آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۷
جلد
7
تعالیق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۷
جلد
7
للشرائط موجودا في بلده أيضا(1)،بل الأولى النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل أو كان هناك مرجح آخر.
[2974]مسألة 14:قد مر أنه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقدا أو عروضا(2)،و لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعية،فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمته و إن قبل المستحق و رضي به.
[2975]مسألة 15:لا تبرأ ذمته من الخمس إلا بقبض المستحق أو الحاكم سواء كان في ذمته أو في العين الموجودة،و في تشخيصه بالعزل إشكال(3).
في القوة اشكال بل منع إذا كان المجتهد الموجود في بلده أعلم من غيره بنظره،فانه لو قلنا بجواز النقل في الفرض الأول فلا نقول به في هذا الفرض،حيث ان وظيفته في هذا الفرض وجوب تسليمه إلى المجتهد الحاضر على أساس انه أعلم فيكون أمره بيده.
فالنتيجة:ان كل مكلف يرجع إلى مقلده و لا يجوز له تسليم السهم إلى غيره الاّ باذنه.
مر الاشكال فيه في المسألة(11)من هذا الفصل،و المسألة(75)من الفصل السابق.
مر عدم الاشكال فيه،و ان مقتضى اطلاقات الأدلة المتوجهة إلى الملاك باخراج الخمس من أموالهم أن له الولاية على ذلك على أساس انه لما كان من أحد الواجبات في الشريعة المقدسة فلا محالة تكون كيفية الاتيان به بيده و اختياره.
و إن شئت قلت:انه لا شبهة في ان المالك مأمور باخراج الخمس من
……….
[2976]مسألة 16:إذا كان في ذمة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا(1)،و كذا في حصة الإمام عليه السّلام إذا أذن المجتهد.
[2977]مسألة 17:إذا أراد المالك أن يدفع العوض نقدا أو عروضا(2)لا يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد بالنسبة إلى حصة الإمام عليه السّلام و إن كانت العين التي فيها الخمس موجودة،لكن الأولى اعتبار رضاه خصوصا في حصة الإمام عليه السّلام.
[2978]مسألة 18:لا يجوز للمستحق أن يأخذ من باب الخمس و يردّه على المالك(3)،إلا في بعض الأحوال كما إذا كان عليه مبلغ كثير و لم يقدر على أدائه بأن صار معسرا و أراد تفريغ الذمة فحينئذ لا مانع منه إذا رضي المستحق بذلك(4).
فيه انه لا يصح احتسابه خمسا لعدم الدليل على ولاية المالك على هذه المبادلة و المعاوضة الاّ أن تكون باذن من الحاكم الشرعي،و قد مرت الاشارة إليه في المسألة(11).
تقدم الاشكال في ذلك في المسألة(75)من الفصل السابق.
في اطلاقه اشكال بل منع،و يظهر وجهه من التعليق الآتي.
هذا شريطة أن يكون ذلك مناسبا لمكانته و مقتضى شئونه كسائر هداياه و نحوها مما تتطلبه حاله و مكانته،و اما إذا كان زائدا على متطلبات حاله فلا يجوز.
و إن شئت قلت:ان لكل مستحق أن يأخذ من سهم السادة بمقدار مئونته التي تحددها كمّا و كيفا مكانته الاجتماعية و شئونه دون أكثر منها، و على هذا الأساس فان كان الأخذ ثم الرد مما تتطلبه مكانته و شئونه جاز لأنه
[2979]مسألة 19:إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه(1)كالكافر و نحوه لم يجب عليه إخراجه فإنهم عليهم السّلام أباحوا لشيعتهم ذلك،سواء كان من ربح تجارة أو غيرها،و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها.
تمّ كتاب الخمس
بل مطلقا حتى من كان معتقدا وجوب الخمس و لكنه غير ملتزم به خارجا.
بيان ذلك:ان الروايات الواردة في باب الخمس تصنف الى أربع مجموعات..
المجموعة الأولى:الروايات المطلقة التي تنص على وجوب الخمس في الشريعة المقدسة بمختلف الألسنة،و من هذا القبيل الآية الشريفة التي تدل على وجوب الخمس في الغنيمة.
المجموعة الثانية:الروايات التي تنص على اباحة الخمس للشيعة، و عمدتها روايتان..
احداهما:صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام:هلك الناس في بطونهم و فروجهم لأنهم لم يؤدّوا إلينا حقنا،ألا و ان شيعتنا من ذلك و آبائهم(و أبنائهم)في حل» 1.
و الأخرى:صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام انه قال:«ان أمير المؤمنين عليه السّلام حللهم من الخمس-يعني الشيعة-ليطيب مولدهم» 2.
المجموعة الثالثة:الروايات التي تنص على وجوب الخمس على
……….
……….
……….
ان متعلق الخمس و موضوع وجوبه حصة خاصة من الفائدة و هي التي تكون زائدة على مئونة سنة الانسان و متطلبات حاجاته طول فترتها و لم تصرف فيها،فيكون عدم الصرف قيدا للمتعلق لا الحكم على نحو الشرط المتأخر،و أما مئونة التجارة و الصناعة و المهن و الحرف فيكون استثناؤها من موضوع وجوب الخمس بالتخصص و الورود،إذ لا يصدق عنوان الفائدة على ما يوازيها مما نتج منها و ربح.
ان المكلف إذا خمس الفائدة من حين ظهورها كان واقعا في محله و إن علم بأنه لو لم يخمسها لصرفت في المؤونة أثناء السنة باعتبار أن تخميسها يكشف عن أنها من الفائدة التي لم تصرف فيها طول فترة العام و إن كان ذلك من باب السالبة بانتفاء الموضوع،و قد تقدم ان الناتج من ضم الاطلاقات إلى أدلة المؤونة هو ان الموضوع لوجوب الخمس الفائدة التي تكون زائدة عن المؤونة واقعا و في علم اللّه تعالى و لم تصرف فيها و لو من باب السالبة بانتفاء الموضوع،و الفرض ان الفائدة التي قام المكلف باخراج خمسها من حين ظهورها تكون منها باعتبار أنها في الواقع و علم اللّه زائدة و لم تصرف فيها.
ان التاجر إذا كان واثقا و متأكدا بأن ما نتج من مبادلاته التجارية أو
معامله و مصانعه يفوق مئونة سنته و متطلبات حاجاته مهما توسعت و زادت بوقوع اتفاقات لم يكن وقوعها متوقعا،فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يخمس الزائد بلا تأخير،و إن كان شاكا في ذلك و غير متأكد لاحتمال تجدد المؤونة في أثناء السنة لم يجب.
انه لا يجوز للتاجر ان يتصرف في الفوائد الزائدة بالبيع و الشراء و نحوهما من المبادلات التجارية قبل أن يقوم بتخميسها،الاّ أن يكون باذن من الحاكم الشرعي و اجازته،و حينئذ قد يشترك أهل الخمس معه في الربح بالنسبة على تفصيل تقدم.
انه لو تصرف في الفائدة بأكثر مما تتطلب مكانته و شئونه أو أسرف فيها ضمن خمسها.
الأظهر وجوب الخمس في عوض الخلع،و اما المهر فان كان بقدر شأن المرأة و مكانتها فلا يجب،و إن كان أزيد مما تتطلب مكانتها و شأنها وجب خمس الزائد،و اما الميراث فلا يجب فيه الخمس،هذا لا من جهة عدم صدق الفائدة عليه،فان الظاهر صدقها عرفا،بل من جهة أن موضوع وجوب الخمس ليس مطلق الفائدة،بل حصة خاصة منها و هي التي أفادها المرء و غنمها،و لا يصدق هذا العنوان على الميراث،فانه ليس مما غنمه المرء و استفاده،و من هنا يفترق الميراث عن الهبة و الهدية و الجائزة و نحوها،فانه يصدق عليها عنوان ما غنمه المرء و استفاده،فمن أجل ذلك يجب الخمس فيها،نعم يجب الخمس في الميراث الذي لا يحتسب للنص،و المعيار في وجوب الخمس فيه انما هو بعدم كونه متوقعا و لا في الحسبان،و لا يعتبر فيه عدم العلم بوجود المورث و لا كونه في بلد آخر،فانه مع العلم بوجوده في بلده أو بلد آخر إذا لم يكن الإرث منه متوقعا و لا في الحسبان فإذا وصل اتفاقا وجب
عليه خمسه لأنه مشمول للنص كما تقدم.
ان نمو المال قد يكون عينيا،و قد يكون حكميا،فعلى الأول لا شبهة في وجوب الخمس فيه سواء أ كان في المال التجاري أم كان في غيره، و على الثاني فالمعروف و المشهور بين الأصحاب انه إن كان في المال التجاري الذي يكون المقصود من وراء التداول به الحفاظ على ماليته و نموها دون عينه وجب خمسه،و إن كان في غيره مما يكون المقصود من شرائه الحفاظ على عينه للانتفاع به لم يجب خمسه ما دام يظل باقيا عنده،نعم إذا باع بأزيد من ثمن الشراء فالزائد داخل في ربح سنة البيع،و لكن تقدم انه لا يبعد وجوب الخمس فيه.
ان المالك إذا أخّر خمس ارتفاع القيمة في نهاية السنة تساهلا و لم يخرجه إلى أن رجعت قيمته إلى قيمة وقت الشراء-مثلا-ضمن خمسه لمكان التفريط لا خمس الباقي بالنسبة على تفصيل تقدم،هذا كله فيما إذا كان أصل المال مخمسا،و أما إذا كان متعلقا للخمس و زادت قيمته فبطبيعة الحال زادت بكل أخماسه،غاية الأمر يتعلق بأربعة اخماسه خمس آخر باعتبار أنها فائدة،و حينئذ فيجب عليه خمس العين بقيمتها الحالية،و خمس أربعة أخماس ارتفاع قيمتها فحسب.
ان التاجر إذا اتجر بالفوائد التي حال عليها الحول و لم يخمسها و أخذ يتداول بها،فان كان بعين تلك الفوائد خارجا و كان باذن ولي الخمس يوزع ما نتج من عملية التجارة و التداول عليها بالنسبة،و يدخل في ارباح السنة ما يوازي أربعة أخماسها،و حينئذ يجب عليه خمس رأس المال فورا،و اما خمس الربح و منه ارتفاع قيمته إن كان ففي نهاية السنة،و إذا لم يكن باذنه فان كان المنتقل اليه ممن شملته اخبار التحليل فالتجارة حينئذ و إن كانت صحيحة
الا ان الربح لم يوزع بل هو كله للتاجر،غاية الأمر ان ذمته اشتغلت ببدل الخمس من المثل او القيمة،كما هو الحال إذا كان الاتجار بها في الذمة،و إن لم يكن ممن شملته الأخبار بطلت التجارة بالنسبة إلى خمسها.
هذه الصورة و لكن الفوائد التي يتجر بها مما لم تمر عليها سنة كاملة و حكمها حكم الصورة السابقة،فلا فرق بينهما الاّ ان وجوب خمس رأس المال في هذه الصورة مبني على الاحتياط شريطة أن يعلم بأنه لا يصرف في المؤونة طول فترة السنة مهما زادت بوقوع اتفاقات لم يكن متوقعا،و الاّ لم يجب الاّ في نهاية السنة،و بذلك يظهر حكم ما إذا كان رأس المال مختلطا من الفائدة التي مرّت عليها سنة و الفائدة التي لم تمر سنة عليها،أو مختلطا من المال المخمس و غيره كما مر تفصيل كل ذلك.
ان المستفاد من روايات المؤونة بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن المستثنى انما هو مئونة السنة الكاملة،و عندئذ فبطبيعة الحال يكون المراد منها السنة الواقعية المتمثلة في فترة زمنية تمتد إلى اثنى عشر شهرا كاملا،و نتيجة ذلك ان كل فائدة اذا مرت عليها تلك الفترة الزمنية وجب عليه خمسها إذا لم يجعلها مئونة،هذا من ناحية،و من ناحية اخرى،ان الناتج من ضم روايات المؤونة إلى اطلاقات أدلة الخمس من الكتاب و السنة هو تعلق الخمس بالفائدة من حين ظهورها،و لكن بحصة خاصة منها و هي التي تكون زائدة على المؤونة و لم تصرف فيها،و من هنا إذا علم التاجر بأن ما أفاده يكون زائدا على مئونة سنته وجب عليه أن يخمسه على الأحوط، فجواز التأخير انما هو في فرض الشك و احتمال تجدد المؤونة في أثناء السنة، و عليه فاعتبار التاجر أو الكاسب سنة واحدة لكل ارباحه التي حصل عليها تدريجا طول فترة العام انما هو للتسهيل،اذ ليس بامكانه عادة أن يجعل لكل
ربح سنة من تاريخ حصوله،و من هنا يجوز له أن لا يخمس الأرباح المتأخرة بعد نهاية سنتها المتخذة ما دام لم تنته سنتها الواقعية شريطة ان لا يعلم بزيادتها على المؤونة،و بذلك يظهر انه لا وجه لاعتبار مجموع ما حصل عليه من الارباح تدريجا طول فترة زمنية لا تقل عن اثنى عشر شهرا ربحا واحدا و وجوب خمسه في نهاية تلك السنة.
ان الأظهر استثناء رأس المال من الخمس بمقدار تحدده مكانة الشخص و شئونه لا مطلقا،على أساس انه في هذه الحالة يعتبر من مئونته كالمسكن و المركب و الملبس و الفرش و الظروف و نحوها،كما إذا كان ذلك الشخص ممن لا يليق بمكانته و شئونه أن يعمل كعامل مضاربة أو بناء أو حداد أو نجار أو خياط أو نحو ذلك،فانه يعتبر بالنسبة إليه مهانة،و في هذه الحالة إذا رزقه اللّه تعالى مالا بسبب أو آخر كهدية أو جائزة أو نحوها و يجعله رأس مال له و أخذ يعمل فيه كتاجر و يصرف من أرباحه في مئونته اللائقة بحاله و متطلبات حاجاته بحسب شأنه لم يجب عليه تخميسه في نهاية السنة،لأنه يعتبر مئونة له كالمسكن،نعم إذا كان ذلك المال لدى شخص لم يكن عمله كعامل مضاربة مهانة له فانه اذا جعله رأس مال له و عمل فيه كتاجر وجب عليه أن يخمسه في نهاية السنة باعتبار انه لا يعتبر مئونة له عرفا،و لا فرق فيه بين أن يكون ذلك المال بمقدار مئونة سنته أو أكثر أو أقل،فان المعيار انما هو بكون ما نتج منه من الربح يكفى لمؤنته اللائقة بمقامه،نعم إذا زاد ما حصل عليه من الأرباح عن مئونة سنته وجب أن يخمس من رأس المال بالنسبة،و بذلك يظهر حال أصحاب المهن و الحرف،فان الوسائل و الأدوات التي تتطلبها مكانتهم لممارسة اعمالهم و اشغالهم بها تعتبر من المؤونة عرفا،فلا يجب عليهم اخراج خمسها.
ان المؤونة التي خرجت عن وصفها باستغناء الانسان عنها كالدار التي كان يسكن فيها مدة ثم استغنى عنها و سكن في دار أخرى أو غيرها لا يجب عليه خمسها،و هذا يعني أنها لا تدخل في فوائد سنة الاستغناء،لأنها حين حدوثها و ظهورها لم تكن مشمولة لإطلاقات أدلة الخمس من جهة أنها في ذلك الحين كانت من المؤونة،و اما بقاء فلا تكون مشمولة لها.
الأظهر عدم استثناء الدين للمئونة عن الفائدة في نهاية السنة و إن كان بعد الربح،نعم إذا كان الخسران بعد الربح في تجارة واحدة فالظاهر استثناؤه منه على أساس عدم صدق الربح و الفائدة على ما يوازي الخسران،و هذا بخلاف الدين فانه لا يمنع عن صدق الفائدة،و اما إذا كان الخسران قبل الربح فلا يستثنى منه،و كذلك إذا خسر في نوع من التجارة و ربح في نوع آخر.
ان المراد من المؤونة المستثناة من الخمس هو المؤونة الفعلية لا مقدارها على تفصيل قد مر.
ان الخمس متعلق بالعين على نحو الاشاعة لا على نحو الكلي في المعين.
الأظهر تعين الخمس بعزل المالك و افرازه.
الأقوى عدم جواز نقل سهم السادة من بلدة السهم إلى بلدة أخرى مع وجود المستحق فيها،الاّ إذا كان هناك مرجح،فإذا نقل و الحال هذه و تلف في الطريق ضمن للتفريط،و اما سهم الإمام عليه السّلام فبما أنه بيد الفقيه الجامع للشرائط فإذا نقل من بلدته إلى بلدة أخرى بدون إذنه و تلف في الطريق ضمن بنفس الملاك.
الأقوى انه لا يسوغ للمالك أن يؤدي خمس العين من
مال آخر عوضا عنه لأنه يتوقف على ولاية المالك عليه،و لا دليل على ولايته على ذلك،و حينئذ فاذا أراد المالك أن يؤدي خمسها من مال آخر فعليه أن يستأذن من الحاكم الشرعي حتى إذا كان المال الآخر من النقدين،باعتبار ان مورد النص الدال على كفايتهما الزكاة،و التعدي عن مورده بحاجة إلى قرينة بلحاظ ان الحكم فيه يكون على خلاف القاعدة،و لا قرينة عليه لا فيه من عموم أو تعليل،و لا من الخارج،و لا يوجد دليل يدل على أن كل ما هو ثابت للزكاة فهو ثابت للخمس أيضا.فمن أجل ذلك لو لم يكن عدم الكفاية أظهر فلا شبهة في أنه أحوط ما لم يكن باذن الحاكم الشرعي.
الأظهر اعتبار البلوغ في كل اصناف الخمس بلا فرق بين خمس أرباح المكاسب و سائر الأصناف حتى المال المختلط بالحرام بناء على ما هو الصحيح من أن الخمس المتعلق به هو الخمس المتعلق بغيره من الاصناف.
لا يجب بسط سهم السادة على الأصناف الثلاثة،بل أمره في زمن الحضور بيد الإمام عليه السّلام،فله أن يتصرف فيه حسب ما يراه،و في زمن الغيبة بيد الفقيه الجامع للشروط منها الأعلمية،و له أن يتصرف فيه على ما يراه،و أما سهم الإمام عليه السّلام فبما انه ملك للمنصب و هو الزعامة الدينية دون شخصه الشريف،فبطبيعة الحال يرجع أمره في زمن الغيبة إلى الفقيه المذكور باعتبار ثبوت هذا المنصب له امتدادا لمنصب الإمامة و لكن في مستوى دونه،إذ لا يحتمل اختصاصه بزمن الحضور،بداهة ان الدولة الاسلامية ليست دولة مؤقتة،بل هي دولة خالدة،فلا بد أن تكون زعامتها أيضا كذلك،فمن أجل هذا لا يسوغ لأي واحد التصرف فيه بدون إذنه.
الأظهر عدم جواز دفع سهم السادة إلى من تجب نفقته
عليه كالزوجة و الوالدين و الأولاد،و أما سهم الإمام عليه السّلام فلا مانع منه إذا كان موردا.
الأقوى عدم جواز اعطاء سهم السادة إلى ولد البنت الهاشمية و هذا لا من جهة أن ولد البنت ليس بولد،فانه ولد حقيقة كولد الابن، بل من جهة ان موضوع هذا السهم معنون بعنوان الهاشمي أو بني هاشم،و هذا العنوان بما انه عنوان للقبيلة و العشيرة فلا يصدق الاّ على المنتسب به من قبل الأب دون الأم.
لا يجوز لمستحق سهم السادة أن يأخذه ممن عليه ذلك السهم ثم يرده عليه الاّ إذا كان ذلك من مقتضى شئونه و متطلبات مكانته، فعندئذ يجوز بلا فرق بين أن يكون من عليه الحق قادرا على الأداء أولا،و اما الحاكم الشرعي فبما أن ولايته عليه منوطة بوجود مصلحة فإن رأى فيه مصلحة جاز له ذلك و الاّ فلا.
ان المراد من التحليل الوارد في الروايات التحليل المالكي لا الشرعي و مرده إلى امضاء المعاملة الواقعة على المال المتعلق للخمس شريطة أن يكون من انتقل إليه المال شيعيا.
لا فرق بين أن يكون المال المتعلق للخمس منتقلا إليه ممن لا يعتقد بالخمس أصلا،أو يعتقد به و لكن لا يلتزم بالدفع خارجا لإطلاق الدليل و عدم اختصاصه بالأول.
ان من لا يحاسب نفسه سنين متمادية اما غفلة أو عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي،ثم التفت إلى حاله،أو ندم و بنى على أن يحاسب نفسه بالنسبة إلى كل ما مضى من السنين،فعليه أن يقسّم أمواله إلى مجموعتين..
الأولى:الأموال التي تكون مئونة له كالمسكن و الملبس و المركب و كل ما تتطلبه حاجاته حسب مكانته و شأنه.
الثانية:الأموال التي تكون زائدة على متطلبات حاجاته من النقود و العقارات و نحوهما.
اما حكم المجموعة الأولى،فان علم إنه اشتراها بأرباح لم تمر عليها سنة، فلا خمس فيها،و لا شيء عليه،و إن علم بأنه اشتراها بأرباح قد مرت عليها سنة فعليه تخميس ثمنها وقت الشراء،و إن لم يعلم بالحال و أنها من قبيل الأول أو الثاني،ففي هذه الحالة يشك في اشتغال ذمته بخمس ثمنها على أساس أنها إن كانت من قبيل الأول فلا شيء عليه،و إن كانت من قبيل الثاني فعليه خمس ثمنها،لأن عهدته قد اشتغلت به بملاك اتلافه،و بما انه لا يدري بالحال،فلا يدري بأن عهدته مشغولة به أولا،فالمرجع فيه أصالة البراءة،و إن كان الأولى و الأجدر به أن يصالح مع الحاكم الشرعي بنصف الخمس مثلا.و من هنا يظهر الحكم فيما إذا علم بالحال بالنسبة إلى بعض هذه المجموعة دون بعضها
الآخر،فان ما علم حاله ترتب عليه حكمه،و ما لم يعلم حاله فالمرجع فيه أصالة البراءة،نعم إذا علم اجمالا بأن بعض هذه المجموعة قد اشتراها بارباح مرت عليها سنة و لكنه لا يعلم مقدارها انه نصف المجموعة أو أكثر أو أقل وجب حينئذ المصالحة مع الحاكم الشرعي بنصف الخمس.
و اما حكم المجموعة الثانية:فهو وجوب تخميس كل تلك المجموعة بقيمتها الحالية،بلا فرق بين أن تكون من الأموال التجارية أو غيرها،و بلا فرق بين أن يعلم بأنه اشتراها بأرباح قد مرت عليها سنة أو بأرباح لم تمر عليها سنة، أو لا يعلم بالحال،لما مر من ان الأظهر وجوب الخمس في ارتفاع القيمة مطلقا و إن كان في غير الأموال التجارية،نعم إذا علم بأن قسما من هذه الأموال من أرباح السنة الأخيرة التي بنى المكلف فيها على الحساب قبل أن تمر عليها السنة لم يجب عليه خمسه إلاّ إذا بقى الى نهاية العام.و إذا دار أمره بين الأقل و الأكثر لم يجب خمس الأقل إلى نهاية السنة،و انما الكلام في وجوب خمس الأكثر، باعتبار انه إن كان من أرباح السنين السابقة وجب خمسه فورا،و الاّ ففي نهاية العام،و بما انه مشكوك فالمرجع فيه أصالة البراءة.
بقى هنا حالتان..
الأولى:انه يعلم في طول هذه الفترة بصرف أموال في معاش نفسه و عائلته اللائق بحاله كالمأكل و المشرب و الملبس و في صدقاته و زياراته و جوائزه و هداياه و ضيافة ضيوفه و ختان أولاده و تزويجهم و غيرها مما يتفق للإنسان في فترة حياته كالوفاء بالحقوق الواجبة عليه بنذر أو كفارة أو أرش جناية أو دين أو ما شاكل ذلك،و في هذه الحالة فمرة كان يعلم بأنه في كل سنة من هذه السنين قد صرف في حاجياته تلك من الأرباح التي لم تمر عليها سنة، و أخرى يعلم بأنه في كل سنة منها قد صرف فيها من الأرباح التي مرت عليها
سنة،و ثالثة لا يعلم بالحال،و على الأول فلا شيء عليه،و على الثاني ضمن خمس تلك الأرباح في وقت الصرف،و على الثالث فبما أنه شاك في أن عهدته مشغولة بخمسها أولا فيرجع فيه إلى أصالة البراءة،و إن كان الأولى و الأجدر به المصالحة مع الحاكم الشرعي،و من هنا يظهر حكم ما إذا علم بالحال في بعض السنين دون بعضها الآخر،أو في بعض تلك الأشياء دون بعضها.
الثانية:انه إذا علم بوجود خسارة في بعض هذه السنوات في تجاراته، فان علم مقدار الخسارة تفصيلا في المال المتعلق للخمس منجزا ضمن خمسه، و إن علم مقدارها اجمالا ضمن المقدار المتيقن منه،و يرجع في الزائد إلى أصالة البراءة،و إن لم يعلم بالخسارة أصلا،أو علم بعدمها فلا شيء عليه من هذه الناحية.
إذا غنم شخص من عمله ككاسب أو عامل أو صانع غنيمة تدريجية لا تكفى لتوفير مسكن له في سنة واحدة،و لكنها تكفى لتوفيره تدريجا و في طول سنتين أو أكثر،ففي مثل ذلك إذا قام في السنة الأولى بشراء أرض لبناء مسكن عليها،و في الثانية لشراء مواد البناء و أدواته،و في الثالثة ببنائه، فهل عليه خمس ما اشتراه في السنتين الأوليين من الأرض و مصالح البناء أو لا؟ الظاهر أن ذلك يختلف باختلاف مكانة الأشخاص و شئونهم،فان كان وجود مسكن و لو بهذا النحو من متطلبات مكانة الفرد و شئونه اعتبر كل ما هيأه و وفره لبنائه في السّنين السابقة مئونة له،و لا خمس فيه،و الاّ فعليه خمسه.
إذا اجر نفسه في سنين توزع الأجرة عليها بالنسبة، فتكون اجرته في كل سنة إزاء عمله فيها،و تعتبر من فائدة تلك السنة لا من سنة الاجارة و هي السنة الأولى باعتبار انه مطلوب و مدين ازاؤه في السنين القادمة.
و إن شئت قلت:ان اجرته في كل سنة انما هي عوض عن عمله فيها الذي
ملكه المستأجر بعقد الاجارة و ما دامت ذمته مشغولة بعوضها فلا يصدق عليها الفائدة،و على هذا فيحسب أجرته في كل سنة من فائدة تلك السنة،فإن بقى منها شيء في نهايتها وجب خمسه،و إلاّ فلا شيء عليه،و من هنا يظهر انه لا فرق في النتيجة بين أن يؤجر نفسه في سنين باجارة واحدة،أو في كل سنة باجارة.
إذا أجر داره سنين كعشر سنوات-مثلا-بأجرة تقدر بعشرين ألف دينار-مثلا-كانت الأجرة تماما من فائدة سنة الاجارة شريطة استثناء مقدار منها الذي يجبر به النقص الوارد على مالية الدار من جهة أنها صارت مسلوبة المنفعة في تلك السنين،فانه بعد هذا الجبر إذا بقى منها فالباقي كله من فائدة هذه السنة.مثلا إذا قدّر قيمة الدار بثلاثين ألف دينار،و قدر قيمتها مسلوبة المنفعة في هذه السنين بخمسة عشر ألف دينار،و على هذا فيستثنى من الأجرة و هي عشرون ألف دينار في المثال مقدار ما يجبر به النقص الوارد على مالية الدار في تلك السنين من جهة أنها أصبحت مسلوبة المنفعة فيها و هو خمسة عشر ألف دينار،فيبقى من الأجرة خمسة آلاف دينار،و هي فائدة السنة الأولى و هي سنة الاجارة،و حينئذ فان بقيت كلها أو بعضها إلى نهاية السنة وجب تخميسه،و الاّ فلا شيء عليه.
الأظهر ان أمر سهم السادة كسهم الإمام عليه السّلام بيد الفقيه الجامع للشرائط المتمثل في الأعلم،و لا يجوز التصرف فيه بدون إذنه،و تدل عليه صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السّلام قال:«سئل عن قول اللّه عز و جل:- وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ -فقيل له:فما كان للّه فلمن هو؟فقال:لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و ما كان لرسول اللّه فهو للإمام،فقيل له:أ فرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر و صنف أقل ما
يصنع به؟قال:ذاك إلى الإمام،أ رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كيف يصنع أ ليس انما كان يعطى على ما يرى،كذلك الامام» 1بتقريب أنها ناصة في أن أمره بيد الامام عليه السّلام بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و انه يتصرف فيه على ما يرى،و يعطى كذلك،و قد تقدم أن ما ثبت للإمام عليه السّلام في زمن الحضور فهو ثابت للفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة أيضا،باعتبار أن ثبوته للإمام عليه السّلام انما هو بملاك زعامته الدينية، و هي متمثلة في زمن الغيبة في الفقيه المذكور،حيث ان زعامته امتداد للزعامة الكبرى المتمثلة في الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و بعده في الأئمة الأطهار عليه السّلام.
لا فرق في السنة بين أن يكون تأريخها قمريا أو شمسيا هجريا أو ميلاديا،و السبب فيه أن كلمة(السنة)لم ترد في شيء من الروايات حتى يكون المتبع هو المتبادر منها عرفا،بل اعتبارها انما يستفاد من روايات استثناء المؤونة من الفائدة المتعلقة للخمس،على أساس حملها على مئونة السنة كما تقدم،و بما أن السنة الواقعية تتكون من دورة كاملة لسير الأرض حول الشمس التي تطول من البداية إلى النهاية ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع اليوم،فللكاسب أن يعتبر سنة الفائدة شمسية،و له أن يعتبرها قمرية.
و إن شئت قلت:ان لفظ السنة لو كان واردا في الروايات لأمكن أن يقال ان المتبادر منه السنة القمرية،كما ان المتبادر من الشهر فيها الشهر القمري، و حيث انه لم يرد في شيء من الروايات فيجوز له أن يجعل سنة الفائدة السنة الواقعية.
يجوز للكاسب تبديل رأس سنته برأس سنة أخرى، كما إذا كان رأس سنته أول المحرم و أراد أن يجعله أول الربيع،و لكن عليه أن يخمس ما استفاده من بداية المحرم إلى بداية الربيع قبل حلول رأس سنته
الجديدة.
الأشجار التي غرسها فرد فهي على قسمين..
أحدهما:انه غرسها للمئونة.
و الآخر:لغيرها.
اما القسم الأول فله حالتان..
الأولى:أنها لا تزيد عن مئونته و متطلبات حاجاته.
و الثانية:أنها تزيد عنها.
اما في الحالة الأولى،فان كانت مكانته الاجتماعية و شئونه تتطلب وجود هذه الاشجار له و إن لم تبلغ إلى حد الاستفادة من أثمارها أو غصونها فهي من المؤونة،فلا يجب عليه خمسها في تمام أدوارها من البداية إلى النهاية،و الاّ فيجب عليه خمس نموها في كل سنة الى أن تبلغ إلى حد الاستفادة منها في المؤونة،و عندئذ فلا يجب خمسها باعتبار أنها أصبحت مئونة فعلا.
و أما في الحالة الثانية:ففي الفرض الأول يجب خمس الزائد من نموها في كل سنة إلى أن تبلغ حد الاثمار و الانتاج،فإذا أثمرت وجب خمس الزائد من ثمرها في كل عام.و في الفرض الثاني يجب خمس تمام نموها في كل عام إلى أن تبلغ حد الانتاج و الانتفاع،فاذا بلغت و انتفع بها وجب خمس الزائد من منافعها.
و اما القسم الثاني:فله أيضا حالتان..
الأولى:انه غرسها بغرض الاتجار باعيانها و أغصانها و سائر منافعها بالبيع و الشراء و المداولة بها.
الثانية:انه غرسها بغاية الانتفاع من أعيانها في تأسيس البنايات
و العمارات و نحوها للاستفادة من منافعها و في كلتا الحالتين يجب عليه خمس نموها في كل عام و كذلك زيادة قيمتها في الحالة الأولى.
و اما في الحالة الثانية فالمعروف و المشهور هو عدم الوجوب،و لكنه لا يخلو عن اشكال،بل و لا يبعد الوجوب كما تقدم.
اذا نمت الاشجار و كبرت،و لكن قيمتها نقصت بسبب او آخر،فهل يجب في هذه الحالة خمس نموها بالنسبة،أو يتدارك به ما ورد عليها من النقص في قيمتها فيه وجهان:
المعروف و المشهور هو الثاني اما مطلقا بملاك عدم صدق الزيادة،أو فيما إذا كان النقص متأخرا عن النمو أو مقارنا معه،و أما إذا كان متقدما عليه فلا يستثنى،و لكنه لا يخلو عن اشكال،بل منع لما تقدم من ان موضوع وجوب الخمس حصة خاصة من الفائدة،و هي التي تكون زائدة عن المؤونة و لم تصرف فيها،و الفرض ان النمو فائدة زائدة عليها،و مجرد ورود النقص على قيمة الأصل لا يمنع عن صدق الفائدة عليه و ان كان بعد النمو أو مقارنا معه، باعتبار ان موضوع وجوب الخمس ليس هو الزائد على رأس المال في كل سنة لكي يقال بعدم تحقق الموضوع في هذا الفرض،و عليه فيقوّم الأشجار مرة بقطع النظر عن نموها في هذه السنة،و أخرى معه،و يخمس ما به التفاوت بينهما،و لا يقاس ذلك بما اذا ربح في تجارة ثم خسر في نفس تلك التجارة بقدر الربح أو أكثر أو أقل،فان خسرانه هذا يمنع عن صدق الفائدة على الربح المقابل للخسران عرفا،و هذا بخلاف المقام فان النقص الوارد على قيمة الأصل لا يمنع عن صدق الفائدة على نموه.
ان الأرض الزراعية الموجودة لدى شخص فلها حالات..
الأولى:أنها وصلت اليه ارثا.
الثانية:انه قام بإحيائها و توفير شروط الانتفاع بها و الاستفادة منها.
الثالثة:انه اشتراها من أجل هذه الغاية.
اما في الحالة الأولى:فلا يجب عليه خمسها،لما تقدم من خروج الميراث عن اطلاقات أدلة الخمس،نعم اذا علم الوارث بأنها كانت متعلقة للخمس عند المورث،فعندئذ هل يجب على الوارث اخراج خمسها أو لا؟لا يبعد عدم الوجوب شريطة أن يكون الوارث ممن شملته روايات التحليل.
و أما في الحالة الثانية:فان كانت الأرض التي قام باحيائها من متطلبات مكانته عند الناس و شئونه لإشباع حاجاته و سد مئونته اللائقة بحاله،فلا خمس فيها على أساس أنها حينئذ تعتبر من مئونته،غاية الأمر ان كان أزيد من مقدار متطلبات مكانته و شئونه وجب خمس الزائد بالنسبة،و إن لم تكن كذلك فعليه أن يخمسها تماما في نهاية السنة.
و اما في الحالة الثالثة:فالحكم فيها كالحكم في الحالة الثانية،غاية الأمر إن كان ثمنها متعلقا للخمس وجب اخراج خمسه على كلا التقديرين،أي سواء أ كانت الأرض متعلقة للخمس أم لا.
اذا اعطى المالك خمس ما افاده في السنة الماضية من ربح السنة الثانية جاز شريطة توفر أمرين فيه..
أحدهما:أن يكون ذلك باذن ولي الخمس حتى إذا كان من أحد النقدين كما مر.
و الآخر:أن يخمس أولا ثم يدفعه عوضا عنه على أساس ان دفعه منه لا يعتبر من المؤن.
و إن شئت قلت:ان المالك إذا لم يدفع خمس الربح في نهاية السنة و أراد دفع خمسه من ربح السنة الثانية،فله طريقان..
أحدهما:أن يخمس الربح اللاحق أولا،ثم يدفعه عوضا عن خمس الربح السابق باذن وليه.
و الآخر:أن يدفع منه بمقدار ربح الربح السابق،و عندئذ يجزئ عن كلا الخمسين.
خذ لذلك مثالا:إذا كان الربح السابق بمقدار مائة دينار مثلا،فان اخرج خمسه من نفس ذلك المقدار بقى عنده ثمانون دينارا مخمسا،و إن أخرج خمسه من مال آخر فان كان مخمسا كفى عشرون دينارا،و إن كان غير مخمس كما إذا كان من الربح اللاحق قبل اخراج خمسه لم يكف عشرون دينارا،باعتبار أن أربعة دنانير منه ملك لأهل الخمس،بل عليه أن يدفع منه خمسة و عشرين دينارا،باعتبار ان خمسة دنانير منه خمسه،و العشرين خمس الربح السابق، فيكون المجموع خمسة و عشرين دينارا و هو ربع المبلغ السابق على أساس انه إذا ضمه إليه أصبح مجموع الربح المتعلق للخمس مائة و خمسة و عشرين دينارا.
إذا وجد التاجر في نهاية السنة أن بعض ما أفاده في عملية تجارته دين على الناس،فان أمكن استيفاؤه منه وجب أن يدفع خمسه،و إن لم يمكن فلا شيء عليه إلى وقت الاستيفاء،فإذا استوفاه وجب اخراج خمسه حالا،و اما تحديد مالية الدين و تقديره بما يمكن بذل المال بازائه،ثم تخميس ذلك المقدار فهو يتوقف على الاستئذان من ولي الخمس، فان رأى فيه مصلحة و أذن كفى،و الاّ لم يكف لأنه مأمور باخراج الخمس من نفس ما تعلق به،و الفرض أنه غير ممكن و لا ولاية له على أن يقدر ماليته بمقدار
خاص و يحدده به و يدفع خمسه من مال آخر عوضا عنه.
المسألة الثالثة عشرة:يجوز الاشتراك مع من لا يلتزم بالخمس في رأس المال فانه حينئذ و إن كان مختلطا من المال المخمس و غيره،الاّ انه لا مانع من تصرفه فيه إذا كان ممن شملته اخبار التحليل،نعم لا يجوز تصرف شريكه فيه اذا كان تاركا للخمس عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي كما انه يكفى أن يخرج خمس حصته من الفائدة و إن كان ذلك قبل تقسيمها شريطة ان يكون باذن ولي الخمس،فاذا صنع ذلك كانت حصته مخمسة،و له حينئذ افرازها بالتقسيم.
إذا اشترى أعيانا في الذمة لغير المؤونة كالبستان أو الدار أو الأرض أو السيارة أو نحوها،فان كانت عنده فائدة من تجارته أو مهنته أو غيرها في وقت الشراء و أدى ثمنها منها وجب خمس نفس هذه الاعيان في نهاية السنة لأنها اصبحت بالمداولة و المبادلة في أثنائها من فوائدها،و إن لم تكن فائدة عنده في ذلك الوقت و انما تحققت في وقت متأخر عنه،ففي مثل ذلك لا يجوز أن يؤدى ثمنها من تلك الفائدة المتأخرة الا بعد اخراج خمسها باعتبار ان تلك الاعيان ليست من المؤونة لكي يكون أداء ثمنها منها يعتبر مئونة و لا شراؤها في سنة الفائدة حتى تصبح فائدة هذه السنة إذا أدى ثمنها من أرباحها،و لا يمكن أن تصبح فائدة من حين شرائها إذا أدى ثمنها من أرباح السنة الثانية عوضا عنها و إلاّ لزم أن يكون مبدأ سنة هذه الأرباح متقدما على ظهورها و تحققها في الخارج و هو خلف،و أما صيرورتها من أرباح السنة الثانية بقاء فهي منوطة بوجود دليل يدل على جواز أداء ثمنها من فائدة هذه السنة لكي يكون مرده ثبوتا إلى انتقال خمسها إليها و أنها تقوم مقام فائدتها و يجب عليه اخراج الخمس منها في نهايتها،و الفرض
عدم وجود دليل كذلك،لأن المستفاد من روايات استثناء المؤونة من الفوائد و الأرباح هو جواز تصرف المالك في تلك الفوائد و الأرباح طول فترة السنة في إطار أمرين..
أحدهما:في اطار المؤونة و متطلبات حاجاته حسب شئونه و مكانته.
و الآخر:في اطار الاتجار و المداولة بها بالبيع و الشراء و نحوهما شريطة أن لا يعلم بأنها تكون زائدة على المؤونة،و الاّ فعليه اما أن يخرج خمسها أولا، ثم الاتجار بها،أو يستأذن فيه من ولي الخمس،و أما في غير اطار هذين الأمرين فلا يجوز له التصرف فيها،فلو تصرف و أدى إلى تلفها ضمن خمسها،و ما نحن فيه ليس داخلا في الإطار الأول و لا الثاني،اما الأول فلأن أداء الدين السابق إذا كان لغير المؤونة و كان ما بازائه موجودا ليس من مئونة العام اللاحق،و عليه فلا يكون أداء ثمن تلك الأعيان الثابت في الذمة في العام السابق من فائدة العام الثاني من مئونة ذلك العام،و اما الثاني فلأن أداء ثمنها الذي هو دين في الذمة من أرباح السنة الثانية ليس اتجارا بها فيها،بل هو مصداق لأداء الدين السابق بالربح اللاحق،و من هنا يظهر ان ما قيل من ان المالك إذا أدى ثمنها من فائدة السنة الثانية وجب خمس نفس تلك الأعيان في نهاية هذه السنة لأنها اصبحت حينئذ فائدة لها و متعلقة للخمس،فان أدى تمامه،وجب خمس تمامها،و إن أدى نصفه وجب خمس نصفها و هكذا لا أساس له و لا يرجع إلى معنى صحيح لما مر من ان انتقال الخمس مما يؤديه بعنوان ثمن الاعيان إلى نفسها بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه.
فالنتيجة ان من اشترى عينا في الذمة لغير المؤونة و جاء رأس سنته لم يجب عليه خمسها لعدم صدق الفائدة عليها،و إذا أدى ثمنها في السنة الثانية وجب خمس الثمن لأنه من أرباح هذه السنة دون العين،هذا كله فيما إذا كانت
العين موجودة،و أما إذا تلفت بسبب أو آخر فلا خمس فيما يؤديه وفاء لثمنها الثابت في الذمة،لأن أداء الدين من المؤونة و إن كان لغيرها شريطة أن لا يكون له ما بازاء في الخارج.
إذا اشترى اعيانا لغير المؤونة كبستان أو نحوه، أو وصلت إليه هبة أو جائزة و كان عليه دين للمئونة كشراء دار أو نحوها يساويها في القيمة،فهل يجب عليه اخراج خمس تلك الاعيان في نهاية السنة أو لا؟فيه قولان،الأظهر الوجوب،اما إذا كان شراؤها بربح متأخر عن الدين فالحكم واضح،لأن الدين المتقدم لا يستثنى من الربح المتأخر في نهاية السنة.
نعم يجوز أداؤه منه في أثناء السنة،و أما إذا كان شراؤها بربح متقدم أو مقارن للدين ففي مثل ذلك و إن ذهب جماعة إلى الاستثناء الا أنه لا يبعد عدم الاستثناء،و قد تقدم وجهه في المسألة(71)موسعا.
ان من كان يملك المواشي و الانعام بالشراء في اثناء السنة أو الهبة فله حالات..
الأولى:ان مكانته الاجتماعية و شئونه تتطلب أن يكون مالكا لعدد منها لإشباع حاجاته اللائقة بحاله.
الثانية:ان يجمع المواشي و الانعام بغاية الانتفاع بها و لو في المستقبل من دون ان تتطلب مكانته وجودها لديه.
الثالثة:أن يقوم بالاتجار بها بالبيع و الشراء و التصدير و الاستيراد و نحوها.
اما في الحالة الأولى فلا خمس فيها لأنها من مئونته و متطلبات حاجاته، بلا فرق بين ان تكون منها مباشرة أو بالواسطة،نعم إذا كانت الأزيد وجب خمس الزائد.
و اما في الحالة الثانية فيجب عليه اخراج خمس الجميع في نهاية السنة.
و اما في الحالة الثالثة فان كانت مكانته تتطلب أن يكون لديه عدد من المواشي و الانعام و يقوم بالعمل فيه كتاجر على أساس أن قيامه بالعمل فيه كعامل نقصا و مهانة له،كان هذا المقدار مستثنى من الخمس كما مر تفصيله،و الاّ وجب الخمس في الكل بدون استثناء.
إذا دفع المالك خمسه إلى المستحق ثم بان أن ما دفعه اليه أكثر ممّا وجب عليه من الخمس،جاز له الرجوع اليه مع بقاء عينه، و كذلك مع تلفه عنده اذا كان عالما بالحال،و اما مع الجهل فلا ضمان عليه لأن تصرفه فيه حينئذ مستند إلى تسليط المالك عليه،و اما احتسابه خمسا للسنة الآتية إذا وجب عليه فهو يتوقف على ولاية المالك،و لا ولاية له عليه،نعم يصح هذا الاحتساب إذا كان باذن ولي الخمس.
هل تعتبر نية القربة في دفع الخمس إلى أهله؟فيه وجهان:المعروف و المشهور بين الأصحاب هو الأول،و لكن اثباته بالدليل مشكل جدا،و قد تقدم تفصيل ذلك في باب الزكاة،و من هنا إذا سلم الخمس إلى الفقير غافلا عن نية القربة أو جاهلا بها أو إلى الحاكم الشرعي فالظاهر الاجزاء و احتساب ما قبضه الفقير أو الحاكم الشرعي خمسا،بل لا يبعد الاجزاء و إن كان تاركا لها عامدا و ملتفتا،و لكن مع ذلك فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن لا يترك نية القربة.
اذا دفع المالك الخمس في أثناء السنة من أرباحها التي حصل عليها تدريجا،فاذا تمت السنة فعليه أن يضم ما دفعه خمسا إلى الأرباح الباقية عنده إن كانت،و يحسب خمس المجموع،و يستثنى منه ما
دفعه في الاثناء و يدفع الباقي.
مثال ذلك:اذا دفع خمسا من فائدة أثناء السنة ألف دينار ثم بعد نهاية السنة يحسب ان الباقي من الفائدة عنده تسعة آلاف دينار،ففي مثل هذه الحالة تكون وظيفته أن يضم ما دفعه خمسا في أثناء السنة و هو الألف إلى الباقية بعد انتهائها عنده و هي تسعة آلاف دينار،فيصير المجموع عشرة آلاف دينار و يكون خمسها ألفين و قد أدى الألف منهما و بقي ألف آخر،و لا يجوز له أن يحسب خمس تسعة آلاف فقط و هو الألف و ثمانمائة دينار و يستثنى منه ما دفعه و يعطى الباقي،و ذلك لأن ما دفعه خمسا من الفائدة في أثناء السنة متعلق للخمس أيضا باعتبار انه فائدة لم تصرف في المؤونة.
إذا نذر أو عاهد على أن يصرف ثلث فوائده السنوية في وجوه البر وجب عليه الوفاء به،فان صرف في تلك الجهة قبل نهاية السنة فلا يبقى موضوع للخمس و ان لم يصرف فيها إلى أن انتهت السنة وجب عليه خمسه على أساس ان النذر أو العهد لا يوجب خروج المال المنذور أو المعهود عن ملك مالكه.
نذكر فيما يلي عددا من المقارنات بين أنواع الخمس،و مفارقاتها في أهم آثارها.
1-تتعلق كل أنواع الخمس بالأعيان على نحو الاشاعة،لا على نحو الكلي في المعين.
2-تشترك كل أنواع الخمس في المصارف حتى المال المختلط بالحرام.
3-تشترك كل الانواع في النية و لا يتعين بدونها.
4-تشترك كل الانواع في اعتبار البلوغ حتى خمس المال المختلط بالحرام.
5-تشترك كل الانواع في عدم اعتبار العقل و الحرية على الأظهر.
6-تشترك كل الانواع في عدم اجزاء اعطاء مال آخر عوضا عنه الا إذا كان باذن الحاكم الشرعي.
7-تشترك كل الانواع في استثناء مئونة الصرف عنها في سبيل الحصول على تلك الانواع ما عدا المال المختلط بالحرام فانه خارج عن هذا الحكم موضوعا.
1-يفترق كل نوع عن نوع آخر في الفصل المقوم للمتعلق ما عدا خمس
الغنيمة و الفائدة،فان متعلقه بمثابة الجنس للكل.
نعم ان المال المختلط بالحرام ليس من قبيل الأول و لا الثاني.
2-يفترق خمس المعدن و الكنز عن سائر أنواع الخمس في اعتبار النصاب فيهما و عدم اعتباره في غيرهما.
3-يفترق خمس فوائد المكاسب عن خمس سائر الانواع في أمرين..
أحدهما:اعتبار الحول.
و الآخر:استثناء مئونة الانسان عنها طول فترة السنة حسب مكانته و شئونه.
قد تم بعونه تعالى و فضله كتاب الخمس و الحمد للّه ربّ العالمين