آثار حضرت آیة الله العظمی شیخ محمد اسحاق فیاض
منهاج الصالحین – جلد ۲
جلد
2
منهاج الصالحین – جلد ۲
جلد
2
فوظيفته إثارة الدعوى على المدّعى عليه و إقامة البيّنة و تعديل الشهود و طلب الحلف منه إذا لم تكن عنده بيّنة و غير ذلك،و إذا كان وكيلا و محاميا عن المدّعى عليه،فوظيفته إنكار ما ادّعاه المدّعي و إقامة البيّنة على جرح الشهود و الحلف إذا طولب منه،ثمّ إنّ هذا التوكيل لا يتطلّب التوكيل في القبض و بالعكس.
فيصحّ توكيل الصغير فيما جاز له مباشرته كالوصية في ماله إذا بلغ عشرا،و يجوز أن يكون الصغير وكيلا و لو بدون إذن وليّه.
و لكن الأظهر الجواز.
و لا تبطل وكالته به.
و كذلك في العزل و العلم به و التصرّف،و في قبول قوله في ردّ المال إلى الموكّل إشكال،و الأظهر العدم.
فيطالب بالبيّنة.
سواء كان من الأصيل أم من الأجنبي،و إذا اختلف الوكيل مع الموكّل،فادّعى الوكيل الإذن في بيع سلعة بثمن معيّن و أنكر الموكّل ذلك،فالقول قوله مع يمينه،فإذا حلف فعلى الوكيل استعادة العين إن كانت موجودة،و إلاّ فبدلها من المثل إن كانت مثلية و القيمة إن كانت قيمية.
فحينئذ إن كانت لزيد بيّنة على الوكالة فالصداق على الموكل،و إن لم تكن له بيّنة،فإن حلف عمرو على عدم الوكالة،فعلى زيد نصف الصداق للمرأة،و على هذا فان كان عمرو صادقا في إنكاره الوكالة فالحكم كما مرّ،و ان كان كاذبا في إنكاره لها فعليه إما أن يطلّقها أو يمسكها،و على كلا التقديرين فالصداق عليه لا على زيد؛لأنه وكيل منه و قد عمل بوكالته فلا شيء عليه، و ان لم يفعل شيئا من الأمرين،فإن علمت المرأة بكذبه رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي لكي يطالب منه النفقة أو الطلاق،فإن امتنع عن كليهما معا طلقها الحاكم الشرعي.
إلاّ إذا كانت هناك دلالة على توكيل كل منهما على الاستقلال.
ضمن.
و يرجع عليه المشتري بالمثمن،و ترد عليه العين بالفسخ بعيب و نحوه و يؤخذ منه العوض.
كما إذا وكّله في شراء دار له و بيعها أو وكّله في شراء عبد و عتقه أو في تزويج امرأة و طلاقها و نحو ذلك،و أمّا التوكيل فيه استقلالا،بأن يوكّله في بيع دار يملكها بعد ذلك أو في تزويج امرأة معتدّة بعد انقضاء عدّتها أو في طلاق امرأة يتزوّجها بعد حين و نحو ذلك،ففي صحّته إشكال و الأقرب الصحّة.و يجوز التوكيل في القبض و الإقباض في موارد لزومهما و اعتبارهما في صحّة العقد،كما في القرض و الرهن و بيع الصرف و في موارد عدم لزومهما كذلك،كما إذا باع داره من زيد و وكل عمرو في قبض الثمن،فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكّل،و لا يعتبر في صحّة التوكيل حينئذ قدرة الموكل على القبض خارجا،فيجوز لمن لا يقدر على أخذ ماله من غاصب أن يوكل من يقدر على أخذه منه،فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكّل.
و هي عبارة عن استيلاء العامل عليها بإنفاق عمل و بذل جهد في سبيل ذلك،و لا يكفي استيلائه عليها بالقوّة و التحكّم على الآخرين،فإذا وكّل شخصا في حيازتها و قام الوكيل بعمليّتها من قبل الموكّل،منحت علاقة الموكّل بها على مستوى الحقّ دون الوكيل.
لم يكن للوكيل مخاصمته و المرافعة معه لإثبات الحقّ عليه،إلاّ إذا كان وكيلا في ذلك أيضا.
فلو وكّله في البيع أو الشراء و جعل له جعلا لم
يكن للوكيل أن يطالب به إلاّ بعد إتمام العمل.نعم،له المطالبة به قبل حصول القبض و الإقباض.
و ليس للوكيل مطالبة الورثة.نعم،إذا كانت الوكالة عامة و شاملة لأخذ الدين-و لو من الورثة-لم تبطل الوكالة،و كان حينئذ للوكيل مطالبة الورثة بذلك.
و الهبة تمليك عين مجانا من دون عوض و هي عقد يحتاج إلى إيجاب و قبول،و يكفي في الإيجاب كلّ ما دلّ على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة،و لا تعتبر فيه صيغة خاصة و لا العربيّة،و يكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.
و عدم الحجر عليه بسفه أو فلس أو ملك.
كما يصحّ سائر تصرّفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.
و لا تبعد أيضا صحّة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه و يكون قبضه بقبض مصداقه.و لو وهبه ما في ذمّته كان ابراء.
و لا بدّ فيه من إذن الواهب
إلاّ أن يهبه ما في يده،فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد و لا تعتبر الفورية في القبض،و لا كونه في مجلس العقد،فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، و متى تحقّق القبض صحّت الهبة من حينه،فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له،و إذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر،صحّت الهبة في المقبوض دون غيره.
أمّا لو جنّ بعد البلوغ،فولاية القبول و القبض للحاكم على المشهور،لكنّه لا يخلو عن إشكال،و الاحتياط لا يترك،و لو وهب الولي أحدهما و كانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتجّ إلى قبض جديد.
و جعله تحت استيلاء الموهوب له و سلطانه،و يتحقّق في المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.
و في جواز الرجوع مع التصرّف خلاف، و الأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقيا بعينه،فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع،و له الرجوع في غير ذلك،فإن عاب فلا أرش،و إن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له،و إن كانت متّصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوها فهي تتّبع الموهوب،و إن كانت قابلة للانفصال كالعيون و الثمرة و نحوهما ففي التبعيّة إشكال،و الأظهر عدمها،و أنّ الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضا.
و الأقرب عدمه.
و انتقل الموهوب إلى ورثة الواهب.
فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له،كما أنّه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى الموهوب له.
فيصحّ الرجوع مع جهله أيضا.
فإذا وهبه شيئا بشرط أن يهبه شيئا،وجب على الموهوب له العمل بالشّرط، فإذا تعذّر أو امتنع المتّهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة، بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.
لكن لو عوض المتّهب لزمت الهبة،و لم يجز للواهب الرجوع.
و إن كان مطلقا أجزأ اليسير إلاّ إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.
بل يجوز أن يكون عقدا أو إيقاعا،كبيع شيء على الواهب أو إبراء ذمّته من دين له عليه أو نحو ذلك.
و هي عبارة عن إنشاء تمليك عين أو منفعة من تركته لزيد أو للفقراء مثلا بعد وفاته،فيكون إنشاء التمليك من الآن و تحقق المنشأ و فعليّته بعد الوفاة،و لا مانع من ذلك لأنّ هذا ليس من تعليق الإنشاء حتى يكون باطلا،بل الإنشاء فعلي و منجّز،و فعلية المنشأ معلّقة على الموت الذي هو بمثابة الموضوع له،و بكلمة:أنّ لكلّ حكم شرعي مجعول في الشريعة المقدّسة مرحلتين:الأولى مرحلة الجعل و الإنشاء على الموضوع المقدّر وجوده في الخارج و الثانية مرحلة المجعول و هي مرحلة فعليّة الحكم المجعول و المنشأ بفعليّة موضوعه فيه،و المعلّق إنّما هو فعليّة الحكم دون إنشائه،و ما نحن فيه من هذا القبيل،فإنّ الموصي قد أنشأ ملكيّة عين أو منفعة على الموضوع المقدّر وجوده خارجا و هو الموت،و على هذا فبطبيعة الحال تتوقف فعليّة المجعول و المنشأ على فعليّة موضوعه في الخارج.
بأن يأمر بالتصرّف بشيء يتعلّق به من بدن أو مال،كأن
يأمر بدفنه في مكان معيّن،أو زمان معيّن،أو يأمر بأن يعطى من ماله أحد،أو يستناب عنه في الصوم و الصلاة من ماله،أو يوقف ماله،أو يباع،أو نحو ذلك، فإذا وجّه أمره بذلك إلى شخص معيّن فقد جعله وصيّا عنه و جعل له ولاية التصرّف في أمواله،و إن لم يوجّه أمره بذلك إلى شخص معيّن و لم تكن قرينة على التعيين،-كما إذا قال:أوصيت بأن يحجّ عنّي أو يصام عنّي أو نحو ذلك، فلم يجعل له وصيّا معيّنا-كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي.
سواء جعل له وصيا أم لم يجعل.و أمّا الوصيّة التمليكيّة،فكما إذا قال:هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجه إلى القبول من الموصى له،لكن الأظهر عدمه.
إذا لم يطمئنّ المكلّف بالتمكّن من الامتثال بها مع التأخير،كقضاء الصلاة و الصيام و أداء الكفّارات و النذور و نحوها من الواجبات البدنيّة و غيرها،فتجب المبادرة إلى أدائها.و إذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإيصاء و الإعلام بها على الأقوى،إلاّ أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به.
ممّا يكون تحت يده و سلطانه،وجب عليه ردّها إلى أهلها إذا كانوا مطالبين لها،و إلاّ لم يجب،إلاّ إذا لم تكن له ثقة بورثته و خاف منهم عدم الأداء.و يجب عليه الإيصاء بها و الإشهاد عليها إذا كان الأداء متوقّفا عليهما،و إلاّ لم يجب ذلك،و كذا يجب عليه أداء ديون الناس الحالة،و مع عدم تمكّنه منه أو كونها مؤجّلة يجب الوصيّة بها و إن لم يخف الموت،و كذلك إذا كان عليه خمس أو زكاة أو مظالم،فإنّه يجب عليه أداءها إن أمكن،و إلاّ
فعليه أن يوصي بها،و لا فرق في ذلك بين أن تكون له تركة تفي بها أو لا،إذا احتمل وجود متبرّع من الورثة أو غيرهم و لو في المستقبل أو أدّاها الحاكم الشرعي من بيت المال.
أو فعل و إن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار و عدمه،بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه،بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته،و إذا قيل له هل أوصيت أو لا؟فقال:لا،فقامت البينة على أنّه قد أوصى،كان العمل على البيّنة و لم يعتد بخبره لأنه لا يصلح أن يعارض البينة.نعم،إذا كان قاصدا بإنكاره هذا إنشاء العدول عن الوصية تحقق العدول،على أساس أنه لا معارض له،و كذا الحكم لو قال:نعم،و قامت البينة على عدم الوصية منه،فإنّه إن قصد الإخبار كان العمل على البينة،و إن قصد إنشاء الوصية صح الإنشاء و تحققت الوصيّة.
إذا كان الردّ بعد الموت و لم يسبق بقبوله،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع،أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له،و كذا الرد حال الحياة.
فقبل زيد أحدهما و ردّ الآخر،فلا شبهة في صحة الوصية فيما قبل،و هل تصح فيما ردّ أيضا الأظهر الصحة كما مرّ،و يكون الرد لاغيا و لا قيمة له،و كذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه ورد في البعض الآخر،فإنه لا أثر للرّد.
لأنّها ملك للموصى له،قبل الوصية أم لا.
حتى إذا فرض أن الموصى له ردّ الوصيّة و لم يقبلها؛لما مرّ من أنه لا أثر لردّه،و لا فرق في ذلك بين أن يكون موت الموصى له في حياة الموصي أو بعد وفاته على الأظهر الأقوى.
فتخرج منه ديونه و وصاياه،و لا ترث منه الزوجة إذا كان أرضا،و ترث قيمته إن كان نخلا أو بناء،و أما إذا مات الموصى له قبل الموصى،فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه،فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصى له،و في كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند موته إذا كان قبل موت الموصي،لا الوارث عند موت الموصي.
و أما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضا،فهل ينتقل المال الموصى به إلى ورثته أو لا،الأظهر هو الانتقال.
فهل يجري الحكم المذكور و هو الانتقال إلى الوراث لو مات الشخص في حياة الموصي أو لا؟و الجواب:الأظهر الجريان.
فلا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشرا و كان قد عقل،
و كانت وصيته في وجوه الخير و المعروف لأرحامه.و في نفوذ وصيته لغير أرحامه إشكال و لا يبعد عدم نفوذها.
فلا تصح وصية المجنون و المغمى عليه و السكران حال جنونه و إغمائه و سكره،و إذا أوصى حال عقله ثم جن أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل وصيته،و في اعتبار الرشد فيه إشكال،و الأظهر عدم اعتباره.
فلا تصح وصية المكره.
فلا تصح وصية المملوك في أمواله إلا أن يجيز مولاه، و هل تصحّ وصيّته في غير ماله،كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين أو يصلي عليه العالم الفلاني أو غير ذلك،مما لا يتوقف تنفيذها على صرف مال أكثر من المصرف المتعارف لتجهيز الميت الاعتيادي أو لا؟
و الجواب:أن صحّتها لو لم تكن أظهر،فلا أقل أنها موافقة للاحتياط،و إذا أوصى ثم انعتق و أجازها صحّت و إن لم يجزها المولى.
فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سمّ أو نحو ذلك،لم تصح وصيته إذا كانت في ماله،أما إذا كانت في غيره من تجهيز و نحوه صحت،و كذا تصح الوصية إذا فعل ذلك لا عن عمد،بل كان خطأ أو سهوا أو كان لا بقصد الموت،بل لغرض آخر أو على غير وجه العصيان،مثل الجهاد في سبيل اللّه،و كذا إذا عوفي ثم أوصى،و اما إذا أوصى بعد ما فعل السبب،أي:سبب القتل،ثم عوفي ثم مات فهل تصح وصيته أو لا؟و الجواب:أن صحّتها غير بعيدة.
صحّت وصيته و إن كان حين الوصية بانيا على أن يحدث ذلك بعدها.
و لا تصح مع وجوده.
و له أن يجعل من يرى صالحا وليا و قيّما عليهم بكافة شئونهم الحياتية و جهاتهم الفردية و الاجتماعيّة،كالمحافظة على أنفسهم و أموالهم و التصرّف فيهما بما يرى فيه مصلحة لهم،و تربيتهم و تعليمهم بما فيه صلاح لهم دينيا و دنيويا،و لا ينعزل هو عن الولاية بموت الفقيه،فإنه ليس كالوكيل من قبله الذي ينعزل بموته.
و لكنه جعل أمره إلى غير الأب و الجد و غير الحاكم لم يصح هذا الجعل، بل يكون أمر ذلك المال للأب و الجد مع وجود أحدهما و للحاكم مع فقدهما.
نعم،لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغ ثم يملكه له صحّ.و كذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليه من دون أن يملكه له.
كما يجوز أن يجعل الناظر على القيم المذكور،بمعنى:
كونه مشرفا على عمله أو بمعنى:كون العمل بنظره و تصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.
جاز له التصرّف في جميع الشئون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم و تربيتهم و حفظ أموالهم و الإنفاق
عليهم و استيفاء ديونهم و وفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.
وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن دون غيره من الجهات،و كان المرجع في الجهات الاخرى الحاكم الشرعي.
و لا فرق في ذلك بين أن يكون غنيّا أو فقيرا و إن كان الأولى ترك أخذها إذا كان غنيّا.
سواء أ كان عينا موجودة أم معدومة إذا كانت متوقعة الوجود،كما إذا أوصى بما تحمله الجارية،أو الدابة،أو تثمره الشجرة،أو منفعة لعين موجودة،أو معدومة متوقعة الوجود،أو حق من الحقوق القابلة للنقل،مثل حق التحجير و نحوه،لا مثل حق القذف و نحوه،مما لا يقبل الانتقال إلى الموصى له.
أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت،صح.
فإذا
أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد،إلا مع إجازة الوارث.و إذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر،و إذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره،صحّ فيما أجازوه و بطل في غيره.
أقواهما الأول.
كما لا أثر للرّد إذا لحقته الإجازة.
و لا بين كون الوارث غنيّا أو فقيرا.
فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك و كانت بقدره أو أقل،صح.
فإن أجازوا صحّت الثانية،و إلاّ بطلت.
و توقفت في ثلثيها على إجازة الورثة،كما إذا قال:فرسي لزيد و ثلثي من باقي التركة لعمرو،فإنه تصح وصيته لعمرو،و أما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة،و إلا صحت في ثلث الفرس،و كان الثلثان للورثة.
فإن كانت الدار بقدر ثلث مجموع التركة كانت الوصية نافذة،و إن كانت زائدة على الثلث
نفذت في الثلث،و توقف نفوذها في الزائد على اجازة الورثة.
يلاحظ في كون الموصى به بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر،بالإضافة إلى مجموع أموال الموصي حين الموت،لا حين الوصية.فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية،و صارت حين الموت بمقدار الثلث،إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية،صحت الوصية في تمامها.
إما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه،نفذت الوصية بما يساوي الثلث،و بطلت في الزائد،إلاّ إذا أجاز الورثة.
فإن كان حين الوفاة مساويا له حين الوصية،فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه،و كذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة،أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية-كما لو تجدد له مال-فهل يحب إخراج ثلث الزيادة المتجدّدة أيضا أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية؟و الجواب:أنه يجب إخراج ثلث مجموع أمواله من الزيادة المتجددة و غيرها،على أساس أنّ المرتكز في ذهن الموصي من الوصية بالثلث هو ثلث ما تركه من الأموال بعد وفاته،و لا نظر له إلى ثلث أمواله حين الوصية على نحو بشرط لا،و لهذا لو سأله سائل عن مقصوده بالثلث،لأجاب أنه ثلث ما تركه بعد الوفاة،إلا إذا قامت قرينة على أنه أراد الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير،فإذا تبدّلت أعيانها،لم
يجب إخراج شيء،أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها،و إن تبدّلت اعيانها،فلا يجب إخراج الزائد،كل ذلك خلاف ظاهر الوصية بالثلث و بحاجة إلى قرينة.و كذا إذا كان كلامه محفوفا مما يوجب إجمال المراد،فإنه يقتصر حينئذ على القدر المتيقّن و هو الأقل.
و كذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت،و كما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها صيد بعد وفاته،فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.
نفذت وصيته فيها بتمامها.
و نفقات حجة الإسلام إذا كانت عليه،فإذا أخرج جميع ذلك من التركة كان ثلث الباقي منها مورد العمل بالوصية.
لم يكن مستثنى من التركة و كان بمنزلة عدمه.
و لا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.
و إذا فوض التعيين إلى الوصي،فعينه في عين مخصوصة تعيّن أيضا،بلا حاجة إلى رضا الوارث.و إذا لم يحصل منه شيء من ذلك،كان ثلثه مشاعا في التركة،و لا يتعيّن
في عين بعينها بتعيين الوصي إلا مع رضا الورثة.
و هي الأموال الّتي اشتغلت بها ذمّته مثل المال الذي اقترضه و المبيع الذي باعه سلفا و ثمن ما اشتراه نسيئة و عوض المضمونات و اروش الجنايات و نحوها،و منها الخمس و الزكاة و المظالم،و أما الكفارات و النذور و نحوها، فالظاهر أنها لا تخرج من الأصل.
وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي و إن استوعبه،و كذا إذا غصب بعض التركة.
و الجواب:لا يجب عليه أن يسدّد تمام الدين من حصته،فإذا كان الدين بقدر ثلث التركة،فليس عليه إلاّ أن يدفع ثلث ما عنده من أجل الدين،و من هذا القبيل ما إذا اختلف الورثة فأقر بعضهم بأن على الميت حجة الإسلام و أنكر الآخرون،فإنه ليس على المقر أن يسدّد كل نفقات الحج من حصته الخاصة به، بل عليه أن يسدّد ما يلزم في حصته،فإذا فرضنا أن نفقة الحج بقدر خمس التركة فليس عليه إلاّ أن يبذل خمس ما عنده من أجل الحج،و حينئذ فإن اتفق وجود متبرع بسائر النفقة أدّى إليه خمس ما عنده،و إلا تصرف في كامل حصته و لا شيء عليه،ثم إذا و في غيره تمام الدين،سواء أ كان بإذن الحاكم الشرعي أم لا فله أن يرجع على المتمرّد و يطالبه بالمقدار الذي يلزم في حصته،و في فرض عدم التمكن من أخذ ما يلزم من حصته،يجوز له التقاص من أمواله بهذا المقدار.
و أما الحج النذري فيخرج من الثلث.
فإذا أوصى بعين شخصية لزيد،ثم أوصى بها لعمرو اعطيت لعمرو،و كذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى به لعمرو.
كان الثلث بينهما على السّوية.
كانت الثانية ناسخة للأولى بمقدارها.
وجب إخراجها من الأصل و إن زادت على الثلث.
كالواجبات البدنية و الكفارات و النذور اخرجت من الثلث،فإن زادت على الثلث و أجاز الورثة اخرجت جميعها،و إن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة،سواء أ كانت مرتبة-بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد اخرى كما إذا قال:اعطوا عني صوم عشرين شهرا و صلاة عشرين سنة-أم كانت غير مرتبة،بأن ذكرت جملة واحدة كما إذا قال:اقضوا عني عباداتي مدّه عمري صلاتي و صومي.فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة،فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع و إن لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث و من وصية الصوم الثلث.و كذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة،فإنها إن زادت على الثلث و أجاز الورثة،وجب إخراج الجميع،و إن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.
بعضها واجب يخرج من الأصل،و بعضها واجب لا يخرج من الأصل،كما إذا قال:أعطوا عني ستين دينارا عشرين دينارا زكاة و عشرين دينارا صلاة و عشرين دينارا صوما، فإن وسعها الثلث اخرج الجميع،و كذلك إن لم يسعها و أجاز الورثة.أما إذا لم يسعها و لم يجز الورثة،فيقسم الثلث على الجميع،و ما يجب إخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها.فإن كان الميت قد ترك مائة دينار يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة،ثم يخرج ثلثه ثلاثون دينارا فيوزع على الزكاة و الصلاة و الصوم.و كذا الحال فيما إذا تعدّدت الوصايا و كان بعضها واجبا يخرج من الأصل،و بعضها تبرعية.نعم،إذا لم يمكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين.
ففي تقديم الواجب على غيره إشكال و كلام.و الأظهر هو التقديم،و على هذا فإذا أوصى بالواجبات المالية كالخمس أو الزكاة أو حجة الإسلام،و أوصى بالواجبات البدنية كالصلاة و الصيام،و أوصى بوجوه البر و الإحسان كاطعام الفقراء أو الزيارة أو نحوها،فإن أطلق و لم يعين المخرج من الثلث،بدأ بالواجب المالي أولا،فيخرج من أصل التركة،فإذا بقي منها شيء يعين ثلثه و يصرف منه في الواجب البدني و وجوه البر و الإحسان،فإن وفى بهما فهو المطلوب،و إلاّ نفذ الأول على الأظهر و ألغى الثاني،و إن عين من الثلث،فإن اتّسع الثلث للكل فهو المطلوب،و إن لم يتسع إلاّ لنصف النفقة التي تتطلبها كل تلك الامور الموصى بها،فهل يخرج الخمس أو الزكاة أو نفقة الحج من الثلث أولا،فإن بقي منه يصرف في الثاني و الثالث أو لا؟
و الجواب:أن الثلث يوزع على الجميع بنسبة النصف،فيخرج نصف الواجب المالي من الثلث و النصف الآخر من باقي التركة،و لكن بما أنه يقدم الوصية بالواجب البدني،كالصلاة و الصيام-كما مرّ-على الوصية بوجوه البر و الإحسان،فيصرف الباقي من الثلث في نفقات الواجب البدني،فإن زاد عنها يصرف الزائد في وجوه البر و الإحسان،و الاّ الغيت الوصية بها.
سواء أ كانت تمليكية-كما إذا قال:فرسي لزيد بعد وفاتي-أم عهدية كما إذا قال:تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.
فله الثلث و لهم الثلثان،فإن تلف من التركة شيء كان التلف على الجميع،و إن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركا بين الجميع.
فإن تلف من التركة شيء كان التلف موزعا عليه و على بقية الورثة،و إن حصل النماء كان له منه الثلث.
كما عرفت،فإذا حصل منها نماء كان النماء له وحده،و إن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به و لم يشاركه فيه بقية الورثة.
كما إذا قال:أنفقوا عليّ ثلثي و أعطوا فرسي لزيد،وجب إخراج ثلثه من غير الفرس و تصح وصيته بثلث الفرس لزيد،و أما وصيته بالثلثين الآخرين من
الفرس لزيد،فصحتها موقوفة على إجازة الورثة،فإن لم يجيزوا بطلت كما تقدّم.و إذا كان الشيء الآخر غير معين خارجا،كما إذا قال:أنفقوا علي ثلثي و أعطوا زيدا مائة دينار،توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة،فإن أجازوها في الجميع صحت في تمامها،و إن أجازوها في البعض صحت في بعضها،و إن لم يجيزوا منها شيئا بطلت في جميعها،و نحوه إذا قال:أعطوا ثلثي لزيد و أعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو،فإنه تصح وصيته لزيد و لا تصح وصيته لعمرو إلاّ بإجازة الورثة،أمّا إذا قال:أعطوا ثلثي لزيد،ثم قال:أعطوا ثلثي لعمرو،كانت الثانية ناسخة للأولى كما عرفت،و المدار على ما يفهم من الكلام.
فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس و البيع و نشر كتب الضلال، بطلت الوصيّة.
و ليس بجائز عند الوصي كذلك،لم يجز للوصي تنفيذ الوصية،و إذا كان الأمر بالعكس،وجب على الوصي العمل بها.
نعم،إذا لم يكن قد أوصى بالثلث و أوصى بذلك،وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث لغيره،فإذا كان له ولدان و كانت التركة ستة، فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث،اعطي زيد اثنين و أعطي الآخر أربعة.
و اذا أوصى لسدس ماله لأخيه و أوصى بحرمان ولده زيد من الميراث،اعطي أخوه السدس و اعطي زيد الثلث و اعطي ولده الآخر النصف.
على أساس أنّ هذه الوصية لا يمكن أن تكون وصية للموصي نفسه؛ لأنها متعلقة بمال الغير لا بما تركه من الأموال بعد وفاته،كما لا يمكن أن تكون وصية لزيد باعتبار أنّه بعد حي،و الوصية لكلّ فرد متعلّقة بما تركه من الأموال بعد موته،فلذلك لا تصبح هذه الوصية وصية له بعد إجازته أيضا.
و إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صحّ،على أساس أنها بإجازته تصبح وصية له.
و وجب عليه دفع العين لعمرو،فإذا اشتبه المتقدم و المتأخّر تعين الرجوع إلى القرعة في تعيينه.
و لم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل أو مساو له،أو علم أنّه اكثر و احتمل أنّه مأذون من الورثة في هذه الوصية،أو علم أنّه غير مأذون من الورثة،لكن احتمل أنه كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل،فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى يثبت بطلانها أو لا؟
و الجواب:أنه لا يجوز له التصرف فيه و إنفاقه جميعا،على أساس أن جواز التصرّف فيه منوط باحراز انه لا يزيد من الثلث،و بكلمة:أن جواز التصرف فيه عملا بالوصية مرتبط بإحراز صحتها،و هي مشكوكة و لا يمكن التمسّك بأصالة الصحة في المقام؛لعدم إحراز ولايته على الوصية بهذا المال جميعا.
و إذا تردّد بين المتباينين عين بالقرعة.
على أساس أنّها لا تتضمّن إنشاء التمليك،فإذا كان الموصى له متوقّع الوجود في المستقبل،مثل أن يوصي بإعطاء شيء لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصيّة و لا حين موت الموصي،فيبقى المال الموصى به في ملك الموصي،فإن ولدوا بعد ذلك اعطي لهم و إلاّ صرف في الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي.
و الجواب:أنّ الوصيّة المذكورة إن كانت للموجود في زمان موته،فحينئذ إن كان الموصى له موجودا فيه صحّت الوصيّة و إلاّ بطلت،و إن كانت للأعم من الموجود فيه و الموجود بعده بفترة زمنيّة،فلا بأس بها،فإنّ الموصى له متى وجد -و إن كان بعد موته بزمن كثير-ملك،كما إذا أوصى بأنّ المال الفلاني ملك لمن يولد من أولادي في الطبقة الثالثة بحسب السلسلة الطولية بعد مماتي و لو بسنين عديدة متمادية،فإنّ هذه الوصيّة صحيحة و لا بأس بها،و عليه فإذا وجد الموصى له بعد موته بسنين كثيرة ملك،فبالنتيجة أنّ الوصيّة التمليكيّة لا تصحّ للمعدوم، بل لا بدّ أن تكون للموجود و لو في المستقبل،و أمّا كونه موجودا في زمن موت الموصي أو وجد بعد موته بفترة قصيرة أو طويلة،فهو تابع لكيفيّة جعل
الموصي الوصية.
و إلاّ بطلت الوصيّة و رجع المال إلى ورثة الموصي.
كما تصحّ لمملوكه و أم ولده و مدبّره و مكاتبه.
و الجواب:أنّ الصحّة غير بعيدة،و إن كانت على خلاف الاحتياط.نعم،إذا كان مكاتبا مطلقا و قد أدى بعض مال الكتابة،فيصحّ من الوصيّة له قدر ما تحرّر منه بدون شبهة تذكر.
و إذا كان أكثر من قيمته اعتق و أعطى الزائد،و إن كان أقلّ منها اعتق و استسعى في الزائد،سواء أ كان ما أوصى له به بقدر نصف قيمته أم أكثر أم أقلّ.
اشتركوا فيه على السويّة،إلاّ أن تكون قرينة على التفضيل.
فإنّ الحكم في الجميع التسوية،إلاّ أن تقوم القرينة على التفضيل،فيكون العمل على القرينة.
و يشترط فيه امور:
الأول:البلوغ على المشهور،و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع،و لا مانع من الوصاية إلى غير البالغ،إذا كان رشيدا و أمينا،و إن كان الأحوط الأولى أن يكون تصرّفه بإذن وليّه أو الحاكم الشرعي،كما أنّ الأولى أن ينضمّ إليه رجل كامل،و أمّا إذا قيد الموصي جعل الوصايا إلى الصبي بكون تصرّفه فيما تركه من الأموال حسب الوصية بعد بلوغه،فلا شبهة في صحّته؛لأنّه في الحقيقة من جعل الوصيّة للبالغ.
الثاني:العقل،فلا تصحّ الوصيّة إلى المجنون في حال جنونه،سواء أ كان مطبقا أم أدواريا،و إذا أوصى إليه في حال العقل،فهو وصي في هذه الحالة لا مطلقا،فإذا جنّ فلا يكون وصيّا،و إذا أفاق و استعاد عقله فهو وصي،و من هنا يصحّ جعل الوصايا للمجنون الأدواري في حال إفاقته و عقله،كما إذا نصّ الموصي على ذلك.
الثالث:الإسلام،إذا كان الموصي مسلما على المشهور،و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع؛إذ لا مانع من جعل الوصايا إلى الكافر إذا كان ثقة و أمينا، على أساس أنّ ذلك هو المطلوب من الوصي،و أمّا الجهات الاخرى ككونه فاسقا أو كافرا أو غير ذلك،فلا ترتبط بما هو المطلوب منه.
بل يكفي فيه الوثوق و الأمانة،بأن يكون أمينا على أموال الميّت و التصرّف فيها حسب ما أوصاه،و ليس المطلوب منه أن يكون جديرا بالاقتداء به.هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره،كأداء الحقوق الواجبة و التصرّف في مال الأيتام و نحو ذلك.
أمّا ما يرجع إلى نفسه،كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات و القربات و وجوه البرّ و الإحسان،ففي اعتبار الوثوق به إشكال،و الأظهر عدم اعتباره.
و لكن بناء على اعتبار الإسلام فيه،فإذا ارتدّ و بطلت ثمّ تاب و رجع إلى الإسلام فأسلم،فهل تعود إليه وصايته مرّة اخرى أو لا؟و الجواب:أنّ الإعادة لا تخلو عن إشكال،إلاّ إذا نصّ الموصى على عودها،أو يظهر ذلك من إطلاق وصيّته.
و إن لم يظهر من القرينة التقيّد بالعدالة لم تبطل،شريطة أن يكون الوصي ثقة إذا كانت الوصيّة على أداء حقوق الناس و أموالهم.
إلاّ بإذن سيّده أو معلّقة على حريّته.
ففي جواز انفراد البالغ بالوصيّة قولان:الأقوى عدم جواز الانفراد،إذا كان جعل الوصيّة إليهما على نحو الانضمام،و للحاكم الشرعي حينئذ أن يضم
إليه آخر و إلاّ فلا.
فإن نصّ على الأوّل فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرّف لا في جميع ما أوصى به و لا في بعضه،و إذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت و نحوه،ضمّ الحاكم آخر إلى الآخر، و إن نصّ على الثاني جاز لكلّ منهما الاستقلال،و أيّهما سبق نفذ تصرّفه،و إن اقترنا في التصرّف مع تنافي التصرّفين،بأن باع أحدهما على زيد و الآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معا،و لهما أن يقتسما الثلث بالسويّة أو بغير السويّة.
و إذا سقط أحدهما عن الوصاية،انفرد الآخر و لم يضمّ إليه الحاكم آخر،و إذا أطلق الوصاية إليهما و لم ينصّ على الانضمام و الاستقلال،جرى عليه حكم الانضمام،إلاّ إذا كانت قرينة على الانفراد،كما إذا قال:وصيي فلان و فلان،فإذا ماتا كان الوصي فلانا،فإنّه إذا مات أحدهما استقلّ الباقي و لم يحتجّ إلى أن يضمّ إليه الحاكم آخر،و كذا الحكم في ولاية الوقف.
و يكونان وصيّين مترتّبين،و كذا يصحّ إذا قال:وصيي زيد،فإن بلغ ولدي فهو الوصيّ.
و يجعل الوصاية إلى كلّ واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الآخر.
أو يرى كلّ منهما الصلاح في ضدّ ما يقوله الآخر، فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الآخر،أجبره الحاكم على
ذلك،و إن لم يكن مانع لكلّ منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه،و إن كان لكلّ منهما مانع من الانضمام،جاز للحاكم استبدالهما بغيرهما إذا رأى فيه مصلحة،كما أنّ له عزل أحدهما و ضمّ شخص إلى الآخر.
فحينئذ إن استمرّ على طلب العلم كان وصيّا،و إن انصرف عنه بطلت وصايته و تولّى تنفيذ وصيّته الحاكم الشرعي.
و إذا ظهرت منه الخيانة ضمّ إليه أمينا يمنعه عن الخيانة،فإن لم يمكن ذلك،عزله و نصب غيره.
و كذا إذا مات في حياة الموصي و لم يعلم هو بذلك أو علم و لم ينصب غيره،و لم يكن ما يدلّ على عدوله عن أصل الوصيّة.
و إن كان عاجزا عن تنفيذه بنفسه و مباشرة،إلاّ أن يكون مأذونا من قبل الموصي في الإيصاء إلى غيره نصّا أو بالإطلاق الظاهر في ذلك و لو بمناسبة الحكم و الموضوع.
فإذا تسامح و قصّر في مورد و خان فيه ضمن في ذلك المورد،و أمّا في سائر الموارد التي لم يتحقّق منه فيها الخيانة و التقصير،فهل يضمن التالف في تلك الموارد أيضا أو لا؟و الجواب:نعم،و ذلك لأنّ معنى عدم ضمان الأمين:أنّ يده على المال ليست يد مضمنة و مستثناة من قاعدة اليد،و عليه فإذا خان الوصي في مورد و قصر
عامدا و ملتفتا فيه،تكشف ذلك عن أنّه ليس تأمين،يعني:يده ليست يد أمانة،بل هي مضمنة عند التلف و إن لم يكن بتفريط منه،لا أنّ خيانته في ذلك المورد تكشف عن أنّه ليس بأمين فيه فحسب،دون سائر الموارد التي لم يظهر منه فيها الخيانة،فإنّه أمين فيها؛لوضوح أنّه إذا ظهر من الشخص خيانة في مورد كشف عن أنّه خائن و غير قابل للائتمان به مطلقا.
وجب الاقتصار على ما عين و لم يجز له التعدّي،فإن تعدّى كان خائنا،و إذا أطلق له التصرّف بأن قال له:أخرج ثلثي و أنفقه،عمل بنظره، و لا بدّ من ملاحظة مصلحة الميّت،فلا يجوز له أن يتصرّف كيف شاء و إن لم يكن صلاحا للميّت أو كان غيره أصلح مع تيسّر فعله على النحو المتعارف، و يختلف ذلك باختلاف الأموات،فربّما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه،و ربّما يكون الأصلح أداء الحقوق الماليّة الاحتياطية،و ربّما يكون الأصلح أداء حقّ بعينه احتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم،و ربّما يكون الأصلح فعل المقرّبات و الصّدقات و كسوة العراة و مداواة المرضى و نحو ذلك من وجوه البرّ و الخير.هذا إذا لم يكن هناك تعارف يصلح أن يكون قرينة على تعيين مصرف له بعينه،و إلاّ كان عليه العمل.
و أنّه تجهيزه أو صرف ثلثه أو شئون اخرى كان لغوا،إلاّ إذا كان هناك تعارف يكون قرينة على تعيين المراد،كما يتعارف في كثير من مدن العراق أنّه وصي في إخراج الثلث و صرفه في مصلحة الموصي و أداء الحقوق التي عليه و أخذ الحقوق التي له و ردّ الأمانات و البضائع إلى أهلها و أخذها.نعم،في شموله
للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال،و الأحوط أن لا يتصدّى لامورهم إلاّ بعد مراجعة الحاكم الشرعي،و عدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلاّ بإذن منه.
بشرط أن يبلغه الردّ و كان بإمكانه نصب غيره بديلا عنه،و لا يجوز له الردّ بعد موت الموصي،سواء قبلها قبل الردّ أم لم يقبلها،و قد تسأل:هل يجوز له الردّ إذا لم يكن بإمكان الموصي نصب غيره مكانه أو لا؟و الجواب:أنّ جوازه في هذه الحالة لا يخلو عن إشكال،بل لا يبعد عدم جوازه.
فلو قال زيد لعمرو:لا أقبل أن توصي إليّ،فأوصى عمرو إليه،لزمته الوصيّة،إلاّ أن يردّها بعد ذلك على الشرط المذكور.
مع أنّه كان بإمكانه أن يوصي إلى فرد آخر غيره،و هو لجهله بالحال لم يردّها ثانية، فهل هي لازمة عليه أو لا؟
و الجواب:أنّ لزومها لا يخلو عن إشكال بل منع؛ لانصراف نصوص لزوم الوصيّة على الوصي عن مثل هذا الفرض.
جاز له تفويض الأمر إليه،كأن يفوّض أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات،و يفوض أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها،و يفوّض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء و كيفيّة القسمة عليهم و هكذا،على أساس
أنّه واثق و مطمئن بالإذن من الموصى في مثل هذه التصرّفات.و ربّما يفوض الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها.
و قد لا يكون الموصي قد أوصى بامور معيّنة،بل أوصى بصرف ثلثه في مصالحه و أوكل تعيين المصرف كما و كيفا إلى نظر الوصي،فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات المصرف و كيفيّتها فيوكّل الأمر إليه،فيدفع الثلث إليه بتمامه و يفوّض إليه تعيين الجهات كما و كيفا،كما يتعارف ذلك عند كثير من الأوصياء،حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرّف و لو بواسطة التفويض إلى الغير.فلا بأس أن يفوّض الوصي أمر الوصيّة إلى غيره إلاّ أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة،فلا يجوز له حينئذ التفويض.
بمعنى:عزل نفسه عن الوصاية و جعلها له،فيكون غيره وصيّا عن الميّت بجعل منه.
نصب الحاكم الشرعي وصيّا مكانه أو تولّى الصّرف بنفسه،و كذا إذا أوصى و لم يعيّن وصيّا أصلا.
صرفه في وجوه البرّ التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصى به مع مراعاة الأهم فالأهم.هذا إذا كان التردّد بين احتمالات غير محصورة مرتبطة، أمّا إذا تردّد بين احتمالات محصورة مستقلة،فلا يبعد أن يكون المرجع في تعيينها القرعة.
بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلاّ باطلاع الناظر و إشرافه عليه،فإذا عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي و خيانة له، و إذا عمل باطّلاعه كان مأذونا فيه و أداء لوظيفته،و لا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه و نظره،فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلّي عنه،فاستناب الوصي زيدا و كان الناظر يريد استنابة عمرو و يراها أرجح،لم يقدح ذلك في صحّة استنابة زيد،و ليس للناظر الاعتراض عليه في ذلك.نعم، لو جعله ناظرا على الوصي،بمعنى:أن يكون عمل الوصي بنظره،ففي المثال المذكور لا تصحّ استنابة زيد و تجب استنابة عمرو،لكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي.
و الظاهر أنّ الوصيّ إذا خان لم يجب على الناظر-بما هو ناظر-معارضته و مدافعته،حتى إذا كانت نظارته على النحو الثاني،و لا يضمن إذا لم يدافع و لم يمنعه عن الخيانة.نعم،له الاعتراض عليه و اطّلاع الحاكم الشرعي بالحال،و إذا مات الناظر لزم على الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي.
فإذا أوصى بشيء جاز له العدول إلى غيره.
كما يجوز له تبديل جميعها،و تبديل بعضها ما دام فيه الروح،إذا وجدت فيه الشرائط المتقدّمة من العقل و الاختيار و غيرهما.
فعمل الوصي الأوّل بالوصيّة،ثمّ
علم بالحال،و حينئذ فما صرفه من الثلث إن كان في غير مورد الوصيّة كان ضمانه على الميّت؛لأنّه المتلف عرفا بواسطة الوصي،فيخرج من أصل التركة، باعتبار أنّه دين،ثمّ يخرج الثلث من باقي التركة للوصي الثاني،و إن كان في موردها كفى ذلك و لا موضوع عندئذ لصرف الثلث فيه مرّة اخرى.
هذا،إذا لم يكن العدول عن الأوّل لسبب ظاهر يدلّ عليه،أمّا إذا كان لسبب ظاهر كذلك،كما إذا هاجر الوصيّ الأوّل إلى بلاد بعيدة لا يتمكّن عادة من تنفيذ الوصايا في بلد الموصي،أو حدثت بينه و بين الوصي عداوة و مقاطعة تدلّ على عدوله عنه،كان ما صرفه الوصي الأوّل من مال نفسه.
مثل أن يقول:رجعت عن وصيّتي إلى زيد و بالفعل،مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثمّ يوصي بوقفه، و مثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثمّ يبيعها أو يهبها.
فإذا أوصى ثمّ مات بلا فصل وجب العمل بها،و كذا إذا مات بعد مرور سنين.نعم،يعتبر عدم الرجوع عنها،و إذا شكّ في الرجوع بنى على عدمه.
فإذا لم يمت في ذلك السفر و مات في غيره لم يجب العمل بوصيّته،و لم يكن الشخص المذكور وصيّا له فيه،على أساس أنّه علّق الوصيّة و تعيين الوصيّ على الموت في هذا السفر لا مطلقا.نعم، إذا كان الدّاعي له على إنشاء الوصيّة خوف الموت في السفر الذي عزم عليه، وجب العمل بوصيّته و إن لم يمت في ذلك السفر،و لأجل ذلك يجب العمل
بوصايا الحجّاج عند العزم على الحجّ،و مثلهم زوّار الرضا عليه السّلام و المسافرون أسفارا بعيدة،فإنّ الظاهر أنّ هؤلاء و أمثالهم لم يقيدوا الوصيّة بالموت في ذلك السفر خاصّة،و إنّما كان الدّاعي على الوصيّة خوف الموت في ذلك السفر، فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقّق الرجوع عنها.
إلاّ إذا كان أوصى إليه،بأن يعمل مجانا،كما لو صرّح الموصي بذلك أو كانت هناك قرينة عليه،فلا يجوز له أخذ الاجرة حينئذ،و يجب عليه العمل بالوصيّة إن كان قد قبل،أما إذا لم يقبل ففي الوجوب عليه إشكال،و الأقرب العدم.هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه فيه كالبيع و الشراء و أداء الديون و صرف ثلثه في وجوه البرّ و الخير و الصلاة و الصيام،و ما شاكل ذلك من الأعمال التي جعلها تحت تصرّفه و ولايته.أمّا لو أوصى بأعمال اخرى،مثل أن يوصي إلى زيد أن يحجّ عنه أو يصلّي عنه أو نحو ذلك،لم يجب عليه القبول حتّى لو لم يعلم بذلك في حياة الموصي،و لو قبل في حياته فإن كان أوصى إليه بالعمل مجانا مثل أن يحجّ فقبل،فهل يجوز له الردّ بعد وفاته أو لا؟لا يبعد جوازه،على أساس أنّ قبوله العمل مجانا لا يكون إلاّ مجرّد و عد له به و لا ينطبق عليه عنوان ملزم،و لا تشمله روايات لزوم الوصية.
و وجب العمل بها و له الاجرة إذا كان قد قبل في حياته،و إلاّ فلا يجب.
و لو كان باجرة غير معيّنة عندهما بأن قال له:حجّ عنّي باجرة المثل و لم تكن اجرة المثل معلومة عندهما،و إن كانت محدّدة في الواقع،فقبل في حياته،
فالظاهر أنّ ذلك من باب الإجارة،فيجب العمل بها،على أساس أنّ اجرة المثل معيّنة في الواقع لدى الاجراء الذين يتقاضونها عادة على مثل ذلك العمل،و إن لم تكن معلومة عندهما،فلا مقتضى لفساد الإجارة حتى الغرر.و لو كان ذلك بطريق الجعالة لم يجب العمل عليه،و لكن إذا عمل استحقّ الاجرة.
و بشهادة مسلم عادل مع يمين الموصى له،و بشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين كغيرها من الدعاوي الماليّة.
و ثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات،و تمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات بلا حاجة إلى اليمين في شهادتهنّ،و هذا الحكم بهذه الكيفيّة خاصّ بالوصيّة التمليكيّة.
و لا تثبت بشهادة غيرهما من الكفّار.
إذا كانوا عقلاء بالغين و إن لم يكونوا عدولا.و إذا أقرّ بعضهم دون بعض ثبتت بالنسبة إلى حصّة المقرّ دون المنكر.نعم،إذا أقرّ منهم اثنان و كانا عدلين ثبتت الوصيّة بتمامها،و إذا كان عدلا واحدا تثبت أيضا مع يمين الموصى له.
و إذا أقرّ
بعضهم ثبت بعض الموصى به على نسبة حصّة المقرّ و ينقص من حقّه.نعم،إذا أقرّ اثنان عدلان منهم ثبتت الوصيّة بتمامها.
و الجواب:أنّ نظره إن كان مطابقا لنظر الموصي اجتهادا أو تقليدا فهو المطلوب،و إن كان مخالفا له،فإن كان نظره مطابقا للاحتياط دون نظر الموصي، فعليه أن يعمل على طبق نظره،هذا إذا كان نظره مستندا إلى دليل اجتهادي، و كان نظر الموصي باطلا عنده،و أمّا إذا كان نظره مستندا إلى أصل عملي كقاعدة الاشتغال،و نظر الموصي إلى دليل اجتهادي أو أصل عملي كأصالة البراءة، فبإمكانه أن يعمل على طبق نظر الموصي تنفيذا للوصيّة،كما أنّ له أن يعمل على طبق نظره،و إن كان نظر الموصي مطابقا للاحتياط دون نظره،فعليه أن يعمل على طبق نظر الموصي عملا بالوصية.هذا إذا كان المتصدّي لتنفيذ الوصية الوصيّ،و أمّا إذا كان المتصدّي له الوارث،فهو يعمل على طبق نظره اجتهادا أو تقليدا دون نظر الميّت إلاّ في حالة واحدة،و هي ما إذا كان نظر الميّت موافقا للاحتياط و نظر الوارث مخالفا له و مبنيّا على الأصل العملي المؤمن كأصالة البراءة دون الدليل الاجتهادي،ففي هذه الحالة الأحوط و الأجدر به-وجوبا- أن يعمل على طبق نظر الميّت اجتهادا و تقليدا.
فإن لم يكن مشتملا على المحاباة،كما إذا باع بثمن المثل أو آجر باجرة المثل،فلا إشكال في صحّته و لزوم العمل به.و إذا كان مشتملا على نوع من المحاباة و العطاء المجاني،كما إذا أعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانية غير معوضة أو معوضة بأقلّ من القيمة أو باع بأقلّ من ثمن المثل أو آجر بأقل من اجرة المثل أو نحو ذلك،ممّا يستوجب نقصا في ماله،فالظاهر أنّه نافذ كتصرّفه في حال الصحّة،و القول:بأنّه يخرج من الثلث-فإذا زاد عليه لم ينفذ إلاّ بإجازة الوارث-ضعيف.
فإن كان المقرّ مأمونا و مرضيّا في نفسه،نفذ إقراره من الأصل،و إن كان متّهما نفذ من الثلث.هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت،أمّا إذا كان في حال الصحّة أو في المرض غير مرض الموت،اخرج من الأصل و إن كان متّهما.
المشهور بطلانه،على أساس أنّه يتضمّن تعليق إنشاء الوقف على الوفاة،و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع؛لأنّ الإنشاء فيه لا يكون معلّقا،بل هو منجز،فإنّ المعلّق إنّما هو فعلية المنشأ نظير من قال:هذا ملك لزيد بعد
وفاتي،و قد مرّ أنّه ليس من تعليق الإنشاء على الوفاة،فإنّ المعلّق إنّما هو فعليّة المنشأ و هو الملكيّة.و على هذا فمن قال:داري وقف بعد وفاتي،فقد أنشأ مفهوم الوقف من الآن،سواء أ كان مفهومه التحرير أم التمليك،كما في الأوقاف الخاصّة،و المعلّق إنّما هو فعليّة المنشأ و لا مانع من ذلك؛لأنّ فعليّة كلّ حكم شرعي معلّقة على وجود موضوعه في الخارج،و بكلمة:لا يمكن الحكم ببطلان هذا الوقف من جهة التعليق.نعم،يمكن الحكم ببطلانه من جهة قصور دليل الوقف عن شمول مثله في مقام الإثبات،فصحّته في هذا المقام بحاجة إلى دليل خاص و هو غير موجود،و من هنا يفترق عن الوصيّة التمليكيّة و العهديّة و التدبير،فإنّ الدليل هناك موجود على الصحّة دون الوقف هنا.
و لا يجري عليه حكم الوصيّة بالبيع أو الوقف مثلا،بحيث يجب على الورثة أن يبيعوا أو يوقفوا بعد وفاته،إلاّ إذا فهم من كلامه أنّه يريد الوصيّة بالبيع أو الوقف،فحينئذ كانت وصيّته صحيحة و وجب العمل بها.
فإن أجازه الإبراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقّهم و إبراء لذمة المدين.هذا إذا كان الدين زائدا على ثلثه،و إلاّ فلا يحتاج إلى الإجازة.
و الوقف تحبيس الأصل و تسبيل الثمرة و المنفعة،و قد ورد في فضله و الثواب عليه روايات كثيرة،و في صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
«ليس يتبع الرجل بعد موته إلاّ ثلاث خصال:صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته،و صدقة مبتولة لا تورث،أو سنة هدي فهي يعمل بها بعده، أو ولد صالح يدعو له».
بل لا بدّ من إنشاء ذلك بمثل:وقفت و حبست و نحوهما ممّا يدلّ على المقصود.
مثل أن يعطي إلى قيم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك أو يفرش الفراش فيه مباشرة.
بل ربّما يقع بالفعل بلا معاطاة،مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك بعنوان جداره أو اسطوانته،فإنّ ذلك يكفي في كونه
جدارا أو اسطوانة له،فلا حاجة إلى إجراء صيغة الوقف.
و الثاني كوقف المسجد،فإنّ الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصّة،و إنّما لاحظ مجرّد حفظ العنوان الخاص و هو عنوان المسجديّة، و هذا القسم لا يكون له موقوف عليه.
فقال:وقفت هذا المكان على المصلّين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك،لم يصر مسجدا و لم تجر عليه أحكام المسجد، و إنّما يصير وقفا على الصلاة أو غيرها ممّا لاحظه الواقف،و يكون من القسم الأوّل الذي له موقوف عليه،و هو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة،و هو على أقسام:
القسم الأول:أن يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكا لهم،كما إذا قال:هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم، أو هذه البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم،فتكون المنافع و الثمرة ملكا لهم كسائر أملاكهم،تجوز المعاوضة منهم عليها و يرثها وارثهم، و تضمن لهم عند طروّ سبب الضمان،و تجب الزكاة على كلّ واحد منهم عند بلوغ حصّته النصاب.
القسم الثاني:أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك،فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصّته،و لا تجب فيها الزكاة و إن بلغت النصاب،و لا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه،و لكن المنفعة تضمن بطروّ سبب الضمان،و هذا القسم على
نوعين:
النوع الأوّل:أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة،كما إذا قال:هذه الشجرة وقف على أولادي يأكلون ثمرتها،و في مثله لا يجوز للولي تبديلها و المعاوضة عليها،بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها.
النوع الثاني:أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة،بل يلحظ الأعمّ منها و من بدلها،كما إذا قال:هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم،سواء أ كان تبديلها إلى عين اخرى-بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم-أم ببذل نفسها لهم.
القسم الثالث:أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم،مثل وقف خانات المسافرين و الرباطات و المدارس و كتب العلم و الأدعية و نحوها.
و هذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم و لا من الولي لا توارث فيه،و الظاهر ثبوت الضمان فيه أيضا إذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة.نعم،الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريرا.
و إن كان الاعتبار أحوط،و لا سيّما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة،سواء أ كان عاما مثل الوقف على العلماء أم خاصا مثل الوقف على أولاده،فيقبل في الأوّل الحاكم الشرعي،و في الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الأولى.
و لا سيّما في مثل
الوقف على الذرية.
فإذا مات قبل القبض بطل،و لا يعتبر في القبض الفوريّة،و في اعتبار إذن الواقف في القبض إشكال.
كفى ذلك في تحقّق القبض و لم يحتجّ إلى قبض آخر،و إذا كانت العين في يد غيره،فلا بدّ من أخذها منه ليتحقّق قبض وليّهم.
كفى ذلك في قبضها و لم يحتجّ إلى قبض جديد.
و استيلاء الموقوف عليهم عليه.
و لا يبعد عدم اعتباره،و لا سيّما إذا كان من نيّة الواقف أن تبقى في يده و يعمل بها على حسب ما وقف.
فإذا وقف مقبرة كفى في تحقّق القبض الدفن فيها،و إذا وقف مكانا للصلاة تكفي الصلاة فيه،و إذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها.و كذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين و الدار على
سكنى العلماء و الفقراء،فإنّه يكفي في قبضها السكنى فيها.
و كذا في مثل آلات المشاهد و المعابد و المساجد و نحوها،فإنّ الظاهر أنّه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها.
فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و إن لم يقبضه قابض،و إذا مات لم يرجع ميراثا لوارثه كما عرفت.
صحّ القبض في حصّته و لم يصحّ في حصّة الباقين،إلاّ أن يكون وكيلا منهم في ذلك.
و هو أنّ الشخص يقصد نعجة أو بقرة باسم أحد الأئمّة عليهم السّلام أو لجهة اخرى، على أنّ نتاجها إن كان ذكرا يذبح و يؤكل أو يباع،و إن كان انثى ظلّ وقفا تابعا لامّها و يكون منافعها من الصوف أو اللبن له،و هل يصحّ ذلك وقفا أو لا؟
الجواب:أنّه لا يصحّ وقفا؛لأن النعجة لو كانت وقفا لكانت ملكا للموقوف عليه و خارجة عن ملك المالك،فإذن تكون منافعها أيضا ملكا له و لا تبقى في ملك المالك،فبقاء المنافع في ملكه لا يجتمع مع وقف العين،فالنتيجة أن النعجات أو البقرات تبقى في ملك مالكها كسائر أمواله،و لا شيء عليه غير تخميسها.
و لكنه لا يخلو عن إشكال،و الاحتياط لا يترك،فإذا وقف داره لعالم إلى مدّة عشر سنوات مثلا،فالأحوط و الأجدر به-وجوبا-أن يحتاط بتسليم الدار إليه في تلك المدّة.نعم،لو لم يصح ذلك وقفا،فهل يصح حبسا أو لا؟الظاهر أنه لا يصح،على اساس أن مفهوم الوقف غير مفهوم الحبس،و المنشأ إنما هو الأوّل دون الثاني.
و بعد الانقراض فهل ترجع العين الموقوفة إلى ورثة الواقف حين الموت أو حين الانقراض،أو أنها ترجع صدقة عامة تصرف في وجوه البر و الخير؟
و الجواب:الأقرب أنها ترجع إلى ورثته حين الانقراض،على أساس أنّ انتقال العين الموقوفة إلى الواقف الميت ثانيا إنّما هو في هذا الحين،فإذا كان انتقالها إليه في ذلك الحين،فبطبيعة الحال كان انتقالها منه إلى ورثته في نفس ذلك الحين أيضا لا حين الموت،و بكلمة:أن الواقف الميت إنما صار مالكا للعين مرة ثانية آن الانقراض،فإذا لا محالة يكون ذلك الآن هو آن انتقال العين منه إلى ورثته لا آن موته المتقدّم عليه.و على هذا فإذا مات الواقف عن ولدين،و مات بعده أحد الولدين عن ولد قبل انقراض الموقوف عليهم ثم انقرضوا،فعلى ما قويناه ترجع العين إلى الولد الباقي له مباشرة؛لأنّه الوارث حين الانقراض،و على المشهور من أن العين ترجع إلى ورثته حين الموت كان الوارث له كلا الولدين معا؛لأنهما كانا حيّين حين الموت،و حينئذ فيصل نصيب أخيه إلى ابنه فيشاركه في العين.
نعم،يستثنى من ذلك ما إذا أظهر من القرائن أن
خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب،بأن كان الواقف قد أنشأ التصدّق بالعين و كونه على نحو خاص،فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدّق،فإذا قامت القرينة على ذلك و انقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته،بل تبقى العين صدقة و تصرف منافعها في جهة اخرى الأقرب فالأقرب.
ففي صحته قولان و الأظهر البطلان.
فلو علقه على أمر مستقبل معلوم التحقق أو متوقع الحصول،كما إذا قال زيد مثلا:وقفت كتابي هذا من يوم الجمعة الآتية أو من رأس الشهر الآتي أو إذا ولد لي ذكر في المستقبل لم يصح،و لكنه لا يخلو عن إشكال،فإن التعليق إن كان على أمر مستقبل معلوم التحقق-كالمثال المذكور-فلا يبعد صحته،على أساس أنّ ما هو معلق عليه إنما هو فعلية الوقف المنشأ دون إنشائه في عالم الاعتبار،فإنه غير قابل للتعليق؛إذ لا واقع له ما عدا اعتبار المعتبر في عالم الذهن،و على هذا فمتى حصل المعلق عليه في الخارج صار الوقف فعليا و متحققا و مشمولا لقوله عليه السّلام:«الوقوف حسب ما يوقفها أهلها»بل لا يبعد الحكم بالصحة حتى فيما إذا كان المعلق عليه أمرا مشكوكا،فإنّه لو تحقق في ظرفه تحقق الوقف،و لكن مع هذا فالأحوط و الأجدر بالواقف أن يجدد صيغة الوقف إذا تحقق المعلّق عليه في ظرفه.
و الجواب:أن صحته غير بعيدة بعين ما ذكرناه،و لكن مع هذا فالأحوط
للموقوف عليه أن يصالح مع الورثة.نعم،إذا كان المتبادر منه الوصية بالوقف فلا إشكال،و يجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده.
فإذا وقف على نفسه بطل،و إذا قال:داري وقف عليّ و على أخي مثلا على نحو التشريك،بطل الوقف في نصف الدار،و إذا كان على نحو الترتيب-بأن قصد الوقف على نفسه ثم على غيره-كان الوقف من المنقطع الأول،فيبطل بالنسبة إلى نفسه،و هل يبطل بالنسبة إلى غيره أيضا أو لا؟المشهور البطلان و لكنه لا يخلو عن الإشكال،بل لا يبد صحته،ثم إنه على هذا القول هل يصح من حين الوقف أو من بعد موت الواقف؟الظاهر هو الثاني؛لأنه إنّما أنشأ الوقف لغيره بعد موته لا من الآن،فكونه وقفا له من الآن بحاجة الى دليل،و لا يكفي مجرد إلغاء وقفه على نفسه،فإن الغائه لا يوجب خروج المال الموقوف عن ملكه، بل هو باق في ملكه إلى أن يموت،كما هو الحال في سائر الوقف الترتيبي، و كذلك في سائر الوقوف الطولية،فلو بدأ بالوقف على ما لا يصح الوقف عليه، ثم بالوقف على ما يصح،كما إذا قال:وقفت بستاني هذا على عبد زيد مثلا،ثم على زيد نفسه،ثم على أولاده و هكذا،فإن هذا الوقف و إن بطل على الطبقة الأولى إلا أنه لا يبعد صحته على الطبقة الثانية،و لكن وقتئذ هل يصح هذا الوقف من حينه أو بعد انقراض الطبقة الاولى؟
و الجواب:أن الواقف إذا كان عالما ببطلان الوقف على الطبقة الأولى،كان إنشاء الوقف منه عليها مجرد لقلقة لسان،فلا يمكن أن يكون جادا في إرادته، فإذن وجوده كعدمه،و عليه فلا محالة يكون جادا في إنشاء الوقف و جعله على الطبقة الثانية من حينه لا من حين انقراض الطبقة الاولى،فيكون المنشأ و المجعول
وقتئذ فعليا من هذا الحين،و إذا كان جاهلا بالحال و معتقدا صحة الوقف على الطبقة الأولى،كان جادا في إنشائه و جعله عليها بعد انقراض الأولى لا من حينه، فيكون المنشأ به عندئذ فعليا بعد انقراض الأولى لا من الآن،و إن قصد الوقف على غيره ثم على نفسه،بطل بالنسبة إلى نفسه فقط و كان من الوقف المنقطع الآخر،و إن قال:هي وقف على أخي ثمّ على نفسي ثمّ على شخص آخر،بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه،و أما بطلانه بالنسبة إلى الشخص الآخر فهو غير معلوم كما عرفت.
عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة و الكفارات المالية صحّ،بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضا.
و إذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صحّ،بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضا.
ففي صحّته إشكال و الأظهر البطلان،و كذا في ما لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة؛لأنّه من الوقف على نفسه.
فله أن يملك العين لغيره ثم يقفها غيره على النهج الذي يريده من إدرار مئونته و وفاء ديونه و نحو ذلك.و يجوز له أن يشترط عليه ذلك في ضمن عقد التمليك،كما يجوز له أن يؤجرها مدة و يجعل لنفسه خيار الفسخ،و بعد الوقف يفسخ
الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم،بل لا يبعد صحّة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها على ملكه مدّة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته.
و منازل المسافرين و كتب العلم و الزيارات و الأدعية و الآبار و العيون و نحوها،مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه،بل قصد مجرد بذل المنفعة و إباحتها للعنوان العام الشامل للواقف.أما إذا كان الوقف على الانحاء الآخر مع كون الموقوف عليه عنوانا كليا عاما،ففي جواز مشاركة الواقف إشكال و الأظهر الجواز.
و إن وقع في مرض الموت،لم يجز للورثة ردّه و إن زاد على الثلث.
و عدم الحجر لسفه أو رقّ أو غيرهما.فلا يصح وقف الصبي و ان بلغ عشرا.نعم،إذا أوصى بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه البر و المعروف لأرحامه و كان قد بلغ عشرا و عقل،نفذت وصيته كما تقدم،و إذا كان وقف الصبي بإذن الولي و كان ذا مصلحة،ففي بطلانه إشكال و الأظهر
الصحة.
كما يجوز له أيضا جعل الناظر على الولي بمعنى:المشرف عليه أو بمعنى:أن يكون هو المرجع في النظر و الرأي،و لا فرق في المجعول له الولاية و النظارة بين العادل و الفاسق.نعم،إذا خان الولي ضم إليه الحاكم الشرعي من يمنعه عن الخيانة،فإن لم يمكن ذلك عزله.
بل لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضا.
سواء أ كان أقل من اجرة المثل أم أكثر أم مساويا، فإن لم يجعل له شيئا كانت له اجرة المثل إن كانت لعمله اجرة،إلاّ أن يظهر من القرائن أن الواقف قصد المجانية.
نعم،إذا كان الوقف على نحو التمليك و كان خاصا كانت الولاية عليه للموقوف عليه،فإذا:قال هذه الدار وقف لأولادي و من بعدهم لأولادهم و هكذا،فالولاية عليها و على منافعها تكون للأولاد،و إذا لم يكن الوقف خاصا أو كان و لم يكن على نحو التمليك،بأن كان على نحو التصرّف و غيره من الأنواع،فالولاية للحاكم الشرعي.
نعم،إذا فقد شرط الواقف،كما إذا جعل الولاية للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غيره أرشد،أو نحو ذلك انعزل بذلك قهرا بلا
حاجة إلى عزل،و أمّا إذا جعله كذلك ابتداء لا في ضمن العقد فهل له عزله أو لا؟و الجواب:أنه غير بعيد،فإن لزومه و عدم تمكنه شرعا من عزله بحاجة إلى دليل.نعم،للشخص المذكور أن لا يقبل الولاية أو النظارة و له ردّها.
و أن يجعل الولاية لشخص و يفوض إليه تعيين من بعده.
و كان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي، و إن أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته،فله الإجارة و التعمير و أخذ العوض و دفع الخراج و جمع الحاصل و قسمته على الموقوف عليهم و غير ذلك،مما يكون تحت ولاية الولي.نعم،إذا كان في الخارج تعارف تنصرف إليه الولاية،اختصت الولاية بذلك المتعارف.
فيصح وقف الكافر إذا كان واجدا لسائر الشرائط على الأقوى.
فلا يصح وقف الدين و لا وقف الكلي و لا وقف المنفعة،فإذا قال:وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فرش أو إناء أو نحوهما،أو قال:وقفت فرسا أو عبدا من دون تعيين،
أو قال:وقفت منفعة داري،لم يصح في الجميع.
فلا يصح وقف الحر و المباحات الأصلية قبل حيازتها،و يجوز وقف إبل الصدقة و غنمها و بقرها إذا كان الواقف مالك العين الزكوية أو الحاكم الشرعي.
فلا يصح وقف الأطعمة و الخضر و الفواكه مما لا نفع فيه إلاّ بإتلاف عينه،كما يعتبر أن يكون الانتفاع بها محللا،فلا يصح وقف آلات اللهو و آلات القمار و الصلبان و نحوها مما يحرم الانتفاع به،و يعتبر أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة،فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر و الخنزير.
فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطير الطائر و تحقق القبض بعده،صح الوقف.
و البساتين و الأراضي الزراعية و الكتب و السلاح و الحيوانات إذا كان ينتفع بها بلون من ألوان الانتفاع،من الأكل و الشرب و اللبس و الركوب و الحمل و اللبن و الوبر و الشعر و الصوف و غير ذلك،و كذا غيرها مما له منفعة محللة،و يجوز وقف الدّراهم و الدّنانير إذا كان ينتفع بها في التزيين،و أما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه إشكال بل منع لأنه ليس من المنفعة المطلوبة منها حتى يصح وقفها بلحاظها.
و المنفعة الفعلية مثل الركوب و الحرث و السكنى و غيرها.
فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر، و وقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوى على الركوب أو الحمل عليها.
فإذا وقف على المردّد بين شيئين أو أشياء في الخارج مثل أحد المسجدين أو أحد المشهدين أو أحد الولدين فيه لم يصح،على أساس أنه لا واقع للفرد المردّد.نعم،إذا وقف على الجامع بين أمرين أو امور و هو عنوان أحدهما أو أحدها صحّ.
فلا يصح الوقف على المعدوم حاله،سواء أ كان موجودا قبل ذلك-كما إذا وقف على زيد الذي مات-أم يوجد بعد الوقف،مثل أن يقف على ولده الذي سيولد،و أما إذا كان حملا لم ينفصل حين الوقف،ففي بطلان الوقف عليه تأمّل و لا يبعد صحّته.نعم،إذا وقف على المعدوم تبعا للموجود،كما إذا وقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم و هكذا صحّ،و قد مرّ أن الأظهر صحة الوقف على من يوجد في المستقبل.
صحّ،بل يصح على أن يكون بعد وجوده مقدّما عليهم،بمعنى:أن العين الموقوفة انتقلت منهم إليه بعد وجوده،على أساس أن كيفية الوقف تابعة لجعل الواقف.
كالصرف في الزّنى و شرب الخمر و نسخ كتب الضلال و نشرها و تدريسها و شراء آلات الملاهي و نحو ذلك.
كان الوقف على نحو التمليك أم الصرف.
بطل بالنسبة إلى حصة الأول و صح بالنسبة إلى حصة الثاني،و إن كان على نحو الترتيب،فحينئذ إن كان الوقف على الأول مقدّما على الوقف على الثاني،فقد تقدّم أنه لا يبعد صحته على الثاني،و مع هذا فالأحوط و الأجدر به أن يجدّد الوقف عليه ثانيا،و إن كان مؤخرا كان من المنقطع الآخر،فيصح فيما يصح الوقف عليه و يبطل فيما بعده.
كان من المنقطع الوسط،فيصح في الأول،و هل يبطل فيما بعده مطلقا حتى في الأخير أو لا؟فقد مرّ أنه لا يبعد صحته فيه،بملاك أن الوقف على حسب ما يوقف أهله.
من العناوين العامّة التي توجد لها أفراد في وقت و لا توجد في وقت آخر صحّ،و إن لم يكن له فرد حين الوقف.
و إذا كان الواقف من الشيعة،فالمراد فقراء الشيعة،و إذ كان كافرا فالمراد فقراء أهل دينه،فإن كان يهوديا فالمراد فقراء اليهود،و إن كان نصرانيا فالمراد فقراء النصارى و هكذا،و كذا إذا كان سنيا فالمراد فقراء السنة،و بما أن أهل السنة على مذاهب اختص وقف أهل كل مذهب منهم لفقراء ذلك المذهب.
بني فلان أو الحجاج أو الزوار أو العلماء أو مجالس العزاء لسيد الشهداء عليه السّلام أو خصوص مجالس البلد،فالظاهر منه المصرف،فلا يجب الاستيعاب و إن كانت الأفراد محصورة.نعم،إذا وقف على جميعهم وجب الاستيعاب،فإن لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من إيصال حصته إليه إلى زمان التمكن،و إذا شك في عددهم اقتصر على الأقل المعلوم،و الأحوط له التفتيش و الفحص.
فالظاهر منه العموم،فيجب فيه
الاستيعاب.
و لا يختص الوقف بمن كان الواقف معتقدا بإسلامه.نعم،إذا كان الوقف على جماعة خاصة بنحو القضية الخارجية كالوقف على المسلمين الموجودين في بغداد مثلا أو غيره،يمكن أن يكون نظره إلى تخصيصه بمن اعتقد بإسلامه لا مطلقا،و إن كان ذلك أيضا بعيد؛لأن نظر الواقف في مثل هذه الموارد هو الوقف على المسلمين المتواجدين في هذا البلد في مقابل طوائف اخرى فيه كاليهود و النصارى.
كان لكل من المؤمنين الرجال و النساء و الكبار و الصغار،و لا يختص بمن كان الواقف معتقدا بإيمانه،و حينئذ فإذا كان الواقف اثني عشريا اختص الوقف بالاثني عشرية من الإمامية،و لا فرق بين الرجال و النساء و الأطفال و المستضعفين و لا بين العدول و الفساق،و كذا إذا وقف على الشيعة.نعم،إذا كان الواقف على الشيعة من بعض الفرق الاخرى من الشيعة،فالظاهر منهم أعمّ من الاثني عشرية و غيرهم ممن يكون معتقدا بخلافة الإمام علي عليه السّلام بلا فصل و إن لم يكن اثني عشريا.
فالمراد منه مطلق عمل قربي.
على أساس أنّ مفهوم الأرحام أو الأقارب مفهوم متّسع الانطباق،و لا يمكن أن يقصد الواقف
كلّ ما ينطبق عليه هذا المفهوم المتّسع،فمن أجل ذلك يرجع إلى العرف العام، و إذا وقف على الأقرب ثمّ الأقرب،كان الظاهر منه أنّ الواقف أراد الوقف على ترتيب الإرث و تسلسله الطولي،باعتبار أنّه المعتاد و المتبادر من مثل هذا الوقف.
نعم، إذا كان المفهوم في العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر،اختصّ به دون الانثى،و كذا الحال إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده،فإنّ المعيار في كلّ مورد إذا لم يكن تنصيص من قبل الواقف على التعيين إنّما هو بالعرف العام أو الخاص.
إذا لم تكن هناك قرينة على الاختصاص،و كذا إذا وقف على أجداده،اشترك الأجداد لأبيه و الأجداد لامّه،و كذا إذا وقف على الأعمام أو الأخوال،فإنّه يعمّ الأعمام للأبوين و للأب و للام،و كذلك الأخوال،و لا يشمل الوقف على الاخوة،أولادهم و لا الأخوات و لا الوقف على الأعمام و الأخوال أعمام الأب و الأم و أخوالهما و العمّات مطلقا و الخالات كذلك.
و إذا وقف على ذريّته يعمّ البنين و البنات من أولادهم بلا واسطة و معها ذكورا و إناثا،كما أنّ الظاهر من الوقف أنّه تشريكي تشارك فيه الطبقات اللاحقة مع السابقة بالسوية،من دون فرق بين الذكور و الإناث في ذلك.
فالظاهر منه التشريك،و إذا قال:وقف على أولادي الأعلى فالأعلى،فالظاهر منه الترتيب و التسلسل بحسب تسلسل أولاده،و إذا قال:وقف على أولادي نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة،فالظاهر منه أنّه للترتيب، فلا يشارك الولد أباه و لا ابن الأخ عمّه و لا بنت الاخت خالتها و هكذا،كما أنّ الظاهر من الوقف أنّه على حدّ سواء بالنسبة إلى كلّ من الذكور و الإناث في كلّ طبقة من الطبقات المتسلسلة،و يمكن أن يجعل الواقف الترتيب بين الطبقات بشكل آخر و هو الترتيب بين خصوص الآباء و الأبناء في كلّ طبقة، فإذا كانت هناك اخوة و كان لبعضهم أولاد لم يكن للأولاد شيء ما دام الأب حيّا،فإذا مات الأب شارك أولاده أعمامهم و هكذا.
فالمرجع في تعيينه القرعة،و إذا شكّ في الوقف أنّه ترتيبي أو تشريكي،فإن كان هناك إطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك،و إن لم يكن فيها إطلاق أعطي أهل المرتبة المحتملة التقدّم حصّتهم،و اقرع في الحصّة المردّدة بينهم و بين من بعدهم،فيعطي من خرجت القرعة باسمه.
فلا يشمل علماء الطبّ و النجوم و الهندسة و الجغرافيا و نحوهم.و إذا وقف على أهل بلد اختصّ بالمواطنين و المجاورين منهم،و لا يشمل المسافرين و إن نووا إقامة مدّة فيه.
من تعمير و فرش و سراج و كنس و اجرة خادمه و نحو ذلك من مصالحه،و في جواز إعطاء شيء من النّماء لإمام الجماعة إشكال،إلاّ أن تكون هناك قرينة
على إرادة ما يشمل ذلك فيعطي منه حينئذ.
و الأحوط إهداء ثواب ذلك إليه عليه السّلام و لا فرق بين إقامة مجلس للعزاء و أن يعطي الذاكر لعزائه عليه السّلام في المسجد أو الحرم أو الصحن أو البيت أو غير ذلك.
صرف في مصالحهم الاخرويّة من الصدقات عنهم و فعل الخيرات لهم،و إذا احتمل اشتغال ذمّتهم بالديون الماليّة أو البدنيّة،صرف أيضا في إفراغ ذمّتهم عنها.
صرف في إقامة المجالس لذكر فضائلهم و مناقبهم و وفياتهم و بيان ظلاماتهم و نحو ذلك،ممّا يوجب التبصّر بمقامهم الرفيع،و الأحوط إهداء ثواب ذلك إليهم عليهم السّلام و لا فرق في ذلك بين إمام العصر-عجّل اللّه فرجه الشّريف-و آبائه الطاهرين عليهم السّلام.
فالأقوى العموم لأولاد أولاده و أولادهم و إن سفلوا.
فالأقوى أنّه وقف على أولاده الصلبيين و غيرهم على التشريك،و كذا إذا قال:وقف على أولادي،فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولادي فهو على الفقراء،فإنّ الأقوى أنّه أيضا على التشريك.
فالظاهر أنّه لا يجوز أن يؤجروها و يقتسموا الاجرة،بل يتعيّن عليهم السكنى فيها،فإن أمكن
سكنى الجميع سكنوا جميعا،و إن تشاحوا في تعيين المسكن،فالمرجع نظر الولي،فإن تعدّد الأولياء و اختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي،و إذا اختلف حكّام الشرع فالمرجع القرعة،و إذا امتنع بعضهم عن السكنى حينئذ، جاز للآخر الاستقلال فيها و ليس عليه شيء لصاحبه،و إن تعذّر سكنى الجميع اقتسموها بينهم يوما فيوما أو شهرا فشهرا أو سنة فسنة،و إن اختلفوا في ذلك و تشاحوا فالحكم كما سبق،و ليس لبعضهم ترك السكنى و عدم الرضا بالمهاياة و مطالبة الآخرين بالاجرة حينئذ بالنسبة إلى حصّته.
و لا يشمل الذكور من الإناث.
فالظاهر العموم لأولادهم الذكور و الإناث.
فلا يشارك الأبناء آباءهم و لا يكون بين أولاد أولاده و أولادهم ترتيب،بل الحكم بينهم على نحو التشريك،على أساس أنّ الوقف عليهم إذا كان بالعطف بحرف الواو،فالظاهر منه التشريك، و إذا كان بكلمة ثمّ أو(فاء)أو(بعد)،فالظاهر منه الترتيب.
و كذا إذا قال:هذا وقف على زيد و أولاد عمرو أو على أولاد زيد و أولاد عمرو أو على العلماء و الفقراء،فإنّ كلّ ذلك ظاهر في التشريك بنحو التنصيف.
فالظاهر منه الاختصاص بغير أهل
المشهد ممّن يأتي من الخارج للزيارة،و أمّا إذا قال:هذا وقف على كلّ من يزور أمير المؤمنين عليه السّلام أو الإمام الحسين عليه السّلام فلا يبعد شموله لأهل البلد أيضا.
بنقله منهم إلى غيرهم،و إخراج بعضهم منه،و إدخال أجنبيّ عنهم معهم إذا لم يشترط ذلك،أمّا إذا اشترط إدخال من شاء معهم،فالظاهر صحّته،و حينئذ إذا دخل غيرهم معهم نفذ،و إذا لم يدخل أحد إلى أن مات بقي الوقف على حاله الأولى،و إذا اشترط إخراج بعضهم فالظاهر صحّته أيضا.
نعم،إذا كان الوقف وقفا على الصرف لم تدخل العين في ملك الموقوف عليه،بل يتعيّن صرف نماؤها في الجهة الموقوف عليها على اختلاف كيفيّات الوقف.
كما إذا وقف المدرسة على الطلبة و شرط عليهم أن يكونوا عدولا أو لا تقل دراستهم عن السطوح العالية أو لا تزيد أعمارهم عن أربعين سنة و لا تقلّ عن عشرين،و حينئذ فأي واحد منهم يفقد شرطا من تلك الشروط فيخرج عن الوقف،و لا يجوز له عندئذ السكنى في المدرسة،و كذا إذا اشترط عليهم
التهجّد في الليل،فإنّه يجب عليهم العمل بالشرط فمن لم يعمل به،فالظاهر أنّه يخرج عن الوقف.
فإنّ عين الواقف لها ما يصرف منها عمل عليه،و إلاّ صرف من نمائها وجوبا مقدّما على حقّ الموقوف عليهم،و إذا احتاج إلى التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاّحقة،فالظاهر وجوبه و إن أدّى إلى حرمان البطن السابق،على أساس أنّ ذلك مقتضى وقفها على البطون اللاّحقة أيضا.
و لا يكون للموقوف عليه،و كذا الحمل الموجود حين وقف الدابة و اللبن و الصوف الموجودان حين وقف الشاة،و كذا ما يتجدّد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف و نحوها بعد إنشاء الوقف و قبل القبض فيما يعتبر القبض في صحّته.
كما إذا وقف على مسجد فخرب أو مدرسة فخربت و لم يمكن تعميرها،أو غير محتاجين إلى مصرف لكون المسجد أصبح متروكا من جهة انقطاع من يتكرر وجوده فيه و يصلّي،و كذلك المدرسة من جهة مهاجرة الطلبة منها،فصرف المال فيهما حينئذ يكون تضييعا و هدرا،و على هذا فإن كان الوقف عليهما بنحو تعدّد المطلوب-كما هو الغالب-صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة اخرى في البلد إن أمكن،و إلاّ ففي وجوه البرّ الأقرب فالأقرب.
كما إذا لم يدر أنّ الوقف وقف على العلماء مطلقا أو على خصوص العدول منهم،أو لم يدر أنّ الوقف وقف على العلماء أو الفقراء،فإنّه يصرف في الفرض الأوّل على العلماء العدول،و في الفرض الثاني على العلماء الفقراء،و إن كانت المحتملات متباينة،فإن كانت غير محصورة تصدّق به إذا كان التصدّق من الوجوه المحتملة للوقف،و إلاّ صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة،و إن كانت الوجوه محصورة،كما إذا لم يدر أنّ الوقف وقف على المسجد الفلاني أو على المسجد الآخر أو أنّه وقف لزيد أو لعمرو على نحو المصرف أو على نحو التمليك،فالأقرب الرجوع إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه.
لم تصحّ الإجارة بالنسبة إلى بقيّة المدّة،و كذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدّة من يشارك الموقوف عليه المؤجر،فإنّه لا تصحّ الإجارة بالنسبة إلى حصّته، و الظاهر صحّتها بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الأولى و من الشريك في الصورة الثانية،فيكون للمجيز حصّته من الاجرة و لا يحتاج إلى تجديد الإجارة و إن كان أحوط.نعم،إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحّت و نفذت،و كذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاّحقة إذا كانت له ولاية على ذلك،فإنّها تصحّ و يكون للبطون اللاّحقة حصّتهم من الاجرة.
كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف،فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الأغصان و الأوراق اليابسة و أكمام الطلع و الفسيل و نحوها ممّا هو مبني على الانفصال للموقوف عليه،و لا يجوز
للمالك و لا لغيره التصرّف فيها إلاّ على الوجه الذي اشترطه الواقف.
لا يكون وقفا بل هو من نماء الوقف،فيجوز بيعه و صرفه في الموقوف عليه،و كذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح و غرس،فصار شجرة،فإنّه لا يكون وقفا، بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه و صرف ثمنه في مصرف الوقف.
و كذا إذا خرجت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد.
يجوز بيع بعضها و عمارة الباقي للانتفاع به،فإن لم يمكن ذلك جاز بيعها و تبديلها بما يمكن الانتفاع به،و إن لم يمكن ذلك أيضا صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها.
صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب،فإذا كان الوقف وقفا على إقامة عزاء الحسين عليه السّلام في بلد خاص و لم يمكن ذلك،صرفت منافعه في إقامة عزائه عليه السّلام في بلد آخر،و إن لم يمكن ذلك أيضا فهل تصرف في زوّاره و سائر شئونه أو في إقامة عزاء باقي الأئمّة عليهم السّلام؟و الجواب:لا يبعد الثاني.
تبطل وقفيّته و يرجع ملكا للواقف على ما تقدّم،فإن لم يكن موجودا كان لورثته.
بل بقيت له منفعة معتدّ بها قليلة أو كثيرة،فإن أمكن تجديده و إن كان بإجارة مدّة و صرف الإجارة في العمارة،وجب ذلك،و إن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفيّة بحالها و تصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.
فإن أمكن إيجارها وجب ذلك،و صرفت الاجرة في الجهة الموقوف عليها.نعم،إذا فهم من القرائن أنّ الوقفيّة قائمة بعنوان البستان،كما إذا وقفها للتنزّه أو للاستظلال، فإن أمكن بيعها و شراء بستان اخرى تعيّن ذلك،باعتبار أنّه أقرب إلى نظر الواقف،و إلاّ بطلت الوقفيّة بذهاب عنوان البستان و ترجع ملكا للواقف.
كما أنّ له إبقاءها مجانا و ليس للموقوف عليهم قلعها،و إذا انقلعت لم يبق للواقف حقّ في الأرض،فلا يجوز له غرس نخلة اخرى مكانها،و كذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها،و لكن إذا خربت الغرفة بقيت أرضها للواقف؛لأنّها جزء الغرفة و لا تكون وقفا.
جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق،و يتولّى القسمة المالك للطلق و متولّي الوقف،بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدّد الواقف و الموقوف عليه،كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كلّ منهما نصفه المشاع على أولاده،و كذا إذا اتّحد الواقف مع تعدّد الموقوف عليه،كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد و نصفها على مشهد،و كذا إذا اتّحد الواقف و الموقوف عليه إذا لم تكن القسمة
منافية للوقف،كما إذا وقف أرضا على أولاده الموجودين فعلا و من يولد في المستقبل،فإذا كان الموجودون منهم فعلا أربعة،جاز لهم اقتسامها أرباعا،فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة و جاز اقتسامها أخماسا،فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة و جاز اقتسامها أثلاثا،و هكذا.
سواء فهم ذلك من كيفية الوقف-كما إذا وقف داره على السكنى،فلا يجوز تغييرها إلى الدكاكين-أم فهم من قرينة خارجية،بل إذا احتمل ذلك و لم يكن في البين إطلاق يدلّ على جواز التغيير،لم يجز له ذلك.نعم،إذا كان هناك إطلاق كذلك جاز للولي التغيير،فيبدّل الدار إلى دكاكين و الدكاكين إلى دار و هكذا،و قد يعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة،فحينئذ لا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك،فإذا قلّت المنفعة جاز التغيير.
فإن كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان احتاج إليه،و إلاّ ففي الجهة الموقوف عليها،و إذا وقفها للانتفاع بها بأيّ وجه كان،فإن أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفا أو عمدا أو نحو ذلك،لم يجز بيعها،و إن لم يمكن الانتفاع بها على حالها أو لا انتفاع لها في هذه الحالة،جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان مع الحاجة،و مع عدمها في الجهة الموقوف عليها.
أو من أهل بلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى كربلاء،الظاهر أنّها من الصدقات التي يقصد
بها وجه اللّه تعالى غالبا المشروط صرفها في جهة معيّنة قربية،فلذلك لا يجوز لمالكها الرجوع فيها؛لأنّ ما كان للّه لا يرجع،و إذا مات قبل صرفها،لا يجوز لوارثه المطالبة بها،و كذا إذا أفلس،لا يجوز لغرمائه المطالبة بها،و إذا تعذّر صرفها في الجهة المعيّنة،يصرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصة على الأحوط.نعم،إذا لم يكن الدافع وراء إعطاء المال للجهة المذكورة وجه اللّه تعالى،بل الدافع وراء ذلك جهة اخرى دنيوية،و كان غرضه أنّ المال إذا لم يصرف فيها ردّ إليه،وجب حينئذ ردّه إليه إذا لم يصرف في الجهة المطلوبة و إن لم يطالب به،و أمّا إذا لم يعلم أنّه أعطى المال للّه أو لا،فحينئذ إذا لم يصرف في تلك الجهة أو تعذّر صرفه فيها،فهل يجوز أن يصرفه في جهة اخرى أو لا؟ و الجواب:أنّه لا يجوز؛للشك في إذنه في ذلك،فلا بدّ حينئذ من الرجوع إليه، و بكلمة:أنّ الأموال المذكورة التي تجمع لمأتم الحسين عليه السّلام على أقسام:
القسم الأوّل:ما يكون الدافع من ورائه وجه اللّه سبحانه.
القسم الثاني:ما يكون الدافع من ورائه شيئا آخر غير وجه اللّه عزّ و جلّ،و في هذا القسم مرّة كان معرضا عن هذا المال و غير مريد إرجاعه إليه ثانيا،و إن لم يصرف في تلك الجهة الخاصة،أو كان متعذّرا و أمره بيد من يكون متصدّيا على تلك الأموال،و اخرى أنّه لم يعرض عنه و يريد إرجاعه إليه مرّة اخرى إذا لم يصرف في موردها.
القسم الثالث:أنّ الدافع من وراء ذلك غير معلوم،و أنّه الأوّل أو الثاني،على أساس أنّ ما كان للّه لا يرجع،و أمّا في القسم الثاني،فعلى الفرض الأوّل فلا يحقّ له المطالبة به؛لخروجه عن ملكه بالإعراض،و على الفرض الثاني فيجب إرجاعه إليه؛إذ لم يصرف في الجهة المعهودة،و إذا مات فإلى
ورثته،و إذا أفلس فإلى غرمائه،و أمّا في القسم الثالث،فلا يجوز التصرّف فيه في الجهة الاخرى بدون مراجعة صاحب المال و الإذن منه،و لا يخفى أنّ الغالب في هذه الموارد دفع المال بقصد التقرّب و تعظيم الشعائر.
ذكرناها في كتاب البيع في المسألة(289).
لا يكون ذلك موجبا لبطلان الوقف،فإذا علم أنّ غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك،فلم يترتّب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجبا لبطلان الوقف،و هكذا الحال في جميع الأغراض و الدّواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات،فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح،لم يكن ذلك موجبا لبطلان الشراء أو التسلّط على الفسخ.
فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم،لا تصحّ إجارته سنتين و لا على غير أهل العلم.
كما إذا كان جماعة في دار فأخبر بعضهم بأنّها وقف،حكم بها في حصّته و إن لم يعترف غيره بها.
فالظاهر الحكم بوقفيّته.نعم،إذا كان بيد شخص و ادّعى ملكيّته و اعتذر عن الكتابة بعذر،فهل يقبل منه و يصدق و يحكم بملكيّته له،فيجوز حينئذ شرائه منه
و التصرّف فيه بإذنه و غير ذلك من أحكام الملك أو لا؟و الجواب:أنّ تصديقه و الحكم بملكيّته له لا يخلو عن إشكال بل منع،على أساس أنّ هذه الكتابة أمارة نوعية على الوقف و تؤدّي إلى الوثوق و الاطمئنان به نوعا،حيث إنّ الوقف قد يتحقّق بنفس هذه الكتابة فلا يحتاج إلى صيغة و مئونة زائدة، و بكلمة:أنّ هذه الكتابة أمارة نوعية على الوقف تحكم على اليد.
فإن كان عليه أمارة الاعتراف بالوقفيّة من توقيعه في ذيلها و وضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني أو نحو ذلك،ممّا يكون ظاهرا في الاعتراف بالوقفيّة حكم بالوقفيّة،و إلاّ فلا يحكم بها و إن علم أنّها بخطّ المالك.
من كونه ترتيبيّا أو تشريكيا و كونه على الذكور فقط أو على الذكور و الإناث،و أنّه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف،كما أنّه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول و أن يكون بالفعل، كما إذا كان يتصرّف فيه على نحو الوقف أو يتصرّف فيه على نحو الوقف الترتيبي أو التشريكي أو للذكور و الإناث أو للذكور دون الإناث و هكذا،فإنّ تصرّفه إذا كان ظاهرا في الإخبار عن حاله كان حجّة كمخبره القولي.
لم تجب الزكاة فيها و إن اجتمعت فيها شرائط الزكاة،و أمّا إذا كان نماؤها زكويا،كما إذا وقف بستانا،فإن كان الوقف على نحو التمليك لأشخاص الموقوف عليهم،كما إذا قال:وقفت البستان لأولادي،فإن بلغت حصّة واحد
منهم النصاب وجبت عليه الزكاة و إلاّ لم تجب،و إن كان الوقف على نحو التمليك للعنوان،كما إذا قال:وقفت البستان على فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم،لم تجب الزكاة على واحد منهم،إلاّ إذا أعطى الولي واحدا منهم بعض النماء قبل زمان تعلّق الزكاة و كان يبلغ النصاب،فإنّه تجب الزكاة على من ملك منهم واحدا كان أو أكثر،و كذلك لا تجب الزكاة على حاصل الوقف إذا كان على نحو المصرف،كما إذا قال:وقفت البستان على تزويج أولادي أو على إطعام الفقراء و كسوتهم و نحو ذلك.
و لا يخرج المال بذلك عن ملكه،و حينئذ فإن كان حبسه مطلقا أو مقيّدا بالدوام لزم ما دامت العين و لم يجز له الرجوع فيه،و إن كان مقيّدا بمدّة معيّنة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدّة،و إذا انتهت المدّة انتهى التحبيس فإذا قال:فرسي تحبس على نقل الحجاج أو عبدي محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية،و إذا جعل المدّة عشر سنين مثلا لزم في العشر و انتهى بانقضائها،و قد تسأل:هل يعتبر في التحبيس قصد القربة أو لا؟و الجواب:أنّه غير معتبر.
و الجواب:أنّه غير معتبر،فإذا لم يكن معتبرا في الصحّة فهل يعتبر في لزومه.بمعنى:أنّه لا يجوز للمالك الرجوع فيه بعد القبض و يجوز قبله؟و الجواب:
أنّ اعتباره فيه محلّ إشكال بل لا يبعد عدم اعتباره؛لأنّه بحاجة إلى دليل و لا يوجد دليل عليه،فمقتضى الإطلاقات لزومه مع ما هو عليه من الشرط.
لزم الحبس في تلك المدّة و بعدها يرجع إلى الحابس،و إذا مات الحابس قبل انقضاء المدّة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدّة فيرجع ميراثا،و إذا حبس عليه مدّة حياة نفسه يعني:الحابس،لم يجز له الرجوع ما دام حيّا،فإذا مات رجع ميراثا،و إذا حبسه على شخص و لم يذكر مدّة معيّنة و لا مدّة حياة نفسه و لا حياة المحبس عليه،فالظاهر أنّه ليس من التحبيس الواجب الوفاء به،فيجوز للمالك الرجوع فيه متى شاء.
و الأولى تختص بالمسكن و الأخيرتان تجريان فيه،و في غيره من العقار و الحيوانات و الأثاث و نحوها مما لا يتحقق فيه الإسكان،فإن كان المجعول الإسكان قيل له:(سكنى)فإن قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضا:(عمرى)و إن قيده بمدة معينة قيل له(رقبى)و إذا كان المجعول غير الإسكان،كما في الأثاث و نحوه مما لا يتحقق فيه السكنى،لا يقال له سكنى بل قيل:(عمرى)إن قيد بعمر أحدهما،و(رقبى)إن قيد بمدّة معينة.
بل و لا في اللزوم،كما تقدّم في الحبس.
لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة،فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته.
لم يجز له الرجوع في هذه السكنى ما دام الساكن موجودا أو عقبه،فإذا انقرض هو و عقبه رجعت الدار إلى المالك.
فإن كان المقصود السكنى بنفسه و توابعه-كما يقتضيه إطلاق السكنى-انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته،و إن كان المقصود تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حيا،فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك.و كذا الحكم لو عيّن مدة معينة فمات الساكن في أثنائها.
لم يجز لورثة المالك منع الساكن،بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن.
و الجواب:الظاهر أنه صحيح،و لكن لا يلزم بالقبض و للمالك الرجوع بعد ذلك أي وقت شاء،و لا يجري ذلك في الرقبى و العمرى؛لاختصاص الأولى بالمدة المعينة و الثانية بمدة عمر أحدهما،و المفروض انتفاء ذلك كلّه.
من أولاده و خدمه و عبيده و ضيوفه،بل دوابه إن كان فيها موضع معدّ لذلك،و له اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة و أوان و أمتعة، و المدار على ما جرت به العادة من توابعه،و ليس له إجارته و لا إعارته لغيره، فلو آجره ففي صحة الإجارة بإجارة المالك و كون الاجرة له حينئذ إشكال بل منع،على أساس أن مقتضى إطلاق السكنى في الدار أو نحوها ليس تمليك منفعتها له حتى تكون قابلة للانتقال إلى غيره بإجارة أو إعارة،بل انتفاعه بها بنفسه و مباشرة و هو غير قابل للانتقال.
يعتبر فيها ما يعتبر في العقود،كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره،و قد تقدم ذلك في كتاب البيع،و أما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص،و عدم اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معيّنة.
فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع،فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس،و يجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس، بأن يعطيهم مالا على أن لا ينتفعوا بالعين،أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها،ففيه إشكال بل منع؛لعين ما مرّ.
تواترت الروايات في الحث على الصدقة و الترغيب فيها،و قد ورد:أنها دواء المريض و بها يدفع البلاء و قد ابرم إبراما،و بها يستنزل الرزق و أنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد و أنها تخلف البركة و بها يقضي الدين و أنها تزيد في المال و أنها تدفع ميتة السوء و الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الجذام و الجنون إلى أن عد سبعين بابا من السوء،و يستحب التبكير بها،فإنه يدفع شر ذلك اليوم، و في أول الليل فإنه يدفع شر الليل.
فيعتبر فيها الإيجاب و القبول،و لكن الأظهر كونها الإحسان بالمال على وجه القربة،فإن كان الإحسان بالتمليك احتاج إلى إيجاب و قبول،و إن كان بالإبراء كفى الإيجاب بمثل أبرأت ذمتك،و ان كان بالبذل كفى الإذن في التصرّف و هكذا،فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها.
و إنّما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه ممّا يتوقّف على القبض،فإذا كان التصدّق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض،و إذا كان التصدّق بالإبراء أو البذل لم يعتبر و هكذا.
فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة كان هبة و إبراء و وقفا و لا يكون صدقة.
حتى زكاة
المال و زكاة الفطرة،و أما صدقة غير الهاشمي،فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة،فهي حرام على الهاشمي و لا تحل للمتصدّق عليه و لا تفرع ذمة المتصدّق بها عنها،و إن كانت غيرهما فالأقوى جوازها،سواء أ كانت واجبة- كردّ المظالم و الكفارات و فدية الصوم-أم مندوبة،إلاّ إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء،و نحو ذلك مما كان من مراسم الذلّ و الهوان،ففي جواز مثل ذلك إشكال.
و إن كانت لأجنبي على الأصح.
إلاّ إذا كان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك ممّا يتوقّف على الإجهار،أما الصّدقة الواجبة ففي بعض الروايات:أنّ الأفضل إظهارها،و قيل:الأفضل الإسرار بها، و الأظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار و الإجهار.
و الصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصّدقة على غيره،و أفضل منها الصدقة على الرحم الكاشح يعني:المعادي،و يستحبّ التوسّط في إيصالها إلى المسكين،ففي الخبر:لو جرى المعروف على ثمانين كفا لا جروا كلّهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شيء.
و اللّه سبحانه العالم و الموفّق