آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۲
جلد
2
منهاج الصالحین – جلد ۲
جلد
2
عنوان کتاب : منهاج الصالحین العبادات – المعاملات (للفیاض)
نام ناشر : مکتب سماحة آية الله العظمی الحاج الشيخ محمد اسحاق الفياض
جلد : 2
تعداد صفحات دانلود شده: 480
و فيه مقاصد:
الزكاة أحد الأركان التي بني عليها الإسلام،و وجوبها من ضروريات الدين و منكرها مع العلم بها كافر؛ لاستلزامه تكذيب الرسالة بل في جملة من الإخبار أن مانع الزكاة كافر.
فلا تجب الزكاة في مال الصبي،فإذا كان الشخص يانعا وقت التعلق أو طيلة السنة تعلقت الزكاة بما له و إلا فلا.
فلا زكاة في مال المجنون،و نقصد بذلك أن وجوب الزكاة مشروط بأن يكون المالك عاقلا في وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول كالغلات الأربع،و طيلة السنة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام الثلاثة،فلو كان مجنونا في وقت التعلق أو لم يكن عاقلا طيلة السنة فلا زكاة في ماله،و إن أصبح عاقلا بعد التعلق أو بعد السنة كما أنه لو كان عاقلا وقت التعلق أو طول السنة،تعلقت الزكاة بماله البالغ حد النصاب و إن جن بعد ذلك،فالمعيار في وجوب الزكاة إنما هو بوجود العقل طيلة السنة فيما يعتبر فيه الحول و وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول.
فلا زكاة في مال العبد،و أما المبعض منه فلا يبعد وجوب الزكاة في ماله إذا بلغ النصاب،و ان لم يبلغ نصيب حريته ذلك.
بأن يكون المالك متمكنا من التصرف في النصاب متى شاء و أراد عقلا و شرعا،و يكون تحت يده و سلطانه،و أما إذا لم يكن كذلك فلا زكاة فيه،و ذلك كالدين و الوديعة و المال المدفون في مكان منسي و المال الغائب و غير ذلك؛إذ ليس بامكان المالك التصرف في تلك الأموال متى شاء و أراد و إن كان بإمكانه تحصيل القدرة و التمكن من التصرف فيها إلا أنه غير واجب.
و نقصد به الملك في وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول كالغلات الأربع،و في طول السنة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام الثلاثة.
فلذلك لا تجب الزكاة في نماء الوقف،إذا كان مجعولا على نحو المصرف لمكان عدم الملك و تجب إذا كان مجعولا على نحو الملك،من دون فرق بين أن يكون الوقف عاما أو خاصا فاذا جعل بستانه وقفا على أن يصرف نماءها على
ذريته،أو على علماء البلد لم تجب الزكاة فيه،و إذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للاشخاص-كالوقف على الذرية مثلا-و كانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد منهم،و إذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للعنوان-كالوقف على الفقراء أو العلماء-لم تجب الزكاة و إن بلغت حصة من يصل إليه النماء مقدار النصاب.
اعتبر في وجوب الزكاة على كل واحد منهم بلوغ حصته وحده النصاب،و لا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع حد النصاب.
لما مر من أن المراد منه كون المال تحت يد المالك و سلطانه فعلا بنحو له أن يتصرف فيه متى شاء و أراد،و على هذا فلا مانع من تعلق الزكاة به إذا كانت سائر شروطها متوفرة فيه.
أو بعد مضى الحول فقد استقر الوجوب،فيجب عليه الأداء،إذا تمكن منه بعد ذلك،فإن تسامح و تماهل كان مقصرا و ضامنا و إلا فلا.
فلو اقترض نصابا من الأعيان الزكوية،و بقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة،و إن كان قد اشترط المقترض في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه.نعم، إذ أدّى المقرض عنه صح،و سقطت الزكاة عن المقترض و يصح مع عدم الشرط أن
يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي.
إذا اتجر به لهما.
لم تجب الزكاة، سواء علم تاريخ التعلق و جهل تاريخ البلوغ أم علم تاريخ البلوغ و جهل تاريخ التعلق أم جهل التاريخان معا،و كذا الحكم في المجنون إذا كان جنونه سابقا و طرأ العقل،أما إذا كان عقله سابقا و طرأ الجنون وجبت الزكاة،فيما إذا كان تاريخ التعلق معلوما و تاريخ الجنون مجهولا،و أما إذا كان العكس أو كان تاريخ كليهما مجهولا فلا تجب الزكاة.
و الجواب:إن كان تعلقها قبل حصول الاستطاعة وجب و لم يجب الحج، و إن كان بعده وجب الحج،و يجب عليه-حينئذ-حفظ الاستطاعة مهما أمكن، و لو بتبديل المال بغيره،و إن لم يحفظ الاستطاعة و مضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضا،و عندئذ فإن كان متسامحا و مقصرا في ذلك استقر وجوب الحج عليه و إلاّ فلا.
تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة:الإبل و البقر و الغنم،و الغلات الأربع:
الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب،و في النقدين:الذهب و الفضة،و لا تجب فيما عدا
ذلك.نعم،تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم، و الأرز و الدخن و الحمص و العدس و الماش و الذرة و غيرها كما أنها تستحب في أموال التجارة و في الخيل الإناث دون الذكور و دون البغال و الحمير و لا تستحب في الخضروات مثل البقل و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها و لا في الأملاك و العقارات التي يراد منها الانتفاع كالبستان و الخان و الدكان و غيرها.و الكلام في التسعة الاول يقع في مباحث:
الأول:خمس إبل،و فيها شاة.
الثاني:العشر و فيها شاتان.
الثالث:خمس عشرة و فيها ثلاث شياة.
الرابع:العشرون و فيها أربع شياة.
الخامس:خمس و عشرون و فيها خمس شياه.
السادس:ست و عشرون فيها بنت مخاض،و هي الداخلة في السنة الثانية.
السابع:ست و ثلاثون و فيها بنت لبون،و هي الداخلة في السنة الثالثة.
الثامن:ست و أربعون و فيها حقة،و هي الداخلة في السنة الرابعة.
التاسع:إحدى و ستون و فيها جذعة،و هي الداخلة في السنة الخامسة.
العاشر:ست و سبعون و فيها بنتا لبون.
الحادي عشر:إحدى و تسعون و فيها حقتان.
الثاني عشر:مائة و إحدى و عشرون و فيها في كل خمسين حقة،و في كل اربعين بنت لبون،فإن كان العدد مطابقا للأربعين بحيث إذا حسب بالأربعين لم تكن زيادة و لا نقيصة على الأربعين كالمائة و الستين،و إذا كان مطابقا للخمسين،بالمعنى المتقدم،عمل على خمسين،كالمائة و الخمسين،و إن كان مطابقا لكل منهما-كالمائتين-تخير المالك بين العد بالأربعين و الخمسين و إن لم يكن مطابقا لكل من النصابين كالمائتين و الستين و لكن كان مطابقا لهما بنحو التوزيع عمل بهما كذلك فيحسب خمسين و أربع أربعينات،و على هذا لا عفو إلا فيما دون العشرة،و قد تسأل:أن النصابين إذا لم يكن شيئا منهما عادا للجميع و لا كليهما معا،و لكن كان أحدهما أكثر عادا و استيعابا من الآخر فهل يجب الأخذ به و إلغاء الآخر أو لا؟ و الجواب:نعم،يجب الأخذ به.
و إذا لم يكن عنده ابن لبون أيضا تخير في شراء أيهما شاء.
الأول:ثلاثون و فيها تبيع،و لا تجزي التبيعة على الأظهر و هو ما دخل في السنة الثانية.
الثاني:أربعون و فيها مسنة و هي التي دخلت في السنة الثالثة،و فيما زاد على هذا الحساب يتعين العد بالنصاب الذي يطابق العدد و لا عفو فيه فإن كان العدد الستين عد بالثلاثين،و إن كان الثمانين عد بالأربعين،و إن كان السبعين عد بهما معا،و ان كان المائة و العشرين تخير من العد بالثلاثين و العد بالأربعين،و إذا كان أحدهما أكثر عادا و استيعابا من الآخر تعين الأخذ به دون الآخر،ثم،ان كل عدد لا يكون أحد النصابين أو كلاهما عادا له فهو عفو،و كذا ما دون الثلاثين.
الأول:الأربعون،و فيها شاة.
الثاني:مائة و إحدى و عشرون،و فيها شاتان.
الثالث:مائتان و واحدة،و فيها ثلاث شياه.
الرابع:ثلاثمائة و واحدة،و فيها أربع شياه.
الخامس:أربعمائة،ففي كل مائة شاة بالغا ما بلغ،و لا شيء فيما نقص عن النصاب الأول و لا فيما بين كل نصابين.
و لا فرق في الإبل بين العراب و البخاتي،و لا في الغنم بين المعز و الضأن،و لا بين الذكر و الأنثى في الجميع.
وجبت الزكاة على كل واحد منهم،و إذا بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت على من بلغ نصيبه دون شريكه،و إذا لم يبلغ نصيب أي واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة و إن بلغ المجموع النصاب.
فإن كان
المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة،يلاحظ كل واحد على حده.
و إن كانت من المعز اعتبر فيه أن تكمل لها سنتان و تدخل في الثالثة،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع،و المعيار إنما هو بصدق الشاة أو المعز.و قد تسأل:هل يجوز للمالك أن يدفع زكاة ماله من غير النصاب و غير النقود أو لا؟ و الجواب:الأقرب عدم الجواز إلا بإذن من الحاكم الشرعي.
كما أن المدار في دفع القيمة إنما هو بدفع قيمة العين الزكوية في البلد الذي هي موجودة فيه و إن كان الدفع في بلد آخر.نعم،إذا نقل المالك العين الزكوية من بلده إلى بلد آخر،و كان مأذونا فيه وجب عليه أن يدفع قيمتها في ذلك البلد،سواء كانت أقل من قيمة بلد النصاب أو أكثر أو المساوي.
-كأربعين شاة مثلا-فحال عليه أحوال،فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت؛لعدم نقصانه -حينئذ-عن النصاب،و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلا لم تجب إلا زكاة سنة واحدة لنقصانه-حينئذ-عن النصاب،و لو كان عنده أزيد من النصاب-كأن كان عنده خمسون شاة-و حال عليه أحوال لم يؤدّ زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين إلى أن ينقص عن النصاب.
و إذا كان كل النصاب من الضأن فهل يجزئ دفع المعز عن الضأن و بالعكس،و كذلك الحال
في البقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتي أو لا؟ و الجواب:أن الإجزاء في كل ذلك لا يخلو عن إشكال بل لا يبعد عدمه، و إذا أراد المالك أن يصنع ذلك فعليه أن يستأذن من الحاكم الشرعي.
نعم،إذا كانت كلها صحيحة لا يجوز دفع المريض، و كذا إذا كانت كلها سليمة لا يجوز دفع المعيب،و إذا كانت كلها شابة لا يجوز دفع الهرم،و أما إذا كان بعض النصاب مريضا و بعضه سالما أو بعضه صحيحا و البعض الآخر معيبا و هكذا،فلا يبعد كفاية دفع المعيب عن الجميع أو المريض أو الهرم و لا ضرورة للتقسيط.
صدق السوم على الأنعام الثلاثة مرتبط بكونها مرسلة في الراعي لترعى من الحشيش و الكلأ و نحوهما من الثروات الطبيعة،من دون أن يبذل صاحبها الجهد و العمل في خلق الفرص و تهيئة العلف لها،فإذا كانت كذلك فهي سائمة و فيها زكاة،و أما إذا قام صاحبها بتهيئة العلف لها فأعلفها و أطعمها منه فهي معلوفة،و لا فرق في تهيئة العلف بين أن يقوم صاحبها بإحياء المرعى لها و ازدهاره بالأشجار و الحشيش و الدغل و الكلأ و نحوها،بقصد أن يعلفها و يطعمها منه و بين أن يجمع العلف بقطع الحشيش و الكلأ و نحوهما؛إذ على كلا التقديرين يصدق أنه أعلفها و أطعمها فإذا صدق ذلك صدق أنها معلوفة،و قد تسأل:أن من اشترى المرعى أو استأجره من أجل أن يرعى مواشيه فإذا رعاها فيه فهل هي سائمة أو أنها معلوفة؟
و الجواب:لا يبعد كونها سائمة،كما إذا رعاها في الحشيش و الدغل و الكلأ التي تنبت في الأرض المملوكة في أيام الربيع أو في وقت نضوب الماء فإنها سائمة متعلقة للزكاة،حيث لا يكفي في الخروج عن السوم مجرد كون العلف مملوكا ما لم تكن هناك ملابسات أخرى كبذل الجهد و إنفاق العمل في سبيل ذلك.
و قد تسأل هل يقدح في صدق كونها سائمة في تمام الحول علفها يوما أو يومين أو لا؟ و الجواب:أن هذا المقدار لا يقدح في مجموع فترة الحول.
كما إذا كان بإمكانه أن يعلف أغنامه مثلا و يطعمها و لكنه ترك ذلك و أرسلها إلى مرعاها طيلة السنة أو يكون بغير اختياره،كما إذا كان هناك عائق عن أن يطعمها أو ظالم منع عن ذلك طوال فترة الحول أو غاصب غصب العلف و اضطر المالك إلى إرسالها الى مرعاها، فالمعيار في وجوب الزكاة في الأنعام إنما هو بصدق السوم عليها.
و لو في بعض الحول،و إلا لم تجب الزكاة فيها.و لا يقدح العمل بها يوما أو يومين أو ثلاثة في تمام السنة،فإن المعيار إنما هو بصدق أنها ساكنة و فارغة و لا تكون عوامل عرفا،و من الواضح أن عمل يوم أو يومين لا يضر بصدق ذلك.
و يتم الحول بدخول الشهر الثاني عشر،و بذلك يستقر الوجوب و لا يضر فقد بعض الشروط قبل تمامه.نعم،لا يبدأ الحول الثاني إلا بعد إتمام الشهر الثاني عشر.
كما إذا نقصت عن النصاب أو عجز من التصرف فيها أو قام بتبديلها بجنسها،أو يغير جنسها و لو كان زكويا،و لا فرق بين أن يكون التبديل بقصد الفرار من الزكاة و عدمه.
فإما ان يكون الجديد بمقدار العفو كما إذا كان عنده اربعون من الغنم،و في أثناء الحول ولدت اربعين فلا شيء عليه،إلا ما وجب في الأول،و هو شاة في الفرض،و إما أن يكون نصابا مستقلا،كما إذا كان عنده خمس من الإبل، فولدت في أثناء الحول خمسا أخرى،كان لكل منهما حول بانفراده،و وجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله،و إذا كان نصابا مستقلا و مكملا للنصاب اللاحق كما إذا كان عنده عشرون من الإبل و في أثناء حولها ولدت ستة، فالأقرب إلغاء ما مضى من الحول على النصاب الأول و البدء للمجموع الذي هو نصاب جديد من حين تحقق ملك الزائد،ففي المثال إذا كان الإنسان يملك عشرين إبلا لمدة ستة أشهر من بداية أو محرم مثلا،ثم زادت إبله و أصبحت على رأس ستة أشهر أخرى ستا و عشرين كأول رجب،كان مبدأ الحول من بداية شهر رجب لا من بداية محرم سابق و لا من المحرم الثاني،و بكلمة:أن العدد الزائد إذا
كان نصابا مستقلا و مكملا للنصاب الأول،فالأقرب إلغاء النصاب الأول و الأخذ بالنصاب الجديد و هو النصاب اللاحق،و اعتبار مبدأ الحول من حينه على أساس أن النصاب الأول إنما ظل موضوعا للحكم،شريطة أن لا يندك في النصاب اللاحق و لا يصبح جزءا له،و إلا يعتبر ملغيا و ساقطا،و مع هذا فرعاية الاحتياط بجعل كل منهما نصابا مستقلا في محله،و من هنا يظهر أن العدد الزائد في الأثناء اذا لم يكن نصابا مستقلا و كان مكملا للنصاب اللاحق فقط-كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر،و في أثناء الحول ولدت إحدى عشرة -أن الأمر فيه أيضا كذلك،يعني:يعتبر النصاب الأول ملغيا و باطلا،و يؤخذ بالنصاب الجديد كنصاب مستقل و يبدأ بسنته من حينه،و مع هذا فرعاية الاحتياط بالجمع بينه و بين الأخذ بالنصاب الأول أولى و أجدر.
لما عرفت من أنه لا فرق في الملك الجديد في أثناء النصاب بين أن يكون بالنتاج أو الإرث أو الملك،و إذا كانت امهاتها معلوفة فإن كان عدد السخال بلغ حد النصاب مستقلا ترتب عليه حكمه،و إلا فلا شيء فيه على الأحوط إن لم يكن أقوى.
الأول:النصاب و هو في الذهب عشرون دينارا،و فيه نصف دينار على الأحوط وجوبا،و الدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي،و لا زكاة فيما دون
العشرين و لا فيما زاد عليها حتى يبلغ أربعة دنانير،و هي مساوية ثلاثة مثاقيل صيرفية،و فيها أيضا ربع عشرها أي:من أربعين واحد و هكذا كلما زاد أربعة دنانير وجب ربع عشرها،أما الفضة فنصابها مائتا درهم و فيها خمسة دراهم،ثم أربعون درهما و فيها درهم واحد،و هكذا كلما زاد أربعون كان فيها درهم،و ما دون المائتين عفو،و كذا ما بين المائتين و الأربعين،و وزن عشرة دراهم خمسة مثاقيل صيرفية و ربع،فالدرهم نصف مثقال صيرفي و ربع عشره،و الضابط في زكاة النقدين من الذهب و الفضة:ربع العشر.
الثاني:أن يكون الدرهم و الدينار مسكوكين بسكة المعاملة،سواء كانت بسكة الإسلام أم بسكة الكفر كانت بكتابة أم بغيرها من النقوش،و أما إذا مسحت السكة فهل تجب الزكاة فيها إذا عومل بها أو لا؟
و الجواب:أن المسح إن كان يضر بصدق الدينار و الدرهم على الممسوح لم تجب الزكاة،و إلا وجبت،و لا فرق في ذلك بين الممسوح بالعارض و الممسوح بالأصل،فإن المعيار في وجوب الزكاة إنما هو بصدق الدينار و الدرهم الرائج في المعاملات،و أما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت،فإن كان الهجر و الخروج عن المعاملة يؤدي إلى خروجه عن مسمى الدينار و الدرهم لم تجب الزكاة فيه،و إن كان الهجر بسبب آخر-كاتخاذهما زينة للبيت و جمعهما من أجل ذلك لا من أجل أن يتعامل بهما-لم يمنع ذلك عن وجوب الزكاة فيهما؛لأن المعيار في وجوبها إنما هو بالتعامل بنوع الدرهم و الدينار،و إن كان بعض أفراده مهجورا لسبب أو آخر،و لا تجب الزكاة في الحلي و إن كان من الدرهم و الدينار.
الثالث:الحول،و يعتبر في وجوب الزكاة فيهما دخول الشهر الثاني عشر، فإذا دخل تم الحول و وجبت الزكاة فيهما،و لا بد أن تكون جميع الشروط العامة
متوفرة طيلة مدة الحول،فلو فقد بعضها في الأثناء بطل الحول،و إن تجدد استأنفه مرة ثانية من جديد.
و لا يجوز الإعطاء من الرديء إذا كان تمام النصاب من الجيد.
و إن لم يبلغ خالصهما النصاب،و إذا كان الغش كثيرا بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش،ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصة النصاب إشكال و الأظهر عدمه.
فالظاهر عدم وجوب الزكاة،و في وجوب الاختبار إشكال أظهره العدم.
اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها،و لا يضم بعضها إلى بعض،فإذا كان عنده تسعة عشر دينارا و مائة و تسعون درهما لم تجب الزكاة في شيء منهما،و إذا كان من جنس واحد-كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية و ليرة ذهب إنجليزية-وجب ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب،فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة فيه و قد تسأل:هل يجوز للمالك التصرف في نصاب الذهب و الفضة قبل أن يخرج الزكاة عنهما أو لا؟
و الجواب:يجوز شريطة توفر أمرين:
أحدهما:أن يكون بانيا على إخراج الزكاة منهما و عازما على ذلك.
ثانيهما:أن يبقى منهما بمقدار يفي بالزكاة.
الأول:بلوغ النصاب،و هو بوزن النجف-في زماننا هذا-ثمان و زنات و خمس حقق و نصف إلا ثمانية و خمسين مثقالا و ثلث مثقال،و الوزنة أربع و عشرون حقة،و الحقة ثلاث حقق إسلامبول و ثلث،و بوزن الإسلامبول سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالا صيرفيا،و الوزنة أربع و عشرون حقة،و الحقة مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا،و بوزن الكيلو يكون النصاب ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلوا تقريبا،و بالمن التبريزي الذي هو ألف مثقال صيرفي مائة و أربعة و ثمانون منا و ربع من و خمسة و عشرون مثقالا.
الثاني:الملك في وقت تعلق الوجوب،سواء أ كان بالزرع أم بالشراء أم بالإرث أم بغيرها من أسباب الملك.
و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل،و عند انعقاده حصرما في ثمر الكرم،لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب.
فإذا بلغ النصاب و هو عنب و لكنه إذا صار زبيبا نقص عنه لم تجب الزكاة، و كذلك الحال في غيره،و لكن الظاهر هو التفصيل بين العنب و سائر الغلات كالحنطة و الشعير و التمر،فإن زمان التعلق في العنب غير زمان اعتبار النصاب
فيه؛لأن زمان التعلق فيه زمان صدق العنبية عليه،و زمان اعتبار النصاب هو زمان صدق الزبيبة،و أما في الحنطة و الشعير و التمر فالظاهر أن زمان التعلق فيها هو زمان اعتبار النصاب،و على هذا فإذا كانت تلك الغلات حال التعلق بقدر النصاب و إذا يبست نقصت عنه لم يضر.
فإذا أخر الإخراج بغير عذر و عامدا و ملتفتا ضمن مع وجود المستحق،و يجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعي أن يطالب المالك بالزكاة من حين التعلق،فإذا طلب ذلك منه وجب على المالك القبول و القيام بإفراز حصة الزكاة و تعيينها و تسليمها إلى الساعي أو إلى الفقراء، كما يجوز للمالك ان يقوم بذلك بنفسه بعد تعلق الوجوب من دون الطلب من قبل الحاكم الشرعي؛إذ لا يجب عليه أن يحتفظ على الزكاة إلى وقت التصفية بل له تسليمها إلى الحاكم الشرعي أو إلى الفقراء،و ليس للحاكم الشرعي أو الفقراء الامتناع عن القبول.
فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين متعددة لم يجب فيها شيء،و هكذا غير الحنطة من الغلات الزكوية.
كالعيون و الأنهار التي لا يتوقف سقيها بها على مئونة زائدة،مثل سحب الماء بالآلات كالمكائن و نحوها أو بماء المطر النازل من السماء أو الماء الناضب في الأرض بامتصاص عروقها منه كما في بعض الأراضي و البلدان،و نصف العشر إذا سقيت بالمكائن و الدوالي أو غيرهما من
الوسائل و العلاجات الحديثة،و بكلمة:أن السقي لا يخلو إما أن يكون طبيعيا أو يكون بالآلات كالمكائن و نحوها،فعلى الأول لا فرق بين أن يكون السقي بالأمطار النازلة من السماء أو بالمياه النضبة في الأرض أو بالعيون و الأنهار،و لا فرق في العيون بين أن تكون عامرة طبيعية أو عامرة بشرية،و أما إذا كان السقي بكلا الطريقين بنحو الاشتراك،فتكون الزكاة النصف و النصف بمعنى:أن زكاة نصف الحاصل نصف العشر و زكاة نصفه الآخر العشر،و الضابط في الاشتراك هو:أنه لا يمكن الاستغناء عن أحدهما بالآخر في الوصول إلى النتيجة و هي الحاصل و إن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر كما أو كيفا.
-لا يجب على المالك إخراج زكاته.
و إخراج الزكاة من الباقي كاجرة الفلاح و الحارث و الساقي و العوامل التي يستأجرها للزرع و أجرة الأرض و نحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع أو الثمر،و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع.نعم المؤن التي تصرف على الزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة به فبإمكان المالك احتسابها على الزكاة و عدم تحملها،على أساس أن له الحق في تسليمها إلى أهلها كالفقراء أو الحاكم الشرعي؛إذ لا يجب عليه الحفاظ بها إلى زمان التصفية في الغلات و الاجتذاذ في الثمر و الاقتطاف في الزبيب،و عليه فيجوز له احتساب المئونة اللاحقة على الزكاة بالنسبة مع الإذن من الحاكم الشرعي و إلا فليس له ذلك.
و تفاوتت
في إدراك الأثمار زمانا و كانت الأثمار جميعا لعام واحد،وجب ضم بعضها مع بعضها الآخر،فإذا بلغ المجموع حد النصاب وجب إخراج الزكاة منه،فإن المعيار انما هو ببلوغ ثمرة سنة واحدة النصاب،سواء كانت في زمن واحد أم كانت في أزمنة متعددة،ما دام يصدق عليها أنها ثمرة في عام واحد و بلغت النصاب كاملا.و كذلك الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع و ان كان زمان الإدراك فيها متفاوتا بعد كون الجميع ثمرة عام واحد،فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة و إن لم يبلغه كل واحد منها،و أما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال و إن كان الضم أحوط وجوبا،بل هو الأقرب.
و ما بحكمهما من الأثمان كالأوراق النقدية.
أما لو مات قبله و انتقل إلى الوارث،فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه،و إن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر وجبت على من بلغ نصيبه دون الآخر،و إن لم يبلغ نصيب أي واحد منهم النصاب لم تجب على أي واحد منهم،و كذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة.
بأن كان بعضها جيد و بعضها الآخر أجود و الثالث رديء و الرابع أردأ،فالأظهر أن يخرج زكاة كل نوع من نفس ذلك النوع،على أساس أن تعلق الزكاة بالغلات الأربع يكون بنفس العين على نحو الإشاعة.
و في الغنم و النقدين متعلقة بالعين على وجه الكلي في المعين،و في الإبل و البقر متعلقة بالعين على نحو الشركة في المالية المتمثلة في مال خاص في كل مرتبة من مراتب نصابهما،و تظهر الثمرة بين هذه الوجوه،فعلى الأول لا يجوز تصرف المالك في النصاب قبل أن يخرج زكاته،و على الثاني و الثالث يجوز للمالك أن يتصرف فيه ما دام يبقى منه مقدار الزكاة عينا،كما في القسم الثاني،و ما لا كما في القسم الثالث.نعم،لا يجوز له التصرف في تمام النصاب،فإذا باعه لم يصح البيع في حصة الزكاة إلى أن يدفعها البائع بإذن من الحاكم الشرعي في القسم الثاني،على أساس أن غير الزكاة يصبح عوضا عن الزكاة يتوقف على الإذن.نعم،في القسم الثالث يصح بلا حاجة إلى الإذن باعتبار ان الزكاة متمثلة في مال خاص كشاة و شاتين مثلا،فإذا دفع المالك الشاة فقد دفع عين الزكاة لا عوضها أو يدفعها المشتري من نفس النصاب في القسم الثاني أو مع الإذن إذا كان من غيره فيصح أيضا،و يرجع بها على البائع و إن أجاز الحاكم البيع قبل دفع البائع أو المشتري صح البيع،و كان الثمن زكاة فيرجع الحاكم به إلى المشتري إن لم يدفعه إلى البائع، و إلا فله الرجوع إلى أيهما شاء.
فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه لم يضمن،و إن أخره مع العلم بوجود المستحق ضمن.نعم،يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر، مع عدم المستحق،بل مع وجوده على الأقوى،فيتعين المعزول زكاة و يكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط،أو التأخير مع وجود المستحق من دون غرض صحيح و أهم،و في ثبوت الضمان معه-كما إذا أخره لانتظار من يريد إعطاءه أو للإيصال إلى المستحق تدريجا في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة و كان ذلك
بنظره أهم-إشكال،و لا يبعد عدم الضمان،و نماء الزكاة تابع لها في المصرف،و لا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل.
لم يجب عليه شيء،حتى إذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع و إن كان الشاك هو المشتري،فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق،لم يجب عليه إخراجها،و إلا وجب عليه إخراجها؛لعلمه إجمالا إما ببطلان البيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة إذا كان تعلقها في ملك البائع،أو بوجوب إخراجها عليه إذا كان تعلقها في ملكه، فبالنتيجة هو يعلم تفصيلا أن تصرفه في مقدار الزكاة محرم.و قد تسأل:أن المشتري إذا دفع الزكاة فهل له أن يرجع إلى البائع و يطالب عوضها عنه أو لا؟
و الجواب:لا يحق له أن يرجع إليه؛لعدم العلم بضمانه لها،و لا فرق في ذلك بين أن يكون زمان كل من الشراء و التعلق مجهولا أو زمان الشراء معلوما و زمان التعلق مجهولا أو بالعكس.
شريطة أن تكون فيه مصلحة للفقراء،و إلا فلا مقتضى له،و أما عملية الخرص من قبل المالك فهي منوطة بقبول الحاكم الشرعي أو وكيله،و هو مرتبط بما إذا كانت في تلك العملية مصلحة للفقراء،و إلا فهو لا يخلو عن إشكال بل منع،و فائدته جواز الاعتماد عليه،بلا حاجة إلى الكيل و الوزن.
و في ثمر النخل من حين صدق اسم التمر،و في ثمر الكرم من حين صدق اسم العنب.
و إن انقضت منه إذا يبست،و في العنب يعتبر بلوغ النصاب فيه إذا صار زبيبا.
نعم،بعد تعلق الزكاة به يسوغ للمالك التقسيم و إفراز حصة الزكاة و تسليمها إلى أهلها،كما يحق له الامتناع من الصرف عليها إلى وقت التصفية و الاجتذاذ مجانا،و حينئذ فإن صرف بإذن من ولى الأمر كان له استثناء ما صرفه على الزكاة و تسليم الباقي إلى أهلها،و إلا فليس له ذلك.
غاية الأمر يجوز للمالك التأخر إلى وقت التصفية و الاجتذاذ.
و نقصد به السقي بآلة كالدوالي و النواضح و نحوهما من الوسائل الحديثة،و نصف العشر مرتبط بالسقي من دون علاج،و نقصد به وصول الماء إلى الزرع أو نحوه بطبعه،و لا يتوقف على استعمال آلة و وسيلة لإيصاله إليه.
1-ما يأخذه بعنوان المقاسمة.
2-ما يأخذه بعنوان الخراج و الضريبة.
3-ما يأخذه بعنوان الزكاة.
أما الأول:فهو مستثنى من النصاب فلا تجب زكاته على المالك كما مر.
و أما الثاني:فلا يكون مستثنى منه فحاله حال سائر المؤن.
و أما الثالث:فهو يحسب من الزكاة شريطة توفر أمرين فيه:
أحدهما:أن يكون ذلك قهرا و جبرا.
و ثانيهما:أن يكون من قبل ولاة الأمر،فإذا توفر الأمران أجزأ ذلك عن الزكاة.
فلا يجوز إعطاؤها من مال آخر غير النقدين و إن كان من جنسها، كإعطاء زكاة الحنطة من حنطة اخرى من نوعها.
و هم ثمانية:
و كلاهما من لا يملك مئونة سنته اللائقة بحاله له و لعياله،و الثاني أسوأ حالا
من الأول،و الغني بخلافهما،فإنّه من يملك قوت سنته فعلا نقدا أو جنسا.و يتحقق ذلك بأن يكون له مال يكفي ربحه بمئونته و مئونة عياله،أو قوة اكتساب أو يكون له حرفة أو صنعة إذا اشتغل بها كفى مئونته و مئونة عياله و استغنى بها،و إذا كان قادرا على الاكتساب و تحصيل المئونة و لكنه تركه تكاسلا فلا يكون فقيرا و لا يجوز له أخذ الزكاة.نعم،إذا لم يوجد له شغل و عمل يقوم به جاز له أخذ الزكاة ما دام كذلك.
جاز له أخذ الزكاة لاكمال مئونته،و كذا إذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمئونته،أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوهما تقوم قيمتها بمئونته،و لكن لا يكفيه الحاصل منها فإن له إبقاءها و إكمال المئونة من الزكاة.
و لو لكونه من أهل الشرف لا تمنع من أخذ الزكاة،و كذا ما يحتاج إليه من الثياب،و الألبسة الصيفية،و الشتوية الحضرية و السفرية و لو كانت للتجمل، شريطة أن تكون لائقة بحاله،و كذلك الكتب العلمية و أثاث البيت من الظروف و الفرش و الأواني،و سائر ما يحتاج إليه،و الضابط في استثناء هذه الاشياء كما و كيفا و عدم منعها عن أخذ الزكاة:أن لا تكون أزيد مما تتطلب مكانة الشخص اجتماعيا و عائليا و عزا و شرفا،و هي تختلف من فرد إلى آخر،و إلا لم يجز أخذ الزكاة إذا كان الزائد وافيا بالمئونة بالكامل،كما إذا كان عنده من المذكورات أكثر من مقدار الحاجة و كانت كافية في مئونته،لم يجز له الأخذ منها،بل إذا كان له دار تندفع حاجته شأنا بأقل منها قيمة،و كان التفاوت بينهما يكفيه لمئونته لم يجز له الأخذ من الزكاة،و كذا الحكم في الفرس و العبد،و الجارية و غيرها من أعيان
المئونة إذا كانت أكثر مما تتطلب مكانته و شأنه و كان بإمكانه التبديل بالأقل الذي لا يطلب شأنه أكثر من ذلك.
جاز له الأخذ، و كذا إذا كان قادرا على الصنعة،لكنه كان فاقدا لآلاتها،فبالنتيجة عاجز عن الاشتغال بها.
وجب عليه ذلك؛لأنه يقدر أن يكف نفسه عن الصدقة بتعلم الصنعة أو المهنة فإذا هو غني.نعم،ما دام مشتغلا بالتعلم لا مانع من أخذ الزكاة إذا لم يكن عنده ما يكفي لمئونته.
إذا كان طلب العلم واجبا عليه عينا،و إلا فإن كان قادرا على الاكتساب،و كان يليق بشأنه لم يجز له أخذ الزكاة،و أما إن لم يكن قادرا على الاكتساب لفقد رأس المال،أو غيره من المعدات للكسب،أو كان لا يليق بشأنه-كما هو الغالب في هذا الزمان-جاز له الأخذ،هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء،و أما من سهم سبيل اللّه تعالى فيجوز له الأخذ منه إذا كان يترتب على اشتغاله مصلحة محبوبة للّه تعالى و إن لم يكن المشتغل ناويا للقربة.نعم،إذا كان ناويا للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الأخذ.
و إن جهل حاله فهل يقبل قوله في هذه الحالة و يؤخذ به أو لا؟
و الجواب:أن فيه إشكالا،و لا يبعد عدم قبوله ما لم يكن ثقة في نفسه أو لم يحصل الوثوق من قوله،و أوضح من ذلك ما إذا علم أنه كان غنيا سابقا فإنه لا
يقبل قوله و إن قلنا بالقبول في الأول؛لمكان الاستصحاب هنا.نعم،لو كان ثقة أو حصل الوثوق و الاطمئنان من قوله قبل،و من هنا يظهر حال ما إذا علم أنه كان في زمن فقيرا و في آخر غنيا و اشتبه تقدم أحدهما على الآخر،فإن استصحاب بقاء كل من الفقر و الغناء ساقط بالمعارضة،سواء كان التاريخ الزمني لكليهما مجهولا أم كان لأحدهما معلوما دون الآخر،فعندئذ إن حصل الوثوق بالفقر من قوله فهو المطلوب،و إلا فلا أثر له،إلا إذا فرض أنه ثقة و لا يطمئن بكذبه.
جاز احتسابه من الزكاة حيا كان أم ميتا.نعم،يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه و إلا لم يجز،إلا إذا بلغت التركة على نحو لا يكون التالف مضمونا،و إذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب إشكال و إن كان الجواز أظهر،و كذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه،أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه.
بل يجوز الإعطاء على نحو يتخيل الفقير أنه هدية،و يجوز صرفها في مصلحة الفقير كما إذا قدّم إليه تمر الصدقة فأكله.
وجب عليه استرجاعه منه و صرفه في مصرفها إذا كانت العين الزكوية باقية عنده،و إن كانت تالفة،فإن كان الدفع إليه بعد الفحص و الاجتهاد و التأكد أو كان بأمر المجتهد أو المأذون من قبله فلا ضمان عليه،على أساس أنه لا موجب له،فإن الموجب هو التفريط و التقصير فيه،فإذا لم يكن فلا مبرر له،و بكلمة أنه إذا دفع الزكاة إلى غير موردها واقعا من دون أن يقوم بعملية الفحص و تحصيل الحجة فهو ضامن إذا تلفت لصدق التفريط
و التقصير فيه،و لا فرق في ذلك بين أن يكون الدفع إلى غير العارف أو إلى العارف غير المستحق،و أما إذا دفعها إليه بعد عملية الفحص و تحصيل الحجة ثم انكشف الخلاف فلا ضمان عليه إذا تلفت،كما أنه لا ضمان إذا دفعها الى المجتهد الجامع للشرائط أو المأذون من قبله و تلفت عنده قبل إيصالها إلى أصحابها،ثم إنه يجوز للدافع أن يرجع إلى القابض إذا كان القابض يعلم بأن ما قبضه زكاة و هي محرمة على الغني،و كذلك إذا كان شاكا في حرمتها عليه و يطالبه ببدلها من المثل أو القيمة في كلا الفرضين،و أما إذا كان جاهلا بها مركبا أو تخيل أن ما دفعه إليه هدية و ليس بزكاة فلا يحق للدافع أن يرجع إليه؛لأن الدافع حينئذ إن كان مقصرا في ذلك-بأن دفع الزكاة من دون فحص و تحقيق-فالضمان عليه،و عندئذ لو دفع القابض الزكاة فله أن يرجع إلى الدافع و يطالبه بالعوض عنها تطبيقا لقاعدة رجوع المغرور إلى الغار،و إن لم يكن الدافع مقصرا فيه فلا ضمان لا على القابض و لا على الدافع،و لا فرق في ذلك بين أن يكون الدافع هو المالك أو غيره، و كذلك الحكم إذا تبين كون المدفوع إليه ليس مصرفا للزكاة من غير جهة الغنى، مثل أن يكون ممن تجب نفقته،أو هاشميا إذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك.
و هم المنصوبون لأخذ الزكاة و ضبطها و حسابها و إيصالها إلى الإمام عليه السّلام أو نائبه العام أو إلى مستحقها.
و هم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية،فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم و يثبتوا على دينهم،أو الكفار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام،أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار.
و هم العبيد المكاتبون العاجزون عن أداء الكتابة
مطلقة أو مشروطة،فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم من المال،و العبيد الذين هم تحت الشدة،فيشترون و يعتقون،بل مطلق عتق العبد إذا لم يوجد المستحق للزكاة،بل مطلقا على الأظهر.
و هم الذين في ذمتهم ديون الناس و كانوا عاجزين عن أدائها في وقتها،سواء كانوا متمكنين من قوت سنتهم بالفعل أو بالقوة أم لم يكونوا متمكنين من ذلك،هذا شريطة أن لا تكون تلك الديون مصروفة في المعصية،و على ذلك فلو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة،بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمدين،فيكون له ثم يأخذه مقاصة وفاء عما عليه من الدين و إن لم يقبضها المديون و هو الغارم،و لا يوكله في قبضها و لا يجب إعلام الغارم بذلك،و اما إذا كان الدين لشخص آخر فهل يجوز لمن عليه الزكاة أن يؤدي دينه من الزكاة عنده ابتداء و من دون اطلاعه أو لا؟
و الجواب:أن المدين إن كان ميتا جاز له ذلك،و أما إذا كان حيا فلا يجوز إلا باذن الحاكم الشرعي،و أما كفاية ذلك من دون الإذن منه منوطة بتوفر أحد أمرين:
الأول:أن تكون لمن عليه الزكاة ولاية على المدين،و يقبض من الزكاة ولاية عنه ثم يفي بها دينه.
الثاني:أن تكون للدائن ولاية على المدين و يقبض الزكاة من قبله ولاية ثم يستملكه وفاء للدين،و لكن كلا الأمرين غير ثابت،فإذا الكفاية منوطة بالإذن من الحاكم الشرعي،و لو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له اعطاء منها لوفاء دينه،و إن لم يجز إعطاؤه لنفقته أو يفي دينه عنه ابتداء بإذن الحاكم الشرعي.
و هو جميع سبل الخير كبناء القناطر، و المدارس و المساجد،و إصلاح ذات البين،و رفع الفساد،و نحوها من الجهات العامة،بل الأظهر شموله لكل عمل قربي،سواء كان من الجهات العامة أم الخاصة كإرسال شخص إلى الحج إذا لم يتمكن منه بغير بغير الزكاة،أو بناء دار لعالم و هكذا.
الذي نفذت نفقته،بحيث لا يقدر على الذهاب الى بلده،فيدفع له ما يكفيه لذلك،بشرط أن لا يتمكن من الاستدانة،أو بيع ماله الذي هو في بلده،و إلا فهو متمكن من مواصلة سفره،و قد تسأل:أن من سافر سفر معصية و بعد الانتهاء منه أراد أن يرجع إلى بلدته،فإذا نفدت نفقته في هذه الحالة و لا يتمكن من الرجوع فهل يجوز إعطاؤه من الزكاة بمقدار الكفاية اللائقة بحاله أو لا؟
و الجواب:أنه لا يجوز على الأحوط،نعم إذا تاب و ندم فلا يبعد جوازه.
جاز له استرجاعها،و إن كانت تالفة استرجع البدل إذا كان الفقير عالما بالحال،و إلا لم يجز الاسترجاع.
فإن سها فأعطاها فقيرا آخر أجزأ،و لا يجوز استردادها،و إن كانت العين باقية،و إذا أعطاها غيره-متعمدا-فالظاهر الإجزاء أيضا،و لكن كان آثما بمخالفة نذره، و وجبت عليه الكفارة.
و هي امور:
فلا تعطى الكافر،و كذا المخالف من سهم الفقراء،و تعطى أطفال المؤمنين و مجانينهم،فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليهم،و إن كان بنحو الصرف مباشرة أو بتوسط أمين فلا يحتاج إلى قبول الولي إن كان لهم ولي.
و إن كان قد أعطاها المؤمن أجزأ.
و هو من يصرف الزكاة في المعاصي إذا أعطاه منها،فيكون الدفع إليه حينئذ إعانة على الإثم،كما أن الأحوط لزوما عدم إعطاء الزكاة لتارك الصلاة،أو شارب الخمر،أو المتجاهر بالفسق.
كالأبوين و إن علو،و الأولاد و إن سفلوا من الذكور أو الإناث و الزوجة الدائمة-إذا لم تسقط نفقتها-و المملوك،فلا يجوز إعطاؤهم منها للإنفاق،و يجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه،كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة أو مملوك، أو كان عليه دين يجب وفاؤه،أو عمل يجب أداؤه بإجارة و كان موقوفا على المال،و أما إعطاؤهم للتوسعة زائدا على النفقة اللازمة فالأحوط-إن لم يكن أقوى-عدم جوازه،إذا كان عنده ما يوسع به عليهم،هذا شريطة أن تكون
التوسعة لائقة بحاله،و إلا لم يجز إعطاء الزكاة من أجلها.
إذا لم يكن قادرا على الإنفاق،أو لم يكن باذلا،بل و كذا إذا كان باذلا مع المنة غير القابلة للتحمل عادة،و لا يجوز للزوجة أن تأخذ من الزكاة مع بذل الزوج للنفقة،بل مع إمكان إجباره إذا كان ممتنعا.هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء،و أما بالنسبة إلى سائر السهام فإن كان موردا لها، فيجوز صرفها فيه،كما إذا كان عنده عمل قربي لا يتمكن من إنجازه بغير الزكاة أو ابن سبيل.
سواء كان الدافع الزوج أم غيره،و كذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه،أما إذا كان بالنشوز ففيه إشكال،و الأظهر العدم؛لتمكنها من الخروج عن النشوز و معه كانت غنية.
و لو كان للإنفاق عليها.
من غير فرق بين القريب و الأجنبي.
إذا كان عاجزا عن الإنفاق عليه،و إن كان الأحوط-استحبابا- الترك.
إذا كانت الزكاة من غير هاشمي،و لا فرق بين سهم الفقراء و غيره من سائر
السهام حتى سهم العاملين و سبيل اللّه.نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة مثل المساجد و منازل الزوار و المدارس و الكتب و نحوها.
كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار،و قد حدد الاضطرار في الرواية بما يسوغ أكل الميتة،فإذا بلغ الاضطرار الهاشمي بهذه المرتبة جاز له الأخذ بالصدقة و إلا فلا.
و أما إذا كان منتسبا إليه بالزنا فيشكل إعطاؤه من زكاة غير الهاشمي،و كذا الخمس.
أما الصدقات المندوبة فليست محرمة،بل و كذا الصدقات الواجبة كالكفارات و رد المظالم و مجهول المالك و اللقطة و منذور الصدقة و الموصى به للفقراء.
و بالشياع الموجب للاطمئنان،و لا يكفي مجرد الدعوى،و في براءة ذمة المالك-إذا دفع الزكاة إليه حينئذ-إشكال،و الأظهر عدم البراءة على أساس أن دعواه الهاشمية لو كانت حجة لم يجز لغير الهاشمي دفع زكاته إليه،فعندئذ و إن لم يثبت كونه هاشميا إلا أنه لم يثبت كونه غير هاشمي أيضا،و حينئذ فإذا دفع زكاته إليه كان يشك في براءة ذمته فمقتضى الأصل عدم البراءة.
و لا على أفراد صنف واحد،و لا مراعاة أقل الجمع،فيجوز إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.
أو كان موجودا فيه و لكن نقلها إنما يكون لغرض صحيح و أهم،و قد تسأل:أن مئونة النقل في هذه الحالة هل هي على الناقل أو على الزكاة؟
و الجواب:لا يبعد أن تكون على الزكاة،على أساس أن النقل إنما هو لمصلحتها لا لمصلحة الناقل،و مع ذلك فالاحتياط لا يترك،و أما إذا تلفت في الطريق فهل عليه ضمان؟
و الجواب:الظاهر أنه لا ضمان عليه؛لأن الضمان إنما يدور مدار التقصير في النقل و التفريط،و الفرض أنه لا تقصير له فيه،حيث إنه كان لمصلحة أهم و هو جائز شرعا.نعم،إذا كان المستحق موجودا في البلد و لم يكن نقلها لغرض صحيح و أهم فعندئذ إذا تلفت في الطريق كان ضمانها على المالك الناقل،على أساس أنه لا يجوز له النقل في هذه الحالة،هذا نظير ما إذا كان المستحق موجودا في البلد و لكنه تسامح و أخر دفعها إليه يوما بعد آخر إلى أن تلفت،فإنه ضامن باعتبار أن التلف مستند إلى تقصيره،و على هذا فيجوز النقل إذا لم يكن المستحق
موجودا في البلد أو كان النقل لغرض صحيح و أهم،و أما إذا كان موجودا فيه و لم يكن النقل لغرض صحيح و أهم فلا يجوز شرعا،فلو نقلها و الحال هذه و تلفت فهو ضامن.نعم إذا كان النقل بأمر من الحاكم الشرعي فلا ضمان لو تلفت،كما أن اجرة النقل على الزكاة.
و كذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر، جاز احتسابه عليه من الزكاة إذا كان فقيرا،و لا إشكال في شيء من ذلك، شريطة أن يكون هذا الاحتساب بإذن الحاكم الشرعي.
برئت ذمة المالك و إن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه،أو دفعها الى غير المستحق.
نعم،يجوز أن يعطي الفقير قرضا قبل وقت الوجوب،فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحقاق،كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره،و يبقى ما في ذمة الفقير قرضا،و إذا أعطاه قرضا فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك،و كذلك النقص عليه إذا نقص.
فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك،و إن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن،و للحاكم الشرعي الرجوع على أيهما شاء،فإن رجع على المالك رجع هو على المتلف،و إذا رجع على المتلف لم يرجع هو على المالك.
و العبادة متقومة بالنية بتمام
عناصرها الثلاثة:
1-نية القربة،و نريد بها إضافة العمل إلى اللّه تعالى و لو ارتكازا بمعنى وجودها في أعماق النفس،فلو نوى المالك إخراج الزكاة و دفعها إلى أهلها من ماله بقصد القربة،أي:بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه كفى و إن غفل عن هذه النية حين الدفع و الإيصال إلى الأهل مباشرة أو بالواسطة ما دامت النية كامنة في أعماق نفسه،على نحو لو سأله سائل ما ذا تعمل؟لانتبه فورا إلى أنه يعطي زكاته إلى أهلها و إن كان ذلك بالوكالة،و قد تسأل:أن المالك إذا و كل غيره في دفع الزكاة عن ماله و إخراجها منه،فهل النية على المالك أو على الوكيل؟
و الجواب:أنها على المالك على أساس أنه المأمور و الموظف بالقيام بدفع الزكاة و إخراجها،غاية الأمر على نحو أعم من أن يكون قيامه بذلك بالمباشرة أو بالوكالة،فإذا تصدى المالك لذلك مباشرة كان أم وكالة،فعليه أن ينوي القربة، و إن غفل و ذهل بعد ذلك عن هذه النية،إلا أن هذا الذهول و الغفلة لا يضر ما دامت النية كامنة في أعماقه،و الوكيل بما أنه يقوم بالعمل من قبل الموكل فلا أثر لقصده التقرب به؛لأنه لا يكون مقربا له،بل إنه لو نوى الرياء به لم يضر بصحته إذا نوى المالك القربة.
2-نية الإخلاص،و نريد بها عدم قصد الرياء،فإن الرياء في العبادة محرم و مبطل لها.
3-قصد الاسم الخاص و العنوان المخصوص للواجب المميز له شرعا.
و هذه العناصر الثلاثة لا بد أن تكون مقارنة للعبادة من البداية إلى النهاية، و لا يجوز تأخيرها عن أول جزء من أجزائها و إلا لبطلت.نعم،لا مانع من
تقديمها عليها،و لا يضر ذهول المكلف و غفلته عنها حين العمل ما دامت النية كامنة في نفسه ارتكازا.
كما يجوز التوكيل في الإيصال إلى الفقير،فينوي المالك القربة حين الدفع إلى الوكيل أو حين أمره بإخراج الزكاة من النصاب و دفعها إلى أهلها،و يكفي بقاء هذه النية في نفس المالك ارتكازا و إن كان فعلا غافلا عنها و ذاهلا.
و تبرأ ذمة المالك بالدفع الى الوكيل و ان تلفت في يده.
و إن كان ذلك أولى و أفضل.نعم،إذا أفتى فقيه بوجوب دفع الزكاة إليه على أساس اجتهاده و نظره في المسألة،كان ذلك واجبا على مقلديه دون غيرهم كسائر فتاويه،و أما إذا حكم بذلك من باب الولاية لما يرى فيه من المصلحة فهو نافذ على الجميع،سواء أ كانوا من المقلدين له أم لا و إن كان ذلك الحكم منه مخالفا لاجتهاده في المسألة،حيث إن اجتهاده فيها عدم وجوب دفع الزكاة إليه.
و كذا الخمس و سائر الحقوق الواجبة،و إذا كان الوارث مستحقا جاز للوصي احتسابها عليه و إن كان واجب النفقة على الميت حال حياته.
سواء كان في النصاب الأول أم الثاني أم الثالث،في الفضة أم في الذهب،أم في غيرهما من الأنعام الثلاثة و الغلات الأربع.
سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير،بل هو الأحوط-استحبابا-في الفقيه الذي يأخذه بالولاية.
كما أن الأولى ترجيح الأقارب و تفضيلهم على غيرهم،و من لا يسأل على من يسأل،و صرف صدقة المواشي على أهل التجمل،و هذه مرجحات قد يزاحمها مرجحات أهم و أرجح.
نعم،إذا أراد الفقير بيعه منه بعد تقويمه فلا بأس و لا كراهة،كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري،من ميراث و غيره.
و يشترط في وجوبها البلوغ فلا تجب على الصبي،و الغناء فلا تجب على الفقير،و أما المجنون إذا كان غنيا فالأحوط لوليه أن يدفع زكاة فطرته من ماله، و أما العبد فعلى القول بأنه يملك فتجب عليه الفطرة على الأحوط،و إلا فلا شيء عليه،هذا في غير المكاتب،و أما فيه فالأظهر وجوب الفطرة عليه بلا فرق بين أن يكون مطلقا أو مشروطا،و في اشتراط الوجوب بعدم الإغماء
إشكال بل منع،و يعتبر في وجوب الفطرة أن يكون الشخص واجدا للشروط قبل انتهاء شهر رمضان،فإذا انتهى و دخل شهر شوال و لم يكن واجدا للشروط لم تجب الفطرة عليه و إن أصبح واجدا لها بعد خروج الشهر،و على هذا فإذا توفرت الشروط مقارنة للغروب،فإن كان ذلك قبل رؤية الهلال لشهر شوال وجبت الفطرة،و أمّا إذا كان توفرها مقارنة لرؤية الهلال أو بعدها، فالأقرب عدم وجوبها،و إن كان الاحتياط في إخراجها.
و إذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله،ثم هو على آخر يديرونها بينهم،و الأحوط- استحبابا-عند انتهاء الدور التصدق على الأجنبي،كما أن الأحوط-استحبابا -إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه،على أساس أنه لو أخذه منه ولاية فعندئذ جواز التصدق عنه يتوقف على أن لا تكون فيه مفسده له.
و لا تسقط عن المخالف إذا استبصر،و تجب فيها النية على النهج المعتبر في العبادات.
قريبا أو بعيدا،مسلما أم كافرا،صغيرا أم كبيرا،بل الظاهر الاكتفاء بكونه منضما إلى عياله و لو في وقت يسير،كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال و بقي عنده ليلة العيد و إن لم يأكل عنده،و كذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط لزوما،أما إذا دعا شخصا إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال،و لم تجب فطرته على من دعاه.
لم يكف ذلك في صدق كونه
عياله،فيعتبر في العيال نوع من التابعية.
نعم،إذا لم يخرجها من وجبت عليه غفلة أو نسيانا و نحو ذلك مما يسقط معه التكليف عنه واقعا، فالأظهر وجوب إخراجها عليه،و كذلك إذا كان المعيل فقيرا،فإنها تجب على العيال إذا كان غنيا و واجدا لسائر الشروط.
و أما إذا ولد له مولود قبل خروجه أو ملك مملوكا أو تزوج امرأة،فإن كانوا عيالا له وجبت عليه فطرتهم،و إلا فعلى من عال بهم،و إذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا كانت غنية و واجدة لسائر الشروط،و لم تجب على المولود، و أما المملوك ففيه التفصيل المتقدم.
فإن صدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما مستقلا وجبت فطرته على كل منهما كذلك،غاية الامر أنها تسقط عن ذمة كل منهما بقيام الآخر بها،و إن لم يصدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما لم تجب فطرته على اي منهما؛لأن الواجب إنما هو فطرة العيال على المعيل،و المفروض أنه ليس عيالا لا لهذا و لا لذاك بل هو عيال لهما معا،يعني للمجموع،و المجموع ليس فردا ثالثا،و على هذا فلو كانت فطرته واجبة عليهما لكانت واجبة على المجموع،لا أن نصفها واجب على أحدهما و نصفها الآخر واجب على الآخر؛لأن الفطرة واجبة بوجوب واحد،و وجوب كل جزء منها وجوب ضمني لا وجوب مستقل،و لكن مع هذا لا يترك الاحتياط.
إما أن يكون من الغذاء الغالب في البلد كاللبن و الزبيب و الأرز و نحوها،أو يكون من الحنطة أو الشعير أو
التمر أو الزبيب أو الأقط،و إن لم يكن من الغذاء الغالب فيه.فالفطرة إذا كانت من أحد هذه الأطعمة الخاصة فهو يجزئ و إن لم يكن من القوت الغالب،و أما إذا لم تكن من أحدها،فلا بد أن تكون من القوت الغالب في البلد و إلا فلا يجزئ، و الأحوط-لزوما-أن يكون صحيحا،و يجزي دفع القيمة من النقدين و ما بحكمها من الأثمان،و المدار قيمة وقت الأداء لا الوجوب،و بلد الإخراج لا بلد المكلف.
و هو أربعة أمداد و كل مد مائة و ثلاثة و خمسون مثقالا صيرفيا و ربع ربع مثقال المساوي لثلاثة أرباع الكيلو تقريبا، و مقدار الصاع بحسب الكيلو ثلاث كيلوات تقريبا،و لا يجزي ما دون الصاع من الجيد و إن كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد،كما لا يجزي الصاع الملفق من جنسين،و لا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله،و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم و مع ما يخرجه عن البعض الآخر.
وقت إخراجها من طلوع الفجر من يوم العيد،و يمتد إلى أن يصلي صلاة العيد،و لا يجوز له تأخير إخراجها إلى ما بعد الصلاة.نعم،من لم يصل صلاة العيد جاز له تأخير إخراجها إلى الزوال و إن كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر، و أما إذا عزلها فيجوز له التأخير في الدفع إذا كان لغرض عقلائي،كما مر في زكاة الأموال،فإن لم يدفع و لم يعزل حتى زالت الشمس،فالأحوط-استحبابا- الإتيان بها بقصد القربة المطلقة.
و إن كان الأحوط-
استحبابا-التقديم بعنوان القرض.
و الظاهر أن العزل لا يتحقق بتعيينها في مقدار من ماله على نحو الإشاعة،و كذلك لا يتحقق في المال المشترك بينه و بين غيره.
و إن أخر دفعها إلى المستحق مع وجوده و تسامح و تماهل في ذلك إلى أن تلفت ضمنها.نعم،إذا كان التأخير لغرض صحيح و أهم و تلفت لم يضمنها،على أساس أن الضمان و عدمه يدوران مدار صدق التفريط و عدمه كما تقدم في زكاة المال.
و أما مع عدم وجوده فهل يجوز ذلك؟
و الجواب:أنه لا يجوز أيضا-على الأظهر-إذا كان هناك فقراء من غير أهل الولاية،فإنه حينئذ يقسمها بينهم شريطة أن لا يكونوا من النواصب،نعم إذا كانت هناك مصلحة أهم جاز النقل،كما أن للفقيه ذلك إذا رأى فيه مصلحة و مصرفها مصرف الزكاة من الأصناف الثمانية على الشرائط المتقدمة.
و تحل فطرة الهاشمي على الهاشمي و غيره،و العبرة على المعيل دون العيال،فلو كان العيال هاشميا دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي،و إذا كان المعيل هاشميا و العيال غير هاشمي حلت فطرته على الهاشمي.
و على كلا التقديرين هو بنفسه يتولى النية كما تقدم في زكاة المال.
إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ذلك.
و ينبغي الترجيح بالعلم و الدين و الفضل.
و اللّه سبحانه أعلم و الحمد للّه ربّ العالمين
و هي امور:
المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم،يجب فيها الخمس إذا كان القتال بإذن الإمام عليه السّلام،و أما إذا كان من دون إذنه،فإن كان في زمن الحضور مع إمكان الاستئذان منه و مع ذلك لم يستأذن،فالغنيمة كلها للإمام عليه السّلام،و إن كان في زمن الغيبة،فإن كان بإذن الفقيه الجامع للشرائط ففيها الخمس،و إن كان من
دون إذنه فالأظهر إنها للإمام عليه السّلام أيضا،و لا فرق في ذلك بين أن يكون القتال من أجل الدعوة إلى الإسلام أو غيرها،أو من أجل الدفاع عن بلد الإسلام عند هجومهم عليه.و قد تسأل:أن وجوب الخمس هل هو مختص بالغنائم المنقولة أو يشمل غير المنقولة أيضا كالأراضي و الأشجار و نحوها؟
و الجواب:أن الشمول غير بعيد،و يتحصل من ذلك أن وجوب الخمس في الغنائم مشروط بشرطين:
أحدهما:أن تكون بالقتال و هراقة الدماء،و الآخر أن يكون بأمر الإمام عليه السّلام و إذنه في زمن الحضور،و إذن الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة، و إلا فهي كلها للإمام عليه السّلام،و على هذا فالغنيمة كلها تقسم أخماسا،خمس منها للّه و للرسول صلّى اللّه عليه و آله و أربعة أخماس منها تقسم بين المقاتلين،هذا إذا كانت الغنيمة من المنقولات،و أما إذا كانت من غيرها فتبقى أربعة أخماس منها في ملك المسلمين و قد تسأل:أنه إذا غار المسلمون على الكفار و أخذوا أموالهم فهل تدخل في الغنائم؟
و الجواب:أنها تدخل فيها إذا كانت الغارة بإذن ولي الأمر و إلا فهي كلها للإمام عليه السّلام.
فليس فيه خمس الغنيمة،بل خمس الفائدة كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.
نعم يعتبر أن لا تكون غصبا من مسلم،أو غيره ممن هو محترم المال،و إلا وجب ردها إلى مالكها،أما إذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب أو الأمانة أو نحوهما جرى عليه حكم مالهم.
فإذا اخذ وجب تخميسه فورا كتخميس المعادن و الغوص و غنائم دار الحرب،و لا يدخل في خمس الفائدة.
كالذهب و الفضة و الرصاص و النحاس و العقيق و الفيروزج و الياقوت و الكحل و الملح و القير و النفط و الكبريت و نحوها.و الأحوط-استحبابا-إلحاق مثل الجص و النورة و حجر الرحى و طين الغسل و نحوها مما يصدق عليه اسم الأرض،و كان له خصوصية في الانتفاع به و إن كان الأظهر وجوب الخمس فيها من جهة الفائدة،و لا فرق في المعدن بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة كما أنه لا فرق بين أن يكون من الظاهر أو الباطن،و نقصد بالظاهر ما يكون طبيعته المعدنية متكونة على سطح الأرض و يبدو جوهره من دون جهد و عمل،و نقصد بالباطن ما تكون طبيعته متكونة في أعماق الأرض و لا يبدو جوهره من دون بذل جهد و عمل في سبيل الوصول إليه.
و هو ما بلغت قيمة ما اخرج من المعدن و انجز عشرين دينارا من الذهب المسكوك،و كل دينار شرعي يساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي،و لا فرق في ذلك بين أن يكون المعدن ذهبا أو فضة أو غيرهما.
و قد تسأل:أنه هل يكفي في وجوب الخمس بلوغ هذا المقدار قبل استثناء مئونة الإخراج و التصفية أو أن يكون ذلك بعد الاستثناء؟
و الجواب:الأظهر كفاية بلوغ المقدار المذكور قبل استثناء المئونة،فإذا بلغ ذلك المقدار اخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المئونة.
فإذا أخرجه دفعات متعددة-كما إذا أخرج كمية منه في يوم أو أسبوع و كمية أخرى في يوم أو أسبوع آخر و هكذا-و بلغ مجموع ما أخرج في ضمن أسبوعين أو أكثر النصاب كفى في وجوب الخمس.نعم،إذا أخرج كمية منه فصرفها ثم أخرج كمية أخرى فصرفها و هكذا فلا خمس؛لأن كل واحدة منها لم تبلغ حد النصاب، و المجموع و إن بلغ إلا أنه لا وجود له فعلا،فالمعيار في وجوب الخمس إنما هو ببلوغ المجموع النصاب إذا كان موجودا فعلا،سواء كان إخراجه دفعة واحدة أم دفعات متعددة.
و الجواب:الظاهر أنه لا يكفي؛لأن كل فرد من أفراد المكلف مأمور بإخراج الخمس من حصته إذا بلغت النصاب لا مطلقا.
و الجواب:أنه ليس تابعا لها و خاضعا للأرض في مبدأ الملكية؛لأن مصدر علاقة الفرد بالأرض و مبدأها إنما هو عملية الإحياء،و من الواضح أن الناتج من هذه العملية إنما هو علاقة المحيي بالأرض فحسب،و لا يمتد أثرها إلى المعادن الموجدة فيها و غيرها من الثروات الطبيعية التي لها كيان مستقل في مقابل الأرض،و على هذا فإذا أخرجه غيره فهو له لا لمن ملك الأرض،غاية الأمر أنه لا يجوز له أن يقوم بإخراجه إذا استلزم التصرف في الأرض.نعم،يجوز له أن يقوم بذلك من طريق آخر لا يستلزم التصرف فيها،و هذا بخلاف المعادن أو
غيرها من الثروات الطبيعية في الأراضي المفتوحة عنوة،فإنها خاضعة للأرض في مبدأ الملكية،على أساس أن مبدأ ملكية تلك الأراضي هو استيلاء المقاتلين عليها بالقهر و الغلبة،و من الواضح أن الاستيلاء عليها استيلاء على ما فيها من المعادن أو غيرها في أعماقها،و كذلك الحال في المعادن الموجودة في أعماق الأراضي الموات فإنها-كالأراضي-ملك للإمام عليه السّلام.
و إن كان بإمكانه ذلك.
و هو المال المذخور في موضع،أرضا كان أم جدارا أم غيرهما،فإنه لواجده،و عليه الخمس.هذا فيما إذا كان المال المدخر ذهبا أو فضة مسكوكين بسكة المعاملة،و أما في غيرهما ففي وجوب الخمس من جهة الكنز إشكال، و الأحوط-وجوبا-إخراج خمسه فورا بقصد الأعم من خمس الفائدة أو الكنز، و يعتبر في جواز تملك الكنز أن لا يعلم أنه لمسلم فعلا،سواء وجده في دار الحرب أم في دار الإسلام،مواتا كان حال الفتح أم عامرة،أم في خربة باد أهلها،سواء كان عليه أثر الإسلام أم لم يكن،و يشترط في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب، و هو أدنى مرتبة نصابي الذهب و الفضة في وجوب الزكاة،و لا فرق في ذلك بين إخراجه دفعة واحدة أو دفعات،و يكفي في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب قبل استثناء المئونة،و لكن اخراج الخمس منه يكون بعد استثناء المئونة و إن علم أنه لمالك محترم بالفعل،فإن كان معلوما ردّ المال إليه،و إن كان مجهولا عنده جرى عليه حكم اللقطة،فإن كان ذات علامة مميّزة وجب التعريف بها سنة كاملة، و بعد السنة إذا لم يوجد فهو مخير بين التصدق مع الضمان و التعامل به معاملة ماله
إلى أن يجيء له طالب،فإن جاء فهو المطلوب و إلا فعليه أن يوصي به في وصيته، و إن لم يكن ذا علامة أو أنه كان و لكن لا يمكن التعريف بها أو أنه بلا أثر و فائدة، فحكمه التصدق و إن لم يعلم بوجود مالك محترم له فعلا،و إن علم بوجوده قبل مئات السنين و لكن لا يحتمل بقائه في قيد الحياة،و حينئذ فإن علم بوجود الوارث له فعلا،فإن كان معلوما رد المال إليه،و إن كان مجهولا فالحكم فيه كما مر، و إن لم يعلم بوجود الوارث له فعلا فهو لواجده و عليه خمسه،و بكلمة:أن هنا أربعة موضوعات:
1-الكنز.
2-اللقطة.
3-المجهول مالكه وصفا و عينا أو وصفا لا عينا.
4-المعروف مالكه المفقود عينا.
و ليس له مالك محترم فعلا،فإذا وجده شخص فهو له،بلا فرق بين أن يكون في الأراضي الخربة بالأصالة أو بالعارض أو في الأراضي المعمورة طبيعيا أو بشريا أو في الأراضي الخاضعة لمبدإ الملكية العامة،كالأراضي المفتوحة عنوة أو الخاضعة لمبدإ الملكية الخاصة،فعلى جميع التقادير فهو لواجده؛لأن ملكيته مرتبطة بوجود أمرين:أحدهما وجدانه،و الآخر أن لا يكون له مالك محترم بالفعل و لو بالاستصحاب،فإذا يجب على واجده الخمس بشرطين:
الأول:أن يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين بسكة المعاملة.
الثاني:أن يبلغ النصاب.
و له مالك محترم بالفعل و مجهول عينا و وصفا،و لها أحكام خاصة، منها:أن على الملتقط أن يقوم بتعريفها سنة كاملة شريطة توفر امور:
الأول:أن لا يكون جازما بعدم جدواه لليأس عن وجدان صاحبها.
الثاني:أن تكون ذات علامة مميزة.
الثالث:أن لا يكون فيه تعريض النفس للخطر،فإذا توفرت هذه الامور وجب عليه تعريفها طول السنة،و لا فرق في ذلك بين أن تكون قيمتها أقل من الدرهم أو أكثر،و منها:أن الملتقط إذا لم يجد صاحبها بعد التعريف سنة كاملة يكون مخيرا بين التصدق بها مع الضمان و بين جعلها في عرض ماله،و يجري عليها ما يجري على ماله حتى يجيء لها طالب،و إلا فعليه أن يوصي بها في وصيته، و منها:جواز تملكها على المشهور إذا لم تكن ذات علامة مميزة قابلة للتعريف، و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع.نعم،إذا وجد حيوانا في البراري أو الجبال أو الفلوات الخالية من السكان و كان ممّا لا يقوى على حفظ نفسه و الامتناع من السباع،جاز له أن يأخذه بقصد التملك كالشاة و نحوها.
فحينئذ إن أمكن الفحص عنه وجب،و إلا تصدق به،و إن كان مجهولا عينا و مكانا فالحكم أيضا كذلك.
فإن قدر عليه فهو المطلوب،و إلا
فهو كسبيل ماله حتى يجيء صاحبه،و إن لم يجيء فيوصي به و إذا انقطع الأمل فحكمه التصدق.
فإن كان المشتري واثقا و مطمئنا أنه من البائع المباشر وجب أن يرده إليه،و إن كان واثقا و متأكدا بأنه من أحد الأيادي التي مرت عليها،و حينئذ فإن علم ببقاء المالك إجمالا في قيد الحياة و لو ببقاء وارثه،وجب عليه تعريفه لهم،فإن عرفه واحد منهم فهو له،و إلا فالمرجع القرعة،و تعيين المالك بها،و إن علم بعدم بقاء مدخره في قيد الحياة و لا يعلم بوجود الوارث له،فعندئذ إن لم يعرفه أحد هؤلاء فهو لواجده و عليه خمسه،و كذلك الحال إذا وجده في ملك شخص آخر كان تحت يده بإجارة أو نحوها.
فإن لم يعرفه كان له،شريطة أن لا يعلم بأن له مالكا موجودا فعلا و لكنه مجهول،و إلا فيدخل في اللقطة و تترتب عليه أحكامها التي تقدمت،و كذا الحكم في الحيوان غير الدابة،مما كان تحت يد البائع،و أما إذا اشترى سمكة و وجد في جوفها مالا، فهو له من دون تعريف،إذا لم يعلم بأنه ملك لمالك محترم فعلا،و إلا جرى عليه ما مر من الأحكام،و لا يجب في جميع ذلك الخمس بعنوان الكنز بل يجري عليه حكم الفائدة و الربح.
ما اخرج من البحر بالغوص من الجوهر و غيره،لا مثل السمك و نحوه من الحيوان،فالأظهر وجوب الخمس فيه و إن لم تبلغ قيمته دينارا.
فالأظهر جريان حكم
الغوص عليه.
بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص.
بل الأظهر وجوبه فيه إن اخذ من وجه الماء أو الساحل.
الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم،فإنه يجب فيها الخمس على الأقوى،و لا فرق بين الأرض الخالية و أرض الزرع و غيرها كالبساتين،و أما إذا اشترى الدار أو الحمام أو الدكان،فهل يجب الخمس في أراضيها أو لا؟
و الجواب:أنه لا يخلو عن إشكال و إن كان الأحوط-وجوبا-الخمس، و لا يختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر المعاوضات أو الانتقال المجاني أيضا.
و كذا إذا باعها من مسلم،فإذا اشتراها منه ثانيا وجب خمس آخر،فإن كان الخمس الأول دفعه من العين كان الخمس الثاني خمس الأربعة أخماس الباقية،و إن كان دفعه من غير العين كان الخمس الثاني خمس تمام العين.نعم،إذا كان المشتري من الشيعة جاز له التصرف فيها،من دون إخراج الخمس؛لأن خمسها انتقل إلى ذمة البائع.
و يتخير الذمي بين دفع خمس العين و دفع قيمته،فلو دفع أحدهما وجب القبول،و إذا كانت الأرض مشغولة بشجرة أو بناء،فإن اشتراها على أن تبقى مشغولة بما فيها بأجرة أو مجانا قوم خمسها كذلك،و إن اشتراها على أن يقلع ما فيها قوّم أيضا كذلك.
أو أن لا يكون فيها الخمس بطل الشرط،و إن اشترط أن يدفع الخمس عنه صح الشرط،و لكن لا يسقط الخمس إلا بالدفع.
إذا لم يتميز،و لم يعرف مقداره،و لا صاحبه،فإن عليه أن يخرج خمسه، شريطة أن تكون نسبة احتمال الاختلاط بمقدار الخمس محفوظة بين أنحاء نسب الاحتمالات؛إذ لو علم المالك أن نسبة الحرام إلى الحلال في المال المختلط أكثر من الخمس أو أقل منه و لا يحتمل أن تكون نسبة الاختلاط بمقدار الخمس،فلا معنى لإيجاب إخراج الخمس عليه،و الأحوط صرفه بقصد الأعم من المظالم و الخمس،فإن علم المقدار و لم يعلم المالك تصدق به عنه،سواء كان الحرام بمقدار الخمس،أم كان أقل منه أم كان أكثر منه،و الأحوط-استحبابا-أن يكون بإذن الحاكم الشرعي،و إن علم المالك و جهل المقدار تراضيا بالصلح،و إن لم يرض المالك بالصلح جاز الاقتصار على دفع الأقل إليه إن رضي بالتعيين،و إلا تعين الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى،و حينئذ إن رضي بالتعيين فهو، و إلا أجبره الحاكم عليه،و إن علم المالك و المقدار وجب دفعه إليه،و يكون التعيين بالتراضي بينهما.
وجب التخلص من الجميع باسترضائهم،فإن لم يمكن ففي المسألة وجوه،أقربها العمل بالقرعة في تعيين المالك،و كذا الحكم إذا لم يعلم قدر المال و علم صاحبه في عدد محصور.
فإن علم بجنسه
و مقداره فإن عرف صاحبه رده إليه،و إن لم يعرفه،فإن كان في عدد محصور، وجب استرضاء الجميع،و إن لم يمكن عمل بالقرعة،و إن كان في عدد غير محصور تصدق به عنه،و الأحوط-استحبابا-أن يكون بإذن الحاكم الشرعي،و إن علم جنسه و جهل مقداره جاز له في إبراء ذمته الاقتصار على الأقل،فإن عرف المالك رده إليه،و إلا فإن كان في عدد محصور وجب استرضاء الجميع،فإن لم يمكن رجع إلى القرعة و إلا تصدق به عن المالك،و الأحوط-استحبابا-أن يكون بإذن الحاكم،و إن لم يعرف جنسه و كان قيميا و كان قيمته في الذمة،فالحكم كما لو عرف جنسه،و إن لم يعرف جنسه و كان مثليا،فإن أمكن المصالحة مع المالك تعين ذلك،و إلا فلا يبعد العمل بالقرعة بين الأجناس.
فالظاهر عدم الضمان له.
وجب عليه دفع الزائد أيضا إذا لم يكن الدفع من باب الخمس،و إذا علم أنه أنقص جاز له استرداد الزائد على مقدار الحرام إذا كان باقيا،و إلا فلا شيء عليه،و أما إذا كان من باب الخمس،فالأظهر عدم وجوب دفع الزائد إذا كان الحرام أكثر من الخمس،و لا استرداد الزائد إذا كان الحرام أنقص منه.
فلا يحل المال المختلط به بإخراج الخمس،بل يجري عليه حكم معلوم المالك،فيراجع ولي الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الخاص بالتراضي معه أو التصالح أو القرعة.
فلا بد حينئذ من أن تلحظ نسبة الحرام إليه باستثناء خمسه،على
أساس أنه مال غيره فلا يكون من ماله المختلط،و موضوع المسألة ماله الحلال الذي اختلط به الحرام لا الأعم منه و من المال المشترك بينه و بين غيره،مثال ذلك إذا كان عنده مائة دينار مثلا مخلوطة بالحرام و علم بأن الحلال من ذلك المبلغ متعلق للخمس،و عندئذ فإذا فرضنا أن خمسة و سبعين دينارا في المثال من المال المخلوط حلال جزما،فطبيعة الحال كان-خمسه و هو خمسة عشر دينارا-مال غيره فلا يحسب من ماله المخلوط،فإذن يكون ماله المخلوط عنده خمسة و ثمانين دينارا،و على هذا فلا تظهر الثمرة بين أن يخمس الحلال أو لا ثم المال المختلط و بين العكس،فإن الواجب عليه إخراج خمس مبلغ خمسة و ثمانين دينارا بعنوان المال المختلط،سواء كان ذلك قبل تخميس الحلال أم كان بعده،و من هذا القبيل ما إذا كان عنده خمسة و سبعون دينارا مخلوطة بالحرام،و علم أن الحلال منه متعلق للخمس،و حينئذ فإذا فرضنا أن خمسين دينارا في المثال من المال المخلوط حلال جزما،كان خمسه-و هو عشرة دنانير-بما أنه مال غيره فلا يحسب من ماله المخلوط،فإذن يكون ماله المخلوط بالحرام عنده خمسة و ستين دينارا لا خمسة و سبعين،و على هذا فيجب عليه إخراج خمسه سواء كان قبل تخميس المال الحلال أم كان بعده،و لا تظهر الثمرة بين الطريقين لإخراج الخمس،فعلى كلا الطريقين يخمس مبلغ خمسة و ستين دينارا بعنوان المال المخلوط بالحرام.
لم يسقط الخمس،بل يكون في ذمته،و حينئذ أن عرف قدره دفعه إلى مستحقه،و إن تردد بين الأقل و الأكثر جاز له الاقتصار على الأقل، و الأحوط-استحبابا-دفع الأكثر.
ما يفضل عن مئونة سنة نفسه أو عياله من فوائد الصناعات و الزراعات و التجارات و الإجارات و حيازة المباحات،و الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكة له كالهبة و الهدية و الجائزة و النذور و المال الموصى به و نماء الوقف الخاص أو العام و الميراث الذي لا يحتسب،أي:لا يكون ذلك بالحسبان و التصور،و هذا لا يتوقف على أن يكون الوارث جاهلا بوجود المورث له في بلد آخر،بل يشمل ما إذا علم بوجوده في بلده إلا أنه ليس في تصوره و حسبانه يوما من الأيام عادة أنه يموت و يموت معه جميع من في طبقة متقدمة عليه و هو يظل حيا و يصل ميراثه إليه،و لكن إذا اتفق ذلك بسبب حادثة أرضية أو سماوية و وصل ميراثه إليه كان مما لا يحتسب ففيه الخمس،و الظاهر عدم وجوب الخمس في المهر إذا كان بقدر شئون المرأة و مكانتها،و أما إذا كان زائدا فالأظهر وجوب الخمس في الزائد، و أما عوض الخلع فلا يبعد وجوب الخمس فيه.
مما ملكه بالخمس أو الزكاة أو الكفارات أو رد المظالم أو نحوها.
و قد أداه فنمت،و زادت زيادة منفصلة كالولد و الثمر و اللبن و الصوف و نحوها مما كان منفصلا،أو بحكم المنفصل-عرفا-فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة، بل الظاهر وجوبه في الزيادة المتصلة أيضا،كنمو الشجر و سمن الشاة إذا كانت للزيادة مالية عرفا،و أما إذا ارتفعت قيمتها السوقية بلا زيادة عينية فإن كان الأصل قد اشتراه و أعده للتجارة يتجر به وجب الخمس في الارتفاع المذكور، و إن لم يكن قد اشتراه،كما إذا ورث من أبيه بستانا قيمته مائة دينار فزادت
قيمته،و باعه بمائتي دينار لم يجب الخمس في المائة الزائدة،و إن كان قد اشتراه لا للتجارة بل للاقتناء و الحفاظ على العين،كما إذا اشترى دارا مثلا بغرض الانتفاع من إجارتها مع الحفاظ على عينها فزادت قيمته،فهل يجب الخمس في زيادة القيمة أو لا؟
و الجواب:لا يبعد عدم الوجوب.و لتوضيح ذلك نذكر-فيما يلي-عددا من الصور:
الصورة الاولى:رجل يقوم بالاتجار و الاكتساب،سواء كان بالبيع و الشراء أم بالتصدير و الاستيراد أم بإنشاء معمل صناعي استنتاجي أو استخراجي،و لهذه الصورة حالات:
الاولى:أن يكون اتجاره بالأموال التي لم تمر عليها سنة عنده،ففي هذه الحالة يجب عليه تخميس جميع ما عنده من الأموال و الأرباح بقيمتها الحالية في آخر السنة.
الثانية:أن يكون بالأموال التي مرت عليها سنة كاملة عنده بدون أن يخرج خمسها،كما إذا كان رأس ماله غير مخمس،ففي هذه الحالة يجب عليه تخميس جميع ما عنده من رءوس الأموال فورا،و أما الأرباح-و منها ارتفاع القيمة-ففي آخر السنة.
الثالثة:أن يكون بالأموال المخمسة عنده،ففي هذه الحالة يجب عليه خمس الأرباح في نهاية السنة،منها ارتفاع قيمة الأموال و البدائل الموجودة عنده فعلا و استثناء رأس المال.
الرابعة:أن يكون رأس ماله مركبا من الأموال المخمسة و غير المخمسة،
ففي هذه الحالة إن علم النسبة فهو المطلوب و إن لم يعلم فعليه خمس المتيقن،أما في المشكوك فإن كان أمره مرددا بين مال غير متعلق للخمس من الأول كالمال الموروث أو المئونة التي استغنى الإنسان عنها و جعلها رأس مال،و بين مال متعلق للخمس،فالظاهر أنه لا شيء عليه،و إن كان الأولى و الأجدر المصالحة مع الحاكم الشرعي بنصف الخمس،و إن كان أمره مرددا بين مال متعلق للخمس و لكنه أخرج خمسه قبل أن يجعله رأس المال،و بين مال متعلق له و لم يخرج خمسه،فالظاهر وجوب خمسه عليه على أساس الاستصحاب و لا تصل النوبة إلى المصالحة.
الصورة الثانية:رجل اشترى مالا لا بقصد الاتجار و الاكتساب به،بل يقصد الاقتناء و الحفاظ على عين المال للانتفاع بها فعلا أو في المستقبل،كما إذا اشترى دارا للاستفادة من منافعها أو اشترى أرضا بغاية الانتفاع منها في المستقبل بجعلها دارا أو دكانا أو ما شاكل ذلك،و لهذه الصورة أيضا حالات:
الأولى:أنه اشترى ذلك المال بثمن لم تمر عليه سنة عنده،ففي هذه الحالة يكون المال المذكور من فوائد سنته،فيجب عليه خمسه في نهاية السنة بقيمته الفعلية.
الثانية:أنه اشتراه بثمن متعلق للخمس،ففي هذه الحالة يجب عليه أن يؤدي خمس الثمن وقت الشراء دون المال المشترى،و إذا زادت قيمته السوقية و ارتفعت فهل الزيادة من الفوائد فيجب خمسها أو لا؟
و الجواب:أن صدق الفائدة عليها عرفا لا يخلو عن إجمال و لا يبعد عدمه، فلا يجب خمسها و إن كان الاحتياط في محله.
الثالثة:أنه اشترى بثمن مخمس،ففي هذه الحالة لا يجب عليه شيء لا
خمس الثمن لأنه مخمس و لا خمس المثمن لأنه ليس من فوائد السنة،و أما إذا زادت قيمته السوقية و ارتفعت فهل فيها الخمس أو لا؟و قد مر أنه لا يبعد عدم وجوب الخمس فيها و إن كان الاحتياط أولى و أجدر.
الصورة الثالثة:رجل ملك مالا لا بالبيع و الشراء بل بالإرث،و لهذه الصورة حالتان:
الاولى:أنه لا خمس فيه،و لكن إذا زادت قيمته السوقية و ارتفعت فهل في تلك الزيادة خمس أو لا؟
و الجواب:أنه لا خمس فيها.
الثانية:أنه إذا باعه بتلك الزيادة فهل هي داخلة في الفائدة و فيها الخمس أو لا؟
و الجواب:الظاهر أنه لا يصدق عليها الفائدة عرفا و لا خمس فيها؛لأنه مما ورثه من أبيه و باعه بكذا مبلغا و لا يقال:أنه استفاد منه كذا مقدارا.
الصورة الرابعة:إنسان ملك مالا بالهبة أو الحيازة،و هذا المال تارة لا يكون متعلقا للخمس من الأول كما إذا ملكه قبل البلوغ،و أخرى يكون متعلقا للخمس و أدّى خمسه من نفس المال،و على كلا التقديرين فإذا زادت قيمته السوقية و ارتفعت بعد البلوغ في الفرض الأول و بعد إخراج خمسه في الفرض الثاني و باعه بتلك الزيادة فهل فيها الخمس أو لا؟
و الجواب:الأظهر أنه لا خمس فيها؛لعدم صدق الفائدة عليها عرفا.نعم، لو كان المال الموهوب متعلقا للخمس،فإذا أدّى خمسه من مال آخر ملك خمسه، و حينئذ فإذا زادت قيمته و ارتفعت و باعه بتلك الزيادة كانت الزيادة بالنسبة إلى
خمسه فائدة.باعتبار أنها زيادة على ما بذل من المال عوضا عنه،و أما الزيادة بالنسبة إلى أربعة أخماسه فلا تكون فائدة،و من هذا القبيل ما إذا استغنى الإنسان عما هو مئونة له كالدار مثلا و بعد الاستغناء زادت قيمته السوقية و ارتفعت و باعه بتلك الزيادة،لم تصدق عليها أنها فائدة جديدة عرفا دخلت في ملكه لكي يجب عليه خمسها،و من هنا إذا نقصت قيمتها فلا يقال إنه خسر.
بلا فرق بين النماءات المتصلة كالسمن،و المنفصلة كالصوف و اللبن و السخال المتولدة منها بعد استثناء ما يصرف منها طيلة السنة في مئونتهم،و إذا بيع شيء من ذلك في أثناء السنة و بقي مقدار من ثمنه،وجب إخراج خمسه أيضا، و كذلك الحكم في سائر الحيوانات،فإنه يجب تخميس ما يتولد منها،إذا كان باقيا في آخر السنة بنفسه أو ثمنه،هذا إذا كان أصل الأغنام مخمسة،كما إذا كانت إرثا أو مشتراة بثمن مخمس،و إلا يجب عليهم تخميسها أو تخميس أثمانها أيضا.
إذا صرف في تعميره و شراء نخيله و أشجاره مالا لم يتعلق به الخمس كالموروث،أو مالا قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة،أو مالا فيه الخمس و لم يخرج خمسه.نعم،يجب عليه إخراج خمس هذا المال نفسه،كما أنه يجب عليه خمس الزيادة العينية فيما غرسه من النخيل و الأشجار في نهاية السنة على جميع فروض المسألة،بلا فرق بين أن يكون غرس الأشجار و النخيل بغاية الاستفادة من منافعها كأغصانها و أثمارها و غيرهما؛لإشباع حاجاته الذاتية حسب شئونه و مكانته أو بغاية الاتجار و التداول بها أصولا و فروعا لخلق منفعة جديدة.نعم،يفترق الأول عن الثاني في نقطتين:
الأولى:أن الغرض من غرس الأشجار و النخيل إن كان الاتجار و التداول بها بقصد خلق فائدة جديدة تعلق الخمس بارتفاع قيمتها أيضا،بينما إذا كان الغرض منه الاستفادة الشخصية من منافعها فحسب،فلا خمس فيه إلا إذا باعها بتلك الزيادة،فعندئذ تدخل الزيادة في فائدة السنة الثانية،أنه يجب على الأول إخراج خمس زيادتها العينية المتصلة و المنفصلة في نهاية كل سنة ما دامت تزيد كذلك،بينما يجب إخراج خمسها على الثاني إلى أن بلغت حد الإثمار و الانتفاع بها، فإذا بلغت إلى هذا الحد أصبحت من المئونة فعلا،فإذا نمت و زادت بعد ذلك كانت الزيادة في أعيان المئونة و لا خمس فيها.
و أما إذا صرف في تعمير البستان و تشجيره من ربح أثناء السنة،فيجب عليه إخراج خمس نفس ما عمره في البستان و ما شجره فيه في نهاية السنة بالقيمة الحالية،و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديدا في السنة الثانية، و إن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه،مثل:(التال)الذي ينبت فيقلعه و يغرسه،و كذا إذا نبت جديدا لا بفعله،كالفسيل و غيره إذا كان له مالية.
و بالجملة:كل ما يحدث جديدا من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر السنة بعد استثناء المئونة.نعم،إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل،و اجرة الفلاح و غير ذلك وجب الخمس في الزائد،و يكون الزائد من أرباح سنة البيع،و أما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان،وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصل في آخر السنة و إن لم يبعه كما عرفت.
و لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة أو لغرض آخر ثم رجعت قيمتها في رأس السنة إلى رأس مالها فليس عليه خمس تلك الزيادة.نعم،إذا بقيت الزيادة إلى آخر
السنة و استقر وجوب الخمس فيها و لم يبعها عمدا و من دون عذر و لم يخرج خمسها،و بعد ذلك نقصت قيمتها،فيضمن خمس النقص على الأظهر؛باعتبار أن ذلك مستند إلى تقصيره.
أحدهما:مئونة تحصيل الأرباح و الفوائد طيلة السنة.
و الآخر:مئونة سنته.
و المراد من مئونة التحصيل كل ما يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الفوائد و الأرباح،كمصارف تصدير البضائع أو استيرادها إلى بلاد اخرى، و اجرة النقل و الانتقال،و الدلال،و الكاتب و الحارس و الصانع و الدكان و ضرائب الدولة و غير ذلك،فإن جميع هذه المصارف يخرج طوال فترة السنة من الأرباح و الفوائد،و إخراج الخمس من الباقي،و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع و المعامل و السيارات و آلات الصناعة و الطبابة و الخياطة و الزراعة و غير ذلك،فإن كل ما يرد على تلك الأموال من النقص بسبب استعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح.مثلا إذا اشترى سيارة بعشرين ألف دينار و آجرها سنة بأربعة آلاف دينار،و نقصت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال و وصلت إلى ثمانية عشر ألف دينار،لم يجب الخمس إلا في الألفين،و الألفان الباقيان من المئونة،و المراد من مئونة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه الإنسان في معاش نفسه و عياله على النحو اللائق بحاله و في صدقاته و زياراته و هداياه و جوائزه المناسبة لمقامه و ضيافة أضيافه اللائقة بمكانته و شأنه و وفاء حقوقه اللازمة عليه بنذر أو كفارة
أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطأ،أو فيما يحتاج إليه من دابة و جارية،و كتب و أثاث،و في تزويج أولاده و ختانهم و غير ذلك،فمئونة كل إنسان طوال السنة مصرفه الاعتيادي حسب ما تتطلب مكانته و شأنه في كل الجهات الداخلية و الخارجية،بلا فرق بين أن يكون الصرف فيها على نحو الوجوب أو الاستحباب أو الإباحة أو الكراهة،ثم إن المراد من المئونة المستثناة من خمس الفائدة و الربح ليس مقدار مئونة الشخص بحسب حاله و مقامه و إن لم يصرفه طوال السنة،بل المراد منها ما يصرفه فعلا طيلة السنة،و أما لو صرف منها أقل مما يتطلب شأنه و مكانته و قتر على نفسه و عياله و سائر جهاته،فيكون المستثنى المقدار المصروف و هو الأقل،و يجب عليه إخراج الخمس من الباقي،كما أنه إذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا يستثنى له مقدار التبرع من أرباحه بل يحسب ذلك من الربح الذي لم يصرف في المئونة،و أيضا لا بدّ أن يكون الصرف على النحو اللائق بمقامه،فإن زاد عليه وجب خمس الزائد،و إذا كان المصرف سفها و تبذيرا لا يستثنى المقدار المصروف،بل يجب فيه الخمس،و الظاهر أن المصرف إذا كان راجحا شرعا لم يجب فيه الخمس و إن كان غير متعارف،كمن يتصدى لذلك و لا تتطلبه مكانته المالية،و ذلك كتأسيس مسجد أو مدرسة دينية أو الإنفاق على الضيوف بأكثر مما هو مقتضى شأنه.
بلا فرق في ذلك بين ربح التجارة و الصناعة و المهنة و الحرفة و غير ذلك،و تستثنى مئونة السنة من الربح من حين وجوده و ظهوره فإن لكل ربح سنة تخصه،و من الجائز أن يجعل الإنسان لنفسه رأس سنة تسهيلا لأمره،فيحسب مجموع وارداته من مختلف أنواع التكسب من التجارة و الزراعة و الصناعة و المهنة و غيرها في آخر السنة و يخمس ما زاد على مئونته،كما يجوز له أن يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة،
فيخمس ما زاد عن مئونته في نهاية تلك السنة.
قبل أن تنتهي سنته بغرض الإعاشة من أرباحه و فوائده فهل هو مستثنى من الخمس أو لا؟
و الجواب:أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص،فإذا كان هناك شخص تتطلب مكانته الاجتماعية و شأنه وجود رأس مال له يقوم بالاتجار به و يعيش من أرباحه و فوائده بما يليق بمقامه،على أساس أن اشتغاله كعامل مضاربة أو بناء أو صانع لا يليق به و مهانة له،فهو يعتبر مئونة له و مستثنى من الخمس،و إذا كان هنالك شخص لا تتطلب مكانته ذلك و لم يكن اشتغاله كعامل مضاربة أو بناء أو صانع مهانة له فلا يعتبر مئونة له،و عليه فلا يستثنى من الخمس،و ضابط ذلك:أن من تتطلب مكانته الاجتماعية وجود رأس مال له للاتجار و الاكتساب به لإشباع حاجياته اللائقة بحاله،على أساس أن اكتسابه كصانع أو عامل لإشباع حاجاته لا يليق بمكانته،ففي هذه الحالة يعتبر رأس المال من مئونته كسائر مئونته من المسكن و الملبس و المأكل و المشرب و المركب و غير ذلك و لا خمس فيه.هذا من دون فرق بين أن يكون بمقدار مئونة سنته أو أكثر أو أقل،و من لا تتطلب مكانته الاجتماعية ذلك،فلا يعتبر من مئونته بل عليه أن يخرج خمسه في نهاية السنة،و كذلك أصحاب المهن كالطبيب و نحوه،فإن الوسائل و الأدوات التي تتوقف ممارسة الطبيب مهنته عليها بمثابة رأس المال له و تعتبر من مئونته، على أساس أن ممارسته العمل كعامل مضارب أو صانع أو حارس مهانة له، و على هذا فإذا كان توفيرها من أرباح السنة و فوائدها،فلا يجب عليه خمسها في آخر السنة.
و نذكر مثالين لذلك:
الأول:طبيب عنده مال من أرباح سنته كهدية أو جائزة أو نحوها، و يصرف ذلك المال في شراء الوسائل و الأدوات الطبية و أجرة المكتب و الحارس و غير ذلك بغرض ممارسة مهنته كطبيب،و صرف ما يحصل منها في مئونته اللائقة بحاله،على أساس أن عمله كصانع أو عامل لا يليق بشأنه و مكانته،و ليست لديه موارد اخرى كالتجارة أو نحوها،ففي هذه الحالة لا يجب عليه إخراج الخمس من تلك الوسائل و الأدوات و غيرها في نهاية السنة،لأنها تعتبر مئونة له فلا خمس فيها.
الثاني:خياط يكون في أمس الحاجة إلى توفير الوسائل و الأدوات الخياطية لممارسة مهنته كخياط لإشباع حاجاته المناسبة لمقامه،على أساس أن عمله كصانع خياط لا يناسب شأنه و لا يليق بمكانته،و في هذه الحالة إذا كان عنده مال من أرباح السنة و كان كافيا لتوفير الوسائل و الأدوات الخياطية له، فإنه إذا اشترى به تلك الوسائل و الأدوات و مارس مهنته بها،و يصرف ما يحصل منها في مئونته فلا خمس فيها،و قد تسأل:أن من كان بحاجة إلى رأس مال إما للاتجار به أو لممارسة مهنته كطبيب مثلا،فإن كان ما نتج منه و حصل بقدر مئونته السنوية اللائقة بحاله فلا خمس فيه كما مر،و إن كان أزيد منه بمعنى:أنه يقصد من وراء ذلك خلق منفعة جديدة زائدا على ما يصرف في مئونته،فعندئذ هل يخمس رأس المال أو لا؟
و الجواب:أنه يخمس بالنسبة كما يخمس الزائد من الربح.نعم،إذا لم يكن بحاجة إلى جعل ما عنده من الربح و الفائدة رأس مال له،على أساس أنه يعيش بما يناسب مقامه من دون ذلك فلا يكون مستثنى من الخمس.
كما مر،و لا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف و حصوله فيما بعد،فكما لو صرف مالا في سبيل إخراج معدن،استثني ذلك منه بعد إخراجه، و لو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر،فكذلك لو صرف مالا في سبيل حصول الربح في سنته،و من ذلك النقص الوارد على المصانع و السيارات و آلات المصانع و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح و الفائدة كما مر.
مثل الدار و الفرش و الأواني و نحوها من الآلات المحتاج إليها،فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح و إن بقيت للسنين الآتية.نعم،إذا كان عنده شيء منها قبل الاكتساب فلا يجوز استثناء قيمته من الربح،بل حاله حال من لم يكن محتاجا إليها.
و إن كان له مال غير مال التجارة،فلا يجب إخراجها من ذلك المال،و لا التوزيع عليهما.
وجب عليه إخراج خمسه،أما المؤن التي يحتاج إليها-مع بقاء عينها-إذا استغنى عنها،فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها،سواء كان الاستغناء عنها بعد السنة-كما في حلي النساء الذي يستغنى عنه في عصر الشيب-أم كان الاستغناء عنها في أثناء السنة كالثياب التي لبسها شهرا أو شهرين ثم استغنى عنها،أو الدار التي اشتراها بربح أثناء السنة و سكن فيها ستة أشهر مثلا ثم استغنى عنها و هكذا.
كالسكر و الطحين
و التمن و غيرها،قد اشتراها من ماله المخمس فزادت قيمتها حين الاستهلاك في أثناء السنة،لم يجز له استثناء قيمة زمان الاستهلاك،بل يستثني قيمة الشراء،كما إذا اشترى تلك الأعيان لمئونة السنة بثمن متعلق للخمس،فزادت قيمته بعد الشراء و ارتفعت قبل استعمالها و صرفها،فإن الواجب عليه إخراج خمس الثمن فحسب دون قيمة زمن الاستعمال.
فإذا زادت قيمته لم يجب خمس الزيادة، كما أنه لو نقصت قيمته لم يجبر النقص من الربح.
وجب إخراج خمسه،و كذا إذا اشترى عالما بعدم الاحتياج إليه كبعض الفرش الزائدة و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة و البساتين و الدور التي يقصد من وراء ذلك الاستفادة بنمائها،فإنه لا يراعي في الخمس رأس مالها،بل قيمتها و إن كانت أقل منه،و كذا إذا اشترى الأعيان المذكورة بالذمة،ثم وفى من الربح لم يلزمه إلا خمس قيمة العين آخر السنة باعتبار أنها الفائدة.
و إذا استطاع في أثناء السنة من الربح و لم يحج-و لو عصيانا-وجب خمس ذلك المقدار من الربح و لم يستثن له،و إذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة، وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية،فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج و إلا فلا،أما الربح المتمم للاستطاعة في سنة الحج فلا خمس فيه.نعم،إذا لم يحج-و لو عصيانا-وجب إخراج خمسه.
فاشترى في السنة الاولى
عرصة لبناء دار له،و في الثانية خشبا و حديدا،و في الثالثة آجرا مثلا و هكذا، فهل يكون ما اشتراه في السنين السابقة من المؤن المستثناة من الخمس أو لا؟ و الجواب:أن مكانة الشخص و شأنه لدى الناس إذا اقتضت أن تكون له دار يسكن فيها،على أساس أن سكناه في دار وقف أو إجارة لا يليق بمكانته و مقامه،و في نفس الوقت هو لا يتمكن من بناء دار إلا بهذه الطريقة التدريجية، فهو من مئونته و لا خمس فيه،و أما إذا لم تقتض مكانته ذلك فلا يكون ما اشتراه في السنين السابقة من المؤن له المستثناة من الخمس بل عليه إخراج خمسه.
و ما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك السنين،بمعنى أن الاجرة الواقعة بإزاء العمل في كل سنة من أرباح تلك السنة،و أما إذا باع ثمرة بستانه سنين كان كل الثمن من أرباح سنة البيع،باستثناء ما يجبر به النقص الوارد على مالية البستان،من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة،مثلا:إذا كان له بستان يساوي عشرة آلاف دينار، فباع ثمرته عشرة سنين بأربعة آلاف دينار،و صرف منها في مئونته ألف دينار، فكان الباقي له عند انتهاء السنة ثلاثة آلاف دينار،لم يجب الخمس في تمام الثلاثة، بل لا بدّ من استثناء مقدار يجبر به النقص الوارد على مالية البستان،من جهة كونه مسلوب المنفعة تسع سنين،فإذا فرضنا أنه لا يساوي كذلك بأزيد من ثمانية آلاف دينار،لم يجب الخمس إلا في ألف دينار فقط،و بذل يظهر الحال فيما إذا أجر داره-مثلا-سنين متعددة.
فإن كان ما دفعه من أرباح هذه السنة،فعليه أن
يضم المدفوع إلى الأرباح الموجودة و حسب المجموع و أخرج خمسه،مثال ذلك:إذا دفع خمسا من فائدة أثناء السنة ألف دينار مثلا،ثم بعد نهاية السنة يحسب الفائدة،فإذا بقت منها تسعة آلاف دينار،فوظيفته أن يضم ما دفعه خمسا في أثناء السنة و هو الألف إلى الفائدة الباقية عنده بعد انتهائها و هي تسعة آلاف دينار فيصير المجموع عشرة آلاف دينار،و يكون خمسها ألفين و قد أدي الألف منهما و بقي ألف آخر،و لا يجوز أن يحسب خمس تسعة آلاف دينار-و هو الألف و ثمانمائة دينار-و يستثني منه ما دفعه-و هو الألف- و يعطي الباقي و هو ثمانمائة.
أحدهما:أن لا يكون له ما بإزاء في الخارج.
ثانيهما:يكون له ما بإزاء فيه،كما إذا استدان مبلغا و اشترى به قطعة أرض أو دار أو غيرها،و هي موجودة عنده فعلا أو اشتراها في الذمة.
أما النوع الأول فيكون أدائه من المئونة،و لا فرق فيه بين أن يكون الدين في سنة الربح أو قبلها للمئونة أم لغيرها،تمكن من أدائه قبل ذلك أم لا.
و كذلك لا فرق بين الدين العرفي و الدين الشرعي كالخمس و الزكاة و النذور و الكفارات و اروش الجنايات و قيم المتلفات و شروط المعاملات،فإنه إن أداها من الفائدة في سنتها لم يجب الخمس فيها،و إلا وجب الخمس،و قد تسأل:أن الدين إذا كان للمئونة بعد ظهور الربح،فهل يستثنى من الفائدة في نهاية السنة أو لا؟
و الجواب:أن الاستثناء لا يخلو عن إشكال،و الأحوط إخراج الخمس
منه.
و أما النوع الثاني فإن كان الدين مقارنا لظهور الفائدة أو متأخرا عنه، و حينئذ فإن أداه من تلك الفائدة،انتقل خمسها إلى ما بإزائه من الأعيان الخارجية و تصبح تلك الأعيان من فائدة السنة،فيجب خمسها بقيمتها الفعلية في نهاية السنة،سواء زادت قيمتها أم نقصت،و إن كان متقدما على ظهورها لم يجز أن يؤديه من تلك الفائدة المتأخرة إلا بعد إخراج خمسها،على أساس أن نفس الأعيان المذكورة ليست من المئونة لكي يعتبر أداء ثمنها و لو من الربح المتأخر مئونة،و لا أداء قيمتها من ربح هذه السنة.
فإن كان الخسران بعد الربح أو مقارنا له يجبر الخسران بالربح على الأقوى،فإن تساوى الخسران و الربح فلا خمس،و إن زاد الربح وجب الخمس في الزيادة،و إن زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه و صار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة.و أما إذا كان الربح بعد الخسران فالأقوى عدم الجبر،و هل يجري الحكم المذكور فيما إذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة،كما إذا اشترى ببعضه حنطة،و ببعضه سمنا، فخسر في أحدهما و ربح في الآخر أو لا؟
و الجواب:أنه لا يجري على الأظهر أو لا أقل من الاحتياط في المسألة، و كذلك الحكم فيما إذا تلف بعض رأس المال بتلف سماوي و إن كان بعد ظهور الربح أو صرف منه في نفقاته و مئونته،و من ذلك ما إذا أنفق من ماله غير مال التجارة في مئونته و إن كان بعد حصول الربح،و كذلك حال أهل المواشي،فإنه إذا باع بعضها لمئونته،أو مات بعضها أو سرق،فلا يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل
له قبل ذلك على الأظهر،أو لا أقل من الاحتياط،و عليه فلا يجبر النقص الوارد على الامهات بقيمة السخال المتولدة التي هي من فائدة السنة على الأقرب،و إن كان النقص بعد تولدها.
فربح في أحدهما و خسر في الآخر،ففي جبر الخسارة بالربح إشكال بل منع،و الأقوى عدم الجبر.
فلا يجبر.
-كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج إليها و نحو ذلك،ففي الجبر من الربح إشكال،و الأظهر عدم الجبر.نعم،يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح،و يكون ذلك من التصرف في المئونة المستثناة من الخمس.
فاستقاله البائع فأقاله،لم يسقط الخمس بعد تعلقه و تنجزه.نعم،إذا كان من شأنه أن يقيله -كما في غالب موارد بيع شرط الخيار إذا رد مثل الثمن-فلا خمس من جهة أنه لا يصدق عليه الفائدة عرفا.
و كذا الحكم إذا دفعه المالك إلى غيره وفاء لدين أو هبة أو عوضا لمعاملة،فإنه ضامن للخمس،و يرجع الحاكم عليه،و لا يجوز الرجوع على من انتقل إليه المال إذا كان مؤمنا،و إذا كان ربحه حبا فبذره فصار زرعا،وجب
خمس الحب لا خمس الزرع،و إذا كان بيضا فصار دجاجا،وجب عليه خمس البيض لا خمس الدجاج،و إذا كان ربحه أغصانا فغرسها فصارت شجرا،وجب عليه خمس الشجر لا خمس الغصن،فالتحول إذا كان من قبيل التولد وجب خمس الأول،على أساس أن ما هو موجود فعلا لم يكن متعلقا للخمس،و ما كان متعلقا للخمس-و هو الموجود الأول-قد تلف،فضمن خمسه،و إذا كان من قبيل النمو وجب خمس الثاني؛باعتبار أن متعلق الخمس باق بعينه و الاختلاف إنما هو في الصفات.
لم يجز له احتساب الزائد عوضا عما يجب عليه في السنة التالية.
نعم،يجوز له أن يرجع به على الفقير مع بقاء عينه و كذا مع تلفها إذا كان عالما بالحال.
فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته،و يخمس بعد إخراج المؤن،و ما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة.نعم،إذا كان له أصل موجود له قيمة اخرج خمسه في آخر السنة،و الفرع يكون من أرباح السنة اللاحقة،مثلا في رأس سنته كان بعض الزرع له سنبل،و بعضه قصيل لا سنبل له وجب عليه إخراج خمس جميع الزرع مما له سنبل فعلا و ما لا سنبل له،و إذا ظهر سنبله في السنة الثانية كان من أرباحها،لا من أرباح السنة السابقة.
و لا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب.
و كذا إذا لم يعل بها الزوج و زادت فوائدها على مئونتها،بل و كذا الحكم إذا لم تكسب،و كانت لها فوائد من زوجها أو غيره،فإنه يجب عليها في آخر السنة إخراج خمس الزائد كغيرها من الرجال.و بالجملة يجب على كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه و غيرها قليلا كان أم كثيرا، و يخرج خمسه كاسبا كان أم غير كاسب.
من أرباح المكاسب و الكنز،و الغوص،و المعدن و الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم،فلا يجب الخمس في مال الصبي على الولي و لا عليه بعد البلوغ غير الحلال المختلط بالحرام،فإنه يجب على الولي إخراج الخمس منه،و إن لم يخرج فيجب عليه الإخراج بعد البلوغ،و أما العقل فاعتباره لا يخلو عن إشكال و لا يبعد ثبوت الخمس في مال المجنون،و حينئذ فإن كان له ولي فهو يقوم بإخراج خمس ماله،و إلا فالحاكم الشرعي.
كان اللازم إخراج خمسه عينا أو قيمة،فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح،و أما إذا اشترى شيئا بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس في ثمنه،فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضا عينا أو قيمة،و أما إذا كان الشراء في الذمة-كما هو الغالب-و كان الوفاء به من الربح غير المخمس،فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به،و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمته ما لم يبعه،و إذا علم أنه أدّى الثمن من ربح لم يخمسه،و لكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب الخمس في ارتفاع القيمة أيضا،أو كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس إلا بمقدار الثمن فقط،فالأحوط-لو لم يكن أظهر-وجوب الخمس في ارتفاع القيمة
أيضا.
أما غفلة أو تماهلا و تسامحا أو عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي،ثم انتبه إلى حاله أو بنى على أن يحاسب نفسه في كل ما مضى من السنين السابقة فما ذا يصنع؟و الجواب:أنه يقسم أمواله إلى مجموعتين:
الاولى:الأموال التي تكون مئونة له فعلا أو كانت مئونة كالمسكن و الملبس و المركب و المأكل و المشرب و غيرها،أي:كل ما تتطلب حاجياته بحسب مكانته و شأنه،ففي هذه المجموعة من الأموال إن علم بأنه اشتراها بالأرباح التي لم تمر عليه سنة كاملة فلا خمس فيها و لا شيء عليه،و إن علم بأنه اشتراها بالأرباح التي مرت عليها سنة،فعلية خمس أثمانها وقت الشراء،أو علم بأنه اشترى داره مثلا في سنة لم يكن عنده ربح في هذه السنة،أو كان و لكنه لا يزيد على مصارفه اليومية،ففي مثل ذلك يجب عليه خمس ثمن الدار في وقت الشراء،و إن علم بالزيادة فيه و لكن علم أن الزيادة أقل من ثمن الدار،وجب عليه حينئذ إخراج خمس مقدار التفاوت،مثلا إذا اشترى دارا لسكناه بعشرة آلاف دينار،و كان يعلم بأن ربحه في سنة الشراء يزيد على مصارفه اليومية بمقدار أربعة آلاف دينار، وجب إخراج خمس ستة آلاف دينار،و كذا إذا اشترى أثاثا للبيت و غيرها مما تتطلب حاجياته اللائقة بحاله بخمسة آلاف دينار مثلا،و قد ربح من تجارته في هذه السنة زائدا على مئونته اليومية ألفي دينار،وجب إخراج خمس ثلاثة آلاف دينار،و إذا علم أنه لم يربح في بعض السنين اصلا حتى بمقدار مصارفه اليومية و أنه كان يصرف من أرباح السنين السابقة،وجب عليه إخراج خمس ثمن مصارفه،و أما إذا لم يعلم بالحال أي:أنها جميعا مشتراة من أرباح السنة أو جميعا مشتراة من أرباح السنين السابقة،فالأظهر عدم وجوب الخمس عليه و إن كان الأولى و الأجدر به أن يصالح الحاكم الشرعي بنصف الخمس،و إذا
علم بالحال بالنسبة إلى بعض هذه المجموعة دون بعضها الآخر،فإن ما علم حاله ترتب عليه حكمه،و ما لم يعلم حاله فالأحوط الأولى المصالحة مع الحاكم الشرعي بدفع نصف الخمس و ان كان الأقوى عدم وجوب شيء عليه.
نعم،إذا علم إجمالا بأن بعض هذه المجموعة قد اشتراه بأرباح قد مرت عليها سنة و لكنه لا يعلم مقداره و أنه نصف المجموعة أو أكثر أو أقل،وجب حينئذ المصالحة مع الحاكم الشرعي بنصف الخمس.
الثانية:الأموال التي تكون زائدة على متطلبات حياته اليومية من النقود و العقارات و غيرهما،و في هذه المجموعة من الأموال يجب عليه خمس كل النقود الموجودة عنده فعلا،و أما غيرها فإن كانت من أموال التجارة و هو يتجر بها بلون من ألوانها،وجب عليه إخراج خمسها بقيمتها الفعلية،و إن لم تكن من أموال التجارة،فإن علم أنه اشتراها بالأرباح التي مرّت عليها السنة،وجب عليه خمس أثمانها وقت الشراء فقط دون ارتفاع قيمتها و إن كان أولى و أحوط، و إن لم يعلم بذلك-سواء أ كان عالما بشرائها بأرباح السنة أم لا-وجب خمسها بقيمتها الفعلية،كما أنه إذا كان يعلم بأن قسما من تلك الأموال من أرباح و فوائد السنة الحالية،لم يجب عليه إخراج خمسه إلا في آخر السنة و إن كان إخراجه أحوط و أجدر،و لا سيما إذا علم بأنه يبقى إلى نهاية السنة.
بقي هنا حالتان:
الاولى:أنه يعلم في طول هذه الفترة و السنين بصرف الأرباح و الفوائد في معاش نفسه و عائلته اللائقة بحاله من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن،و في صدقاته و زياراته و جوائزه و هداياه و ضيافة ضيوفه و ختان أولاده و تزويجهم و غيرها،مما يتفق للإنسان في فترة حياته كالوفاء بالحقوق الواجبة عليه بنذر أو كفارة أو أرش جناية أو أداء دين و ما شاكل ذلك،و في هذه الحالة فمرة كان يعلم بأنه في كل سنة من هذه السنين قد صرف في حاجياته تلك من الأرباح التي لم تمر
عليها سنة،و أخرى يعلم بأنه في كل سنة من تلك السنين قد صرف فيها من الأرباح التي مرت عليها سنة،و ثالثة لا يعلم بالحال،و على الأول فلا شيء عليه، و على الثاني ضمن خمس قيمة تلك الأرباح في وقت الصرف،و على الثالث فالظاهر أنه لا شيء عليه و إن كان الأولى و الأجدر به المصالحة مع الحاكم الشرعي بنصف الخمس،و من هنا يظهر حكم ما إذا علم بالحال في بعض السنين دون بعضها الآخر أو في بعض تلك الأشياء دون بعضها كما مر.
الثانية:أنه قد كان يعلم بوجود خسارة في تجارته أو صناعته في بعض تلك السنوات،و حينئذ فإن علم مقدار الخسارة أو التلف تفصيلا في تلك الأموال ضمن خمسه،و إن علم مقدارها إجمالا ضمن خمس المقدار المتيقن منه دون الزائد،و إن لم يعلم بالخسارة أو التلف منها أو علم بعدمها فلا شيء عليه.
لكن إذا أراد المكلف تغيير رأس سنته أمكنه ذلك بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة و استئناف رأس سنة جديدة،كما يجوز تبديل رأس سنة من شهر إلى شهر آخر للأرباح الآتية،و يجوز جعل السنة عربية و رومية و فارسية و غيرها.
من الأرز و الدقيق و الحنطة و الشعير و الحمص و العدس و الفاصوليا و السكر و الشاي و النفط و الغاز و السمن و الفحم و غيرها من أمتعة البيت و متطلباته.و اذا كان عليه دين استدانه لمئونة هذه السنة و مساويا لما زاد من تلك الأعيان،أو كان أكثر منه أو أقل،فهل يسقط عنه الخمس إذا كان بقدر الدين أو أقل،أو خمس ما به التفاوت إذا كان أكثر من الدين؟ و الجواب:أن المشهور هو السقوط،على أساس أن الدين إذا كان للمئونة و لم يف به خلال السنة استثنى مقداره عن الخمس في آخر السنة،و لكنه لا يخلو عن إشكال،و الأحوط و الأجدر وجوب إخراج الخمس من الزائد و عدم
استثنائه عنه،و إذا بقيت من تلك الأعيان الزائدة إلى السنة الآتية فأدى الدين المذكور في أثناء تلك السنة من أرباحها،فهل تصبح الأعيان المذكورة من أرباح و فوائد السنة الثانية،فلا يجب الخمس إلا على ما يزيد منها على مئونة تلك السنة أو لا؟ و الجواب:أنها لا تصبح أرباحا لها عوضا عن أرباحها التي أدّى الدين المذكور بها،على أساس انها ليست بديلا عن تلك الأرباح حتى تقوم مقامها،بل الواجب عليه حينئذ في المسألة إخراج خمس الأرباح أولا ثم أداء الدين بها؛ باعتبار أن أداء الدين إنما هو من المئونة إذا لم يكن ما بإزائه موجودا،و أما إذا كان له ما بإزاء في الخارج و أمكن أدائه به فلا يكون أدائه من أرباح السنة الاخرى من المئونة،و إذا أراد أدائه بها فعليه أولا تخميسها ثم الأداء.
كدار للإيجار مثلا أو بستان أو أرض بأرباح أثناء السنة أو بما وصل إليه بهبة أو جائزة،و كان عليه دين للمئونة يساويها في القيمة،و كان الدين بعد ظهور الربح فهنا صورتان:
الاولى:أن الأعيان المذكورة إذا بقيت عنده إلى آخر السنة،فهل يجب عليه خمس تلك الأعيان على الرغم من أنه مديون للمئونة بما يعادلها أو لا؟ و الجواب:أن المشهور عدم وجوب الخمس فيها و أنها مستثناة منه،على أساس أنها بديل الدين للمئونة و لكنه مشكل،و الأحوط-وجوبا-إخراج الخمس منها.
الثانية:أن المكلف إذا أدّى الدين المذكور في السنة الثانية من أرباحها، فهل يجب عليه أولا خمس الربح ثم أداء الدين به أو لا؟
و الجواب:نعم،يجب عليه ذلك على أساس أن أداء الدين السابق إنما هو من المئونة إذا لم يكن له ما بإزاء في الخارج،و أما إذا كان ما بإزاء فيه و يكفي للوفاء به،و مع ذلك إذا أراد المكلف أن يؤديه من أرباح السنة الاخرى،لم يكن ذلك
الأداء من المئونة،و عليه أن يخمس تلك الأرباح أولا ثم يؤدي الدين بها،و المقام كذلك؛إذ كان بإمكانه أن يؤدي الدين المذكور من نفس تلك الأعيان المشتراة الموجودة عنده فعلا و كفايتها به،و مع هذا إذا أراد أن يؤديه من أرباح السنة الاخرى،فعليه تخميسها أولا ثم الأداء.
و دعوى:أنه إذا أدّى الدين في السنة الثانية بأرباحها أصبحت الأعيان المذكورة من أرباح هذه السنة و فوائدها،غاية الأمر إن و في تمام الدين المساوي لقيمة هذه الأعيان صار تمام الأعيان من فوائد السنة و إن وفى لنصف الدين كان نصف الأعيان من أرباح تلك السنة،و إن وفى ربعه كان ربعها من أرباحها و هكذا، و على هذا فيعامل مع تلك الأعيان معاملة أرباح السنة و فوائدها،فإن بقيت الى آخر السنة و لم تصرف في المئونة وجب إخراج خمسها و إلا فلا شيء عليه.
مدفوعة:بأن تلك الأعيان من أرباح السنة الماضية،و على هذا فإن لم يكن المكلف مديونا للمئونة وجب عليه تخميسها في آخر السنة،و إن كان مديونا للمئونة بما يساوي قيمة تلك الأعيان و ماليتها فلا خمس فيها على المشهور،على أساس أن الدين إذا كان للمئونة و كان بعد ظهور الربح،استثنى من الأرباح في نهاية السنة عن الخمس،و بما أن هذه الأعيان في المسألة تقدر بقدر الدين المذكور فتكون مستثناة عنه،و لكن مرّ أنه لا يخلو عن إشكال،و الأحوط-وجوبا-عدم الاستثناء،و بكلمة:أن تلك الأعيان تكون من أرباح السنة الاولى،و هي في تلك السنة إما مستثناة من الخمس بملاك المئونية،أو أن خمسها مبني على الاحتياط.
و على كلا التقديرين لا يعقل صيرورتها من أرباح السنة الآتية بأداء الدين منها، على أساس أنها إنما تصير من أرباحها إذا كانت مشتراة في هذه السنة بالذمة بعد ظهور الربح ثم يؤدي ثمنها من أرباحها،فإنها حينئذ أصبحت من فوائدها لا مثل الأعيان المذكورة التي هي مشتراة في السنة الاولى،و على هذا فبما أن أداء هذا الدين ليس من مئونة السنة الثانية،على أساس أنّ له ما بإزاء في الخارج،فيجب
تخميس الربح أولا ثم الأداء.نعم،إذا تلفت تلك الأموال بتلف سماوي لا ضماني، فعندئذ لا خمس فيما يؤديه لوفاء الدين من الأرباح،على أساس أنه ليس للدين وقتئذ ما بإزاء في الخارج أمكن الوفاء به،و عليه فيكون أدائه من المئونة فلا خمس فيه.أجل،إذا كانت العين المشتراة في الذمة من المؤن،كما إذا اشترى دارا كذلك للسكنى فسكنها،ثم وفى في السنة الثانية أو الثالثة ثمنها،لم يجب عليه خمس الدار و لا ثمنها باعتبار أنها من المئونة.
بأن يدفع عن كل مائة خمسة و عشرين،و عن كل ألف مائتين و خمسين و هكذا،أو يدفع خمس الأرباح و الفوائد أولا،ثم خمس الأرباح السابقة،على أساس أن دفع خمس تلك الأرباح من أرباح السنة الثانية ليس من مئونة تلك السنة ما دامت تلك الأرباح موجودة،لكي يكون مستثنى من الخمس.نعم،لو تلفت بحادثة سماوية أو أرضية،فحينئذ يكون أداء خمسها من الأرباح اللاحقة من المئونة و مستثنى من الخمس.
وجب عليه الوفاء بنذره،فإن صرف المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم يجب عليه تخميس ما صرفه،و إن لم يصرفه حتى انتهت السنة وجب عليه إخراج خمسه،كما يجب عليه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه بعد إكمال مئونته.
و اشترى آلات للدكان بعشرة،و في آخر السنة وجد ماله بلغ مائة دينار، كان عليه خمس الآلات فقط،و لا يجب إخراج خمس اجرة الدكان؛لأنها من مئونة التجارة،و كذا اجرة الحارس،و الحمال و الضرائب التي يدفعها إلى الدولة
و السرقفلية،فإن هذه المؤن مستثناة من الربح،و الخمس إنما يجب فيما زاد عليها كما عرفت.نعم،إذا كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقا في أخذها من غيره،وجب تقديم ذلك الحق في آخر السنة،و إخراج خمسه،فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية و ربما تنقص و ربما تساوي.
لم يحسب ما يدفعه من المؤن،بل يجب فيه الخمس،و كذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة،فإن وفاءه من أرباح السنة الثانية لا يكون من المؤن،بل يجب فيه الخمس إذا كان مال المصالحة عوضا عن خمس عين موجودة،و إذا كان عوضا عن خمس عين أو أعيان تالفة،فوفاؤه يحسب من المؤن،و لا خمس فيه كما مر.
فإن أمكن استيفاؤه وجب دفع خمسه،و إن لم يمكن تخير بين أن ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة،فإذا استوفاه إخراج خمسه و كان من أرباح السنة السابقة،لا من أرباح سنة الاستيفاء،و بين أن يقدر مالية الديون فعلا فيدفع خمسها بإذن الحاكم الشرعي،فإذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر قيمة للدين من أرباح سنة الاستيفاء.
و إن جاز تأخير الدفع إلى آخر السنة-احتياطا-للمئونة،فإذا أتلفه ضمن الخمس،و كذا إذا أسرف في صرفه أو وهبه أو اشترى أو باع على نحو المحاباة،إذا كانت الهبة أو الشراء أو البيع غير لائقة بشأنه،و إذا علم أنه ليس عليه مئونة في باقي السنة،فالأحوط أن يبادر إلى دفع الخمس،و لا يؤخره إلى نهاية السنة.
فالمستثنى هو المئونة إلى حين الموت،لا تمام السنة.
و الجواب:الأقرب أنه لا يجب و إن كان أولى و أجدر،و إذا علم أنه أتلف مالا له قد تعلق به الخمس و اشتغلت ذمته به،وجب إخراجه من أصل تركته، كغيره من الديون.
انكشف أنه لا خمس في ماله،و حينئذ فله أن يرجع به على المعطى له مع بقاء عينه،و كذا مع تلفها إذا كان عالما بالحال،و أما إذا ربح في أول السنة،فدفع الخمس منه باعتقاد عدم حصول مئونة زائدة،فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مئونة لم تكن محتسبة،لم يجز له الرجوع إلى المعطى له،حتى مع بقاء عينه فضلا عما إذا تلفت.
من النقدين،و لا يجوز له الدفع من غيرهما إلا بإذن الحاكم الشرعي،و لا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل أدائه،بل الأظهر عدم التصرف في بعضها أيضا و إن كان مقدار الخمس باقيا في البقية،و إذا ضمنه في ذمته بإذن الحاكم الشرعي صح،و يسقط الحق من العين،فيجوز التصرف فيها.
إما لاعتقاده بعدم وجوب الخمس في الشرع تقصيرا أو قصورا أو لعصيانه و عدم مبالاته بأمر الدين،و لا يلحقه وزر من قبل شريكه،على أساس أنه مكلف بإخراج الخمس من حصته في الربح،و لا يكون مكلف بإخراجه من حصة شريكه فيه،فإذا أخرجه من حصته كفى و لا شيء عليه،و بكلمة:أن رأس المال بينهما و إن كان مختلطا من المال المخمس و غيره،إلا أنه لا مانع من تصرفه فيه إذا كان ممن شمله
أخبار التحليل كما هو المفروض.نعم،لا يجوز تصرف شريكه فيه باعتبار أنه تارك للخمس عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي،كما أن له أن يحسب خمس حصته من الفائدة قبل تقسيمها،شريطة أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي، فإذا صنع ذلك كانت حصته مخمسة و له حينئذ إفرازها بالتقسيم.
لكنه إذا اتجر بها عصيانا أو لغير ذلك،فالظاهر صحة المعاملة إذا كان طرفها مؤمنا و ينتقل الخمس إلى البدل،كما أنه إذا وهبها لمؤمن صحت الهبة،و ينتقل الخمس إلى ذمة الواهب،و على الجملة:كل ما ينتقل إلى المؤمن ممن لا يخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجانا يملكه فيجوز له التصرف فيه، و قد أحل الأئمة-سلام اللّه عليهم-ذلك لشيعتهم تفضلا منهم عليهم،و كذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء،فيما إذا أباحوها لهم من دون تمليك، ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن و الوزر على مانع الخمس إذا كان مقصرا.
نصف لإمام العصر الحجة المنتظر-عجل اللّه تعالى فرجه الشريف و جعل أرواحنا فداه-و قد تسأل:هل أنه ملك لشخص الإمام عليه السّلام أو لمنصبه عليه السّلام و هو الإمامة و الزعامة؟ و الجواب:أنه ملك للمنصب،فمن أجل ذلك يكون أمره بيد الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة،و نصف لبني هاشم:أيتامهم،و مساكينهم،و أبناء سبيلهم،و يشترط في هذه الأصناف جميعا الإيمان،كما يعتبر الفقر في الأيتام، و يكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم،و لو كان غنيا في بلده،إذا لم يتمكن من
السفر بقرض و نحوه على ما عرفت في الزكاة.و الأحوط-وجوبا-اعتبار أن لا يكون سفره معصية،و لا يعطى أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده،و الأظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم.
و يجوز البسط و الاقتصار على إعطاء صنف واحد،بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من صنف واحد.
أما إذا كان بالأم فلا يحل له الخمس و تحل له الزكاة،و لا فرق في الهاشمي بين العلوي و العقيلي و العباسي و إن كان الأولى تقديم العلوي بل الفاطمي.
و يكفي في الثبوت الشياع و الاشتهار في بلده،كما يكفي كل ما يوجب الوثوق و الاطمئنان به.
نعم،إذا كانت عليه نفقة غير لازمة للمعطي جاز ذلك.
و الجواب:لا يبعد أن يكون أمره بيده كسهم الإمام عليه السّلام أو لا أقل أنه الأحوط.
و هو الفقيه المأمون العارف بمصارفه، إما بالدفع إليه أو الاستئذان منه،و مصرفه ما يوثق برضاه عليه السّلام بصرفه فيه،كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم اللّه تعالى شرفا و غيرهم،و المصالح العامة للدين و المذهب و اللازم مراعاة الأهم فالأهم،و من أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون و المسترشدون إقامة دعائم الدين و رفع أعلامه،و ترويج الشرع المقدس،و نشر قواعده و أحكامه و مئونة أهل العلم الذين يصرفون
أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين،و إرشاد الضالين،و نصح المؤمنين و وعظهم،و إصلاح ذات بينهم،و نحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم و تكميل نفوسهم و علو درجاتهم عند ربهم تعالى شأنه و تقدست اسماؤه،و الأظهر مراجعة المرجع الأعلم في ذلك.
بل مع وجوده إذا لم يكن النقل تساهلا و تسامحا في أداء الخمس،و لكن ذلك لا بدّ أن يكون بإذن الفقيه الجامع للشرائط،أما سهم الإمام عليه السّلام فعلى أساس أن أمره في زمن الغيبة يرجع إليه و هو يتصرف فيه حسب ما يراه،و لا يجوز لأي واحد التصرف فيه من دون إذنه و إجازته،فالمالك و إن كانت له الولاية على عزل الخمس و إفرازه إلا أن إيصاله إلى الفقيه إذا توقف على النقل، فلا بد أن يكون ذلك بإذنه،فلو نقل من دون الإذن منه و تلف في الطريق ضمن، و لا يبعد أن يكون الأمر في سهم السادة أيضا كذلك.نعم،إذا كان للفقيه وكيل في البلد جاز دفعه إليه،و كذا إذا وكّل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه، ثم ينقله إليه،فإنه لو تلف فلا ضمان عليه.
فاللازم عدم التساهل و التسامح في أداء الخمس منه،و أما حكم نقله من بلده إلى بلد الفقيه فيظهر مما مر.
فإذا عزل تعين و لكن نقله إلى بلد الفقيه أو المستحق لا بد أن يكون بالإذن كما مر.نعم،إذا قبضه وكالة عن الحاكم الشرعي فرغت ذمته،و لو نقله بإذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن.
فلا بد أن يكون ذلك بإذن ولي الخمس و إلا لم يجز.
أما إذا أراد أن يخرجه من مال آخر فلا يجزي إلا أن يكون بإذن الحاكم الشرعي.
إلا إذا كانت هناك مصلحة عامة دينية تتطلب ذلك.
نذكر فيما يلي عدد من المسائل التطبيقية التي يكثر ابتلاء أهل الخمس بها:
باجرة تقدر بعشرين ألف دينار،كانت الاجرة تماما من فائدة سنة الإجارة، شريطة استثناء مبلغا منها يساوي ما ورد من النقص على مالية الدار أو المحل من جهة أنها أصبحت مسلوبة المنفعة في السنين الآتية و جبره به،و ما بقي من الاجرة بعد الجبر فهو من فائدة السنة،مثلا إذا قدر قيمة الدار بثلاثين ألف دينار و قدر قيمتها مسلوبة المنفعة في تلك السنين بعشرين ألف دينار،و على هذا فيستثنى من الاجرة-و هي عشرون ألف دينار-مقدار ما يجبر به النقص الوارد على مالية الدار أو المحل في تلك المدة و هو عشرة آلاف دينار،فيبقى من الاجرة عشرة آلاف و هي فائدة سنة الإجارة،فإن بقيت كلها أو بعضها إلى نهاية السنة وجب عليه خمسها.
أحدهما:أنه غرسها للمئونة و الآخر لغيرها،أما القسم الأول فله حالتان:
الاولى:أن تلك الأشجار لا تزيد عن مئونته و متطلبات حاجياته اللائقة بحاله.
الثانية:أنها تزيد عنها.
أما في الحالة الاولى فإن كانت مكانته الاجتماعية تتطلب أن يكون له مثل هذه الأشجار من البداية،و إن لم تبلغ إلى حد الاستفادة من أثمارها أو غصونها فهي من المئونة له،و لا يجب خمسها في تمام أدوارها من البداية إلى النهاية،و إلا فيجب عليه خمس نموها في كل سنة إلى أن تبلغ حد الاستفادة، و عندئذ فلا يجب خمس نموها؛باعتبار أنها أصبحت مئونة فعلا،و أما في الحالة الثانية ففي الفرض الأول يجب خمس نموها في كل سنة بنسبة الزيادة لا مطلقا إلى أن تبلغ حد الإنتاج و الاثمار،فإذا أثمرت وجب خمس الزائد من ثمرها في كل عام،و في الفرض الثاني يجب خمس نموها في كل سنة إلى أن تصل حد الإنتاج.
و أما القسم الثاني فله أيضا حالتان:
الاولى:أنه غرسها بغرض الاتجار بأعيانها و أغصانها و سائر منافعها بالبيع و الشراء و المداولة بها.
الثانية:أنه غرسها بغاية الانتفاع من أعيانها في تأسيس البنايات و العمارات و غيرها،و في كلتا الحالتين يجب عليه خمس نموها في كل عام،و كذلك زيادة قيمتها في الحالة الأولى،و أما في الحالة الثانية فالأقرب عدم وجوب خمس زيادة قيمتها السوقية و إن كان الاحتياط في محله.
فهل يجب في هذه الحالة خمس نموها أو يجبر به ما ورد عليها من النقص في قيمتها؟
و الجواب:الأقرب وجوب خمس النمو و عدم جبر النقص به.
1-أنها وصلت إليه بالإرث.
2-أنه قام بإحيائها و توفير شروط الانتفاع بها و الاستفادة منها.
3-أنه اشتراها من أجل هذه الغاية،أما في الحالة الاولى فلا يجب عليه خمسها،و أما في الحالة الثانية فإن كانت الأرض التي قام بإحيائها من متطلبات مكانته عند الناس و شأنه لإشباع حاجاته و تأمين مئونته اللائقة بمقامه فلا خمس فيها،و إلا فعليه أن يخمسها كلا أو بعضا،و أما في الحالة الثالثة فالحكم فيها كالحكم في الحالة الثانية.نعم،إن كان ثمنها متعلقا للخمس وجب إخراج خمسه أيضا.
الاولى أن يخمس الربح اللاحق أولا ثم يدفعه عوضا عن خمس الربح السابق،و أن يكون ذلك بإذن ولي الخمس،و الآخر أن يدفع منه الربع،فإذا دفع الربع منه كفى عن كلا الخمسين.
فإن كانت عنده فائدة من تجارته أو مهنته في وقت الشراء و أدّى ثمنها من تلك الفائدة،أصبحت نفس هذه الأعيان فائدة السنة، فيجب عليه أن يدفع خمسها بقيمتها الفعلية في آخر السنة،و إن لم تكن عنده فائدة في ذلك الوقت،و إنما تحققت بعد ذلك في زمن متأخر،لم يجز أن يؤدي ثمن تلك الأعيان من هذه الفائدة المتأخرة إلا بعد إخراج خمسها؛باعتبار أن أداء ثمنها لا يعتبر من مئونة هذه السنة ما دامت الأعيان موجودة و قائمة.
1-أن مكانته الاجتماعية تتطلب أن يكون مالكا لعدد من المواشي لإشباع حاجياته المناسبة لمقامه،و في هذه الحالة لا يجب عليه إخراج الخمس منها.نعم،إذا كانت أزيد وجب خمس الزائد.
2-أنه جمع المواشي شراء أو هبة بغاية الانتفاع بها في المستقبل،من دون أن تتطلب مكانته الاجتماعية ذلك،و في هذه الحالة يجب عليه إخراج خمس الجميع في آخر السنة.
3-أن غرضه بذلك الاتجار بها بالبيع و الشراء و التصدير و الاستيراد،و في هذه الحالة إذا كانت مكانته الاجتماعية تتطلب أن يكون لديه عدد من المواشي و الأنعام يقوم بالعمل فيه كتاجر،على أساس أن قيامه بالعمل فيه كعامل نقصا و مهانة له،كان ذلك العدد مئونة له فلا خمس فيه،و إلا وجب الخمس في الجميع بدون استثناء.
وجب عليه الوفاء به،فإن صرف في تلك الجهة قبل نهاية السنة فلا موضوع للخمس،و إن لم يصرف فيها إلى أن انتهت السنة وجب عليه خمسه.
و الجواب:أن المعروف و المشهور بين الأصحاب هو الاعتبار،و لكنه لا يخلو عن إشكال،و الأحوط-وجوبا-أن لا يترك نية القربة.
من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،قال اللّه تعالى: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
فالآية تدل على لزوم وجود طائفة بين الامة في كل عصر تتحمل مسئولية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،و بكلمة:تتحمل مسئولية الجهاد العقائدي و الفكري في سبيل اللّه عن طريق التفقه بالدين و حمله إلى الأقطار الإسلامية،و هذه الطائفة متمثلة في علماء الامة،فإنهم يتحملون هذه المسئولية و يقومون بنشر الأفكار الإسلامية و أحكامها بين الطائفة و الامة عن طريق نشر الكتب و الكراسات،و إرسال المبعوثين إلى الأقطار و البلدان الإسلامية،و غير ذلك من الطرق الممكنة المتاحة لهم،كما أن على الطائفة و المؤمنين القبول منهم و التعاون في ذلك،و أن لا يظلوا متفرجين و غير مبالين،هذا من ناحية،و من ناحية اخرى أن المراد من الآية الشريفة ظاهرا مطلق تبليغ الأحكام و نشرها
بشكل عام الشامل لإرشاد الجاهل أيضا.
و من ناحية ثالثة أن وظيفة الامة عامة القيام بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الفساد و الظلم لكي تتاح الفرصة لإيجاد الأمن و العدالة في ساحة الامة و ينص عليه قوله صلّى اللّه عليه و آله:«كيف بكم إذا فسدت نساؤكم،و فسق شبابكم،و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر فقيل له صلّى اللّه عليه و آله:و يكون ذلك يا رسول اللّه قال صلّى اللّه عليه و آله:نعم.فقال:كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر،و نهيتم عن المعروف فقيل له صلّى اللّه عليه و آله:يا رسول اللّه،و يكون ذلك؟فقال صلّى اللّه عليه و آله:نعم و شر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا».
و ما ورد عنه عليه السّلام:«أن بالأمر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب،و تمنع المظالم،و تعمر الأرض و ينتصف للمظلوم من الظالم،و لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف،و نهوا عن المنكر،و تعاونوا على البر،فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء».
و إن قام به واحد سقط عن غيره،و إذا لم يقم به واحد أثم الجميع و استحقوا العقاب.
فإذا أمر به كان مستحقا للثواب،و إن لم يأمر به لم يكن عليه إثم و لا عقاب.
و أما إذا كان جاهلا بذلك،فلا موضوع لوجوبهما عليه.
و انتهاء المنهي عن المنكر بالنهي و قبوله،فإذا لم يحتمل ذلك،و علم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي و لا يكترث بهما لم يجب عليه شيء.
فإذا كانت هناك أمارة على الإقلاع و ترك الإصرار لم يجب شيء،بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك،فمن ترك واجبا،أو فعل حراما و لم يعلم أنه مصر على ترك الواجب،أو فعل الحرام ثانيا،أو أنه منصرف عن ذلك أو نادم عليه لم يجب عليه شيء.هذا بالنسبة إلى من ترك المعروف،أو ارتكب المنكر خارجا،و أما من يريد ترك المعروف،أو ارتكاب المنكر،فيجب أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر و إن لم يكن قاصدا إلا المخالفة مرة واحدة.
فإن كان معذورا في فعله المنكر أو تركه المعروف؛لاعتقاده أن ما فعله مباح و ليس بحرام أو أن ما تركه ليس بواجب،و كان معذورا في ذلك للاشتباه في الموضوع،أو الحكم اجتهادا أو تقليدا لم يجب شيء.نعم،قد يجب من باب الإرشاد كما إذا كان المعروف أو المنكر مما قد اهتم الشارع به.
فإذا لزم الضرر عليه،أو على غيره من المسلمين لم يجب شيء،و الظاهر أنه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر و الظن به و الاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف.هذا فيما إذا لم يحرز تأثير الأمر أو النهي،و أما إذا أحرز ذلك فلا بد من
رعاية الأهمية،فقد يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر أيضا،فضلا عن الظن به أو احتماله.
بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء و غيرهم،و العدول و الفساق و السلطان و الرعية و الأغنياء و الفقراء،و قد تقدم أنه إن قام به واحد سقط الوجوب عن غيره،و إن لم يقم به أحد أثم الجميع و استحقوا العقاب.
بمعنى:إظهار كراهة المنكر،أو ترك المعروف،إما بإظهار الانزعاج من الفاعل،أو الإعراض و الصد عنه،أو ترك الكلام معه،أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.
بأن يعظه و ينصحه و يذكر له ما أعد اللّه سبحانه للعاصين من العقاب الأليم و العذاب في الجحيم،أو يذكر له ما أعده اللّه تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم و الفوز في جنات النعيم.
و لكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف و أشد،و المشهور الترتب بين هذه المراتب،فإن كان إظهار الإنكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه،و إلا أنكر باللسان،فان لم يكف ذلك أنكر بيده،و لكن الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة فيختار الآمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما،و قد يلزمه الجمع بينهما،و أما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين،و الأحوط-لزوما-في هذا القسم الترتيب بين مراتبه،فلا ينتقل إلى الأشد،إلا إذا لم يكف الأخف.
ففي جواز الانتقال إلى الجرح و القتل وجهان،بل قولان أقواهما العدم،و كذا إذا توقف على كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما أو إعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما،فإن الأقوى عدم جواز ذلك،و إذا أدى الضرب إلى ذلك خطأ أو عمدا فالأقوى ضمان الأمر و الناهي لذلك،فتجري عليه أحكام الجناية العمدية إن كان عمدا و الخطأ إن كان خطأ.نعم،يجوز للإمام و نائبه ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله،و حينئذ لا ضمان عليه.
فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات، كالصلاة و أجزائها و شرائطها-بأن لا يأتوا بها على وجهها لعدم صحة القراءة و الأذكار الواجبة،أو لا يتوضئوا وضوء صحيحا أو لا يطهروا أبدانهم و لباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح-أمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم،حتى يأتوا بها على وجهها،و كذا الحال في بقية الواجبات،و كذا إذا رأى منهم التهاون في المحرمات كالغيبة و النميمة و العدوان من بعضهم على بعض أو على غيرهم أو غير ذلك من المحرمات،فإنه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتى ينتهوا عن المعصية.
وجب أمره بالتوبة فإنها من الواجب،و تركها كبيرة موبقة.هذا مع التفات الفاعل إليها،أما مع الغفلة ففي وجوب أمره بها إشكال،و الأحوط-استحبابا-ذلك.
قال بعض الأكابر قدس سره:(إن من أعظم أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أعلاها و أتقنها و أشدها،خصوصا بالنسبة إلى رؤساء الدين أن يلبس رداء المعروف واجبه و مندوبه،و ينزع رداء المنكر محرمه و مكروهه، و يستكمل نفسه بالأخلاق الكريمة و ينزهها عن الأخلاق الذميمة،فإن ذلك منه سبب تام لفعل الناس المعروف و نزعهم المنكر،خصوصا إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغبة و المرهبة،فإن لكل مقام مقالا،و لكل داء دواء،و طب النفوس و العقول أشد من طب الأبدان بمراتب كثيرة،و حينئذ يكون قد جاء بأعلى أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر).
و فيها مطلبان
حيث قال تعالى: وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللّٰهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
و قال ابو عبد اللّه عليه السّلام:«أوحى اللّه عزّ و جل إلى داود:ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي،عرفت ذلك من نيّته،ثم تكيده السماوات و الأرض و من فيهن،إلا جعلت له المخرج من بينهن».
الرءوف الرحيم بخلقه العالم بمصالحه و القادر على قضاء حوائجهم.و إذا لم يتوكل عليه تعالى فعلى من يتوكل؟أعلى
نفسه أم على غيره مع عجزه و جهله؟! قال تعالى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ .
و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«الغنى و العز يجولان،فإذا ظفر بموضع من التوكل أوطنا».
فعن أمير المؤمنين عليه السّلام فيما قال:
«و الذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن باللّه إلا كان اللّه عند ظن عبده المؤمن؛لأن اللّه كريم بيده الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن،ثم يخلف ظنه و رجاءه،فأحسنوا باللّه الظن و ارغبوا إليه».
قال اللّه تعالى: إِنَّمٰا يُوَفَّى الصّٰابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ .
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حديث:«فاصبر،فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا،و اعلم أن النصر مع الصبر،و أن الفرج مع الكرب،فإن مع العسر يسرا،إن مع العسر يسرا».
و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«لا يعدم الصبر الظفر و إن طال به الزمان».
و قال عليه السّلام:«الصبر صبران:صبر عند المصيبة حسن جميل،و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم اللّه تعالى عليك».
قال أبو جعفر عليه السّلام:«ما عبادة أفضل عند اللّه من عفة بطن و فرج».
و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إنما شيعة جعفر من عف بطنه و فرجه،و اشتد
جهاده،و عمل لخالقه،و رجا ثوابه،و خاف عقابه،فإذا رأيت أولئك فاولئك شيعة جعفر».
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما أعز اللّه بجهل قط،و لا أذل بحلم قط».
و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل».
و قال الرضا عليه السّلام:«لا يكون الرجل عابدا حتى يكون حليما».
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من تواضع للّه رفعه اللّه،و من تكبر خفضه اللّه،و من اقتصد في معيشته رزقه اللّه،و من بذر حرمه اللّه،و من أكثر ذكر الموت أحبه اللّه تعالى».
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك،و مواساة الأخ في اللّه تعالى على كل حال».
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
«طوبى لمن شغله خوف اللّه عزّ و جل عن خوف الناس،طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين».
و قال صلّى اللّه عليه و آله:«إن أسرع الخير ثوابا البر،و إن أسرع الشر عقابا البغي،و كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه،و أن يعير الناس بما لا يستطيع تركه،و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه».
قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«من أصلح سريرته أصلح اللّه تعالى علانيته،و من عمل لدينه كفاه اللّه دنياه،و من
أحسن فيما بينه و بين اللّه أصلح اللّه ما بينه و بين الناس».
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من زهد في الدنيا أثبت اللّه الحكمة في قلبه،و انطلق بها لسانه،و بصره عيوب الدنيا داءها و دواءها،و أخرجه منها سالما إلى دار السلام».
و قال رجل:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني لا ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء حتى آخذ به.فقال عليه السّلام:«أوصيك بتقوى اللّه،و الورع و الاجتهاد،و إياك أن تطمع إلى من فوقك،و كفى بما قال اللّه عز و جل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: وَ لاٰ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلىٰ مٰا مَتَّعْنٰا بِهِ أَزْوٰاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا و قال تعالى: فَلاٰ تُعْجِبْكَ أَمْوٰالُهُمْ وَ لاٰ أَوْلاٰدُهُمْ فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإنما كان قوته من الشعير و حلواه من التمر و وقوده من السعف إذا وجده،و إذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فأذكر مصابك برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط».
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل».
و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«الغضب مفتاح كل شر»و قال أبو جعفر عليه السّلام:«إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار،فأيما رجل غضب على قومه و هو قائم فليجلس من فوره ذلك،فإنه سيذهب عنه رجس الشيطان،و أيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه،فإن الرحم إذا مست سكنت».
قال أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السّلام:«إن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب»و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ذات يوم لأصحابه:«إنه قد دب إليكم داء الامم من قبلكم،و هو الحسد،ليس بحالق الشعر،و لكنه حالق الدين، و ينجي فيه أن يكف الإنسان يده،و يخزن لسانه،و لا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن».
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من ظلم مظلمة اخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده»و قال عليه السّلام:«ما ظفر بخير من ظفر بالظلم،أما إن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم».
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«شر الناس عند اللّه يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم».
و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«و من خاف الناس لسانه فهو في النار».
و قال عليه السّلام:«إن أبغض خلق اللّه عبد اتقى الناس لسانه».
و لنكتف بهذا المقدار.
و الحمد للّه أولا و آخرا،و هو حسبنا و نعم الوكيل.