته على النحو الأول من التصرف،و لا يوجد دليل آخر على ثبوت ولايته على النحو الثاني من التصرف.

نعم،لا يبعد ثبوت الولاية للفقيه الجامع للشرائط على ذلك إذا رأى فيه مصلحة،اما ولايته على سهم الامام عليه السّلام فهي من تبعات ولايته عليه السّلام في عصر

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 161)


……….

الغيبة،على أساس انه ملك للمنصب أو الدولة كما مرت الاشارة إليه،و اما ولايته على سهم السادة فهي ثابتة في كل تصرف أخذ مصلحتهم فيه بعين الاعتبار، و على هذا فاذا رأى ولي الخمس مصلحة في اذن المالك في الاقتراض على الفوائد و الأرباح،أو في الصرف من مال آخر عنده عوضا عنها و اذن في ذلك كان له استثناء ما يوازيه من الفائدة في نهاية السنة.

و نذكر فيما يلي عددا من الحالات في المسألة لكي يتاح للمكلف معرفة حكم كل حالة مماثلة لها..

الأولى:ان التاجر يستدين لمئونته قبل ظهور الفائدة في تجارته،و في هذه الحالة يسمح له أن يؤدي دينه منها متى ما ظهرت في طول مدة السنة،و لا يسمح له أن يستثنى منها ما يوازيه في نهاية السنة،لما مر من ان الأداء من المؤونة دون الاستثناء.

الثانية:نفس التاجر يستدين لمئونته بعد ظهور الفائدة في عملية تجارته، و في هذه الحالة يسمح له أن يفى دينه منها في أثناء السنة،و هل يسمح له أن يستثنى منها ما يوازيه في نهاية السنة أو لا؟فيه قولان:و قد مر ان الأظهر هو القول الثاني.

الثالثة:ان التاجر يصرف في مئونته من رأس ماله المخمس حينما بدأ بعملية التجارة،و قبل ظهور الفائدة،و في هذه الحالة لا يسمح له أن يستثنى ما يوازيه من الفائدة بعد ظهورها باعتبار ان المستثنى منها انما هو مؤنة سنتها دون السنة السابقة.

الرابعة:نفس التاجر و لكن يصرف في مئونته من رأس ماله المخمس بعد ظهور الفائدة في تجارته،و في هذه الحالة هل يسمح له أن يستثنى ما يوازيه من الفائدة في نهاية السنة و يخمس الباقي أو لا؟فيه قولان:و قد مر ان الأظهر هو الثاني.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 162)


تطبيق و تكميل

مساعدة للتاجر على التعرف للحكم الشرعي في هذه الحالة عمليا نستعرض عددا من الأمثلة التطبيقية لحالاته.

الأول:ان التاجر يعلم تفصيلا مقدار ما صرفه من رأس ماله المخمس في مئونة سنته بعد ظهور الفائدة في تجارته،و في هذه الحالة يعرف ان وظيفته أن يخمس كل الفائدة في نهاية السنة بدون أي استثناء،و ما صرفه في المؤونة من رأس ماله يحسب منه لا من الفائدة،و كذلك الحال إذا استدان ما صرفه فيها الاّ أن يكون ذلك باذن ولي الخمس،و حينئذ يجوز له الاستثناء،و كذلك الحال في الفرض الأول،نعم،إذا استدان يسمح له أن يؤدى دينه منها أثناء السنة.

الثاني:نفس التاجر يعلم اجمالا انه صرف في مئونته من رأس ماله المخمس بعد تحقق الفائدة و لكن لا يعلم حدوده و كميته تفصيلا،و في هذه الحالة يحسب المقدار المتيقن مما صرفه في المؤونة من رأس ماله لا من الفائدة في نهاية السنة،و اما المقدار المشكوك كونه من مال آخر أو من الفائدة فيظهر حكمه من المثال الثالث.

الثالث:نفس التاجر يشك في انه صرف في مئونته و اشباع حاجاته من رأس ماله المخمس دون الفائدة الظاهرة في عملية تجارته،أو أنه صرف فيها منها فحسب.

مثال ذلك:تاجر يكون رأس ماله المحدد خمسين ألف دينار-مثلا- و يقوم بالعمل فيه و الاتجار،و نفرض انه يربح منه في طول مدة السنة عشرة

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 163)


……….

آلاف دينار،و يصرف في مئونته خمسة آلاف،و يعلم بأن أربعة منها من الفائدة و يشك في الألف الخامس أنه منها أو من رأس ماله،فعلى الأول يكون الباقي من الفائدة خمسة،و على الثاني يكون الباقي منها ستة،و على هذا فمجموع المبلغ الموجود الباقي عنده في نهاية السنة أعم من الفائدة و رأس المال خمسة و خمسون ألف دينار و هو يعلم بأن تسعة و أربعين من هذا المبلغ مخمسة،كما انه يعلم بوجوب اخراج الخمس عليه من خمسة آلاف دينار منه باعتبار أنها فائدة جزما و يشك في وجوب اخراج الخمس من ألف منه من جهة انه لا يعلم ان الألف المصروف في المؤونة هل هو من الفائدة حتى يكون الباقي منها خمسة؟أو من رأس المال حتى يكون الباقي منه تسعة و أربعين؟و في هذه الحالة لا يمكن اثبات وجوب الخمس فيه بالأصل الموضوعي،حيث انه لا أصل في المقام لإثبات انه من فائدة هذه السنة.

و أما الأصل الحكمي و هو استصحاب بقاء الخمس فيه و إن كان في نفسه لا مانع منه للعلم بتعلق الخمس فيه و الشك انما هو في بقائه من جهة الشك في انه هل هو من فوائد السنين السابقة حتى يكون مخمسا،أو من فوائد هذه السنة حتى لا يكون مخمسا،و من المعلوم أن ذلك جهة تعليلية و منشأ للشك،فان الموضوع لوجوب الخمس هو شخص المال الموجود في الخارج و لا تردد فيه،و التردد انما هو في وصفه،الاّ أنه محكوم بالأصل الموضوعي،و هو استصحاب عدم كونه.مالكا في هذه السنة على نحو الاستصحاب في العدم الأزلي،بتقريب ان التاجر يعلم بأنه في زمان لم يكن مالكا لهذا المال أصلا،ثم بعد ذلك علم بكونه مالكا له،و لكن لا يدري انه كان في السنين السابقة أو في هذه السنة،فلا مانع من استصحاب عدم كونه مالكا له في هذه السنة،باعتبار أن أصل مالكيته له محرز و اتصافها بمالكيته في هذا العام مشكوك فيه،فمقتضى الاستصحاب عدم الاتصاف،و به يحرز انه مالك له و لم تكن مالكيته في هذه

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 164)


يؤد دينه حتى انقضى العام فالأحوط إخراج الخمس أوّلا(1)و أداء الدين مما بقي،و كذا الكلام في النذور و الكفارات.

[مسألة 72:متى حصل الربح و كان زائدا على مؤنة السنة تعلق به الخمس]

[2948]مسألة 72:متى حصل الربح و كان زائدا على مؤنة السنة تعلق به الخمس و إن جاز له التأخير في الأداء إلى آخر السنة(2)،فليس تمام الحول
السنة،و يترتب عليه عدم وجوب الخمس من جهة عدم تحقق موضوعه،و لا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم مالكيته له في السنين السابقة لعدم ترتب أثر عليه الاّ على القول بالأصل المثبت.

فالنتيجة ان الأظهر عدم وجوب الخمس في المقدار المشكوك كونه من رأس ماله المخمس،أو من الفائدة التي يستفيدها في هذه السنة،و من هنا يظهر الحال في أصحاب المصانع و المعامل و المهن و الحرف تطبيقا لنفس ما تقدم في التاجر،كما انه يظهر بذلك حكم حالة أخرى و هي ما إذا صرف التاجر في مئونته و سدّ متطلبات حاجاته من رأس ماله المخمس قبل ظهور الفائدة في اعماله التجارية تطبيقا لعين ما تقدم في الحالة الأولى،و هي ما إذا صرف بعد ظهور الفائدة،و لا تظهر الثمرة بين الحالتين بناء على ما استظهرناه من عدم الفرق بينهما،نعم على القول بالفرق تظهر الثمرة بينهما كما مر.

بل هو الأظهر كما مر،و كذلك الحال في النذور و الكفارات،فان الوفاء بهما في أثناء السنة كأداء الدين من المؤونة،و أما إذا لم يف بهما إلى أن انتهت السنة،فالأظهر أن يخمس كل الفوائد بدون استثنائهما منها ثم يقوم بالوفاء بهما.

في اطلاقه اشكال و الأحوط و الأجدر به وجوبا أن يؤدي خمس الفائدة التي يعلم بأنها تزيد عن مئونة سنته مهما توسعت

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 165)


و زادت،نعم إذا لم يعلم بأنها تزيد عنها و لو من جهة احتمال تجدد المؤونة في المستقبل جاز له التأخير بمقتضى روايات المؤونة،و معها لا يجرى استصحاب بقائها و عدم صرفها فيها لأنه محكوم بها،و لكن لا اطلاق لها بالنسبة إلى صورة العلم بالزيادة،على أساس ان قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة» 1ناظر إلى أنه مجعول في الفائدة التي يستفيدها المرء في تجارته أو صنعته أو مهنته شريطة أن لا تصرف في مئونة سنته،فإذا صرفت فيها فلا موضوع له،و هذا هو المراد بالبعدية فيه،و ليس المراد منها البعدية الزمانية كما سوف نشير إليه.و كذلك لا اطلاق لها بالنسبة إلى حالة علم المالك بعجزه عن الأداء إذا أخر،فانه عندئذ يجب عليه اخراجه فورا،و لا يجوز تأخيره لاستلزامه تفويت الواجب،و مع هذا قد يستدل على جواز التأخير في الأداء..

تارة:بالإجماع.

و أخرى:بالسيرة بين المتشرعة الجارية على ذلك.

و ثالثة:بقوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«فأمّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام» 2بتقريب أن مقتضى اطلاقه و عدم تقييده ببداية السنة جواز التأخير،و لكن لا يتم شيء من هذه الوجوه..

اما الوجه الأول:فلأنه لا اجماع في المسألة،و على تقدير ثبوته بين المتأخرين فلا نحرز ثبوته بين المتقدمين لعدم الطريق،كما أشرنا إليه غير مرة، و من المعلوم ان ثبوته بين المتأخرين لا قيمة له ما لم نحرز ثبوته بين المتقدمين، هذا اضافة إلى احتمال أن معظمهم أو لا أقل جماعة منهم قد استندوا في الحكم بجواز التأخير إلى روايات المؤونة و صحيحة علي بن مهزيار،فاذن لا نحرز ان الاجماع في المسألة اجماع تعبدي،هذا اضافة إلى أن القدر المتيقن منه غير


 

1) <page number=”165″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.
2) الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 166)


شرطا في وجوبه و إنما إرفاق بالمالك(1)لاحتمال تجدد مئونة أخرى زائدا على ما ظنه،فلو أسرف أو أتلف ماله في أثناء الحول لم يسقط
صورة العلم بزيادة الفائدة على المؤونة باعتبار انه دليل لبي.

و اما الوجه الثاني:فيظهر حاله مما مر،فان السيرة بين المتشرعة المتصلة بزمن المعصومين عليهم السّلام طبقة بعد طبقة و أن الحكم وصل اليهم من زمانهم عليهم السّلام يدا بيد غير محتملة،و الا لكانت المسألة ضرورية في الفقه،مع ان الأمر ليس كذلك،هذا اضافة إلى أنه لا طريق لنا إلى احراز اتصالها بزمانهم عليهم السّلام،و بدونه فلا قيمة لها،و مع الاغماض عن كل ذلك فلا بد من الاقتصار على القدر المتيقن منها و هو غير صورة العلم بالزيادة تطبيقا لما تقدم.

و اما الوجه الثالث:فلأن قوله عليه السّلام في الصحيحة ليس في مقام البيان من هذه الجهة،بل هو في مقابل اسقاط خمس بعض الأشياء في سنته تلك، و تخفيفه عن بعضها الآخر،هذا اضافة إلى أنه انما هو في مقام بيان أصل وجوب الخمس في الغنائم و الفوائد في كل عام،و أما أنه واجب في بداية كل عام،أو يجوز تأخيره إلى نهايته،فلا يكون في مقام البيان من هذه الناحية.

فالنتيجة ان المالك إذا علم بأن الفائدة التي استفادها من عملية تجارية له أو صنعته أو مهنته تفوق بكثير مئونة سنته مهما زادت من خلال وقوع الاتفاقات و الحوادث في أثناء السنة،فمقتضى القاعدة وجوب خمسها فعلا،و لا مبرّر لتأخيره إلى نهاية السنة،على أساس انه علم بتحقق موضوعه في الخارج و هو الفائدة الفاضلة على المؤونة،و لكن دعوى الاجماع في المسألة،و السيرة، و الروايات على جواز التأخير إلى نهاية العام تمنعنا عن الجزم بالوجوب و الافتاء به،فمن أجل ذلك بنينا على الاحتياط فيها.

فيه ان جواز التأخير ليس بملاك ان تمام الحول شرط للوجوب،و لا

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 167)


……….

بملاك انه ارفاق بالمالك مع تمامية المقتضى،بل بملاك أن وجوب الأداء وجوب موسع،أما أن تمام الحول ليس شرطا للوجوب على نحو الشرط المتأخر،فلأنه لا يعقل أن يكون شرطا من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ،لاستحالة أن يكون الشيء المتأخر وجودا علة للشيء المتقدم كذلك و دخيلا فيه تكوينا،و عليه فلا يمكن أن يكون تمام الحول شرطا لاتصاف ايتاء الخمس بالمصلحة و الملاك من حين ظهور الفائدة في مرحلة المبادئ،و الاّ لزم أن يوجد المعلول قبل وجود علته،و من هنا بنينا في علم الأصول على استحالة الشرط المتأخر في مرحلة الاتصاف،و أما انه شرط للوجوب في مرحلة الجعل و الاعتبار على نحو الشرط المتأخر فهو و إن كان ممكنا الاّ انه بحاجة إلى دليل خاص،على أساس انه لا ينطبق عليه الضابط العام،و هو أن كل ما كان من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ فهو من شروط الوجوب في مرحلة الجعل و الاعتبار،و الفرض عدم وجود دليل خاص على ذلك،و روايات المؤونة لا تدل عليه،كما سوف نشير إليه،و اما ان جواز التأخير ليس بملاك الارفاق،فلأنه بحاجة إلى دليل،و روايات المؤونة لا تدل عليه،فانها انما جاءت لتحديد موضوع وجوب الخمس على المالك،و لا يكون لسانها لسان الامتنان و الارفاق،فان معنى ذلك ان المقتضى لوجوب الخمس موجود في مطلق الفائدة،و ترخيص المالك بالتصرف فيها في المؤونة طول مدة السنة ارفاق عليه،بل لسانها لسان تقييد الموضوع و تحديده،و انه لا ملاك لوجوبه الاّ في حصة خاصة من الفائدة.

بيان ذلك:ان مقتضى اطلاقات الأدلة من الكتاب و السنة أن موضوع وجوب الخمس مطلق ما أفاد المالك و غنم،و لكن روايات المؤونة التي جاءت بهذا النص أو قريب منه:«الخمس بعد المؤونة» 1تدل على تقييده بالفائدة التي


 

1) <page number=”167″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 168)


……….

تزيد عن المؤونة في نهاية السنة و لم تصرف فيها و على هذا فالناتج من ضم روايات المؤونة إلى الاطلاقات أن موضوع وجوب الخمس حصة خاصة من الفائدة و هي الفائدة التي تظل باقية في نهاية العام.

و إن شئت قلت:ان قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة»ينص على أن ذاك الخمس المعهود المتعلق بالفائدة و الغنيمة في لسان الاطلاقات من حين ظهورها هو المتعلق بها من هذا الحين بعد المؤونة،يعني بحصة خاصة منها و هي الحصة التي تبقى و لم تصرف في المؤونة إلى نهاية العام.

فالنتيجة ان النص المذكور قيد للموضوع و هو الفائدة،لا للحكم.

ثم ان هنا تفسيرات أخرى لقوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة»:

الأول:انه يدل على جواز تأخير اخراج الخمس من الفائدة إلى نهاية السنة مع ثبوت المقتضى له ارفاقا بالمالك:(و تقريب ذلك)ان مقتضى اطلاقات الأدلة هو تعلق الخمس بالفائدة من حين ظهورها،و مع هذا لا يجب على المالك اخراجه إلى نهاية العام بملاك الإرفاق،و نتيجة ذلك ان الخمس تعلق بها من حين ظهورها،و لكن وجوب اخراجه لم يحدث الاّ بعد السنة.

و الجواب..أولا:ما مر من أنه ظاهر،بل ناص في انه قيد للموضوع و هو الفائدة،باعتبار انه ينص على أن الخمس المتعلق بالفائدة في لسان المطلقات هو متعلق في الواقع بحصة خاصة منها و هي الحصة الفاضلة التي لا تصرف في المؤونة،و هذا يعني انه يدل على أن الخمس المجعول في الشريعة المقدسة انما جعل في الفائدة التي لم تصرف في المؤونة،و اما ما صرف فيها فهو غير مجعول فيه،و على هذا فلا موضوع للإرفاق.

و ثانيا:مع الاغماض عن ذلك،الا ان دلالته على أن حدوث وجوب الخمس متأخر عن اخراج المؤونة مبنية على أن المراد بالبعدية البعدية الزمانية،

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 169)


……….

مع ان الأمر ليس كذلك،اذ لا شبهة في أن المراد منها البعدية الرتبية،كما في قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ 1،و نقصد بالبعدية الرتبية ان الفائدة إذا صرفت في المؤونة انتفى وجوب الخمس بانتفاء موضوعه باعتبار انه متعلق بها شريطة أن لا تصرف فيها،فيكون الصرف في المرتبة المتقدمة على تعلق الخمس بها.

و ان شئت قلت:ان وجوب الخمس مجعول في الفائدة التي تظل باقية في نهاية السنة و لم تصرف في المئونة و اما ما صرف فيها إلى نهاية العام من الفائدة فلا يكون متعلقا له لان تعلقه بها مشروط بعد الصرف فيها و هذا بخلاف الترخيص في الصرف فانه مطلق و غير مقيد بعدم تعلق الخمس بها.

فالنتيجة ان التعلق بالفائدة مشروط بعدم الصرف في المئونة طول فترة السنة و اما الصرف فهو غير مشروط بعدم التعلق،و هذا معنى تقدم المؤونة رتبة على وجوب الخمس و تأخره عنها كذلك،و كذا الحال في قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ… 2فان معنى تأخر الارث عن الوصية و الدين ان الإرث انما هو مجعول في كل التركة شريطة أن لا يكون شيء منها متعلقا للوصية أو الدين، و الاّ لم يجعل فيما تعلقت به الوصية أو الدين،و هذا هو معنى أن الارث مجعول بعد الوصية و الدين،و من هنا يظهر ان قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:

«يجب عليهم الخمس بعد مئونتهم» 3و قوله عليه السّلام في صحيحته الأخرى:

«يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة» 4لا يدل على تأخر وجوب الخمس عن السنة و حدوثه بعدها زمنا،هذا اضافة إلى أن التفكيك بين التكليف و هو الوجوب،و الوضع و هو الخمس مما لا معنى له،فان المجعول في باب الخمس بمقتضى أدلته انما هو الوضع بالأصالة،و اما التكليف فهو مجعول بالتبع،فان


 

1) <page number=”169″ />النساء آية 12.
2) النساء آية 12.
3) الوسائل باب:8 من أبواب من يجب فيه الخمس الحديث:3.
4) الوسائل باب:8 من أبواب من يجب فيه الخمس الحديث:4.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 170)


……….

جعله مستقلا في مقابل جعل الخمس لغو محض باعتبار ان جعل الخمس يستلزم جعله لا محالة،و اما ما ورد في بعض روايات الباب من قوله عليه السّلام:«فعليه الخمس» 1فهو تأكيد لما دل على جعل الخمس بالمطابقة و جعل الوجوب على المالك بالالتزام.

فالنتيجة في نهاية المطاف ان القول بأن الخمس تعلق بمطلق الفائدة و الغنيمة،و وجوبه متأخر و حادث بعد المؤونة،و في نهاية السنة ارفاقا بالمالك، فمضافا إلى أنه لا دليل عليه،بل روايات المؤونة تدل على انه تعلق بحصة خاصة من الفائدة،فصحته مبنية على تمامية أمرين..

أحدهما:أن يكون المراد بالبعدية في روايات المؤونة البعدية الزمانية.

و الآخر:أن لا يستلزم جعل الخمس جعل وجوبه،بأن يكون وجوبه مجعولا في ضمن دليل مستقل يكون مفاده ثبوت وجوبه بعد السنة.

و لكن قد مر أن كلا الأمرين غير تام.

هذا اضافة الى أن جعل الخمس في مطلق الفائدة و الغنيمة لغو محض، و لا يترتب عليه أيّ أثر.

الثاني:إن قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة» 2يدل على أن جعل نفس الخمس في الفائدة متأخر زمانا عن المؤونة،و يكون بعد العام لا من حين ظهورها،فاذا استفاد التاجر في تجارته فله أن يصرف من فائدته في متطلبات حاجاته طول مدة العام،فان ظلّ شيء منها بعده تعلق الخمس به.

و الجواب..أولا:ان هذا التفسير خلاف ظاهر الأدلة من الكتاب و السنة كما تقدم.


 

1) <page number=”170″ />من لا يحضره الفقيه ج 2-ص 142 الحديث:1653.
2) الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 171)


……….

و ثانيا:انه مبني على أن يكون المراد بالبعدية البعدية الزمانية،و قد مر أن المراد منها عرفا البعدية الرتبية،و على تقدير تسليم أنها مجملة فالمرجع هو ظهور الأدلة في تعلق الخمس بالفائدة من حين ظهورها،و هو قرينة على رفع اليد عن اجمالها و حملها على البعدية الرتبية.

الثالث:ان قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة» 1يدل على أن الخمس المتعلق بالفائدة من حين ظهورها مشروط بعدم صرفها في المؤونة إلى نهاية السنة على نحو الشرط المتأخر،فيكون عدم الصرف قيدا للخمس لا لمتعلقه.

و الجواب..أولا:ما مر من أن الشرط المتأخر لا يعقل في مرحلة المبادئ و الاتصاف،و اما في مرحلة الجعل و الاعتبار فهو و إن كان ممكنا الاّ انه بحاجة إلى دليل خاص،باعتبار ان مرحلة الجعل تتبع مرحله المبادئ،فاذا كان الملاك في مرحلة المبادئ تاما و غير مشروط بشرط،و مع ذلك يكون الحكم في مرحلة الجعل مشروطا بشرط متأخر فهو بحاجة إلى دليل يدل عليه حتى يكشف عن أن هناك مصلحة أخرى تقتضى ذلك،و الفرض ان الدليل الخاص في المقام غير موجود.

و ثانيا:ان قوله عليه السّلام:«الخمس بعد المؤونة» 2يدل على تحديد متعلق الخمس،و أنه حصة خاصة من الفائدة،و لا يتعلق بكل فائدة مشروطا بشرط متأخر،بل تعلق بحصة خاصة منها و هي الحصة التي تبقى الى نهاية السنة و لم تصرف في المؤونة،و الفرض أن هذه الحصة معلومة في الواقع عند اللّه و مميزة، و حينئذ فلا مانع من تعلق الخمس بها و إن لم يعلم المالك،أو فقل:ان الفرق بين تعلق الخمس بكل فائدة مشروطا بشرط متأخر و هو عدم صرفها في المؤونة، و بين تعلقه بحصة خاصة منها واضح،فانه على الأول قيد للحكم و هو الخمس،


 

1) <page number=”171″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.
2) الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 172)


……….

و على الثاني لمتعلقه،و يوجب تقييده بقيد خاص و بحصة مخصوصة.

فالنتيجة انه لا أصل لهذا التفسير أيضا.

و الصحيح في المقام هو ما ذكرناه من أن متعلق الخمس حصة خاصة من الفائدة،و انه متعلق بها في الواقع،سواء كان المالك عالما بها أم جاهلا.

و قد تحصل من ذلك أمور:

الأول:ان المالك إذا علم بأن ما أفاده من عملية تجارته أو مهنته يفوق على مئونة سنته و متطلبات حاجاته حسب شئونه و مكانته،فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يخمس الزائد من دون تأخير.

الثاني:إذا لم يعلم بالحال،و يحتمل عدم الزيادة و لو من جهة احتمال تجدد المؤن الأخرى في المستقبل من خلال وقوع اتفاقات و حوادث لم يكن وقوعها في الحسبان،ففي مثل هذه الحالة يجوز له التأخير في أداء الخمس و اخراجه على أساس أن روايات المؤونة لا تقصر عن الدلالة على جواز التأخير في هذه الحالة،و معها لا يجري استصحاب بقاء الفائدة إلى نهاية السنة و عدم صرفها في المؤونة.

الثالث:ان المالك إذا تصرف في فوائده المكتسبة بأكثر مما تتطلب مكانته و شئونه،و أسرف فيها،ضمن خمس الزائد،باعتبار انه من الفائدة الفاضلة على المؤونة،و قد مر أنها متعلق الخمس.

الرابع:هل يجوز للمالك الاتجار بالأرباح و الفوائد الناتجة من اعماله التجارية أو مصانعه و معامله التي يعلم بأنها أكثر بكثير من مئونته السنوية و متطلبات حوائجه بالتصدير و البيع،فمقتضى القاعدة عدم صحة ذلك بالنسبه إلى خمسها،لأنه ملك لأصحابه و المعاملة الواقعة عليه فضولية.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 173)


……….

نعم،إذا كان المشتري ممن شملته اخبار التحليل صحت المعاملة،و انتقل الخمس إلى ذمة الدافع،و أما إذا لم يكن المشتري ممن شملته اخبار التحليل فتتوقف صحتها على أحد أمور..

الأول:امضاء ولي الخمس على تفصيل قد مر،و يترتب على ذلك ان المعاملة إذا كانت باذنه سابقا أو لا حقا كان ما يوازي خمس المبيع من الربح ملكا لأصحابه،و ما يوازي أربعة أخماسه ملكا للعامل.

و دعوى ان ذلك خلاف سيرة المتشرعة في باب المبادلات التجارية فانهم يلاحظون مجموع الفوائد و الارباح الناتجة من اعمالهم التجارية،أو الصناعية،أو المهنية في نهاية السنة،و يؤدون خمسها،و لا يخطر ببالهم ان المعاملات الواقعة على تلك الفوائد و الأرباح فضولية بالنسبة إلى خمسها،فلو كان الأمر كذلك لأصبح ذلك معروفا بينهم،مع أن سيرتهم الموافقة للمرتكزات في أذهانهم على خلاف ذلك.

مدفوعة بأن السيرة انما تكون حجة شريطة ثبوت أمرين فيها..

أحدهما:احراز اتصالها طبقة بعد طبقة بزمن المعصومين عليهم السّلام.

و الآخر:عدم وجود ما يحتمل أن يكون منشئا لها في المسألة.

و لكن كلا الأمرين غير ثابت.

اما الأمر الأول:فلا طريق لنا إلى احراز اتصالها بزمانهم عليهم السّلام في تمام الطبقات و وصولها إلينا يدا بيد.

و اما الأمر الثاني:فلأن من المحتمل أن يكون منشأ فتوى الفقهاء بجواز التصرف روايات المؤونة و صحيحة علي بن مهزيار،و تلك الفتوى هي المنشأ للسيرة،لا أنها وصلت إليهم طبقة بعد طبقة.

الثاني:أن يؤدي البائع خمس المبيع من مال آخر،فإذا أداه ملك الخمس فيه،و عندئذ فإذا أجاز البيع صح بناء على ما هو الصحيح من صحة بيع

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 174)


……….

الفضولي بالاجازة،بلا فرق بين أن يكون المجيز هو المالك حين العقد أو غيره، فالمعيار انما هو بكونه مالكا حين الاجازة.

الثالث:أن يؤدي المشتري خمسه،ثم يرجع إلى البائع و يأخذ منه عوض ثمن الخمس على تفصيل قد مر.

نعم،إذا جعل المالك الأرباح الفاضلة ثمنا في المعاملات و المبادلات التجارية المتعارفة صحت تلك المعاملات و المبادلات بلا حاجة إلى مصحح لها،غاية الأمر ان ذمته قد اشتغلت بخمسها تطبيقا لقاعدة الاتلاف،كما أنها تظل مشغولة للبائع بما يوازي خمسها من الأثمان.

الخامس:ان عدم جواز تصرف المالك في الفوائد التي تزيد على المؤونة هل يختص بها،أو يعم الفوائد التي يشك في أنها تزيد عليها للاستصحاب؟الظاهر هو الأول،و ذلك لأن مقتضى سياق روايات المؤونة التي تدل على جواز تأخير الخمس من الفوائد إلى نهاية العام في هذه الحالة هو جواز هذه التصرفات فيها و معه لا مجال للاستصحاب.

السادس:ان على المالك إذا علم بأن الفوائد التي استفادها أثناء السنة تزيد عن مئونته و متطلبات حاجاته إلى نهاية العام مهما كانت و اتفقت أن يختار أحد طريقين..

الأول:أن يقوم باخراج خمسها فورا و بلا تأخير.

الثاني:إذا لم يقم بذلك و أراد التصرف فيها بالبيع و الشراء للاغتنام الأزيد،فعليه أن يستجيز من ولي الخمس،فاذا أجازه فيه اشترك أهل الخمس معه في الربح و الفائدة شريطة توفر أمرين..

أحدهما:أن لا يكون المشتري ممن شملته اخبار التحليل،و الاّ فالربح كله للبائع باعتبار انتقال الخمس إلى ذمته.

و الآخر:أن لا يجعلها ثمنا لما اشتراه في الذمة،و الاّ فالامر أيضا كذلك،

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 175)


الخمس(1)،و كذا لو وهبه أو اشترى بغبن حيلة في أثنائه.

[مسألة 73:لو تلف بعض أمواله مما ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو ذلك لم يجبر بالربح]

[2949]مسألة 73:لو تلف بعض أمواله مما ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو ذلك لم يجبر بالربح و إن كان في عامه إذ ليس محسوبا من المؤونة.

[مسألة 74:لو كان له رأس مال و فرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها فالأحوط عدم جبره بربح تجارة أخرى]

[2950]مسألة 74:لو كان له رأس مال و فرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها فالأحوط عدم جبره بربح تجارة أخرى، بل و كذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح أخرى،لكن الجبر لا يخلو عن قوة(2)خصوصا في الخسارة،نعم لو كان له تجارة و زراعة مثلا فخسر
باعتبار ضمانه للخمس بقاعدة الاتلاف.و على هذا الأساس إذا علم المالك بأصل الربح،فإن علم النسبة فهو،و الاّ فله الاكتفاء بالمتيقن منها،و في الزائد يرجع إلى أصالة البراءة،أو استصحاب العدم،و إن لم يعلم به فلا شيء عليه.

بمعنى انه ينتقل إلى ذمة المتلف.

في القوة اشكال بل منع،و يظهر وجه ذلك مما تقدم من أن موضوع وجوب الخمس حصة خاصة من الفائدة و الغنيمة،و هي التي استفادها المرء و غنمها في عام المؤونة و لم تصرف فيها طول مدة العام،و من المعلوم ان تلف راس المال عنده كلا أو بعضا،أو خسرانه في نوع آخر من تجارته،كل ذلك لا يرتبط بموضوع وجوب الخمس،و لا يمنع عن تحققه و صدق انه استفاد في تجارته هذه و خسر في تلك،على أساس أنه لا علاقة بين الأمرين،فان الخمس تعلق بالفائدة التي استفادها المرء في عام المؤونة و لم تصرف فيها،و التلف أو الخسران تعلق بمال آخر لا يرتبط بها و لا ولاية للمالك على أن يضع من الفائدة في نوع من تجارته موضع الخسران في نوع آخر أو يتدارك بها ما تلف من رأس ماله.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 176)


في تجارته أو تلف رأس ماله فيها فعدم الجبر لا يخلو عن قوة(1) خصوصا في صورة التلف،و كذا العكس،و أما التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فيها و ربح الباقي فالأقوى الجبر،و كذا في الخسران
نعم،إذا كان الربح و الخسران في تجارة واحدة لا يبعد التدارك شريطة أن يكون الخسران متأخرا عن الربح،كما إذا ربح في الشهر الأول و خسر بنفس النسبة في الشهر الثاني،و ذلك لعدم صدق انه استفاد و غنم في سنته تلك عرفا فلا يكون مشمولا لقوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«فاما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام» 1فانه يتضمن أمرين..

أحدهما:وجوب الخمس في الغنيمة و الفائدة التي استفادها المرء و غنمها.

و الآخر:أن يكون ذلك الوجوب في كل عام مرة واحدة،و بما ان المراد من العام العام الواقعي.

فالنتيجة انه يجب على المالك أن يخمس فائدة كل عام في عامها و إن خسر في العام الأول،و في ضوء هذا الأساس اذا خسر المالك في تجارته في الستة الأشهر الأولى-مثلا-و ربح فيها في الستة الأشهر الأخيرة بنفس نسبة الخسارة لم تستثن تلك الخسارة منه،باعتبار أنها لم تكن في عام الربح،و قد عرفت ان مقتضى الصحيحة وجوب الخمس في الفائدة التي استفادها في عامها إذا زادت عن مئونة ذلك العام و متطلبات حاجاته فيه،و لا يرتبط بما وقع عليه من الخسارة في العام الماضي على أساس أن ربح كل عام موضوع مستقل لوجوب الخمس فيه.

بل هو قوى،و يظهر وجهه مما مر.


 

1) <page number=”176″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث:5.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 177)


و الربح في عام واحد في وقتين سواء تقدم الربح أو الخسران فإنه يجبر الخسران بالربح(1).

[مسألة 75:الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين]

[2951]مسألة 75:الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين(2)،و يتخير المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقدا(3)أو
بل في خصوص ما إذا كان الربح متقدما على الخسران دون العكس كما مر.

هذا على نحو الاشاعة في العين لا على نحو الكلي في المعين، و السبب فيه أن كلمة الخمس الواردة في لسان الأدلة بمختلف صيغها ظاهرة عرفا في الكسر المشاع،و لا فرق في ذلك بين أن يكون هذه الكلمة الواردة في لسانها بصيغة(خمسه)كما في الآية الشريفة،أو بصيغة(فيه الخمس)أو نحوها،و بذلك يمتاز الخمس عن الزكاة لما تقدم من أن كيفية تعلق الزكاة بالأموال تختلف باختلاف أصنافها،نعم أن تعلقها بالغلات الأربع كتعلق الخمس بالفائدة كما مر.

في الكفاية اشكال،و الأحوط و الأجدر به وجوبا أن يكون ذلك باذن الحاكم الشرعي،على أساس انه لم يرد دليل على كفاية ذلك في المقام،و انما ورد الدليل عليها في باب الزكاة،و التعدي منه إلى المقام بحاجة إلى قرينة تدل عليه باعتبار ان الحكم يكون على خلاف القاعدة،و بما أنه لا قرينة عليه فيشكل التعدي،نعم ان المعروف و المشهور بين الأصحاب التعدي و الحاق الخمس بالزكاة في ذلك،و لكن اتمامه بالدليل مشكل الاّ دعوى القطع بعدم الفرق بينهما في ذلك،و هي على مدعيها.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 178)


جنسا(1)،و لا يجوز له التصرف في العين قبل أداء الخمس و إن ضمنه في ذمته،و لو أتلفه بعد استقراره ضمنه،و لو اتجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضولية بالنسبة إلى مقدار الخمس(2)،فإن أمضاه الحاكم الشرعي أخذ العوض و إلا رجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة و بقيمته إن كانت تالفة،و يتخير في أخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف المقابل الذي أخذها و أتلفها،هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح و أما إذا كانت في الذمة و دفعها عوضا فهي صحيحة و لكن لم تبرأ ذمته بمقدار الخمس و يرجع الحاكم به(3)إن كانت العين موجودة و بقيمته إن كانت
في كفايته اشكال بل منع،و الأظهر عدم الكفاية الاّ إذا كان باذن الحاكم الشرعي حيث ان تبديل الخمس بمال آخر و إن كان من جنسه بحاجة إلى دليل، و لا دليل عليه.

في اطلاقه اشكال بل منع،لما تقدم من ان المعاملة صحيحة إذا كانت مع من شملته اخبار التحليل،غاية الأمر ان الخمس ينتقل إلى ذمة الدافع فلا تكون فضولية بالنسبة،نعم لو قلنا بعدم شمول اخبار التحليل للمقام،او كانت المعاملة مع غيره لكانت فضوليته بنسبة الخمس،و عليه فتتوقف صحتها على أحد أمور..

منها:امضاء الحاكم الشرعي لها و الرجوع إلى البائع و أخذ ما يوازي الخمس من الثمن منه.

و منها:اعطاء البائع الخمس من مال آخر ثم اجاز المعاملة.

و منها:اعطاء المشتري الخمس ثم الرجوع إلى البائع و المطالبة ببدله ازاء ثمنه،و قد تقدم تفصيل ذلك.

بل يرجع إلى الدافع مطلقا و إن كانت العين موجودة عند المشتري

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 179)


تالفة مخيرا حينئذ بين الرجوع على المالك أو الآخذ أيضا.

[مسألة 76:يجوز له أن يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باقيا في يده مع قصده إخراجه من البقية]

[2952]مسألة 76:يجوز له أن يتصرف في بعض الربح(1)ما دام مقدار الخمس منه باقيا في يده مع قصده إخراجه من البقية،إذ شركة أرباب الخمس مع المالك إنما هي على وجه الكلي في المعين،كما أن الأمر في الزكاة أيضا كذلك و قد مرّ في بابها(2).

[مسألة 77:إذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها فلا مانع من التصرف فيه بالاتجار]

[2953]مسألة 77:إذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها فلا مانع من التصرف فيه بالاتجار(3)،و إن حصل منه ربح لا يكون ما يقابل خمس
شريطة أن يكون ممن شملته اخبار التحليل باعتبار ان الخمس حينئذ ينتقل إلى ذمة الدافع،و تصبح العين كلا ملكا طلقا للمشتري،و عليه فلا محالة يرجع الحاكم إلى الدافع خاصة و لا موضوع لرجوعه عندئذ إلى المشتري،نعم إذا لم يكن المشتري ممن شملته اخبار التحليل،أو قلنا بعدم شمولها للمقام اصلا فالأمر كما افاده الماتن قدّس سرّه.

في الجواز اشكال بل منع،و الأظهر عدمه لما مر من ان تعلق الخمس بالفائدة انما هو على نحو الاشاعة فيها لا على نحو الكلي في المعين،و ما في المتن مبني على الثاني.

قد مر هناك ان الأمر ليس كذلك،و ان كيفية تعلق الزكاة بالأموال تختلف باختلاف اصنافها،فان تعلقها بالغلات الأربع على نحو الاشاعة في العين كتعلق الخمس بالفائدة،و في النقدين و الغنم على نحو الكلي في المعين،و في الابل و البقر على نحو الشركة في المالية على وجه خاص كما تقدم موسعا.

هذا شريطة أن لا يعلم بأن الربح زائد على مئونة سنته،و الاّ فالأحوط وجوبا أن يخمس المقدار الزائد المعلوم ثم يتصرف فيه،أو يرجع إلى الحاكم

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 180)


الربح الأول منه لأرباب الخمس(1)،بخلاف ما إذا اتجر به بعد تمام الحول فإنه إن حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لأربابه(2)مضافا إلى أصل الخمس فيخرجهما أوّلا ثم يخرج خمس بقيته إن زادت على مئونة السنة.

[مسألة 78:ليس للمالك أن ينقل الخمس إلى ذمته ثم التصرف فيه]

[2954]مسألة 78:ليس للمالك أن ينقل الخمس إلى ذمته(3)ثم التصرف فيه كما أشرنا إليه،نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم و حينئذ فيجوز له التصرف فيه و لا حصة له من الربح إذا اتجر به،و لو فرض تجدد مؤن له في أثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح.

[مسألة 79:يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة]

[2955]مسألة 79:يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة(4)و لا يجب التأخير إلى آخرها فإن التأخير من باب
الشرعي و يستأذن منه على تفصيل تقدم في المسألة(72).

في اطلاقه اشكال بل منع،و قد تقدم تفصيل ذلك في المسألة(72).

هذا إذا كان الاتجار به باذن من الحاكم الشرعي،و الاّ فهو بالنسبة إلى مقدار الخمس فضولي فصحته تتوقف على توفر أحد الأمور المذكوره في المسألة(75).

بل ليس له ذلك حتى في أثناء السنة و قبل تماميتها بالنسبة إلى الفائدة التي يعلم بأنها تبقى و لا تصرف في المؤونة،و ذلك لما مر من أنها متعلقة للخمس واقعا و لا يجوز له التصرف فيها بالاتجار أو نحوه و لا نقل خمسها إلى ذمته،لأن كل ذلك يتوقف على ولايته عليه،و الفرض انه لا دليل عليها،نعم يجوز ذلك باذن الحاكم الشرعي إذا رأى فيه مصلحة.

بل هو الأحوط وجوبا كما مر شريطة أن يكون المالك واثقا و متأكدا

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 181)


الإرفاق كما مر و حينئذ فلو أخرجه بعد تقدير المؤونة بما يظنه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدد مؤن لم يكن يظنها كشف ذلك عن عدم صحته خمسا(1)فله الرجوع به على المستحق مع بقاء عينه لا مع تلفها
بأن الفائدة تبقى في نهاية العام و لا تصرف في المؤونة.

في الكشف اشكال بل منع،اذ لا مقتضى له على جميع الأقوال في المسألة.

اما بناء على ما قويناه من أن موضوع وجوب الخمس حصة خاصة من الفائدة و الغنيمة و هي التي لم تصرف في المؤونة طول فترة السنة فالأمر واضح، لأن التاجر إذا ربح في تجارته و أدى خمسه كشف ذلك عن انه من الفائدة التي لم تصرف في المؤونة طول فترة العام و لو من باب السالبة بانتفاء الموضوع، و من هنا إذا علم بأنه لو لم يؤد خمسه صرف فيها،فمع ذلك اذا أدى كشف عن تحقق موضوعه و أنه في مورده.

فالنتيجة ان كل فائدة استفادها المرء إذا لم تصرف في المؤونة واقعا و في علم اللّه،فهي متعلقة للخمس فعلا،فإذا أخرج خمسه كان في محله لصدق انه مما لم يصرف في المؤونة واقعا و في علم اللّه،و تجدد المؤونة بعد ذلك اتفاقا لا قيمة له،بل العلم بصرفها في المؤونة على تقدير بقائها و عدم تخميسها لا أثر له.

و اما على القول بأن الخمس تعلق بمطلق الفائدة،غاية الأمر ان الشارع قد رخص في التصرف فيها خلال السنة ارفاقا له،فأيضا الأمر واضح،فان الخمس تعلق بالفائدة من حين ظهورها،فاذا أدى خمسها من هذا الحين فهو في محله، و لا يعقل فيه كشف الخلاف حتى مع العلم بأنها إذا بقيت تصرف في المؤونة.

و اما على القول بأن تعلق الخمس بكل فائدة مشروط بشرط متأخر و هو عدم صرفها في المؤونة طول فترة العام بأن يكون عدم الصرف شرطا للحكم

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 182)


في يده إلا إذا كان عالما بالحال فإن الظاهر ضمانه حينئذ.

[مسألة 80:إذا اشترى بالربح قبل إخراج الخمس جارية لا يجوز له وطؤها]

[2956]مسألة 80:إذا اشترى بالربح قبل إخراج الخمس جارية لا يجوز له وطؤها(1)،كما أنه لو اشترى به ثوبا لا يجوز الصلاة فيه،و لو اشترى به ماء للغسل أو للوضوء لم يصح و هكذا،نعم لو بقي منه بمقدار الخمس في يده و كان قاصدا لإخراجه منه جاز و صح كما
دون الموضوع،فأيضا الأمر كذلك،فانه إذا أخرج خمسها في الأثناء بلا انتظار فمعناه أنها لم تصرف في المؤونة،فاذن يكون اخراج الخمس في محله، و تجدد المؤونة لا يكشف عن عدم صحته خمسا و لو مع علمه بذلك،لأن الشيء لا ينقلب عما هو عليه،نعم ما ذكره الماتن قدّس سرّه انما يتم لو كان المراد من المؤونة المستثناة مقدارها خلال فترة السنة لا المؤونة الفعلية،و لكن قد تقدم ان المراد منها المؤونة الفعلية لا الأعم منها و من المقدرة،و هذا يعني ان كل فائدة تصرف في المؤونة خلال السنة فلا خمس فيها،و كل فائدة لم تصرف فيها فعليها الخمس و إن كان عدم الصرف فيها من ناحية قيام المكلف بتخميسها من وقت ظهورها.

هذا إذا كان الشراء شخصيا و كان بعين المال المتعلق للخمس خارجا،فانه باطل حينئذ اذ لا ولاية له على التبديل،فاذن بطبيعة الحال يبقى المبيع في ملك مالكه الأول،فلا يجوز له التصرف فيه،و أما إذا كان الشراء كليا و لكنه في مقام الوفاء أدى الثمن من المال المتعلق فيه الخمس فلا اشكال في صحته،غاية الأمر أن ذمته تبقى مشغولة بجزء من الثمن للبائع،و به يظهر حال ما بعده.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 183)


مر نظيره(1).

[مسألة 81:قد مر أن مصارف الحج الواجب إذا استطاع في عام الربح و تمكن من المسير من مئونة تلك السنة]

[2957]مسألة 81:قد مر أن مصارف الحج الواجب إذا استطاع في عام الربح و تمكن من المسير من مئونة تلك السنة،و كذا مصارف الحج المندوب و الزيارات،و الظاهر أن المدار على وقت إنشاء السفر(2)فإن كان إنشاؤه في عام الربح فمصارفه من مئونته ذهابا و إيابا و إن تم الحول
مر أن ذلك مبنى على كون تعلق الخمس بالفائدة من قبيل تعلق الكلي في المعين،و لكن قد تقدم الاشكال فيه،بل المنع،و أن الظاهر من الأدلة كون تعلقه بها من قبيل الاشاعة في العين،و عليه فلا يجوز التصرف فيه و إن بقى في يده بمقدار الخمس.

فيه اشكال بل منع،و الظاهر ان المدار انما هو على وقت صرف الأموال لتوفير متطلبات سفر الحج.

منها:تهية الراحلة اما بشراء أو إجارة،فان ثمنها يكون من مئونة هذه السنة و إن بقيت الراحلة إلى السنين الآتية كشراء دار أو نحوها.

و منها:أجور الطائرة إذا كان السفر بها.

و منها:أجور الجواز للسفر.

و منها:الأموال التي تأخذها الشركات و الحكومات بعناوين مختلفة، و غيرها.فان هذه المصارف كلها من مصارف هذه السنة فلا خمس فيها،مع أن جلّها لو لا كلها قبل إنشاء السفر،نعم هنا مصارف أخرى له تدريجية كالأكل و الشرب و اجارة المسكن في المقصد و في الطريق ذهابا و ايابا،فانها تقسط،فما وقع منها في هذه السنة فهو من مئونتها و لا خمس فيه،و ما وقع منها في السنة الآتية فيجب تخميسه.

فالنتيجة ان مصارف الحج تصنف إلى صنفين..

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 184)


في اثناء السفر،فلا يجب اخراج خمس ما صرفه في العام الآخر(1)في الاياب أو مع المقصد و بعض الذهاب.

[مسألة 82:لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا له كفاه إخراج خمسهما أوّلا]

[2958]مسألة 82:لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا له كفاه إخراج خمسهما أوّلا و لا يجب عليه خمس آخر من باب ربح المكسب بعد إخراج مئونة سنته.

[مسألة 83:المرأة التي تكتسب في بيت زوجها و يتحمل زوجها مئونتها يجب عليها خمس ما حصل لها]

[2959]مسألة 83:المرأة التي تكتسب في بيت زوجها و يتحمل زوجها مئونتها يجب عليها خمس ما حصل لها من غير اعتبار إخراج مئونة إذ هي على زوجها إلا أن لا يتحمل.

[مسألة 84:الظاهر عدم اشتراط التكليف]

[2960]مسألة 84:الظاهر عدم اشتراط التكليف(2).

أحدهما:المصارف التدريجية،فانها تقسط لا محالة على أساس ان المؤونة المستثناة من وجوب الخمس هي المؤونة الفعلية لا الأعم منها و من المقدرة.

و الآخر:المصارف الآنية،كأجور الراحلة و جواز السفر و نحوهما مما يجب توفيره لسفر الحج،فانها كلا من مئونة هذه السنة و لا معنى لتقسيطها.

ظهر مما سبق ان كل ما صرفه في العام الآخر من فائدة العام الأول يجب تخميسه على اساس ان المستثنى منها مئونة العام الأول و هو عام الفائدة دون مئونة العام الآخر،فانه ليس عام الفائدة.

فيه اشكال بل منع،و الأظهر اشتراط البلوغ في الكل بلا فرق بين خمس أرباح المكاسب و سائر الأصناف،فانه مضافا إلى امكان استفادة اعتبار البلوغ في التكليف مطلقا من مجموعة من الروايات بمختلف الألسنة يكفى

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 185)


و الحرية(1)في الكنز و الغوص و المعدن و الحلال المختلط بالحرام و الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم،فيتعلق بها الخمس،و يجب على الولي و السيد إخراجه،و في تعلقه بأرباح مكاسب الطفل إشكال،و الأحوط إخراجه بعد بلوغه.

اطلاق حديث جري القلم في موثقة عمار الساباطي بتقريب ان تعليقه على الاحتلام بقوله عليه السّلام في موثقة عمار الساباطي:«فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت الصلاة و جرى عليه القلم» 1يدل بمقتضى دلالة القضية الشرطية على المفهوم على انتفاء جري القلم بانتفاء الاحتلام،و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين القلم الوضعي و القلم التكليفي،و على هذا فلا وجه لاستثناء المال المختلط بالحرام أيضا،فان الخمس كما لا يتعلق بمال الصبي في سائر الاصناف،كذلك لا يتعلق بماله المختلط بالحرام،نعم لوليه أن يقوم بتطهير ماله عن الحرام،و يتصدق به من قبل صاحبه إن كان،و الاّ فالحاكم الشرعي.

و أما اعتبار العقل فيه،فلا دليل عليه لا الخاص و لا العام.

اما الأول فهو مفروض العدم إذ ليس في شيء من روايات الباب ما يدل على اعتباره.

و اما الثاني فلأن حديث رفع القلم عن المجنون ساقط سندا،فلا يمكن الاعتماد عليه،فمن أجل ذلك فالأظهر عدم اعتباره،و حينئذ فان كان له ولي فهو يقوم باخراج خمس ماله،و الاّ فالحاكم الشرعي.

في اطلاقه اشكال بل منع،لأن العبد على ضوء القول بأنه يملك ما


 

1) <page number=”185″ />الوسائل باب:4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث:12.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 186)


……….

يستفيده و يغنمه فلا شبهة في وجوب الخمس فيه لدى توفر سائر شروطه، لإطلاق الأدلة من الكتاب و السنة،و أما ما ورد في بعض الروايات من انه ليس في مال المملوك شيء،فهو ناظر إلى الزكاة كما تقدم الكلام فيه هناك،و لا يعم الخمس،نعم على القول بأنه لا يملك فلا موضوع له.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 187)


[فصل
في قسمة الخمس و مستحقه]

فصل في قسمة الخمس و مستحقه

[مسألة 1:يقسم الخمس ستة أسهم على الأصح]

[2961]مسألة 1:يقسم الخمس ستة أسهم على الأصح(1):سهم للّه
بل على الصحيح،إذ مضافا إلى أن الروايات الكثيرة و فيها روايات معتبرة تنص على تقسيم الخمس بستة أسهم،تكفينا الآية الشريفة في المقام التي تجعله على ستة أسهم صريحا،و لم ينسب الخلاف في ذلك إلى أحد ما عدا ابن جنيد حيث نسب إليه القول بأن الخمس يقسم إلى خمسة أسهم.و قد يستدل عليه بصحيحة ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له،ثم يقسم ما بقى خمسة أخماس فيأخذ خمسه ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه،ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس اللّه عز و جل لنفسه،ثم يقسم الأربعة أخماس بين ذوي القربى و اليتامى و المساكين و أبناء السبيل يعطى كل واحد منهم حقا،و كذلك الامام يأخذ كما أخذ الرسول صلّى اللّه عليه و آله» 1.

بدعوى أنها تنص على تقسيم الخمس إلى خمسة أسهم،و انه صلّى اللّه عليه و آله كان مستمرا على ذلك،و بعده الامام عليه السّلام.

و الجواب..أولا:ان الصحيحة تحكى عن فعل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و انه كان يصنع بالمغنم كذلك،و حيث ان الفعل مجمل فلا يدل على أن ما صنعه طريق متبع في الشريعة المقدسة،و لا يجوز التخلف عنه،اذ كما يحتمل ذلك يحتمل


 

1) <page number=”187″ />الوسائل باب:1 من أبواب قسمة الخمس الحديث:3.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 188)


سبحانه و سهم للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سهم للإمام عليه السّلام و هذه الثلاثة الآن لصاحب الزمان(أرواحنا له الفداء و عجّل اللّه تعالى فرجه)،و ثلاثة للأيتام و المساكين و أبناء السبيل،و يشترط في الثلاثة الأخيرة الإيمان،و في الأيتام الفقر،و في أبناء السبيل الحاجة في بلد التسليم و إن كان غنيا في بلده،و لا فرق بين أن يكون سفره في طاعة أو معصية(1)،و لا يعتبر في المستحقين العدالة و إن كان الأولى ملاحظة المرجحات،و الأولى أن لا يعطى لمرتكبي الكبائر خصوصا مع التجاهر،بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم و لا سيما إذا كان في المنع الردع عنه،و مستضعف كل فرقة ملحق بها.

[مسألة 2:لا يجب البسط على الأصناف بل يجوز دفع تمامه]

[2962]مسألة 2:لا يجب البسط على الأصناف(2)بل يجوز دفع تمامه
ان اتخاذه صلّى اللّه عليه و آله هذه الطريقة في مقام التقسيم و هي الاكتفاء باخذ صفو المغنم و رفع اليد عن سهمه فيه بملاك ما يرى فيها مصلحة.

فالنتيجة ان الصحيحة مجملة فلا يمكن الاستدلال بها.

و ثانيا:مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنها لا تكون مجملة،الاّ أنها من جهة مخالفتها للآية الشريفة فتدخل في الروايات المخالفة للكتاب فلا تكون حجة.

فيه ان مقتضى القاعدة و إن كان كذلك حيث انه لا دليل على اعتبار أن لا يكون سفره في معصية،و ما ورد في باب الزكاة من النهي عن الاعطاء،فقد مر أنه ضعيف سندا فلا يمكن الاعتماد عليه،و لكن مع هذا فالأحوط و الأجدر ترك الاعطاء للعاصي في سفره.

هذا هو الصحيح،و في مقابل ذلك ذهب جماعة من الأصحاب إلى وجوب البسط بين الاصناف الثلاثة،و قد استدلوا عليه بالآية الشريفة.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 189)


……….

بدعوى أنها ظاهرة في أن كل صنف من هؤلاء الاصناف مالك لجزء من الخمس و هو سدسه،فاذا كان الأمر كذلك فمقتضى القاعدة وجوب البسط عليهم بنسبة واحدة بملاك وجوب ايصال كل مال إلى مالكه.

و الجواب:ان الآية الشريفة و إن كانت ظاهرة في ذلك الاّ انه لا يمكن الأخذ بهذا الظهور،بل لا بد من رفع اليد عنه و حملها على أن هؤلاء افراد للمالك و هو الفقير و المحتاج لا نفس المالك،و ذلك بقرينة أن هناك روايات تنص على أن اللّه تعالى جعل للفقراء في مال الاغنياء ما يكفيهم،و قد قيد اطلاق هذه الروايات بالفقراء غير الهاشميين على أساس ما دل على حرمة زكاة غير الهاشميين على فقرائهم،فمن أجل ذلك جعل للفقراء الهاشميين نصف الخمس بدلا عنها،و تدل على ذلك مجموعة من الروايات منها:صحيحة زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:«انه لو كان العدل ما احتاج هاشمي و لا مطلبي إلى صدقة ان اللّه جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم،ثم قال:ان الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة،و الصدقة لا تحل لأحد منهم الاّ أن لا يجد شيئا و يكون ممن يحل له الميتة» 1.

بتقريب أنها ظاهرة في أن نصف الخمس مجعول للمحتاجين من الهاشميين و المطلبيين،فيكون المالك طبيعي المحتاج منهم،و عليه فيكون اليتامى و المساكين و أبناء السبيل من المصارف باعتبار أنهم افراد المالك و مصاديقه،لا نفس المالك،فاذن يدور الأمر بين رفع اليد عن ظهور الآية الكريمة في ذلك،و رفع اليد عن ظهور الصحيحة في أن المالك هو طبيعي الفقراء و المحتاجين منهم بلا خصوصية للأصناف الثلاثة بعناوينها المخصوصة،و لكن لا بد من رفع اليد عن ظهور الآية على أساس أن ظهور الصحيحة حاكم عليه و مبين للمراد منه بجعل نصف الخمس فيها للأصناف


 

1) <page number=”189″ />الوسائل باب:33 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 190)


……….

الثلاثة،و انه انما جعل لهم بملاك الفقر و الاحتياج بلا موضوعية لهم بعناوينهم الخاصة و ان تمام الموضوع و الملاك انما هو الفقر و الحاجة.

و مع الاغماض عن ذلك تكفى في عدم وجوب البسط صحيحة أبي نصر عن الرضا عليه السّلام قال:«سئل عن قول اللّه عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ فقيل له:فما كان للّه فلمن هو؟ فقال:لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و ما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهو للإمام،فقيل له:أ فرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر و صنف أقل ما يصنع به؟قال:ذاك إلى الامام، أ رأيت رسول اللّه كيف يصنع أ ليس انما كان يعطي على ما يرى و كذلك الامام» 1فانها ناصة على أن البسط غير واجب فضلا عن كونه على نسبة واحدة،بل أمره بيد الامام عليه السّلام و هو يوزع حسب ما يرى،و في زمن الغيبة بيد الفقيه الجامع للشرائط منها الأعلمية على أساس ان الدولة الاسلامية بما أنها دولة خالدة و ليست بموقتة و لا محدودة بفترة من الزمن فهي مرتبطة بالزعامة الدينية التي هي متمثلة في الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و بعده في الأئمة الأطهار عليهم السّلام و في زمن الغيبة في الفقيه المذكور.

و نتيجة ذلك أن كل ما ثبت للإمام بعنوان الامامة فهو ثابت للفقيه أيضا امتدادا للولاية العامة و الزعامة الدينية،أو فقل ان كل حكم ثبت للمنصب فهو ممتد بامتداد الدين،و لا يحتمل اختصاصه بزمن الحضور،و حيث ان ظاهر قوله عليه السّلام في هذه الصحيحة:«و كذلك الامام»هو أن ثبوت ولايته عليه السّلام على سهم السادة من شئون زعامته الدينية،فهي ثابتة للفقيه أيضا،و لكن ثبوتها له خاص بما يرى فيه مصلحة،فانها لا تدل على أكثر من ذلك،هذا.

و قد نوقش في أصل دلالة الآية الشريفة على وجوب البسط:

مرة:بأن لازمه امّا تعطيل سهم ابن السبيل،أو ادخاره على أساس ندرته


 

1) <page number=”190″ />الوسائل باب:2 من أبواب قسمة الخمس حديث:1.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 191)


إلى أحدهم،و كذا لا يجب استيعاب أفراد كل صنف بل يجوز الاقتصار على واحد،و لو أراد البسط لا يجب التساوي بين الأصناف أو الأفراد.

[مسألة 3:مستحق الخمس من انتسب إلى هاشم بالأبوة]

[2963]مسألة 3:مستحق الخمس من انتسب إلى هاشم بالأبوة،فإن انتسب إليه بالأم لم يحلّ له الخمس(1)و تحلّ له الزكاة،و لا فرق بين أن يكون علويا أو عقيليا أو عباسيا،و ينبغي تقديم الأتم علقة بالنبي صلّى اللّه عليه و آله على غيره أو توفيره كالفاطميين.

[مسألة 4:لا يصدّق من ادعى النسب إلا بالبيّنة أو الشياع]

[2964]مسألة 4:لا يصدّق من ادعى النسب إلا بالبيّنة أو الشياع
في كل بلد و عصر و لا سيّما في العصر الحاضر،بل لا يوجد أحيانا.

و أخرى:ان الآية الشريفة تدل على الاستغراق و العموم لجميع افراد اليتامى و المساكين بمقتضى دلالة الجمع المحلى باللام على العموم،و من المعلوم ان البسط على جميع افرادهما غير واجب جزما،لأنه خلاف الضرورة الفقهية و السيرة القطعية القائمة على الاقتصار على يتامى البلد و مساكينه،و هذان الأمران قرينة على أن الآية المباركة في مقام بيان أن هؤلاء مصرف لا مالك.

و لنا تعليق على كلا الأمرين:

اما الأمر الأول:فلان ندرة ابن السبيل لا تستلزم تعطيل سهمه و لا ادخاره، بل يرجع أمره إلى الامام عليه السّلام في زمن الحضور،و الى الحاكم الشرعي في زمن الغيبة،و هو يصرفه فيما يراه،و تدل على ذلك صحيحة أبي نصر المتقدمة.

و اما الأمر الثاني:فلأنه مبني على أن يكون المراد من اللام في اليتامى و المساكين الاستغراق،و لكن لا يبعد أن يكون المراد منه الجنس،أو لا أقل من الاجمال.

هذا لا من جهة عدم صدق الولد على ولد البنت،فانه يصدق عليه

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 192)


……….

حقيقة،كما يصدق على ولد الابن،بل من جهة عدم صدق عنوان الهاشمي أو المطلبي عليه،و بما أن المأخوذ في موضوع حرمة الزكاة و حلية الخمس انما هو عنوان الهاشمي أو المطلبي كما في صحيحة زرارة المتقدمة،أو بني هاشم كما في قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:«لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظرائهم من بني هاشم» 1فهو لا يصدق على ولد البنت على أساس ان هذا العنوان عنوان للطائفة و القبيلة كبني تميم و بني أسد و نحوهما،و من المعلوم انه لا يصدق على المنتسب من قبل الأم،و انما يصدق على المنتسب من قبل الأب فقط فإذا كانت الزوجة هاشمية و الزوج غير هاشمي لم يصدق على ولدهما عنوان الهاشمي أو بني هاشم،فمن أجل ذلك يجوز له أخذ الزكاة دون الخمس.

و بكلمة أخرى ان عنوان الهاشمي و التميمي و الأسدي و غيرها عنوان للقبيلة و العشيرة،و قد وضع في لغة العرب و غيرها لمعنى خاص لا ينطبق الاّ على المنتسب من قبل الأب،فانه مأخوذ في مفهومه و معناه الموضوع له،و هذا بخلاف ولد هاشم فانه يكفى في صدقه وقوعه في سلسلة أولاده أعم من الابن و البنت،غاية الأمر ان كان واقعا في سلسلة أولاده من قبل الابن صدق عليه عنوان الهاشمي،و يقال انه من قبيلة بني هاشم و إن كان واقعا فيها من قبل البنت لم يصدق عليه ذلك العنوان،و لا يقال أنه من تلك القبيلة و كذلك الحال في نظائر هذه العناوين و المفاهيم كالعراقي و الايراني و الحجازي و الأفغاني و اللبناني و غيرها،فان العراقي لا يصدق الاّ على من كانت عنده جنسية عراقية، و لا يصدق على ولد العراقي انه عراقي ما لم تكن فيه هذه الخصوصية.

فالنتيجة ان موضوع حرمة الزكاة و حلية الخمس في لسان الروايات بما انه ليس عنوان ولد هاشم،فلا يعم أولاد البنت،فان عنوان ولد هاشم و إن كان يصدق عليهم الاّ أن عنوان الهاشمي أو بني هاشم لا يصدق.


 

1) <page number=”192″ />الوسائل باب:29 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث:3.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 193)


المفيد للعلم(1)،و يكفي الشياع و الاشتهار في بلده،نعم يمكن الاحتيال في الدفع إلى مجهول الحال بعد معرفة عدالته(2)بالتوكيل على الإيصال إلى مستحقه على وجه يندرج فيه الأخذ لنفسه أيضا،و لكن الأولى بل الأحوط عدم الاحتيال المذكور.

[مسألة 5:في جواز دفع الخمس إلى من يجب عليه نفقته إشكال]

[2965]مسألة 5:في جواز دفع الخمس إلى من يجب عليه نفقته إشكال خصوصا في الزوجة،فالأحوط عدم دفع خمسه إليهم(3)بمعنى الإنفاق عليهم محتسبا مما عليه من الخمس،أما دفعه إليهم لغير النفقة الواجبة مما يحتاجون إليه مما لا يكون واجبا عليه كنفقة من يعولون و نحو ذلك فلا
بل يكفى الاطمئنان و الوثوق سواء أ كان بسبب الشياع أم كان بسبب آخر كاخبار الثقة.

في اطلاقه اشكال بل منع،فان الموكل إذا لم يعلم استحقاق الوكيل و كان يشك فيه مع علمه بأنه إذا أعطاه أخذه لنفسه باعتقاده الاستحقاق لم يجز الاعطاء،و لا فرق في ذلك بين أن يكون الاعطاء لمن كان يشك في استحقاقه مباشرة،أو بالتوكيل و الاحتيال.

نعم،إذا كان واثقا و مطمئنا من جهة عدالته انه لو لم يكن مستحقا لم يأخذه لنفسه جاز الاعطاء مع علمه بأنه يأخذه لنفسه،و لا فرق حينئذ أيضا بين أن يكون الاعطاء له مباشرة أو بالتوكيل كما إذا علم بعدالة فرد و لا يعلم استحقاقه،و لكنه كان واثقا و مطمئنا بأنه لو لم يكن مستحقا لم يأخذه،فإذا اعطاه الخمس و أخذه حصل له الوثوق و الاطمئنان باستحقاقه.

فالنتيجة انه لا قيمة للاحتيال أصلا،فالمعيار انما هو بالوثوق و الاطمئنان باستحقاقه و لو من جهة عدالته أو وثاقته.

بل هو الأظهر،فانه و إن لم يكن منصوصا في باب الخمس،الاّ ان

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 194)


بأس به،كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم و لو للإنفاق مع فقره حتى الزوجة إذا لم يقدر على إنفاقها.

[مسألة 6:لا يجوز دفع الزائد عن مئونة السنة لمستحق واحد]

[2966]مسألة 6:لا يجوز دفع الزائد عن مئونة السنة لمستحق واحد و لو دفعة على الأحوط(1).

[مسألة 7:النصف من الخمس الذي للإمام عليه السّلام أمره في زمان الغيبة راجع إلى نائبه و هو المجتهد الجامع للشرائط]

[2967]مسألة 7:النصف من الخمس الذي للإمام عليه السّلام أمره في زمان الغيبة راجع إلى نائبه و هو المجتهد الجامع للشرائط(2)،فلا بد من الإيصال إليه أو
التعليل الوارد في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج للمنع عن دفع الزكاة لواجبي النفقة بأنهم عياله لازمون له،يعم المنع عن دفع الخمس لهم بنفس الملاك،أو فقل ان المتفاهم العرفي من التعليل ان العيال لما كان من شئون المعيل في الحياة و لازمين له فيها،فاذا كان المعيل غنيا كان العيال أيضا كذلك،و عليه فلا يجوز اعطاء الخمس لهم،هذا اضافة الى أنه لا مجال لهذا الاحتياط بالنسبة إلى الزوجة باعتبار أن نفقتها دين على الزوج،فما دام الزوج متمكنا منها و لا يكون ممتنعا كما هو المفروض،فالزوجة غنية،فلا يجوز اعطاء الخمس لها.

بل على الاقوى،و قد تقدم وجه ذلك موسعا في باب الزكاة.

هذا هو الصحيح و ذلك لأمرين..

أحدهما:بطلان سائر الأقوال في المسألة،و عدم امكان الأخذ بشيء منها.

و الآخر:ان الدليل يساعد على هذا القول.

اما الأمر الأول:فلأن القول بوجوب دفنه أو القائه في البحر أو عزله و الايصاء به عند ظهور أمارات الموت،فمضافا إلى أنه لا دليل عليه فلا يمكن الأخذ به لأنه تضييع للمال و هو غير جائز في نفسه.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 195)


……….

و اما القول باباحته للشيعة مطلقا فهو و إن كان ممكنا الاّ انه لا دليل عليه،بل الدليل على الخلاف موجود كما سيأتي التعرض له عند خاتمة الكتاب.

و اما القول باجراء حكم مجهول المالك عليه،فقد اختاره صاحب الجواهر قدّس سرّه بدعوى ان الملاك في اجراء حكمه على مال انما هو بعدم امكان ايصاله إلى مالكه لا الجهل به،و تدل عليه صحيحة يونس بن عبد الرحمن قال:

«سئل أبو الحسن الرضا عليه السّلام و أنا حاضر..إلى أن قال:فقال:رفيق كان لنا بمكة فرحل منها إلى منزله و رحلنا إلى منازلنا،فلما أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا،فأيّ شيء نصنع به؟قال:تحملونه حتى تحملوه الى الكوفة،قال:

لسنا نعرفه و لا نعرف بلده و لا نعرف كيف نصنع؟قال:إذا كان كذا فبعه و تصدق بثمنه،قال له:على من جعلت فداك؟قال:على أهل الولاية» 1،بتقريب ان موردها ينطبق على حصة الإمام عليه السّلام،فان مالكها و إن كان معلوما ذاتا و عينا و لكنه مجهول بلدة،فمن أجل ذلك لا يمكن ايصالها اليه.

و الجواب:انه لا يمكن المساعدة على ذلك لنكتتين..

الأولى:ان اجراء حكم مجهول المالك على مال و هو التصدق به من قبل صاحبه منوط بعدم احراز رضاه بالتصرف فيه في جهة من الجهات المعينة،و اما مع امكان احراز رضائه به فلا موضوع لإجراء حكم مجهول المالك عليه،لأنه مرتبط بتوفر أمرين فيه..

أحدهما:عدم امكان ايصال المال إلى مالكه.

و الآخر:عدم امكان احراز رضائه بالتصرف فيه في جهة خاصة،فاذا توفر هذان الأمران فيه جرى عليه حكم مجهول المالك،و الاّ فلا،و بما ان الأمر الثاني غير متوفر في حصة الامام عليه السّلام فلا يجري عليها حكمه،لأن الأمر الأول


 

1) <page number=”195″ />الوسائل باب:7 من أبواب كتاب اللقطة الحديث:2.

 

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 196)


……….

و إن كان متوفرا فيها الا انه وحده لا يكفى ما لم يتوفر فيها الأمر الثاني،و الفرض عدم توفره على أساس العلم الخارجي برضائه عليه السّلام بالتصرف فيها في الجهات المرتبطة بالدين و تقوية أركانه و حفظ شعائره،و عليه فلا موضوع لإجراء حكم مجهول المالك عليها.

و إن شئت قلت:ان جهل المكلف بالمالك أو عدم امكان الوصول إليه لا قيمة له الاّ بلحاظ انه في هذه الحالة لا يتمكن من احراز رضائه بالتصرف في ماله في جهة من الجهات،فلذلك يترتب عليه حكم مجهول المالك و هو التصدق به من قبله،و أما إذا كان المكلف محرزا رضاءه بالتصرف في ماله في جهة خاصة فلا موضوع للتصدق باعتبار ان جواز التصرف في مال الغير مرتبط برضائه به و طيب نفسه وجودا و عدما،فان احرز جاز،و الاّ فلا سواء أعرف المالك أم لم يعرفه،تمكن من الوصول إليه أم لا.

الثانية:ان سهم الامام عليه السّلام بما أنه ليس ملكا لشخص إمام العصر-عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف-على ما أشرنا إليه في ضمن البحوث السالفة،بل هو ملك للمنصب أو الدولة،و لذا لا يصل من امام إلى امام آخر إرثا،بل يصل إليه مباشرة بجعل من اللّه تعالى بتبع جعل الامامة له،فلا موضوع لإجراء حكم مجهول المالك عليه،فان موضوعه الملك الشخصي،و على هذا الأساس فسهم الامام عليه السّلام يتبع المنصب و هو الزعامة الدينية،فكل من يتولى هذا المنصب يتولاه و يصرفه في الجهات الدينية و دعم اركانها العامة و شعائرها الخاصة و حفظ حدودها.

و بكلمة أخرى:ان السهم ليس ملكا لشخصه الشريف،و انما هو ملك للزعامة الدينية التي هي متمثلة في الرسالة للرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و الامامة للأئمة الأطهار عليهم السّلام و الفقاهة للفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة المتمثل في الأعلم في كل عصر،اذ لا يحتمل أن تكون الزعامة الدينية مختصة بزمن

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 197)


الدفع إلى المستحقين بإذنه،و الأحوط له الاقتصار على السادة(1)ما دام لم يكفهم النصف الآخر،و أما النصف الآخر الذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه،لكن الأحوط فيه أيضا الدفع إلى المجتهد(2)أو بإذنه لأنه أعرف بمواقعه و المرجحات التي ينبغي ملاحظتها.

[مسألة 8:لا إشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلى غيره]

[2968]مسألة 8:لا إشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلى غيره إذا لم
الحضور دون الغيبة،بداهة أن تطبيق الأحكام الشرعية و اجراء حدودها و دعم اركانها و حفظ مصالح المسلمين الكبرى و هي العدالة الاجتماعية مطلوب في الإسلام في كل عصر و زمن و على ضوء ذلك فلا مناص من الالتزام بثبوت الولاية للفقيه الجامع للشرائط حيث انها من شئون ولاية الأئمة الأطهار عليهم السّلام و زعامتهم و في طولها.

فالنتيجة في نهاية المطاف ان كل ما هو ثابت في الإسلام للنبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و الامام عليه السّلام مرتبطا بالدين الاسلامي في مرحلة تطبيق الشريعة و اجراء حدودها و الحفاظ عليها بما يراه فهو ثابت للفقيه الجامع للشرائط أيضا، اذ احتمال اختصاص ذلك بزمن الحضور غير محتمل،و بذلك يظهر حال الأمر الثاني و هو أن هذا القول،اي القول بأن سهم الامام يرجع إلى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة هو الموافق للدليل.

فيه انه لا وجه لهذا الاحتياط لما مر من أن أمره بيد الفقيه الجامع للشرائط و له أن يتصرف فيه حسب ما يراه و لا خصوصية للسادة.

بل على الأقوى إذا طلب المجتهد دفعه إليه و كان بعنوان الحكم و اعمال الولاية،و الاّ لم يجب لعدم الدليل،و مقتضى اطلاقات ادلة الخمس المتوجهة إلى المالك أن له الولاية على افرازه من ماله و دفعه إلى مستحقيه بلا حاجة إلى الاستئذان من المجتهد.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 198)


يوجد المستحق فيه،بل قد يجب كما إذا لم يمكن حفظه مع ذلك أو لم يكن وجود المستحق فيه متوقعا بعد ذلك،و لا ضمان حينئذ عليه لو تلف، و الأقوى(1)جواز النقل مع وجود المستحق أيضا لكن مع الضمان لو
في القوة اشكال بل منع،إذ لو كان النقل جائزا شرعا و قام المالك بنقله مستندا اليه و تلف في أثناء الطريق اتفاقا من دون تقصيره فيه فلا موجب للضمان،لأن الموجب له أحد أمور..

الأول:اليد،و الفرض أن يده يد أمين لا يد ضمان.

الثاني:الاتلاف مباشرة،و الفرض عدمه.

الثالث:أن يكون التلف مستندا إلى تقصيره و تفريطه،و المفروض انه لا يكون مقصرا فيه،فاذن ما هو الموجب للضمان.و من هنا فالصحيح في المقام أن يقال:ان المسألة بما أنها خالية عن النص الخاص فلنا ان ننظر فيها الى مقتضى القاعدة و قد اشرنا آنفا أن قضية اطلاقات أدلة الخمس المتوجهة ضمنا إلى المالك أن له الولاية على افراز الخمس و عزله من ماله و ايصاله إلى مستحقيه،و لا يحتاج ذلك إلى دليل خاص لكي يقال انه غير موجود هنا،و انما هو موجود في باب الزكاة فقط،و على هذا فلا يجوز له التسامح و التساهل في الأداء و الدفع،فإن أخّر على نحو يصدق عليه عنوان التسامح و التساهل فيه فتلف كان ضامنا لصدق التفريط و التقصير فيه،و إذا نقل اياه من بلدته إلى بلدة أخرى للإيصال إلى أهله،فان كان ذلك من جهة عدم وجود المستحق له في بلدته جاز شريطة أن لا يكون في نقله خطر عليه،كما إذا كان الطريق مأمونا، و حينئذ فإذا تلف فيه اتفاقا بسبب وقوع حادثة سماوية أو أرضية لم يضمن لعدم التفريط،و اما مع وجود المستحق فيها او لا يكون الطريق مأمونا فلا يجوز له النقل،لأن فيه تفريطا و تساهلا في حفظه،فاذا نقل و تلف و الحال هذه ضمن لصدق التقصير و التسامح فيه.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 199)


تلف،و لا فرق بين البلد القريب و البعيد و إن كان الأولى القريب إلا مع المرجح للبعيد.

[مسألة 9:لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان]

[2969]مسألة 9:لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان(1)و لو مع وجود المستحق،و كذا لو و كله في قبضه عنه بالولاية العامة ثم أذن في نقله.

فالنتيجة ان الجمع بين جواز النقل تكليفا مع وجود المستحق في البلدة، و بين الضمان إذا تلف في الطريق اتفاقا و بدون تفريط لا يمكن،حيث ان في هذا الفرض لا منشأ للحكم بالضمان الا التفريط و التقصير فيه،باعتبار أن يده ليست يد ضمان،و مع افتراض عدم التفريط لا منشأ له،و قد دلت على ذلك صحيحتا محمد بن مسلم و زرارة في باب الزكاة،و بما ان الحكم في كلا الموردين يكون على القاعدة فلا نحتاج إلى دعوى التعدي عن موردهما الى المقام،هذا اضافة الى ما ذكرناه هناك من انه لا بد من تقييد اطلاق صحيحة محمد ابن مسلم بعدم جواز نقل الزكاة كلا من بلدتها الى بلدة أخرى مع وجود المستحق فيها،و أما مع صرف مقدار منها في بلدتها فلا مانع من نقل الباقي إلى بلدة أخرى مع فرض وجود المستحق فيها.

في عدم الضمان مطلقا في هذه الحالة اشكال بل منع،على أساس انه لا يستفاد من الدليل كصحيحة أبي نصر المتقدمة ولاية الفقيه على التصرف في سهم السادة مطلقا و إن لم تكن فيه مصلحة،بل المستفاد منها ثبوت ولايته على التصرف فيه بما يراه،و عليه فإن كانت في النقل مصلحة رغم وجود المستحق في البلد فالأمر كما في المتن،سواء أ كان مردّ اذنه إلى التوكيل الضمني في القبض من قبله ثم نقلها أم كان الاذن في النقل فقط من دون توكيل،و إن لم تكن فيه مصلحة فلا ولاية له،و عندئذ فلا أثر لإذنه و لا يرفع الضامن اذا تلف.

تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – جلد ۷ 200)


[مسألة 10:مئونة النقل على الناقل في صورة الجواز]

[2970]مسألة 10:مئونة النقل على الناقل في صورة الجواز،و من الخمس في صورة الوجوب.

[مسألة 11:ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحق عوضا عن الذي عليه في بلده]

[2971]مسألة 11:ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحق عوضا عن الذي عليه في بلده(1)،و كذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر فاحتسبه خمسا،و كذا لو نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضا عنه.

[مسألة 12:لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالأولى دفعه هناك]

[2972]مسألة 12:لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالأولى دفعه هناك(2)،و يجوز نقله إلى بلده مع الضمان.

[مسألة 13:إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده جاز نقل حصة الإمام عليه السّلام إليه]

[2973]مسألة 13:إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده جاز نقل حصة الإمام عليه السّلام إليه(3)،بل الأقوى جواز ذلك و لو كان المجتهد الجامع
هذا و إن لم يكن من النقل،و لكن كفايته منوطة بأن يكون ذلك باذن الحاكم الشرعي حتى فيما إذا كان العوض من أحد النقدين كما تقدم في المسألة (75)و بذلك يظهر حال ما بعده.

بل هو الأظهر شريطة وجود المستحق هناك و عدم وجود مرجح للنقل كما مر،لأن المعيار في عدم جواز نقل الخمس انما هو نقله عن بلد المال و إن لم يكن بلد المالك.

هذا إذا كان باذنه،لما مر من أن حصة الامام عليه السّلام في زمن الغيبة ترجع إلى الفقيه الجامع للشرائط،فيكون أمرها بيده و هو يتصرف فيها حسب ما يراه، و لا يجوز لأي واحد التصرف فيها بدون اذنه و اجازته،و على هذا فالمالك و إن كانت له الولاية على افراز الخمس و عزله من ماله كما تقدم،الاّ أن ايصاله الى المجتهد اذا توقف على النقل فلا بد أن يكون ذلك باذنه،فلو نقل بدون الإذن و الاجازة منه و تلف في الطريق ضمن للتفريط،و لا فرق في ذلك بين وجود

Pages: 1 2 3
Pages ( 2 of 3 ): «1 2 3»