فهرست

پرش به محتوا

آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض

منهاج الصالحین – جلد ۲

جلد

2

فهرست

فهرست

صفحه اصلی کتابخانه منهاج الصالحین – جلد ۲ صفحه 2

منهاج الصالحین – جلد ۲

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 101)


المعاملات

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 102)


منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 103)


كتاب التجارة

و فيه مقدمة و فصول:

مقدمة

التجارة في الجملة من المستحبات الأكيدة في نفسها،و قد تستحب لغيرها، و قد تجب-كذلك-إذا كانت مقدمة لواجب أو مستحب،و قد تكره لنفسها أو لغيرها،و قد تحرم كذلك،و المحرم منها أصناف،و هنا مسائل:

(مسألة 194):تحرم و لا تصح التجارة بالخمر،و باقي المسكرات و الميتة،
و الكلب غير الصيود،و الخنزير،

و لا فرق في الحرمة بين بيعها و شرائها،و جعلها أجرة في الإجارة،و عوضا عن العمل في الجعالة،و مهرا في النكاح،و عوضا في الطلاق الخلعي،و أما سائر الأعيان النجسة،فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها منافع محللة مقصودة كبيع العذرة للتسميد و الدم للتزريق،و كذلك تجوز هبتها و الاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.

(مسألة 195):لا يجوز بيع الميتة و الخمر و الخنزير و الكلب غير الصيود،

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 104)


و قد تسأل:أن هذه الأعيان النجسة التي لا مالية لها بنظر الشارع و لا يعترف الشارع بملكية الإنسان لها،فهل يثبت الحق لمن وضع يده عليها أو كانت في حوزته،كما إذا صار خله خمرا أو ماتت دابته أو اصطاد كلبا غير كلب الصيود أو غير ذلك أو لا يثبت؟

و الجواب:أن ثبوت الحق له بها شرعا لا يخلو عن إشكال بل منع و إن كان الاحتياط بعدم مزاحمة من كانت تلك الأعيان بيده في محله.

(مسألة 196):قد تسأل:هل يجوز بيع الميتة الطاهرة كميتة السمك و
الجراد و نحوهما أو لا؟

و الجواب:أن الجواز غير بعيد إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف و العقلاء بحيث إنهم يبذلون المال بإزائها و إن كان الأحوط تركه.

(مسألة 197):يجوز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة

إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها.

(مسألة 198):قد تسأل:هل يجوز بيع عذرة غير مأكول اللحم منها عذرة
الإنسان و بيع دهن الميتة و الدم أو لا؟

و الجواب:الظاهر الجواز،على أساس أن لها منافع معتد بها لدى العرف و العقلاء مثل التسميد بالعذرات و الإشعال و الطلي بدهن الميتة النجسة و الصبغ بالدم و غير ذلك.

(مسألة 199):يجوز بيع الأرواث الطاهرة

و كذلك الأبوال الطاهرة.

(مسألة 200):الأعيان المتنجسة كالدبس و العسل و الدهن و السكنجبين
و غيرها إذا لاقت النجاسة،يجوز بيعها

و المعاوضة عليها إذا كانت لها منفعة محللة

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 105)


معتد بها عند العرف و العقلاء،بل لو لم تكن لها منفعة محللة كذلك و إن كان الأحوط ترك البيع،و المعاوضة في هذه الحالة،و على كلا التقديرين يجب على البائع إعلام المشتري بالنجاسة.

(مسألة 201):يحرم الاتجار و المداولة بآلات اللهو

كالمزامير و الأصنام و الصلبان و الطبول و آلات القمار كالشطرنج و نحوه بغاية الأغراض المحرمة و إشاعتها و ترويجها،و لا إشكال في أن منها الصفحات الغنائية(الاسطوانات) لصندوق حبس الصوت،و كذلك الأشرطة المسجل عليها الغناء،و أما الصندوق نفسه فهو كالراديو من الآلات المشتركة،فيجوز بيعهما كما يجوز أن يستمع منها الأخبار و القرآن و التعزية و نحوها مما يباح استماعه،و قد تسأل هل التلفاز من آلات اللهو،فلا يجوز بيعه و لا استعماله و لا عمله أو لا؟

و الجواب:الظاهر أنه لا يعد لدى العرف العام من آلات اللهو كآلات القمار و نحوه،بل غايته أنه من الآلات المشتركة،حينئذ فيجوز بيعه و شرائه و استعماله و تصنيعه و إصلاحه.نعم،لا يجوز استعماله فيما هو محرم شرعا،كمشاهدة الأفلام الخلاعية المثيرة للشهوة المترتبة عليها المفاسد الاجتماعية و العائلية،و أما استعماله في الأفلام التي لا تترتب على مشاهدتها مفاسد أخلاقية فلا مانع منه، بل قد تترتب عليها فوائد علمية أو تجريبية حرفية أو فنية،و عليه فتختص الحرمة باستعماله في الجهات اللهوية المثيرة للشهوة الشيطانية،و أما المسجلات فلا بأس ببيعها و استعمالها.

(مسألة 202):كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم تصنيعها و إصلاحها
و أخذ الأجرة على ذلك،

و هل يجب عليه أعدامها و لو بكسرها و تغيير هيئتها أو لا؟

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 106)


و الجواب:الأقرب عدم وجوب ذلك و إن كان أحوط،و يجوز بيع موادها من الخشب و النحاس و الحديد،و قد تسأل:هل يصح بيع تلك المواد في ضمن هيئتها و بدون كسرها و تغييرها أو لا؟

و الجواب:الظاهر أنه لا مانع منه و لا سيما إذا كان واثقا بأن المشتري يقوم بكسرها و تغييرها و الاستفادة من موادها،بل لا يبعد جواز ذلك مطلقا و إن لم يكن واثقا بأن المشتري يقوم بذلك.

(مسألة 203):تحرم المعاملة بالدراهم الخارجة عن السكة المعمولة من
أجل غش الناس بها،

فلا يجوز جعلها عوضا أو معوضا عنه في المعاملة إذا كان الآخر جاهلا بالحال،و أما مع علمه بها فالظاهر الجواز،و قد تسأل:هل تكون حرمة الغش تكليفية و وضعية معا أو تكليفية فحسب؟

و الجواب:الأقرب أنها تكليفية فحسب،و أما المعاملة فهي صحيحة وضعا،و لكن يثبت للمشتري الخيار.نعم،تجوز المعاملة و تصح مع الإعلام و بيان الواقع،و إن قلنا بالبطلان من دون ذلك،و في وجوب كسرها إشكال، و الأظهر عدمه.

(مسألة 204):يجوز بيع السباع،

كالهر و الاسد و الذئب و نحوها إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها،و كذا يجوز بيع الحشرات و المسوخات إذا كانت كذلك، كالعلق الذي يمص الدم و دود القز و نحل العسل و الفيل،أما إذا لم تكن لها منفعة محللة،فهل يجوز بيعها أو لا؟

و الجواب:لا يبعد جوازه،إذا كانت لها مالية لدى العرف و العقلاء بل مطلقا.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 107)


(مسألة 205):المراد بالمنفعة المحللة المعتد بها الفائدة التي هي باعثة
للتنافس بين العقلاء على اقتناء العين بسببها،

و لا فرق بين أن تكون حاجة الإنسان إليها في حال الاختيار أو في حال الاضطرار،كالأدوية و العقاقير المحتاج إليها للتداوي.

(مسألة 206):لا بأس ببيع أواني الذهب و الفضة للتزيين أو لمجرد الاقتناء،

بل للاستعمال في غير الأكل و الشرب على الأظهر،و هل يجوز بيعهما ممن يعلم أنه يستعملها في الأكل و الشرب أو لا؟

و الجواب:أنه يجوز على الأقرب.

(مسألة 207):هل يجوز بيع المصحف الشريف على الكافر و يصح أو لا؟

و الجواب:لا يبعد جوازه في نفسه وضعا و تكليفا،و لا سيما إذا كان غرض الكافر من الشراء الاطلاع على الأحكام الإسلامية و معارفها،و من هنا يظهر أنه لا بأس بتمكينه منه لإرشاده و هدايته و اطلاعه على الإسلام و معارفه.نعم،لا يجوز كل ذلك إذا أدّى إلى هتك حرمة المصحف و تنقيص شأنه و كرامته،و أما الكتب المشتملة على الآيات و الأدعية و أسماء اللّه تعالى،فالظاهر جواز بيعها على الكافر،و كذا كتب أحاديث المعصومين عليهم السّلام كما يجوز تمكينه منها.

(مسألة 208):يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا،أو الخشب-مثلا-
ليعمل صنما،

أو آلة اللهو أو نحو ذلك،سواء أ كان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في خارجه،و إذا باع و اشترط الحرام صح البيع و فسد الشرط،و كذا تحرم و لا تصح إجارة المساكن لتباع فيها الخمر،أو تحرز فيها،أو يعمل فيها شيء من المحرمات،و كذا تحرم و لا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرهما لحمل الخمر،و الثمن و الاجرة في ذلك محرمان،و أما بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا،

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 108)


أو إجارة السكن ممن يعلم أنه يحرز فيه الخمر،أو يعمل بها شيئا من المحرمات، من دون تواطئهما على ذلك في عقد البيع أو الإجارة أو قبله،فالأظهر جوازه.

(مسألة 209):تحرم عملية تمثيل ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان
و تجسيمها خارجا،

و تجوز هذه العملية لغير ذوات الأرواح من الشجر و الشمس و القمر و نحوها،و قد تسأل:هل يجوز تصويرها مجردا عن المادة،كما إذا قام المصور برسم صورة إنسان أو حيوان على الحائط أو الوسادة أو الخشب أو الشجر أو غير ذلك أو لا؟

و الجواب:أن جوازه غير بعيد و إن كان الأحوط تركه،و على هذا فلا يجوز أخذ الاجرة على عملية التمثيل و التجسيم،و يجوز أخذها على عملية التصوير المجرد،كما أنه لا بأس بالتصوير الفوتوغرافي المتعارف في عصرنا،و أما تمثيل شخص مقطوع الرأس فهل هو جائز أو لا؟أن جوازه غير بعيد؛لعدم صدق تمثيل الإنسان عليه إلا بالعناية.نعم،لو كان تمثيلا له على هيئة خاصة مثل تمثيله جالسا أو واضعا يديه خلفه أو نحو ذلك مما يعد تمثيلا تاما له،فالظاهر هو الحرمة،بل الأمر كذلك فيما إذا كان التمثيل ناقصا و لكن النقص لا يكون دخيلا في الحياة،كتمثيل إنسان مقطوع اليد أو الرجل،و يجوز اقتناء الصور و بيعها و إن كانت مجسمة أو ذوات أرواح على كراهة.

(مسألة 210):الغناء حرام،و هو صوت وقع بكيفية خاصة و لهجة
مخصوصة،

و هي الكيفية اللهوية لدى العرف العام و لم يرد في الشرع تحديد مفهومه بحدود معينة كما و كيفا،فلذلك يكون المعيار فيه إنما هو بالصدق العرفي، و لا فرق في حرمته بين وقوعه في قراءة قرآن أو دعاء أو رثاء أو غيرها.

بيان ذلك:أن قراءة القرآن أو الدعاء أو الرثاء إذا كانت بلهجة فصيحة

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 109)


و صوت فائق في الحسن و الأداء،و لكن كانت فارغة عن الكيفيات و الضمائم اللهوية فليست بغناء،حتى إذا فرض أنها توجب تهييج المستمع و تحريكه و التذاذه معنويا.نعم،لو كانت موجبة كذلك جنسيا لم يجز استماعها،لا من جهة أنها غناء،بل من جهة أن استماعها يوجب إثارة الجنس و تهييج الشهوة،و على هذا فتجوز قراءة القرآن أو الدعاء بصوت جميل و بلهجة فصيحة و بليغة،فإنها ليست بغناء ما دامت خالية عن الضمائم اللهوية.نعم،لا يجوز استماعها لمن يؤثر في نفسه جنسيا و يحرك شهوته،و يجوز لمن لا يؤثر في نفسه كذلك و إن أثر فيها معنويا،و بكلمة:أن صدق الغناء على صوت في العرف العام مرتبط بأن يكون ذلك الصوت بكيفية و لهجة خاصة في الأداء و الحركات،و هي الكيفية اللهوية، و هو بهذه الكيفية و اللهجة غناء عرفا و مناسب لمجالس اللهو و اللعب دون غيرها،و لا فرق في ذلك بين أن تكون تلك اللهجة بصوت جميل و حسن أو لا تكون،كما أنه لا فرق بين أن يكون المضمون مضمونا عقلانيا أو لا؛لأن المعيار في صدق الغناء إنما هو بالكيفيات و الضمائم لا بالصوت بما هو و لا بالمضمون،و قد تسأل:أن قراءة شعر أو نثر يرتبط بالقضايا العشقية كالغزل إذا لم تكن بالكيفية اللهوية فهل تجوز أو لا؟

الجواب:أن الجواز غير بعيد،إذا لم يكن هناك محذور آخر كالتكلم بالباطل و نحوه،و لكن قد يؤثر المضمون اللهوي في تحقق الغناء عرفا،إذا كانت قراءته بصوت و لهجة مهيجة محركة،و إن لم تكن بكيفية لهوية مناسبة لمجالس اللهو و اللعب،بحيث لو كان مضمون المقروء عقلانيا كالقرآن أو الدعاء أو نحوهما لا لهويا،لم تكن قراءته بهذا الصوت و اللهجة غناء عرفا،و أما استماعها إذا لم يصدق عليها الغناء،فإن كان موجبا لتهييج الشهوة و إثارتها لم يجز،و إلا فلا مانع منه،و مع ذلك فرعاية الاحتياط بالترك أولى و أجدر،و يستثنى من ذلك

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 110)


غناء النساء في الأعراس بشروط:

الأول:أن لا يضم إليها محرم آخر من الضرب بالطبل و التكلم بالباطل.

الثاني:أن لا يدخل الرجال عليهن.

الثالث:أن لا يسمع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة،و إلا حرام ذلك.

(مسألة 211):معونة الظالمين في ظلمهم بل في كل محرم حرام،

و اما معونتهم في غير المحرمات من المباحات و الطاعات فلا بأس بها،و قد تسأل:

أن الموظفين في الدولة هل هم من أعوان الظلمة أو لا؟و الجواب:أنهم ليسوا بكافة طبقاتهم من أعوانهم.نعم،ممن كان منهم يعانوا الظالمين في ظلمهم كانوا من أعوانهم و آثمين،و دعوى:أن مثله بما أنه يعد من أعوانهم و المنسوبين إليهم فلذلك تحرم عليه معونتهم حتى في الامور المباحة،مدفوعة:بأن المحرم عليه إنما هو معونتهم في تطبيق ظلمهم و تنفيذه خارجا و في ممارستهم لارتكاب المحرمات لا مطلقا.

(مسألة 212):اللعب بآلات القمار كالشطرنج و الدوملة،و الطاولي و غيرها
مما أعد لذلك حرام مع الرهن،

و يحرم على الغالب أخذ الرهن من المغلوب و لا يملكه،و هل يحرم اللعب بها إذا لم يكن رهن أو لا؟

و الجواب:الظاهر أنه يحرم مطلقا كان هناك رهن أم لا،و يحرم اللعب بغير تلك الآلات مع الرهن لا مطلقا،كالمراهنة على كرة القدم و حمل الوزن الثقيل،أو على المصارعة أو على القفز أو نحو ذلك،و يحرم أخذ الرهن،و أما إذا لم يكن رهن فالأظهر الجواز.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 111)


(مسألة 213):عمل السحر و تعلمه و تعليمه و التكسب به حرام،

و المراد منه ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما،و قد تسأل:

أن تسخير الجن أو الملائكة أو الإنسان هل هو من السحر أو لا؟و الجواب:أن كونه من السحر لا يخلو عن إشكال بل منع،ثم إن التسخير هل هو حرام كالسحر أو لا؟

و الجواب:الأقرب أنه ليس بحرام،إلا إذا كان مضرا بالمسحور الذي يحرم الإضرار به.

(مسألة 214):القيافة حرام،و هي الإخبار عن إلحاق الناس بعضهم
ببعض،

استنادا إلى علامات خاصة فيه التي لا اعتبار بها لدى الشرع،و حيث إن هذه العلائم لا تفيد الا الاحتمال أو الظن،فمن أجل ذلك كان الإخبار عن الإلحاق به في الواقع جزما استنادا إليها محرما؛لأنه من الإخبار بغير العلم.

(مسألة 215):الشعبذة-و هي إراءة غير الواقع في أعين الناس واقعا،

بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة-محرمة إذا ترتب عليها عنوان محرم، كالإضرار بمؤمن أو هتك حرمته أو غير ذلك،و إلا فلا.

(مسألة 216):الكهانة حرام،و هي الإخبار عن المغيبات،

بدعوى:أن بعض الجان يخبره بذلك.نعم،إذا كان إخباره هذا مستندا إلى بعض الأمارات و العلائم الخفية و لم يكن عن جزم،فلا بأس،و كذا لو فرض حصول الوثوق و الاطمئنان بصحة تلك الإمارات،فعندئذ جاز إخباره عنها مستندا إلى ذلك.

(مسألة 217):النجش حرام على الأحوط،و هو أن يزيد الرجل في ثمن
السلعة،

و هو لا يريد شراءها،بل لأن يسمعه غيره فيزيد لزيادته،سواء أ كان ذلك عن مواطاة مع البائع أم لا.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 112)


(مسألة 218):التنجيم هو الإخبار عن الحوادث،

مثل الرخص و الغلاء و الحر و البرد و المطر و صفاء الجو و نحوها حسب اختلاف الفصول،استنادا إلى الحركات الفلكية فيها و الطوارئ الطارئة على الكواكب من الاتصال بينها أو الانفصال أو الاقتران،أو نحو ذلك إذا كان مبنيا على الحدس و الاجتهاد الظني أو الاحتمال،فلا يجوز الإخبار بوقوع تلك الحوادث واقعا و جزما،و إذا كان مبنيا على الوسائل العلمية الحديثة و الحسابات الفلكية الدقيقة التي كثيرا ما تؤدي إلى الاطمئنان و الوثوق بوقوعها،جاز الإخبار به.

(مسألة 219):الغش حرام.

روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال:«من غش أخاه المسلم نزع اللّه بركة رزقه،و سد عليه معيشته و وكله إلى نفسه»و يكون الغش بإخفاء الأدنى في الأعلى،كمزج الجيد بالرديء و بإخفاء غير المراد في المراد،كمزج الماء باللبن،و بإظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعا،مثل رش الماء على بعض الخضروات ليتوهم أنها جديدة،و بإظهار شيء على خلاف جنسه،مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب ليتوهم أنه فضة أو ذهب،و قد يكون بترك الإعلام مع ظهور العيب و عدم خفائه،كما إذا احرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم إعلامه بالعيب،فاعتقد أنه صحيح و لم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه،فإن عدم إعلام البائع بالعيب-مع اعتماد المشتري عليه-غش له.

(مسألة 220):الغش و إن كان حراما إلا أن المعاملة لا تفسد به.

نعم،يثبت الخيار للمغشوش،إلا في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة،فإنّه يبطل فيه البيع، و يحرم الثمن على البائع،و كذا أمثاله مما كان الغش فيه موجبا لاختلاف الجنس.

(مسألة 221):لا تصح الإجارة على العبادات التي لا تشرع إلا أن يأتي بها
الأجير عن نفسه مجانا،

واجبة كانت أو مستحبة،عينية كانت أو كفائية،فلو

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 113)


استأجر شخصا على فعل الفرائض اليومية،أو نوافلها أو صوم شهر رمضان،أو حجة الإسلام أو تغسيل الأموات،أو تكفينهم أو الصلاة عليهم،أو غير ذلك من العبادات الواجبة أو المستحبة،لم تصح الإجارة،إذا كان المقصود أن يأتي بها الأجير عن نفسه.نعم،لو استأجره على أن ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها إذا كانت مما تشرع فيه النيابة جاز،و كذا لو استأجره على الواجب- غير العبادي-كوصف الدواء للمريض،أو العلاج له،أو نحو ذلك،فإنه يصح، و كذا لو استأجره لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام،كتعليم بعض علوم الزراعة و الصناعة و الطب،و لو استأجره لتعليم الحلال و الحرام فيما هو محل الابتلاء،فالأظهر الصحة و إن كان الأولى ترك ذلك،و لا إشكال في الصحة و الجواز فيما لا يكون محلا للابتلاء.

(مسألة 222):يحرم النوح بالباطل،

يعني:الكذب،و لا بأس بالنوح بالحق.

(مسألة 223):يحرم هجاء المؤمن،و يجوز هجاء غير المؤمن،و كذا الفاسق المبتدع؛لئلا يؤخذ ببدعته.

(مسألة 224):يحرم الفحش،

و هو القول المتضمن لتنقيص الغير و هدر كرامته،و منه ما يستقبح التصريح به إذا كان في الكلام مع الناس،شريطة أن يكون فحشا بأن يستلزم هتك حرمة غيره،و أما مجرد ذكره و التكلم به-كما إذا كان في مقام بيان حكمه أو كان من باب المثال-فلا يكون محرما،كيف و قد صرح به باسمه في غير واحد من الروايات.

(مسألة 225):تحرم الرشوة على القضاء بالحق أو الباطل،

و أما الرشوة على استنقاذ الحق من الظالم فجائزة و إن حرم على الظالم أخذها.

(مسألة 226):يحرم حفظ كتب الضلال مع احتمال ترتب الضلال لنفسه أو لغيره

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 114)


فلو أمن من ذلك أو كانت هناك مصلحة أهم جاز،و كذا يحرم بيعها و نشرها.

(مسألة 227):يحرم على الرجل لبس الذهب حتى التختم به و نحوه،

و أما التزين به من غير لبس-كتلبيس مقدم الأسنان به-فالظاهر جوازه.

(مسألة 228):يحرم الكذب،

و هو الإخبار بما ليس بواقع،و لا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجد و ما يكون في مقام الهزل.نعم،إذا تكلم بصورة الخبر هزلا بلا قصد الحكاية و الإخبار فلا بأس به،و مثله التورية،بأن يقصد المتكلم من الكلام الصادر منه معنى له واقع،و لكنه غير ظاهر منه،كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن،بل يجوز الحلف كاذبا حينئذ، و يجوز الكذب أيضا للإصلاح بين المؤمنين،و الأحوط-استحبابا-الاقتصار فيهما على صورة عدم إمكان التورية،و أما الكذب في الوعد-بأن لا يفي بوعده في وقته-فالظاهر جوازه على كراهة شديدة.نعم،لو كان حال الوعد بانيا على الخلف و عدم الوفاء،فالظاهر حرمته،و كذا الأظهر وجوب الاجتناب عن وعد أهله بشيء و هو لا يريد أن يفي به.

(مسألة 229):تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر،إلا مع القيام بمصالح
المؤمنين،

و عدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين،و يجوز-أيضا-مع الإكراه من الجائر بأن يأمره بالولاية،و يتوعده على تركها،بما يوجب الضرر بدنيا أو ماليا عليه،أو على من يتعلق به بحيث يكون الإضرار بذلك الشخص إضرارا بالمكره عرفا،كالإضرار بأبيه أو أخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه أمرهم.أجل،لو كان الضرر الواصل به من قبله قابلا للتحمل،و لكن مفسدة قبول الولاية منه على الإسلام و المسلمين أكثر بكثير من ذلك الضرر،لم يجز له أن يقبل الولاية منه.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 115)


(مسألة 230):ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من
الضرائب المجعولة على الأراضي و الأشجار و النخيل يجوز شراؤه

و أخذه منه مجانا،بلا فرق بين الخراج-و هو ضريبة النقد-و المقاسمة-و هي ضريبة السهم من النصف و العشر-و نحوهما،و كذا المأخوذ بعنوان الزكاة،و تبرأ ذمة المالك بالدفع إليه،شريطة أن يكون مجبورا في ذلك و غير متمكن من الامتناع عن الدفع إليه،و إلا فلا تبرأ ذمته،بل الظاهر أن الأمر كذلك إذا لم تأخذها الحكومة مباشرة و إنما حولت شخصا على المالك في أخذها منه،فإنه إذا أخذها برأت ذمة المحول عليه إذا كان مجبورا كما مرّ،و في جريان الحكم المذكور فيما يأخذه السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذي لا يدعي الخلافة العامة أو الكافر إشكال بل منع.

(مسألة 231):إذا دفع إنسان مالا له إلى آخر ليصرفه في طائفة من الناس،

و كان المدفوع إليه منهم،فإن فهم من الدافع الإذن في الأخذ من ذلك المال جاز له أن يأخذه منه،مثل أحدهم أو أكثر على حسب الإذن،و إن لم يفهم الإذن منه كذلك،لم يجز الأخذ،و إن دفع له شيئا مما له مصرف خاص كالزكاة ليصرفه في مصارفه فله أن يأخذ منه بمقدار ما يعطيه لغيره إذا كان هو أيضا من مصارفه، و لا يتوقف الجواز فيه على إحراز الإذن من الدافع.

(مسألة 232):جوائز الظالم حلال

و إن علم إجمالا أن في ماله حراما،و كذا كل ما كان في يده يجوز أخذه منه و تملكه و التصرف فيه بإذنه،إلا أن يعلم أنه غصب،فلو أخذ منه-حينئذ-وجب رده إلى مالكه ان عرف بعينه،فإن جهل و تردد بين جماعة محصورة،فإن أمكن استرضاؤهم وجب،و إلا رجع في تعيين مالكه إلى القرعة،و إن تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه مع الإذن من الحاكم الشرعي على الأحوط الأولى إن كان مأيوسا عن معرفته،و إلا

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 116)


وجب الفحص عنه و إيصاله إليه.

(مسألة 233):يكره بيع الصرف،و بيع الأكفان،و بيع الطعام و بيع العبيد،

كما يكره أن يكون الإنسان جزارا أو حجاما،و لا سيما مع الشرط بأن يشترط أجرة، و يكره أيضا التكسب بضراب الفحل،بأن يؤجره لذلك،أو بغير إجارة بقصد العوض،أما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطي بعنوان الهدية.

(مسألة 234):اليانصيب عبارة عن الأوراق التي تصدر من قبل البنوك أو
الشركات بأسعار محددة

و تعرض في الأسواق و تباع و تشترى و تعين لها جوائز خاصة لمن يخرج السحب الأول و الثاني و الثالث و هكذا على رقم بطاقته،و قد تسأل:هل يجوز شراء هذه البطاقات و التعامل بها بشرط الدخول في عملية السحب و بأمل الحصول على الجائزة المقررة أو لا؟

و الجواب:أنه لا يبعد جوازه،و دعوى:أن التعامل بها بالشرط المذكور لون من ألوان القمار فلا يجوز،مدفوعة:بعدم صدق القمار عليه عرفا؛لأن القمار مأخوذ من المقامرة و هي جعل الرهن على اللعب،سواء كان اللعب بالآلات أم كان من دونها،و على الأول سواء كان بالآلات المخصوصة المعدة للقمار أم بغيرها،غاية الامر إن كان بالآلات المخصوصة فهو حرام مطلقا و إن كان من دون الرهن،و في المقام لا لعب لا بالآلات و لا من دونها،بل شراء البطاقات و التعامل بها بأمل حصول الفائدة و أخذ الجائزة من البنك المتعهد بها،و هو ليس لون من ألوان اللعب،و قد تسأل:أن البطاقة بما أنه لا مالية لها، فيكون بذل المال بإزائها من الأكل بالباطل،فلا يجوز؟

و الجواب:أن البطاقة في نفسها و إن كانت كذلك،إلا أنها تكتسب المالية بلحاظ ما يترتب عليها و هو حق الدخول في عملية السحب،فإذن لا يكون

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 117)


بذل المال بإزائها من الأكل بالباطل،و قد يكون المال المبذول بإزاء البطاقة مضمون للباذل و له إرجاعه متى شاء بإرجاع البطاقة،و في مثل ذلك يكون شراؤها لفرضين:

الأول:الحفاظ على أصل رأس ماله.

الثاني:بغرض الدخول في عميلة السحب،و في هذه الصورة لا مانع من شرائها شرعا،حتى و لو قلنا بعدم الجواز في الصورة الاولى كما لا يخفى،و لكن مع هذا فالأحوط و الأولى أن لا يتعامل بها لا بيعا و لا شراء.

(مسألة 235):يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه،

كما يجوز أخذ العوض في مقابله على ما تقدم.

(مسألة 236):يحرم حلق اللحية على الأحوط دون العارضين،

و يحرم أخذ الاجرة عليه كذلك،إلا إذا كان ترك الحلق يوجب سخرية و مهانة شديدة لا تحتمل عند العقلاء،فيجوز حينئذ.

آداب التجارة

(مسألة 237):يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع و فاسده

و يسلم من الربا،و مع الشك في الصحة و الفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة،بل يتعين عليه الاحتياط،و يستحب أن يساوي بين المتبايعين،فلا يفرق بين المماكس و غيره بزيادة السعر في الأول أو بنقصه،أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالعلم و التقوى و نحوهما،فالظاهر أنه لا بأس به،و يستحب أن يقيل النادم و يشهد الشهادتين عند العقد،و يكبر اللّه تعالى عنده،و يأخذ الناقص و يعطي

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 118)


الراجح.

(مسألة 238):يكره مدح البائع سلعته،و ذم المشتري لها،

و كتمان العيب إذا لم يؤد الى غش و إلا حرم كما تقدم،و الحلف على البيع،و البيع في المكان المظلم الذي يستتر فيه العيب،بل كل ما كان كذلك،و الربح على المؤمن زائدا على مقدار الحاجة،و على الموعود بالإحسان،و السوم ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس، و أن يدخل السوق قبل غيره و مبايعة الأدنين،و ذوي العاهات و النقص في أبدانهم،و المحارفين،و طلب تنقيص الثمن بعد العقد،و الزيادة وقت النداء لطلب الزيادة،أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها،و التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه حذرا من الخطأ،و الدخول في سوم المؤمن بل الأحوط تركه،و المراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري،أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع،مع رجاء تمامية المعاملة بينهما،فلو انصرف أحدهما عنه،أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة،و كذا لو كان البيع مبنيا على المزايدة،و أن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها،بل الأحوط-استحبابا-تركه،و تلقي الركبان الذين يجلبون السلعة و حدّه إلى ما دون أربعة فراسخ،فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة،و كذا لو اتفق ذلك بلا قصد،و الظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة،كالصلح و الإجارة و نحوهما.

(مسألة 239):يحرم الاحتكار،

و هو حبس الطعام و الامتناع من بيعه لانتظار زيادة القيمة فيه،مع حاجة المسلمين إليه و عدم وجود الباذل له غيره، و الظاهر اختصاص الحكم بالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و الزيت لا غير و إن كان الأحوط-استحبابا-الحاق الملح بها.

و قد تسأل:أن ما يحتاج إليه عامة المسلمين-ما عدا الطعام-من الملبس

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 119)


و المسكن و المركب و غيرها من اللوازم و المتطلبات الحياتية اليومية،هل يحرم احتكاره أو يجوز؟

و الجواب:أن جوازه غير بعيد ما دام لم يترتب على احتكار تلك الأشياء اختلال بالنظام و الهرج،و المرج،و إلا لم يجز،فإذا وصل إلى هذه الحالة،فإن قام المحتكر بعرض هذه الأشياء في الأسواق فهو المطلوب،و إلا أجبره الحاكم الشرعي على ذلك،بل للحاكم الشرعي منعه عن أصل الاحتكار و فكه إذا رأى فيه مصلحة عامة للإسلام و المسلمين و إن لم يصل إلى حد اختلال النظام.

الفصل الأول
العقد و شروطه

البيع غالبا هو نقل المال بعوض بما هو مال لا لخصوصية فيه بحده الشخصي،بل لحفظ مالية فيه،و قد يكون من جهة خصوصية فيه لتعلق غرضه الشخصي،فيبيع لإشباعه،و الاشتراء هو إعطاء المشتري الثمن عوضا عن مال،و لكن تارة يكون الدافع من ورائه تعلق غرضه الشخصي به،كما إذا دفع عوضا عن حاجياته الضرورية من المأكل و الملبس و المشرب و المسكن و المركب،كالسيارة أو نحوها و الفرش و الظرف و غيرها من اللوازم و المتطلبات الحياتية لكل إنسان،و اخرى يكون الدافع من ورائه الحفاظ على مالية ماله فيه بالاتجار و المداولة به،كما إذا طلب من الشركة في الداخل أو الخارج شراء أجناس معينة في ضمن قائمة مرسلة إليها بسعر محدد،فإذا وافقت الشركة على

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 120)


ذلك تم الشراء،و يقوم المشتري حينئذ بإرسال ثمنها المحدد إليها مباشرة أو بواسطة البنك،و قد تكون هناك معاملة مستقلة لا ينطبق عليها اسم البيع و لا الشراء،و هي مبادلة مال بمال من دون أن ينظر من ورائها كون أحدهما بديلا عن الثمن و الآخر عن المبيع،بل ينظر إلى كل منهما بنحو المعنى الاسمي دون المعنى الحرفي،كمبادلة دار بدار أخرى و سيارة بسيارة اخرى و كتاب بكتاب آخر و هكذا،و لا بأس بها؛لأنها داخلة في التجارة عن تراض.

الشروط
(مسألة 240):يعتبر في البيع الإيجاب و القبول،

و يقع بكل لفظ دال على المقصود و إن لم يكن صريحا فيه،مثل:بعت و ملكت و بادلت و نحوها في الإيجاب، و مثل:قبلت و رضيت و تملكت و اشتريت و نحوها في القبول،و لا تشترط فيه العربية،كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة،و يجوز إنشاء الإيجاب بمثل:

اشتريت و ابتعت و تملكت،و إنشاء القبول بمثل:شريت و بعت و ملكت.

(مسألة 241):إذا قال:بعني فرسك بهذا الدينار،فقال المخاطب:بعتك
فرسي بهذا الدينار،

ففي صحته و ترتب الأثر عليه بلا ان ينضم إليه إنشاء القبول من الآمر إشكال بل منع،إذا كان مقصود المشتري طلب البيع لا إنشاء القبول بنحو الأمر،و أما إذا كان مقصوده إنشاء القبول بنحو الأمر و الاستيجاب للإيجاب المتأخر من البائع،فلا يبعد الصحة،و كذلك الحكم في الولي عن الطرفين أو الوكيل عنهما،فإنه لا يكتفي فيه بالإيجاب من دون القبول.

(مسألة 242):يعتبر في تحقق العقد الموالاة عرفا بين الإيجاب و القبول،

فلو قال البائع:بعت،فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 121)


يتحقق العقد،و لم يترتب عليه الأثر،أما إذا لم ينصرف و كان ينتظر القبول حتى قبل،صح،كما أنه لا يعتبر وحدة المجلس،فلو تعاقدا بالهاتف فأوقع أحدهما الإيجاب و قبل الآخر صح،أما المعاملة بالمكاتبة فالأظهر الصحة،إذا لم ينصرف البائع عن بيعه و كان ينتظر القبول من المشتري و قبل،شريطة أن يكون كل منهما في مقام الإنشاء.

(مسألة 243):الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب و القبول في العوضين،

أي:الثمن و المثمن،فلو قال:بعتك هذا الفرس بمائة دينار،فقال المشتري:اشتريت هذا الحمار بمائة دينار أو هذا الفرس بمائة درهم،لم يصح العقد،و قد تسأل:هل يعتبر التطابق بينهما في الشروط و توابع العقد أيضا،كما إذا قال البائع:بعتك هذا الكتاب بعشرة دنانير بشرط أن تخيط ثوبي،فقال المشتري:قبلت هذا الكتاب بعشرة دنانير بشرط أن أخيط عباءتك،أو من دون شرط؟

و الجواب:أنه لا يعتبر.نعم يثبت للبائع خيار تخلف الشرط حينئذ، باعتبار أن التزام البائع بالبيع كان معلقا على قبول المشتري الشرط،فإذا لم يقبل لم يكن البائع ملتزما بالوفاء به،و من هنا إذا أسقط البائع الشرط صح البيع و لزم.

نعم،لو قال البائع:بعتك هذا الفرس بمائة دينار،فقال المشتري:اشتريت كل نصف منه بخمسين دينار،صح،و كذا في غيره مما كان الاختلاف فيه بالإجمال و التفصيل.

(مسألة 244):إذا تعذر اللفظ لخرس و نحوه،قامت الإشارة مقامه

و إن تمكن من التوكيل،و كذا الكتابة مع العجز عن الإشارة،أما مع القدرة عليها ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان بل قولان،و الأظهر الجواز بكل منهما،بل لا بأس بذلك حتى مع التمكن من اللفظ،شريطة أن تكون مفهمة للمعنى.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 122)


(مسألة 245):الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة،

بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري،و ينشئ القبول بإعطاء الثمن إلى البائع،و لا فرق في صحتها بين المال الخطير و الحقير،و قد تحصل بإعطاء البائع المبيع و أخذ المشتري بلا إعطاء منه،كما لو كان الثمن كليا في الذمة أو بإعطاء المشتري الثمن و أخذ البائع له بلا إعطاء منه،كما لو كان المثمن كليا في الذمة.

(مسألة 246):الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في
البيع العقدي من شرائط العقد و العوضين و المتعاقدين،

كما أن الظاهر ثبوت الخيارات فيه التي يأتي شرحها في ضمن المسائل القادمة-إن شاء اللّه تعالى- على نحو ثبوتها في البيع العقدي.

(مسألة 247):الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات

بل الإيقاعات إلا في موارد خاصة،كالنكاح و الطلاق و العتق و التحليل و النذر و اليمين،و الظاهر جريانها في الرهن و الوقف أيضا.

(مسألة 248):يصح الشرط في البيع المعاطاتي،

سواء أ كان شرط خيار في مدة معينة أم شرط فعل أم غيرهما،فلو أعطى كل منهما ماله إلى الآخر قاصدين البيع،و قال أحدهما في حال التعاطي:جعلت لي الخيار إلى سنة-مثلا-و قبل الآخر صحّ شرط الخيار،و كان البيع خياريا.

(مسألة 249):لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد،

سواء أعلم حصوله بعد ذلك،كما إذا قال:بعتك إذا هلّ الهلال أم جهل حصوله،كما لو قال:بعتك إذا ولد لي مولود ذكر،و لا على أمر مجهول الحصول حال العقد،كما إذا قال:بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك،أما مع علمه به،فالوجه الجواز،بل لا يبعد الجواز في الأول أيضا.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 123)


(مسألة 250):إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد،

فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد،جاز له التصرف فيه،و إلا وجب عليه رده إلى البائع،و إذا تلف-و لو من دون تفريط-وجب عليه ردّ مثله إن كان مثليا و قيمته إن كان قيميا،و كذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد و إذا كان المالك مجهولا جرى عليه حكم المال المجهول مالكه،و لا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم و الجهل به،و لو باع أحدهما ما قبضه بالبيع الفاسد كان البيع فضوليا،و توقف صحته على إجازة المالك،و سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى.

الفصل الثاني
شروط المتعاقدين

و هي كما يلي:

الأول:اعتبار البلوغ فيهما،

فلا يصح عقد الصبي و تصرفه في ماله مستقلا و إن كان مميزا و رشيدا و مأذونا من الولي.نعم،إذا كان مأذونا فيه من قبل الولي و كالة عنه فلا بأس،على أساس أن تصرفه فيه هو تصرف الولي في الحقيقة، و كذا إذا كان تصرفه في غير ماله بإذن المالك بعنوان الوكالة عنه،و إن لم يكن باذن الولي.

الثاني:العقل،

فلا يصح عقد المجنون و إن كان قاصدا إنشاء البيع.

الثالث:الاختيار،

فلا يصح بيع المكره،و هو من يأمره ظالم بالبيع إكراها، بحيث يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله من الضرر لو خالفه و ترك البيع،ففي

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 124)


هذه الحالة إذا صدر منه بيع لم يكن عن طيب نفسه،فمن أجل ذلك يكون باطلا، فبطلان عقد المكره من جهة أنه فاقد لطيب النفس الذي هو معتبر في صحة العقد،و من هنا إذا أكره أحد على بيع داره مثلا،و كان متمكنا من التفصي عن الإكراه و دفعه لسبب أو آخر و لكنه لم يفعل و باع داره فالظاهر صحته لأنه صدر منه عن طيب نفسه و رضائه،و لهذا لو لم يكن البيع مكروها له و قد أمره الظالم بالبيع فباع صحّ،و كذا لو أمره بدفع المال له،و كان تحصيل ذلك المال موقوفا على بيع المكره فباع فإنه يصح،مثال ذلك إذا أمره ظالم بدفع مقدار من المال إليه كألف دينار و هو لم يتمكن من ذلك إلا ببيع داره فباعها،فإنه يصح بيعها باعتبار أنه مقدمة لدفع الضرر عنه.

(مسألة 251):إذا أكره أحد الشخصين على بيع داره،

كما لو قال الظالم:فليبع زيد أو عمرو داره،فباع أحدهما داره بطل البيع،إلا إذا علم إقدام الآخر على البيع،فإنه حينئذ إذا باع صح،لأنه باع بطيب نفسه و من دون إكراه.

(مسألة 252):لو أكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل،

و لو باع الآخر بعد ذلك صح،و أما إذا باعهما جميعا دفعة واحدة،فهل يبطل البيع في الجميع،أو في احدهما فقط دون الآخر،أو يصح في الجميع وجوه،و الأقوى الوجه الثاني،و قد تسأل:أنه على هذا ما هو المعيّن للبيع الصحيح عن بيع الفاسد؟ و الجواب:أن تعيين ذلك بيد البائع و اختياره لا بالقرعة،على أساس أن ما تعلق به طيب النفس،إنما هو بيع أحد المبيعين على نحو الكلي في المعين،و تعيين الكلي و تطبيقه على فرده في الخارج إنما هو بيد البائع و اختياره.

(مسألة 253):لو أكرهه على بيع دابته،فباعها مع ولدها

بطل بيع الدابة، و صح بيع الولد.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 125)


(مسألة 254):يعتبر في بطلان بيع المكره عدم تمكنه من التفصي بالتورية أو
نحوها،

فلو كان متمكنا من دفع الإكراه بها و مع ذلك لم يفعل و باع،فبطبيعة الحال لم يكن بيعه عن إكراه بل هو عن طيب نفسه و رضائه فصح،على أساس أن صحة المعاملة تدور مدار تحقق طيب النفس،و لا موضوعية للإكراه،و لا يدور فساد المعاملة مداره،فإذا كان البائع قادرا على دفع الإكراه عنه بالتورية أو بسبب آخر و مع ذلك إذا لم يدفع و باع صح بيعه،مثلا إذا أكرهه ظالم على بيع داره فباعها-مع قدرته على التورية-صح.

(مسألة 255):المراد من الضرر الذي يخافه-على تقدير عدم الاتيان بما
اكره عليه-ما يعم الضرر الواقع على نفسه و ماله و شأنه،

و على بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره،فلو لم يكن كذلك فلا إكراه،فلو باع حينئذ،صح البيع.

البيع الفضولي

الرابع من شرائط المتعاقدين:قدرة العاقد على التصرف

بأن يكون مالكا أو وكيلا عنه،أو مأذونا منه،أو وليا عليه،فلو لم يكن العاقد قادرا على التصرف لم يصح البيع،بل توقفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف،مالكا كان أو وكيلا عنه،أو مأذونا عنه،أو وليا عليه،فإن أجاز صح،و إن رد بطل،و هذا هو المسمى بعقد الفضولي،و المشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل لا يبعد نفوذها،و أما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جرما.

(مسألة 256):لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي،

فإن أجازه المالك صح،و لا أثر للمنع السابق في البطلان.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 126)


(مسألة 257):إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه،

لم يصح و توقفت صحته على الإجازة.

(مسألة 258):إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك،

أو لبنائه على ذلك،كما في الغاصب،فأجازه المالك،صح البيع و يرجع الثمن إلى المالك.

(مسألة 259):لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني،

بل لا بدّ من الدلالة عليه بالقول مثل:رضيت،و أجزت،و نحوهما،أو بالفعل مثل أخذ الثمن،أو بيعه، أو الإذن في بيعه،أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك.

(مسألة 260):الظاهر أن الإجازة ناقلة لا كاشفة عن صحة العقد من حين
وقوعه كشفا حكميا،

على أساس أن الإجازة و ان تعلقت بالعقد السابق إلا أن تعلقها به من الآن،و عليه فبطبيعة الحال يكون استناد العقد إلى المالك،و النقل و الانتقال من هذا الحين؛لأن المعيار إنما هو بزمان التعلق لا بزمان المتعلق لأن العقد من زمان التعلق أصبح عقد المالك مشمولا لدليل الصحة لا من زمن المتعلق،و إلا لزم تقدم المعلول على العلة،و بكلمة:أن الكشف الحقيقي غير معقول،و الكشف الحكمي بمعنى حكم الشارع من حين الإجازة بالملكية من حين العقد لا يرجع إلى معنى محصل،لأن العقد من حين تعلق الإجازة به مشمول لدليل الإمضاء،و موضوع لترتيب الآثار عليه شرعا،و متصف بالصحة لا من حين صدوره لغرض أنه من هذا الحين ليس بمجاز و إنما صار مجازا من حين الإجازة،و يترتب على هذا أن نماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك للمشتري،و نماء المبيع في هذا الحين ملك للبائع.

(مسألة 261):لو باع باعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه،

فإن أجازه

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 127)


المالك صح و إن رد بطل،و لو باع باعتقاد كونه أجنبيا فتبين كونه وليا أو وكيلا صح،و لم يحتج إلى الإجازة،و لو تبين كونه مالكا،فهل يصح البيع أو أن صحته تتوقف على الإجازة؟و الجواب:أن صحته تتوقف على الإجازة،على أساس أن رضاه بالبيع بصفته كونه أجنبيا لا يستلزم رضاه به بصفة كونه مالكا،فمن أجل ذلك إن رضي به صح و إلا فلا.

(مسألة 262):لو باع مال غيره فضولا،ثم ملكه قبل إجازة المالك

ففي صحته-بلا حاجة إلى الإجازة أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأسا وجوه، أقواها أوسطها،باعتبار ان بيعه بصفة كونه فضوليا لا يستلزم رضاه لهذا البيع إذا صار مالكا له،و صحة البيع تدور مدار رضا المالك و طيب نفسه.

(مسألة 263):لو باع مال غيره فضولا فباعه المالك من شخص آخر صح
بيع المالك،

و يصح بيع الفضولي-أيضا-إن أجازه المشتري.

(مسألة 264):إذا باع الفضولي مال غيره و لم تتحقق الإجازة من المالك،

فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال،و إن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه،و إن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع و المشتري،و إن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها،إن كانت مثلية،و بقيمتها إن كانت قيمية.

(مسألة 265):المنافع المستوفاة مضمونة،

و للمالك الرجوع بها على من استوفاها و كذا الزيادات العينية،مثل اللبن و الصوف و الشعر و السرجين و نحوها،مما كانت له مالية،فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين،أما المنافع غير المستوفاة من العين،فالظاهر ضمانها عليه كالعين،على أساس أنها تلفت تحت يده الضامنة.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 128)


(مسألة 266):المعيار في المثلي تساوي أفراد الصنف الواحد أو النوع
الواحد في الخصوصيات التي تختلف باختلافها رغبات الناس،

و نقصد بالتساوي التقارب في الصفات و الخصوصيات كالدرهم و الدينار و نحوهما،دون التساوي الحقيقي.

و القيمي:ما لا تكون أفراده كذلك،فالآلات و الظروف و الأقمشة المعمولة في المعامل و المصانع في هذا الزمان من المثلي،و الجواهر الأصلية من الياقوت و الزمرد و الألماس و الفيروزج و نحوها من القيمي.

(مسألة 267):الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان
القبض

و هو يوم الغصب لا زمان التلف،و لا زمان الأداء.

(مسألة 268):إذا لم يمض المالك البيع الفضولي فلذلك صور:

الاولى:أن على البائع أن يرد الثمن المسمى إلى المشتري عينا إن كان موجودا،و إلا فبدله.

الثانية:أن عين المبيع إن كانت في يد البائع وجب عليه أن يردها إلى مالكها،و أن كانت في يد المشتري فكذلك،و أما إذا كانت تالفة تحت يده،فحينئذ إن رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة،فهل له الرجوع على البائع و مطالبته بما دفعه من بدل العين أو لا؟

و الجواب:ليس له الرجوع عليه بما يعادل الثمن و إن كان مغرورا؛باعتبار أن تقديم البائع هذا المبلغ له لم يكن مجانا لكي يكون ضمانه عليه،بل كان مع العوض،نعم إذا لم يرد البائع الثمن إليه فله الرجوع عليه و المطالبة به،و إذا كان بدل العين أزيد من الثمن فله الرجوع على البائع في الزائد،على أساس أن تقديم الزائد

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 129)


له لما كان مجانا و بعنوان أنه ملكه،فهو المتلف له عرفا و ضمانه عليه،و أما إذا لم يكن المشتري مغرورا-كما إذا كان عالما بالحال-فلا يحق له الرجوع على البائع و ان كان عالما بالحال؛لأن الواجب على المشتري في هذه الحالة الامتناع عن تسليم العين و أخذها،فإذا أخذها من يد البائع وجب عليه ردها إلى مالكها؛لأن يده عليها يد ضمان،و إذا لم يردها و بقيت في يده إلى أن تلفت،فعليه ضمانها من المثل أو القيمة.

الثالثة:أن المالك إذا رجع على البائع و أخذ منه بدل العين من المثل أو القيمة،فهل له الرجوع على المشتري أو لا؟

و الجواب:أن البائع و إن كان عالما بالحال و المشتري جاهلا بها،فله الرجوع على المشتري بمقدار الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن منه،و لكن ليس له الرجوع عليه في الزائد على الثمن،على أساس أنه المتلف عرفا للزائد بتقديمه للمشتري مجانا و بعنوان أنه ملكه،و بكلمة:أن تقديم العين له بما يعادل الثمن لم يكن مجانا،بل كان مع العوض و مضمونا.نعم،تقديم ما يزيد عليه في المالية له كان مجانا،فلذلك يكون ضمانه عليه.أما إذا كان المشتري عالما بالحال فللبائع الرجوع عليه و مطالبته بالزائد،سواء أ كان البائع عالما بالحال أيضا أم لا، و ذلك لأن المشتري إذا كان يعلم بأن البائع فضولي و غير مالك للعين،لم يجز له أخذها منه،فإذا أخذها و الحال هذه وجب عليه ردها إلى مالكها عينا إن كانت موجودة و إلا فبدلها بمقتضى اليد،و إذا رجع المالك على البائع في هذه الحالة، فللبائع أن يرجع إلى المشتري كما هو الحال في مسألة تعاقب الأيدي،و إذا رجع إلى المشتري فيها فالمشتري لا يرجع على البائع.

الرابعة:أن المالك إذا رجع إلى المشتري في بدل منافع العين،فهل له أن

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 130)


يرجع على البائع في جميع الخسارات التي خسرها للمالك إذا كان جاهلا بالحال، و معتقدا بأن البائع مالك للعين و ليس بفضولي،إما بإخباره بذلك أو من الخارج، و البائع عالم بها؟

و الجواب:أنه ليس لذلك ضابط كلي في جميع موارد منافع العين من المنفصلة و المتصلة و المستوفاة و غيرها؛لأن قاعدة رجوع المغرور إلى الغار لم تثبت كقاعدة شرعية كلية؛لقصور في دليلها،و على هذا فضمان البائع الغار لمنافع العين منوط بكونه المتلف لها عرفا بتسليط المشتري عليها مجانا و بعنوان أنها ملكه،و هذا يختلف باختلاف المنافع،فإن كانت من الأعيان المنفصلة كنتاج الحيوان أو صوفه أو لبنه أو ثمرة الأشجار و غيرها،ففي مثل ذلك إذا رجع المالك على المشتري فليس له أن يرجع على البائع،على أساس عدم استيلاء البائع على تلك المنافع ليكون ضامنا لها،و لا فرق في ذلك بين أن تكون تلك المنافع مستوفاة من قبل المشتري أو لا،فإنه على كلا التقديرين يكون ضمانها عليه؛باعتبار أنها تلفت تحت يده،و قد تسأل:هل للمالك في هذا الفرض الرجوع على البائع و مطالبته ببدل المنافع التالفة أو لا؟

و الجواب:ليس له الرجوع عليه و مطالبته به،على أساس أنه ليس ضامنا لها،و إن كانت المنافع من توابع العين كمنافع الدار التي هي متمثلة في حيثية السكنى فيها التابعة لها في الملكية و الاستيلاء-ففي مثل ذلك-لو رجع المالك على المشتري فله أن يرجع على البائع،على أساس أن تلك المنافع لما كانت تحت يد البائع و استيلائه،فتقديمها للمشتري بعنوان أنها ملكه و قبول المشتري ذلك جاهلا بالحال إتلاف لها منه عرفا،فيكون ضامنا،و أما المشتري فهو و ان ضمنها و لكن ضمانه ليس في عرض ضمان البائع؛إذ لا يمكن أن يكون لمال واحد

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 131)


بدلان عرضيان،أحدهما في ذمة فرد و الآخر في ذمة آخر،بل إنه في طوله،بمعنى:

أن ضمانه بدل عن ضمانه المستقر في ذمته فإذا أدى ما في ذمته للمالك ملك ما في ذمة البائع،و له حينئذ أن يرجع إليه.

(مسألة 269):المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة،

و مال الوقف المجعول مصرفا في جهة معينة أو غير معينة،أو في مصلحة شخص أو أشخاص، فإن كان تحت يد غاصب،فعلى الولي أن يرجع إليه مع وجوده و كذا مع تلفه و إذا تعاقبت الأيدي عليه فقد مر حكمه.

(مسألة 270):قد تسأل:أن الضمان في مسألة تعاقب الأيدي هل هو بنحو
الوجوب الكفائي أو التخييري؟

و الجواب:الظاهر أنه ليس بنحو الوجوب الكفائي،سواء فيه القول بتعلقه بطبيعي المكلف على نحو صرف الوجود أم بالأفراد و لا بنحو الوجوب التخييري،هذا من ناحية،و من ناحية اخرى أنه لا يمكن أن يكون لمال واحد بدلان في عرض واحد،أحدهما في ذمة فرد و الآخر في ذمة آخر،و في ضوء ذلك فضمان الغاصب الأخير الذي تلف المال تحت يده و استيلائه،هو اشتغال ذمته ببدل التالف مباشرة من المثل أو القيمة و استقراره فيها،و أما ضمان الغاصب الأول،فبما أنه لا يمكن أن يكون بمعنى اشتغال ذمته ببدل التالف في عرض ضمان الغاصب الأخير،فلا بد أن يكون بأحد معنيين تاليين:

الأول:أن يكون ضمانه في طول ضمان الغاصب الأخير،بمعنى:أنه ضامن بدل ما في ذمته طولا،و نتيجة ذلك أن المالك إذا رجع إلى الغاصب الأخير و أخذ البدل منه برأت ذمته،فإذا برأت سقطت ذمة الغاصب الأول بسقوط موضوعها و هو ذمة اللاحق،و إذا رجع إلى الغاصب السابق و أخذ البدل منه ملك السابق ما

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 132)


في ذمة اللاحق،بمعنى:أن ذمته برأت من المالك و اشتغلت للسابق.

و لا فرق في ذلك بين أن يكون السابق واحدا أو متعددا،غاية الأمر إذا كان متعددا فكل سابق منه ضامن لما في ذمة اللاحق،فإذا فرضنا أن الأيدي التي مرت على العين أكثر من ثلاث،فإذا رجع المالك إلى صاحب اليد الأولى،فله أن يرجع إلى صاحب الثانية،كما أن له أن يرجع إلى صاحب الأخيرة الذي استقر الضمان عليه.هذا إذا كان استقرار الضمان على الغاصب الأخير،و أما إذا كان على الأول،كما إذا كان غارا و متلفا للمال عرفا بتقديمه للثاني مجانا بعنوان أنه ماله، فيكون الأمر بالعكس تماما،فإن الأول ضامن لبدل العين مباشرة،و الثاني و الثالث ضامن لبدل ما في ذمته طولا.هذا،و لكن إثبات هذا النحو من الضمان في المقام بقاعدة اليد لا يخلو عن إشكال بل منع.

الثاني:أن ضمان الغاصب الأول للعين المغصوبة،إنما هو بمعنى:أن تأديتها إلى أهلها الأعم منها و من بدلها في عهدته و مسئوليته شرعا،بدون أن تكون ذمته مشغولة بشيء،و لا يخرج عن عهدته و مسئوليته بانتقالها من يده إلى يد الثاني،و كذلك لا تخرج عن عهدة الثاني بانتقالها من يده إلى يد الثالث،و حينئذ فإذا تلفت في يد الثالث اشتغلت ذمته خاصة ببدلها من المثل أو القيمة دون السابق،فإن ضمانه ليس ضمانا لنفس المال،و إنما هو ضمان لأدائه و إيصاله إلى صاحبه،غاية الأمر ما دامت العين موجودة فهو ضامن لإيصالها،و إذا تلفت عند اللاحق فهو ضامن لإيصال بدلها،و على هذا فإذا رجع المالك إلى الغاصب الأول فله أن يرجع إلى الثاني.لأنه بأداء قيمة الدين يملك الدين في ذمة الثاني،و إذا رجع إلى الثاني فهو لا يرجع إلى الأول،على أساس أنه ضامن لنفس البدل مباشرة،فإذا أداه فرغت ذمته بذلك و لا شيء عليه بعده.و دعوى أنه لا دليل

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 133)


على هذا النوع من الضمان مدفوعة:بأن الدليل عليه في المقام قاعدة اليد،و أما في سائر الموارد فهو قسم من الضمان المعاملي و ثابت شرعا و ارتكازا و بمقتضى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و منه قبول البنك للكمبيالة،فإنه لا يمكن تفسيره على أساس عقد الضمان بمعناه الفقهي المعروف،و هو نقل الدين من ذمة إلى ذمة آخر،فإن البنك لا يقصد ذلك و إنما يقصد تعهده للدائن بالأداء و تحصيل الدين من المدين، و من هذا القبيل إذا أخذ الشخص المسئولية عن أداء الدين للدائن على عاتقه، بأن يقول للدائن أنا مسئول و متعهد بأداء دينك و أنه سيؤدي إليك،فالضمان هنا ليس ضمانا لنفس مبلغ الدين،و إنما هو ضمان لأدائه مع بقاء الدين في ذمة المدين.

(مسألة 271):لو باع إنسان ملكه و ملك غيره صفقة واحدة

صح البيع فيما يملك،و توقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك،فإن أجازه صح و إلا فلا، و حينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة،فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

(مسألة 272):طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن أن يقوّم كل من
المالين بقيمته السوقية،

فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين،فإذا كانت قيمة ماله عشرة و قيمة مال غيره خمسة و الثمن ثلاثة،يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن و يبقى للبائع اثنان و هما ثلثا الثمن.هذا،إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة و نقصها،أما لو كان الأمر كذلك،وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر،ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين،فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة،مثلا إذا باع الجارية و ابنتها بخمسة،و كانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستة و في حال الانضمام أربعة و قيمة ابنتها بالعكس،فمجموع القيمتين عشرة،فإن كانت الجارية

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 134)


لغير البائع رجع المشتري بخمسين-و هما اثنان من الثمن-و بقي للبائع ثلاثة اخماس،و إن كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن-و هو ثلاثة-و بقي للبائع اثنان.

(مسألة 273):إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية،

فباع أحدهما نصف الدار،فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه أو نصف غيره، أو نصف في النصفين،عمل على القرينة،و إن لم تقم القرينة على شيء من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير.

(مسألة 274):يجوز للأب و الجد للأب-و إن علا-التصرف في مال الصغير
بالبيع و الشراء و الإجارة و غيرها،

و كل منهما مستقل في الولاية،فلا يعتبر الإذن من الآخر،كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما،و لا أن تكون مصلحة في تصرفهما بل يكفي عدم المفسدة فيه،إلا أن يكون التصرف تفريطا منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطر الولي إلى بيع مال الصغير،و أمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل،فلا يجوز له البيع بقيمة المثل،فإن فيه تفويتا لمصلحة الصغير،و كذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل و زيادة درهمين لاختلاف الأماكن أو الدلالين، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل،إلا إذا كانت فيه مصلحة له،و المدار في كون التصرف مشتملا على المصلحة أو عدم المفسدة،إنما هو بنظر الولي إذا كان من أهل الخبرة في ذلك التصرف،و إلا فعليه أن يرجع فيه إلى أهل الخبرة،فلا يجوز التصرف بدون الرجوع إليهم.

(مسألة 275):يجوز للأب و الجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل

أو جعله عاملا في المعامل و المصانع و القيام بتربيته العلمية و الدينية و الأخلاقية و سائر شئونه مثل تزويجه و غيره،شريطة أن تكون له في هذه التصرفات

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 135)


مصلحة،أو إذا لم تكن له فيها مصلحة أو كانت مفسدة،و لكنها كانت أقل من مفسدة جعله مهملا و عاطلا.نعم،ليس لهما طلاق زوجته،و هل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ،و هبة المدة في عقد المتعة أو لا؟ وجهان و الثبوت أقرب.

(مسألة 276):إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته على
القاصرين نفذت الوصية،

و صار الموصى إليه وليا عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته،و يشترط فيه الرشد و الأمانة و لا تشترط فيه العدالة على الأقوى.كما يشترط في صحة الوصية فقد الآخر،فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد،و لا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب،و لو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل بعد فقد الآخر لا في حال وجوده،ففي صحتها إشكال و لا يبعد الصحة،لأن مرجع ذلك إلى جعل الولاية في حالة خاصة و هي حالة فقد الأب و الجد معا.

(مسألة 277):ليس لغير الأب و الجد للأب،و الوصي لأحدهما ولاية على
الصغير

و لو كان عما أو اما أو جدا للام أو أخا كبيرا،فلو تصرف أحد هؤلاء في مال الصغير أو في نفسه أو سائر شئونه لم يصح،و توقف على إجازة الولي.

(مسألة 278):تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي مع فقد الأب
و الجد و الوصي لأحدهما،

و مع تعذر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين،لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرف فيه، كما لو خيف على ماله التلف-مثلا-فيبيعه العادل؛لئلا يتلف،و لا يعتبر حينئذ أن تكون في التصرف فيه غبطة و فائدة،بل لو تعذر وجود العادل-حينئذ-لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين،و لو اتفق احتياج المكلف إلى دخول دار الأيتام

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 136)


و الجلوس على فراشهم،و الأكل من طعامهم و تعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك إذا عوضهم عن ذلك بالقيمة،و لم يكن فيه ضرر عليهم و إن كان الأحوط تركه،و إذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض.

و اللّه سبحانه و تعالى العالم.

الفصل الثالث
شروط العوضين

يشترط في المبيع أن يكون عينا،سواء أ كان موجودا في الخارج أم في الذمة،و سواء أ كانت الذمة ذمة البائع أم غيره،كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث،فلا يجوز بيع المنفعة كمنفعة الدار،و لا بيع العمل كخياطة الثوب،و أما الثمن فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أو عملا.

(مسألة 279):المشهور على اعتبار أن يكون المبيع و الثمن مالا يتنافس فيه
العقلاء،

فكل ما لا يكون مالا-كبعض الحشرات-لا يجوز بيعه و لا جعله ثمنا، و لكن الظاهر عدم اعتبار ذلك و إن كان الاعتبار أحوط.

(مسألة 280):الحقوق مطلقا من قبيل الأحكام،

فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمنا.نعم،في مثل حق التحجير القابل للانتقال،يجوز جعل متعلق الحق بما هو كذلك ثمنا،و يجوز جعل شيء بإزاء رفع اليد عن الحق،حتى فيما إذا لم يكن قابلا للانتقال،و كان قابلا للإسقاط،كما يجوز جعل الإسقاط ثمنا،فيملك البائع على المشتري الإسقاط،فيجب عليه ذلك بعد البيع،بل يجوز جعل متعلق

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 137)


الحق-بما هو متعلقه-مبيعا،كبيع الأرض المحياة بناء على أن الإحياء إنما يمنح الحق للمحيي بها دون الملك كما هو الظاهر.

(مسألة 281):يشترط في البيع أن لا يكون غرريا على الأحوط،

و تكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة،و لا تكفي في غير ذلك،بل لا بدّ أن يكون مقدار كل من العوضين كيلا أو وزنا أو عدا أو مساحة معلوما،و لا بأس بتقديره بغير ما هو المتعارف تقديره به كبيع المكيل بالوزن،و بالعكس إذا لم يكن البيع غرريا،و إذا كان الشيء مما يباع في حال بالمشاهدة،و في حال أخرى بالوزن أو الكيل،كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة و في المخازن بالوزن،و الحطب محمولا على الدابة بالمشاهدة و في المخزن بالوزن،و اللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة و في المخازن بالكيل،فصحة بيعه مقدرا أو مشاهدا تابعة للمتعارف على الأحوط.

(مسألة 282):يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر،كيلا أو وزنا،

أو عدا اذا كان ثقة و إن لم يكن عدلا،و لو تبين الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار بين أن يفسخ المعاملة و يسترد الثمن بكامله من البائع،و بين أن يمضيها بتمام الثمن،و لو تبينت الزيادة في المبيع كان البائع بالخيار بين فسخ المعاملة و إمضائها بتمام المبيع،و أما ما قيل من أن البيع بالنسبة إلى مقدار النقيصة في الأول و مقدار الزيادة في الثاني باطل-بمعنى أن مقدار ثمن النقيصة باق في ملك المشتري على الأول،و الزيادة على المبيع باقية في ملك البائع على الثاني،فيرجع المشتري حينئذ على البائع بثمن النقيصة،و يرجع البائع على المشتري بالزيادة-فهو ضعيف و لا يبتني على أصل.

(مسألة 283):العلم بالعوضين الرافع للغرر يتم بأحد الطرق التالية:

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 138)


الأول:بالكيل و الوزن إذا كان المبيع من المكيل أو الموزون.

الثاني:بالتقدير الكمي عرضا و طولا،كما إذا كان المبيع أرضا أو ما شاكلها.

الثالث:بالمشاهدة أعم من المشاهدة الفعلية أو السابقة.

الرابع:بإخبار البائع بنوعية المبيع و أوصافه و خصوصياته و غيرهما إذا كان ثقة.

الخامس:إخبار أهل الفن و الخبرة بذلك،فلو اشترى سلعا اعتباطا و بدون تحقيق ثم ظهر الخلاف،فإن كان في النوع أو الجنس بطل البيع،و إن كان في الوصف صح و لم يثبت له الخيار أيضا،على أساس أنه أقدم على شرائه كذلك، و الخيار إنما يثبت إذا كان الشراء مبنيا على وصف الصحة و لو ارتكازا،أو على اشتراط الوصف الكمالي في ضمن العقد.

(مسألة 284):إذا اختلفت البلدان في تقدير شيء،

بأن كان موزونا في بلد و معدودا في آخر و مكيلا في ثالث،فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة، و لكن يجوز البيع بالتقدير الآخر أيضا إذا لم يكن فيه غرر،و إلا فالأحوط تركه.

(مسألة 285):قد يؤخذ الوزن شرطا في المكيل أو المعدود،أو الكيل
شرطا في الموزون،

مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس بشرط أن يكون كيلها صاعا،فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك؛لرقة الدبس،أو يبيعه عشرة أذرع من قماش بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال،فيتبين أن وزنها تسعمائة؛لعدم إحكام النسج،أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان،بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال، فيتبين أن وزنه مائتا مثقال؛لغلظة خيوطه و نحو ذلك،مما كان التقدير فيه

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 139)


ملحوظا صفة كمال للمبيع لا مقوما له،و الحكم أنه مع التخلف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري؛لتخلف الوصف،فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن،و الزيادة للمشتري على كل حال.

(مسألة 286):يشترط معرفة جنس العوضين في صحة البيع،

و أما معرفة صفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها،كالألوان و الطعوم و الجودة و الرداءة و الرقة و الغلظة و الثقل و الخفة و نحو ذلك،فهي على الأحوط الأولى،أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته و إن كان مرغوبا عند قوم و غير مرغوب عند آخرين.و المعرفة إما بالمشاهدة أو بتوصيف البائع أو بالرؤية السابقة.

(مسألة 287):يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكا للمتعاملين،

كما هو الحال في أكثر البيوع و المعاملات الواقعة بين الناس و المتداولة بينهم،سواء أ كانا من الأعيان الخارجية أو كانا في الذمم أو ما يكون في حكم الملك،كبيع أموال لجهة خاصة من الجهات،مثل بيع ولي الزكاة بعض الأعيان الزكوية و شراء البديل لها بثمنها و هو العلف،و بيع ولي الموقوفة بعض أدواتها و لوازمها إذا دعت الضرورة إلى ذلك،و عليه فلا يجوز بيع ما ليس في حوزته و اختياره، كبيع السمك في الماء و الطير في الهواء،و شجر البيداء قبل أن يصطاد أو يحاز و ما شابه ذلك.

(مسألة 288):يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن،

و كذلك لو أجازه بعد وقوعه،و الأظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضا،إلا أنه يثبت الخيار حينئذ للمشتري إذا كان جاهلا بالحال حين البيع.

(مسألة 289):لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد:

منها:أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه،كالحيوان المذبوح

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 140)


و الجذع البالي و الحصير المخرق و غيرها مما يؤدي بقاؤه إلى التلف و الضياع.

و منها:أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفا،كالدار التي انهدمت و صارت عرصة،فإنه و إن كان بالإمكان إجارتها عرصة بأجرة قليلة غير معتد بها في مقابل أجرة الدار،و لكن إذا بيعت و اشترى بثمنها خانا أو دكانا كان نفعه كالأول.

و منها:ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلة المنفعة أو كثرة الخراج أو كون بيعه أنفع بكثير من بقائه،أو احتياجهم الشديد إلى عوضه،أو غير ذلك من ضرورة دعت إلى ذلك.

و منها:ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم،بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس و الأموال.

و منها:ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنوانا خاصا في العين الموقوفة،مثل كونها بستانا أو حماما فيزول ذلك العنوان،فإنه يجوز البيع حينئذ و يشتري بديلا له إن أمكن،و إلا فيصرف ثمنه في الأقرب فالأقرب إلى غرض الواقف.

و منها:ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفا،و اللازم حينئذ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء،ثم يبيع و يشتري مكانه ما يقوم مقامه-و لو في الجملة-إن امكن،و إلا فيصرف الثمن فيما هو الأقرب فالأقرب.

(مسألة 290):ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في
المساجد،

فإنها لا يجوز بيعها على كل حال.نعم،يجري في مثل الخانات الموقوفة

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 141)


للمسافرين و كتب العلم و المدارس و الرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة أو العامة.

(مسألة 291):إذا جاز بيع الوقف،

فإن كان من الأوقاف غير المحتاجة إلى المتولي،كالوقف على الأشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم،و إلا فإن كان له متول خاص فاللازم مراجعته،و يكون البيع بإذنه،و إلا فالأظهر مراجعة الحاكم الشرعي،و الاستئذان منه في البيع،كما أن الأظهر أن يشتري بثمنه ملكا، و يوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول.نعم،لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض و صرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر،كتعميره و سائر لوازمه إذا كان بحاجة إلى ذلك،و إلا فيصرف في وقف آخر إذا كان موقوفا على نهج وقف الخراب مراعاة للأقرب فالأقرب.و إذا خرب الوقف و لم يمكن الانتفاع به و أمكن بيع بعضه و تعمير الباقي بثمنه،فهل يتعين ذلك أو يجوز بيع الجميع و يشتري مكانه بديلا له و إن كان دونه؟

و الجواب:أن أيا منهما أنفع و أقرب إلى مقصود الواقف فهو المتعين.

(مسألة 292):لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيدها

و لو كان حملا غير مولود،و كذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل،و إذا مات ولدها جاز بيعها،كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى،و في هذه المسألة فروع كثيرة لم نتعرض لها؛لقلة الابتلاء بها.

(مسألة 293):لا يجوز بيع رقبة الأرض الخراجية،

و هي الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح،فإنها ملك للمسلمين عامة،و لا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرها و أن لا تكون.نعم،يجوز للبائع في الفرض الأول بيعها،على أساس ما فيها من الحق المتعلق بها الناشئ من العمل

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 142)


و الجهد في سبيل إيجاد و توفير صفة ذات قيمة اقتصادية فيها،و لكن ذلك إنما هو بيع للحق المتعلق بها دون رقبة الأرض،و لا يجوز لأي أحد التصرف فيها إلا بإذن الإمام عليه السّلام أو نائبه العام و هو الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة،و قد تسأل:أن تلك الأراضي إذا كانت بيد الخلفاء و سلاطين الجور،فهل يتوقف جواز التصرف فيها على إذنهم و لا يجوز من دونه أو لا؟

و الجواب:أنه لا يتوقف على إذنهم فيه إذ لا ولاية لهم على تلك الأراضي، و لكن بما أن لكل فرد من شملته أخبار التحليل حقا فيها و هو لا يتمكن من ممارسة حقه من دون مراجعة هؤلاء،على أساس أنها كانت تحت استيلائهم و سيطرتهم خارجا،فتكون المراجعة إنما هي من أجل استيفاء حقه فيها و ممارسته،لا من أجل أن جواز تصرفه فيها يتوقف على إذنه و تقبيله،و لو ماتت الأرض العامرة حين الفتح،فهل تنقطع بذلك علاقة المسلمين عنها نهائيا أو لا؟

و الجواب:أنها لا تنقطع بذلك،فإن ملك المسلمين إنما هو رقبة الأرض و إن كانت ميتة،و على هذا فإذا قام فرد بإحيائها كان أحق بها من دون أن يملك رقبتها،و إذا تركها حتى ماتت زال حقه بزوال سببه و هو الإحياء؛لأن كل فرد يملك نتيجة عمله و جهده،و هي خلق شروط فيها التي يتيح له فرصة الاستفادة منها و الانتفاع بها،فإذا ماتت تلك الشروط بإهمالها مات حقه،و حينئذ فيجوز لغيره أن يقوم بإحيائها بلا حاجة إلى إذنه،و إذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.

(مسألة 294):في تعيين أرض الخراج إشكال بل منع،

فإن العلماء و المؤرخين و إن ذكروا أراضي كثيرة و أنها من الأراضي الخراجية و ملك للمسلمين منها أرض العراق،و لكن لم يثبت شيء من ذلك،على أساس أن

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 143)


ملكية المسلمين للأراضي الخراجية منوطة بتوفر أمرين:

أحدهما:أخذها من الكفار بالجهاد المسلح و قهرا.

و الآخر:أن يكون ذلك الأخذ بإذن الإمام عليه السّلام و حيث أنه لم يثبت أن الفتوحات بعد النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و في زمن الخلفاء كانت بإذن الإمام عليه السّلام فلم يثبت أن الأراضي المأخوذة في تلك الفتوحات ملكا للمسلمين،بل هي من الأنفال.هذا إضافة إلى أن أمر الأراضي بكلا نوعيها بيد الإمام عليه السّلام و له أن يتصرف فيها بما يرى من تقبيل و إجارة و نحوهما،فلا ثمرة من هذه الناحية بين كون تلك الأراضي ملكا للمسلمين و كونها ملكا للإمام عليه السّلام هذا من ناحية،و من ناحية أخرى أن الأرض المفتوحة عنوة بشروطها ملك للمسلمين عامة،بلا فرق بين أن تكون معمورة بشرية أو طبيعية أو ميتة،و على هذا فلا أثر للشك في أنها حين الفتح كانت ميتة أو معمورة.

(مسألة 295):يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدورا على تسليمه،

فلا يجوز بيع الجمل الشارد أو الطير الطائر أو السمك المرسل في الماء،و لا فرق بين العلم بالحال و الجهل بها،و لو باع العين المغصوبة و كان المشتري قادرا على أخذها من الغاصب صح،كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضا و إن كان البائع لا يقدر على أخذها منه،ثم دفعها إليه.

(مسألة 296):لو علم بالقدرة على التسليم،فباع فانكشف الخلاف بطل،

و لو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.هذا شريطة أن يكون جادا في الإنشاء،و لكنه مع العلم بالعجز و بطلان البيع لا يمكن أن يكون جادا فيه و قاصدا له واقعا.

(مسألة 297):لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه،

لكن علم

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 144)


بحصولها بعده،فإن كانت المدة يسيرة صح،و إذا كانت طويلة لا يتسامح بها،فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر،فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها و كذا مع جهله بها،لكن يثبت الخيار للمشتري،و أما إذا كانت غير مضبوطة،كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها،لكن لا يعلم زمانه و أنه بعد شهر أو شهرين أو سنة أو أكثر،فالظاهر أنه صحيح أيضا،أما مع علم المشتري بالحال فواضح،و أما مع جهله بها،فيثبت له الخيار إما من جهة تأخير التسليم أو من جهة الغرر.

(مسألة 298):إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته،

و إن كان وكيلا في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك،و إن كان وكيلا في المعاملة كعامل المضاربة،فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك،فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة،فإذا لم يقدرا بطل البيع.

(مسألة 299):يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة

إذا كانت ذات قيمة معتد بها.

الفصل الرابع
الخيارات

و هي كما يلي:1-خيار المجلس 2-خيار الحيوان 3-خيار الشرط 4-خيار الغبن 5-خيار التأخير 6-خيار الرؤية 7-خيار العيب.

الخيار:حق يمنح صاحبه السلطنة على العقد فسخا و إمضاء.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 145)


(1)خيار المجلس

أي:مجلس البيع،فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع و المشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا،فإذا افترقا-عرفا-لزم البيع و انتفى الخيار،و إن كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك،إذا كان الوكيل وكيلا في إجراء الصيغة فقط؛إذ ليس له حينئذ الفسخ عن المالك،و إن كان وكيلا في تمام المعاملة و شئونها كان له الفسخ عن المالك،و المدار على اجتماع المباشرين و افتراقهما لا المالكين،و لو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا،و لو كان الموجب و القابل واحدا وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما ففي ثبوت الخيار إشكال،و الأظهر العدم.

(مسألة 300):هذا الخيار يختص بالبيع

و لا يجري في غيره من المعاوضات.

(مسألة 301):يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد،

كما يسقط بإسقاطه بعد العقد.

(2)خيار الحيوان

كل من اشترى حيوانا-إنسانا كان أو غيره-ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد،و إذا كان العقد أول النهار كان الخيار في ثلاثة أيام تامة و ليلتان متوسطتان،و أما الليلة الاولى و الرابعة فهما خارجتان عن فترة الخيار، و إذا كان في أثناء النهار كأول الزوال-مثلا-كان الخيار في ثلاثة أيام ملفقة و ثلاثة ليالي تامة،و إذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان،و بقي خيار المجلس.

(مسألة 302):يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد،

كما يسقط

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 146)


بإسقاطه بعده،و بالتصرف في الحيوان تصرفا يدلّ على إمضاء العقد و اختيار عدم الفسخ،بل لا يبعد أن يكون التصرف فيه مطلقا مانعا عن الفسخ و إن لم يدل على الإمضاء،مثال ذلك:رجل اشترى جارية،فإذا لامسها أو قبلها أو نظر إلى ما كان يحرم عليه قبل الشراء سقط خياره،مع أن مثل هذا التصرف لا يدل على الإمضاء مطلقا،و أوضح من ذلك ما إذا أحدث المشتري فيه عيبا أو نقصا،فإن خياره يسقط بذلك جزما.

(مسألة 303):يثبت هذا الخيار للبائع أيضا إذا كان الثمن حيوانا.
(مسألة 304):يختص هذا الخيار أيضا بالبيع،

و لا يثبت في غيره من المعاوضات.

(مسألة 305):إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار

كان تلفه من مال البائع،و رجع المشتري عليه بالثمن إذا كان دفعه إليه،و كذلك إذا حدث فيه نقص أو عيب في خلال الأيام الثلاثة،فإنه على البائع.

(3)خيار الشرط

و المراد به الخيار المجعول باشتراطه في العقد،اما لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه أو لأجنبي.

(مسألة 306):لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة،

بل يجوز اشتراطه في أي مدة كانت قصيرة أو طويلة،متصلة أو منفصلة عن العقد.نعم،لا بدّ من تعيين مبدأها و تقديرها بقدر معين،و لو ما دام العمر،و هل يجوز جعل الخيار مدة غير محدودة قابلة للزيادة و النقيصة أو لا؟

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 147)


و الجواب:أن المشتري إن قبل البيع مع هذا الشرط المجهول صح،و إن قبل بدونه،فإن رضي البائع بذلك صح أيضا و الغي الشرط،و إن لم يقبل المشتري مع الشرط المذكور أو لم يقبل البائع بدون ذلك،بطل البيع من أصله.

(مسألة 307):إذا جعل الخيار شهرا كان الظاهر منه المتصل بالعقد،

و كذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما،و إذا جعل الخيار شهرا مرددا بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين،لكن الظاهر الصحة، فإن مرجع ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور.

(مسألة 308):لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات،كالطلاق و العتق

و نحوهما على الأحوط،و لا يصح جعل الخيار في العقود الإذنية،كالعارية و الوديعة و الوكالة و الجعالة،و يصح في العقود اللازمة ما عدا النكاح،و هل يصح جعله في العقود الجائزة كالهبة و نحوها أو لا؟

و الجواب:لا يبعد صحة جعله فيها.

(مسألة 309):يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد،

أو منفصلة عنه،على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه،و يسمى بيع الخيار فإذا مضت مدة الخيار،لزم البيع و سقط الخيار و امتنع الفسخ،و إذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ،و كذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ إلا في المدة المعينة،في حال رد الثمن أو رد بدله مع تلفه،ثم ان الفسخ إما أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد،مثل فسخت و نحوه،أو يكون بنفس الرد،على ان يكون إنشاء الفسخ بالفعل و هو الرد،لا بقوله فسخت،و نحوه.

(مسألة 310):المراد من رد الثمن إحضاره عند المشتري و تمكينه منه،

فلو

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 148)


أحضره كذلك،جاز له الفسخ و إن امتنع المشتري من قبضه.

(مسألة 311):الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن،

كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.

(مسألة 312):إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة أو جنون أو نحوهما
مما يرجع إلى قصور فيه،

فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه و لو كان الحاكم الشرعي أو وكيله،فإذا امكنه من الثمن جاز له الفسخ و إلا فلا،و يصبح العقد حينئذ لازما.

(مسألة 313):نماء المبيع من زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري،

كما أن نماء الثمن للبائع.

(مسألة 314):لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة الخيار،

التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع أو نحوهما،و لو تلف المبيع كان ضمانه على المشتري،و لا يسقط بذلك خيار البائع،إلا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين،بحيث يكون الفسخ موجبا لرجوعها نفسها إلى البائع،لكن الغالب الأول.

(مسألة 315):إذا كان الثمن المشروط رده دينا في ذمة البائع،

كما إذا كانت ذمته مشغولة للمشتري بمال،و باع البائع داره مثلا من المشتري بذلك المال في ذمته،و جعل الخيار له مشروطا برده إلى سنة،كفى في رد ذلك المال الذي هو الثمن،رد فرده خارجا،و إذا كان الثمن عينا في يد البائع ثبت الخيار له إذا دفعها إلى المشتري،و إذا كان الثمن كليا في ذمة المشتري فدفع منه فردا إلى البائع بعد وقوع البيع،فالظاهر كفاية رد فرد آخر منه في صحة الفسخ.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 149)


(مسألة 316):لو اشترى الولي شيئا للمولّى عليه ببيع الخيار،

فارتفع حجره قبل انقضاء المدة كان الفسخ مشروطا برد الثمن إليه،و لا يكفي الرد إلى وليه،و لو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار،جاز الفسخ بالرد إلى الولي الآخر كالجد،إلا أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء.

(مسألة 317):إذا مات البائع-قبل اعمال الخيار-انتقل الخيار إلى ورثته،

فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري و يشتركون في المبيع على حساب سهامهم في الإرث،و لو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ لا في تمام المبيع و لا في بعضه،و لو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته.هذا شريطة أن لا يجعل الشرط رد الثمن إلى خصوص المشتري مباشرة،و إلا فلا يقوم وارثه مقامه.

(مسألة 318):يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع

و الظاهر منه عند الإطلاق رد نفس المبيع،فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها،إلا أن تقوم هناك قرينة على إرادة ما يعم رد البدل عند التلف،كما هو الغالب في رد الثمن،فإن البائع يبيع داره مثلا بالبيع الخياري من جهة حاجته إلى الثمن،فلا محالة يتصرف فيه و لا يبقى عينه،و حينما أراد رده رد بدله،و يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.

(مسألة 319):لا يصح اشتراط خيار فسخ البيع برد البدل مع وجود
العين؛

لأن معنى الفسخ حل العقد،و هو يتطلب رجوع نفس العين إلى ملك مالكها الأول،فاشتراط رجوع بدلها إليه مناف لحقيقة الفسخ،و كذلك لا يصح شرط رد القيمة في المثلي أو المثل في القيمي عند التلف.

(مسألة 320):يسقط هذا الخيار بانقضاء المدة المجعولة له مع عدم الرد،

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 150)


و بإسقاطه بعد العقد.

(4)خيار الغبن

إذا باع شخص شيئا بأقل من قيمة مثله في العرف العام و كان جاهلا بذلك فهو مغبون،فيثبت له الخيار،و كذلك إذا اشترى سلما بأكثر من قيمة مثله،و لا يثبت له هذا الخيار إذا كان عالما بالحال.

(مسألة 321):يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أن يكون التفاوت موجبا
للغبن عرفا،

بأن يكون مقدارا لا يتسامح به عند غالب الناس،فلو كان جزئيا غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار،و حدّه بعضهم بالثلث و آخر بالربع و ثالث بالخمس،و لكن لا أصل لشيء من ذلك،فإنه لا يمكن تحديده بنسبة معينة لاختلافه باختلاف المعاملات،فالمعاملات التجارية الكبيرة يكفي في صدق الغبن فيها التفاوت بنسبة عشر العشر بل الأقل،على أساس أن حجم المعاملات و المداولات كل ما كانت كبيرة،فقد يكون تفاوت السعر فيها بنسبة واحدة في الألف غبنا،فإذن لا يمكن جعل ضابط عام لذلك،بل في كل مورد لا بدّ من لحاظ حجم المعاملة فيه و نسبة التفاوت في السعر إليه.نعم،في المعاملات العادية المتداولة بين الناس يوميا،فلا يكون التفاوت بهذه النسبة غبنا،فالمدار فيها إنما هو بعدم المسامحة في الزيادة و النقيصة لدى العرف و العقلاء بالنسبة إلى القيمة السوقية من جهة،و بالنسبة إلى البيع اللازم الخياري من جهة أخرى،فإن الزيادة إن كانت عشرين في المائة مثلا فهي غبن في البيع اللازم،كما إذا اشترى ما يساوى مائة دينار بمائة و عشرين دينارا،و ليست بغبن في البيع الخياري،و كذلك الحال في النقيصة.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 151)


(مسألة 322):الظاهر كون الخيار المذكور ثابتا من حين العقد لا من
حين ظهور الغبن،

على أساس أن منشأه تخلف الشرط الضمني،و هو اشتراط المشتري على البائع ارتكازا على أن لا يبيع أكثر من القيمة السوقية،فإذا باع بأكثر منها ثبت الخيار للمشتري و إن كان جاهلا بذلك و كذلك البائع على المشتري بأن لا يشتري بأقل منها،و عليه فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعا،ثم ان المدار في الغبن على القيمة حال العقد،فلو زادت بعده-و إن كان ذلك قبل اطلاع المغبون على النقصان حين العقد-لم ينفع في سقوط الخيار،كما أنها لو نقصت قيمته بعده لم يؤثر في ثبوت الخيار.

(مسألة 323):ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت و ترك الفسخ،

و لو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول،بل يتخير بين فسخ البيع من أصله و إمضائه بتمام الثمن المسمى.نعم،لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح الصلح و سقط الخيار،و وجب على الغابن دفع عوض المصالحة.

يسقط الخيار المذكور بأمور:

الأول:إسقاطه بعد العقد و إن كان قبل ظهور الغبن،و لو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة،فإن كان المقصود إسقاط مرتبة خاصة من الغبن،ثم تبيّن كونه أزيد لم يسقط الخيار،و إن كان المقصود إسقاط الخيار من دون خصوصية لمرتبة خاصة من الغبن دون الأخرى،ثم تبين كونه أزيد فلا أثر له، و كذلك الحال إذا صالح على إسقاط الخيار،فإن كانت المصالحة على مرتبة خاصة من الغبن،ثم تبين كونه أزيد بطلت المصالحة،و إن كانت المصالحة على إسقاط الخيار من دون خصوصية لمرتبة من الغبن دون أخرى سقط الخيار و إن تبين كونه أزيد.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 152)


الثاني:اشتراط سقوطه في متن العقد،و إذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنه مائة،جرى فيه التفصيل السابق.

الثالث:تصرف المغبون-بائعا كان أو مشتريا فيما انتقل إليه-تصرفا يدل على الالتزام بالعقد.هذا إذا كان بعد العلم بالغبن،أما لو كان قبله فالمشهور على عدم السقوط به،و لكنه بإطلاقه لا يخلو عن إشكال،فإنه قد يدل على الالتزام بالعقد،كما إذا كان تصرفه فيه بالبيع أو بالإتلاف أو نحو ذلك.نعم،إذا لم يدل على ذلك-كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن-فلا يسقط الخيار به،و لو كان متلفا للعين أو مخرجا لها عن الملك أو مانعا عن الاسترداد كالاستيلاد.

(مسألة 324):إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع،

فإن كان المبيع موجودا عند المشتري استرده منه،و إن كان تالفا بفعله أو بغير فعله رجع بمثله إن كان مثليا،و بقيمته إن كان قيميا،و إن وجده معيبا بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب،و إن وجده خارجا عن ملك المشتري-بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع أو الهبة المعوضة أو لذي الرحم-فالظاهر أنه بحكم التالف،فيرجع عليه بالمثل أو القيمة،و ليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها،بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة و البيع بخيار،فلا يجب عليه الفسخ و إرجاع العين،بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك،بعد دفع البدل من المثل أو القيمة،لم يجب عليه دفعها إلى المغبون.نعم،لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل،وجب ارجاعها إليه،و أولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون،بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق و إن يكون بعقد جديد،فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون،و لا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة،على أساس أن دفع نفس العين إذا كان

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 153)


ممكنا فلا تصل النوبة إلى البدل،و إذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة،أو بعقد جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار،لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها،بل يدفع العين و أرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.

(مسألة 325):إذا فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع
تصرفا مغيرا له

فلذلك حالات:

الأولى:أن يكون تغييره بالنقيصة.

الثانية:بالزيادة.

الثالثة:بالامتزاج.

أما على الأولى،فيطلب من المشتري المبيع مع أرش النقيصة،فإذا دفع المشتري ذلك فقد أدّى حقه و لا شيء عليه،و أما على الثانية فالزيادة على نحوين:

أحدهما:أن تكون زيادة صفتية دون عينية،سواء أ كانت صفة محضة- كطحن الحنطة و صياغة الفضة و قصارة الثوب و غيرها-كانت مشوبة بالعين كصبغ الثوب و نحوه،و حينئذ فإن كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين،فإن لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع كله للبائع و لا شيء للمشتري، و كذلك إن كانت لها مالية و لكن لم تكن بفعل المشتري،كما إذا اشترى منه عصى عوجاء فاعتدلت أو خلا قليل الحموضة فزادت حموضته،و إن كانت لها مالية و كانت بفعل المشتري،فهل الصفة ملك للمشتري و هو شريك مع الفاسخ

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 154)


بالقيمة أو لا؟

و الجواب:أنها ليست ملكا له لكي يكون شريكا معه في القيمة،غاية الأمر أن عمله إن كان في ملك غيره و كان بأمره لكان مضمونا بأجرة المثل،لا أنه شريك معه في مالية المال.

و ثانيهما:أن تكون الزيادة عينية،و هذه الزيادة تارة تكون متصلة و غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان و نمو الشجر و نحوهما،و أخرى تكون منفصلة و قابلة للفصل كالثمرة على الشجرة و البناء على الأرض و الغرس و الزرع فيها و نحوهما،و عندئذ فإن كانت الزيادة العينية من قبيل الأول كسمن الحيوان و نمو الشجر و نحوها فلا شيء للمشتري،فإن الحيوان ما دام في ملك المشتري فالزيادة ملك له تبعا للحيوان لا بملكية مستقلة،و إذا انتقل الحيوان إلى البائع انتقل بكل أجزائه،و إن كانت من قبيل الثاني كالصوف و اللبن و الشعر و الثمر و البناء و الزرع و غير ذلك،كانت الزيادة للمشتري،و حينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة ضرر على المشتري حال الفسخ،كان للبائع إلزام المشتري بفصلها كاللبن و الثمر،بل له ذلك و إن لزم الضرر على المشتري من فصلها،و إذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه،و إذا أراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء،فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه،و عليه طمّ الحفر و تسوية الأرض و نحو ذلك،و أما على الثالثة-و هي ما إذا كان التغيير بالامتزاج بغير الجنس-فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة،سواء عد المبيع مستهلكا عرفا-كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء-أم لم يعد مستهلكا،بل عد موجودا على نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر،فإن الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلا،و المفروض أنه لا وجود له،و إنما الموجود طبيعة ثالثة

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 155)


حصلت من المزج،فلا مناص حينئذ من الضمان بالمثل أم القيمة بل الحال كذلك في الخلط بجنسه كخلط السمن بالسمن،سواء كان الخلط بمثله أو كان بالأجود أم بالأردإ،فإن اللازم بعد الفسخ رد شخص المبيع،فإن لم يمكن من جهة المزج، وجب رد بدله من المثل أو القيمة.

(مسألة 326):إذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع تصرفا
غير مسقط لخياره لجهله بالغبن،

فتصرفه أيضا تارة لا يكون مغيرا للعين، و أخرى يكون مغيرا لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج،و تأتي فيه الصور المتقدمة و تجري عليه أحكامها،و هكذا لو فسخ المشتري المغبون،و كان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون و كان هو قد تصرف في الثمن تصرفا غير مسقط لخياره،فإن حكم تلف العين و نقل المنفعة و نقص العين و زيادتها و مزجها بغيرها و سائر الصور التي ذكرناها هناك،جار هاهنا على نهج واحد.

(مسألة 327):الظاهر أن الخيار في الغبن ليس على الفور،

فلو أخر إنشاء الفسخ عالما عامدا لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ و عدمه،و نحو ذلك من الأغراض الصحيحة لم يسقط خياره،فضلا عما لو أخره جاهلا بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلا عنه أو ناسيا له،فيجوز له الفسخ إذا علم أو التفت.

(مسألة 328):الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية على المماكسة

صلحا كانت أو إجارة أو غيرهما.

(مسألة 329):إذا اشترى شيئين صفقة بثمنين كشاة بعشرة و فرس
بعشرين،و كان مغبونا في شراء الفرس،

جاز له الفسخ،فإذا فسخ فللبائع الخيار في بيع الشاة لتبعض الصفقة.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 156)


(مسألة 330):إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي و كان قيميا

ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف،و في كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الثاني،على أساس أن ذمته اشتغلت بها للمغبون من زمن الفسخ،و لو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشيء، و لو كان بإتلاف أجنبي،ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الأجنبي أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الأول،و يرجع الغابن على الأجنبي،و كذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف،فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشيء،و إن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم الفسخ،و رجع المغبون على الأجنبي إن كان هو المتلف،و حكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.

(5)خيار التأخير

إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعليا،فلو امتنع احد الطرفين عنه أجبر عليه،فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد،بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أيضا،و لا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة.نعم،يختص البيع بخيار آخر و هو المسمى بخيار التأخير،و يتحقق فيما إذا باع سلعة و لم يقبض الثمن و لم يسلم المبيع حتى يجيء المشتري بالثمن،فإن جاء فيما بينه و بين ثلاثة أيام كان أحق بالسلعة،و إلا فللبائع فسخ البيع،و لو تلفت السلعة عند البائع كانت من ماله،سواء أ كان التلف في الثلاثة أم بعدها،حال ثبوت الخيار أم بعد سقوطه ما دامت السلعة في حيازته

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 157)


و بيته.

(مسألة 331):الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض،

و كذا قبض بعض المبيع.

(مسألة 332):المراد بالثلاثة أيام:الايام البيض،

بلا فرق بين أن تكون تامة أم ملفقة،إلا أنها إذا كانت تامة تدخل فيها الليلتان المتوسطتان فقط دون غيرهما،و إذا كانت ملفقة تدخل الليالي الثلاث المتوسطات.

(مسألة 333):يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم
أحد العوضين،

و إلا فلا خيار.

(مسألة 334):لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصيا،

و أما إذا كان كليا في الذمة،فهل يثبت للبائع هذا الخيار أو لا؟و الجواب:أن ثبوته لا يخلو عن إشكال،بل لا يبعد عدم ثبوته.

(مسألة 335):ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر و البقول و اللحم في بعض
الأوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل،

فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء،و يختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.

(مسألة 336):يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الثلاثة،و في سقوطه بإسقاطه
قبلها،

و باشتراط سقوطه في ضمن العقد إشكال،و الأظهر السقوط،و الظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع،و لا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن،إلا أن تكون كاشفة عن رضاه بالمعاملة.نعم،الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة،و يكفي ظهور الفعل في ذلك و لو بواسطة بعض القرائن.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 158)


(مسألة 337):في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان:

أقواهما الثاني،فلا يسقط بالتأخير عن الأيام الثلاثة إلا بأحد المسقطات.

(6)خيار الرؤية

و يتحقق فيما لو رأى شيئا ثم اشتراه فوجده على خلاف ما رآه،أو اشترى موصوفا غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف،فإن للمشتري الخيار بين الفسخ و الإمضاء.

(مسألة 338):لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجبا للخيار بين
وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه،و غيره

إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به سواء أ كان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد اميا لا كاتبا و لا قارئا أم كان مرغوبا فيه عند قوم و مرغوبا عنه عند قوم آخرين مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود.

(مسألة 339):الخيار هنا بين الفسخ و الرد،و بين ترك الفسخ و إمساك العين
مجانا،

و ليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ،كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش،و لا بإبدال العين بعين اخرى واجدة للوصف.

(مسألة 340):كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع
عند تخلف الوصف،

إذا كان قد رأى المبيع سابقا،فباعه بتخيل أنه على ما رآه، فتبين خلافه،أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

(مسألة 341):المشهور أن هذا الخيار على الفور،

و لكن الأقرب عدمه.

(مسألة 342):يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها،

و بالتصرف

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 159)


بعد الرؤية إذا كان دالا على الالتزام بالعقد،و كذا قبل الرؤية إذا كان كذلك،و في جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان:أقواهما ذلك،فيسقط به.

(مسألة 343):مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية،

و لا يجري في بيع الكلي،فلو باع كليا موصوفا و دفع الى المشتري فردا فاقدا للوصف لم يكن للمشتري الخيار،و إنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف.نعم،لو كان المبيع كليا في المعين،كما لو باعه صاعا من هذه الصبرة الجيدة،فتبين الخلاف كان له الخيار.

(7)خيار العيب

و هو فيما لو اشترى شيئا فوجد فيه عيبا،فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب و إمضاء البيع،فإن لم يمكن الرد جاز له الإمساك و المطالبة بالأرش،و لا فرق في ذلك بين المشتري و البائع،فلو وجد البائع عيبا في الثمن كان له الخيار المذكور.

(مسألة 344):يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد،

بمعنى:اختيار عدم الفسخ،و منه التصرف في المعيب تصرفا يدل على اختيار عدم الفسخ.

موارد جواز طلب الأرش

لا يجوز فسخ العقد بالعيب في موارد،و إنما يتعين جواز المطالبة بالأرش فيها:

الأول:تلف العين.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 160)


الثاني:خروجها عن الملك

ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك.

الثالث:التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين،

مثل تفصيل الثوب و صبغه و خياطته و نحوها.

الرابع:التصرف الاعتباري فيها

الموجب لعدم إمكان ردها مثل إجارة العين و رهنها.

الخامس:إذا أحدث فيه عيبا بعد قبضه من البائع،

فإنه يمنع من الفسخ و كذلك إذا حدث فيه عيب لا بفعل المشتري،و في جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده.نعم،يثبت له الأرش إن طالبه.نعم،إذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري-كخيار الحيوان مثلا-جاز رده.

(مسألة 345):يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصا
في المالية،

كالخصاء في الحيوان إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل،و إذا اشترى ربويا بجنسه فظهر عيب في أحدهما،قيل:لا أرش حذرا من الربا،لكن الأقوى جواز أخذ الأرش،فإنه غرامة و ليس جزءا من العوض.

يسقط الرد و الأرش بأمرين:

الأول:العلم بالعيب قبل العقد.

الثاني:تبرؤ البائع من العيوب،بمعنى:اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش.

(مسألة 346):إذا ادعى المشتري عدم سماع التبري من البائع بعد اعترافه
بأنه تبرأ لم يسمع منه.

نعم،إذا ادعى المشتري أن البائع لم يتبرأ و البائع يدعي

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 161)


التبري فالقول قول المشتري و على البائع الإثبات.

(مسألة 347):الأقوى أن هذا الخيار أيضا ليس على الفور.
(مسألة 348):المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية،

سواء أ كان نقصا مثل العور و العمى و الصمم و الخرس و العرج و نحوها أم زيادة مثل الإصبع الزائد و اليد الزائدة،أما ما لم يكن على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية لكنه كان عيبا عرفا مثل كون الأرض موردا لنزول العساكر،فهل يثبت الأرش في ذلك،إذا لم يمكن الرد أو لا؟

و الجواب:الظاهر ثبوت الأرش.

(مسألة 349):إذا كان العيب موجودا في أغلب أفراد ذلك الصنف

مثل الثيبوبة في الإماء،فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

(مسألة 350):لا يشترط في العيب أن يكون موجبا لنقص المالية.

نعم،لا يثبت الأرش إذا لم يكن كذلك كما تقدم.

(مسألة 351):كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد،كذلك يثبت
بالعيب الحادث بعده قبل القبض،

فيجوز رد العين به،و في جواز أخذ الأرش به قولان:أظهرهما عدم الجواز.نعم،إذا كان العيب الحادث في المبيع أدّى إلى نقصه كما،لا مالية فحسب،فهو على البائع،و للمشتري أن يطالبه برد جزء من الثمن الذي هو بإزاء ذلك النقص،و لكن هذا ليس بأرش بل بطلان البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء،على أساس أن الثمن يقسط على أجزاء المبيع.

(مسألة 352):يثبت خيار العيب في الجنون و الجذام و البرص و القرن

إذا حدث بعد العقد إلى انتهاء السنة من تاريخ الشراء.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 162)


(مسألة 353):كيفية أخذ الأرش أن يقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا،

و تلاحظ النسبة بينهما ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة،فإذا قوّم صحيحا بثمانية و معيبا بأربعة و كان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف و هو اثنان و هكذا.

و يرجع في معرفة قيمة الصحيح و المعيب إلى أهل الخبرة،و تعتبر فيهم الأمانة و الوثاقة.

(مسألة 354):إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب،

فإن اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح و المعيب على تقويم بعضهم مع قيمتها على تقويم البعض الآخر فلا إشكال،كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة، و بعضهم الصحيح بستة و المعيب بثلاثة،فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن،و إذا اختلفت النسبة-كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة،و بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بستة-ففيه وجوه و أقوال،و الذي تقتضيه القواعد لزوم الأخذ بقول أقواهم خبرة، و الأحوط و الأولى التصالح.

(مسألة 355):إذا اشترى شيئين بثمنين صفقة،فظهر عيب في أحدهما

كان له الخيار في رد المعيب وحده،فإن اختار الرد كان للبائع الفسخ في الصحيح،و كذا إذا اشترى شيئين بثمن واحد،فإن له أن يرد المعيب فقط،على أساس أن الثمن يقسط عليهما،فإذا فعل ذلك كان للبائع فسخ العقد في الصحيح،كما أن له أن يردهما معا.

(مسألة 356):إذا اشترك شخصان في شراء شيء فوجداه معيبا،

جاز لأحدهما الفسخ في حصته،و يثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه.

(مسألة 357):لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري،

فالأظهر عدم سقوط

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 163)


الخيار،فيجوز له الرد مع إمكانه،و إلاّ طالب بالأرش.

(مسألة 358):إذا اشترى جارية فوطأها ثم وجد فيها عيبا،

لم يجز فسخ العقد بردها و له أن يطالب بالأرش.نعم،إذا كانت حبلى جاز له الرد مع عشر قيمتها،و إذا اشترط أنها عذراء ثم وجدها ثيبا،فله الرد أو المطالبة بفضل القيمة بينها و بين الثيب و هو الأرش.

تذنيب في أحكام الشرط

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه،كما إذا باعه فرسا بثمن معين و اشترط عليه أن يخيط له ثوبه،فإن البائع يستحق على المشتري الخياطة بالشرط،فتجب عليه خياطة ثوب البائع،و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط امور:

منها:أن لا يكون مخالفا للكتاب و السنة،و يتحقق هذا في موردين:

الأول:أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه،كما إذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر،أو يبيعه شيئا بشرط أن يرتكب محرما من المحرمات الإلهية.

الثاني:أن يكون الشرط بنفسه مخالفا لحكم شرعي،كما إذا زوجه امرأة بشرط أن يكون طلاقها بيده،أو باعه مالا أو وهبه بشرط أن لا يرثه منه ورثته أو بعضهم و أمثال ذلك،فإن الشرط في جميع هذه الموارد باطل.

و منها:أن لا يكون منافيا لمقتضى العقد،كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو اجره الدار بشرط أن لا تكون لها اجرة.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 164)


و منها:أن يكون مذكورا في ضمن العقد صريحا أو ضمنا،كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنيا عليه و مقيدا به،إما لذكره قبل العقد أو من أجل التفاهم العرفي،مثل اشتراط التسليم حال استحقاقه أو ارتكازه في الأذهان عرفا،فلو ذكر قبل العقد و لم يكن العقد مبنيا عليه عمدا أو سهوا،لم يجب الوفاء به.

و منها:أن يكون مقدورا عليه،بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الالتزام به عن جد.

(مسألة 359):لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط على المشتري بيعه منه ثانيا
و لو بعد حين.

نعم،لا يجوز ذلك فيما إذا اشترط على المشتري أن يبيعه بأقل مما اشتراه،أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه،و البيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان.

(مسألة 360):لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزا،بل يجوز فيه
التعليق،

كما إذا باع داره و شرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهرا إذا لم يسافر،بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أيضا،إلا إذا كانت الجهالة موجبة لأن يكون البيع غرريا،فعندئذ يمكن القول ببطلان الشرط دون البيع.

(مسألة 361):الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه،

فيصح العقد و يلغى الشرط.

(مسألة 362):إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط،فهل للمشروط
له اجباره عليه أو لا؟

قيل نعم؛على أساس أنه مالك للمشروط عليه،و له استنقاذ حقه منه بأي وسيلة متاحة له،و لكن الظاهر أنه ليس للمشروط له ذلك،لأن المتبادر من شرط الفعل عرفا هو أن اللام في موارده-كقولنا على

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 165)


ان تخيط لي ثوبي مثلا-متعلقة بالالتزام،بمعنى أن البائع يلتزم للمشتري بالخياطة لا أن الخياطة للمشتري يلتزم بها و ينشأها.

(مسألة 363):إذا تعذر الشرط على المشروط عليه بسبب من الأسباب،
عن قصور كان أم تقصير و لم يتمكن من ممارسته خارجا،

كان للمشروط له الخيار في الفسخ،و هل له ترك الفسخ و المطالبة بقيمة الشرط أو لا؟

و الجواب:ليس له ذلك على الأظهر.

الفصل الخامس
أحكام الخيار

الخيار حق من الحقوق،فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه،و يحرم منه من يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق،و يحجب عنه ما يحجب عن إرث المال،و لو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقا بمال يحرم منه الوارث كالارض التي لا ترث منها الزوجة،فهل ترث الزوجة من الخيار فيها أو لا؟و الجواب:أن فيه تفصيلا،فإن الميت إذا باع أرضا و كان له الخيار في ذلك،ورثت زوجته من الخيار كسائر الورثة؛على أساس انتفاعها به،و أما إذا اشترى أرضا كذلك فهي لا ترث من الخيار؛لعدم انتفاعها به،و دليل الإرث قاصر عن شمول ذلك باعتبار أن الأرض في هذه الصورة كانت من تركة الميت و لا ترث منها زوجته،و إذا فسخ الورثة البيع انتقلت الأرض إلى ملك مالكها الأول،و رجع الثمن إلى ملك من خرجت الأرض عن ملكه،فلذلك لا تنتفع الزوجة لا من إعمال هذا الخيار و لا

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 166)


من عدم إعماله و إمضاء البيع،فمن أجل ذلك لا ترث،و كذا الحكم بالنسبة إلى الحبوة المختصة بالابن الأكبر المحروم منها سائر الورثة.

(مسألة 364):إذا تعدد الوارث للخيار،

فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم من دون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع و لا في حصته،إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

(مسألة 365):إذا فسخ الورثة بيع مورثهم،

فإن كان عين الثمن موجودا دفعوه إلى المشتري،و إن كان تالفا أو بحكمه اخرج من تركة الميت كسائر ديونه و إن لم تكن له تركة فهل هو على الميت أو على الورثة؟

و الجواب:أنه على الميت؛على أساس أن ذمة الميت قد اشتغلت ببدل التالف-و هو الثمن-بمجرد فسخ الوارث البيع،و في مقابل ذلك-لا محالة-انتقل المبيع إليه لا إلى الوارث؛لأنه ليس طرفا للعقد،و لا معنى لاشتغال ذمته ببدل التالف،فعندئذ يجب على الوصي أو الوارث أن يؤدي دين الميت من المبيع المردود،فإن بقي منه شيء فهو للوارث.

(مسألة 366):لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات،

لم ينتقل الخيار إلى وارثه.

(مسألة 367):إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال
البائع،

و كذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري،أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض،فالأظهر أنه من مال المشتري.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 167)


الفصل السادس
ما يدخل في المبيع

من باع شيئا دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره، و يعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وصفا أو بالقرينة العامة أو الخاصة،فمن باع بستانا دخل فيه الأرض و الشجر و النخل و الطوف و البئر و الناعور و الحظيرة و نحوها مما هو من أجزائها أو توابعها،أما من باع ارضا فلا يدخل فيها الشجر و النخل الموجودان،و كذا لا يدخل الحمل في بيع الام و لا الثمرة في بيع الشجرة.نعم،إذا باع نخلا فإن كان التمر مؤبرا فالتمر للبائع،و يجب على المشتري إبقائه على الاصول بما جرت العادة على البقاء،و إن لم يكن مؤبرا فهو للمشتري و يختص هذا الحكم ببيع النخل،أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقا و إن لم يكن مؤبرا،هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة،أما إذا قامت القرينة على ذلك،و إن كانت هي الاعتياد و التعارف الخارجي عمل عليها، و كان جميع ذلك للمشتري حينئذ.

(مسألة 368):إذا باع الشجر و بقي الثمر للبائع-مع اشتراط بقائه-و احتاج
الشجر إلى السقي،

جاز للبائع سقيه و ليس للمشتري منعه،و إذا لم يحتج إلى السقي لم يجب على البائع سقيه و إن أمره المشتري بذلك،و لو تضرر أحدهما بالسقي و الآخر بتركه،ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان بل قولان:أرجحهما الأول إن اشترط الإبقاء،و إلا فالأرجح الثاني.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 168)


(مسألة 369):إذا باع بستانا و استثنى نخلة مثلا،

فله الممر إليها و المخرج منها و مدى جرائدها و عروقها من الأرض،و ليس للمشتري منع شيء من ذلك.

(مسألة 370):إذا باع دارا دخل فيها الأرض و البناء الأعلى و الأسفل،

إلا أن يكون الأعلى مستقلا من حيث المدخل و المخرج،فيكون ذلك قرينة على عدم دخوله،و كذا يدخل في بيع الدار السرداب و البئر و الأبواب و الأخشاب الداخلة في البناء،و كذا السلم المثبت،بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل و شجر و أسلاك كهربائية و أنابيب الماء و نحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق،فإن ذلك كله داخل في المبيع،إلا مع الشرط.

(مسألة 371):الأحجار المخلوقة في الأرض و المعادن المتكونة فيها تدخل
في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفا،

و أما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الأرض،فالظاهر أنها غير مملوكة لأحد و يملكها من يخرجها،و كذلك لا تدخل في بيع الأرض الأحجار المدفونة فيها و الكنوز المودعة فيها و نحوها.

الفصل السابع
التسليم و القبض

يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير،و لا يجوز لواحد منهما التأخير مع الإمكان إلا برضا الآخر،فإن امتنعا اجبرا،و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه اجبر الممتنع،و لو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز،و ليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 169)


حينئذ.

(مسألة 372):يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة

أو زرع الأرض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

(مسألة 373):التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول و غيره هو التخلية

برفع المانع عنه و الإذن لصاحبه في التصرف.

(مسألة 374):إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري،

انفسخ البيع،و كان تلفه من مال البائع و رجع الثمن إلى المشتري،و كذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع.

(مسألة 375):يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى
المتقدم في غير المنقولات كالأراضي،

و أما في المنقولات فلا بد فيها من الاستيلاء عليها خارجا،مثل أخذ الدرهم و الدينار و اللباس و أخذ لجام الفرس أو ركوبه.

(مسألة 376):في حكم التلف تعذر الوصول إليه،

كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك.

(مسألة 377):لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين فقبضه

كان بمنزلة قبض المشتري،و كذلك لو أمره بإرساله إلى بلده أو بلد آخر فأرسله كان بمنزلة قبضه،و لا فرق بين تعيين المرسل معه و عدمه.

(مسألة 378):إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في
تدارك خسارته،

فالأقوى صحة العقد و للمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مثل أو قيمة،و هل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم أو لا؟إشكال، و الأظهر ذلك.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 170)


(مسألة 379):إذا حصل للمبيع نماء فتلف الاصل قبل قبض المشتري

كان النماء للمشتري.

(مسألة 380):لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد،

كما تقدم.

(مسألة 381):لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة
إلى التالف

و رجع إليه ما يخصه من الثمن،و كان له الخيار في الباقي.

(مسألة 382):يجب على البائع تفريغ المبيع عما فيه عن متاع أو غيره،

فإن كان المبيع من قبيل الدار وجب عليه تفريغها و تخليتها من جميع ما يكون مانعا عن الاستفادة بها من الأمتعة و غيرها،و إن كان من قبيل الأراضي المزروعة،فإن كان عليها زرع و لم يبلغ وقت حصاده،وجب عليه إزالته منها، إلا إذا اشترط على المشتري بقائه عليها إلى وقت الحصاد مع الاجرة أو بدونها،و لو كانت له عروق تضر بالانتفاع بالأرض كالقطن و الذرة و نحوهما، أو كانت في الأرض حجارة مدفونة،وجب عليه إزالتها و تسوية الأرض،و لو كان مما لا يمكن إفراغ المبيع منه إلا بتخريب شيء من الأبنية،وجب تخريبه ثم إصلاحه و تعمير البناء.

(مسألة 383):من اشترى شيئا و لم يقبضه،

فإن كان مما لا يكال و لا يوزن جاز له بيعه قبل قبضه،و كذا إذا كان مما يكال أو يوزن و كان البيع برأس المال،أما لو كان بربح فالأظهر عدم جوازه،هذا إذا باع على غير بائعه،و أما إذا باعه على بائعه،فالظاهر جوازه مطلقا و إن كان بالمرابحة،و إذا ملك ما يكال أو يوزن بغير الشراء كالإرث أو الصداق أو الصلح،فهل يجوز بيعه قبل القبض أو لا؟

و الجواب:الأظهر الجواز مطلقا و إن كان بالمرابحة.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 171)


الفصل الثامن
النقد و النسيئة

من باع و لم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالا،فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد،كما يجب عيه أخذه إذا دفعه إليه المشتري،و ليس له الامتناع من أخذه.

(مسألة 384):إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري
دفعه قبل الأجل و إن طالبه به البائع،

و لكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله،إلا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقا للبائع أيضا.

(مسألة 385):يجب أن يكون الأجل معينا لا يتردد فيه بين الزيادة
و النقصان،

فلو جعل الأجل قدوم زيد أو(الدياس)أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك،فإن رضى البائع بذلك صح البيع و إلا بطل.

(مسألة 386):لو كان الأجل في الواقع محددا معينا لا يزيد و لا ينقص كأول
الحمل أو الميزان،

و لكن المتعاقدين جاهلان بذلك،فهل يصح البيع الى ذلك الأجل أو لا؟

و الجواب:يصح مع التراضي و إلا فلا،و كذلك لو كان الاجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال و النقصان،فإن الظاهر فيه الصحة.

(مسألة 387):لو باع شيئا بثمن نقدا أو بأكثر منه مؤجلا،

بأن قال:بعتك الفرس بعشرة نقدا و بعشرين إلى سنة،فقبل المشتري،فهل يصح ذلك أو لا؟

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 172)


و الجواب:الظاهر أنه صحيح و إن نسب إلى المشهور البطلان.

(مسألة 388):لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه،

بأن يزيد فيه مقدارا ليؤخره إلى أجل،و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل،و يجوز عكس ذلك،بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء بل على وجه المعاوضة أيضا،هذا إذا لم يكن الدين من المكيل أو الموزون،و أما إذا كان منه فلا يجوز النقصان منه على وجه المعاوضة،لأنه ربا.

(مسألة 389):و هل يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يكال
و يوزن،

كما إذا كان زيد مدينا من عمرو بمبلغ مائة دينار مؤجلا إلى ستة أشهر مثلا و باعه نقدا بتسعين دينارا أو لا؟

و الجواب:أن جوازه لا يخلو عن إشكال بل لا يبعد عدمه،هذا لا من جهة لزوم الربا؛اذ لا ربا هنا،بل من جهة النص.نعم،إذا كان فيما يكال و يوزن فعدم جوازه من جهة لزوم الربا،كما إذا كان زيد مدينا لبكر بمائة منّ من الحنطة مؤجلا إلى خمسة أشهر مثلا،فلا يجوز لبكر أن يبيعه بتسعين منّ نقدا و حالا؛لأنه ربا، و لا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقّد المدين بعضه قبل حلول الأجل.

(مسألة 390):إذا اشترى شيئا نسيئة،

جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساويا له أو زائدا عليه أو ناقصا عنه حالا كان البيع الثاني أو مؤجلا.نعم،إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل مما اشتراه به،أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه بأكثر مما اشتراه منه،فإن المشهور فيه البطلان،و لكنه لا يخلو عن إشكال.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 173)


ملحق
في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية

التعامل بين البائع و المشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشتراه به البائع السلعة،و اخرى لا يكون كذلك،و الثاني يسمى مساومة و هذا هو الغالب المتعارف،و الأول تارة يكون بزيادة على رأس المال و الاخرى بنقيصة عنه و ثالثة بلا زيادة و لا نقيصة،و الأول يسمى مرابحة و الثاني مواضعة و الثالث يسمى تولية.

(مسألة 391):إذا قال صاحب السلعة بعتك هذه السلعة برأس مالها بزيادة
عشرة في المائة أو بنقصان عشرة في المائة أو بلا زيادة و لا نقيصة،

فلذلك حالات:

الأولى:أن المشتري يعلم من الخارج مقدار رأس المال،ففي هذه الحالة إذا قبل المشتري صح البيع،سواء كان بالمرابحة أم بالمواضعة أم بالتولية.

الثانية:أن المشتري يكون واثقا و مطمئنا بأن البائع لا يكذب عليه،ففي هذه الحالة أيضا إذا قبل صح،بلا فرق بين الأقسام الثلاثة المذكورة.

الثالثة:أن المشتري لا يعلم بالحال و لا يدري أن ما قاله البائع صحيح و مطابق للواقع أو لا،ففي هذه الحالة إذا قال البائع بعتك هذه السلعة بمائة دينار بزيادة نسبة عشرة بالمائة على رأس مالها،و قبل المشتري صح أيضا سواء علم برأس المال بعد ذلك عند تسليم الثمن و أخذ المثمن أم لم يعلم.نعم،إذا ظهر كذب البائع ثبت له الخيار.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 174)


(مسألة 392):إذا قال البائع:بعتك هذا الفرس بألف دينار بزيادة نسبة
عشرة في المائة على رأس ماله،و قبل المشتري صح

و إن لم يعرف أن رأس ماله تسعمائة دينار،و كذلك الحكم في المواضعة،كما إذا قال بعتك بألف دينار بخسارة نسبة عشرة في المائة،و التولية،كما إذا قال بعتك برأس ماله و هو ألف دينار مثلا.

نعم،إذا تبين أن البائع كاذب في ذلك ثبت له الخيار.

(مسألة 393):إذا اشترى المتاع بالثمن المؤجل فليس له أن يبيعه مرابحة إلا
بالأجل الذي اشتراه به،

فإن باعه مرابحة نقدا و لم يخبره بالأجل لم يقع نقدا،بل وقع مؤجلا بنفس ذلك الأجل.

(مسألة 394):إذا اشترى جملة صفقة بثمن،لم يصح له بيع أفرادها مرابحة
بالتقويم،

إلا بعد إعلام أنه قوم أفرادها كلا بحده.

(مسألة 395):إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال،

كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة و باع بربح عشرة،و كان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع، و تخير المشتري بين فسخ البيع و إمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد و هو مائة و عشرة.

(مسألة 396):إذا اشترى سلعة بثمن معين مثل مائة دينار و لم يعمل فيها
شيئا،

كان ذلك رأس مالها و جاز له الإخبار بذلك،أما إذا عمل في السلعة عملا، فإن كان باجرة جاز ضم الاجرة الى رأس المال،فإذا كانت الاجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة و عشرة و ربح كذا.

(مسألة 397):إن باشر العمل بنفسه و كانت له اجرة،

لم يجز له أن يضم الاجرة إلى رأس المال،بل يقول رأس المال مائة و عملي يساوي كذا،أو بعتكها بما ذكر و ربح كذا.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 175)


(مسألة 398):إذا اشترى معيبا فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي
بعد الأرش،

و لو أسقط البائع بعض الثمن تفضلا منه أو مجازاة على الإحسان،لم يسقط ذلك من الثمن،بل رأس المال هو الثمن في العقد.

الفصل التاسع
الرّبا

و هو قسمان:

الأول:ما يكون في المعاملة.

الثاني:ما يكون في القرض،و يأتي حكمه،أي حكم الثاني في كتاب القرض إن شاء اللّه تعالى.

أما الأول:فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما،كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة و عشرين منها،أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة و دينار،أو زيادة حكمية،كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقدا بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة،و هل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات أو لا؟قولان،و الأظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين، سواء أ كانت بعنوان البيع أم الصلح،مثل أن يقول:صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي،أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين،كأن يقول:صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة و أهب لك هذه الخمسة،أو يقول:

أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك علي

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 176)


و نحوهما،فالظاهر الصحة.

يشترط في تحقق الربا في المعاملة أمران:

الأول:اتحاد الجنس و الذات عرفا و إن اختلفت الصفات،فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة و خمسين كيلوا من الرديئة،و لا بيع عشرين كيلوا من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلوا منه أو من الرديء كالحويزاوي،أما إذا اختلفت الذات فلا بأس،كبيع مائة و خمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلوا من الأرز.

الثاني:أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون،فإن كانا مما يباع بالعد كالبيض و الجوز فلا بأس،فيجوز بيع بيضة ببيضتين و جوزة بجوزتين.

(مسألة 399):المعاملة الربوية باطلة مطلقا

من دون فرق بين العالم و الجاهل سواء أ كان الجهل جهلا بالحكم أم كان جهلا بالموضوع،و عليه فيجب على كل من المتعاملين ردّ ما أخذه إلى مالكه على ما تقدم في المسألة(250).

(مسألة 400):الحنطة و الشعير في الربا جنس واحد،

فلا يباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير و إن كانا في باب الزكاة جنسين،فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب،فلو كان عنده نصف نصاب حنطة و نصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

(مسألة 401):الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة،و السلت ليس من
جنس الشعير.
(مسألة 402):اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان،

فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر،و كذا الحكم في لبن الغنم و لبن البقر،

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 177)


فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل.

(مسألة 403):التمر بأنواعه جنس واحد،و الحبوب كل واحد منها جنس

فالحنطة و الأزر و الماش و الذرة و العدس و غيرها كل واحد جنس،و الفلزات من الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص و غيرها كل واحد منها جنس برأسه.

(مسألة 404):الضأن و المعز جنس واحد و البقر و الجاموس جنس واحد

و الإبل العراب و البخاتي جنس واحد،و الطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره،فالعصفور غير الحمام و كل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره،فالفاختة و الحمام المتعارف جنسان،و السمك جنس واحد على قول و أجناس على قول آخر و هو أقوى.

(مسألة 405):الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي،

فالبقر الأهلي يخالف الوحشي،فيجوز التفاضل بين لحميهما،و كذا الحمار الأهلي و الوحشي،و الغنم الأهلي و الوحشي.

(مسألة 406):كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد،و كذا الفروع بعضها
مع بعض كالحنطة و الدقيق و الخبز،

و كالحليب و اللبن و الجبن و الزبد و السمن، و كالبسر و الرطب و التمر و الدبس.

(مسألة 407):إذا كان الشيء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا
يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل،

كالصوف الذي هو من الموزون،و الثياب المنسوجة منه التي ليست من الموزون،فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل،و كذلك القطن و الكتان و الثياب المنسوجة منهما.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 178)


(مسألة 408):إذا كان الشيء في حال موزونا أو مكيلا و في حال اخرى
ليس كذلك،

لم يجز بيعه بمثله متفاضلا في الحالة الأولى و جاز في الحالة الثانية.

(مسألة 409):لا بأس ببيع لحم حيوان بحيوان حي من غير جنسه،

كبيع لحم الغنم ببقر،و الأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه كبيع لحم الغنم بغنم و إن كان الأظهر الجواز فيه أيضا.

(مسألة 410):إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف،

كالرطب يصير تمرا و العنب يصير زبيبا و الخبز اللين يكون يابسا،يجوز بيعه جافا بجاف منه و رطبا برطب منه متماثلا،و لا يجوز متفاضلا،و أما بيع الرطب منه بالجاف متماثلا،ففيه إشكال،و الأظهر الجواز على كراهة،و لا يجوز بيعه متفاضلا حتى بمقدار الزيادة بحيث إذا جف يساوي الجاف.

(مسألة 411):إذا كان الشيء يباع جزافا في بلد و مكيلا أو موزونا في آخر

فلكل بلد حكمه،و جاز بيعه متفاضلا في الأول و لا يجوز في الثاني،و أما إذا كان مكيلا أو موزونا في غالب البلاد،فالأحوط لزوما أن لا يباع متفاضلا مطلقا.

(مسألة 412):يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص،

بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة و درهما بمائتي كيلو من الحنطة،و بضم غير الجنس إلى كل من الطرفين و لو مع التفاضل فيهما،كما لو باع درهمين و مائتي كيلو من الحنطة بدرهم و مائة كيلو منها.

(مسألة 413):المشهور على أنه لا ربا بين الوالد و ولده،

فيجوز لكل منهما بيع الآخر مع التفاضل،و كذا بين الرجل و زوجته،و بين المسلم و الحربي إذا أخذ المسلم الزيادة و لكنه مشكل،و الأحوط-وجوبا-تركه.نعم،يجوز أخذ الربا من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 179)


(مسألة 414):الأظهر حرمة الربا بين المسلم و الذمي،

و لكن إذا وقعت المعاملة الربوية بينهما،جاز للمسلم أن يأخذ الربا منه و هو الزائد تطبيقا لقاعدة الإلزام،بل مطلقا استنقاذا.

(مسألة 415):الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل و الموزون لا يجري فيها
الربا

فيجوز التفاضل في البيع بها،لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لا بد في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن،كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الإيراني مثلا،و هل يجوز بيع كل عملة بمثلها في الذمة،كبيع الدينار العراقي بمثله فيها و الدينار الكويتي و الريال الإيراني و هكذا؛لكي يتخلص بذلك من محذور القرض الربوي أو لا؟و الجواب:أن هناك نظريتين:

الأولى:أن الأوراق النقدية التي لا تمثل ذهبا و لا فضة و لا تدخل في المكيل أو الموزون،فبدلا عن أن يقرض البنك أو غيره مائة دينار بمائة و عشرين دينارا إلى شهرين مثلا،فيكون قرضا ربويا يبيع مائة دينار بمائة و عشرين دينارا مؤجلة إلى شهرين،و الثمن هنا و إن زاد على المثمن مع وحدة الجنس، و لكن ذلك لا يحقق الربا المحرم في البيع ما لم يكن العوضان من المكيل أو الموزون، و الدينار الورقي بما أنه ليس من المكيل أو الموزون،فبالإمكان التوصل بهذا الطريق إلى نتيجة القرض الربوي عن طريق البيع من دون محذور الربا.

الثانية:أن ذلك و إن كان بيعا صورة،إلا أنه في الواقع قرض ربوي بتقريبين:

الأول:أن البيع متقوم بالمغايرة بين الثمن و المثمن و لا مغايرة بينهما في المقام؛لأن الثمن ينطبق على نفس المثمن مع زيادة،و لكن هذا التقريب غير تام؛إذ يكفي في صدق مفهوم البيع عرفا المغايرة بينهما الناشئة من كون المثمن عينا

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 180)


خارجية و الثمن أمرا كليا في الذمة،و مجرد قابلية الثمن للانطباق ضمنا على المثمن لا ينافي المغايرة المقومة لعنوان البيع،و إلا للزم عدم صحة بيع القيمي بجنسه في الذمة مع الزيادة،كبيع فرس بفرسين في الذمة مع أنه منصوص،و هذا يكشف عن أن هذا المقدار من المغايرة يكفي في صدق البيع.

الثاني:أن المرتكز لدى العرف العام هو أن حقيقة القرض عبارة عن تبديل العين الخارجية بمثلها في الذمة،فكل معاملة مؤدية إلى ذلك فهي قرض و إن كان المنشأ فيها التمليك بعوض،و لكن هذا التقريب لو تم لكان بيع مائة دينار بمثلها في الذمة قرضا عرفا و لكنه لا يخلو عن إشكال؛لأن حقيقة البيع لدى العرف و العقلاء مغايرة لحقيقة القرض،فإن الأولى متمثلة في تمليك عين بعوض، و الثانية في تمليك عين على وجه الضمان،و على هذا فإن قصد في المقام تمليك العين الخارجية بعوض-و هو الكلي في الذمة-فهو بيع و لا يصدق عليه عنوان القرض،و إن قصد تمليكها على وجه الضمان من دون قصد المعاوضة،فهو قرض و لا يصدق عليه عنوان البيع.

(مسألة 416):المشهور بين الفقهاء جواز بيع الدين بأقل منه،

إذا لم يكن الدين من الذهب أو الفضة و لا من المكيل أو الموزون،كالدين المباع بأقل منه بعملية الخصم بين الناس و عملاء البنك،و لكنه لا يخلو عن إشكال،و الأقرب أنه باطل،و لا يحق للمشتري أن يطالب من المدين أكثر مما دفعه إلى الدائن،فإن ذمته إنما ظلت مشغولة بما دفعه المشتري فحسب و برأت عن الزائد بمقتضى النصوص.نعم،إن للمسألة علاجا آخر ينتج نفس النتيجة،و هو أن المستفيد بالورقة التجارية ذات الأجل المحدود و قبل حلول موعده يتقدم بها إلى البنك للحصول على قيمتها،و يقوم البنك بدفعها بعد اقتطاع مبلغ معين يتكون من

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 181)


فائدة المبلغ المذكور في الورقة التجارية من يوم الدفع إلى يوم الاستحقاق لقاء الخدمة التي يقوم البنك بها،كاجرة الكتاب و تحصيل قيمة الورقة إذا كانت تدفع في مكان آخر غير المكان الموجود به و غيرهما و عندئذ فلا محذور،من دون فرق بين أن يكون أخذ الاجرة من باب الجعالة أو الإجارة.

(مسألة 417):ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق
النقدية من دون أن يكون في ذمته شيء،فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث
بأقل منه

فالظاهر عدم جواز ذلك.نعم،لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك و التصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي.و هنا طريق آخر للتخلص من الربا،و هو أن ما يقتطعه البنك من قيمة الكمبيالة إنما هو لقاء قيام البنك بالخدمة له،كتسجيل الدين و تحصيله و غيرهما،و عندئذ فلا بأس به،سواء كان ذلك بعنوان الجعالة أم كان بعنوان الإجارة،و أما أخذ محرر الكمبيالة تمام قيمتها من المستفيد فلا يكون ربا،فإنه إنما هو بملاك أن المستفيد حيث أحال البنك على الموقع و المحرر بقيمتها،أصبحت ذمته مدينة له بما يساوي المبلغ.

الفصل العاشر
بيع الصرف

و هو بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة،و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 182)


(مسألة 418):المشهور لدى الفقهاء أن التعامل بالذهب أو الفضة يتوقف
شرعا على شرطين:

الأول:المساواة في الكمية بين الثمن و المثمن عند بيع الذهب بالذهب و الفضة بالفضة،فإذا زاد أحدهما على الآخر كان ربا و هو محرم.و لا تعتبر المساواة بينهما إذا كانا مختلفين،بأن كان الثمن فضة و المثمن ذهبا أو بالعكس، فإن زيادة أحدهما على الآخر في هذه الصورة لا تكون ربا.

الثاني:أن يتم القبض و الإقباض بين البائع و المشتري في مجلس العقد، فلو افترقا قبل القبض و الإقباض بطل البيع،و لكن هذا الشرط صحيح في بيع الذهب بالفضة أو الفضة بالذهب،و أما في بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة فهو لا يخلو عن إشكال،بل لا يبعد عدم اعتباره فيه،و عليه فالأقرب صحة بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة بدون التقابض في مجلس العقد، و نتيجة ذلك أن التعامل إذا كان بالذهب أو الفضة فالمعتبر في صحته أمر واحد؛لأن الثمن و المثمن إذا كانا معا من الذهب أو الفضة،فالمعتبر هو المساواة بينهما دون التقابض في المجلس على الأقرب و إن كان التقابض أحوط و أجدر، و إذا كان الثمن من ذهب أو فضة و المثمن من نوع آخر،فالمعتبر هو التقابض بينهما في المجلس دون المساواة.

(مسألة 419):لو باع النقد مع غيره بنقد آخر صفقة واحدة و لم يتقابضا
حتى افترقا،

صح في غير النقد و بطل في النقد.

(مسألة 420):لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل الافتراق،

صح البيع.

(مسألة 421):لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين،

بل تختص

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 183)


شرطيته بالبيع.

(مسألة 422):لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية

كالدينار العراقي و التومان الإيراني و الدولار الأمريكي و الباون الإنجليزي و غيرها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين،فيصح بيع بعضها ببعض و إن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق،كما أنه لا زكاة فيها.

(مسألة 423):إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين،فباعه عليه
بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق

صح البيع،و لا حاجة الى قبض المشتري ما في ذمته.

(مسألة 424):لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد آخر
و قبضه من عمرو و وكل عمرو زيدا على قبض ما في ذمته،

ففي صحته بمجرد التوكيل اشكال،بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد و يعينه في مصداق بعينه.

(مسألة 425):إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره
قبل قبضها

لم يصح البيع الثاني،فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول،فإن أجاز البيع الثاني و أقبضه صح البيع الثاني أيضا،و إذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول و الثاني.

(مسألة 426):إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له:حولها دنانير في ذمتك
فقبل المديون

صح ذلك،و تحول ما في الذمة إلى دنانير و إن لم يتقابضا،و كذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له:حولها دراهم و قبل المديون،فإنه يصح و تتحول الدنانير إلى دراهم،و كذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة،فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 184)


(مسألة 427):لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن،حتى
لو قبض أحدهما،

لم يجب عليه إقباض صاحبه،و لو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

(مسألة 428):الدراهم و الدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها،

يجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها سواء أ كان غشها مجهولا أم معلوما،و سواء أ كان مقدار الغش معلوما أم مجهولا،و إن لم تكن رائجة،فلا يجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها إلا بعد إظهار حالها.

(مسألة 429):يجوز صرف المسكوكات من الفضة أو النحاس إلى
أبعاضها،

و لو مع التفاضل بين الأصل و أبعاضه كما هو الغالب.نعم،لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية،فإنها من الموزون،فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلا مع الضميمة.

(مسألة 430):يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي
يكون في الذهب و الفضة المغشوشين،

إذا كان الغش غير مستهلك و كانت له قيمة في حال كونه غشا،و لا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية لا مطلقا،فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل،و إذا كان أحدهما مغشوشا دون الآخر جاز التفاضل،شريطة أن تكون الفضة الخالصة زائدة على الفضة المغشوشة حتى تقع تلك الزيادة في مقابل الغش،و لا يصح إذا كانت الفضة زائدة في المغشوش.

(مسألة 431):الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب الخالص،

شريطة أن يكون الذهب الخالص أكثر من الذهب المحلاة به و إلا لم يجز.نعم،لو بيع السيف بالسيف و كان كل منهما محلى جاز مطلقا و إن كانت الحلية في أحدهما أكثر

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 185)


من الحلية في الآخر،على أساس أنه ليس من بيع الذهب بالذهب.

(مسألة 432):الكلبتون المصنوع من الفضة،يجوز بيعه بالفضة إذا كانت
الفضة الخالصة زائدة على فضة الكلبتون وزنا،

حتى تكون تلك الزيادة بإزاء مادة أخرى منه و هي الإبريسم،و المصنوع من الذهب يجوز بيعه بالذهب،إذا كان الذهب الخالص أكثر من ذهبه وزنا،حتى يكون الزائد في مقابل مادة أخرى منه شريطة أن تكون لتلك المادة قيمة فعلا.

(مسألة 433):إذا اشترى شخص فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل
التفرق،ثم تبين الخلاف فلذلك حالات:

الأولى:أن المشتري بعد القبض وجدها جنسا آخر،كما إذا وجد أن ما وقع عليه البيع رصاص،أو نحاس و ليس بفضة،و في هذه الحالة بطل البيع،على أساس أن ما قصد بالبيع غير موجود و ما هو موجود لم يقصد به،نظير ما لو باعه بغلة فظهرت فرسا،فإنه باطل و لا مجال للمطالبة بالبدل.

الثانية:أنه وجد بعضها من جنس المبيع و بعضها من غير جنسه،و في هذه الحالة صح البيع في الأول؛لتوفر شروط الصحة فيه،و بطل في الثاني؛لعدم توفرها،و يثبت للمشتري حينئذ خيار تبعض الصفقة،فإن امضى البيع بالنسبة إلى ما هو من جنس المبيع قسط الثمن،فعلى البائع رد باقي الثمن إليه،و إن فسخه فعليه رد تمام الثمن.

الثالثة:أنه وجدها فضة معيبة،فعندئذ لا تخلو الحال من أن يكون العيب في تمام المبيع أو في بعضه،فعلى الأول تخير المشتري بين رد الجميع و إمساكه،كما هو الحال في سائر المعيبات،و ليس له حق رد البعض إلا إذا رضى البائع بذلك، و لا طلب البدل؛لأن البيع إنما وقع على العين الشخصية لا على الكلي في الذمة،

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 186)


و على الثاني تخير بين رد الجميع و إمساكه ورد المعيب فقط و إمساك الصحيح، غاية الأمر يثبت حينئذ خيار تبعض الصفقة للبائع.و قد تسأل:هل يثبت الأرش في هذه الحالة إذا لم يكن بإمكان المشتري الرد أو لا؟

و الجواب:الظاهر ثبوت الأرش بناء على ما هو الصحيح من أنه غرامة خارجية قد ثبت بالروايات الخاصة و ليس جزء الثمن،حتى يلزم من أخذه زيادة المعيب على الصحيح و هي ربا إذا كان العوضان متجانسين،كبيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة.

(مسألة 434):إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب،و بعد القبض وجد
المشتري أن المقبوض من جنس آخر كصفر أو نحاس أو رصاص

فلذلك أيضا حالات:

الأولى:أنه وجده كذلك قبل التفرق،ففي هذه الحالة له المطالبة بتبديل الفرد المدفوع بفرد المبيع،على أساس أن المبيع كلي في الذمة و المدفوع إذا لم يكن مصداقا له كان له حق المطالبة به ما لم يحصل التفرق،فإذا دفع البائع البدل و قبضه المشتري قبله صح البيع.

الثانية:أنه وجده كذلك بعد التفرق،ففي هذه الحالة بطل البيع و وجب على البائع رد الثمن إليه،و لا يكفي في صحته تبديل الفرد المدفوع بفرد المبيع.

الثالثة:أنه وجده فضة معيبة،ففي هذه الحالة تخير المشتري بين رد المقبوض و مطالبة البائع بالبدل و بين الرضا به،و لا يحق له أن يفسخ البيع من أصله إلا إذا امتنع البائع من التبديل،و أما الأرش فهو غير ثابت في المقام،لا على أساس أنه يؤدي إلى الربا؛لما مر من أنه غرامة خارجية ليس بجزء الثمن،بل من جهة أن المبيع كلي في الذمة و لا يتصور فيه العيب و ما هو معيب في الخارج ليس

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 187)


بمبيع،فلذلك كان للمشتري أن يطالب البائع بالفرد الصحيح بدل الفرد المعيب.

(مسألة 435):لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتما أو غيره من
المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة اجرة الصياغة

بل إما أن يشتريه بغير جنسه،أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلص من الربا،أو بمقداره من جنسه من دون الضميمة،و تراضيا بينهما على اجرة الصياغة.

(مسألة 436):لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية،و أخذ منه شيئا
من المسكوكات الفضية كالدراهم،

فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء،ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان،فإذا كان الدين خمس ليرات و أخذ منه في الشهر الأول عشر دراهم و في الثاني عشرا،و في الثالث عشرا،و كان سعر الليرة في الشهر الأول خمسة عشر درهما،و في الثاني اثني عشر درهما،و في الثالث عشر دراهم،نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول و خمسة أسداسها في الثاني و ليرة تامة في الثالث،و إن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه دينا عليه لزيد و بقي دين زيد عليه،و في جواز احتساب أحدهما دينه وفاء عن الآخر إشكال،و الأظهر الجواز،و تجوز المصالحة بينهما على إبراء كل منهما صاحبه مما له عليه،و أما إذا كانت الدراهم المأخوذة تدريجا قد أخذت بعنوان الأمانة،فإذا اجتمع عنده من الدراهم بمقدار الليرات،جاز له احتسابها وفاء لما يطلبه منه من الليرات.

(مسألة 437):إذا أقرض زيدا نقدا معينا من الذهب أو الفضة،أو أصدق
زوجته مهرا كذلك،

أو جعله ثمنا في الذمة مؤجلا أو حالا فتغيّر السعر،لزمه النقد المعين،و لا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.و قد تسأل:أن الأوراق النقدية التي لا تمثل الذهب أو الفضة،كالدينار و الريال و الروبية و غيرها

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 188)


المتداولة في الأسواق في العصر الحاضر،قد ترتفع قيمتها و تتصاعد بسبب ظروف اقتصادية زاهرة،و قد تنزل قيمتها و تنقص شديدا في ظروف اقتصادية تعسة،فإذا فرضنا أن شخصا مدين من تلك الأوراق لزيد و كانت قيمتها مرتفعة وقت القرض و مخففة وقت الأداء،فهل يضمن ماليتها وقت القرض،أو أن الواجب عليه دفع تلك الأوراق مهما كانت ماليتها حين الدفع؟

و الجواب:أن الأوراق المالية بما أنها مثلية،فيكون الثابت في الذمة مثلها لا ماليتها فحسب؛لما مرّ من أن حقيقة القرض تمليك عين على وجه الضمان بمثلها.

مثال ذلك:إذا كان شخص مدينا لآخر بألف دينار عراقي،كان الواجب عليه بعد حلول الأجل دفع ألف دينار إليه،زادت ماليته في إطار الدينار أم نقصت،فإذا فرضنا أن مالية الدينار كانت في وقت القرض أزيد مما هي في وقت الأداء،بحيث تكون مالية كل دينار في وقت القرض تساوي مالية ثلاثة دنانير أو أكثر في وقت الأداء،لم يجب عليه دفع ثلاثة آلاف دينار إليه بدل الألف أو أكثر منه،على أساس أن ما يثبت في ذمته وقت القرض هو ألف دينار عراقي لا ماليته بقطع النظر عن خصوصيته.نعم،يضمن مالية الدينار في إطاره فقط لا مطلقا،و عليه دفعه في موعده زادت أم نقصت،و من هنا إذا زادت ماليته في وقت الأداء عما كانت في وقت القرض،بحيث تساوي مالية كل دينار في وقت الأداء مالية دينارين في وقت القرض،لم يكتف بدفع خمسمائة دينار إليه بدل الألف المساوية له في المالية.

(مسألة 438):لا يجوز بيع درهم جيد بدرهم رديء بشرط صياغة خاتم
مثلا،

و يجوز أن يقول له:صغ لي هذا الخاتم و أبيعك درهما جيدا بدرهم رديء، على أن يكون البيع جعلا لصياغة الخاتم،كما يجوز أيضا أن يشتري منه مثقال

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 189)


فضة رديئة مصوغا خاتما بمثقال فضة جيدة غير مصوغ.

(مسألة 439):لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلسا صح،

بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلسا إلى الليرة بل مطلقا و إن لم يعلما مقدار النسبة تفصيلا.

(مسألة 440):المصوغ من الذهب و الفضة معا،لا يجوز بيعه بالذهب فقط

أو بالفضة كذلك بلا زيادة لأنه ربا،بل إما أن يباع بأحدهما مع الزيادة ليكون المجموع بإزاء المجموع أو يباع بهما معا أو بجنس آخر غيرهما.

(مسألة 441):الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة

و يجتمع فيه عند الصائغ-و قد جرت العادة على عدم مطالبة المالك بها-ملك للصائغ نفسه،و الأحوط-استحبابا-أن يتصدق به عن مالكه مع الجهل به و الاستئذان منه مع معرفته،و يطرد الحكم المذكور في الخياطين و النجارين و الحدادين و نحوهم،فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب و الخشب و الحديد،و لا يضمنون شيئا من ذلك و إن كانت له مالية عند العرف،إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء.

الفصل الحادي عشر
في السلف

و يقال له السلم أيضا،و هو ابتياع مال كلي مؤجل بثمن حال،عكس النّسيئة،و يقال للمشتري المسلّم(بكسر اللام)و للبائع المسلّم إليه و للثمن

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 190)


المسلّم و للمبيع المسلّم(بفتح اللام)فيه.

(مسألة 442):يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير النقدين مع
اختلاف الجنس،

أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون،كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين و الآخر من غيرهما ثمنا كان أو مثمنا،و لا يجوز أن يكون كل من الثمن و المثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتفقا.

يشترط في السلف امور:
الأول:أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها،

كالجودة و الرداءة و الطعم و الريح و اللون و غيرها،كالخضر و الفواكه و الحبوب و الجوز و اللوز و البيض و الملابس و الأشربة و الأدوية و آلات السلاح و آلات النجارة و النساجة و الخياطة و غيرها من الأعمال و الحيوان و الإنسان و غير ذلك، و إذا باعها بأوصافها المضبوطة،ثم في وقت حلول الأجل أعطى البائع المشتري دون تلك الأوصاف أو فوقها،فلا بأس إذا كان مع التراضي و طيب النفس،و أما ما لا يمكن ضبط أوصافه،كالجواهر و اللآلئ و البساتين و غيرها مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها إلا بالمشاهدة،فإن باعه بالأوصاف و رضي المشتري بذلك،ثم ظهر خلافها فهل يبطل البيع؟

و الجواب:أنه لا يبطل على الأظهر،بل يثبت للمشتري الخيار.

الثاني:ذكر الجنس و الوصف الرافع للجهالة.
الثالث:قبض الثمن قبل التفرق على الأحوط،

و لو قبض البعض صح فيه، و أما في الباقي فالبطلان فيه مبني على الاحتياط كما مرّ،و لو كان الثمن دينار في ذمة البائع،فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالا،و أما إذا كان مؤجلا فهل يصح؟

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 191)


و الجواب:ان صحته غير بعيدة و ان كان الاحتياط في محلة،و اما إذا جعل الثمن كليا في ذمة المشتري،فله أن يحاسب به ماله في ذمة البائع المسلم إليه بديلا عن الثمن.

الرابع:تقدير المبيع ذي الكيل بالكيل و الوزن بالوزن و العدّ بالعد.
الخامس:تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو بالشهور أو السنين
أو نحوها،

و لو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحظيرة بطل البيع على الأحوط،و يجوز فيه أن يكون قليلا كيوم و نحوه و أن يكون كثيرا كعشرين سنة.

السادس:أن يكون البائع قادرا على تسليم المبيع في وقت الحلول،

أو في البلد الذي اشترط المشتري عليه التسليم في ذلك البلد و إن لم يكن قادرا بسبب أو آخر بطل البيع.

(مسألة 443):إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلّم فيه في بلد العقد،

إلا أن تقوم قرينة على الإطلاق أو على تعيين غيره فيعمل على طبقها،و الأقوى عدم وجوب تعيينه في العقد إذا لم يقتض إطلاقه ذلك،إلا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها و لزوم الخسارة المالية،بحيث يكون الجهل بها غررا فيجب تعيينه حينئذ.

(مسألة 444):إذا جعل الأجل شهرا قمريا أو شمسيا أو شهرين،

فإن كان وقوع المعاملة في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر،و إن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر،مجموع ما بقي منه مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول و هكذا.

(مسألة 445):إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعا حمل على أولهما من تلك السنة

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 192)


و حل بأول جزء من ليلة الهلال،و إذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الجمعة الأولى أو الخميس الأول من تلك السنة،و حل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.

(مسألة 446):إذا اشترى شيئا سلفا،جاز بيعه من بايعه قبل حلول الأجل
و بعده بجنس آخر،

أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة حالا كان أم مؤجلا،و أما بيعه من غيره قبل حلول الأجل فهل يجوز أو لا؟

و الجواب:لا يبعد جوازه،سواء كان بجنس آخر أم بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي و إن كان حالا،و مع هذا فالأحوط و الأولى ترك ذلك.

هذا في غير المكيل و الموزون،و أما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقا كما تقدم.

(مسألة 447):إذا دفع البائع المسلّم فيه دون الصفة لم يجب على المشتري
القبول،

و لو رضي بذلك صح،و كذلك إذا دفع أقل من المقدار،و تبرأ ذمة البائع إذا أبرأ المشتري الباقي،و إذا دفعه على الصفة و المقدار وجب عليه القبول،و إذا دفع فوق الصفة،فإن كان شرط الصفة راجعا إلى استثناء من دونها فقط وجب القبول أيضا،و إن كان راجعا إلى استثناء ما دونها و ما فوقها لم يجب القبول،و لو دفع إليه زائدا على المقدار أيضا لم يجب القبول،و في كلا الفرضين إذا قبل و رضى فلا بأس.

(مسألة 448):إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه،

تخير المشتري بين الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زيادة و لا نقيصة،و بين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر،و لو تمكن من دفع بعضه و عجز عن الباقي،كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه و الانتظار،و في جواز فسخه في الكل

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 193)


حينئذ إشكال،و الأظهر الجواز.نعم،لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.

(مسألة 449):لو كان المبيع موجودا في غير البلد الذي يجب التسليم فيه،

فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز،و إلا فإن أمكن و تعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله،و إلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ و الانتظار.

(مسألة 450):إذا ظهر العيب في الفرد المدفوع من المبيع إلى المشتري في
وقت بلوغ الأجل،

تخير بين رده و المطالبة بالبدل،و بين قبوله و رضاه بذلك و لا أرش في المقام كما مرّ،و إذا ظهر العيب في الثمن تخير البائع بين رد البيع و فسخه و بين الإمضاء،و إذا سقط الرد فله أن يطالب بالأرش،هذا إذا لم يكن الثمن كليا في الذمة،و إلا فهو مخير بين الإمضاء و القبول و بين الرد و المطالبة بالبدل فحسب،إذا كان ظهور العيب في الفرد المدفوع قبل التفرق،و أما إذا كان بعده،فليس بإمكانه رد الفرد المدفوع المعيب و مطالبة الفرد الصحيح للثمن؛ لاستلزام ذلك قبض الثمن بعد التفرق و هو باطل على الأحوط كما تقدم.نعم،له في هذه الحالة أن يطالب المشتري بأحد أمرين:أما بتبديل الفرد المدفوع المعيب بالفرد الصحيح،بأن يكون الفرد الصحيح بدلا عن الفرد المعيب الذي تعين الثمن فيه لا عن الثمن نفسه، فتكون مبادلة بين الفردين،و أما ان يطلب منه الأرش باعتبار أن الثمن تعين في الفرد المعيب،و في هذا الفرض حيث إن البائع لا يتمكن من رده فله أن يطالب بالأرش،و هذا البيان لا يجري في طرف المبيع إذا ظهر العيب في الفرد المدفوع منه،على أساس أنه لا يعتبر في قبضه أن يكون قبل التفرق و إن أمكن ذلك.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 194)


الفصل الثاني عشر
بيع الثمار و الخضر و الزرع

لا يجوز بيع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة، و يجوز بيعها عامين فما زاد و عاما واحدا مع الضميمة على الأقوى،و أما بعد ظهورها،فإن بدا صلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا إشكال،أما مع انتفاء الثلاثة،فالأقوى الجواز و الأحوط العدم.

(مسألة 451):بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلا للأكل في العادة

و إن كان أول أوان أكله.

(مسألة 452):يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن
تكون مما يجوز بيعه منفردا،

و يعتبر كونها مملوكة للمالك،و كون الثمن لها و للمنضم إليه على الإشاعة،و لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى،فيجوز كونها تابعة.

(مسألة 453):يكتفي في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف و الكرب

و الشجر اليابس الذي في البستان.

(مسألة 454):لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع اصولها جاز بلا إشكال.
(مسألة 455):إذا ظهر بعض ثمر البستان

جاز بيع ثمرته أجمع الموجودة و المتجددة في تلك السنة في المستقبل،و إن لم تظهر فعلا سواء اتحدت الشجرة أو تكثرت،و سواء اتحد الجنس أو اختلف،و كذلك لو أدركت ثمرة بستان جاز

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 195)


بيعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرك ثمرته.

(مسألة 456):إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين،

ففي جريان حكم العامين عليها إشكال،لا يبعد الجريان.

(مسألة 457):إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر،ثم باع أصولها على
شخص آخر

لم يبطل بيع الثمرة،بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة،و له الخيار في الفسخ مع الجهل.

(مسألة 458):لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها،بل تنتقل الأصول إلى ورثة
البائع بموته مسلوبة المنفعة،

و كذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته.

(مسألة 459):إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد،و كانت
الخسارة من مال البائع

كما تقدم ذلك في أحكام القبض،و تقدم أيضا إلحاق السرقة و نحوها بالتلف،و حكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي.

(مسألة 460):يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها،

و أن يستثنى حصة مشاعة كالربع و الخمس،و أن يستثني مقدارا معينا كمائة كيلو،لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى و المستثنى منه على النسبة،ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة،و أما اذا كان المستثنى مقدارا معينا،فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلا فيسقط المقدار المستثنى بتلك النسبة،فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث و إن كان الربع يسقط الربع و هكذا.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 196)


(مسألة 461):يجوز بيع الثمرة على النخل و الشجرة بكل شيء يصح أن
يجعل ثمنا في أنواع البيوع

من النقود و الأمتعة و الحيوان و الطعام و المنافع و الأعمال و غيرها.

(مسألة 462):لا تجوز المحاقلة

و هي بيع ثمرة النخل تمرا كانت أم رطبا أو بسرا أو غيرها بالتمر من ذلك النخل سواء كان موضوعا على الأرض أم على النخل،و أما بيعها بثمرة غيره سواء كان في الذمة أم كان معينا في الخارج، فالظاهر جوازه و إن كان الترك أحوط.

(مسألة 463):الظاهر أن الحكم المزبور لا يختص بالنخل،

فلا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضا و يسمى ذلك بالمزابنة،و أما بيعه بغير ثمره،فلا إشكال فيه أصلا.

(مسألة 464):يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله من النخل أو الشجر
بثمن زائد على ثمنه

الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو سواء أ باعه قبل قبضه أم بعده.

(مسألة 465):لا يجوز بيع الزرع بذرا قبل ظهوره.

نعم،يجوز بيعه بعنوان البذر،كما يجوز تبعا لبيع الأرض،و أما بعد ظهوره و طلوع خضرته فيجوز للمالك أن يبيعه،و حينئذ فإن شاء المشتري قصله،و إن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء على المالك في ضمن العقد أو بإذن منه،فإن أبقاه المالك حتى يسنبل كان له السنبل و عليه أجرة الأرض إذا لم يشترط عليه الإبقاء مجانا،و إن قصله قبل أن يسنبل، فعندئذ إن ظلت أصول الزرع في ملك مالكها كان نموها في ملكه،و إن انتقلت إلى ملك المشتري مع الزرع كان نموها حتى إذا سنبلت في ملكه،شريطة أن لا يكون معرضا عنها،و حينئذ فعليه اجرة الأرض إذا لم يرض المالك ببقائها فيها مجانا،

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 197)


و أما إذا لم يرض بالبقاء فيها حتى مع الاجرة فيجب عليه تخليتها من ماله،فإن امتنع عنها فللمالك إجباره عليها و لو بالرجوع إلى الحاكم الشرعي إن امكن، و إلا فله قلعها.

(مسألة 466):يجوز بيع الزرع لا مع أصله،

بل قصيلا إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يصير قصيلا أو قبل ذلك،فإن قطعه و نمت الأصول حتى صارت سنبلا كان السنبل للبائع،و إن لم يقصعه كان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه و له إبقاؤه و المطالبة بالاجرة،فلو أبقاه فنمى حتى سنبل كان السنبل للمشتري،و ليس لصاحب الأرض إلا مطالبة الأجرة،و كذا الحال لو اشترى نخلا.

(مسألة 467):لو اشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه و نما

كان النماء للمشتري.

(مسألة 468):يجوز بيع الزرع محصودا،و لا يشترط معرفة مقداره بالكيل
أو الوزن،

بل تكفي فيه المشاهدة.

(مسألة 469):لا تجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة بالحنطة منه و سنبل
الشعير بالشعير منه،

بل و كذا بيع سنبل غير الحنطة و الشعير من الحبوب بحب منه.

(مسألة 470):الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل
ظهورها،

و يجوز بعد ظهورها و انعقادها و تناثر وردها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات،و المرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.

(مسألة 471):لو كانت الخضرة مستوردة كالشلغم و الجزر و نحوهما،

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 198)


فالظاهر جواز بيعها أيضا.

(مسألة 472):إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها،

يجوز بيعها بعد ظهورها جزة و جزات،و لا يجوز بيعها قبل ظهورها كذلك على الأحوط،و المرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق،و كذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء و التوت،فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة و خرطات.

(مسألة 473):إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركا بين اثنين،

جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار،فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلا جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.

(مسألة 474):الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر و كون
المقدار المتقبل به منها و في الذمة.

نعم،إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل،بخلاف ما لو كان في الذمة،فإنه باق على ضمانه،و الظاهر أنه صلح على تعيين المقدار المشترك فيه في كمية خاصة على أن يكون اختيار التعيين بيد المتقبل،و يكفي فيها كل لفظ دال على المقصود،بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.

(مسألة 475):إذا مر الإنسان بشيء من النخل أو الشجر،

جاز له أن يأكل- مع الضرورة العرفية-من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها.

(مسألة 476):الظاهر جواز الأكل للمار و إن كان قاصدا له من أول الأمر،

و لا يجوز له أن يحمل معه شيئا من الثمر،و إذا حمل معه شيئا حرم ما حمل،و لم يحرم ما أكل،و إذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك،ففي جواز الأكل إشكال،و المنع أظهر.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 199)


(مسألة 477):لا بأس ببيع العرية

-و هي النخلة الواحدة-لشخص في دار غيره،فيبيع ثمرتها قبل أن تكون تمرا منه بخرصها تمرا.

الفصل الثالث عشر
في بيع الحيوان

يجوز استرقاق الكافر الأصلي إذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام سواء أ كان في دار الحرب أم كان في دار الإسلام،و سواء أ كان بالقهر و الغلبة أم بالسرقة أم بالغيلة،و يسري الرّق في أعقابه و إن كان قد أسلم.

(مسألة 478):المرتد الفطري و الملي لا يجوز استرقاقهما على الأقوى.
(مسألة 479):لو قهر حربي حربيا آخر،فباعه ملكه المشتري،

و إن كان أخاه أو زوجته أو ممن ينعتق عليه كأبيه و أمه،و في كونه بيعا حقيقة و تجري عليه أحكامه إشكال،و إن كان أقرب.

(مسألة 480):يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الأب و الام و الجد و إن
علا لأب كان أو لام،

و الولد-و إن نزل-ذكرا كان أو أنثى،و المحارم و هي الأخت و العمة و الخالة و إن علون،و بنات الأخ و بنات الاخت و إن نزلن،و لا فرق في المذكورين بين النسبيين و الرضاعيين.

(مسألة 481):إذا وجد السبب المملك فيما لا يصح ملكه اختياريا،

كان السبب كالشراء أو قهريا كالإرث انعتق قهرا.

منهاج الصالحین – جلد ۲ – العبادات – المعاملات 200)


(مسألة 482):لو ملك أحد الزوجين صاحبه-و لو بعضا منه

-استقر الملك و بطل النكاح.

(مسألة 483):يكره أن يملك الرجل غير هؤلاء من ذوي قرابته

كالأخ و العم و الخال و أولادهم.

(مسألة 484):تملك المرأة كل أحد غير الأب و الام و الجد و الجدة و الولد

و إن نزل ذكرا كان أو أنثى نسبيين كانوا أو رضاعيين.

(مسألة 485):الكافر لا يملك المسلم ابتداء،

و لو أسلم عبد الكافر بيع على مسلم و أعطى ثمنه.

(مسألة 486):كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك

إذا كان عاقلا بالغا مختارا.

(مسألة 487):لو اشترى عبدا فادعى الحرية

لم يقبل قوله إلا بالبينة.

(مسألة 488):يجب على مالك الأمة إذا أراد بيعها و قد وطأها أن يستبرئها
قبل بيعها بحيضة إذا كانت تحيض،

و بخمسة و أربعين يوما من حين الوطء إن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض.

(مسألة 489):لو باعها من دون الاستبراء صح البيع،

و وجب على المشتري استبراؤها،فلا يطأها إلا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة.

(مسألة 490):إذا لم يعلم أن البائع استبرأها أو وطأها،

وجب عليه الاحتياط في استبرائها،و إذا علم أن البائع لم يطأها أو أنه استبرأها لم يجب عليه استبراؤها،و كذا إذا أخبره صاحبها بأنه قد استبرأها أو أنه لم يطأها إذا كان أمينا.

Pages: 1 2 3 4 5
Pages ( 2 of 5 ): «1 2 3 ... 5»